في الوقت الذي تبددت فيه معظم الكيانات السودانية ذات الطابع الاجتماعي والثقافي بعد ان تربعت في ثرى مدينة (جدة) بغرب السعودية لسنين طويلة مثل تنظيم الجالية السودانية الذي عصفت به الانواء وتناثر مع الرياح مثل اوراق الخريف فأن الملتقى السوداني الاجتماعي ما زال بألقه ينثر عبيره الفواح على المدى البعيد .. ويحلق بأجنحته في سماء المدينة ويحوم في وسط النجوم ليعانق وجنات الغيوم .. الملتقى بروحه الوثابة لم يكن مثل رديفاته من التنظيمات الهلامية يسعى وراء كسب مادي او سياسي او ينشد الهدايا والغنائم مثل تلك التنظيمات اللتي كانت تتودد وتركض صوب مطامح شخصية .. بل فأن الملتقى ومنذ نشأته الاولى كان له اهداف انسانية للغاية ومن خلال وعاء يضم كافة الاسر المقيمة في المنطقة ..وكذلك ابناء السودانين بمختلف مشاربهم واطيافهم والوانهم السياسية ..ويقوم بالتالي بتوفير مراتع لاذابة الكدر الذي يتعلق في النفوس احيانا .. والسأم الذي يساور بعض القلوب وذلك عبر احياء ليالي حالمةيشوبها الكثير من النغم وفيض من الحنان ..مع الاهتمام البالغ لاحياء الليالي الملاح احتفاء بذكرى الاستقلال المجيد او ثورة اكتوبر الظافرة في امسيات دافئة تغمرها الاهازيج والاغاريد والاغنيات التي تخلب الالباب من حناجر تسكب اصواتا تشبه قطرات الندى او الجداول الرقراقة في حالة انسياب المياه فيها مع الصباح فترتاح القلوب في لحاف من الفرح مثل اصوات حسن خليفة وكرار وغيرهم من المبدعين .. ولأن المبتغى من (الملتقى)هو التعاضد الاسري بين ابناء المغتربين في ديار الغؤبة فقد فتح ابوابه لكل من يريد الولوج فيه بغض النظر عن الانتماءات السياسية .. بل فأن من اهم الشروط لعضوية الملتقى هو عدم التناول للشأن السياسي حتى لا تكون هناك اختلافات تؤدي الى الهدم .. او تثير الضغائن والاحقاد بين الاعضاء .. فأصبح الملتقى بهذه السمات من اجمل المرافئ لاحتضان هذه الاسر التي تعارفت ونسجت مع بعضها البعض خيوط من المحبة والعشق والتوادد .. والتأمت في بؤتقة من المودة الخالصة والتي ادت بدورها وفي كثير من الحالات الى دروب المصاهرة والتماذج بين مختلف الاعراق .. وقد تقاطرت الى الملتقى اعداد كبيرة من كل الفئات والنخب المؤثرة في حياة المغتربين والتأم الشمل بين كل هذه العناصر واصبحت الهموم واحده والذكريات الحلوة تحلق بهم كالطيور في الفضاء الواسع والامنيات تدغدغ في القلوب وتعربد مثل اغصان الشجيرات المورقة في الحدائق الغناءة او مثل المياه العذبة في الحقول المخضرة .. فهناك فئة من الاعضاء يساورها الحنين لكل نسمة منجروف النيل مثل البروفيسور مرغني عبد العزيز الذي كلما صدح المطرب راح يتمايل حتى تكاد الدموع تطفر من عيونه .. والدكتور صلاح التيجاني صاحب الابتسامة الوضيئة يزرع المكان بجلبابه الابيض الانيق بينما الدكتور اسامة مكي كعادته يتمايل دون ان يغادر مقعده .. وغيرهم من الاعضاء تراهم وقد يعبرون عن فرحتهم الكبيرة بكل وقار وتأني فتغمر المكان شلالات من الفرح .. وفي الضفة الاخرى من (املتقى) عضوات يعطرن الاجواء .. ويشاركن في المناقشات بكل حصافة ويدلين الكثير من الاراء السديدة والافكار الشائقة وهن الجابلات بدورهن الطبيعي في اعداد الوجبات بأطيب الاطعمة ومن بينهن الطبيبات والصيدليات والباحثات في مختلف الشؤون والمجالات العلمية وكذلك الاقتصاديات وغيرهن .. الا ان العيون ترمق دوما ل(سكينة) صاحبة النشاط المتدفق والهرولة المستمرة لانها في الحقيقة متمكنه جدا في استقبال الجميع خصوصا اولئك الجدد من الاعضاء والعضوات .. الغرض من هذا السرد الواقعي لمسيرة الملتقى عبر هذه السنوات الطويلة دون ان يخمد اواره .. او ينأى عنه عطل .. ودون ان تنشب اي خلافات تذكربين الاعضاء او العضوات هو ان الهدف من انشاءه كما قلت يصب في خانة العمل الانساني بينما .. تنظيم الجالية الذي انطوى عن الوجود ولم يجد طيلة حياته اي مدح او اطراء بل اتسم بالقبح ونال الكثير من النعوت والقدح يختلف تماما عن ذلك لان هدف القيادات فيه كان يرمي الى السلب والنهب من الاموال الطائلة التي كانت تصب على التنظيم من جيوب المغتربين .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة