غريب أن تصدر عن بعض الدول، التي تدعي وتتفاخر بما قطعه مجال حقوق الإنسان من تطور في نظامها، سلوكيات وقرارات تتناقض تماما مع ما تتباهى به. فعشية المنتدى الأول للإستثمار والأعمال الذي انعقد يومي 3 و 4 ديسمبر 2016 بالجزائر،قامت السلطات الجزائرية بتوقيف 1500 مهاجر ولاجئ من جنسيات مختلفة جنوب الصحراء الكبرى ( كامرون، مالي ، غينيا، نيجيريا والنيجر). وليس هذا ما أثار انتباه الصحافة الدولية، بل ما تم نقله عبر عديد من وسائل الإعلام الدولية هي تصريحات صادرة عن مسؤول جزائري يفترض فيه الدفاع عن حقوق الإنسان وخاصة حقوق المهاجر، وهي تلك التي صدرت عن السيد فاروق قسانتيني، رئيس اللجنة الوطنية الجزائرية الإستشارية لحماية وتعزيز حقوق الإنسان، مؤسسة تابعة للرئاسة الجزائرية. حسب هذا المسؤول الجزائري السامي، فإن " وجود مهاجرين ولاجئين أفارقة في عديد من الجهات في البلاد " الجزائر" يمكن أن يخلق مشاكل للجزائريين، حيث جاء على لسانه " نحن الجزائريون معرضون لمخاطر انتشار الإيدز وكذا أمراض أخرى تنتقل بالإتصال الجنسي بسبب وجود المهاجرين...وهذه الأمراض تعتبر عادية في هذه المجتمعات". ولايمكن لنا هنا إلا أن نلحق بالمنظمات الدولية غير الحكومية الذائعة الصيت التي استنكرت بشدة هذه التصريحات المشينة وكذا الترحيل الجماعي الذي قامت به السلطات الجزائرية على إثر ذلك والذي مس ل 1500 مهاجر إفريقي. ومع الأسف أنه ليست هذه المرة الأولى التي يقوم فيها أشقاؤنا الجزائريون بمثل هذه العمليات الضخمة والمخالفة للأعراف الإنسانية والقواعد الدولية؛ ففي 2014، وبالضيط في مدينة وهران، استهدفت قوات الشرطة مهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى، حيث أوقفت ما يقرب من 1000 شخص. وفي شهر أغسطس الماضي قامت السلطات الجزائرية بترحيل ما يقرب من 400 مهاجر مالي قسرا. وكذا ما يقرب من 18000 نيجري رحلوا من الجزائر منذ 2014. ومما زاد من حنق المنظمات الدولية هو أن هذا الترحيل الجماعي الذي بدأ يوم الخميس 1 ديسمبر الماضي بالعاصمة الجزائرية، كان عنيفا، والإعتقالات لم تشمل المهاجرين القانونيين فحسب بل شملت هذه الهجمة المهاجرين غير القانونيين والنساء الحوامل والأطفال والرضع. وحتى حاملي بطاقات لاجئ، التي تمنحها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أوقفوا بالشوارع، وبمساكنهم وفي أوراش البناء، حيث يشتغلون. وحسب المعلومات الواردة من المراقبين، فقد قسم المهاجرون إلى مجموعتين: قافلة أولى من الحافلات توجهت لتنامغست، 2000 كلم جنوب البلاد، حيث جمعوا في مخيمات ، وقافلة ثانية وجهت لمخيمات اعتقال غير صحية في حي زرالدة في محيط العاصمة حيث مكثوا بدون مقومات تحفظ كرامتهم. وقد وصلت بتاريخ 07 ديسمبر 2016 إلى النيجر 50 شاحنة محملة بمواطنين نيجريين ، قادمة من تمانغاست، وقافلة أخرى إلى كيدال بمالي محملة بماليين. والآخرون نقلوا إلى جيزام حسب شهادات المهاجرين. وقد كانت ردة فعل الصحافة الإفريقية والدولية عنيفة حيث وصفت جلها هذه العمليات بالعنصرية والعنيفة والتعسفية. ونحن هنا وبصفتنا وانتمائنا الإفريقي وكصحافة تعني بحقوق الانسان لا يسعنا إلا أن نأمل أن يكف أشقاؤنا الجزائريون عن هذه الممارسات التي لا تشرف إفريقيا، قارتنا الغراء التي تطمح إلى أن تكون فضاء تحترم فيه حقوق الإنسان، وحقوق اللاجئ بصفة خاصة، حسب المواثيق الدولية، بدون تمييز للعرق أو اللون أو الأصل الإثني.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة