|
(كلام عابر) داؤد عبدالحق بقلم عبدالله علقم
|
رحل عنا في الشهر الماضي، في الإحساء، شرق المملكة العربية السعودية، الأخ النبيل داؤد عبدالحق (أبو رونق) الذي ارتبط في أذهان قراء الصفحات الرياضية بعموده(الأحمر الوهاج) الذي ينشر في صحيفة "الخرطوم" وصحيفة "كفر ووتر الإلكترونية،وتميز بانتمائه اللامحدود لفريق المريخ وارتبط في الأذهان أكثر بلغته المتميزة بالإعتدال والموضوعية الخالية من الإساءة لأحد كان.غدت اللغة المعتدلة الموضوعية نادرة في جميع ما ينشر وليس في الصحافة الرياضية وحدها. قال امرؤ القيس: وجرح اللسان كجرح اليد وقال الحكماء: حسبك من الشر سماعه. عاش أبورونق سمحا سهلا بسيطا في حياته، رقيقا في تعامله مع الآخرين، يعرف جيدا الحدود التي تفصل بين إختلاف الرأي بود والخصومة،ويعرف أن حسن معاملة الآخرين من أصول الدين والتدين. كان كالغذاء، لا يستغنى عنه أبدا.قال الحسن"الرجال ثلثاة:فرجل كالغذاء لا يستغنى عنه أبدا،ورجل كالدواء لا يحتاج إليه إلا حينا بعد حين، ورجل كالداء لا يحتاج إليه أبدا".وقد درجنا على القول في صيغة المدح(إن شاء الله يوم شكرك ما يجي)، بمعنى أننا لا نشكر الإنسان ولا نتذكر محاسنه التي وهبها لنا إلا عندما يرحل من هذه الفانية. وقد جاء يوم شكر أبي رونق فجأة.غادر الدنيا في هدوء مثلما عاش فيها، وهو داخل شقته في الإحساء. قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضوان الله عليه:ما عندك من ذكر الموت أبا حفص؟ قال:أمسي فما أرى أني أصبح، وأصبح فما أرى أني أمسي؛ قال: الأمر أوشك من ذلك أبا حفص، أما إنه يخرج عني نفسي فما أرى أنه يعود إليّ. كان أبو رونق سباقا للتواصل مع الآخرين، يمد جسور الود مع كل الناس،ولا يتردد في قطع مسافة المائة وخمسين كيلومترا التي تفصل بين الإحساء والدمام في أي وقت ليعود مريضا، أو يزور صديقا، أو يشيع ميتا، أو يشارك في مناسبة إجتماعية خاصة كانت أم عامة، تسبقه ابتسامة صافية من القلب يدخل بها قلوب الآخرين في كل مرة، دون أن ينتظر جزاء ولا شكورا، ولهذا لم يكن مستغربا أن يخف الكثيرون من مختلف أرجاء المملكة ليودعوه ويقدموا العزاء لأسرته الصغيرة والكبيرة في الإحساء،وفي كل قلب حسرة وفي كل عين دمعة. قبل نحو سنتين،حرص أبو رونق على المشاركة في توزيع مجموعتي القصصية" الطيور ترحل في الفجر" وهو على سرير مرضه عقب إجراء عملية جراحية،وكان ذلك موقفا شديد النبل من أبي رونق. وقبلها بسنوات ضمني معه مجلس خاص جدا في مدينة الخبر في حضور أخي الدكتور الباقر أحمد عبدالله للترويج لصحيفة "الزعيم" الرياضية التي كانت على وشك الصدور، وحدث أن تطفّل على ذلك المجلس الخاص شخص تحرج المضيف من طرده من داره رغم أنه لم يكن راغبا في حضوره، فمثل هذه المجالس لا تسلم من المتطفلين الذين يعولون على سماحة المضيفين. ساءني حديث المتطفّل يومها فأغلظت عليه القول، فهاتفني أبو رونق بعد يومين من الإحساء معاتبا برقته وحيائه المعهودين(ياخي إنت في النهاية غلطان مع إنه هو الغلطان فعلا.. ما كان حقو ترد عليه).وحينها بدت لي وجاهة الفكرة التي غابت علي آنذك في غمرة الإنفعال. تتوسد الباردة..أخي الأصغر النبيل الجميل داؤد عبدالحق. (عبدالله علقم) mailto:[email protected]@yahoo.com
|
|
|
|
|
|