|
أنا أحب الفاسدين (2-2)/أبوبكر يوسف إبراهيم
|
· يا أحبتي : الفساد خير ما يستهل به الصباح ، وقد كان الفساد في أزمنة مضت كائن ليلي ، تقتله الشمس، أما الآن فإنه قد هادن الشمس، وأصبح ضوءها يزيده نشاطاً وإصراراً ورغبة في البقاء! ومنذ مدة ليست القصيرة ورغبة جامحة ترادوني عن كسلي في أن أصبح فاسداً يشار إليه بالبنان!! وكنت أود أن أقول في السطر أعلاه أن هذه الرغبة تراودني عن ضميري ، لولا أني أعلم أن مسألة الضمير هذه مسألة نسبية ، لا يُعتد بها كثيراً ، والحديث عن الضمير فيه غيبة لاتجوز شرعاً .. تماما كما يقال الآن بأنه لايجوز شرعاً التحدث عن الفساد من باب " فقه السترة!! · ومع احساسي بأني لن أوفق كثيراً في هذه المهمة النبيلة التي أنتدب نفسي لها ، إلا أني أطمع في شرف المحاولة ، والأمر يحتاج إلى جَلد وصبر .. قال لي الناصحون : يجب أن تسقي طموحك من ماء وجهك ، لأن عرق الجبين مالح لا يصلح لسقيا الطموح ! · ولكنهم قالوا لي أيضاً أن الذكاء شرط اساسي ، وأجد صعوبة في تخيل أن لدي مثل هذه الموهبة ، لايمكن أن أكون ذكياً بما يكفي وأنا الذي لم أفهم لمدة تقترب من أربعين عاماً أن القبول في الدنيا والآخرة ليس له شروط إلاّ ما دار في فلك (هي لله لا للسلطة .. لا للجاه ) ولا أدري لماذا أغفلوا المال من هذا الشعار النبيل ؟!! .. المهم وفيما عدا ذلك فأنت حر فيما تفعل! .. ومن باب الانصاف فلم يقل أحد مثل هذا الأمر صراحة ، ولكنه قيل تلميحاً ، لم يفهمه إلا الأذكياء الذين لا أنتمي لهم ! · هل لاحظتم ماذا قلت في السطر السابق ؟! .. لقد تحدثت عن الإنصاف ، وهذا يعني أني لازلت أجد صعوبة في التأقلم مع وضعي الجديد الذي أريد أن أكونه!! .. هم لم يقولوا لا تفعلوا إلا هذا ، ولكنهم لم يحدثونا إلا عنه !! ، سمعت خطباً ومحاضرات عن التائبين ، الذين كفوا عن مد أياديهم للمال العام ، عن الذين أطلقوا لحاهم واصبح لهم سمت الملتزمين ، رأيت أعواداً تكسر ، واشرطة تحرق ، رأيت حتى لاعبي كرة قدم تائبين !! .. لكن لم يسبق أن رأيت أو سمعت شيخاً يأتي في محاضرته بفاسد سابق أو وزير معتزل أو لص عقار أو مال ، أو حتى صحفي أو كاتب قرر التوبة عن الكذب والنفاق والارتزاق!! · هناك بعض المشائخ الأفاضل الذين ذهبوا إلى مصر وليبيا وتونس ليشهدوا قبل بذوغ فجر الربيع العربي ثم عادوا ليصوروا لنا هذه البلدان على أنها أفرع للجنة في الأرض ، وأن زين العابدين ومبارك والقذافي منحوسين لأنهم ولدوا بعد أن انقطع الوحي وختم الرسل بمحمد عليه الصلاة والسلام وإلا لكانوا أنبياء مرسلين يأتيهم الوحي حتى عن طريق الإيميل ! · وبعد بزوغ فجر الربيع العربي عادوا للظهور مجدداً بعد هذه الأحداث ليقولوا لنا أنهم فاسقين مجرمين ولولا أنهم متأكدون من تاريخ ولادتهم لقالوا أن أي منهم قد يكون أبليس نفسه الذي عصى أمر به ورفض السجود لآدم !! ، إن السؤال المصيري والجوهري الذي يطرح نفسه على هؤلاء المشائخ الأفاضل حفظهم الله هو : (بماذا تحسون الآن بارك الله فيكم وأنتم تغيرون ألوان جلودكم كما الحرباء؟!! ) · حاولت أن أتصل بأحدهم لأسأله هذا السؤال ، وأنا واثق أني سأستمتع وأنا أستمع إلى إجابته ، ولكني لم أوفق في الاتصال ، ولذلك فإني أخترع الإجابات .. تخيلت أنه رد علي وسألته : وتخيلت أنه أجابني بنبرة غاضبة : هذه إشاعة مغرضة من قال لك أني أحس ؟! .. وتخيلت أنه سيسترسل وسينتهي به الحديث عن الإحساس على أنه من أبواب الفساد ومدعاة للاختلاط المحرم . لايهم .. · اكرر، إنني أريد أن أصبح فاسداً والسلام ، فهذا من طاعة ولي الأمر التي نؤمر بها صباح مساء !! .. كل ماحولي يقول لي كن فاسدا ترى الوجود جميلا .. وأنا أحاول ، ولكني أعجز حتى اللحظة في معرفة الباب الذي سأدخل منه دخول الفاسدين !.. فهل من يدلني؟!! أعلم أنهم كثر - لعنهم الله - لكنهم لا يحبون أن ينافسهم غريب مثل!! · أتعاطف كثيراً مع معالي وزير العدل السابق والحالي في قضية شركة الأقطان ولم يتعرضا له من هجوم صحفي كاسح ، وذلك بحكم أني ساصبح فاسداً في المستقبل القريب ، فالكثير يتحدث عنهما باشياء لا تليق مع أنهما لم يرتكبا جرماً .. بس خلاص، سلامتكم،،،، [email protected] نقلاً عن جريدة الصحافة
|
|
|
|
|
|