يمثّل نشاط إسرائيل الإستيطاني المتواصل مسمارا ً آخرا ً في نعش عملية السّلام، أكان ذلك باعتماد رجعيّ لمواقع استيطانيّة "غير مرخّصة" أو المضي قدما ً بخطط لوحدات سكنية جديدة كما أعلن عنها حديثا ً. فالمستوطنات لم تصبح سوى شرك أقامته إسرائيل لنفسها وأصبح يهدّد وجودها في العمق، غير أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وشركاؤه في التحالف غير قلقين أو حتى مهتمين على أية حال بالتداعيات الوخيمة المنظورة لنشاط الإستيطان. إنهم يضعون قداسة الأرض فوق أي اعتبار ٍ آخر وينظرون إلى مشروع الإستيطان كشرط أساسي لا بدّ منه لإعادة إلإمتلاك الكامل "لأرض إسرائيل" التاريخيّة.
نتنياهو لم يرتدع بانتقادات أو إدانات المجتمع الدولي. إنه يتخذ موقف أنّ بناء وحدات سكنيّة جديدة هو إلى حدّ كبير ضمن مستوطنات ستكون في نهاية المطاف جزءا ً من صفقة الوضع النهائي في عمليات تبادل الأراضي، وكأن له الحقّ في أن يقرّر من جانب ٍ واحد أية مستوطنات ستنضمّ لإسرائيل بدون اتفاق مع الفلسطينيين.
نتنياهو ينظر للأمر على أنّ إسرائيل تبني مستوطنات في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة منذ حوالي خمسة عقود من الزّمن، ورغم ذلك لم تعاني من أية عواقب أو آثار سلبية لتحديها الإجماع الدولي ضدّ المستوطنات. فلماذا يقلق بهذا الأمر الآن ما دام المجتمع الدولي منشغل للغاية بصراعات أخرى عديدة في الشرق الأوسط ومن غير المحتمل أن يتخذ أيّ إجراء عقابي ضدّ إسرائيل عدا التعبير عن سخطه المعتاد ؟
ونتنياهو حتّى أقلّ قلقا ً أو اهتماما ً بشكوى الفلسطينيين بأن ضمّ إسرائيل الزاحف لأراضيهم يخلق حقائق على الأرض لا رجعة فيها وهذه قد تُنكر عليهم إنشاء دولتهم بموجب حلّ الدولتين. ويردّ نتنياهو على هذا الجدل بتكرار مقولته المعروفة بأن إسرائيل مستعدة للدخول في مفاوضات بدون شروط، وأنّ المستوطنات لا تشكّل أي عائق للسّلام. وفي نفس الوقت، على أية حال، يكرّر مرارا ً وعلنأ ً قوله بأن لليهود حقّ تاريخي بكامل "أرض إسرائيل" غير قابل للتحويل أو التصرّف للغير، وبالأخصّ الضفة الغربيّة. ومن هذا المنطلق فإن إسرائيل على حدّ زعمه ليست قوة احتلال ولها الحقّ الأصلي في إقامة مستوطنات على أيّ جزء من أرضها التاريخيّة.
ونتنياهو أيضا ً ليس قلقا ً بردّ فعل الدول العربيّة، وبالأخصّ المملكة العربية السعوديّة ودول الخليج الأخرى حيث أنّ النشاط الإستيطاني على السطح يضع هذه الدّول في موقف دفاعي، وبالأخصّ عندما تتواصل مع إسرائيل.
نتنياهو يصرّ على أنّ هذا ليس الحال، فالدّول العربيّة قلقة أكثر من التطرّف الإسلامي، وبالأخصّ التهديد النووي الإيراني الذي يلوح في الأفق. هو يدّعي في الواقع بأن الدّول العربيّة تسعى للتعاون مع إسرائيل بالرّغم من التوسّع الإستيطاني المتواصل. فهذه الدّول تشترك مع إسرائيل في قضية مشتركة وتركّز على مشاكلها الخاصّة معتبرة الفلسطينيين لا شيء سوى عبئا ً إضافيّا ً عليها.
ورسالة نتنياهو للإسرائيليين، وبالأخصّ للمستوطنين، هي أنّ إنشاء المواقع الإستيطانية الغير شرعيّة سيشرعن بأثر رجعي، معطيا ً بذلك إشارة لهم أنّ بإمكانهم الإستمرار في هذه الممارسة بدون عقاب.
إنها لوقاحة من نتنياهو أن يطالب بتدمير قرى فلسطينيّة مثل سوسيا وغيرها من الوحدات السكنية الفلسطينيّة المشيّدة على أراضٍ فلسطينيّة في حين يشرعن بصورة رجعيّة مستوطنات يهوديّة غير قانونيّة على أراض ٍ فلسطينيّة صادرتها إسرائيل، وهذه ليست سوى مهزلة. فأية رسالة يبعثها هذا التصرّف للمجتمع الدّولي، وكيف يتفق هذا مع موقف إسرائيل الأخلاقي المزعوم بين جماعة الأمم !! ؟ يبدو أنّ هذا لا يقلقه أبدا ً.
نتنياهو يستبعد إمكانية أن تؤدي سياسته بشكل ٍ غير مقصود إلى حلّ الدولة الواحدة لشعبين حيث أنّ إسرائيل ستواجه خيارين لا ثالث لهما. أولهما أن تحافظ على شكل حكمها الديمقراطي بمنح الفلسطينيين حقّ المواطنة الكاملة، ولكنها في هذه العملية ستخسر أغلبيتها اليهوديّة وهويتها الوطنية كدولة يهوديّة، أو ثانيهما ترفض حقّ المواطنة للفلسطينيين حيث تصبح إسرائيل واقعيّا ً دولة فصل عنصري (أبارتهايد) محتقرة من المجتمع الدولي وعرضة ً لعقوباته.
ولكن هذا، على أية حال، ما لا يراه نتنياهو وزمرته. فتوطين مليون يهودي في إسرائيل، من وجهة نظرهم، سيخلق بالفعل حقائق لا رجعة فيهاّ على الأرض، وهذا بالضبط ما يريدون تحقيقه، إذ أنّ هذا لا يترجم إلى منح الفلسطينيين المواطنة الإسرائيليّة وحقوق سياسيّة متساوية.
ما يدور في رأس نتنياهو هو أن يقوم الفلسطينيّون بإنشاء "كانتوناتهم" (مناطقهم المحصورة) في رام الله، بيت لحم، جنين، أريحا وغيرها من المدن وأن يحكموا أنفسهم بالطريقة التي يرونها مناسبة ما داموا يقبلون مصيرهم بهدوء، هذا في حين تحتفظ إسرائيل بالأمن بشكل عامّ في جميع أرجاء الضفة الغربيّة.
بفعلها هذا، ستبقى إسرائيل إلى أجل غير مسمى مسيطرة على الضفة الغربيّة وتدير الصّراع على أساس يومي وتتعامل مع العنف الفلسطيني كما تشاء عندما يحدث. وبالنسبة لنتنياهو، هو يفضّل حالة من التوتّر الدائم على التخلّي عن الأرض.
نتنياهو على أية حال أعمى تماما ً بفعل رسالته المسيانية (عقيدته التوراتية) مستبعدا ً احتمال أن يثور الفلسطينيّون عاجلا ً قبل آجلاً لأنهم يفضّلون الموت على هذا الوضع المزري إذ لم يبقَ لهم شيء يخسرونه.
في كتابه التنويري الجديد "إنتحار اليهود" The Suicide of the Jews (من الكتب التي يجب قراءتها) يصف عالم استطلاع المستقبل تسفي بيسك (Tsvi Bisk ) كيف تسوّغ الفروع الصهيونيّة المختلفة الإحتلال وضمّ جميع الأراضي الفلسطينيّة في نهاية المطاف لإسرائيل لأنها تعتقد فعلا ً:" .......بأن التنازل عن قضية الأرض لن يعرّض فقط للخطر الخلاص اليهودي، بل خلاص البشرية جمعاء.....لأنّ الإخلاص للأرض بالنسبة للصهاينة المتدينين كان توجيها ً إلهيّا ً، ومجرّد الكلام حول تقسيم الأرض مع شعب ٍ آخر كان دنسا ً".
نتنياهو رهينة راضية عن نفسها لشركاء تحالف هو الذي جمعهم، ومن بينهم أنصار أقوياء للمستوطنات أمثال وزير التربية والتعليم نفتالي بينيت (رئيس حزب "البيت اليهودي") ووزير الدفاع أفيغدور ليبرمان (رئيس حزب "إسرائيل بيتنا").
لنترك الأمر لنتنياهو، فإنه يستخدم حكومته الإئتلافية لتقديم العذر المثالي له للإستمرار في سياسته، ولكن الشيء المأساوي هو أنّه يدعو لكارثة بوضعه الأرض فوق أمن إسرائيل القومي، إن لم يكن فوق صميم وجودها.
تبيّن إستطلاعات الرأي المتعددة بأن أغلبيّة عظمى من الإسرائيليين والفلسطينيين تريد وضع نهاية لصراعهم على أساس حلّ الدولتين. ولكن ما دامت الأحزاب السياسية المعارضة عاجزة عن توحيد صفوفها ضمن إطار سياسي معيّن ومتماسك يعتمد على أساس مبادرة السلام العربيّة لحلّ النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، قد يشكّل الليكود أيضا ً الحكومة القادمة في عام 2019.
وبالمثل، ما دام الفلسطينيّون منقسمين على أنفسهم والعديد من زعمائهم غارقين في الفساد، هم يعملون بذلك لصالح نتنياهو ولمضرّة أنفسهم، وهم، أكثر من أي عدوّ ٍ آخر، يدمّرون فرصتهم في تحقيق دولتهم المستقلّة.
وللتأكيد، ما لم تتحد أحزاب المعارضة الإسرائيليّة وتكوّن حركة شعبيّة للسّلام، وما لم ينظّم الفلسطينيّون شؤونهم السياسيّة ويتفاوضوا مع إسرائيل في انسجام، سيكون من الصعب إنقاذ الطرفين من جروحهم المميتة التي أنزلوها هم بأنفسهم.
____________________________
"الجحيم حقيقة نراها متأخرة جدّا ً"
بقلم: : أ.د. ألون بن مئيـــــــــــــــــــر
أستاذ العلاقات الدولية بمركز الدراسات الدولية
بجامعة نيويورك ومدير مشروع الشرق الأوسط
بمعهد السياسة الدوليـــــــــــــــــة
إنّ دعوة السيناتور بيرني ساندرس خلال حملته الإنتخابية الأوليّة للرئاسة الأمريكية للبحث عن نهج ٍ جديد لحلّ الصّراع الإسرائيلي الفلسطيني كانت في محلّها وضروريّة. غير أنّ نداءه، على أية حال، بأن تتبنّى الولايات المتحدة سياسة الحياد في تعاملها مع إسرائيل والفلسطينيين لن يكفي. حتّى وإن غيّرت في الواقع الإدارة الأمريكيّة القادمة نهجها بإرغام إسرائيل على القيام بتنازلات هامّة ووقف مشاريعها الإستيطانيّة، فإن هذا لن يوفّر الشروط الضرورية لصنع سلام في هذه المرحلة بالذات من الصّراع.
أضف إلى ذلك، أيّ نهج جديد ينتهجه الإتحاد الأوروبي خلال اجتماعات الدورة الحاليّة للجمعية العامّة للأمم المتحدة لاستئناف المفاوضات بالطريقة التقليديّة، أكان ذلك بطريقة مباشرة أم من خلال وساطة، لن يؤدي إلى اتفاق، بصرف النظر عن الضغوطات أو الحوافز التي قد تُستخدم لإقناع إسرائيل والفلسطينيين باستئناف المفاوضات بشكل ٍ جدّي.
يجب أن تسبق أية مفاوضات رسميّة عملية مصالحة تستمرّ لمدّة سنتين تقريبا ً لأنّ الأوضاع على أرض الواقع قد تغيّرت جذريّا ً للأسوأ منذ اتفاقيات أوسلو. فبالنسبة للفلسطينيين، قد ترسّخ اليأس في النفوس والتشكّك وعدم الثقة المتبادل قد تعمّق أكثر فأكثر والمتطرفون على كلا الجانبين اكتسبوا جاذبيّة كبيرة. ولربّما الأكثر أهميّة هو أنّ المشهد السياسي قد تحوّل إلى اليمين في كلا المخيمين، الأمر الذي يجعل من مهمة استئناف مفاوضات السّلام أمرا ً غير محتمل جدّا ً مع أية إمكانيّة للتوصّل لاتفاقية.
لا شكّ أنّ أعمال العنف من طرف الفلسطينيين ضدّ إسرائيل هي نتيجة مباشرة لخمسين عاما ً من الإحتلال الذي يستمرّ في إحباطهم وتحريضهم. ونتيجة لذلك، يشعر الفلسطينيّون أنّه لم يعد لهم خيار آخر سوى الإلتجاء للعنف في محاولة لإنهاء الإحتلال وتمهيد الطريق لإقامة دولتهم المستقلّة في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة.
وبالمقابل، بإمكان الإسرائيليّون أيضا ً أن يقدّموا الحجّة المقنعة بأنه لا يمكن الوثوق بالفلسطينيين. لقد كانت الإنتفاضة الثانية بشكل ٍ خاصّ نقطة تحوّل في ذهن معظم الإسرائيليين، الأمر الذي زاد من تعميق تشككهم وعدم ثقتهم بالفلسطينيين وضاعف مخاوفهم الأمنيّة القوميّة (وإن كان لحدّ المبالغة في كثير من الأحيان).
قامت لسوء الحظ الحكومات الإسرائيليّة المتعاقبة التي تقف على يمين الوسط في الطيف السياسي، وبالأخصّ تلك التي قادها ويقودها بنيامين نتنياهو، باستغلال المخاوف الأمنيّة لمصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينيّة وبناء مستوطنات جديدة والتوسّع في المستوطنات الحاليّة لخلق ما يسمّونه "حدود آمنة".
ولتغيير ديناميّة الصّراع، يجب اتخاذ تدابير تصالحيّة من شعب لشعب حيث أنّ هذه التدابير قد أصبحت أمرا ً مركزيّاً لخلق أرض ٍ خصبة لنجاح المفاوضات. وينبغي أن تتضمّن هذه التدابير والإجراءات التصالحيّة دون الإقتصار - ما يلي: تسهيل الزيارات المتبادلة، نشاطات نسائيّة مشتركة، مناسبات رياضيّة، تواصل طلاّبي، معارض فنّ متنقلة، تشجيع الأحاديث والخطابات الشعبيّة، استضافة ندوات لبحث قضايا موضوع خلاف و مناشدة وسائل الإعلام لتشجيع هذه المبادرات المشتركة.
وقد تتخذ القيادة على كلا الجانبين خطوات إضافية منها مثلا ً: وقف الروايات الشعبية اللاذعة ، تعديل الكتب المدرسيّة، عدم اتخاذ إجراءات استفزازيّة ضد الطرف الآخر (مثلا ً: ايقاف التوسّع الإستيطاني خلال فترة المصالحة) والإبقاء على التعاون الأمني بين الجانبين. هذه التدابير والإجراءات ضرورية ومركزيّة لتغيير الديناميّة السيكولوجيّة (النفسية) للصّراع والبيئة الإجتماعيّة السياسيّة بين الطرفين بتخفيف مشكلة عدم الثقة المتبادل بينهما ومشكلة الأمن القومي وكذلك الوهم أنّ بإمكان أي منهما السيطرة على كامل فلسطين التاريخيّة. فقط بالتقيّد التام بعمليّة المصالحة هذه يبرهن الطرفان على التزامهما بالسّلام، وهي عمليّة ما زالت غائبة كليّا ً ولكنها ضروريّة للقيام بالتنازلات اللازمة للتوصّل لاتفاقيّة.
وفي الوقت الذي تجري فيه عملية المصالحة ينبغي على الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي أن يقوما بجهد ٍ ضخم لإعادة تنشيط مبادرة السّلام العربيّة والضغط على إسرائيل وحماس لاحتضانها. وتبقى مبادرة السّلام العربيّة الإطار العملي الوحيد للسّلام، حيث أنها تحتوي على قواسم مشتركة ما بين إسرائيل والفلسطينيين (شاملة حماس) ستسهّل إجراء مفاوضات سلام ٍ ناجحة. زد على ذلك، مبادرة السّلام العربيّة هي الإطار الوحيد الذي سيؤدي لاتفاقية سلام إسرائيليّة فلسطينيّة في سياق سلام ٍ إسرائيلي عربي شامل الذي تسعى إليه الأغلبيّة العظمى من الإسرائيليين والفلسطينيين لتحقيق استقرار وتقدّم على أمد ٍ طويل.
وأخيرا ً، الثورات والإضطرابات في الشرق الأوسط تقدّم بالفعل فرصة لحلّ النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وبالأخصّ أنّ العالم العربي الآن مهتمّ أكثر من أيّ وقت ٍ مضى بصنع سلام ٍ مع إسرائيل نظرا ً للتهديد الإيراني المشترك والمنافسة العنيفة بين السنّة والشيعة على الهيمنة الإقليميّة.
على الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي (وهما القوتان الوحيدتان القادرتان على إنهاء الصراع) وبالتأكيد أيضا ً الإسرائيليين المعتدلين أن يستغلّوا هذه الفرصة السانحة ويضعوا نهاية لأطول صراع ٍ عنيف مضن ٍ في العصر الحديث.
لا تعني دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنتنياهو وعبّاس لزيارة موسكو (التي قبلها الطرفان) الشيء الكثير، لا بل أنها لن تجلب شيئا ً. فبالنسبة لبوتين، تعتبر الدعوة فرصة لاستغلال الفراغ الناتج من فكّ الإرتباط الأمريكي. وبالنسبة لنتنياهو، إنها ستظهر (بشكل ٍ زائف) بأنه ملتزم بالسّلام. وبالنسبة لعبّاس، إنّه لا يريد بكلّ بساطة أن يبدو وكأنه عقبة أمام السّلام.
ونظرا ً لأن الولايات المتحدة كانت وستبقى اللاعب السياسي الرئيسي، فلا عبّاس ولا نتنياهو يمكنهما تجاهل هذا الأمر. وعلى الإدارة الأمريكيّة الجديدة أن تدعم المبادرة الفرنسيّة التي تسعى وراء عقد مؤتمر دولي لاستئناف مفاوضات السّلام وتغيير نهجها السابق في البحث عن اتفاقية سلام تعتمد على أساس حلّ الدولتين.
لا شكّ أنّ على الولايات المتحدة أن تلعب دورا ً أكثر حزما ً تجاه إسرائيل، خصوصا ً وأنّ الولايات المتحدة معنيّة حقّا ً بأمن إسرائيل القومي. وتزويد إسرائيل بمساعدات عسكريّة قيمتها 38 مليار دولار على مدى العشرة أعوام القادمة هو أمر ٌ لم يسبق له مثيل ويشهد فقط بالتزام الولايات المتحدة تجاهها.
يجب على الإدارة الأمريكيّة القادمة أن توقف تمكين إسرائيل من اتباع سياسات تضرّ بها وأن تصرّ على ضرورة أن تشترك إسرائيل حقّا ً بعمليّة المصالحة التي من الصعب جدّا ً على نتنياهو وعبّاس رفضها، خصوصا ً وأنهما يصرحان جهارا ً بأنهما يسعيان لحلّ الدولتين.
والإتحاد الأوروبي بهذا الخصوص في وضع ٍ جيّد للدفع بالعمليّة السلميّة إلى الأمام بالتركيز أولا ً على المصالحة وإعطاء الإدارة الأمريكيّة الجديدة الوقت للإنضمام إلى المبادرة الفرنسيّة التي تتوافق إلى حدّ بعيد مع موقف الولايات المتحدة التقليدي.
وعلى الإدارة الأمريكية الجديدة، بالإشتراك مع الإتحاد الأوروبي، أن توضّح تماما ً بما لا يدعو للشكّ بأن حلّ الدولتين يقدّم أكثر من أية إجراءات أو تدابير أمنيّة أخرى الضمان النهائي لأمن إسرائيل القومي ويسمح للفلسطينيين في نفس الوقت بالعيش بكرامة في دولة مستقلّة.
فبعد سبعين عاما ً من صراع ٍ دمويّ متواصل حان الوقت لإنهاء الأوضاع الجهنميّة التي خلقها الإسرائيليّون والفلسطينيّون لأنفسهم قبل أن يفنوا نهائيّا ً بفعلها. وكما يُقال عن ثوماس هوبيس يوما ً أن قال:"الجحيم حقيقة نراها متأخرة جدّاً".
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة