أضحكني جدا خطاب البشير في كسلا ، وأكثر منه ملف صوتي مرسل على الوتساب يقلد فيه أحدهم الرئيس في جرسته الشديدة من العصيان. أنا شخصيا لم أكن أتوقع ان يتأثر أعضاء الحكومة بإعلان العصيان المرتقب ، ولكنه بالفعل أحدث جزعا كبيرا بينهم ، ابراهيم محمود جمع الإسلاميين فأنفضوا وتركوه قائما ، والبشير نادى أهل كسلا فصموا وعموا وكأنهم لا يسمعون ، لكن الغريب مواقف الإسلاميين. في الآونة الأخيرة بدأوا في التخلي عن دعمهم للرئيس بشكل واضح ، ليس فقط من المنشقين بل حتى من كوادره ، وكأنهم يحاولون القفز من السفينة الغارقة ، وهنا سؤال جوهري يخطر بذهني دائما ، ما هو وضع الحركات الإسلامية إذا سقط النظام؟ هل ستعمل القوى السياسية الأخرى على تكرار خطأ الماضي بإقصائهم من المشاركة في العمل السياسي ؟ ؛ أم أن القوى السياسية ستعمل على ترتيب البيت السوداني من الداخل وإشراك كافة القوى بمختلف مشاربها وتوجهاتها ومذاهبها وطوائفها في عملية ديموقراطية سلمية نزيهة ، هل ستتخوف بعض القوى من اكتساح الإسلاميين في أي عملية انتخابية قادمة نظرا لتعاطف العوام والشعب ذو العاطفة الدينية معهم ، ام ستثق القوى السياسية العلمانية في وعي الشعب ككل باعتباره قد اتعظ من تجربة ثلث قرنية ، أحد الشيوخ السلفيين في الانتخابات السابقة دعا إلى التصويت للبشير معتبرا ان الصادق المهدي علماني ، وان الشيوعيين كفار وهلم جرا ، وهذا يعني أن التيار السلفي نفسه له أشواق دينية يرى أنها مشبعة في حدها الأدنى من النظام الحالي رغم ما استشرى من فساد يزكم الأنوف. إن موازنات المرحلة القادمة خطيرة جدا ، وصعبة للغاية ، وتتطلب قيادات سياسية حكيمة حتى لا ندخل في دائرة العنف أو الانقلاب على الديموقراطية مرة أخرى من قبل التيارات التي يتم اقصاءها من العملية الديموقراطية. اي ان علينا ان نتجاوز الماضي كله ونفتح صفحة جديدة بميثاق سياسي عام تتعهد فيه جميع القوى بعدم خيانة الديموقراطية ونبذ اللجوء إلى العسكر ورفض عام وعارم ﻷي تدخل سياسي من قبل الجيش . كذلك فإن قضية الدستور ستثير مشاكل كثيرة من أهمها مدى علمانية القوانين أو دينيتها ، التيارات الإسلامية ستجمع امرها ، رغم انشقاقاتها وتنوع مذاهبها على تحكيم الشريعة ، والقوى العلمانية ستجادل بتعدد المذاهب بما يمنع القانون من تبني إحداها دون اقصاء للأخريات ، وأن نطاق الشريعة ينحصر في الحدود والقصاص وربا البنوك والأحوال الشخصية ولكن باقي الأنشطة الإنسانية لا يمكن ردها إلى الشريعة بل إلى التجربة الإنسانية الوضعية المحضة ، وكذلك فإن من إشكاليات تطبيق الشريعة تعارضها مع بعض حقوق الإنسان الواردة بالعهد الدولي كالحق في تغيير الإنسان لدينه وحرية التعبير ..الخ . مرحلة ما بعد النظام ستشهد خروج الحركات المسلحة من اللعبة الديموقراطية ومخاوف من عودتها لحمل السلاح مرة أخرى على أساس جهوي ، فهذه الحركات -بشكل مجمل وبدون تعميم- تفتقد إلى التأهيل الكافي للقيادة السياسية ، خاصة أن السلطة تنقسم إلى سلطة حكم وسلطة إدارة والسلطتان لا تحتاجان إلى حملة السلاح بقدر ما تحتاجان إلى خبراء ، مما يلقي بالحركات المسلحة إلى الهامش السياسي ، وستكتشف حينها حجمها الطبيعي عندما لا تحمل السلاح . في فترة الإدارة الانتقالية ، ستكون الظروف الاقتصادية جد صعبة ، وستحتاج القوى التي تدير الدولة مؤقتا إلى عدم تجاهل الإدارة الاقتصادية للدولة ومعالجة بعض الاحتياجات الأساسية كالغاز والكهرباء والمواصلات والمياه وهلم جرا...فلن يكون الاهتمام بالحراك السياسي على حساب تلك الاحتياجات ، وإلا فإن الشعب سيمتعض ويتذمر وربما يسقط الحكومة المؤقتة قبل نهايتها . المهم في الموضوع ان مرحلة ما بعد سقوط النظام لن تكون مفروشة بالورود بل تحتاج إلى صبر وجلد وحكمة لإدارتها ، تحتاج إلى تفاني واخلاص وتواضع و إيثار . فهل نحن مستعدون لكل ذلك؟؟ 15ديسمبر2016
لو تمادي البشير في هذه الوضاعة لن يتورعوا عن ارساله لافتتاح مراحيض عمومية في ضواحي سنكات,حقيقة الهلع يمتهن كرامة الرجال مرة فنلة ومرة فركة_------يا لهوان السودان
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة