|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
تلك رؤيتي لحقيقة الديمقراطية! تعمّقت في نفسي شعوراً، قبل أن أفكر في البحث –عبر هذا البوست- عن براهينها المنطقية والتاريخية والعلميّة! داعياً الإخوة الأعزاء إلى المشاركة والإدلاء بآرائهم حولها! وإعانتي في تثبيتها أو نسفها!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
وبين يدَي ما سوف أسوقه من الحجج والقراءات الشَّاهدة، والمؤكِّدة لأخلاقيّة الديمقراطية باعتبارها تنظيماً مثاليّاً لكيفية ممارسة السلطة: أستدلُّ بواقعنا الرّاهن في ظلّ (حكومة الإنقاذ): متسائلاً عن ماهيّة الدوافعُ التي تدفعنا إلى استهجان هذا النظام؟ وبالتالي معارضتنا له؟ أليست تتبلور في أنّه نظامٌ لا أخلاقي في المقام الأول!؟ نظامٌ تمكّن بأيديولوجيته الشمولية، من استقطاب كلّ مساوئ تجربتنا السياسية منذ الاستقلال، وتجميعها تحت سقف واحد! فصرنا عند مواجهته، إنما نواجه في الحقيقة كلَّ مساوئ تجربتنا السياسيّة!
فممّا يبدو لي على درجة كبيرة من البداهة: أنّ الصراع السياسي (في الدول غير الديمقراطية) يجري في سياقٍ لا أخلاقي، بمعنى أنه يعكس صراعاً بين الخير والشّر، أو يعكس سطوة الشّرّ واستعلاءه على الخير! وليس مجرد لعبةٍ بين عددٍ من اللاعبين! أما السياق السياسي الديمقراطيّ الحقيقيّ، فمن المفترض أنه يمثّل عملية تجييش واستثارة لكلّ قوى الأمّة، نحو الرّقيّ والتطور الإنسانيّ!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
على أيٍّ هذه الحجة الواقعيّة، قد تكون مجرد حجة جدليّة، فيلزمنا القيام بنوع من التنقيب في آثار الديمقراطية، على الصعيد الفكري أو التطبيقي، حتى نرى إلى أيّ مدىً تصدق تلك الفكرة أو تخيب! وبدءاً: هذه إطلالة على الديمقراطيّة الغربيّة في سياقها التاريخيّ العام!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
التحايا والاحترام أيها العزيز صلاح وإليك قبل الإطلاع على تفاكيرك حول الديمقراطية أهدي:
رؤيا عبد الحكيم الفقيه
(1) رأيت في المنام مدينة تجرد الجنود من نجومهم وترجع الحياة للطيور في جباههم وتفتح المعسكرات للحمام وتدفن " النظام " وتزرع البديل و الهديل و الحياة بانتظام (2) رأيت في المنام شوارعا دائخة من البخور والعطور والرنين وأغنيات راقصات ما بها أنين وأمنيات غائمات فوق واحة الحنين وأعينا قد طلقت دموعها منذ سنين وعالما من الصفاء والنقاء والسلام (3) رأيت في المنام أزقة ساكرة من الفرح وطفلة تسلقت قوس قزح وصبية يكركرون في مرح والشمس ترسل الشعاع من ثقوبها الغمام ونغمات دافئات تقطن الكلام (4) رأيت في المنام مسدسا تخرج من فوهته الفراش ونسوة باسمة الوجوه والنقاش وساعة تعاش ولوعة تسكن في القلوب والعظام (5) رأيت في المنام تفاوتا ينام " نومة اللحود " خارطة بلا حدود ودولة واحدة شعارها الورود يسوسها السلام والأمان والوئام (6) رأيت في المنام عدالة مجسدة واوجها موردة وراية موحدة ولوحة من الضياء والبهاء : يا سلام .... .... وبعدها أفقت من سباتي العميق حدقت من نافذتي يا حسرتي رأيت عكس ما رأيت في المنام شوارعا جائعة صائمة في ساعة مكروهة الصيام رأيت مقبرة قبورها البيوت والناس في كل دقيقة تموت وتعلك السكوت يا ليتني أنام نومة ما بعدها قيام أو ليتني أعيش ما رأيت في المنام أو ليتني حجر أو ليتني حجر.
تحياتي، محبتي واحترامي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
تُرى هل في تجربة الديمقراطية الأثينية من دليلٍ يشهد لدعواي العريضة؟! أراني متجاذباً ما بين الاجتهاد من أجل إثبات قناعتي، وما بين قناعةٍ أخرى بأنّ الأمر واضح كالشمس! لكنّ فئة المتعلّمين التي تأدلج وعيُها بما تلقّته من علمٍ أو فكر، لم تعد ترى في القيم الأخلاقية الناضرة ذلك البهاء والجمال، هذا إن اعترفت بوجودٍ حقيقيٍّ لها أصلاً! وتتراءى أمااام عينيّ في هذه اللحظة، ويستحضرها قلبي: كرنفالات البهجة والفرح أيام السادس من أبريل 1985م، وكيف أنّ فرحةً وسعادةً غامرةً قد أشرقت في وجوه الناس، فصار كلّ من تعرف ومن لا تعرف يُلقي إليك بالسلام، وسالت مشاعر الناس جداااااااااااااول! أليس هذا كلّه سياقاً سياسياً ثوريّاً أخلاقيّاً يهفو إلى الديمقراطية!؟ ****** على أيٍّ أعترف بأنّ المعلومات المتوافرة عن الديمقراطية الأثينية، قد لا تكون وافيةً، لكن سنرى بعد قليل أنها سترتقي إلى أُفقٍ آخر، وذلك عندما نقرؤها من خلال أرسطو: الشاهد الأكبر على العصر اليوناني!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: Haytham Mansour)
|
مرحباً بك أخي هيثم منصور وشكراً جزيلاً لتشريفك ومشاركتك!
Quote: لك التحية وانت تطرح هذا التسائل الاستهلالي ، ما هي الدّيمقراطيّة ؟ في اعتقادي ان الديمقراطية هي في حقيقتها طريقة حياة ( way of life ) و في جوهرها ثمرة شجرة الحريات بكل انواعها ،تدور وجودا و عدما مع توافر الحريات فلن تجد نظام ديمقراطي في دولة او مجتمع تنعدم فيه الحريات بضماناتها القانونية و التشريعية و الاجتماعية ، الدّيمقراطيّة بهذ الوصف تنعدم في معظم دول العالم الثالث التي من ضمنها و طننا المكلوم ،،،، |
والله حقيقة يا هيثم، مداخلتك دي سبّبت لي الكثير من الحَيرة، وأثارت في نفسي كثيراً من التساؤلات! عموماً قولك إن الديمقراطية هي طريقة حياة، يُعتبر صحيحاً بالنظر إلى قابلية هذه الفكرة، وما تتضمّنه من بعد أخلاقي مؤسّسٍ لها في نظري، وأيضاً بالنسبة للرؤية العلمانية الغربية عن الديمقراطية، فهي بالنسبة لهم كذلك (طريقة حياة)(ماديّة)! لكنها واقعيّاً فشلت في تحقيق طوحها في تحرير الإنسان من القيود والأغلال، لقد حرّرته من سطوة الحكام المستبدين، هذا مؤكد، ولكنها لم ترتقِ من بعد عن هذا الأفق إلا قليلاً، فما يزال الفرد الأوربي مجرد مواطن وربما ناخب فقط، ثم بعد ذلك يجد نفسه رازحاً تحت وطأة (السوق)، أو كما يقول ألان تورين في كتابه (ما هي الديمقراطية؟):
Quote: [فلم يعد بوسعنا الاكتفاء بالضمانات الدستورية والقانونية، بينما تظل الحياة الاقتصادية والمجتمعية محكومةً بأوليغارشيات لا قبل لأحدٍ بمحاسبتها] |
عموماً هذه المسائل بإذن الله يتم التطرق إليها والتحاور حولها بصورة موسّعة لما نجي للديمقراطية في العصر الحديث! لكن أستطيع أن أقول لحدّ الآن، بناءً على تجربة الديمقراطية الأولى في أثينا: أن الديمقراطية في الحقيقة تطبيق للقيم الأخلاقية الفاضلة، على دائرة العلاقة بين الحكام والمحكومين! وأنها في حدّ ذاتها: لم تكن طريقة حياةٍ، وإنما كانت نظام سياسي عادل! شكراً جزيلاً لك!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: Hani Arabi Mohamed)
|
=
(Democracy is two wolves and a lamb voting on what to have for lunch)
(الديمقراطية هي اجتماع ذئـبـيـن على خروف، والهدف هو التصويت لاختيار طعام العشاء)
التعريف – الما خمج – أعلاه خرج من أشداق الرئيس الأمريكي (بنجامين فرانكلين) أحد الآباء المؤسسين لأمريكا، وأحد الماسونيين الكبار، وهو ذات الذئب الذي تتوسط صورته واجهة العملة الأمريكية فئة المائة دولار بينما على الجانب الآخر من العملة تنتصب عبارة (IN GOD WE TRUST).
فرانكلين وجماعته من أساطين المال ودهاقنة البنوك يريدوننا (نحن شعوب العالم الثالث) أن نعبد مثلهم ونركع لذلك الإله الأخضر (وحده لا شريك له) . ذلك الإله الذي صور عليه بنيامين فرانكلين ورفاقه من الذئاب صورهم ، و في أحسن تقويم.
وأعتقد بأن ما فعلته أمريكا والغرب عموماً بنا نحن الفقراء – أخي فقيري- و خلال القرن الماضي والحالي، وما يفعلونه بالفقراء الآن من حروب استباقية، وما يشترطونه من قيود وشروط شايلوكية خلال اجتماعات منظمة التجارة العالمية، أو مجلس (ديمقراطية "الفيتو") المسمى (مجلس الأمن) وغيرهما من مؤسسات يؤكد للأسف أن تعريف "المرفعين" بنيامين هو الأقرب للصواب من تعريفكم ومن كل تعريف قد يأتي لاحقاً في مداخلات الإخوة الزملاء ضيوف البوست.
تحياتي للجميع. ... .. .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
وهل يمكن العبور إلى أرسطو بدون سقراط وأفلاطون؟! أما سقراط فقد أطلق شرارة المعرفة الفلسفية، التي ما زالت تشتعل فمن أراد أن يستوقد منها فليفعل: فهو يميز بين نوعين من المعرفة: 1-معرفة كلّ شيءٍ في الوجود، فهذا لا يتيسر لكل أحد، وإنما يتعاون الناس فيه، وهذا ما اهتمّ به الفلاسفة الطبيعيون من قبله، فهو لا يهتم به.. 2-معرفةُ نفسك، وهذه هي الحكمة في نظره، وغايتها:
Quote: [معرفة الوسائل التي تجعل المرء حكيماً وفاضلاً] |
*1 والأمر لا يتعلّق بصفوةٍ من المتعلمين، بل هذا هو الحدّ الأدنى والقاعدة المعرفية والأخلاقية التي ينبغي أن تكون لدى أيّ إنسان! وفي هذا السياق يمكن القول بأن سقراط كان يحارب آفتين كبيرتين: الأولى: الميلُ إلى تعطيل العقل، وعدم إعماله وتفعيله في حياتنا، إلا في نطاقٍ ضيٌّق! والثانية: إخماد صوت الضمير المنبعث من الدواخل وقمعه وإسكاته! فكان هدف سقراط هو الدعوة إلى: أن يستخدم الإنسان -أيُّ إنسانٍ- عقله، وأن يسمع صوت احتجاج ضميره!
Quote: [وقد كان أعظم ما حققه سقراط في مجال الأخلاق: أنه استمع لهذا الاحتجاج (صوت الضمير) واستطاع عن طريق التفكير الكامل وعكوف النفس على ذاتها: أن يميز القيمة المطلقة أو الحقيقة المطلقة من القيم الخارجية العابرة، وكان هدفه إظهار الأخلاق في شكل وحدة متكاملة لا تناقض بين أجزائها. والتناقض الأخلاقي كان يحدث في نظره عند انفصال هذه العناصر الثلاثة: طريقة التعبير عن الفكرة، والعقيدة، والعمل| فعدم التوافق بينها هو مصدر كلّ شرّ] |
وحقيقة مهمة جداً: أنّ هذا التناقض الأخلاقي الذي حاربه سقراط كان:
Quote: [حال السوفسطائيين الذين أغرقوا أثينا في محيط من القلق، وزعزعة الأفكار] |
إنّ فقدان المعيار الأخلاقي لتقييم الأمور، أو اهتزازه: دليل واضح على أنّ السفسطة تحتلّ مكاناً معتبراً من عقولنا وواقعنا! أخيراً: كان سقراط يهدف من وراء فلسفته الأخلاقية إلى تحقيق الحرية الإنسانية، فالإنسان الحرّ هو الذي يبسط وعيه على حياته، ولا يُبالي إلا بصوت الضمير أو صوت الحق! وهو ما يمكن فهمه من العبارة التي وردت على لسان سقراط:
Quote: [إنّ الإنسان لا يفعل الشّر بإرادته!] |
فالمخطئ أو الشرير يكون مدفوعاً غالباً ببعض الدوافع النفسية، الشهوانية أو الغضبية، التي تغيب وعيه وعقله. ثم يقول:
Quote: [وأنّ الفضيلة ليست إلا ثمرة المعرفة!] |
فلا يكون فاضلاً إلا من كان واعياً بما يقوم به من سلوك! وفيه نقد للسلوك المدفوع بمحض الاعتقاد والعاطفة.
++++++++++++++ *1: د. السيد بدوي (الأخلاق بين العلم والفلسفة).ص43. وكل النصوص المقتبسة في المداخلة هي من هذا المرجع. الذي استندت عليه في إعداد هذه المداخلة، لكن بتصرّف شديد. وهذا الكتاب مفيد جداً، أنصح المهتم بموضوع الأخلاق بالاطلاع عليه، وهو pdf من موقع 4shared
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
على ما أظن: الإنسانية في هذا العصر، تمرّ بمرحلة شبيهة بالتي كان يواجهها سقراط! ولما أقول الإنسانية، لا أعني كياناً مجرداً، ولكن أعني حكماً يكاد ينطبق على كلٍّ منّا، وأستأنس في هذا الظن أو الاعتقاد بهذا النص للفيلسوف المصري الدكتور زكريا إبراهيم، ضمن كتابه (المشكلة الخلقية)، يقول: (عفواً، ضاعت مني الصفحة التي فيها النص!) وهناك خاطر يخطر لي أن أبينه: وهو أن اهتمامي في هذا الموضوع بحسب ما أعتقد، يجيء في سياق قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((إنما بُعثت لأتمّم مكارم الأخلاق)) وهذا معناه: أن الأخلاق ليست في الأصل من الدّين! وإنما جاء الدين ليُكمّلها، وذلك بتأسيسها على الأصل الاعتقادي، المتمثل في الإيمان بالله تعالى، وفي التعريف بصفاته جلّ وعلا، لكي تكون نبراساً يستفيد منه المرء في تزكية خُلقه وتنمية شخصيته! وكذلك بالتنبيه إلى فطرة الإنسان الخيّرة! وأما مكارم الأخلاق فعلى ما أظن سقراط وأفلاطون وأرسطو قد بينوها بياناً متكاملاً، وممّا هو جدير بالذكر في هذا السياق أنّ الرؤى الأخلاقية التي اعتمد عليها شيخا الإسلام ابن تيمية وابن القيّم، كانت تعتمد بصورة واضحة على أفكار أفلاطون وأرسطو خاصّة، ولكن بدون أن يُحيلا إليهما، وذلك على ما أعتقد تجنُّباً للدخول في معارك جانبية، مع العلماء الذين حرّموا النظر في كتب الفلاسفة!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
بسم الله الرّحمن الرّحيم ..... أخ صلاح فقيري سلامٌ عليكم أعتذ أني لم أستطع أن أتشرف بمحاورتك بسبب مشاغل اعترتني وخيوطاً عديدة "تلفّني"!! فعفوا أما وقد وجدنا "حبّة نَفَس" فدعنا "نتنفّس" في هذه الإتكاءوة الكريمة معك قلت:
Quote: الديمقراطية نظام أخلاقيٌّ! أي إنّها في الحقيقة: تجسيد للقيم الأخلاقيّة في دائرة السياسة! |
تذكرت كتاب"الأمير" لميكافيللي ولكن..حسناً..لا أدري هل "الديمقراطية" لها قيم؟ أو دين؟! الديني؟....طيّب..صحيح إني أرى فيها-بإسم الديمقراطية التي تزعم أنها حياد مع الدين!!!- نرى أحزابا من شاكلة"الحزب الديمقراطي المسيحي"؟!!!
Quote: فليست الديمقراطية ظاهرةً أوربيّةً! بل هي ظاهرة إنسانيّة أخلاقيّة في المقام الأول! وبالتالي فليس الوعيُ الديمقراطيّ رهيناً بدرجة من التطور الاقتصادي أو التّقنيّ العلميّ، لا تتيسّر إلا لبعض المجتمعات أو بعض الأفراد! |
لا يا أخ صلاح، لاتنس جانب الدين والبيئة، والطبع والثقافة والتطبّع والتعليم ..إلخ!! فكل عامِل من العوامل-بالأحمرأعلاه-"يصبغ" "ديمقراطيته" حسب "مزاجه"!! فمثلا "المثلية" في بعض دول أوربا تم "الفسح" والموافقة لها "ديمقراطياً"..وفي بلاد الإسلام لكي تنافق الديمقراطية"وتستدرج" الناس يمكن أن تقول: نحن نحترم القيم والعاداتوالتقاليد..فيكون المسلم "خاتف لونين" مرة ينافق ومرة يتكلم بالإسلام ويحدثنا عن أن الديمقراطية لا تعادي الدين بل هي صنوه !!! أكمل...هم يقولوا هذا حتى يتمكنوا!!!"إتمسكن..حتى تتمكّن""" والآن هم تخطوا مرحلة"المسكين" إلى مرحلة التمكين..!
شكري
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: عماد موسى محمد)
|
وعليكم السلام ورحمة الله ، أخي عماد مرحباً بك، قد شرّفت البوست! أستطيع أن أقول لك إنّني أنطلق في هذا البوست من بعض المنطلقات الشرعية، وأولها: اعتقادنا مع كثير من البشر بأنّ الأخلاق قيم إنسانية فطرية ثابتة، ولها مكانة معتبرة لدى كلّ البشر، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم، أعلى من هذه المكانة، ورفعها لمستوى الدين، وبيّن أنّ مهمته التي نُدب إليها هي تتميم مكارم الأخلاق! وكذلك دفعني لهذا البوست كما ذكرت شعوري بأن الديمقراطية تتعرّض، أو قد تعرّضت لضروب من المسخ والتشويه، صيّرتها مجرد شكل لا روح فيه، وقد كانت االفكرة في الأصل نابضة بالقيم الأخلاقية، وهذا ما أستطيع أن أقول إنني ذكرت أدلته الكافية من تجربة ما يُسمى بالديمقراطية الأولى! وطبعاً كما نعلم في ظل الحضارة الغربية الراهنة تم إفراغ كلّ شيءٍ من قيمته الأخلاقية، وهذا يشمل الديمقراطية التي تم إفراغها من مضمونها وحشوها ببعض القيم المادية! وأمير مكيافللي، الذي صار إنجيلاً للحكام ينهض دليلاً بارزاً على ما تعر|ّضت له فكرة الديمقراطية من غزو لا أخلاقي واستعمار!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
على مشارف أرسطو، لا بد من عودةٍ سريعة إلى أفلاطون، لنستدرك نظريّةً مهمةً من نظرياته أغفلناها، وهي نظرية المُثُل (الأفلاطونية)، وفحواها أنّ أفلاطون يعتقد بأنّ: كلّ الكائنات في هذا العالم الأرضي، ليست سوى أشكالٌ وأشباحٌ خالية من قيمها ومعانيها الحقيقية! فأين توجد هذه القيم والمعاني الحقيقية؟ قال: توجد في عالم المُثُل في السماء! وأنه قد كان للنّفس وجود مستقلّ عن البدن، أتاح لها أن تتّصل بذلك العالم الإلهي الخالد! ثمّ لما قُدّر لها أن تحل في الجسد نسيت ما كانت تعرفه من حقائق ذلك العالم المثالي، وبالتالي فهي تحتاج إلى ما يُذكّرها بها! وهذا الدور التّذكيري هو الذي تقوم به الكائنات والموجودات الأرضية، عند الإحساس بها! فعند ما ننظر إلى شجرةٍ ما على سبيل المثال، ، فإنّنا لا ندرك شيئاً، سوى أنّنا نتذكّر تلك الشجرة المثالية التي رأتها نفوسنا من قبل في عالم القيم والمثل! ولذا فالعلم عند أفلاطون هو عمليّة تذكّر، والجهل هو مجرد نسيان لتلك الحقائق الخالدة. +*+*+*+*+*+ وهذه النظرية الجميلة -وإن كان لا أساس لها من الصحة، لا فلسفيّاً ولا دينيّاً- كانت مؤطّرةً لوعي أفلاطون، وهي سببُ تسمية فلسفته بالفلسفة المثالية! ولقد كانت حاضرةً في وعيه عندما كان يُشرّع ويُنظّر للمدينة الفاضلة في محاورة الجمهورية، فلذا كان من الطبيعي أنّ تقوده خطاه إلى نتيجة مرعبة كما يقول الدكتور محمد عابد الجابري، وهي: [أن المدينة الفاضلة لا وجود لها على هذه الأرض، وأنها إن كان لها وجود، فهي في السماء، وفي الأخرة، وليس في الدنيا!]
*محمد باقر الصدر (فلسفتنا). *يوسف كرم (تاريخ الفلسفة اليونانية) *محمد عابد الجابري (العقل الأخلاقي العربي).
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
لئن كان أفلاطون قد حلّق في عالم المُثل الجميل، فإنّ أرسطو قد استنزلها إلى أرض الواقع، وجعل قيم الأشياء كامنةً فيها، وذلك في سياق فلسفةٍ واقعيّة إنسانيّة: انقسمت لقسمين: -قسم نظري: وهو الفلسفة النظرية، وتشمل (الرياضيات+الطبيعة+ما بعد الطبيعة). -وقسم عملي: وهو العلم المدني، ويشمل (الأخلاق+ السياسة)! وفي إطار هذا القسم العمليّ الأخلاقي/السياسي، نتحرّك عبر دائرتيه: أما دائرة الأخلاق فموضوعها (تدبير النّفس) وأمّا دائرة السياسة فموضوعها (تدبير المدينة) من دائرة الأخلاق ينطلق أرسطو، ومن تجربة الإنسان الواقعية، ناظراً بالتحديد إلى (أفعاله وانفعالاته) الظَّاهرة، حيث يرى ونرى الإنسانَ تتوجّه أفعاله وانفعالاته إلى تحقيق غاياتٍ متنوّعة تُشبع حاجاته الجسديّة والنّفسيّة! ونلاحَظُ في هذه الغاياتِ أنّ بعضها يطلبه الإنسانُ لغيره من الغايات، وبعضها يطلبه لذاته فقط: فهذا المطلوب لذاته هو ما يستحقّ أن يُسمّى عند أرسطو بالخير الأسمى! فيُصبح السؤال: ما هو هذا الخير الأسمى؟ أي الذي يُقصَدُ لذاته لا لغيره! الجواب: هو السعادة! فما هي السَّعادة؟ لا يُبحر أرسطو في عالم المُثل، بل ينطلق من أرض الواقع، حيث يلحظ أنّ لكلّ شيءٍ وظيفته التي يؤدّيها بإتقان، ويحقّق ذاته من خلالها! فالنّجار البارع مثلاً يجد نفسه ومتعته في هذا العمل، وهكذا كلّ متخصّصٍ مبدعٍ في وظيفته التي يقوم بها! وعندئذٍ يُوجّه أرسطو نظره إلى دائرة الوظيفة باحثاً فيها عن ذلك المعنى الذي تتحقّق به سعادة المُتقن لها؟ وإن قمنا بتحليل عمل الإنسان المبدع في وظيفته، فسوف نجد أنه يتضمّن ثلاثة أنواع من النشاط: 1-النشاط الغريزي الذي يستهدف حفظ حياة الفرد والنوع، وهذا يشترك فيه مع الإنسانِ: الحيونُ والنبات. 2-النشاط الحيوانيّ، ويتعلّق بحياة الإحساس والشعور، وهذا يشترك فيه مع الإنسانِ: الحيوان. 3-النشاط العقليّ، وهذا هو النشاط الذي يختصُّ به الإنسان! ولا ريبَ أنّا سنجد بالتنقيب فيه بُغيتنا -أي معنى السعادة-! هذا النشاط العقلي يتحرك في مضمارين: 1-مضمار حياة التّأمّل الخالص، أي العلم والمعرفة والفلسفة، وهذا ليس في مقدور كلّ إنسان! 2-مضمارُ (إخضاع تصرّفات الإنسان لأحكام العقل، ويستلزم ذلك تنمية بعض الفضائل الأخلاقيّة وممارستها، حتى تصبح جزءاً من عادات الإنسان)*1. (حتى تصبح جزءاً من عادات الإنسان)، فالفضيلة تنمو في سياق الاجتهاد من أجل اكتسابها عن طريق الإرادة والمران والتّعوّد، إلى أن يحصل حالُ الاستمتاع بممارستها، فمن طبيعة الفضيلة أن يصدر السلوك المعبّر عنها في يسر وسهولة! فخلاصة الأمر: أنّ السعادة خاصّةٌ بالإنسان (العاقل)، أي في حال كونه مجتهداً في بسط سلطان العقل على النّفس والهوى! ولكن كيف يتجسّد ذلك بصورة واقعية، حتى لا يكون الأمر سباحةً في عالم التّمنّي؟ [هنا نصل إلى النقطة المركزية في فلسفة أرسطو الأخلاقية] -كما يقول الجابري- والتي تتمثّل في نظرية الوسط العادل: فإذا كان موضوع الأخلاق هو (الأفعال والانفعالات) الإنسانية! و(هذه) لدى استثارتها بأيّ موقفٍ واقعيٍّ، يكون بندولها متأرجحاً بين الزيادة والنقصان في ردّ الفعل المكافئ لهذا الموقف الواقعي! فتُصيبك الحَيرة: ما هو ردّ الفعل الأخلاقيّ من بينها؟ ويرى أرسطو أنّ ردّ الفعل الأخلاقيّ، يكمن في الوسط العادل، الذي يتميز بأنه يقع في خِضمّ ردود فعلٍ متجاذبةٍ بين الطرفين اللذين يمثّل كلّ منهما الرذيلة، ذلك أنّ الرذيلة أو الشر عموماً [هي من ميدان اللا محدود (...) ذلك أنك تستطيع أن تزيد ما لا نهاية في الطرفين، في الجبن والتهور مثلاً (...) أما الوسط، وهو موقع الفضيلة والخير، فمحدود ومحدود جداً، ومن هنا كان الشر سهلاً، وكان الخير صعباً: "ليس للفضيلة غير شكلٍ واحد، أما الرذيلة فأشكالها متعدّدة"]*2. فباختصار: الفضيلة تتحدّد بحسب كلّ موقفٍ، وتتمثّل في: [أن يكون الشيء: بالمقدار الذي ينبغي، وفي الوقت الذي ينبغي، وبالطريقة التي ينبغي]*3. وذلك كلّه ينبني على حرية الإنسان، وأنه بإرادته يختار أن يسلك طريق (الوسط العادل) في كلّ الأمور، أو أن تزيغ به الأهواء! ولكن: ما علاقة (هذه النظرية الأخلاقية) بالسياسة؟ العلاقة وثيقة جداً: فالإنسان مدنيٌّ بالطبع، ولا تكتمل سعادته، إلا في إطار المدينة، كما أن معرفة الأخلاق لا تكفي، بل ينبغي كذلك ممارستها والعمل بها، وبذلك ينتقل أرسطو من الكلام في علم الأخلاق، إلى الكلام في علم السياسة! والآن سأقوم بتلخيص مباشر من كتاب (العقل الأخلاقي العربي) للجابري: ص278 وما بعدها: في كتاب السياسة ينطلق أرسطو من القضية التالية: أنّ التقيّد بمقتضيات الواقع ومعطيات التجربة، يفرض علينا البحث: لا في المدينة الفاضلة، بل عن أفضل نظام حكمٍ ممكن! ومقياسه للأفضلية مقياس أخلاقي، يتمثل في تطبيق رؤيته الأخلاقية، على صعيد السياسة، وذلك باتخاذ الوسائل الضرورية لتطبيقها في المجتمع، ومن هنا كانت السياسة أشرف العلوم وأسماها لأنها ترمي إلى تحقيق الخير على صعيد المجتمع ككل، أي: (الخير السياسي) الذي هو (العدل) العدل الذي هو (المنفعة العامة)، وتحقيق العدل بهذا المعنى يتوقف على المساواة بين المواطنين، وعلى الحرية مع سيادة القانون، فلا بد من حكومة دستورية تجعل هدفها البلوغ بالمواطنين إلى أقصى ما يمكن من الكمال الإنساني! كيف يمكن الوصول إلى هذه الحكومة؟
*1/ السيد بدوي (الأخلاق بين الفلسفة والاجتماع). *2/3/عابد الجابري (العقل الأخلاقي العربي). *زكريا إبراهيم (المشكلة الخلقية).
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
كيف نحصل على حكومةٍ مُثلى؟ يتبنّى أرسطو تقسيم أفلاطون الثلاثي لأنواع الحكم، وهي: 1-حكم الفرد الواحد، (سواءٌ كان فيلسوفاً فاضلاً، أو كان طاغية منحرفاً). 2-حكم الأقليّة، (وقد تكون أرستقراطية صالحة، أو أوليغارشية منحرفة (حكومة الأغنياء). 3-حكم الأكثريّة، (وقد يكون مؤطراً تحت الدستور والقانون، وقد يكون حكم الغوغاء) للتفضيل بين هذه الأنواع من الحكم، يبدأ أرسطو بتحديد المعيار، وهو إما "صلاح الفرد" أو "صلاح القانون"! ويقرّر أرسطو ضرورة الاحتكام إلى القانون، فهو أسمى من أي فرد، لأنّ أيّ فرد لا يمكنه الاستغناء عن القانون: (أفلاطون كان قد رأى أنّ الأفضل هو أصلح الرجال، بناءً على تشبيه رئيس الدولة بالطبيب، ولكن هذا تشبيه خاطئ، كما يرى أرسطو، لأنّ العلاقة بين الدولة والمواطنين، ليست كالعلاقة بين الطبيب والمريض، فهي علاقة شراكة سياسية تستهدف تحقيق المساواة والحرية) صلاح القوانين يتوقف على صلاح الدساتير، والدساتير تحدد شكل الحكم: هل هو فردي أم لأقليّة أم للكثرة. واعتماداً على قانون الوسط العادل، يختار أرسطو حكم القلّة من الأخيار، الذي يستند على صلاح الطبقة الوسطى من طبقات المجتمع! معتقداً بأنّ الرأي العام الذي يتّسم بالرشد قلما يخطئ! حقّاً لقد احتفظ أرسطو للدولة والنظام السياسي، بكلّ ما يستحقه من استقلال، ولكن لا ينبغي أن نغفل الرؤية الخلقية العامّة التي تؤطّر هذا النظام، وهي رؤية تربوية تستهدف جعل الطبقة الوسطى ركيزةً للبناء الاجتماعي!
*1- محمد عابد الجابري (العقل الأخلاقي العربي)، ص 278 وما بعدها. *2-محمد مختار الزقزوقي (الأخلاق والسياسة)، ص23، 24.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
أما بعد هذه الجولة في أضابير الفلسفة اليونانية، بحثاً فيها عمّا يسند الفكرة التي صدّرتُ بها هذا البوست، ألا وهي اعتقادي بأنّ النظام الديمقراطي في الحقيقة: نظام أخلاقي، بمعنى أنه ثمرةٌ لتطبيق القيم الأخلاقية، على صعيد السياسة! وهي قناعةٌ عميقة عبّرتُ عنها في عدّة بوستات، ووجدتُّني مسئولاً عن إخراجها من طور القناعة الذاتية إلى طور الفكرة الموضوعية، فلذا ألزمتُ نفسي بالبحث في السياق التطبيقي والفكري للديمقراطية! فكانت هذه الجولة في سياق الديمقراطية الأولى في أثينا! وأحسب أنّي قد وجدتُ فيها دعائم كافية لإسناد الفكرة وتأسيسها وتأصيلها، فالوقائع التاريخية هناك وكذا المواقف الفلسفية والفكرية التي رافقتها ناطقةٌ بأنّ الديمقراطية وليدٌ شرعيٌّ للخُلق الإنسانيّ الفاضل! فمن الواضح أنّ الرؤية الفكرية المؤطّرة لوعي ثلاثيّ الفكر اليوناني، بل ومؤسسي الفكر الإنساني عبر العصور: سقراط وأفلاطون وأرسطو، كانت هي الرؤية الأخلاقية! واعتقادهم بأنّ الإنسان كائن أخلاقي! ولا جدال في أنّ المفاهيم السياسية الكبرى كالديمقراطية والمواطنة والحرية والمساواة، قد تكامل وجودها في الفلسفة اليونانية، واتّخذت ملامحها وقسماتها، منذ تلك المرحلة التاريخية! ولا ريبَ في أنها قد وُلِدت في سياقٍ أخلاقيٍّ إنسانيٍّ بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى! فلنحمل معنا هذه الفكرة، ونحن نتتبّعُ مسيرة الديمقراطية، في عالمنا المعاصر، الذي تسود فيه الحضارة الأوربية، والفكر الغربيّ!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
صديقي الجميل صلاح فقيري والله خطك الأحمر الجميل دا والتنظير "الكابّيهو" دا يذكّرني ب"أحلام اليقظة" !! معليش .. ماتزعل لو جئنا للواقع يا حبيب فكدي لو نسمع شوية لزول بروف/ عاش في بلد الديمقراطية الأول-كما يزعمون... إنه بروف جعفر شيخ إدريس: كدي تعال نشوف الواااااقع القالو شيخنا دا:
حوار عن العلمانية الديمقراطية بين مثقفين عربيين أ.د. جعفر شيخ إدريس
Quote: قال الأول لصاحبه : إنه من حسنات البلاد الديمقراطية العلمانية أنها تعاملنا من حيث الدين معاملة أحسن من معاملتنا لها . أجاب الأول : من أمثلة ذلك أنهم يسمحون لنا بأن نبني المساجد ونقيم فيها الصلوات ، ويسمحون بحرية الدعوة إلى الإسلام بينما لا نسمح نحن لهم بشيء من ذلك في بلادنا . قال الثاني : أولاً : إن ما ذكرته عنا ليس بصحيح على إطلاقه ؛ ففي العالم العربي والإسلامي نصارى ويهود يمارسون دينهم في كنائسهم وبيعهم في حرية كاملة . ألم تزر بلاداً كمصر و السودان ؟ قال الأول : ولكن ماذا عن السعودية ؟ الثاني : للسعودية وضع خاص ؛ فهي جزء من الجزيرة التي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن لا يكون فيها دين غير الإسلام . وينبغي أن لا يكون هذا أمراً غريباً حتى على الدول الغربية التي أراك تدافع عنها . الأول : ماذا تعني ؟ الثاني : ألم تسمع ببلد اسمه الفاتيكان ؟ هل تجد فيه من مساجد أو دور للعبادة غير دور الكاثوليك ؟ الأول : كلاَّ . الثاني : الأمر الثاني الذي كنت أود أن أنبهك إليه هو أنهم لا يسمحون لنا بما يسمحون بدافع الإحسان إلينا ، أو مجاملة لنا كما يظن بعض الذين لا يعلمون ، وإلا لقالوا لنا : إما أن تسمحوا لنا بما نسمح به لكم وإلا منعناكم كما تمنعوننا . الأول : هذا ما كنت أظنهم فاعليه ، وقد ازداد تقديري لهم إذ لم يفعلوه . الثاني : إن ما يسمحون لنا به من قدر من الحرية الدينية هو أمر يسمحون به لكل صاحب معتقد مصدقاً بوجود الخالق أو منكراً لوجوده ، مؤمناً كان أم مشركاً ، عابد وثن أو عابد بشر . وكما يسمحون بهذا القدر من الحرية الفكرية فإنهم يسمحون بقدر مثله أو أكبر منه لدعاة الرذيلة من الشواذ والزناة وراسمي الصور الفاضحة . يفعلون كل هذا ؛ لأنهم يرونه في مصلحة بلادهم بحسب تصورهم للحرية . وأما الأمر الثالث فهو أنهم يستعملون كثيراً من قوانينهم ليحدوا من هذه الحرية سواء لزائريهم من البلاد الإسلامية أو القاطنين فيها . الأول : أوافقك . ولكن ألا ترى مع ذلك أن نظامهم خير من نظامنا من حيث إن القدر الذي يسمح به من الحرية أكبر مما نسمح به نحن ؟ الثاني : كلاَّ ! لست أرى ما ترى ؛ لأن الحريات لا تقاس كمِّياً ، وإلا لكان أحسن النظم هو الذي يترك الناس سدى لا يأمر أحدهم بشيء ولا ينهاه عن شيء ألبتة . الأول : بِمَ تقاس إذن ؟ الثاني : تقاس بمدى نفعها وضررها . فالنهي عن السرقة هو حد من الحرية ، لكنه حد مفيد . أما النهي عن أكل السمك مثلاً فهو حد لا فائدة فيه ، بل قد يكون ضرره بالغاً بالنسبة لبعض الناس . ولذلك وصفت النواهي الإسلامية بأنها حدود إذا تجاوزها الإنسان وقع في ما يضره . وبإمكانك أن تتصورها كالحدود التي توضع على جنبتي الجسر ؛ فهي أيضاً تحد من حرية السائر أو السائق ، لكنها مفيدة له ؛ لأنها تمنعه من الوقوع في البحر أو الهوي في واد سحيق . الأول : لا شك في ذلك . لكن من الذي يصدر هذه القوانين التي تحل وتحرم؟ إن النظام الديمقراطي يكل ذلك للناس ؛ فهم الذين يحددون ما يصلحهم وما يضرهم في حرية كاملة . أما النظم الدينية ، ومنها النظام الإسلامي، فإنها لا تعطي الناس هذه الحرية ، بل تكل الأمر إلى الدين . الثاني : أتعني أن كل قانون يحل أو يحرم إنما يصدر بإجماع الناس ؟ الأول : كلاَّ ؛ فأنت تعلم أن الأمر ليس كذلك ، وإنما الذي يصدره هم غالبية الناس . الثاني : لكن غالبية الناس ليست هي التي تصدر القوانين في البلاد الديمقراطية العلمانية ، وإنما الذي يصدرها هو المجالس التشريعية . الأول : نعم ! لكن هذه المجالس تتكون من أفراد اختارهم الناس بالأغلبية ؛ فهم يعبرون عن أفكارهم . الثاني : تعنى أنهم يعبرون عن أفكار من صوَّت لهم . الأول : لكن يستحيل واقعاً أن يكون الأمر على غير ذلك . الثاني : نعم ! ولكنك تعلم أيضاً أنه حتى قولنا بأنهم يعبِّرون عن رأي الأغلبية التي انتخبتهم ليس بصحيح ؛ لأن هذه الأغلبية لا تستشار ، ولو استشيرت لما كان لأغلبيتها رأي في غالبية القوانين ؛ لأنها تحتاج إلى معرفة لا تتوفر لهم . الأول : لكن تبقى مع ذلك الحقيقة بأن هؤلاء قوم رضيهم الناس حكاماً لهم ، وأوكلوا إليهم إصدار ما يرونه مناسباً من القوانين . الثاني : إذن ؛ فالناس في البلاد الديمقراطية العلمانية رضوا بأن يكون المشرعون لهم بشراً مثلهم . الأول : أجل ! وهذا ما يمتازون به . الثاني : واشترطوا عليهم أن تكون تشريعاتهم في إطار الدستور ، ولم يتركوهم أحراراً يشرعون ما شاؤوا . الأول : نعم ! لأن الاستقرار السياسي لا يتوفر إلا بشيء كهذا . الثاني : ما الفرق بيننا وبينهم ؟ نحن أيضاً يمكن أن تكون لنا مجالس تشريعية يختار الناس أعضاءها ويعطونهم حق التشريع على شرط أن لا يكون مخالفاً للقانون الأعلى للبلاد الذي يسمى دستوراً . والذي هو بالنسبة لنا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . الأول : لكن دستورهم هو نفسه من وضعهم ، وبإمكانهم أن يغيروا فيه ما شاءوا . الثاني : لكن دستورهم أيضاً يتضمن مواد كتلك المتعلقة بما يسمونه حقوق الإنسان ليس لأحد أن يغيرها . الأول : نعم ! لأن هذه حقوق لكل إنسان بما هو إنسان ، فلا يجوز لأحد أن يجور عليها . الثاني : من الذي أعطاها هذه المكانة ؟ وعلى كل فأنا لا أريد أن نخرج عن موضوعنا لنتحدث عن حقوق الإنسان ، فلعلنا نفعل ذلك في مناسبة أخرى . فلنعد إلى موضوعنا إذن ! الأول : حسن . الثاني : أردت أن أقول لك إنه ليس لهم علينا فضل في كون دستورهم من اختراعهم ؛ لأنه إذا كانوا هم بمحض اختيارهم رأوا أنه من مصلحتهم أن يشرِّع لهم بشر مثلهم ؛ فنحن أيضاً فكَّرنا لأنفسنا ورأينا أنه من مصلحتنا أن نرضى بما شرعه لنا ربنا الذي خلقنا ، والذي هو أعلم منا بما هو مفسد أو مصلح لنا ، والذي هو رحيم بنا لا يأمرنا إلا بما ينفعنا ، ولا ينهانا إلا عما فيه ضرر علينا . لا فرق إذن بيننا وبينهم من حيث مبدأ الاختيار . فكما أنهم اختاروا بحريتهم ، فنحن كذلك اخترنا بحريتنا ، ولم يجبرنا ربنا على الرضى بما شرع لنا ، وإنما ترك الأمر لنا نحن البشر ] فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ [ ( الكهف : 29 ) ونحن اخترنا بتوفيق من ربنا أن نؤمن. فلا فضل لهم علينا إذن من حيث مبدأ حرية الاختيار ، وإنما الفضل لنا نحن الذين أرانا الله الحق حقاً ووفقنا لاتباعه . الأول : لكن الذي اخترتموه دين ، والناس يختلفون في أديانهم ، ومجتمعاتنا المعاصرة مجتمعات متعددة الأديان ، ولا بد لكل مواطن فيها من أن تكون له حقوق مساوية لغيره بغض النظر عن دينه . الثاني : فكيف حلت العلمانية هذا الإشكال ؟ الأول : حلته حلاًّ يسيراً ، هو أن تُقصَى الأديان عن الحكم حتى يكون لكل مواطن الحق في أن يتقلد أي منصب سياسي من رئاسة الدولة إلى ما دونها مهما كان دينه أو اعتقاده . الثاني : ونحن أيضا نفعل ما فعلوا : نقصي كل الأديان عدا الإسلام عن الحكم وكما ... الأول مقاطعاً : لكنهم أقصوها كلها ولم يستثنوا منها واحداً كما تفعلون . الثاني : تعني أنهم أقصوها كلها ما عدا الدين العلماني . الأول : لكن العلمانية ليست ديناً . الثاني : أجل إنها واللهِ لَدينٌ بمفهومنا العربي الإسلامي ! لكنها شر دين . الأول : ما ذا تعني ؟ الثاني : أعني أن الدين عندنا هو كل أمر يدين به الناس ويعتادونه ويمارسونه في أي جانب من جوانب حياتهم المادية والروحية سواء كان من عند ربهم أو كان من اختراعهم . ألم تسمع قول الشاعر العربي عن ناقته التي اجهدها بكثرة الترحال : إذا ما قمت أرحلها بليل تأوه آهة الرجل الحزين تقول إذا شددت لها وضيني : أهذا دينه أبداً وديني ؟ أكل الدهر حل وارتحال ؟ أما يبقي عليَّ وما يقيني ؟ الأول : لكنك تعلم أن الشاعر استعمل الدين هنا بمعنى العادة ؛ فما علاقة ذلك بأنظمة الحكم ؟ الثاني : لا جدال في أنه استعمله بمعنى العادة ؛ ولكن ألا ترى أنه إذا كان اعتياد الحل والترحال وهو أمر واحد في حياة رجل وناقته يسمى ديناً ، فمن باب أوْلى أن يسمى كذلك اعتياد ما كان أشمل نطاقاً وأكثر عدداً . ثم إن القرآن الكريم استعمل الدين بهذا المعنى العربي ، ألم تسمع قول الله تعالى عن يوسف وأخيه : ] مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ المَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ [ ( يوسف : 76 ) فالمقصود بالدين هنا ما نسميه الآن بالقانون . وفي القرآن الكريم أيضاً يطلق الدين على الهدي الذي أنزله الله تعالى وأرسل به رسوله ، كما يطلق على ما يدين به الناس في الواقع سواء كان موافقاً لذلك الدين الحق أو مخالفاً له . يبين لك ذلك بوضوح حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي ذكر فيه أن الله تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة عام من يجدد لها دينها ؛ فالدين الذي يجدد هو ما يدين به الناس . أما الدين النازل من السماء فلا يحتاج إلى تجديد ؛ لأنه لا يَخْلَق . وتجديد ما يدين به الناس هو جعله موافقاً للدين الحق . الأول : هذا تفسير غريب للدين ، وهو مخالف لما اصطلح عليه الناس ، ولا سيما في البلاد الغربية العلمانية التي هي موضوع حديثنا . الثاني : لكن هل من الإنصاف أن يكون النقاش دائماً وفق تصوراتهم ومصطلحاتهم ؟ لماذا لا نفهمهم أن هنالك اختلافاً بيننا حتى في تصورنا للدين ؟ على كل أنا لا أريد للحوار أن يتحول إلى جدل عن الألفاظ . المهم أن تتضح المعاني ؛ وإذا اتضحت فلا مُشاحَّة في الألفاظ . ألا يمكن أن نترك كلمة الدين ونستعمل بدلاً عنها كلمة تنطبق على العلمانية وما يسمونه هم ديناً ؟ ما رأيك في عبارة منهاج الحياة ؟ الأول : لا بأس بها . الثاني : أرجو أن يتضح لنا من استعمالها أن القول بأن النظام العلماني نظام محايد بين الأديان إنما هو خرافة راجت على كثير من الناس . الأول : أظنني من المصدقين بهذه الخرافة ؛ فهلاَّ أوضحت لنا ياسيدي المنكر للخرافات دليلك على كونها خرافة ؟ الثاني : هب أننا قلنا لإنسان منصف : إن هنالك نظامين ( أ ) و ( ع ) وأعطيناه الجدول الآتي : النظام أ النظام ع - إنِ الحكمُ إلا الله - إن الحكم إلا للشعب - يباح للرجل أن يتزوج مثنى وثلاث ورباع - لا يجوز للرجل أن يتزوج أكثر من واحدة - يأخذ الورثة حقهم أوصى بذلك المورث أم لم يوص - إنما يرث من أوصى له المورث ولو كان حيواناً ، وإذا لم يوص فللدولة أن تتصرف في ماله - الخمر حرام - الخمر حلال - لا تكون علاقة جنسية إلا بين متزوجين - تباح العلاقة الجنسية بين كل بالغين تراضيين رجلاً وامرأة أو رجلين أو امرأتين - الربا حرام - الربا حلال الأول : ما أظنه سيستطيع إذا وضع الأمر بهذه الطريقة . الثاني : ولا طريقة غيرها . إذن فيجب على من يريد أن يكون مسلماً أن لا يخدع نفسه . إنه لا يمكن للإنسان أن يكون مؤمناً ويكون مع ذلك راضياً بالعلمانية نظاماً للحكم . فإما هذا أو ذاك . الأول : نعم ! إن منهاج الحكم العلماني يُقصي غيره من مناهج الحكم ؛ لأنك لا يمكن أن تطبق منهجين مختلفين في وقت واحد كما يتضح ذلك من جدولك . لكن ميزته على المناهج الأخرى ومنها المنهج الإسلامي أنه يفرق بين إقصاء الأفراد وإقصاء المناهج . الثاني : ماذا تعني ؟ الأول : أعني أنه يعامل الأفراد جميعاً معاملة متساوية باعتبارهم مواطنين من حق كل واحد منهم أن يتقلد أي منصب سياسي في الدولة إذا ارتضاه الناس . الثاني : بشرط أن يكون حكمه وفقاً للدستور العلماني الذي يُقصي منهجه عن الحكم إذا كان مسلماً . الأول : أجل ! وأظننا قد اتفقنا على الأمر البدهي الذي يقضي باستحالة الجمع بين منهجين في الحكم مختلفين . الثاني : لكن معنى هذا أنك تعطي المسلم الأمريكي مثلاً الحرية في أن يكون رئيساً بشرط أن يتخلى عن دينه . الأول : كلاَّ ! فبإمكانه أن يظل مسلماً يصلي ويصوم ويحج ويفعل كل ما يأمره به دينه . الثاني : إلا في ما يتعلق بالحكم . الأول : نعم . الثاني : لكن المسلم المخلص لدينه العارف به لا يرضى بهذا ؛ لأنه يعرف أن دينه كلٌّ لا يقبل التجزئة ؛ فالذي ينكر بعضَه فقد أنكره كلَّه . قال تعالى : ] أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ القِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ العَذَابِ [ ( البقرة : 85 ) وهذا هو الذي يشترطه النظام العلماني على المسلم . الأول : لكن النظام الإسلامي لا يعطيه حتى هذا القدر . الثاني : النظام الإسلامي لا يمنع غير المسلم أن يكون مسلماً ، وأن يتأهل بذلك أن يكون حاكماً للمسلمين . لكن الإنسان كما ذكرنا لا يكون مسلماً إلا إذا آمن بالدين كله ؛ لأن نظام الحكم في الإسلام غير منفصل عن شرائعه الأخرى ؛ بل إن هذا هو الحال في الديانات الأخرى ، وما زال هو الذي يراه بعض اليهود وبعض النصارى الرافضين للنظام العلماني ، والذين يصفون العلمانية كما نصفها بكونها ديناً محارباً لأديانهم . الأول : نعم ! إنهم ليفرضون عليهم هذا باعتباره الدستور الذي ارتضته الأغلبية ، لكنهم بعد ذلك يسمحون لهم بما لا يتعلق من دينهم بأمر الحكم . الثاني : ونحن أيضاً نسمح لهم بما ذكرت ، بل إننا لنعطيهم أكثر مما تعطيهم العلمانية الديمقراطية . الأول : لكنهم يرون أن نظام الحكم الذي تفرضونه عليهم هو دينكم وهم لا يرضون أن يُفرَض عليهم دين ليس بدينهم . الثاني : نحن لا نفرضه عليهم بكونه ديناً بمعنى كونه عبادة يتقربون بها إلى الله ، وإنما نفرضه عليهم باعتباره نظاماً للحكم ارتضته أغلبية المواطنين ؛ ولا فرق في هذا بيننا وبين النظام العلماني الديمقراطي . فإذا كانوا وهم الأغلبية في البلاد الغربية العلمانية قد رضوا بأن يُقصوا دينهم عن الحكم ، ويرضَوا بالعلمانية بديلاً ؛ فما الذي يمنعهم حيث يكونون أقلية في البلاد الإسلامية من أن يرضوا بإقصاء دينهم عن الحكم والرضى بالحكم الإسلامي باعتباره اختيار الأغلبية في البلد الذي يعيشون فيه . الأول : يبدو من كلامك هذا أنك تكاد ألاَّ ترى في الحياة العلمانية الغربية الديمقراطية أي حسنة . الثاني : أنا لم أقل ذلك وإنما كنت أرد ظنك بأن نظامهم يفضُل النظام الإسلامي . الأول : أفهم من ذلك أنك ترى في الحياة الغربية جوانب حسنة ؟ الثاني : لا شك في ذلك . بل أرى أن في كل أمة من الأمم بعض الجوانب الخيرة . أقول هذا ديناً ؛ لأنني أعتقد أنه لا يمكن لإنسان لا خير فيه ألبتة أن يرى الخير الذي في الدين الحق فيؤمن به . وما دام هذا الدين قد جاء للناس جميعاً ، فلا بد أن الله سبحانه وتعالى جعل فيهم من الخير ما يمكِّنهم من رؤيته حقاً . الأول : هلاَّ ذكرتَ لي بعض هذه الجوانب الخيرة ؟ الثاني : الحديث في هذا قد يطول ؛ فلأكتف لك بذكر أحسن ما أراه عندهم ، أحسن ما عندهم هو هذا التطور الكبير في العلوم الطبيعية وما بني عليه من تقنية في شتى جوانب الحياة ومنها الجانب العسكري . وقد كنت أتمنى لو أننا ركَّزنا على هذا الجانب العلمي التقني فيما نأخذه من الغرب ، لكن العلمانيين في بلادنا شغلونا بمثل هذه القضايا التي كنا نتحدث عنها الآن ؛ لأنهم لسذاجتهم ظنوا أن السبب الأساس لتطور الغرب هو فصله للدين عن الدولة . وقد كان هذا التركيز على الجانب الثقافي في التجربة الغربية هو السبب الأساس لضعفنا وعدم تطورنا ؛ لأنه كان السبب الأساس في النزاع بيننا ؛ وأنت تعلم أن الأمم لا تستطيع أن تحقق إنجازاً كبيراً دينياً أو دنيوياً وهي منقسمة على نفسها متنازعة فيما بينها . فأسأل الله تعالى أن يجمعنا على الخير ، وأن يوفقنا إلى الأخذ بأسباب النهضة والقوة والرفعة في كل جوانب حياتنا المادية والروحية . الأول : آمين |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: عماد موسى محمد)
|
حياك الله أخي الحبيب عماد! وعلى ما أظن أنك لم تجد وقتاً كافياً للاطلاع على هذه الكمية من التنظير هههه! باختصار: أنا أتكلم عن ديمقراطية هي ثمرة للخلق الإنساني الفاضل! وهذا بالتأكيد لا ينطبق على الديمقراطية المعاصرة! وكل ما أستطيع أن أقوله الآن: أنه قد ثبت من خلال المداخلات السابقة: أن الديمقراطية فعلاً كانت ثمرة لتطبيق القيم الأخلاقية على مجال السياسة، في المنشأ الأول للديمقراطية، بلاد اليونان كما يقولون! وتتبقّى لنا جولات واسعة جداً، في سياق تطبيق الديمقراطية في عالمنا المعاصر، سواء السياق الواقعي أو الفكري! شاكراً لك تكرّمك بالمساهمة في إعلاء راية البوست! وبالنسبة للمادة التي تفضّلت بها عن الشيخ الدكتور جعفر شيخ إدريس، حقيقةً هي الآن بعيدة عن دائرة اهتمام البوست، وبالتأكيد بعد قليل سينفتح المجال لهذه الرؤى التطبيقية! لكن قضيتي الآن: إثبات إنو حاجة اسمها ديمقراطية دي في الحقيقة، وخلافاً لما هو شائع: هي ثمرة للأخلاق! وليست ثمرة للعلمانية!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
Quote: الأخ الفاضل صلاح فقير تحياتي وإحترامي ،،،
حقيقة إستوقفتني هذه الجملة : "لاحظ على الديمقراطية في سياق التطبيق، أنها قصيرة العمر، حتى قيل إنّها: (لا تعدو أن تكون صدفة تاريخية أو جملة اعتراضيّة في تاريخ البشرية، لن تلبث أن تختفي) ألا تعتقد هذا يدل على قصور ما ؟ الفكر الديمقراطي ، المؤسسات الديمقراطية ، التطبيق - والمجتمع - ؟ أم ليس لها من الرؤية والمرونة ما يجعلها تواجه هذا الإندثار عند التطبيق؟ وفي ذلك هل هي عاجزة عن تلبية حاجات المجتمع حتي يبجث عن بديل آخر ؟ أعتقد هذا البديل الآخــر أوجد تعريف جديد للديمقراطية وهي ديكاتورية الأغلبية على الأقلية
في إنتظارك لمزيد من التوضيح مع وافر الشكر والإحترام
السر جميل |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: السر جميل)
|
مرحباً بك أخي السر جميل، وشكراً لإثارة التساؤل المهم! ولا ريب أنّ أقلّ حسنات الديمقراطية: أنها تضبط الصراع بين الاتجاهات السياسية والأيديولوجية المختلفة! أما إذا وجّهت -أي الديمقراطية- هذا الصراع إلى تحقيق أهداف المجتمع المعني وبنائه والارتقاء بأفراده ومكوّناته فتلك هي غايتها، وهي غاية مثالية أخلاقية! وكما يقول الدكتور محمد ضياء الدين الريس (النظريات السياسية الإسلامية):Quote: العهود المثالية قصيرة الأمد، يعرف ذلك من يدرس تواريخ الأمم، ولا سيّما تاريخ حركات الإصلاح والانقلابات والثورات، في مختلف العصور.
|
ولعلنا إذا نظرنا إلى تاريخنا الحديث، ندرك هذه الحقيقة بوضوح، فالمدّ الثوري الأخلاقي المقارن لثورة أكتوبر 1964م، لم يلبث إلا ريثما تم تشكيل الحكومة الجديدة، قد أجهضته النخبة المتعلّمة، إذ لم يكن لها برنامج واضح المعالم للتغيير، ولم تهتم بإجراء عقد اجتماعي/سياسي فيما بينها، يضبط الصراع، فكان أن تحوّلت الساحة السياسية إلى ميدان واسع للمعارك (اللاأخلاقية) وعملية إلغاء الآخر: فالعهد الذهبي لأكتوبر انتهى بتشكيل أول حكومة، ومن ثم بدأ العهد الفضي، وهكذا لحدّ ما جاء العصر الحديدي بمايو 1969م والذي استمرّ لحد ما جاءت ثورة أبريل التي استمرّ عهدها الذهبي في رأيي طيلة عهد الحكومة الانتقالية (سوار الذهب، الجزولي) ثم بدأ الانكسار ابتداءً من تشكيل أول حكومة ديمقراطية، التي اتّضح من خلال تركيبتها أن الطائفية القديمة قد عادت مجدداً! ولنأخذ مصداقاً لهذه الحقيقة من التاريخ الإسلامي، الذي استمرّعهده الذهبي طيلة عصر النبوة ثم الخلافة الراشدة إلى ما قبل حدوث الفتنة الكبرى! لذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم))! لكن طبعاً العصر الذهبي يُفترض أنه يظلّ مؤثراً في العصور التالية إلى حدٍّ كبير! وسبب هذه الظاهرة عموماً في نظري، هو: ضعف الإنسان، ضعفه الأخلاقي! ثمة من هم أقوياء في الخُلق ذوي مبادئ لا تزول وإن زالت الجبال! لكنهم قليلون في كلّ عصر! لكن رغم ذلك: في الإنسان جوعة لا يسدّ رمقها إلا الأخلاق الفاضلة، فلذلك تظل الديمقراطية هدفاً وطموحاً، يستحقّ السّعي إليه، خاصةً في ظل مجتمع متعدّد بطبيعته، مثل مجتمعنا السوداني! شكراً جزيلاً لك أخي!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
التساؤل الذي طرحه الأخ السر جميل عن مسألة العمر القصير للنظام الديمقراطي، يُعيدني إلى رؤية أرسطو الأخلاقية السياسية، وكما رأينا فإنه بتطبيقه لنظرية الوسط العادل، رأى أنّ حكومة القلّة الصالحة هي الأفضل، هذا من الناحية النظرية فقط، أما من الناحية العملية فالمبدأ العام عند أرسطو أنّ الحكومة الأفضل، تتحدّد بحسب الواقع التاريخي المعيّن، فهي معادلة واقعيّة بحتة، يتم فيها أحياناً اختيار أهون الضررين، وأقل الشّرّين، لكن طبعاً بصورة مؤقتة، إلى أن تحاول قوى التغيير الحقيقي استعادة أنفاسها، وإعادة تهيئة المجتمع كلّه للتغيير الحقيقي! يعني طلائع التغيير الحقيقي قد تجد نفسها، مضطرّةً في بعض المراحل للرضاء بنظام غير مثالي، لكن يحقق مقتضى المرحلة المعيّنة!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
حسين الزبير:
Quote: هذا البوست بوست قيم جدا ، و فيه الكثير المفيد عن الديمقراطية باسلوب علمي ، و جدير بالمناقشة الجادة لمصلحة الجميع اولا و لمصلحة الاجيال التي تكون وعيها السياسي في ربغ القرن الماضي ، حيث شوهت المعاني الخاصة بالديمقراطية و قدموها للشباب انها تتلخص في صندوق الاقتراع - اتمني ان يجد البوست عناية من صاحب الدار الباشمهندس بكري ، و ليواصل حملة الباسورد في اثراء النقاش |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
مرحباً بك أخي حسين الزبير! وشكراً جزيلاً لك على هذا التنويه! وحقّاً فإنّ مجرد طرح السؤال: ما هي الديمقراطية؟ في رأيي يُعتبر خطوة مهمة جداً! لكنّنا نميل إزاء قضايانا الوطنية والمصيرية، إلى اتّخاذ ردود الفعل الغاضبة، عوضاً عن طرح الأسئلة ومحاولة الفهم، سواء فهم الذات أو فهم الآخر!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
الأخ الفاضل \ صلاح فقيري ..
تحياتي .. وكل عام وانت وضيوفك بالف صحة وعافية واسرتك والوطن معآ . ومشكور علي الموضوع الرائع .
لفت نظري اقتباس الأخ \ صادق :
Quote: فرانكلين وجماعته من أساطين المال ودهاقنة البنوك يريدوننا (نحن شعوب العالم الثالث) أن نعبد مثلهم ونركع لذلك الإله الأخضر (وحده لا شريك له) . ذلك الإله الذي صور عليه بنيامين فرانكلين ورفاقه من الذئاب صورهم ، و في أحسن تقويم. |
يا اخ صادق لما اتكلموا عن الديمقراطية فرجاءآ تكلم عن الديمقراطية كمبدأ ودعك عن حاملي الديمقراطية كاشخاص ! لانه الأخ فقيري ما اتكلم عن من الذين يعتقدون مبدآ الديمقراطية تلكم فقط عن ما هية الديمقراطية ولو الناس بتتكلم عن حاملي المبأدي لو كان مبأدي دينية مرسلة او ديمقراطية صنع البشر كنا ارتدينا اولآ عن معتقدنا الاسلام لانه البمثلوا الاسلام اليوم هم ابعد الناس عنه زي الفي نظرك بمثلوا الديمقراطية وجايبهم باسماءهم كدليل . ومشكور اخي .
ولي قدام ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: مني عمسيب)
|
شكراً جزيلاً لكِ أختي منّي عمسيب، وكلّ عامٍ وأنتِ بخير، عسى أن يعود علينا وبلادنا ترتفع فيها راياتٌ للديمقراطية الحقّة! وكما تفضّلتِ فالبوست منشغل بالنّظر في مبدأ الديمقراطية نفسها، ولكن لا على سبيل النظر التجريدي المتعالي على ضرورات الواقع، بل من أجل إعادة اكتشاف معناها، وتخليصه من الابتذال، الذي تعرّض له! ومن النّزعات الأيديولوجية والسوفسطائية التي يهمُّها تشويه وجه الديمقراطية الوضيء!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
قبل أن أواصل، أتوقف عند مساهمةٍ متميّزة تتعلّق بالموضوع، قدمها الأخ عبد الله حسين في بوست الأستاذ عثمان محمد صالح: (الحزب الشيوعي السوداني : من النجوميّة إلى فزّاعة للطير)، في سياق ذلك البوست جاءت المداخلة التالية للأخ عبد الله حسين:
Quote: إذا كان الحزب الشيوعي السوداني قد رسب في اختبار الديمقراطية وخرج من جنة الديمقراطية الليبرالية بسبب موقفه مما حدث في مصر، يكون قد رسب قبله ومعه أصحاب الجلد والرأس أنفسهم، أصحاب النموذج الديمقراطي الليبرالي الغربي، الولايات المتحدة وكندا ودول الاتحاد الأوروبي، لأن هؤلاء ساندوا ويساندون النظام الحالي في مصر، ليس سياسياً فحسب بل بالدعم المالي والعسكري، وبالتالي فإن النموذج الديمقراطي الليبرالي الغربي الذي يزعمون أن الحزب الشيوعي قد خرج عليه هو نموذج مضروب لأنه يقوم على المصالح وليس المبادئ. |
فرددتُ عليه بالمداخلة التالية: (((وهذه حقيقة: ان النموذج الليبرالي الديمقراطي الغربي نموذج مضروب! والديمقراطية في الأصل، ليست ثمرة النظام الغربيّ بالتحديد، لكنها ثمرة الوعي الإنساني، ونتيجة مباشرة لتطبيق القيم الإنسانية والأخلاقية في مجال سياسة الدولة! هكذا يحدثنا تاريخها القديم! ونقد الحزب الشيوعي السوداني، أو أيّاً من الأحزاب السياسية السودانية، على مواقفها المنافية للديمقراطية، لن يكون له أيُّ معنىً، إن لم يكن نقداً أخلاقيّاً! فهؤلاء الذين ولَّوا أدبارهم للديمقراطية، سواء كانوا هم اليساريين أو اليمينيين (بدرجات كلٍّ)، هؤلاء أجرموا في حقّ الوطن، وفي حقِّ تجربته السياسية، وخانوا شعبهم الذي خرج مرَّتين تائقاً لها حالماً بها! فكانت الثمرة المرّة لهذا الخروج على الديمقراطية في الحالتين: ألواناً من الفساد السياسي والاجتماعي! فالخروج على الديمقراطية وعدم الالتزام بمباديها، هو في الحقيقة خروج على القيم الإنسانية والأخلاقية، بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى!))) وعندئذٍ عقّب الأخ عبد الله حسين بالمداخلة التّالية:
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
Quote: الأخ صلاح عباس فقير
وعليكم السلام
أتفق معك تماماً أن الديمقراطية ليست منتج غربي، بل هي نتيجة لصيرورة الوعي الإنساني، ساهمت الحضارات المختلفة في تطويره وبلورته حتى أصبحت نظام الحكم الذي نراه اليوم، وفي رأيي أنه يجب أن يتم الفصل بين الديمقراطية والليبرالية، لأن الديمقراطية هي نظام للحكم، يمكن أن يرتضيه الجميع كإطار عام للصراع الاجتماعي، بينما الليبرالية هي مذهب اجتماعي أو قل أيديولوجية خاصة بطبقة اجتماعية معينة هي البرجوازية، ولا أرى أي ضرورة عملية أو نظرية لربط الديمقراطية بالليبرالية، فيمكن أن نسميها ببساطة الديمقراطية أو الديمقراطية التعددية، فالديمقراطية كمفهوم نظري والتعدد كواقع موجودان ومنذ أزمنة سحيقة في الطبيعة والمجتمع البشري، بينما الليبرالية ظهرت في القرن السادس عشر الميلادي، والفكرة الشائعة التي يرددها الغرب أن مصطلح وفكرة الديمقراطية ظهرا في أثينا القديمة في نهايات القرن الخامس قبل الميلاد، وهذا ادعاء غير صحيح، مثله مثل النظرية الرياضية التي تقول أن مجموع مربعي طولي الضلعين في المثلث القائم الزاوية يساوي مربع طول الوتر، التي تنسب زوراً إلى فيثاغورث، بينما هو في الواقع أخذها إن لم نقل سرقها من كيميت " مصر القديمة "، وفي الواقع أن أقدم ملمح لممارسة ديمقراطية جنينية في التاريخ حسب علمي، مُثبتة بنص تاريخي صحيح، تعود إلى مملكة كوش، إلى عهد الملك اسبلتا 593 ـ 568 قبل الميلاد والأرجح أنها أقدم من هذا التاريخ بكثير، حيث يقول المؤرخ اليوناني ديودور الصقلي، أن الملكية الكوشية كانت ملكية انتخابية !، فالملك يتم اختياره من بين 18 فرداً، ستة يعينهم الجيش وستة يعينهم رئيس المالية وستة يعينهم البيت المالك (مثل طرح تمثيل القوى الحديثة الذي طرحه الحزب الشيوعي بعد انتفاضة 1985 ههههه، الحزب الشيوعي له جذور كوشية قديمة)، وبعد عملية انتخابية هي مزيج من الإجراءات السياسية والإدارية والطقوس الدينية، يتم اختيار الملك بمساعدة كهنة آمون ومباركة الإله آمون رع، وكانت ساحة هذا الانتخاب، التي يمكن أن نعتبرها أقدم برلمان في العالم، هي الساحة التي تقع أمام معبد آمون في سفح جبل البركل والتي ما زالت آثاره باقية إلى هذا اليوم. والديمقراطية تنقسم إلى ديمقراطية تمثيلية وديمقراطية مباشرة، وهنا تبدأ كل المشكلات التي تواجه مسيرة الديمقراطية اليوم، فنظرة سريعة على واقع الديمقراطية التمثيلية في النظام الليبرالي الغربي، تكشف لنا أن الديمقراطية قد تم اختطافها وتدجينها تماماً، حيث أصبحت الأحزاب والنواب والحكومات والبرلمانات مُجرد دُمي في أيدي اللاعبين الحقيقيين الماسكين بكل خيوط اللُعبة، أي أباطرة المال والإعلام، حيث يملك 85 شخصاً أكثر من نصف ثروة العالم !، حيث يؤثر هؤلاء بشكل مباشر وغير مباشر، عبر تمويل الأحزاب وتمويل الحملات الانتخابية، على مجمل السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تتبناها الحكومات وعلى تشريعات القوانين التي تتبناها البرلمانات، وعبر سيطرتها الكاملة على أجهزة الإعلام، تلعب دوراً مباشراً في صناعة الرأي العام وفي السيطرة على العقول. فإذا تخيلنا العالم اليوم على شكل هرم، نرى في قمة الهرم الحركة السرية الإسمها الماسونية، وهي أخطر وأكثر أقدم الحركات تنظيماً وسرية في التاريخ، وفي قاعدة الهرم الإمبراطوريات المالية التي يملكها أفراد وأسر معروفة ومنذ زمن طويل مثل أسرة روتشيلد وأسرة روكفيلر، وفي وسط الهرم الأذرع التنفيذية في كل المجالات والتي تشكل في مجموعها الحكومة الفعلية السرية العالمية !، وأبرزها مجموعة بيلدربيرغ، المعهد الملكي للشؤون الدولية، مجلس العلاقات الخارجية، اللجنة الثلاثية ونادي روما. وأخطر ما في الأمر أن معظم الرؤساء الذين حكموا أمريكا ودول الغرب عموماً ينتمون ليس فقط إلى نفس الطبقة الاجتماعية المسيطرة بل إلى نفس السُلالة (Bloodline) !، الرئيس الحالي باراك أوباما هو في الحسبة ابن خالة الرئيس السابق جورج بوش، حقيقي لا أمزح ههههه، وباراك أوباما أيضاً له روابط دم قوية مع الرؤساء الأمريكان السابقين: جيرالد فورد، ليندون جونسون، هاري ترومان، جيمس ماديسون ورئيس الوزراء البريطاني الشهير إبان الحرب العالمية الثانية السير وينستون تشرشل، وقريب الجنرال في الحرب الأهلية الأمريكية روبرت إدوارد لي، كما أنه ابن عم ديك تشيني نائب الرئيس السابق جورج بوش، ففي لقاء تلفزيوني سأله المذيع ممازحاً: من كان يفكر أن تكون ابن عم ديك تشيني، فأجاب أوباما ضاحكاً: لا أعتقد أني سأجلس معه في الاجتماعات العالية، لا أعرف كيف سيرحب بي، والرئيس السابق جورج بوش تربطه روابط دم قوية مع الرؤساء: جورج واشنطن، ميلارد فيلمور، فرانكلن بيرز، ابراهام لينكولن، أوليسيس غرانت، روثرفورد هيس، جيمس غارفيلد، غروفر كليفلاند، ثيودور روزفلت، وليام هوارد تافت، هيربرت هوفر، فرانكلن روزفلت، ريتشارد تيكسون، وجيرالد فورد، وابن عم ديك تشيني نائبه، كما أنه مرتبط سلالياً بكل الملكيات الأوروبية الحالية والسابقة، وله روابط دم قوية مع كل أفراد العائلة المالكة البريطانية، فهو حفيد مباشر من الملك هنري الثالث، ومن أخت الملك هنري الثامن، وهو حفيد مباشر لملك انجلترا تشارلز الثاني، وهو حفيد مباشر من جودفراي دي بوليان والذي كان أول ملك على القدس بعد أن استولى عليها الصليبيون، وهو ابن عم كل من آل غور نائب الرئيس السابق بيل كلينتون ووزير الخارجية الحالي جون كيري، ومن المشاهير الذين ينتمون إلى عائلته كل من مادونا، سيلون ديون، توم هانكس، كما أن مرشح الرئاسة الأمريكية السابق جون ماكين ينحدر من سلالة الملك روبرت البروس، ملك اسكتلندا ويليام الأول وأيضاً من جودفراي دي بوليان ملك القدس، وابن عم لورا بوش زوجة جورج بوش، وهيلاري كلينتون وزيرة الخارجية السابقة ترتبط بقرابة دم بكاميلا باركر زوجة ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز والكاتب الوجودي جاك كيرواك. هذا بالإضافة إلى الكثير من العلاقات السلالية الأخرى التي تربط أفراد الطبقات الحاكمة في الغرب والنُخب المسيطرة فيه، هل كل ذلك صدفة، هل يعقل أن من يتم انتخابهم على مدى قرون هم نفس سلالة الدم، وبعد كل ذلك يأتي من ينفي وجود نظرية المؤامرة !!، وطبعاً أكثر من ينفون وجود المؤامرة هم المتآمرين أنفسهم. النظام الديمقراطي الليبرالي الغربي، نفذ عبر مخابراته، العديد من الانقلابات العسكرية التي أطاحت بأنظمة ديمقراطية منتخبة في شتى أنحاء العالم، كما أنه دعم وظل يدعم حتى اليوم أسوأ أنواع الديكتاتوريات في العالم بما أنها تحقق مصالحه، والأمثلة كثيرة وفي متناول الجميع على شبكة الانترنت. بعد الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي جمدت الولايات المتحدة مؤقتاً مساعدتها إلى الجيش المصري ولكنها سرعان ما أفرجت عنها، كما لم تتوقف ولم تتأثر مساعدتها الاقتصادية السنوية لمصر وكانت آخرها هذا العام وبلغت قيمتها 250 مليون دولار، وليس مصر فحسب بل حتى السودان الذي يبدو في الظاهر أن علاقته سيئة مع الولايات المتحدة، إلا أن حجم المساعدات بلغت في السنوات الماضية 280 مليون دولار في العام في بعض التقديرات، و10 مليون دولار في تقديرات أخرى. اليوم في عصر المعلومات وتطور وسائل الاتصال، باتت البشرية أقرب من أي وقت مضي من حُلم إقامة نظامها الديمقراطي المباشر وهو أرقى أشكال الديمقراطية، بعد أن فشل نظام الديمقراطية التمثيلية الليبرالية بسيطرة أباطرة المال والإعلام عليه، فبإمكان الجماهير على المدى البعيد أن تنتخب حكوماتها مباشرة، وأن تصوت على مشاريع القوانين والسياسات دون حاجة لوسيط نيابي، وذلك عبر وسائل الاتصال الحديثة ودون الحاجة لمغادرة أماكنها، فهل يتحقق الحُلم ؟. |
مداخلة متميّزة، أثارت في نفسي الفضول للتّشرّف بمعرفة كاتبها، فدخلت إلى بروفايله، ولم أجد من معلومةٍ سوى أنه قد التحق بسودانيز في نفس العام الذي التحقت فيه بها (2009م)، غير أنّ مشاركاته لم تتجاوز الخمس عشرة مشاركة، بعد مائةٍ واحدة! ووجدتُ كذلك أنه كما قال: (SINGLE) هههه فخطر لي أنه من الشباب الواعد بالكثير من العطاء! عموماً أرجو أن يشرّفنا الأخ عبد الله بإطلالةٍ على هذا البوست المتواضع! وهذه المداخلة القيّمة تستحقّ منّي وقفاتٍ عديدة:
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
وقفة أولى عند قول الأخ عبد الله حسين:
Quote: أتفق معك تماماً أن الديمقراطية ليست منتج غربي، بل هي نتيجة لصيرورة الوعي الإنساني، ساهمت الحضارات المختلفة في تطويره وبلورته حتى أصبحت نظام الحكم الذي نراه اليوم |
وهذا النص يتضمّن تمييزاً بين الديمقراطية كمبدأ، والديمقراطية كنظام أو صيغة سياسية اجتماعيّة معيّنة، فالمبدأ أخلاقي ثابت، والصيغة السياسية الاجتماعيّة، هي التي أسهمت الحضارات المختلفة في تطويرها وبلورتها، حتّى اتخذات الشكل الذي نعرفه بها اليوم! وأيضاً هذه الصيغة السياسية الاجتماعية، يختلف شكلها من مجتمعٍ إلى آخر! وأرجو أن يُتاح لي في مداخلاتٍ قادمة، أن أقف عند النموذج الديمقراطي الذي مثله عهد الخلفاء الراشدين، وكيف تجسّد فيه المبدأ الديمقراطي!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
ووقفة أخرى عند قول الأخ عبد الله حسين:
Quote: وفي رأيي أنه يجب أن يتم الفصل بين الديمقراطية والليبرالية، لأن الديمقراطية هي نظام للحكم، يمكن أن يرتضيه الجميع كإطار عام للصراع الاجتماعي، بينما الليبرالية هي مذهب اجتماعي أو قل أيديولوجية خاصة بطبقة اجتماعية معينة هي البرجوازية، ولا أرى أي ضرورة عملية أو نظرية لربط الديمقراطية بالليبرالية، فيمكن أن نسميها ببساطة الديمقراطية أو الديمقراطية التعددية، فالديمقراطية كمفهوم نظري والتعدد كواقع موجودان ومنذ أزمنة سحيقة في الطبيعة والمجتمع البشري، بينما الليبرالية ظهرت في القرن السادس عشر الميلادي |
وفي هذا النص تأكيد على حقيقة مهمة جداً: أن الديمقراطية نظام للحكم وليست مذهباً فلسفيّاً أو اجتماعيّاً! فكر العولمة يقول لنا خلاف ذلك: أن الديمقراطية هي المذهب الاجتماعي الذي تقوم عليه الحضارة الغربيّة كلّها! وهذا خطأ! بل الديمقراطية نظامٌ للحكم، وهي نظام الحكم الذي اختارته أوربا من خلال توجُّهها الرأسماليّ الليبرالي! وسوف نرى لاحقاً ما أصاب الديمقراطية في سياق التطبيق الغربيّ لها!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
ووقفة أخرى عند قول الأخ عبد الله حسين:
Quote: والفكرة الشائعة التي يرددها الغرب أن مصطلح وفكرة الديمقراطية ظهرا في أثينا القديمة في نهايات القرن الخامس قبل الميلاد، وهذا ادعاء غير صحيح، مثله مثل النظرية الرياضية التي تقول أن مجموع مربعي طولي الضلعين في المثلث القائم الزاوية يساوي مربع طول الوتر، التي تنسب زوراً إلى فيثاغورث، بينما هو في الواقع أخذها إن لم نقل سرقها من كيميت " مصر القديمة "، |
والأمر يتعلّق هنا بنقد فكرة المركزيّة الأوربيّة، التي تُلغي الحضارات الأخرى، وتُنكر دورها ومساهماتها في الارتقاء بالحضارة الإنسانيّة ككل، وهذه الفكرة لها مظاهر عديدة كما هو معلوم! فمن مظاهرها هنا ما ذكره الأخ عبد الله من اعتقادها بأنّ الديمقراطية، ثمرة خالصة من ثمار الحضارة الأوربية! ولا ريب أنّ الحضارة الأوربية اليونانية، كان لها دور تأسيسي على الصعيد المعرفيّ، فهناك -بحسب علمي- عُرف لأول مرّة مصطلح الديمقراطية باعتباره علماً على هذا النظام المتميّز من أنظمة الحكم السياسي! وصار بالإمكان التفكير فيه ومراجعته ووضعه تحت مجهر البحث العلميّ! أما على صعيد الممارسة الواقعيّة، فالأمر كما ذكر الأخ عبد الله حسين: Quote: أن أقدم ملمح لممارسة ديمقراطية جنينية في التاريخ حسب علمي، مُثبتة بنص تاريخي صحيح، تعود إلى مملكة كوش، إلى عهد الملك اسبلتا 593 ـ 568 قبل الميلاد والأرجح أنها أقدم من هذا التاريخ بكثير، حيث يقول المؤرخ اليوناني ديودور الصقلي، أن الملكية الكوشية كانت ملكية انتخابية !، فالملك يتم اختياره من بين 18 فرداً، ستة يعينهم الجيش وستة يعينهم رئيس المالية وستة يعينهم البيت المالك (مثل طرح تمثيل القوى الحديثة الذي طرحه الحزب الشيوعي بعد انتفاضة 1985 ههههه، الحزب الشيوعي له جذور كوشية قديمة)، وبعد عملية انتخابية هي مزيج من الإجراءات السياسية والإدارية والطقوس الدينية، يتم اختيار الملك بمساعدة كهنة آمون ومباركة الإله آمون رع، وكانت ساحة هذا الانتخاب، التي يمكن أن نعتبرها أقدم برلمان في العالم، هي الساحة التي تقع أمام معبد آمون في سفح جبل البركل والتي ما زالت آثاره باقية إلى هذا اليوم. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
ووقفة أخرى عند وقفته المطوّلة النّاقدة للديمقراطية الغربيّة، الكاشفة عن وجهها الحقيقيّ الشّائه الّذي يغفل عنه أو يتغافل عنه الكثيرون، يقول الأخ عبد الله حسين:
Quote: والديمقراطية تنقسم إلى ديمقراطية تمثيلية وديمقراطية مباشرة، وهنا تبدأ كل المشكلات التي تواجه مسيرة الديمقراطية اليوم، فنظرة سريعة على واقع الديمقراطية التمثيلية في النظام الليبرالي الغربي، تكشف لنا أن الديمقراطية قد تم اختطافها وتدجينها تماماً، حيث أصبحت الأحزاب والنواب والحكومات والبرلمانات مُجرد دُمي في أيدي اللاعبين الحقيقيين الماسكين بكل خيوط اللُعبة، أي أباطرة المال والإعلام، حيث يملك 85 شخصاً أكثر من نصف ثروة العالم !، حيث يؤثر هؤلاء بشكل مباشر وغير مباشر، عبر تمويل الأحزاب وتمويل الحملات الانتخابية، على مجمل السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تتبناها الحكومات وعلى تشريعات القوانين التي تتبناها البرلمانات، وعبر سيطرتها الكاملة على أجهزة الإعلام، تلعب دوراً مباشراً في صناعة الرأي العام وفي السيطرة على العقول. فإذا تخيلنا العالم اليوم على شكل هرم، نرى في قمة الهرم الحركة السرية الإسمها الماسونية، وهي أخطر وأكثر أقدم الحركات تنظيماً وسرية في التاريخ، وفي قاعدة الهرم الإمبراطوريات المالية التي يملكها أفراد وأسر معروفة ومنذ زمن طويل مثل أسرة روتشيلد وأسرة روكفيلر، وفي وسط الهرم الأذرع التنفيذية في كل المجالات والتي تشكل في مجموعها الحكومة الفعلية السرية العالمية !، وأبرزها مجموعة بيلدربيرغ، المعهد الملكي للشؤون الدولية، مجلس العلاقات الخارجية، اللجنة الثلاثية ونادي روما. وأخطر ما في الأمر أن معظم الرؤساء الذين حكموا أمريكا ودول الغرب عموماً ينتمون ليس فقط إلى نفس الطبقة الاجتماعية المسيطرة بل إلى نفس السُلالة (Bloodline) !، الرئيس الحالي باراك أوباما هو في الحسبة ابن خالة الرئيس السابق جورج بوش، حقيقي لا أمزح ههههه، وباراك أوباما أيضاً له روابط دم قوية مع الرؤساء الأمريكان السابقين: جيرالد فورد، ليندون جونسون، هاري ترومان، جيمس ماديسون ورئيس الوزراء البريطاني الشهير إبان الحرب العالمية الثانية السير وينستون تشرشل، وقريب الجنرال في الحرب الأهلية الأمريكية روبرت إدوارد لي، كما أنه ابن عم ديك تشيني نائب الرئيس السابق جورج بوش، ففي لقاء تلفزيوني سأله المذيع ممازحاً: من كان يفكر أن تكون ابن عم ديك تشيني، فأجاب أوباما ضاحكاً: لا أعتقد أني سأجلس معه في الاجتماعات العالية، لا أعرف كيف سيرحب بي، والرئيس السابق جورج بوش تربطه روابط دم قوية مع الرؤساء: جورج واشنطن، ميلارد فيلمور، فرانكلن بيرز، ابراهام لينكولن، أوليسيس غرانت، روثرفورد هيس، جيمس غارفيلد، غروفر كليفلاند، ثيودور روزفلت، وليام هوارد تافت، هيربرت هوفر، فرانكلن روزفلت، ريتشارد تيكسون، وجيرالد فورد، وابن عم ديك تشيني نائبه، كما أنه مرتبط سلالياً بكل الملكيات الأوروبية الحالية والسابقة، وله روابط دم قوية مع كل أفراد العائلة المالكة البريطانية، فهو حفيد مباشر من الملك هنري الثالث، ومن أخت الملك هنري الثامن، وهو حفيد مباشر لملك انجلترا تشارلز الثاني، وهو حفيد مباشر من جودفراي دي بوليان والذي كان أول ملك على القدس بعد أن استولى عليها الصليبيون، وهو ابن عم كل من آل غور نائب الرئيس السابق بيل كلينتون ووزير الخارجية الحالي جون كيري، ومن المشاهير الذين ينتمون إلى عائلته كل من مادونا، سيلون ديون، توم هانكس، كما أن مرشح الرئاسة الأمريكية السابق جون ماكين ينحدر من سلالة الملك روبرت البروس، ملك اسكتلندا ويليام الأول وأيضاً من جودفراي دي بوليان ملك القدس، وابن عم لورا بوش زوجة جورج بوش، وهيلاري كلينتون وزيرة الخارجية السابقة ترتبط بقرابة دم بكاميلا باركر زوجة ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز والكاتب الوجودي جاك كيرواك. هذا بالإضافة إلى الكثير من العلاقات السلالية الأخرى التي تربط أفراد الطبقات الحاكمة في الغرب والنُخب المسيطرة فيه، هل كل ذلك صدفة، هل يعقل أن من يتم انتخابهم على مدى قرون هم نفس سلالة الدم، وبعد كل ذلك يأتي من ينفي وجود نظرية المؤامرة !!، وطبعاً أكثر من ينفون وجود المؤامرة هم المتآمرين أنفسهم. النظام الديمقراطي الليبرالي الغربي، نفذ عبر مخابراته، العديد من الانقلابات العسكرية التي أطاحت بأنظمة ديمقراطية منتخبة في شتى أنحاء العالم، كما أنه دعم وظل يدعم حتى اليوم أسوأ أنواع الديكتاتوريات في العالم بما أنها تحقق مصالحه، والأمثلة كثيرة وفي متناول الجميع على شبكة الانترنت. بعد الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي جمدت الولايات المتحدة مؤقتاً مساعدتها إلى الجيش المصري ولكنها سرعان ما أفرجت عنها، كما لم تتوقف ولم تتأثر مساعدتها الاقتصادية السنوية لمصر وكانت آخرها هذا العام وبلغت قيمتها 250 مليون دولار، وليس مصر فحسب بل حتى السودان الذي يبدو في الظاهر أن علاقته سيئة مع الولايات المتحدة، إلا أن حجم المساعدات بلغت في السنوات الماضية 280 مليون دولار في العام في بعض التقديرات، و10 مليون دولار في تقديرات أخرى. |
وتعليقاً على هذا النص، لا أملك إلا أن أردّد ما قاله الأخ عبد الله:
Quote: وبعد كل ذلك يأتي من ينفي وجود نظرية المؤامرة !!، |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
ويختم الأخ عبد الله مداخلته بقوله مستشرفاً:
Quote: اليوم في عصر المعلومات وتطور وسائل الاتصال، باتت البشرية أقرب من أي وقت مضي من حُلم إقامة نظامها الديمقراطي المباشر وهو أرقى أشكال الديمقراطية، بعد أن فشل نظام الديمقراطية التمثيلية الليبرالية بسيطرة أباطرة المال والإعلام عليه، فبإمكان الجماهير على المدى البعيد أن تنتخب حكوماتها مباشرة، وأن تصوت على مشاريع القوانين والسياسات دون حاجة لوسيط نيابي، وذلك عبر وسائل الاتصال الحديثة ودون الحاجة لمغادرة أماكنها، فهل يتحقق الحُلم ؟. |
فهذا الاستشراف واقعي ومشروع! بيد أنّني في هذا البوست يدفعني دافعٌ عميق، وهو أن توظف الفئة الواعية، بالفكرة الديمقراطية وعيها وكلّ تقنيات العصر، من أجل تأسيس كيانٍ ديمقراطي يكون قاعدةً للبديل الوطني، الّذي يُرجى أن يقود بلادنا للخروج من المأزق التاريخي الذي تواجهه!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ***** ما هي الدّيمقراطيّة ؟ ***** (Re: صلاح عباس فقير)
|
إنَّ الدّيمقراطية بهذا المفهوم الأخلاقيّ الإنسانيّ، هي الحدُّ الأدنى الضّروريّ، الذي يجب على كلّ سوداني، سواءٌ كان مواطناً فرداً، أو جماعةً: أن يفيء إليه باعتباره سفينةَ نوح، التي ستمخُر بنا في ظُلماتِ هذا البحر اللُّجِّيّ الّذي نعايشه!
ولئن كان ما سبق تقريره عبر هذا البوست إلى الآن، كافياً في نظري لإثبات حقيقة المضمون الأخلاقي للديمقراطية، ويكفي ليكون ملاذاً تلوذ به كافّة القوى الوطنية، ولكن بقيت عقبتان: الأولى وهي الاعتقاد الراسخ لدى كثيرٍ من الأخوة الإسلاميّين أو السلفيّين، بأنّ الديمقراطية تُخالف العقيدة الإسلاميّة، وهو اعتقاد يستند إلى ظنّهم بأنّ الديمقراطية في الحقيقة رؤية فلسفيّة أو اعتقادية، تقوم على أساس: (حكم الشعب، بالشعب، وللشعب) وهذا في نظرهم يخالف عقيدة أنّ الحكم هو لله وحده، وقد أورد الأخ الدكتور عماد محمد موسى، ضمن هذا البوست، نصّاً نموذجيّاً يمثّل هذه الرؤية في أوج اكتمالها، وهو مقالة للدكتور جعفر شيخ إدريس، وسوف أقف عندها وقفة دراسةٍ وتأمّل فيما يلي من مراحل هذا البوست بإذن الله. أما العقبة الثانية، فهي كذلك اعتقاد راسخ، يسكن في قلوب كثيرٍ من الأخوة أصحاب الرؤى العلمانيّة، الذين يعتقدون أنّ الديمقراطية ليست مجرد نظام أخلاقيّ-سياسي، بل هي في الحقيقة: ثمرة لتطوّر النظام السياسي الغربيّ، وجزءٌ لا يتجزّأ منه، فالطريق إليه لا بدّ وأن يمرّ بمسار الحضارة الغربيّة كلّها، ويرتقي إلى ذروة تجلّياتها، أي العولمة.
ومن الملاحظ أنّ هاتين الرؤيتين اللتين تشكلان عقبةً في طريق هذا البوست، رؤيتان متضادّتان! وهما اللتان وصف الأستاذ محمد أبو القاسم حاج حمد إحداهما بالوضعيّة الدينية، والأخرى بالوضعيّة العلمية، تُعاني كلٌّ منهما من خللٍ منهجيٍّ في قراءة النص (الديني بالنسبة للأولى، والعلمي بالنسبة للثانية). تقوم الأولى بإطلاق النص (الشرعي) في فضاءٍ دينيٍّ، يمنعه من التفاعل مع سياق الواقع والتاريخ! وتقوم الثانية (بتجنيح) النّصّ (العلميّ)، ومنعه من التّحليق في الفضاء الكونيّ الذي يؤطر (عالم الظواهر)!
| |
|
|
|
|
|
|
|