لم يكن الشباب السوداني ذات يوم ومنذ سنوات خلت، ينعمون بتحقيق كل أمانيهم، والتي غالبا ما تبقى مثلومة حتى الكبر، أو يتحقق الفوز القليل منها، وتبخرت كل أحلامهم وتطلعاتهم التي كانت ترنو إلى مستقبل زاهر، يحدوهم الأمل نحو العيش بأمان واستحقاقات العيش الكريم، وصولا إلى تحقيق الأماني وتكوين أسرة، بعيدا عن كل المنغصات، ووفق أعلى درجات الراحة. ولعل ما يحدث اليوم من هجرة للشباب السوداني بحثا عن الأمل المنشود! بعدما ضاقت بهم السبل وحوصروا في زوايا ضيقةٍ، أضلاعها البطالة وقلة الفرص وضعف اهتمام الدولة بهم وانعدام الحلول، جعلهم يفكرون بالهجرة الى أرض الغربةِ المتناهيةِ الأبعاد بعيدا عن حنان ودفء خيمة الوطن والأسرة، بعد أن غاب الدفء وضاعت الخيمة..!، ليقعوا بين مخالب الغربةِ وجحِيمها وتذهب أحلامهم كالسراب، ليعودوا إلى معاناتهم من جديد، منكسري النفس ويعيدُ الإحباط كرته ثانية في نفوسهم وتفكيرهم ، ويبقى السؤال رغم الفشل المتكرر.. الشباب السوداني إلى متى وإلى أين..؟ فليس حراما لو احتضنت الدولة الشبابَ ووفرت لهم سبل العيش بالكفاف وليس العيش الرغيد؟!.. فكل العالم يعي أن الشباب هم بناة الدولة ، والاهتمام بهم يمنع انسياقهم إلى مهاوي الإرهاب والجماعات المسلحة، أو الرحيل إلى ديار الغربة والتشتت في مرابعها، ويمنع تشظي العوائل وانهيار الأسر وتفككها فهنالك شباب من كلا الجنسين بلا عمل وبلا زواج ولا مدخولات وهم في أمس الحاجة للمال والعمل وتكوين الأسرة . ملايين من الشابات بلا زواج وبلا مستقبل أصابتهم حمى البطالة وضعفُ الحال وقتلُ الطموح وفقدان الحل وكلُ شيء يمشي ضدهم.. آمال الشباب السودانيين وآلامُهم من أين تبدأ؟ ومن أين تنتهي في هذا الزمن الرهيب؟.. وهل يرفع الشباب السوداني الرايات ويستسلموا لعزوبية أبدية وبطالة مقنعة، وترك الشهادة المعلقة على الجدران دون الرجوع إليها يوما ما؟ ففي أبسط دول العالم تجد أصحاب القرار، يقدمون خططا مستقبلية جادة في احتواء أصحاب الشهادات الجامعية، وتوفير فرص ِالعمل الحقيقية، وتسليف الشباب والشابات بسلف الزواج، وبناء مراكز تدريب وتطوير لهم وحل مشاكلهم، لأنهم دعامة المستقبل وزرع الأمل الذي سيحصده البلد . وما يؤلمنا أكثر وضمن هذه الظروف، وبالإضافة إلى الغلاء وارتفاع الإيجارات والمشاكل الاجتماعية والعوامل الاقتصادية، هو تدافع الأطفال أيضا مع الشباب إلى العمل، تاركين الدراسة في سن مبكرة لممارسة أعمال شاقة ولساعات طويلة رغم صغر سنهم، كبائع متجول يجوب الشوارع بحثاً عن الرزق، أو بيع المناديل الورقية والسجائر أو في صبغ الأحذية أو تنظيف السيارات على تقاطع الطرق وفي ساحات لوقوف السيارات، وهم عرضة لكل التقلبات المناخية من حر شديد وما ينتج عنها من أمراض مختلفة.. فما ذنب هذا الطفل ليتحمل مسؤولية العائلة؟ ومتى يشعر المسؤولون عن مصير السودان وتشعر المؤسسات المدنية والإنسانية بمعاناة هؤلاء الأطفال والشباب وآلام عوائلهم!؟ إذا.. هي متلازمة الهم السوداني، والكل ينتظر العلاج لها، أو حتى تسكينها بعلاج مهدئ كي تستمر الحياة بأبسط مستوياتها!!.. فهموم البطالة، وهموم المستقبل، وهاجس الأمن، وضعف اهتمام الدولة.. هي هموم محزنة.. فمتى سينتهي منها ومن ثقلها الشاب السوداني وعائلته؟؟….. كان الله في عونك ياشبابنا. الطيب محمد جاده
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة