دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Darfur and Amnesty in Arabic
|
Arabic report from Amnesty on Darfur
السودان دارفور : أي أمل في المستقبل؟ المدنيون بحاجة ماسة للحماية
المقدمة رغم الاهتمام الدولي واسع النطاق بدارفور، يظل المهجرون وأولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية بلا حماية. ولا يبدو أن هناك نهاية في الأفق لدوامة التهجير؛ ويتعرض الأشخاص المهجرون الذين فروا أصلاً من مكان إلى آخر عدة مرات للهجوم في المكان الذي لجئوا إليه ويضطرون للهروب مجدداً بحثاً عن السلامة. ويواجه الذين يعيشون في المخيمات تهديدات من الحكومة والشرطة اللتين ينبغي أن تحمياهم، لكنهما عوضاً عن ذلك تهدمان ملاجئهم بالجرافات وتطردانهم منها قسراً. والقلة الذين يتجرءون على التوجه إلى ديارهم غالباً ما يشعرون بأنهم مضطرون للعودة إلى مخيمات المهجرين ويحسون بأنهم معرضون للانتهاكات على أيدي الميليشيات وبدون حماية. وحتى في المخيمات تتردد أنباء يومية حول وقوع هجمات ضد المدنيين وتتواصل عمليات اغتصاب النساء.
وما زالت دارفور منطقة يدور فيها نزاع مسلح. وخلال شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول بدا أن طبيعة القتال تتغير؛ وبدا أن الهجمات باتت أكثر صلة بالصراعات العرقية. وتتفشى الحرابة على نطاق واسع. وفي كل مرة يقع فيها هجوم على منطقة أو قافلة إنسانية، تعلن الأمم المتحدة الطرقات مناطق محرمة، ولا تستطيع القوافل التي تحمل المواد الغذائية الوصول إلى الجماعات المعرضة للانتهاكات والمقيمة خارج البلدات الرئيسية.
وفي شهري نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2004، بعيد التوقيع على البروتوكولين الإنساني والأمني، حدث تصعيد مقلق وخطير للنـزاع – واستؤنفت هجمات الجنجويد، وهي الميليشيات المدعومة من الحكومة، ضد القرى وأدت إلى مصرع أشخاص وإحراق المنازل وتهجير السكان قسراً، وتزايدت أنباء عمليات القصف التي يشنها سلاح الجو السوداني ضد المدنيين. وتتحمل جماعات المعارضة المسلحة الانتهاكات الأخرى لوقف إطلاق النار، بما فيها انتهاكات القانون الإنساني الدولي.
وفي 9 نوفمبر/تشرين الثاني، وقعت الحكومة السودانية والجماعتان المسلحتان الرئيسيتان، جيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة على بروتوكول إنساني وبروتوكول أمني في أبوجا بنيجيريا، برعاية الاتحاد الأفريقي. ويتضمن البروتوكول الإنساني مواد عديدة تشدد على التزام الأطراف بوقف إطلاق النار "وباتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع جميع الهجمات والتهديدات والتخويف وأي شكل آخر من أشكال العنف ضد المدنيين من جانب أي طرف أو جماعة، بمن فيهم الجنجويد والميليشيات الأخرى" (البروتوكول الإنساني).
ومع ذلك، فإنه في الليلة التي تلت التوقيع على البروتوكولين، انهالت الشرطة السودانية بالضرب على أشخاص مهجرين واستخدمت الغاز المسيل للدموع والرصاص لطردهم من مخيم يقع بالقرب من نيالا. ولم يكد يمضي أسبوعان حتى هاجم جيش تحرير السودان بلدة طويلا. ورغم أن جيش تحرير السودان استهدف كما يبدو مركز الشرطة في طويلا، إلا أن الآثار التي ترتبت على الهجوم والهجوم المضاد الذي شنته القوات السودانية تمثلت في تهجير نحو 40000 شخص، فروا من البلدة وتعرضوا لمزيد من الهجمات والقصف في الأماكن التي لجئوا إليها. وبعد مضي أسبوعين، هاجمت ميليشيات الجنجويد القرى الواقعة في جنوب دارفور.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: Darfur and Amnesty in Arabic (Re: Muna Khugali)
|
ويتناول هذا التقرير خمسة أمثلة على الهجمات التي شُنت ضد المدنيين في المخيمات أو القرى أو البلدات خلال التوقيع على بروتوكولي أبوجا في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2004 أو منذ ذلك الحين. وتقع مثل هذه الهجمات كل يوم. ويجب تنفيذ التوصيات المتعلقة بحماية المدنيين فوراً.
عدوى وطوال وسلاكول : هجمات الجيش والجنجويد على القرى بين 28 نوفمبر/تشرين الثاني و5 ديسمبر/كانون الأول يُوصف أعضاء الميليشيات البدوية التي تدعمها الحكومة، أو الجنجويد كما تسميهم جماعات المزارعين التي تعرضت للهجوم، بأنهم يرتدون بزات عسكرية أو جلابيات (أثواب). ويقال إن معظمهم أُدمج الآن في القوات شبه العسكرية الحكومية مثل قوات الدفاع الشعبي. وتُبين الهجمات التي وقعت على عدوى وطوال وسلوكول أنه تم إحياء نوع الهجمات التي شكلت سمة مميزة للنـزاع في العام 2003.
وعدوى بلدة صغيرة بالأساس تضم ما بين 7000 و8000 نسمة وتبعد مسافة 50 كيلومتراً تقريباً إلى الشمال من نيالا، وقد اكتظت بعشرات الآلاف من الأشخاص المهجرين من المناطق الريفية. وفي 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2004، أتت القوات المسلحة الحكومية والجنجويد إلى المنطقة على متن عربات ذات دفع رباعي وألقت القبض على 19 رجلاً تتراوح أعمارهم بين 21 و86 عاماً ينتمون إلى جماعتي الداجو والفور العرقيتين. ولا يُعرف مكان وجودهم، وما إذا كانوا قد اعتُقلوا أو خُطفوا. وزارت العائلات والمحامون أماكن اعتقال معروفة عديدة، لكنهم لم يتمكنوا من تحديد مكان أولئك المعتقلين. ومن المعروف أن كلاً من الجيش السوداني والجنجويد يحتجزون معتقلين في معسكرات، لكن المحامين والعائلات لا يستطيعون مقابلة المعتقلين ولا تتوافر معلومات حول هوية المحتجزين. ويخشى من أن يكون المعتقلون الآخرون – الذين قبض عليهم الجيش أو الجنجويد أيضاً و"اختفوا" كذلك – قد أُعدموا خارج نطاق القضاء.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: Darfur and Amnesty in Arabic (Re: Muna Khugali)
|
وبعد يومين، في تمام الساعة السادسة من صباح 30 نوفمبر/تشرين الثاني، تعرضت القرية لهجوم شنته قوة كبيرة جثة. وتعرض المراقبون التابعون للاتحاد الأفريقي الذين جاءوا للتحقيق في الهجوم في اليوم التالي لإطلاق النار وأُصيب مراقب تشادي لوقف إطلاق النار في كتفه الأيمن. وعندما تمكن مراقبو الاتحاد الأفريقي من الدخول إلى المنطقة في النهاية لم يعثروا إلا على 16 جثة، وعثروا فيما بعد على أربع جثث أخرى. وزعم السكان المحليون أن القوات المهاجمة دفنت الجثث من أجل إخفائها عن المحققين. وفر آلاف الأشخاص، معظمهم إلى المناطق المجاورة الخاضعة لسيطرة جيش تحرير السودان حول دوما وجروف. وقيل لموظفي الأمم المتحدة الذين أجروا مقابلات مع الهاربين إن 17 امرأة تعرضت للاغتصاب في الهجوم. وأصبحت القرية مهجورة الآن.
وفي الأسبوع التالي، في يوم الأحد الموافق 5 ديسمبر/كانون الأول، تعرضت منطقتان للهجوم. وعند حوالي الساعة السابعة صباحاً، هاجمت ميليشيات الجنجويد مجموعة من القرى في منطقة طويلا التي تبعد قرابة 100 كيلومتر إلى الجنوب من نيالا، بما فيها طوال بول ولابلي وسعادة وبلبل وأم بلولا. وقُتل نحو 18 شخصا، يُعتقد أنهم من المدنيين وأُحرقت جميع المنازل في بعض القرى. ولاذ الناس بالفرار وباتت القرى مهجورة الآن.
وفي اليوم ذاته، وعند حوالي الساعة السادسة صباحاً، هاجم الجنجويد قرية سلاكول (أو سقلاكويول) التي تبعد زهاء 15-20 كيلومتراً عن نييرتيتي في منطقة جبل مرة الشمالية. فقُتل سبعة عشر قروياً، زُعم أنهم مدنيون، بينهم خمس نساء؛ وأُحرقت الدور ونُهبت الممتلكات. وبحسب ما ورد قرر القرويون البقاء في قريتهم المحترقة عقب الهجوم.
طويلا – هجمات جيش تحرير السودان على البلدة ذاع صيت طويلا كبلدة هاجمها الجيش والجنجويد في 28 فبراير/شباط 2004، حيث جرت عمليات اغتصاب جماعية لعشرات النساء والفتيات، كثيرات منهن في المدارس. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، عاد بعض سكانها الأصليين، وشأنها شأن جميع البلدات، باتت الآن مكتظة أيضاً بآلاف الأشخاص المهجرين من المناطق الريفية. وفي 22 نوفمبر/تشرين الثاني، تعرضت للهجوم من جديد، هذه المرة من جانب جيش تحرير السودان. ولم تتضح أسباب الهجوم الذي حدث بعد أقل من أسبوعين على توقيع جيش تحرير السودان على الاتفاقية الإنسانية التي تُلزمه بمراعاة وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في إبريل/نيسان 2004 وبعدم استهداف المدنيين. وقال زعماء جيش تحرير السودان إنه جاء نتيجة الغضب إزاء ضعف قرار مجلس الأمن الدولي 1574 الخاص بدارفور؛1 ورداً على الهجمات التي شنتها الحكومة على المهجرين في مخيم كلما. بيد أن برنامج الغذاء العالمي قال إنه حدثت مناوشات بين القوات الحكومية وجيش تحرير السودان يومي 18 و19 نوفمبر/تشرين الثاني حول سوق طويلا.
وركز جيش تحرير السودان هجومه على مراكز الشرطة في البلدة، فقتل 22 شرطياً؛ لكن عدداً غير معروف من المدنيين قُتل أيضاً، بمن فيهم طبيب واحد من المستشفى، أُصيب كما يبدو بجروح وتُرك ينـزف حتى الموت. وأرسلت القوات المسلحة السودانية طائرة أنطونوف ألقت 36 قنبلة، بينها قنبلة سقطت على مسافة 50 متراً من مركز يقدم الطعام وتديره منظمة إنسانية هي منظمة إنقاذ الأطفال. ونقل الاتحاد الأفريقي خمسة وأربعين عامل إغاثة إنسانية من البلدة عن طريق الجو. وخرج جيش تحرير السودان من البلدة بعد مضي يوم على الهجوم الذي شنه وعادت القوات الحكومية، لكن بحسب ما ورد مضت عدة أيام قبل السماح لمراقبي الاتحاد الأفريقي بالدخول إلى البلدة.
وكان هناك أكثر من 40,000 مهجر يعيشون في ملاجئ داخل البلدة ما لبثوا أن فروا إلى القرى المجاورة. وتوجه 16,000 منهم إلى ثابت، حيث نشب قتال يومي 7 و8 ديسمبر/كانون الأول، الأمر الذي دفعهم إلى الفرار مرة أخرى، فتوجه أكثر من 11,000 منهم إلى مخيم أبو شوق للمهجرين الكائن بالقرب من الفاشر. وتعرض السكان الذين يعيشون في قريتي جانجونات وطبيبة المجاورتين بالقرب من تلال كوسا وعلى مسافة 15 كيلومتراً تقريباً من طويلا لهجوم شنه الجنجويد في 28 نوفمبر/تشرين الثاني، وفر نحو 1500 مهجر إلى سرف آية. وهناك أجبرتهم الهجمات الحكومية هم ومنظمة أطباء بلا حدود على الخروج من القرية واضطروا إلى الفرار ثانيةً. وهكذا استمرت مضاعفات هجوم جيش تحرير السودان على طويلا مدة أسبوعين بعد ذلك. ولم تؤثر فقط على الأربعين ألفاً الذين فروا من كان إلى آخر؛ إذ إنه نتيجة الهجوم لم يتمكن حوالي 300,000 مهجر من الحصول على أية مواد غذائية بسبب انعدام الأمن في المنطقة بأسرها. وبعد مضي ثلاثة أسابيع على الهجوم، ورغم أن مراقبي الاتحاد الأفريقي سيِّروا "دوريات لبناء جسور الثقة" على مدار الساعة، لم تعد إلا قلة من المهجرين السابقين الآخرين إلى البلدة.
مخيم الجير : الشرطة السودانية والتهجير القسري طردت الشرطة قسراً الأشخاص المهجرين داخلياً من مخيمات عديدة، وهدمت ملاجئهم بالجرافات وأجبرتهم على المغادرة. وغالباً ما تقول الحكومة السودانية إن عمليات الإخلاء هذه مدروسة، لكنها تتم بصورة شبه دائمة بالقوة وفي منتصف الليل. وفي الساعة الثالثة من صباح 2 نوفمبر/تشرين الثاني، هاجم 100 شرطي مخيم الجير للأشخاص المهجرين داخلياً في نيالا، وانهالوا بالضرب على مئات المهجرين، وبحسب ما ورد قيدوهم ووضعوهم على متن 15 شاحنة لنقلهم إلى مخيم آخر هو الشريف الذي يبعد عدة كيلومترات. وفر مهجرون آخرون كانوا يقيمون في مخيم الجير إلى بلدة نيالا.
وفي أعقاب الهجوم الأول على مخيم الجير في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، قال المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان جان برونك : "إن الحكومة أبلغت الأشخاص المهجرين داخلياً أن الإخلاء يحدث بالتشاور الوثيق مع الأمم المتحدة ومع المنظمات غير الحكومية وهذا لم يحصل. وهو يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي وللاتفاقيات التي تم التوصل إليها مع الحكومة حول طرق العودة والنقل إلى أماكن أخرى. وبجب وضع حد له ليس فقط في مخيم الجير ولكن كسياسة متبعة، وينبغي إعادة الناس إلى المكان الذي نُقلوا منه بالقوة".
وأثناء ليل 10 نوفمبر/تشرين الثاني، وقع هجومان آخران منفصلان على مخيم الجير، بعيد منتصف الليل وعند الساعة الخامسة صباحاً. إذ عمدت الشرطة التي جاءت على متن أربع سيارات إلى إطلاق النار في الهواء وإلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع داخل الخيم المنصوبة. وانهالت بالضرب على عشرات السكان وأمرتهم بوجوب مغادرة المخيم. وتعرض نائب رئيس المخيم الشيخ طاهر حسب الله للضرب والاعتقال. ثم هدمت الشرطة الملاجئ بالجرافات، متجاهلة احتجاجات ممثلي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ووكالات المساعدة الدولية الذين كانوا حاضرين خلال الهجوم. كذلك تعرض الصحفيون لإطلاق النار. واحتُجز ما لا يقل عن 33 مهجراً، فضلاً عن صحفي أمريكي. وتعرض المهجرون للضرب المبرح في الحجز قبل إطلاق سراحهم بكفالة. ووُجهت إليهم تهم تتعلق "بجرائم ضد الدولة". ولا يُعرف ما إذا كان سيتم التمسك بالتهم المنسوبة إليهم. ورغم احتجاجات جان برونك على الهجوم الأول، شعرت السلطات السودانية بدرجة كافية من الثقة لتكرار الهجوم على المخيم نفسه، أمام وسائل الإعلام الدولية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: Darfur and Amnesty in Arabic (Re: Muna Khugali)
|
عمليات الاغتصاب في مخيم دريج يبعد مخيم دريج للأشخاص المهجرين داخلياً أربعة كيلومترات عن نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور. ولا يعني قرب المدينة، التي يوجد فيها مراقبون ووكالات إغاثة دولية، توافر حماية أفضل للمهجرين. ففي 30 نوفمبر/تشرين الثاني، ذهبت سبع نساء وفتيات، كانت إحداهن حاملاً، لإحضار الحطب من مكان يبعد مسافة كيلومترين إلى شمال المخيم. وقلن إنهن تعرضن لاعتداء من جانب مجموعة من أفراد الميليشيا المسلحين الذين يرتدون ملابس عسكرية انهالت عليهن بالضرب بأعقاب البنادق على صدورهن ورؤوسهن. وجرى تجريدهن من ملابسهن واقتيدت ثلاث منهن إلى كوخ مهجور مجاور وتعرضن للاغتصاب. ولاذت الأربع الأخريات بالفرار وعدن إلى المخيم. وسعت النساء والفتيات السبع إلى الحصول على علاج طبي في مركز الأمل لتأهيل ضحايا التعذيب، وهو منظمة غير حكومية سودانية. وأجهضت المرأة الحامل، بسبب إصابتها بجروح خطيرة خلال الهجوم كما يبدو. وأُبلغت الشرطة في نيالا بالاعتداء وعمليات الاغتصاب.
ورغم هذا الهجوم، لم تُتخذ إجراءات لجعل المخيم أكثر أماناً للمهجرين داخلياً. ففي 2 ديسمبر/كانون الأول، تعرضت ثماني نساء، بينهن فتاتان تبلغان من العمر 10 و11 سنة كن يجلبن الحطب من خارج المخيم لاعتداء، من جانب رجال ميليشيا الجنجويد كما ورد. واعتُدي عليهن جميعاً بالضرب المبرح واغتصبت ثلاث منهن. وتلقت النساء الثماني علاجاً طبياً في مركز الأمل. وأبلغ محامو المركز الشرطة بالاعتداء، بناء على طلب الضحايا، لكن كما ورد رفضت الشرطة فتح ملف بالشكوى. وأُحضرت النساء الثماني إلى المستشفى في نيالا لإجراء فحص لهن، لكن المستشفى رفض تقديم العلاج الطبي لهن، لأنه لم يكن بحوزتهن استمارة الشرطة رقم 8 كما ورد.2
كلما – هجمات واعتقالات وتخويف للمهجرين كلما مخيم ضخم يبعد مسافة 15 كيلومتراً إلى جنوب نيالا، وما برح الأشخاص المهجرون يلجئون إليه. وتزداد أعداد المقيمين فيه باستمرار. وتشير تقديرات المنظمات غير الحكومية العاملة في كلما إلى أن حوالي 100,000 مهجر يعيشون فيه. ويقع المخيم على أرض ذات ملكية خاصة، مما يزيد المخاوف من إمكانية استخدام قوات الأمن السودانية لذلك في أي وقت ذريعة لإجلاء الناس من المنطقة. وهذا ما حصل للمهجرين في مخيم المشتل القريب من الفاشر في الليلة التي سبقت زيارة كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة إلى دارفور، وفي مخيم الجير.
ومنذ إقامة مخيم كلما، تعرض المهجرون الذين لجئوا إليه للمضايقة المستمرة من الشرطة. وغالباً ما اتسم الوضع بالتوتر؛ وفي يوليو/تموز وأغسطس/آب، أقدمت مجموعة من المهجرين على القتل الغوغائي لعربي كان يحضر دورة إنسانية واتهمته بأنه أحد الذين هاجموا القرية. وغالباً ما احتج المقيمون في المخيم، أحياناً بصورة عنيفة، على محاولات إجبار السكان أو رشوتهم للعودة إلى منازلهم في المناطق التي يعتبرونها غير آمنة؛ وأُلقي القبض على العشرات وتعرض العديد منهم للضرب داخل مركز شرطة نيالا أو خارجه.
ومع تدهور الوضع الأمني أكثر فأكثر، فر الآلاف من المهجرين الجدد إلى مخيم كلما. واعتبر مسؤولو الحكومة السودانية أن المخيم أصلاً أكبر من اللازم وزادوا من ضغطهم على السكان للعودة إلى منازلهم. وفي إحدى المرات ألقوا القبض على أربعة شيوخ قائلين لهم إن "أي شخص يحاول منع عمليات العودة سيعدم رمياً بالرصاص". وليلة 13-14 نوفمبر/تشرين الثاني، أطلقت الشرطة النار على أشخاص مهجرين في مخيم كلما بنيالا، فأصابت ما لا يقل عن ستة أشخاص بجروح، بينهم طفل عمره ثمانية أشهر وقتلت شخصين مهجرين كما ورد هما : إسحاق موسى آدم هارون (15 عاماً) وآدم عبد العزيز (32 عاماً). وبحسب رواية الشرطة، فإنها كانت تطلق النار على المتمردين الذين تسللوا إلى المخيم.
وبعد عشرة أيام، في 21-22 نوفمبر/تشرين الثاني وقع هجوم على مركز للشرطة داخل المخيم، شنه متعاطفون مع جيش تحرير السودان داخل المخيم كما ورد، فأودى بحياة أربعة من رجال الشرطة وثلاثة من المهاجمين. وألقت الشرطة والأمن القبض على عدة مجموعات من الأشخاص المهجرين داخلياً عقب هذا الهجوم : مجموعة تضم 28 شخصاً ومجموعة مؤلفة من تسعة ومجموعة من خمسة، كان بينها طفلان. واتهموا جميعاً بارتكاب جرائم مختلفة، يحمل بعضها عقوبة الإعدام، بما فيها القتل العمد أو "شن حرب على الدولة" أو "التحريض على العصيان". وقال الأشخاص المهجرون داخلياً للمحامين الذين زاروهم في السجن إنه تم تكبيل أيديهم وأقدامهم، ثم تعرضوا للضرب المبرح للاعتراف بقتل رجال الشرطة؛ وبحسب ما قالوه، قُتل رجال الشرطة في تبادل لإطلاق النار بين أفراد الشرطة أنفسهم، نتيجة خلاف نشب بينهم. وأُفرج عن جميع هؤلاء الأشخاص المهجرين داخلياً بكفالة باستثناء سبعة منهم.
التوصيات هناك قواعد اتفاقية وعرفية واضحة حول إجراء العمليات العسكرية تُجرِّم بعض الوسائل والطرق المستخدمة في العمليات الحربية. وتهدف هذه القواعد إلى حماية أرواح المدنيين إلى أقصى حد ممكن. ومنذ 23 سبتمبر/أيلول 1957، كان السودان ولا يزال طرفاً متعاقداً سامياً في اتفاقيات جنيف للعام 1949، والقواعد الدنيا التي تخضع لها جميع النـزاعات بما فيها "النـزاع المسلح الذي ليس له طابع دولي" محددة في المادة 3 المشتركة بين جميع اتفاقيات جنيف الأربع. وتنص على حماية الأشخاص الذين لا يشاركون فعلياً في العمليات العدائية.3 وتحظر "الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله" وتنفيذ عمليات إعدام بدون ضمانات قضائية معينة. كما تحظر اتفاقيات جنيف تدمير ممتلكات المدنيين ووسائل رزقهم ونهبها.
وما فتئت جميع أطراف النـزاع القائم في دارفور – القوات المسلحة الحكومية والقوات شبه العسكرية والميليشيات المتحالفة معها وجماعات المعارضة المسلحة – تتحمل مسؤولية انتهاك هذه القواعد. وأدى نطاق وخطورة الانتهاكات – التي صنفتها منظمة العفو الدولية كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية – المرتكبة في المنطقة إلى تدخل عدة جهات دولية فاعلة في دارفور، تؤدي كل منها دوراً في حماية المدنيين. والتوصيات الواردة أدناه موجهة إلى أطراف النـزاع والمجتمع الدولي. وتحث منظمة العفو الدولية على اعتماد توصياتها وتنفيذها بأكملها، من أجل تحسين مستوى حماية المدنيين في دارفور.
حماية المهجرين : تقاعس الحكومة عن حماية حقوقهم
لم تقصر الحكومة السودانية في تحمل مسؤوليتها الأساسية في حماية أرواح مواطنيها وسلامتهم فحسب، بل استمرت في مهاجمتهم، كما تبين الأمثلة التي وردت أعلاه بالتفصيل. وينتمي أولئك المهجرون إلى القرى الزراعية. لكنهم سُلبوا كل شيء : الأبقار والأغنام والمؤن الغذائية والمقتنيات. وتقع مسؤولية تدمير حياتهم بصورة رئيسية على الحكومة السودانية التي مولت الميليشيات البدوية وسلحتها ورافقتها من أجل طرد الناس من أراضيهم وقتلهم واغتصاب النساء وإفراغ مساحات واسعة من الريف من سكانها. وتواصل الطائرات الحكومية قصف المدنيين.
واعتباراً من ديسمبر/كانون الأول 2004، يُقدر أن حوالي 1,65 مليون شخص من دارفور مهجرون داخل المنطقة وأن 200000 فروا إلى تشاد وأن عشرات الآلاف انتقلوا إلى كوردوفان والخرطوم أو إلى أمكنة أخرى في السودان. واستقر آخرون بصورة مؤقتة في البلدات أو القرى أو يتعرضون للأخطار في الأدغال، حيث يقتاتون على الأعشاب البرية والفاكهة. وقد التجأ العديد من أولئك المهجرين إلى المجتمعات المضيفة في البلدات الرئيسية، والذين اضطر بعضهم الآن أيضاً، بعد أن أصبحوا فقراء نتيجة هذا العبء الإضافي، إلى اللجوء إلى المخيمات.
ويأمل معظم المهجرين في السودان بالعودة إلى ديارهم في نهاية المطاف، لكنهم يشعرون بشدة بانعدام الأمن الآن في ديارهم ولا يمكنهم العودة إليها بدون توافر الأمن. وبعضهم مستعد لمغادرة السودان وللبحث عن الأمان في أماكن أخرى. وكما قال رجل في مخيم رياض بالجنينة لمنظمة العفو الدولية "سننتظر بضعة أشهر أخرى، وإذا لم يستتب الأمن في دارفور، سنذهب إلى تشاد". وإضافة إلى ذلك، فإن بعض المقيمين في مخيمات اللاجئين والأشخاص المهجرين داخلياً، وبخاصة الشبان، الذين يشعرون بالغضب من عمليات القتل والاغتصاب والتهجير، والذين لا يرون أمامهم بصيص أمل، قد يغادرون المخيمات وينضمون إلى الجماعات المسلحة، الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من القتال. وهناك خطر حقيقي جداً في تصعيد دوامة انتهاكات حقوق الإنسان.
وبموجب القانون الدولي، يتمتع اللاجئون والمهجرون داخلياً بحق العودة إلى ديارهم أو أماكن سكنهم المعتادة. كما يحق لهم التمتع بحق طلب اللجوء والحماية من العودة القسرية. وتنص المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة الخاصة بالتهجير الداخلي4 على أن الحقوق التي ينبغي أن يتمتع بها الأشخاص المهجرون داخلياً تشمل : الحق في عدم العودة إلى أو الاستيطان قسراً في منطقة تتعرض فيها حياتهم وسلامتهم وحريتهم و/أو صحتهم للخطر؛ والحق في حرية التنقل، بما فيها الحق في التنقل بحرية خارج المخيمات والمستوطنات الأخرى. كما أن الحق في حرية التنقل مكرس في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادق عليه السودان في العام 1986. ينبغي على جميع أطراف النـزاع تقديم التزام علني باحترام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في السودان، وبخاصة عبر الامتناع عن شن أية هجمات مباشرة أو بلا تمييز على المدنيين والأهداف المدنية. وعليها إصدار تعليمات واضحة لجميع المقاتلين الخاضعين لسيطرتها بعدم قتل المدنيين أو استخدام الاغتصاب أو غيره من أشكال العنف الجنسي ضد النساء. ينبغي على الحكومة السودانية توفير درجة كافية من الحماية لجميع الأشخاص المهجرين داخل السودان بلا تمييز ووفقاً للمعايير الدولية ذات الصلة؛ ينبغي على الحكومة السودانية أن تضع حداً فورياً لجميع المحاولات التي تقوم بها القوات المسلحة السودانية أو الميليشيات التي ترعاها الحكومة أو الشرطة لتهجير الأشخاص أو نقلهم قسراً إلى أماكن أخرى، سواء من ديارهم أو من مخيمات الأشخاص المهجرين داخلياً، التي لجئوا إليها سابقاً. يجب أن تظل العودة الآمنة والتطوعية والمستدامة لجميع المهجرين إلى ديارهم الهدف الحقوقي النهائي لتسوية الأزمة في دارفور. ويجب السماح للأشخاص المهجرين داخلياً باتخاذ قرار مستقل ومستنير وتطوعي بشأن العودة. ولا يجوز أن تتم العودة إلا في حال وجود آليات لمراقبة معاملة المهجرين داخلياً عقب عودتهم، تتولاها وكالة مختصة ومستقلة وفقاً للمعايير الدولية. ولا يجوز منع المهجرين داخلياً بالقوة أو الضغط عليهم بأي شكل لمنعهم من الانتقال إلى جزء آخر في البلاد طلباً للمأوى، أو من الانتقال إلى بلد آخر طلباً للجوء.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: Darfur and Amnesty in Arabic (Re: Muna Khugali)
|
البعثة الأفريقية في السودان إلى أن تحترم الحكومة السودانية الحقوق الإنسانية لشعبها، تعتمد حماية السكان إلى حد كبير على قوات المراقبة وحفظ السلام الخارجية.
وقد بدأت بعثة وقف إطلاق النار التابعة للاتحاد الأفريقي التي نُشرت في الفاشر في يونيو/حزيران 2004، وضمت 60 ضابطاً، تولت حمايتهم فيما بعد قوة قوامها 350 جندياً ينتمون بمعظمهم إلى نيجيريا ورواندا، بدأت بمراقبة انتهاكات وقف إطلاق النار. وفي البداية اقتصرت صلاحيات مراقبي وقف إطلاق النار التابعين للاتحاد الأفريقي على الإبلاغ عن انتهاكات اتفاقية وقف إطلاق النار الإنساني الموقعة في 8 إبريل/نيسان 2004، والتي تتضمن الالتزام بعدم مهاجمة المدنيين، والتي وقعتها الحكومة السودانية وجيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة في ندجامينا بتشاد. وفي معرض قبول الحكومة السودانية بالقوة التابعة للاتحاد الأفريقي، صرحت بوضوح تام أنها تعتبر أن القوة المذكورة لا تملك صلاحيات لحماية المدنيين.5
بيد أن القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي ينص على أن أحد أهدافه "تعزيز حقوق الإنسان والشعوب وفقاً للميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب وغيره من صكوك حقوق الإنسان ذات الصلة" (المادة 3(ح). وتنص المادة 4(ح) من القانون التأسيسي على أن أحد مبادئ الاتحاد الأفريقي هو "حق الاتحاد في التدخل في شؤون دولة عضو بناء على قرار صادر عن الجمعية بشأن الظروف الخطيرة، وتحديداً : جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية".
وطلب مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي في اجتماعه الثالث عشر الذي عُقد في 27 يوليو/تموز، من رئيس لجنة وقف إطلاق النار تقديم تقرير حول الوضع في دارفور وحول كيفية تحسين فعالية البعثة الأفريقية في السودان، بما في ذلك "إمكانية تحويل البعثة المذكورة إلى بعثة حفظ سلام كاملة."6 وعقب اجتماع لمجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي عُقد في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2004، أعلن الاتحاد الأفريقي أنه سيزيد عدد قواته في دارفور إلى 3320 عنصراً، بمن فيهم 450 مراقباً و2341 جندياً و814 شرطياً. وجرى توسيع صلاحيات القوة الموسعة لتشمل مراقبة توفير الأمن للأشخاص المهجرين داخلياً العائدين وفي محيط مخيمات الأشخاص المهجرين داخلياً والتحقق من توفيره لهم؛ وتأمين وجود عسكري ظاهر للعيان عبر تسيير دوريات لردع الجماعات المسلحة غير المنضبطة عن ارتكاب أعمال عدائية ضد السكان؛ ومراقبة الجهود التي تبذلها الحكومة السودانية لنـزع سلاح الميليشيات الخاضعة لسيطرتها والتحقق من بذل هذه الجهود؛ ومراقبة ورصد أداء الشرطة المحلية لمهامها بفعالية ورفع تقارير حوله. كما تتضمن صلاحيات القوة حماية المدنيين في بعض الظروف : أن البعثة الأفريقية في السودان "ستحمي المدنيين الذين تصادفهم والذين يحدق بهم خطر وشيك وفي جوارها مباشرة، ضمن الإمكانيات والقدرات المتاحة، ومن المفهوم أن مسؤولية حماية السكان المدنيين تقع على عاتق الحكومة السودانية".7
وحتى الآن أجرت البعثة الأفريقية في السودان تحقيقات في انتهاكات عديدة لوقف إطلاق النار، بما فيا هجمات على المدنيين، تناهت إلى علمها، وكتبت تقارير حول هذه الانتهاكات. ويصحب المحققين التابعين للبعثة الأفريقية في السودان، مراقبون عن الحكومة السودانية وجيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة وتشاد ولديهم مستشارون من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وقبل رفع تقارير انتهاكات وقف إطلاق النار إلى مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي في أديس أبابا بإثيوبيا، تُمنح الحكومة وجيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة أسبوعين لإبداء تعليقاتها عليها. وهكذا فإن المنتهكين الذين ترد أسماؤهم في التقارير غالباً ما يئدون تقارير انتهاكات وقف إطلاق النار في مهدها. وتصدر البعثة الأفريقية في السودان توصيات مهمة في تقاريرها، لكن ليست هناك متابعة لهذه التوصيات، سواء من جانب الاتحاد الأفريقي أو مجلس الأمن الدولي.
وتفوض صلاحيات 20 أكتوبر/تشرين الأول البعثة الأفريقية في السودان بحماية المدنيين المعرضين "لخطر وشيك الموجودين بجوارها مباشرة" و"ضمن الإمكانيات والقدرات المتاحة". ومن الواضح أنه من أجل توفير حماية فعالة، يتطلب هذا الأمر تنفيذ النشر المتفق عليه لأعداد إضافية وتزويد البعثة بموارد كافية. كما يقتضي وجود إرادة لممارسة الصلاحيات. وعندما هاجمت قوات الشرطة السودانية المهجرين في مخيم الجير وانهالت عليهم بالضرب في 10 نوفمبر/تشرين الثاني، مستخدمةً الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، شعر الموظفون التابعون للبعثة الأفريقية في السودان الذين وصلوا إلى المخيم بأنهم عاجزون عن التصرف.
وفي ديسمبر/كانون الأول، عقب الهجمات التي شنها جيش تحرير السودان على طويلا والهجمات التي شنتها الحكومة والجنجويد على عدوى، ورد أن البعثة الأفريقية في السودان أوضحت للحكومة السودانية بأنها ستتصرف عندما ترى أن المدنيين معرضين للخطر. كذلك وسعت البعثة من دورياتها وسيَّرت دوريات على مدار الساعة في مناطق، مثل طويلا، تعتبرها معرضة للهجمات، وذلك في محاولة، لم تتكلل بالنجاح حتى الآن، لإقناع السكان بالعودة.
ينبغي على البعثة الأفريقية في السودان أن تمارس بفعالية الصلاحيات الممنوحة لها لحماية المدنيين والتأكد من أن الحكومة والجماعات المسلحة تدرك أنها ستفعل ذلك كلما تم استهداف المدنيين؛ يجب زيادة عدد أفراد البعثة الأفريقية في السودان وتزويدها بالإسناد اللوجستي الكافي لتتمكن من نشر أفرادها على وجه السرعة في جميع مناطق دارفور؛ ينبغي أن تجري البعثة الأفريقية في السودان تحقيقات في انتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان من جانب القوات الحكومية أو الجماعات المسلحة. وينبغي أن تتمكن من إصدار تقاريرها بصورة مستقلة، بدون موافقة الحكومة أو جيش تحرير السودان أو حركة العدالة والمساواة. ينبغي على مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي، فضلاً عن الحكومات الأجنبية متابعة التوصيات التي تصدرها البعثة الأفريقية في السودان حول انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. ويجب على المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات جماعية ضد الأطراف المسؤولة عن هذه الانتهاكات، في حال عدم التقيد بتوصيات البعثة الأفريقية في السودان. وينبغي على المجتمع الدولي أن يقدم دعماً سياسياً للبعثة الأفريقية في السودان. ينبغي تزويد جميع القوات التابعة للاتحاد الأفريقي في دارفور بالتدريب المناسب، بما فيه على القانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، قبل نشرها. ويجب وضع إرشادات واضحة تنظم سلوكها وآليات فعالة للإشراف والمساءلة يمكن بموجبها إجراء تحقيقات في الشكاوى.
مراقبو حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة أدى الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين كوفي عنان، الأمين العام للأمم المتحدة والحكومة السودانية في 3 يوليو/تموز 2004 إلى إرسال مراقبي حقوق الإنسان إلى دارفور تحت رعاية المفوضية العليا لحقوق الإنسان. وقد زار المراقبون مخيمات الأشخاص المهجرين داخلياً وتابعوا أنباء العنف الممارس ضد المدنيين أو الاغتصاب أو غيره من أشكال العنف الجنسي والمضايقات والاعتقالات وأجروا تحقيقات فيها. وزاروا المعتقلين وضمنوا أحياناً إطلاق سراحهم وناقشوا حالات انتهاك حقوق الإنسان مع المسؤولين السودانيين. ويكتب الفريق تقريراً شهرياً يتم إيجازه في بيان علني يُصدره المفوض السامي لحقوق الإنسان ويُستخدم في التصريحات العلنية التي يدلي بها المسؤولون الآخرون في الأمم المتحدة، لكن بخلاف ذلك لا يُنشر على الرأي العام.
ومن المقرر مضاعفة العدد الراهن للمفرزة (تسعة أفراد في ديسمبر/كانون الأول 2004) وربما زيادته إلى أكثر من ذلك. وحالياً تعيق القيود الأمنية التي تفرضها للأمم المتحدة قدرتهم على التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان. فعلى سبيل المثال لم يتمكن مراقبو حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة من الذهاب إلى عدوى ولا إلى طويلا في أعقاب الهجمات التي وقعت، لأن جهاز الأمن التابع للأمم المتحدة أعلن أن المناطق غير آمنة لدخول موظفي الأمم المتحدة إليها.
يجب زيادة عدد مراقبي الأمم المتحدة بشكل كاف من أجل تمركز أربعة مراقبين على الأقل في كل منطقة متضررة في دارفور. يجب منح المراقبين دعماً لوجستياً كافياً لأداء مهامهم. وينبغي أن يعملوا بالتعاون الوثيق مع مراقبي الاتحاد الأفريقي لكن ليس تحت سيطرتهم. ويجب أن يتمكنوا من الحصول على مرافقين من الاتحاد الأفريقي لحمايتهم في حال انتقالهم إلى المناطق التي توجد فيها مشاكل أمنية. يجب أن تصر الأمم المتحدة على تمكين مراقبي حقوق الإنسان من زيارة كل مركز اعتقال في دارفور. يجب أن تُنشر تقارير مراقبي حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة على الملأ وأن يتخذ المجتمع الدولي إجراءات ضد القوات التي يقال إنها انتهكت حقوق الإنسان.
مراقبة الشرطة وبناؤها تعمل الحكومة السودانية على تقويض سيادة القانون وتتقاعس عن حماية شعبها. وفي جميع أنحاء العالم، يتمثل دور الشرطة في التمسك بسيادة القانون وتعزيز أمن شعب بلدها. وخلال الهجمات والتهجير القسري للسكان، قدمت الشرطة أحياناً مساعدة للمهاجمين. وغالباً ما استُهدفت الشرطة من جانب ميليشيات الجنجويد وجيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة على حد سواء.
وعقب الضغط الدولي الذي مورس لحماية سكان دارفور، نقلت الحكومة حوالي 12000 شرطي من مناطق أخرى في السودان إلى دارفور. ومع ذلك هناك الآن قلة ثقة شديدة من جانب شرائح من السكان المدنيين والأشخاص المهجرين داخلياً في أي شيء يأتي من الحكومة السودانية لدرجة أنه حتى إذا احترمت الشرطة الجديدة حقوق الإنسان وزُودت بالإسناد اللوجستي وامتلكت القدرة والإرادة على أداء مهمة توفير الأمن للسكان في منطقتهم، ستظل ثقة الأشخاص المهجرين داخلياً بالشرطة معدومة لفترة طويلة. وما زال يُنظر إلى الشرطة الجديدة والقديمة على أنهما معاديتان للأشخاص المهجرين داخلياً. فالشرطة تعمد إلى نقلهم قسراً إلى أماكن أخرى. وتتعرض النساء للاغتصاب خارج المخيمات وتتوانى الشرطة عن حمايتهن أو البحث عن الذين اعتدوا عليهن. والشرطة التي يُفترض بها أن تحمي المهجرين توجه مدافعها الرشاشة إلى صدورهم داخل المخيمات. وتعمد الشرطة إلى مهاجمتهم وقتلهم واعتقالهم. كما تتعرض الشرطة نفسها للمعاناة بوصفها هدفاً لجماعات المعارضة المسلحة.
وليس من السهل أن يكون المرء في قوات شرطة معرضة للهجمات في سياق نزاع مسلح وربما يحاول البعض في الشرطة التمسك بمعايير إنفاذ القانون في وضع صعب وخطير. بيد أنه من الواضح جداً أن وجود الشرطة في المنطقة لا يمنح المدنيين في دارفور إحساساً بالأمان. ولن يشعر المدنيون بالثقة إلا إذا كان هناك وجود دولي بارز للعيان لمراقبة قوات الشرطة.
وإذا تمت تسوية النـزاعات السودانية، ستكون الشرطة السودانية في نهاية الأمر القوة التي توفر الأمن للناس. لكنها ستكون بحاجة إلى إعادة تدريب على معايير حقوق الإنسان، فضلاً عن أساليب التحقيق، وتزويدها بإسناد لوجستي كافٍ. وفي نهاية المطاف، سيحتاج السودان إلى قوات شرطة تكون جزءاً من كل مجتمع محلي؛ قوات شرطة مدربة على مراعاة النوع الاجتماعي؛ وعلى التعامل مع العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما فيه العنف الجنسي؛ ومعززة بجهاز شرطة نسائية مدربة. وفي هذه الأثناء، وإلى أن تتوافر الثقة بالشرطة، يحتاج الأشخاص المهجرون داخلياً إلى رؤية وجود دولي مرئي على شكل مراقبين شرطيين يعملون جنباً إلى جنب مع الشرطة لكي يشعر هؤلاء المهجرون بأن الشرطة تحافظ على سيادة القانون وليست ذراعاً عدوانية لحكومة غريبة عنهم. كما يمكن لأفراد الشرطة الدولية أن يساعدوا الشرطة السودانية في جميع الميادين، بما فيه الإسناد اللوجستي، وقد يساعد وجودهم على حماية الشرطة من الهجمات التي تقوم بها جماعات المعارضة المسلحة.
ينبغي إرسال أفراد الشرطة المدنية البالغ عددهم 815 والذي أعلن البيان الصادر عن مجلس السلام والأمن الأفريقي في 20 أكتوبر/تشرين الأول عن إرسالهم، على وجه السرعة إلى دارفور واستخدامهم لدعم قوات الشرطة الوطنية واستعادة الثقة بهيئات الشرطة الوطنية. ويجب نشر أفراد الشرطة التابعين للبعثة الأفريقية في السودان على عدة مستويات نزولاً إلى المستوى المحلي لتشكل وجوداً واضحاً للعيان يُشعر المهجرين بالثقة. ينبغي أن يعمل أفراد الشرطة التابعين للبعثة الأفريقية في السودان استناداً إلى اتفاقيات واضحة مع القوات المعنية. ويجب أن تشمل هذه الاتفاقيات الحق في الذهاب إلى أي مكان في أي مركز للشرطة، وفي مرافقة الشرطة خارج مراكزها، وفي الالتحاق بقوات الشرطة. كما ينبغي على أفراد الشرطة مراقبة نظام التجنيد في الشرطة بدارفور لضمان عدم ضم أولئك الذين ربما ارتكبوا انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان إلى قوات الشرطة، بل ينبغي تقديمهم إلى العدالة. وعليهم مراقبة أداء الشرطة لواجباتها والتقيد بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان. وعليهم ألا يكتفوا بالمراقبة فقط، بل عليهم أن يكونوا قادرين على تقديم المشورة والتدريب ومراقبة أفعال الشرطة والتحقيق في الشكاوى المقدمة ضد الشرطة أو مراقبة التحقيق فيها. وعليهم رفع تقارير حول عملية المراقبة التي يقومون بها إلى الحكومة السودانية ومجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي وينبغي نشر تقاريرهم على الملأ. ينبغي على الحكومة السودانية الموافقة على تقديم كافة المساعدات الضرورية إلى قوات الشرطة التابعة للبعثة الأفريقية في السودان والملحقة بقوات الأمن في دارفور. يتعين على الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي التأكد من أن هذه القوة تضم عناصر عالية النوعية مدربة للحفاظ على الأمن والقانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان وتحظى بدعم لوجستي كافٍ. ويجب على مراقبي الشرطة التابعين للبعثة الأفريقية في السودان التقيد الصارم بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان في ممارسة مهامها وإخضاع أفعالها لمدونات قواعد سلوك وإرشادات واضحة تتضمن آليات فعالة للمساءلة.
نزع سلاح الميليشيات حتى الآن لم تُبذل أية محاولة جدية على الإطلاق لنـزع سلاح ميليشيات الجنجويد التي تدعمها الحكومة. وإذا ظل أولئك الذين مارسوا القتل خلال العامين الماضيين مسلحين، فلا يجوز لاستمرار الهجمات التي تشنها القوات ذاتها على المدنيين أن يكون مفاجئاً. وينظر مرة أخرى إلى الحكومة التي تقاعست عن نزع سلاح ميليشياتها على أنها تساند الأخيرة في الهجمات التي تشنها على السكان المدنيين.
وما برح الجنجويد يشنون الهجمات على القرويين الذين يعيشون في المناطق الريفية ويقتلونهم ويسلبونهم. ويتسم نزع سلاح الميليشيات بأهمية حاسمة في تعزيز حماية المدنيين. ولا يجوز السماح للذين قاتلوا في صفوف الجنجويد أن يشكلوا جزءاً من أية قوات مسلحة أو قوات أمن. ويجب ألا يُسمح لهم مرة أخرى بإيذاء السكان المدنيين. بيد أن نزع سلاح الجنجويد يجب أن يقترن بحملة إعلامية توضح بجلاء أن قوات الاتحاد الأفريقي ستحمي الذين يتخلون عن أسلحتهم وعائلاتهم.
يحب المبادرة فوراً إلى نزع سلاح ميليشيات الجنجويد، بمن فيهم الأعضاء الذين جرى ضمهم إلى قوات الدفاع الشعبي والشرطة الشعبية وغيرها من القوات شبه العسكرية، والذين شاركوا في الهجمات التي شُنت على المدنيين، وإلى حلها. يجب إقالة أي شخص يُشتبه في أنه ارتكب انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الإنساني من أي موقع يمكنه فيه مواصلة ارتكاب هذه الأفعال. ينبغي على البعثة الأفريقية في السودان أن تنظر بعين الجد إلى الصلاحيات الممنوحة لها لمراقبة الجهود التي تبذلها الحكومة السودانية لنـزع سلاح الميليشيات الخاضعة لسيطرتها والتحقق منها والنظر في إنشاء هيئة مراقبة يجب تزويدها بالموظفين الذين يتمتعون بالخبرة الكافية في الحقول العسكرية والسياسية ونزع السلاح والإنسانية والإعلامية لإعداد حملة شاملة لنـزع سلاح الجنجويد وحلهم. ويجب الاستعانة بالزعماء الذين لم يشاركوا في انتهاكات حقوق الإنسان لمساندة عمل هيئة المراقبة والمساعدة في التخطيط لحملة نزع الأسلحة. ويجب إشراك النساء المنتميات إلى المجتمعات المحلية في المناقشات وبرامج نزع السلاح. وفي نهاية الأمر، يمكن نزع أسلحة كافة الجماعات المسلحة في دارفور، لكن في الفترة الأولية يجب النظر بوضوح إلى نزع سلاح الجنجويد على أنه إجراء اتُخذ ضد الجنجويد فقط نتيجة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي اقترفوها بأسلحتهم. ولا يجوز التعويض عليهم مقابل تسليم أسلحتهم. ينبغي على مجلس الأمن الدولي أن يفرض حظر أسلحة إلزامياً على الحكومة السودانية لمنع وصول الإمدادات العسكرية وما يتعلق بها إلى أطراف النـزاع في دارفور، إلى حين وضع ضمانات فعالة لحماية المدنيين من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وجرائم الحرب. ويجب أن يقترن هذا الحظر بآلية مراقبة تابعة للأمم المتحدة مزودة بإمكانيات كافية وتضم مجموعة من الخبراء ترفع تقارير منتظمة إلى مجلس الأمن، ولجنة معنية بالعقوبات يشكلها مجلس الأمن بموجب القرار المقترح. وينبغي على مجموعة الخبراء أن تجري تحقيقات دولية وأن تراقب بصورة منتظمة موانئ الدخول الرئيسية في السودان للمساعدة على التأكد من احترام الحظر.
العدالة ووضع حد لظاهرة الإفلات من العقاب إن حقيقة عدم المساس بأولئك الذين مارسوا القتل والاغتصاب والسلب والنهب ساعدتهم على الشعور بأنه لا يمكن الإمساك بهم وعلى التسبب بمزيد من الانتهاكات. وتقاعست الحكومة عن التصدي لظاهرة الإفلات من العقاب وهي غير مستعدة للقيام بذلك وربما غير قادرة عليه.
وستُصدر لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة، التي شُكِّلت بموجب قرار مجلس الأمن 1564، تقريراً في العام 2005 حول كيفية تقديم مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية إلى العدالة؛ بيد أن منظمة العفو الدولية توصي بمنح اللجنة وقتاً كافياً لإجراء تحقيقات متعمقة، نظراً للصعوبات التي تواجهها اللجنة في عملها وفي تنقلاتها داخل دارفور.
ينبغي على الحكومة السودانية أن تقر بمسؤوليتها في الأزمة القائمة في دارفور. ويتعين عليها أن تشجب الهجمات التي تُشن ضد المدنيين وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها الميليشيات المسلحة أو القوات البرية الحكومية أو سلاح الجو السوداني خلال النـزاع. ولا يمكن لما ينجم عن ذلك من إفلات من العقاب على عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء وغيرها من عمليات القتل غير القانونية والتعذيب والاغتصاب والخطف والاعتقالات التعسفية إلا أن يتسبب بمزيد من الانتهاكات لحقوق الإنسان في دارفور وسواها. لم تتصدَّ الحكومة السودانية حتى الآن لظاهرة الإفلات من العقاب. وينبغي عليها التأكد من إجراء تحقيقات سريعة وشاملة ومستقلة في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان التي أُطلقت في الماضي والحاضر، ومن ضمنها عمليات القتل والعنف الجنسي، وتقديم المتهمين بأنهم مسؤولون عن ارتكابها إلى العدالة في محاكمات تستوفي المعايير الدولية للعدالة من دون إمكانية فرض عقوبة الإعدام أو غيرها من ضروب العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وينبغي أن يحصل الضحايا على سبيل انتصاف بما فيه التعويض ورد الحقوق. ويجب حماية سلامة الضحايا والشهود. وإذا لم يكن نظام القضاء الوطني قادراً على تقديم المتهمين بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية إلى العدالة أو غير راغب في ذلك، يتعين النظر في آليات أخرى للعدالة الدولية.
الحماية ينبغي أن تشمل التشاور الوثيق مع المجتمع المدني خلال الأشهر الأخيرة، نظمت الحكومة السودانية والإدارة المحلية في دارفور عدداً من الاجتماعات الكبيرة للتشاور، حضرها أحياناً المئات من ممثلي القبائل وقادة المجتمعات المحلية لمناقشة أزمة دارفور. واشتكى بعض المدعوين من أنها ليست مشاورات حقيقية وأنه يصعب التحدث بحرية. وقد جرت العادة على استبعاد النساء والشبان أو أنهم شكلوا أقلية صغيرة جداً في هذه الاجتماعات. والعديد من النساء اللواتي حُرمن من التعليم في الماضي، قد يكنَّ أميات، لكن طوال العام الماضي تحدثت النساء علناً وبشكل متزايد عن بواعث قلقهن. وفي العادة يستبعد الشبان من الاجتماعات التي يعقدها القادة المحليون، ومع ذلك فإن الشبان المحبطين هم الذين يغادرون المخيمات بشكل متزايد لحمل السلاح؛ وينبغي إشراكهم في أية استراتيجيات مستقبلية.
وثمة حاجة للتأكد أيضاً من أن المجتمع الدولي يعمل على مواجهة الأزمة القائمة في دارفور بطريقة تشاورية ومنسقة وتحترم الحقوق. وعند إعداد استراتيجيات الحماية لمواجهة الوضع في دارفور، يتعين على الأمم المتحدة وغيرها من الهيئات والمنظمات غير الحكومية أن تضع نصب أعينها ضرورة التشاور مع المجتمع المدني، من أجل إدراج بواعث قلق السكان المدنيين والمهجرين داخلياً في أية استراتيجية من هذا القبيل. ومن الأهمية بمكان كذلك أن تضع مثل هذه الاستراتيجية فعلياً بعين الاعتبار في جميع المراحل حاجة الجماعات المعرضة للانتهاك إلى الحماية بشكل خاص، مثل النساء والعائلات التي تكون فيها النساء ربة الأسرة والأطفال الذين ليس لديهم أولياء أمر.
يجب تنظيم عملية التشاور داخل دارفور للبحث عن حلول للأزمة المستمرة. وينبغي إجراء المشاورات على المستوى المحلي الأساسي، فضلاً عن المستويات الأعلى. ومن المهم إيلاء اهتمام خاص بالتشاور مع أولئك الذين يحتمل استبعادهم أكثر من سواهم من المشاورات التقليدية – بمن فيهم النساء والشبان. يجب على الحكومة والمجتمع الدولي توفير الحماية للسكان المدنيين والمهجرين داخلياً في دارفور، بناء على مشاورات واسعة النطاق. ويجب استشارة السكان المهجرين داخلياً حول جميع التدابير الرامية إلى تعزيز أمن المخيمات وإدارتها. يتعين تعزيز دور المدافعين السودانيين عن حقوق الإنسان وأن يسمح لهم بالدخول إلى جميع المناطق ومقابلة جميع ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان دون أية قيود أو خوف من الانتقام أو العقاب.
الهجمات على المنظمات الإنسانية من المهم أن تنسق الهيئات الدولية المشاركة في حماية المهجرين داخلياً إجراءاتها، وأن تحدد أدواراً ومسؤوليات واضحة المعالم. ولضمان التمسك بحقوق المهجرين داخلياً في دارفور، مثل الحق في عدم الإكراه على العودة إلى منطقة يتعرضون فيها للخطر، هناك حاجة إلى أن لا تعمل الهيئات، لاسيما المنظمة الدولية للهجرة، والتي تحدد مدى الملاءمة" و"الطابع التطوعي" لعودة العديد من المهجرين داخلياً في دارفور، خارج مجالات صلاحياتها أو خبرتها. ويظل الوضع الإنساني صعباً. وغالباً ما تعمل المنظمات الإنسانية الدولية والوكالات التابعة للأمم المتحدة فوق طاقتها في المحاولات التي تبذلها لتقديم المعونة الإنسانية. وتجري منظمات أخرى مثل المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي تضطلع بدور قيادي في حماية المهجرين داخلياً في دارفور الغربية وإعادتهم، تجري مسحاً للوضع في القرى، بما فيها القرى المهجورة والمدمرة، وتعمل على "توفير الحماية من خلال وجود متزايد ومنتظم". وقد شكلت الحكومة السودانية لجنة للعودة التطوعية يُفترض بها أن توفر ظروفاً آمنة للعودة. وعوضاً عن ذلك غالباً ما ضايقت المهجرين داخلياً الذين باتوا فقراءً أو قدمت لهم رشوة أو حتى أرغمتهم على العودة إلى مناطق غير آمنة.
وتؤدي الهجمات المتكررة إلى الإعلان بأن المناطق غير آمنة أمام القوافل الإنسانية، وبذلك يُحرم المهجرون داخلياً من المساعدات الغذائية. وتكرر الهجمات على القوافل الإنسانية بدرجة تثير القلق. ففي 12 ديسمبر/كانون الأول 2004، قُتل عاملان سودانيان لدى منظمة إنقاذ الأطفال في قافلة إنسانية معلمة بوضوح وذلك على الطريق الممتد بين دوما ومرشنج في جنوب دارفور. ونُقل عن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان جان برونك قوله إنه رغم عدم وضوحها بشكل كامل بعد، إلا أن "لدينا مؤشرات" على أن جيش تحرير السودان مسؤول عن الهجوم.
وفي الوقت ذاته الذي يصبح فيه الوضع أكثر خطورة وتعقيداً، استأنفت الحكومة مضايقة عمال الإغاثة والتي كانت قد تراجعت أو توقفت في مايو/أيار 2004 بعد أن مارس المجتمع الدولي ضغطاً قوياً. وقد مُنع عمال الإغاثة في الفاشر ونيالا من مغادرة البلدة لمدة يومين. وفي ديسمبر/كانون الأول أُمر رئيس منظمة أوكسفام المملكة المتحدة بالمغادرة لأن مقره في الخرطوم؛ وهُدد رئيس منظمة إنقاذ الأطفال بالطرد.
وتهدف الاعتقالات والهجمات التي تقوم بها الحكومة ضد الأشخاص المهجرين داخلياً إلى منعهم من الجهر بآرائهم؛ وعلى النحو ذاته، فإن عمليات طرد عدد قليل من المنظمات الإنسانية واعتقال موظفيها ومضايقتهم تثني سواها عن توجيه ملاحظات انتقادية خشية طردها وعدم تمكنها من مساعدة الجياع. أما منظمات حقوق الإنسان فهي غير مرغوب فيها بدرجة أكبر؛ ولم تُمنح منظمة العفو الدولية، التي سُمح لها بالدخول إلى السودان في سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول، تأشيرات للدخول إلى السودان مجدداً رغم الطلبات العديدة التي قدمتها.
ينبغي على الحكومة السودانية أن تضع حداً للقيود المفروضة على عمال المنظمات الإنسانية وأن تكف عن مضايقتهم وأن تكفل وصول منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية إلى المدنيين المحتاجين دون أية عراقيل. ينبغي على جماعات المعارضة المسلحة أن تضع حداً للهجمات التي تشنها على القوافل الإنسانية؛ وقد تشكل الهجمات الموجهة عمداً وعن معرفة ضد الأشخاص العاملين في مجال تقديم المساعدات الإنسانية في النـزاعات المسلحة جرائم حرب، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 1502 (2003).
الخلاصة فسَّرت أطراف النـزاع سلبية مجلس الأمن بشأن دارفور في الاجتماع الذي عقده يومي 18 و19 نوفمبر/تشرين الثاني والذي أعطى الأولوية لعملية السلام بين الشمال والجنوب بأنها إشارة إلى أنها تستطيع مواصلة هجماتها. واتسم نشر البعثة الأفريقية المعززة في السودان بالبطء؛ وحتى الآن لم يتم نشر إلا 900 عنصر على الأرض، بمن فيهم حوالي 15 شرطياً. ونتيجة لذلك لم يؤد وجودهم بعد إلى تعزيز أمن المدنيين، كما أنه لم يشكل بعد رادعاً ضد الهجمات.
وأدى التقاعس عن احترام وقف إطلاق النار إلى تعرض الرجال والنساء والأطفال في دارفور اليوم، والذين يعيشون في القرى أو مخيمات المهجرين، لهجمات من جانب الميليشيات والحكومة ذاتها اللتين أقدمتا على طردهم من ديارهم الأصلية. وتعمد القوات الحكومية والميليشيات التي تدعمها الحكومة إلى مضايقتهم ومهاجمتهم داخل مخيمات المهجرين داخلياً التي لجئوا إليها وخارجها. وقد خلق التمرد اضطراباً أمنياً واسع النطاق زعزع استقرار المنطقة؛ ولا تقل الهجمات التي تشن على الناس من حيث عددها وفتكها عن تلك التي تشن على القوافل الإنسانية التي تجلب المواد الغذائية للناس. وفي الوقت ذاته، يزداد الوضع تعقيداً. وإضافة إلى الهجمات التي تشنها الحكومة والميليشيات والمتمردين، كثرت الصراعات بين الجماعات العرقية، وأدت إلى مزيد من التدهور الأمني وتسببت بهروب أشخاص مهجرين آخرين إلى البلدات المكتظة أصلاً.
وما دام المدنيون محرومين من الحماية في السودان، وما دامت الهجمات وعمليات القتل مستمرة، سيواجه سكان دارفور مستقبلاً محفوفاً بالمخاطر والقلاقل ويواجه المجتمع الدولي أزمة تستعصي على الحل.
هوامش 1. صدر قرار مجلس الأمن 1574 في نيروبي في 19 نوفمبر/تشرين الثاني وبدا أنه يقبل بعدم اتخاذ أي إجراء إيجابي بشأن دارفور إلى ما بعد التوقيع على اتفاق سلام بين الشمال والجنوب في الحرب الأهلية الدائرة منذ 21 عاماً في جنوب السودان وذلك بحلول 31 ديسمبر/كانون الأول 2004. 2. هذه استمارة للشرطة خاصة بعلاج الجروح الناجمة عن فعل إجرامي؛ وهي شرط في القانون السوداني أُلغي بموجب مرسوم أصدره وزير العدل في سبتمبر/أيلول. 3. بمن فيهم أفراد في القوات المسلحة ألقوا أسلحتهم أو أصبحوا على نحو آخر عاجزين عن القتال. 4. هذه مجموعة موثوق بها من معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان وقانون اللاجئين والقانون الإنساني تحدد حقوق الأشخاص المهجرين داخلياً وواجبات الحماية المترتبة على الحكومة وغيرها من الجهات الفاعلة تجاه الأشخاص المهجرين داخلياً. 5. رداً على إيحاءات من جانب ضباط من القوات الرواندية بأنه يُتوقع من الجنود حماية المدنيين، قال الناطق باسم القوات المسلحة السودانية محمد بشير سليمان في 15 أغسطس/آب 2004 : "إن مهمة القوات التابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي وقوامها 300 جندي سيتم نشرهم في دارفور تقتصر على حماية المراقبين التابعين للاتحاد الأفريقي". 6. تقرير رئيس اللجنة المعنية بالوضع في دارفور، الاتحاد الأفريقي، مجلس السلام والأمن، الاجتماع السابع عشر، 20 أكتوبر/تشرين الأول 2004. 7. بيان صادر عن مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، الاجتماع السابع عشر، 20 أكتوبر/تشرين الأول 2004، (PSC/PR/Comm.(XVII)) .
Let us all read it with a good, neutral and just eye End
Muna
| |
|
|
|
|
|
|
Re: Darfur and Amnesty in Arabic (Re: Muna Khugali)
|
الرائعة منى خوجلي او المراءة الحديدية المصادمة أتيت لاعلن حضوري وأنا غير مندهش للذى تقومين به فلقد عودتينا على الدوام تواجدك في الخطوط الامامية تقاتلين بكل تماسك وثبات. فلك منى كل التقدير يا أخت مصطفى وإبنة جارة و عوض فقد إختار مصطفى ان يبقى ملحا لارض المليون ميل و ترجم اسرته هذا الفقد فى إتجاه إعادة ترتيب منطقية لوطن خالى من دراكولا واتباعه والذين لا يعيشون إلا على الجييف ومص الدماء الادمية.
شمس الدين السنوسى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: Darfur and Amnesty in Arabic (Re: Shams eldin Alsanosi)
|
العزيزة : منى عوض خوجلي
الله يفتح عليك ..
أنا بصراحة تسلمت هذا التقرير
بحكم عضويتي في امنستي ـ كما تعلمين ـ ولكن
طبعا باللغةالانكليزية مرفقا مع أخر اصدارياتها
مما جعلني افكر في الكتابة عنه ملخصا بالعربي وموجزا ..
الا انك بالفعل أرحتيني كثيرا مثل كثيرين غيري
حينما قمت بعمل رائع ونشره باللغة العربية ..
و كما ترين فأن أهمية هذا التقريرالوافي في :
1 ـ انه جمرة في عين الزيف والكذب اللذين ظل
الاسلامويون يمارسونه في الخرطوم تشويها للحقيقة
وذرا للرماد في العيون .
2 ـ يكشف عن عمق المأساة هناك وحقيقة ما يجري
في ذلكم الجزءالعزيز من وطننا الحبيب المختطف يا منى !!!!.
لك ودي وعظيم تقديري .
خضرعطاالمنان
| |
|
|
|
|
|
|
Re: Darfur and Amnesty in Arabic (Re: خضر عطا المنان)
|
و كما ترين فأن أهمية هذا التقريرالوافي في :
1 ـ انه جمرة في عين الزيف والكذب اللذين ظل
الاسلامويون يمارسونه في الخرطوم تشويها للحقيقة
وذرا للرماد في العيون .
2 ـ يكشف عن عمق المأساة هناك وحقيقة ما يجري
في ذلكم الجزءالعزيز من وطننا الحبيب المختطف يا منى They have one day to face the result of their crimes, and it is coming soon, so don't worry too much, people are documenting things, those who stole our dreams cannot continue doing so forever, Muna
| |
|
|
|
|
|
|
Re: Darfur and Amnesty in Arabic (Re: Shams eldin Alsanosi)
|
Ezayak ya shams, wain enta, wa kaif halak? it is really nice to see you here. thank you for commenting on the post, Haja Jara wa alKhalifa Awad are fine, we are all fine al hamdulila and strong till we die, , Happy to see you after this very long time, Take care Muna
| |
|
|
|
|
|
|
Re: Darfur and Amnesty in Arabic (Re: غادة عبدالعزيز خالد)
|
Thanks Ghada for your nice words, we did not leave Sudan to enjoy life abroad, and the causes that pushed us out of our country should be a lesson and a power that should keep us moving to highlight violation of human rights in the whole of Sudan, take care habibti Muna
| |
|
|
|
|
|
|
|