دينهم غير.. حكمهم غير.. و وعودهم للشعب غير.. يلعبون الدين في ميدان السياسة.. و يلعبون السياسة في ميدان الدين و لا دين لهم.. و لا لهم شيئ في السياسة!
من كوكب يقدس الظلم أتوا، و شعارهم السيطرة بالقتل و نهب الأموال و اكتنازها لمزيد من القتل و النهب.. فامتلأوا مالاً و أياديهم ملطخة بالدماء.. و خسروا الدين و هم يصلون و لم يكسبوا في السياسة حين يغشون.. و أموالنا تخرج من جيوبهم إلى صناديق النفرة.. و نحن الخاسرون..
شاهدناهم في قاعة الصداقة يوم النفرة المشهودة.. شاهدنا العملات الورقية فئة الخمسين ألف جنيهاً تندفع رِزم.. رِزم نحو صناديق ( شفافة).. و الصناديق تطوف بين الكراسي التي يجلس عليها ألف لص و لص و آلاف الراشين و المرتشين.. صفوف.. صفو.. صفوف يبحلقون في المنصة.. و يصفقون لكل كلمة يتفوه بها البشير و يكبرون و البشير يعلن أن أموال الدولة حرام على المؤتمر الوطني.. كاشفاً، دون أن يدري، أن أموال الدولة كانت حلالاً بلالاً لحزبه يقرف منها ما يشاء، متى شاء.. و يصرفها على أي وجه يشاء.. كان الحزب، و لا يزال أغنى مالاً من دولة السودان و أقوى عتاداً منها!
و الشارع يعرف أن حزب المؤتمر الوطني صار هو الدولة منذ حل محلها و سرق ثرواتها بقوة السلاح.. و مضى في حال سرقاته لا يلوي على شيئ إلى أن امتلك كل شيئ و لم يكن لديه الرشد و الوعي، بل و لا الارادة لإدارة المال الذي نهبه ضد الوطن.. وفجأة بدأ يفلس و بعد أن نفد المال من خزانة المصرف المركزي، عكفت وزارة المالية تطبع الأوراق المالية دون رصيد يغطي عورتها.. و تحول الحزب من كائن موغل في التبذير إلى كائن يجرب التقتير و يصرف بحذر شديد.. و انكب على رهن أراضي الدولة عساها تعينه على الاستمرار في السلطة..
إن احتياجات البشير الأمنية المهولة من جنجويد، و غير الجنجويد، هاجس ثابت ما بقي نظام الانفاذ على الكرسي غير الثابت، أما كلفة تسيير أعمال الحكومة و رواتب الدستوريين الحاليين و الدستوريين القادمين عبر حوار الوثبة، فلها حساباتها في البحث عن توفير ما يغطيها.. و كل واحد من البندين مهدِّد أخطر من الآخر في حال عدم الايفاء بمطلوباتهما.. و النظام مطالب في نفس الوقت بمواصلة الصرف على مؤسسات الحزب بما يربو على مئات المليارات من الجنيهات ( بالجديد) و هو مئات التريليونات من الجنيه ( بالقديم)..
الواقع هو الذي فرض على البشير أن يعيد حساباته، فالبشير مكرَهٌ لا بطلُ.. و قد أتى متأخراً جداً في إصدارِه ذاك القرار.. و كان بإمكانه أن يكون بطلاً حقيقياً إذا أردف قرار تحريم مال الدولة على حزب المؤتمر الوطني بقرار آخر يعلن فيه طلاقه ( بالتلاتة) من حزب المؤتمر الوطني.. و أنه سوف يعامل جميع الأحزاب على قدم المساواة.. لو فعل ذلك، لحقق معجزة ربما تخفف من خطاياه أمام المجتمع السوداني.. و تُحسِّن صورته، شيئاً ما، في سجل التاريخ!
هذا لم يحدث، للأسف! و قد دشن نفرة دعم مشروعات حزبه ( الكبرى) في قاعة ضمت ألف حرامي و حرامي و آلاف المرتشين و الراشين.. و صندوق التبرعات ( الشفاف) يتحرك بين المقاعد.. و الشعب " يعاين! بس يعاين بعيونو!" يعاين في اندهاش.. و يستغرب من اللعب الذي يجري أمامه بفلوسه و هو يعاني مرارة الفاقة.. و رِزمة واحدة من الرزم التي تنهال على الصندوق الشفاف كفيلة بتغطية احتياجاته لشهور.. و لا مشكلة لدى الحرامية و الراشين و المرتشين حيال بذار الفلوس في الهواء.. هؤلاء ليسوا خاسرين.. إنهم واثقون من أنهم يقدمون فلوس الشعب بالسبت و سوف ترجع الفلوس إليهم بشكل أو بآخر بالأحد.. أين المشكلة؟ ما فيش مشكلة!
و يعترف متنفذو المؤتمر الوطني في الصحف علانية بأن الحزب يستغل نفوذه كحزب حاكم.. فيقولون أن بالإضافة إلى تبرعات عضوية الحزب، فإنهم يجمعون التبرعات من رجال المال والأعمال من خارج عضوية الحزب، و أن الحزب يردها لأولئك الرجال في شكل تسهيلات ومعاملات مرتبطة بالدولة.. و هذا يعني أن الذي لا يدفع من رجال المال و الأعمال لن يلقى تلك التسهيلات و لا المعاملات إياها.. يعني المؤتمر الوطني شغال رِشاوي ( رسمية) عديل كده..! و الله الناس ديل ما عندهم دم!
للحزب مشاريع ضخمة و دور لا تُحصى في كل حي بكل مدينة و قرية في السودان، و قد فرَّغ كوادره بمرتبات عالية و معينات و سيارات فارهة و جميع معينات تسيير مشاريع الحزب.. و تتكفل الخزينة العامة بالصرف على التكاليف.. و السؤال هو هل تكفي التبرعات للصرف على المشاريع المخطط لها.. و المشاريع الجارية و الجيش الجرار من الكوادر القائمين على أمر المشاريع.. بعد أن حرم الرئيس البشير أموال الدولة على الحزب؟ لا أظنها تكفي! إن الذي أعلنه المشير البشير، إذا تحقق، فهو بداية انهيار الحزب المترهل.. كما حدث لسد مأرب.. و الزمن سوف يرينا ما بعده.. و الله يمهل و لا يهمل..
· أوردتُ في مقال سابق أن الفريق الزبير محمد صالح قال في أوائل أيام هؤلاء اللصوص:- " نحن اولاد فقراء ولو شوفتونا بنينا عمارات اعرفوا انو سرقنا..!"
· و جاء عيال الفقراء و سرقوا و بنوا العمارات في الرياض و المنشية و العمارات.. و الواحة و الدوحة.. و ( عيييييييييييك) في كل قطعة مميزة في الأحياء الأخرى لهم قصور.. بل و طردوا أولاد الأغنياء من فيللهم كما طردت السيدة/ وداد- حرم الرئيس- أولاد الشيخ مصطفى الأمين من بيتهم العريق..
· جعلوا أموالنا دولة بينهم و هم الفقراء.. و يغطون الصرف على ( نفراتهم) بأموالنا لكن باسمهم و اسم الراشين المرتشين..
· تتألم و أنت تستمع إلى لص محترف للسياسة يتحدث عن الله و العدل و الشرف.. يغيظك جداً.. و تكاد تصرخ فيه: " كفى! كفى أيها اللص اللعين!"
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة