بعد أن سادت روح الصفاء بين الوطني والشعبي طرح مسؤول كبير في الشعبي سؤالاً مباغتا على أخيه في الله.. السؤال كان عن سبب التلكؤ في إجازة الحريات تحت قبة البرلمان..وحينما لم يجد الشيخ الشعبي إجابة واضحة، دفع بسؤال آخر عن سبب تأييد الحزب الحاكم لذات التعديلات في منضدة الحوار الوطني..الإجابة انسابت على لسان المسؤول الوطني" والله خفناكم تنسحبوا من الحوار"..تلك أيضاً كانت نصف إجابة على سؤال محوري. أمس الأول صوب الدكتور علي الحاج انتقادات حادة لرئيس البرلمان الدكتور إبراهيم أحمد عمر حول دوره السالب في إجازة التعديلات الدستورية أمام البرلمان..استغرب شيخ علي أن تصدر تلك المواقف من أخ مسلم مثل إبراهيم وعرّض بالمايويين والمايويات دون أن يذكر اسم الدكتورة بدرية سليمان.. البداية، منذ متى كانت الرابطة الإخوانية في السودان تتطابق مع احترام حقوق الإنسان أو الدفاع عن الحريات ..الذين صنعوا انقلاب الإنقاذ كانوا بعضاً من إخوة علي الحاج..والذين أسسوا بيوت الاشباح كانوا من الذين يصلون الفجر ويرتلون القرآن ترتيلا ..بل منهم من كان يظن في تلك الأعمال المجافية لأبسط المعايير الإنسانية مجالاً للتقرب من الله زلفى. نعود للنصف الآخر من إجابة المسؤول الوطني جداً المذكورة في صدارة هذا المقال..حينما ابتدر الحزب الحاكم الحوار الوطني كان يظن أن المشروع سيجد إجماعاً أوسع..بشريات الإجماع جعلت الجلسة الافتتاحية محضورة جداً..كان هنالك الإمام الصادق المهدي والشيخ الترابي والدكتور غازي صلاح الدين..لم يتخلف إلا اليسار السوداني العريض ومعظم الحركات المسلحة ..لكن في الجلسات الختامية مرت مياه كثيرة تحت الجسر..غاب الإمام ومات الشيخ وتردد غازي العتباني ..هنا أدرك المؤتمر الوطني أن ثمن الحوار يجب ألا يكون مكلفاً..كل من ينال بعضاً من الكيكة عليه أن يكون سعيداً جداً. لا اتفق مع الأصوات التي تلوم البرلمان أو تسدد اللكمات لرئيسه إبراهيم وشيخته بدرية.. الحوار الوطني وافق على أن تقوم مؤسسات الإنقاذ الحالية بإجازة هذه التعديلات ..ربما افترض من باب حسن النية أن هذه المؤسسات ستكتفي بممارسة فضيلة البصمة والبسمة..لم تنتبه المعارضة وعلى رأسها الشعبي أن الحزب الحاكم احتفظ بأغلبية تقارب الثلثين في البرلمان..في ذات الاتجاه امتنع الحزب الحاكم عن إفساح المجال للمعارضة في المؤسسات الحساسة من رئاسة الجمهورية حتى حكام الولايات وكل المعتمدين. في تقديري أن لوم البرلمان في شأن التعديلات الدستورية، محاولة لصرف الأنظار عن حقيقة الأزمة..بالذات إذا ارتبط الأمر بامتداح أدوار رئيس الجمهورية في الحوار الوطني.. بإمكان الرئيس أن يعدل موقف البرلمان عبر رد مشاريع التعديلات الدستورية للمشرعين مرة أخرى..بل إن مجرد استخدام الرئيس للنظر كان بامكانه أن يصوب مسيرة الحوار الوطني دون الحاجة للعين الحمراء. بصراحة..كل ما يحدث في الحزب الحاكم تجاه الحريات موقف متفق عليه..عزز من هذا الموقف المتجاهل لأبجديات التسوية السياسية القائمة على التنازلات تدافع الأحزاب بالمناكب والأقدام نحو مائدة السلطة. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة