:: مع آخرين من ذوي الفضل على الوطن و الشعب، رئاسة الجمهورية توشح عوضية عبد الله بوسام الإمتياز في ليلة الإحتفاء بذكرى الاستقلال.. ومثل هذا التكريم هو ما يصلح وصفه بأنه (صادف أهله).. ولايزال في الخاطر، قبل سبع سنوات، مع أصدقاء، زرنا إحدى دور الرعاية .. وكما كانت تلك زيارتهم الأولى، كانت زيارتي الأولى أيضاً.. دار شيشر لتأهيل الأطفال المعاقين حركياً .. ولهذه الدار قصة تعكس معنى أن يكون الإنسان (إنساناً).. فالدنيا تضج بالبشر، بيد أن الإنسان فيهم يكاد أن يصبح أندر من (لبن الطير) . :: المهم.. في الحرب العالمية الثانية، شاء القدر بأن يكون اللورد ليونارد شيشر أول من يطلق قاذفته ويصيب خصوماً، وكان شيشر ضابطاً في الجيش البريطاني .. ثم تقاعد وصار من قدامى المحاربين.. وبعد التقاعد، لم يفكر في تأسيس شركة تجارية.. لقد كان عميقاً في التفكير، وتذكر بأنه أول من أطلق قاذفة أصابت الخصم في أزمنة الحرب، ورأى بأن أزمنة السلام بحاجة الى إطلاق أفكار تخدم البشرية وسلامها.. ومن هذا التفكير السوي أطلق العنان لفكرة (دار شيشر لتأهيل الأطفال المعاقين). :: ثم إنطلقت الفكرة إلى أرض الواقع..ومن بريطانيا، انتشرت دور شيشر في كل أرجاء الدنيا المصابة بداء الحرب و الفقر والجهل.. ودار شيشر التي بالخرطوم تحمل الرقم (250)..رعاية طبية، تأهيل نفسي، ترفيه وتعليم الأطفال..هكذا خدمة دور شيشر، بما فيها التي تستقبل المئات من أطفال بلادي بالترحاب، وبلا من أو أذى أو ( صخب سياسي)..وذات عام، اقترحت لمسؤول - تقاعد حاليا - بأن يتفقد تلك الدار، ويساهم في رعاية وتأهيل بعض أطفال رعيته ولو بكلمة شكر للقائمين على أمرهم . :: وليتني ما اقترحت، إذ رد المسؤول بالنص (اسمها ما مريح، ممكن ندعمهم لو غيروا الاسم )..ندمت .. لو فكر هذا المسؤول ملياً لعلم بأن شيشر لم يكن مسلماً ولا سودانياً، ولكن جاءت به إنسانيته ليؤهل أطفال بلادنا، ويفعل كل هذا بلا شروط من شاكلة (غيرو دينكم وأسماكم).. ولكن امرأة بأمدرمان، اسمها عوضية، لم تجد حظاً في التعليم، ثم تحدت الإعاقة وامتنهت مهنة بيع السمك بحي الموردة، واشتهرت بـعوضية سمك، وكانت اكتشفت موقع دارشيشر بالصدفة.. ورأت مشاهد الأطفال وأسرهم الفقيرة، فحدثتها إنسانيتها السوية بالمساهمة. :: ثم شرعت في تقديم وجبة إفطار للأطفال وأمهاتهم والعاملين بالدار في أكثر أيام العمل زحاماً..فالثلاثاء من كل أسبوع هو اليوم الذي تجرى فيه كوادر الدار الطبية العمليات للأطفال، وهو يوم الزحام..ومنذ سبع سنوات، وإلى أسبوعنا هذا، تطعم عوضية أطفال الدار وأمهاتهم والعاملين بالدار من فضل زادها بلا من أو أذى أو ( صخب سياسي)..وليس لهذا فقط، بل لمشاريع أخرى، ذات صلة براعية وتأهيل ذوي الإحتياجات الخاصة، تستحق عوضية أوسمة الدنيا و خير الآخرة باذن الله .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة