دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
دارفور: ثورة مضادة بثمن رخيص /الكس دا وال
|
- السودان - دارفور: ثورة مضادة بثمن رخيص
الكس دا وال
كتبت في 23 يوليو 2004.
ترجمة: احمد زكي
-------------------------------------------------------------------------------- --------------------------------------------------------------------------------
المشهد الطبيعي لأرض دارفور يمتلك جمالا قاسيا، يبوح بأقل ما تبوح به المخيمات الصحراوية في آمو. إنه سهل تحيط به أراض صخرية من كل ناحية كما يحيط السوار بالمعصم، تلك الجبال التي كونتها البراكين القديمة. على البعد يبدو من الأفق ممر ترسم رماله الوردية علامات مجرى النهر الذي يتكون في موسم المطر، وادي كوتوم. منذ سنوات عديدة، أقمت هناك ضيفا على ناظر (شيخ القبيلة الأكبر) احد القبائل العربية الرحل التي تعرف باسم الجلول. هذه القبيلة، بخيامها العريضة السوداء المنصوبة في الرمال، وجمالها التي تقتات على الأشجار الشوكية القائمة هناك، ومزارعها القليلة المتناثرة هنا وهناك ولكنها تلقى منهم أحسن رعاية، هذه القبيلة تترجم الشكل الذي تصوره كتب الاثنوغرافيا.
اليوم، آمو تقع في مركز العنف الذي يمزق أوصال دارفور: عشرات الآلاف قد ماتوا فعلا، وفر مئات الآلاف من منازلهم. المذبحة الأولى في الصراع وقعت على بعد أميال قليلة من آمو، عندما قتلت مليشيا الجنجويد عشرات عدة من القرويين الذين كانوا يبحثون عن ملاذ آمن في كوتوم.
قابلت الناظر العجوز، الشيخ هلال موسى، في 1985. كانت خيمته تحمل ممتلكاته الشخصية التي تدل على طبيعة بدوية تمسك بها طول عمره – جرار الماء، الرماح، السيوف، سروج الخيل، الحقائب الجلدية والبنادق القديمة. دعاني للجلوس قبالته على وسادة فارسية أنيقة، وقد صاح على مرافقه أن يأتي بالشاي الحلو على صينية من الفضة، واخبرني إن العالم قد أوشك على نهايته. في تلك الأوقات، كان الجفاف يضرب بدارفور والتغيرات المصاحبة للأزمة تطل برأسها. كانت الرياح الصحراوية ترمي برمالها على سفوح التلال الخصبة، وعندما تمطر السماء كانت المياه تشق أخاديد عبر التربة البركانية الخصبة على طول الوادي.
الأسوأ، أن القرويين الذين لعبوا دوما دور المضيف للبدو الرحل وجمالهم، يضيقون الآن على هجرات البدو، ويمنعون عنهم الكلأ ومياه الآبار.
عنفني الشيخ هلال لأنني لا أتحدث العربية كما ينطقها الرجل الإنجليزي: كل الضباط الاستعماريين تعلموا العربية الفصحى، وليست عربية أهل دارفور التي التقطتها. قال لي إن آخر إنجليزي نزل بضيافته كان تيسايجر مساعد حكمدار المنطقة، الذي كان يخدم في كوتوم. كانت شهرة تيسايجر في دارفور أنه قناص ماهر. في تلك الأيام، لم يكن مسموحا لأحد في دارفور ما عدا الضباط الإنجليز بحمل بنادق قوية دقيقة التصويب من اجل اصطياد الأسود. في أوان زيارتي عام 1985، كان من النادر أن ترى متجرا خاصا للأسلحة النارية. أعطاني الناظر عند سفري منشة للذباب من ذيل الزراف. اختفت تماما من دارفور الأسود والزراف، لأسباب أكثرها تغيرات ايكولوجية منها نشاط رحلات سفاري الصيد الاستعمارية، اللهم إلا القليل منها في الأطراف الجنوبية من الإقليم، حيث تمتد الغابات إلى جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى. في الهضبة الشمالية شبه الجافة لدارفور، حيث تتضاءل السافانا حتى تختفي في الصحراء، نرى أحيانا بعض الغزلان.
كان هلال شخصية قيادية، حتى وهو في الثمانينات من عمره، نحيلا، مقوس الظهر، وبات لا يرى تقريبا. الصوفيون – تقريبا كل أهل دارفور هم أتباع لفرقة أو اخرى من فرق الصوفية، التي تنتمي لمدارس غرب أفريقيا – يتحدثون عن البركة، وهي نعمة يمنحها الله. يعتقد الشيخ هلال إن ’المشيخة هي منحة يهبها الله‘. درجات المشيخة يصنعها الإنسان. فالرجل، بدلا من التمسك باللقب الرسمي رفيع الدرجة وهو لقب الناظر، يتعلق أكثر بلقب أدنى مرتبة ولكنه أكثر قيمة وهو لقب الشيخ: انه معروف على اتساع دارفور ببساطة باسم الشيخ هلال. اليوم اسم ابنه الشيخ موسى أكثر ذيوعا بين الناس: موسى هلال هو قائد الجنجويد؛ اسمه يأتي الأول على رأس قائمة الولايات المتحدة لمجرمي الحرب هناك.
كان الشيخ هلال فخورا ببدويته بشكل لا يلين. كان يصر على أن يمتلك كل فرد في قبيلته جمالا. قال لي، مشيرا لحفيده، ’انظر لهذا الولد الصغير، حتى هو يمتلك جمالا‘. ربما كان ذلك حقيقيا: حتى في هذه الأوقات العصيبة، اشتهرت عائلة الشيخ هلال بأنها تمتلك عدة آلاف من الجمال، برغم أن الشيخ قد بلغ من الكبر عتيا حتى يتمتع بركوب احدهم وقد ضعف نظره للدرجة التي لا تمكنه من رؤية طوابير ابله بوضوح. كان مرعاهم يقع على بعد ثلاثة مئات من الأميال شمالا، يقتاتون على عشب الصحراء المسكر الذي يظهر بعد الأمطار. مؤخرا باع ابن أخيه 120 جملا ليوفر الطعام لأصهاره الجوعى، واقرض الشيخ هلال الكثير من إبله لذوي قرباه المعوزين، رغم تناقص أعداد الإبل المريع الذي لم يعرفه الشيخ من قبل. قال الشيخ، "نحن نساعد بعضنا البعض، لن يضطر احد من الجلول أن يتحول للزراعة أبدا".
ولكن بعد مسيرة ساعة، نجد مخيما للجلول الذين فقدوا جمالهم وماعزهم أثناء الجفاف وقد استوطنوا المنطقة في محاولة لاستصلاحها من اجل الزراعة. القرويون المحليون، من جماعة التانجور (فرع لصيق بالفور، وهي اكبر جماعة عرقية في الإقليم)، تنازلوا لهم فقط عن الأراضي الرملية الجافة، محتفظين لأنفسهم بالأراضي الغرينية الخصبة القريبة من الوادي. وادي كوتوم، المشهور بالبلح الحلو، هو واحد من أغنى الأراضي الزراعية خصوبة في شمال دارفور، وقد اعتنى التانجور بتسجيل ملكية تلك الأراضي منذ زمن طويل قبل أن يعرف الفلاحون الآخرون أهمية التسجيل العقاري للأرض. ثار سخط الفلاحين من الجلول وهم يحرثون الأراضي الجدباء العالية في محاولة لاستزراع بضعة مزارع قليلة من حبوب الدخن. بذل شيخ الفلاحون الجدد من الجلول أقصى ما يستطيع ليظهر كرمه. في المساء دعانا لمأدبة سخية من لحم الماعز والأرز، وأعطانا توجيهات حتى نستدل على مكان أبنائه وجمالهم. عندما فرغنا من الطعام، وقد أكلنا أكثر مما ينبغي، صاح على ابنة أخيه: "هات الدور الثاني من الطعام، يا بنت"! ولكن هذا الدور لم يأت.
غزا البريطانيون دار فور (ارض الفور) عام 1916، بعد هزيمة جيش السلطان على دينار، سليل مؤسس سلطنة الفور في القرن السابع عشر، سليمان سولونج، الذي يقع قبره الذي ناله الإهمال الطويل في الجبال على مبعدة يوم من السفر إلى الجنوب من بلدة آمو. ومثل كثير من الزعماء السياسيين الأساسيين في دارفور، ينحدر سولونج من أصول مختلطة، ابن لأب عربي وأم من الفور. بالرغم من الحديث عن ’عربي‘ و’إفريقي، فمن النادر بناء على لون الجلد أن تتمكن من تحديد لأي جماعة ينتمي الفرد في دارفور. كلهم عاشوا هناك معا لقرون وكلهم مسلمون.
تحمل كثير من خرائط دارفور أسماء قبائلية منقوشة على مناطق واسعة، لتفترض أن بعض هذه المناطق يقطنها بشكل حصري واحدة من ثلاثين أو يزيد من المجموعات العرقية التي تعيش هناك. قد يكون ذلك خادعا: هناك مثل هذا التاريخ الطويل من الهجرات الداخلية، والاختلاط والمصاهرة بينهم الذي جعل من الحدود الإثنية على الأغلب مسألة مفيدة. الأفراد، وحتى الجماعات بأكملها، تستطيع أن تتخلص من احد المسميات وتكتسب الآخر. عندما اجتاح البريطانيون المنطقة، وجدوا أن من المريح افتراض أن زعماء العشائر الكبار يمتلكون بدقة سلطة محددة على الجماعات العرقية وسلطان تشريعي على الإقليم الذي تعيش فيه هذه العشائر. توافق أهالي دارفور مع هذه التصور، الذي ساعد البريطانيين على إدارة دارفور بواسطة مجرد حفنة من الضباط الاستعماريين. المفتاح الذي جعل نظام ’الإدارة الطبيعية‘ هذا يعمل كان هو منح مقاطعة، أو دار، لكل جماعة. لم يكن بالضبط حق ملكية الأرض، ولكن زعماء العشائر الكبار كان مسموحا لهم تخصيص حقوق الأرض للسكان. وحتى سنوات الجفاف في الثمانينات، كان هناك ما يكفي من الأرض لمنح القادمين الجدد، مهما كانت عرقيتهم، قطعة من الأرض ليزرعونها.
كان البدو نشازا في هذا النظام. معظم من وصفوا بهذا اللقب كانوا في الحقيقة رعاة يحتلون مساحات محددة بدقة، ولكن كان هناك قليل من المجموعات البدوية الحقيقية في دارفور، مثل قبيلة الشيخ هلال جلول الرزيقات. كانوا يتنقلون في مساحات شاسعة بين المناطق المعشوشبة في فصل الجفاف في وسط وجنوب دارفور ومنطقة المراعي في الموسم المطير على حافة الصحراء في الشمال. في السبعينات، حكومة جعفر نميري الاشتراكية منحت الجلول ’مجلسا شعبيا ريفيا‘ في شكل قرية اسمها فتا بورنو (حيث غادرنا الطريق لنجد آمو)، ولكن ذلك لم يكن أكثر من استراحة إدارية، وأكثر من مكان يستطيعون فيه تسجيل أسمائهم من اجل الاقتراع وإرسال أولادهم إلى المدارس. اعتمد الجلول على التنقل، من اجل رعي قطعانهم، وعبور طرق الهجرة بين مزارع فلاحي الفور والتانجور، لرعي جمالهم على سفوح الجبال.
وصف الشيخ هلال ما يمكن اعتباره بأحسن ما يكون على انه ’الجغرافيا الأخلاقية‘ لدارفور. إنها مثل رقعة الشطرنج، بمربعاتها الحمراء تمثل المزارع، والبيضاء تمثل المراعي التي تستطيع قطعانه الرعي فيها. يقول الشيخ، "حيث ما تكون الحشائش والأمطار، يهبني الله بيتا هناك". احمد دريج، حاكم سابق لإقليم دارفور و، منذ ذلك الوقت، معارض سياسي قديم، يتذكر كيف أن أبيه، إبراهيم، شارتاي من الفور، (شارتاي هي كلمة اخرى تعني كبير لرؤساء العشائر)، كان يستضيف عائلات الشيخ هلال وإبلهم كل موسم في قريته، كارجولا، في المنحدر الجنوبي لجبل مرة. كان الشارتاي إبراهيم يذبح ثورا في استقبال الجلول، الذين كانوا يرعون جمالهم في الحقول بعد حصادها، مسببين بذلك استعادة خصوبة الأرض، بالإضافة إلى مساعدة القرويين على نقل محاصيلهم إلى الأسواق. عند الرحيل، كان الشيخ هلال يقدم جملين من جماله هدية لمضيفه. مثل الكثير من عرب دارفور، كان الشيخ هلال يستخدم بشكل عارض بعض الألقاب العنصرية، مثل الزورجا (’السود‘)، ليشير إلى الفلاحين الفور والتانجور. والفلاحون بدورهم كانوا يطلقون عليهم ألقاب مثل ’الهمج‘ و’عبدة الأوثان‘. ولكن مجتمعات كلا الطرفين اعتمد كل منهما على الآخر، وتزاوجت العائلات الكبيرة من الطرفين فيما بينهما.
اعتمد الجلول وحفنة من الجماعات البدوية الأخرى، دون أن يمتلكوا دارا، على نظام جغرافي اجتماعي منحهم حقوقا عرفية في الهجرة والتنقل ورعي حيواناتهم في مساحات يسيطر عليها الفلاحون. ظل هذا الوضع ساريا لعقود طويلة، ولكن في الثمانينات، هدد الجفاف والتصحر وتوسع المزارع تلك الحقوق.
انقطعت جغرافيا الشيخ هلال الأخلاقية: مهد النظام الكوني الطريق إلى الفوضى. ولكن الشيخ مات بدلا من أن يتغير.
الإدارة الطبيعية‘ كانت حكومة محلية رخيصة السعر. مرتبات كبار رؤساء العشائر كانت زهيدة، ويتسلمون مكافآتهم نظير استبدادهم المحلي. بعد استقلال السودان في 1956، حاولت الحكومات المتعاقبة إرساء خدمات محلية مثل الشرطة والمدارس والعيادات الطبية. تم إلغاء مناصب النظار والمشايخ رسميا وتم إنشاء "المجالس الشعبية‘ بدلا منها لتقوم بنفس الوظيفة. ولكن الخرطوم لم تقم بتسليمهم الأموال اللازمة للتمويل أبدا، ونحو أوائل الثمانينات، كانت الحكومات المحلية قد أفلست تماما. لو أراد حاكم دارفور شن حملة بوليسية ضد رجال العصابات المسلحة، كان عليه أن يجند مركبات ووقود لها من مشروعين تنمويين ريفيين يمولهما البنك الدولي، أو وكالات المعونة الأخرى. و لو أراد عقد مؤتمر بين القبائل لحل نزاع، كان مضطرا أن يطلب من مواطنيه الأثرياء في المنطقة أن يغطوا النفقات.
انفجرت سلسلة من الصراعات المحلية في دارفور في ظل الجفاف والمجاعة في 1984 – 1985. في العموم، نشبت جماعات الرعاة أظافرها في القرويين فيما أصبح صراعا مرا من اجل الموارد المتناقصة. لم تتمكن الحكومة من التدخل بشكل مؤثر، ولهذا سلح الناس أنفسهم. قافلة من الف جمل تساوي أكثر من مليون دولار وهي قائمة على اخفافها: فقط أكثر مالكي القطعان سذاجة هم الذين لن يسلحوا رعاتهم بالبنادق الآلية. وقد سلح القرويين أنفسهم في المقابل. كانت هناك محاولة لعقد مؤتمرا للصلح في 1989، ولكن توصياته لم توضع موضع التنفيذ أبدا.
وفي عام 1989 أيضا اسقط الإسلاميون حكومة الصادق المهدي في الخرطوم. (كسب الصادق المهدي الانتخابات في 1986، بعد خلع النميري بعام). رأس الدولة وقتها أصبح هو الجندي القح الأبطش، عمر البشير، الذي حكم بواسطة تحالف غير مريح مع حسن الترابي، القائد ذو الشعبية الطاغية للحزب الإسلامي في البلاد. حاولت حكومة دارفور، والإسلاميون في الحكم، أن تستعيض عن الندرة بالعقوبات الوحشية المغلظة لتنزل بالخارجين على القانون ووزعتها هنا وهناك: الإعدامات والعرض العلني لجثث من قاموا بعمليات السطو المسلح، وقطع أيادي اللصوص. في 1994، أعادت الحكومة مجلس الإدارة الطبيعية القديم ووزعت المناطق على كبار رؤساء العشائر. بدون تمويل لتوفير الخدمات، وسلطة مجددة بشكل مفاجئ لتوزيع الأرض (التي أصبحت شحيحة)، وعملاء دوليين مسلحين ذاتيا في كل مكان، كان ذلك ميثاقا من اجل تطهير عرقي على مستوى محلي. بعد هذا الإصلاح الإداري مباشرة، كانت هناك جولة اخرى من القتل في أقصى غرب دارفور. كثير من أسباب الصراع الحالي، إذا، يعود بأصوله إلى حقوق الأرض وعيوب ونواقص الإدارة المحلية. ولكن الحكومة المركزية، هي الأخرى، متورطة في مصيبة دارفور، بإهمالها وسوء تصرفاتها بالتساوي.
الجغرافيا ضد دارفور، القريبة من حدود تشاد، التي يقال إنها بعيدة عن البحر بأكثر من أي بلدة اخرى في القارة. هذا الجزء من دارفور، المشهور باسم دار مساليت على اسم الجماعة العرقية الغالبة هناك، ابتلع داخل السودان عام 1922، بمعاهدة بين السلطان والإنجليز. مؤخرا جدا، حفيد السلطان، وقد ترأس بلاطا في قصر قديم متهالك، اعتاد أن يطلق النكات من انه لا يزال يمتلك الحق في الانفصال عن السودان، وهو يعلق على الجدران بشكل حاد خرائط دار مساليت وأفريقيا، ولا يعلق خريطة للسودان.
ينتهي القطار من الخرطوم عند بلده نيالا في دارفور الجنوبية بعد مسيرة ثلاثة أيام. إنها على الأقل أكثر بيوم من السفر عن طريق السيارة إلى الجنينة، إذا لم يكن الطريق مقطوعا بالأودية التي تصنعها مياة الأمطار التي تسيل من هضبة جبل مرة. الخرطوم تجاهلت دارفور: يتلقى سكانها تعليما اقل، رعاية صحية اقل، مساعدات تنمية اقل، مناصب حكومية اقل من أي منطقة اخرى – حتى الجنوبيين، الذين حملوا السلاح منذ أكثر من 21 عاما ليقاتلوا من اجل حقوقهم، يمتلكون ظروفا أفضل. داخل دارفور، تم تهميش العرب وغير العرب على السواء، والمأساة هي أن قادة هذه الجماعات لم يصنعوا قضية مشتركة في مواجهة لا مبالاة الخرطوم.
سوء بخت آخر في جغرافية دارفور هو أن حدودها مشتركة مع تشاد وليبيا. في الثمانينات، كان حلم العقيد القذافي هو ’حزام عربي‘ عبر أفريقيا السواحيلية. حجر الزاوية في ذلك كان اغتنام السيطرة على تشاد، بداية من شريط اوزو في شمال البلاد. قاد القذافي مغامرات عسكرية متتالية في تشاد، من 1987 حتى 1989، واستخدمت الفصائل التشادية التي تدعمها ليبيا منطقة دارفور كقاعدة خلفية لها، تزودهم بالمحاصيل والماشية من القرويين المحليين. على الأقل في احد المرات، تسبب ذلك في اعتداء القوات التشادية الفرنسية المشتركة على أراضيهم أثناء مطاردتهم لهذه الفصائل. كثير من الأسلحة في دارفور جاءت من هذه الفصائل. كانت صيغة القذافي في هذه الحرب صيغة توسعية: كان القذافي يجمع العرب السواحليين والطوارق الساخطين، ويسلحهم، ويحولهم إلى كتائب إسلامية تخدم كرأس حربة لهجومه. من بين هذه الكتائب كان العرب من غرب السودان، الكثير منهم من أتباع طائفة الأنصار المهدية، الذين اجبروا على الحياة في المنفى إبان حكم النميري عام 1970. تلقى الليبيون هزيمة موجعة من قوة تشادية عسكرية حصيفة في قاضي دوم عام 1988، وتخلى القذافي عن أحلامه الوحدوية. وبدأ القذافي في خلع العباءة الإسلامية، ولكن أعضاء الكتائب التي كونها، المسلحين والمدربين – والأكثر أهمية من كل ذلك – الذين تتملكهم نزعة عنصرية للتفوق العربي، لم يختفوا. فترة الفيالق الإسلامية عاشت في دارفور: قادة الجنجويد هم من بين هؤلاء الذين يقال عنهم انهم تلقوا تدريبهم في ليبيا.
عندما تمت الإطاحة بنميري، كنا قد وصلنا إلى أواسط الثمانينات، وبدأ الأنصار العودة إلى ديارهم من المنفى. بعد أسابيع قليلة من مقابلتي للشيخ هلال، ذهبت ابحث عن أبنائه، الذين يقومون برعي أبلهم في الصحراء. سافرنا إلى الشمال، ورأينا مسارات مركبات عسكرية تعبر الصحراء متجهة جنوبا. في 1987، العائدون من ليبيا تصدروا عملية تكوين الكتلة السياسية المعروفة باسم التحالف العربي. على احد المستويات، كان التحالف ببساطة هو حلف سياسي يستهدف حماية مصالح الجماعة المغبونة في غرب السودان، ولكن التحالف أيضا أصبح مطية لايدولوجيا عنصرية جديدة. الألقاب العنصرية التي لا تحمل مغزى سياسي له وزنه من الزمن القديم بدأت في اتخاذ أبعاد منذرة بالخطر في دارفور. اكتسب التحالف أيضا حيوية باتفاق حركته مع الإيديولوجية السائدة للدولة السودانية، النزعة العربية المختلفة جدا لوادي النيل. أصبحت الحرب في دارفور في نهايات الثمانينات أكثر من مجرد منازعات على الأرض: كانت هي الخطوة الأولى في بناء أيديولوجية عربية جديدة في السودان.
من الصعب أن تعثر على روايات للأنباء عن الحرب الحالية في دارفور لا تصفها بأنها حرب’العرب‘ ضد ’الأفارقة‘. مثل هذا الوصف قد لا يكون قابلا للفهم منذ عشرون عاما، عندما كانت المفاهيم الدارفورية عن العرقية والمواطنة ما زالت في حدود القوالب الموروثة من سلطنة دار الفور وسلاسل دول السودان التي تمتد غربا حتى ساحل الأطلنطي. المسار المهني القصير ولكن المأساوي لأحد سياسيي الفور، داوود بولاد، يصور لنا المسار الذي اتخذت فيه مصطلحات العرب والأفارقة مثل هذا المنعطف.
كان بولاد واحدا من الزعماء الإسلاميين الشباب من هذا الجيل، ولكنه هجر الإسلام السياسي بعد أن ترك جامعة الخرطوم والتحق بالجيش الشعبي لتحرير السودان، بزعامة جون جارانج. لا يوجد ما هو أكثر بعدا عن المذاهب الإسلامية التي اعتنقها بولاد سابقا – ولا ما هو أكثر تناقضا معها – من الأيديولوجية التي يتبعها الجيش الشعبي لتحرير السودان (SPLA). برغم أن جارانج جنوبي والعديد في حركته يلحون في طلب دولة انفصالية لجنوب السودان، فهو نفسه غير انفصالي ولا يطالب بالانفصال. انه يؤمن بان غير العرب في السودان – تحالف من الجنوبيين والجماعات المهمشة في الشمال السوداني، مثل الفور – يشكلون أغلبية عددية ويجب أن تكون لهم السيادة على سودان علماني تعددي وموحد.
لذلك قام جارانج بالتجنيد من المجتمعات الغير عربية المستغلة التي تعيش على الأطراف في شمال السودان، مثل النوبة، وسلسلة الشعوب القاطنة على ضفاف وادي النيل الأزرق القريبة من إثيوبيا. في 1992، شنت الحكومة السودانية أوسع هجوم قامت به، مستهدفة إخلاء منطقة النوبة بالكامل تحت رايات الجهاد. ولكن هذا الهجوم مني بالفشل واليوم حققت منطقة النوبة قدرا من الاستقلال الذاتي المتواضع داخل الإطار الأوسع لصفقة السلام التي تم توقيعها في كينيا في مايو الماضي.
بولاد وشبكة تحت الأرض من النشطاء المحليين كانوا مدخل جارانج في دارفور. أرسل جارانج، كما صنع في النوبة والنيل الأزرق، قوة صغيرة كحملة داخل دارفور في 1991، مستهدفا بها بدء انتفاضة هناك. كانت كارثة. اضطر بولاد وقواته عبور مسافة شاسعة في فصل الجفاف. المياه الوحيدة المتاحة كانت موجودة في آبار عميقة، داخل القرى ومحاطة بحراسة شديدة. أكثر من ذلك، كانت جماعات العرب البدو من رعاة الأبقار يحتلون المنطقة، وكانوا معادين بشراسة للجيش الشعبي لتحرير السودان. اقتفت الحكومة سريعا آثار قوة بولاد واصطادتها، مستخدمة كلا من الجيش النظامي ومليشيا بني حالبة العرب. هربت حفنة من المقاتلين وقطعت المسافة إلى جنوب السودان في شهور، سيرا على الأقدام عبر جمهورية أفريقيا الوسطى.
وقع بولاد في الأسر وخضع للتحقيق أمام الحاكم، العقيد الطيب إبراهيم، وهو طبيب في الجيش وزعيم إسلامي معروف باسم ’السيخ‘ أي ’القضيب المحمي‘، بسبب مهارته في لحام عيدان الحديد المسلح أثناء التظاهرات الطلابية عندما كانت مهمته هي الحارس الشخصي للزعيم الإسلامي لجامعة الخرطوم– داوود بولاد. لا تروى أي روايات عن قصة اللقاء بين الاثنين. لم يظهر بولاد مرة ثانية للأبد. الأسوأ، هو أن يوميات بولاد وقعت في قبضتهم أيضا. كانت تحوي الأسماء والتفاصيل الخاصة بكل عضو من أعضاء شبكته السرية.
اختفى الكثيرون داخل السجون و’بيوت الأشباح‘، والآخرون ممن ارتعدوا خوفا من كمية المعلومات التي كانت في حوزة المحققين، استنكروا قضيتهم في مقابل الإفراج عنهم رغم تأكدهم أن كل تحركاتهم بعد ذلك سوف تخضع للمراقبة. جيل كامل من زعماء المعارضة تم سحقه أو تحييده. رغم ذلك، كانت الشكوك في نوايا الجيش الشعبي لتحرير السودان يملأ نفوس الزعماء الراديكاليين في دارفور، لخشيتهم من انه سوف يبتلعهم كاملا، أو انه سوف يستخدمهم من اجل تحقيق أغراضه الخاصة. ولكن حيث استمر جيش التحرير الشعبي مقاوما لكل ما يلقي به الجيش السوداني عليه، ومكتسبا احتراما دوليا عاليا، فإنه قد تعلم أن يوصف نكبتهم بمصطلحات مبسطة أثبتت سحر مفعولها في كسب التعاطف الأجنبي لصالح الجنوب: انهم ضحايا ’أفارقة‘ لنظام ’عربي‘.
قد تكون اللافتة ’الإفريقية‘ قد لعبت دورا جيدا مع الجمهور الدولي في التسعينات، ولكن سوقها في السودان كان قليلا. احد أسباب ذلك كان هو غلبة الإسلام الراديكالي وجاذبيته لدى العديد من أهالي دارفور – نتيجة لنجاح التجربة السياسية لنظام الخرطوم، التي كان عقلها المخطط هو حسن الترابي. تاريخيا، كان الإسلام السياسي في السودان تحت سيادة النخبة المستعربة التي خرجت من وادي النيل، ذات الروابط القوية بمصر. إسلامهم السياسي كان حركة محافظة، تتميز بالتعريب الذي اعتنقه كل حكام السودان، العسكريين منهم والمدنيين. ولكن الترابي وسع من أجندة الحركة الإسلامية وكيانها المؤسس. على سبيل المثال، أصر الترابي على أن المرأة لديها حقوق في الإسلام، واليوم أكثر من نصف المتخرجين من جامعة الخرطوم هم من النساء. واعترف أيضا بالاختلاف العرقي لإسلام غرب السودان وغرب أفريقيا، وهكذا احتضن التقاليد التي ضرب بها المثل لقصص "جهاد" الفلانية في القرن التاسع عشر، وتقاليد الدارسين من الصوفية المغاربة الجوالين.
في تأكيده على أن المواطنة تمتد لتشمل كل المسلمين المؤمنين، قدم الترابي حلا ثوريا لأوضاع السودانيين من أصول سودانية غرب افريقية، المعروفين باسم الفلاتة. هذه الفرقة، ملايين عدة من الأشداء، يتكونون من طائفة الهاوسا والفيلانية الذين تمتد جذور أسلافهم إلى نيجيريا، ومالي، والنيجر واستقروا في السودان إما وهم في طريقهم إلى الحج في مكة أو كعمال لمشاريع القطن في الحقبة الاستعمارية. يشتهر الفلاتة بتقواهم. لم يكن معترفا بهم كمواطنين سودانيين حتى انقلاب 1989 الإسلامي؛ كما زاد الترابي أيضا من مكانة مشايخ الفلاتة، مصححا بذلك من عيوب طال مداها وخلق تكتلا انتخابيا لصالحه. في دارفور، أيضا، أقام الشيخ الترابي صلات بالزعماء الدينيين للفور، المساليت والمجموعات الأخرى. سجل الطيب إبراهيم نقاطا لصالحه، كحاكم لإقليم دارفور، بمدح الفور لتقواهم وقد اخذ دروسا في لغة الفور. مفهوم المواطنة المشتركة من خلال العقيدة المشتركة بدا في بعض الوقت انه السبيل للتحرر الوطني لدارفور.
ولكن الوعد الإسلامي كان مزيفا. في تفاصيله العملية، ما تغير كان قليلا. حفنة قليلة من أهالي دارفور فقط تمت ترقيتهم إلى مناصب عليا في الحزب والإدارة. كانت الحكومة الوطنية عادلة نسبيا في معاملتها لمناطق العرب والغير عرب، ولكن فقط في سياق الإهمال المستمر. الحكومات المحلية لا زالت مفلسة؛ السطو المسلح منتشر؛ الجفاف والتصحر استمرا في إشعال النزاعات المحلية التي لم يستطع حاكم الإقليم، أو لم يقدم على محاولة إيقافها. ولم يمر وقت طويل حتى يكتشف سكان غرب السودان أن نسختهم من الإسلام لم تكن، بعد كل ذلك، مقبولة على حالها: كان ينظر إليهم على انهم مسلمون حقيقيون فقط إذا ما اقروا بالقيم والثقافة العربية.
في العقد الذي تلا عصيان 1989 المسلح، أصبحت الخلافات بين الرئيس البشير والترابي الزئبقي أكثر وضوحا. كانت طموحات الترابي هي ثورة في كل أفريقيا والشرق الأوسط؛ وتمسك البشير بالنظرة التقليدية للسودان كممتلكات تحتكرها النخبة المستعربة. كان صراعا لا هوادة فيه، حول الأيديولوجية، والسياسة الخارجية، والدستور وفي النهاية حول السلطة نفسها. كسب البشير: في 1999، طرد الترابي من منصبه كمتحدث باسم المجلس الوطني، وفيما بعد تم إلقاء القبض عليه. انقسم التحالف الإسلامي من منتصفه. معظم الإدارة، وكل النخبة الأمنية التي تسيطر على الجيش وكل الأجهزة الأمنية التي تمتلك ميزانيات خارج الميزانية العامة للدولة، ظلت على ولائها للبشير. انحاز الطلبة وخلايا الحزب الإسلامي المحلية إلى المعارضة في صف الترابي، مشكلين حركة الانشقاق باسم المؤتمر الشعبي. من بين أشياء اخرى، أعطى طرد الترابي غطاء للبشير من اجل التقارب الذي يحتاج إلى أن يصنعه مع أمريكا، ومن اجل أن ينخرط بشكل أكثر جدية في عملية السلام مع جيش تحرير السودان الشعبي – العملية التي أدت إلى توقيع اتفاقية السلام في كينيا.
أحدث انقسام البشير – الترابي تداعياته في دارفور. كثير من أهل دارفور الذين دخلوا الحركة الإسلامية تحت زعامة الترابي قد تركوا الحكومة – وقرروا تنظيم أنفسهم بشكل مستقل. في مايو 2000، أصدروا ’كتابا اسود‘ يشرح بالتفصيل الغبن المنظم لتمثيل المنطقة في الحكومات الوطنية منذ الاستقلال. سبب ذلك الكتاب ضجة في أنحاء البلاد واظهر كيف أنه تم استقطاب السودان الشمالي على أساس خطوط عرقية أكثر منها أسس دينية.
’الكتاب الأسود‘، الذي وصف داوود بولاد بالـ ’شهيد‘، كان علامة رمزية على التقارب بين الفصائل الإسلامية والعلمانية الراديكالية في دارفور. من هنا التحالف الأقل احتمالا بين الفصيل الأخير، الذي كان مشغولا في لم شمل جبهة تحرير دارفور (أعيد تسميتها في أوائل 2003 باسم جيش تحرير السودان)، أو حركة العدالة والمساواة ذات الميول الإسلامية (JEM). لم يثير التمرد المسلح دهشة احد. ولكن المراقبين للمشهد السياسي في السودان – بمن فيهم أنا – كانوا معتادين على خمود دارفور للدرجة التي جعلتنا نظن أن المقاتلين كانوا يتظاهرون بشراسة الذئاب عندما تنبأوا بانتفاضة عامة. بشكل واضح، الحكومة السودانية كانت هي الطرف الذي صدمته المفاجأة: كانت افتتاحيات السلام التي قامت الحكومة المركزية بها في الأشهر الأولى قد قامت بها بنصف قلب تماما مثل استعداداتها العسكرية. في ابريل من العام الماضي، هاجم المتمردون مطار الفاشر، ودمروا نصف دستة من الطائرات العسكرية واختطفوا جنرالا من قوة سلاح الطيران. لم يقم الجيش الشعبي لتحرير السودان بعمليات من هذا القبيل خلال عشرين عاما من الصراع. يمتلك المتمردون في دارفور سرعة الحركة، واستخبارات جيدة ودعما شعبيا.
العمود الأساس المحوري للدولة السودانية، والحاسم بالنسبة للبشير - وهو عصبة سرية من ضباط الأمن الذين كانوا يديرون الحرب في السودان منذ 1983 – ما زالوا في أماكنهم حتى الآن. هذه المجموعة الصغيرة، وهي تواجه تمردا يتجاوز طاقة جيش البلاد المنهك والذي استطالت وتعددت جبهات قتاله، تعرف بالضبط ما الذي ينبغي عليها أن تفعله وكيف. مرات عديدة أثناء الحرب في الجنوب اعتلى هؤلاء موجة ثورة مضادة وامسكوا بدفتها ودفعوا في مقابلها ثمن رخيص – المجاعة والأرض المحروقة هي أسلحتهم المفضلة. في كل مرة، كانوا يبحثون عن ميليشيا محلية، ويزودونها بالمؤن والسلاح، ويعلنون المنطقة ارض عمليات لا تعترف بأي أخلاق. فرسان بني حالبة، الذين استخدموا ضد جيش تحرير السودان الشعبي في 1991، كانوا الأداة الظاهرة للاستخدام في دارفور. بدو الجمال الشماليون، بمن فيهم الفيلق الإسلامي السابق، كانوا أيضا في متناول اليد. يدعي البعض إن أسماءهم – الجنجويد – مشتقة من اسم الـ (G3) وهي البندقية واسم (الجواد)، ولكنه أيضا اسم شائع في غرب السودان يطلق على ’قطاع الطرق‘، أو ’الخارجين على القانون‘. إطلاق يد هذه الميليشيات يمتلك ميزة إضافية لصالح عصبة الأمن السرية وهي أن من المحتمل أن يتسبب ذلك في عرقلة عملية السلام شبه المكتملة مع الجيش الشعبي لتحرير السودان في الجنوب بما يسمح لهم بالاحتفاظ بميزانيات أجهزتهم الأمنية الضخمة؛ كما إنه أيضا يسمح بتوفير حصانة ضد اتهامهم في المستقبل بارتكاب جرائم الحرب.
الفظائع التي ارتكبت بواسطة الجنجويد استهدفت المتحدثين باسم الفور، التانجور والمساليت والزغاوة. هذه الفظائع كانت منظمة ومدعومة؛ أثرها، إن لم يكن الهدف منها، غير متناسب بشكل كبير مع التهديد العسكري الذي يمثله التمرد. الاغتصاب الجماعي ووسم الضحايا بالنار يتحدث عن التدمير المتعمد للمجتمعات. في دارفور، قطع أشجار الفاكهة أو تدمير أخاديد الري هو أسلوب لسحق حقوق الفلاح في أرضه وتدمير أسس المعيشة. ولكن ذلك ليس هو حملات التطهير العرقي لحكومة بلغت قمة هرطقتها الأيديولوجية، كما كانت أثناء الجهاد في 1992 ضد النوبة، وليس التطهير العرقي المتعمد بدم بارد الذي قامت به نفس الحكومة لتأمين ثروات طبيعية، كحقول البترول في الجنوب السوداني من سكانه المشاغبين. إنها القسوة الروتينية لعصابة الأجهزة الأمنية، ذبلت إنسانيتها نتيجة سنين طويلة في الحكم: انه تطهير عرقي بحكم قوة العادة.
عالم الشيخ هلال، بكل أفلاكه المستقرة وعلاقاته المريحة المتبادلة بين البدوي والفلاح، اختفى، كما كان يخشى. الإملاق الذي لا يلين قد تحول إلى عنف تغذيه حكومة سيئة وعنصرية مستوردة. ما الذي نفعله الآن في وجه المذابح العرقية والمجاعة التي بلغت ذروتها؟ العمل التشريعي – محاكمة موسى هلال ومن كان يرعاه كمجرمي حرب – هو أمر ضروري لا غنى عنه لكبح أي جرائم مثل هذه في المستقبل. ولكن الإدانة ليست حلا. حملات الجنجويد الدموية يجب ألا تحجب حقيقة أن البدو من سكان دارفور الأصليين هم أنفسهم ضحايا تاريخيين.
اهالي دارفور يواجهون، كما صادفوا مرة اخرى منذ عشرين عاما، الهلاك، والجوع، والأمراض المعدية. التوقعات الكارثية لمجاعة تضرب جموعا هائلة تم التنبؤ بها بعد الجفاف الذي حل عام 1984 – ستحدث وفيات لما يقرب من مليون فرد، كما قالت وكالات الإغاثة، إذا لم تتوفر معونات الطعام. لم يأت الطعام، ومات الكثير – حوالي مائة الف – ولكن المجتمع الدارفوري لم ينهار بسبب مهارات البقاء الهائلة التي يتحلى بها. كان لديهم احتياطي من الطعام، وارتحلوا لمسافات شاسعة للبحث عن الطعام والعمل والصدقة، وفوق كل ذلك، كان يجمعون أنواع الطعام البرية من شجيرات الصحراء. اليوم، احتياطيات الطعام والحيوانات سرقت منهم، وما فائدة القدرة على انك تستطيع أن تجمع خمسة أنواع مختلفة من الحشائش البرية، واحد عشر نوعا من فصيلة التوت البري، والجذور المدفونة والأوراق الخضراء، ما دامت الحركة خارج المعسكر تعني المخاطرة بأن تتعرض للاغتصاب، أو بتر الأعضاء، أو الموت؟ يجب أن نأخذ الحقيقة القائلة بتوقع وفاة ما يقرب من 300 الف في اعتبارنا بشكل جدي.
يدور الكلام عن مجهودات إغاثة ضخمة. ولكن المسافات الشاسعة التي نتحدث عنها تعني أن معونات الأطعمة سوف تكون مكلفة ومن غير المرجح إنها ستكون كافية. من المغري أن تتحدث عن إرسال الجيش البريطاني ليشرف على عملية الإمداد بالطعام، ولكن ذلك الأمر يحمل دلالات رمزية فقط: يستطيع المتعهدون من الشركات الخاصة المدنية القيام بمهمة التوصيل الجوي لمواد الإغاثة بشكل اقل كلفة، لتوزيعها بشكل أكثر كفاءة بواسطة هيئات الإغاثة. المساحات التي تسيطر عليها قوات جيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة تضم مئات الآلاف من المدنيين الذين لا يتلقون أي مساعدات من احد. فور ما يعود أي مصور صحفي جسور من هناك بلقطات فوتوغرافية عن هذه المجاعة المخفية، سوف تنطلق الصيحات من اجل إغاثتهم عبر خطوط الصراع الأمامية. لا يوجد سببا لانتظار خروج هذه الصور قبل أن نتدخل، برغم أن من الواضح إن بعثات الإغاثة التي سوف تتولى توصيل مواد الإغاثة عبر خطوط التماس يجب أن تتحرك في ظل حراسة مسلحة.
اكبر معونة سوف تكون هي السلام. نظريا، هناك وقف لإطلاق النار؛ عمليا، الحكومة والجنجويد يتجاهلانه، والمتمردون يردون بالمثل. تنكر الحكومة أنها أنشأت، وسلحت ووجهت الجنجويد. لقد قامت بذلك، ولكن الوحش الذي ساعدت الخرطوم على خلقه ربما لا يخضع دائما لتوجيهاتها: عدم الثقة في العاصمة يسري في أعماق أهالي دارفور كلهم، وقيادات الجنجويد تعرف انه ليس في استطاعة احد نزع سلاحها بالقوة. عندما قطع الرئيس البشير على نفسه وعدا لكوفي انان وكولن باول بأنه سوف يجرد الميليشيات من سلاحها، كان يقطع وعدا هو يعرف انه لا يستطيع أن يوفي به. أحسن طريقة، وربما الطريقة الوحيدة، لنزع السلاح هي تلك التي استعملها البريطانيون منذ خمسة وسبعين عاما: تأسيس إدارة محلية فاعلة، تنظيم لوائح ملكية السلاح، والعزل التدريجي للخارجين عن القانون وقطاع الطرق الذين يرفضون التكيف مع الأوضاع الجديدة. لقد استنفذت من البريطانيين عقدا من الزمان لتحقيق ذلك، واليوم لن يحتاج الأمر فترة اقصر بأي حال من الأحوال. ليس فقط لأن كميات السلاح الموجودة هي الآن أكثر، ولكن لان الاستقطابات السياسية أكثر حدة.
وحدات من 60 مراقب لوقف إطلاق النار من الاتحاد الإفريقي موجودون الآن في دارفور مع أعداد أكثر قليلا من القوات الإفريقية توفر الأمن لهم. ولهذا الحد لا احد يوفر الأمن لجمهور دارفور المدني الذي يحيا في ظل الأهوال. إذا كانت هناك قوات من خارج أفريقيا سوف ترسل، يجب أن تكون تلك هي مهمتهم. لو كانت الاستخبارات المحلية جيدة، والعملية السياسية قريبة المنال، سوف تكون المخاطر اقل. ولكن إعادة تأسيس دارفور سوف تكون بطيئة، ومعقدة وعالية التكاليف. فهم ما تمت خسارته قد يكون نقطة لبداية جيدة.
--------------------------------------------------------------------------------
الكس دا وال هو مدير منظمة عدالة أفريقيا ومؤلف كتاب الإسلامية وأعداءها في القرن الإفريقي. سوف تظهر قريبا من دار نشر أكسفورد طبعة منقحة من كتابه المجاعة التي تقتل: دارفور، السودان 1984-85. ZNet - من نحن - انصم الينا - فهرس المصادر - الاصدارات - التقارير - زى نت العربية
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: دارفور: ثورة مضادة بثمن رخيص /الكس دا وال (Re: ابنوس)
|
الأخ ابنوس التحية أليس من الغريب أن يفهم اجنبي عابر جوهر مشكلة دارفور بينما يختزلهاالكثيرون (عمدا أو جهلا) في صراعات قبلية حبا في الأحتراب؟!!
هذه هي كانت أحوال قبائل دارفور في تعاملها قبل ظهور الدجالون:
Quote: احمد دريج، حاكم سابق لإقليم دارفور و، منذ ذلك الوقت، معارض سياسي قديم، يتذكر كيف أن أبيه، إبراهيم، شارتاي من الفور، (شارتاي هي كلمة اخرى تعني كبير لرؤساء العشائر)، كان يستضيف عائلات الشيخ هلال وإبلهم كل موسم في قريته، كارجولا، في المنحدر الجنوبي لجبل مرة. كان الشارتاي إبراهيم يذبح ثورا في استقبال الجلول، الذين كانوا يرعون جمالهم في الحقول بعد حصادها، مسببين بذلك استعادة خصوبة الأرض، بالإضافة إلى مساعدة القرويين على نقل محاصيلهم إلى الأسواق. عند الرحيل، كان الشيخ هلال يقدم جملين من جماله هدية لمضيفه. |
و بدأ التهميش المتعمد و برنامج الأفقار المنظم:
Quote: بعد استقلال السودان في 1956، حاولت الحكومات المتعاقبة إرساء خدمات محلية مثل الشرطة والمدارس والعيادات الطبية. تم إلغاء مناصب النظار والمشايخ رسميا وتم إنشاء "المجالس الشعبية‘ بدلا منها لتقوم بنفس الوظيفة. ولكن الخرطوم لم تقم بتسليمهم الأموال اللازمة للتمويل أبدا، ونحو أوائل الثمانينات، كانت الحكومات المحلية قد أفلست تماما. |
لتؤدي الي النتيجة الحتمية:
Quote: انفجرت سلسلة من الصراعات المحلية في دارفور في ظل الجفاف والمجاعة في 1984 – 1985. في العموم، نشبت جماعات الرعاة أظافرها في القرويين فيما أصبح صراعا مرا من اجل الموارد المتناقصة. |
و أطل التنين برؤوسه:
Quote: وفي عام 1989 أيضا اسقط الإسلاميون حكومة الصادق المهدي في الخرطوم. (كسب الصادق المهدي الانتخابات في 1986، بعد خلع النميري بعام). رأس الدولة وقتها أصبح هو الجندي القح الأبطش، عمر البشير، الذي حكم بواسطة تحالف غير مريح مع حسن الترابي، القائد ذو الشعبية الطاغية للحزب الإسلامي في البلاد. حاولت حكومة دارفور، والإسلاميون في الحكم، أن تستعيض عن الندرة بالعقوبات الوحشية المغلظة لتنزل بالخارجين على القانون ووزعتها هنا وهناك: الإعدامات والعرض العلني لجثث من قاموا بعمليات السطو المسلح، وقطع أيادي اللصوص. في 1994، أعادت الحكومة مجلس الإدارة الطبيعية القديم ووزعت المناطق على كبار رؤساء العشائر. بدون تمويل لتوفير الخدمات، وسلطة مجددة بشكل مفاجئ لتوزيع الأرض (التي أصبحت شحيحة)، وعملاء دوليين مسلحين ذاتيا في كل مكان، كان ذلك ميثاقا من اجل تطهير عرقي على مستوى محلي. |
و يا لسخرية القدر:
Quote: وقع بولاد في الأسر وخضع للتحقيق أمام الحاكم، العقيد الطيب إبراهيم، وهو طبيب في الجيش وزعيم إسلامي معروف باسم ’السيخ‘ أي ’القضيب المحمي‘، بسبب مهارته في لحام عيدان الحديد المسلح أثناء التظاهرات الطلابية عندما كانت مهمته هي الحارس الشخصي للزعيم الإسلامي لجامعة الخرطوم– داوود بولاد. |
و الحقيقة السافرة تبين لكل ذي عقل حتي و لو غريبا في البلاد:
Quote: تاريخيا، كان الإسلام السياسي في السودان تحت سيادة النخبة المستعربة التي خرجت من وادي النيل، ذات الروابط القوية بمصر. إسلامهم السياسي كان حركة محافظة، تتميز بالتعريب الذي اعتنقه كل حكام السودان، العسكريين منهم والمدنيين. |
و لكن ماذا تتوقع من الدجالين الذين ادمنوا الكذب لحد الوقاحة:
Quote: ولكن الوعد الإسلامي كان مزيفا. في تفاصيله العملية، ما تغير كان قليلا. حفنة قليلة من أهالي دارفور فقط تمت ترقيتهم إلى مناصب عليا في الحزب والإدارة. كانت الحكومة الوطنية عادلة نسبيا في معاملتها لمناطق العرب والغير عرب، ولكن فقط في سياق الإهمال المستمر. الحكومات المحلية لا زالت مفلسة؛ السطو المسلح منتشر؛ الجفاف والتصحر استمرا في إشعال النزاعات المحلية التي لم يستطع حاكم الإقليم، أو لم يقدم على محاولة إيقافها. ولم يمر وقت طويل حتى يكتشف سكان غرب السودان أن نسختهم من الإسلام لم تكن، بعد كل ذلك، مقبولة على حالها: كان ينظر إليهم على انهم مسلمون حقيقيون فقط إذا ما اقروا بالقيم والثقافة العربية. |
و تحول التنين (كما في الأفلام الهابطة) الي شيطان برأس قبيح و عدة اذرع أخطبوطية:
Quote: في 1999، طرد الترابي من منصبه كمتحدث باسم المجلس الوطني، وفيما بعد تم إلقاء القبض عليه. انقسم التحالف الإسلامي من منتصفه. معظم الإدارة، وكل النخبة الأمنية التي تسيطر على الجيش وكل الأجهزة الأمنية التي تمتلك ميزانيات خارج الميزانية العامة للدولة، ظلت على ولائها للبشير. |
الشماليون و الحكومة يعرفون بالضبط مدي الظلم الذي أحاق بدارفور - لقد اخطروا كتابة:
Quote: في مايو 2000، أصدروا ’كتابا اسود‘ يشرح بالتفصيل الغبن المنظم لتمثيل المنطقة في الحكومات الوطنية منذ الاستقلال. سبب ذلك الكتاب ضجة في أنحاء البلاد واظهر كيف أنه تم استقطاب السودان الشمالي على أساس خطوط عرقية أكثر منها أسس دينية. |
و كالعادة تجاهلوا تظلمات اهل دارفور. لا تتوقع من الظالم الا مزيدا من الظلم. و بالذات هذه العصابة المتسلطة. وكان لابد من مخاطبتهم باللغة التي يفهمونها جيدا:
Quote: ’الكتاب الأسود‘، الذي وصف داوود بولاد بالـ ’شهيد‘، كان علامة رمزية على التقارب بين الفصائل الإسلامية والعلمانية الراديكالية في دارفور. من هنا التحالف الأقل احتمالا بين الفصيل الأخير، الذي كان مشغولا في لم شمل جبهة تحرير دارفور (أعيد تسميتها في أوائل 2003 باسم جيش تحرير السودان)، أو حركة العدالة والمساواة ذات الميول الإسلامية (JEM). لم يثير التمرد المسلح دهشة احد. ولكن المراقبين للمشهد السياسي في السودان – بمن فيهم أنا – كانوا معتادين على خمود دارفور للدرجة التي جعلتنا نظن أن المقاتلين كانوا يتظاهرون بشراسة الذئاب عندما تنبأوا بانتفاضة عامة. بشكل واضح، الحكومة السودانية كانت هي الطرف الذي صدمته المفاجأة: كانت افتتاحيات السلام التي قامت الحكومة المركزية بها في الأشهر الأولى قد قامت بها بنصف قلب تماما مثل استعداداتها العسكرية. في ابريل من العام الماضي، هاجم المتمردون مطار الفاشر، ودمروا نصف دستة من الطائرات العسكرية واختطفوا جنرالا من قوة سلاح الطيران. لم يقم الجيش الشعبي لتحرير السودان بعمليات من هذا القبيل خلال عشرين عاما من الصراع. يمتلك المتمردون في دارفور سرعة الحركة، واستخبارات جيدة ودعما شعبيا. |
و أمام هذه الضربات المهينة و المذلة, لجأ المجرمون الجبناء الي أرخص و ابشع الوسائل لأسترجاع ما فقدوا من هيبة(والتي ستفقدهم كل الهيبة و اي احترام) وهذا ما فعله القتلة:
Quote: العمود الأساس المحوري للدولة السودانية، والحاسم بالنسبة للبشير - وهو عصبة سرية من ضباط الأمن الذين كانوا يديرون الحرب في السودان منذ 1983 – ما زالوا في أماكنهم حتى الآن. هذه المجموعة الصغيرة، وهي تواجه تمردا يتجاوز طاقة جيش البلاد المنهك والذي استطالت وتعددت جبهات قتاله، تعرف بالضبط ما الذي ينبغي عليها أن تفعله وكيف. مرات عديدة أثناء الحرب في الجنوب اعتلى هؤلاء موجة ثورة مضادة وامسكوا بدفتها ودفعوا في مقابلها ثمن رخيص – المجاعة والأرض المحروقة هي أسلحتهم المفضلة. في كل مرة، كانوا يبحثون عن ميليشيا محلية، ويزودونها بالمؤن والسلاح، ويعلنون المنطقة ارض عمليات لا تعترف بأي أخلاق. فرسان بني حالبة، الذين استخدموا ضد جيش تحرير السودان الشعبي في 1991، كانوا الأداة الظاهرة للاستخدام في دارفور. بدو الجمال الشماليون، بمن فيهم الفيلق الإسلامي السابق، كانوا أيضا في متناول اليد. يدعي البعض إن أسماءهم – الجنجويد – مشتقة من اسم الـ (G3) وهي البندقية واسم (الجواد)، ولكنه أيضا اسم شائع في غرب السودان يطلق على ’قطاع الطرق‘، أو ’الخارجين على القانون‘. إطلاق يد هذه الميليشيات يمتلك ميزة إضافية لصالح عصبة الأمن السرية وهي أن من المحتمل أن يتسبب ذلك في عرقلة عملية السلام شبه المكتملة مع الجيش الشعبي لتحرير السودان في الجنوب بما يسمح لهم بالاحتفاظ بميزانيات أجهزتهم الأمنية الضخمة؛ كما إنه أيضا يسمح بتوفير حصانة ضد اتهامهم في المستقبل بارتكاب جرائم الحرب. |
و بدأت معالم أسوأ كارثة انسانية تتضح للعالم:
Quote: الفظائع التي ارتكبت بواسطة الجنجويد استهدفت المتحدثين باسم الفور، التانجور والمساليت والزغاوة. هذه الفظائع كانت منظمة ومدعومة؛ أثرها، إن لم يكن الهدف منها، غير متناسب بشكل كبير مع التهديد العسكري الذي يمثله التمرد. الاغتصاب الجماعي ووسم الضحايا بالنار يتحدث عن التدمير المتعمد للمجتمعات. في دارفور، قطع أشجار الفاكهة أو تدمير أخاديد الري هو أسلوب لسحق حقوق الفلاح في أرضه وتدمير أسس المعيشة. ولكن ذلك ليس هو حملات التطهير العرقي لحكومة بلغت قمة هرطقتها الأيديولوجية، كما كانت أثناء الجهاد في 1992 ضد النوبة، وليس التطهير العرقي المتعمد بدم بارد الذي قامت به نفس الحكومة لتأمين ثروات طبيعية، كحقول البترول في الجنوب السوداني من سكانه المشاغبين. |
و كان جرما فظيعا فاق الوصف ولكن يمكن تلخيصه في:
Quote: إنها القسوة الروتينية لعصابة الأجهزة الأمنية، ذبلت إنسانيتها نتيجة سنين طويلة في الحكم: انه تطهير عرقي بحكم قوة العادة. |
نحن نعرف المجرمون الحقيقيون. نخبة الشمال الحاكمة الذين جعلوا كل دارفور و قبائلها ضحايا لا أنسانيتهم:
Quote: حملات الجنجويد الدموية يجب ألا تحجب حقيقة أن البدو من سكان دارفور الأصليين هم أنفسهم ضحايا تاريخيين. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: دارفور: ثورة مضادة بثمن رخيص /الكس دا وال (Re: Mohamed Adam)
|
الاخ العزيز محمد سليمان شكرا للقراءة لهذا المقال وبصورة حصيفة وانا مثلك لقد ادهشتني رؤية هذا الآخر لنا وقراءته لتاريخنا ، وهذا التشريح للمشكلة و هذا الاجنبي العابر لا يعرف حقيقة دارفور القديمة كما نعرفها انا وانت ولا يعرف ما بيننا من تصاهر ومن علاقات الخوة المربوطة بالقسم الغليظ ولا يعرف كيف كان اهل دارفور يلتقون في اكثر من علاقة .... السؤال الذي يؤرقني دائما وبعد ادراكنا لحقيقة الصراع ترى هل نحن ابناء دارفور لسنا مسؤولين عن جزء من المأساة وماذا نحن فاعلون لمواجهة الحقيقة البائنه التي لم يعد يخفيها النظام ، وماذا بيدنا لنفعل غير وحدة تضم كافة الذين ادركوا المخطط المعلن لضرب وحدة دارفور وللأبد ؟؟؟؟ اعتقد ان لا حل غير اعادة النظر في مواقفنا وعزل كل الذين اجرموا في حق شعب دارفور والعمل تحت سقف واحد لنزع اهلنا بكل اثنياتهم من براثن سلطة ادمنت القتل والتلاعب بمصائر شعبها .. هذه مسؤوليتي ومسؤوليتك ومسؤلية الجميع . تقطة اخرى : انا لدي تحفظ في صيغة الشماليين على عمومها التي نظلقها على سلطة المركز ، اعتقد ان فيها الكثير من الظلم لبعض ابناء الشمال الذين ساندوا ويساندوا قضيتنا بشكل واضح ، اننا يجب ان نفرق بين الشمال وبين ابناء الشمال الذين هم في السلطة فحتى الشمالية اليوم هي تعاني من هذه العصابة وامامك حركة المهجرين وغيرها ، نعم ان مواجهة السلطة لقضية دارفور اختلفت عن مواجهتها لحركة المهجرين مما يعني اختلاف النظرة للأنسان الشمالي والانسان الدارفوري فلم نرى حشود ولا طائرات ضربت منطقة المناصير لأن ابنائهم حملوا السلاح كما حدث في الطينة وفي كرنوية وديسا من حرق كامل لقرى الذين شاركوا في العمل المسلح في دارفور ولم نرى تجييش لقبائل من الشمالية لمحاربة المناصير ، مما يزيدني قناعة بأننا علينا مواجهة السلطة بوحدتنا قبل ان نواجهها بالسلاح وعلى الجميع الانتباه لهذا بمن فيهم الجنجويد. لك ودي
الاخ عادل : سلام وشكرا لمرورك من هنا ، اتفق معك في ان الترجمة فيها ضعف وهذا لأن الذي قام بالترجمة هو مصري ، وكما ترى فهذه قراءة الآخر لمشكلتنا وكذلك ترجمة آخر لا يعرف اسماء المناطق ولا دارفور .. ولم اعثر على النسخة الانجليزية لانزالها مع الترجمة رغم بحثي .. وهذا جهد يشكر عليه احمد ذكي والكس ...... وبأنتظار عودتك
الاخ محمد ادم شكرا للرفع والقراءة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: دارفور: ثورة مضادة بثمن رخيص /الكس دا وال (Re: ابنوس)
|
الفقرة أدناها مقتبسه من مقال "أزمة دار فور بين الحقيقة و الغرض" لتاج السر حسن.
"رغم أن دولة دار فور تعتبر الدولة الإسلامية الأولى في السودان ( السلطان سليمان الأول 1415 - 1476) إلا إنها لم تعمد إلى صهر القبائل داخلها بالقوة أو إلى استعلاء قبيلة الفور على من دونها إنما استبقت عليها كوحدات إدارية و لكنها شجعت التمازج الهادي على ذات نهج الإسلام الذي رفعت لواءه و ذلك بنشر العلوم والثقافة الإسلامية وشجعت التزاوج و الانصهار برفق وهو ما وصفه )طىََُ س. وْكوىٌٌ( في كتابه حرب النهر إن الإسلام و قيمه كان و مازال ينتشر بين السكان السود انتشار الماء في الإسفنج الجاف و الإسلام رغم استبقائه لكيان القبيلة إلا انه استهجن العصبية و حرمها. ومن هذا السرد التاريخي الكثيف للنزاعات الكبرى في دار فور يتضح أن القبائل العربية القوية هي التي ساعدت و دعمت سلاطين الفور لقيام دولتهم و استمرارها فلا عجب أن كان زوال الدولة نفسه سببه حماية السلطان إبراهيم لشيوخ الرزيقات ( منذر وعليان) ورفضه تسليمهما للزبير باشا مدير مديرية بحر الغزال الذي كان يطاردهما بتهمة قطع طريق القوافل القادمة من بحر الغزال إلى مصر والخرطوم و نقض الاتفاق المبرم معهم" .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: دارفور: ثورة مضادة بثمن رخيص /الكس دا وال (Re: ابنوس)
|
Here is the english copy:
Sudan Studies from the London Review Of Books: Counter-Insurgency on the Ch
Sudan Studies from the London Review Of Books
Counter-Insurgency on the Cheap
Alex de Waal
Darfurs landscapes have a cruel beauty, and few are more unyielding than the nomadic encampment of Aamo. It is in a stony wasteland on a plain ringed by mountains formed from ancient volcanic cores. A distant sweep of pink sand marks the course of a seasonal river, Wadi Kutum. Many years ago, I stayed there as a guest of the nazir ('paramount chief') of a clan of Arab nomads known as the Jalul. With their broad black tents pitched on the sand, camels browsing on the thorn trees, and sparse but finely worked possessions, they were the stuff of coffee-table ethnography books. Today, Aamo lies at the centre of the violence that is disfiguring Darfur: tens of thousands are already dead and hundreds of thousands have been driven from their homes. The first massacre of the conflict took place just a few miles from Aamo, when the Janjawiid militia murdered several dozen villagers who had sought safety in the town of Kutum.
I met the elderly nazir, Sheikh Hilal Musa, in 1985. His tent was hung with the paraphernalia of a lifetime's nomadism - water jars, saddles, spears, swords, leather bags and an old rifle. He invited me to sit opposite him on a fine Persian rug, summoned his retainer to serve sweet tea on a silver platter, and told me the world was coming to an end. At that time, Darfur was gripped by drought and disturbing changes were afoot. The Saharan winds were blowing sand onto fertile hillsides, and when it rained the water was cutting gullies through the rich alluvial soil along the wadi. Worse, the villagers who had always played host to camel nomads were now barring their migrations, and stopping them from using pastures and wells.
Hilal rebuked me for not speaking Arabic like an Englishman: all colonial officers had been schooled in classical Arabic, not the Darfurian Sudanese version I had picked up. He said that the last Englishman who had enjoyed his hospitality was Assistant District Commissioner Thesiger, who had served in Kutum. Thesiger was famous in Darfur chiefly as a crack shot. In those days, only British officers were permitted to own rifles with enough power and accuracy to bring down a lion. By the time of my visit in 1985, privately owned firearms were a rarity. The nazir gave me a giraffe-tail fly whisk when I left. More as a result of ecological change than colonial hunting parties, lion and giraffe have now vanished from all but the southern fringes of Darfur, where the forests stretch into southern Sudan and Central African Republic. In the semi-arid plateaux of north Darfur, as the savannas fade into desert, we saw only the occasional gazelle.
Hilal was a commanding figure, even in his eighties, thin, stooped and nearly blind. The Sufis - and almost all Darfurians are followers of one or another Sufi sect, mostly of West African origin - talk of baraka, a God-given charisma or blessing. 'Sheikhdom comes from God,' Hilal believed. 'The degrees of sheikhdom are man-made.' Rather than the formally superior title of nazir, he stuck with the lowlier but more meaningful sheikh: he was known across the vastness of Darfur simply as Sheikh Hilal. Today the name of his son Musa is known even more widely: Musa Hilal is the leader of the Janjawiid; his name is first on the US government's list of suspected war criminals.
Sheikh Hilal was unbendingly proud of his nomadic way of life. He insisted that everyone in his tribe possessed camels. 'Look at that small boy,' he said, pointing to his grandson. 'Even he owns camels.' This was probably true: even in those straitened times, Hilal's family was reputed to have several thousand, although the sheikh was too old to ride a camel and rarely saw them. His herds were three hundred miles to the north, pasturing on the sweet grasses of the desert, after the rains. His nephew had recently sold 120 camels to provide food for hungry kinsmen, and Hilal had loaned many to poor relatives, from a herd that was shrinking faster than he knew. 'We assist each other. No Jalul will ever need to cultivate,' he said.
But only an hour's walk away, we found an encampment of Jalul who had lost their camels and goats during the drought and had settled in an attempt to farm. The local villagers, from the Tunjur group (a close relation of the Fur, the largest ethnic group in the region), had given them only dry, sandy soil, keeping the alluvium next to the wadi for themselves. Famous for its sweet dates, Wadi Kutum is among the most valuable farmland in north Darfur, and the Tunjur were careful to register it long before other farmers realised the importance of legal title to land. The Jalul farmers were resentful, scratching at the arid uplands in an attempt to grow a few ######### of millet. Their sheikh did his best to keep up pretences. In the evening he served a lavish meal of goat and rice, and gave us directions to where we could find his sons and camels. When we finished, having eaten more than enough, he called out to his niece: 'Bring the next course!' There was no next course.
The British conquered Dar Fur ('Land of the Fur') in 1916, defeating the army of Sultan Ali Dinar, descendant of the 17th-century founder of the Fur sultanate, Suleiman Solong, whose long neglected grave lies in the mountains a day's drive south of Aamo. Like many of Darfur's key political leaders, Solong was of mixed ancestry, the son of an Arab father and a Fur mother. Despite talk of 'Arabs' and 'Africans', it is rarely possible to tell on the basis of skin colour which group an individual Darfurian belongs to. All have lived there for centuries and all are Muslims.
Many maps of Darfur have tribal names scrawled across wide territories, implying that some areas are inhabited exclusively by one of the region's thirty or more ethnic groups. This can be misleading: there is such a long history of internal migration, mixing and intermarriage that ethnic boundaries are mostly a matter of convenience. Individuals, even whole groups, can shed one label and acquire another. When the British overran the region, they found it convenient to suppose that paramount chiefs had precisely demarcated authority over ethnic groups and jurisdiction over the corresponding territory. Darfurians concurred with this fiction, which helped the British administer Darfur with just a handful of colonial officers. The key to making this 'native administration' system work was to award a territory, or dar, to each group. It wasn't land ownership exactly, but the paramount chiefs were allowed to allocate land rights to residents. Until the drought of the 1980s, there was enough land to provide newcomers, of whatever ethnicity, with a plot to farm.
The nomads were an anomaly in this system. Most of those conventionally described as nomads are in fact herders who occupy well-defined areas, but there were a few true nomadic groups in Darfur, such as Sheikh Hilal's Jalul Rizeigat. They moved vast distances between dry-season grazing areas in central and southern Darfur and wet-season pastures on the edge of the desert in the north. In the 1970s, the socialist government of Jaafar Nimeiri gave the Jalul a 'rural people's council' in the form of a village called Fata Borno (where we left the road to find Aamo), but this was merely an administrative convenience, a place where they could register to vote and send their children to school. For pasturing their herds, the Jalul relied on mobility, traversing the migration routes between the arms of Fur and Tunjur villagers, grazing their camels on the hillsides. Sheikh Hilal described what can best be thought of as a 'moral geography' of Darfur. It esembled a chequerboard, with the red squares representing farms, and the white the pastures his herds could graze. 'Wherever there is grass and rain, Allah provides that that is my home,' he said. Ahmed Diraige, a former governor of Darfur and, since then, a long-time opposition politician, recalls how his father, Ibrahim, a Fur shartai (shartai is another word for a paramount chief), hosted Sheikh Hilal's clan and their camels every season in his village, Kargula, on the southern slopes of the mountain of Jebel Marra. Shartai Ibrahim would slaughter a bull to welcome the Jalul, who would pasture their camels on the harvested fields, thus fertilising them, and help the villagers transport their grain to market. When he left, Hilal would present two young camels to his host. Like many other Darfurian Arabs, Hilal casually used racist epithets, such as zurga ('black'), to refer to the Fur and Tunjur farmers. The farmers in their turn described the bedouin as savages and pagans. But the two communities relied on one another, and their leading families intermarried.
Without a dar, the Jalul and the handful of other nomadic groups relied on a socio-geographical order that gave them customary rights to migrate and pasture their animals in areas dominated by farmers. This worked for decades, but by the 1980s, drought, desertification and the expansion of farms were threatening these rights. Sheikh Hilal's moral geography had been disturbed: the cosmic order had given way to chaos. But he would rather die than change.
'Native administration' was local government on the cheap. The chiefs were paid a pittance, receiving their reward through local despotism. After Sudan achieved independence in 1956, successive governments attempted to build up local services such as police, schools and clinics. The positions of sheikhs and nazirs were formally abolished and 'people's councils' set up to do the same job. But Khartoum never delivered the funds and, by the early 1980s, local government was bankrupt. If the governor of Darfur wanted to mount a police operation against bandits, he had to commandeer vehicles and fuel from two rural development projects funded by the World Bank, or from an aid agency. If he wanted to hold an inter-tribal conference to resolve a dispute, he had to ask wealthy citizens to cover the expenses.
A succession of local conflicts erupted in Darfur in the wake of the drought and famine of 1984-85. On the whole, the pastoral groups were pitted against the farmers in what had become a bitter struggle for diminishing resources. The government couldn't intervene effectively, so people armed themselves. A herd of a thousand camels represents more than a million dollars on the hoof: only the most naive herd-owner would not buy automatic rifles to arm his herders. The villagers armed themselves in response. There was an attempt at a reconciliation conference in 1989, but its recommendations were never implemented.
It was also in 1989 that the Islamists toppled Sadiq al-Mahdi's government in Khartoum. (Sadiq had won elections in 1986, the year after Nimeiri was deposed.) The head of state was now the devout and ruthless soldier, Omar al-Bashir, who ruled in uneasy alliance with Hassan al-Turabi, the charismatic leader of the country's Islamist party. With the Islamists in power, the Darfur regional government tried to compensate for the rarity with which it caught criminals by the savagery of the punishments it meted out: execution and public display of the corpse for armed robbers, amputation for thieves. In 1994, the government brought back the old native administration council and allocated territories to chiefs. With no funds to provide services, a suddenly renewed authority to distribute land (now becoming scarce) and self-armed vigilantes all around, this was a charter for local-level ethnic cleansing. Immediately after this administrative reform, there was another round of killings in the far west of Darfur. Much of the present conflict, then, has its origins in land rights and the shortcomings of local dministration. But central government, too, is implicated in Darfur's plight, with neglect and manipulation playing equal parts.
Geography is against Darfur. The large town of el Geneina, at the westernmost edge of Darfur, close to the border with Chad, is said to be further from the sea than any other town on the continent. This part of Darfur, popularly known as Dar Masalit after the dominant group, was only absorbed into Sudan in 1922, by a treaty between the sultan and the British. Quite recently, the sultan's grandson, holding court in a decrepit palace, used to joke that he still had the right to ecede from Sudan, and he pointedly hung maps of Dar Masalit and Africa on his wall, but not of Sudan.
The train from Khartoum terminates at Nyala in southern Darfur after a three-day journey. It is at least another day's drive to el Geneina, if the road is not cut by wadis carrying rainwater from the massif of Jebel Marra. Khartoum has ignored Darfur: its people have received less education, less healthcare, less development assistance and fewer government posts than any other region - even the Southerners, who took up arms 21 years ago to fight for their rights, had a better deal. Within Darfur, Arabs and non-Arabs alike have been marginalised, and it is Darfur's tragedy that the leaders of these groups have not made common cause in the face of Khartoum's indifference.
Another geographical misfortune is that Darfur borders Chad and Libya. In the 1980s, Colonel Gaddafi dreamed of an 'Arab belt' across Sahelian Africa. The keystone was to gain control of Chad, starting with the Aouzou strip in the north of the country. He mounted a succession of military adventures in Chad, and from 1987 to 1989, Chadian factions backed by Libya used Darfur as a rear base, provisioning themselves freely from the crops and cattle of local villagers. On at least one occasion they provoked a joint Chadian-French armed incursion into pursuing them. Many of the guns in Darfur came from those factions. Gaddafi's formula for war was expansive: he collected discontented Sahelian Arabs and Tuaregs, armed them, and formed them into an Islamic Legion that served as the spearhead of his offensives. Among the legionnaires were Arabs from western Sudan, many of them followers of the Mahdist Ansar sect, who had been forced into exile in 1970 by President Nimeiri. The Libyans were defeated by a nimble Chadian force at Ouadi Doum in 1988, and Gaddafi abandoned his irredentist dreams. He began dismantling the Islamic Legion, but its members, armed, trainedand - most significant of all - possessed of a virulent Arab supremacism, did not vanish. The legacy of the Islamic Legion lives on in Darfur: Janjawiid leaders are among those said to have been trained in Libya.
t was in the mid-1980s, when Nimeiri was overthrown, that the Ansar exiles began to return. A few weeks after meeting Sheikh Hilal, I went in search of his sons, herding their camels in the desert. As we travelled north, we saw the tracks of military vehicles crossing the desert heading south. In 1987, returnees from Libya took the lead in forming a political bloc known as the Arab Alliance. At one level, the Alliance was simply a political coalition that aimed to protect the interests of a disadvantaged group in western Sudan, but it also became a vehicle for a new racist ideology. The politically insignificant racist epithets of earlier times began to take on an alarming tinge in Darfur. The Alliance also latched onto the dominant ideology of the Sudanese state, the very different Arabism of Nile Valley. The war in Darfur at the end of the 1980s was more than a conflict over land: it was the first step in constructing a new Arab ideology in Sudan.
It is hard to find a news account of the present war in Darfur that does not characterise it as one of 'Arabs' against 'Africans'. Such a description would have been incomprehensible twenty years ago, when Darfurian conceptions of ethnicity and citizenship were still cast in the mould inherited from the Sultanate of Dar Fur and the string of comparable Sudanic states that stretched westwards to the Atlantic. The short but dramatic political career of one Fur politician, Daud Bolad, illustrates the way in which the terms 'African' and 'Arab' took such a hold.
Bolad was one of the leading young Islamists of his generation, but abandoned political Islam after leaving KhartoumUniversity and joined the Sudan People's Liberation Army, led by John Garang. Nothing could be further from the Islamist doctrines Bolad had once championed - and nothing more inimical to them - than the ideology of the SPLA. Although Garang is a Southerner and many in his movement urge a separate state for southern Sudan, he is not a separatist himself. He believes that the non-Arabs in Sudan - an alliance of Southerners and marginalised groups in northern Sudan, such as the Fur - form a numerical majority and should dominate a secular, pluralist and united Sudan. Garang has therefore recruited from exploited non-Arab communities on the fringes of northern Sudan, such as the Nuba, and the string of peoples along the Blue Nile valley close to Ethiopia. In 1992 the Sudan government launched its largest ever offensive, aiming to empty the Nuba region entirely under the banner of jihad. It failed and today the Nuba have achieved modest autonomy within the wider framework of a peace deal signed in Kenya in May.
Bolad and a clandestine network of local activists were Garang's entrée in Darfur. As he had done for the Nuba and Blue Nile, he dispatched a small expeditionary force into Darfur in 1991, aiming to begin an insurrection. It was a disaster. Bolad and his troops had to cross a vast distance in the dry season. The only water available was in deep boreholes, which were situated in villages and carefully guarded. Moreover, the territory was occupied by cattle-herding Arab groups, who were fiercely hostile to the SPLA. The government quickly traced Bolad's unit and hunted it down, using both the regular army and a militia of Beni Halba Arabs. A handful of fighters escaped and walked for months through Central African Republic back to southern Sudan. Bolad was captured and interrogated by the governor, Colonel al-Tayeb Ibrahim, a military doctor and leading Islamist known as 'Sikha' or the 'Iron Rod', because of his skill at wielding reinforcing rods during student demonstrations when he was bodyguard to the leader of the Khartoum University Islamists - Daud Bolad. There is no record of the encounter between the two. Bolad was never seen again. Worst of all, his diary was seized. In it were names and details of every member of his clandestine network.
Many disappeared into prisons and 'ghost houses', others were so unnerved by how much was known to their interrogators that they renounced their cause and were freed, although they were sure that their every movement continued to be watched. A generation of opposition leaders was annihilated or neutralised. Thereafter, radical Darfurian leaders were suspicious of the SPLA, fearing that it would swallow them whole, or misuse them for its own purposes. But as the SPLA continued to resist everything the Sudanese army could throw at it, and gained a high international standing, they, too, learned to characterise their plight in the simplified terms that had proved so effective in winning foreign sympathy for the South: they were the 'African' victims of an 'Arab' regime.
The 'African' label may have played well to international audiences in the 1990s, but it had little purchase in Sudan. One reason for this was the prevalence of radical Islam and its appeal to many Darfurians - the result of the success of a political experiment by the regime in Khartoum, masterminded by Hassan al-Turabi. Historically, political Islam in Sudan was dominated by an Arabised elite originating in NileValley, with strong links to Egypt. Theirs was a conservative movement, identified with the Arabisation professed by all of Sudan's rulers, both military and civilian. But Turabi broadened the agenda and constituency of the Islamist movement. For example, he insisted that women had rights in Islam, and today more than half of the undergraduates at KhartoumUniversity are women. He also recognised the authenticity of western Sudanese and West African Islam, thus embracing the traditions exemplified by the early 19th-century Fulani jihads and the wandering Sufi scholars of the Maghreb.
In ensuring that citizenship was extended to all devout Muslims, Turabi revolutionised the status of the Sudanese of West African origin, know as the Fellata. This group, several million strong, consists of ethnic Hausa and Fulani whose ancestors were from Nigeria,Mali and Niger and settled in Sudan either on their way to Mecca or as labourers for colonial-era cotton schemes. The Fellata are famous for their piety. Until the Islamist coup of 1989, they were not recognised as Sudanese citizens; Turabi also increased the status of the Fellata sheikhs, thereby correcting a longstanding anomaly and creating an electoral constituency. In Darfur, too, he reached out to the religious leaders of the Fur, Masalit and other groups. As governor of Darfur, al-Tayeb Ibrahim made a point of praising the Fur for their piety and took lessons in the Fur language. The concept of common citizenship through common faith seemed for a time to be a route to Darfurian national emancipation.
But the Islamist promise was a sham. In practical terms, little changed. Only a handful of Darfurians were elevated to high positions in the party and the administration. The national government was relatively even-handed in its treatment of the region's Arabs and non-Arabs, but only in the context of continuing neglect. Local government was still bankrupt; banditry was still rife; drought and desertification continued to spark local conflicts that the governor could not, or would not, try to stop. And before long Sudan's 'westerners' found that their version of Islam was not, after all, accepted on its own terms: they were regarded as true Muslims only if they adopted Arab values and culture.
In the decade following the 1989 putsch, the differences between President Bashir and the mercurial Turabi became ever more apparent. Turabi had ambitions for revolution throughout Africa and the Middle East; Bashir held to the traditional view of Sudan as the possession of an Arabised elite. It was a protracted struggle, over ideology, foreign policy, the constitution and ultimately power itself. Bashir won: in 1999 he dismissed Turabi from his post as speaker of the National Assembly, and later had him arrested. The Islamist coalition was split down the middle. Most of the administration, and all of the security elite in control of the military and various off-budget security agencies, stayed with Bashir. The students and the regional Islamist party cells mostly went into opposition with Turabi, forming the breakaway Popular Congress. Among other things, the dismissal of Turabi gave Bashir the cover he needed to approach the United States, and to engage in a more serious peace process with the SPLA - a process that led to the signing of the peace agreement in Kenya.
The Bashir-Turabi split reverberated in Darfur. Many Darfurians who had come into the Islamist movement under Turabi's leadership now left government - and decided to organise on their own. In May 2000, they produced a 'Black Book' which detailed the region's systematic under-representation in national government since independence. It caused a stir throughout the country and showed how northern Sudan was becoming polarised along racial rather than religious lines.
In describing Daud Bolad as a 'martyr', the 'Black Book' marked a symbolic rapprochement between the Islamists and the secular radicals of Darfur. Hence the unlikely alliance between the latter group, who were busy putting together the Darfur Liberation Front (renamed in early 2003 the Sudan Liberation Army, or SLA) and the Islamist-leaning Justice and Equality Movement (JEM). The rebellion should have taken no one by surprise. But observers of the Sudanese political scene - myself included - had become so accustomed to the quiescence of Darfur that we thought the militants were crying wolf when they predicted a major insurrection. Evidently, the Sudanese government was just as surprised: its peace overtures in the early months were as half-hearted as its military preparations. In April last year, the rebels attacked el Fasher airport, destroyed half a dozen military aircraft and kidnapped an airforce general. The SPLA had managed nothing of the kind in twenty years. The rebels in Darfur had mobility, good intelligence and popular support.
Critically for Bashir, the central pillar of the Sudanese state - a cabal of security officers who have been running the wars in Sudan since 1983 - was still in place. Faced with a revolt that outran the capacity of the country's tired and overstretched army, this small group knew exactly what to do. Several times during the war in the South they had mounted counter-insurgency on the cheap - famine and scorched earth their weapons of choice. Each time, they sought out a local militia, provided it with supplies and armaments, and declared the area of operations an ethics-free zone. The Beni Halba fursan, or 'cavalry', which had been used against the SPLA in 1991, was an obvious instrument to employ in Darfur. The northern camel nomads, including former Islamic legionnaires, were also on hand. Some claim that their name - the Janjawiid - derives from 'G3' (a rifle) and jawad ('horse'), but it is also western Sudanese dialect for 'rabble' or 'outlaws'. Unleashing militias has the added advantage for the security cabal that it may derail the near complete peace process with the SPLA and allow them to retain their extra-budgetary security agencies; it also immunises them against being charged in the future with committing war crimes.
The atrocities carried out by the Janjawiid are aimed at speakers of Fur, Tunjur, Masalit and Zaghawa. They are systematic and sustained; the effect, if not the aim, is grossly disproportionate to the military threat of the rebellion. The mass rape and branding of victims speaks of the deliberate destruction of a community. In Darfur, cutting down fruit trees or destroying irrigation ditches is a way of eradicating farmers' claims to the land and ruining livelihoods. But this is not the genocidal campaign of a government at the height of its ideological hubris, as the 1992 jihad against the Nuba was, or coldly determined to secure natural resources, as when it sought to clear the oilfields of southern Sudan of their troublesome inhabitants. This is the routine cruelty of a security cabal, its humanity withered by years in power: it is genocide by force of habit.
Sheikh Hilal's world, with its stable cosmos and its relaxed reciprocity between farmer and nomad, has disappeared, as he feared it would. Unrelenting poverty has been transformed into violence by misgovernment and imported racisms. What to do now in the face of genocidal massacre and imminent famine? Legal action - trying Musa Hilal and his sponsors as war criminals - is essential to deter such crimes in future. But condemnation is not a solution. The Janjawiid's murderous campaigns must not obscure the fact that Darfur's indigenous bedouins are themselves historic victims.
As they did twenty years ago, the people of Darfur face destitution, hunger and infectious disease. Apocalyptic predictions of mass starvation were made after the 1984 drought - up to a million dead, aid agencies said, if there wasn't food aid. The food didn't come, and many died - around 100,000 - but Darfur society didn't collapse because of the formidable survival skills of its people. They had reserves of food, they travelled huge distances in search of food, work or charity, and above all they gathered wild food from the bush. Today, food reserves and animals have been stolen, and what use is the ability to gather five different kinds of wild grasses, 11 varieties of berry, plus roots and leaves, if leaving a camp means risking rape, mutilation or death? Predictions of up to 300,000 famine deaths must be taken seriously.
A huge aid effort is grinding into gear. But the distances involved mean that food relief is expensive and unlikely to be sufficient. It's tempting to send in the British army to deliver food, but this would be merely symbolic: relief can be flown in more cheaply by civil contractors, and distributed more effectively by relief agencies. The areas controlled by the SLA and JEM contain hundreds of thousands of civilians who are not getting any help. As soon as an intrepid cameraman
returns with pictures of this hidden famine, there will be an outcry, and pressure for aid to be delivered across the front lines. There's no reason to wait for the pictures before acting, although it's clear that cross-line aid convoys will need to carry armed guards.
The biggest help would be peace. In theory, there's a ceasefire; in practice, the government and Janjawiid are ignoring it, and the rebels are responding in kind. The government denies that it set up, armed and directed the Janjawiid. It did, but the monster that Khartoum helped create may not always do its bidding: distrust of the capital runs deep among Darfurians, and the Janjawiid leadership knows it cannot be disarmed by force. When President Bashir promised Kofi Annan and Colin Powell that he would disarm the militia, he was making a promise he couldn't keep. The best, and perhaps the only, means of disarmament is that employed by the British seventy-five years ago: establish a working local administration, regulate the ownership of arms, and gradually isolate the outlaws and brigands who refuse to conform. It took a decade then, and it won't be any faster today. Not only are there more weapons now, but the political polarities are much sharper.
A detachment of 60 African Union ceasefire monitors is in Darfur with a slightly larger number of African troops providing security for them. So far no one is providing security for Darfur's terrified civilian populace. If troops are to be sent from outside Africa, this should be their mission. If the local intelligence is good, and a political process is afoot, the hazards should be minimal. But reconstituting Darfur will be slow, complicated and expensive. Understanding what has been lost may be a good place to start.
23 July
Alex de Waal is the director of Justice Africa and the author of Islamism and Its Enemies in the Horn. A revised edition of Famine that Kills: Darfur,Sudan 1984-85 is due from Oxford.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: دارفور: ثورة مضادة بثمن رخيص /الكس دا وال (Re: Shao Dorsheed)
|
أليس من الغريب أن يفهم اجنبي عابر جوهر مشكلة دارفور بينما يختزلهاالكثيرون (عمدا أو جهلا) في صراعات قبلية حبا في الأحتراب؟!!
ألـيكـس لـيس مجـرد خـواجـة غـريـب...
عـاش بمـناطق الغـرب ورسـالـة الـدكـتـوراة الـتـي يحـمـلهـا مـنـذ أكـثر مـن 15 عـامـا كـانت عـن غـرب السـودان....
أليـكـس إفـريـقـي دون أي جـدال....
وحـبه للسـودان حـب قـديم ترجـمـه فـي نشـاطات مخـتلفـة أكـثرهـا ظـهـورا كـتبه عـن المجـاعـة..السـلطة والـغـذاء..وتقـرير العـدالة الإفـريقـيـة الشـهـري عـن دارفـور..والـكـثير جـدا مـن الكـتابات عـرفت أليكـس عـن قـرب مـنذ 1997 وحـضـرنـا مـعا لعـديدمـن الـؤتمـرات مـع أعـزاء آخـرين سـآحـدثكـم عـنهـم جـمـيعا فـي وقـت قـريب بإذن الله.. مـا وددت أن أقـوله أن لـدي أليكـس مـعـرفة عظـيمـة وقـدرة تحليلية عـاليـة عـن السـودان .. سـأكـتب لكـم مـرة اخـري عـن أليكـس وكـيف ترجـم حـبه لإفـريقـيا إلـي واقـع ومـن ضـمـنهـا الـزواج...
مـنـي عـوض خـوجـلـي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: دارفور: ثورة مضادة بثمن رخيص /الكس دا وال (Re: Shao Dorsheed)
|
أليس من الغريب أن يفهم اجنبي عابر جوهر مشكلة دارفور بينما يختزلهاالكثيرون (عمدا أو جهلا) في صراعات قبلية حبا في الأحتراب؟!!
ألـيكـس لـيس مجـرد خـواجـة غـريـب...
عـاش بمـناطق الغـرب ورسـالـة الـدكـتـوراة الـتـي يحـمـلهـا مـنـذ أكـثر مـن 15 عـامـا كـانت عـن غـرب السـودان....
أليـكـس إفـريـقـي دون أي جـدال....
وحـبه للسـودان حـب قـديم ترجـمـه فـي نشـاطات مخـتلفـة أكـثرهـا ظـهـورا كـتبه عـن المجـاعـة..السـلطة والـغـذاء..وتقـرير العـدالة الإفـريقـيـة الشـهـري عـن دارفـور..والـكـثير جـدا مـن الكـتابات عـرفت أليكـس عـن قـرب مـنذ 1997 وحـضـرنـا مـعا لعـديدمـن الـؤتمـرات مـع أعـزاء آخـرين سـآحـدثكـم عـنهـم جـمـيعا فـي وقـت قـريب بإذن الله.. مـا وددت أن أقـوله أن لـدي أليكـس مـعـرفة عظـيمـة وقـدرة تحليلية عـاليـة عـن السـودان .. سـأكـتب لكـم مـرة اخـري عـن أليكـس وكـيف ترجـم حـبه لإفـريقـيا إلـي واقـع ومـن ضـمـنهـا الـزواج...
مـنـي عـوض خـوجـلـي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: دارفور: ثورة مضادة بثمن رخيص /الكس دا وال (Re: ابنوس)
|
الأخ ابنوس لك التحية
نعم انه مقال ثر نجح في تشخيص مأساة دارفور.
أنت كتبت:
Quote: السؤال الذي يؤرقني دائما وبعد ادراكنا لحقيقة الصراع ترى هل نحن ابناء دارفور لسنا مسؤولين عن جزء من المأساة وماذا نحن فاعلون لمواجهة الحقيقة البائنه التي لم يعد يخفيها النظام ، وماذا بيدنا لنفعل غير وحدة تضم كافة الذين ادركوا المخطط المعلن لضرب وحدة دارفور وللأبد ؟؟؟؟ اعتقد ان لا حل غير اعادة النظر في مواقفنا وعزل كل الذين اجرموا في حق شعب دارفور والعمل تحت سقف واحد لنزع اهلنا بكل اثنياتهم من براثن سلطة ادمنت القتل والتلاعب بمصائر شعبها .. هذه مسؤوليتي ومسؤوليتك ومسؤلية الجميع . |
و أنه سؤال مؤرق لكل حادب علي مصلحة دارفور من أبنائها و بناتها. و أعتقد أن الأغلبية أدركت من هو العدو الحقيقي لدارفور. و الحركات المسلحة قد بدأت تسير في هذا الأتجاه (مواجهة نظام الأنقاذ). و أوافقك انها مسؤولية الجميع بدءا بأنفسنا.
و انت كتبت ايضا:
Quote: تقطة اخرى : انا لدي تحفظ في صيغة الشماليين على عمومها التي نظلقها على سلطة المركز ، اعتقد ان فيها الكثير من الظلم لبعض ابناء الشمال الذين ساندوا ويساندوا قضيتنا بشكل واضح ، اننا يجب ان نفرق بين الشمال وبين ابناء الشمال الذين هم في السلطة فحتى الشمالية اليوم هي تعاني من هذه العصابة وامامك حركة المهجرين وغيرها ، نعم ان مواجهة السلطة لقضية دارفور اختلفت عن مواجهتها لحركة المهجرين مما يعني اختلاف النظرة للأنسان الشمالي والانسان الدارفوري فلم نرى حشود ولا طائرات ضربت منطقة المناصير لأن ابنائهم حملوا السلاح كما حدث في الطينة وفي كرنوية وديسا من حرق كامل لقرى الذين شاركوا في العمل المسلح في دارفور ولم نرى تجييش لقبائل من الشمالية لمحاربة المناصير ، مما يزيدني قناعة بأننا علينا مواجهة السلطة بوحدتنا قبل ان نواجهها بالسلاح وعلى الجميع الانتباه لهذا بمن فيهم الجنجويد. |
أخ ابنوس الظلم الأجتماعي و علي مر العصور تقوم به اقلية شريرة بأدعاء انهم يحمون حقوق الأغلبية التي ينتمون لها سواء جماعة ذات لون معين أو دين أو عرق أو طبقة او جهة. و في سبيل الأحتفاظ بذلك الأمتياز يفعلون كل ما في وسعهم لتكريسه من سن للقوانين أو حرمان الآخرون من التعليم أو ربطها بالمعتقدات أو ممارسة التفرقة الظاهرة و المبطنة. المهم المحصلة النهائية ان تكون تلك الفئة هي المسيطرة علي كل أوجه الحياة و للباقون الفتات. و ربما "يرشح" بعض المهمشين خلال النظام الموضوع و لكن بلا تأثير. فعندما كان الناس يهاجمون أبارتيد كان يشار اليهم بال "البيض" , و العنصريون في جنوب الولايات المتحدة ب "بيض الجنوب". هل كان كل بيض جنوب افريقيا أشرارا؟ و هل كان كل بيض الجنوب عنصريين؟ بالطبع لا. و لكنهم كانوا كلهم مستفيدين من نظام التفرقة (الأقلية الشريرة و الأغلبية الطيبة). كانوا مستفيدين من البني التحتية و التفضيل الأقتصادي و التدرج الوظيفي و حرية الحركة و التنقل و نهل العلم. و لكن الظلم هو الظلم. و عندما تصاعد الأحتجاج ضاق بعض شرفاء الأغلبية الصامتة من البيض و أستيقظت ضمائرهم لوصفهم جمعا"بالعنصريين". و هذا ما دفع لندون جونسون " رئيس من بيض الجنوب" أن ينهي التفرقة و يصادق علي تشريع يفتح المجال أمام السود في كل المجالات (تعليم وظائف وفي الحكومة). و هذا ايضا ما دفع دي كلارك (آخر رئيس وزراء ابارتيدي) ليكون شريكا لمانديلا في وضع حد للتفرقة العنصرية بجنوب أفريقيا. ما وددت ان أقوله هو انه و مادام المتحكمون علي امر السودان من الشمالية و الظلم يعم باقي السودان فليستيقظ ضمائر الشرفاء منهم و ليردوا الحقوق الي أهلها. و نقطة أخري الشمالية كرقعة جغرافية تفتقر الي الموارد الطبيعية و هذا قدرهم ولكن الشمالية كشعب ليسوا فقراء فهم في وزارة الطاقة و رئاسة الجمهورية و .. كل الحكومات منذ الأستقلال .. هم التجار في بورتسودان و الابيض والفاشر و الجنينة و ..جوبا. هم المصدرون لأغلب منتوجات السودان من البترول للصمغ للحبوب الزيتية. و لأنهم المتحكمون في مقدرات البلاد فقد أساءوا استخدام مواردها و أوضح دليل انشاء هذه الخزانات يعيدا عن مناطق الكثافة السكانية و بدون اجراء الدراسات الكافية لجدواها و اقيمت بدون استشارة باقي أهل السودان. و من يدفع قروض تمويلها - محمد أحمد بالطبع. لذلك يجب مخاطبة المتهم مباشرة - الشماليون - ولا نخدع أنفسنا بكلمة " حكومة الوسط" فهي توازي " قيدت ضد مجهول".
الأخت مني خوجلي:
أنه مقال قيم و ما اردت ان ارمي اليه ب " الأجنبي العابر" هو أثبات كذب الذين يجوبون الدنيا في كل الأتجاهات لتشويه قضية دارفور و تقليل ما حاق بنا من ظلم لتصوير المسألة كأنها صراع قبائل بدائية علي أحقية السقي أو الكلأ.
| |
|
|
|
|
|
|
|