مددت إلهام جسدها البض على الأريكة المعلقة على جذعي شجرة لبخ ضخمة في الحديقة الملحقة بالمنزل الفخيم.. أطفالها يلهون في حمام السباحة الذي يتوسط الحديقة.. زخات من المطر الصناعي تتجمع على فستان النوم الأحمر القاني.. هذا الفستان يذكرها بأيام زمان.. هدية حسن الحاج لها قبل الزواج.. التفتت نحو قفص العصافير.. واحدة من العصافير كانت تحاول الفرار وتصطدم بالحاجز الحديدي.. حدقت بتركيز على قفص العصافير.. رأت في العصفورة المتمردة حالها.. نزلت من الأريكة وتوجهت نحو القفص.. فتحت الأبواب.. فوجئت بأن كل العصافير خرجت من القفص.. تتبعت مسارهن حتى اختفين وراء السحاب. عادت إلى ذات الأريكة.. قالت لنفسها للأسف إنها لا تملك إرادة تلك العصفورة.. مشكلة إلهام أن زوجها أصبح ثرياً.. تذكرت الأيام الخوالي التي كان حسن الحاج فيها يعمل مندوب تسويق في الشركة العالمية..الهام أول من اكتشف قدرات حسن المدهشة في الاقناع.. مرتبها كمدرسة في المدرسة الثانوية مضافاً لما يكسبه زوجها كان يجعلهما يعيشان حياة هانئة.. عربة وبيت إيجار في الدروشاب.. ذات خميس وفي لحظة حميمية أسرَّت الهام لزوجها بفكرة الاستقالة.. صباح الأحد بدأ حسن يشرع في تسجيل شركة إعلان وتسويق بمشاركة شقيق زوجة الوزير. العمل بدأ يأخذ حسن من أسرته الصغيرة.. الأموال باتت تغرق الأسرة.. اعتقد حسن أن لكل شيء ثمناً.. اشترى لزوجته سيارة مرسيدس وأسسس وسجل في اسمها عمارة سكنية.. لم يعد بمقدور حسن إجراء مكالمة مع إلهام يكتفي بإرسال رسالة.. كان يحسب أن الكلام يجيب الكلام والثرثرة تضيع الزمن.. يعدهم برحلة إلى ماليزيا تنتهي الفكرة بيومين في دبي.. يدخل البيت وقبل أن يستريح تجده يصرخ في الهاتف مطالباً شريكه بإرسال (بوليصة) الشحن.. لم تعد إلهام تعرف فيم يعمل زوجها. عندما همَّ حسن بالخروج في الصباح احتدت إلهام وافتعلت مشكلة.. أخبرته أنها بدأت تشعر بالوحدة، وأنها تفكر في الطلاق والاستقرار بجوار والدتها في المنشية.. كانت تشعر باختناق.. لم يتركها حسن «تفش» المغصة.. وعدها بأنه سيفكر في حل، ومضى مسرعاً ليلحق بالسواق الذي وضع السيارة في وضع الاستعداد للانطلاق. جرَّت نفساً عميقاً.. لم يتصل زوجها ليطمئن على حالها.. كتبت رسالة هاتفية تذكره بعيد ميلاد ابنهما مروان.. خشيت أن ينسى المناسبة في زحمة العمل ويغيب.. لم يرد على الرسالة.. أغلب الظن أنه في اجتماع كالعادة.. فكرت في أن تمضي إلى «مول سناء» وتشتري هدية.. ستضعها في الاحتياط إن غاب حسن ستوهم مروان أن والده أهداه هذا الدب. بعد أن همت بالخروج وصلتها رسالة من حسن.. ارتاحت وهي تقرأ العبارة «ح اجيبلك زهور».. عادت إلى داخل غرفة النوم اشعلت بخوراً هندياً.. تزينت بأشياء من الأمس.. أخيراً سيعود حسن إلى رومانسيته.. لم تكن تدرك أنه يحبها إلى هذا الحد.. مجرد التلويح بالطلاق جعله يتذكر أنها تحب الزهور. عند الخامسة مساء رن جرس الباب يخبرها بقدوم حسن الشاطر.. حاولت الشغالة أن تمضي لإنجاز المهمة.. قفزت إلهام مثل الطفلة لتستقبل زوجها..أرادت أن تمارس ضرباً من الرومانسية وهي تستقبل باقة من الورد.. أصيبت إلهام بحالة من الذهول وخيبة الأمل حينما رأت صديقة طفولتها وابنة خالتها (زهور) تقف من وراء زوجها. akhirlahza
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة