لم يتردد الصحافي المخضرم أن يضغط على زر الإرسال في جهاز الحاسوب الأنيق ..كل ما فعله أحمد السيد النجار أن كتب مقاله الأخير في أعرق صحيفة مصرية ..مقال الاستقالة المسببة من منصب رئيس مجلس إدارة "الأهرام اليوم" شكل مفاجأة لكل الساحة الإعلامية بمصر ..النجار كان يحتج على تدخل الهيئة الوطنية للصحافة في عمله..الهيئة تشكل واحدة من أعمدة الرقابة الحكومية على الصحافة في مصر..تلك الاستقالة سلطت الضوء على الواقع البائس للصحافة في مصر التي كانت تحتل موقع الريادة على مستوى الإقليم. بات واضحاً أن اتحاد الصحافيين في السودان قد قرر مع سبق الإصرار والترصد أن يكون حكومياً أكثر من الحكومة في المواجهة المحتدمة مع مصر..الاتحاد الذي يرأسه الأستاذ الصادق الرزيقي احتج بشدة على منع بعض منسوبيه من دخول مصر..بالطبع هذا من حقه، بل من أوجب واجباته..لكن الاتحاد تجاوز الاختصاص الأخلاقي حينما طالب بطرد بعض الصحافيين المصريين من السودان..الطرد هنا يتجاوز المعاملة بالمثل بل سيكون نقطة سالبة في تاريخ العلاقة بين الشعبين تتجاوز واقعة منع دخول صحافيين سودانيين لأم الدنيا . قبيل الاستطراد ننوّه أن الزميل العزيز صادق الرزيقي تم انتخابه في ذات يوم البيان رئيساً لاتحاد شرق ووسط أفريقيا الذي اتخذ من الخرطوم مقراً..بل أن البيان صدر وبعض من الوفود الأفريقية لم تغادر بعد مطار الخرطوم..ماذا لو أصرت مصر على وصفها الجغرافي باعتبارها بلد يقع في شرق أفريقيا وطالبت بعضوية هذا الاتحاد ..هل سيطلب منهم الرزيقي التواصل عبر تطبيق (سكايب بي)..هذا الافتراض يجعل المنظومات الصحافية تتجاوز الأُطر السياسية في التعامل مع القضايا التي تمس الصحافة أو تقيد حركة الصحافيين وتمنعهم من الوصول لمصدر المعلومات. بين يدي رسالة من زملاء مصريين يلتمسون سعة صدرنا في معالجة هذه الأزمة الناشبة ..بل أن هنالك بيان من المرصد العربي يطلب من أهل السودان الصبر على البلاء، ويدين بأشد العبارات واقعة منع الزملاء الأعزاء من زيارة مصر..هذا وذاك الموقف يُبيّن لماذا علينا أن نتخذ موقفاً أخلاقياً في هذه الأزمة ..الموقف يدين التعامل الخشن من حكومة المشير السيسي، وفي ذات الوقت لا يحاسب كل المصريين بذات الجريرة.. الحكومة السودانية كانت أكثر عقلانية من اتحاد الرزيقي حيث علق مساعد رئيس الجمهورية على التطورات الأخيرة في مسار العلاقات بين الخرطوم والقاهرة بشكل حذر..إبراهيم محمود أكد أن حكومته تعتبر العلاقة مع مصر علاقة إستراتيجية لا تستوجب التعامل بردود الأفعال. في تقديري ..أن اتحاد الصحافيين وجد في واقعة القاهرة سانحة لممارسة إبراز العضلات..هنالك تحديات ماثلة تواجه الحريات في السودان لم نسمع صوتاً للاتحاد في هذه المعركة..هنالك مشكلات عصية تهدد واقع ومستقبل الصحافة لم يهتم بها الاتحاد الذي تخصص في الأسفار بين القارات البعيدة . بصراحة ..مطلوب من اتحاد الصحافيين أن يوفر الحماية لمنسوبيه داخل و خارج السودان..لكن الشطط ولعب دور رأس الحربة في لعبة العلاقات الخارجية لا يليق بالمؤسسات التي يجب أن تصنع الرأي العام. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة