دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
صلاح احمد ابراهيم بين الشعر و السياسة فى ذكراه الخامسة
|
صلاح رجل له اسهام عى حياتنا إلا أن الجدل و الاختلاف أكثر من مباح حول القيمة الأدبية و الفكرية لأثاره و هي بالمناسبة ليست كثيرة. اى انه ليس مجرد مرحوم لا يجوز في حقه إلا الرحمة. صلاح كشاعر: كان مقلا و معظم قصائده متوسطة القيمة الأدبية و لم تشتهر له سوى قصيدتا نحن و الردى، و مريا ( و الأخيرة ربما بفضل غناء حمد الريح لها). و على مستوى العالم العربي فهو معروف كسياسي أكثر منه كأديب. و هو( كمفكر) فقد استهلك وقتا كبيرا في معارك شخصية و لا معنى لها مع عبد الخالق محجوب. و بالمناسبة هزه المعارك كانت خصما على رصيد صلاح از كان أسلوب هجائه لمحجوب مؤ غلا في السباب الشخصي و بعيد تماما عن الأخلاق السودانية كما انه لم يكلف نفسه مرة واحدة بالرد عليه مما أدى إلى أيغار صدر صلاح أكثر عليه.كما انه ورط نفسه في اتهام كاذب و باطل بحق محجوب بخصوص انتحار شيبون كما اثبت ذلك عبد اللة على إبراهيم و هو كسياسي كان متقلبا: فقد استمر في خدمة النظام المايوى حتى منتصف السبعينات و بعد الانتفاضة كان معاديا للتجمع و في أخريات أيامه كان إسلاميا ينظم الدوبيت في شهداء حرب الجنوب بدلا من أن يكون داعية للسلام
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: صلاح احمد ابراهيم بين الشعر و السياسة فى ذكراه الخامسة (Re: bayan)
|
الاخت بيان لك كل التحايا و الود
من امثلة سبابه لعبد الخالق تشبيهه له بحشرة افريقية يقال لها انانسى.
خالد المبارك ليس حكما عادلا فى هذا الامر. انا اقبل شهادة عبد اللة على ابراهيم و قد انزلتيها بنفسك للبورد.ثم لماذا استمر المبارك فى عضوية الحزب قرابة العشرة سنين بعد هذه الحادثة
القبول بمنصب سفير لنظام ما يعنى الاقتناع بسياساته و افكاره و من ثم الاستعداد للدفاع عنها و اقناع الاخرين بها و اذا قبل رجل ما هذا المنصب دون هذه الفناعة فماذا نسمى هذا؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: صلاح احمد ابراهيم بين الشعر و السياسة فى ذكراه الخامسة (Re: عوض محمد احمد)
|
الاخ الكريم
هل شبهه بحشرة؟
ومن قبله قال احد الشعراء للخليفة انت كالتيس في مقارعة الخطوب.. عندما تقول ذلك تجرد مفهوم التشبيه من معناه فيصير سباب من يقرا ما قلت يتخيله قال له في نقاش يا حشرة ..او وقف على قارعة الطريق وسباه.. آسفة اذا قلت لك ان ما كتبته محض ادعاء. هل اطلعت على سجالاته من الحزب الشيوعي في عام 1968؟ ام فقط نقلا عن فلان منو شنو قال شنو الى آخر ما يجيده مسقفاتية السودان النقل بالتواتر؟Quote: خالد المبارك ليس حكما عادلا فى هذا الامر. انا اقبل شهادة عبد اللة على ابراهيم و قد انزلتيها بنفسك للبورد.ثم لماذا استمر المبارك فى عضوية الحزب قرابة العشرة سنين بعد هذه الحادثة |
طبعا من رايك ان تقول خالد المبارك ليس حكما عدلا. ولا ادري لماذا استخدمت حكما لان خالد المبارك لم يكن حكما. فقط شخص يكتب عن تجربته الخاصة,, واستمر في الحزب لانه عندما عرض قصته هذه هو كان احد الذين اداروا كتوفا باردة لشيبون. اي كان مقتنع بسياسات الحزب وما يمارسه من اساليب عقلية القطيع هذه. ولكن فيما بعد خرج وقدم نقدا ذاتيا لتجربته الخاصة(انظر الى الخاصة هذه) عبدالله لم يكتب شهادة بل كتب رايا مقدرا يمكن الاختلاف معه او الاتفاق معه. فانت تخلط كثيرا ما بين هو راي شخصي او حقيقة عامة..
Quote: القبول بمنصب سفير لنظام ما يعنى الاقتناع بسياساته و افكاره و من ثم الاستعداد للدفاع عنها و اقناع الاخرين بها و اذا قبل رجل ما هذا المنصب دون هذه الفناعة فماذا نسمى هذا؟ |
يا اخي حاكومات تغور وحاكومات تاتي فعلى كل العاملين في الخدمة المدنية تقديم استقالتهم فور حضور اي حكومة مخالفة.. صلاح يخدم السودان ولا يخدم الرئيس بقولك هذا انك تدين كل من يعمل في وزارة الخارجية الآن وكل من يعمل في الخدمة المدنية انه موالي للكيزان هذا تعميم مخل حكمك حكم جائر وغير صائب..صلاح ترك وظيفته الذهبية هذه في اول مواجهة مع نميري... وصالح هو خادم الشعب الامين..
انطباعي عما كتبت انك لا تعرف الكثير عن صلاح.. ولم تقرا له لانك اجحفت حين ذكرت انه شاعر غير جيد ولولا حمد الريح لما عرفت قصيدته.. صلاح يعرف في الخارج بانه أديب اكثر مما انه سياسي في تابينه احتفل به كثير من الادباء العرب ويتغشي دائما المهرجانات الادبية..اي ان معلومتك خطأ 100% اذ ان صلاح ترك العمل الحزبي السياسي وهو في اوائل العشرينات. اتمنى ان تطلب من بكري نقل هذا البوست الى الفترة القادمة. واتمنى ان تقرأ عن صلاح وتجمع معلومات حتى يكون نقدك له نقد مؤسس وليست انطباعات وقائما على مشافهات لا غير..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: صلاح احمد ابراهيم بين الشعر و السياسة فى ذكراه الخامسة (Re: bayan)
|
الأخ الكريم عوض محمدأحمد:
إقرأ ماقاله أحد كبار الصحفيين العرب عن الراحل صلاح احمد ابراهيم وهي شهادة موثوقة ومحايدة :
قال الصحفي الكبير بلال الحسن عن صلاح احمد ابراهيم فى (مجلة اليوم السابع):-
هنالك اشخاص نعرفهم كثيراً ثم نكتشف فجأة اننا لا نستطسع ان تنحدث عنهم كثيراً، فهم النسمة وهم الطيبة ،وهم التواضع ، وماذا يستطيع الانسان ان يقول عن النسمة والطيبة والتواضع والصداقة؟
لقد تعرفت على صلاح احمد ابراهيم عام 1984م وسعيت وراءه من اجل ان يكتب فى (( اليوم السابع)) وكنت قد قرأت له مقالات سياسية كثيرة ، ولكننى ألححت عليه ان لا يكتب فى السياسة. ولا ادري ان تخبئه هذه الجملة. وكنت احرص بدافع الفضول ان اقرأ مقالة صلاح فور وصولها ، لاكتشف ان كان لا يزال هنالك ((جديرون بالأحترام) يستطيع ان يكتب عنهم.
واعترف..ان صلاح فتح امامى باباً واسعاً يطل على عالم الجديرين بالاحترام هذا. كانوا كثيرين اكثر مما تصورت ، وكانوا يخرجون من تحت معطفه بشراً احياء .كان من خلالهم يدافع عن الخير فى معركته الأبدية مع الشر، وبدأت اسمع ملاحظات الاعجاب بمقالة صلاح فى كل مكان اذهب اليه. وفوجئت حين كنت التقى بالشباب المغتربين وفيهم من لا يتقن العربية الا قليلاً ، وقد قرأوا مقالة صلاح وطربوا للغتها. وبدأت اشعر ان صلاح يستطيع ان يكتب لنا عن هؤلاء الجديرون بالاحترام دون توقف ، وحتى النهاية ، وقد كان هذا للاسف ، هو ما فعله تماماً ، باستثناء مقالة واحدة بقيت غائبة لم تكتب بعد عن صلاح احمد ابراهيم نفسه ، لتكون خاتمة السفر.
لقد كانت حياة صلاح ، بقدر ما استطعت ان اعرف منه ، سلسلة من التحديات ، تحديات مع الأحزاب ، ومع السياسة ومع الحكام.
انتمى للحزبية فى مطلع السيتينات ، فترة لا تتجاوز السنه الواحدة ، وغادر الحزبية بسبب ((شيبون)) وشيبون هذا شاعر سودانى ، وكان صلاح مليئاً بالاعتقاد انهم حاصروه وعزلوه حتى انتحر.
ولم يكن مستعداً ان يغفر للحزبية ذلك ، وكان قاسياً فى نقده ، ومن اجله كتب قصيدته ((انانسي)) وبالكاد استطعت ان اعرف منه ان انانسى هذا عنكبوت من شرق افريقيا.
لقد كانت هذه الرموز الافريقية تملأ شعر صلاح ، فغابة الأبنوس هى ديوانه الأول ، وهو الخشب الاسود الصلب الذى لا يكسر . وغضبة الهباباي هى ديوانه الثانى والهباباي هى الريح العاتية التى تهب في شرق السودان ، تماما مثلما كان الشعب السودانى يهب فى كل مره جارفاً كل ما هو امامه.
وكان لصلاح تحد آخر مع السياسة ، رشح نفسه للانتخابات مرتين ، وخسر فى المرتين. خسر مرة بسبب الشيوعيين حين اكتسحوا دوائر الخريجيين عام 1965 . وخسر مرة ثانية بسبب الاسلاميين حين اكتسحوا الدوائر نفسها عام 1986م
الانتخابات حزبية ، ولا مجال فيها لصلاح ولا للشعر. وكان لصلاح تحد آخر مع الحاكم . لقد ايد النميرى فى بداية عهده ، ثم ناصبه العداء. وكان أميناً مع نفسه حين استقال من منصبه كسفير للسودان فى الجزائر عام 1976م ، وبدأ حياة الاغتراب فى باريس ، وعاش حياة المنفيين ، رافضاً باصرار ان يطلب اللجوء السياسى.
وظن نميرى أنه استراح من صلاح باستقالته. ولكن صلاح ملأ عليه الخرطوم بنهاراتها ولياليها، حاربه بالشعر بالشيء الوحيد الذى يملكه.
مات صلاح ولم يمتلك اى شبر من الأرض فى السودان وان كان بامكانه امتلاك القصور..ولكنها عزة النفس السودانية متمثله فى هذا الشاعر الفذ
ملاحظة هامة:
أستغرب كثيرا لقولك بإشتهار قصيدة مرية بعدـ غناء حمد الريح لها........ ألم تتذوق قيمتها الجماليةوالأدبية العالية ????!!!!!
وأعتقد جازمآ بأنهاـأجمل ـ وأمتع القصائد الشعريةوبها بصمات مفكر تشرب من الأساطير الإغريقية والأفريكانية والمشاعر المرهفة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: صلاح احمد ابراهيم بين الشعر و السياسة فى ذكراه الخامسة (Re: Kamel mohamad)
|
قصيدة (مرية ) للشاعر السوداني الراحل صلاح أحمد إبراهيم:
مريّه
يامريّه:
ليت لي ازْميل((فدياس)) وروحاً عبقرية
وأمامى تل ُ مرمر
لنحت الفتنة الهوجاء في نفس مقاييسك
تمثالاً مُكبر
وجعلت الشعر كالشلال : بعضُُ يلزم الكتف
وبعض يتبعثر
وعلى الأهداب ليلاً لا يُفسر
وعلى الخدين نوراً يتكسر
وعلى الأسنان سُكر
وفماً كالأسد الجوعان زمجر
يرسل الهمس به لحنا معطر
وينادى شفة عطشى وأخرى تتحسر
وعلى الصدر نوافير جحيم تتفجر
وحزاماً في مضيقٍ ، كلما قلتُ قصيرُُ هو،
كان الخصر أصغر
يا مريه
ليت لي إزميل ((فدياس)) وروحاً عبقرية
كنت أبدعتك يا ربة حسنى بيديَّ
يا مريه
ليتني في قمَّةِ ((الأولمب)) جالس
وحواليَّ العرائيس
وأنا في ذُروة الإلهام بين المُلهماتْ
أحتسي خمرةَ ((باخُوس)) النقيَّة
فإذا ما سرتْ النّشْوةُ فيَّ
أتداعى ، وأُنادى : يا بنات
نقٍّّروا القيثار في رفقٍ وهاتوا الأغنياتْ
لمريه
يا مريه
ما لعشرينين باتت في سعير تتقلب
ترتدى ثوب عزوف وهي في الخفية ترغب
وبصدرينا ((بروميثيوس)) في الصخرة مشدوداً يعذب
فبجسم الف نار وبجسم الف عقرب
أنتِ يا هيلينُ
يا من عبرت تلقاءها بحر عروقي ألفُ مركبْ
يا عيوناً كالينابيعِ صفاءْ...ونداوة
وشفاهاً كالعناقيدِ امتلاءْ...وحلاوة
وخُدوداً مثل أحلامي ضِياءْ ....وجمالا
وقواماً يتثنّى كبرياءْ...واخْتيِالا
ودَماً ضجَّتْ به كلُّ الشرايينِ اشتهاءْ..يا صبيَّة
تَصْطلي منهُ صباحاً ومساءْ....غجريَّة
يا مريّه
أنا من إفريقيا صحرائها الكبرى وخطِّ الإستواءْ
شحنتْني بالحراراتِ الشُموسْ
وشوتني كالقرابينِ على نارِ المجُوسْ
لفحتني فأنا منها كعودِ الأبنوسْ
و أنا منْجمُ كبْريت سريعِ الإشتعالْ
يتلظَّى كلًّما اشتمّ على بُعدٍ (تعالى))
يا مريه:
أنا من إفريقيا جوْعانُ كالطِّفلِ الصَّغيرْ
و أنا أهْفو إلى تُفاحة حمراء من يقربها يصبح مذنب
فهلُمي ودعي الآلهةَ الحمقاءَ تغضبْ
وانْبئيها أنها لم تحترم رغبة نفسٍ بشرية
أيُّ فردوسٍ بغيرِ الحبِّ كالصَّحراءِ مُجدبْ
يا مريه
وغداً تنفخُ في أشرِعتي أنفاسُ فُرْقة
و أنا أزدادُ نأياً مثْل ((يوليس)) وفي الأعماق حرقة
رُبما لا نلتقي ثانيةً
يا ....مريه
فتعالى وقّعي أسمك بالنار هُنا في شفتي
ووداعاً يا مريه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: صلاح احمد ابراهيم بين الشعر و السياسة فى ذكراه الخامسة (Re: Kamel mohamad)
|
Quote: صلاح أحمد ابراهيم (2) بـــــــــانورامــــــا انجـــــــاز أديــــــــب ســــــــــوداني
احمد محمد البدوي
مجتلى المعاظلات والمساجلات:-
مظاهر الخلاف بين صلاح واقرانه ورصفائه من المعاصرين الذين جرت بينه وبينهم معارك ومبارزات مشتركة
أو مقتصره على جانب واحد صار من وقائع التاريخ، صورة نهائية لتضاريس مجراه ليس من حق احد ان يتوسل
الى تبريرها او تزويقها بالذرائع.
صلاح وخصومه رجال على حظ من الوطنية والولاء لبلدهم عظيم، من اصحاب البذل والفداء أو المستعدين
الذين دقوا صدورهم مرحبين بالبذل والفداء وتبعات البذل والفداء، فهو خلاف على وسائل خدمة القضية
الوطنية وقضايا الشأن الثقافي.
ومن ثم لا مناص من توخي الموضوعية، وامانة الاداء في التاريخ لمظاهر الخلاف بكل ما يحتدم فيها من
صدام ورعود مدمدمة، ووضع الامر كله في سياقه. ويبدو أننا في تناول القضايا العامة، باسم العقلانية
والموازين المنطقية ننطلق من خانة الإنفعال الشعري.
وبعض الخلاف ناعم، ربما يخلو من اراقة الدماء مثل تناوله لشعر بازرعة (الصراحة 1954) باسم
الواقعية، وفي البال منحى كمال عبد الحليم في شعره الملتزم، وسجاله مع سيد احمد الحردلو (الايام 1966).
ومن الجانب الآخر حيث يخرج كتاب «البرجوازية الصغيرة» متضمناً مجموعة من القصص القصيرة التي كتبها
صلاح احمد ابراهيم وعلي المك، ومن بينها قصة لصلاح خلعت اسمها على عنوان المجموعة، يتصدى لها احمد
علي بقادي وعمر مصطفى المكي في جريدة (الميدان 195 في مقال صارم عنوانه «صلاح احمد ابراهيم يتردى
في الدرك الاسفل».
وبعيد اكتوبر 1964، وصدور ديوان «غضبة الهبباي» بكل ما يحتشد فيه الجيشان، يتعارك مع عبد الرحمن
الوسيلة (الايام 1966).
ويبلغ المدى أوجه في الصحافة مع عمر مصطفى المكي (الصحافة 196 بكل صخب المعارك وراياتها الدامية
و«تنبرها».
* الكلام دخل الحوش.
* وبيت شوقي الذي صار شعاراً لصلاح:-
نحن اليواقيت خاض النار جوهرنا
ولم يهن بيد التشتيت غالينا
ولكن بعد مايو 1969، تتخذ المعارك سمتها السياسي البحت، وتبدو في صورة تجريدات عسكرية ضد العدو.
صحيح ان صلاح احمد ابراهيم، منى بظلم بيِّن، من فرط تجاوز بعض الحملات حد القصد والعدل لما عراها قدر
من الفجور، ولكنه صلاح احمد ابراهيم، لم يكن بعيداً عن (هبرات) التوحش والتفلت في معاركه وجولاته،
ففي صراعه المحتدم ضد الحركة الشعبية وقطبيها: قرنق- منصور، كتب يقول عن منصور خالد في مجلة
عربية:-
(خلع سراويله ودخل الغابة)!
ولو لم يكن هذا الكلام موجهاً ضد منصور خالد شخصياً، لما اوردناه في مقام الاستشهاد لأن منصور خالد،
وهو من هو في مقام من تسمح اريحيته بايراد مثل هذا الكلام، في مقام الاستدلال، وان كان فيه مافيه. لا
يبدو ان الظاهرة تمشي بالسرعة نفسها في الإتجاهين المتضادين!
ولو قيض لصلاح ان يشهد ما آل اليه الحال الآن، لادراك ان الامر لم يكن يستحق كل ذلك الدم المسفوح.
صلاح وجهاده الوطني:
شارك صلاح احمد ابراهيم في نضال بلده من اجل نيل استقلاله، سواء على صعيد الاسهام الفردي، أو بوصفه
منتمياً الى جماعة ما، وهذه المشاركة محصورة في تجربة الطالب صلاح احمد ابراهيم، وادت الى فصله من
الدراسة في مدرسة حنتوب الثانوية وتهديد مستقبله، الى ان تم الحاقه مع زميله وصفيه (شيبون) بمدرسة
المؤتمر في ام درمان، ثم واصل مسعاه في الجامعة إلى ان تحقق الإستقلال بل عرف طريقه إلى السجن، على
الأقل مرة واحدة، قبل الإستقلال.
وباستثناء محمد ابراهيم نقد، من بين قادة الاحزاب، وكلهم او جلهم من جيل صلاح، لا نرى بين رؤساء
الاحزاب الآن من له مشاركة صلاح، فالترابي الذي تخرَّج من الجامعة (أى اكمل دراسته فيها) في العام 1954
كانت له مشاركة بوصفه فرداً من الطلاب وعضواً في الحركة الاسلامية التي ولدت العام 1954، وكذلك الصادق
المهدي، ولكن أيَّاً منهم لم يفصل من الدراسة ولا عانى من ويلات المشاغبة، ولا دخل السجن والهدف من
المقارنة هو اكساب الصورة مدى من الوضوح يبرر خطوطها المائزة وألوانها: الاعتراف بهذه المآثر!
ومما يكمل صورة المساهمة في الكفاح الوطني من اجل الاستقلال، ان صلاح احمد ابراهيم حرم من ان تُعيِّنه
جامعة الخرطوم معيداً، وكان مؤهلاً لذلك. وكذلك حرم من ان يعين في وظيفة «سكرتير ثالث» بوزارة
الخارجية، بعد تخرجه، وكان اول الخريجين الذين جلسوا لاداء امتحان الخارجية، ولم تشفع له مشاركته
المشهودة في كفاح بلده، بل ان الأمم حديثة الإستقلال، تحرص وتعض بالنواجذ، على منح الوظائق للوطنيين
أصحاب البذل، الذين لهم سجل حافل.
على ان الاسهام الجوهري لصلاح لا يتبدى في اقوالٍ واعمالٍ فحسب وانما بفرض نفسه في صورة انسان صاحب
شخصية تاريخية ودور استثنائي ألا وهو فاطمة احمد ابراهيم، الصحافية ورمز الحركة النسائية ومؤسستها
في طورها الناضج، والبرلمانية، والشيوعية الذائعة الصيت، بوصفها نموذجاً للمرأة السودانية المسلمة
في احسن اوضاعها من حيث السلوك، والزوجة الناهضة بأمر مسؤوليتها وتربية اولادها بعد رحيل الزوج،
فصلاح هو الذي اقنع فاطمة وادخلها في حوش الحزب الشيوعي، (المجنونة، الدائرة الجهنمية).. وفي تأبين
صلاح في لندن وقفت فاطمة واعترفت بذلك، كان صلاح يقول قبل ان اقدم فاطمة (لكم كان حزبكم حزباً رجالياً
بحتاً).
ولهذا إذا تكلم الناس عن اليسار والشيوعية، فصلاح بدوره في اقناع فاطمة، وترتيب انتمائها، سيكون في
عين التاريخ، احد اصحاب العطاء التاريخي، وعندما وقفت فاطمة لتستلم جائزة الامم المتحدة، باسم
تكريم الاتحاد النسائي، لأنه انجز ما بزَّ به كل الحركات النسائية في العالم الثالث، وبينها حركات
أعرق، كان صلاح احمد ابراهيم في قلب المشهد يده في يدها.
بيد أن جهاد صلاح، ودوره في العمل الوطني، ومشاركته في صنع استقلال بلاده، إنما هو جهاد اديب، وشاعر
في المقام الاول، وليس بجهاد السياسي المحترف، والحركي الخارج من بيته ومن جلده محترفاً (التلف
والهلاك). وان شئت جهاد شاعر، فيه امشاج من الصوفية والرومانسية والازدهاء بالأحلام البعيدة، والسذاجة
الدالة على سلامة الصور.
|
http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147500917
| |
|
|
|
|
|
|
|