عندما يغضب الحاكم من كتابات بعض الكتاب في الصحف أو حتى عبر الأسافير ، هل يسير في في درب التسامح والحُلم على مستوى ردة فعله الشخصية مُكللاً ذلك بالصمت والتغاضي ؟ حسناً فلنفترض أن تقبل النقد ووجهات النظر السلبية والتعامل معها برُقي وحضارية سمة شخصية وتربوية بحتة يُمكن أن يزدان بها أيي حاكم ، حتى ولو لم تكن متناسقة أو متماشية مع النهج العام لنظام الدولة والذي قد يكون لأي سببٍ من الأسباب مثل أن يكون شمولياً في تصنيفه السياسي أو متحصِّلاً على السلطة بالإغتصاب مما يجبر التخطيط العام لنظامها التأميني (وليس الأمني) إتخاذ قوانين وتدابير مُشدَّدة وصارمة تجاه ما يسمونه (مهددات أمنية) وأحياناً يُطلق عليها (محاذير أمنية) ، وفي الحقيقة لا يمكن أبداً من حيث الشكل والمضمون المقارنة بين شخصية الحاكم وسمات النظام العام للدولة ، لأن السمات الشخصية في الإنسان وحسب الخِلقة الربانية يأتي عليها زمان ما ومكان ما تتسم فيه بالثبات على صورة نهائية غير قابلة للتعديل والتأثُّر بقدر ما هي قادرة على التأثير ، أما سمات النظام العام للدولة فهي بالمُطلق وعلى الدوام متغيِّرة نسبةً لإرتباطها بالتحولات العامة في البيئة المحيطة خصوصاً الدولية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية وأحياناً الثقافية ، أما أنا فعلى المستوى الشخصي لا أكاد أرى أيي نوع من التطابق في معاني ومضامين مصطلحي (نقد سياسي) و(معارضة سياسية) ، لأن النقد دائماً ما يجنح في خُلد الحاكم وأدوات النظام السياسي الدفاعية للتواجد في خانة العداء غير المُطلق والمحدود لكل ما ينتمي للنظام الحاكم ، كما أنه في أغلب الأحيان لا يتجاوز دائرة الأدوات التعبيرية المعروفة والتي لا تخدمها إلا نوافذ البث الإعلامي والتي هي في أغلب الأحيان مُكبَّلة بقيود الدولة ، أما المعارضة السياسية فمعناها العدائي بالنسبة للحكومات مُطلق ولا محدود و(مفتوح) الأبواب من حيث التصنيف و(شامل) الأدوات من حيث المقارعة والصراع ، فالمعارضة السياسية تحتمل أن يركب صاحبها صهوة العمل التنظيمي الحزبي ، وتحتمل أن يستعمل مناضلوها سلاح الكلمة والرأي وإزكاء روح الثورة المجتمعية وأحياناً آخرى قد يحملون السلاح ويقارعون بالقوة والعنف ، هل لشخصية القائد أو الحاكم تأثير فعَّال في فرض مساحات أخلاقية تنبع من صفاته البشرية عبر أيقونة القيِّم والأخلاقيات والأعراف المتفق عليها في أن تسود الروح العامة لأنظمة الدولة وقوانينها وأجهزتها مبادئ التسامح والقبول بالآخروالفصل الدقيق بين ما هو إختلاف نافع وموضوعي وشرعي ، وبين تلك المصطلحات والمسوغات التبريرية التي أصبحت تُجيز وبالقانون دهس الآخر بالطعن في وطنيتة ونزاهته وإتهامة بتهديد الأمن القومي والعمل على تفكيك النسيج الإجتماعي ، بالمناسبة القائد والحاكم في مقالي هذا ليس بالضرورة المقصود به رئيس الدولة وحده أو من يجلسون أعلى قمة الهرم السياسي ، فمن الممكن إنتخاب مجلس عام لحكماء الدولة من المُتفق عليهم على مستوى النزاهة وإنعدام المصلحة السياسية والشخصية ليمثِّلوا هذا الدور التأثيري الإيجابي على شكل ومضمون الإتجاهات العامة للنظام السياسي في مجال قبول الآخر وتقبُّل النقد السياسي والمعارضة السياسية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة