بعد نحو عقدين من الزمان ألقت بظلال باهته بين العلاقه التى تربط السودان ودولة الإمارات العربيه المتحده غُلفت فى تلك الفتره الطويله بفتور شامل وغبن مكبوت بين الجانبين فجأه وبدون أى مقدمات يشى على نحوٍ ما أو يؤشر لأى تطور قد يذيب جليد العلاقه التى جمدت الإتصال الرسمى بين الدولتين بدأ لافت فى الأونه الأخيره وبعد غياب طويل لم يبقى الطرفين بينهما إلا شعرة معاويه بدأت فى الأونه الأخيره تلك العلاقه الفاتره على المستوى الرسمى بين الدولتين تنشط بشكل تدريجى ما أدى لإلتقاء قيادات البلدين وفى العاصمه الإماراتيه أبوظبى مرتين أخرها هذه الزياره التى ما تزال مستمره تلك التى قام بها الرئيس السودانى عمر البشير لدولة الإمارات العربيه والتى إبتدأت منذ يوم السبت الماضى الموافق 28 / 11 / 2015 م وهى الزياره الثانيه من نوعها بعد الدعوه الرسميه التى وجهتها حكومة الإمارات للرئيس البشير فى شهر فبراير الماضى .قبل الخوض فى تفاصيل الزياره ومراميها وأهدافها وأهميتها القصوى كذلك حريٌ بنا التوقف لبرهه وجيزه لكى نلفت عناية الساده المراقبين والمهتمين بالشأن السياسى الدولى وكبار المحللين على المستويين التكتيكى والإسترايجى وبحسب ما تنقل وسائل الإتصال بعديدة المدى عنهم القول إن إسباب الفتور والغضب الخليجى العربى وبالذات موقف دولة الإمارات العربيه المتحده من السودان وتجاهله لفترات طويله من الزمان يعود للعلاقه التى جمعت فى وقت سابق مابين السودان وإيران وما بين دول الخليج السته بإثتثناء سلطنة عمان لكونها دوله تقف على الحياد الكامل وعلى مسافه واحده بين كل الدول يبقى ما بين إيران وبقية دول الخليج خاصةً الإمارات التى تحتل إيران جزء عزيز من أراضيها وهى الجزر الثلاث ( طنب الكبرى وطنب الصغرى وجزيرة أبوموسى ) هذا النفوذ الإيرانى المسنود بتفوقها العسكرى الكاسح على كل دول الخليج مجتمعه كفل لها بإرتياح القيام بدور ( بلطجى ) الخليج العربى الذى تصر إيران على تسميته بالخليج الفارسى ، نفوذ إيران هذا يجعل ما بين تلك الدول الخليجيه وإيران ما صنع الحداد ، هذا هو المشجب أو الإطار الذى يحلوا للمراقبين وضع سوء العلاقه ووصولها للحد الأدنى ما بين السودان ودول الخيلج . هذا التحليل الكسول وهذه الفرضيه المعلبه والمفصله على المقاس تتجاهل الأسباب وتقفز الى النتائج ، هنا عن عمد أو جهل تفوت على أولئك المراقبين الأسباب الحقيقيه للمشكله أو يفضلون تجاهلها وهى الأسباب التى ضربت جذورها عميقاً فى العلاقه ما بين السودان ودول الخليج وعلى نحو بالغ السلبيه .... أصول الأزمه وأسباب القطيعه شبه الكامله تعود لسنة 1989 م وهو العام الذى وصل فيه ( أخوان ) السودان الى سدة السلطه وتربُع الجبهه القوميه الإسلاميه على قمة الهرم السياسى السودانى ، فى ذات العام كُللت فيه جهود الولايات المتحده الأمريكيه المتواصله بالنجاح وأجهزت فيه على دول المعسكر الشرقى ووأدت الإشتراكيه وشيعت الماركسيه المهدده للرأسماليه التى تمثل المنهج الغربى الأمريكى ومن ثم إلتفتت لمواجهة ما أسمته بالخطر الأخضر وهو الإسلام ، فما بالك بالإسلام السياسى ! يمكننا القول بإختصار بإنهيار الكتله الشرقيه والقضاء المبرم على الماركسيه نهضت دوله إسلاميه قويه صلبه فى عمق إفريقيا وفى خاصرة العالم العربى والشرق الأوسط ودول الخليج التى ترزح تحت نير حماية أمريكيه مكلفه وتدور فى فلك الولايات المتحده الإمريكيه محلقه من حولها بثمن باهظ كان لابد لها أن تطبق المنهج الأمريكى فى السودان وعلى السودان ، وردة الفعل كانت مباشره وواضحه للعيان ، بدأت معظم الدول الخليجيه وفى طليعتها دولة الإمارات العربيه المتحده فى إبعاد عشرات المئات من المواطنين السودانيين العاملين والمقيمين فى أراضيها . هذا أمر بالضروره معلوم ومعروف للقاصى والدانى ، وضحايا تطبيق تلك السياسات ما يزال عشرات المئات منهم على قيد الحياه ، ولأول مره يسمع أبناء السودان الذين تم إبعادهم من أراضى الإمارات دون أى ذنب أو جريره إرتكبوها بمصطلح الإبعاد لأسباب ( أمنيه ) !! أسباب أمنيه هذه تعنى إن لك صله ما ، أياً كانت حتى وإن تمثلت فى ( غرة ) السجود على جبينك . ما زاد الطين بِله ليس دخول القوات العراقيه للكويت وإحتلال أراضيه وتسميتها المحافظه ( 19 ) ... السودان لم يؤيد على الإطلاق الغزو العراقى للكويت ولا ينبغى له على الإطلاق ، الكويت أياديها بيضاء على كل العالم والعرب والسودان وحتى الإمارات ( المستشفى الكويتى ) على سبيل المثال ليس من شيم السودانيين حكومةً وشعباً التنكر للجميل ، السودان حتى لم يرفض التدخل الأمريكى فى الخليج العربى تحت ذريعة تحرير الكويت ، الحكومه السودانيه ( تحفظت * ) !! على ذلك ! هل عرفت الفرق ؟ وما كشف كل هذا الخنوع وأكد حقيقة تلك المؤامرات القذره التى كانت تعمد الى دق أسفين بين السودان وإخوانه دول الخليج هو السقوط المذل والمخزى للطاغيه العميل حسنى مبارك ! دول الخليج والعالم برمته يعرف ويعى هذه الحقيقه لكنه ولأنفس بعض الدول الأمارة بالسوء فضلوا وضع السودان فى إطار المؤيد للغزو العراقى على الكويت !! هذه الذريعه هى بالضبط ما كانت تنتظرها دول الخليج التى لم تلبث أن ختمت بالشمع الأحمر على علاقتها بالسودان وحكومة المشير عمر حسن البشير المتواجد الأن وللغرابه ( كحليف ) فى دولة الإمارات العربيه وشريك أساسى فى محور تحالف ( عاصفة الحزم ) بقيادة المملكه العربيه السعوديه ، السودان الذى صُف عمداً فى خانة ما أسماه العرب ( دول الضد ) وفى دوره تاريخيه لم تكتمل دائرتها الجهنميه يعد أضحى اليوم من دول الـ ( مع ) !! ما الذى تبدل ؟؟؟؟؟؟ سودان اليوم هو سودان 1989م و1990 م والإمارات العربيه المتحده هى الإمارات نفسها منذ تلك الحقبه أيضاً ، فما هو السبب الذى طرأ أو المستجدات التى أمكن للبلدين قراءتها على نحو إيجابى فجعلت من السودان ( ضد ) الأمس ، ( حليف ) اليوم ؟؟؟؟ الإجابه ببساطه هى ذهاب حسنى . ذهب حسنى السمسار الأممى الى مذبلة التاريخ ويرقد محتضراً الأن ينازع الروح فى أيامه الأخيره فتحررت دول الخليج من الاسر الفرعونى وكفت عن دفع الأتاوات وشراء المواقف وبيع التنازلات ، عقدين من الزمان والشقاق والفرقه والبغضاء مزروعه بين العرب الأشقاء ، إن أسلمنا جدلاً بالحقيقه العاريه هذه وإنكشاف غطاء عار التأمر العربى بعد ذهاب حسنى وبالأدله التوافره الأن بكثره والتى تعج بوثائقها الشبكه العنكبوتيه حرىٌ بنا القول إن عودة السودان لموضعه الطبيعى ومكانته بين أشقاءه العرب فى دول الخليج يعود الفضل فيها لله سبحانه وتعالى الذى كشف الزيف وأظهر الحق ولجلالة الملك المفدى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان عاهل المملكه العربيه السعوديه وأمير المؤمنين . الملك سلمان وليس أى شخص أخر على الإطلاق . الإحترام والحب والتقدير الذى يكنه جلالة الملك سلمان لأخيه الرئيس السودانى عمر حسن أحمد البشير ذلك الإحترام الذى لم يُحظى به أحد من قبل ويتجسد دائماً وأبداً فى الزيارات المتواصله للرئيس البشير الى أراضى المملكه العربيه السعوديه هو تقدير من رجل يعرف قدر الرجال . والرجال مواقف ، إحترام القياده السعوديه الأصيله للسودان وشعبه يتجلى فى إحترامها لقائده البشير ، لذلك فمكانة الملك سلمان فى قلب كل سودانى أصيل وشريف وفى سويداءه . العلاقات بين الدول تُبنى بالإحترام وليس بالإستثمار ، الحب والتقدير متى ما كان موفوراً بين الزعماء والرؤساء والشيوخ والملوك والأمراء كلما قرب بين الشعوب وحببهم لبعضهم البعض ، وإذا إنحصرت الزياره التاريخيه الثانيه هذه للرئيس البشير الى الإمارات فى مستوى القمه أى فى أعلى هرم السلطه فهى علاقه قصيرة الأجل لا فائده تُرجى منها ، ذات المكاسب التى حققتها وبضربة لازب حكومة أردوغان وحُظيت برضاء دول الإتحاد الأوربى وإنصبت فى صالح الشعب التركى نريد للعلاقه التى بدأت تتعافى الأن مع الإمارات وبقية دول الخليج تحقيق نفس المكاسب للشعبين .... الزياره الأولى التى أذنت بعودة العلاقات تدريجياً الى طبيعتها لم تحقق أى مكاسب للشعبين ، مغتربينا هناك فى الإمارات يعانون الأمرين سيدى الرئيس وسمو الشيخ محمد بن زايد أل نهيان نائب رئيس الدوله ورجل الإمارات القوى ، نلتمس من القيادتين وضع هذا الملف على صدارة أجندة التعاون المشترك بين الإمارات والسودان ، ففى تلك السنوات الكالحه العجاف وبسبب موقف الحكومه الإماراتيه من الحكومه السودانيه وتحت نير ولهيب النيران التى كان يشعلها مبارك بين البلدين دفع أهلنا المعتربين فى الإمارات الثمن باهظاً دون أى ذب إرتكبوه ، كل القوائم السوداء التى أدرجت فيها السلطات الإماراتيه الألوف المؤلفه من السودانيين كانت أسبابها واهيه للغايه وأتحدى أن تتم مراجعة تلك القوائم السوداء والحظر المفروض على بعض السودانيين من دخول أراضى الإمارات للأبد إن كان فيه مثقال ذره من المصداقيه أو الصِحه ! أتحدى أن تثبت السلطات الإماراتيه ذلك ، كان ومايزال السودانيين فى الإمارات ضحايا وكبش فداء لأى ربط إرهابى تريد أمريكا تحقيقه لكى تقذف به فى وجه العالم ومن ثم توجه ضربتها التى تريد . نعود لنؤكد إن السودان وشعبه كان ضحيه لأطماع قذره ولأن الإمبريالى والمسيحى المتطرف جورج بوش الإبن قالها بكل وضوح لإرهاب العالم ( من ليس معنا فهو ضدنا ) قُدم السودانيون فى دول كثيره من بينها الإمارات كقربان للأمريكان تحت ذريعة ( نحن معكم ) !! فى مكافحة الإرهاب وتنظيم القاعده !! إرهابى وعضو فى تنظيم القاعده المزعزم لسودانى لا يملك قوت يومه !! مالنا ومال قاعده ولاجن ، بن لادن ده بديرى ؟ ... عشان تقول لى القاعده ؟ ملف رد المظالم أهم من أى تحالف تكتيكى أو إستراتيجى ، فأى تحالفات أو عهود تقطعها الدوله على نفسها وتتعهد للإمارات بها وحيالها عمادها الشعب ، شعب البلدين ، والمخاطر القادمه أسوأ بأكثر مما يتخيل البعض ، لذلك وبعد كل تلك السنوات العجاف من القطيعه المتعمده التى لم تقتل السودان كما إن عودة العلاقات لا تحييه فالمحيي والمميت هو الله وإن كان البلدين حادبين على مصالحهما المشركه والدفاع عن وجودهم وكياناتهم فى المستقبل القريب يتوجب على الحكومتين البدايه بطريقه صحيحه ، فلدينا مثل عامى يقول ( تغطية النار بالعويش ما بتنفع ) هذا وبالله التوفيق . أحدث المقالات
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة