|
الاسلام و القتال – بقلم الاستاذ نوري حمدون – السودان – الابيض
|
= الاصل في الاسلام هو السلام . و أصل معنى الجهاد هو بذل الغالي و النفيس من الافعال و الاقوال و المهج في سبيل نصرة الاسلام و الدفاع عنه . و الاصل في القتال في الاسلام ان يكون ردا للعدوان و دفاعا عن النفس . كما ان أصل العلاقة بين المسلمين و غير المسلمين انها تقوم على الرحمة و العدل و تكريم الانسانية و احترام خيارات الآخر المختلف . = الا ان الاحباب في المدرسة السلفية يعتقدون ان الاصل في الاسلام هو القتال لفرض كلمة الله على غير المسلمين الذين يسمونهم المشركين و الكفار و أهل الكتاب و المنافقين . و يرون ان المسلم يجب ان يكن العداوة و البغضاء لهذه الفئات من البشر فقط لانهم غير مسلمين . و الاحباب في المدرسة السلفية يستشهدون بالعديد من النصوص القرآنية و الحديثية على تلك الدعاوى . الا اننا قطعا لسنا معهم في تلك الصورة التي رسموها للاسلام . = الذي اوصل السلفيين لفكرة وجوب بغض و معاداة غير المسلمين هو الفهم غير السليم للنصوص التي ورد فيها الحديث عن البغضاء و العداوة . البغضاء و العداوة التي تتحدث عنها النصوص يجب ان ينظر اليها مع خلفيتها التاريخية . ان السياق التاريخي يحدثنا عن العداء الذي ناصبه المشركون في مكة للنبي و صحابته حين منعوهم من الدعوة و آذوهم و اخرجوهم من ديارهم بمكة الى الحبشة و الى يثرب و من ورائهم اغتصبوا اموالهم و ممتلكاتهم . ثم تابعوهم في يثرب و تآمرو على قتلهم مع بعض أهل الكتاب و بعض الكفار من القبائل الأخرى . و سيكون من غير الطبيعي ان يستكين المسلمون لهذه العداوة و لا ينهضوا لرد العدوان و هو من الحقوق الطبيعية للانسان انى وجد . و سيكون من الطبيعي و قد اندلعت الحرب بين المسلمين و المشركين و أعوانهم من الكفار و اهل الكتاب و المنافقين أن يلتزم المسلمون المقاتلون بالبراء من اولئك المقاتلين و ان يكفوا عن موالاتهم حتى لو كان البعض منهم من الاصدقاء او العشيرة او الاهل .. و ان يطبقوا فيهم ليس فقط الاستسلام و بذل الجزية و انما ايضا الاسترقاق و القتل . فنظرية الولاء و البراء كانت نتيجة للعداوة و البغضاء المفروضة على المسلمين . و كانت العداوة و البغضاء نتيجة طبيعية للقتال الذي بدأه المشركون و حلفاؤهم . و نرى فيما نري انه ما ان تضع الحرب اوزارها حتى تعود الحياة الى سيرتها الاصلية فيمارس المسلمون طقوس الرحمة و العدل و السلام تجاه الناس كلهم لان الاسلام قد جاء هدى و موعظة و رحمة و عدل و محبة و سلام للناس كلهم . ان وجود آيات القتال و وجود الدعوة للبغضاء و العداوة و الحث على البراء من الكفار اذا ما فهمت في سياقها التاريخي الذي اشرنا اليه لاستغنينا عن هذا الجدل الذي وقف فيه الاحباب في المدرسة السلفية موقفا متشددا لصالح قتال الكفار ابتداء و انى ثقفهم المسلم لمجرد انهم كفار و .. وقفنا فيه نحن في مدرسة الاسلام الحداثي ضد قتال الكفار بهذا الكيفية التي تنافي حقوق الانسان و تجافي في الوقت نفسه دلالات النصوص التأسيسة في القرآن او السنة . = يقول الله تعالى : ((وقاتلوا في سبيل الله الّذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إنَّ الله لا يحب المعتدين)) = الآية ذكرت بوضوح ان سبب القتال هو الاعتداء = ((وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربَّنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياًَ ونصيرا)) = أضافت الآية سببا آخر لقتال الكفار هو استضعافهم للرجال و النساء و الاطفال = ((أُذِن للّذين يُقتَلون بأنهم ظُلِموا وإنَّ الله على نصرهم لقدير، الذين أُخرِجوا من ديارهم بغير حق إلاّ أن يقولوا ربُّنا الله)) = و الاعتداء عبارة عن اخراج المؤمنين من ديارهم بغير حق = ((كُتب القتال وهو كره لكم)) = و اوضحت الآية ان القتال تنفر منه الفطرة الانسانية ,, و بالتالي ليس هو مراد الاسلام بالاصالة = ((وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أنَّ الله بريء من المشركين ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم وإنْ تولَّيتم فاعلموا أَنَّكم غيرُ مُعجزي الله وبشِّر الذين كفروا بعذاب أليم ، إلاّ الّذين عاهدتم من المشركين ثمَّ لم ينقصوكم شيئاً ولم يُظاهروا عليكم أحداً فأَتمُّوا إليهم عهدهم إلى مدَّتهم إنَّ الله يحب المتقين)) = و يتضح بجلاء ان القتال انما يتوجه الى طائفة من المشركين نقضت العهد مع المؤمنين .. و أكدت الاية ان هناك طائفة أخرى من المشركين لا يشملها القتال لانها لم تنقض العهد .. و اوضحت الآية ان البراءة انما هي من المعتدين الناقضين للعهد = ((وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة)) = و بحسب التفاسير فان كلمة (كافة) معناها متوحدين و متفقين = ((فلا عدوان إلاّ على الظالمين)) = تبين الآية ان الاصل هو عدم العدوان .. و تكرر ان المؤمنين سيقومون بقتال اولئك المعتدين فقط و ليس كل المشركين لان بعضهم لم يظلم و لم ينقض العهد كما ذكرنا . = يستشف من تلك الآيات ان الكثير من القرآن كان خطابا متوجها الى الناس في زمن النبي (ص) و صحابته الكرام . و شاءت الاقدار ان يكون ذلك الزمن مشبعا بالعداوة و البغضاء و مشحونا بالمعارك القتالية حتى وفاة الرسول (ص) . لقد ظهر الاسلام و نما و ترعرع في اتون حروب مستعرة يأخذ بعضها بتلابيب بعض . و كان من الطبيعي ان يكثر الحديث عن القتال و الجهاد و النفرة في سبيل الله . و هذه المفردات جميعها تشير الى الجهد الكبير الذي بذله الرسول (ص) من اجل غرس دعائم حق التعبير و حق الاعتقاد في فترة مبكرة جدا من تاريخ البشرية . و كان المفروض ان نفهم سور القتال و آيات الجهاد على هذا النحو الايجابي بدل ان ننجرف مع النظرة الخاطئة التي قررت ان الاسلام انما بني على القتال و ان الرسول (ص) انما جعل رزقه تحت رمحه . و بسبب سيادة هذا الفهم الخاطئ تقرر ان المسلم الحقيقي في نظر السلفيين هو الذي يكن العداوة و البغضاء للكفار و المشركين و أهل الكتاب حتى يؤمنوا . و تقرر ايضا عند السلفيين ان هذا الامر كما ساد و تحقق في عصر النبوة فلا شك انه هو الذي يجب ان يسود و يتحقق في الزمان الحاضر و الزمان المستقبل و في كل زمان . و كما صار الاسلام صالحا لكل زمان و مكان يري الاحباب في المدرسة السلفية ان مصطلح الكفار و المشركين و أهل الكتاب قد صار هو الاخر صالحا لكل زمان و مكان . و كان من الطبيعي بعد كل هذا التأصيل الخاطئ للكراهية و العنف و بسبب الدعم المستمر من الاحباب في المدرسة السلفية ان يصير الاسلام بهذا الشكل العدو الاول للبشرية . و انزوى الفهم الصحيح للاسلام الى الخلف و الاطراف و الزوايا و الى الردهات المظلمة التي لا يرتادها عوام الناس .. ذلك الفهم الذي نرى فيه ان الاسلام هو دين الرحمة و المحبة و العدل و السلام . =========================================== الاسلام و القتال – بقلم / الاستاذ/ نوري حمدون – السودان – الابيض – ======================================================
مكتبة فيصل الدابي المحامي
مكتبة الطاهر ساتي مكتبة د.عبد الله علي ابراهيم الحزب الإشتراكي الديمقراطي الوحدوي (حشد الوحدوي) ينعى سعودي دراج تشييع مهيب لسعودي دراج وبكي الرجال والنساء ( صور ) وداعا المناضل الجسور سعودي دراج الجبهة السودانية للتغيير تنعي المناضل العمالي سعودي دراج
|
|
|
|
|
|