لم يكن من المعتاد أن يزور الرئيس ترامب مجلس النواب.. لكن حدث ذلك في الأسبوع المنصرم حيث جاء الرئيس برفقة زعيم الأغلبية بول ريان.. حاول الرئيس حشد النواب حول فكرة إلغاء برنامج الضمان الاجتماعي المسمى بـ(أوباما كير).. في يوم الاقتراع وبعد إجراء حسابات خارجية قرَّر البيت الأبيض سحب التشريع الجديد مخافة السقوط المريع.. بول ريان صرح: "علينا أن نتعايش مع أوباما كير لبعض الوقت".. الرئيس ترامب لم يهاجم نواب حزبه الذين خذلوه في أول نزال برلماني.. لم يتعجب للخسارة وحزبه يملك الأغلبية في البيوت الثلاثة.. من البيت الأبيض إلى مجلسي النواب والشيوخ. أمس الأول خاطب نائب الرئيس حسبو عبد الرحمن حشداً من عضوية الحزب الحاكم في مدينة بورتسودان.. قال معالي النائب: "عاوزين عضوية منضبطة والما عاجبو شغل الحزب الباب يفوت جمل".. في البداية ظننت أن خطاب السيد حسبو الجاف جداً متأثراً بمعارك "ذات الكراسي" التي دارت في بعض محليات البحر الأحمر أثناء المؤتمرات التنشيطية.. لكن التوغُّل مع رؤية معالي النائب يُثير بعض التعجب حيث يرى الرجل أن كثرة العضوية دون ضبطها تمثل مهدداً للحزب الذي يحكم لمدة تقترب من الثلاثة عقود. ذات رؤية حسبو عضدها أمين التنظيم فيصل إبراهيم الذي كان يتحدث في منشط مماثل بالنيل الأبيض، موضحاً أن حزبه حزب كبير لا يقبل الهرجلة والتفلُّت. لكن في الناحية الأخرى وفي ذات المؤتمر التنشيطي بالبحر الأحمر كان النائب الأول السابق يتحدث بشكل مغاير وفيه كثير من اللطف.. الأستاذ علي عثمان دعا إلى إعادة بناء الحزب من الداخل بالقدر الذي يقلِّص هامش المتفرجين والجالسين بالأرصفة.. مصطلح الجالسين على الأرصفة يُشير إلى شخصيات اختارت الرصيف بمحض إرادتها أو احتجاجاً على كثير من السياسات أو أخرى أحيلت إلى التقاعد على حين غِرّة كما في حالة الشيخ نفسه وبعض رموز الحرس القديم. الراجح عندي أن الموقف الجديد للشيخ علي عثمان والذي فيه رجاحة منطق مرتبط بموقع الرجل من السلطة.. بمعنى حينما كان بين يديه (الكرباج) لم يستخدم هذه الحكمة.. في أيامه تم طرد أمين بناني من الحزب مقروناً بتصريح من الشيخ علي عثمان الذي قال وقتذاك: "لن نسمح بقذف الحزب من خارج الأسوار". بل إن أكبر عملية تطهير حزبي تمت في الحزب الحاكم بالطرد الجماعي لمجموعة الإصلاح الآن التي يتزعمها غازي صلاح الدين حدثت وعلي عثمان نافذ في كابينة القيادة المحدودة العضوية. في تقديري.. أن الحزب الحاكم يرتكب خطأ منهجياً إن أصر على ارتداء كل العضوية لنظارات بمقاس واحد.. من المهم جداً أن تتباين الرؤى داخل كل الأحزاب السياسية.. تباين الآراء يفرز تيارات تنتهي إلى بروز قيادات جديدة.. أقرب إلى ذلك ما حدث في المؤتمر الشعبي، كانت هنالك آراء متباينة خرجت عنها عدد من المذكرات.. في النهاية تم الاحتشاد حول رؤية جديدة يمثلها أمين عام جديد. كبْت اختلاف وجهات النظر واعتبارها كفراً سياسياً يؤدي لاحقاً إلى الانفجار.. كما أن هنالك أشكالاً مفاهيمية تحتاج إلى التصويب.. أي حزب سياسي يحتاج إلى مؤيدين أكثر من ناشطين يوالونه في المنشط والمكره.. هذا المفهوم يجعل أسوار أي حزب منخفضة جداً بحيث تسمح بسهولة الخروج والدخول.. هذا الانسياب يسمح بخروج النائب حسبو من الوطني دون أي إحساس بارتكاب خطيئة سياسية تماثل الخروج على الملة. بصراحة.. تحتاج كل أحزابنا إلى تمتين البناء الديمقراطي.. كل الانشقاقات التي ضربت أحزابنا سببها عدم وجود غرف جانبية للتنفيس والتعبير عن اختلاف الرأي و الرؤية . assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة