إبان القرون الوسطى قطع المستعمرون في الغرب وتجار الرقيق في الشرق الأوسط والإمبراطورية العثمانية آلاف الأميال لجلب العبيد من إفريقيا التي بفضل طاقتها البشرية وثرواتها المنهوبة تطورت أوروبا وأمريكا وتفوقت اقتصاديا وتكنولوجيا على العالم. فكيف يسمح الغرب بإزالة الأسباب التي تبقي باب الهجرة مفتوح على مصراعيه لتدفق اللاجئين إليه؟؟
توفر القوانين الغربية للاجئين كل سبل الراحة والعيش الكريم بما فيه حق المواطنة والأمن الذي بعدمه هجر اللاجئون أوطانهم إلا أنها لا تمنحهم حق الترشح - باستثناء أبناءهم المولودين في الغرب الذين لايعلمون شيئا عن ثقافاتهم أو أوطانهم وغير مرتبطين بها وجدانيا - لرئاسة الدولة دون توضيح أسباب مقنعة!
بالرغم من بعض البلدان الغربية تطبق الديمقراطية بمعناها الحرفي وتحترم حقوق الإنسان بمن فيهم المثليين غير أن حرمانها لفئة من الناس يتمتعون بكامل حقوق المواطنة ويحملون جنسيتها من واجباتهم وممارسة بعض حقوقهم الدستورية باعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية يعتبر تمييز عنصري.
وبإمكان الغرب التدخل لفرض الديمقراطية بالقوة وتغيير الأنظمة التي تمارس أبشع انتهاكات حقوق الإنسان ضد مواطنيها وصلت احيانا حد الابادة الجماعية وجرائم حرب كما في رواندا والصومال والسودان إلا أنه يلتزم الصمت ويقف متفرجا بل في كثير من الأحيان يدعم قادة هذه الأنظمة المجرمين كي يستمروا في سحق شعوبهم وتهجير العمالة إلى الغرب.
وبالمقارنة مع الوضع في سودان البشير وليبيا القذافي يعتبر الأمن والمصالح الاقتصادية المحرك الأساسي لسياسة الغرب الذي يتدخل في الشؤون الداخلية لمعظم دول العالم بذريعة مراقبة حقوق الإنسان ولكن يغض الطرف عن حالات خطيرة تستدعي التدخل السريع لوقف الفظاعات والانتهاكات ضد المدنيين!
وسارع حلف الناتو التدخل لتغيير النظام في ليبيا الغنية بالنفط خلال فترة أقل من عام بعدما قتل العقيد معمر القذافي بضعة مئات من الليبيين فيما ترك البشير المطلوب لدى لاهاي والذي يعتبر الصندوق الأسود لتنظيم القاعدة الذي ترعرع في كنف نظام الجبهة العربية الإسلامية منذ سطت على السلطة في السودان قبل ٣ عقود يستمر في قتل السودانيين بلا هوادة إلى اليوم.
ويحرص قادة الغرب على أمن وسلامة شعوبهم ببذل الغالي والنفيس من أجل ان تبقى أوطانهم مستقرة ومتفوقة بينما قادة الإنقلابات والملوك في إفريقيا والشرق الأوسط مستعدين للتضحية باوطانهم وتقديم شعوبهم قربانا للغرب لاتقاء شره المستطير او المساومة بالأمن القومي لبلدانهم للبقاء في السلطة لأطول فترة زمنية ممكنة ولذلك يراهن البشير على ورقة القاعدة والجماعات الإرهابية التي تشكل تهديد للمصالح الغربية.
وفي ظل إنهيار الوحدة الوطنية وانتشار الفوضى بسبب رعونة الأنظمة العنصرية الفاقدة للرؤية والهدف والتي تعاقبت على السلطة منذ جلاء بريطانيا قواتها عن السودان قبل اكثر من ٦ عقود أي مصلحة كسبها السودانيون لأنفسهم وهم يقتلون بعضهم البعض في وطن مزقته الحرب والجشع؟؟
العودة إلى الذات ضرورة مشروطة بالإنعتاق من التبعية والانسياق الميكانيكي خدمة لمصالح الآخرين، وواجب وطني واخلاقي على كل سوداني يفرضه تحرير الأرض المحتلة، القتل والتهجير الممنهج للسكان الأصليين. ولن يتحقق ذلك الا بالوحدة والعمل الجماعي. فمهما كانت الرفاهية والمال في دول الغرب فإنه لن يكون بديلا عن الأوطان.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة