|
Re: The Legend"Mohamed Abdu-Alhai" (Re: adil amin)
|
السمندل يغني -1-
لو ضاعّ فى نزوعِهِ البحريّ ، فالعُبابْ
والملح سوف ينحتان من عظامه المبلورَة
حدائقاً منْ صَدَف تضىءُ فى صيفِ الليالى المقمرَهْ
على رمالِ ساحلٍ خراب
-2-
وهى على منسِهَا منتظِرهْ
تسيرُ بالزَّمانِ للأمامِ مرّةً ، ومرَّةً تعودُ بالزَّمانِ القهْقرَىَ
لبُرهةٍ تضىءُ خارجَ الزّمانِ حيثُ تلتَقِي
ببرهةِ الغُرْبَةِ برهةُ الإيابْ
-3-
كُنَّ يغنِّينَ على الصَّخرةِ ، والجدائلُ المُنتْشِرهْ
أزهارُ فسفورٍ على الخليجْ
الجسدُ الأخضرُ مَسقْىُّ بلونِ البَحْر
ومشبع’’ بعسلِ الزَّنابقِ المسمومةِ الأريجْ.
-4-
فى الحُلُمِ الرَّافعِ فى الليلِ مرايا الماءْ
غريبةَ النقوشِ والأسماءْ
كان يرى النَّحلَ الذى يزحمُ مشغولاً جذوع الشَّجرِ القديمِ ، والجذورْ
تمصُّ لحمَ الأرضِ فى شهوتها الطِّينيَّةِ العَمْياء .
-5-
وحينما أجهشَ صوتُ الَموجَةِ المُنْحَسرَهْ
كان يَرَى الطيورَ فى الصَّيْف إلى أعشاشها المبعثَرَهْ
تعودُ ، والدّمَ الذي يزيدُ ، فى حضورِهِ الأنقَى ، على الترابْ
ووقفةَ السَّمَنْدل ،المبتلِّ بالنَّارِ ، على الصَّخرةِ فوقَ حافةِ الغيابْ.
-6-
وهى على منسجِها منتظرَهْ
فى الصَّمتِ ، بعد آخرِ الليلِ وقبل أوَّل النهَارْ
تنصتُ للحوارْ
يمعنُ بينَ البحرِ والارض بصوت اللغة النهارْ
اللغةِ الأقدمِ من مُجادَلات النَّصر والهزيمهْ
الأقدَم الأنقى من الهجرةِ والعودة فى مرافىء الأسى والانتظارْ
في العدمِ السَاكنِ بينَ حلم البحر وشكل النَّارْ
نينــــــــوى
-1-
ولماذا أنتَ فى قاع السَّفينهْ ؟
لهب أزرقُ فى البحرِ وشمس في سماواتِ المدينَهْ
-2-
من صحارى الماءِ عبرَ العَتَمَهْ
أصلعَ الرأسِ وعريانَ ضعيفا
هزَّةً ، وهجاً عنيفا
فى الرؤى المصطدِمَهْ.
-3-
لا تخفْ! إنها الأرضُ . فلا تنسَ الجذورْ.
لا تخفْ! عبثاً تهربُ من هذا النشورْ.
-4-
سترى
وجهكَ المحروقَ في الرُّعبِ القديمْ
يتلوَّى ويغيبْ
عبر أمواجِ السديمْ.
-5-
ثمَّ من بينِ اللهيبْ
سترى
وجهك الجوهرَ يصفو
ثم يطفو
حاملاً فى صحوهِ وجهَ المدينَهْ.
آه يا ضحكَ الشمس الخرافي على خوفِ الجماهير الحزينهْ !
الانسان وطيور البحر
الحَجَرُ الأزرقُ يطفُو فوق مياه الشَّمس الأولى
حيثُ تعودُ طيورُ البحرْ
بعدَ الموْتْ
ملحاً مصهوراً
أسماكاً من ذَهَب ٍ بين شعابِ المرجانْ
ويعيشُ الإنسانْ
منتصراً مقهورا
فى ساحلِ ماء الصَّمتْ
بين الصَّحْو النَّاصعِ والسُّكرْ
يبني من أحجارِ الحُلُم الأزْرقِ بيتاً مأهولا
الملكــه جانشــاه
1- مملكة البحــر
تحتَ مياهِ البحر ، حيثُ لا تَعي الذَّاكرَةُ الشمسَ ، أقامتْ عرَشها
تحتَ مياهِ البحرِ ، في جهاتِهِ الأرْبعِ ، منحوتاً من الرّخامْ
مطعَّماً بالصَّدَف الأخْضرِ واللؤلؤ والمعادنِ القديمهْ
مزيَّناً بصورِ الطيرِ الغريبِ والتَّنانينِ التى تناكحتْ وأفرختْ
فى الحمأ السّاخنِ قبلَ أنْ يفورَ البحرُ ثمَّ ينجلى
لتطُلعَ الشَّمسُ على ابتداءِ وعي عالمٍ جديدْ.
تحتَ مياهِ البحرِ كانَ عرشُها الرّخامْ
يشعُّ فسفوراً على مملكةِ المياهِ ، والمياهُ ترخي فوقَهُ
من ضوئها المنحبسِ الأخضرِ كالأحلامْ.
وحوَلها كانتْ خيولُ البحرْ
تصهلُ ، والحيتانْ
تَمْخرُ لحمَ البحرْ
وحَشراتُ البحرْ
تنقشُ بالمخالبِ الرِّخوةِ فوقَ طحلبٍ يلمعُ كالهلام
حوارَها الفريدْ.
2- إضاءة بالنثر:
الملكة’ جانشاه ! كنتُ أبصر’ها تخرج فى ليلة منتصف الصَّيف تقيمُ عرَشها على جُزُر المرجانِ النائيَة.تحرقُ قطعةً من شجر البحرِ فى مجمرةٍ من محار البحر وتتكلَّمُ بشفرَة البحرِ القديمةِ ، فيطلُعُ الدُّخانُ الأخْضرُ العظيمُ، ويزبدُ البحرُ ويضطَربُ.ثم يجىء الموجُ يرفعث ما تحتهُ ويسْبحُ على السَّاحلِ:
ثعابينُ الماء والكواسجُ والدَّلافينُ والحيتانُ
والسرطاناتُ والكرازنكُ وذواتُ الأصدافِ
والفلوس – وعلى رأسِها الضْفدَع ، زعيمُ حيوانِ
الماء ، راكبُ خَشَبة.
الَملكُ السَّمنَدلُ فى قميصِ النار يشعُّ بنقاءِ
ذاتِه ، والنورسُ الملاكُ ، وعائلةُ الأسماكِ ،
وجمهورُ الزَّواحفِ الرخوَةَ وحشرات’’ في
عقيقِها وزمرّدِها ، وسلاحفُ في تروِسها
الميقَّتةِ ، وعناصرُ بلا أسماءَ نشَّرتْ ذخائِرها فوق الرَّمل
وتبدأ الرقصة’’ فى ظهيرةِ الفضَّةِ العميقةِ على حدودِ المياهِ الخطرهْ
آه يا جانشاه ! بعضُ المخاطرةِ على جَسدِكِ نجاة’’. ولكن
من هلَك على نيرانِ الموج الهائلةِ بين فخذيكِ الممتلئينِ
بظلالِ الشَّهوة الكثيفةِ صارَ لما هلك فيه.
3- قرار الشعر :
الشَّاعرُ لا يَهبُ نَفْسهُ للبحرِ فيغرقُ فيهِ فيكونُ فى فردوسِ
السّحرِ زاحفةً من زواحِفهِ.البحرُ ليسَ وطنَنا.
نحنُ وطنُ البحرْ.
يرشحُ فى ظهيرةِ الشَّمسِ البدائيّة
فينا كلامُ البَحرْ.
ربُّ عنيف’’ فى قميصِ الُّلغَةِ النَّقيهْ
يجسرُ أنْ تطلُعَ فى أعضائِهِ مملكةُ البَحرْ
تفيقُ ،
تستشرِى ،
تضىءُ ،
فى خلايا يأسهِ الثَّمِينْ
بنورِها الأخضرِ فى غضارَةِ الدَّماءِ ،
أو فى عَرقِ الجبينْ.
مــــروى 1962
فى القفرِ وحدي تحتَ شمسْ (مَرَوى) أقرأ في حُطامْ
أحجارِها السوداء والرّخامْ
أنصتُ للعصفورْ
بينَ بساتين النّخيلِ والرِّمالِ والصُّخورْ
مغنيّا عبّر العصورْ.
ألَمسُ بالكّف جبينَ صاحبي ومَلِكي...
أمرُّ بالأصْبعِ فوقَ ثنيةِ الحاجِبِ والعيونِ والشَّفاهِ:
أيَّةُ أشكالٍ وراءَ النَّظَرِ الصَّخرىَ
يا مَلكي – أيَّةُ أحكامٍ على الشِّفاهْ.
ليسَ لنا سوى القَبولْ
ليس لنا....
وفى انتظارِك الحقول ليلة الحصاد كي تباركَ الحقولْ
وفى انتظارِكَ البتولُ ليلة التمام كي تكتمل البتولْ
وحينَ أبحرتْ على المِياهْ
شمسُكَ بينَ سعَفِ النَّخيلْ
كنتُ مغنِّيكَ مغنّي الأرْضَ والإلهْ.
فى القفرِ وحدي تحتَ شمسِ (مَرَوى) أقْرأُ – والبخورْ
يَغْمُرنُي ما زالَ ، ما زالتْ مواكبُ النذورْ
تُساقْ عبرَ الرَّدَهاتِ حيثُ نَبعَتْ من الصُّخورْ
راقصتى السوداءْ
وأشرَقتْ فيها عروقُ الذّهبِ الأحمرِ والأسماءْ
يا مَلكِى..فلتأمرِ الآن المغنِّي كى يُغنِّى
نغمةَ الرِّضا إلى الآلهةِ القديَمةْ
باللُّغَةِ القديَمةْ
ولتبدأ الرَّقصةُ عاجلاً فصوت الرِّيحِ عبرَ الرَّملِ والحقولْ
يثقِلُهُ صهيلُ آلافِ الخيولْ.
ســـنار 1965
حينَ أبحرنا إلى ( سِنَّارَ) عبرَ الليل كانتْ
سدرةُ التَّاريخ تهتز بريحٍ قادمٍ من جُزُرِ الموْتى
وكانَ الكروانُ الأسودُ الرِّيشِ يغنِّي
فى غصونِ الشَّوكِ صوتاً
كانَ غنَّاهُ على شُرفْةِ (تهراقا) قديماً ،
ثمَّ أمعنَّا مع الريحِ على الصحراء ( والصحراءُ كانتْ
مُدُناً مدفونةً في الرَّملِ ، أشباحاً تراءَى ،
وعظاماً نخراتٍ) وانحدرنا عبرَ سُور الغابِ ،
والمستنقعِ الأخضرِ ، والجسرِ . أعُدْنا؟
قابَ قوسينِ .أعُدْناظ
هاهَى البوَّابةُ الأولى: بساتينُ من النَّخلِ ، وخيل’’
فى المراعِي. هاهيَ البوَّابةُ الأولى : أعُدْنا؟
كيفَ لا ؟ وجه’’ برونزىُّ ، كتاب’’ ،
ونقوش’’ ذهبيَّات’’ ، ودرع’’ ،
ورماح’’ آبنوسْ
كان حلماً أن نرى البدءَ وميلاد الطقوسْ.
الفصـــول الأربعــــة
-1-
بين سُقوط الزّهرِ واستدارِة الثّمارْ
حين تُعرّي الأرضُ فرَجها اللهيبيْ
ويلدغُ السَّماءَ أفعوانُها الكواكبيْ
يرقصُ ربُّ فى قميصِ النَّارْ.
-2-
أيَّةُ ربِّاتٍ ينحنَ الليلَ فوقَ جَسَدِ القتيلْ
يجمعنَ في سلالهنَّ الحمرِ أعضاءهْ
وفى مراياهُنَّ أسماءَهْ
يكنزنَها بينَ شقُوقِ القَمَرِ الزُّمردىِّ تحتَ ماءِ وجهِهِ الجميلْ
-3-
السّاحرُ العجوزُ في الكهفِ ، وفى قفصِهِ الثعبانْ
يصوصُ . والغابةُ تلتفُّ بلا أَسماءْ
تحلمُ فى نقاءِ بلُّورتِها البيضاءْ
ولا نقوشَ في الهواءِ غيرُ شفرةِ الرَّمادِ فوق حافَةِ الزَّمانْ
-4-
وفجأةً ينكسرُ الثلجُ. وتلتمُّ شظايا لحمه الجديدْ
وتضحكُ الربَّاتُ في مجزرةِ الشَّهوةِ حينَ ترقصُ الأقمارُ والشموسْ
فى الجسْرِ ، بينَ الذّهنِ والفخذينِ ، حيثُ تبدأ الطقوسْ.
ومن مرايا الجسدِ الأخضرِ يمتدُّ تجلِّي ذاتِهِ الفريدْ.
إنجلترا 1973
شـــروح:
(1) السمندل : حيوان خرافى بحرى برى هوائى لا يحترق بالنار
(2) نينوى : مدينة النبى (يونس) عليه السلام
(3) مَرَوى : مركز الحضارة السودانية القديمة
(4) سنار : مركز السلطنة الزرقاء من القرن 15 الى بداية القرن 19.
الشاعر السوداني الشهير: د. محمد عبد الحي
منقول من موقع: " sudanpoem "
FreeServers | Login | Refer This Site Bizhosting.com Build your free online store now!
| |
|
|
|
|