03:11 PM March, 19 2016 سودانيز اون لاين
د. عمر بادي-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر
[email protected]
عمود : محور اللقيا
قال الله تعالى في سورة البقرة : ( و من الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا و يُشهد الله على ما في قلبه و هو ألد الخصام * و اذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها و يهلك الحرث و النسل و الله لا يحب الفساد * و اذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالاٍثم فحسبه جهنم و لبئس المهاد ) صدق الله العظيم .
كنت قد كتبت غداة وفاة الدكتور الترابي كلاما في بعض وسائط التواصل الاجتماعي ذكرت فيه أنني لا أطلب الرحمة له و لا أطلب له العذاب , فهو بين يدي عزيز مقتدر يحاسبه على ما فعلت يداه , و اضفت أنه كان مهندس و عراب انقلاب الانقاذ و كان الآمر الناهي طيلة العشرة أعوام الأولى من عمر الانقاذ و التي مكن فيها من نظامه بالخداع و بالقبضة الأمنية الحديدية و ببيوت الأشباح و بالتعذيب و بالاعدامات و بالاحالات للصالح العام و باذلال الشرفاء و بالحروب على المواطنين و بتشريدهم في بقاع الأرض و بتمكين جماعته من كل مفاصل الدولة و باحتكار حزبه للحكومة و للدولة .
كل قادة الانقاذ يتمنون لأنفسهم موتا يأتيهم و هم لا يزالون على سدة الحكم , فشبح محكمة الجنايات العالمية و شبح القصاص مما فعلوه في الخلق في السودان طيلة ربع قرن و نيف من الزمان , يظل كل ذلك هاجسا لهم و سببا أساسيا للتشبث بالسلطة . لذلك فقد كان رثاء الدكتور الترابي من الاسلاميين الاصلاحيين و من السيد الصادق المهدي منصبا على أخذ العظات و العبر و تذكّر الموت و ترك المكاسب الذاتية و العمل من أجل الوطن و وحدته و وقف الحرب فيه . قيل أن الدكتور الترابي كان قد استشعر أهمية وحدة الاسلاميين و قد كان وراء وثيقة الاصلاح السياسي الشامل ( وثيقة الوثبة ) و كان كاتبها و ظل حزبه المؤتمر الشعبي و أمينه السياسي كمال عمر من أكثر المدافعين عنها و عن الحوار الوطني .
لقد مر عامان على وثيقة الاصلاح السياسي الشامل منذ اعلانها , و توافدت اليها شظايا أحزاب و حركات مسلحة و أحزاب أخرى لم تكن شيئا مذكورا , و كلها تحت مظلة حزب المؤتمر الوطني , و تكونت منها لجان 7+7 التي تمثل الحكومة و ( أحزاب المعارضة ) و تكونت اللجان الست و عقدت ولا زالت تعقد اجتماعات الحوار الوطني في قاعة الصداقة لمدة خمسة أشهر تحت ضيافة الحكومة , و سوف تقوم في الأيام القادمة برفع مخرجات الحوار الوطني الى لجنة ال 7+7 بعد الموافقة عليها من عضوية اللجان , و اذا لم تتم الموافقة عليها تتدخل لجنة التوافق ( الأجاويد ) و قد اختارها المؤتمر الوطني من خمسة أشخاص لتقوم بتقريب وجهات النظر و اقناع أعضاء اللجان بذلك , و بعد لجنة ال 7+7 يتم رفع مخرجات الحوار للجمعية العمومية لتجيز أو ترفض أو تعدل توصيات مخرجات الحوار , ثم ترفع ذلك للسيد رئيس الجمهورية ليجيز التوصيات .
في ذات وقت الحوار الوطني تكونت مجموعات الحوار المجتمعي في كل الولايات و كانت كلها بتعيين للشخصيات القومية من قبل حزب المؤتمر الوطني , و قيل أنه في ولاية الخرطوم و بمشاركة مليونين من المواطنين تم الحوار المجتمعي و تم تسليم مخرجاته للسيد رئيس الجمهورية , و لم يتضح بعد هل سيقوم السيد رئيس الجمهورية بعرض تلك المخرجات على الجمعية العمومية أم لا . الجمعية العمومية تتكون من كل المشاركين في الحوار الوطني و الحوار المجتمعي و كلهم معينون من حزب المؤتمر الوطني , ما كل هذه الشفافية ! لقد سمعنا ضجيجا و اخراجا للهواء الساخن في اجتماعات اللجان الست للحوار الوطني و سمعنا بمطالب هي من أشواق الشعب السوداني في الهوية و قضايا الحكم و تذليل الضائقة المعيشية, فهل تكون النتيجة أن كل ذلك تمثيل في تمثيل و أن ما تجيزه الجمعية العمومية من توصيات سوف يكون هو ما يريده حزب المؤتمر الوطني الحاكم ؟
اذا تكللت بالنجاح المحادثات الجارية منذ 18 / 3 / 2016 بين الحركات المسلحة و حزب الأمة القومي و بين الحكومة السودانية , فسوف يقلب ذلك طاولة حوار الوثبة رأسا على عقب , و سوف يعود بالحوار الى المربع الأول , مربع الاستيفاء بمطلوبات الحوار و هي اشاعة الحريات بأنواعها و وقف الحرب و توصيل المساعدات الانسانية للمتضررين في مناطق النزاع و الغاء القوانين المقيدة للحريات و اطلاق سراح المعتقلين و السجناء السياسيين و العودة الى دستور 2005 و الانتقال الى الديموقراطية و تكوين حكومة قومية للفترة الانتقالية , و من المؤكد سوف يكون اشراك تحالف قوى الاجماع الوطني المعارض و منظمات المجتمع المدني و شباب الأحزاب و تنظيمات الشباب في مداولات الحوار الوطني الحقيقي و ليس اشراكهم فقط في لقاء المكاشفة مع الحكومة كما تطالب الحكومة . سوف يكون هذا التوجه مغايرا لتوجه حزب المؤتمر الوطني الذي عزز بما يسمى بانقلاب الانقاذ الثاني , قبل أشهر قلائل , من احكام قبضته على البلاد و العباد بتعديل الدستور الانتقالي لعام 2005 ليتحول جهاز الأمن و المخابرات الوطني لقوة نظامية تتبع للسيد رئيس الجمهورية و أيضا منح حق التصرف في أراضي الدولة و التدخل في القضاء و الحريات له , مما زاد من مركزية القرار .
أما اذا لم تتكلل بالنجاح المحادثات الجارية حاليا في أديس أبابا , فسوف تكون النتيجة أن تضحي مخرجات الحوار من الجمعية العمومية كما يريدها حزب المؤتمر الوطني , و سوف يتم بموجبها تعديل وزاري بسيط تستوعب فيه الحكومة ممثلين من الأحزاب و الحركات الموالية و التي شاركت في الحوار الوطني جزاء على حسن صنيعهم , و كما توقعت في مقالات لي سابقة فسوف يكون ذلك هو التوالي الثاني على فرض أن التوالي الأول كان ذاك قبيل انتهاء الألفية الثانية . أما الأزمة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية فسوف تستمر كما هي و الحرب سوف تستمر و القبضة الأمنية سوف تشتد , و سوف يؤدي ذلك الى تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2295 الذي يدعو الي التدخل العسكري في السودان تحت البند السابع !
أخيرا أكرر و أقول : إن الحل لكل مشاكل السودان السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية يكون في العودة إلى مكون السودان القديم وهو التعايش السلمي بين العروبة و الأفريقانية و التمازج بينهما في سبيل تنمية الموارد و العيش سويا دون إكراه أو تعالٍ أو عنصرية . قبل ألف عام كانت في السودان ثلاث ممالك أفريقية في قمة التحضر , و طيلة ألف عام توافد المهاجرون العرب إلى الأراضي السودانية ناشرين رسالتهم الإسلامية و متمسكين بأنبل القيم , فكان الإحترام المتبادل هو ديدن التعامل بين العنصرين العربي و الأفريقاني . إن العودة إلى المكون السوداني القديم تتطلب تغييرا جذريا في المفاهيم و في الرؤى المستحدثة و في الوجوه الكالحة التي ملها الناس !
أحدث المقالات
في محطّة رمسيس..! بقلم عبد الله الشيخخطيئة التفاؤل!! بقلم صلاح الدين عووضةقلم لطيف .. و فاخر ..!! بقلم الطاهر ساتيبين الشيخ الترابي وعمار عجول بقلم الطيب مصطفىالمحينة، ذلك اللاعب الذي ينافس تابلوهاته بقلم صلاح شعيبالحزب الجمهوري: منذ المذكرة التفسيرية حتى الرفض!! بقلم حيدر احمد خيراللهنظام يتدخل في أي مکان بقلم فهمي أحمد السامرائيجولة فرنسية لإدارة الصراع في فلسطين بقلم بقلم نقولا ناصر*المشهد الاقتصادي الايراني عشية اعياد نوروز بقلم صافي الياسريمناشدة للحكومة أولأ ومن ثم للمعارضة بشقيها (السلمى والمسلح):رفقاً بالمواطن المغلوب على أمرهمن ركن الأسرة بالإذاعة إلى الهيرالد بسدني بقلم نورالدين مدنييقول الخبر .. أنجبت منه قبل أن تلتقيه ولما إلتقته تزوجته بقلم الياس الغائبكفوا أيديكم عن سوريا وفكروا فينا بقلم فلاح هادي الجنابيالمصالحة رباعية الاقطاب بقلم سميح خلف