عقد مجلس تحرير إقليم جبال النوبة/ جنوب كردفان في الفترة من 6 مارس حتى 25 منه اجتماعات تأريخية ناقش فيها قضايا مفصلية منها أ. وثيقة القضايا الإستراتيجية ، وعند مداولة وثيقة القضايا الإستراتيجية إتخذ المجلس وبالأغلبية العظمى قرار إعتماد مطلب حق تقرير المصير لشعب الإقليم إستناداً على المبررات التالية: أ. حق تقرير المصير حق مكفول للشعوب بموجب القوانين والمواثيق الدولية. ب. المظالم التاريخية الواقعة على شعب الإقليم من قبل حكومات المركز المتعاقبة. ت. العنصرية المزدوجة القائمة على أساس العرق والدين. ث. إصرار النظام على تطبيق الشريعة الإسلامية. ج. إستمرار سياسات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي. ح. نقض الإتفاقيات والعهود والمواثيق من قبل حكومات المركز وخاصة نظام المؤتمر الوطني. خ. رغبة شعب الإقليم التي عبر عنها في مؤتمر كل النوبة بكاودا في العام 2002م. أكد مجلس تحرير الإقليم على ضرورة التمسك بالحدود الجغرافية والتاريخية للإقليم ووحدة شعب الإقليم بكل مكوناته الإثنية. إذن وكما ذكر مجلس التحرير في مبرراته للمطالبة بحق تقرير المصير ، فإن حق تقرير المصير للشعوب من المبادئ الأساسية في القانون الدولي باعتباره حقا مضمونا لكل الشعوب على أساس المساواة بين الناس ، وأن هناك صلة قوية ومباشرة بين مفهوم حق تقرير المصير بكل أشكاله، وبين مفهوم حقوق الإنسان كفرد أو جماعة عرقية أو ثقافية من جهة، والديمقراطية. وتتضح أهمية هذا الحق كونه يشكل الإطار العام الذي تندرج ضمنه الحقوق الأخرى. لكن بعد اعتماد مجلس التحرير الإقليمي (جبال النوبة) مطلب حق تقرير المصير في وثيقته الأساسية حتى علت الأصوات المنددة والرافضة لهذا المطلب لترفع شعار الوطن الواحد ..تهتف له..تتغنى به ، وكأن الوطن مجرد جغرافيا ليس إلآ. الوطن ليس شعارات ترفع ولا هتافات أو تكبيرات وصراخ ..الوطن ليس مجرد حدود جغرافية ، بل هو مكان وزمان ..هو تاريخ وهوية ،ماضي وحاضر ومستقبل ..الوطن هو ما يجمع مجموعة وطنية ويوحدها في السراء والضراء ، في الألم والأمل... الوطن تاريخ يصنعه الأموات والأحياء ..الوطن هو شراكة أحلام يقتسمها المنتمون إليه ليتعايشوا باختلافهم وتنوعهم في فضاء مشترك يصبح التعدد والاختلاف فيه عامل استقرار وتقدم ، ولا يمكن اعتبار رقعة جغرافية معينة وطناً دون توفرالأشياء المذكورة كما في الحالة السودانية ، وتحديدا في حالة الشعب النوبي الذي لا يشعر أن هناك ما يغريه ويجذبه ويجعله يحس بأنه ينتمي إلى وطن اسمه السودان. إن قضية الشعب النوباوي لم تعد اليوم قضية أرض أو رقعة جغرافية، بل هي قضية الإنسان النوباوي الذي يعيش حربا مفروضا عليه ووضعا غير انساني لعقود، علينا أن لا نكتفي بالدفاع عن الرقعة الجغرافية بل عن الإنسان النوباوي في كل أبعاده. الحكومات والقوى المهيمنة على السلطة في السودان ومنذ زمن طويل رفضت اعطاء الشعب النوباوي حقه بالطرق الودية ، وأنكرت عليه حتى التعبير عن هذه الحقوق بالوسائل السلمية، فان لهذا الشعب إذن أن ينالها بالكفاح المسلح وهو ما يسمى تقرير المصير الثوري الذي أقرته الأمم المتحدة بقراراتها وإعلاناتها ومواثيقها، وبذلك لا يعتبر الكفاح من أجل تقرير المصير إرهابا. الرافضون لحق تقرير المصير المنصوص عليه في قرارات ومواثيق الأمم المتحدة يقولون بأن هذا الحق يختص فقط بشعوب الدول المستعمرة ، وهذا القول إنما يناقض تطور القانون الدولي المعاصر، والتطبيق العملي لهذا المفهوم من قبل شعوب ودول عديدة مستقلة. فالكثير من الفقهاء القانونيين يرون أن حق تقرير المصير، قد نصت عليه الفقرة (2) من المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة مع مفهوم المساواة "المساواة في الحقوق وتقرير المصير"، لذلك، فمن غير الممكن القول أن المساواة في الحقوق هي "حق قانوني" بينما أن حق تقرير المصير ليس كذلك!!. تصدى كثير من فقهاء القانون الدولي للحجج الواهية التي كانت تستخدمها بعض الدول للتضييق على التطبيق القانوني لحق تقرير المصير ، وبرهنوا على فقدانها الأُسس القانونية بتأكيدهم على أن تقرير المصير قد تطور عبر ممارسات المجتمع الدولي المستندة إلى ميثاق الأمم المتحدة، وأصبح حقاً قانونياً يرتب للدول والشعوب حقوقاً، ويفرض عليها التزامات دولية. وهكذا، فإن محاولات البعض تشويه وتحريف حق الشعوب في تقرير مصيرها من خلال الادعاء بأن حق تقرير المصير يؤدي للفوضى والنزاع وتقسيم الدول تأتي في إطار تكبيل تلك الشعوب بسلطات غير شرعية. كيف يريدون للشعب النوبي أن يجبر على العيش في وطن يتعرض هو إلى سياسات قمعية تمثلت بالتهجير، والتعريب، وإستعمال الأسلحة المحرمة دولياً، وإلإبادة الجماعية؟ ..كيف يجوز التضحية بشعوب بأكملها من أجل الحفاظ على رقعة جغرافية بإسم الوطن كما في السودان؟. يستدل بعض المثقافتية في السودان في رفضهم لحق تقرير المصير لشعب "جبال النوبة" بالحالة في جنوب السودان وما يشهده من حرب وعدم استقرار وغيره منذ تقرير مصيره في عام 2011 ، وهم بالتالي يفترضون نفس المصير للنوبة إذا ما تركوا السودان وقرروا مصيرهم. لكن ما يجهله هؤلاء المثقافتية هو أن الفوضى والعنف وعدم الإستقرار غير محصور في جنوب السودان الذي قرر مصيره للتو بل نجده في السودان وليبيا واليمن وسوريا ودول أخرى ، وعليه، لن يكون هناك مبرر للافتراض بأن العنف والفوضى سيعقب حق تقرير جبال النوبة. كما ذكرت في أعلى المقال ، فالوطن ليس شعارات ترفع أو مجرد حدود جغرافية ..الوطن هو ما يجمع مجموعة وطنية ويوحدها في السراء والضراء ، في الألم والأمل ..ولطالما الشعب النوبي يُنظر إليه من قبل البعض كشعب من لا درجة ، ولا يشاركونه آلامه وهمومه ، وتقتله الأنظمة التي تعاقبت على حكم السودان بكل أنواع الأسلحة ، وتفرض عليه آحادية الثقافة واللغة وووالخ ، فإن من حق هذا الشعب إذن تقرير مصيره السياسي والإقتصادي ،وبلاش التمسك بوحدة جغرافية لم تجلب سوى الألم والعذاب لبعض شعوب السودان.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة