|
بين السلام و وحدة السودان
|
بين السلام ووحدة السودان email: [email protected] الشفيع الجزولى / الدوحه أمر طبيعي أن تتصدر نيفاشا وإحتمالات السلام والوحده مجالس السودانيين اللذين أدمنوا حديث السياسه كابرا" عن كابر. ما نُلاحظه أن الحديث عن وحده الوطن يدور بتبسيط مُخل وكأنها ستكون نتيجه حتميه لإتفاق السلام الجارى . ظننا أن الجارى الآن مفاوضات سلام وليست مفاوضات وحده ، وأن نيفاشا ليست أديس أبابا . بعد فشل مشروع الجبهه القوميه الاسلاميه الحضارى وفشل جهادها لإخضاع سكان السودان قاطبة لرؤيتها وتصعيد الحرب حتى وصل الاستقطاب مداه بينها وبين الداعين للسودان الجديد ، الحركه الشعبيه ومناصريها ، أصبحت الأمور واضحه اكثر من أى وقتٍ مضى في تاريخ السودان . المقصود بالوضوح هنا ، وضوح شروط الوحده . وأولها وطن يتساوى فيه كل السودانيين ، يتساوى الناس في كرامتهم ، حقوقهم المدنيه ، الديمقراطيه . دستور بموجبه يكون مكفولاً لكل مواطن التقدم والسعي للوظيفه العامه ، دون قيد سوى القيود الاخلاقيه والجنائيه المعروفه . وهذا ، لن يحدث إلا بالكف نهائياً عن الحديث عن الاغلبيه المسلمه بالطريقه الفجه التي تجرى بها . فيصبح ممكناً أن يأتي لحكم البلاد ، من يرى في نفسه الكفاءة ، قطع النظر عن عِرقه ودينه، مسيحياً كان ، أو من أصحاب كريم المعتقدات أو مسلماً دون تعريضه على جهاز قياس الإيمان ، الذى يمكن تصميمه في (( معهد أبحاث الإيمان )) بالخرطوم . والسؤال ، هل النُخب التي حكمت السودان منذ الاستقلال ، وبعد أن تم ربط الإسلام بالعروبه ، هل سيقبلون ذلك ؟؟ لا التاريخ ولا الحاضر يعيين على الإجابه بنعم على هكذا سؤال . مؤسس ومنظر وقائد الاتحاديين (( أبو الاستقلال عند كثير من السودانيين )) المرحوم إسماعيل الأزهري خطب في مؤتمر المائده المستديره قائلاً (( أشعر في هذه المرحله الحاسمه بأنه يجب علىّ أن أعلن إعتزازنا بأصلنا العربي ، وبعروبتنا وإسلامنا . وصل العرب لهذه القاره ، رواداً لنشر ثقافه حقيقيه ، ودعاة لمبادئ سليمه قدمت التنوير والحضارة في أرجاء أفريقيا ، وفي وقت كانت فيه أوربا غارقه في غياهب الظلام والجهل والتخلف العلمي . كان أسلافنا أول من حملوا شعلة النور عاليه وقادوا قافلة التحرر والتقدم . هم اللذين قدموا وعاءاً صلباً لصهر الثقافات الإغريقيه ، الفارسيه والهنديه ، موفرين الفرص للتفاعل مع كل ما هو نبيل في الثقافه العربيه ، مقدمين عصارة الثقافات لبقية أنحاء العالم ، مرشدين لكل الراغبين في مدّ آفاق المعرفة )) السيد محمد عثمان الميرغنى ، راعى الختميه وزعيم الاتحاديين ، ذهب ليستفتي شيخ الأزهر في أمر تجميد قوانين سبتمبر 83 ، رغم ما قيل فيها من أنها لا تساوى الحبر الذى كتبت بها وقد أفتى له شيخ الأزهر بجواز تجميدها ، ذلك قبيّل توقيع إتفاق الميرغنى _ قرنق الشهير . زعيم حزب الأمه وإمام الأنصار السيد الصادق المهدي ، أقصى ما يستطيعه هو التنظير لمظله أو إطار دستوري يتم فيه الاستيعاب الهادي لغير العرب ولغير المسلمين ، في الهويه العربيه الاسلاميه. وهو القائل ((العامل المهيمن في أمتنا هو الإسلام … ولن يتم تحديد كينونة هذه الأمه والحفاظ على عزتها وكرامتها إلا من خلال البعث والصحوة الاسلاميه )) لا ندري قصد السيد الصادق ، وآخرين كثيريين بقولهم (( أمتنا )) والكل يعلم أن السودانيين ما زالوا في شك من أمر هويتهم ، دعك أن يكونوا أمه ، ومنْ ينكر أن السودانيين ما زالوا أمه مفترضه لا يعدو أن يكون مكابراً . وهو القائل ايضاً (( يُعّد فشل إنتشار الإسلام في جنوب السودان فشلاً للمسلمين السودانيين تجاه قضية الإسلام العالمية ، فالإسلام رسالة مقدسة في إفريقيا ويشكل جنوب السودان نقطة الانطلاق لهذه الرسالة )) أما الجبهة الإسلامية القومية ما زالت تبذل جهودها لفرض مشروعها الاسلاموى ، وواهم من يظن أنها تخلت عنه . هؤلاء هم قادة السودان ، وهذه مقالتهم ؟ فهل سيقبلون التنازل عن المفاهيم العازله الإقصائيه ؟ يخطئ من يظن أن الحركة الشعبيه وكافة المهمشين ( أو أهل التخوم بتعبير د. شركيان ) ، يمكن أن يتنازلوا عن المساواه التامه كمواطنين ، من أجل الوحده مهما كانت نبالتها ومنافعها ، إذ ما الذى يجبرهم على وحده لا يتساوى فيها الناس في كرامتهم ؟ إن وحدة السودانيين ، ستظل مهددة حتى يبّين الحكام الشماليون ، وليس سواهم ، بالدليل القاطع ، غير المؤجل ، أنهم وحدويون . وذلك إنما يكون بالاستعداد والرضا التام بدفع إستحقاقات الوحده . ولا أظن أنه ، يفوت على أهل البصيره ، دارسي تاريخ السودان الحديث بعناية ، إستنتاج مفاده أن الكثيرين من سكان الجنوب يرون ما تقوم به الحركه الشعبية بقيادة د. جون قرنق من جهود غير مسبوقه في تاريخ الأزمه حرثاً في البحر. وهم محقون في رؤيتهم تلك ، إذ أن التاريخ لا يعينهم على غير ذلك. لا جدال في أن اتفاقات نيفاشا ستأتى بواقع سياسي جديد ، ويبقى السؤال فيما إذا كان السودانيون سيعالجون الواقع الجديد بذهنيه وأدوات جديده أم بتلك الذهنيه القديمه التي مازالت ما ثله ؟ الشفيع الجزولى
|
|
|
|
|
|