|
السودان بين البناء والتخريب..؟/الطيب الزين
|
أيهما أفضل، البناء، أما التخريب؟ قد يبدو مثل هذا السؤال بسيط ، والإجابة عليه أكثر بساطة، وفي مقدور حتى الذي لا يعرف مكان أسمه في شهادة ميلاده، أن يجيب بالطبع أن البناء هو الأفضل. لكن سيبدو صعباً وغير مقبول، وربما يرى فيه البعض وقاحة لا تُحتمل،إذا حددنا ماذا نعني بالبناء والتخريب، ومن هم الذين يقفون وراء التخريب، وطبيعة البيئة الإجتماعية والسياسية التي تزين لهم فعلهم التخريبي هذا، حتماً سيبدو مثل هذا السؤال صعباً وشائكاً وربما يتحول إلى قضية متفجرة تتخندق حولها الأطراف، وتتصارع الجماعات، وتتصادم الأراء، ويطلق البعض الإتهامات غير الموضوعية..! ولكن عندما تقل الحساسية الإجتماعية ذات الطابع الجهوي أو العنصري ، ويسمو الإنسان بفكره وإحساسه ويصحو ضميره، يصبح مثل هذا السؤال مشروعا، وذلك من أجل الوصول إلى إجابة، لا نقول مطلقة الصحة، لكنها موضوعية التوجه والإطار، أو تحاول أن تكون كذلك. والبناء الذي نعنيه هو بناء السودان سياسياً وإقتصادياً، وإجتماعياً. وهذا البناء بطبيعة الحال، له مقوماته وركائزه التي يقوم عليها، وأولى المقومات والركائز، هي إحترام حقوق الإنسان، وحريته، وضمان العدالة، والمشاركة العادلة، لكل أقاليم السوادن، بحسب نسبة السكان في كل إقليم. وهنا مربط الفرس، والذي منه ندلف إلى لب سؤالنا الذي عنونا به هذا المقال، ونسأل، في أي طريق سار ويسر السودان..؟ في طريق البناء، أم في طريق التخريب..؟ وهل حصاد تجربة الحكم "الوطني" التي تجاوزت النصف قرن تشهد أن حقوق الإنسان قد إحترمت..؟ أو حريته قد كفلت..؟ أو العدالة طبقت..؟ أو المشاركة العادلة لإقاليم السودان قد تحققت..؟ حتماً شيئاً من هذا لم يتحقق ولن يتحقق برغم شعارات الوطن والدين المرفوعة..! وربما لا نأتي بجديد إن قلنا لهذا السبب إنفصل الجنوب. وحتماً لو خيرت أقاليم السودان الأخرى بين الوحدة والإنفصال، ستختار الإنفصال كما أختاره الجنوب، والنتيجة ستكون الخراب والدمار، لذلك يتساءل المرء إلى متى يظل السودان يسير في طريق التخريب والدمار هذا..؟ لذا لابد من صحوة ضمير شاملة تجعلنا ننتبه للخطر الداهم الذي ينتظرنا إذا ما ظللنا سادرين، وسادين دي طينة والأخرى بعجينة، هذا الحال لم يعد مقبولاً، ولابد من وضع حد لهذا العبث والتخريب، ولعلنا نستبشر خيراً بالاخبار التي تقول: أن هناك إتصالات تمت أو ستتم بين موسى هلال ومني أركو مناوي، أو قادة الجبهة الثورية عموماً، وهذا إن حدث يعتبر تطوراً مرغوباً ومطلوباً، حتماً سيغير المعادلة الأمنية لتصبح في صالح قوى الثورة والهامش، لأن إنخراط موسى هلال في الثورة سيدفع بقية القبائل العربية في كل من دارفور وكردفان والإقليم الاوسط والشرق للإنخراط في صفوف الثورة للقضاء على نظام الإستبداد والطغيان والفساد والظلم الممارس باسم الدين، هذا النظام المنافق الذي يدعي الشرعية وهو فاقد لها، لابد من إزالته سواء بثورة شعبية أو بأي وسيلة أخرى تعيد للشعب حريته التي صادرها، وثرواته التي بددها، وللوطن لحمته ووحدته التي عبث بها، فيها أيها الشرفاء في أرجاء الوطن، إنتبهوا للخطر المحدق بالوطن، وشد الحيل، واسرجوا للثورة جيادها للقضاء على هذا النظام الذي خرب الوطن، لنبني مكانه نظام سياسي وطني نابع من إرادة الشعب، ليحقق الإستقرار السياسي المفقود، الذي تحقق من خلاله المكتسبات. والمكتسبات قد تكون قليلة وضيئلة في فترة ما، لكنها مع الإستقرار تزداد وتنمو، وبدونه لا تكون على الإطلاق، مهما كانت الشعارات كبيرة. الإستقرار ليس هو الجمود، كما يتبادر إلى ذهن البعض، بل هو القدرة على الموازنة بين الثوابت والمتغيرات، والقدرة على تحقيق الحد المعقول من الحياة الإنسانية في المجتمع، في ظل إستراتيجية واضحة المعالم، وواضحة الأهداف ومن خلال هذه الإستراتجية نضع حداً لطريق الفشل، وننطلق في طريق البناء والشموخ. الطيب الزين
|
|
|
|
|
|