منذ ان خرجنا للدنيا رأينا المرأة السودانية التي تعمل في مختلف الوظائف ، وكذلك في المناسبات الرسمية ، ترتدي التوب الابيض الناصع الانيق ، ولم نشاهد واحدة تشذ عن هذه القاعدة ، حتى المذيعات في التلفزيون مثل غيرهن يرتدين التوب الابيض . وقد ارسل لي احد الاصدقاء صورة يعود تاريخها لأكثر من خمسين عاما تجمع بين الراحل الرئيس ابراهيم عبود ونظيره الامريكي جون كندي وزوجتيهما ، وقد ظهر حرم فخامة الرئيس السوداني مع اجمل سيدة أولى في تاريخ البيت الابيض جاكلين كندي ، وهي ترتدي التوب الابيض ، وكانت في قمة الاناقة. وكان بامكانها ان ترتدي اي توب آخر مهما كان سعره ، وبأي لون تريد الا انها التزمت مثل غيرها حتى لو كانت حرم رئيس الجمهورية. وقد اصبحنا نرى سيداتنا وخاصة في القنوات التلفزيونية يرتدين تياب مزركشة وترقش بشكل ، اصبحن لانعرف من هن ، اذا كن هنديات او سريلانكيات أو حتى من الشرق الاقصى أو نيبال . هذه التياب المزركشة يمكنهن ارتدائها في الحفلات والمناسبات الخاصة ، لكن في التلفزيون لا والف لا. نرجو منكن ارتداء التوب الابيض ، ويمكن أن تضاف اليه بعض الاكسسوارات او التزيينات مع الموضة ، لكن هذه التياب المزركشة في التلفزيون يجب ان تختفي . لأننا لسنا في سهرات خاصة. ويجب أن نحترم ذوق المشاهد ، بدلا من زغللة عيون المشاهد المسكين. عندما كنا ندرس في جامعة امدرمان الاسلامية كان عميد الكلية البروفيسور حسن الفاتح غريب الله ، كان يرتدي عمامة وجلابية بيضاء تماما دون أي إكسسوارات والوان وكان قمة الاناقة ، وقتها كان هناك تبادل بين الجامعة وجامعة بغداد حيث كان يأتي بعض الدكاترة في الصحافة والاعلام من جامعة بغداد كأساتذة زائرين ، واذكر بينهم الدكتور سنان سعيد الموسوعة الذي كان ملما بكل شيء اكثر شيء لفت نظره اعتزازنا بالزي السوداني الابيض الانيق عندما اتى احد الزملاء في القاعة بجلابية وعمة بيضاء تماما ، ليس به طاقية بنغالية او عمامة فيها مائة لون ولون مثل راشد دياب. وقام الدكتور بالتقاط عدة صور للزميل ، حتى يأخذها معه إلى بلد كتذكار. وهذه الثياب وما هي الا مسخ للساريه الهندي ، فلا هو توب ولا ساريه هندي. حاجة كدة في النص مثل عروس المولد . ارحموا عيوننا من هذه الالوان ، ارحمونا وارحموا غيرنا. وقد حكى الاستاذ الراحل سيد احمد الحردلو – رحمه الله- ، في مرة قرأت له مقالا في احد الصحف منذ فترة طويلة ، قال في مطار الخرطوم خلال الخمسينات والستينات يوجد موظف يقف خلف ضابط الجوازات بهدف مراجعة ما يرتديه اي سوداني يغادر البلاد ، فيقوم بارجاع اي شخص يرتدي ملابس "مشاترة " وتخدش الذوق العام. مهما كانت اوراقه مكتملة للمغادرة. لكن في الوقت الحاضر لايوجد هذا الشخص مما جعلنا نركب الطائرة ة ونرتدي ملابس ما انزل الله بها من سلطان. كافة شعوب العالم تعتز بزيها القومي وموروثاتها الوطنية في شتى مناحي الحياة ، اتذكر عندما منعت السلطات الفرنسية ارتداء الازياء التي لها علاقها بالاديان مثل الحجاب والصليب والطاقية اليهودية وغيرها من الرموز الدينية حيث كان للسيخ وقفة قوية ضد ذلك الامر. فيجب علينا ان نقف وقفة قوية ضد تشويه التوب السوداني الانيق الجميل وضد تشوية الجلابية والعمامة السودانية . يجب على السلطات ان تسن مايكفي من القوانين واللوائح التي تحمي كافة الموروثات التراثية والقومية ومنع الاعتداء عليها مع اتاحة الفرصة للتطوير والتحديث دون التأثير على الاساسيات.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة