كنا قد ذكرنا في مقالنا السابق ان العصيان الناحج الذي انتظم البلاد نوفمبر السابق قد يكون ايقظ المارد من قمقمه وسيعمل بكل ما اوتى هذه الايام للتخريب ولزعزعة الثقة في نفوس الناس حتى يفشل الاعتصام القادم في 19 ديسمبر . وكنا قد تكلمنا عن القيادات الشابة التي انبرت لقيادة هذا العمل وطرائقها المبتكرة والخلاقة في التسويق لهذا الاعتصام . ولكن الامر المحزن ما نتابعه هذه الايام من الغلو الغير مبرر للاعلان عن العصيان . لعل عدم الخبرة التي تميز هذا الشباب وروحه التواقة والمندفعة هى ما تجعله ينجرف وراء بعض التصرفات التي من شأنها الاساءة للفكرة اكثر من دعمها ، لان بعض الوسائل والافكار الجديدة التي رأينها تعتبر مجحفة في حق الوطن ولا تسئ للحكومة او تضعف موقفها بقدر اساءتها للوطن والاساءة لفكرة العصيان نفسها وتضعيفها وتشويشها بالتالي افشالها من اساسها . وقد تكون هذه الوسائل الجديدة المستخدمة من فعل ازلام النظام و ( جداده الالكتروني) الذي لا شك ينشط هذه الايام بصورة كبيرة . ثلاث وسائل في غاية الاستفزاز نراها مبعثرة هنا وهناك اساءت للوطن اساءة بالغة يجب ان ننوه لخطورتها على العصيان نفسه . بالامس وعلى واحدة من صفحات ( الفيس ) المعنية بالاعتصام تم نشر فكرة في غاية الخطورة وهي كتابة جملة (19 ديسمبر يوم العصيان) على العملة الورقية المتداولة بين الناس. ناهيك عن التشويه الذي سيطال العملة المشوهة اصلاً وما في ذلك من دلالت مهينة لرمزية الدولة ان هذه الخطوة من الغباء بحيث لو ان الحكومة لو ارادت محاربتها سيتم قتلها في مهدها باعلان بسيط في الصحف السيارة بان أي عملة مكتوباً عليها هذه الجملة غير صالحة للتداول، هكذا وبكل بساطة يتم افشال المخطط عندها سيسقط في يد الذين يتداولونها ، ومعروف نوعية القطاعات الضعيفة التي تتعامل تعامل مباشر مع هذه العملة ، كم سيتضرر هؤلاء ؟ كم سيتضرر اصحاب الحافلات واكشاك الجرايد وباعة الخضار والفواكه والقائمة تطول . في رأي ان هناك وسائل ناجعة كثيرة ولها اكبر الاثر في توصيل الفكرة لاكبر عدد من الناس يمكن ان نتبعها من غير ان نسئ لرمز وطنيتنا وان لا نبرر للوسايل القبيحة في سبيل الغايات النبيلة . لفت انتباهي في بعض الصفحات انها تنادى لرفع اعلام غير العلم السوداني الحالى والمتعارف عليه دوليا مجاراة لبعض دول الربيع العربي ، والمحير في الامر ان بعضهم يطالب باعادة علم المهدية المعروف والبعض ينادى برفع اول علم بعد الاستقلال هذا العلم الذي صار شعارا للحزب الديموقراطي . وسواء اتفقنا او لم نتفق مع صاحبي الاقتراح في الاحقية التاريخية لكل علم وأي الحقبتين يجب ان تمثلنا الا اننا يجب ان ننتبه لشئ مهم ، ان هذه الاعلام الان صارت شعارا لاحزاب محددة وإذا رجعنا لتاريخ هذه الاحزاب القريب ومواقف قياداتها من الحرس القديم مع قضايا الوطن خلال حكم هذه الطاغوت لوجدنا مببرات الامتعاض النفسي للوجدان السوداني مع هذه المقترحات الامر الذي قد يصيب العصيان في مقتل ، ناهيك عن الشقاق الذي سيتولد تبعاً لعضوية الحزبين او مريديهم . كما أن للمدلولات التاريخية في ماصاحب اهم ثورتين تبنتا الفكرة وما آلت اليهم بلدانهم من خراب عم الاطراف كلها ( سوريا – ليبيا ) تبعات وجدانية هدامة لا نريد ان نسوقها في مشروعنا السلمي هذا، لا نريد لهذه النفسية الشرسة ان تنتظم الشارع السوداني حتى لا تتولد طاقة سالبة وهدامة قد تقود الناس الى فعل فوضوي تتمناه وتنتظره هذه العصبة القاتلة بتلهف ، نريد ان ينساب عصياننا هذا سلمياً سلسلاً كما خطط له ولكنه فاعل وناجز الى أن نسقط الحكومة سلمياً ، ويجب ان نحافظ على مكتسباتنا الوطنية وارواح شبابنا في نفس الوقت. أما ما يعتبر كارثة فعلية هو ما قرأناه في احدى الصفحات المعنية بالعصيان،( بوست)يدعى فيه صاحبه انه تم ( تهكير ) بعض مواقع الدولة على سبيل العصيان ولعل من اهمها موقع الشرطة والسجل المدني حيث وضع هذا الدعي روابط ادعى انها للتسجيل من على البعد ونيل رقم وطنى من اي مكان في العالم بملء النموزج الموجود . لم يساروني شك للحظة ان صاحب البوست واحد من ( الجداد الالكتروني ) وضع اسم وهمي وعندما قمت بتتبعه وجدت ان حسابه تم انشاؤه يوم امس فقط !! فلكم ان تتخيلو!! ان مثل هذه النشرات يحاول بها مجاهدو الكيبورد خلق بلبلة وزعزة ثقة الناس بالعصيان وخلق كراهية للمنادين به وهي حرب مضادة كنا قد حذرنا منها في مقالنا السابق يجب ان ينتبه لها الشباب واصحاب هذه الصفحات ويعملو على محاربتها اول بأول لان مثل هذه الاعيرة وان لم تقتل في انها( تدوش ) وسينجر وراءها الكثير من البسطاء ويصدقونها بالتالي تتولد لديهم حساسية تجاه هذا العصيان والمنادين له ، اما اذا كان البوست حقيقي ويعتقد صاحبه فعلا بان فعلته هذه ستدعم فكرة العصيان يجب عليه ان يراجع افكاره الف مرة ويرحم البلاد من شرور بلادته كي لا يقدح في نوايا العصيان والمعتصمون فلا البلاد تحتاجة ولا المعتصمون يحتاجونه لانه بلا شك من الاخسرين اعمالا الذين يظنون انهم يحسنون صنعاً . في الختام لا يسعنا الا ان نشكر هؤلاء الشباب الذين تعلمنا منهم الكثير المفيد وهم يقودون رسن هذه البلاد في هذه الايام بحكمة فاتت على كثير من شيابها ، نحن إذ نحنى لهم رؤسنا ونقبل جباههم نسأل المولى عز وجل ان يكلل مساعيهم بالنجاح حتى لا يمتد طوفان القهر النفسى الذي عشناه نحن الذين قضينا كل شبابنا في ظل الطاغوت ولم نستطيع ان نغير شيئاً ، ونحن نضع ارجلنا على آخر عتبات الشباب انا وجيلي الذي بهتته الانقاذ وهو في بواكير صباه نغادر هذه المحطة وصدورنا مخنوقة بدخان كثيف لم نجد له متنفس الا في دعمنا لهؤلاء الشباب في ما يقومون به .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة