سأل صاحب البقالة: بكم كيلو السكر؟ قال: بـ(14) جنيهاً. قال له: زن لي ثلاثة كيلوجرامات من فضلك من إنتاجنا المحلي. قال: لدي سكر مستورد فقط بالوزن، وإن أردت سكر كنانة فهو في عبوة عشر كيلو، وجوالات كبيرة، لأن سعر الكيلو منه بـ(15) جنيهاً و"جره ثقليل" أي حركة بيعه ضعيفة... فوقف الزبون حيراناً من أمره متردداً، كاد أن يغني له صاحب البقالة: "يا صغير يا محيرني، ومتحيّر". نعم الأمر يدعو للحيرة والاستغراب في بلاد بها سبعة مصانع سكر، تنتج أنقى وأحلى وأصحى سكر في العالم لقلة استخدام الكيماويات فيه، خاصة السكر الأحمر"كما يسميه الغالبية" الذي يتصمغ لوحده من زيادة مادة السكر، وهو شبه مختفي من أسواقها في العاصمة والولايات، وحتى المدن التي فيها هذه المصانع، يسيطر عليها السكر المستورد، ومستورد من الهند "كمان"، التي تحرق جثث موتاها من البشر بحسب بعض الديانات فيها... والذي يجب أن يعلمه القارئ إن السكر يتم تبييضه برماد العظام... "أنا ما بفسر وأنت ما تقصر". لدينا مصنع سكر كنانة ذا الشراكة العربية والنموذج الذي يعرض لكل مستثمر يأتي بلادنا، ومصنع سكر النيل الابيض "البلور" "أبو شفرة مسروقة" المثير للعجب والجدل، ولدينا مصنع سكر عسلاية، وسكر حلفا، وسكر الجنيد، ومشروع سكر مشكور، وغيرها، ليس هذا فحسب، بل إنها الصناعة الوحيدة الناجحة والصامدة ولم تتوقف منذ أن دارت عجلتها، فقد توقفت بعد هبة صناعية واعدة، مصانع الزيوت، والغزل والنسيج، والبطاريات الجافة، والعطور و... ثم لا نجد سكرنا لنستخدمه، أين ذهب؟!. بات واضحاً أن السوق لا يدار وفق رؤية مرسومة تضع المواطن في قائمة الأولوية، ويعتمد عليها كلياً بحيثث يزيح من اهتماماته التدقيق في جودة السلعة في السوق، وأن كل الذي في السوق هو بمواصفات جيدة بضمان الحكومة التي تفرض على هذه السلع الضرائب والجمارك والرسوم ومن التاجر والمستهلك الذي يدفع ضريبة القيمة المضافة، ولكن بكل أسف قد يشتري المستهلك المرض بحر مالية ثم يدفع عليه ضريبة، بعدم الصرامة في اعتماد المواصفات الجيدة مع اخفاء سلعنا الجيدة من الأسواق، مع سبق الاصرار والترصد.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة