المعارضة للاسف في هذه اللحظات لو عرض عليها السفاح البشير استلام السلطة خلال اسبوع واحد فقط ومن غير شروط للاسف ليست جاهزة لملء هذا الفراغ لانها حتي اللحظة لم تنجز ( الهوم ورك) الخاص بها كمعارضة بل اشبه بالطالب المهمل الذي لم يذاكر طيلة العام وفجأة ادرك ان يوم غد الامتحانات فما كان منه الا الاستناد الي نظرية ( علوق الشدة والاسبوتنغ) لانها للاسف بعد اكثر من ربع قرن من العمل النضالي لم تحدد حتي اللحظة بوصلتها النهائية وخارطة طريقها حول بديلها النهائي للتغيير المعبر عن تطلعات الشعب السوداني وهو امر محبط للشارع السوداني... ولذلك اذا وقع اي تغيير فجائي للنظام عبر انقلاب قصر وهو امر متوقع جدا لا تملك المعارضة حتي اللحظة معالجة متفق عليها لهذا المستجد المتوقع... وايضا حتي لو وقعت الانتفاضة في هذه الظروف المعقدة للاسف لا توجد اية بوادر حلول اسعافية جاهزة من قبل المعارضة للتعامل مع هذا الحدث المتوقع وهو امر لو وقع حتما سيفجر الموقف الي الاسوأ وسيكون سببا من اسباب عودة قوي الردة مرة اخري للحكم حتي ولو بقناعها القديم وهنا قمة الاحباط الشعبي الذي سيقبل بالطاغية مرة اخري الي يوم الدين بنظرية ( جنا تعرفو ولا ....)!!
الاقليم المحيط بالسودان اقليم موبوء بافة الدكتاتورية وهو واحد من الاسباب المسكوت عنها والمسئول عن توطنها في السودان ولن يسمح ابدا بقيام ديموقراطية فيه ولذلك غير متشجع لدعم اي معارضة تنادي باستعادة الديموقراطية خوفا من عدواها وتاثيرها علي شعوبه وتعد الجارتان (مصر والسعودية ) اهم اللاعبينالاقليميين تاثيرا علي مجريات الامور في السودان وستظلان داعمين اساسيين لاي اتجاه مضاد للديموقراطية في السودان.
الاوضاع الان في المشهد الوطني تعد الاكثر صعوبة وتعقيدا لانجاز التغيير بالمقارنة بظرفية ( اكتوبر 64 وابريل85) التي انجحت الانتفاضتين..ففي المشهد بالداخل احزاب شاخت وضعفت وهي لا تعمل بطاقتها التشغيلية الكاملة المؤهلة للتاثير في الحراك الوطني بسبب التشريد المنظم من قبل الطغمة الحاكمة لغالبية كوادرها التي تمتلك الخبرة والدربة السياسية والتنظيمية والفكرية خارج البلاد وهي القوي الفاعلة التي كان مناطا بها انجاز عملية التغييرفي الوطن ولكنها للاسف ابتلعتها المهاجر والمنافي القسرية وبالتالي فقدت الاحزاب الحيوية في التاثير علي الشارع هذا بالاضافة لاستمرار ازمتها الذاتية والمزمنة المتعلقة بسيطرة العقلية الابوية الدكتاتورية لزمام الامور فيها وهو مما ساهم في تمزيقها الي احزاب صغيرة متنافرة وبالتالي تم اختراقها من قبل الطغمة الحاكمة...واما النقابات وما ادراك ما النقابات كلاعب داخلي دوما كان يعتمد عليه في التغيير فما عادت موجودة ذات تاثير في الشارع بعد ان تم تدجينها والقضاء عليها من قبل الطغمة الغاصبة للسلطة و التي باعت لنفسها في زمن الخصخصة المقصودة كل مؤسسات القطاع العام وبالتالي قضت علي النقابات العامة وهو امر اثر كثيرا في تأخر اندلاع الانتفاضة...ولكن الدمار الاخطر فهو ما اصاب القوات النظامية خصوصا الجيش صاحب الانحيازات المرجحة لانتصار الشارع في لحظات الانتفاض والذي للاسف بعد مسيرة اكثر من ربع قرن من تجريفه وتشليعه من الكوادر الوطنية غير الموالية للطغمة ما عاد يؤمل فيه لانجاز اي انحياز لصالح التغيير بل صار مجرد مليشيات رسمية موالية للدفاع عن الطغمة الحاكمة وبالتالي افتقد الشارع اهم مقومات نجاح الانتفاضة الحلم...ولم يكتفي هؤلاء المجرمون امعانا في اغلاق كل النوافذ المؤدية للتغيير بتدجين القوات النظامية فقط بل انشأوا المليشيات العقائدية الشعبية السرية والعلنية ممثلة في قوات الدفاع الشعبي وغيرها من القوات القبلية المشتراة بثمن معلوم وايضا تتوافر قوات سرية من اجانب توطنوا في السودان كملاذ اخير بعد ان طردوا من بلدانهم الاصلية ولذلك سيستميتون بكل السبل للزود عمن وفروا لهم هذا الملاذ الامن المكين كسداد دين دفاعا عن وجودهم ومصالحهم المرتبطة ببقاء هذا النظام الظلوم.
11-02-2015, 02:21 PM
هشام هباني
هشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51292
لكن المستجد في المشهد ان عصابات الهوس والمتاجرة بالدين المغتصبة للشرعية في الوطن قد انقسمت علي نفسها انقسامات اميبية اذت كثيرا عرشهم الطغياني واوهنته بسبب تقاطع المصالح والمطامع في هذا المستنقع الكبير بين الاخوة الاعداء والمستفيد الاوحد من هذه الظرفية صار جناحهم العسكري الذي جلبوه لاغتصاب الشرعية من الاحزاب والذي ايضا انقلب عليهم اخيرا بعدما تعود علي هيلمانة السلطة وبهرجتها وقد قرر ان يستأثر بالسلطة وحده وفي معيته ايضا بعض من اعضاء المافيا الكبارالمستميتين في الدفاع عن مصالحهم التي غنموها من هذا المستنقع القذر الذي عهر قيم الدين وعهر الوطنية والاخلاق.. ولذلك المرشح في المشهد الراهن هو حتمية الاقتتال بين المافيا المدنية من تجار الدين والذين سرا صاروا يتوحدون في مواجهة شقهم العسكري الذي صار محتكرا كل مصادر القوة قابضا بزمام الامور بل جاهزا في اي لحظة للاجهاز عليهم مستفيدا من تمزقهم... والمخيف جدا في هذه المعادلة هو دخول اللاعب الاقليمي اساسيا في هذه المعركة القادمة وهو لاعب اقليمي مستقطب في هذا الصراع القذر بين مافيا ( الانقاذ) المدنية والعسكرية......فالبشير وعصبته صاروا يبحثون عن حماية مضمونة من غدر اصحابهم في المافيا المدنية والذين علي اتصال بمركزهم الخارجي في التنظيم العالمي للاخوان المسلمين والذي بعد ان ضرب في معقله في قلب مصر قرر الا يفرط في السودن تحت هيمنة اشقائهم الكيزان وباي ثمن حتي لو يصير السودان سوريا او ليبيا او صومال اخري لان ضياع هذا السودان من ايديهم سوف يقضي عليهم هذا الحلف الرسمي ( المصري السعودي الاماراتي) المستند عليه البشير وعصبته -والشاهد في ذلك التعاون السوداني السعودي الراهن في حرب الحوثيين في اليمن- وبالتالي ستتبخر احلامهم السقيمة في انشاء خلافتهم المزعومة في هذه المنطقة الهامة.... ولذلك ستقع الطامة الكبري والتي ستدمر ما تبقي من الوطن تحت وطأة العامل الاقليمي المتورط والمستقطب في صراع الاخوة الاعداء و الذي صار شبحا يهدد وجود ما تبقي من السودان اذا لم تنهض معارضة وطنية حقيقية للقضاء علي هذه العصبة الاجرامية قبل ان يبدأ الطوفان ونسمع حينها بوصول قوات مصرية وسعودية واماراتية الي موانيء السودان لمكافحة حركة الاخوان المسلمين في السودان !
الخطورة الان في ازمتنا الراهنة في مواجهة هذه الشمولية الرعناء انها ورطتنا بشكل بشع عقد من ازمتنا تعقيدا مخيفا وذلك باقحام قذر للعامل الدولي والاقليمي في ازمتنا مستخدمة اياه اقذر استخدام لحساباتها الذاتية من غير ان تحسب لكرامة وسيادة ووحدة ااوطن وسلامة شعبه!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة