نعم يجب أن نُقر أن النشر الحُر و المفتوح الذي أصبح متاحاً بلا ضوابط ولا كوابح يمكن أن يُشكِّل أضراراً قد تمس الأشخاص وكذلك المصلحة العامة ، لكن من منظور واقعي وطبيعي يجب أن تعترف الحكومة بأن ما يُثار عبر وسائط النشر الإلكتروني المزدحمة بالمتلقين ، له تأثيراته الفعَّالة على سائر الأحوال وفي شتى الإتجاهات خصوصاً السياسية والإجتماعية والإقتصادية ، هذا الإعتراف يفرض على حكومة المؤتمر الوطني التي بحكم وجودها داخل ظلامية ما تفرضة سمات الأنظمة الشمولية ، أن تفتح نافذة و لو مواربة من الشفافية تجاه ما يحدث من ظواهر و طواريء تمس المجتمع ، بل في بعض الأحيان قد يصل الأمر لأن تكون متعلَّقة بصحته وحياته ، أن يعلم السيد وزير الصحة الإتحادي أن هناك لغطاً يدور حول إستشراء لوباء الكوليرا والذي أصبح يُطلق عليه مؤخراً الإسهال المائي ( كإسم دلع ) جديد ، ثم تتوالى الأخبار عن أعداد من الوفيات في ولايات و مدن متعددة من بينها الخرطوم ، فضلاً عن العدد المتزايد بصورة تثير الهلع يوماً بعد يوم ، ثم لا يدعو أجهزة الإعلام لمؤتمر صحفي أو حتى لا يقوم بتصريح منفرد يبيِّن فيه حقيقة ما يجري على ساحة مجريات ما يتم نشره بالصور في الفيس بوك وتويتر و الواتساب ، فإن كان هذا الوباء قد إنتشر بالفعل بحسب الأخبار التي ترد و وزارة الصحة ( تصهيِّن ) عن الإدلاء بمعلومة أوتقديم إرشادات ونصائح فتلك مصيبة كبرى ويتراءى فيها من جديد التمادي و الإصرار من قبل حكومتنا في إسترخاص حياة الناس والتلاعب بأعز ما يملكون وآخر ما تبقى في حوزتهم من متاع الدنيا المتمثل في عافيتهم وصحتهم ، أما المصيبة التي ما بعدها مصيبة أن يكون جُل الأمر إشاعة مغرضة أو معلومات غير دقيقة يبثها بعض ضعاف النفوس والذين لا يستبينون ببعد النظر عواقب مثل هذا الإشاعات ، ولا ينبري مسئول من وزارة الصحة ليكذِّب أو يُصحح تلك المعلومات ، وفي ذلك عدم إكتراث وإحترام للحالة النفسية للإنسان السوداني المطحون بالمرارات ، فترك مثل تلك الأخبار بلا إدارة ولا تخطيط ، يعمل على زعزعة الأمن الإجتماعي و يخلق حالة من التوتر العام ، هذا إن كان الأمر إشاعة ، أما إذا كان أمر الإسهال المائي فعلاً بحجمه الذي يتداوله الناشطون من الناشرين في وسائط البث الإلكتروني ، ( فالطناش ) فيه لا يمكن أن يُفسَّر بغير أن الإنسان السوداني لا يسوى شيئ عند أولياء أمره ، و سينطبق على أهل السلطة الباذخة بالجاه و السلطان المثل السوداني القائل ( جلداً ما جلدك جُر فيهو الشوك ) ، فالإسهالات المائية التي لا تكلف الدولة نفسها عناء الإعلان والتحذير منها إن وُجدت ، أو نفي إشاعة وجودها إن لم توجد لأن دائرة نشاطها و فعالية إستشراء وبائها لا تقع في سوح أحيائهم المخملية وقصورهم العلية وحدائقهم البهية و ربما لو إستدعى الأمر ( هجَّوا ) وهاجروا إلى قصورهم المشيَّدة في ماليزيا و دبي و سائر أصقاع الأرض ، فالكوليرا لا ( ترعى ) إلا في البيئات الفقيرة ومُجمل ضحاياها من الكادحين الذين يجوبون الأسواق والمزارع والشوارع الحزينة .. إتقوا الله يا هؤلاء .. ويا وزير الصحة نستجديك تصريحاً.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة