في كل عام نتأمل في الجهود العظيمة التي بذلها أعضاء نادي الخريجين لأجل الإستقلال ، والتي اتصلت الي إن تم عقد جلسة للبرلمان السوداني بتاريخ 19/ ديسمبر 1955 والتي أعلن فيها الإستقلال من داخل البرلمان ، وتم فيها مطالبة دولتي الحكم الثنائي الإعتراف بالسودان دولة مستقلة ، وصولآ للإجلاء ورفع علم الإستقلال .. فالتحية لهم ولِعَلمْ إستقلال بلادي . على المستوى الشخصي سنويآ أطفق أتحسر وأفكر مليآ في ما نعايشه وما آلت إليه الأمور في بلادنا ، وأصدقكم القول أنني أجد صعوبة في تحسس طعم الإستقلال سادتي ، فكيف أتذوقه وبلادي مثقلة بالديون ؟! .. كيف أتذوقه والحرب ببلادي لم تضع أوزارها بعد ؟! ... كيف أتذوقه وهنالك من يتحدث عبر الأجهزة الرسمية عن رتق النسيج الإجتماعي والتعايش السلمي ؟! .. كيف أتذوق طعم الإستقلال و المسؤولين يحضرون فرحين مبتهجين مؤتمرات للمانحين ؟! .. كيف أتذوق طعم الإستقلال وهنالك شرطة تحرس الأخلاق وتراقبها ؟! كيف أتذوق طعم الإستقلال وبلادي تلفظ الكفاءات ؟! كيف أتذوق طعم الإستقلال والشباب السوداني محبط وهائم ، ويومآ عن آخر يتنازل عن طموحاته وأحلامه معتصرآ آلامه ؟! كيف أتذوقه واختلال المعايير في كثير من الأمور التي تتطلب دقة وحرص كبير ؟! كيف أتذوقه والتردي الملحوظ في الصحة والتعليم ؟! كيف أتذوقه وغياب الوازع مع التعويل على الرادع ؟! كيف أتذوقه والمشورة والرأي عند ، ولمن يحمل السلاح ؟! كيف أتذوق طعم الإستقلال والشخص غير المناسب يجلس مكان غيره (الكفؤ) ؟! كيف اتذوق طعم الإستقلال والموراد المادية والبشرية مهدرة ؟! كيف أتذوق طعم الإستقلال والكثير من المشروعات تُنفذ بالقروض ؟! كيف أتذوقه وتُرفع شعارات لا تتسق والواقع ؟! كيف اتذوقه وصرنا نعتمد ، بل ونتطلع الى الحد الأدنى في كل شئ ؟! كيف أتذوقه والنيل يجري حزينآ دون إستفادة ؟! كيف أتذوقه والقلق حاضرآ من إنعدام الأدوية المنقذة للحياة ؟! كيف أتذوقه وأزمة الأولويات ماثلة ؟! كيف أتذوقه ونحن نفقد عائدات محاصيل كثيرة كانت تمثل أرقام ضخمة ؟! كيف أتذوقه والمعاشيين يعانون ؛ في وطنٍ أفنوا فيه زهرة شبابهم ؟! كيف أتذوق طعمه والمواطن هو من يدفع فاتورة علاجه ، وتعليم أبناءه ، وكذلك فواتير جيوش جرارة من الدستوريين والمسؤولين ؟! كيف أتذوق طعم الإستقلال والتخطيط الإقتصادي يدور عجلته الى الوراء في بلد فيه كل شئ ( عدا الإرادة ) ؟! كيف أتذوق طعم الإستقلال وبلادي فيها تنوع عرقي وثقافي ولكن عنوانها البؤس والحرب ؟! دعوني أكتفي بما سبق وكما تعلمون الموجعات لا حصر لها سادتي !! - أما بعد الإستقلال فتوالت حقب الديمقراطيات الهزيلة والديكتاتوريات العتيدة الي وقتنا الحاضر ، وأعجب أنهم كيف لا يخشون لعنات قادم الأجيال ؟! وكيف لا يتحسرون على بلد يدمرونه كل يوم ، وبلد يعيش تحت وطأة التردي ؟! يا ساده . كمواطن لا أطلب شئ ، فقط العودة لوضع التسليم والتسلم ( عند رفع العَلم ) سكه حديد تهز وترز . مشروع الجزيرة مجتمع جميل ، وشعب حُر أبيٌ سليم الوجدان . قطن ، وصمغ عربي . خدمة مدنية منضبطة . جيش واحد لشعب واحد . وحتي تلك البنايات الضخمة التي هُدم الكثير منها لبيع أراضيها في المزاد !!!! وللأسف الجنوب ليس بإستطاعة أحد إرجاعه ! حسبي الله ونعم الوكيل . أخيرآ . شعبي الطيب الصبور ... كل عام وأنت جَسُور .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة