المثل السوداني الذي يقول : " إنت بتنفخ في قربة مقدودة " مثل معروف يشير إلى بذل الجهد من غير طائل ، وهذا حال من يكتبون في الشأن العام سواء كانوا من كُتاب الأعمدة في الصحف أو كُتاب المقالات أو التحقيقات الصحفية أو من يتناولون هذا الشأن في مواقع التواصل الاجتماعي ، أو بعض الأئمة من منابر المساجد ، فقد ظل هؤلاء يكتبون ويكتبون ويتحدثون ويتحدثون منتقدين أداء بعض المسئولين والإدارات في جهاز الدولة التنفيذي ، وناصحين لولاة الأمور وكاشفين الإنحرافات والتعدي علي المال العام ، وحتى المواطنين يلجأون إلي الصحف لإيصال معاناتهم للمسئولين علهم يسمعون فيستجبون فهاهي الصحف اليومية تمتلئ بعشرات من شكاويهم ، بعضهم يشكو تراكم النفايات ، بعضهم يشكو من غلاء الأسعار ، آخرون يشكون من صعوبة المواصلات ، ومنهم من يشكو إنقطاع المياه ، وشكاوى من سوء الخدمات في المستشفيات إذ تنعدم أبسط متطلبات العلاج . كل هؤلاء وأولئك يقومون بذلك بعضهم مدفوعا بمسئوليته الوطنية ، وبعضهم بدافع واجبه المهني ، فالصحافة هي السلطة الرابعة ومن مهامها مراقبة أداء الجهاز التنفيذي والمجتمع ، وعرض مشكلات المواطنين ومن واجبهم أن يكشفوا أماكن الخلل ويسلطوا الأضواء على الأزمات التي تمسك بخناق البلاد ومطالبة المسئولين بوجوب التصدي لها والمطالبة بإصلاح وإستقامة الأمور . هذه الأزمات والمشكلات التي تعصف بأمن وإقتصاد البلاد وحياة الناس ، أصبحت كابوساً يسعى الجميع للتخلص منه ، و لا يمكن القول أن فضح الفساد ، ونقد أداء المسئولين والمؤسسات والإدارات ، والتقصي حول نقص وسوء الخدمات في المؤسسات الخدمية كيد سياسي ، وأن الذين يقومون بذلك ينتمون للمعارضة . هؤلاء المسئولين لم يكتفوا بصم أذانهم بل استكبروا استكبارا ، فهم يتركون المشاكل القائمة ويتحدثون مشروعات جديدة كبناء خطوط للمترو وغيرها من تلك المشروعات التي لا توجد إلا في التصريحات للصحف مما يؤكد عدم شعورهم بمعاناة الناس ، ويتوالى إصدار التصريحات اليومية المخدرة من شاكلة تصدير مئات الأطنان من الذهب ، وأن الدخل من السياحة يصل مئات الملايين من الدولارات لتطمين الناس رغم أن ذلك لم يخفض من إرتفاع سعر الدولار وعلى طريقة عادل إمام ( حد فيكو شاف سائح في شوارع الخرطوم ؟ ) كأنهم يقولون لنا كما سبق أن قالوا أيام البترول ، أن هذه العوائد الوهمية هي التي تحل مشكلة البلاد الإقتصادية وتجلب الرفاهية للمواطنين ، وليس الزراعة أو الثروة الحيوانية اللتان يعتمد عليهما النشاط الإقتصادي ، واللتان يعمل بهما أكثر من 80 % من السكان ، والذين أصبح نصفهم عاطلين عن الإنتاج بالإهمال المتعمد لهذه الموارد . ثم تليها التصريحات المستفزة من شاكلة أكل الكسرة والعصيدة ، وإخراج الموظفين من قائمة الشرائح التي تقدم لها الحكومة الدعم الإجتماعي والما داير الوظيفة يمشي سوق الله أكبر ! ! والصابونة والقميص الواحد و....و .ويبدو أنهم مشغولون بأمور أكثر اهمية من الذي تتحدث عنه الصحافة والناس في مجالسهم ووفي الحافلات ، وعلى أرصفة الشوارع إذ يعتبرونها مجرد ثرثرة لا تقدم أو تأخر ؟ وهكذا يستمر النفخ في القربة المقدودة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة