4 كأنما النّاسُ تحتَ اﻷرضِ تمشِي موتَى يفِزُّونَ من جُثثِهُمْ من هلعِ العرضِ كأني بينهُمْ جئتُ مُجنزراً أحمِلُ كِتابِي المصنُوعُ من شجرِ الحرفِ مُتحرِّفاً نحو الغاوِينَ هاوِياً في برزخِ الشِّعرِ.
5 ما اِنتقاكَ الدّربُ كُنتَ على العمَى رنّحتَ ما رنّحتَ لفّقتَ خطوكَ بالـ... والرِّيحُ أرجّحتِ المسارَ فسقطتَ عمداً في خبّاياه اِستعدتَ توازُنَ الممشى المُشابِهُ لِلبراحِ وهل عليكَ مما رنّحتْ أيّامَهُ هذي الدُّرُوبُ المُحرِقةُ؟
6 ما يُنجِينِي اليومَ من الأشجانِ وبِالقلبِ اِشتبكتْ بلدٌ يرفعُها الأملُ ويُردِيهَا الضِّيقُ
7 الحُبُّ المُستعادُ... ـــــــــــــــــــــــــ 1/ بالحُبِّ وحدهِ تستعِيدُ الأشياءُ رونقَها فالمقتُ سَمتُهُ نقاءُ/لهفُ رُوحٍ تقولبَ إلى أفعالٍ تَضادُ الحُبَّ إلا أنها إن أمعنتَ تنِمُّ عن تلاقٍ هو أهمُ باعِثٍ أو لنقل نُقطةِ الاِنطِلاقِ الأولى/الصّحِيحةُ إلى حيث يربِضُ الحُبُّ لِلقِطافِ والتّواشُجِ.. إننا في الكونِ ننعمُ بِغُربةٍ تجعلُ من كُلِّ واحِدٍ منا كونٌ على حِدة وذلك لأن الذّاتَ الواحِدةِ أعلى ضجِيجاً من صخبِ التلاقُحِ كّلُّهً سِلماً أو حربا، حيثُ التّماهِي مع الآخرينَ يولِدُ صلِيلاً بِحِينِهِ فيما يتّصِلُ بِالذاتِ دُونَ اِنقِطاعٍ. ولهذا فإن الحُبَّ وحدهُ برِيقُ كُلِّ هذا الوُجُودِ وأُسُهُ فأنتَ لن تنعمَ بِسلامٍ في حربِكَ مع الذّاتِ دُونه، ودُونهُ لن يتأتى الصّفاء مع الأخرِ، فالمصالِحُ المُشتركةِ كذلك نوعٌ من الحُبِّ ولسنا في معرضِ تفنِيطِهِ ولكنا بِمحلِّ تعضيدِ إِشاعتَهُ، فما من اِجتِماعٍ وإن كان بين ذاتِ المرءِ ومُعطياتِها إلا وكان الحُبًّ وقُودُها.. وأجل إننا في خضمِ الحياةِ عُرضةً لمناوشاتِ السّالِبِ ولكن وكما أسلفنا فإنه لا يعدُو أن يكُونَ ذاتَهُ نقاءٌ اِعتراهُ عكرٌ سُرعانَ ما سيضمحلُّ ويتلاشى، ودُونكَ أعتى سِيرَ السّالِبِ ومآلاتَها فإنها وإن بلغتْ مراحِلَ الإِفناءِ سيتجلّى لنا (إن جلونَا دمَها المُتجمِّدِ) الحُبَّ لا عداهُ، وأعني القتلةَ بِأصنافِهِمْ المُتباينةُ، ستُلقِى أثراً ما يقعُ بين الإِقدامِ والجُنُونِ (ولا أعنِي بِالإِقدامِ الشّجاعةَ بل الإِقدامُ على الفِعلِ المُنكرِ والسّالِبِ) والأثرُ هذا هو الحُبُّ في أحدِ تمظهُراتِهِ.. بلى لا تندهِشَ عزِيزِي (سامر)، لقد قلّبتُ هذا الأمرَ على جميعِ أوجُهِهِ ولم أجِدْ سِوى الحُبَّ كقاسِمٍ مُشتركٍ يُلملِمُ كُلَّ هذا التّشتُّتِ.. خُذْ عِندكَ مثلاً أنك تلقى نفسَكَ عند تعرُّضِكَ لِلتّوبِيخِ من أحدِ مُعلِّمِيكَ مُنقاداً إلى مقتينِ أوّلُهُمَا لِمُعلِّمِكَ لأنّهُ لم يتحلّى بِالرُّوحِ الطّيّبةِ (وهذا ظنُّكَ طبعاً) التي تردعُهُ عن توبِيخِكَ وتستحثُّهُ لِلتّربِيتِ على رُوحِكَ الرّهِيفةِ بِشكلٍ لائِقٍ لا يجعلُكَ تقعُ تحتَ طائِلِ السُّخرِيّةُ من زُملائِكَ (وهذا ظنُّكَ أيضاً) وثانيهُمَا لِنفسِكَ لأنها لم تدعمْكَ بِذاكِرتِها الخرِبةِ لاِجتِيازِ ما أودى بها إلى محلِ التّوبِيخِ عند أسفلِ سُلّمِ العلائِقُ الإِنسانِيّةُ السّويّةَ.. لن تخرُّجَ حبِيبِي أنتَ أو مُعلِّمُكَ من هذا الدّركِ إلا بيدِ الحُبِّ وحدهُ، فأنتما تعلمانِ يقِيناً بأنكما حادِبانِ على اِتِّجاهٍ واحِدٍ هو التّوفِيقُ لِكليكُمَا هو كمُعلِّمٍ وأنت ككوكبٍ يسعى لِلالتِحاقِ بِالسّماءِ.. والمقايِيسُ صاحِبي تترى تِباعاً ولا تنقضِي، وكلها ستصُبُّ في بُستانِ الحُبِّ الغناء.. 2/ الحُبُّ فِهرسُ الرُّوحِ، أنتَ تتصفّحُ الكلامَ والوُجُوهَ فتلقى ما تُلقيّ بهِ الدُّواخِلُ فإن أشكلَ عليكَ أحدُهُمَا لِسببٍ ما أحاطكَ الأخرُ بِفيضٍ من الحُبِّ، الحُبُّ هو ما يبرُزُ دائماً، وإن قُلتَ أن المقتَ لهفُ رُوحٍ تقولبَ إلا أن جُهُودَ المرءِ لا تنثنِي عن كبحِ جِماحِهِ وتحييدِهِ وإن لاحَ إن قليلاً فإنه سُرعانَ ما تتداركُهُ النّفسُ بِسيلٍ عرمرمٍ من ألوانِ الحُبِّ تُساقُ كمُبرِّراتٍ لِلحظةِ المقتِ العابِرةِ، الإنسانُ أصلُهُ حُبٌّ إذن وما عداهُ فإِنهُ عابِرٌ.. بلى حبِيبِي، لقد أكثرتُ عليكَ لكِني آثرتُ أن أزحمكَ بالحُبِّ لتئِدَ العابِرَ فيكَ.. إن القلبَ حدِيقةُ المرءِ، يُحسِنُ إليها فتُعبِّئُ مُحِيطَهُ كُلّهُ ورداً وشقشقةً وإِثمارا... 3/ "أن الحياةَ أجمل من أن نهدرها في الصراعات" "لقد كنت مؤمناً علي الدوام بأن الحب قادر على إنقاذ الجنس البشري من الدمار، وهذه العلائم التي تبدو ارتداداً إلي الوراء هي علي العكس من ذلك تماماً في الحقيقة: إنها أنوار أمل" جابريل غارسيا ماركيز... 4/ أتعرف ما هي أشدُ الأشياء إيلاماً في هذه الحياة؟ أن تأتيها وتخرج منها وأنتَ لم تعرف جوهرها الحق. ما أجمل النقصَ في طريق الإكتمال... وما أجمل الإعتراف في طريقِ الإرتفاع... أيها القلب؛ لماذا أنت أسيرٌ لهذا الهيكل الترابيُ الزائل؟ الا فالتنطلق، فأِنكَ طائرٌ من عالم الروح، أِنك رفيقُ خلوة الدلال، فكيف تجعلُ مقامكَ في هذا القرار الفاني، أُنظر إلى حالك واُخرج منها وارتحل، اُخرج من حبس عالم الصورة إلى مروجِ عالم المعاني، أنكَ طائرُ العالم القدسي؛ نديمُ المجلس الأُنسي، فمن الحيفِ أن تظل باقياً في هذا المقام ومعكَ الدليل. تسألُني ما الدليل، شَريعتُنا كالشمعة، توفر لنا نوراً لا يقدرُ بثمن؛ لكـن يجب الا ننسى أن الشمعة تساعدنا على الإنتقال من مكانٍ إلى آخر في الظلام وإذا نَسينا إلى أين نحن ذاهبون وركزنا على الشمعةٍ فقط فما فائدةُ ذلك وما نفع ذلك. أن الطريقةِ التي نرى فيها الله ما هِيَ إلا إنعكاسُ للطريق التي نرى فيها أنفسنا فإذا لم يكن الله يجلب إلى عقولنا إلا الخوف والملامة، فهذا يعني أن قدراً كبيراً من الخوف والملامةِ يتدفق في نفوسنا؛ أما إذا رأينا الله مُفعماً بالمحبةِ والرحمة، فحتماً سنكون كذلك. وفرقٌ كبير بين أن تُطيع الله لأنكَ تُحبه لأنك تخافه. هذا هو العشق! أن تطير تُجاه سموات سرية، فتُكشفُ آلاف الحُجب كل لحظة. مااا أجمل أن تُلقي عنك همَ هذه الحياة، وما أجمل أن تطأ الأرض من دون قدميك. ياااااا سيدي، لا تُسلمني إلى نفسي، لا تترُكني مع أيٍ سواك، لخوفي مني أُسرع إليك. أنا لك... فإعدني إليك. جلال الدين الرومي... 24/5/2016م
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة