كثيرون هم الذين لا يؤدون الصلاة وأكثرهم يبدي ندامته وحسرته ويسأل الله تعالى أن يهديه ويوفقه لأداء أعظم واجبات الدين وأقومها وهو فرض الصلاة الذي من أقامه فقد أقام الدين ومن هدمه فقد هدم الدين. وأقل القليل من أبناء المسلمين من يهملون الصلاة ولا يشعرون بسبب استهتارهم وموات قلوبهم بالجرم الذي يقترفون. وأقل من هؤلاء وهم في حكم النادر من يدعون أنهم صالحون في قرارة أنفسهم لا يحتاجون إلى إصلاح وقويمون لا يحتاجون إلى تقويم وأنهم لهذا السبب لا يؤدون فرض الصلاة لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر وهم لا يأتونهما. وأقل من هؤلاء وأعجب منهم في الدعوى من يقول إنه لا يصلي ولا يصوم ولا يزكي ولا يحج ولكنه يدعو الناس إلى الصلاة. وأعجب من ذلك أنه يوبخ الناس ويقول لهم: صلوا فإنكم لا تصلون. ويعمل في نشرة له عنوانها (تعلموا كيف تصلون) على إرشادهم كيف يصلون. ولإثبات أن هذا الشخص المتجرئ لا يصلي فقد عثرنا على بضع شهادات تثبت أنه لا يصلي وأن أتباعه يستهترون بفرض الصلاة. وسنستعرض هذه الشهادات تباعا إن شاء الله تعالى بادئيها بشهادة الشيخ عبد الجبار المبارك رحمه الله. فماذا قال الشيخ المبارك؟ في مشهد أشبه بالمشاهد الكوميدية حكى هذا الشيخ الحكاية الغريبة التالية:" في يوم من أيام جمادي الآخر من عام 1393هـ يوافق 10/7/1973م زارنا في مدينة طابت الشيخ عبد المحمود جماعة تدعو للفكر الجمهوري، وقد كان أميرهم فيما يبدو الأستاذ عصام عبد الرحمن. ولم أعلم بحضورهم لطابت إلا قرب آذان المغرب، حيث ذهبت إلى المسجد، وبعد صلاة المغرب انتصب الأستاذ عصام واقفا، وأخبر المصلين أنهم من أتباع الأستاذ محمود، ثم أخذ يحدثنا عن فقه الصلاة، وكيفية قيامها وركوعها وسجودها والجلوس فيها، وقد ركز كثيرا على الجلسة بين السجدتين، باعتبار أنها الحركة السابعة التي أضاعها الناس! ثم دلف الى حديث عن الليل وقيامه وأهميته ونتائجه، يضرب بذلك على وتر حساس في قلوب المصلين، مما جعلهم يستحسنون كلامه، وقد كنت أعتقد أن الأستاذ يقدم لما يريد قوله فعلا، لأنه وإلى تلك اللحظة لم يتكلم فيما جاء من أجله، ولكن اعتقادي في مقدمة الأستاذ عصام قد تحول إلى يقين دفعني إلى الشك فيما يقول، لأنه قد اكتفى بذلك الكلام الذي خاطب به عواطف قومٍ لهم في الليل: راحة، وسكن، وسمو، وإشراق، وقيام تعهدوه قبل إن يولد الأستاذ محمود محمد طه. ولكي تبدو الأشياء على ما هي عليه، ولكي يعرف الناس من هم الجمهوريون، استأذنت من الأستاذ عصام لكي أعقب على كلمته، فكان أن بينت للمصلين أن الأخ المتحدث، والذي لم أكن أعرف اسمه جيدا ليلتها، لم يحدثكم كما يجب أن يحدثكم لأنه قد صبَّ كلامه على مفاهيم لا يختلف فيها إنسان مع آخر. وإني أرجو من المتحدث أن يكملنا عن الرسالة الثانية في الإسلام، وأن يحيط الناس علما بمعنى صلاة الأصالة وصلاة التقليد، وأن يتحدث إليهم عن الزكاة ذات المقادير وكونها ليست أصلا في الاسلام، وعن أصول القرآن وفروعه، وعن الإخوان الأصحاب، وعن أمة المؤمنين وأمة المسلمين، وأخيرا عن تفسير قوله... إن الدين في مرحلة العقيدة يفرق الناس ولا يجمعهم وإنما يتم له ذلك في مرحلة العلم التي يدعو لها. فما كان من الأستاذ عصام إلا ان أبدى اعتذاره وتذرع بارتبطات واعتذر بمواعيد، مع قوله إن الزمن الآن ضيق لا يسمح، فأكدت له أمام كل الحاضرين الدعوة بأن يقيم في مساء الغد محاضرة في رحبة هذا المسجد، أو في أي مكان في طابت، وقد التزمت له من جانبي بكل التسهيلات، وتعهدت له بتوفير كل الامكانات من ميكروفونات وكراسي وإعلان، وذلك مقابل أن يسمع مواطني طابت وأنا أحدهم صوت الرسالة الثانية من الإسلام، التي جاء منذرا ومبشرا بها من قبل الأستاذ محمود محمد طه، وليسمع منهم رأيهم صريحا في هذه الرسالة... فكرر الأستاذ عصام عذره، ولكنه وعد بأنه سيأتي في آخر طوافه... فرضيت منه بهذا الوعد، وذهبت بالإخوة الضيوف إلى المنزل بعد ان أدينا صلاة العشاء، وهنالك تعشينا معا ودخلت معهم في حوار يشتد حينا ويلين حينا، ثم استأذنت منهم على أن نلتقي غدا بإذن الله. وعند آذن الفجر ذهبت إلى حيث هم، لأصحبهم إلى المسجد لأداء الصلاة، فاذا بهم يغطون في نوم عميق، فلم أحرك ساكنا، وتركتهم على ما هم فيه، وذهبت للمسجد حيث صلينا ومكثنا في المسجد إلى قرب طلوع الشمس، ومن ثم قفلت راجعا إلى المنزل، فإذا بي أجد الأستاذ عصام قد استيقظ وأمسك مسواكه بيده، والبقية ما زالوا نائمين. وبعد طلوع الشمس بقليل استيقظت بقية الجماعة، وفيهم عبد الرحيم هلاوي، وعلى أبو كليوة، وأخذوا يستاكون، بينما أخذ الأستاذ عصام يتوضأ لصلاة الفجر! وعندما دخل علينا أحد المصلين وتوجه بسؤال للأستاذ عصام وللمجموعة لماذا لم تأتوا لصلاة الفجر وبينكم وبين المسجد 15 مترا؟ ثم أين الليل الذي كنتم تتحدثون عنه البارحة، إنتو قايلينو كلام وليدات ساكت، وكيف تقولوا كلاما ما بتسووا؟! ثم التفت إلي جهتي وقال لي: الجماعة ديل ما بقروا القران ما سمعوا كلام الله:(أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ). فقلت له معتذرا لهم: الجماعة ديل جو تعبانين والبارح ساهروا كتير عشان كده ما قدروا قاموا. والجماعة مطرقون لا ينبسون ببنت شفة، فلم يقبل هذا الاعتذار، وقد بدا ذلك في قوله وهو يغادر المنزل:" طيب وكت ما بقدرو، ساهرو مالن، مالن ومال قيام الليل واللا هم بقصدوا قيام النهار؟! على كل أحضرت الشاي وشربناه ثم ذهبت معهم لزيارة بعض الأعمام، وبعدها توجهت معهم لموقف العربات حيث استقلوا عربة إلى الحصاحيصا، وهنالك ذكَرت الأستاذ وعده بالمجئ... وأخبرته بأنني سوف أسافر... إلى بخت الرضا... ولكن نسبة للمحاضرة سأتاخر لأكون في انتظارهم. فأكد لي أنه سيحضر وفي حالة عدم حضوره لأي سبب قاهر فإنه سيخبر الأخ إبراهيم محمد مكي بالحصاحيصا ليتصل بي في طابت ليخبرني، وافترقنا على ذلك. ومنذ تلك اللحظة لم أر عصاما ولم أسمع عنه خبرا إلا يوم ليلة عبور الأستاذ محمود محمد طه إلى جامعة أم درمان الإسلامية متحدثا عن التنمية الاجتماعية، وأنا أتسأل وما زلت عن سنة المعصوم صلى الله عليه وسلم التي يقول الأستاذ محمود محمد طه إن أبناءه الجمهوريين يعملون على إحيائها؛ هل كان من سنته خلف الوعد أم كان من سنته صلاة الفجر ضحى"؟!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة