بسم الله الرحمن الرحيم كلمة التجمع الوطني الديمقراطي بالداخل قدمها الحاج عبدالرحمن نقد الله أمام المؤتمر الثاني ـ مصوع ـ 9 سبتمبر 2000م الأخ الأمين محمد سعيد . الأمين العام للجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة . الأخوة ممثلي الجبهة الشعبية . الأخ رئيس التجمع الوطني الديمقراطي . الأخوة سفراء مصر والجماهيرية الشقيقتين . الأخوة الضيوف . الأخوات والأخوة أعضاء المؤتمر : ينعقد مؤتمرنا الثاني هذا في ظرف في غاية الدقة والحرج تمر به بلادنا الحبيبة ، الحرب ما زالت مستعرة وهي تلتهم كل غالٍ ونفيس من الأنفس والثمرات ، والفقر المدقع استشرى وطال حتى طبقات المجتمع العليا ، بعد أن افترس الوسطى والدنيا كليةً ، والأمراض المعدية فتكت بالشعب وهي تعربد في كل الأقاليم ، وانهارت الخدمات حيث تخلت الدولة عن كل واجباتها ومسؤولياتها فلا تعليم ولا علاج إلا للمقتدرين . والأدهى والأمر أن السلطة بعد أن التهمت قطاعي التجرة والصناعة اتجهت إلى قطاع الزراعة فأهلكته وأصبح الناجين من زراعة في غياهب السجون ، حيث التحقوا بمن سبقهم من ملاك وتجار الثروة الحيوانية . سياسات الفصل والتشريد طالت خيرة بنات وأبناء هذا البلد وأودت بهم إلى البطالة والفاقة والمرض ، ودمرت الأسر وفككتها لينعم قلة من أصحاب الولاء بمقدرات الوطن ، والخدمة المدنية التي كانت مصدر فخر وإعزاز لأهل السودان انهارت تماماً بفضل سياسات التشريد حيث حل الجهل أصحاب الولاء مكان أصحاب الكفاءة والخبرة المتراكمة عبر السنين . هذا ناهيك عن الفساد الذي أصبح من سمات النظام وأخذ طابعه الوبائي ، مهد له النظام السبل وفرش له الوسائد فأضحى مارداً يلتهم كل القيم الموروثة والجميل من الخلق ، وصار للفساد في مجتمعنا جيوش وقبائل ومنظرين ومنه الإداري والمالي والأخلاق وأنواع أخرى مستحدثة لم تخطر على بال ولم تروها أجيال . حريات مهدرة وحقوق مهضومة واضطهاد مستمر ، لقمة تنتزع من أفواه الجياع ، وصبية يساقون إلى الحرب ونساء يحرمن من حق العمل ، اسـتدعاءات وملاحقات أمنية للشرفاء من أبناء الوطن ، مصادرات للصحف من المطابع ومنع للنشر وملاحقات إدارية للصحف والصحفيين بسبب أعمالهم المنشورة . هذا قليل من كثير ورغم ذلك فإن شعبنا ما زال صامداً يقاوم ، استطاع بفضل صموده أن يهزم آلة البطش وينتزع بعض من الحريات وتشهد الساحة الآن نهوضاً جماهيرياً متصاعداً وسط قطاعات المجتمع المختلفة . الأخ الرئيس الأخوة الكرام : هذا هو حال شعبكم الأبي كريم الخصال ، وهذا هو الحل والمآل . أهلنا يتطلعون إليكم ويعقدون الآمال فيكم لخلاص سريع وشامل وشافي ، قلوبهم مشفقة ، تتمزق لسماع أشياء عن شتاتكم وفرقتكم ، وتكاد تفارق الصدور حينما تختلفون ، وأنتم كل الأمل والرجاء ، ولا يرجون منكم الآن إلا وحدة الصف والتلاحم والتكاتف وتضافر الجهود ، وضوح الرؤى دون لبس ماذا تريدون ؟ وما أنتم فاعلون ؟ فالتجمع الوطني الديمقراطي يعني لهم الكثير ، لا يعني فقط الخلاص مما هم فيه من شظف وعنت وذل وهوان واستبداد وتسلط ولا يعني لهم استعادة الديمقراطية وبسط السلام العادل في ربوع السودان الواحد طوعاً لا كرهاً ، المتسامح غير المتنافر ولا يعني لهم رفع الظلم ورد الحقوق وردع الجناة الغادرين فحسب ، بل يعني لهم الاستقرار في مستقبل الأيام بالاتفاق على الحد الأدنى من البرامج التفصيلية والسياسات الدقيقة التي يتبناها الحاكمون ، وتصبح مرتكزات للمعارضة والخلاف . تلك قناعة أهل السودان وأملهم في ائتلافكم الاستراتيجي الفريد هذا بل وأصبح تجمعكم عقيدة لكل سوداني . إن المساس بذلك الاعتقاد هز وجدان أمتكم ، ويقيننا أننا جميعاً وبكل فصائلنا شاركنا في ذلك الحدث المحبط الذي أصاب التجمع بهذا القدر أو ذاك . دعونا نتعاهد الآن بأن نجعل مرحلة الفرقة والشتات والمراشقات وراء ظهورنا ، ولتكن لنا عبرة نعتبر بها في مسيرتنا القادمة الواصلة بإذن الله ولنجعل التاريخ الفيصل بيننا جميعاً وهو أمين راصد لا يرحم . لنلتف بجدية وعزم وحزم لقضايا الوطن الجريح والمواطن المشلول ولنجعلها نصب أعيننا ، وليكن التزامنا بما مهرناه من مواثيق التزاماً قاطعاً لا لبس فيه ولا جدال ولا تراجع عنه ولا مماحكة . ولتكن وسيلتنا إلى ترتيب خياراتنا التي حددناها هي ما يوصلنا إلى الأهداف الوطنية المنشودة والغايات المرجوة بأسرع السبل وأنجعها ، والتي توقف النزيف وتأمن وحدة الوطن وسلامة أهله دون انتقاص من هدف ولا تفريط في مطلب ارتجاه شعبنا وتطلع إليه وتضمنته مواثيقنا ونصت عليه . وليكن الوطن سيدنا وفوقنا جميعاً ، أحزاباً وجماعات ، أهواءاً وتطلعات . إن كان ذلك نهجنا ومنهاجنا الذي نتعاهد عليه استحقينا حقاً أن نكون أمل البلاد ورجاؤها في الخلاص ، وأما إن سيطرت علينا الأهواء والمصالح الضيقة ، الحزبية والجهوية والذاتية في هذا الظرف العصيب ، فلا ننتظر إلا الخيبة ولعنة التاريخ والعياذ بالله . الأخ الرئيس ، الأخوات والأخوة : كنا يدرك أن الاحتراب لا يورث إلا الدمار ، والاقتتال لا يورث إلا الخراب وإننا جميعاً لم نختار ذلك بل فرض علينا وأكرهنا عليه ، فتركيبتنا الاجتماعية التي تكره العنف لا زالت غضة وهشة ، ووحدتنا ضعيفة ومستهدفة ومهددة ، والاحتراب والتمادي فيه واتسـاع رقعته يشـكل خطراً حقيقياً على وطن مسخن بالجراح ولا يورث إلا الخبال . وإن خيار الانتفاضة الشعبية هو الأمثل إذا توفرت العدة والعتاد لمواجهة خصم متهور لا يخشى في سبيل بقائه لومة لائم . والحل السياسي الشامل لا يعني إلا الوصول إلى أهداف الشعب المرجوة وتطلعاته المأمولة والتي تتلخص في : · سلام عادل وشامل . · حكم ديمقراطي تعددي حقيقي ومعاش . · لا مركزية في الحكم فعلية لا صورية توفر لها الإمكانات والكوادر . · توزيع عادل للسلطة والثروة ، وتنمية متوازنة تزيل الغبن والإجحاف . · مساءلة ومحاسبة عن المقترف من الجرائم في حق الوطن والمواطن ، ورفع الضيم والظلم ، ودرء الفساد وملاحقة المفسدين . · دولة مدنية تأسس فيها الحقوق والواجبات على أساس المواطنة . · إقامة علاقات السودان الخارجية على أساس حسن الجوار وإيقاف التدخل في شئون الغير ، وإقامة علاقات دولية على أساس السلام والتعاون ودعم الشرعية الدولية . · تشكيل حكومة قومية تطلع بكل تلك المهام ، كما تقوم بالآتي : 1. عقد مؤتمر دستوري يضع مسودة دستور متفق عليه وقائم على المواثيق الممهورة بيننا . 2. إجراء استفتاء لتقرير مصير الجنوب . 3. إقامة انتخابات عادلة في ظل قانون ديمقراطي للانتخاب يمارس فيها الشعب حقه في الاختيار بحرية . 4. تكون مدة الفترة الانتقالية أربعة أعوام . هذه هي أهداف شعبنا التي من أجلها نقاتل وننتفض حتى تتحقق أو نسقط دونها ونلحق بأرتال شهداءنا الأبرار . أيها الأخوة : علينا أن نضع حداً لهذه الفترة التي سادها شئ من عدم الرضى وعدم الارتياح وكان الأداء فيها دون طموحنا الوطني ، مما أحبط القواعد المتطلعة إلى النصر والخلاص . ووجد فيها النظام فرصة ذهبية استغلها لتوسيع الشروخ بين صفوفنا وتشوية صورتنا أمام العالم وتحسين صورته إدعاءاً بأنه مع السلام والديمقراطية ورمينا بعدم الجدية . في وقت نعلم فيه علم اليقين أنهم مخادعون متاجرون بالمواقف ، ولكن علينا الآن أن نحسم ذلك نهائياً أما بالوصول إلى اتفاق يعتبر حلاً سياسياً شاملاً يصل بنا إلى تحقيق مطالب الشعب وأهدافه أو كشف أباطيل النظام ومناوراته وقفل ذلك الباب مع الاستعداد التام في كل الحالات للخيارات الأخرى وثقتنا في شعبنا لا تحدها حدود . إن مقتضيات تفعيل خيار الحل السياسي تستوجب أن : · يؤكد المؤتمر على تأييد مبادرتي الايقاد والمبادرة المصرية الليبية المشتركة والتنسيق بينهما ، ويشجب تصرف الحكومة السودانية وسعيها لعرقلة الجهود المبذولة للتنسيق . · يؤكد موافقته على مؤتمر الحوار الجامع ، ويوصي أن تقوم دولتي المبادرة المشتركة بالآتي : · تكوين سكرتارية تتولى الاتصال بأطراف النزاع ، وإصدار إعلان مبادئ للح السياسي الشامل .التشاور والتنسيق مع دولة الايقاد في عمليات المبادرة . · الإسراع بعقد اللقاء التمهيدي للتشاور وتحديد الإجراءات اللازمة لعقد المؤتمر الجامع من حيث تحديد الأجندة ، المكان ، الزمان ، التكوين والمشاركة ، رئاسة المؤتمر وكيفية اتخاذ القرارات فيه . · تتابع سكرتارية المبادرة كافة الإجراءات التمهيدية المطلوب اتخاذها لبناء الثقة وتهيئة المناخ اللازم لإنجاحه . · يسمي التجمع لجنة يناط بها التنسيق والمتابعة والإمداد للمؤتمر . ولتبارك كل فعاليات التجمع هذا الاتجاه تأكيداً على وحدة الجهد والخطاب السياسي وصولاً إلى تطلعات شعبنا وبلوغ غاياته المشروعة والعادلة ، وقفل الباب أمام مزايدات السلطة واستغلالها لجو الخلافات بخلق الفتنة وتشتيت التجمع . السيد الرئيس ، الأخوات والأخوة : لقد أبدى التجمع الوطني الديمقراطي بالداخل اهتماماً كبيراً بمؤتمركم الثاني هذا باعتباره وقفة مسؤولة مع الذات لمراجعة مسيرة التجمع خلال سنوات خمس على كافة الأصعدة التنظيمية والسياسية بغرض التقييم العلمي والموضوعي لجهد نضالي مقدر بهدف وضع المعالجات وسد الثغرات وصولاً لوضع خطط العمل المستقبلية وتفعيلاً للأداء وارتقاء به ، الأمر الذي يتطلب النظر في هيكل التجمع الحالي ووضع المعالجات اللازمة وتحديد الصلاحيات والاختصاصات بشكل واضح وقاطع وتحديد وسائل المتابعة والمراجعة والربط المحكم بين الداخل والخارج ، ومراجعة الميثاق وفق المستجدات السياسية التي طرأت خلال الأعوام الماضية . ولدينا مقترحات محددة في هذا الصدد نضعها أمام لجان مؤتمركم الموقر هذا . السيد الرئيس الأخوات والأخوة : نريد لمؤتمرنا هذا أن يكون وقفة مع الذات فعلاً نقف فيها مع أداءنا في الماضي نقيم بكل الموضوعية والشفافية المطلوبين لتحسين الأداء وضبط المسار . ولذا نطالب الجميع بضبط النفس وتوسيع الصدر وإبداء المرونة وممارسة النقد والنقد الذاتي الهادف لكشف كل بواطن الخلل والمعوقات لتتم معالجة الأخطاء وتصحيح السلبيات وتعزيز الثقة لأن مواصلة المشوار في هذا المنعطف تتطلب أعلى درجة من الفاعلين والتفاعل والانسـجام والعمل الجمـاعي المنضبط ونكران الذات في سبيل الوطن وخلاص شعبه الأبي . السيد الرئيس الأخوات والأخوة : ننتهز هذه الفرصة لنشيد بمشاركة المرأة في هذا المؤتمر وبهذا الصورة المشرفة وننادي وتعمل على تعزيز مشاركتها بشكل أكبر وأقوى يناسب عطاءها المتفرد ونضالاتها المشهودة ومبادراتها الرائدة بكسر حواجز الخوف وقيادة العمل الجماهيري المعارض لنظام الجبهة في السـودان ، مما أكسبها عداء النظام واستهدافه لهن . فضربت النساء في الطرقات وبطش بهن وهن صامدات في صبر وجلد أجبر الرجال على التحرك والمواجهة ، فلهن التحية والتجلة وهن منتشرات في ربوع الوطن العزيز وخارجه يحملن هموم الوطن من خلال الأسر هموم الحاضر والمسـتقبل معاً . والإشادة الأخرى الأخ الرئيس الأخوات والأخوة يستحقها قطاع الطلاب طليعة النضال ووفود الثورات ودخري الوطن إلى الغد المشرق . وكان من المفترض أن يضم وفد الداخل كوكبة منهم ولكن الظلم والاستبداد منعهم في اللحظات الأخيرة بحجة عدم أدائهم للخدمة الإلزامية ، فلهم المجد والخلود وبهم النصر والنجاة بإذن الله . وممن يجدر ذكرهم أيضاً بكل الفخر والإعزاز السيد الرئيس والأخوة والأخوات منظمات المجتمع المدني السودانية التي تعمل الجدية والتفاني لخدمة الوطن والدفاع عن حقوق المواطنين . فمنهم من يعمل في ظروف الغربة القاسية ، ومنهم من يعمل في ظروف القهر والبطش في الداخل ، فلهم التحية والعرفان . وواجب التجمع بكل فصائله دعمهم اللامحدود والاستفادة من توصيات مؤتمراتهم ووضعها موضع العناية والتطبيق . وفي الختام أخي الرئيس الأخوات والأخوة : جاء نداؤنا من الداخل دعوة لحزب الأمة بالعودة وأخذ موقعه الفاعل في التجمع تأكيداً لدوره التاريخي والأساسي في التجمع وعمله الدؤوب في إطار ه ومسلهمته في العمل النضالي اجماعي، وكان نداؤنا له بالعودة منطلقا من رغبة جميع فصائل التجمع بوحدة التجمع موحدة وتجاوز الخلاف في صفوفه أمرا بالغ الاهمية في هذه المرحلة التى تمر بها بلادنا. عاش كفاح شعبنا من أجل استرداد حقوقه المشروعة. التحية للشهدائنا الابرار . التحية للمرابطين دفاعا عن الشرف والقضية. بسم الله الرحمن الرحيم إبلاغ الى التجمع الوطني الديمقراطي نقله المستشار فؤاد موسى حنيش بمكتب الأخوة العربي الليبي بدولة إرتريا يوم الأحد 17/9/2000م الساعة العاشرة صباحاً إشارة إلى مبادرة الولايات المتحدة الأمريكية بشأن جمع الحكومة وأطراف المعارضة السودانية ؛ تود الجماهيرية الليبية أن تؤكد بأن : المبادرة الليبية المصرية المشتركة هي المبادرة الوحيدة الجادة القادرة على حل مشكلة السودان ، وقد قررت الجماهيرية ومصر بالاتفاق مع حكومة السودان تفعيل المبادرة بشكل جدي ، وعليه فإن قبول الأطراف السودانية الذهاب إلى واشنطون ، أو القبول بهذه المبادرة قد يجعل من المبادرة الليبية المصرية أمرا غير واقعي وغير مقبول .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة