إنْ جرحَ كلامُك أخاً أو حبيباً فلا بد أنك استخدمت سكينا حادة، وأرسلت سهماً حارقا، وأنت تتوهم أنك تقدم نصحاً أو نقداً أو تعليقاً أو ملاحظة. إنْ تألّم أخٌ لك أو حبيب بسبب كلامك، فلا تقف بعيداً في مكانٍ عالٍ لتقول: أنا لم أردْ إلا النصيحة، ولم أقل إلا الحقيقة. كلا، نصيحتك لم تصل، وحقيقتك لم تُقَل، بل تحولتا إلى سكينٍ حادة وسهم ٍمصلت: أسلوبك في النصح وقول الحقيقة. النصيحة لا تمتطي صهوة سكين، والحقيقة لا تركب سهماً. عندما تُرسل الحقيقة على سهم أسلوبك، فإنها تقع على الأرض على الفور لتتمرغ في التراب، وينطلق السهم وحده ليطعن ويشرخ؛ وعندما تقول النصيحة بسكين أسلوبك، تكون قد رضيتَ بدمٍ يقطر، ودمع يسيل.لا يعجبْكَ مضمونُ نصيحتك أو نقدك مهما سما، فما يصل إلى المتلقي أولاً ليس المضمون، بل الأسلوب. وحين يصدم المتلقي الأسلوبُ، يهوي المضمونُ إلى الأرض، ويتمرغ في التراب، للأسف بسببك. تذكر دائماً أن سمو المضمون يتطلب سمو الأسلوب من جانبك؛ فلا تجعل رداءة الأسلوب تنعكس على المضمون؛ وتذكر أيضاً أن المضمون وسموه لا يتجسدان في شخصك، فلا تحاول أن تتقمصهما؛ لكن الأسلوب هو أنت، لأن "الأسلوب هو الرجل"، كما قيل. الحق بأسلوب العنت باطلٌ، والنصح بأسلوب التعنيف سبٌّ وتعيير. ما مِن نصيحة جرحت عزيزاً إلا وكان يمكن قولها بطريقة لا تجرح؛ وما من نقد أو تعليق أو ملاحظة إلا وكان يمكن تقديمه مشذباً، ناعماً، مضمخاً بأريح المحبة وطعم الإخاء. من المؤكد أن ثمة أسلوباً أفضل من الأسلوب الذي استخدمته، ووقتاً أفضل من الوقت الذي اخترته. ولنعلم حقيقة بسيطة: دفع الألم عن أخٍ عزيز أفضل من توهم جلب السعادة له بنقدٍ يؤلمه.مهما فعلت فإنك لا تهدي مَن أحببتَ بنصحيتك أو نقدك.ادعُ الله لمن تحب لهم الهداية.وادع لنفسك معهم.فلعلك أشد حاجةً إليها منهم. أحدث المقالات
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة