*أول من لاحظ الظاهرة حاجة سعيدة.. *استيقظت مبكراً لتجهيز الشاي لابنها المسافر إلى المدينة.. *وهي تحلب معزتها انتبهت لشيء غريب في السماء.. *لم تكن هي سماء كل يوم...بل بدت وكأنها تغطت بثوب (زراق).. *وحين تعود باللبن من الزريبة تتعثر...وينكشح منها على الأرض.. *ولم تدر إن كان جراء الخوف ، أو النعاس ، أو النظر تجاه السماء.. *وعندما عادت لتحلب مرة ثانية وجدت الضرع قد جف.. *ثم تبعها في ملاحظة الظاهرة عبد المجيد صاحب الدكان.. *ويحكي لزبائنه بهلع كيف إنه رأى لحظة زحف (الدخان) على سماء البلدة.. *وبعد أن (فجَّت الدنيا) تأكد من أنه ليس سحاباً...كما توهم بدءاً.. *ثم حين اشتم- ضحى- رائحة حريق من داخل متجره لم يكن توهماً.. *ثم كان ثالث الملاحظين سليم العريبي ريس المركب.. *قال إنه حين هبط المشرع لم يميز- أول الأمر- بين (البحر) والسماء.. *وعزا ذلكم الخلط - في البداية - إلى تأثير (دكِّاي) الليل.. *فعاد إلى (كرِّقته) لرشف مزيد من القهوة...ثم توجه تلقاء النهر مرة أخرى.. *ولكنه فوجئ بأن السماء ما زالت في لون النيل...والعكس.. *ولون النيل هو لون مياهه.......بما أن الأوان كان أوان (تساب).. *ولما بلغ المركب وجد الماء يغطي ثلث مساحتها.. *وتوالت بعد ذلك - عند شروق الشمس- قصص مشاهدة الضباب.. *وتوالت - أيضاً - قصص الظواهر الغريبة.. *وأشهرها جفاف الزرع ...والضرع ........والدمع.. *فحتى الدموع بخلت بها المُقل حين احتاجها البعض...خوفاً وطمعاً.. *وهُرع الناس إلى المسجد علهم يجدون تفسيراً....وطمأنينة.. *حتى نونة...وحنونة...وزيتونة...هُرعن إلى هناك.. *ويضوع منهن ما بقي من آثار الليل....مثل (دكَّاي) سليم العريبي.. *وكان أكثر الناس هلعاً...وخوفاً...ورعباً...(كبير) البلدة.. *ولكن شيخ فتحي- إمام الجامع- كان هو نفسه ينتظر تفسيراً...وطمأنينة.. *ولما حان وقت صلاة الظهر لم يؤذن حاج صالح كعادته.. *كان الجميع مشغولين بالنظر إلى تغيُّرات بدأت تطرأ على الضباب.. *فقد طفق يتشكل بعضه ، في بعضه ، من بعضه...رويداً رويداً.. *وأول ملمح تشكل عليه كان وجه حسين (المقتول).. *وتهامس البعض بأن قاتله هو (الكبير)...فور أن فرض نفسه (كبيراً).. *ولكن القضية قُيدت ضد مجهول...وتبعتها قضايا أخرى.. *فكل من يتصدى لظلم (الكبير) مصيره القتل....يتواصل الهمس.. *ومن ينج من القتل منهم...يُضيَّق عليه في الرزق.. *ومع كل وجه ضحية يظهر من بين ثنايا الضباب يتعالى الصراخ.. *ويصيح الإمام: أعوذ بالله من غضب الله...ويردد خلفه الناس.. *وقبيل الغروب يختفي الضباب فجأة...كما ظهر فجأة.. *ويختفي........(الكبير) !!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة