|
حكايتي مع طفل تسول “شحاد”!! بقلم: د. أبوبكر يوسف إبراهيم
|
بتجرد بقلم: د. أبوبكر يوسف إبراهيم حكايتي مع طفل تسول “شحاد”!! جرت العادة بيني وصديقي الأستاذ محمد مبروك أن نجتمع أمام دار صحيفة أخبار اليوم حيث يعمل ، لنشرب الجبنة من يدي أختنا " ابتسام" ونتجاذب الحديث في الفارغة والمقدودة والمليانة، وعندما يقرصنا الجوع فلا شيء أطيب من ساندوتش طعمية أو فول وفي بعض الأحيان النادرة نتحول للشاورما عندما تكون ظروف الجيب مواتية، وكما هو معلوم أن سندوتش الشاورما أرخص من البيرجر ، وقد أوردت هذه المعلومة حتى يتسني للقراء الأعزاء معرفة سبب ذكر هذه المقارنة والتي سيكتشفونها لوحدهم !!.. المهم, ذهبت إلى منطقة لقائنا المعتادة لأجد صديقي بانتظاري فقابلني ببعض التحفظ على تأخري كعادتي عن موعدنا ، ولكنه سرعان ما “بلعها” ، فذهبنا فوراً إلى الكافتيريا المجاورة لنطلب “شاورما" بعد أن أحصينا ما نملك من نقود ليتبقى معنا قيمة القهوة "الجبنة ". أثناء وقوفنا أمام “الكاشير” شعرت بشيء يلمس ساقي من الأسفل ، اعتقدت في البداية أنه قط "كديس" وكم أخاف من القطط اللقيطة التي تهيم على وجهها متسولةً في المطاعم بالرغم من أنها تساوت في الحال والممارسة مع كثير من الشحاتين من بني البشر !! ، لكني وبعد أن حدّقت للأسفل، كان “شحاذاً” وأنني خمنت عمره بما يقارب العشر سنوات فقط، كان يبكي بمرارة طالباً القليل جداً من النقود ليشتري شيئاً يأكله فقد كان جائعاً جدا بحسب ما قال . أخرجت من جيبي ما تيسَّرَ لي من نقود ففعل صديقي كما فعلت وأعطيناه ما يأكل بها، ومضينا نحن في طعامنا حتى أنهيناه ثم قررنا كالعادة أن نذهب إلى شرب القهوة وبينما نحن في طريقنا ممرنا بكافتريا فخيمة فقلت لصديقي دعنا ندخل لنستمتع بالمكيف قليلاً، ودخلنا وجلسنا ونحن نتحدث “من غير ما نطلب أي شي”. ما أن دخلنا الـ “الكفتريا الفخيمة ” حتى فوجئنا “بنفس الولد الشحّاد” يقف على “الكاونتر” بانتظار وجبة دفع ثمنها، راقبناه وإذ بشكنا يصبح يقيناً، فالولد الذي كادت عيناي تدمعان لأجله، كان غداؤه “وجبة بيرغر” يمكن مع “تشيز” والله أعلم، وإحنا أكلنا شاورما من الحجم الصغير . ذهب صديقي إليه ولكن الولد سرعان ما انتبه إلينا وفرَّ هارباً بوجبته ليأكلها هنيئاً مريئاً في مكان لا يعلمه أحد، فطلبت من صديقي أن ننسى أمره ونبدأ جلستنا الروتينية في وضحكنا “ضحك طفلين معاً” على ما حدث . قال لي صديقي : يعني احنا بنشتغل ونتعب وإذا قررنا نترفه ناكل شاورما، والشحّاد ياكل (بيرجر) يمكن مع تشيز وبيبسي كولا كمان .. بالله مش دي مسخرة؟! .. فأجبته: (Welcome to Khartoum) يا حبيبي !!.. المهم أيضاً الأطفال أصبحوا وسيلة تسول للمطربين في بلاد الشام ، فقد فوجئت بظاهرة جديدة بعض الشيء في “الفيديو كليب” لبعض “المغنيين” الذين استعانوا بالأطفال في سبيل إنعاش “سوقهم”، انطلاقاً من مبدأ، “العلم في الصغر كالنقش على الحجر”، فلا أحد يُنكر أن نانسي وهيفا وماريا هن أفضل مدرسات أطفال “جيل الـ 2000 “. كل هذا “كوم” وقنوات الشعوذة “كوم آخر”، حيث يقوم المتصل بعرض مشكلة ما، يحلها له رجل يَستعين – حسب زعمه – بالجن ، ثم يتلو بعض الآيات القرآنية بصوت عالٍ بغض النظر عن الـ 500 خطأ في النحو والصرف التي تغيّر معنى الآية كُلّياً، حين شاهدت هذا البرنامج في البداية اعتقدتُ أن الأمر مجرد “مزحة”، ولكني اكتشفت أن الموضوع بدأ يأخذ منحى الجدية، فذلك المجنون الذي يدّعي العلاج بالقرآن ، يكفُرُ علناً على الهواء، لا أستغرب بعد ذلك إذا أصبح لديه أو لدى أمثاله دكاكين يبيعون فيها صكوك الغفران.. مهزلة وأي مهزلة!! .. بس خلاص ، سلامتكم!! بس خلاص ، سلامتكم،،،،،، [email protected] (المصدر : جريدة الصحافة)
|
|
|
|
|
|