الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 11:24 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبدالله عثمان(عبدالله عثمان)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-05-2008, 05:28 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى
                  

10-05-2008, 05:29 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)



    يلاحظ المرء الاهتمام الكبير للصحف السودانية، وبعض الصحف العربية، بالأستاذ محمود محمد طه وفكره. يلاحظ مع هذا الإهتمام المتعاظم أن كثيرا من الخلط أيضا يحدث فى حقائق لا يزال بعض صناعها ومعايشيها أحياء، فتسآءلت كيف واذا مضى بالناس زمان؟
    هذا البوست بسبيل من جمع كل هذه المادة فى مكان واحد تسهيلا للدارسين وآمل أن يكون هناك أيضا تصحيح لبعض المعلومات الخاطئة.
    أستوحيت عنوان هذا الخيط من بوست سابق عن إستيبان تم منذ حين قريب بجامعة الخرطوم - سأعيد نشره هنا أيضا -
    بعض الروابط لا تعمل لتغيير السيرفر أو توقف الخدمة كما أن قليل من المواد ليس من الواقع الإسفيرية وقد لا أجد له تاريخا.... عموما وكما ذكرت فالمادة للتسجيل ولمن عسى قد يحتاج لمرجع شامل فى مكان واحد
    وعلى الله قصد السبيل
                  

10-05-2008, 05:30 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    هذا هو الإستبيان وهو ايضا يؤكد ضرورة هذا البوست وضرورة التصحيح
    =======
    يعتبر الاستاذ محمود محمد طه،نبأ عظيماً،في الفكر الاسلامي،ولايزال الناس يتسألون عن النبأ العظيم،الذي هم فيه مختلفون .
    هبط به خصومه الي هاوية السحر والشطح الاثم،ووصفوه بالذندقه،والخروج عن مله الاسلام وقد اسرفوا في بغضه وتجريحه وقالوا عنه مالم يقله مالك في الخمر.
    أما محبوه فقد ارتفعوا به الي افق البهاء المقدس،والي معارج البطوله الخارقه للناموس !!
    واليكم الاستطلاع
    الصافي مهدي الصافي كليه القانون حزب الامه القومي
    ان إعدام الاستاذ محمود محمد طه من اكبر الاخطاء في السياسه السودانية وان الاستاذ هو عملاق الفكر والرجوله وان الشهيد محمود محمد طه قد واجهة حبل المشنقة بابتسامه إهتزة اليها الضمير الانساني واعتقد ان الهوس الديني كان وراء المهزلة.
    محمد عبد الكريم عبدالله خامسه طب بيطري
    علي حسب علمي ان المرتد محمود محمد طه في البدء لم يات بجديد وانما ردد اقوال السابقين من الصوفيه امثال الحلاج وابن عربي،وهذا هو الذي ادي به الي الوقوع في الردة وان قتله كان جزاءً له وإن لم يعدم فانه كان سيكون رمزاً للغرب ومدعاة للفتنه.
    بشير عبد الله ادم كليه الهندسة جبهة ديمقراطية
    ان إغتيال الاستاذ محمود محمد طه يؤكد ان الفكر الاسلامي لازال يتقوقع في الفتاوي والمتون الجاهزة وان هنالك حالة عجز وتكلس في المذهبية الاسلاميه.
    ومحمود محمد طه امتداد لابن عربي ونجم الدين الطوافي الذين اعتلوا المشانق لتبقي الفكرة والمبداء.
    ومن الماخذ علي الجمهوريين ارتباط الفكرة بفرد اختفي وجودها باعدامه.
    فاطمه عبد الوهاب ثالثة قانون
    الحقائق غير واضحه لا اعرف علي وجه التحديد ما حدث.. نتمني ان يكون شهيداً.
    عاطف عوض الجيد الريح رابعه اداب
    لم اسمع به اطلاقاً.
    ابوبكر محمد احمد انصار سنه قانون
    حد الردة الذي طبق في محمود محمد طه صحيح ولكن كان لاهداف سياسية بحتة ومحمود محمد طه قد انكر ما هو من الدين بالضرورة مثل إنكارة الصلاة بهياتها وحركاتها المعروفه.
    منجواك مطوك تونق A N F
    اعدام محمود محمد طه هو انتهاك لحقوق الانسان لانه مفكر عالمي وقد اعدم بقوانين سيئة لانه قال الحق واعتقد ان اعدام الاستاذ وراءه جماعات الهوس الديني لتحقيق اغراضها الشخصية ولعجزها عن مجادله الجمهوريين فكرياً.
    فاطمه الريح ثالثه اداب
    لم اسمع بهذا الشخص ابداً وماعارفه من اعدمه ولماذا.
    يونس ماثيو كليه الصحه
    اعتبر الاستاذ محمود كالمسيح لانه بذل فكره من اجل تحرير الانسان ويكفي انه صاحب المقوله الشهيرة الحريه لنا ولسوانا واعدامه كان اعداماً سياسياً واعتقد ان دمه لن يروح هدراً.
    وسيظل فكره نوراً وشعاعاً يهدي الاجيال القادمه الي المستقبل في سوادن جديد.
    الطيب محمد الطيب ثالثه اداب
    اعدامه حق لانه خرج عن نطاق الاسلام والف كتب تدعو للخروج عن ملة الاسلام لذا اعدامه عين الحق.
    هاله محمد احمد ثالثه اداب
    ليس لدي معلومات عن هذا الموضوع.
    يناكيم تومس علوم إدارية
    ان الاستاذ محمود مفكر بل هو المفكر الاول في السودان واعدامه اكبر خطأ ارتكبه النظام المايوي وانه شهيد الحريه والديمقراطية.
    عبد العزيز جمعه
    الاستاذ من اوائل المفكرين في السودان ولم يجد فكره ارضية خصبة بسبب الجهل في ذالك الوقت.
    واعدمه الهوس الديني لانه كان عقبة في طريقهم ولان الجمهوريين يمتازون بالحجة والفكر.
    نسرين مساعد اداب
    لااعرف عن هذا شي.
    اشويل اجانق
    ان اعدام الاستاذ هو انتهاك لحقوق الانسان وان الاستاذ كان يدعو الي فكره بالتي هي احسن وهو صاحب فكر فكان يناقش بادله قاطعه.
    صلاح الطيب علي اداب
    يتمتع الشعب السوداني بذاكرة مثقوبة بحيث تسرب اكبر الفجايع التي ارتكبت في حقه وانسانيته ذاكرة العفو والمغفرة لكل الذين وضعوه علي المغصله.
    ولكي تكون هنالك لحظه تاريخيه حاسمه لابد من منشط كيميائي ثوري حتي يتم الغاء كل تواريخ العفو وهكذا تسرب الاستاذ كغيرة عبر هذة الذاكرة المثقوبه.
    فكرة من ابرز المعاجات الفعاله للقضايا الراهنه عبر تاريخ طويل من الجمود الذي كاد ان يجعل من الدين مادة باردة ومنكمشة.
    محمد مختار قانون
    علي حسب علمي بهذة القضية ان القضاء لم يكن عادلا ولم يكن مستقلا في هذة القضية بالذات واري ان اليد السياسية قد امتدت بقذارة واثرت في الحكم واعتقد ان هناك بعض المفكرين المعاصرين لهم اليد الطولي في هذا الحكم وذلك لاشياء في انفسهم.
    عاطف حسن بلول انصار سنه قانون
    ان ما يعتقده محمود محمد طه هو عين الردة عن الاسلام متي اقيمت عليه الحجة وانتفت عنه الشبهة ولا ينبقي ان نغتر بفكرة عاطفيا دون تجريد الحقائق والمغازي وان الرسول صلي الله عليه وسلم قال:من بدل دينه فاقتلوة،فانها مساله شرعيه لاتقبل المزايدات السياسية فالتنظير في الامور الاجتهادية باب وانكار القطعيات باب اخر.
    الطاهر بدر الدين حامد علوم
    الحديث او النص المستند عليه في التشريع يعتمد علي اشياء كثيرة الوضع الاجتماعي المرتبط بالزمان والمكان ومستوي الادراك العقلي وحديث من بدل دينه فاقتلوة من احاديث الاحاد ولا يمكن الاخذ باحاديث الاحاد في الحدود ولم يرد نص في القران الكريم بقتل المرتد.
    فاطمه الريح ثالثه اداب
    ليس لدي اي فكرة عن هذا الموضوع.
    ليلي الخليفة احمد
    اعدام الاستاذ محمود وصمه ستبقي وعارها لن يبيد ابدا مالم يصحح كل من تورط في اعدامه
    موقفا واضحا تجاه الاستاذ ويعترف فيه بكل صراحه انه نادم اشد الندم علي جريمته التي ارتكبها في حق هذا المفكر.
    منال محمد ثالثه اداب
    لااعرف شي عن هذا الموضوع.
    وائل طه محي الدين جبهة ديمقراطية
    ظاهرة اعدام المدنيين سياسية غريبة علي الواقع،ويعتبر حدث اغتيال الاستاذ الثالثة في تاريخ السودان الحديث ولم يجد النظام المايوي العسكري مناصاً سوي التخلص منه يساندة حلفاوة الاسلاميين باعتبار الخطر الفكري من الجمهوريين عليهم عموما يعتبر الحدث منافيا لقوانين حقوق الانسان وللتقاليد والاعرف السودانيه.
    نيازي ادم رحمه اقتصاد انصار سنه
    اعتبر ان محمود محمد طه مرتد ويدعو الي فكر منحرف تم تهجينه وتطويرة من كتب الفلاسفه وغلاة المتصوفه الذين دعو الي وحدة الوجود والاتحاد ووحدة الشهود غير ان اعدامه لايخلو من المصلحه الحزبية.
    نهي حسن قانون
    ان الاستاذ محمود دون ادني شك ليس ممرتد وانما هو شهيد وفكرة يمثل الاسلام الحقيقي لا الاسلام المزيف (اسلام الشعارات)
    زينب عوض قانون
    ان اعدام محمود محمد طه من اكبر الاخطأ القانونية التي وقع فيها القضاء السوداني انذاك لان عمره قد تجاوز السبعين وبالقانون لايجوز اعدام من تجاوز السبعين كما ان الردة لم تكن معلقبا عليها وفق القانون الذي طبق فيه.
    سماح بشري كليه الاقتصاد عضو حقوق الانسان بجامعه الخرطوم
    ان الشهيد الاستاذ محمود قد قدم فكرا يحل التعارض ويواكب انسانية القرن العشرين من داخل القران .
    واعدامه انتهاك لحقوق الانسان واساءه الي الاسلام لانه قد اعدم باسم الاسلام.
    ايمن محمد الحاج اقتصاد
    محمود محمد طه حركه تصحيح الاصلاح الديني بفلسفه منطقية نحو فهم الحياة السياسية والدينية واعدامه كان خطأ كبير.
    وهو يمثل حركة فكر وتحرر من الهوس الديني.
    النعيم خالد قانون
    فكر محمود محمد طه فكر ديني بطريقة فلسفية صحيحة واعدامه يعبر عن حاله عجز وقصور في الادراك الديني.
    عبد المعز الزين عبد المجيد اداب
    ان الجمهوريين مازالو يتعاطون فكر محمود محمد طه بمنعطف تهويلي حدثي تتمركز وتتجسد فيه شخصية محمود محمد طه اكثر من منطق الاضافه والتساؤلات التي طرحها مشروعه والتي هي نقدية تجديدية للفكر الاسلامي.
    واني اتعاطي هذا الفكر حاليا كموروث معرفي فشل المتصوفه(الاخوان الجمهوريين)في تطويرة والحفاظ علي استمراريته التي هي روح المشروع.
    فقد برعوا في الانشاد العرفاني(المديح)اكثر من الاضافه واستوعبوا فكرة التجلي التي يمثل محمود محمد طه مركزها وفشلوا في استيعاب روح فكر الاستاذ.
    ويمكن القول ان الفكر هو فكر محمود محمد طه ولاينتسب الي الجمهوريين ودفن المشروع مع صاحبه لانه افتقد سمه الاستمرارية والتطور.
    اسماء النور حمد كليه الاداب
    لا اويد اعدام الاستاذ محمود فمن الحرية والديمقراطية ان يعتقد كل شخص ما يشاء مالم يضر ذلك باحد والفكر الجمهوري فكر يمكن اعتبارة تقدمي ومن الماخذ علي الفكر الجمهوري اختفاءة بعد 18 يناير حادثة الاعدام.
    لام جون كوي الجبهة الديمقراطية المتحدة U D F
    اعدام الاستاذ محمود من ناحية قانونية كسابقة قانونية من اكبر الاخطأ الذي وقع فيها القضاء السوداني ان ذاك لانه شيخ كبير واعدامه يعتبر انتهاك لبند الحريات.
    سامي عبد الرحمن محمد اداب
    ان الفكر الجمهوري فكر تقدمي نابع من قلب القران الكريم ويخاطب العقل والفطرة السليمه وهذا ما امتاز به الجمهوريين ولكن هنالك ثمه اسباب وظروف في حينها ادت الي عدم الفهم السليم للفكرة من بين تلك الظروف التخلف والجهل بين السودانين مما جعلنا نقول ان الفكر الجمهوري كان سابقا لاوانه اما بخصوص اعدام الاستاذ فهو من اكبر الجرائم التي ارتكبت في حق الشعب السوداني والانسانية جمعاء واعدامه كان تصفيه سياسية ارتكبها السفاح نميري وعرابو رحطه ومما يوكد ذلك تصريح نميري لاحد الصحف السودانية بعد عودته الي السودان في قوله ان اعدام محمود محمد طه كان بمثابه(غشة)من الترابي وهكذا حال حكامنا.
    وفي راي ان الاستاذ محمود هو شهيد الفكر والديمقراطية والحرية.
    عبد الرحمن الشيخ احمدكلية القانون حزب الامه القومي عضو المجلس الاربعيني للاتحاد الحالي
    في البداية اود التركيز بانه في وقت اعدام الاستاذ محمود محمد طه كنا صبية صغار لا نتذكر من ملابسات تلك الجريمه الا الحدث حيث كانت تتناوله وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمقروءة وقتها بالتاييد، وبعد ذلك ما بين مؤيد ومعارض ومتحفظ ومبرر.
    الا انه باي شكل من الاشكال فان فكرة الاعدام بسبب الفكر اي كان فهي مرفوضه من حيث المبداء ناهيك عنها لمفكر اطلعنا فيما بعد علي فكرة بالرغم من شح مصادرة وصعوبة التوصل اليه.
    زاعدام الاستاذ جريمه في حق الاجيال التي كان يمكن لذلك الفكر في الاسهام في تخلقها عن طريق البحث والنقاش.
    والفكر الجمهوري جدير بالاحترام غير انه محتجب لاسباب لا اعلمها انا شخصيا فانا لم الحظ اي نشاط اللجمهوريين سوي فعالية واحدة عبارة عن الاحتفال بالذكري ال19 لاستشهاد الاستاذ محمود محمد طه بجامعه الخرطوم تحدث فيها الاستاذ المهندس عبد الله فضل الله.
    احمد عزالدين سالم موتمر شعبي
    محمود محمد طه صاحب فكر وكان من الاجدي محاورته فكريا،لان الله سبحانه وتعالي لم يامرنا بقتل حزب الشيطان وسحق عظامه ولكن بشرنا بخسران حزب الشيطان وفلاح حزب الله.
    كما ذكرت فان محمود محمد طه مفكر واعدامه جريمه.
    قد اتيحت لي فرصة قراءة كتاب لمحمود بعنوان الثورة الثقافية اتنقد محمود في هذا الكتاب الماركسية بفكر متقدم.
    ومن الماخذ علي الجمهوريين انهم كانوا من المويدين للخفاض الفرعوني وقد قاد محمود ثورة في هذا الموضوع برفاعة.
    كما ان الفكر الجمهوري ارتبط بشخص محمود واختفي باعدامه.
    ثم انهم (الجمهوريين)ايدوا نيمري الذي اعدمه فيما بعد.
    ميد جيمس هندسه كهربائية
    اعدام محمود جريمه نكراء لن يسكت عنها التاريخ.واعتقد بان اكثر تنظيم سيكون له راي واضح في فترة ما بعد السلام هم الجمهوريين(اذا قدر لهم الظهور)فسوف يسيطروا علي الساحة السياسية وذلك لقوة فكرهم الذي طرحوة.
    تهاني حسن
    محمود محمد طه شيوعي واعدامه حق وفكرة منحل.
    انتهي
    ومهما يكن من امر فان اعدام الاستاذ محمود محمد طه ودفنه في مكان غير معروف مسرحية وحشية،لاتمت الي الانسانية،او الادامية بسبب او نسب.

    ابراهيم الصديق ابراهيم
    جامعه الخرطوم
                  

10-05-2008, 05:31 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)



    وهذه رسالة من معد الإستبيان للدكتور ياسر الشريف يبين فيها آلية إجراء هذا البحث الخ الخ
    ======
    الأستاذ المحترم / ياسر الشريف
    تحية واحترام

    إن الآلية التي أجريت بها هذا الاستطلاع آلية عشوائية، وكل الذين أجريت معهم هذا الاستطلاع ليس لدي سابق معرفة بهم عدا زملائي في كلية القانون الذين تربطني بهم رابطة الزمالية.
    لكن هنالك شخصيات تعرفها الجامعية مثلاً:
    وائل طه، أبو بكر محمد أحمد، لام جون كوي،
    فهؤلاء كوادر لتنظيمهم وبالتالي معروفين للجميع.
    وكل ما فعلته أنه لدي دفتر قمت بإعطائه لكل فرد من أفراد العينة العشوائية لكي يكتب رأيه عن هذا الاستطلاع وكانت الأسئلة المطروحة كالآتي:
    ما هو رأيك في إعدام الأستاذ/ محمود محمد طه؟
    ما هو رأيك في الفكر الجمهوري؟
    فقد قمت بنقل ما أورده الطلاب في الدفتر بالنص دون تبديل كلمة محل كلمة أو تحريك.
    أرحب بأي اقتراحات إضافية لأسئلة الاستطلاع أو تعليق عليه.
                  

10-05-2008, 05:34 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    د. ناهد محمد الحسن
    نقلا عن أجراس الحرية
    ===
    وانا أجد هذا المقال فرصة للترحّم على روح المربّي الشهيد محمود محمد طه الذي أدّب تلامذته فأحسن تربيتهم..تعرّفت على الفكرة الجمهوريّة إبان دراستي الجامعيّة وزاملت بعض الإخوة الجمهوريين في الجامعة والحياة العامّة وقد ادهشتني تلك القدرة العالية لديهم في ضبط الحواس والتآلف النبيل مع النساء والذي تفيض حوله سكينة ما تنبؤك أنّك في كنف العفيف الأمين.. لدرجة أنّني بت أميّز الجمهوري دون سابق معرفة !وقد ذكرت هذا لأحد الزملاء ذات مرّة فعزى الأمر للازمة فى شكل الإخوة الجمهوريين ,إذ أنّهم يزيلون شاربهم, وقد أنكرت عليه هذا القول الشكلاني لأنني كنت واثقة أنّني اتعرف عليهم عادة ببصمة في السلوك تميزهم عن غيرهم ولا يمكن لأحد ان يخطئها. ورغم معرفتي بالكثيرين منهم إلا أنّنى لم أسألهم عن السبب وأجدها سانحة طيبة لإستدراجهم في هذا الباب للحديث عن منهج التربية الذي يتبعونه وقصّة الشارب الحليق ..وإن كنت أحسّ فيها رمزية عالية لإزالة القشور الذكوريّة السطحيّة عن جوهر إنسانهم ,حيث تصير القيم الأخلاقيّة شئ عميق تحصّله بمجاهدة النّفس, وليس الشكلانيّة الساذجة.وقد أزف الوقت لنعيد قراءة هذا النوع من قضايا الإستنارة التي أثبتت حضورها وجدارتها بتؤدة وتأني لا تصرعنا فيه الأنانيّة الدنيوية والمزايدات السياسيّة, فدون فخر قدّم السودان عصارة المجدّدين الإسلاميين في هذا العصر الذين رفدوا السّاحة الفكريّة بالجديد من الأفكار الثمينة وغير المسبوقة
                  

10-05-2008, 05:37 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    حبابو عماد ... يا محمد عبد الرحمن العافيه اول ما قريت البوست ده فى الصباح قلته اطالبك بسحب كلمه جميل . لانه الحقيقه ما شفنا ولا سمعنا بجمهورى ما جميل تقول بنجروهم من الصندل . وقبلهم وحدهم ما بشبهوا الناس الثانيين لا بعرفوا مهاترات ولا لؤم ولا جشع ولا خباثه او مكر او حقد وقد يكون هذا سبب حسدنا لهم . والله يعلمنا منهم...ز
    التحيه ...
    شوقى بدرى



    (جمهوري ) جميل ..افتحوا له الابواب كيفما يشاء ..ورحبوا به
                  

10-05-2008, 05:47 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    وجهان في الذاكرة

    محمد الحسن محمد عثمان/قاضى سابق
    [email protected]

    رغم مرور الكثير من السنين لرؤيتى لهذين الوجهين فمازالت ذكراهما عالقه بالذاكره وتتراى امامى كل تقاطيع هذين الوجهين بالرغم من اننى لم اشاهد هذين الوجهين الا فى خضم الاحداث التى سارويها

    الوجه الاول :- الاستاذ محمود محمد طه

    كان اليوم 18/1/ 1985 والمكان سجن كوبر وميز هذا الوجه ابتسامه فى موقف ليس هو موقف للابتسام انما موقف خوف ووجل وفى مواجهة الموت

    كانت ساحة الاعدام فى ذلك اليوم ممتلئه بالبشر جاءوا ليشاهدوا اعدام الاستاذ بعد ان ادانته محاكم الطوارى بالرده وحكمت عليه بالاعدام

    بجوار المنصه وعلى الجهه الجنوبيه منها يجلس مولانا فؤاد الامين رئيس القضاء وحوله قضاة الطوارىء وبعض القضاة الآخرين ومولانا النيل والاستاذ عوض الجيد وبعض كبار ضباط الشرطه والسجون وكنت ومعى مولانا عادل عبد المحمود اقربهم للمنصه . فى الجانب الشرقى من الساحة يجلس على الارض مجموعه من الجمهور خلف المنصه يقف الجمهوريين المحكوم عليهم بالاعدام اتى بهم ليشاهدوا منظر اعدام استاذهم ..امامهم مباشره يقف رجل ضخم الجثه طويل القامه يحمل شنطه فى يده شاهدته ايام المحاكمات

    اطل من الباب الداخلى بين السجن والساحه الاستاذ محمود محمد طه تحيط به ثله من الجنود المدججين بالسلاح ..كان الاستاذ يسير بهدوء مقيد الارجل مغطى الراس بغطاء احمر (يغطى به دائماالمحكومون بالاعدام لحظة التنفيذ)عندما وصل سلم المنصه حاول الجنديان ان يرفعاه الى المنصه ولكن الرجل السبعينى المقيد الارجل اشعرهما انه سيعتمد على نفسه وفعلا اصبح يتحسس الدرجات وهو يصعدها واحده وراء الاخرى وهو مغطى العينين وعندما اصبح فوق المنصه تم توجيهه ليقف امام رئيس القضاء ورفاقه وعندما اصبح فى مواجهتهم تما ما ازيح عن وجهه غطاء الراس ونظرالاستاذ بتركيز لرئيس القضاء وصحبه وكان هادىء القسمات لايبدو عليه اى انزعاج او هلع تبدو عليه السكينه وكانه ايقظ من نوم عميق مريح للتو .....وابتسم الاستاذ ...وتزحزح مولانا فؤاد فى كرسيه ورجع للخلف ...امسك النيل بمسبحته ووضعها على صدره فى وضع الاحتماء بها ...الاستاذ عوض الجيد اصبح يكتب باصبعه وعلى قلبه حرف (ن) ويكرر كتابة الحرف وبسرعه ...والمكاشفى يضحك فى عصبيه حتى برزت اسنانه الذهبيه

    وابتسامة الاستاذ مستمره

    هادئا كان اوان الموت

    وعاديا تماما

    وتماما كالذى يمشى

    بخطو مطمئن كى يناما

    وكشمس عبرتها لحظة كف غمامه

    لوح بابتسامه

    قال مع السلام

    ثم ارتمى وتسامى

    وتسامى ....وتسامى

    وضع الغطا على وجه الاستاذ ...طلب المكاشفى القاء كلمه امسك بالميكرفون وبدا الاشاره للاستاذ هذا المرتد ....و.......والاستاذ السبعينى يقف منتصب القامه شامخ الراس وبجانبه حبل المشنقه حتى انتهى المكاشفى من هجاءه

    وضع الجندى الحبل حول رقبة الاستاذ واعدم

    صاح الرجل الضخم الذى يقف خلف المنصه بصوت عالى ..سقط هبل ......سقط هبل ...ردد معه بعض الغوغاء الهتاف

    لقد كان المسرح معدا حتى بالكمبارس

    وكما قال صلاح عبد الصبور فى ماساة الحلاج

    صفونا ...صفا.....صفا

    الاجهر صوتا الاول

    والاطول وضعوه فى الصف الاول

    ذو الصوت الخافت والمتوانى

    وضعوه فى الصف الثانى

    اعطوا كل منا دينارا من ذهب قانى

    براقا لم تمسسه كف

    قالوا صيحوا زنديق كافر

    صحنا زنديق كافر

    قالو صيحوا فاليقتل انا نحمل دمه فى رقبتنا

    صحنا ليقتل انا نحمل دمه فى رقبتنا

    خرجنا من الباب الخلفى للساحه يتقدمنا رئيس القضاء مارين بداخل السجن وبالزنزانات الشرقيه حيث المعتقلين السياسيين وسمعنا صوت ازير الطائره الهيلوكبتر التى حملت جثمان الاستاذ لجهة مجهوله وغطى على الازير صوت المعتقلين ...محمود شهيد لعهد جديد .....مليون شهيد لعهد جديد

    لن ترتاح ياسفاح

    ومن يومها لم يرتاح السفاح

    الوجه الثانى :- لرجل لااعرف حتى اسمه

    بعد غزوة القوى الوطنيه للخرطوم عام 76 سن نميرى قانونا للامن يتيح لرجال امنه القبض على كل مشتبه واعتقاله بدون رقابه قضائيه وقد ابتدع الامن نظام الكشات التى كانت تتجول فى الاسواق والاماكن العامه للقبض على الذين تشبه سحناتهم الذين قاموا بالغزوه وهذا خوفا من تكرارها وحتى لايلدغوا من جحرهم مره اخرى

    كنت مساعدا قضائيا فى ذلك الحين فى اوآخر السبعينات بمحكمة امدرمان شمال .......فى احدى الايام حضرت مبكرا وكالعاده كان الحوش الغربى لعنابر الشرطه يكتظ بمجموعات من معتقلى الكشه ...كان حوش العنابر قصيرا مما يتاح معه رؤية من يحيطون بالحوش من اهل المكشوشين الذين جاءوا باحثين عن اقرباؤهم .....تفرست فى وجه المكشوشين الكالحه ...كان يبدوا عليهم الارهاق والبؤس ..البعض منهم يتبادل الحديث المتقطع مع من هم خارج الحوش وكان دائما مايقطع تواصل الحديث صوت امنجى يزجرهم ويمنعهم المواصله

    لفت نظرى من بين هؤلاء البؤساء رجل قد تجاوز الخمسين من العمر ذو لحيه يغلب عليها البياض .....كان الرجل ينتحب بصوت مسموع وكانت دموعه تتناثر على لحيته حتى بللتها .. ..وقلت لنفسى لااظن ان رجل بكل هذه السنوات من عمره وما مر به من تجارب يمكن ان يبكيه اعتقال ...وخطوت نحوه ...وبادرته بالسؤال مالك ياعمى الشيخ فرد على :-

    امبارح بالليل بنيتى الصغيره كانت عيانه فحملتها امها وجينا فى ليلا وخرى لمستشفى امدرمان والدكتور كتب ليها علاج ماكان فى عند صيدلية المستشفى وشلت الروشته وقلت لامها امشى ارجينى جنب موقف امبده وانا دخلت السوق لاصرف الدواء من الاجزخانه جوا ناس الكشه ديل قبضونى قدر ماكلمتهم رفضوا يخلونى وجابونى هنا قضيت الليل وفى الصباح اهلى جوا كلمونى قالوا لى زوجتى امبارح رجتنى ورجتنى فى الموقف لامن البنيه ماتت فى ايديها !!! وواصل الرجل نحيبه مبتعدا عنى

    from sudanile
    9/9/08
                  

10-05-2008, 07:46 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    الباقر العفيف: مشروع طموح للإصلاح
    صلاح شعيب

    إذا تفهمت ما يرمي إليه الدكتور الباقر العفيف من نقد لمسار تأثير الثقافة العربية على السودان فإن زبدة هذا التفهم هي محاولة إصلاحه لأسباب الخلل التاريخي الذي رافقت بيئة العروبة والاسلام في تاريخ وجغرافيا القطر من قبل النخب السياسية.. وإجمالا لاتعد مساهمات العفيف الجريئة إلا شكلا من أشكال «التمايز المنهجي» الذي ندر وسط المثقفين السودانيين منذ الاستقلال على الاقل، إذ أن فترة العشرينات والثلاثينات شهدت جدلا واسعا حول كيفية موضعة الثقافة العربية في الكفاح من أجل تحرير السودان من ربقة المستعمر، ولعل خمود جدل السودانوية ـ العروبة في نقاش المثقفين كان بسبب انتصار النخبة العروبية.
    وبجانب تميز المنهج الذي شذ فيه العفيف عن اقرانه من مثقفي الوسط النيلي فإن العفيف تميز ببعد عقلاني في دراسة عمل التاريخ السياسي في الجغرافيا السودانية، والاجمل من ذلك انطلاق العفيف من زاوية «إسلامومعرفية» يقوم عمودها الفقري على الفكر الجمهوري، والذي هو إصلاحي في المقام الاول ولا ينبني على منهج تهديم أو قتل المؤلف كما تابعنا ذلك من خلال دراسات يسارية/اصلاحية للتجربة السودانية.. فالفكر الجمهوري الذي يؤمن العفيف بإهميته أثناء درسه يجعل من الاصلاح أسبقية روحية لازمة أكثر من كونه مجرد ارشادات سياسية تتعلق بالتنظير لحكم ديمقراطي شفاف أو تراضٍ وطني يقوم على رؤية فوقية تتجاوز معالجة أصل الداء المتخفي وراء تلابيب الغباش السياسي.
    ما يقوله العفيف بشأن المثالب المتولدة من فكرة نفي المكون الافريقي يتقاطع مع رؤي لمثقفين أمثال فرانسيس دينق وأحمد الطيب زين العابدين والواثق كمير وعبدالله بولا وعبد الله على ابراهيم «القديم» وكمال الجزولي، غير أن العفيف يذهب في المباشرة أبعد من هؤلاء ليؤكد أن المكون العرقي للوسط النيلي لعب دورا بارزا في سلب الجهات الأخرى حقوقها الوظائفية والثقافية، مشيرا أن ملابسات الانتماء القسري للعروبة العرقية والثقافية شوهت حقيقة الشخصية الشمالية وجعلتها ملتبسة وناكرة لذاتها الافريقية.
    في تصوري الخاص أن الاعتراف بالجين الافريقي الظاهر في ملامح الانسان الشمالي، والذي يطالب به العفيف، ينبغي ألا يحرض الآخرين على غمط حق مجموعات ذات أصول عربية من جهة الجد لصالح أهداف افريقية مغبونة. فالاثر العربي ليس محصورا فقط في قبائل الوسط النيلي ولعل التمايز اللغوي/ اللساني ـ ومع وجود ملامح عربية مهجنة للانسان القاطن في البوادي والحضر ـ مما لا شك فيه، ولكن يبقى فقط الاختلاف حول نسبة كمية هذا الجين العربي واختلاطه في عملية التزاوج التي تجاوزت السبعة قرون، على الاقل .
    صحيح إنه يصعب التأكد من «شجيرات الانساب» أو حقيقة السلالات التي غربت وشرقت وتوسطت واستنت مسارات نحو الجنوب والشمال، وصحيح ايضا أن كثيرا من «الانتسابات» للدوحة النبوية التي يخرج بها الباحثون بين الفينة والاخرى عن الرموز السياسية توظف لمآرب لا علاقة لها بعلم الجينات أو البيلوجيا. ولكن في زمن الجينوم البشري والذي أفرز بعض نتائج علمية وعملية ـ لا مندوحة من الاعتراف بها ـ يكون من السهل معرفة ما إذا كان الفرد مثلي ينتمي إلى قبائل الماساي في كينيا أو الفولاني أو عرب حمير، أو أنني ألم كل هذه الخصاص العرقية في كيمياء الدم الذي يجري الآن في شراييني.
    وإذا ما دقق المرء في ملامح وجه الباقر العفيف/الانسان نفسه، فإن الانطباع الذي يخرج به هو أنه أقرب إلى الاثيوبيين والتشاديين والارتريين أو بعض الزنزباريين ولكن حين نتجاوز الشكل إلى مضمون الجين الخاضع للفحص المعملي عن طريق علم « DNA « فلا بد أن العفيف عربي الجد إذا صحت مزاعم اسلافه الذين كيفوا أنفسهم كعرب وفقا لما ورثوه من شجرة نسب حقيقية أو «منجورة»، وربما يحدث العكس ، ومن ثم يفاجأ الدكتور العفيف أن الفحص أكد غالبية الأثر العرقي الزاندي أو الفوراوي أو الفونجي أو النوبي في جيناته، ومالنا لا نقول أن هذا الفحص قد يرد الجين العفيفي إلى الامهرا أو التقراي أو الارومو..أو العفر..وهكذا..وهكذا..
    إذن فمسألة خريطة الجينوم البشري التي فكت شفرات الجينات الانسانية وفرت لنا زمنا كنا نقضيه في المغالطة حول أصول السلالات السودانية وغير السودانية وأصبحت دراسات علم الاجتماع عن انساب القبائل التي تستند على الاقوال الشفاهية لا جدوى منها في ظل هذا الاجراء المعملي الذي يعطيك في ظرف ساعة واحدة نتيجة المكون العرقي في مجموع قبيلتك وتفرغ دم افرادها وسط القبائل والقوميات الاخرى.. بمعنى أن فحص جين أفراد القبيلة الذين ينتمون إلى «جعل» أو شائق» أو أحمد سفيان المعقور أو «العباس» سوف لن يتطابق مع الجد المؤسس الذي عاش قبل سبعمائة عام وتحدر احفاده الآن من الزيجات المتعددة. ولأن عملية الخلق ـ التي لم تفك الكثير من اسرارها علميا ـ تتم عبر عملية معقدة، فإن فحوصات الـ»DNA» أفرزت نتائج مدهشة، حيث يختلف مكون الجين بين أخوين يتشاركان في الام والاب. وبدا في هذه النتائج التي تجريها مراكز الابحاث المعنية في الولايات المتحدة أن أصل الرموز الموسيقية والرياضية والسياسية للاقلية السوداء يتوزعون بين جدود نشأ بعضهم في أوربا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا.
    ولا محالة أن العلم في هذا العصر سيقلب الحقائق لصالح مزاعم العفيف ـ كما يراها البعض ـ عن أصول القبائل في السودان الشمالي، فهناك تفرعات جديدة لعلم الجينوم البشري وتطورات مثيرة في أصول السلاسات الانسانية وربما تنسف مناهجها ومعطياتها النهائية الزعم القديم عن شجرات الانساب وستصفر أوراقها بما لا نتوقعه أو نقبله عاطفيا، ليس للسودانيين فحسب وإنما كل العالم.
    والحقيقة أن الجدل الذي يثيره الدكتور العفيف حول المكون العرقي لقبائل شمال السودان يتماثل مع جدالات قديمة ومستمرة في كل بلدان الكوكب حول أصول قومياتها، ولا محالة أيضا أن انعكاس هذا الجدل لهو عظيم في الوقائع السياسية والاجتماعية والاقتصادية وهو مشابه لما حدث في وقائعنا المجتمعية منذ أن دانت السيطرة فيها للنخبة التي تتحدر من الوسط النيلي كما ينبئنا العفيف.
    ولقد كتبت من قبل وقلت إن العرق أو الجين لم يكن محايدا في ملابسات الصراع الايدلوجي وغير الايدلوجي في السودان وفي أحيان كثيرة حسمت قوة الجين قوة الايدلوجيا كما نلاحظ الآن في الراهن السياسي، حيث ضعف الرهان على الادلوجة وتعاظمت رهانات جديدة على المكون العرقي، بوصفه المنقذ الوحيد.
    وتجدني أتفق مع الدكتور الباقر حول التلاعب بالجين في معمعة التوظيف الرسمي منذ الاستقلال، فما هؤلاء الذين يمثلون القبائل أو القوميات خارج منظومة الوسط النيلي إلا «تروس وفية» في ماكينة الدولة المركزية، فالوظائف التي ظل يشغلها أبناء الجنوب والغرب والشرق ـ إن وجدوا ـ حتى بعد نيفاشا وأبوجا واتفاقية الشرق تمثل هبات أو عطيات مزين أو إضافة لون للوحة التي ترسمها نخبة الوسط النيلي وتتحمل وحدها مسؤولية عرضها في جدران المسارح السياسية..بحجة أنها وطنية أو قومية أو أكثر تعددا..وما إلى ذلك من تخريجات تبذلها الموصلات الاعلامية الموجهة!!
    ما أختلف فيه مع الدكتور العفيف هو أن الثقافة العربية ، لم تنشأ في الوسط النيلي فقط وليست هي ملكا وحيدا له، فهي بالاساس مكون سيوسيولجي جعلته الاقدار المعقدة ليكون بارزا على سطح العمل السياسي والثقافي في أجزاء من القطر. كما أن سطوة الثقافة العربية لم تكن قاصرة على القوميات السودانية ، وبنظرة إلى دويلات خارج منظومة الجامعة العربية نجد دولا مثل تشاد والصومال وزنزبار تأثرت بالمد التاريخي الاسلامي وهو على كل حال يحمل طمي اللغة العربية وثقافة العرب بشكل ما. ومن الجائز جدا أن تؤثر هذه الثقافة في النسيج الاجتماعي داخل هذه الدول نتيجة لإنهزام تيار الثقافات المحلية أمام الجديد الوافد.
    كما أن دولا مثل مصر والعراق ولبنان والعراق والمغرب وموريتانيا تقريبا «تأثرت» بالثقافة العربية وبيئتها في إطار خصوصيتها العرقية والاقوامية والآن تشهد هذه الدول مراجعات فكرية حول سلبية هذا التأثير على أوضاعها المجتمعية. ومن السهل أن نقرأ أبحاثا ودعوات لفرعونية أو نوبية مصر أو عن الثقافة البربرية أو الكردية أو نداءات لإعادة كتابة اللغات القديمة في المنطقة العربية..أو مطالبات بإعادة النظر في تركيب الدولة من ناحية الثقل الاقوامي..إذن فإن مساهمات الباقر العفيف تندرج في إطار المساهمات العربية لإصلاح ثقافة مراكزها بالشكل الذي يحافظ على إيجابياتها وينقيها من سطوة العرق المهيمن الذي همش اعراقا أخرى علي المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية وجعل منتجاتها الثقافية فلكلورية الطابع..بالضبط كما تفعل المراكز الاوربية مع الهوامش العالمية، حيث تحتفي بفنونها بإعتبارها «محافظة» أو «تقليدية» دون أن تعطيها الحق لتقف ندا للغناء الاوربي أو الامريكي مثلا، والغريب أن نقادا للغرب الحضاري يعتبرون أدبهم أكثر حداثية بينما ينظرون للثيمات الروائية للطيب صالح بأنها فلكلورية الملمح.
    ما تفيدنا به دراسات وفرضيات ومقولات الدكتور العفيف في جوانبها ذات الصلة بعلوم ثقافية وبيلوجية ولاهوتية هو ما يساعد في تثبيت وحدة السودان ولا أرى في مشروعه الفكري لنقد الظواهر المجتمعية السودانية الداخلية في علاقاتها بالخارج سوى بحث دؤوب للاصلاح الذي يستند هو نفسه على جذور إصلاح ديني بذله الاستاذ محمود محمد طه على مستوى القراءة المخالفة للسلفية الدينية. ولكن ما يعطي العفيف الريادة في سعيه الفكري هو توظيفه للمعارف الشاملة لتشريح طبيعة الدولة المركزية وكذلك نقد نخبها الذين حاولوا ـ كما نظراؤهم في الدول العربية ـ تصبيغ ثقافة القطر بصبغة أحادية نافية للآخر، وأيضا تقصير الوظيفة الرسمية على من يمارسون الاعتراف بالثقافة العربية في نسختها المركزية مهما يكن شططها وعجزها عن تنمية الحقول الاجتماعية.
    ما أضر بسياستنا إلا إستنادها على منهجية عرقية صارمة لمسايسة شؤون الافراد في التخوم أو الهوامش، ومع ذلك لا يقبل المؤسسون لهذه المنهجية دعوات الاصلاح السلمية وفي الوقت ذاته لا يتقبلون رد فعل الحتمي المتمثل في ما يسمي بـ«التمرد العسكري» أو الاستعانة بالاجنبي..!! والسؤال هو ما جدوى التعدد في النظر الفكري والسياسي إذا لم يتم قبول نتائجه المخالفة لشروط المركز العربية ـ الاسلامية..؟ . ولكل هذا نثمن مشروع الباقر العفيف الفكري والتنويري، كونه ينقي اعراقنا وثقافاتها من النظرة الاقصائية ويأنسنها حتى تقبل شروط التقدم والوحدة والسلام والأمن، والامل أن تجد أفكار العفيف التقييم الموضوعي من قبل رموز الثقافة العربية والإسلامية والذين يشكلون اليوم دعامة القطر ولا يريدون النظر أبعد من أرنبة الأنف..والأمل الآخر أن يجد الباقر موقعه الطليعي وسط الإصلاحيين السودانيين، والذين هم قلة قليلة جدا..ومن شابه أستاذه فما ظلم..!!

    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=52337
                  

10-05-2008, 08:02 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    حوار مع الأستاذ/ إبراهيم الصلحي (1 ــ2)
    في فترة السجن ترسخت في داخلي مفاهيم روحية واهتم بالجانب التقني في ايجاد عناصر الصورة


    أجراه: الصافي قرشي المقدم?
    في تعليق للأستاذ الفنان حسن موسى عن الفنان التشكيلي العالمي إبراهيم الصلحي قال: (ممارسة الرسم عند الصلحي لا تقتصر على البعد الجمالي العملي وحده بل تتعداها نحو السعي الفكري لتأسيس إشكالية فلسفية حول دور الفنان في مجتمعه. فالناظر إلى أعمال الصلحي القديمة والحديثة يلمس بسهولة أن الرجل لم ينقطع أبداً عن تعلّم التقنيات والأساليب الجديدة واستكشاف الرؤى الإبداعية المخالفة لكل ما عهد عنه في أوقات سابقة. وأهمية الصلحي في مشهد التشكيل السوداني المعاصر إنما تأتّى من طريقة الرجل الرائدة في مقاربة الممارسة الفنية بانتباه نوعي لبعدها الاجتماعي. وهذا أمر لم ينتبه له جيل الرسامين السودانيين الذين سبقوا الصلحي، بل لم ينتبه له نفر كثير من جيل الصلحي نفسه). ولد إبراهيم الصلحي بمدينة أم درمان في الخامس من سبتمبر عام 1930م. وفي أم درمان تلقى تعليمه العام والثانوي إلى أن التحق بمدرسة التصميم في كلية غردون التذكارية، 1948. قضى الصلحي في مدرسة التصميم ثلاث سنوات يدرس الرسم والتلوين ودرّس بها قبل أن يبعث لبريطانيا لمواصلة دراسته في مدرسة سليد للفنون بجامعة لندن في النصف الثاني من الخمسينيات. وبعد أن قضى النصف الأول من الستينيات يدرِّس الرسم والتلوين لطلاب كلية الفنون الجميلة والتطبيقية بالخرطوم، سافر صلحي لنيويورك لدراسة التصوير الفوتوغرافي لمدة عام في جامعة كولومبيا. هذا الحوار قصدنا منه سياحة قصيرة في حياة الأستاذ الصلحي كان اللقاء معه كنسمة أو كطيف رغم ثلاث ساعات من الحديث المتواصل ولكنك تجد نفسك لا تزال تبحث عن المزيد من ذلك الرجل الموسوعة أضف إلى ذلك بشاشته وبساطته وتواضعه الصوفي وأريحيته بجانب تلك الإبتسامة المضيافة التي لا تفارق شفتيه فإلى الحوار. ? المراحل الأساسية في أعمالك التشكيلية وفي مسار تفكيرك في خلال حياتك الفنية؟ تبدأ المرحلة بالدراسة والملاحظة بدءاً من مرحلة الخلوة التي بدأت فيها التعلم خطاً، رسماً وزخرفةً علماً بأني بدأت الدراسة في الخلوة وعمري سنتان، ثم جاءت مرحلة الدراسة في نظام التعليم الأساسي وهذه المرحلة مع إنعدام التوجيه والتربية الفنية لم أجد الفرصة للتعبير والتركيز إلا في المرحلة الثانوية حيث وجدت رعاية خاصة من قبل أساتذتي (معلمي التربية الفنية) جزاهم الله عني خير الجزاء وهم: الأستاذ/ الخير هاشم، الأستاذ/ تلودي والمستر/ ديفيز (من مقاطعة ويلز ببريطانيا). تلت هذه المرحلة فترة إلتحاقي بمدرسة التصميم بكلية غردون التذكارية وتلك الرعاية الخاصة التي وجدتها أيضاً من قبل أساتذتي أمثال: المستر/ قرين لو، الأستاذ الفنان/ شفيق فوزي والخطاط المبدع الأستاذ/ عثمان عبد الله وقيع الله مِنْ مَنْ كان لهم عظيم الأثر في توجيهي وتركيزي في مجال صنع الصورة رصداً، تقنيةً وتعبيراً، ثم جاءت مرحلة دراستي بالخارج على أثر إلتحاقي بمدرسة الإسليد(Slade) بجامعة لندن والتي اشتملت على دراسة تاريخ الفنون وعلم المنظور ومشاهدة نماذج حيّة من الفن الأوربي تتلمذت عليه لعدة سنوات وتمكنت من خلالها استخلاص ما يعينني على التعبير من خلال الصورة. عدت بعدها إلى السودان محاولاً عرض أعمالي على الجمهور السوداني بالخرطوم لتواجهني صدمة أثرت كثيراً على مجرى حياتي كرسام إضطررت معها لإكتشاف ما صعب على فهمه بحسب عزوف الجمهور عن تذوق ما اكتسبته في الخارج.. وبالبحث أدركت قيمة ما كنت أقرأه منذ صغري من حولي ولم أدرك قيمته الجمالية التي وجدتها في الخط العربي ونماذجه التي وجدت مكاناً لها في البيت السوداني من آيات قرآنية وأشعار وحكم وأمثال تمثل لدى المشاهد السوداني قيماً تصويرية، فعكفت على الإستفادة من الخط العربي بالإضافة إلى الزخرف الأفريقي الذي وجدته ممثلاً في كافة المنقولات البيتية والأثاثات وعموم الحرف والصناعات الشعبية وهنا بدأت مرحلة ما أطلق عليه لاحقاً في أوائل الستينيات اسم مدرسة الخرطوم والتي رغم عدم إصدار بيان بها كانت تسعى إلى تكوين أبجدية تصويرية تمثل لوناً جديداً في تكوين الصورة. جاء بعدها الإنتاج مع تبسيط عناصر الصورة شكلاً ولوناً. ثم جاءت فترة عقب أحداثٍ مررت بها (إستضافة الدولة لي بسجن كوبر من 8 سبتمبر1975م إلى 16 مارس 1976م) عقب هذه الفترة إتجهت إلى التركيز على اللون الأسود والأبيض في معالجة الصورة بحثاً عن درجة رمادية واستمرت هذه المرحلة منذ أواخر السبعينيات وحتى منتصف التسعينيات بعد التوصل إلى غرضي لدرجة لونية رمادية مع الإبقاء على كثافة الأسود ونقاء اللون الأبيض دون مزج بالإضافة إلى تكثيف العامل الدرامي في صنع الصورة وجاءت من خلال هذه الناحية عدة موضوعات أنجزت بها أعمالاً كثيرة يتم تركيبها بتكوينات مفصلة كانت في نظري على غرار نمو عضوي للصورة إذ كان هناك مركز يتفرع منه أجزاء أخرى تكوّن الصورة وهذه كانت بالنسبة لي تمثل علاقة الجزء بالكل كما تمثل علاقة الفرد بالمجتمع. (مداخلة) هذه الفترة ذات رحلة البحث عن درجة اللون الرمادي هل كانت فقط نتيجة للتجربة النفسية داخل السجن أم أن هنالك أسباباً أخرى داخلية (ذاتية) وخارجية مرتبطة بالطبيعة والبيئة اللونية السودانية مثلاً إذ لاحظنا أن هناك كثيراً من الأعمال كان يغلب عليها كما ذكرت درجات اللونين الأسود والأبيض، إضافةً إلى درجات اللون البني؟ واضعين في الإعتبار النزعة الصوفية الواضحة في كثير من الأعمال؟ * في تلك الفترة وداخل السجن أتيح لي أن أنفرد بذاتي كثيراً وكانت فترة صاحبتها الكثير من التأملات في ما يتعلق بالنفس وأمور الكون وتصريفه ففي أثناء وجودي بكوبر ظهرت لي أشياء بجلاء في حياتي وبالفعل كانت فترة ترسخت فيها مفاهيم روحية عميقة كان لها التأثير الكبير في تفكيري ونهجي في الحياة إضافة إلى أن ما يتعلق بدرجات الأبيض والأسود ودرجات اللون البني له علاقة تقنية بالبحث والتجريب زائداً ما ذكرته أنت عن الطبيعة والبيئة اللونية إذ أن بلادنا تتميز بوجود الشمس الساطعة والمعروف أن الضوء القوي الساطع كشمسنا يسطح الأشياء ولا يعطيك (الفورم) الحقيقي للأشكال المجسدة حيث ترى فقط الألوان القاتمة كل هذه الأسباب إضافة إلى أن في تقديري الخاص أن كثافة الألوان أو قوس قزحية الألوان لا تعطيك المعنى والعمق الحقيقي للأشياء وكل هذه الأسباب مجتمعة دفعتني لإختزال الألوان في تلك الفترة إلى البحث والتجريب وإكتشاف تلك الدرجات اللونية كما ذكرت. ثم جاءت بعد ذلك فترة حاولت فيها التفرغ للإنتاج الفني جاءتني فيها فكرة النمو على غرار شجرة تمثل الإنسان وقد أخذت بفكرة أو بقصة شجرة الحراز التي حاربت المطر والتي كانت بالنسبة لي بمثابة تفرد الفرد وتميزه على غيره وعدم تابعيته واعتداده بنفسه وذاته. هذه المرحلة بدأت في البداية برسم الشجرة بأسلوب هندسي ثم تطورت بمرور الزمن إلى رسم مجرد أضعه بالمسطرة في خطوط مستقيمة (لا عوج فيها) وملء الفراغ بسنة دقيقة حادة الدقة أوجد بها الدرجة الرمادية في الصورة حيث استعملت فيها ألوان الحبر على ورق مقوى ووجدت في هذه الألوان رونقاً لم أجده في ألوان الزيت ولفترة عدت مرّة أخرى إلى استخدام ألوان الزيت على القماش (كما أفعل الآن والحمد لله). (مداخلة) هل كانت مرحلة اللإتجاه إلى الخطوط (Lines) لإيجاد درجات اللون الرمادي لها دلالة أو علاقة نفسية بالمرحلة السابقة لها أيضا (سجن كوبر)؟ ثم طالما أنك وجدت في تلك التجربة ذلك الرونق الخاص لماذا الرجوع مرة أخرى لألوان الزيت؟ هل كان لذلك دوافع تتعلق بالإنتاج والمهنية؟ * لا.. أنا في العادة لا أركز على الجانب النفسي فقط ولكن أركز أيضاً وأهتم بالجانب التقني على إيجاد عناصر الصورة إن كانت من ناحية خطية أو غيرها.. الرسم بالخطوط والخطوط العربية، النظر إلى تكوين الصورة نفسها، فالعمل يبدأ من نقطة ثم إلى خط موصل بين نقطتين والشكل المفتوح والشكل المغلق إضافة إلى عنصر التجريد من أشكال المرئيات إلى رمز مجرّد يحمل في طياته لفظاً تتكون من الأحرف والكلمات والجمل وبالتالي الصورة الخطية، هناك أيضاً تبسيط الكتلة بالشكل والخط الخارجي الذي يحتوي تعرجاتها وأشكالها المختلفة (شيء بين الحاجتين) ويكون الخط له فاعلية كبيرة في إعطاء الفكرة التي تمثل الحجم والكتلة. ? أيهما كان له التأثير الأكبر على الآخر: أعمالك ورؤيتك الفنية على النزعة الصوفية بداخلك أم العكس؟ * التصوّف هو عملية متداخلة لها وجود متنوع في حياتي ولكن ومنذ (استضافة الدولة لي بسجن كوبر) صارت النزعة الصوفية متحكمة في عملي لأني أدركت إرادة الخالق في تدبير شؤون الخلق وترسّخت في نفسي هذه المسألة إضافة إلى ما ذكرت سابقاً فقد ظهرت لي أشياء بجلاء في حياتي من واقع الفرصة التي وجدتها بالإنفراد الكامل مع نفسي والتأمل في كل ما هو محيط ومن يومها استقمت، وهذه نعمة من الله أن تؤتى للفرد منا وهو لا زال حياً وفي العمر بقية، أيضاً سبق أن إلتحقت بجماعة تحت راية الفلسفة العملية في بريطانيا في عام 1985م والتي تعني بإجراء إمتداد في الحواس يدرك معه المرء ذاته بحيث تصير العين ترى ما لا تراه الأعين وتسمع الأذن ما لا تسمعه عادةً على وتيرة ما جاء في الحديث القدسي: (ما زال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت عينه التي يبصر بها وسمعه الذي يسمع به) وما إلى ذلك من بقية الحديث مع الحواس الأخرى. هذا بالإضافة إلى أنني والأسرة تشبعنا كثيراً ومنذ الصغر بأذكار الختمية وأشعار البراق وإقامة (الليليات) في أيام الخميس بمنزلنا بأم درمان حيث كان الوالد متصوفاً متشبعاً بذلك. كما أن نظرة الفنان للأشياء بطبيعته الخلاقة مختلفة عن غيره من الناس وهذا فيه كثير من التقارب أو ما يقود في معظم الأحيان بالفنان إلى نفس الطريق طريق التصوف ولا أنسى أنه كان للأستاذ محمود محمد طه ومنذ منتصف الخمسينيات كثير الأثر على نفسي. كل ذلك كان بالطبع له تأثير عظيم على حياتي وعلى أعمالي الفنية في مراحل كثيرة. ? المحتوى أو الرسالة التي تريد وتحرص على إيصالها من خلال أعمالك الفنية؟ * هي ببساطة مخاطبة الذات الأخرى، إذ أحاول دائماً أن يكون العمل منطلقاً فكرياً يحرّك وجدان الآخر لرؤية داخلية حتى يبدع المشاهد ويتجلى أمام نفسه. علماً بأني أؤمن بأن العمل الفني ما هو إلا مركبة تعيد نظر المشاهد إلى داخل نفسه حتى تتفاعل المرئيات التي أقدمها في أعمالي.. بمعنى آخر هي مجرّد تذكرة موجهة نحو الذات. (مداخلة) أين يوجد الأستاذ الصلحي كفنان ومفكر سوداني محلي داخل إطار الصلحي الفنان العالمي؟ * ما يقدمه الفنان من منطلقه المحلي هو تقديم مختصر يمثل قيمه وأفكاره إلى مجتمع الكل كإضافة جمالية يؤمن بجدواها وأثرها العميق في مجرى التفاعل الجمالي وإضافة مفهوم محلي إلى المائدة العالمية في الفنون الجميلة أو الفنون عامةً كإضافة يؤمن بها الفرد ويؤمن بقيمتها في إثراء حياة البشر. ? بعد التغيّرات العالمية على المستويات السياسية، الاقتصادية، الثقافية والاجتماعية وما يسمى بالعولمة التي فرضت قوانينها الأدبية والمادية وما يسمى بالقرية الكونية والعالم الذي أصبح قرية صغيرة... ما هي (في تقديرك) مكوّنات الخطاب الفني الجديد للفنان السوداني والذي يمكن أن يواكب كل هذه المتغيّرات؟ * في نظري أن الفنان في عصر العولمة أو ما قبلها عليه أن يخاطب ثلاث جهات في آن واحد.. بدءاً بمخاطبة ذاته.. مخاطبة النفس وإلا لم يكن هناك عمل يقال عليه.. ويضع الميزان شخصياً إن كان متأثراً بغيره أو نابعاً من ذاته، الجهة الثانية التي يخاطبها الفنان هي الآخرين من حوله وهم أهله وذووه ومواطنوه ومن هم في دائرة وجوده الثقافية، والجهة الثالثة الأخيرة هي مخاطبة الكل حيثما وجد الإنسان. هذه المخاطبات الثلاثة إن كانت في عصر ما قبل العولمة بمكتشفاتها الحديثة أو في عصر العولمة ذاتها بما هو مفروض على الفرد أينما كان بحسب وسائل الإتصال الحديثة وبأنواعها المختلفة بهذا فإني لا أرى غضاضة أو شيئاً جديداً في ما يتعلّق بعمليات الأخذ والعطاء والتأثير والتأثر والمهم في الأمر ورغم التغيرات التي حدثت في دائرة المعارف الإنسانية فما زال الوضع من وجهة نظري كما كان وأن على المبدع أن يقدّم إضافة جديدة في مجال عمله إزاء المائدة التشكيلية العالمية والأساس في ذلك أهمية البحث عن الذات (الهوية) ثم الإيمان، ومن ثم محاولة التأثير على الآخرين حتى لا يكون الفرد إمعةً ومسخاً مشوهاً يأخذ مما يقدّمه غيره بدون حساب لما هو مفيد له يظن معه أنه خاضع لثقافةٍ يظن أهلها أنها الكبرى، فعملية التأثر والتأثير كمقارنة بين المحلية والعالمية هي عملية مقلوبة لها وجهان، فمن ناحيتنا نعتقد أن ما يخصنا من ثقافة وفنون هو شيء محلي وهو جزء من كل إزاء العالم من حولنا لذلك نخضع له ناسين أو غافلين عن أن ما بالعالم أيضاً من ثقافات وفنون هي أيضاً محلية إذا عكسنا منظورنا للأشياء فهم محليون أيضاً إزاء العالم من حولهم (ونحن جزء من هذا العالم) فلماذا نأخذ ونتأثر فقط ولا نؤثر نحن بما نمتلكه من مخزوننا الإبداعي والثقافي.. ولماذا لا يكون لنا تميزنا وتفردنا (كشجرة الحراز) أمام ما هو حولنا بل بالعكس تماماً ربما كان ما يقدم فيه الكثير مما يساعد ويعين على تطوير قدراتنا الذاتية والتزود بما هو مفيد وهذا كله يخضع في الأساس لفهمنا لأنفسنا (الذات والهوية) والإيمان بها. ? النقد والتنظير أو الدراسات النظرية (داخل السودان) كيف أثّرت في مسيرة الفن السوداني؟ * لا أعتقد أن بالسودان نقاداً مدركين لأبعاد الفن التشكيلي بحيث تكون من مهامهم إيصال المعنى والكلمة التشكيلية إلى الجمهور، هناك محاولات محدودة في الصحف وفي أجهزة الإعلام الأخرى لاستعراض الأعمال الفنية والحديث عنها بصورة مبسّطة هي في نظري بعيدة كل البعد عن النقد الفني التشكيلي، علماً بأن النقد لا بد أن يشتمل على عنصرين أساسيين أولهما السيرة الذاتية للمبدع وما مرّ به من تجارب وخبرات ثم القيام بتحليل تقني للأعمال المنتجة، وهذا ما لم أشاهده أو أتعرّف عليه فيما يكتب بالصحف من محاولات نقدية. كما أن تلك المحاولات كثيراً ما جاءت على منوال النقد الأدبي وليس التشكيلي. فإذا كانت هنالك متابعة ومراقبة ورصد للأعمال الفنية وتوثيق لها كان يمكن أن يكون هنالك بداية للنقد السليم المبني على أسس سليمة وذلك بناءً على الرصد الموجود. كنت أقول دائماً لبعض المحاولين في هذا المجال للإتجاه النقدي أن يهتموا أولاً بالتوثيق والرصد والمتابعة والمراقبة لكل الفنانين من واقع الإنتاج الفعلي الذي ينظر في أمره في ما بعد كخامة للنقد التشكيلي (إن وجد إلى ذلك سبيلا). (مداخلة) إتجاه التشكيليين والمنتجين (أو بعضهم) وميلهم للنقد هل يشكل هذا دفعاً لمسيرة الحركة التشكيلية في رأيك؟ واضعين في الحسبان أن كثيراً من المحاولات النقدية لم تخل من المؤثرات الخاضعة للعلاقات الشخصية (سلباً أو إيجاباً) بين الناقد والمنتج قدحاً أو مدحاً؟ * كثيراً ما يطلب من الفنان التشكيلي أن يكتب عن الحركات الفنية كناقد وهذا في اعتقادي تحميل للشخص المبدع فوق طاقته لأنه منتج في الأساس وهذا يعتبر تعطيلاً لطاقته وقدراته الإبداعية، فليترك الكتابة عن عمله وأعمال الآخرين لآخرين. حاولنا في منتصف الخمسينيات الإستعانة بمن يكتب في الصحف لتعريفهم بمكنونات العمل الفني من واقعه وأن نترك لهم مسألة الكتابة والتدرج فيما يكتب وأذكر بهذا الصدد شخصا يدعى (أحمد أيوب) كان مهتماً بالمعارض الفنية وله الرغبة في التعرف على المزيد الذي يعينه فيما يكتب ثم قطع صلته بالكتابة ولا أدري أين هو الآن. هناك آخرون بالطبع لهم صفحات أو أعمدة في الصحف يكتبون فيها بين حين وآخر كلمات عن المعارض والحركة التشكيلية السودانية (ولا أنسى ما يوصفه عدد من المبدعين أنفسهم من حين لآخر في الصحف). فالكتابة مهنة لها أسسها وقواعدها ناهيك عن النقد!! فمن النادر أن ينجح الفنان أو المنتج في هذين المجالين وهذا فيه ضرر كبير لنفسه كمنتج بتعطيل طاقته وبالتالي الإسهام (سلباً) في مسيرة الحركة التشكيلية. هناك من يدعي أن باستطاعته الكتابة ولكن ربما كان ذلك مجاملة أو العكس زماً وتقليلاً لقيمة العمل الفني دون إدراك حقيقي لقيمته أو حسب العلاقة الشخصية بينه وبين من يكتب عنه. ? ما هي ملاحظاتك عن الحركة التشكيلية السودانية الآن؟ * أرى الحركة في عدد من رموزها يانعة ومزدهرة في هذه الفترة التي ذرت فيها السودان بعد غياب عامين متتاليين فقد شاهدت عدداً من المعارض ذات قيمة فنية رفيعة المستوى شهدتها في صالات (غاليري الخرطوم، صالة بالعمارات شارع 61، دار الأمة بأم درمان، وصالة حجار) منهم (عتيبي، صلاح المر، عصام عبد الحفيظ، بالإضافة للفنان الكبير محمد أحمد شبرين، راشد دياب، أحمد عبد العال، بكري بلال وغيرهم)، وكل هذه الأعمال جيدة للغاية آمل أن تحظى بما تستحقه من قبول واهتمام. ? الآن، وحسب علمنا، هناك كتاب توثيقي عن حياتك الفنية هل هنالك أي مطبوعات أخرى خاصة أو عامة توثق لحياتك أو أعمالك الفنية؟ * صدرت عدة كتب وبها شذرات عن شخصي وعن بعض المراحل التي مررت بها، لكن الآن هناك مشروع توثيقي قامت به (جامعة كورنيل) بولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية منذ عام 2000م. تم من خلاله توثيق شامل وكامل لأعمالي كافة منذ الخمسينيات وإلى حينه وذلك إعداداً لمعرض استعادي سيقام بالولايات المتحدة في عام 2010م وسيصدر بذلك كتاب (كتلوج) شامل يصاحب المعرض ويسبقه في التوزيع على نطاق واسع وهنالك كتابان لسيرتي الذاتية أولهما باللغة الإنجليزية يشتمل على عدة مراحل مررت بها في تجربتي التشكيلية والآخر باللغة العربية أيضاً لسيرتي الذاتية ضمنتها كثيراً من التفاصيل بحياتي في السودان وخارجه تنوي جامعة (كورنيل) أيضاً نشرهما، هنالك كتاب آخر يحتوي على حوار متبادل بيني وبين الفنان (حسن موسى) بفرنسا جرى بيننا عبر ثلاثة عشر عاماً وهو باللغة العربية وتعد أيضاً جامعة كورنيل لنشره، هناك أيضاً كتيب يعد له (فتحي محمد عثمان) من واقع مقابلة أجراها معي في سنوات مضت، هناك كاتب سوري الأصل كتب عن الفن العربي المعاصر به أيضاً بعض اللمحات عن أعمالي، هذا بالإضافة إلى بعض الأوراق التي قدمت عن أعمالي تنشر بفرنسا وألمانيا، أيضاً هناك وفي مجال تاريخ الفن تقدم دراسات عن أعمالي في كليات عدد من الجامعات الأميركية. ? وأخيراً.. هل لديك أي إحصاء (بغرض التوثيق) لأعمالك الفنية حول العالم في المتاحف أو غيرها؟ * كنت في ما مضى أحتفظ بسجل دقيق لأماكن المقتنيات من أعمالي ولكن ضاع سجلي واحترق للأسف الشديد ولكني أتذكر كما يسعى (البروفيسور/ صلاح حسن الجري) للعثور والإتصال بالجهات كافة التي بها أعمال لي. هناك عدد من أعمالي بمتحف (الفن الحديث) بنيويورك، وبمتحف (المتروبوليتان) بنيويورك، متحف (الفن الأفريقي)، معهد (الإسميث سونيان) بالولايات المتحدة، وبالصالة الوطنية ببرلين وبمتحفين بأستراليا إضافة إلى عدد من جهات الإقتناء الخاص بعدد من الدول الأوربية والأميركية وأفراد (لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة بالسودان)ولا أكثر. حاشية: الأستاذ الصلحي يعتبر رمزاً قومياً نرى العالم من حولنا يهتم به أيما اهتمام بل وتسعى كل الجامعات والمعاهد والمؤسسات العالمية لنيل حظوة التوثيق له ولأعماله الفنية الخالدة، كما أصبح هو وأعماله مادة دسمة للبحث والدراسة في مختلف دول العالم بينما لا تملك حكومة السودان ممثلةً في أعلى مؤسساتها الثقافية والفنية عملاً واحداً من أعماله القيمة؟! بل وكما قال هو (لا يتجاوز عدد الذين يمتلكون بعض أعماله الفنية في السودان أصابع اليد الواحدة ولا أكثر) وليس من بينهم وزارة الثقافة؟! بل يكاد الكثيرون في السودان لا يعرفون من هو إبراهيم الصلحي؟! ? خريج كلية الفنون الجميلة والتطبيقية

    http://www.alsahafa.sd/News_view.aspx?id=52233
                  

10-05-2008, 11:20 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    ونسة مع ناقد أميركي
    صـلاح شعيب: في أمريكا درَّسـوني يهـود وأحب الإسـلام الصـــــــــوفي

    اتونس معاه: خليفة حسن بلة
    صلاح شعيب كان سودانياً وما زال رغم حصوله قبل سنوات على الجواز الاميركي وسعادته به الا انه يظل صلاح المتميز الذي كان يكتب في الفن والثقافة ثم هاجر و(تأمرك) ويكتب الآن في النقد السياسي والاجتماعي والثقافي.. جلسنا اليه وهو في اجازته التي يقضيها هذه الايام في الوطن الاصلي.. آراء جريئة وقضايا مختلفة.. ? هل بقيت اميركي بكامل ارادتك؟ - انا سعيد وفي منتهى السعادة ان اكون اميركي لانو عندي 3 اولاد امريكان اتولدوا هناك وزوجتي نسرين عبد الرحمن اتحصلت على الجواز الامريكي. ? .................؟ - اميركا اضافت لي ابعادا انسانية كبيرة ومعرفية ومهنية ما كان ممكن اتحصل عليها وانا في السودان بداية باللغة الانجليزية اقرأ بيها واكتب بيها واتذوقها بل وانتقد كتابات انجليزية والحياة الاميركية بتخلي عندك صداقات مع كل الجنسيات الاخرى اميركا حققت لي ولادة جديدة. ? نحنا احسن من الاميركان في شنو؟ - انا حسيت انو التواصل الاجتماعي بين الاميركان ضعيف جداً ودي الحاجات البتكون مثار جدل للاميركان وقت بشوفوا مريض سوداني بزوروه عدد كبير من الناس او في الوفاة او الزواج. ? اكتسبت منهم شنو؟ - المعرفة بشكل عام وفي اي مجال.. حتى في مجال فهمهم لوظيفة الدين هم أحسن مننا وده السبب الخلاهم مجتمع تسامح.. وانا حزين انو الاسلام كدين متقدم اكثر من المسيحية لكن المسيحيين متقدمين اكثر من المسلمين. ? واتعاملت كما يتعامل الاميركان؟ - مثلا انا هناك يا خليفة درسوني 6 يهود وكنت فاكر انو اليهود والصهاينة حاجة واحدة لكن اكتشفت انو اليهود ما هم الصهاينة.. اليهودي الملتزم بديانته ما عندو اي مشكلة مع الفلسطينيين نعوم تشومسكي هو اكثر واحد نصر القضية الفلسطينية. ? وعلاقتك بيهم امتدت خارج الفصل الدراسي؟ - بروفيسور سمث والتر اليهودي اصبح صديقاً ودرسني اقتصاد ده بكا عندما مات ياسر عرفات. ? صلاح شعيب السوداني.. من هو؟ - انسان بسيط يحاول دائماً ان تتحقق انسانيته بالقدر الذي لا يجعلها تتعالى على انسانيات اخرى بالتالي فلا اعني الا ان المرء نسيج وحده. ? قلمك كان ناقداً سليطاً، ما بتفتكر انو النقد ده تعدى على الآخرين؟ - النقد رؤية لفهم الآخر ومحاولة للبحث عن الحقيقة لهذا فإن الناقد انسان يسعى دائماً لتفهم الرؤية المختلفة بهذا يتحقق مفهوم التعدد والنقد لا يعني أن تبحث عن مثالب الآخرين إنما تكشف جماليات الصدف التي تعني ان الكاتب او الفنان او المسرحي او التشكيلي يحمل أفكاراً جديدة على ذهنك.. اذاً، فالناقد ليس بالضرورة متعالياً الا اذا تم فهم ان عملية النقد هي بحث عن الاخطاء والخطأ في تجربة ابداعية ما. ? يعني انك تتقبل النقد حتى ولو جارح؟ - حتماً انا انسان امارس الخطأ والصواب لذا فيمكن -من تجربتي في الصحافة- ان تتجاوز المعقول وتتنكب المسار إذاً، فالنقد بالنسبة لي هو المرآة الأخرى التي أرى فيها اخفاقاتي وبهذا المفهوم يتحقق الفرد مما يعمل.. ? بتتذكر أقسى ما قيل لك أو عنك من نقد؟ - كثيرة هي العبارات التي تحمل شكلاً من التحامل على ما اكتب وأرى لكن على اية حال فإن الكاتب دائماً يرى بما لا يرى بمعنى ان الذي ينظر الى كتاباتك يدرسها وفق مرجعيته وليس بناءً على مفهوماتك للأشياء وكانت الزرقاء ترى بخلاف ما يرى اهلها!! ? وهل النقد السوداني زرقاء اليمامة؟ - بعضه وليس كله.. ولكن السؤال الاساسي هل للنقد مرجعيات ام يتم وفق رؤية جمعية، بمعنى ان قراءاتك هي التي تحدد شكل منتوجك النقدي، ثم ان الناقد الايديولوجي هو خلاف الناقد المستقل.. الناقد المحافظ هو خلاف الناقد الذي ينظر للاشياء من ناحية معرفية.. هناك مفاهيم مثل استومولوجية تلم بكل المعارف النقدية بالتالي تأتي دائماً شمولية في النظرة وكذلك تأتي اكثر غناءً عن المنهجية الانطباعية أو البنيوية او السيسولوجية او الدادائية او الغوفية او مدرسة النقد الاميركي الجديد.. النقد يا سيدي توجهات ومعارف ولك ان تحكم. ? ولو قلنا ليك.. لك أن تحكم انت؟ - انا قريت لعز الدين اسماعيل وعبد المجيد عابدين وحمزة المك طمبل على المستوى الادبي وعلى المستوى السياسي قرأت لنعوم تشوميسكي وجون ميراشايمر وبالتالي حين اقارن بين هذه الكتابات، ما هو متحقق في واقعنا الثقافي ارى البون شاسعاً. انا شايف انها كتابات انطباعية اكثر من كونها علمية ممنهجة. ? ولها أسباب منطقية؟ - الظروف السياسية هي التي خلقت كل هذا الغياب في النقد.. ما عندنا مجلة ثقافية زي العربي او الفيصل او الدوحة او اليمامة، كيف يمكن ان يتحقق لنا عمق في النقد.. ومعظم الباحثين والنقاد خارج السودان في اميركا وحدها اكثر من مائة بروفيسور يشرفون على مجالات البحوث الفكرية والثقافية ومتى ما كان انتاج هؤلاء ملموساً في مؤسساتنا الثقافية والإعلامية فيمكن بعدها نقول إن هناك نقداً يعتد به. ? الآن ما في نقد يعتد به؟ - عندنا أزمة نقد.. ? في شنو؟ - في كل حاجة.. النقد السياسي والنقد الثقافي والفني والرياضي والمسرحي.. وكله.. بدليل الفشل البنعيشو في كل المستويات. ? مافي حاجة عاجباك؟ - توجد بعض الاجتهادات لكنها قطرة في بحر المحيط العام.. ولا اسمي. ? هل تحاكم نفسك بذات هذه القسوة؟ - وقت ارجع لمقالاتي التي كتبتها قبل اسبوع بخجل منها.. ? ليه؟ - بحس انو لو جاتني الفرصة كان ممكن أكتبها بشكل أفضل من كل النواحي.. الصياغة والترتيب وغيرها ولا أحتفظ بكتاباتي ما عندي ارشيف. ? بتتذكر مهاجمتك لشخص وندمت عليها؟ - انا لا اهاجم بمعنى اني ادمر زول او اتجاه.. الكتابة بالنسبة لي تمثل رؤيتي السليمة للاشياء. ? .................؟ - وظيفة الكاتب الاساسية هي ان لا ينتصر لذاته لا بد ان تستوعب الهجوم وتحلله معرفياً وبالتالي توظِّف وجهة نظرك لمقارعة الآخر.. الهجوم والدفاع موجود في كرة القدم.. لكن الكاتب يمهِّد المجال لرؤى جديدة مستنيرة وأن يستوعب دواخل الناس وغضبها.. لو هاجمني عيسى الحلو او انت انا ما بزعل منك او منه بل بالعكس انا بعتبرك هدف يجب ان اعمل على اصلاحك واطفو فوق المثالب الشخصية وافكر بشكل عقلاني.. مفهوم الهجوم بديني احساس تدمير الآخر. ? انت منو.. انت الآخر؟ - وقت اكتب عن الاسلام الاصولي في السودان بكتب عني انا عن ذاتي لانو الاسلام جزء مني بالتالي بحس انو في مناطق في عقلنا بتحتاج لإضاءة أو اعادة النظر فيها. ? لا تؤمن بدولة محددة باسلام أو غيره؟ - انا اؤمن بأن الدولة منظومة مهنية -تقنية- لو جبت ناس من اهل الولاء والطاعة أنا ضدها لأنهم حيكونوا ضد كل من هو ليس معهم بالتالي هنا لا يتحقق الاسلام بتحقق الحركية السياسية الإسلاموية. ? رأيك يظل حتى ولو تغيّر نظام الحكم؟ - لو جاء نظام شيوعي وقرب أهل الولاء والطاعة وشال كل الإسلاميين من السلطة لاتجاههم السياسي فأنا برضو حأكون ضد أي حزب يسعى للسلطة وينفذ برنامجه ويعفي الآخرين من الهم القومي. ? .................؟ - في رأيي المسيحي الجنوبي أقرب لي من المسلم الباكستاني.. كما قال الاستاذ محمود محمد طه إن الاسلام السياسي السوداني أحرص في علاقته مع المسلمين خارج السودان أكثر من أهل الذمة البعيشوا داخل القطر. ? لا تحب أن يحكم الاسلام؟ - انا أحب الاسلام الصوفي. ? ليه؟ - لأن فيه الجانب الانساني الرسالي الصادق.. انا بحس انو التصوف بشكل عام بنقلك من اللحظي او الواقعي او الانتهازي ويحيلك الى آفاق ارحب لذلك ظلت الصوفية موجودة لكن الإسلام السياسي مهدد. ما انتشرت مفاهيم دولة المهدية مقارنة بمفاهيم الصوفية. ? .................؟ - أنا من دارفور افهم ان دولة الفور ظلت خمسمائة سنة قائمة على الاسلام الصوفي رغم السطوة السياسية لدولة الفور وقمعها للمتساكنين معاها ولكن تظل رغم كده القراءات القرآنية مستمرة. الاسلام السياسي يبحث عن اشياء آنية. ? كيف تنظر للحركة الشعبية وهي تحكم؟ - افتكر ان الجنوبيين كلهم ضحايا للدولة المركزية السودانية تاريخياً وواجب كل سوداني انو يقيف معاهم وواجبنا نقيف مع سلفاكير لانو ده يؤكد رغبتنا في الوحدة. ? وهل الجنوبي ضحية للسياسي الجنوبي؟ - السياسي الجنوبي نفسه ضحية للفهم الذي ورثه من الدولة المركزية بمعنى أن عدداً كبيراً من الجنوبيين بفكروا لصالح الجنوب بناءً على الرؤية المركزية حول مفهوم السياسي بل جزء كبير جداً من قيادات دارفور بفكروا بذات التفكير ما عندهم البعد الجيفاري او بعد مانديلا البعد البتجاوز الاخطاء التاريخية الوقع فيها السياسي السوداني. ? لا تثق في السياسي السوداني؟ - كل السياسيين السودانيين محتاجين لتأهيل اخلاقي سواء كانوا معارضة او حكومة رغم اني ما شايف معارضة ولا حكومة. ? دعنا ننتقل للفن.. بدأت حياتك المهنية ناقداً فنياً.. من الذين كانوا فيها وقتذاك؟ - استاذنا ميرغني البكري واستاذنا الراحل حسن مختار ديل أسسوا الصحافة الفنية بالإضافة للسر قدور واسماعيل خورشيد.. انا استفدت من كل ديل وظلت علاقتي بيهم ممتدة لذلك حاولت ابني على المتراكم بتاعهم.. ? ممكن تقول انك الرائد في الصحافة الفنية من جيل الشباب؟ - انا ما رائد لانو في كل مرة بتعلم كصحافي بشكل عام انا ادركت اني صحافي حقيقي وقت كنت في الولايات المتحدة. ? ليه؟ - لاني استطعت اترجم واكتب بالانجليزية واقرأ الواشنطن بوست بشكل يومي في الـ 8 سنين دي من الغلاف للغلاف ما فوّت عدد واحد وعرفت اسرار كتابة الخبر والتحقيق والمقالة واستفدت من طريقة الكتابة بالانجليزي. ? الفرق شنو بين ان تكتب من اليمين للشمال والعكس؟ - اللغة الانجليزية الكتابة فيها جملة قصيرة.. ممكن تكون كلمة واحدة وفي العربي الطباق والجناس وغيرها كانت كتاباتي طويلة.. اكتشفت انو الخبر اصبح اقرب للقصة.. ? واشتغلت صحافة هناك؟ - اشتغلت في معهد الشرق الاوسط للأبحاث والإعلام في واشنطن وجدت خبرات كبيرة استفدت منها في كتابة الخبر وقراءة المشهد كله العربي والامريكي والإسلامي وبقت عندي مقاربة بين الإعلام العربي والاميركي. ? نرجع تاني لبداياتك؟ - بديت سنة 6891م. ? هل كنت رائد الشباب في الصحافة الفنية؟ - انا حلقة وصل اشتغلت مع حسن مختار وقعدت مع خورشيد وجيت اشتغلت مع الجيل الوسط. ? ومن كانوا معك في الصحف والصحافة الفنية؟ - أحمد نصر، والنعمان علي الله، وعزمي احمد خليل، والتجاني حاج موسى ومحمد يوسف موسى وعيسى الحلو ومجذوب عيدروس. ? كيف شايف صحافتنا الفنية والثقافية الآن.. نتحدث عن الشباب؟ - انا حاسي انو في رغبة من الجيل الجديد في الصحافة الثقافية والفنية يضع البصمة بتاعتو لكن هناك مشكلة انو الجيل الجديد ما لقي نقاد كبار يستفيد منهم انا لقيت من استفيد منه لكن ديل لا.. ? وشايف كيف الساحة أو الساحات الفنية السودانية؟ - أنا متابع جيد للساحة الثقافية بسبب الانترنت.. هناك انتاج على مستوى الكم لكن على مستوى الكيف هناك ضعف كبير. ? وين؟ - في الفن مثلاً هناك ضعف في الشعر واللحن لكن هناك تطور في الاداء الصوتي والاداء الاوركسترالي وتنفيذ الصوت في التسجيل بس للاسف مافي ميولودي سوداني ده وقت نقارن بين الحان برعي وحسن بابكر وعبد اللطيف خضر وابو داوود ويوسف السماني والفاتح كسلاوي وديل برضو واقفين.. وتوقفهم ده وعدم تعاملهم مع الشباب سبب اساسي لضمور الاغنية السودانية. ? ما هزتك وعجبتك اغنية يا صلاح شعيب؟ - الا اغنية تدلل لزيدان ابراهيم من الحان التجاني التوم وكلمات تاج السر عباس. ? والأصوات الجديدة او الشابة بتسمعها كيف؟ - في اصوات جميلة جداً عصام محمد نور ووليد زاكي الدين حتى ندى القلعة.. وانا احترم فيها انو عندها اعمال خاصة وتوظيف للتراث واتمنى انو الناس يحاكموها بما تقدمه وليس بما حولها وهي اضافة للاغنية السودانية. الناس حاسبوها بحاجات ما عندها علاقة بالفن. ? هل في اسماء في الصحافة الفنية بتحب تقول عنها كلمات؟ - الزبير سعيد وعبد الباقي خالد عبيد وهيثم كابو وسراج الدين مصطفى وطلال مدثر ديل شباب ممتازين جداً وربما في ناس أفضل انا امكن ما اكون قريت ليهم.. بس في حتة مهمة جداً اتمنى انو يلتفتوا ليهم ناس كلية الموسيقى والدراما ويضموهم للكلية دي للدراسة زي ما استفاد الفنانين في بداية المعهد والترقية للعملية الفنية بتتم بتأهيل هؤلاء الشباب خاصة انهم متقدمين جداً على مستوى الفهم وممكن جزء منهم يدخلوا كلية الفنون الجميلة.



    http://www.alsahafa.sd/News_view.aspx?id=52826
                  

10-05-2008, 11:51 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    الفكر السوداني: هل من مفكر يعتد به..؟
    صلاح شعيب

    كثيرا ما يتساءل المرء عن ماهية الفكر من حيث صرامة منهجيته وجدة مضمونه وتأثير خلاصاته، وكذلك يشمل التساؤل ماهية المفكر: نباهة مؤهلاته وضرورة مشروعه وتراكم أعماله. وبطبيعة الحال يدخل الفكر عموما في اي جهد للتبصير بأمور الحياة ومسايستها، بمعنى أن المرء يفكر عشرات المرات في نهاره وليله. كأن يفكر في ما يناسق من لباس حين يخرج للعمل، مثلا. أو يفكر في كيفية السبيل لمداركة بقية يومه. وإذا حدث أن هذا المرء الخارج للعمل يعد من كتاب الصحافة المحظوظين مثلنا فإن شغله المتناول لقضايا مجتمعه سيتيح له التفكير في ماذا يكتب وفي كيفية جعل الموضوع الذي هو بصدد تضمينه في «ماكيت» الصحيفة يوميا أو اسبوعيا متماسكا أو مثمرا. إذن فإن التفكير أمر نبذله على مدار اليوم أو السنة في كل مشاغلنا وتطلعاتنا الراهنة والمستقبلية وهو من صميم عمل الانسان مهما علت قيمة تعليمه أو دنت.
    ولكن هناك التفكير الذى هو أعلى منزلة من تفكير كتابتنا الصحفية، على أكثر تقدير. إذ هناك منه ما يحتوي جهدا ذهنيا مفارقا بالدرجة التي تستدعينا للقول إن هذا تفكير، أو قل فكر، كتبه مفكر بصرف النظر عن «أ» نوعه السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، وبصرف النظر عن «ب» إختلافنا مع النتائج التي توصل إليها، وبصرف النظر عن «ج» الدرجة الأكاديمية أو الخبرة العملية للذات المفكرة في المجال المعني. فالمفكر لا يقيم بمستوى شهاداته العلمية، فذاك هو الباحث في جانب من التقييم، كما أنه لا يقيم بعمره وإنما بقدرته في الاضافة الفكرية.
    وتظل التساؤلات قائمة: من هو المفكر وما هي مميزاته، وما هو الفكر ومن الذي يعطيه درجة التقييم هذه؟ وهل يعترف الماركسي التوجه ــ مفكرا كان أم قارئا للفكر ــ بأن هناك مفكرا إسلاميا يعيش في زمان ومكان محددين، أم أن هذا البعد الآيدلوجي يبقى عاملا حاسما في تقييم ما هو فكر ومن هم مفكرون..؟
    إذا حصرنا التساؤلات في المجال السوداني، بدلا عن فتح أشرعتها على الآفاق الاقليمية أو الانسانية فإن الفكر السوداني سيكون محل التحليل وأن المفكرين السودانيين سيكونون محل البحث.
    الملاحظات الأولية حول حصيلة الفكر والمفكرين السودانيين هو أن منح صفة المفكر ظل إشكاليا. فغالبا ما يطلق على عدد من الناشطين في مجال الكتابة المنمازة. وهذا الاطلاق ما يدل على وجود فكر ما دام أنه تمت تسمية أولئك النشطاء كمفكرين. وإجازة اللقب يتم حينا بناء على إنتماء رؤية من أعطوا اللقب لمستحقيه كما لمس بعضنا. ويحدث، والحال هكذا، الاختلاف البين «والمفارق» والمثير للجدل الكثيف حول ما نسميهم مفكرين في المشهدين الفكري والسياسي. فمحمود محمد طه، بالنسبة لبعضهم، إنما هو مفكر حقيقي واستطاع أن يقدم مساهمة فكرية مختلفة فى رؤاه وأنساقها ومتمايزة عن المنهج التقليدى فى أنماط التفكير وإستنباط النتائج واستخلاصها عن أنداده، غير أن الذين كانوا وراء شنقه، وهم يختلفون معه في النظرة الفكرية، إنما رأوه من موقعهم المحدد بأطر مغلقة على الفكر العقدى المنتمى لمذهبية أنه مجرد زنديق أو مارق يستحق الاعدام كون أن هذا الفعل المميت، دون المقدرة على حرق كتبه، قد تخلص المسلمين من شرور ما يعتقد أو ما كان يفكر فيه.
    إذن فإن البعد الآيدلوجي يتدخل قسرا أو متدرعا ومتذرعا بمرجعيات مسبقة قبل الدرس، ليحدد الصفة الفكرية للمهتم بمجال الكتابة ذات الطابع العميق، إما أعطاه الفكرانية أو حجبها عنه، وبالتالي يستبين لنا أن قرب المفكر أو بعده من «القناعة الآيدلوجية» لمن يقيمونه هما اللذان يحددان مباركة صفة مفكر ما وجواز فكره، أو عدمهما. بل وشاهدنا أن القناعة الآيدلوجية لا تكفي لترك المفكر حرا طليقا وإنما يبقى قتله بغير مشروعية قانونية/فكرية هو الذي يزيد مصطلح المفكر إشكالا ويجعل التواضع على ما هو فكر حقا أكثر تعقيدا مما نتصور.
    في حوار مع الدكتور محمد وقيع الله سألته عما إذا كان للسيد الصادق المهدي ما يعتد به من فكر. قال وقيع الله إن السيد الامام ليس بمفكر. وذهب ابعد من ذلك وحجب هذه «الصفة الاعتبارية» عن الدكتور محمد عابد الجابري، والذي لا تقدمه وسائل الاعلام العربية والسودانية إلا وأزاحت الدرجة الأكاديمية وأحلتها بلقب المفكر.
    وأحيانا تجمع وسائل إعلامنا الدرجة الأكاديمية والصفة الاعتبارية للبعض وتقدمهم للقراء او المستمعين أو المشاهدين هكذا، كما هو شأنها حين تقدم الطيب تزيني وهشام شرابي ومحمود أمين العالم وحيدر إبراهيم وسعد الدين إبراهيم وصادق جلال العظم وسمير أمين وبرهان غليون وحسن حنفي..إلخ
    وايا كانت رجاحة أو عدم رجاحة الاستنادات المعرفية التي أقام عليها الدكتور وقيع الله حجته المحرضة للأخذ والرد، فإن المقام لم يكن مقام جدل حول مفهومه للمفكر. وإذا كان المقام صحفيا يرتبط بمعرفة رؤاه الفكرية وشهاداته حول الناشطين في مجال الكتابة، فإن الدكتور الهمام بنى حكمه على المهدي والجابري بناء على مرجعية معرفية خولت له إصدار ذلك الحكم. ومهما اتفق البعض أو اختلفوا بعد حول تقييم وقيع الله، فهم إما ناقدون للاثنين لاعتبارات آيدلوجية أو معرفية عامة/معيارية أو مريدون للاثنين للاعتبارات نفسها.
    والطريف أن الاستاذ أبو القاسم حاج حمد لم يكن لينتظر بعضا من «حيرانه» أو عارفي فضله حتى يمنحوه لقب مفكر. فقد كان يرسل مقالاته إلى «الحياة» اللندنية وبعض كبريات الصحف العربية ويذيلها بلقب «مفكر سوداني». وهذا يعطينا إنطباعا أن الكتاب عموما أو بعض المفكرين يقيمون أنفسهم في مجال الفكر أو يلحون على البعض بتقديمهم كمفكرين، سواء صدقوا أو كذبوا. ولست هنا في موضع الاعتراف أو النكران أو التحفظ حول مساهمات حاج حمد في حقل الكتابة ولكن أردت فقط الاستدلال بنوع من المثال الذي يعمق الاسئلة حول الفكر والمفكرين ويفتح لنا الباب واسعا لدرس الموضوع من زوايا أخرى تتعلق بأثر ذوات الكتاب في معرفة حدودها حقا أو تضخيمها.
    من جانب آخر فإن الحاجة ضرورية إلى فحص الفكر السوداني ــ إذا سلمنا بوجوده هكذا ــ من أجل معرفة الثيمات الفكرانية «الأصيلة» فيه. فالقول بسودانية الفكر يعني بالضرورة وجود مشاريع مختلفة لمفكرين، ولكن هل تبدو هذه المشاريع متكاملة فكريا على النحو الذي يجعلنا نقول إن الأساتذة محمد أحمد المحجوب أو أحمد خير كانا يحملان فكرا مفصلا أكثر من كونهما كتاب يطرحون تصورات إنطباعية وإتباعية حول تمثل الاسلام والعروبة مع الاستناد على تفاصيل تتعلق بجدل الأدب والسياسة. السودانيين..؟
    إن إعادة تقييم ما نسميه بالفكر السوداني ينبغي أن يفتح آفاقا جديدة لكشف حقيقة القدرات الفكرية والرموز السياسية والفكرية التي وصل إنتاجها إلينا عبر مقالات متنوعة متعلقة بشؤون وحياة المواطنين آنذاك. فحتى هذه اللحظة لم نكتشف دراسات ذات طابع مشروعي بذلها الرواد حول وضعية الدين في الدولة أو علاقة الاقتصاد بالثقافة في السودان أو كيفية تبيئة المفاهيم الانسانية في أوضاعنا المجتمعية أو خلق نظريات ثقافية تتعلق بتوظيف التعدد الاثني والآيدلوجي في العمل الابداعي، على سبيل المثال.
    وهناك قضايا كثيرة مثل هذه يمكن عبرها بحث دور من نسميهم بالمفكرين القدامى في التشريح البحثي، ليس فقط من خلال مقالات صحفية تجمع بعد نشرها في كتيبات وإنما عبر دراسات وبحوث متخصصة وتمتاز بتلك المنهجية الصارمة أو المضمون الجديد اللذين اشرنا إليهما في مفتتح المقال.
    صحيح إننا لا نستطيع أن نحاكم الرواد عرفات محمد عبد الله أو خضر حمد أو سيد أحمد نقد الله أو آل عشري الصديق الأدباء بالمعايير المنهجية التي توافرنا عليها اليوم من أجل التوصل إلى حقيقة أن فكرهم «مع إحترامنا لهم» لا يساوي المشاريع الفكرية الكبرى التي يبذلها المعاصرون من خلال مراكز البحوث العربية أو العالمية. فمحاولة مقاربة مناهج محجوب عمر باشري الذي كان عصاميا، وعاش مجتهدا دون أن تتبناه الدولة أو المؤسسات القيمة على العمل الفكري والثقافي وتقدم له الدعم المادي المناسب الذي يوفر له التراكم والخبرة العملية والعلمية وهذه من أهم المفاتيح الاساسية التي تقودنا لمعرفة ماهية المفكر.؟!
    إن كتابة المقالات الصحفية هو الأمر الذي ميز معظم إنتاج الذين قدموا مساهمات مقدرة في الشؤون السياسية والفكرية ـ على الاقل. وربما يعزو أحدهم أن الصحافة منذ مطلع العشرينات إلى زماننا هذا كانت المنبر الذي ظل يرصد إنتاج الادباء والمفكرين في ظل غياب المراكز البحثية الكبيرة والمتخصصة.
    والحقيقة أن جامعة مثل الخرطوم ساهمت في نشر العديد من البحوث والدراسات بواسطة دار نشرها في كل المجالات، ولكن لم تنشئ مركزا متخصصا في شؤون الفكر بحيث أن يرعى المفكرين ويساعدهم في إبتدار مشاريع فكرية حصرية..في شؤون الدولة السودانية، أو حول إسهامنا في القضايا الانسانية الكبيرة.
    إن طبيعة المقال الصحفي تختلف عن طبيعة الدراسات والبحوث التي تتألف من منهجية مضبوطة وفصول متناسقة. فالمنتوج الصحفي، لبساطة مفرداته وضيق حيزه ومباشرة فكرته، لا يعمق المضامين الفكرية بالشكل المنهجي الهادئ، فضلا عن ذلك فإن الصحافة السيارة لا تهتم ــ إلى حد كبير ــ بالدراسات الأكاديمية أو المعرفية. وحتى إذا نشرتها فإن الباحث أو المفكر لا يجد المقابل المادي الذي يشجعه علي مواصلة التجربة.
    أما المجلات الفكرية أو الثقافية المحكمة والتي تجد الميزانيات المعتبرة تغيب في السودان بسبب أن الهم الفكري يأتي في آخر أسبقيات الدولة أو القطاع الخاص، ولذلك تعثرت إحلام الباحثين والمفكرين دون إيجاد المنبر الاعلامي/ الفكري الذي ينشر عطاءهم.
    هذا الوضع قادنا للتساؤلات عن وجود فكر سوداني أو مفكرين سودانيين، إنطلاقا من غياب الاسس الابتدائية التي تسهم في إيجاد الفكر المفارق والمفكر الحقيقي. وما دمنا نبحث عن كيفية توفير هذه الاسس التي توجد الفكر والمفكر المفترضين، فإن الحوار حول ما هيتهما يبقى تاليا ، على إهميته.
    دائما لا توجد في الواقع إجابات سهلة وانتهائية وجازمة ولكن المهم هو إثارة النقاش حول ما يساعدنا في وضع الاشياء الفكرية وغير الفكرية في نصابها، وحول ما يمهد لنا الجو الصحي لخلق الاختلاف المنهجي والمضموني الذي يطرح المعرفة بمرجعيات القراءة والتأمل والاستنتاج وإن اختلف الناس على ضعف فكرنا أو بساطة مفكرنا.

    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=53104
                  

10-05-2008, 11:52 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    المحبوب عبد السلام في حوار حول «المشروع الذي كان»:2/3
    كُنّا انتلجنسيا مضطهدة داخل الحركة الإسلامية

    حوار: علاء الدين محمود
    هذا حوار مع المحبوب عبد السلام حول مقالات كتبها في التسعينيات في صحيفة الانقاذ الوطني تحت عنوان (العبرة والاعتبار في الحزب الذي كان) وكان يقصد الحزب الشيوعي، وكان المحبوب وقتها قيادياً بالانقاذ التي كانت في تمام (تمكينها) مارس المحبوب في هذه المقالات نقداً شرساً على الحزب الشيوعي مستصحباً تجربة الشاعر صلاح محمد ابراهيم ... (الصحافة) تحاور المحبوب حول هذه المقالات وتضعه ايضاً في مواجهة (المشروع الذي كان) ..

    ? قلت إن صدق صلاح أحمد ابراهيم في سودانيته هو الذي عمق احساسه بالخطر على السودان، وجعله يبحث عما يجمع الصادقين في صف واحد، كان لا يرضى لأبناء السودان أن ينتشروا في دول الجوار باسم المعارضة في حين الخطر على السودان و....
    - «مقاطعاً»: الكلام ده كتبتو أنا؟
    ? مواصلاً: نعم.. وقلت عن صلاح أيضاً إنه يرى ببصره الحاذق د. منصور خالد في معسكر الأعداء، وها قد دارت الأيام أو بلغتك دارت الدوائر وتحالفتم مع معسكر الاعداء (المعارضة - الحركة الشعبية)، بل والحزب الشيوعي الذي ـ يا سبحان الله ـ نفخ الله في صوره فاستبدله بـ «الحزب الذي صار».. كيف تقيِّم مسيرة الانتقال هذه من النقيض الى النقيض؟ وكيف تنظر الى انتشار كوادر المؤتمر الشعبي في معاقل الامبريالية الآن؟ كيف تقف مواجهاً للموقف القديم؟
    - والله تعلمنا، اعتقد اننا قد تعلمنا، طبعاً المواقف الحادة هذه كانت موجودة منذ أن كُنّا طلابا بيننا وبين الشيوعيين ومعسكر اليسار عموماً. وكان جيلنا جيل السبعينيات في نظر جيل الستينيات دفع الأمور في الجامعة في اتجاه غير سوداني، وهو اتجاه العنف والمحاداة والمواجهة، فهذه هي الأجواء التي تربينا فيها. ولكني كنت شخصياً - ويمكنك أن تسأل - اكثر أخ مسلم له علاقة بالشيوعيين والبعثيين في جامعة القاهرة وجامعة الخرطوم. وكان هذا معروفا عني، ولكن هذه كانت هي الاجواء، واستمرت هذه الجواء ايام الجبهة الاسلامية، لاننا كنا آخر حزب مع النميري أيام انهياره، واستثمر هذا لاقصاء الجبهة الاسلامية، نحن كنا نملك جريدة واحدة امام عدد من الجرائد كانت للقوى التقليدية واليسار، ولكن وقّع اكثر من اربعين مثقفا مشهورين وكبار من مثقفي اليسار لحظر صحيفة «ألوان»، ثم بعد ذلك حظر الحزب نفسه حزب الجبهة الاسلامية القومية، وأية ندوة شهدناها كنا نشهد فيها هذه العنف. ونحن في جريدة الراية كُنّا نسخر من أنفسنا، لأن الخط الرئيسي للجريدة كان يحمل كل يوم اسم التجمع أو جون قرنق. وكان هذا هو العدو الرئيسي الذي صوبنا إليه كل جهدنا.. وطبعاً كانت تلك ايام محتدمة جداً، وانتقلت هذه الأجواء الى الانقاذ الأولى (بداية عهد الانقاذ) كان فيها هذا العنف بين المعارضة والحكومة، وحكمنا عشر سنوات تعلمنا فيها الكثير.. ولكن المفاصلة بين شقي الحركة الإسلامية كانت درسا كبيرا، التأمل ومراجعة المواقف، ولا توجد مواقف تنشأ بين يوم وليلة، ولكن تتبلور في رحم القديم، فإذا ظهر ضوء الصباح يبرز هذا الشئ الجديد.. فنحن منذ عام 1996م داخل الانقاذ بدأنا نتحدث عن ضرورة بسط الحريات، وكُنّا نعتبر انتلجينسيا، والانتلجنسيا مضطهدة شيئا ما، داخل الحركة الاسلامية، فقد كانوا يطلقون عليهم عبارات مثل المنظراتية والمفكراتية، كما قال التيجاني عبد القادر، وذلك بغرض تخفيض دورهم. وعندما جاءت معركة التوالي التي بدأت عام 1996م ووصلت قمتها عام 1998م عندما أعلن الترابي انه اذا لم تجز اطروحة التوالي فإنه سيتخلى عن الأمانة العامة. ونحن كُنّا أكثر حدة، فالترابي كان يراعي أشياءً كثيرة، ولكن المجموعة التي كانت حول الترابي كانت حادة جداً في مواجهة العسكريين والمدنيين ، كانت مواجهة حادة جداً، وفي ذلك الوقت كنا مانزال حزباً واحداً، ولكن عندما حدث الانشقاق كل هذه الافكار أضاءت، فكرة الحرية، فكرة اللا مركزية، فكرة الهامش الذي يقاتل من أجل حقوقه.. هذه المفاهيم بدأت جذورها ومكوناتها منذ فترة بعيدة، ولكن الانفصال اعطانا قوة فكرية في اتخاذ هذه المواقف. وأذكر أنني قابلت شخصية إسلامية بارزة في الدوحة بعد المفاصلة، فرفض ان يُسلم عليَّ باعتبار أنني كنت في أسمرا ووقعت مذكرة التفاهم مع الحركة الشعبية، وهو شخص كبير واستاذ للفلسفة، وقابلت آخر في لندن وقال لي لائماً: حملت القلم ووقعت اتفاقاً مع ياسر عرمان هذا الشيوعي وباقان أموم الذي احتل كسلا؟. وجلست مع هذا الشخص أكثر من ساعة وحدثته عن التطور الفكري والنفسي الذي حدث لي شخصياً، والتطور الذي حدث في كل مسار الحركة، وهذه تطورات مهمة ينبغي أن تقرأ في مسار حركة اجتماعية، سياسية، وللأسف فإن القراءات ليست كثيرة في السودان، لا يقرأ الناس التجارب ولا يراجعونها، وأنا لست أدري ما الذي يحدث، فالطاقة الفكرية في السودان كان ينبغي أن تستفيد من هذه التجارب، وبالتالي يتكون لدينا أكثر من حل للمشاكل التي نواجهها، ولكني أقول وكنت اقول هذا دائماً، إن الحركة الاسلامية والحركة السياسية السودانية كلها في مرحلة نضوج، فنحن في لندن نلتقي عادة أنا وحاتم السر وعادل سيد أحمد والهادي الرشيد وياسر عرمان والرشيد سعيد، ونتحدث كأصدقاء ينتمون الى أصل واحد، يحملون نفس الهموم، ويتفقون في أكثر من 90% من الرؤى، ولو وجدنا حتى شخصا من المؤتمر الوطني متجردا من الضغوط السياسية، يمكن أن يصل معنا لنفس النتائج. ولكن الذي يمنع ذلك هو الاجواء غير الطبيعية الناتجة عن الوجود الطويل للإخوة في المؤتمر الوطني في السلطة.
    ? تناولت ما أسميته عقلية وروح الفكي والحيران التي سادت حياة الحزب الداخلية التي ساد فيها قمع العضوية ومصادرة حقها في الادلاء برأيها، والرضا بدور المتلقي حتى تحنط عقول العضوية وتكف عن التفكير وتنتظر رأي الحزب في كل المسائل. صدقني رغم اتفاقي معك في بعض ما ذكرته إلا انني لم امنع نفسي من الضحك خاصة وان هذا هو عينة واقع الانقاذ عندما كنت أنت أحد قادتها، وواقع المؤتمر الشعبي بعد ذلك فلم تكونوا إلا حيرانا للترابي، والبعض يراك أنت بالذات الحوار الذي يأبى مفارقة شيخه، وتسير معه على طريقة (إن كان قد قال فقد صدق)؟
    - هذه طبعاً نلوم عليها الحزب الشيوعي الذي اعطانا النُسخة السوفيتية من الماركسية، طبعاً ما كُنا نجد كتبا عن الماركسية نقرأها غير كتب المركز الثقافي السوفيتي، وكانت تؤكد لنا هذا المعنى ولكنني بعد ان ذهبت الى فرنسا اعطتنا النسخة الاوروبية اضاءة اعمق للماركسية غير السوفيتية، فالذي اعترى التجربة الشيوعية في السودان من ازمات كانت تشير الى هذا المعنى واذكر انني جلست الى الخاتم عدلان وسألته عن التقييم الذي صدر بعد ثلاثين عاماً عن احداث يوليو 1971م، فكان منفعلاً جداً وثائرا على التقييم الذي وضع المسؤولية على الضباط الماركسيين، وقال لي بالحرف الواحد ان هؤلاء الضباط من اشرف الناس وأكثرهم انضباطاً والتزاماً بقرارات الحزب ولا يمكن للحزب ان يتبرأ منهم بهذه الطريقة. هذا كان رأي الخاتم عدلان فإذا كنت انا اقرب حوار للشيخ الترابي فالخاتم عدلان كذلك حوار كبير لعبد الخالق محجوب، ولكن كانت هنالك مركزية واضحة جداً في تجربة الحزب الشيوعي وأظن أنا لا امتلك معلومات جدية ولكن اظن ان هذه المركزية هي التي تعيق عملية التجديد في الحزب، فالحزب الشيوعي ليس في حاجة الى اصلاح فقط ولكن ايضاً الى تجديد وهذا رأي كثير من الماركسيين. فيما يتعلق بتجرية الحركة الاسلامية أنا اشرت في اكثر من مرة الى انها حركة أنداد بدأت في المدارس والجامعات بين شباب في ذات العمر، لم يكن بينهم شيخ ومن أهم الاصلاحات التي قام بها الشيخ الترابي انه لم يسم منصب القائد في الحركة الاسلامية بالمرشد العام كما كان في مصر، بل سماه الأمين العام فقط سكرتير منظم للعلاقات ولكن كذلك اشرت اكثر من مرة الى عبد الخالق محجوب وحسن الترابي باعتبارهما شخصيتين استثنائيتين مفيدتين جداً، ولكن في نفس الوقت تحدث بعض المشاكل عادة فالانسان العادي تنتهي طاقته في الستين ولا يستطيع ان يقدم الجديد ولكن الشخصيات الاستثنائية تظل تقدم ود. الترابي من هذه الشاكلة، واظن عبد الخالق محجوب كان من هذه الشاكلة أنا قرأت مقارنة طريفة جداً بين عبد الخالق والترابي لم تنشر، كتبها الدكتور احمد عز الدين أبو القاسم هاشم، وهو طبيب وماركسي كان في الامارات وكان في القوات المسلحة ضابطا صغيرا في 1971م، وهو شديد الاعجاب بعبد الخالق والترابي وليس اعجاباً ساذجا بل لأنهما من المفكرين الاستثنائيين والاستراتيجيين، الترابي مفكر استراتيجي نحن لم نستفد من افكاره فقط بل وتتلمذنا على يديه نحن تلامذة الترابي ومتأثرين بمنهجه كما قال مرة أمين حسن عمر ان للحركة الاسلامية مفكر واحد والبقية شراح على المتون، ولكن كانت عندنا فرصة كبيرة جداً للشرح فالترابي بطبعه ليس مركزياً بل يتيح فرصة كبيرة جداً للقيادة من حوله ان تفكر وان تتصرف، وهذا بعض الذي اضر بتجربة الانقاذ ان الترابي فوض غالب سلطاته الى النواب وآخرين لم يكونوا بمستوى فهمه للتحديات التي تواجه السودان وتواجه وضعه في الداخل وفي العالم. صحيح اننا تلاميذ د. الترابي بهذا المعنى ولكننا أبداً لمن نشعر انه يمارس دكتاتورية علينا خاصة عندما نقارن انفسنا بالاخوة في الحركات الاسلامية العربية، ونجد الحظر الذي يفرض على آرائهم وافكارهم وقراءاتهم، وكنا نقارن انفسنا في الجامعة بالفكر الجمهوري، الفكر الجمهوري كان يقوم على الأستاذ محمود محمد طه ولا يمكن لجمهوري أن ينطق كلمة ما لم يراجع لكتب الأستاذ أو يسأله مباشرة، لكن الترابي حتى في أصول الفقه التي له فيها إسهام مهم جدا، أشار إلى أن الفكر الإسلامي في أصله تفاعل بين النص والواقع وعقل الإنسان وتجربته الشخصية ونسبيته، وكان يقول أنتم تريدون أن أكتب كتبا كما يكتب محمود محمد طه وأن تستندوا إليّ، وكنا فعلا نطلب ذلك في أول الجامعة، وكان يقول أنتم إذا سألكم سائل في حلقة نقاش يمكنكم أن تجتهدوا وتفكروا، فهو لا يحتكر الاجتهاد للعلماء ولا يعترف بطبقة اسمها العلماء، ولكي يجعل من الاجتهاد شركة مساهمة يساهم فيها كل الناس فهذه هي الأفكار التي كان الترابي يشرحها جيداً وينادي بها، وتشبعنا بها لذلك لم نشعر أبداً أننا مجرد تُبّع وعندما كبرنا ونضجت تجربتنا كثيراً ما كُنّا نجادله ولم يكن يمارس علينا إرهاباً فكرياً كما يظن الناس.? رُحت تدبج مقالك «الحزب الذي كان» بالآراء الفكرية المصطرعة داخل الحزب الشيوعي ـ وهي حالة حميدة ـ التي حفلت بها مجلة قضايا سودانية لتبرهن علي اقتراب نهاية الشيوعية، ألا تشبه هذه الحالة بتلك التي انخرط فيها مثقفو الحركة الإسلامية بعد انهيار مشروعهم الحضاري على رؤوسهم ناقدين ومدافعين وباحثين عن أفق، ألم تنخرط أنت نفسك ليس في نقد عنيف ليس دفاعاً عن «المشروع الرباني» بل عن الشيخ ـ طبعاً إلا إذا كانا شيئا واحداً ـ في وجه من خرجوا عنه وتخلوا عن أفكاره ووصفت هؤلاء «الحيران الفارين عن شيخهم ـ بالانتجلنسيا الإسلامية المتولية يوم الزحف» بل وأسست لهذه الحالة «الفكي والحيران» عندما قلت: «إن الحالة الأشد خصوصية، حالة المجموعة حول الأمين العام مؤسس الحركة ومفكرها من التلاميذ النجباء والأذكياء، والحوار بينهم بالتواجد الروحي والفكري وأحياناً بالتواجد المادي الفعلي ولمدى يقارب العقود الثلاثة 1974 م ـ 1999م»؟
    ـ نعم، أنا حتى اليوم ما زلت أقول بذلك إن الشخصية السودانية لا تملك رصيداً نفسياً وفكرياً جيداً للمقاومة، وليست لنا الطاقة النفسية التي عند العراقيين أو الفلسطينيين أو حتى بعض الأخوة الافارقة أو الاخوة في الجنوب التي تقبل الأحوال الصعبة «كسر العظام، عض الأصابع» وتخرج من التجربة مستعداً أن تواصل، هذا عيب في شخصيتنا بالنسبة للإخوة في الحزب الشيوعي تجربة 1971م ما زالت ماثلة فهم أقرب للشخص الذي جرب عض الدبيب ويخاف جر الحبل، الأخوة الإسلاميين بعد الانشقاق انفضوا، بعضهم ذهب إلى أفكار صوفية مناوئة جداً لمشروع التجديد الذي قامت به الحركة الإسلامية، وبعضهم وقف في الرصيف محتارا، وبعضهم أصبح ناقما وناقدا جداً، وبعضهم ذهبت به الحياة في دروب أخرى وعرة. على أية حال أنا أقول إن التجارب سواء أكانت داخل الحركة الإسلامية أو داخل الفكر الماركسي ينبغي أن تُلهم الناس لجولة جديدة من العمل والتفاعل، وهذا لم يحدث يمكن أن تكون هنالك عيوب متعلقة بإدارة الحركة من قبل قيادتها، مثلاً كثير من الناس كانوا يقولون لي: أنتم طلبتم منّا التصويت لدستور 1998م، ولكن لم تشرحوا لنا هذا الدستور، وصوّتنا لأنكم أنتم طلبتم ذلك، ولكن لم نعرف أن هذا الدستور مؤسس علي الحريات، دستور مقدس ومحترم. وأنا كنت في غالب الندوات عقب الرابع من رمضان أقول إن هذاالدستور قد خرق وأن هذا الدستور هو عهد الولاء الأعظم بين الشعب ولكن قيادة الشعب خرقت هذا الدستور ولذلك ليست لها أية ولاية عليه حتى تعود عن هذا الأمر. ولذلك عدم شرحنا لهذا الدستور كان عيباً، لكن أنا قابلت إسلاميين أقصى أمريكا وتحدثت إليهم وعجبوا جداً لوضوح الرؤية فهم ما كانوا يدركون التفاصيل ولكن كان عندهم بصيرة نافذة جداً لأن يروا المواقف وعندما حدثتهم عن التفاصيل لم يندهشوا كثيراً لكن فقط عضضت مواقفهم، فأنا ألوم الانتلجنسيا في هذا. فيما يتعلق برأب الصدع هذه لجنة جاءت تصلح بين طرفين كما تقول آية قرآنية «وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله» لكن فوجئنا في اليوم الثاني أنهم كلهم أصبحوا وزراء فهذا يعني أنهم جاءوا من الطرف الآخر خلطوا أهداف الحركة الإسلامية العظيمة بطموحاتهم كنخبة، أن يتولوا مناصب، يصبحون وزراء، ويصرفوا دولارات وهكذا... وهذا شيء مؤسف.
    ? من ضمن من استخدمتهم في هجومك على الحزب الشيوعي كان الخاتم عدلان الذي رأيت فيه «تأيق يعشى الى نور كريم» وبررت ذلك بأنه يدعو إلى نقد شامل ومفتوح، وأنه جاء بكل تجربته في الدراسة والجدل ليناقش حزبه وقيادة حزبه. تُرى كيف تنظر إلى النقد الذي وجهه الخاتم عدلان ـ صاحب التجربة والدراسة في الجدل ـ للشيخ الترابي حيث يرى الخاتم أن التفكير المنفلت من عقاله يضع الترابي علي رأس المتطرفين الغُلاة، وأن الترابي يرى في حكمه الخاص حكم الله، وأن مسيرته خلال أربعين سنة كانت المسيرة الدموية المدفوعة ظعائنها بالحُداة الكاذبين. بل ذهب الخاتم معدداً ما أطلق عليه الآليات الترابية لاختطاف الدين بل قال الخاتم إن الترابي حرك الزعماء السياسيين كالدمى في جريمة حل الحزب الشيوعي ودحر الديمقراطية الثانية؟
    ـ أنا قرأت طبعا هذه المقالات وذهبت إليه في صحيفة الشرق الأوسط، وطلبت منه نسخة حتى أعمل على نقدها لأنني رأيت فيها خلطاً وأنا كنت أتهم الخاتم منذ أن كان طالباً في الثانوي بأنه فُرّغ من قبل الحزب الشيوعي ليتابع مسار الحركة الإسلامية الفكري، ولا سيما فكر الترابي وفي نقده الأخير ـ مقال الثلاثاء، بصحيفة الأضواء ـ اعتمد على كتاب السياسة والحكم للدكتور الترابي الذي صدر عام 2004م، وهذا الكتاب يستحق هذا النوع من القراءات، أنا الآن لست بصدد أن أجيب على كل ما كتب الخاتم عدلان لكن ما كتبه يستحق أن يُنظر فيه وأن يرد عليه وأنا سأقوم بهذا الأمر، طبعاً للأسف الشديد بعد لقائي بالخاتم هو ذهب إلى أمريكا واكتشف المرض، وبعد ذلك لم يعش طويلاً. في تجربة الحزب الشيوعي شيء أفضل من تجربة الحركة الإسلامية، الشيوعيون بعد أن تجاوزوا الصدمة الأولى ـ إعدام القيادات ـ بدأوا ينخرطون في نقدهم للماركسية، وكذلك عندما انهارت الماركسية أعملوا سلاح النقد، لكن الإسلاميين حتى الآن باستثناء مقالات التجاني عبد القادر والردود حولها لم تصدر دراسة يشترك فيها عدد من الناس كل يعبر عن رأيه. لجنة رأب الصدع نفسها حاولت أن تعمل تقييما للتجربة ولكنه كان تقييم لجنة لكي تقدم ورقة لمؤتمر، أما الكتاب الذي أصدره عبد الرحيم عمر محي الدين فهو من نوع الكتب التي تعنى بالحقائق أكثر من تحليلها، وفي هذا الجانب الكتاب فيه رصد للكثير من الحقائق والمقابلات وهو يعين على التحليل وفهم المواقف، وأنا كنت أدعو إلى أن تصدر آراء من مختلف أطراف الصراع داخل الحركة الإسلامية، ولكن كما تعلم الصراع ما يزال ماثلاً وهذه واحدة من المشاكل أن المؤتمر الوطني والشعبي لم يتخلصا جيداً من أجواء 1998 ـ 1999م.
    ? اذاً كيف تُقيّم حرب المقالات الناقدة التي ابتدرها التجاني عبد القادر وردود ومقالات الشيخ السنوسي وأمين حسن عمر، والمحبوب وغازي صلاح الدين؟
    ـ هذا أمر جيد، خاصة وأنها قد صدرت في كتاب، طبعا كثير من الناس سيغضب على التجاني عبد القادر وما كتب، وقد لا يتفقون معه وأنا شخصيا لا أتفق معه وأرى في كتابه الكثير من التناقضات لكن على أية حال هو كتب ول
    كن كتابه كذلك يحتاج إلى قراءة وفي الكتاب نفسه مقالات لامين حسن عمر وللسنوسي، وهذا جيد وكان ينبغي كذلك لأمين والسنوسي أن يواصلا في النقاش مع التجاني ولكن لا يزال هنالك انفعال من جانب أمين والسنوسي في ردهما على التجاني لم يكن رداً موضوعياً هادئاً، ولكنه جيد في بعض جوانبه. ومن ناحية التجاني عبد القادر هنالك مرارة تقرأ في السطور وأنا أقول هذا الكلام لأنه مهم لاننا قضينا فترة طويلة في الحركة، وان نبدو في العمر أصغر بكثير من جيل الترابي أو علي الحاج أو السنوسي ولكن قضينا سنوات طويلة جدا في الحركة الاسلامية، وجاءت اجيال من بعدنا ينبغي ان تفهم ما دار بصورة موضوعية لنؤسس تجربة راشدة ومعافاة.
    ?? إضاءة مهمة جداً:
    مقالات المحبوب عبد السلام «العبرة والاعتبار في الحزب الذي كان»، نشرت بصحيفة الانقاذ الوطني في التسعينات، ولكن الزميل وجدي الكردي اعاد نشرها في صحيفة الاضواء عام 2004م.

    http://www.alsahafa.sd/News_view.aspx?id=53694
                  

10-05-2008, 11:54 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    بين غرور المثقف وصلف السلطة: تأملات في تعقيدات المسألة الأخلاقية
    د.عبد الوهاب الافندي

    عندما يتخذ فرد موقفاً يعلن فيه اعتراضه على سلطة معينة أو موقف لجماعة فإن أول سؤال يطرح نفسه في مواجهة هذا الشخص هو: من أنت حتى تعتقد أن لرأيك قيمة فوق رأي السلطان أو رأي الجماعة؟ هل تعتقد أنك تفهم أفضل من كل هؤلاء الناس، أم هل ترى لنفسك منزلة فوق الحاكم وأهل السلطان؟
    وهذه أسئلة مشروعة، لأن من يريد أن يتميز عن الفريق الغالب أو الجماعة تنزهاً أو إنكاراً لا بد أن يفترض أن لموقفه هذا قيمة وأثراً أكبر من مجرد رأي فرد، وإلا فإن موقفه المعارض لا يكون له قيمة سوى أنه يكلفه غالياً. وهذا موقف لا يخلو من غرور، واعتقاد بأهمية الذات، كما هي حالة أهل الفكر قديماً وحديثاً من فلاسفة وعلماء وأحبار ومثقفين. ولكن هناك جانب آخر للمسألة، هو الجانب الشخصي. في أحيان كثيرة، قد لا يكون الشخص المعني يعتقد بأهمية دوره، ولكنه قد يكون مدفوعاً بدوافع ذاتية أخلاقية أو دينية لا يقدر على مقاومتها. وأهمية دوره تأتي كنتيجة لصلابته الأخلاقية التي تلهم الآخرين. وقد يكون هناك مزيج بين الاثنين. فعندما قرر سقراط أن يشرب السم ويواجه المجتمع الأثيني بالسخرية، كان يدرك أن التزامه بما كان يعظ به تلاميذه ضروري حتى يكون لتعاليمه أثر. وبالمثل فإن رفض الإمام مالك أن يخدم المنصور، ورفض الإمام أحمد بن حنبل أن يغير رأيه في خلق القرآن كان في حال كل منهما موقفاً شخصياً قام على قناعة دينية، ولكنه كان أيضاً يقوم على إدراك بأن هناك أتباع سيتأثرون بموقف الشخص المعني.
    في الفيلم الشهير «رجل لكل العصور» (وكنا قد شاهدناه في أيام الجامعة وتأثرنا به كثيراً) هناك مشهد يتوسل فيه دوق نورفولك إلى صديقه توماس مور التوقيع على قانون ولاية العهد الذي كان يفرض الاعتراف بشرعية زواج هنري الثامن من آن بولين (بعد طلاقه من زوجته الأولى بدون موافقة بابوية) وأحقية أبنائهما في وراثة العرش. وقد رفض مور التوقيع لأن القانون الذي أجازه البرلمان في عام 1534 كان يفرض أيضاً التنصل من الولاء للبابا، وهو ما كان مور يرفضه من منطلق عقائدي. يقول نورفولك لصديقه: «إنني لست بعالم، ولست أدري إن كان هذا الزواج شرعياً أم لا، ولكن اللعنة يا توماس: أنظر إلى كل هذه الأسماء! لماذا لا تفعل ما فعلت وتأتي معنا لمجرد الصحبة؟» فيرد مور: «وعندما نموت، وترسل أنت إلى الجنة لأنك تصرفت بما أملاه عليك ضميرك واجتهادك، ويلقى بي في النار لأنني تصرفت بخلاف ما أملاه علي ضميري، هل ستأتي معي من أجل الصحبة؟»
    بالنسبة لمور كانت القضية قضية ضمير والتزام ديني. فقد كان يؤمن بضرورة احترام السلطات الدينية والمدنية معاً، ولكن كل في مجال اختصاصه، ولهذا لم يصرح بمعارضته للملك إلا بعد إدانته بجريمة الخيانة العظمى والحكم عليه بالإعدام. حينها صرح بأن سلطة البابا مستمدة من الإنجيل ولا يجوز للملك ولا غيره تحديها. وكان قد استقال من منصبه ككبير وزراء الملك ولزم بيته كما لزم الصمت، رافضاً أن يفصح بأسباب رفضه قبول قانون ولاية العهد. ولكن صمته لم ينقذه لأن هذا الصمت كان، كما قال خلفه في الوزارة وكبير قضاته توماس كرومويل، أبلغ من كل حديث، بحيث لا يكاد يوجد شخص في طول أوروبا وعرضها لا يعرف ما يقوله هذا الصمت.
    قد يتساءل متسائل محقاً: لماذا نقدم مور نموذجاً للالتزام الأخلاقي الصارم لدرجة الشهادة، وفي الإسلام نماذج كثيرة لا تقل نصاعة وإشراقاً؟ وهذا صحيح، ولكن للأسف فإن قدامى علمائنا ومحدثيهم قد أدخلوا في الدين بدعة السكوت عن الحق والمداهنة طلباً للسلامة تحت أسماء وشعارات مختلفة، مثل التقية وطاعة ولي الأمر ولزوم الجماعة وغير ذلك من الذرائع المخالفة لصريح القرآن في ضرورة الجهر بالحق والشهادة لله مهما كانت العواقب. ولهذا فإن المفاهيم الإسلامية والمعاصرة، وممارسة كثير من الحركات الإسلامية تحتاج إلى تنقية وتطهير من هذه الشوائب.
    هذه المقدمة كانت ضرورية قبل الاسترسال في توضيح الأسباب التي دفعت بي للتباعد من المنصب الرسمي. فكما ذكرت سابقاً، فإن القرار جاء على مراحل عقب الملابسات التي أوضحناها، ومنها المشاركة في ندوة جامعة ييل لحقوق الإنسان في أواخر عام 1993م. وأكرر أنني لم أدع إلى تلك الندوة بصفتي الرسمية الدبلوماسية، كما أن موضوع حقوق الإنسان في السودان لم يكن مطروحاً على الأجندة، بل كانت الندوة تضم مختصين في القانون والدراسات الإسلامية وتخصصات أخرى لتناول قضية حقوق الإنسان من النواحي القانونية والشرعية والفلسفية. وكما طلب مني فقد أعددت ورقة أكاديمية تناولت بالتحليل الأطروحات المتنافسة حول هذه القضية في الفكر الإسلامي الحديث.
    ولكن يبدو أن بعض المشاركين كانت لهم أجندة أخرى. كان يشاركني في الجلسة الدكتور عبدالله أحمد النعيم القانوني السوداني المعروف، كما اختيرت للتعقيب على ورقتي أكاديمية كندية لا أذكر اسمها اليوم. وقد قدم النعيم في ورقته أفكارا مستمدة من أطروحات أستاذه الراحل محمود محمد طه في تطوير الإسلام، ولم ينس أن يشن هجوماً على الإسلاميين قائلاً أنهم من ذوي الوجهين، فعندهم خطاب موجه للغرب وخطاب آخر «باطن» لأتباعهم وللمسلمين. أما السيدة فقد شنت هجوماً عنيفاً علي شخصياً، مستشهدة بمقاطع اختارتها من مقالة لي نشرت في إحدى الدوريات الأمريكية، كما استغربت استشهادي ببعض مقولات الشيخ الترابي حول قضايا حقوق الإنسان، وركزت بعد ذلك في هجومها على سجل الحكومة السودانية في حقوق الإنسان وكررت ما قاله بيتر ووادوارد بأنه لا يحق لي الحديث عن حقوق الإنسان إذا كان هذا هو شأن الحكومة التي أمثلها.
    رفضت أن أدخل مع السيدة المذكورة في سجال، وقلت للحضور إنني قد دعيت للحديث في موضوع حقوق الإنسان في الإسلام، ولو أبلغت أن الموضوع هو حقوق الإنسان في السودان لقدمت ورقة أخرى. فأنا خبير بالشأن السوداني ليس فقط لكوني سودانياً ودبلوماسياً عاملاً، بل لأنني كذلك باحث متخصص في شؤون السودان. ولكن إذا دعي شخص للحديث عن حقوق الإنسان في اليهودية فإنه لا يبدأ بالحديث عن إسرائيل، كما إنه لا يبدأ بجنوب افريقيا حين يناقش حقوق الإنسان في المسيحية. بل لا بد في الأول من إرساء المبادئ ثم استخدامها للحكم على الممارسات. وأنا أرحب بأي دعوة قادمة لجلسة تخصص لمناقشة ملف حقوق الإنسان في السودان، ولكنني لن أنجر في هذه الجلسة لأي نقاشات حول هذا الموضوع.
    وبالنسبة للأخ النعيم فقد ذكرته بأنني أعيش وأكتب في الغرب منذ أكثر من عقد من الزمان، وأن تسعين في المائة مما أكتب باللغة الإنجليزية، فليوجه حديثه عن أصحاب الوجهين لغيري. وقلت له إنني أريد أن أسألك أمام هذا الجمع، هل الطرح الذي تقدمه الآن يجد القبول عند واحد في الألف في المائة من مسلمي العالم من اندونيسيا إلى المغرب، أم أنه شأن أقلية؟ فأجاب بأنه يعترف بأن اقلية صغيرة فقط تؤمن بهذا الطرح ولكنه يأمل أن يجد القبول. فقلت له إذن إلى أن يجد القبول فإن الحديث عن الإسلام وحقوق الإنسان أو غير ذلك في مثل هذا المقام لا بد من أن يقتصر على ما يقبله المسلمون في غالبهم، وإلا فإنه سيكون ترفاً فكرياً ومضيعة للوقت.
    كما أسلفت فإن هذا الملتقى كان جزءاً من سلسلة طويلة من المفاكرات والمواجهات التي ظلت تؤكد استحالة إجراء أي حوار عن الإسلام بمعزل عن تناول الحالة السودانية. فكما يقال بأن الصورة تغني عن ألف كلمة، فإن الممارسة تغني عن ألف موعظة. ومع علمي بأنه لم يكن يكفي في هذه الحالة أن يبتعد الشخص عن التجربة، لأن ارتباطها بالإسلام ينعكس على كل دعاته، حتى وإن لم يكن لهم بها صلة إلا أنني اتخذت في ذلك قراري بترك الوظيفة الرسمية. وفي أول زيارة لي إلى الخرطوم أعلمت الإخوة برغبتي في التخلي عن موقعي الدبلوماسي. وقد أثار ذلك جدالاً على ما يبدو في داخل الحكم، حيث اتصل بي الأخ مصطفى عثمان إسماعيل مستفسراً عن سبب وطبيعة قراري، وعما إذا كان هو عدم رضا عن الموقع. وطرح علي فكرة تولي منصب السفير في إحدى الدول الأوروبية، ولكنني أبلغته بأن قراري هو التخلي عن أي وظيفة رسمية، وليس مجرد الموقع. وقد تم الاتفاق في نهاية هذه المداولات على أن آخذ إجازة بدون مرتب من الخارجية، كما عهد إلي بإنشاء مشروع إعلامي في لندن خصصت له «ويا للمفارقة» ميزانية كانت تعادل أضعاف ميزانية المكتب الإعلامي الذي كنت أتولى إدارته في السفارة.
    وبالفعل تركت موقعي في السفارة رسمياً في مطلع عام 1995، وانشغلت بمهامي الجديدة ومهام أخرى استجدت. ولا بد أن أعترف بأن قرار ترك العمل الرسمي كانت له دوافع شخصية، لأنه كما أسلفت أصبح مصدر تشويش على أي مساهمة فكرية أتقدم بها. ولأنني لم أكن أريد أن أتبع سنة الشيخ الترابي في الانتحار فكرياً وأخلاقياً دفاعاً عن ممارسات «إخواننا الصغار»، فكان لا بد من الانصراف. وكما ذكرت أيضاً فإن هذا الموقف لم يخل من غرور ينطلق من الاعتقاد بأن للشخص المعني ومساهماته أهمية خاصة. وقد تكون دلالة تهور وتنطع. فهناك كثير من الدبلوماسيين «في مختلف الدول» يستمرون في مواقعهم لعقود دون أن ينسب إليهم خير أو شر، كما أن هناك كثيرا من المفكرين الذين يشار إليهم بالبنان ممن عملوا في خدمة السلاطين، ابتعدوا عن الحديث في الأمور المثيرة إلى الجدل، مكتفين بالكتابة عن التغير المناخي أو السياسة الأمريكية أو القضية الفلسطينية، وما إلى ذلك. ألم يكن يسعنا ما وسعهم من نشدان السلامة في البقاء في الظل؟
    يجب ألا يفهم أن ما سبق دعوة إلى التعلق بهوس المثالية، لأن التنطع الطوباوي يؤدي بالضرورة إلى التطرف، ولكن هناك أكثر من طريقة للتعامل مع الواقع. وقد كنا نقدم في مداولاتنا مقترحات بديلة للتعامل مع الأمور بصورة أفضل وبكلفة أقل، ولم تكن الآراء النقدية التي تقدمنا بها موقف انفردنا به. فقد كان معظم من نتحدث معهم، بما في ذلك غالبية كبار المسؤولين، يشاركوننا الرأي، ولكن معظم هؤلاء كانوا يتجنبون التصريح بهذه الآراء. بل أذكر وقائع كنت أتحدث فيها مع بعضهم بين يدي اجتماع حول بعض القضايا فكان هناك اتفاق كامل في الرأي بيننا، حتى إذا دخلنا الاجتماع وعبرت عن هذه الآراء كان عين هؤلاء القوم هم من ابتدروا الهجوم علي! وأذكر أحد الإخوة ممن قال لي في جلسة خاصة إن انتقاداتك مقصرة لأن هناك مصائب أخرى تجهلها، وأخذ يعدد لي أشياء يشيب لها الرأس. ولكنه كان إذا جد الجد يتفوق على «إخواننا الصغار» في التشدد مدافعاً عن الحال.
    إذن المسألة ليست مسألة تنطع طوباوي، ولكنها مطالبة بالحد الأدنى من السلوك الأخلاقي. فقد يختلف الإنسان مع الآخرين فكرياً أو سياسياً أو عقائدياً، ولكنه لا يسعه إلا احترام المخالف الذي يتمسك بمبادئه. ولكن كيف يحترم الإنسان يسارياً يسابق غيره في خدمة المشاريع الامبريالية وحتى الحكومات الملكية، أو «إسلامياً» يستحل ما حرم الله، أو يسكت عن الباطل طمعاً أو خوفاً؟ وفوق ذلك وقبله مثقفين يرسلون عقولهم في إجازة في حضرة زعيم الحزب والطائفة أو ولي النعمة؟ هذه هي القضية.


    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=53812
                  

10-05-2008, 11:55 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    المحبوب عبد السلام في حوار مع (الصحافة) «حول المشروع الذي كان»: 3/3
    الترابي كان يرى محمود محمد طه شخصاً غريب الأطوار، وشبه فكره بالحشرة

    حوار: علاء الدين محمود
    هذا حوار مع المحبوب عبد السلام حول مقالات كتبها في التسعينيات في صحيفة الانقاذ الوطني تحت عنوان (العبرة والاعتبار في الحزب الذي كان) وكان يقصد الحزب الشيوعي، وكان المحبوب وقتها قيادياً بالانقاذ التي كانت في تمام (تمكينها) مارس المحبوب في هذه المقالات نقداً شرساً على الحزب الشيوعي مستصحباً تجربة الشاعر صلاح محمد ابراهيم ... (الصحافة) تحاور المحبوب حول هذه المقالات وتضعه ايضاً في مواجهة (المشروع الذي كان) .. ? عندما سألك الزميل عبد الواحد ابراهيم عن ان كثيرا من الحركات العقائدية تحمل فشلها عند استلام السلطة إلى قصور في التطبيق ودلل لك بما يقوله بعض الاسلاميين السودانيين ولكنك هربت مباشرة إلى استدعاء التجربة الماركسية وقلت ان ذلك يصلح في الفكر الماركسي؟ - لا أذكر حقيقةً اجابتي عن هذا السؤال بالضبط ولكن اقول ان القصور لم يكن في التطبيق فقط ولكن في الاساس كان في التنظير، فمثلاً في مجال الاقتصاد الاسلامي نحن أسسنا بنوكا اسلامية كبنوك لأن البنك ينجح بنجاح استثماراته وارباحه والودائع التي فيه. نجحنا على هذا المستوى ولكن فلسفة الاقتصاد الاسلامي التي تؤسس لبنك يرعى العلاقات بين الناس وان يحفظ التكافل الاجتماعي وان يرعى الفقراء ويطور مفهوم الزكاة نفسه، هذه المسائل لم تجد نصيباً من التنظير، وكذلك الحكم الاتحادي وجذور المجتمع السوداني ومكوناته لم تُدرس جيداً لذلك نحن تورطنا في مشكلة دارفور مبكراً ، وكما قال الترابي عندما تمرد بولاد كان ينبغي أن نقرأ ان ذلك التمرد مثل بوادر الأزمة ولكننا لم نقرأ ذلك جيداً فعلى مستوى التنظير كان عندنا نقص وعلى مستوى التطبيق كان عندنا اخطاء ، وانا قلت ان ذلك يصلح للماركسية لأنها فكرة جاءت مكتملة لواقع أوروبي بتفاصيله، ولكن الاسلام كتاب وحي صالح لكل زمان ومكان وهنالك تجربة عملية وهي السُنة فالسُنة هي التطبيق العملي في تقديم النموذج في التجربة الاسلامية ولذلك العبارة فعلاً هي أصلح للماركسية لأن الماركسية حاولت ان تقرأ الواقع وتنظر للواقع القائم أمامها، لكن بالنسبة للاسلام فهذا مجهود أمة تشترك فيه كل الأمة. ? باعتباره مشروعاً ربانياً؟ - لا، أصوله هي الربانية لذلك في الاسلام اذا اصاب المجتهد فله اجران وان اخطأ له أجر واحد، وهذا يعني ضرورة ان تجتهد اولاً لتنال أجرين ولكن احتمال الخطأ دائماً موجود، وكما قلت لك في الاصول التي تحدث فيها الترابي، الترابي عبر عن ذلك جيداً عندما قال ان الاجتهاد في الاسلام هو تفاعل النص مع الواقع ومع عقل المجتهد والواقع كما تعلم نسبي وكذلك عقل المجتهد، ولكن النص ليس نسبياً وهذا بالتالي تفاعل دقيق ومركب مما يصعب ان تقول ان النظرية كانت مكتملة وعندما جئنا الى الواقع نقصت النظرية، ولكن النظرية الماركسية مكتملة حتى في نظر ماركس لأنها اجابت عن الاسئلة الاساسية في تاريخ البشرية وقرأت المستقبل على ضوء ما حدث في التاريخ واعتبرت ما سيحدث في المستقبل حتميا. ? قُلتم انكم طرحتم في الحركة الاسلامية في 1987م ميثاق السودان وقلتم ان الوطن يؤسس على المواطنة - وهذا طرح علماني - وليس على الشريعة، ولكن سرعان ما انقلبتم على ذلك في 1989م وبدأتم مشروعكم الحضاري المتواصل مع السماء ورغم اعتراضك على هذه العبارة (المتواصل مع السماء) إلا انني اصر عليها، يا أخي يوسف عبد الفتاح كان في بداية الانقاذ يظن نفسه عمر بن الخطاب عندما قال «من اراد ان تثكله أمه و...» - مقاطعاً: انت قلتها: «يظن نفسه»! ? وهذا ايضاً ما تظنونه في مشروعكم الحضاري؟ - يعني كانت هنالك بعض التعبيرات ايامنا في الجامعة كانت تشير الى هذا المعنى في الاتجاه الاسلامي والمعنى هو اننا نصدر عن نص إلهي ولكن ليس بالضرورة اننا في كل مواقفنا نطابق النص الإلهي لأننا حتى في فهمنا للنص الإلهي قد نُخطئ وقد لا نفهم النص في ضوء النصوص الاخرى وقد لا نفهم كل النصوص وقد لا نجتهد جيداً في فهم واقعنا لأن واقعنا الاقتصادي المعاصر معقد جداً، قد لا تجد شخصا أو اثنين في الحركة الاسلامية يفهمون جيداً معنى الاقتصاد البحت وهذا مهم جداً لحزب يدعى ان له رسالة وله فلسفة. ? هل كانت الوثيقة «ميثاق السودان» تُعبر عما تطلقون عليه «التدافع في الواقع» خاصة وانك ضربت مثلاً بالاحزاب الاسلامية في تركيا وتونس والاحزاب التي اضطرت الى تغيير عقيدتها بعقيدة علمانية حتى تشق طريقها في السياسة فهل هذا من ذاك، وهل هذا ينطبق على ما ذهبتم إليه بعد المفاصلة من انكم لا تُريدون تطبيق الشريعة قسراً انما الشعب هو مصدر التشريع؟ - حزبنا كان في محادة شديدة جداً مع الحركة الشعبية ومع التجمع الوطني الذي كان يوالي الحركة الشعبية الى حد ما، فميثاق السودان جاء بعد ثلاث سنوات من تجربة التعددية في فترة الحكم الانتقالي، لذلك قيادة الحزب كانت ترى في ذلك الوقت ضرورة ان تطرح طرحاً يلائم حزبا يتقدم نحو استلام السلطة، هذا الحزب سيحكم كل السودان وسيفاوض الحركة الشعبية ويحتاج في ذلك ليس الى تبرير أو خطوة انتهازية بل الى اجتهاد اصولي، واعتقد ان ميثاق السودان وقفة جيدة اعاد فيها د. الترابي الحركة الاسلامية الى اصول افكاره التي شوهتها قليلاً تجربة الصراع الحزبي ، واصبحنا كأننا مُعادين للجنوب في ان ينال نصيبه من السلطة والثروة وبهذا المعنى كان هذا الميثاق مهم جداً، وكان السؤال المطروح من مفكرين اسلاميين حتى من خارج السودان مثل محمد فتحي عثمان قال انتم موجودون في وطن مركب فيه اديان وثقافات وعناصر مختلفة وينبغي عليكم في السودان ان تقدموا تنظيرا حول وطن مركب ومعقد وكان ميثاق السودان يستند على التجربة الاولى السابقة لنزول القرآن في المدينة حيث حدد الرسول«صلى الله عليه وسلم» ميثاقا لمكونات المدينة القبلية والدينية، واليهود بتفصيلاتهم ومعاقلهم «لهم ما لنا وعليهم ما علينا» ، ومن الوضح انه من الممكن تأسيس دولة فيها غالبية مسلمة على فكرة المواطنة حيث يجد كل شخص حقه، وكلمة علمانية ينبغي ان تفهم جيداً فهي ليست كلمة واحدة ولها تعاريف مختلفة وتجارب مختلفة خاصة اذا اننا ننظر إليها في اطار الفكر الفرنسي. ? علمانيات؟ - نعم، هنالك علمانيات، وفي اطار الفكر الفرنسي يمكن ان ترى علمانية كاملة وكانت هذه هي المشاكل التي تواجه السودان في ظل حركة تحمل السلاح في الجنوب وتقاتل وفي ظل كذلك حركات اقليمية تستشعر التهميش وان لم تكن تستشعر المجانية الثقافية والدينية بينها وبين الشمال فميثاق السودان هو تجربة ممتازة وليدة تلك الايام وهو وجد تمثلاته في الرسوم الدستور الرابع ثم المرسوم الدستوري الحادي عشر والثاني عشر التي تحدثت عن تقسيم السودان الى 26 ولاية ثم جاءت اتفاقية الخرطوم للسلام مع رياك مشار ولام اكول، وكاربينو كوانين. وميثاق السودان لم يجد تمثلاته في تجربة الجهاد التي اشرت إليه كتجربة إليها وانها توصل الارض مباشرة بالسماء، وكذلك لا تجد تمثلاتها في الشعور الذي عبرت عنه من ان بعض الناس يظنون انفسهم عمر بن الخطاب واستعملوا لغة الاسلام الاول «من أراد ان تثكله أمه» كما كان يقول يوسف عبد الفتاح في تلك الأيام، هذه الروح التي اعترت الانقاذ الاولى كانت متعلقة بمناخ التعبئة والمواجهة مع الآخرين، عندما جاءت الانقاذ كان الناس شرسين جداً في مواجهتها ومقاومتها عبر الاضرابات والحركات العسكرية السريعة وبالطبع كان لهؤلاء المقاومين قراءة سليمة انهم اذا تركوا هذا المشروع للأيام سيقوى بالمقابل اصحاب المشروع هبّوا لحمايته لأن نهاية المشروع تعني نهايتهم لذلك نشأت اجواء التعبئة وهي نشأت كذلك مع حرب الجنوب واجواء التعبئة هذه تمنع النظر الموضوعي خاصة في ما يتعلق بالعلاقة مع الآخر، واتمنى ان لا نعود لأجواء التعبئة بهذا المعنى التي تلغي الآخر واتمنى ان محكمة اوكامبو هذه لا تخرجنا عن موضوعيتنا في تأملها، اتمنى مهما احتدمت الظروف ان لا نعود لاجواء التعبئة التي تلغي الآخر، انا قرأت تصريحا ـ اتمنى الا يكون صحيحا ـ لاحد المسؤولين في المؤتمر الوطني يقول: «اوكامبو واذياله في الداخل» وهذه عبارة خطيرة جدا في مثل هذه الظروف التي نحتاج فيها الى كل من في الداخل وهم ليسوا اذيالا طبعا وانما حركات وطنية. ? عقدت مقارنة بائسة بين المفكر الاسلامي انطونيو غرامشي وسيد قطب في «الانتلجينسيا الاسلامية المتوالية يوم الزحف» عندما قلت ان غرامشي جسد مبادئ سيد قطب وهي بائسة لان المفكر الماركسي عمل على حرية وتحرير الفكر بما في ذلك الفكر الماركسي وكان على النقيض من النموذج السوفيتي وعمل على محاربة الطغاة، بينما اسس سيد قطب للطغيان والعنف حتى افرز فكره وكتاباته معظم الجماعات التكفيرية؟ ـ هذا كلام صحيح وخطأ، صحيح لانك عندما تقرأ «في ظلال القرآن» وانا هنا اختلف مع كثيرين في الحركة الاسلامية لانني اسمع عبارات واضحة من سيد قطب وهم يطالبونني بتأويلها فأرد عليهم بأنني لا أأول الا القرآن ولكن سيد قطب يقول كلاما واضحا فهو يقول مثلا «اذا دعوت الى الشريعة في مجتمع جاهلي فانت تستنبت البذور في الهواء» وهذه المجتمعات التي امامنا اليوم هي مجتمعات جاهلية والوظيفة التي امام الحركة الاسلامية هي دعوتها الى الاسلام، وهذا واضح جدا في «في ظلال القرآن» النسخة المنتشرة الآن وليست الاولى التي اعاد سيد قطب تحريرها في السجن وفعلا سيد قطب قال هذا الكلام واذا اردت ان تؤسس لفكر تكفيري من «في ظلال القرآن» فهذا ممكن، ممكن جدا ان تجد نصوصه واضحة جدا لسيد قطب تؤسس لذلك، لكن المقارنة التي عقدتها مع غرامشي هي فقط في موقفه من الافكار وسيد قطب قبل ان يكتب الظلال، كتب رسالة جيدة جدا هي عبارة عن خطاب لاخته سماه «افراح الروح» قال فيه «افكارنا تظل ميتة حتى اذا متنا في سبيلها دبت فيها الحياة، تظل عرائس من شموع حتى اذا ضحينا في سبيلها اصبحت حية ونابضة.. الخ»، غرامشي يرى نفس هذا الموضوع، طبعا في عهد غرامشي كان هنالك عدد كبير جدا من المفكرين الذين يجلسون في المكتبات وبعيدين عن الناس كانوا اقرب الى الآلهة ينزلون الوحي للناس وهم بعيدون عن مواقعهم فغرامشي كان ضد هذا الموقف، هذا هو الربط الذي ربطته بين سيد قطب وغرامشي، سيد قطب يحتاج الى شخص مثل غرامشي يأخذ الافكار الايجابية فيه ويغذي بها الحركات الاسلامية، مثلا نحن منذ المرحلة الثانوية كنا نفهم ان «معالم في الطريق» كتاب خطر جدا لو فهمه الانسان على وجه الدقة، ولكنه كتاب مفيد جدا لو اردت ان تعبئ شخصا وجدت فيه علامات التراخي والوهن تجاه المشروع الاسلامي كان كتابا تعبويا جدا لان سيد قطب تحدث عن اسلام لا يعرف الا نوعين من المجتمعات، مجتمعا جاهليا ومجتمعا اسلاميا. ? قلت ان قضية الحرية ظلت مطروحة وانها طرحت في الاجتهاد المعاصر وان د. الترابي في مسألة الردة حاول ان يؤسس لفكرة «لا اكراه في الدين». ولكن الترابي نفسه كان وراء اعدام المفكر الشهيد محمود محمد طه بتهمة الردة وبشهادة عديد من الاسلاميين امثال الشهيد محمد طه محمد احمد ود. حسن مكي الذي رأى ان الحكم في قضية محمود كان سياسيا وان الترابي كان «يغير» من محمود وكان «لا بد من قتله»؟ ـ والله ليس صحيحا، اطلاقا ليس صحيحا، لو قرأت كتاب «الفجر الكاذب» لمنصور خالد قال انه والنميري سألا الترابي عن موضوع محمود محمد طه فقال الترابي ان محمود محمد طه شخص غريب الاطوار، واذكر تماما اننا كنا منفعلين جدا بالفكر الجمهوري وكنا ندخل في مجادلة يومية مع الفكر الجمهوري تبدأ من التاسعة صباحا حتى الثانية ظهرا وقوفا على ارجلنا في ساحة الجامعة وكان هذا الامر ـ حسب عمرنا وتجربتنا ـ يهمنا جدا وكنا كلما ذهبنا الى الترابي وحدثناه عن الجمهوريين وكذا يقول لنا اذا قرأتم ملل ونحل الاسلام ستجدون دائما شخصا مثل محمود محمد طه. وكانت هذه اكبر مشكلة عندا لكن كنا كثير جدا انا شخصيا كنت كثير جدا ما اجادل الشيخ الترابي حول خطر الفكر الجمهوري وكان يصر ان الفكر الجمهوري ليس خطرا وكان يقول لي ان الفكر الجمهوري مثل الحشرة التي تتواجد دائما لكنها تعيش ثلاثة ايام لتموت، واذا ذهب محمود محمد طه سيظهر مفكر آخر يحمل آراء غريبة في الاسلام. والغريب طبعا ان موضوع المرتد ردة فكرية بحتة جاءت في اجابة عن سؤال تقدمت به الاستاذة اسماء محمود محمد طه وقالت للترابي ان القرن العشرين هو الذي ضغطك وجعلك تخرج على الشريعة باسم تحكيم الشريعة، وقال لها الترابي ان المرتد ردة فكرية بحتة لا يقتل وفي اليوم التالي اصدر الجمهوريون كتابا قالوا فيه ان الترابي يخرج على الشريعة باسم تحكيم الشريعة واعتبروا هذا خروجا على الشريعة، بالمقابل كان المرحوم محمد طه محمد أحمد كذلك كان مجادلا عنيدا في حلقات الفكر الجمهوري ومحمد طه كان يتبنى الرأي الذي يقول اذا اعدم محمود محمد طه لن يحدث اي شيء، لن يفيض النيل ولن تتزلزل الخرطوم ، وكان هذا نقاشه مع الاخ دالي في تلك الايام، لكن الترابي كان بعيدا جدا عن الحوار، واذكر اننا كنا في جريدة الوان عندما اعدم محمود محمد طه، والوان كانت تصدر في ظل الحكم المايوي ، وسألنا الاخ مهدي ابراهيم عن اعدام محمود محمد طه وكانت اجراءات المحكمة على وشك ان تذهب في هذا الاتجاه، ومهدي ابراهيم تحدث الينا داخل مباني الجريدة في رسالة تنظيمية واضحة ان الحركة ليست مع هذا الحكم وعلى الناس ان تتعامل معه كحكم قضائي فقط. وسألناه عن كيف نعلق علي ذلك؟ فقال: ليس بالضرورة التعليق على اي حكم تصدره المحاكم بمعنى ان علينا ان نلتزم الصمت حيال ذلك لان الاجواء كانت محتدمة لان النميري كان يريد ان يعدم محمود محمد طه ونحن كنا بعضا من حكم النميري، موجودين في اطار المصالحة الوطنية وبالمقابل كانت جمعيات حقوق الانسان الغربية وليدة في ذلك الوقت وتتحدث عن هذه الجريمة.. والخ. ونحن لم نتحدث ويمكنك ان تقول اننا صمتنا، اما ان يكون الترابي وراء اعدام محمود محمد طه فهذا خطأ لان رأي الترابي ان لا يعدم اي شخص يعبر عن افكاره، وهذا لم يكن رأي النميري وكذلك لم يكن رأي القضاة الذين ينتمي بعضهم للحركة الاسلامية، وبعضهم لا ينتمي الى الحركة الاسلامية، القاضي الذي حكم وهو المكاشف طه الكباشي لم يكن من الحركة الاسلامية ولكن كان هنالك حاج نور وكان عضوا في الحركة الاسلامية وكان يؤمن ويعتقد بغير اجتهاد الترابي، فحاج نور كان يرى ان محمود مرتد وينبغي ان يقتل هذا لم يكن رأي د.الترابي ، وتركت القضية في اطار القضاء، ولكن يمكن ان تحاسبنا وتلومنا على اننا لم نعبر عن رأينا في ذلك الوقت بالرفض، ولكن قطعاً فان الرأي الرسمي للحركة الاسلامية الذي تم تبليغه لنا عبر الاخ مهدي ابراهيم ان الحركة الاسلامية لا تؤيد هذا الاعدام ولا تدافع عنه ولا تقف معه، ولكن لم نعبر عن ذلك في جريدة ألوان. ? ذكرت ان محمود محمد طه كان له نظرية أخرى بخلاف الترابي في استنباط الاحكام ويؤسس على جانب يسمى بالادعاء الكبير، ادعاء نبوة جديدة وعندما سألك عبد الواحد ابراهيم هل هذا رأي سياسي اجبت بانه فكري وان محمود محمد طه خارج اطار الفكر الاسلامي السني ويدخل في اطار الفكري الاسلامي الفلسفي، وان تجديد محمود قائم في مجال اخر غير الذي طرحه الترابي. انت لم تضيء هذه النقطة جيدا ، كذلك ذكرت في احدى الندوات ان الجمهوريين يلجأون الى استنطاق النص القرآني وتحدثت عن تفريقهم بين القرآن المكي والمدني؟ - الفكر الجمهوري لم يقرأ جيداً، ولو تمت قراءته جيداً لفهم، محمود محمد طه عنده جانب يعجب كثيرا من الناس خاصة الصحافيين وهذا بجانب ان محمود محمد طه يعتقد ان هنالك مشكلات جاءت من تطور الانسان وتطور الحضارة البشرية حتى بلغت افق القرن العشرين ، وايضا اجتهاده في مجال المرأة ومجال الحدود يعني يمكن جدا ان تناقشه فتقبله او ترفضه، ولكن محمود يؤسس لهذه الاجتهادات على اصول فلسفية، اهم اصل هو ان الشخص الذي يقدم هذه الاجتهادات ليس شخصاً عادياً، في هذا الجانب يعود محمود محمد طه من ثقافته الماركسية وثقافته في الفكر الفرويدي ـ (فرويد) ـ وثقافته في الفكر الاقتصادي الرأسمالي يعود ليصبح شخصا يتبنى بالكامل الفكر الغنوصي الصوفي الذي تحدث عنه ابن عربي وابن سينا ـ نظرية الانسان الكامل ـ وانا كتبت الى الطيب صالح، وكان يقول لي ان محمود محمد طه بامكانه ان يركز على الاجتهاد الفكري ولا يذهب الى مسألة ترك الصلاة. وقلت له ان محمود محمد طه لا يدعو الى ترك الصلاة ولكن له رأي في الصلاة ذات الحركات، فقال لي هذا هو الموضوع. وفعلا هذا هو الموضوع، فمحمود محمد طه يعتقد انه شخص اعطاه الله الفهم عن القرآن وأذن له في الكلام، وانه شخص ينبغي ان يلقب بارفع ألقاب العصر وهو لقب الاستاذ وهو شخص استثنائي بهذا المعنى، واذا كان هنالك شخص أُعطي نص وشخص اخر أُعطي فهم النص في اطار بيئة متقدمة بما لا يقاس عن البيئة التي جاء فيها النص الاول فهو متقدم على الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي جاء بالقرآن، هذا بالنسبة لي كان واضحا جدا في اطار الفكر الجمهوري. المسألة الثانية هي بموجب هذه السلطة الروحية التي منعته من الصلاة ذات الحركات واعطته صفات الانسان الكامل الموجودة في الفكر الفلسفي الغى محمود النص الديني، نص القرآن المدني الغاه من المصحف بمعنى انه لا يهتدي به بل بالقرآن المكي، وكما قال الترابي لم تكن مكة عقيدة بغير شريعة لم تكن توحيدا فقط ، ولكن اذا قرأت سورة صغيرة «المغيرات صبحا» وهذه نزلت في اول مكة، وواضح انها تتحدث عن جهاد مقبل، الزكاة موجودة في سور المدينة، الشورى نفسها جاءت في سورة الشورى وهي مكية كل القيم والمعاني التي تجسدت في شعائر ومكتوبات وفروض في المدينة كانت موجودة في مكة، لم تكن مكة عقيدة بغير شريعة كما كان يريد الفكر الجمهوري ان يقول فهذا من ناحية اصولية، واذكر جيدا ان الجمهوريين في اركان نقاش الجامعة لم يكونوا يحبون ان نناقش الفلسفة واصول الفكر بل كانوا يحبون ان نناقش المواقف السياسية، وطبعا كان لهم باع طويل جدا في نقد المواقف السياسية للحركة الاسلامية في تحالفها مع النميري.. والخ. وصلاح احمد ابراهيم كان يسمي محمود محمد طه وجماعته بالمايويين من منازلهم، ويعتقد ان محمود محمد طه يؤيد مايو وهو لا ينال منها شيئا، ومحمود ايد مايو حتى في ضرب الانصار في الجزيرة ابا وكان موقفا غريبا جدا من مفكر يحترم حقوق الانسان فهذه هي الاضاءة المهمة وهي اذا اردنا ان نؤسس حركة اسلامية معاصرة سنقرأ القرآن كما جاء كاملاً، سنهتدي بالسنة والسيرة، ونقرأ واقعنا في القرن العشرين بكل تفاصيله وحيثياته ونحاول ان نصل لاجتهاد سيكون هنالك قدر من الصواب وقدر من الخطأ ويجيء بعدنا من يصوب ما اخطأنا فيه في اطار تجربة بشرية عادية ليس فيها شخص أتاه الله الفهم عن القرآن واذن له في الكلام.


    http://www.alsahafa.sd/News_view.aspx?id=54085
                  

10-05-2008, 11:57 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    دفاع فتحي الضو عن حسن الترابي! (2من 3)

    د. محمد وقيع الله
    رماح حزب الرحيم علي نحور حزب الرجيم
    ذكر الأستاذ فتحي الضو أني في مقالي الذي حمل عنوان (التآمر على الكتاب المدرسي بعد الكتاب الثقافي: نداء إلى الأستاذ علي عثمان محمد طه)، والذي كان يناقش مسألة قومية تتعلق بالكتاب المدرسي وطباعته وتوزيعه، قد استخففت بعقله واستصغرته، لأني أرجعت جذور البلاء في مسألة احتقار أمر الكتاب الثقافي ثم المدرسي إلى حسن الترابي. فقال الأستاذ الضو في نص له ركيكمر: «ففي مقال له على موقع (سودانيل) يتحسر فيه على وضعية الكتاب المدرسي ويتذكر (فجأة) في سياق نقده لممارسات نالت منه أن بين هذا الشعب فقراء سيحرمون من التعليم، واستغرب كيف يحتقر المثقفون الكتب في دولة الانقاذ رغم أن أكثر (قادتها مثقفون) ويفسر الأمر بإرجاعه «جذور الداء في فكر الترابي» وإن كان صاحبه كراديتش سلب الترابي لقبه الاكاديمي ومشيخته فانظر ماذا فعل وقيع الله به وهو يغوص في جذور الظاهرة «ان زعيم الانقاذ السابق وزعيم الحركة الاسلامية السابق والشيخ السابق حسن الترابي كان يكافح نزعة التثقف والتعلم وسط تلاميذه ومريده الذين هم الآن قادة دولة الانقاذ» يعلم القارئ أنني أخالف الترابي الرأي والفكر والتوجّه ولكنني لا أقبل مطلقاً بمن يستخف بعقلي بهذه الصورة السمجة، وعجبي إن كان صانعها يأمل أن يصدقه أحد!» (وقد نقلت نص الأستاذ الضو بطريقة القطع واللصق بمجمل أخطائه الهمزية وغيرها).
    ولا أدري ما هي الممارسات التي نالت مني هذه التي ذكرها هذا الكاتب، حيث أني لم أشر في ذلك المقال إلى شأن شخصي قط، فهل كان الضو يفكر في شيءآخر وهو يكتب هذا النص فاختُلط عليه وتبلبل فكره وحشر في الموضوع ما ليس منه؟ أم أنه كان في كامل وعيه، وأنه لا يزال يصر على أني ذكرت شأنا شخصيا نال مني يوم ذاك؟
    يمكن للأستاذ الضو أن يجيب، وبيني وبينه القراء الكرام. وبيني وبينه، وبينهم، نص المقال، وقد نشرته إحدى صحف الخرطوم، قبل أن ينشره موقع (سودانايل) فهو بالتالي متاح للجميع!
    ولكني أرجح أن الأستاذ الضو لم يكن في كامل وعيه عندما كتب هذا النص، بقرينة واضحة من تكاثر هذه الأخطاء الإملائية فيه، وبالتالي فإني أعفيه من تبعة هذا الخطأ الذي تورط فيه!
    هل شققتُ عن قلب الترابي؟
    وقد حلا للأستاذ الضو أن يدخل في مجال مغالطات العوام وأشباههم عندما قال عن ردي لجذور الداء في فكر الترابي: «هو يورد قصة غاية في السذاجة عن كيفية لقاء إلتأم لمناقشة أمر الثقافة وبرامجها في الحركة الاسلامية، وقال إن الترابي كان يومذاك صحاضراً ولم يترأس اللقاء ومع ذلك «احبط كل ما ورد فيه بما أوتي من مهارات المكر والاستغفال، فوافق بشكل متسرع مريب على أكثر ما طرح من الاقتراحات، مع استبطان النية والعزم على عرقلة تنفيذها واجهاضها بكل سبل.. «.. وقيع الله هنا يا اخوة العقيدة والدم إما أنه شارك المولى عز وجل بعض صِفاته أو أنه شقّ قلب الترابي وعلِم نواياه».
    هذا ولقد وددت أولا أن ينقل هذا الضو كلامي بطريق القطع واللصق، حتى لا يلحق به هذه الأخطاء الإملائية التي يبدو أنه لا ينتبه إليها مع أنه صحافي محترف!
    ثم وددت ثانياً أن يتحلى هذا الضو بقدر قليل من ذكاء العوام وحكمتهم وخبرتهم بتصاريف الحياة وتصرفات الأنام، فإن المرء مهما كان ذكاؤه محدوداً فإنه قادر على أن يستبطن نوايا وعزائم من يعرفه عشرا أو عشرين من السنين، ويعرف إن كان كاذباً أم مراوغاً أم لا؟
    فهذا أمر لا يحتاج إلى مشاركة المولى الخالق في علمه، ولا إلى شق صدور الخلق، ولا إلى قدرة خارقة في الاستبصار، بل من لا يملك تلك القدرة العادية في معرفة من يتعامل معهم من الناس ليكونن من المحسوبين في عداد البشر الغافلين أو المستغفلين!
    ولقد أتيح لي أن أتابع مسيرة الدكتور الزعيم حسن الترابي منذ عام 1965م، وأن أقرأ أكثر كتاباته، وأن أسمع الكثير من محاضراته، وأن أعرفه عن قرب، وأن أؤلف عن نهجه الفكري كتاباً نفد من الطبع مرتين، أفلا أكون بعد ذلك كله قادراً على معرفة ما إذا كان مراوغاً في تصرف معين من تصرفاته أم لا؟!
    لا عنترية ولا تزلّف:
    وقد ذكرت في مقالي الذي رد عليه الضو أني كنت في غاية الألم والحزن عندما ناقشت ذلك الأمر مع أمين حسن عمر، ولكن الأستاذ الضو يقول إني كنت أتزلّف بذلك لأمين. وهذا هو قوله، أنقله مرة ثانية مع أخطائه الإملائية، ومعها الأخطاء التي أدخلها على كلماتي بين الأقواس: «وفي تزلُّف مكشوف يقول أنه ناقش هذه المسألة مع صديقه أمين حسن عمر وقال له «أن زعيم الحركة الاسلامية شخص متآمر على قضايا الثقافة...» ومرة اخرى يذكرنا وقيع الله بإحدى خواصه الخارقة للمألوف ويقول أن أمين لم يندهش للملاحظة بقدر إندهاشه لعبقريته التي دلته على النقيصة في شخصية الشيخ، والحقيقة أن أمين لم يقل له ولكن سيادته اكتشف ذلك «من الانزعاج الذي اتضحت أمائره على قسمات وجهه» وبغض النظر عن الخوارق يريدنا وقيع الله أن نصدق أنه كان يمكن ان يقول للدكتور الترابي قبل ربع قرن إنه متآمر في حين يظل مكانه في الحركة الاسلامية (الديمقراطية)...
    لقد ذكرت فيما مضى أنني جئت أشكو لأمين حسن عمر رئيسه حسن الترابي، فما هو التزلف في هذا؟! كيف أتزلّف لأمين حسن عمر بشكوى ضد حسن الترابي، وقد كان أمين وقتها من أقرب المقربين، إن لم يكن أقرب المقربين إلى حسن الترابي من الناحيتين الفكرية والعملية معاً؟!
    إنني لو جئت أمتدح حسن الترابي لدى أمين حسن عمر، لكان يمكن أن يقال إن في ذلك تزلفاً لأحدهما أو لكليهما، أما ما بثثته له من مر الشكوى وشديد الاحتجاج فأقل ما يوصف به أنه تذمر أو مخالفة للخط العام الذي كان حسن الترابي يحاول إرساءه في المجال الثقافي الحركي الإسلامي. وربما جنح البعض لوصفه بأنه تمرد أو عصيان، وهو لم يكن كذلك، في الحقيقة، لأنني لم أحاول قط أن أتمرد على قيادة الحركة الإسلامية، أو أن أركز على أخطاء القياديين، وإثارة المتاعب في طريقهم.
    إن أي قارئ يفهم شيئاً في تحليل المضمون، لا يستخرج شيئاً غير ذلك من كلماتي، أما هذا الضو فإما انه كان غائبا عن الوعي عندما استنتج منها ما استنتج، وإما أن تكون خصومته العنيفة اللا مبدئية التي تعميه دائماً عن إصابة الحق هي التي طوَّحت به بعيداً في هذا الاستنتاج!
    وأما قوله إن الترابي كان سيبعدني عن الحركة الإسلامية لو بلغته تلك الملاحظة التي أبديتها عنه لأمين حسن عمر، فليس من العدل في شيء أن نقول إن حسن الترابي كان شخصاً يضيق بالنقد، أو يجنح إلى السيطرة التامة على مجالات الرأي والفكر.
    إن الترابي ليس شخصاً دكتاتوري النزعة، كما يتصوّر هذا الضو، الذي يدافع عنه هذا الدفاع الهزلي اليوم، وإنما هو شخص ليبرالي واسع الأفق، وقد كنا نخالفه كثيراً في الرأي، وقد سبق أن ذكرت أني ناقشته في هذه المسألة التي تحدثت بها إلى أمين حسن عمر، كما ناقشتها مع الأستاذ علي عثمان قبل ربع قرن من الزمان، ولم يتخذ أي منهما إجراء ضدي، فالحركة الإسلامية السودانية ليست حزباً دوغمائياً مستغلق العقل والأفق كالأحزاب اليسارية والحزب الجمهوري المنهار!لم أستصغر عقل الضو:
    ومن استنتاجات الأستاذ الضو الخاطئة أني استصغرت عقله حين رويت تلك الرواية التي لم يقبلها عقله كما قال: «وقيع الله غفر الله له استصغاره عقولنا.. يخط قصة أخرى طرفها أمين نفسه، لكنه يرويها بقراءتين يقول في الأولى إن الترابي «أوصى أمين أن يتزعم النشاط العلمي والثقافي للأخوان في السجن وأن يقضي بكل ما اوتي من قوة على ذلك النشاط»، ولكنه يستدرك بعد أن وخزه شيء لا ندري كنهه ويضع الرواية بقراءة مكية ويقول إن «الترابي أوصى أمين بأن يحول بين الإسلاميين وبين التعمّق في قراءة كتب التفسير والحديث والفقة وأن يوجههم ما استطاع إلى تداول قضايا الفلسفة وتدارس مسائل الفنون والمسرح وتعلم اللغات» ورغم ضعف الرواية يا عزيزي القارئ وأنس في نفس الوقت أمين الذي يتسنم موقعاً تنفيذياً في المنظومة، قل لي بربك ما الذي كان يمكن أن تجنيه الحركة الإسلامية لو أنهم أخذوا بزمام هذه النصيحة الغالية، بل قل ما الذي كان يمكن أن يجنيه وقيع الله (شخصياً) لو أخذ بها قبل ربع القرن المذكور. أمَّا أنا فأستطيع أن أتنبأ لك بأننا -على الأقل- ما كنا لنقرأ مثل تلك الترهات أبداً!».
    وأقول للأستاذ الضو أولاً إنني لم أستصغر عقلك لأنني لم أستكبره يوماً ما. وما ظننت أن لك عقلاً كبيراً وأنت تقع في كل هذه الأخطاء الكثيرة المتتالية في الفهم والاستنتاج، وهي أخطاء لا يقع فيها القارئ العادي الذي تنصب من نفسك بما تنشر من مطلق الغثاء، مرشداً له، وهو الغثاء الذي تلتقطه من ألفاظ شيخك الحقيقي منصور خالد، دون أن تستهدي بشيء من علمه أوفكره!
    لقد فشل الأستاذ الضو فشلاً ذريعاً في فهم مغزى الرواية التي رويتها، ولذلك علق عليها مستفهماً عن مغبَّاتها. وكاد أن يحصر استفهامه عن شخصي لو أني أخذت بتلك النصيحة الغالية، نصيحة حسن الترابي لأمين حسن عمر. وهو استفهام غبي جداً، لأنني ذكرت ابتداءً أني كنت ضد ذلك التوجه، وأني كنت أقاومه أشد المقاومة، فكيف أقبل به، ثم أتبعه، وأنتفع به؟! هذا ما لا يتخيله أو يقول به من له مُسْكة من نُهىً أو رشاد!!
    لقد أوردت تلك الرواية ذات الدلالة القوية الواضحة وأنا أتحدث في مجال معالجة مسألة قومية كبرى، تتعلق بطبع الكتاب المدرسي وتوزيعه، وقد رأيت أن بذور فكر الترابي هي التي سببت، ضمن عوامل أخرى بالطبع، تلك المشكلة. ولو كان لهذا الضو عقل موضوعي كلي، لركز قوله في هذا المقام، ولكنه بعقله الجزئي الضيق، الذي يعميه الغرض الحزبي، ويضله هوى الخصام الفكري المميت، آثر أن يركز بصره على النواحي الشخصية، وعلى قضايا خلافات الإسلاميين مع شيخهم السابق، الشيخ السابق حسن الترابي، وهي قضايا لا تخصه في قليل أو كثير، ولكنه يحاول دون جدوى ودون حياء أن يستثمر بقية أوراقه التالفة في سوقها.
    رواية بالنص وبالدراية والسند القصير:
    ومرة ثانية لست أدري إن كان الضو في كامل وعيه عندما كتب هذه الكلمات الملتبسات، قائلاً عني إني رويت رواية ضعيفة عن أمين حسن عمر. وهذا الضو لا يعرف مصطلح الرواية الضعيفة بالتأكيد. فهي الرواية التي يسقط من حلقة رواتها راوياً أو أكثر. وأما ما جئت به فقد جئت به بسند قصير متصل، غير منفصل، وأسندت القول إلى شخص حي شاخص للعيان، ولم ينف هذا الشخص ما رويته عنه، فبم تضعف هذه الرواية إذن؟!
    وإنني إذ رويت الرواية فقد رويتها مرتين، مرة بخلاصتها، وبما استنتجته منها، ومرة أخرى بنصها وفصها، لمن يحتاج إلى النص والفص من الحرفيين الشكليين. وقد فعلت كل ذلك طوع نفسي، ولم يلزمني بذلك أحد. وقد جئت بذلك من دون أن أخترم لمحة من المعنى، ومن دون أن أتزيد عليه بشيء. ولم يكن ثمة تناقض بين ما رويت بالمعنى أو النص.
    لقد جئت بهاتين الروايتين معاً لتأكيد أمانتي المتحرجة في النقل عن الآخرين. وها هو الشخص الذي رويت عنه، وهو أستاذي أمين حسن عمر، لم يعترض على ما قلت بشيء. ها هو الشخص الذي روى عنه أمين حسن عمر، وهو الشيخ السابق حسن الترابي، لم يعترض على ما روى عنه أمين بشيء، فما بال هذا الشخص (الحشري) فتحي الضو، يجيء ليدس أنفه فيما لا يعنيه، ويعترض على أمر ليس له به شأن، ولا دراية، ولا صلة، ولا فهم؟!
    إنما يريد فتحي الضو فقط أن يدافع بالباطل والمراء والمماحكة عن شيخه الجديد حسن الترابي، وهو دفاع خاسر تماماً، بكل معنى من معاني الكلمة، لأنه يتعلّق بأمر لا يريد حسن الترابي نفسه أن يدفعه عن نفسه ولا يستطيع!

    التعليقات

    1/ عبدالله عثمان - (أمريكا) - 4/9/2008
    للأستاذ محمود محمد طه قول مأثور يقول أن الاقلام والاعلام عند غير أهلها ولعل الدكتور محمد وقيع الله هذا هو خير من تنطبق عليه هذه القولة وقد لا يعجب المرء لكثرة تناقضات هذا الرجل الذى رزءنا به ولكن لعل الله يريد بالشعب السودانى خيرا كثيرا أن اتاح لمثل هؤلاء أن يبثوا سخائم أنفسهم اذ يقول الصوفية "تحدثوا تعرفوا فالمرء مطوى تحت لسانه" وبهذا فلن يطول أمد هذا الجهل المتربع على رؤوسنا اذ سيعرفهم الناس ثم ينفضون من حولهم

    --------------------------------------------------------------------------------



    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=54296
                  

10-05-2008, 11:58 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    د. مصطفى مبارك لـ(الصحافة):
    ابوذكرى محب للحياة ويستحيل أن ينتحر!

    حوار : وفاء طه
    د. مصطفى مبارك، قاص من جيل الستينيات.. عمل في مصلحة الثقافة أيام تأسيسها على يد الفنان ابراهيم الصلحي ودرس في روسيا ورومانيا، حيث نال درجة الدكتوراة في الفولكلور عن تنصيب رث الشلك.. أصدر مجموعة قصصية (الدرس الأخير للبصيرة ام حمد)، ومجموعة (أطفال حليب النيدو العشرة) وله تحت الطبع مجموعة (عجائب لمخلوقات وغرائب الموجودات السودانية)، واشرف في السبعينيات على الملف الثقافي لـ(الرأي العام) حينما صدرت في شكل مجلة بعد التأميم وعمل محاضراً بمعهد الموسيقى والمسرح (مادة ادب شفاهي شعبي) وهاجر الى دولة قطر عام 1982م ليعمل خبيراً في الفولكلور. ? بطاقتك الشخصية والمكونات الثقافية؟ - نشأت في جو ثقافي، انا من اسرة من حي الركابية في ام درمان هاجر والدي الى كوستي مع مجموعة من التجار من ام درمان، وقد لعب هؤلاء الناس دوراً كبيراً في تأسيس مدينة كوستي.. الجو الثقافي العام في كوستي وام درمان يكاد يكون متشابهاً، كوستي مدينة هجين تربط الغرب والجنوب والشمال والجو الثقافي الموجود فيها موجود في مدن كبيرة مثل عطبرة ومدني والأبيض وام درمان، وفي كوستي طبقة من التجار والموظفين المستنيرين وكانت فيها تقدم الموسيقى والمحاضرات وعاش فيها رجال امثال ابراهيم العبادي الذي قض« فيها فترة طويلة، وكذلك الاستاذ محمود محمد طه، وعاش في كوستي يونس الدسوقي وهو رجل من اليساريين المستنيرين وكانت له مكتبة وكذلك مصطفى صالح له مكتبة ممتازة، فنشأنا منذ الطفولة في هذا الجو، وكان اخوالنا واعمامنا مرتبطين بالحركة السياسية والادارة. لم اكن اهتم بالكتابة ولا الصحافة ولكن الصلة القريبة بخالنا عبد الرحمن الوسيلة، كانت في بعض ملامحه، وكنت عند حضوري الى ام درمان، عرفت معظم الناس القريبين مني وفي الاجازات كنا نحضر الكثير من الانشطة سواء في نادي الخريجين وحتى في ود أرو بمعنى ان هذا الجو جعلني ابدي بعض الاهتمام بالثقافة. ? نقطة تحول في حياتك؟ - التحول الاساسي كان في دراستي في كمبوني، وتم فصلي من الدراسة لاننا احتججنا على تدريس مادة علم الاخلاق ورجعت الى كوستي وعملت بها معلماً لمدة ست سنوات ثم عدت إلى الخرطوم وعملت ايضاً معلماً وكان في المعهد الفني نظام دراسات مسائية تؤهل لامتحان الشهادة السودانية وكانت تربطني علاقة صداقة منذ الطفولة في كوستي بالشاعر عبد الرحيم ابوذكرى، وكان في جامعة الخرطم وكان جو جامعة الخرطوم جاذباً في الستينيات.. وعن طريق ابوذكري تعرفت على ابناء جيلي من الشعراء والكتاب أمثال يوسف عيدابي، محمد عبد الحي، عبد الله علي ابراهيم، محمد المكي ابرهيم، كانوا مجموعة واحدة واصبحت تربطني علاقة وثيقة بمحمد عبد الحي وسكنت معه في داخلية بحر الغزال بجامعة الخرطوم وأنا موجود في الركابية عندنا واحد قريبنا نقابي اسمه بابكر محمد صالح عن طريق الاتصال به تعرفت على هذا الجو العام ولم تكن لديَّ ميول للكتابة.. الذي التفت الى مسألة الكتابة هذه كان خالنا عبد الرحمن الوسيلة. كان دائماً يأتي في الديوان يجدني اقرأ او اكتب فسألني ماذا تكتب، فقلت لا، فقام اهداني مجموعة من الكتب وبينها مجموعة قصصية لجون شتاينبك وهذا الجيل وجد دعماً ومساندة. وبدأت أذهب بكتاباتي لجريدة (الرأي العام)، وكان بها ملحق ادبي ممتاز وكنت اذهب اليها مع ابوذكرى وعلي عبد القيوم وعبد الحي وعبد الله علي ابراهيم، وهذه الصفحة الادبية لعبت دورا تاريخيا، وانتبه لهذه القصص التي كتبها وكنت اكتب قصصا ريفية وادين لاحمد علي بقادي بالفضل فقد ساعدني على الكتابة وبارشاداته وتوجيهاته بدأت اعرف كتابة القصة ونشر لي بقادي في (الرأي العام). في ذات مرة احتاجت (الرأي العام) إلى صحافي يغطي أخبار الحوادث وصفحة الجريمة فرشحني بقادي، وكان عمري أقل من 20 سنة، فرفض اسماعيل العتباني تعييني لصغر سني وطلب مني بقادي ان اذهب الى الاستاذ حسن نجيلة، وكان وقتها مديراً للتعليم بالخرطوم، ومن مؤسسي (الرأي العام) ويكتب عموداً فيها وهاج نجيلة باعتباري معلماً متسيباً، فقلت له انا «جاي لموضوع مختلف» أنا مصطفى مبارك القاص -القاص- وعالج حسن نجيلة الأمر بأن اقنع عتباني بأن أعمل فترة العطلة الصيفية 3 اشهر، وعملت في صفحة الحوادث ثم قسم الأخبار واسماعيل العتباني كان له فضل في تجويد الكتابة بمراجعته للصحيفة، وتعلمت من صحافيين كبار ومنهم محمد سعيد محمد الحسن. وفي جامعة الخرطوم كانت هناك ندوة يوم الاثنين ينظمها حسن أبشر الطيب وعقدت ندوة حول قصصي تحدث فيها د. احمد الامين البشير وكان هذا بداية الاهتمام الحقيقي من النقاد، واستفدت من توجيهاتهم وملاحظاتهم وعملت لفترة في صحيفة (الميدان).. ووصلت الى قناعة انه لا بد من الدراسة فذهبت إلى الاتحاد السوفيتي وأغلب قصصي نشرت في (الرأي العام) و(الصحافة) و(الأيام).. بدأت فترة الاغتراب مع الدراسة وترجمت بعض الاعمال ولكن صديقي ابوذكرى كان اكثر اهتماماً مني بالترجمة. ? تجربة مصلحة الثقافة؟ - كنت قد اهتميت بالفولكلور والدراسات الشعبية في موسكو وكان محمد عبد الحي قد عرفني من قبل بالشاعر محمد المهدي المجذوب وكان يسكن قرب السكة الحديد وكوبري الحرية، وكنا نذهب الى بيته وعندما عدت من الاتحاد السوفيتي ذهبت إليه في منزله وكنت وقتها قد تقدَّمت للعمل في جامعة الخرطوم قال لي المجذوب: إبراهيم الصلحي أحضروه ليؤسس مصلحة جديدة للثقافة وذهبنا إليه وقال أنا عينت أربعين لكن تخصصك يلزمنا وسأطلب ظيفة لك اذا وافقوا.. وقال المجذوب «دي خليها علىَّ ـ بقدر عليها» والصحلي طبعاً اشتغل في الادارة الثقافية من التراث مفاهيم وأخلاق المربي. العمل في مصلحة الثقافة كان نقلة كبيرة في حياتي وكان الصحلي على وعي بالصراع الثقافي الكبير بين الدول الكبرى ودول العالم الثالث، وعند ما جاء لتأسيس مصلحة الثقافة قال إن مصلحة الثقافة يجب أن لا تتبع للاتحاد الاشتراكي، لأن الثقافة مسألة قومية. الاتحاد الاشتراكي يمكن يزول وحكومة نميري يمكن ترحل لكن الثقافة هي التي تبقى وقد سعى الصلحي أن تكون مؤسسة أكاديمية.. بدأ الصحلي المصلحة بمكتب صغير واشترى بعض «البروش» والصحلي بحكم خبرته الثقافية العالية وثقافته اسس مصلحة الثقافة على نمط الادارات الثقافية التي اسستها اليونسكو في عدد كبير من دول العالم. ادارة حكومية شبه أكاديمية يفترض أن تعمل سياسة ثقافية للدولة تهتم بالفنون والادب من جهة وتهتم بالثقافات التقليدية من جهة، على اساس انها تلعب الدور الاساس في تنمية الاقاليم وتوزيع الادوار بعد ان اختبرنا جميعا، فأعطاني البحث العلمي وأنا اخترت القبائل غير العربية فقمت بزيارة مناطق الانقسنا وجبال النوبة واحدة من خيرة ثمرات مصلحة الثقافة ذهبنا ووثقنا تنصيب ملك الشلك وعندما ذهبنا كانت الظروف قاسية بيئية وثقافية وآخر تنصيب لرث الشلك في اوائل الأربعينيات وما وجدناه في رسائل ومدونات. ونحن صورنا بالصوت والصورة، ونجحنا نجاحا كبيرا في العمل الميداني وبدأنا نجمع المعلومات والصلحي اتهم ظلماً أنه شارك في انقلاب وسجنه كان بداية انهيار مصلحة الثقافة وكان يجب ان تستمر بهذا الشكل كإدارة حكومية مستقلة تقوم بوضع سياسة ثقافية للدولة، وتهتم بالثقافات التقليدية وهي تلعب دوراً اساسياً في التاريخ وقد كلف بهذا الدور احد الشباب النابهين وهو عبدالله آدم خاطر.. الصحلي كان يرى ان نركز في اتجاه وحدة السودان في اطار التنوع وفي الشعار الذي طرح من زمان، من الشعارات التي روج لها الصلحي.. الصلحي اعتبر ان المصلحة مسؤولة عن ايجاد عناصر الوحدة في التنوع القبلي والعرقي واختير عبد الله آدم خاطر لانه كان عنده قدرة كبيرة على التنظير ولكن سرقته السياسة! في موضوع رث الشلك ذهب معنا مجموعة من جامعة الخرطوم وقدت الفريق الاصلي من مصلحة الثقافة.. والفضل في هذه الرحلة يرجع للمصور السماني عبد المنعم عدوي هو الذي انتبه لهذه المناسبة وقد تربى في الجنوب وكان يعرف لغة الشلك، وسافرنا بالسيارات، لاندروفر، الى فشودة وكان معنا مصورون فوتوغرافيون وسينمائيون وقد انجزت الدكتوراة في تنصيب رث الشلك ورواية ابراهيم اسحق (اخبار البنت مياكايا) لها علاقة بالشلك وخالد المبارك عمل مسرحية عن رث الشلك ومن المميزين في مصلحة الثقافة الاستاذ محمد هارون كافي الذي اخرج كتاباً عن الكجور ولكنه اهتم أخيرا بالسياسة والذي أرجوه من الكتّاب المرتبطين بالحركة الشعبية أن ينتبهوا لبعض الملاحظات من واقع تجربتنا فمثلاً عندما كان النقسنا في زيارتنا يعيشون فوق الجبال وجدنا هناك المحافظ محمد الحسن عوض الكريم الذي أسس محافظة النيل الأزرق، وقد عمل على تنمية المنطقة وبنى خزان باو وكان للانقسنا نظام بدائي وعندما يحتاجون للماء كان النساء يذهبن مسافات بعيدة جداً لجلب الماء ووجدت الذين يعملون هناك من زملائي في الاتحاد السوفيتي الجيولوجيا اذكر منهم احمد علي وياسين كانوا عايشين في ظروف صعبة جداً وان الاخوة الذين عملوا هناك وفي شركة مناجم جبال الانقسنا يستحقون التكريم وقد عملوا في ظروف صعبة في هذه المناطقة المهمشة، وبالنسبة لنا لا اريد القول اننا لعبنا دوراً كبيراً ولكن اغلب الافكار التي لها علاقة بالثقافة التقليدية والاهتمام بها لتلعب دورها في التنمية، وتأخذ منها وبنيها اسهامها في إثراء الثقافة السودانية. ? الثقافة العربية وعلاقتها بالثقافات السودانية؟ - انا اعتقد ان هذا شكل من اشكال الشعوبية ومحاولة للانتقاص من قدر الثقافة العربية في السودان ونقول إن هذا كلام غير سليم لسبب بسيط، ولا نريد أن نقول من الذي اتى في البداية لاننا اذا جئنا لبعض الثوابت نجد ان النيليين هم آخر مجموعة انثربولوجية جاءت من اواسط افريقيا للسودان، والعرب جاءوا للسودان منذ القرن السابع والتاسع الميلاديين وموجودين في هذه المنطقة والمجموعات النيلية جاءت بعد انهيار الممالك النوبية والسلطنة الزرقاء حسب ما كتب كثير من المؤرخين أتت تقريباً خليط من الشلك والعبر والنوبة في فترة لا نعرفها. نأتي لمصطلح الثقافة نفسه وعلماء الثقافة اجتمعوا في نيومكسيكو 1982م مؤتمر رعته اليونسكو اهتم بالسياسات الثقافية من أجل التنمية وصاغوا المصطلح باعتبار الثقافة جماع اللغة والعادات والتقاليد والأعراف والقيم وحقوق الإنسان وهذا المصطلح تم الاجماع عليه في استوكهولم 1998م، فالثقافة لها شقان: شق رسمي ـ ثقافة الكتب والمجلات والشق الآخر: الثقافة التقليدية او الشعبية داخل هذه الثقافة التقليدية نجد الفولكلور وموجودا في ثقافة كل شخص. في مصلحة الثقافة الصلحي وبعض الزملاء اتفقنا على مصطلح مركز الابداع الشعبي، م. عبد الحي، هو الذي سمى مركز الفولكلور ـ انا لم اسمه لأن الفولكلور شيء يجب البحث عنه أغلب المؤرخين كتبوا أن ثقافة وسط السودان كما وصفها البروفيسور عون الشريف قاسم قائمة على دراسة اللغة العربية وتعززت نتيجة للإتصال الثقافي بالثقافات الأخرى ولو رجعنا لكتاب قاموس اللهجة العامية في السودان نجد كيف تكونت اللهجة العامية وكيف أنها أخذت من اللغات البجاوية والنوبية القديمة وأخذت من اللغة المصرية القديمة واللغات الأوروبية الحديثة.. الثقافة العربية في السودان تعتمد على الدين وتعتمد على الكتابة بخلاف اللغات الأخرى ولكنها لم يضع حقوق الثقافات الاخرى.. هذا الشكل من الاتصال الثقافي هو الموجود في الوسط ويشكل ثورة الحركة الثقافية المرتبطة بثقافات الآخرين. وهناك دراسة رائدة نشرت في السبعينيات 1974م د. سيد حامد حريز باللغة الإنجليزية اسمها (التنوع اللغوي والتخطيط اللغوي في السودان) يشير فيها الى ان اللغة العربية في السودان تشكل ما يسمى بلغة التخاطب او اللغة الوسيط واغلب السودانيين في الشمال والجنوب والغرب يتخاطبون بها وبدأت تظهر مثلاً في حلفا الجديدة لغة هجين في 1974م حسب ما ذكر حريز يخاطب بها الهدندوة الحلفاويين مثل عربي جوبا وعموما الثقافة العربية لم تظلم الثقافات الاخرى والمطلوب من الاخوان في مناطق غير عربية ان يهموا بثقافاتهم التقليدية لانها ضرورية للتنمية وممثليهم الذين يأتون إلى وسط السودان تبتلعهم دوامة الثقافة العربية، ويعيشون على نفس نمط الثقافة العربية- الإسلامية في الوسط وقد تعودوا عليه وحتى إذا عادوا إلى مناطقهم فسيتصحبون معهم بذور هذه الثقافة، وبعضهم نسي ثقافته التقليدية. ومن تجاربي أنني درست في معهد الموسيقى والمسرح طالبين هما شول دينق والسماني بوال وهما على معرفة واعية بثقافاتهما وبالثقافة العربية ولم تكن هناك أي مشكلة. والسودان لم يعرف تفرقة عنصرية كالتي كانت في جنوب افريقيا ومن ابناء الجنوب وغيره من المناطق برز الكثيرون في الحياة العامة وفي شتى المهن والتخصصات. ? متابعتك لتطور الحركة الأدبية في السودان؟ - حضرت ندوة تكريم د. تاج السر الحسن وأعتقد أن أزمة النشر هذه قضية أساسية وتسببت في غياب النقد لأن النقد يعتمد على النصوص الأدبية أنا لا أتفق مع د. تاج السر الحسن عندما قال إنه لم يتم نقد أعماله إلا الآن والحقيقة أن تاج السر تمت قراءة أعماله نقدياً في مصر ومنح مكانته أما هذا الجيل في السودان فهو لم تتوفر له أعمال تاج السر وما أن أعيد نشر إنتاجه في التسعينيات فقد قام النقاد بواجبهم. ? أعمالك القصصية المنشورة والتي في طريقها للنشر؟ - نشرت مجموعة البصيرة أم حمد عن دار جامعة الخرطوم للنشر وأطفال حليب النيدو العشرة صدرت في قطر وقبلها كانت قد نشرت في مجلة الاشقاء (اواخر الثمانينيات). لم انتقل للرواية وليس هناك فرق في تقديري بل بالعكس القصة القصيرة شاقة أكثر من الرواية وقد ساعدتني كتابة القصة أن أعبر عن القضايا التي لها علاقة بالمغتربين وجعلتني أنجح في تقديم نماذج مختلفة.. المجموعة الجديدة والتي ستنشر تباعاً في الصحافة وفيما يخص تجربتي في الحياة والسفر وقد عكستها في مجموعة لم تطبع بعد اودعتها لدى الأخ مجذوب عيدروس (سوداني على متن قطار هرم) وهي تجربة زاوجت فيها بين ادب الرحلات والادب القصصي انا لا اكتب جغرافياً ولا سياحة ولكن اكتب عن نماذج بشرية في أغلب البلدان التي زرتها. ? الشاعر الراحل عبد الرحيم ابو ذكرى؟ - وجدت هنا كتاباً عن الشاعر عبد الرحيم ابو ذكري اخذ زهور حياته ورحل.. وفي تقديري ان معظم ترجمات عبد الرحيم ابوكذري لديَّ وفي الكتاب رأيت ترجمة قصيدة لماياكوفسكي ومقالين وقد ارسل لي ابوذكرى معظم ترجماته وهي موجودة عندي واحتفظ بأشياء بخط يده وتحتاج لتحرير وشروحات وقد وعدت مجذوب عيدروس بإرسال كتاب ابوذكرى عن شيكوف بعد العمل عليه ليطبع بالنسبة لي ابوذكرى رفيق عمري ورفيق دراستي وتزاملنا في رومانيا فهو رجل كان تلقائياً جداً وبسيطاً لم تعجبه اللغة الرومانية وبكل بساطة ركب من رومانيا وقطع بعثته ودخل الاتحاد السوفيتي ليواصل تعليمه ولم يبلغ إدارة البعثات، وطبعاً قاموا بفصله، تعامله التلقائي ادخله في ازمات كثيرة الشيئ الآخر الذي اردت ذكره ان ابو ذكرى اعرفه منذ الطفولة وعن طريقه تعرفت على اغلب الناس ومكثت معه في الاتحاد السوفيتي خمس سنوات في غرفة واحدة، وأنا لا اتصور أن ابوذكرى قد انتحر هذه نظرية خاطئة يروج لها من يستفيد منها.. ابو ذكرى كان يشعر بنوع من الضيق والسخونة في جسمه ويفتح الشباك والمباني هناك مافيها (بلكونات) وقد سألت -عن بعض الاعراض- ابني الطبيب التي كانت تأتيه (الاحتمال الكبير يكون عنده اضطراب في الغدد، وهذا العلم في ذلك الوقت لم يكن قد وصل الى هذه النتائج. اكرر ان لا احد يعرف عبد الرحيم ابوذكرى كما اعرفه واوجه نداءً عن طريق (الصحافة) كان ابوذكرى يترجم في ورق وقد اشتريت له دفتراً كبيراً وكان يترجم مقتطفات من الكتب وقد امتلأ هذا الدفتر واخذه احد الاشخاص. وقد كنت الوحيد الذي عاصر طريقة ابوذكرى في الترجمة وكان معجباً بتشيكوف، وتشيكوف كان محباً للحياة وابو ذكرى كان ايضاً محباً للحياة لذلك يستحيل ان يقدم على الانتحار. وكان متفرداً ومحبوباً من كل الطلاب.. وابو ذكرى ليس الطالب الوحيد الذي وقع من بلكونة هناك اكثر من طالب وقعوا بذات الطريقة والبعض منهم ما زالوا موجودين وعلى كل لا يوجد سبب لانتحار ابوذكرى بل بالعكس.. كان ابوذكرى وسيما ورقيقا جداً ومحبوبا، شخصية بهذه المواصفات شخصية لا تودّع الحياة وهو لم يكمل رسالته، ومحمد عبد الحي عندما جاء مديراً لمصلحة الثقافة هو الذي ارسله للبعثة. نواصل


    http://www.alsahafa.sd/News_view.aspx?id=54194
                  

10-05-2008, 11:59 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    بين الأستاذ محمود ودكتور الترابي (1-3)

    د. عمر القراى
    تعقيب على الأستاذ المحبوب عبد السلام:
    لم أعثر على الجزء الأول من الحوار، الذي أداره الصحافي النابه، الأستاذ علاء محمود، مع الأستاذ المحبوب عبد السلام، العضو البارز في حزب المؤتمر الشعبي، واسماه «حول المشروع الذي كان»، في إشارة ذكية لفشل تجربة جماعة الإسلام السياسي، وفشل مشروعها الحضاري الذي ساق الى انشقاقها لوطني وشعبي. ولعل الجزء الأول، قد ركز على الخلاف بين الوطني والشعبي. وهو خلاف لا أحب ان اقف عنده، ولكن ما اود التعليق عليه، هو محاولة الاستاذ المحبوب عبد السلام، للمقارنة الجائرة بين الأستاذ محمود محمد طه ود. حسن عبد الله الترابي. فقد حاول ان يظهر الترابي كمفكر، ويبرر جرائمة كحاكم سابق، على اساس انها مجرد قراءات خاطئة للواقع السياسي، أو اجتهادات فكرية له أجر واحد ان أخطأ فيها، وله أجران ان اصاب!! ثم انه يصور الترابي، وكأنه رجل ديمقراطي، يدعو أتباعه للتفكير الحر، ويقبل أن يختلفوا معه في الرأي. وهو بذلك يبرئه تماماً من كل ما حدث في عهد الإنقاذ، منذ قيامها وحتى المفاصلة. ويحمل المؤتمر الوطني وحده، ما جرى من انشقاق في الحركة الإسلامية. ثم أنه بلغ حدّاً من التضليل، والتزوير لوقائع التاريخ، جعله يقرر ان الترابي لا علاقة له باغتيال الاستاذ محمود، وهو لم يشارك فيه، وانه لم يكن منزعجاً من فكر الاستاذ محمود بل يعتبره كالحشرة!!
    ومن ناحية أخرى، حاول المحبوب ان يصور للقراء، انهم في الحركة الإسلامية، وتحت قيادة الترابي، لم يتعرضوا للفكرة الجمهورية، لأنهم يتفقون مع الترابي في تقييمه للأستاذ محمود، على أساس أنه رجل غريب الأطوار. وأن الاستاذ محمود يدعي مقاماً دينياً كبيراً، ويعتقد أنه شخص استثنائي، وانه الانسان الكامل، الذي ورد ذكره في الفكر السلفي... إلخ. وهذه كلها محاولات لصرف أذهان الناس، عن الإطلاع على فكر الاستاذ محمود، وهي لا تختلف عنما درج عليه الوعاظ والأئمة، حين يرون أن هنالك مجموعة معجبة بأفكار الأستاذ محمود. فبدلاً من توجيههم للإطلاع على كتبه، حتى يتأكدوا بأنفسهم من مبلغ مفارقتها، إن كان بها أي مفارقة، فإنهم يدعونهم لمقاطعتها، باعتبار انها كفر، أو رجس من عمل الشيطان... وهذا الموقف في صرف الناس عن فكر الأستاذ كان دائماً موقف الترابي نفسه. فقبل عام تحلقت مجموعة من الطلاب حول د. الترابي خارج قاعة الشارقة في شارع الجامعة، وسأله أحدهم قائلاً «يا دكتور كان عندك كتاب عن المرأة في الإسلام ذكرت فيه عبارة هي: المرأة في نفسها كإنسان وفي المجتمع كمواطنة مساوية تماماً للرجل في نفسه كإنسان وفي المجتمع كمواطن». فسر الترابي سروراً عظيماً وذكر لهذا الشاب انه فهم كتابه تماماً. ولكن الشاب قال له: ولكن هذه العبارة بالنص منقولة من كتاب الأستاذ محمود محمد طه!! فما كان من الترابي إلا أن انزعج وخرج من طوره، وأخذ يصيح بصوت عالٍ «انتم لا تعرفون محمود فقد ادعى انه إله وادعى النبوة!!». والشاب الذي حدثت معه هذه القصة موجود، وزملاؤه الشاهدون عليها موجودون.
    وحتى يظن القراء أن المحبوب على علم بالفكرة الجمهورية، يقول إنه كان من المجادلين للجمهوريين، في أركان النقاش في الجامعة لساعات طويلة، ويوهمهم ضمنياً، بأنه كان يطرح مثل آرائه هذه عن الأستاذ محمود، وعن الفكرة في نقاشه مع الجمهوريين، ولا يجد عليها إجابات منهم. وفي هذا السياق، يذكر المرحوم محمد طه محمد أحمد، ليظن القراء، انه قد كان متابعاً للحوار مع الجمهوريين مثل محمد طه!! ولو كان المحبوب عبد السلام، قد تابع نشاط الجمهوريين، وشارك في نقاشاتهم مثل محمد ط ، لانتهى الى احترام الفكرة، والإشادة بزعيمها، وتفضيله على جميع الزعماء السياسيين، كما فعل محمد طه في أخريات أيامه، حين وظّف صحيفة الوفاق، لنشر مآثر الاستاذ، وافكاره، والدفاع عنها.
    إن وضع المحبوب داخل الحركة الإسلامية، في الاساس، قد كان وضع تهميش، وهو ما دفعه حين وقع الخلاف، لأن ينحاز إلى المؤتمر الشعبي. فقد نشأ المحبوب كأخ مسلم في جامعة القاهرة فرع الخرطوم، في السبعينيات. وقد كان وضع جامعة القاهرة الفرع في ذلك الوقت أقل من وضع جامعة الخرطوم. إذ لا يدخلها إلا الذين عجزوا من أن يدخلوا جامعة الخرطوم. ولقد كانت الحركة السياسية الطلابية، تنطلق دائماً من جامعة الخرطوم، التي توجه كلا من جامعة القاهرة الفرع والجامعة الإسلامية. لهذه الأسباب كان الإتجاه الإسلامي، في سطحية ظاهرة، يفضل كوادره التي تعمل في جامعة الخرطوم، ويهتم بها أكثر، حتى ان الترابي كان يجئ كثيراً لجامعة الخرطوم، ويقدم محاضرات، ولا يزور الفرع الا نادراً. لهذا عندما جاءت الإنقاذ، أعطت المناصب العليا، والوزارات، ومناصب الأمن، لزملاء المحبوب، من الذين كانوا في السبعينيات طلاباً بجامعة الخرطوم، ولم تعط المحبوب شيئاً!! وحين وقعت المفاصلة، لم يكن للمحبوب رؤية فكرية واضحة، ولعله نظر للفريقين فرأى أنه لو انحاز للمؤتمر الوطني، كما فعل معظم زملائه من خريجي جامعة الخرطوم، فإنه سيقع ضحية التمييز بين الخريجين، وعندها لن يعطى أي منصب ذا بال، بل لن يشعر به أحد.. ولما كان متطلعاً للزعامة، ممنياً نفسه بأن يصبح مفكراً مثل الترابي، فقد فضل الانحياز للترابي، وظن أنه بموقفه المخالف للكثيرين، ربما نال حظوة من الترابي، يذكرها له لو آلت إليه الأمور مرة أخرى.. وكما أخطأ المحبوب حين دخل تنظيم الأخوان المسلمين، وظن أنهم يمكن أن يطبقوا الشريعة الإسلامية، وأخطأ حين كان يعتبر سيد قطب المفكر الإسلامي الأوحد، ثم اكتشف أنه كما قال في مقابلته هذه «وفعلاً سيد قطب قال هذا الكلام واذا أردت ان تؤسس لفكر تكفيري من «في ظلال القرآن» هذا ممكن ممكن جداً ان تجد نصوصه واضحة جداً لسيد قطب تؤسس لذلك». (الصحافة 31/8/2008م) فإنه يخطئ الآن خطأً بالغاً، إذ يظن أن الترابي سيعتبره، لو قدر له أن يصل للسلطة. فإذا كان الترابي لم يرع علاقته، مع من هم أقدم صلات به من تلاميذه، ووصفهم بكل المساوئ، لمجرّد اختلاف المصالح، فهل يرعى للمحبوب إلّاً أو ذمة؟!
    يقول المحبوب عبد السلام «وكنا نقارن أنفسنا في الجامعة بالفكر الجمهوري الفكر الجمهوري كان يقوم على الأستاذ محمود محمد طه ولا يمكن لجمهوري أن ينطق كلمة ما لم يراجع كتب الأستاذ أو يسأله مباشرة لكن الترابي حتى في أصول الفقه التي له فيها اسهام مهم جداً أشار إلى أن الفكر الإسلامي في أصله يتفاعل مع النص والواقع وعقل الإنسان وتجربته الشخصية ونسبيته، وكان يقول أنتم تريدون أن اكتب كتباً كما يكتب محمود محمد طه وان تستندوا إليّ. وكنا فعلاً نطلب ذلك في أول الجامعة وكان يقول أنتم إذا سألكم سائل في حلقة نقاش يمكنكم ان تجتهدوا وتفكروا فهو لا يحتكر الإجتهاد للعلماء ولا يعترف بطبقة اسمها العلماء» (الصحافة 28/8/2008م).
    والحق أن الفكرة الجمهورية دعوة لبعث الإسلام من جديد، وهي تعتمد في ذلك، على الفهم الذي قدّمه الأستاذ محمود محمد طه، دون سائر الدعاة الإسلاميين.. وهي ليست مشروعاً سياسياً هدفه الوصول للسلطة، حتى يختلف فيه اتباعه، الى حد الغياب التام لأي مرجعية، ولأي مسؤولية. وليس حقاً أن الجمهوريين لا ينطقون بكلمة، إلا أذا رجعوا لكتب الاستاذ محمود. بل ان الكتب نفسها، كانت تطرح مواضيعها في جلسات مكثفة من الحوار، حتى يفهم الجمهوريون محتواها، ويقتنعوا به، قبل ان يدعوا الناس إليه. ولما كان الجمهوريون يفهمون فكرتهم حقاً، فقد حملوا الكتب يبيعونها في الطرقات، ويناقشون الناس في محتواها. فهل يستطيع المحبوب، أو أي شخص آخر من أعضاء تنظيمه، ان يحمل فتاوى الترابي في الشارع، ويحاور حولها الناس؟! وحين سأل الترابي تلاميذه هل تريدون أن أكتب لكم كتباً كما يكتب محمود محمد طه هل كان حقاً يعني ما يقول؟؟ ما هي الفكرة التي يعتمد عليها الترابي، ليكتب مثلما كتب الاستاذ محمود؟! ولو كان حقاً يقدر على ذلك، فهل يمنعه خوفه من أن يقلده تلاميذه؟! أما كان من الممكن ان يكتب، ثم يمنعهم من تقليده، ويدعوهم لمناقشة ما كتب. أنظر كيف يعلم الترابي تلاميذه المفارقة الدينية والأخلاقية (إذا سألكم سائل في حلقة نقاش يمكنكم ان تجتهدوا)!! لكن الاستاذ محمود، يقول لتلاميذه، إن الشرط لأن يدعوا أحدكم للفكرة الجمهورية، هو الإلتزام بأدب الآية الكريمة «قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون» فإذا سئل الجمهوري في حلقة نقاش، وهو لا يعرف الإجابة، فعليه ان يقول لا أعرف، بدلاً من أن يجتهد ويقول على الله ما لا يعلم حقه من باطله. هذا نموذج واحد، وسنسوق نماذج عدة، لنوضح أن هذين الرجلين، لا يمكن لعاقل ان يقارن بينهما. «هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون»؟!

    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=54480
                  

10-06-2008, 00:00 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    دفاع فتحي الضو عن حسن الترابي..!! «3 - 3»
    د. محمد وقيع الله
    رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم: لقد زعم الأستاذ الضو أني أتقرب إلى الأستاذ علي عثمان محمد طه لكي يوليني منصبا من مناصب الحكم، وما أسخف هذا من زعم، فلو كنت أشتهي منصبا من هذه المناصب المستحقرة في نظري، فلماذا تأخرت كل هذا الوقت الطويل إذن، وقد كان لي متسع من زمان مضى أنال فيه ما أشتهي وأريد ؟! وقد كنت ذكرت في مقالي هذا الذي علق عليه هذا الضو، أني لم أتصل بعلي عثمان محمد طه منذ أكثر من عشرين عاما، فلو كنت أبغي منصبا أو مغنما أما كنت أسارع بالحديث إليه، أو إلى أحد أعوانه الأقربين، ولا يحتجب عني أحد منهم ولا يصدني عن سبيل ؟! إلا أني في إبائي وتمنعي كنت أبعد وأتنأى عنهم كلهم أجمعين، وما زال الأمر كذلك، إلى أن تفضل الأستاذ علي عثمان محمد طه فاتصل بي عن طريق الهاتف قبل أشهر معدودات، فهذا هو الأستاذ علي عثمان بتواضعه الأخوي العميق الذي عرفته فيه منذ عرفته عقب ثورة شعبان لم يتبدل بشيئ. وأما ما أضفيته عليه من صفات الأخ الأكبر والأستاذ فقد كان من قبيل اعترافي بالفضل لأهله، ولم يكن محاولة مني للتقرب أو الاستجداء كما فهم الضو الذي لا يفهم الأمور إلا على هذا النحو الذي يليق به وبشيعته من المنتفعين بالنضال في مجاري التجمع. ولذلك قال عني: «في تزلف آخر مكشوف يوجه وقيع الله رسالة من داخل المقال إلى علي عثمان طه الذي يصفه مرة بـ «أستاذي» وأخري بـ «الأخ الأكبر» وكل حرف فيها يقطُر «دهنسةً» ونفاقاً، وأستطيع أن أختصر للقارىء فحوى هذه الرسالة التي قدم فيها مقترحات للمذكور بزعم » ليضع حداً لمؤامرات بعض القوم الجهلاء الظلاميين وتجار المكاسب المادية الآنية، في دولة الانقاذ، من هؤلاء الذين يريدون أن يتغولوا على ما بقي من اعتمادات وزارة التربية والتعليم وإمكاناتها القليلة، «فحدسي وقرائن الأحوال يا عباد الله يؤكدان لي أن الرجل يريد أن يقول من البعد لأخيه وأستاذه انه أقرب إليه من حبل الوريد وبوسعه الاعتماد عليه في إنجاز هذه المهمة المستحيلة»! فهذا قول من لا يفهم ولا يفقه شيئا في مسائل النبل والمعالي ومكارم الأخلاق. وقول من يفسر كل اعتراف بالفضل، وكل وفاء للحق، على أنه زلفى وملق. وأنا من عاداتي، بفضل الله تعالى، الوفاء لأساتذتي كلهم وتبجيلهم وإكرامهم، وأساتذتي يشهدون لي بذلك بحمد الله، وآخر كتاب صدر لي قبل أشهر أهديته إلى أستاذي في المدرسة الوسطى، الذي لم أره منذ عام 1968م، الأستاذ الجليل عباس أحمد الريح، لأنه دربني منذ الصغر على تذوق الشعر العربي، وتحليل نصوصه. وقريبا بإذن الله تعالى سأنشر فصلا عن أستاذي في المدرسة الأولية، الأستاذ الجليل محمد أحمد خلف الله، بعنوان «عبقرية أستاذ»، وسأعرض فيه بعض فضائله ومجاهداته في إخراجي وإخراج أبناء جيلي والأجيال اللاحقة بقرية «كلي» من عالم البداوة إلى عالم الحضارة والعصر الحديث، فهل في ذكري لأمثال هذه المناقب والمحاسن والمجاهدات الحميدة شيئ من ملق أو نفاق أم هو من قبيل إيفاء الحق لأهله باستحقاق؟ ميزان الضو المزدوج: إن مدحي لأي إنسان لا يبدو في نظر هذا المسمى بالضو، وما هو بضوء، إلا ملقا ورياء، وأما مدحه هو المبالغ فيه للأشخاص من أشباهه، وثنائه المبالغ فيه على الأستاذ التيجاني الطيب وهو الثناء الذي ورد في مطلع مقاله الذي كتبه عني، فليس فيه ملق أو رياء، وذلك مع أنه وصف الأستاذ الطيب بأكثر مما وصفت به الأستاذ علي عثمان من أنه أخ لي وأستاذ، فالميزان الذي يزن به الأستاذ فتحي الضو الأمور، وإن تشابهت، ليس ميزانا موحدا، وإنما هو ميزان مزدوج شديد التطفيف. عينة أخرى من الوزن المزدوج: ولمزيد من الدلالة على ذلك دعنا ننظر إلى عينة أخرى من وزن الأستاذ الضو المزدوج للأمور. لقد سبق لهذا الأستاذ أن أخذ على قولي عن الدكتور الترابي إنه كان ينوي إحباط ما وافق عليه من مشروعات العمل الثقافي الإسلامي، وذكر أني إما أن أكون قد شاركت الله تعالى في علمه أو شققت عن قلب الترابي وعلمت بعض خباياه. وأما الآن فإن الأستاذ الضو قد استباح لنفسه أن ينظر في قلوب الخلق، حينما زعم بأنني حينما خاطبت الأستاذ علي عثمان في ذلك المقال، كنت أقدم له نفسي لكي يعطيني منصبا في وزارة التربية والتعليم. وقال إن ذلك أمر مؤكد، أي أن زعمه هذا ليس ظنا، ولا رجما بالغيب، وإنما هو علم يقيني، أو هو علم لدني شبيه بعلم شيخه محمود محمد طه الذي كان يدعيه، وهو الشيخ الضال الذي أهداه الضو كتابه الأخير، الذي فصل فيه كل أمارات ودلائل عجز وفساد التجمع، الذي كان ينتمي إليه، وأهدر سنوات شبابه في خدمته، ثم جاء أخيرا ليحدثنا عن خيبته. لا يعرف معانى المفردات التي يستخدمها: ومن قلة حصافة هذا الضو، وشدة تسرعه، وقلة اختباره لمعاني المفردات التي يستخدمها، أن قال عن نفسه:« فحدسي وقرائن الأحوال يا عباد الله يؤكدان لي أن الرجل يريد أن يقول من البعد لأخيه وأستاذه انه أقرب إليه من حبل الوريد وبوسعه الاعتماد عليه في إنجاز هذه المهمة المستحيلة»! ويبدو أن الأستاذ الضو لا يعرف معاني الكلمات المفتاحية التي استخدمها في الفقرة السابقة، فلنشرحها له إذن، حتى لا يستخدمها بهذا الشكل الخاطئ في مقال إنشائي قادم. وهنا أقول للأستاذ الضو: إن الحَدْس يعني الإلهام، وهو جزء من علم الباطن، وهو علم غير يقيني، علم غامض يهجم على القلب، لا العقل، ولا يرتكز على مقدمات، أيا كانت، ولا يعتمد على براهين، ولا على دلائل، ولا على بينات. وأما قرائن الأحوال، فهي مجرد مؤشرات غير قاطعات من علم الظاهر، ومن علم القانون بالذات، وهي الأخرى لا تؤكد شيئا تأكيدا نهائيا، وقصاراها أن ترجح ظنا أو احتمالا ما على ظن أو احتمال آخر، ولا تقطع في شيئ بيقين كامل، فكيف تهيأ للضو إذن أن يتأكد، وأن يستيقن، أني أهدف إلي نيل منصب ما، من مجرد حدْس طرأ له، أوقرائن أحوال طافت بخياله، وهو غارق مُستَغرَقٌ في السَّمادير؟!. ألاَ إن ذلك هو فيما يبدو منهج الأستاذ الضو المعتمد في أكثر ما يدبج في الصحف من مقالات، وما يلهج به في المحافل من محاضرات، باعثها في أكثرها مجرد الحَدْس، والظن، والخيال المَرضي، الذي يظنه يقينا وما هو بيقين. ولذلك يظل يشطح أبدا بالأقاويل، وينضح بالأباطيل، ويتوحل في الرمل والطين، فمثله كمثل الكاتب اليساري الطائفي العلماني الذي ظل يلهث، حتى عاجله إمام الفكر العقاد العبقري، بطعنة نجلاء دامية أردته، عندما وصفه بأنه الكاتب الذي لا يكتب إلا ليحقد، ولا يحقد إلا ليكتب، وليسود الصحف السيارة بالترهات والأضاليل. حدْس لا ضوء فيه: إن حدس الأستاذ الضو وقرائن أحواله، ليست بمضيئة، ولا وضيئة، ولا مصيبة، ولا اقتربت من صواب. وفيما يتصل بأمر هذه الوظيفة الحقيرة المستحقرة التي يظن هذا الضو أن نفسي تهفو إليها، فليسمع مني هذا الضو، وليسمع مني كل من يريد أن يسمع هذا القول: إن مناصب الدنيا كلها تحت قدمي هاتين، وإني لست متطلعا إلى منصب سياسي من أي نوع، ولن أقبله، ولو أجبرت عليه. ولن يراني أحد قط أعمل في غير ميدان نشر العلم الشريف، ورصدِّ وصدِّ وردِّ عَدَاةِ الإسلام والإنقاذ الحمقى وردعهم. لاسيما وأني قد وجدت أخيرا في تشجيع الأستاذ الضو لي باعترافه بشدة وطأة قلمي عليه، وعلى أشباهه من خصوم الحركة الإسلامية والإنقاذ، ما يدعوني لعدم مبارحة حرم العلم الشريف، وعدم ولوج ساحة العمل السياسي، الذي أنا غير مهيأ له بطبعي، ولا تنزع نفسي لتولي أي منصب من مناصبه على الإطلاق. هذا وسأبقى في انتظار تهديد الأستاذ الضو لي باتصال جولة أخرى في السجال، وهي جولة ستسنح لي فيها فرص أكيدة، بإذن الله، لأسدد مزيدا من رماح حزب الرحيم إلى نحور حزب الرجيم.

    التعليقات

    1/ omer kamal - (Qatar) - 7/9/2008
    غايتو انا ما عارف انت مالك؟
                  

10-06-2008, 00:04 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    بين الأستاذ محمود ودكتور الترابي (1-3)
    د. عمر القراى

    تعقيب على الأستاذ المحبوب عبد السلام: لم أعثر على الجزء الأول من الحوار، الذي أداره الصحافي النابه، الأستاذ علاء محمود، مع الأستاذ المحبوب عبد السلام، العضو البارز في حزب المؤتمر الشعبي، واسماه «حول المشروع الذي كان»، في إشارة ذكية لفشل تجربة جماعة الإسلام السياسي، وفشل مشروعها الحضاري الذي ساق الى انشقاقها لوطني وشعبي. ولعل الجزء الأول، قد ركز على الخلاف بين الوطني والشعبي. وهو خلاف لا أحب ان اقف عنده، ولكن ما اود التعليق عليه، هو محاولة الاستاذ المحبوب عبد السلام، للمقارنة الجائرة بين الأستاذ محمود محمد طه ود. حسن عبد الله الترابي. فقد حاول ان يظهر الترابي كمفكر، ويبرر جرائمة كحاكم سابق، على اساس انها مجرد قراءات خاطئة للواقع السياسي، أو اجتهادات فكرية له أجر واحد ان أخطأ فيها، وله أجران ان اصاب!! ثم انه يصور الترابي، وكأنه رجل ديمقراطي، يدعو أتباعه للتفكير الحر، ويقبل أن يختلفوا معه في الرأي. وهو بذلك يبرئه تماماً من كل ما حدث في عهد الإنقاذ، منذ قيامها وحتى المفاصلة. ويحمل المؤتمر الوطني وحده، ما جرى من انشقاق في الحركة الإسلامية. ثم أنه بلغ حدّاً من التضليل، والتزوير لوقائع التاريخ، جعله يقرر ان الترابي لا علاقة له باغتيال الاستاذ محمود، وهو لم يشارك فيه، وانه لم يكن منزعجاً من فكر الاستاذ محمود بل يعتبره كالحشرة!! ومن ناحية أخرى، حاول المحبوب ان يصور للقراء، انهم في الحركة الإسلامية، وتحت قيادة الترابي، لم يتعرضوا للفكرة الجمهورية، لأنهم يتفقون مع الترابي في تقييمه للأستاذ محمود، على أساس أنه رجل غريب الأطوار. وأن الاستاذ محمود يدعي مقاماً دينياً كبيراً، ويعتقد أنه شخص استثنائي، وانه الانسان الكامل، الذي ورد ذكره في الفكر السلفي... إلخ. وهذه كلها محاولات لصرف أذهان الناس، عن الإطلاع على فكر الاستاذ محمود، وهي لا تختلف عنما درج عليه الوعاظ والأئمة، حين يرون أن هنالك مجموعة معجبة بأفكار الأستاذ محمود. فبدلاً من توجيههم للإطلاع على كتبه، حتى يتأكدوا بأنفسهم من مبلغ مفارقتها، إن كان بها أي مفارقة، فإنهم يدعونهم لمقاطعتها، باعتبار انها كفر، أو رجس من عمل الشيطان... وهذا الموقف في صرف الناس عن فكر الأستاذ كان دائماً موقف الترابي نفسه. فقبل عام تحلقت مجموعة من الطلاب حول د. الترابي خارج قاعة الشارقة في شارع الجامعة، وسأله أحدهم قائلاً «يا دكتور كان عندك كتاب عن المرأة في الإسلام ذكرت فيه عبارة هي: المرأة في نفسها كإنسان وفي المجتمع كمواطنة مساوية تماماً للرجل في نفسه كإنسان وفي المجتمع كمواطن». فسر الترابي سروراً عظيماً وذكر لهذا الشاب انه فهم كتابه تماماً. ولكن الشاب قال له: ولكن هذه العبارة بالنص منقولة من كتاب الأستاذ محمود محمد طه!! فما كان من الترابي إلا أن انزعج وخرج من طوره، وأخذ يصيح بصوت عالٍ «انتم لا تعرفون محمود فقد ادعى انه إله وادعى النبوة!!». والشاب الذي حدثت معه هذه القصة موجود، وزملاؤه الشاهدون عليها موجودون. وحتى يظن القراء أن المحبوب على علم بالفكرة الجمهورية، يقول إنه كان من المجادلين للجمهوريين، في أركان النقاش في الجامعة لساعات طويلة، ويوهمهم ضمنياً، بأنه كان يطرح مثل آرائه هذه عن الأستاذ محمود، وعن الفكرة في نقاشه مع الجمهوريين، ولا يجد عليها إجابات منهم. وفي هذا السياق، يذكر المرحوم محمد طه محمد أحمد، ليظن القراء، انه قد كان متابعاً للحوار مع الجمهوريين مثل محمد طه!! ولو كان المحبوب عبد السلام، قد تابع نشاط الجمهوريين، وشارك في نقاشاتهم مثل محمد ط ، لانتهى الى احترام الفكرة، والإشادة بزعيمها، وتفضيله على جميع الزعماء السياسيين، كما فعل محمد طه في أخريات أيامه، حين وظّف صحيفة الوفاق، لنشر مآثر الاستاذ، وافكاره، والدفاع عنها. إن وضع المحبوب داخل الحركة الإسلامية، في الاساس، قد كان وضع تهميش، وهو ما دفعه حين وقع الخلاف، لأن ينحاز إلى المؤتمر الشعبي. فقد نشأ المحبوب كأخ مسلم في جامعة القاهرة فرع الخرطوم، في السبعينيات. وقد كان وضع جامعة القاهرة الفرع في ذلك الوقت أقل من وضع جامعة الخرطوم. إذ لا يدخلها إلا الذين عجزوا من أن يدخلوا جامعة الخرطوم. ولقد كانت الحركة السياسية الطلابية، تنطلق دائماً من جامعة الخرطوم، التي توجه كلا من جامعة القاهرة الفرع والجامعة الإسلامية. لهذه الأسباب كان الإتجاه الإسلامي، في سطحية ظاهرة، يفضل كوادره التي تعمل في جامعة الخرطوم، ويهتم بها أكثر، حتى ان الترابي كان يجئ كثيراً لجامعة الخرطوم، ويقدم محاضرات، ولا يزور الفرع الا نادراً. لهذا عندما جاءت الإنقاذ، أعطت المناصب العليا، والوزارات، ومناصب الأمن، لزملاء المحبوب، من الذين كانوا في السبعينيات طلاباً بجامعة الخرطوم، ولم تعط المحبوب شيئاً!! وحين وقعت المفاصلة، لم يكن للمحبوب رؤية فكرية واضحة، ولعله نظر للفريقين فرأى أنه لو انحاز للمؤتمر الوطني، كما فعل معظم زملائه من خريجي جامعة الخرطوم، فإنه سيقع ضحية التمييز بين الخريجين، وعندها لن يعطى أي منصب ذا بال، بل لن يشعر به أحد.. ولما كان متطلعاً للزعامة، ممنياً نفسه بأن يصبح مفكراً مثل الترابي، فقد فضل الانحياز للترابي، وظن أنه بموقفه المخالف للكثيرين، ربما نال حظوة من الترابي، يذكرها له لو آلت إليه الأمور مرة أخرى.. وكما أخطأ المحبوب حين دخل تنظيم الأخوان المسلمين، وظن أنهم يمكن أن يطبقوا الشريعة الإسلامية، وأخطأ حين كان يعتبر سيد قطب المفكر الإسلامي الأوحد، ثم اكتشف أنه كما قال في مقابلته هذه «وفعلاً سيد قطب قال هذا الكلام واذا أردت ان تؤسس لفكر تكفيري من «في ظلال القرآن» هذا ممكن ممكن جداً ان تجد نصوصه واضحة جداً لسيد قطب تؤسس لذلك». (الصحافة 31/8/2008م) فإنه يخطئ الآن خطأً بالغاً، إذ يظن أن الترابي سيعتبره، لو قدر له أن يصل للسلطة. فإذا كان الترابي لم يرع علاقته، مع من هم أقدم صلات به من تلاميذه، ووصفهم بكل المساوئ، لمجرّد اختلاف المصالح، فهل يرعى للمحبوب إلّاً أو ذمة؟! يقول المحبوب عبد السلام «وكنا نقارن أنفسنا في الجامعة بالفكر الجمهوري الفكر الجمهوري كان يقوم على الأستاذ محمود محمد طه ولا يمكن لجمهوري أن ينطق كلمة ما لم يراجع كتب الأستاذ أو يسأله مباشرة لكن الترابي حتى في أصول الفقه التي له فيها اسهام مهم جداً أشار إلى أن الفكر الإسلامي في أصله يتفاعل مع النص والواقع وعقل الإنسان وتجربته الشخصية ونسبيته، وكان يقول أنتم تريدون أن اكتب كتباً كما يكتب محمود محمد طه وان تستندوا إليّ. وكنا فعلاً نطلب ذلك في أول الجامعة وكان يقول أنتم إذا سألكم سائل في حلقة نقاش يمكنكم ان تجتهدوا وتفكروا فهو لا يحتكر الإجتهاد للعلماء ولا يعترف بطبقة اسمها العلماء» (الصحافة 28/8/2008م). والحق أن الفكرة الجمهورية دعوة لبعث الإسلام من جديد، وهي تعتمد في ذلك، على الفهم الذي قدّمه الأستاذ محمود محمد طه، دون سائر الدعاة الإسلاميين.. وهي ليست مشروعاً سياسياً هدفه الوصول للسلطة، حتى يختلف فيه اتباعه، الى حد الغياب التام لأي مرجعية، ولأي مسؤولية. وليس حقاً أن الجمهوريين لا ينطقون بكلمة، إلا أذا رجعوا لكتب الاستاذ محمود. بل ان الكتب نفسها، كانت تطرح مواضيعها في جلسات مكثفة من الحوار، حتى يفهم الجمهوريون محتواها، ويقتنعوا به، قبل ان يدعوا الناس إليه. ولما كان الجمهوريون يفهمون فكرتهم حقاً، فقد حملوا الكتب يبيعونها في الطرقات، ويناقشون الناس في محتواها. فهل يستطيع المحبوب، أو أي شخص آخر من أعضاء تنظيمه، ان يحمل فتاوى الترابي في الشارع، ويحاور حولها الناس؟! وحين سأل الترابي تلاميذه هل تريدون أن أكتب لكم كتباً كما يكتب محمود محمد طه هل كان حقاً يعني ما يقول؟؟ ما هي الفكرة التي يعتمد عليها الترابي، ليكتب مثلما كتب الاستاذ محمود؟! ولو كان حقاً يقدر على ذلك، فهل يمنعه خوفه من أن يقلده تلاميذه؟! أما كان من الممكن ان يكتب، ثم يمنعهم من تقليده، ويدعوهم لمناقشة ما كتب. أنظر كيف يعلم الترابي تلاميذه المفارقة الدينية والأخلاقية (إذا سألكم سائل في حلقة نقاش يمكنكم ان تجتهدوا)!! لكن الاستاذ محمود، يقول لتلاميذه، إن الشرط لأن يدعوا أحدكم للفكرة الجمهورية، هو الإلتزام بأدب الآية الكريمة «قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون» فإذا سئل الجمهوري في حلقة نقاش، وهو لا يعرف الإجابة، فعليه ان يقول لا أعرف، بدلاً من أن يجتهد ويقول على الله ما لا يعلم حقه من باطله. هذا نموذج واحد، وسنسوق نماذج عدة، لنوضح أن هذين الرجلين، لا يمكن لعاقل ان يقارن بينهما. «هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون»؟!

    التعليقات

    1/ امير - (بريطانيا) - 7/9/2008
    لا افهم هل يدعو الكاتب لبعث الجمهورية المنقرضة و التى حاول زعيمها الخلط بين الدين و الفلسفة و اتى على الدين بما هو ليس فيه و ادعى التجديد و انكر معلوما من الدين بالضرورة و قال ان الصلاة رفعت عنه فضل و اضل.
                  

10-06-2008, 00:08 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    الحـــوار مــــع الغــرب

    خالد بابكر أبو عاقلة الاكثار من هذا الموضوع من الامور الجديدة، وان كان الموضوع قديما، وذلك لتقارب المسافة بين العالمين والاقتراب العقلي من القضايا المتشابهة والمختلفة التي انعقدت حولها الكثير من المؤتمرات الفكرية التي حلت الى حد ما محل الاستشراق والتفكير الاحادي. ولكن الذي اثار غبار الموضوع اكثر من ذي قبل وادخل اقلاما لا عهد لها بالموضوع ولا علاقة بينة جدلا وتسطيرا فيه، هو انتشار ما سمي بالارهاب بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر، فتسارعت وتيرة الجدل واهتمت بالموضوع الصحافة السياسية واساطين كتابها، خاصة في كبريات الصحف الاوربية والاميركية، واصبح الموضوع برنامجا معادا يستقدم له الضيوف من اقاصي الارض في الفضائيات، ويستكتب له المحللون من الاصقاع البعيدة، ومعلمو السياسة في الجامعات. فصار الموضوع مباحا لتداخله في التخصصات او لكثرة تداوله بين المتخصصين المختلفين. والحوار فضيلة تؤكد عليها مفاهيم الغرب، وباب للوصول للحقائق، فكيف نفهمه نحن وكيف يفهمه الغربيون؟ او ماذا يريدون منه وماذا نريد منه نحن؟ أهناك هدف من ورائه ام اننا وهم نتحاور تأكيداً للفضائل العالمية واحياءً لها؟ هم كما يظهر لكل فاحص بالنظر البسيط، يتحاورون لنشر أفكارهم في السياسة، فهي الافكار التي يودون فرضها بالشروط والاملاءات والضغوط ما ظهر منها وما بطن، ويختارون لهذا الهدف النخبة الحاكمة التي يهيئونها لزمن طويل اضعافا وتهوينا من امرها، وتوريطا في قضايا يشاركون فيها، ثم يتملصون منها في اوان الجد، ونحن نتحاور في غالب الاحيان دينيا محاولين رد الهجمات الثقافية علينا، ولكننا الآن اصبحنا مشاركين بجد في هذه الهجمات بتواطؤ رأس المال الذي في ايدينا، وبتعاون الأجهزة الحكومية المنصاعة. وخلق هذا وضعا هشا بوضع المتحاورين في موضع غير متكافئ فنيا وفكريا، وجعل الحوار يتحول من الفكري الى الصراع المكشوف، فأرباب الدين لم يتحاوروا داخليا بينهم ولم يقربوا بين مذاهبهم، ذلك الحوار الذي يخلق مفاهيم دينية جديدة تكون في مقام العصر، فالتجديد الفردي لا يكفي، وهو دائما مهدد بالاختلاف والمعارضة. فالحوار مع الغرب يستدعي الوحدة الفكرية والوحدة في ما ينتقدنا فيه الغرب. اول الأخطاء أننا وضعنا الاسلام في موضع الحوار مع الغرب، وبذا أغلقنا باب الحوار الذي تحول مع الزمن الى حوار بالبنادق، ثم نشأت العقبة الكبرى امام اي حوار مستقبلي موسع مدعوم بالثقة والنوايا الحسنة، وهو اتهامنا للغرب بأنه يتآمر علينا، ويدس لنا، ويستغفل عقولنا وسياساتنا ويلتف عليها، وبذلك حدنا عن سكة الوحدة العالمية والتاريخية، وعن سكة الوحدة الفكرية. وكانت النتيجة الى جانب تطرفنا البعيد وانطوائنا على تاريخنا وازدواجيتنا التي عجزت عن المزاوجة والملاقحة، أننا لم ننجب فكرا او مفكرا ذا مساهمات عالمية يعتد بها، وينظر اليها ويتحلق من حولها الاتباع. وكان علينا لو أردنا أن نكون في نفس الدرجة العالمية للحوار، أن نضع العقل وليس الإسلام في المواجهة، لان الغرب لا يواجهنا بالمسيحية وموروثاتها، وانما بجامعاته ومفكريه وسفاراته ومؤرخيه. والا نضع النصوص وتفسيراتها حتى المتقدمة، ومنها المتسامحة والمقبولة عالميا، وانما نضع التفكير الحر لنلتقي بالاسلام ان شاء الله في أبديته وديمومته وصلاحيته لكل زمان ومكان. ان الذين وضعوا الاسلام في مواجهة الهوية الغربية والنماذج الاغريقية من الشرقيين والغربيين، هم الذين زعموا ان الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا ابدا، تلك المقولة التي انتشرت منذ عصر التنوير وتناولها جوته الفيلسوف الالماني في كتاباته وغيره من المفكرين، واصبحت نهجا ثابتا ودينا لا يفارق في فهم وتقسيم الغرب والشرق، حتى انفتح الباب اخيرا لفكرة صراع الحضارات وصراع الامم التي نرى مآسيها اليوم. لقد حاربنا بسيف غير سيف الغرب، وفي مكان غير المكان الذي انتظرنا فيه. لقد فشلت كما رأينا كل محاولات التجديد الدينية فكريا وسياسيا، لماذا؟ لأن الحوار الداخلي الذي هو شرط لكل حوار لاحق على المستوى الاقليمي والاكاديمي والعالمي، قد جوبه بالقمع والاغتيالات والتشويه منذ اغتيال الشهيد محمود محمد طه وما قبله، حيث سادت أجواء من الارهاب الفكري وقرون من التعتيم، ولدت الخوف والتوجس من التجديد، وصنعت من حوله النصوص التي تحاربه نظريا، والمطاردة والمعاقبة سياسيا بحجة قمع الفوضى والانشقاقات واستقرار الحياة الاجتماعية. والسؤال المشروع الآن هو ونحن في هذه الاوضاع التاريخية، من الذي يحاور الغرب ونحن مقسمون الى «77» فرقة، وكل فرقة اقوى من الاخرى ومسلحة نابا ومخلبا. ان هذا الحوار لن يكون الا مثل حوار اسرائيل مع العرب كل على حدة، وفي فلسطين تحاور حماس، وفي الليلة التالية تحاور فتح، ثم الجهاد الاسلامي. وينسحب المشهد على العراق.. فهؤلاء الاغراب وحدهم العقل ونحن فرقنا الدين، وهذه هي معضلة الحوار الكبرى مع الغرب الذي يحاول أن يحلها فرديا، بالاملاءات والاستعداء وتحريك الجيوش الوطنية لتحقيق مآربه التي يعجز في أجواء التعتيم والشمولية عن الافصاح عنها، حيث تشكل الشمولية عقبة من عقبات الحوار، وبابا من ابواب الانصياع، وارخاء الاذن والخيانة الوطنية والدينية. وتفاوت لغة الحوار معضلة عصية تقف في وجه التحاور، فالغرب قد استقرَّ على حاله الذي نعرفه اليوم اقتصاديا ومؤسساتيا، ولا فكاك له من هذه الحالة في الأمد المنظور، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي باعتباره فكرة نقيضة ومقسما للعالم الى قسمين في حرب كونية اطلق عليها الحرب الباردة، ولكن لم تكن أكبر ولا أخطر في عالم الحروب. وفي هذه الاجواء انتفت موجهات الحوار داخليا، وظل الوضع غامضا مثل حاله في القرون الوسطى، والدليل على ذلك ان كل اغتيالات المفكرين المجددين في مصر والسودان وغيرها، تمت في ظل دول غير دينية، وفي هذا أسطع علامة على أن الشمولية وليس الدين والتبعية للخارج ايا كان فكره وتوجهه، هي الشروط اللازمة والغطاء المناسب لفرز الجماعات واغرائها ببعضها البعض، واغلاقها فكريا عما يدور حولها وفي خارجها. وفي اجواء مثل هذه من الذي يحاور الغرب اذا آمنا بمبدأ الحوار واسلوبه وما هي الاجندة؟

    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=54782
                  

10-06-2008, 00:10 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    تعقيب على المحبوب عبد السلام:
    د. عمر القراى
    بين الأستاذ محمود ودكتور الترابي (2-3)
    سأل الصحافي، الأستاذ المحبوب قائلاً: «قلت إن قضية الحرية ظلت مطروحة وانها طرحت في الاجتهاد المعاصر وان د. الترابي في مسألة الردّة حاول ان يؤسس لفكرة (لا إكراه في الدين) ولكن الترابي نفسه وراء إعدام المفكر الشهيد محمود محمد طه بتهمة الردّة وبشهادة عديد من الإسلاميين أمثال الشهيد محمد طه محمد أحمد ود. حسن مكي الذي رأى ان الحكم في قضية محمود قد كان سياسياً وان الترابي كان (يغير) من محمود وكان لا بد من قتله؟». وكانت إجابة المحبوب «والله ليس صحيحاً...» (الصحافة 31/8/2008م). والحق أن ما أقسم المحبوب بعدم صحته، هو الصحيح.. فقد جاء عن شهادة د. حسن مكي (د. حسن مكي يقول: حينما أعدم محمود كنت مسرحاً لأفكار شتى.. السياسي فينا كان يتكلّم بأن الحمد لله ربنا خلصنا من خصم قوي وكان حيعمل لينا مشاكل وكان حيكون اكبر تحدي لفكر الحركة الإسلامية السياسي. والفكري فينا يتحدث بأن هذا الشخص عنده قدرات فكرية وروحية.. ولكن السياسي دائماً ينتصر هنا. س: هل كان إعدام محمود سياسياً؟ ج: نعم، كان إعداماً سياسياً. س: وانت في ذلك الوقت انتصر فيك السياسي على الفكري؟ ج: نعم. س: ولكن أمين حسن عمر قال الترابي انتصر عنده الفكري على السياسي وكان ضد اعدام محمود؟ ج: انا لا أريد أن ادخل بين الترابي وأمين ولكن أعتقد ان الصف الإسلامي في ذلك الوقت كان جميعه مع اعدام محمود. س: نحن نسأل عن موقف د. الترابي؟ ج: أنا أعتقد أنه كان خائفاً أن يتراجع النميري عن إعدام محمود.. ويدعو الله ان لا يحدث ذلك) (صحيفة الوفاق 5/12/1998م). هذا هو رأي حسن مكي، في موقف الترابي، وجماعته من إعدام الاستاذ محمود محمد طه. وهو كاف لدحض إدعاء المحبوب، بأن الترابي وتنظيمه كانوا يؤمنون بالحرية. ومع ذلك، فإن الترابي نفسه، قد سجّل رأيه في عدة مناسبات، وهو لا يمكن أن يمحى، فقد جاء (الأهالي: لماذا وافقتم على إعدام زعيم الحزب الجمهوري الشيخ محمود محمد طه؟ الترابي: لأن الشيخ محمود محمد طه مرتد واصبح قاعدة للغرب.. لأنه يريد ان يجرّد المسلمين من فكرة الجهاد ليصبحوا عرضة للتسلط الغربي.. كما انه يريد ان يدخل الماركسية الليبرالية الغربية في بطن الإسلام كما جعل نفسه إلهاً ينسخ اركان الشريعة كما ظل يدعو للصلح مع اسرائيل منذ الخمسينيات وايد نظام نميري في قتل الانصار في أبا وقتل الشيوعيين ثم عارض مبدأ تطبيق الشريعة الإسلامية واحسب انه لقي جزاءه) (الأهالي المصرية 1/5/1985م) هذه شهادة الترابي، التي قد كتبت، وسوف يسأل عنها، مصداقاً لقوله تبارك وتعالى «سنكتب شهادتهم ويسألون!!» ومما يسجل من لغو الترابي، أيضاً، قوله «محمود ذهب غير مأسوف عليه» (الوطن 30/4/1988م). فإذا أنكر المحبوب كل هذا، فإنما اقر به، يكفي دليلاً على فقر هذه الجماعة البائسة، من أبسط قيم الإنسانية.. فقد قال «ومهدي ابراهيم تحدث الينا داخل مباني الجريدة في رسالة تنظيمية واضحة ان الحركة ليست مع هذا الحكم وعلى الناس ان تتعامل معه كحكم قضائي فقط. وسألناه عن كيف نعلق على ذلك؟ فقال: ليس بالضرورة التعليق على أي حكم تصدره المحاكم بمعنى ان علينا ان نلتزم الصمت حيال ذلك لأن الأجواء كانت محتدمة...» (الصحافة 31/8/2008م). فإذا كانت حركة إسلامية، تزن الأمور بميزان الدين، رأت ان هذا الحكم باطل، وسيترتب عليه إزهاق روح شخص بغير حق، فهل يمكن ان يكون الصمت، هو واجبها الديني، في مثل ذلك المقام؟! ما ظن المحبوب بقوله تعالى «إنه من قتل نفساً بغير نفس او فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً»؟! فإذا صمتت الحركة الإسلامية، عن قتل الناس جميعاً، فعن ماذا ستتكلم وعلى من ستثور؟! والمحبوب يشعر بخطأ الحركة الإسلامية، في صمتها عن جريمة العصر، ولكنه يحسبه هيناً -وهو عند الله عظيم- ولذلك يقول «ولكن يمكن أن تحاسبنا وتلومنا على اننا لم نعبر عن رأينا في ذلك الوقت بالرفض» (المصدر السابق). وليس اللوم على صمتهم المريب، عن الجهر بكلمة الحق فحسب، بل على تضليل نميري في نفسه، ومحاولة جعله خليفة للمسلمين يحكمهم مدى الحياة، وله ان يخلف من شاء بعده!! والترابي هو الذي كان يعد في تغييرات دستورية، لتستوعب مثل هذه البيعة الغريبة، التي عقدوها للنميري إماماً للمسلمين.. وحزب الترابي هو الذي نظم المسيرة المليونية، لتأييد قوانين سبتمبر الغبراء، التي واجهها الأستاذ محمود، وأزالها بالفداء العظيم، قربى عند الله.. وحين أسقط الشعب نظام نميري الفاسد، وقوانينه الجائرة، كان الترابي من ضمن من أدانها!! ففي باب التأييد جاء (الترابي: مرحلة التطبيق الأسلامي في السودان وصلت إلى درجة أقرب إلى تحقيق العدل الإسلامي الناجز بعد ان انتهت حركة العدالة التقليدية إلى شلل) (الرأي العام 25/9/1984م).. وبعد سقوط نظام نميري بأيام، قال «أراد نميري ان يستغل الاسلام واراد ان يحرر دستوراً يجعل له الولاية حتى بعد الحياة، ولكن وقفنا في وجه تلك المسودة السوداء، واراد ان يتجرد من الشورى، فطلب البيعة..» (محاضرة بجامعة الخرطوم 15/4/1985م). والمحبوب يبرئ الترابي، من تأييد الحكم على الاستاذ، بادعاء سماحة فكرية له، تجعله يرفض حد الردّة، فيقول «والغريب طبعاً ان موضوع المرتد ردّة فكرية بحتة جاءت في اجابة عن سؤال تقدمت به الاستاذة اسماء محمود محمد طه وقالت للترابي إن القرن العشرين هو الذي ضغطك وجعلك تخرج عن الشريعة باسم تحكيم الشريعة وقال لها الترابي إن المرتد ردّة فكرية بحتة لا يقتل وفي اليوم التالي أصدر الجمهوريون كتاباً قالوا فيه إن الترابي يخرج على الشريعة باسم تحكيم الشريعة» (الصحافة 31/8/2008م). ولا أود أن أقف عند هذه الصورة الدرامية، التي تحكي عن كتاب، يخرج في اليوم التالي عن حوار تم اليوم!! خاصة وان المحبوب لم يذكر لنا أين ومتى تم هذه الحوار.. ولكن المهم فيه، انه قرر ان الترابي لا يوافق على قتل المرتد ردّة فكرية، فإن كان ذلك كذلك، فلماذا أعاد موضوع الردّة في قانون العقوبات الحاضر، والذي وضع باشرافه، في بداية عهد الإنقاذ؟! يقول المحبوب «وكنا ندخل في مجادلة يومية مع الفكر الجمهوري تبدأ من التاسعة صباحاً حتى الثانية ظهراً وقوفاً على ارجلنا» (المصدر السابق) وهو إنما كان يفعل ذلك، لأنه كان يرى في الفكر الجمهوري، خطراً ماحقاً، يهدد حركتهم، بالنقد المتواصل لها، فقد قال «وانا شخصياً كنت كثيراً جداً ما أجادل الشيخ الترابي حول خطر الفكر الجمهوري» (المصدر السابق). وكان الترابي على حد زعم المحبوب، لا يرى في الفكر الجمهوري أي خطر «وكان يقول لي إن الفكر الجمهوري مثل الحشرة التي تتواجد دائماً لكنها تعيش ثلاثة أيام لتموت» (المصدر السابق). والسبب في أن الترابي لم ير خطورة الفكر الجمهوري، كما رآه تلاميذه الذي درجوا على حوارهم، هو قلة تجربة الترابي في الحوار العام، واعتماده على تقديم ندوات، يعطي فيها السائل دقائق، مما أعطى تلاميذه، ممن حاوروا الجمهوريين، من أمثال المرحوم محمد طه محمد أحمد، تميزاً واضحاً عليه.. على ان المحبوب رغم ما ذكر من حواره للجمهوريين، وضح ان فهمه للفكرة فهم سطحي، يتسم بالغرض، وينأى عن الحياد والموضوعية.. وهو لعدم تصوره للفكرة، على حقيقتها، يظن أنه يمكن ان يؤثر عليها، لو أوهم القارئ، ان الطيب صالح، يتفق مع فهمه لها!! فيقول: «يعود محمود محمد طه من ثقافته الماركسية وثقافته في الفكر الفرويدي وثقافته في الفكر الرأسمالي يعود ليصبح شخصاً يتبنى بالكامل الفكر الغنوصي الصوفي الذي تحدث عنه ابن عربي وابن سينا. نظرية الإنسان الكامل. وانا كتبت الى الطيب صالح وكان يقول لي إن محمود محمد طه بإمكانه ان يركز على الاجتهاد الفكري ولا يذهب الى مسألة ترك الصلاة. وقلت له إن محمود محمد طه لا يدعو الى ترك الصلاة ولكن له رأي في الصلاة ذات الحركات. فقال لي هذا هو الموضوع». (المصدر السابق). أما سطحية المحبوب، فتظهر في تصوره أن ما ورد في الفكرة الجمهورية عن الاشتراكية، أو نقدها للتحليل النفسي الغربي، أو نقدها للرأسمالية والشيوعية، هو نتاج ثقافة الأستاذ محمود واطلاعه على هذه الأفكار، وتأثره بها.. وهو يرى أن يتحدّث شخص، عن هذه العلوم الحديثة، ثم يتفق مع الفكر الصوفي في مفاهيم روحية، وكأنه تناقض، مع أن التوحيد في الفكرة الجمهورية يجمع بين كل المفاهيم بلا تفاريق.. والأستاذ محمود إنما وزن هذه الأفكار، بميزان التوحيد، الذي أخذه من فهمه للقرآن. أما الغرض في حديث المحبوب، فيظهر في إيراده موضوع الإنسان الكامل، وكأنه موضوع غامض، أتى به ابن عربي، من أفكار غنوصية غامضة، ونقله عنه الأستاذ محمود. مع أنه موضوع بسيط، وهو من جوهر الدين، قال تعالى عنه «ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم» وهذه تعني أرفع صور الخلق.. والاستاذ محمود لم يأخذه من ابن عربي، وإنما أخذه من القرآن، وأورد من تفاصيله، ما لم يورد ابن عربي، ولا غيره. ومن حق الكاتب الكبير الطيب صالح علينا، ألا نقبل ما نقله لنا عنه المحبوب، من سوء فهم، إدعى انه صححه!! فالاستاذ محمود لم يدع الى ترك الصلاة، كما انه ليس له رأي في الصلاة ذات الحركات، كما قرر المحبوب، وهو يظن انه يصحح الطيب صالح. كل ما هناك ان الاستاذ محمود يعتبر الصلاة الظاهرية، معبراً الى الصلاة الحقيقية، ووسيلة اليها. والصلاة الحقيقية عنده، هي التي يكون صاحبها حاضر القلب مع الله.. وهذا الفهم مأخوذ من القرآن، قال تعالى: «ويل للمصلين* الذين هم عن صلاتهم ساهون».. فسماهم مصلين لأنهم يؤدون الصلاة في مظهرها ولكنهم اثناء تأديتها، قلوبهم ساهية غافلة عن الله.. ولما كان حضور القلب مع الله هو الصلاة الحقيقية، فكأنهم في صلاتهم الظاهرية، عن صلاتهم الحقيقية غافلون.. ولقد فصل الاستاذ محمود كيفية تحقيق هذا الحضور، في كتابه «تعلموا كيف تصلون» فليراجع. وفي محاولة لتضليل البسطاء، واستعدائهم على الفكر الجمهوري، يقول المحبوب «فمحمود محمد طه يعتقد أنه شخص أعطاه الله الفهم عن القرآن وأذن له في الكلام، وانه شخص ينبغي ان يلقَّب بأرفع ألقاب العصر وهو لقب الأستاذ وهو شخص استثنائي بهذا المعنى وإذا كان هنالك شخص أعطى نص وشخص آخر أعطى فهم النص في اطار بيئة متقدّمة بما لا يقاس عن البيئة التي جاء فيها النص الاول فهو متقدّم على الرسول صلى الله عليه وسلم» (المصدر السابق). الحقيقة أن الفرق كله في مدى تحقيق التوحيد.. لأن الفهم الذي يناقش به المحبوب، قد أعطاه له الله، وإن لم يشعر هو بذلك لقلة توحيده!! قال تعالى: «ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء» وقال «واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم».. فإذا فهم الاستاذ محمود فهماً من القرآن، فإلى من يريده المحبوب ان ينسبه؟! وما هو الإذن الإلهي، سوى اليقين بأن الفهم حق، وأن الناس محتاجون له؟! وهل حقاً ان لقب أستاذ يحتاج الى شخصية استثنائية، أم أنه لقب عادي، يقال لكل شخص، في مجال العمل العام؟! ألم أذكره هنا، في حق المحبوب نفسه، رغم اختلافي مع افكاره؟! ومع ذلك، فإن أحدهم سأل الاستاذ محمود: هل نقول لك شيخ أو استاذ؟! فقال الاستاذ: قول لي محمود وبس!! أنا الألقاب ما احب ان اسمعها من تلاميذي أو من غيرهم!! فما ظن المحبوب بهذا؟! والمقارنة التي حاول المحبوب ان يعقدها، بين النبي (صلى الله عليه وسلم)، وبين الاستاذ محمود لا تستقيم من عدة وجوه. منها ان النبي عليه السلام اوتي النص والفهم، ولكنه فصل ما هو في مستوى الأمة، في ذلك الوقت، واجمل بتبليغ القرآن، وبحاله، ما ينفعنا نحن اليوم. ومنها ان الاستاذ محمود، ما علم ما علم، إلا بالسير على نهج سنة النبي الكريم، ومعلوم ان أجر النبي يزيد بأجر المهتدين من أمته.. ولهذا لن يلحق أحد بالنبي (صلى الله عليه وسلم)، دع عنك أن يتقدم عليه كما ذكر المحبوب دون ورع، وهو يحاول هدم الفكرة الجمهورية بكل سبيل.

    التعليقات

    1/ Omar Humaida - (uk) - 14/9/2008
    I am really admire your honesty and bravery, Keep expose those who claim to be our new messanger, they will never feel the guilt because they beleive that they are above every humnbeing, moreover, they think they know better, think better, care better, But , just have a look around and tell me, Who are the reach people in our country? Who have the luxury cars? Who live in palaces and does not worried about paying the BILLS at the end of the month? And ironically they still telling us about ISLAM, This must be a new version of our great religion, What a missery



    2/ igbal gasim - (sudan) - 14/9/2008
    please write every day we need to read

    --------------------------------------------------------------------------------


    .


    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=54878
                  

10-06-2008, 00:48 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    لماذا أشاد أدونيس بتعاليم شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب..؟! «2-2»

    د. محمد وقيع الله
    ما هي علاقة أدونيس بالوهابية..؟! شُغِلنا عن أدونيس، في الأسابيع الماضية، بما هو أهم منه، فلنعد إليه، كما وعدنا، فلنفسر سبب تضارب مواقفه من الدعوة الوهابية، التي اختار أن يكتب عنها كتابا حسنا منصفا، وأن يشيد بها إشادة قوية، لا أقوى منها، ولكن من غير أن يتخلى هو عن اعتقاداته الوجودية الخاصة المناقضة لها في الصميم. فكيف يمكن أن نفسر تلك التناقضات؟ لدينا عدة تفسيرات، منها التفسير المادي التجاري البحت، المتصل بتأليف الكتب، ونشرها وتوزيعها، مع مراعاة اتجاهات السوق، واهتمامات القراء، وأذواقهم. ومنها التفسير الفلسفي العقدي الروحي الرحب، الذي يستبطن رؤية كبرى للوجود. وسنكتفي في ما يلي بمراجعة دلالات العامل الفلسفي، وهنا نستند إلى مراجعة كافة أفكار أدونيس الفلسفية الأساسية، حيث يعتقد هذا الشاعر المتفلسف أن الحقيقة تتعدد وتتجلى بصور شتى لا حصر لها. وأن ما ينشأ من تضارب بين الأفكار والمعتقدات والمتَبَنَّيَات، ليس دليلاً على صحة بعضها وفساد البعض الآخر، فقد يصح الكل بينما هو متضارب أشد التضارب، ولا ينبغي أن يدل ذلك على تناقض منطقي، أو على لا معقول، إذ كل شيء في ظلال ضلال التصوف الذي ينتمي إليه أدونيس، وهو تصوف وحدة الوجود، معقول جد معقول..!! تصوف لا عبادة فيه ولا زهد: والتصوف الذي يدعيه أدونيس هو تصوف لا تدين فيه، وهو ضرب سهل جداً من التصوف انتشر أخيراً بين بعض المثقفين المنحرفين، وهذا النوع من التصوف رخو جدا، ومائع جدا، يحسه المرء منهم في نفسه، أو يدعيه لها، ولكن من غير أن يلبي أيا من المطالب العنيفة الملحة، التي يتطلبها سلوك طريق القوم. فإذا كان الصوفية من أهل الجد، والورع، والزهادة، والعبادة، يتحدثون عن شروط شاقة لسلوك طريق الدعوة الصوفية، أولها الجوع، والسهر، والصبر، والستر. فإن أبرز صفات هؤلاء الصوفية الجدد، من أتباع أدونيس، أنهم ما عرفوا جوعا، ولا صاموا رمضان، ولا شهرا غيره ، ولا أضربوا عن طعام أيا كان حلالا أو حراما. ولم يسهر هؤلاء الأتباع الأدونيسيون، من أدعياء التصوف، إلا في اتباع المعاصي، وإتيانها سرا وعلانية. ولم يصبروا على صلاة، ولا على ذكر، ولا على قيام، في ليل أو نهار، ولا ستروا طاعة أتوها من غير نية ولا قصد. فما أبعد دربهم إذن عن درب السادة «المَلاتية» الصوفية، الذين كانوا يسترون حسناتهم عن الناس، ويتظاهرون بارتكاب المعاصي، من غير أن يرتكبوها حقيقة. وذلك حتى يلومهم الناس بالباطل، ولا يرضون عنهم أبدا، ولا يعجبون بهم، ولا يمدحونهم. ولا يفعل «المَلاتية» ذلك إلا ضنا على حسناتهم من أن تضيع بأثر من دافعي العُجب والرياء، وخوفا من أن يقال لهم في يوم الدين: «أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها»..!! وإنك إذا وازنت أحوال هؤلاء الملامتية المخبتين، بأحوال الأدونيسيين المهرجين المدجلين، لوجدت أن هؤلاء الأدونيسيين هم على النقيض من الملامتية تماما، حيث تجدهم أكثر الناس حديثا عن أنفسهم، وأكثرهم حبا للتلميع الإعلامي، بالحق وبالباطل، ولا تراهم إلا وهم متمركزون في بؤر التلفزة، وعلى عمد الصفحات والملاحق الأدبية والثقافية للصحف والمجلات، يبثون منها ومن كل مرفق ثقافي احتلوه شتى أنواع الشبهات والترهات. تصوف لا تدين فيه: وعن هذا الضرب من الصوفية التي يعتنقها أدونيس يحدثنا فيقول: «إن الصوفية التي أتحدث عنها هي صوفية المنهج، لا صوفية الإيمان الديني، فأنا أتحدث عنها بوصفها طريقة، لا بوصفها تدينا أو مضمونا دينيا». ويحدثنا عما يسميه بأسس الطريقة الصوفية في مقاربة العالم، فيقول إن عالم الشهادة، أو عالم الظاهر، ليس مكانا للحقيقة، ولا مصدرا لها، لأن مصدرها الصحيح هو عالم الباطن، أو ما وراء الواقع فـ : «الظاهر متغير عابر مُنْتَهٍ. أما الباطن فحركة لا نهائية. وتبعا لذلك، ليست الحقيقة نقطة ثابتة، نصل إليها ونقبض عليها. وإنما هي انبثاق لا نهائي، في تجليات لا نهائية. وهي إذن ليست جاهزة، وإنما هي اكتشاف دائم». وتبعا لذلك فليس هناك دين جاهز اكتمل بالوحي، وإنما يكتشف الإنسان دينه حسب تطوره وترقيه في الحياة: «وليس للكون حد. ليس للحقيقة ولا للمعرفة حد. والكون في ولادة دائمة، وتجدد دائم. والإنسان في هذا كله المركز والمحور، إنه إله الكون مصغرا، وفيه ينطوي العالم الأكبر». فالإنسان بهذا المنطق الأدونيسي إله إذن، ولا حاجة للإنسان إلى دين ولا إله معبود. هذا إلا إذا شاء الإنسان بمحض إرادته الحرة ان يتخذ له إلها من أي نوع، وحينئذ يكون ذلك ضربا من ضروب التجلي الصوفي والمعرفي النسبي لعقل الإنسان وروحه. ولا يعيب الإنسان أن يتخذ له وثنا يعبده، أو أن يعبد الله الكبير المتعال..!! وهنا مذهب يتناقض بالطبع مع ما سبق أن ساقه أدونيس من مدح شديد للعقائد الوهابية الحنيفية، التي وصفها بأنها شديدة الحذر من الشرك ومن التوثين. لقد سبق لأدونيس أن فقهنا في هذا المعنى الرشيد فقال: (يزداد معنى التوحيد وما يوجبه، حين نعرف ما سنسميه بـ «التوثين». والوثن: «اسم جامع لكل ما عبد من دون الله، لا فرق بين الأشجار والأحجار والأبنية، ولا بين الأنبياء والصالحين والطالحين»، فمن دعا غير الله أو عبده، فقد اتخذ وثنا، وخرج بذلك عن الدين، ولم ينفعه انتسابه إلى الإسلام). ثم ها هو أدونيس يعود فينتكس فيصف الوثن بأنه إله؟! أيعدُّ هذا تناقضا؟ إن هذا إذا عُدَّ تناقضاً في حكم العقل البشري، العقل المحض، كما يقول الفيلسوف كانت، فما هو موصوف بالتناقض في تصوف المتفلسف أدونيس، الذي يزكي مفهوم التوحيد كما يقبل مفهوم الشرك! تصوف إباحي: وأشد ألوان التصوف الفلسفي الشاطح التي تروق لأدونيس، كما تروق لأتباعه من جمهرة «الأدباتية» السورياليين، هو تصوف الإباحية العقدية والسلوكية، الذي يدعى بتصوف وحدة الوجود. وهو تصوف إباحي من الوجهة العقدية، لأنه لا يفرق بين التوحيد والشرك، فكلاهما سواء، كما يقول رائدهم، الذي يحبونه، ويهيمون بحبه، محيي الدين الطائي: وأصبح قلبي قابلا كل صورة فمرعى لغزلان ومأوى لرهبان ومعبد أوثان وكعبة طائف ورقعة توراة ومصحف قرآن أدين بدين الحب أنى توجهت ركائبه فالحب ديني وإيماني فالأديان كلها عنده، وعندهم، سواء، كما أن الكعبة وبيت الأوثان سيَّان. وهذا الضلال الشنيع هو الذي عبر عنه إمام الحلوليين الحلاج حين قال: مَزَجَتْ روحَك روحي مثلما تُمزجُ الخمرةُ بالماء الزلال فإذا مسك شيءٌ مسَّني فإذا أنت أنا في كل حال وهو قول رقيق على كل حال، ولكن عبر عن المعنى نفسه بقول بشع صفيق الشاعر الناقد المتفلسف أدونيس حين قال: «الله في التصور الإسلامي التقليدي، نقطة ثابتة، متعالية، منفصلة عن الإنسان. التصوف ذوَّب ثبات الألوهية. جعله حركة في النفس، في أغوارها. أزال الحاجز بينه وبين الإنسان، وبهذا المعنى قتله «أي الله» وأعطى للإنسان طاقاته. المتصوف يحيا في سكر يُسكر بدوره العالم. وهذا السكر نابع من قدرته الكامنة من أن يكون، هو والله، واحدا. صارت المعجزة تتحرك بين يديه». وهذا الكفر البواح قد يجوز أن نقرنه بما جاء من الكفر البواح في كتاب «الرسالة الثانية من الإسلام»، لصاحبه محمود محمد طه. ولكن أنَّى له أن يقترن بما جاء من العقائد الوهابية الصحيحة، التي فصَّلها الإمام المجدد العظيم، شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في كتابه «كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد»؟! ولا شك أن البون بين هذين المفهومين: الصوفي الحلولي الإشراكي الشاطح، والتوحيدي الحنيفي الناصع، أوسع مما بين السماوات السبع وبين الأرضين، ولكن قد كان بوسع أدونيس مع ذلك أن يشيد بهما معا متجاهلا هذا الفرق العظيم..!!

    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=55059
                  

10-06-2008, 00:50 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    تعقيب على المحبوب عبد السلام
    د. عمر القراى

    بين الأستاذ محمود ودكتور الترابي «3-3»
    يقول المحبوب «المسألة الثانية هي بموجب هذه السلطة الروحية التي منعته من الصلاة ذات الحركات وأعطته صفات الانسان الكامل الموجودة في الفكر السلفي، ألغى محمود النص الديني نص القرآن المدني الغاه من المصحف، بمعنى انه لا يهتدي به بل بالقرآن المكي. وكما قال الترابي لم تكن مكة عقيدة بغير شريعة، لم تكن توحيداً فقط، ولكن اذا قرأت صورة صغيرة «المغيرات صبحاً» وهذه نزلت في أول مكة وواضح انها تتحدث عن جهاد مقبل.... لم تكن مكة عقيدة بغير شريعة كما كان يريد الفكر الجمهوري ان يقول هذا من ناحية أصولية... ومحمود محمد طه أيد مايو حتى في ضرب الانصار في الجزيرة أبا. وكان موقفاً غريباً من مفكر يحترم حقوق الإنسان» «الصحافة 31/8/2008م». هذا ما قاله المحبوب عبد السلام، ولم يورد أي نص من كتب الاستاذ محمود، يذكر فيه انه الإنسان الكامل، أو ان لديه سلطة روحية، منعته من الصلاة ذات الحركات، وألغى بها القرآن المدني !! ورغم ادعائه بأنه حضر نقاش الجمهوريين، في الجامعة، الا ان المحبوب يظن أن الجمهوريين يرفضون القرآن المدني.. ولقد سبق لي ان أوضحت فساد هذا الرأي، في حوار جرى على صفحات «الصحافة»، مع د. محمد قيع الله، أثبته هنا كرد على المحبوب.
    يقول وقيع الله «ثم اني لا اعدم سبباً آخر اكشف به تناقض هذا النص وتهافته، فبينما يشهر صاحبه رفضه الصريح الدائم للقرآن المدني، فإنه هنا قد سها سهوة جبارة كبرى، هذا حيث استشهد على دعواه بقرآن مدني، بل هو باتفاق علماء المسلمين، من بعض آخر ما نزل من الذكر الحكيم »!! هذا ما قاله وقيع الله، فهو قد فهم من قراءته للفكر الجمهوري، أن هذا الفكر يرفض كل القرآن المدني، وهكذا ظن جهلاً، أن الاستشهاد بالقرآن المدني «سهوة جبارة كبرى» !! فما ظن وقيع الله، إذا أخبرناه أن آية الزكاة الكبرى، التي يدعو لها الأستاذ محمود، وهي قوله تعالى «ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو» آية مدنية، وآية المساواة بين الرجال والنساء، التي يطرحها الجمهوريون، كبديل عن القوامة، وهي قوله تعالى «ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة» آية مدنية، وان آيات الحدود والقصاص، التي قال الأستاذ محمود بإبقائها دون تطوير آيات مدنية؟! فإذا كانت هذه المعلومة، تشكل صدمة لوقيع الله، لأنها جديدة عليه، فلماذا يعارض وقيع الله فكرة لا يعرفها؟! لقد شرحت كل كتب الفكرة الجمهورية هذه القاعدة الأساسية، وهي أن القرآن قد نزل على مستويين: قرآن الأصول وقرآن الفروع.. ولقد بدأ النزول بقرآن الأصول، في مكة، لمدة ثلاثة عشر عاماً، قامت فيها الدعوة على أساس الإسماح، وحرية العقيدة، وعدم القتال، والمساواة بين المسلمين وغير المسلمين.. وهذه القيم الإنسانية الرفيعة وردت في القرآن المكي، وحين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة، نسخ هذا المستوى الرفيع، بالقرآن الفرعي، الذي تنزل من الأصول، ليناسب مستوى الناس، في ذلك الزمان، حيث فرض الوصاية بديلاً عن الحرية، والجهاد بديلاً عن الدعوة بالتي هي أحسن، وعدم المساواة بين المسلمين وغير المسلمين بديلاً عن المساواة.. ولكن هذا الأمر، لم يحدث في يوم وليلة، وإنما تدرج حتى اكتمل خلال عشر سنوات.. فالآيات التي نزلت في أول العهد، بالمدينة، خاطبت الناس بما كان عليه حالهم في مكة، فجاءت تحمل روح القرآن المكي.. ولهذا افتتحت سورة النساء بقوله تعالى «يا أيها الناس» مع أن ذلك من علامات القرآن المكي.. ولقد ورد في كتب الجمهوريين، أن الفرق بين القرآن المكي والمدني، ليس هو اختلاف مكان أو زمان النزول، وإنما اختلاف مستوى المخاطبين، واعتبارهم من حيث المسؤولية التي تعطي الحرية، أو القصور الذي يوجب الوصاية.. وسبب التداخل بين القرآن المكي والمدني، هو التداخل بين الإسلام والإيمان، ذلك أن التدرج في المراقي، من الإيمان نحو الإسلام، لا ينفصل السالك في مضماره، فصلاً تاماً، وإنما ترقٍ يختلف صاحبه، في كل مرحله، اختلاف مقدار لا اختلاف نوع، عن المرحلة التي تليه.. « الصحافة 29/11/2006م». وانه لحق ان مكة لم تكن عقيدة بغير شريعة، ولكن الشريعة التي نزلت في مكة متعلقة بالتوحيد، وبالعبادات، وهذه في فكر الاستاذ لا يقع فيها التطوير.. أما شريعة المعاملات، فقد جاءت في القرآن المدني، وهذه في بعض صورها تحتاج الى تطوير.. فاذا كان المحبوب يرفض هذا الفهم، فهل سيطبق كل النصوص القرآنية، اليوم، بما فيها نصوص الرق، والجزيَّة، ثم يحدثنا عن الديمقراطية؟! أم انه يتجاوزها، دون الرجوع الى القرآن المكي، فيكون خرج من كل القرآن، كما فعل الترابي في اجتهاداته الاخيرة، التي القاها جزافاً، ولم يسندها بأي نص، حتى كفره تلاميذه ؟! ولن أرد هنا على حديث المحبوب عن تأييد الجمهوريين لمايو، فقد جرى ذلك على يد د. محمد المهدي بشرى ونشر في صحيفة «السوداني» فليراجع.. ولو كانت بالمحبوب ذرة من حياء، لما ذكر ذلك، اذ ان علاقة شيخه الترابي، بمايو لا تضاهيها علاقة في السوء.
    والترابي ليس مفكراً، حتى يقارن بالاستاذ محمود، أو يستمع له يتحدث عن فكر الأستاذ.. والسبب في ذلك، هو عجز الترابي عن الالتزام بأية فكرة، والثبات على أي مبدأ، مهما كان !! فهو يغير رأيه، حسب ما تمليه مصلحته، في مختلف المواقف.. فلقد ارسل الشيخ عبد العزيز بن باز، مفتي السعودية، في الثمانينيات، خطاباً للترابي، يجري نصه هكذا «من عبد العزيز بن عبد الله بن باز الى حضرة الاخ المكرم الدكتور حسن الترابي وفقه الله لما فيه رضاه آمين.
    سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعده
    فاشفع لمعاليكم بهذا نسخة من الرسالة الواردة ممن سمى نفسه عبد البديع صقر صاحب مؤسسة الايمان المؤرخة في 24/11/1400هـ راجياً من معاليكم بعد الاطلاع عليها التكرم بالافادة عن صحة ما نسب اليكم من الآراء، لنعرف الحقيقة والشبهة التي اوحت لكم بهذه الاقوال، ان صحت نسبتها اليكم، ومناقشتكم فيها على ضوء الأدلة.
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الرئيس العام لادارة البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد.
    أما الخطاب المرفق الذي كتبه الشيخ صقر فقد جاء فيه:
    «صاحب الفضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز
    رئيس دوائر الفتوى والدعوة بالمملكة العربية السعودية حفظه الله
    بواسطة مركز الدعوة الاسلامية بدبي
    السلام عليكم ورحمة الله
    لقد جاءنا من القطر السوداني ما يفيد أن رجلاً اسمه الدكتور حسن الترابي يشغل وظيفة وزير هناك للشؤون الدينية او نحو ذلك، ينشر افكاراً غريبة منها:
    1- انه لا يرى اقامة الحد برجم الزاني.
    2- وانه لا يرى في الدين شيئاً يمنع زواج المسلمة من الكتابي.
    3- وان الردة ليست في الخروج من دين سماوي الى دين سماوي آخر بل الشرك فقط.
    4- وانه ليس في الخمر حد وانما هو التعزير.
    5- وان القواعد الاصولية وقواعد علم المصطلح الحديث امر غير ملزم لكل المسلمين........» المصدر للوثيقتين: د. محمد وقيع الله: التجديد والرأي والرأي الآخر ص 144-146»
    هذه هي التهم، فما هو رد الترابي عليها؟! قال «لم يقع مني في كتاب او خطاب عام ان اشرت الى غير المعروف في حكم الزاني المحصن» «المصدر السابق ص 147» هذا مع ان المعروف في حكم الزاني المحصن، الرجم بالحجارة حتى الموت.. فهل حدث ان رجم أي شخص حين كان الترابي مستشار النميري في تطبيق قوانين سبتمبر 1983م؟! بل هل حدث ذلك في كل عهد حكومة الإنقاذ حين كان الترابي عرابها ومرجعها الديني الأوحد ؟! أم كان ما يحدث هو ايجاد أي مدخل لشبهه، وتحويل العقوبة الى الجلد، بدلاً عن الرجم في كل القضايا؟!
    ويواصل الترابي فيقول «والفصل الثاني افتراء وتلفيق، فقد كان في سياق بحث بالانجليزية في مسلمي أميركا، اذ قلبت وجوه فقه الاسرة واسرار الحكمة فيه، وتطرقت للتزاوج من المشركين والنصوص المانعة التي قطعت فيه منذ الهجرة، للتنافر البعيد بين الطرفين. ثم تعرضت للكتابيين وقربهم النسبي لنا مما اباح طعامهم ومحصناتهم وجعل طعامنا حلاً لهم، أما نساؤنا فقد ذكرت اتفاق الفقهاء على منع ذلك استصحاباً لحرمة الفروج الا بتحليل وسداً لذريعة فتنة من قوامة الكتابي على مسلمة....» «المصدر السابق ص 148». فالترابي إذن يتفق مع سائر الفقهاء، في عدم شرعية زواج المسلمة من الكتابي !! وهكذا ينكر الترابي الفتوى التي أطلقها مؤخراً، واجاز بها زواج المسلمة من الكتابي، فثارت ثائرة كل الجماعات الاسلامية، بما فيهم تلاميذه السابقون، عليه.. وهو هنا يؤكد لابن باز اتفاقه التام، مع فقهاء السلف، في منع المسلمة من زواج الكتابي، حتى لا تقوم قوامة من كافر على مسلمة !! فهل يقبل ان تقوم قوامة من كافر على مسلم، كأن يكون نائباً لرئيس الجمهورية، وقيماً على الأمة من دونه؟! ويمضي الترابي، في الكذب، فيقول «وما جاء في الردة تلفيق أيضاً، اذ لم يحدث ان رتبت حكماً على التمييز بين ما يرتد اليه والمرتد» «المصدر السابق ص 149». ولكن ما يقصده الشيخ صقر، هو ان الترابي حدد ان هناك ردة، لا تعتبر ردة، قد نقل لنا المحبوب هنا، ان الترابي صرح بأن الردّة الفكرية لا غبار عليها، ولكنه عجز ان يقول لابن باز رأيه هذا!!
    أما التهمة التي خاف منها الترابي حقيقة، فاتهام الشيخ صقر، بأن تلاميذه لهم نزعة صوفية ومشيخية.. وكان سبب خوف الترابي، علمه بأن انزعاج الشيخ الوهابي، من الصوفية لا يدانيه شيء آخر.. ولذلك قال « اما شباب السودان فلا تسودهم نزعة صوفية أو مشيخية، وانما هي كلمة تحريش الى عالم سلفي» !! وهكذا لم يتردد الترابي، بالتضحية بكل ارثه الصوفي، وأهله ومريديهم، وحلفائه من الصوفية، الذين كونوا معه الجبهة القومية الاسلامية، في سبيل ارضاء الشيخ ابن باز !! لماذا حرص الترابي على ارضاء ابن باز على حساب دينه وخلقه ؟! اسمعه يقول «واننا اذ نشكرك على سالف دعمك للمجاهدات الاسلامية بالسودان، نرجو ان تخاطب عنا اخواننا الحاملين علينا ظلماً» !! ومعلوم ان ابن باز لا يدعم من نفسه، وانما هي حكومته، فهل كان هذا الدعم كافياً ليبيع به الترابي دينه؟! ولو كان الترابي على يقين من علمه، وعلى ثقة بربه، لرفض من الاساس تدخل هؤلاء الفقهاء العرب، في ما يجري في بلادنا، ولأصر على ما قال، دون تنازل منه، ولسألهم عن عجزهم الدائم، عن اقامة الدين، في بلادهم، ثم مطالبة غيرهم به. ولو كان مفكراً، حراً، لرفض الوصاية ولأصر على آرائه.
    ولم يكتفِ الترابي، بانكار فتاوى التجديد والمساواة، بل اتهم من اثاروا حوله الشبهات، بأنهم اعتبروه من تلاميذ الاستاذ محمود محمد طه، فقال «وزج بي في زمرة محمود محمد طه السوداني، وهو رجل تنبأ ثم تأله وانكر جل شعائر الاسلام وشرائعه» !! ولم يقم الترابي بطبيعة الحال، بتقديم اي دليل، على ما ذكر في شأن الاستاذ محمود، ولم يكن اصدقاؤه من امثال ابن باز يحتاجون الى دليل.. ولعل ما ازعج الترابي، في نسبته للاستاذ، ليس ما يدعي من تكفير الاستاذ، وانما لأن ذلك يعني ان تنسب الافكار التحررية، التي إدعاها، بغير حق، الى الاستاذ، لأن ذلك يظهره على حقيقته، كسارق لهذه الافكار، دون أن يحسن اقتباسها، ودون أن يملك الأمانة الدينية، والعلمية، التي تجعله ينسبها الى مصدرها.
    والحق ان كل ما كتبه الترابي، طيلة هذه السنين، لم يخرج عن الوصف، الذي وصفه الاستاذ محمود عام 1965م، لكتابه «اضواء على المشكلة الدستورية».. وهو الكتيب الذي اخرجه الترابي، يبرر فيه، حق الجمعية التأسيسية، في تعديل المادة 5/2 من الدستور، التي كانت تنص على حق التنظيم، وحق التعبير، حتى يتم حل الحزب الشيوعي بناءً على ذلك !! فقد كتب الاستاذ « بين أيدينا الآن كتاب اخرجه الدكتور حسن الترابي باسم «اضواء على المشكلة الدستورية»، وهو كتاب من حيث هو، لا قيمة له ولا خطر، لانه متهافت، ولأنه سطحي، ولأنه ينضح بالغرض، ويتسم بقلة الذكاء الفطري... وفي الحق، لو كان الترابي مثقفاً غربياً فحسب، أو لو كان انما يدعو، في ذلك، الى تنظيم سياسي غربي فحسب، لما أقمنا له كبير وزن. ولكنه، هو وقبيله، يزعمون انهم يتصدرون دعوة الى الإسلام، والى الدستور الإسلامي، وهذا يجعل الخطر منهم كبيراً، ومن الواجب أن يكشفوا على حقيقتهم.» «محمود محمد طه: زعيم جبهة الميثاق الإسلامي في الميزان. الخرطوم 1965م».


    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=55298
                  

10-06-2008, 00:51 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    هذا الكتاب!! (1-2)

    د. عمر القراى
    صدر قبل أشهر، كتاب عن دار عزّة للنشر، اعتقد انه من أهم الكتب، التي صدرت في السودان، في السنوات القليلة الماضية.. ولولا انه صدر باللغة العربية، لقلت إنه من أهم الكتب التي صدرت في العالم في نفس الحقبة!! ومع ذلك، لم يحظ الكتاب، باطلاع كاف، أو تعليق من المثقفين السودانيين، الذين نشر بينهم.. اسم الكتاب «الإسلام والسلام عند الأستاذ محمود محمد طه»، ومؤلفه هو الاستاذ خالد الحاج عبد المحمود، وهو من كبار تلاميذ الأستاذ محمود، ومن قياديي الجمهوريين، الذين درجوا على تبيين الفكرة بالحديث، والكتابة، في تعبير سديد، موفق، منذ إلتزامه بالفكرة، في منتصف الستينيات.
    لقد اعتمد الكتاب بصورة أساسية على أفكار الأستاذ محمود محمد طه، ونقل منها نصوصاً مطوّلة، في تقديري، انه كان ينبغي ان تكون اقل مما وورد، خاصة وان الكتاب بايراد الكثير من النصوص، وصل الى (500) صفحة من القطع الكبير، مما يجعل متابعته، وقراءته بدقة، موضوع شاق، إلّا على المتمرسين على القراءة. ولعل مبرر الكاتب، هو أن الفكرة الجمهورية، لم تقرأ، ولم تنقد بالقدر الكافي، والدراسات التي تناولتها، وكان يمكن أن تضع كثيرا من نصوصها بين يدي القراء، نشر معظمها، خارج السودان.
    منهج الكتاب يقوم على المقارنة -المطردة المتابعة بالتحليل- بين آراء الاستاذ محمود عن السلام، وأهميته، وضرورته الملحة، في هذا الوقت، وكونه موضوعا جوهريا، في رسالة السلام الى البشرية كافة، وبين آراء عدد كبير من المفكرين الغربيين، الذين تعرضوا لفكرة الحرب والسلام، أو للمفاهيم السياسية والاجتماعية والاقتصادية ومفاهيم الحرية عموماً التي يفترض ان ترتبط بهذا الموضوع.
    ولعل ما يهدف إليه الكاتب من الكتاب، هو أن يرى القراء بوضوح، لا لبس فيه، عمق فكر الأستاذ محمود، واتساقه مع معطياته، ومرتكزاته الأساسية، إذا ما قورن بققم الفكر الإنساني المعاصر، في قضية جوهرية، يتطلع كل العالم اليها، مثل قضية السلام. وأسلوب التحليل المقارن، أسلوب معروف، ومتبع في معظم الدراسات، التي ترمي الى اظهار فكرة بعينها، في داخل منظومة فكرية عريضة، أو ايديولوجية شاملة. ومن ايجابياته، انه يعتمد على الضدية لتوضيح مدى الإختلاف بين الافكار، ومعلوم انه «بضدها تتمييز الاشياء» كما قال الشاعر. ومن سلبية هذا المنهج، اعطاء الفرصة للاتهام، بأنه انتقائي، يركز على ايجابيات الفكرة، التي يرمي في الآخر لتفضيلها على الأفكار الأخرى.. بينما لو عرض الفكرة كلها، بدلاً عن التركيز على جانب منها، فإن ذلك قد يشمل بعض نقاط ضعفها، مما يبعده عن تهمة التحييز. على أن منهج المقارنة، يدل أيضاً على اطلاع الكاتب على مختلف الأفكار، مما مكنه من اجراء مقارنة بينها، ثم انه يعطي الفكرة، موقعاً بين العديد من الآراء الاخرى، لا تحققه الا المقارنة.. وهذا ما لا يمكن الاستدلال عليه، بمنهج التحليل الآحادي، الأوسع انتشاراً. على اننا نلاحظ في هذا الكتاب، ان مركزية موضوع السلام، وتداخله مع كثير من المسائل، جعل الكاتب يتعرض لمعظم الفكر الجمهوري، وكأن الكتاب دراسة حالة بمنهج التحليل الآحادي.
    يبدأ الكاتب، بأن يحدثنا عن ان الاستاذ محمود، رغم انه بدأ حركته كحركة سياسية، في مواجهة صارمة مع الاستعمار، سجن بسببها أكثر من مرة، الا انه استغل السجن كخلوة لتجويد العبادة، والتفكر، ثم بعد خروجه من السجن، اعتكف لمدة ثلاث سنوات.. وحين سئل عن سبب اعتكافه قال «احسست بان عليَّ ان اعتكف مدة أخرى لاستيفاء ما قد بدأ وكذلك فعلت فهل حبسني ابتغاء المعرفة؟؟ لا!! ولا كرامة.. وانما حبسني العمل لغاية هي أشرف من المعرفة.. غاية ما المعرفة إلا وسيلة إليها.. تلك الغاية هي نفسي التي فقدتها بين ركام الأوهام والأباطيل.. فإن عليّ أن أبحث عنها على هدى القرآن- أريد ان أجدها.. واريد ان انشرها.. وأريد ان أكون في سلام معها، قبل ان ادعو غيري الى الإسلام.. ذلك أمر لا معدى عنه.. فان فاقد الشيء لا يعطيه.. فهل تريدون أن تعلموا أين أنا من ذلكم الآن؟ إذن فأعلموا: إني قد أشرفت على تلك الغاية ويوشك ان يستقيم لي أمري على خير ما أحب». (الكتاب ص13). يخلص الكاتب من هذه العبارات، الى نتيجة مهمة، هي ان قضية الإسلام، هي في الاساس ان يمارس الداعية الدعوة في نفسه، قبل ان يدعو اليها الآخرين!! وفيما نحن بصدده من أمر السلام، يجب ان يعيش السلام، قبل ان يطرحه للناس.. يقول الاستاذ خالد «وبذلك وضع الأستاذ محمود، منذ البداية، يده على جوهر قضية السلام وهو «السلام الداخلي» وهذا ما سيتضح من متن الكتاب» (الكتاب ص13).
    في البداية يركز الكاتب على الحرب، باعتبار أنها النقيض للسلام، الذي بفهمه يتضح مدى الحاجة للسلام. يذكر الكاتب الأسباب التي جعلت الحرب، أسلوبا استنفد غرضه، ولن يصلح لدعم الحضارة الإنسانية المعاصرة، وهي:
    (1- زيادة وعي الناس بصورة كبيرة، وانتشار المعرفة بينهم، وزيادة حساسيتهم، بالصورة التي جعلت أساليب قانون الغابة، القائمة على العنف والحرب لا تناسبهم، وأن ما يناسبهم هو ما يتماشى مع إمكاناتهم الجديدة وهو قانون الإنسانية.
    2- التطور العلمي والتكنولوجي الكبير، خصوصاً في مجالي المواصلات، وسبل الإتصال، ونقل المعلومات، الامر الذي أدى الى توحد الكوكب الأرضي، وجعل جميع الناس في ارجائه جيراناً، ليس أمامهم لتستقيم حياتهم إلا ان يعيشوا حياة الجيران، وفق القيم التي يقتضيها حسن الجوار.
    3- حدوث تطور رهيب في الأسلحة، خصوصاً فيما سمي بأسلحة الدمار الشامل، وبالذات الاسلحة النووية.. وبهذا التطور في السلاح، لم تعد الحرب لا تحل مشكلة وحسب بل اصبحت هي المشكلة، فهي في مستوى من مستوياتها قد تعني فناء البشرية.. بل وربما فناء الحياة على الأرض». (ص 16).
    بعد ذلك علق الكاتب على نموذجين، من المواقف السياسية للاستاذ محمود، التي أصر فيها على موضوع السلام، خلافاً لآراء كل معاصريه، ثم اثبت الواقع، بعد فترة صحة تصوره.. النموذج الأول مشكلة الشرق الأوسط، التي كان رأيه فيها منذ البداية، ان يقبل العرب السلام مع إسرائيل، مقابل اعتراف إسرائيل، بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم بجانب دولة إسرائيل، وقد رفض العرب ذلك مراراً، ثم انهم جاءوا في آخر الوقت، يبحثون عنه ثم لا يجدونه. والنموذج الثاني مشكلة الجنوب، التي طرح لها الاستاذ السلام، والحكم الإقليمي للجنوب منذ عام 1946م. وكان هذا الرأي ، مرفوضاً من كل الأنظمة السياسية، ولم يتحقق الا مؤخراً، بعد ان فقدت آلاف الارواح والممتلكات وموارد الدولة.
    بعد ذلك، يبين لنا الكاتب معنى كلمة السلام، والمعاني التي وردت مشيرة اليها، في الكتب الدينية قبل الإسلام، ثم ورود الكلمة، ومدلولاتها في القرآن الكريم، ومعنى السلام كقيمة داخلية، يحققها الفرد في نفسه، وكيف تنعكس على سلوكه. وفي هذا البيان، يورد الكاتب آيات كثيرة ونصوصا عديدة من كتب الاستاذ، توضح تركيزه على السلام، وشرحه لمفهوم السلام، وعلاقته بالسلوك الفردي والجماعي.
    يقع الكتاب في ثلاثة اجزاء، الجزء الأول عن ظاهرة الحرب، وهو يحوي ستة فصول ناقشت القضايا التالية: العدوان، وعلم الحيوان واليثولوجيا، وعلم النفس وعلاقة كل ذلك بنزعة العنف في المجتمع. كما ناقشت الحرب في التاريخ، وماهيتها، والحرب عند العرب، وعلاقة الحرب بالاديان والفلسفات، وعلاقتها بأديان التوحيد. كما تعرّض لعلاقة الحرب بالمسيحية، وبالماركسية. كما تعرّض لاسباب الحرب، وعلاقتها بالحضارة، وركز على النواحي العسكرية، والعلاقات الدولية وانواع الأسلحة. وتحدث بتفصيل عن الاسلحة النووية، والبيولوجية، واسلحة الدمار الشامل. كما تحدث عن مفهوم العسكرية، وعلاقته بالاخلاق، والفضائل.
    اما الجزء الثاني من الكتاب، وهو عن الحضارة الغربية والسلام فقد وقع في خمسة فصول. ناقش هذا الجزء من الكتاب مقتضيات السلام، وناقش مفهوم المدنية والحضارة، والفرق بينهما كما طرحته الفكرة الجمهورية. كما ناقش ضرورة المذهبية، ووقف بتفصيل عند مفهوم العلمانية، كما ركز على العلوم الطبيعية، وتصور العلم للكون. كما تحدث عن الله والسلام، والمجتمع والسلام. ناقش هذا الجزء أيضاً الرأسمالية، والليبرالية، وربطهما بالسلام، كما ربط المنافسة الاقتصادية بالحرب. كما تحدث عن الديمقراطية والسلام، والعلاقات الدولية والسلام. كما ناقش موقف الحضارة الغربية بين العمل للسلام والعمل للحرب، وتطرق للمصروفات العسكرية وصناعة السلاح، وعسكرة الحياة.
    الجزء الثالث والاخير، وهو عن الإسلام السلام وقع في تسعة فصول، ناقشت ما هية الإسلام وعقيدة التوحيد، وأصول القرآن وفروعه وتطوير التشريع الإسلامي. كما ناقش الفكر السلفي وتصوره للسلام. وتحدث في هذا المضمار عن الجهاد بالسيف، وقيمه وآدابه، وهل كان عملاً سياسياً أم دينياً. كما تطرق لنماذج من موقف الفكر السلفي من قضية السلام.. ثم تطرق لقضية الخير والشر في الطبيعة البشرية، كما أورد ما جاء في كتب الاستاذ محمود عن نشأة الانسان ومراحل تطوره، ونشأة الخوف، والكبت وانقسام الشخصية. وفي اتجاه تحليل النفس البشرية، تعرّض هذا الجزء الى الانانية، ورفع الحجب عن النفس، ومستويات الترقي في مدارج التقوى وتعرّض للصلاة كوسيلة للترقي، ومنهاج لتحقيق السلام الداخلي. ثم تعرّض لأثر الإسلام على المجتمع والأسرة، وركز على العلاقة بين الرجل والمرأة، ثم تعرض بصورة عامة للاقتصاد وركز على الإشتراكية، وربط بينها وبين التوحيد. ثم تعرض للديمقراطية، وعلاقتها بالاسلام، متعرضاً للفرد الديمقراطي، والقانون الذي في اطاره تقوم الديمقراطية. ثم تعرض للتعليم كوسيلة ضرورية لتحقيق الديمقراطية، وربط مناهج التعليم بالاخلاق والقانون والتربية. ثم تحدث عن العلاقات الدولية، في اطار الفكر السلفي، وفكر الاستاذ، متعرضاً لرأي الاستاذ حول ضرورة الحكومة العالمية. كما تعرض أيضاً في هذا الجزء، في الفصل قبل الاخير، لمفهوم المحبة الواسع، الذي اشار اليه السادة الصوفية، وكيفية تحقيقه في الواقع، ومضامين ما قصدوا من امر الحب الإلهي، وكيف انه هو دين القلوب.. كما فصل في نهج المحبة، وثمرتها، وعلاقة ذلك بالمجتمع وبالاسرة، وبالمجتمع الكبير. أما الفصل الأخير من الجزء الثالث، فقد ذكر البشارة الدينية، وتحدث عن انبياء الظاهر، وانبياء الحقيقة، وربط ذلك بالثالوث الإسلامي في اليهودية والمسيحية والإسلام، والبشارة في كل منهم، كما تحدث عن مفهوم جنة الأرض، ووضع بعد ذلك خاتمة الكتاب. ولقد استعان المؤلف بعدد من المراجع منها (11) من كتب الأستاذ ، و(2) من كتب الجمهوريين، و(40) مرجعاً لكتاب آخرين باللغة العربية، و(8) مراجع باللغة الإنجليزية. ولعل ميزة الكتاب، بالاضافة الى الكم الهائل من المعلومات، التي تعرّض لها، وعرضها في اسلوب واضح، انه استطاع ان يربط بينها جميعاً، لتدور بصورة تقترب، وتبتعد، عن موضوع السلام، هنا وهناك، لتخلص في النهاية، لموضوعية الفكرة، التي استطاعت ان توفق بين هذه المعاني، وتنسق بين مراميها، فيما يحقق كمال الإنسان، وسعادته في هذه الحياة، وفي الحياة الأخرى.

    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=55731
                  

10-06-2008, 00:52 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    هذا الكتاب!! (2-2)
    د. عمر القراى

    يتطرق الكاتب، في الجزء الأول من الكتاب، الى ظاهرة الحرب، وكيف أن اصلها هو العدوان الذي يعني تجاوز حق الفرد أو الجماعة الى حقوق الآخرين.. ويتساءل الكاتب هل الطبيعة البشرية في الاصل عدوانية أم ان العدوان أمر طارئ؟ ويحدثنا عن أن علماء الحيوان، هم أكثر من تناول ظاهرة العدوان، ودرسوها لدى مختلف الحيوانات، ومن ثم أثاروا الجدل، حول انتقال العدوانية من الحيوان إلى الإنسان.. ولقد استأنس الكاتب، بآراء عدد من العلماء، في مجال البيولوجي، والوراثة، وعلم الاجتماع، وعلم الحيوان، وعلم النفس، وقبل بعض آرائهم، واختلف مع بعضهم، مثل فرويد، وحديثه عن غريزة الموت.
    بعد ذلك تطرق الكاتب الى ظاهرة العنف، كظاهرة اجتماعية، يبحث في جذورها وآثارها، علماء الأنثربولوجي، وعلماء الاجتماع.. ثم حدثنا عن ان أول عنف مارسه الانسان، كان بسبب الغريزة الجنسية، ثم بسبب الملكية الفردية. بعد ذلك يتطرق الكاتب للماركسية، باعتبارها من أهم الفلسفات التي اسست للعنف، واعتبرته حتمية، لا يمكن تجاوزها في المستقبل. يرى الكاتب ان ظاهرة العنف عميقة في المجتمعات، وفي النفس البشرية، وانه لذلك، لم يتم تجاوزها، ويقول: «ولقد تطور المجتمع البشري حتى صار الى ما نحن عليه الآن وتطورت قوانينه واعرافه، وقيمه الدينية والمدنية، فتطور نظام السلطة فيه، وانتشر العلم والتعليم، وزاد الوعي.. ورغم ذلك، لا القانون، ولا العلم والتعليم، ولا الدين، حدَّ من العنف، بل ان العنف مع كل هذا التطور البشري، ظل في ازدياد مضطرد، وقد تطورت وسائله، من السلاح الحجري، الى السلاح النووي). (الكتاب ص61).
    يحلل الكاتب ظاهرة الحرب، بالرجوع الى الحرب في التاريخ.. ويقف عند قول من قال بأن أول حرب هي قتال ابني آدم، ولا يوافق هذا الرأي، إذ يرى بأنه كان هناك أوادم قبل آدم ابو البشر الحاضرين.. ثم ينقل لنا من آراء عدد من الكتاب، تعريفهم للحرب، ثم يحدثنا عن الحرب عند العرب، كمقدمة للحديث عن حروب الإسلام، وتأثره بواقع ثقافة العرب في هذا الصدد. وعند التعرض للحرب في الأساطير القديمة، وفي الأديان الوثنية، ثم في أديان التوحيد، أكد الكاتب حضور الحرب في كل هذه العقائد.. ورغم ان روح الاديان قائمة على السلام والتسامح، الا ان المجتمعات لم تكن مهيئة لغير الحروب. كما تعرّض الكاتب للفلسفات التي تؤيّد الحرب، والتي تعارضها. يرى الكاتب ان الذين يؤيدون الحرب والعنف، يبررون ذلك بأمرين:
    1- ان الحرب تقوم على حقائق الحياة وواقع التاريخ.
    2- ان الحرب تخدم التطور البشري.
    ثم تعرض الكاتب للماركسية، ورأيها في الحرب كظاهرة اجتماعية، حتمية، ودائمة، بدوام الصراع الطبقي.. وانها ستنتهي معه بقيام المجتمع الشيوعي. ثم يطرح الكاتب، تصور الفكر الجمهوري، لطبيعة الإنسان، وفطرته المسالمة، وكيف جد عليها من الخوف في صراع البيئة، ما دفعها لتبني طبيعة اخرى، تقوم على المقاتلة والحرب. ومع إيمان الكاتب بالسلام، وبمرحلية الحرب، الا انه يرى من منطلق التوحيد -الذي يقرر بأن الباطل المطلق لا يدخل في الوجود- ان للحرب بعض الايجابيات ذكر منها، دفع الفساد، وتحقيق اصلاح في ظروف معينة، واستدل على ذلك بقوله تعالى: «ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض».. كلما هناك ان وقت قدرة الحرب، على حل المشاكل قد آذن بزوال، لتخلي مكانها للسلام، الذي هو وسيلة التطور، منذ اليوم. ثم تعرض الكاتب لاسباب الحروب، وانواعها، وانواع الاسلحة الحديثة المستعملة في الحروب، وكميات الاسلحة عند الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتي، وتفاصيل أنواعها.. ثم يحدثنا الكاتب، عن الآثار السلبية للحروب، وللنظم العسكرية، والاوامر التي تصاحبها، وتفرض الطاعة المطلقة لها.. وكيف ان العسكرية هي التجسيد الحي، لخوف البشر من بعضهم البعض، وان التربية العسكرية، تربية للجسد على حساب الروح، والفكر، والخلق، وهي بذلك قتل لانسانية الإنسان، واثر ذلك على سلوك وتفكير الجنود. على الرغم من ان الكاتب اتجه للتأسيس النظري، إلا أن خلوه من نماذج واقعية للحروب، وما حدث فيها من فظائع، مثل حرب دارفور، وحرب جنوب السودان، وعدم تعرضه للأخطاء السياسية، التي سببت هذه الحروب، والحلول العاجلة التي يمكن أن تقدم من منطلق فكره، لهذه القضايا، أضعف من ربط الكتاب بواقع الناس، وجعله وكأنه يتحدّث عن مسألة تاريخية، خالية من حرارة ما يجري الآن، من مآسٍ شكلت أهم الإشكاليات التي يفترض أن يقدم لها الكتاب الحل.
    في الجزء الثاني يناقش الكاتب الحضارة الغربية والسلام، ويبدأ بالإطار الفكري، الذي تنطلق منه الحضارة الغربية، فيقف عند مفهوم العلمانية.. فيذكر ان كلمة علماني، مأخوذة من العالم، وليس من العلم، ولهذا هي تعني الاهتمام بأمور الدنيا.. وكيف انها جاءت كرد فعل، لهيمنة الكنيسة في اوربا في القرون الوسطى. يرى الكاتب ان العلمانية تقوم على ثلاثة مرتكزات هي:
    1- رفض هيمنة رجال الدين على الفكر وعلى الحياة.
    2- توكيد الحياة الدنيا.
    3- توكيد حرية الفكر.
    ثم يحدثنا الكاتب، عن الاختلاف بين العلمانية والدين.. ويحاول ايجازه في اختصار، بأن العلمانية تقوم على الإهتمام بالحياة الدنيا دون الآخرة، وان عقل العلماني هو عقل «معاش»، وهو حسب تعريف الاستاذ محمود، العقل الذي لم يهذب، ويروض بالعبادة، حتى يتحول الى عقل «معاد». ويخلص الكاتب الى أن (العلمانية تقوم على التفكير والسلوك الذي يعلي من الحياة الدنيا وقيمتها المادية في حين أن الدين يقوم على التفكير والسلوك الذي يضع الدنيا والقيم المادية موضع الوسيلة الى الحياة الأخرى) (الكتاب ص 176). أعتقد ان الكاتب أوجز موضوع العلمانية، إيجازاً مخلاً.. فلم يتحدث عن أهم اطروحاتها، وهي فصل الدين عن الدولة، والحجج التي تساق فيه.. ثم رأي العلمانية في التعليم والتربية، وكيف يختلف ويلتقي مع الدين في مستواه السلفي، وفي مستوى ما يطرحه الاستاذ محمود، وما يمكن ان يحقق حسب طرحه، موضوع السلام الذي هو هدف الكتاب. كما ان الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وكافة عهودها، ومعاهداتها، قد قامت على الفكر العلماني.. ولم يحدثنا الكاتب، هل سيقبلها أم يغيرها وفق فهمه للدين.. فإذا كانت آلة الحرب، إنما تديرها الحضارة الغربية، التي تعتمد أساساً على العلمانية، فان الحديث عن العلمانية في حوالى 5 صفحات، مقارنة بالحديث عن العسكرية، وانواع الأسلحة، والحروب، الذي وقع في حوالى 38 صفحة، أمراً كان على الكاتب ان ينظمه بصورة أفضل. تحدث الكاتب بصورة جيّدة عن حاجة الفرد للسلام الداخلي، وعجز الحضارة الغربية، في أيجاد منهج يحقق السلام الداخلي.. ثم تعرض لما طرحته هذه الحضارة، من حل لمشاكل المجتمع البشري، ومظاهر عجزها في ذلك، المتمثلة في النظام الرأسمالي، وعجزه عن تحقيق الحرية الحقيقية، كما ربط الكاتب بين المنافسة والحرب. تطرق الكاتب ايضاً لعجز الماركسية عن تحقيق الحرية والسلام. ولعل من المعلومات المفيدة، التي ارودها لنا الكاتب، مبلغ ما تدفعه الحضارة الغربية على التسلح، مقارنة بما تقدمه من أجل السلام.
    لقد أوضح لنا الكاتب، قصور مفهوم الحرية الفردية، عند الليبرالية، وضرب نموذجا بالسلوك الجنسي في المجتمعات الغربية، فقال «إذا تم الفعل عن طريق الإغتصاب والعنف فهذا مدان من الرأي العام ومن القانون، ولكن إذا تم بالتراضي وكلا الطرفين بالغ رشيد فهذا ليس عليه غبار قانوناً، ولا يكاد يكون عليه غبار عند الرأي العام.. وفي هذا الفهم واجب الفرد تجاه نفسه أمر غائب تماماً.. فمن يزني ليس حراً، وانما هو أسوأ انواع العبيد.. إذ انه عبد تحكمه شهواته، يجعل هواه تابعاً لرغابات نفسه وهو بذلك يهبط الى درجة الحيوان الذي تسييره غرائزه والمجتمع الذي لا يجرم قيمة هذا الفعل هو مجتمع يضع نفسه ضد قيم السلام.. فإن الامور لا تتجزأ وان من يخضع لرغائب نفسه بهذه الصورة، لا يملك الا ان يكون عدوانياً، يطمع في حقوق الآخرين...) (الكتاب ص201). إن الشخص الذي يمارس العلاقة الجنسية، خارج إطار الزواج، في المجتمعات الغربية، ليس بالضرورة ان يكون شهوانياً، ومعتدياً على حقوق غيره، ومخالف لقيم السلام. فقد يقوم بهذا العمل، في اعتدال أكثر من بعض المتزوجين، وفي التزام بشريك واحد أكثر منهم أيضاً!! فهل يعيب عليه الكاتب، انه لم يقم مراسم عقد قران، بالصورة التي تحددها شريعة الإسلام، أو المسيحية، وان كان لا يؤمن بهذه المعتقدات؟! إن مواجهة الفوضى الجنسية، والتوجات الجنسية المختلفة، ومنطلقات العلاقات الجنسية المتعددة في المجتمعات الغربية، تحتاج الى رؤية أعمق من هذه بكثير.. فالتقريع بالالفاظ ووصف هؤلاء «الحائرين» بأنهم «عبيد لشهواتهم» دون تقديم الحل لهم من الفهم الديني المتقدم لا يفيد.. إن الزنا في المجتمعات المحافظة التي حرمته أديانها، وما يترتب عليه من آثار إنقسام في نفس الفرد، ومشاعر سلبية على المجموعة التي ينتمي أليها، لا يمكن ان ينقل كما هو، لتملى آثاره على الفرد والمجتمع في الغرب، رغم اختلاف الثقافة، والمفاهيم، والأعراف.. فمن المفكرين الغربيين، ودعاة السلام الحقيقيين، من يمارس علاقة جنسية خارج اطار الزواج، وهو أكثر إيماناً بالانسانية، والخير والسلام، من إسلاميين يهاجمون الغرب، على اساس انه يبيح الزنا، ويمارسون قتل الابرياء، باسم الجهاد!!
    يطرح الجزء الثالث، قضية الكتاب الأساسية، التي مهد لها بالجزئين الأول والثاني، وهي الاسلام والسلام، والعلاقة بينهما، كما رسمها فكر الاستاذ محمود محمد طه.. يشرح لنا الكاتب، كيف ان الإسلام ليس هو الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. ولا ما جاء به الانبياء من لدن آدم، وانما هو الإرادة الإلهية، التي سيرت الوجود في كل مستوياته، وما تعبير الانبياء بالاديان، الا مستوى الرضا، من تلك الإرادة، التي تمثل دين الإسلام العام. ثم حدثنا الكاتب عن عقيدة التوحيد، وتطور مفهومها، ومفهوم اصول القرآن وفروعه.. ويتطرق لمفهوم الجهاد في الفكر الإسلامي السلفي، وعلاقة هذا الفكر، بتشجيع اتجاه الحروب. ثم ربط لنا الكاتب بين التوحيد والسلام، حين أوضح ان التوحيد يبدأ بتوحيد الخوف في الله، وتحقيق ذلك، بمعيشة السلام مع كل الخلائق.. وقدم طريق محمد صلى الله عليه وسلم، كمنهاج لخلق العلاقة مع الله، من خلال فهم القرآن ومعيشته مجسداً. في تطور الإنسان، ذكر الكاتب مراحل التطور، التي مر بها في نشأته كما وردت مفصلة في كتب الاستاذ محمود. وتحدث عن الصلاة، كممارسة ذكية، لتحقيق الحضور كمنهج للسلام، كما ذكر الوضوء، كمحاسبة للاعضاء ونظر في عيوب العمل.
    تحدث الكاتب ايضاً عن الاسرة، والزواج في الحقيقة وفي الشريعة، كما جا مفصلاً في فكر الاستاذ محمود.. كما تحدث عن المحبة كوجه ايجابي للسلام. والحديث عن المحبة، تدرج من محبة الله، لمحبة الخلائق، في تسلسل طيب، ربط بين المقدمات، والنتائج بصورة محكمة. ما اخذ على هذا الجزء، النقل الكثير من كتابات الاستاذ، دون اضافة أي مزيد لدعم الحجة الواردة في تلك النصوص، مع ان النصوص على رفعتها، لو كانت كافية وحدها، لكان الافضل إحالة القارئ لها في مظانها، دون حاجة لتعليق. إن الذي يقرأ كثيرا من النصوص المنقولة، والتي يوردها الكاتب، وحدها، يقوم في باله، إن الكاتب يفترض في كثير من الاحيان، ان القارئ، يعتقد معه في صحة فكر الاستاذ محمود محمد طه!! أو ان الكاتب لشدة قبوله بهذه الأفكار، وتسليمه بها، لا تقوم في باله التساؤلات، التي يفترض ان تقوم في ذهن من يقرأ تلك الافكار، وتجئ كتاباته اجابة لها، تمدد في المساحة، التي تغطيها فكرة الاستاذ محمود الاساسية.
    ومع كل ذلك، فإن الكتاب قد طرح موضوعاً مهماً، واستعرض بدقة، قضايا حياتية مباشرة، تخص كل إنسان في هذا الكوكب، من منطلق فكرة عتيدة، أعطت إجابات مقنعة، لتساؤلات لم تطرح قبلها، في الفكر الديني، والفكر الإنساني عامة. ولقد كان كاتب الكتاب، على علم بفكر الأستاذ محمود، فعبّر عنه تعبيراً دقيقاً، وعرض في إطاره للفكر الإنساني عموماً، باطلاع معقول على أهم اركانه، من منطلق شامل، جمع كل اطراف القضايا، المرتبطة بموضوع السلام، الذي ناقشه.


    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=55791
                  

10-06-2008, 01:21 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    كجراي الصمت والغبينة
    23

    (1)

    الشاعر كجراى يستحق إعادة إنتاج سيرة حياته بعد الموت ، فما نعرفه عن سيرته وأشعاره بمثابة برق في الظلام أو شعاع يأخذ شكل الكلمات . فبين ميلاده ووفاته عمر فيه الكثير من الأسرار والغموض والكبرياء .

    لقد أثرى عبر مشواره الراكز على قاعدة الشعر العربي القديم تجربة الشعر العربي الحديث .

    (2)



    تجربة الصمت :



    تحتل مفردة " الصمت " مكانة بارزة في تجربته الشعرية ، ففي ديوانه " الصمت والرماد " وردت كلمة الصمت أكثر من سبع مرات منها :



    *صمت له لون السديم ونكهة الأبد القديم



    *الصمت أجدى ليتنا كنا نعيش بلا قلوب أو شفاه



    *صمتها المطبق أنات ضمير متعبة



    أما في ديوانه " الليل عبر غابة النيون " تزيد كلمة الصمت عن خمس وثلاثين مرة منها :



    *دعني مع الصمت الذي يومض كالفيروز في مرافئ النجوم



    *يخجلنى إمتداد الصمت ، لون الصمت ، عرى الصمت في جدب المسافات



    *ها أنت لا تعرف غير مقطعين للفراق والأسى حول جدار الصمت أو بوابة المسا "



    إن دلالة كلمة الصمت ، مرتبطة بالسياقات التي توجد فيها " كما يقول د. رمضان بسطاو يسى (يقترب الإنسان في تجربة الصمت من المقدس – وأنه حالة لا تقوم على نفى هموم الشخص بل إستيعابها ضمن الحياة ، فالصمت هو الينبوع لكل الأعمال التي تعبر عن وحدة الذات التي تعبر عن ذروة روحية أو قمة التواصل مع الغير ، وهو أيضاً رسالة عميقة لا يمكن التعبير عنها بالكلمات وبالتالي هو الملاذ الأخير في كثير من المواقف )



    (3 )



    عاش الشاعر كجراى سنوات مثقلة بعيون المخبرين والتوقيف من قبل المؤسسات العقابية وكان عزاؤه لأكثر من نصف قرن ذلك الصف الذي لا ينتهي من الأصدقاء الذين نمت صداقتهم كشجرة أحبوه وأحبهم . بعضهم تقبل العزاء في كجراى ثم رحل في أثره ، منهم الأديب والصحفي أحمد فتح الرحمن كان واحداً من الذين تخرجوا من مدرسة صحيفة الأخبار لصاحبها الراحل رحمي محمد سليمان والتي قال عنها الشاعر أبو آمنة حامد ( ما وجدته في مدرسة رحمي لم أجده في كلية الأعلام بالقاهرة ) ثم صديقه الذي رحل بعده الأستاذ أحمد إبراهيم إسماعيل الذي كان يتمتع بذاكرة شاملة في الأدب والسياسة والرياضة ومشهود له بسرعة البديهة وحضور الطرفة ثم رحل في أبريل 2005م صديقه وعضو جماعة اولوس النشط الأستاذ البدري حسين.







    24



    (لهم الرحمة) وهنالك الذين نسأل الله لهم دوام الصحة ، الكاتب المسرحي والقاص مبارك حسن أزرق والشاعر والباحث الأستاذ ميرغنى محمد ديشاب والأديب الناقد جابر حسين و ( أبو عزه ) الشاعر أحمد طه محمد الحسن الذي يحب ( الميرغنى ) والمتيم بجنة العشاق والملم بسيرة ( الأنقياء ) من رجالها .



    عاش بينهم بثقة في النفس خالية من الغرور وبتواضع عامر بالتفاؤل في أشد لحظات الحياة صعوبة وشدة . لم تدفعه مرارة السنوات الطويلة أن يفكر يوماً مجرد التفكير في اهتبال الفرص وبيع دم الكرامة لم يفكر يوماً أن يكون أبو زيد السروجى ( من أبطال مقامات الحريرى ) الذي جسد فيه الراحل عبد الوهاب البياتى مأساة الشاعر أو الفنان الكاذب في قصيدته الممتازة " أبو زيد السروجى "



    كان يغنى عندمـا أغـار هولاكـو



    على بغـداد واستسلمت طـرواد



    وعلقت في قلب " مدريد " وفى أبوابها



    الأعـواد لأنـه كـان بلا ميعـاد



    يظهر في كل زمـان ، راكبـاً بلغتـه



    البرصـاء يتبعـه الجـراد والوبـاء



    انه لم يوظف شعره في بلاط ( الخليفة ) وهو موقف وإمتداد لموقف يذكرني بتعبير أورده المفكر توفيق الحكيم في كتابه ( عودة الوعي ) : ( إن الحاكم لا يريد من المفكر تفكيره الحر ...بل تفكيره الموالى )



    ( 4 )



    الصمت ...و ...الليل:



    في عام 1961 م صدر ديوان الصمت والرماد احتفت به حتى " الثورة " صحيفة السلطة الحاكمة آنذاك وفى عام 1987م أصدر ديوانه الثاني الذي أختار له اسم ( الليل عبر غابة النيون ) فالليل هنا أعمق من الظلمة العابرة التي تسبق ضوء الفجر لأنه فيما يبدو لا فجر له . أنه أشبه بليل الشاعرة الروسية ( أنا آخماتوفا ) زوجة زعيم ( كتاب الذروة ) الشاعر ( نموميليوف) الذي أعدمه ستالين وأرغمت آخماتوفا على الصمت والتي قالت شعراً :



    "الليل يسير الليل الذي لا ينبئ بفجر "



    إن عذاب هذا الليل ليس مرادفاً للسهاد ، إنه مدلول شمولى ...



    25



    ( 5 )



    كلمات من أجل نيسابور



    ( نيسابور مدينة عمر الخيام إبان الدولة السلجوقية في فارس سيطر المذهب الشيعي عليها وكان الملالى لا يحبون الخيام وكان الخيام يدرك أن هناك شيئاً يدبر له . لقد استدعى ليقف أمام محكمة كل قضاتها من الملالى . ( ودون إتاحة فرصة للدفاع أصدر القضاة حكمهم بحرق كل



    كتب الخيام ونفيه خارج نيسابور ثم دفعوا الرعاع لمهاجمة مرصده فاحرقوه بكل ما فيه وراح الخيام يتأمل الحريق ثم استند في منفاه وهو في الثالثة والثمانين إلى أحد الجدران وصلى الصلاة الأخيرة وهو يردد في سجوده : ( الهم إنك تعلم إني عرفتك على مبلغ امكانى فاغفر لي فإن معرفتي إياك وسيلتي إليك ثم اسلم نفسه الأخير ) .



    القصيدة ( إشارة ) تتنزل منزلة الكلام عن نيسابور ثانية التي استهلها الشاعر



    (بآه نيسابور



    قضاتها يمشون في دائرة الشيطان



    يمتشقون السيف



    يستثمرون مطر الحزن وغيم الصيف



    يبررون الزيف



    ومنطق الكارثة المريعة



    يقايضون الخبز بالشريعة )



    إلى أن يقول : -



    ( تحرسك الملائكة



    يا ساحة الفيروز في اخضرارها



    يا وطني تحرسك الملائكة ) .



    26



    ( 6 )



    لن نمل الانتظار



    وتأتى قصيدة لن نمل الانتظار التي كتبت قبل تنفيذ حكم الإعدام على شهيد الفكر والحرية الأستاذ محمود محمد طه .



    ( افتقدناك ضياء في أسارير الوجوه النابهة



    كنت في إشراقة الفكر كبيراً



    والذي أغتالك وجه من نفايات الوجوه الشائهة



    قبلك إستشهد في المحنة رهط



    وقرأنا سور التعذيب في وجه أبن حنبل



    فليكن



    ها أنت في محنتك الكبرى على الساحة أنبل



    تقول الوثائق في 25 ديسمبر 1984م وزعت جماعة الجمهوريين منشوراً تنعى فيه على نظام مايو 1969م إصدارة لقوانين سبتمبر التي شوهت الشريعة وطالب المنشور بالغائها .



    قبض على الأستاذ محمود محمد طه باعتباره صاحب الفكر الجمهوري كما قبض على آخرين من تلاميذه قدموا لمحكمة جنايات أم درمان تحت المادة (96 ) عقوبات إذاعة ونشر أخبار كاذبة أو مغرضة حول الأوضاع الداخلية للبلاد ولم يقدم في المحاكمة سوى المنشور كبينة وحيدة على التهمة .



    وبعد جلسة لم تستغرق ساعة من الزمن صدر الحكم في اليوم الثاني بإعدام الأستاذ محمود محمد طه والآخرين .



    وفي محكمة الاستئناف التي طلبت الأوراق (من تلقاء نفسها) لفحص الحكم جرت محاكمة جديدة في غياب المتهمين . قامت فيها المحكمة بجمع البيانات بنفسها لإثبات التهمة الجديدة ( الردة ) ومن ثم أصدرت في غياب المتهمين حكماً بالإعدام لردتهم عن الإسلام ومنحت كل المتهمين فرصة للتوبة فيما عدا الأستاذ محمود محمد طه الذي أنكرت عليه فرصة الاستتابة .



    وبعد يومين من هذا الحكم قام رئيس الجمهورية (نميري) وباعتباره أمام المسلمين بإجراء محاكمة أخرى في غياب المتهمين فجمع بدوره بيانات وملفات وخطابات زعم أنه تيقن منها أن الأستاذ محمود محمد طه مرتد ولا يستحق الاستتابة لأنه سبق أن استتيب بواسطة محكمة شرعية عام 1968م ولم يتب .



    وفي اليوم الثاني لحكم الرئيس نميري اعدم الأستاذ محمود محمد طه وحجب جثمانه عن أسرته ولم يعرف قبره وبطبيعة الحال لم تجر الشعائر الإسلامية لدفن ألموتي بالنسبة له فلم يغسل ولم يكفن أو يصلى عليه .
    ها أنا أصرخ في سمع الخليفة



    إن كل الخطب جوفاء



    في منبره المحفوف بالجند سخيفة



    كل تهريج الأناشيد هراء



    وعيون الغضب الصامت سخط وإزدراء



    يا حفيفاً من جناح الملك المرسل في غار حراء



    قد قرأنا وتعلمنا



    بأن الله لا يخذل جيش الفقراء



    27


    http://www.alsudani.info/index.php?type=3&id=2147532485
                  

10-06-2008, 01:23 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)



    لكل قاعدة شواذ

    عبد الله عثمان إبراهيم
    نسبة لانتمائي لهذه المهنة والتي تدخل في معظم ما يدرس من علوم في الجامعات عبر محاضرات في مدخل القانون لتوثيق العلاقة بين مجال القانون والعلم المدرس للطالب بكليته، ولعدم استغناء أي مجتمع عنها، لذا لابد لي من الرد على ما جاء في صحيفتكم الديمقراطية الهادفة لقضايا المواطن على ما صاغه الدكتور جبارة عبد الله الحسن في عددكم بالرقم 968 والصادر في يوم الخميس 24 يوليو 2008 بعنوان (أين الخلل في مهنة القانون)؟
    لكل قاعدة شواذ ولا يخلو أي مجتمع من الخيرين والشريرين، وإلا لما كان هناك قانون يحكم الناس، وما كان قبل ذلك رسل وأنبياء لتقويم وهداية البشرية، ولكن سنة الله في الأرض ان يجعل فيها كل شئ وضده، وان كنت غير ملم بقضية المحامية التي ذكرها الدكتور لكننا لا نعزي تواطؤ المحامية مع السماسرة على تزوير شهادات عقار تم بيعه والاستفادة من المال لمصلحتها الخاصة إلى عدم خبرتها القانونية بقدر ما نرده إلى غياب الوازع الديني لديها أو الغلط في فهم الوقائع الخاصة بالعقد والتدليس.
    بدءاً ليست هناك مقارنة بين القاضي والمهندس والطبيب، فمن ناحية الشرع قال الرسول صلى الله عليه وسلم إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران) ويعني هذا ان القاضي إذا اجتهد فيما لا نص فيه له أجران، وان أخطأ فله أجر الاجتهاد.
    ماذا يريد الدكتور ممن تخرج من كلية القانون واجتاز امتحان المهنة والتي وصف الذين اجتازوها 60 طالباً من بضع مئات خريج وخريجة قبل عامين، وان دل هذا انما يدل على أنهم اصفياء المهنة في دفعتهم، أي من لهم مقدرات على ممارسة المهنة بمختلف اقسامها (قضاء0 نيابة- محاماة) بالإضافة إلى ذلك قضاء فترة تدريبية لمدة عامان وقلصت إلى عام واحد، فماذا يريدهم ان يفعلوا غير ان يمارسوا عملهم كل في مجال استيعابه فبالتالي يكتسب الخبرة الوافرة التي تعينه في حياته العملية فيا دكتور كل من عمل في المجال القانوني بعد التخرج مباشرة واجتاز امتحان المهنة ليس له الحق في ان يفتح مكتب باسمه الخاص طوال مدة التمرين تحت المحامي الأستاذ كما يكون المتمرن متفرغاً تماماً بمكتب المحامي الأستاذ واحيلك في هذا الموضوع إلى قانون المحاماة للعام 1983 والفصل الخامس فهو كفيل باعلامك عن فترة التدريب وضوابطها المحددة.
    اما القضاء فله أسس وقواعد محددة لتعيين القضاة في الهيئة القضائية على مستوى المحاكم سواء كانت أول درجة (مدن وأرياف- محكمة القاضي الجزئي من الدرجة الثالثة- الثانية- الأولى- محكمة المديرية) أو محاكم ثاني درجة (القاضي الجزئي من الدرجة الأولى- محكمة الاستئناف- المحكمة العليا) والتعيين في كل درجة يتطلب الحصول على خبرة من الممارسة أدناها سبعة أعوام حتى يبلغ عدد السنوات 25 عاماً عند التعيين للمحكمة العليا أوليس عامل الخبرة المحددة بالسنوات يدل على احتكار مهنة القضاء على من هم أهل لهذه المهنة، كما وان القضاة حدد لهم القانون (ممثل في قانون الهيئة القضائية) كل حسب درجته ابتداء من محاكم المدن والأرياف وحتى المحكمة العليا مراعياً خبرة القاضي مع اختصاص القضاة في الدرجات العليا الاشراف على اعمال القضاة في الدرجات الأدنى، واستئناف الأحكام الصادرة منهم لديهم، أوليس هذا يدل على ان القضاة قليلي الخبرة محل رقابة ومتابعة ممن هم أكثر دراية ومعرفة بالقانون منهم؟ ناهيك عن الكورسات والدورات التدريبية التي تقام لهم قبل وأثناء فترة عملهم أما عن استحالة ان يظل القضاء مستقلاً في ظل الحكومات الشمولية، فمن المعروف ان المدلول الحقيقي لمبدأ فصل السلطات الثلاث (تشريعية- تنفيذية- قضائية) هو تساوي واستقلال هذه السلطات فليس هناك ما يمنع من قيام نوع من الرقابة بين السلطات بالقدر اللازم لكي تدافع كل منها عن استقلالها، لأن المقصود من المبدأ ليس هو الفصل التام والمطلق للسلطات، فالبرغم من انفصال السلطات لابد من قيام علاقات تعاونية وتضامنية فيما بينها حتى تستطيع أداء وظائفها على الوجه الأكمل، وبالرغم من ان الشمولية سادت في السودان وتغلغلت في جميع الأنشطة السائدة في المجتمع (كما قلت) فأدى ذلك إلى سن بعض القوانين وتعديل بعضها لمحاكمة شخصيات سودانية معروفة للجميع، إلا ان القضاء تحديداً وقف موقفاً محايداً لهذه السياسة المقصودة وأحيلك في ذلك إلى سابقة اسماء محمود محمد طه- عبد اللطيف عمر حسب الله ضد حكومة جمهورية السودان بتاريخ 25 فبراير 1986 والتي أنصف فيها المدعيين.
    أوافقك الرأي في ان دراسة القانون في دول العالم المتحضر والدول التي طورت هذه المهنة من واشق وأصعب الدراسات، والالتحاق بكليات القانون بهذه الدول يحتاج إلى قدرات خاصة، وهي نفس المعايير المتعامل بها في السودان تقريباً، خاصة في الكليات القانونية التي لا تقبل استيعاب الطلاب بها إلا بعد احرازهم لدرجات عالية نسبياً، وان كانت هنالك فرض لدراسة القانون عبر ما يسمى بالانتساب والناضجين واستيعابهم لهذه الكليات بنسب أقل من المستوعبين نظامياً أنظر إلى عددية الطلاب المقبولين عند المستوى الأول تجدهم يقاربون 3000 طالب وعند التخرج لا يتجاوزون 100 طالب فقط، وهذه سياسة التعليم العالي أو سياسة الجامعة في قبول أكبر نسبة من الطلاب، ولكن يتخرج فقط من هم أهل لممارسة المهنة.
    أضف لذلك بأن الجامعات وبعض الروابط توفر للدارسين بعض التدريب العملي والمهني مثل مخاطبة بعض الجهات ذات الاختصاص القانوني (شعبة الأدلى الجنائية- قضاة المحاكم العليا- المحامين) لعمل محاضرات تنويرية للطلاب بالجامعات، وأيضاً زيارات الطلاب للمحاكم والسجون ودور الرعاية والإصلاح كما ان بعض زيارات فقهاء القانون الدولي للدولة عند الأحداث المهمة داخلياً يقومون بزيارات لكليات القانون بالجامعات وإقامة الندوات واشادوا بطلاب القانون السودانيين وتوسع افقهم ومواكبتهم لما يدور في العالم في أكثر من مناسبة أما من ناحية تعيين خريجي القانون في الوظائف سواء كانت حكومية أو خاصة نجد ان اقل المؤهلات المطلوبة بكالريوس في القانون بتقدير جيد جدا، أو نسبة الشرف الأولى أو الثانية في ذلك.
    جامعة النيلين- كلية القانون
    المستوى الثاني


    http://www.alsudani.info/index.php?type ... 33182&bk=1
                  

10-06-2008, 01:24 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    العدد رقم: 1025 2008-09-20

    الإسلامويون: مأزق الخروج من جلباب الكارزما (2 - 4)
    عيسى إبراهيم
    الحركة الإسلاموية ومعضلة الفكر الإسلامي المعاصر
    اعترفت الحركة الاسلاموية على لسان مرشدها السابق "الترابي" بوجود تحدٍ يواجه الفكر الاسلامي المعاصر فقالت على لسانه: " إن القضايا التي تجابهنا في مجتمع المسلمين اليوم إنما هي قضايا سياسية شرعية عامة، أكثر منها قضايا خاصة".. ويواصل ليقول: "أما قضايا (الحكم ) والاقتصاد وقضايا العلاقات الخارجية مثلاً فهي معطلة لديهم (يعني الفقهاء) ومغفول عنها، وإلى مثل تلك المشكلات ينبغي أن يتجه همنا الأكبر في تصور الأصول الفقهية واستنباط الأحكام الفرعية، ففي مجالها تواجهنا المشكلات والتحديات والأساليب المحرجة" (أنظر عبد الحليم عويس – دكتور – الفقه الإسلامي ص 116).
    وتتفق الحركة الاسلاموية في هذا المنحى مع الاستاذ محمود محمد طه في تحديد جوهر المعضلة وإن اختلفت معه في منهج المعالجة يقول الاستاذ محمود: "الإسلام رسالتان: رسالة أولى قامت على فروع القرآن، ورسالة ثانية تقوم على أصوله" ، ويقول عن اختلاف شرائع الأنبياء الناتج عن اختلاف مستويات أممهم "لا يحتاج إلى طويل نظر، ويكفي أن نذكِّر باختلاف شريعة التزويج بين آدم ومحمد".. "فاذا كان هذا الاختلاف الشاسع بين الشريعتين سببه اختلاف مستويات الأمم، وهو من غير أدنى ريب كذلك، فانه من الخطأ الشنيع أن يظن إنسان أن الشريعة الإسلامية في القرن السابع تصلح، بكل تفاصيلها، للتطبيق في القرن العشرين، ذلك بأن اختلاف مستوى مجتمع القرن السابع، عن مستوى مجتمع القرن العشرين، أمر لا يقبل المقارنة ولا يحتاج العارف ليفصل فيه تفصيلاً، وإنما هو يتحدث عن نفسه.. فيصبح الأمر عندنا أمام إحدى خصلتين: إما أن يكون الإسلام، كما جاء به المعصوم بين دفتي المصحف، قادراً على استيعاب طاقات مجتمع القرن العشرين، فيتولى توجيهه في مضمار التشريع، وفي مضمار الأخلاق، وإما أن تكون قدرته قد نفدت، وتوقفت عند حد تنظيم مجتمع القرن السابع، والمجتمعات التي تلته مما هي مثله، فيكون على بشرية القرن العشرين أن تخرج عنه، وأن تلتمس حل مشاكلها في فلسفات أخريات، وهذا ما لا يقول به مسلم.. ومع ذلك فان المسلمين غير واعين بضرورة تطوير الشريعة.. وهم يظنون أن مشاكل القرن العشرين يمكن أن يستوعبها، وينهض بحلها، نفس التشريع الذي استوعب، ونهض بحل مشاكل القرن السابع، وذلك جهل مفضوح" (أنظر محمود محمد طه – الرسالة الثانية من الاسلام – الطبعة الخامسة – ص3 ).
    ويذهب دكتور عبد الحليم عويس في هذا الاتجاه فيقول: "إن التحدي أكبر من ذلك – يعني أكبر من مقام هذه الفتاوي الجزئية التي يستطيع أن يتصدى لها آلاف الفقهاء ـ فان أبنية المسلمين الاقتصادية والاجتماعية في ظل عالمنا المركب تحتاج إلى (مجامع فقهية) وإلى صور متكاملة من "الاجتهاد الجماعي" الذي يستطيع أعضاؤه صياغة حياتنا صياغة إسلاميه معاصرة، ومنح حياتنا البديل الإسلامي الكامل في شتى الجوانب الفقهية اقتصادية كانت أو اجتماعية" (أنظر عبد الحليم عويس – دكتور – الفقه الإسلامي ص 137).
    الحركة الإسلاموية: مرجعية واحدة أم مرجعيتان؟
    انقسمت الحركة الاسلاموية في 99 إثر الأزمة التي نشبت بين القصر والمنشية بُعيْد مذكرة العشرة التي استهدفت تفرد الترابي باتخاذ القرار "من وراء حجاب" وتمظهرت في خلافات دستورية حول تعيين الولاة وغيره.
    كانت الحركة الاسلاموية قد مرت بعدة انقسامات ابتداءً من كرار 53 مروراً بانقسام د. جعفر شيخ إدريس ومحمد صالح عمر 65 ثم انقسام بُرات وصادق عبد الله عبد الماجد، ولعل جُل المغادرات تمحورت حول اتخاذ الحركة الاسلاموية نهجاً مغايراً لما اعتادت عليه الحركات التقليدية.
    ولكن بعد انقسام الحركة إلى جسمين متمايزين في 99 واستمرار المسائل بدفعها القديم في توطين الحداثة عند تطبيق الشريعة الاسلامية، يجعلنا نتساءل: هل هناك مرجعيتان فكريتان لتطبيقات الحركة الاسلاموية أم مرجعية واحدة هي مرجعية الترابي؟!.
    يقول أمين حسن عمر حُوَّار الترابي النجيب: " تفردت الحركة الإسلامية ـ في السودان ـ بنهج جرئ ، والشورى فيها ـ في الحركة ـ ملزمة، فهي ليست جماعة تابعة لمرشد متفوق يأتمرون بأمره فتطيع، وينهاها فتزدجر، بل نشأت ثلة من الشباب يأتمرون فيما بينهم بالمعروف ولايرون لأحد منهم سلطة غير سلطة البرهان والدليل، وكانت فوق ذلك حركة تتميز بجماعية القيادة وذلك أن سلطة المكتب التنفيذي كانت دائماً فوق سلطة الأمين العام"!.
    والحركات الإسلامية في العالم العربي تأخذ على السودان "أخذه بخطة في الشورى لا يرون لها مستنداً فيما يقرأون ويعلمون".
    و"هذا النهج الشوري الذي يقلل من مكانة الزعيم الفرد أحد المؤاخذات على الحركة الإسلامية بالسودان" إذ أن "حركات الأخوان المسلمين في سائر الوطن العربي وبسبب تجربة البنا قد اعتادت أن تضع قائدها في مرتبة الإمام المرشد الذي له أن يستشير أصحابه ومعاونيه ولكن ليس هناك واجب باتباع ما أشاروا به لو رأي – الإمام- خلاف ما يرون".
    وأمين حسن عمر يعتقد "أن مرجع كل ذلك إلى منهج فقهي دقيق، امتازت به الحركة الإسلامية" (أنظر امين حسن عمر – اصول فقه الحركة ص 25) .
    والسؤال الذي يبحث عن اجابة هو: هل هذا المنهج الفقهي الدقيق الذي امتازت به الحركة الاسلامية – حسب أمين - بمعزل عن مرجعية الترابي أم هو هي؟! وقد يعزز الرأي الذي يقول: للحركة مرجعية مخالفة لمرجعية الترابي قول أمين حسن عمر: "نحن لانتبنى كل مايقول دكتور الترابي، (أو) لسنا في مقام الدفاع عن أي رأي ارتآه دكتور الترابي" (أنظر صحيفة السودان الحديث ـ 24/10/1995 ـ ص 3) ولكن مع ذلك ليس في يدنا حتى الآن ما يثبت واقعة المرجعيتين للحركة الاسلاموية.
    الحركة الإسلاموية: حداثوية هي أم ماضوية؟!
    رغم أن الترابي قد دفع مهراً غالياً ومكْلِفَاً لتثبيت أركان تجديده، بثلمه العصمة النبوية، ليجد لحركته الاسلامية موضع قدمٍ ضمن تيار الحداثة والعصر وحمَلها بعيداً عن "الطالبانية السلفية"، إذ أضاف الترابي إلى معيار التفريق بين السنة التشريعية والسنة غير التشريعية، التي لم يتفق عليها اتفاقاً تاماً الشيخان أبوزهرة وخلاف، أضاف معياراً أصولياً عاماً – كما يقول – في معرض اجابته على سؤال طرح عليه من مؤلف كتاب "التجديد" ونشر بصحيفة ألوان كما ذكر وقيع الله، قال الترابي: "كانت قضية الذباب بالفعل واردة في سياق قضية كلية أصولية هي تحديد مدى حجية كسب الرسول (صلى الله عليه وسلم) فقد غلا البعض حتى جعلوا كسب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ من حيث قوة الحق ومداه وذلك أمر قد يطعن في قضية التوحيد، وفصل آخرون بين السنة التشريعية الناشئة بحكم النبوة والرسالة، وبين السنة غير التشريعية الناشئة بحكم الجبلة البشرية، وجعلوا الأولى حقاً ملزماً قد يعتريه الخطأ اليسير ولكن يلزم ان يرد عليه التصويب القرآني حتى يكون الرسول معصوماً. ولكن هؤلاء مثلوا بأعيان أفعال من السنة ولم يقيموا معياراً أصولياً عاما،ً فحاولت أن أجد ذلك المعيار الفقهي المنضبط في التمييز بين المسائل الخلافية في العلم والسلوك الانساني )الخطوط من وضعنا) وما بعث الرسل عليهم السلام إلا ليبينوا للناس ما اختلفوا فيه.. واما المسائل المتعلقة بأشياء الطبيعة فتركت من ثم لكسب البشر، ولم يبعث في الناس مرسلون يعلمونهم تلك العلوم الطبيعية.
    عاب الترابي على من سبقوه أنهم لم يقدموا معياراً أصولياً عاماً!! أما هو فقد حاول أن يجد ذلك المعيار الفقهي المنضبط في التمييز بين المسائل الخلافية، فما هو ذلك المعيار؟! اسمعه يقول: "وأما في عمل الرسول فكل رسول له من كسبه البشري، وقد تعتري المرسلين من حيث بشريتهم غواشٍ في سياق تبليغهم للدعوة، ولكن الوحي يكتنفهم بالتصويب، وقد تعتريهم غواش في شؤون الحياة الأخرى فيرد عليهم التصويب من تلقاء الناس أو لا يرد" (أنظر محمد وقيع الله أحمد – التجديد الرأي والرأي الآخر ص 42).
    يقول عروة في عموده "قولوا حسنا" "الحركة الإسلامية و(مآلاتها) (2): "الحركة الإسلامية السودانية تحتاج لاجتهاد جديد" ونقول نحن: الحركة الاسلاموية التي عقدت مؤتمرها قبل أيام، واستبعدت الترابي ومؤتمره الشعبي لأنهما لن يزيدا الحركة إلا خبالا – حسب علي عثمان – هي أمام إحدى خصلتين إما أن تخبرنا بمرجعية تجديدها الكائن بمعزل عن مرجعية الترابي، أو أنها ستكون لقمة سائغة لـ"حوت" الطالبانية الرابض!. نواصل..



    http://www.alsudani.info/index.php?type ... 34159&bk=1
                  

10-06-2008, 01:25 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    الإسلامويون: مأزق الخروج من جلباب الكارزما (3 - 4)
    عيسى إبراهيم
    الحركة الاسلاموية: البحث عن هوية فكرية
    انقسام الحركة الاسلاموية في 99 كان هو مظهر العَرَض، وليس جوهر المرض، فالجوهر يكمن في البحث عن هوية فكرية تجعلها تختار بين البقاء في تيار السلفية، أو الاستمرار في تيار التجديد والحداثة و"المعاصرة" الذي ربما فقدته بالتمايز في تيارين متناحرين حتى الآن..
    ولعل من حسنات الانقسام - بل قبله بقليل - ظهور تيار الوعي بين منتسبي الحركة الاسلاموية والمتمثل في كتابات د. الطيب زين العابدين، ود. حسن مكي، ود. عبد الوهاب الأفندي، ود. تجاني عبد القادر، ومحجوب عروة، وعثمان ميرغني، الناقدة لمسار الحركة، وغيرهم كثيرون.
    الجبهة؟!
    اختار الاسلامويون التجمع في هيئة جبهة، التي هي في العادة تجتمع على الحد الأدنى من التلاقي، وتعتمد على الكم لا الكيف، حتى أنها استطاعت أن تجمع بين المتناقضات بجمعها بين أنصار السنة والتيارات الصوفية تحت خيمة واحدة، وكذلك فعل الذين سعوا لتجميع أهل القبلة فقد كان همهم تجميع المسلمين رغم ما بينهم من خلافات فكرية ومنهجية!.
    تمور الآن داخل الحركة الاسلاموية تيارات متباينة يجمع بينها فقط السياج الخارجي للحركة، وعلى سبيل المثال لا الحصر هناك "حتم" حركة تصحيح المسار الاسلامي المنسوبة إلى الناشط الاسلامي حسن مكي، ثم التيار السلفي "جماعة أنصار السنة"، وجماعة عبد الحي يوسف، والتيار الصوفي، وتيار جماعة الأخوان المسلمين "صادق – الحبر" وداخل هذه التيارات هناك مدارس وفرق وجماعات.
    الاسلام: تيارات ومذاهب
    كل المدارس الفكرية الاسلاموية التي اتجهت لمعالجة المعضلات الفكرية التي تعترض طريقها، لم تفارق أبنية الفقه الاسلامي الموروث منذ تأسيسه، بل ان بعض المفكرين يعتقد انه لو قيض للاجتهاد أن يستمر على فاعليته في مجابهة تطورات الحياة المستجدة ولم يتوقف البتة لكان الحال غير الحال، ولكانت الدعوة إلى التحقق بحضور اجتهادي فعال في قرننا هذا أمراً ممكناً وميسوراً، ويطرح هؤلاء المفكرون معضلة الانقطاع الاجتهادي لفترات زمنية متطاولة كحاجز يقف امام استعادة الحركة الاجتهادية قدرتها على الفعل والعصرنة والاستمرار، ويجعلون همهم ووكدهم كيفية تجاوز هذا الفراغ بين الماضي والحاضر، ويتساءلون هل من المحتوم ملء هذا الفراغ لكي تكون انطلاقتنا الجديدة متحققة بشروط التواصل المطلوب؟ وألا يمكن أن يعتبر المجتهد المعاصر "حراً" في أن يبدأ من جديد لمجابهة التحديات الجديدة كما بدأ سلفه؟ كأن المعضلة في نظرهم هي هذه الفترة من انقطاع حركة الاجتهاد..ليس إلا! (أنظر في ذاك دكتور عبد الحليم عويس- الفقة الاسلامي بين التطور والثبات - ص174).
    برزت قضية تجديد أصول الفقه "الثابتة والتبعية" كقضية "ساخنة"، تعددت فيها التيارات وتشابكت كألوان الطيف، فمن رافض لها جملة وتفصيلاً؛ أي الرافض من ناحية المبدأ والذي يعتقد أن الأصول التبعية هي كالأصول الثابتة، بل هي جزء أصيل منها لا يفترقان، والذي يريد بها تطويراً أو تجديداً أو تغييراً كأنما يريد هذا الأمر بالأصول الثابتة، والذين يريدون التجديد ويدعون له تتعدد مذاهبهم ومشاربهم وآراؤهم وتختلف درجات التجديد بينهم اختلافاً كبيراً، فمنهم من يريده تطويراً شاملاً في المضمون والشكل، ومنهم من يدعو إلى التطوير في الشكل دون المضمون، وتيار ثالث محافظ يسمح بلون من التجديد في المضمون للأصول التبعية فحسب.
    تحدث دكتور عبد الحليم عويس في كتابه الفقة الاسلامي بين التطور والثبات (كتاب الشرق الأوسط - الطبعة الأولى 89- ص 20):عن تيارين أحدهما يرفض تجديد أصول الفقه جملة وتفصيلاً، وتيار آخر يقبل تجديد أصول الفقه في ثلاث مسارات الأول: تيار دعاة التجديد الشامل والذي يريدونه تطويراً شاملاً في المضمون والشكل ويمثله الدكتور حسن الترابي، ومدرسة المسلم المعاصر، وبعض ممثلي التيار "العقلاني الحديث" في الفكر الإسلامي المعاصر. والثاني: تيار دعاة التطوير في الشكل فقط، ويعنون بذلك تيسير فهم هذا العلم – علم أصول الفقه - وتخليصه من التعقيدات الفنية التي جعلته علماً "أرستقراطياً" كما يقولون.. والثالث: تيار دعاة تجديد أصول الفقه وهو تيار "محافظ" يسمح بلون من التجديد في المضمون خارج نطاق القرآن والسنة وما فيه نص واضح أو أثر بيِّن.
    تطوير التشريع
    نزع الأستاذ محمود محمد طه في اطار أطروحته لتطوير التشريع الاسلامي - والتي خالف فيها كل الحركات الاسلاموية المعاصرة والتليدة الداعية للتجديد أو الداعية لاحراز تقدم ملموس في حل المعضلات الفكرية التي تعترض طريقها – نحو منهاج يتجاوز الفقه الاسلامي الموروث فالحل عنده ليس بالغوص في بحر الفقه الموروث المتلاطم بل يكمن في الفهم الجديد للنص القديم.
    لم يتحدث محمود عن تجديد الدين بقدر ما تحدث عن تطوير التشريع الإسلامي، الذي يعني عنده الانتقال من نص فرعي في القرآن خدم غرضه ـ كما يقول ـ أجل خدمة حتى استنفده، إلى نص أصلي في القرآن مدخر لحياة الناس اليوم، وتحدث كثيراً عن الأصول والفروع. والنسخ عند الأستاذ محمود لا يعني الإلغاء المطلق، وإنما يعني الإرجاء الذي يتوقت الوقت ـ كما يقول ـ ويتحين الحين، والآيات المنسوخة ليست ملغية وإنما هي مرجأة إلى وقتها. وتطوير التشريع عنده يعالج مواضيع السياسة والاقتصاد والاجتماع.
    تياران لا ثالث لهما
    ينتج لدى الدقة على أرض الواقع تياران لا ثالث لهما، التيار السلفي التقليدي بمدارسه المختلفة "الطالبانية" ولن نقف عنده في أطروحتنا هذه لأنه معلوم وبصورة كافية.
    أما التيار الثاني فهو تيار الفكر الجمهوري الداعي لتطوير التشريع الاسلامي حسب ما ورد في كتبه المختلفة على سبيل المثال لا الحصر "الرسالة الثانية من الاسلام، رسالة الصلاة، وغيرها من كتب الأستاذ محمود".
    قد يتساءل القارىء ومن حقه أن يتساءل: لماذا استبعدنا تجديد الترابي..والاجابة ببساطة: لأن الحركة الاسلاموية ذات الثقل العددي قد استبعدته وهي التي نخاطبها بهذه المقالات!، كما أن دكتور عبد الوهاب الأفندي يقول: "وفي نظري فإن هذا التوصيف (يعني وصف الترابي لقادة الأجهزة الأمنية بـ"اخواننا الصغار") فوق أنه غير دقيق، فيه تحمٌّل كامل للمسؤولية عن أفعال هؤلاء الاخوة الصغار التي بفضلها حبطت كل مساهمات الشيخ في مجال تجديد الفكر الاسلامي وأصبحت بلا قيمة" (أنظر الصحافة 19 أغسطس 2008 ص 9 ).
    مستقبل الحركة
    أمام الحركة الاسلاموية الناشئة - تحت امارتها الجديدة - سلوك أحد طريقين إما الطريق السلفي المتمثل في الحركات السلفية بمدارسها المختلفة أو العبور نحو الحداثة عبر "فلتر" (مرشح) الفكر الجمهوري بنقده نقداً موضوعياً واعيا، ولقد سبق لحسن مكي أن قال بشأنه في صحيفة الوفاق (السبت 5 ديسمبر 1998 ص "5"):
    - قيل ان لك علاقة خاصة كانت بمحمود محمد طه..والبعض قال ان حسن مكي مأثور جداً بشخصية وأفكار محمود؟
    - والله أنا من المتأثرين به..أنا كنت أعرفه وأتردد على منزله في ذلك الوقت وكنا كشباب في الثانويات نجد عنده اللقمة نتعشى معه وكنا نتعجب أن الشخص الذي يشغل الساحة الفكرية شخص بسيط وزاهد ومتواضع وكان المفكر الوحيد المطروحة كتبه في السوق.
    - وحينما أعدم؟
    - حينما أعدم كنت مسرحاً لأفكار شتى..السياسي فينا كان يتكلم بان الحمد لله ربنا خلصنا من خصم قوي.."وكان حَ يعمل لينا مشاكل وكان ح يكون أكبر تحدي لفكر الحركة الاسلامية السياسي.." والفكري فينا كان يتحدث بأن هذا الشخص عنده قدرات فكرية وروحية (أعلى مننا وأحسن مننا) ولكن السياسي دائماً ما ينتصر هنا!!.
    - هل كان اعدام محمود محمد طه سياسياً؟
    - نعم..كان اعداماً سياسياً
    - وانت في ذلك الوقت انتصر فيك السياسي على الفكري؟
    - نعم
    - والآن
    - أنا بفتكر ان محمود جرعة كبيرة لا نستطيع أن نتحملها (الناس ما قادرين يتحملوا حسن مكي بيتحملوا محمود محمد طه؟؟؟!!!. انتهى..
    الدعوة إذاً للحركة الاسلاموية أن تعبر نحو الهوية الفكرية المطلوبة من خلال نقد الفكر الجمهوري نقداً موضوعياً بناءً!. نواصل..


    http://www.alsudani.info/index.php?type ... 34279&bk=1
                  

10-06-2008, 01:26 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    الإسلامويون: مأزق الخروج من جلباب الكارزما (4 - 4)

    عيسى إبراهيم
    تطوير التشريع: الشورى والديمقراطية نموذجاً
    قال دكتور عبد الوهاب الأفندي: "أكدت المقالة (مقالة له نشرت في صحيفة الغارديان البريطانية) رفض أي تناقض مزعوم بين الاسلام والديمقراطية..." (أنظر الصحافة 19/8/ 2008 ص 9)، وهو حديث صحيح من حيث الجوهر، ولكن في ترتيباته ومتعلقاته المفضية إليه نظر!!.
    يرى عددٌ من الاسلاميين أن ليس هناك فروق مفاهيمية تذكر بين الشورى والديمقراطية، ويعتقدون أن الشورى هي الديمقراطية والديمقراطية هي الشورى، وهو أمر غير صحيح فالشورى بلا أدنى ريب وصاية رشيدة تدرِّج الناس وتربيهم وترشدهم لتحمُّل المسؤولية، والديمقراطية مرحلة مسؤولية وحرية.
    والشورى عند جمهور المسلمين "معلمة" وليست "ملزمة" أي أن النبي صلى الله عليه وسلم على الخيار أن يأخذ بشورى القوم، أو يعزم برأيه متوكلاً على الله.
    الإسلامويون والشورى
    نحت الحركة الاسلاموية "الترابي وجماعته" في اتجاه احداث تغيير مفاهيمي في تركيبة
    الشورى إذ جعلوها "ملزمة" مخالفين في ذلك جمهور المسلمين كما ذكرنا وجرياً وراء المواءمة بين الشورى والديمقراطية، يقول أمين حسن عمر: "نشأت الحركة الإسلامية بالسودان ومنذ المبتدأ حركة شورية، الشورى فيها "ملزمة" فهي ليست جماعة تابعة لمرشد متفوق يأمرها فتطيع، وينهاها فتزدجر، بل نشأت ثلة من الشباب يأتمرون فيما بينهم بالمعروف ولا يرون لأحد منهم سلطة غير سلطة البرهان والدليل، وكانت فوق ذلك حركة تتميز بجماعية القيادة وذلك أن سلطة المكتب التنفيذي كانت دائماً فوق سلطة الأمين العام، ولذلك ساد نهج النظر الفقهي والاستنباط والاستدلال، وذلك أن اجتماعات الأجهزة القيادية والشورية كانت تتحول إلى مناظرات فقهية يسعى فيها الفرقاء إلى الاستنصار بالأدلة والبراهين على صحة ما يشيرون باتباعه أو ما يرون أن يقع اجتنابه" (أنظر في ذلك أمين حسن عمر - أصول فقه الحركة - ص 24 ، 25).
    ولكن ما هو مرجعهم في كل ذلك وما هو سندهم يقول أمين حسن عمر: "مرجع كل ذلك إلى منهج فقهي دقيق امتازت به الحركة الإسلامية التي عاصرتها" (المرجع السابق) ويواصل فيقول: "وقد كان هذا النهج الشوري أحد المؤاخذات على الحركة الإسـلامية بالسودان" (المرجع السابق)، لماذا ؟ ! لـ "أخذهم بخطة في الشورى لا يرون لها مستنداً فيما يقرأون ويعلمون" (5).وقد تسبب هذا الخلاف في أمر الشورى إلى فصل الحركة الاسلاموية السودانية من قبل تنظيم الأخوان المسلمين العالمي.
    مأزق فكري!!
    يتلخص المأزق الفكري الذي يواجه المعاصرين من المفكرين الإسلامويين في أسئلة محددة: هل الشريعة الإسلامية في مستوى السياسة والاقتصاد والاجتماع، هي الكلمة النهائية في الدين؟ أم أنها الباب والمدخل على الدين؟ فاذا كانت هي الكلمة النهائية، ففيم يتفكر المسلمون وفق الآية الكريمة: "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزل إليهم ولعلهم يتفكرون" وهل الكلمتان "أنزلنا ونُزل" تعطيان معنًى واحداً أم معنيين مختلفين؟.
    تطوير التشريع عند الأستاذ محمود
    في المجال السياسي
    يقول الأستاذ محمود: "وإذا كانت قمة هرم الدين، فيما يختص بالسياسة هي آيتا "فذكر إنما أنت مذكر* لست عليهم بمسيطر" فان قريباً من قاعدته آية الشورى "فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظاً، غليظ القلب لانفضوا من حولك، فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين" وقاعدته على الإطلاق هي آية السيف "فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم، وخذوهم واحصروهم، واقعدوا لهم كل مرصد، فان تابوا وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، فخلوا سبيلهم، إن الله غفور رحيم".
    وعلى هذه القاعدة قامت شريعة الجهاد، وعلى آية الشورى قامت شريعة الحكم، على أساس وصاية الفرد الرشيد على المجموعة.
    فقاعدة الهرم في هذه ليست ديمقراطية. وإنما هي أقرب ما تكون إلى الديمقراطية، في وقت لم تكن الديمقراطية قد عرفت، ولم يكن المجتمع مستعدا لممارستها".
    من هنا ينبغي الارتفاع من آية السيف " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم..." إلى آية الحرية في مستوى الاعتقاد "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" وآية "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" ليصبح الناس على الخيار؛ إن شاءوا آمنوا وإن شاءوا كفروا!!. كما ينبغي أيضاً الارتفاع من آية الوصاية الرشيدة " فبما رحمة من الله لنت لهم..."، إلى آية المسؤولية، آية الديمقراطية ""فذكر إنما أنت مذكر* لست عليهم بمسيطر".
    المشكل السياسي في إطار الشورى
    بعد أن اتضح أن الشورى (معلمة)، كما ذكرنا من قبلُ، وليست ملزمة للنبي (صلى الله عليه وسلم)، المعلم يستشير أصحابه ليدرجهم في طريق التربية مترفقاً بهم، وهو الرحمة المهداة، العافي عن الناس ليِّن الجانب، موطأ الأكناف، الذي يألف ويؤلف، والذي ما عرفه غير ربه، فبعد أن التحق هذا المثل الحي مجسد الكمالات بالرفيق الأعلى، مَنْ مِنْ الناس يمكن أن يملأ هذا المقام، يشاور الناس في الأمر، فإذا عزم برأي أخذ به وإن خالف رأيه الأغلبية متوكلاً (في ذلك) على الله ؟!!.
    المشكل السياسي إذن في الإطار الشوري، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، اختاره ربه في الأصلاب الطاهرة من الأصلاب الطاهرة، فهو خيار من خيار من خيار، شق صدره، واستخرجت من قلبه العلقة السوداء وطرحت، وغسل قلبه وبطنه بالماء والثلج والبرد حتى أنقيا، ثم أدبه ربه فأحسن تأديبه، فأصبح على خلق عظيم، وأعد عبر الزمن لتحمل الأمانة، بإلقاء القول الثقيل عليه، ثم هو بعد كل هذا الإعداد مشفوع بالوحي يصححه إن أخطأ فهو النبي المصطفى المعصوم، فمَنْ مِنْ الناس يمكن أن يملأ هذا المقام اليوم!؟ فهل الشورى هكذا هي، قمة المشكل السياسي؟ أم هي مرحلة نحو الديمقراطية، والشورى غير الديمقراطية ؟!.
    يتضح من ذلك أن الشورى مرحلة نحو الديمقراطية وليست هي الكلمة النهائية في الدين، ومن طرائف ما يمكن ذكره في هذا المقام، أن سلفيي السودان المعاصرين، وكبار دعاة السلفية، حينما وضعوا على المحك والاختبار، أنكروا ما هو معلوم بالضرورة في هذا الأمر، تأثراً بالتجربة الديمقراطية المعاصرة، فهاهو الشيخ أبو زيد محمد همزة، من جماعة أنصار السنة المحمدية في السودان، وهو على خلاف آنذاك مع شيخ الهدية (يرحمه الله) زعيم الجماعة بالسودان، يطالب بالشفافية والمؤسسية!!، مع أن المؤسسية هنا – وفق الشريعة - تدعو أبو زيد للانصياع لما رآه الهدية من رأي!.
    مدرستان ومنهجان
    يتضح مما سبق أن هناك مأزقاً حقيقياً يواجه الفكر الاسلامي والمفكرين الاسلامويين المعاصرين، عالجه الأستاذ محمود محمد طه بتوضيح النصين "النص الأصلي في القرآن والنص الفرعي"، بالانتقال من فروع القرآن التي عالجت مشاكل القرن السابع إلى أصول القرآن المدخرة لحياة الناس اليوم وفض مغاليق النسخ باعتبار النسخ ارجاءً يتوقت الوقت ويتحين الحين.
    أما الترابي فقد عالج المأزق بالطعن في العصمة النبوية حين قال: "وأما في عمل الرسول فكل رسول له من كسبه البشري، وقد تعتري المرسلين من حيث بشريتهم غواش في سياق تبليغهم للدعوة، ولكن الوحي يكتنفهم بالتصويب، وقد تعتريهم غواش في شؤون الحياة الأخرى (يعني الترابي مجالات السياسة والاقتصاد والاجتماع) فيرد عليهم التصويب من تلقاء الناس أو لا يرد" (أنظر محمد وقيع الله أحمد – التجديد الرأي والرأي الآخر ص 42).
    بعد أن وضع جل الاسلامويين تجديدات الترابي وراء ظهورهم وتجاوزوها، ما هو الموقف من المأزق الفكري الذي واجههم وما زال يواجههم في مستويات السياسة والاقتصاد والاجتماع، نحن ندعوهم بصدق إلى اعادة قراءة الأستاذ محمود محمد طه وخاصة كتاب الرسالة الثانية من الاسلام!.

    http://www.alsudani.info/index.php?type ... 34317&bk=1
                  

10-06-2008, 09:00 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)



                  

10-06-2008, 09:03 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)
                  

10-06-2008, 11:58 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    كتبت إسلام أونلاين:
    كتاب جمال البنا الذي أسماه "الحجاب"، هو جزءٌ من سلسلة آراء تبنَّاها جمال البنا، وهي آراء أقرب ما يمكن وصفها به أنها غريبةٌ وشاذة، وتخالف ما عليه علماء الأمة الأقدمون والمحدثون.
    ===
    المثال الخامس: يقول في الفصل الرابع:
    "إن التمسح بالدين ضاعف الأحاديث والأحكام عن المرأة أضعافًا مضاعفة، بحيث تضخمت وتناولت كل صغيرة وكبيرة، ثم أضفت عليها من الأهمية والقداسة ما أعطاها طابعًا جعل الحجاب من "المعلوم من الدين بالضرورة". وهو ما تضمنته فتوى المحكمة السودانية التى حكمت منذ عشرين عامًا على محمود طه بالإعدام. وما كررته حديثًا فتوى أزهرية أنكرت على وزير التربية والتعليم أن يصدر زيًّا موحدًا لمدارس البنات لا يتضمن الحجاب، مع أن الحجاب "من المعلوم من الدين بالضرورة!!".

    (ملاحظة:
    ينبغي التوضيح أولاً أنَّ الحكم بردَّة محمود طه ومن ثم إعدامه لم يكن بسبب رفضه الحجاب فقط -لاحظ الحجاب لا النقاب-، وإنما لأسباب كثيرة منها قوله أنَّ الاسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين، وقوله أنَّ إله كلّ إنسانٍ هو نفسه، وتقسيمه للقرآن الكريم إلى قسمين: قرآن أصول وهو المكي، وقرآن فروع وهو المدني، وجعل قرآن الأصول المكي ناسخًا لقرآن الفروع المدني، كما له آراء تطابق آراء جمال البنا في الحجاب، والجهاد، وظلم المرأة، وغير ذلك، ولعلها ليست من باب المصادفة أن أشير أن جمال البنا يوافق ما قاله محمود طه في عدة قضايا، وإن كان لم يصل إلى ما وصل إليه طه من شذوذ).

    http://www.islamonline.net/servlet/Sate ... ounselingA
                  

10-06-2008, 11:59 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    حد الردة ليس من القرآن ولا الرسول

    وقال جمال البنا لـ"العربية.نت": حد الردة ليس من القرآن ولا من الرسول، إنما جاء به الفقهاء، فالقرآن تكلم عن حرية الاعتقاد باعتبار أنها مطلقة "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر".. بل أكثر من هذا اعتبرها الاسلام مسألة شخصية لا دخل فيها للنظام العام ولا أن تتدخل فيها أي هيئة أو أفراد "فمن اهتدى فانما يهتدي لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها".. إنها قضية ضمير، وهذا هو كلام القرآن.
    فمثلا من ضمن حيثيات حكم المحكمة السودانية على محمود محمد طه بالاعدام، أنه انكر الحجاب لأنه معلوم من الدين بالضرورة.



    http://www.alarabiya.net/articles/2006/04/02/22524.html
                  

10-06-2008, 11:59 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    النزعة المركزية الإسلامية -الإصدار الثانى - أغسطس 2008 (4)
    عادل الحريرى

    [109] كتب جمال البنا كتابا أسماه: التعددية فى مجتمع إسلامى، وقد بذل كثيرا من الجهد للبرهنة على قبول الفكر الإسلامى للتعددية فى الكون والمجتمع بالطريقة التى أشرنا إليها أعلاه (وهو يقبل بحق المرء فى تغيير دينه) وفى النهاية قال: " وفيما نرى، فإنه ما دام أصل التعددية – وهو الحرية – هو ما يتقبله الإسلام فإن التعددية ومقتضياتها لا تختلف فى المجتمع الإسلامى عما هى عليه فى المجتمعات الأخرى إلا فى المدى والدرجة وليس فى النوع أو الكيف. لأن الإيمان بالقيم الإسلامية يحول دون الجموح والشطط الذى تتصف به مقتضيات التعددية فى بعض المجموعات الأوربية الحديثة.. لأن المجتمع الإسلامى، وإن كان جزءً من المجتمع البشرى الذى يخضع لقوانين عامة – فإنه مجتمع متميز له خصائصه التى ترتفق على الصفة العامة له. وأن لم تجرده منها"- التشديد من عندنا
    ====
    يلجأ الإسلام الرسمى والتيارات المعتدلة كالإخوان المسلمين إلى رفع شعار فتح باب الاجتهاد. ولكن يقتصر اجتهاد هذه التيارات على إعادة ترتيب أولويات العمل الإسلامى واستخدام التقية لإظهار فكرهم فى صورة أكثر إنسانية دون نجاح يُذكر، مع تقديم بعض التنازلات اللغوية أساسا والفعلية أحيانا لتفادى التصفية فى الحرب الدئرة حاليا بينهم وبين الغرب، واتباع سياسة براجماتية للاستيلاء على السلطة، مثل الدعوة لاحترام قوانين البلاد الغربية (سيد طنطاوى والقرضاوى..) ، والقبول بالنظام البرلمانى (حسن البنا وتلاميذه حاليا الذين باتوا يقبلون كذلك بالنظام الحزبى..) . فى الواقع لم يستطع هذا الإسلام أن يتجاوز فكرة الحاكمية وهى مربط الفرس فى الفكر الإسلامى عموما، كما لم يتجاوز أبدا حتى الآن أولويات مصادر التشريع الإسلامى مما يجمد أية محاولة للتطوير الجذرى للإسلام. ولنتذكر أن إعدام محمد محمود طه فى السودان وإدانة نصر أبو زيد فى مصر فى محكمة تفتيش علنية وقتل فرج فودة وغير ذلك الكثير قد تم بدعم معظم الفقهاء و"العلماء" وحتى عامة المسلمين. ومن المفيد أن نلاحظ أن التيارات المعتدلة لم تعاد التيارات المتشددة (الإسلام الثورى بتعبير فرج فودة) والتى تعتبرها فى البيانات الرسمية مخالفة وضارة بالإسلام ولا تدينها، عدا حالات محدودة، إدانة فعلية. بل يقدم كثير من المعتدلين التبريرات الكافية لأعمال المتشددين الإرهابية (ما زال سيد قطب يُنعت بالشهيد من قبل الجميع تقريبا ولم يتبرأ منه “المعتدلون”) . وعلى الأكثر يتهمونهم بعدم الفهم مع حسن النية وعدم تقدير ظروف العمل الإسلامى فى الوقت الحاضر. وعلى النقيض نجد الثوريين يتهجمون – أحيانا بعنف – على “المعتدلين” ومن يمارسوا “التقية”أو يعيدوا ترتيب أولويات النضال الإسلامى أو تطوير الفكر الإسلامى فى اتجاه أكثر مرونة ويتهمونهم أحيانا بممالأة السلطات والغرب بحثا عن أهداف دنيوية وعلى حساب المباديء، مثل محمد الغزالى الذى دعا إلى تنقية الأحاديث وتحقيق بعض المساواة بين الرجل والمرأة[152] ومثل القرضاوى الذى أباح أشكالا من الغناء والرقص وعمل المسلمين فى أماكن تقدم الخمر لمرتاديها إذا اضطروا[153]، ومثل الأزهر الذى أباح فائدة البنوك متعرضا للانتقادات العنيفة ومثل جمال البنا الذى حاول تطوير أصول الفقه.. إلخ

    http://www.ssrcaw.org/ar/word.art.asp?aid=147667
                  

10-07-2008, 00:00 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    أوثان في فكر الدعوات الإسلامية (2-2)

    جمال البنا

    4 ــ الحجاب:
    الحجاب يعد وثناً ورمزاً للفكرة الذكورية عن المرأة التي حاول الإسلام أن يقضي عليها، ولكن المدة القصيرة لحكم الرسول "عشر سنوات في المدينة و12.5 سنة حكم أبي بكر وعمر" لم تسمح بذلك، بل عادت مع الحكم العضوض ومع العصبية ومع الاستبداد، وهم يريدون أن يحكموا على المرأة بالحجاب، فإذا التزمته فقد طبقت الفريضة وإذا أبدت شعرها فقد كفرت، لأن الحجاب فريضة مثل الصلاة والصيام، وأقصى ما يسمح به الحجاب هو الوجه والكفان، أما شعر الرأس فلا.

    =========
    وقد تكون عالمة مثل مدام كوري أو مبرزة في أبحاثها، كل هذا لا يشفع لها إذا أظهرت شعرها، وتكون كافرة! وهذا الرأي الذي يرتكز إلى أن الحجاب من المعلوم بالضرورة، وإن كان يبدو جديدًا فقد ذهبت إليه المحكمة السودانية التي حاكمت محمود محمد طه وقضت عليه بالإعدام، وجاء من ضمن الحيثيات المبررة للحكم أنه "أنكر الحجاب وهو من المعلوم من الدين"، وهو ما ذهب إليه علماء مصر عندما وضع وزير التربية والتعليم زيا موحدًا للبنات في المدارس إذ كتبوا في مذكرة استنكار أن ذلك يخالف الحجاب وهو من المعلوم من الدين بالضرورة. "إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً" (العكنبوت: 17).




    http://www.aafaq.org/masahas.aspx?id_mas=1023
                  

10-07-2008, 01:53 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    الأحداث تتجول في ذاكرة الحاج محمد أحمد مضوي:الأزهـــــــــري اغتـــــــالتـه ممرضــــــة شيوعية و(أنا)شــــاهد عيان
    حاوره: عادل عبد الرحيم- محمد عبد الحكم
    شيخ السياسيين السودانيين وعميدهم الحاج مضوي محمد أحمد قضى سنوات طويلة من عمره تجاوزت السبعين عاما في العمل السياسي، وهو من الرعيل الأول الذي ناضل من

    أجل استقلال السودان حتى تحقق، مناضلٌ صلبٌ ذو بأس ورأي، شهد كل العهود التي مرت على البلاد الديمقراطية والعسكرية فعرفته المنابر متحدثا يجهر بالقول في أحلك الظروف، وخبرته السجون والمعتقلات مقاتلا في صفوف حزبه دفاعا عن مبادئه التي آمن بها مما جعله محل تقدير واحترام لخصومه قبل مؤيديه، فهو الرجل الذي قيل فيه لو كان النيل وشاحا لاستحق أن يوشّح به الحاج مضوى محمد أحمد.
    الميلاد والنشأة؟
    من مواليد العيلفون في 1915 وهذا عمر تقديري بالحساب وليس لي شهادة ميلاد، ففي ذلك الوقت لم تكن الشهادات موجودة. نشأت يتيم الوالدين فقد توفيت والدتي رحمها الله بعد الرضاعة مباشرة، وبعد انتقالها بعامين لحق بها والدي. وأنا أصغر أشقائي (أخ، أخت)، لذلك ترعرت تحت كنف جدّي (والد أمي)، وقد أولوني رعاية واهتماماً مما خفّف من فقد والدي مبكراً، وكانوا مصدر سعادتى وفخرى، التحقت أثناء تواجدي معهم بخلوة الفكي الأمين شنان وأيضا خلوة إبراهيم شنان وكانت إحداهما تقع في منتصف الحي، والأخرى في نهايته، وتخرجت من هذه الخلاوي ولم التحق بالمدارس التي كانت قليلة جدا في ذلك الوقت.
    وبعد الخلوة؟
    وبعد الخلوة كنت أذهب مع إخوتي لبيع البلح والليمون نشتريه من أصحاب "الجناين" ونبيعه في السوق، وأيضا كنا نجمع باقي الفول من المزارع ونبيعه، وأذكر أيضا أننا كنا نشتري البيض (11بيضة بقرش) ونذهب بها للسوق فنبيع البيضة بقرش.
    وفي تلك الفترة جاء أعمامي وطلبوا من جدي أن يأخذوني معهم للخرطوم فرفض جدي طلبهم حيث كانوا يملكون "دكاكين" في الخرطوم، ولكن تحت إصرارهم وإلحاحهم وافق جدي على ذلك، وذهبت للخرطوم وخرجت من الخلوة وكنت قد انتهيت من سورة الرحمن ولم "أُختن" بعد، حيث كان الختان يتم في عمر أكبر من الآن بكثير، فأقمت مع عمي الذى يسكن في الخرطوم تلاتة جوار ميدان عبد المنعم وكنت أذهب للعيلفون يوم الخميس في آخر الأسبوع.
    وكيف كانت علاقتك بالعمل السياسي في ذلك الوقت؟
    لم تكن لديّ علاقة بالسياسة في حينها، وجُل اهتمامي بعملي فقط حتى تزوجت في عام 1937م، إلى أن ظهر مؤتمر الخريجين بفكرة من أحمد خير المحامي في عام 1938، وبدأت أجد نفسي معجبا بالزعيم إسماعيل الأزهري ومشدوداً إليه والذي كان يخطب في الندوات السياسية ومنذ ذلك الوقت أصبحت من المتابعين لندواته، ثم تكوّن مؤتمر الخريجين وحتى ذلك الوقت لم أكن منتسبا لهم، وكان هناك أيضا (الأنصار) لكني كنت أميل لإسماعيل الأزهري والرجال الذين من حوله، وبعد ذلك أصبحت ناشطا في العمل السياسي الذي تشرفت بالعمل فيه، ولم انضم لمؤتمر الخريجين لأنني خريج خلوة حتى جاء قرار أن كل من (يفك الخط) يمكن أن يصبح عضوا في المؤتمر وبذلك انتسبت له.
    هناك قول إن هذا القرار قُصد به ضمك لمؤتمر الخريجين؟
    لم أكن وحدي، هناك آخرون دخلوا معي المؤتمر من الذين يفكون الخط، صحيح هناك رأي أن القرار سببه الصراع حول رئاسة المؤتمر بين إبراهيم أحمد وإسماعيل الأزهري، وإن منحنا عضوية المؤتمر للمشاركة في التصويت لأحدهما، وأنا كنت من المحبين لإسماعيل الازهري، ووجدني الجميع في ذلك الوقت ناشط ومخلص ومندفع (لديّ حب كبير للأزهري) الذى كان يلتف حوله رجال أخيار وتجدني أتحسر على تلك الأيام بخيرها وشرّها.
    وكيف كان الاستعمار في ذلك الوقت, هل كان قامعا للشعب ومُذلا له؟
    أقول لكم حقيقة إن الاستعمار الانجليزي كان أفضل من المستعمرين الآخرين (الفرنسين والالمان)، فالانجليز هم أصحاب سياسة ولا يميلون للعنف، فتجد السياسة عندهم أكثر من العنف، والدول التي استعمرها الانجليز تجدها أفضل حالا من غيرها، ولكن بالرغم من كل ذلك فالوجود الأجنبي وحكمه للبلاد لا يعجب أحد.
    وأكثر ما يميز الإنجليز إلتزامهم بوعودهم التي قطعوها بأن من يقاتل معهم من الدول سيُمنح الاستقلال، وفعلا أوفوا بوعدهم، وكان للسودان دور في حرب 1914حيث شارك بقوات (دفاع السودان) التي حاربت معهم في الحرب العالمية.
    حديثك يعضّد رؤية البعض بأن الاستقلال جاء منحة من الانجليز؟
    الاستقلال جاء بعد نضال شديد وقناعة وصراع، نعم كان هناك وعد مسبق من الإنجليز وهم أوفوا بوعدهم، لكن هذا لا يعني أنه منحه، فقد ناضل الجميع وضحّوا من أجل استقلال السودان، وكان للأزهري وزملائه دور مقدر في ذلك، فقد طالبوا بالاستقلال، أما الختمية فكانوا مع الاتحاد مع مصر.
    ولكن الاتحاد مع مصر كان هو شعار للوطني الاتحادي؟
    نعم ولكن (البيوت مختلفة كما القبائل). والأزهري من مؤتمر باندونق أعلن استقلال السودان.
    ما صحة أن الازهري وقّع الاتفاقية بدمه؟!!
    لم أسمع بهذا الكلام من أحد، وحتى الأزهري لم يقل ذلك، ولماذا يوقع بدمه؟ والقلم والحبر موجودان.
    هناك اتهام لحكومة الأزهري أنها المتسببة في أحداث عنبر جود؟
    ما حدث في عنبر جودة خطأ من البوليس وليس من أزهري وحكومته، فالعنبر الذى سجن فيه المواطنون كان مليئا (بالكيماويات)، وهي التي أدت لقتل الناس وهذا خطا دُفع ثمنه.
    وهل هذا هو السبب في سقوط حكومة أزهري؟
    لم تكن هذه الحادثة هي السبب، هناك سبب آخر، حيث قام السيد علي الميرغني بأمر ثلاثة من أعوانه في البرلمان بالوقوف ضد ميزانية الحكومة وهم (طيفور محمد شريف، عبد النبي عبد القادر وحسن محمد زكي)، وكان إسماعيل الأزهري في ذلك الوقت يودع القائد العام للجيش، ولما عاد وجد أن ميزانيته سقطت فقدم استقالته، وهاجت الجماهير وعبّرت عن غضبها وأسمعت الجميع صوتها ورأيها ضد استقالة الزعيم الأزهري فعاد بعد يومين فقط من ذلك ورجع للحكم.
    ولماذا أسقط السيد علي الميزانية؟
    لم يكن السيد علي يقصد اسقاط الميزانية بل الحكومة، نكاية بالأزهري لأنه لم يستجب لطلبه، لذلك أسقط الميزانية والتي من خلالها سقطت الحكومة. ولكن عنبر جودة لم يسقط الحكومة رغم اتهامات الشيوعيين لها بأنها السبب في مقتل أبرياء في عنبر جودة لأن ازهري ليس عسكريا، والخطأ الذي وقع مسئولية الضباط وهو خطأ من البوليس.
    وأول انتخابات اكتسحها الاتحادي بأغلبية لم تتكرركيف وصلتم لذلك ؟
    اكتسحنا الانتخابات بقيادة الأزهري ورجاله الكواكب "يحيى الفضلى (الدينمو)، والمبارك زروق، ومحمد نور الدين"، ومن بعدها خاض أزهري معركة استقلال السودان من داخل البرلمان، ونجح في اصدار قرار بذلك، وهناك من صمت عن القرار مثل محمد نور الدين الذي كان من أشد المؤيدين لوحدة وادي النيل، وصمت عليه رغم أنه كان مخلص لايمانه العميق بأن مصر والسودان دولة واحدة بُني بينها حائط، ويجب أن يُزال وكان هو آخر نائب خرج من البرلمان فى تلك الجلسة، وهناك من تعامل مع القرار على أنه أمر واقع، فقد اتعظوا من التجارب السابقة.
    وكيف أصبح قرار الاستقلال أمر واقع؟
    لأن الأمة السودانية كانت أجمعت على الاستقلال ووقفت معه وأيدته، فالسيد علي لم يبدىء معارضة لأزهري في ذلك، والسيد عبد الرحمن المهدي كان مع الاستقلال.
    هل لحكومة أزهرى أيادٍ في وصول السلطة الى عبود أم هي مسؤولية السيدين؟
    أزهري لم يكن له دور في تسليم عبود السلطة، الذي تم هو اتفاق بين السيدين. أولا العلاقة بين أزهري والسيد علي لم تكن جيدة، والمصريون أوعزوا للسيد علي بأن يذهب للسيد عبد الرحمن. (الختمية والأنصار) اتفقوا على أن يشكلوا الحكم فيما بينهم، الرئيس عبود ختمي من أتباع (ستي مريم)، أما عبد الله خليل فقد أحضره السيد عبد الرحمن المهدي، حكومة عبد الله خليل تعرضت لضغوطات من الاتحاديين فطلع عبدالله خليل من الحكومة وسلمها لعبود وهو رجل فاضل ووطني يشهد له بأنه لما تحركت الأحزاب ضد حكومته سلم السلطة ولم يقاوم ولم يستخدم القوة والعنف.
    ومن الذي حرّك الجماهير حتى سقطت سلطة نوفمبر58 عبر ثورة أكتوبر؟
    الأحزاب الاتحادية هي كانت الأقوى، وهي من قامت بتحريك الجماهير لإسقاط نظام عبود ونجحت في ذلك.
    ماذا عن الرأي القائل إن ندوة الترابي هي السبب في انتفاضة أكتوبر 64؟
    الندوة وخلافها، فالناس كانوا مهيئين وتمت تعبئتهم، والرئيس عبود لم يكن راغب أصلاً في الحكم فلم يكن اختياره, هو جُلب جلبا ليحكم، لذلك كان هناك سهولة في تنازله عن السلطة.
    السبب الذي ساعد على نجاح الثورة هو رغبة عبود في التنازل عن الحكم، لأنه لو لم يتنازل لما نجحت ثورة أكتوبر فقد كان بإمكانه أن يستخدم القوة ليبقى في السلطة، ولكنه لم يفعل ذلك وهذه محمدة في تاريخه.
    تواجهت مع الترابي في الانتخابات البرلمانية في الديمقراطية الثانية وفزت عليه كيف تم ذلك؟
    هناك قصة قبل أن ينزل الترابي في الدائرة ضدي، وهي أنني نزلت في دائرة المسيد في الانتخابات بناء على طلب أهل المنطقة الذين جاؤوا لعمّي وطلبوا منه أن أترشح في دائرتهم، وبعد مفاوضات نجح الأهالى في مقصدهم، وبالفعل ترشحت في دائرة المسيد لي فيها أهل في (الجديد خليفة) هم أهلي لأبي إضافة إلى أننى كنت أعمل بتجارة الإسبيرات وأعرف معظم أهالي المنطقة، ونزل ضدّي ود التكينة من الاسلاميين ومهدي العشا وفزت في الانتخابات، وجاء بعدي ود التكينة بفارق الف صوت تقريبا لذلك ظن الاسلاميون أنهم إذا أحضروا الترابي ونزل في الدائرة سيكتسحها.
    الترابي عرف عنه الدهاء السياسي فكيف تفوقت عليه في تلك الانتخابات؟
    أهالي المنطقة لم يقبلوا دعوته معظمهم طائفيين وختمية، فهم أقرب للصوفية من الإسلاميين، إضافة إلى الاسباب التي قلتها سابقا عن أن أهل المنطقة أهلي وأيضا معرفتي بمعظمهم من خلال تجارتي معهم، وكذلك كان معي عنصر ممتاز كان له دور في نجاحي، وهو الشيخ الفكي عثمان من (أولاد ود بدر) يؤيدني وهذا خلاف أن الترابي متعلم من فرنسا وقادم من بلاد "الخواجات"، وليس له علاقة بالناس في المنطقة و"السودان" فصوتت الجماهير لي وفزت بأصوات كبيرة.
    طرد الشيوعيين من البرلمان؟
    أنا أحد الخمسة الذين طالبوا بطرد الحزب الشيوعي من البرلمان، فقد كان الرئيس أزهري قد وعد الجماهير الغاضبة بطرد الشيوعيين من البرلمان. وأنا علي أن أساعد في تنفيذ وعد الرئيس فطردناهم من البرلمان، "وماجبنا خبر" لمحاولات بابكر عوض الله الذي حكم لهم بالرجوع، فكان هو على خلاف مع الأزهري وحاقد عليه من قبل، بسبب أن الازهري قبل استقالته عندما تقدم بها.
    الديمقراطية الثانية هي التي حدثت بها بعض الانجازات لماذا كانت الأفضل؟
    حكومة أزهري كانت حكومة تحرير وليس عملية تعمير، أزهري كان محاطا بكثير من المشاكل والضغوطات. الحكومة التانية كان عرابها الشريف حسين, والشريف جاء الحزب في سنة 57 بعد مشروع المناقل الذي نفذه ميرغني حمزة وتقدم بطلب للانضمام للحزب ووافق أزهري، ورغم أنه (جاء متأخر) لكنه تفوق على الناس القديمين في عطائه.
    وماذا حدث عند انقلاب نميري؟
    نميرى سجن (إسماعيل الأزهري) ومعه أربعة آخرون "المرضي، ومحمد أحمد المحجوب، وأحمد سليمان، ومعهم واحد من حزب الأمة"، ورحّلهم لسجن "ناقشوط" في جنوب السودان.
    ما مدى صحة الرواية القائلة بأن الأزهري لم يمت موتا طبيعيا؟
    عندما أحضر الأزهري للمستشفى كنت أنا فيها حيث كنت أتعالج من كسر في رجلي وكنت مسجونا حتى أقدم لمحاكمة ويقال أن هناك شيوعية تعمل ممرضة هي التي قتلته بأن قطعت الأكسجين عنه فحدث تأخر في حالته الصحية حتى توفي، فهي الوحيدة التي كانت تقوم برعايته وتعرفه ولم تعطيه اكسجين، ولم يعرف أين ذهب الأكسجين في الأسطوانة وعند البحث عن الأسطوانة الاحتياطية لم يجدوها. وكان هذا واضح في استعدادهم من الصباح لذلك، واكتظت المستشفى بالمواطنين منذ الصباح الباكر, لكنه توفي في العصر، أضافة لدور بابكر عوض الله الذي ماطل في محاولة تسفير الأزهري للخارج للعلاج حيث أخذ يرواغ في المجموعة التى كانت تقوم على أمر سفره للخارج بقيادة "د. محمد عبد الحي"، فثورة مايو والشيوعيون هم من قتلوا الأزهري.
    وماذا عن خبر وفاته الذي قيل أنه اذيع بطريقة لا تليق بالرئيس الازهري كمحرر وزعيم وطني؟
    نعم فقد اذيع الخبر بشكل أقل ما يوصف أنه "..." وذلك في الاذاعة، أما الفارس إبن البلد على شمو فذكر تاريخ أزهري في التلفزيون بالتفصيل ومجده وأعطاه حقه كاملا, ويقال انه حوسب على هذا الفعل.
    حدثنا عن التشييع؟
    تجمعت جماهير الشعب السوداني بمختلف فئاتها ومن كل مناطقها واحتشدت لتشيع قائدها الوطني، واستعدت الحكومة لذلك وحشدت له وحلقت الطائرات فوق السماء لتراقب المشيعين، ووقف محمد عثمان الميرغني وقال كلمات رثاء في حق الأزهري والتي كانت أشبه بإجهاض ثورة الجماهير ومنعها من أن تتحرك فقد كانت الجماهير جاهزة لأن تثور على الحكومة ولكن خطاب الميرغني وأد أي فكرة للثورة ونزع فتيلها الذي كان من الممكن أن يشتعل لولا خطابه الرثائي والذي كله أسى.
    ثم بدأ كفاح الجبهة الوطنية كيف كانت البداية وتدريب الجنود؟
    كونت الجبهة الوطنية جيشا خاصا , ذهب الشريف حسين الهندي إلى الجزيرة أبا واتفق مع الامام الهادي حيث كانت بينهم علاقة, فقد درسوا في الاسكندرية معا ومنها توجه لكسلا، وكان الامبراطور هيلاسيلاسي يدين بالولاء للشريف حسين وللسيد عبد الرحمن المهدي لانه عندما حدث انقلاب في إثيوبيا وكان هو قادم من البرازيل فاستضافه السيدان في الخرطوم جوار مباني "ساهرون" حاليا, فاصبح هناك جميل لهم عليه. فسافر الشريف والامام الهادي, واللوري الذى سافر به الإمام الهادي أنا الذي اشتريته, فقد حضر إليّ أحد الانصار المقربين له وطلب مني أن اشتري اللوري للإمام الهادي بناء على طلبه وأن يكون اللوري 90% جديد وان أسجله في اسم شخص آخر وقد فعلت ذلك. وقد كان ان قتل في هذه السفرية بعد أن عطش هو ومن معه، و كشف أمرهم من قبل الحكومة أثناء محاولتهم الحصول على المياه, والمفارقة ان العسكري الذى قتل الامام الهادي من الانصار وعندما أطلق النار عليه لم يكن يعلم انه الامام. والشريف حسين الهندي كان قد خرج قبلهم.
    ثم جاء التدخل العسكري الذي عرف باحداث المرتزقة, ماهو سبب فشل ذلك الدخول العسكري ؟
    أنا واحد من المرتزقة، الشريف درّب عددا كبيرا من الانصار وعدد متوسط من الاتحاديين، فقد تدربنا على جميع الأسلحة، وأصيب الشريف في حادث اثناء تحركه مع القوات وأصيب في ظهره، وكانت الاسلحة لدى قوات الجبهة الوطنية جبارة وبالفعل استطاعت القوات أن تستلم" وادي سيدنا والمهندسين والشجرة".
    ولماذا فشل تدخل جيش الجبهة الوطنية في السيطرة على الحكم؟
    حدث خلل في لجنة الاستقبال للقوات من الداخل والتي كانت مكونة من الانصار لاستقبال القوات القادمة من الخارج ومدهم بالماء والغذاء وغيره، وهؤلاء تم اعتقال معظمهم قبل وصول القوات فلم يجدوا الدليل الذي يقودهم داخل المدينة وتمكن منهم العطش والجوع فأصبحوا متفرقين واستطاع النميري القضاء عليهم. بالاضافة إلى أن المجموعة المكلفة بشراء العربات في الخرطوم لم تشتر عربات جديدة كما هو متفق عليه بل اشترت عربات قديمة واصلحتها في ورشة وأنا شاهدت ذلك. وهناك اتهام للصادق المهدي لا أعرف مدي صحته أن الصادق أراد ان يتدخل في التحرك ليحوله لثورة مهدية دون البقية.
    هذا يعني أن هناك من أبلغ عنهم؟
    نعم فقد بلّغ عنهم " أحد أعوان نميري" وهو أنصاري وكان يقود السيارة التي أقلت القائد " محمد نور سعد" فقد كان يسترق السمع ولمدة طويلة ويخبر بها الحكومة. وقبض على القائد بعد أن نفد "بنزين" العربة.
    وماذا عن الإسلاميين الذين شاركوا في التدخل العسكري؟
    الاسلاميون قتلوا في دار الهاتف بعد أن استولوا عليها ولمدة ثلاثة أيام بعد أن عانوا من الجوع والعطش كبقية القوات من(الأنصار و الاتحاديين) إضافة إلي عدم معرفتهم بمداخل البلد ومخارجها.
    وأين أنت من كل ذلك؟
    نحن تم حبسنا أولاً في "هنقر" في القيادة العامة للقوات المسلحة وهو الهنقر الذي نفذ فيه قتل عدد من جنود الجبهة الوطنية بالرصاص، فقدمنا لمحاكمة فحكم عليّ بالسجن خمس سنوات وغرامة 20 ألف جنيه ورحلت لسجن جبل أولياء.
    ومتى خرجت؟
    خرجنا بعد المصالحة الوطنية وقد فرحنا بالخروج من السجن.
    ما رأيك في المصالحة؟
    طالما "فكتنا" من السجن خير. أما الاتحاديون فكانوا رافضين للمصالحة فالشريف يرى أن الصادق المهدي عليه أن لا يحضر للسودان والصادق يريد أن يعود للسودان.
    كيف كانت مشاركتك والإتحاديون فى انتفاضة رجب أبريل؟
    انتفاضة رجب أبريل أنا شاركت فيها بقوة وتحدثت في ندوة في الجامعة وقلت "ان مايو(العيش) مافيه نفع ( لاقصب لا حبوب), وحكومة مايو عديمة الجدوى, وفي بلد اسمو بنغلاديش ونحن حكومتنا(دنقلاديش)، فتم القبض علي وقدمت للمحاكمة وحكم علي بالسجن لسنة ونميري كان يريدها خمس سنوات، وكانت المحكمة برئاسة القاضي بلدو ومعه بشارة ومعهم آخر. وبلدو كان ممتازا, حكم علي بسنة على أن أعامل معاملة خاصة.
    وجود الإسلاميين في المعارضة يقوي من المعارضة وهذا ما ساهم في نجاح الانتفاضة ما رأيك؟
    عندهم ناس لكنني أعتبر الاسلاميين اذا عملوا (السمح ولا الشين) عندي واحد.
    وماذا عن النميري, الكثيرون يعتقدون أن عهده شهد بعض التنمية لذلك أحبه الكثيرون؟
    نميري بكل سوءآته وأفعاله القبيحة تميّز بشىء واحد أنه لم يحارب الناس في أرزاقهم ولم يسرق أو ينهب وحتى الفاسدين في حكمه كانوا يأخذون عمولة, ولا يسرقون من أموال الشعب. وهو لا يعرف شىء في السياسة وضعيف فكريا ولا يثبت على شىء.
    الإسلاميون صالحوا النميري واستفادوا من المصالحة في بناء التنظيم والإعداد إلى فترة أخرى, لماذا لم يفعل الاتحاديون ذلك؟
    كنت ضدهم وهم بلاء فقط وقد أستفادوا من نميري وفي الآخر ضربهم، ونميري أذكى من الإسلامين الذين"يضبحوا البهيمة ويأكلوها بالضلفين وما بخلوا لي زول شئ". وهم من أعدم محمود محمد طه فقد قام الترابي بذلك لانهم أحسوا بخطورته وزاحمهم في العمل السياسي فقد استطاع أن يكوِّن له قاعدة من الطلاب في الجامعة. أما الاتحاديون فهم مع الشريف رفضوا مصالحة النميري.
    عند وفاة الشريف حسين لماذا لم تتحرك الجماهير ضد نميري؟
    يوم الوفاة كان هناك استعداداً كبيراً من الحكومة، والتي لم تكن تعرف انه مات، وعندما تأكد خبر وفاته انطبق علينا المثل:
    بشرب كاس وبدفق كاس وبركب فوق تيس الخلا النكّاس
    انكسر المرق واتشتت الرصاص وخربن ديار أبوي وعمرن ديار الناس
    فبعد موت الشريف فقدنا الخيار. الموت أخذ الاعزاء وتركنا نحن الذين لا نساوي شيئا أمام القامات "كالشريف حسين واسماعيل الأزهري", ولكننا لم نفقد الأمل بعد فالسودان قادر على انجاب الأخيار.
    رغم ذلك لم يستطع الشريف حسين أن ينفرد بالقيادة بدون منازعات؟
    كان القائد, ولم يكن أحد يستطيع أن ينافسه محمد عثمان الميرغني أو غيره.
    ولكنه صار رئيس الحزب اليوم؟
    من رشحه؟ هل انتخب ليكون رئيسا للحزب؟ هذا لم يحدث. نعم هو رئيس المعارضة ليس لدينا اعتراض على ذلك، أما أن يكون رئيسا للحزب بدون مؤتمر ينتخب فيه فلن نرضى بذلك.
    من خلال حضورك المكثف في الاطار الاتحادي متى تتوقع أن يعود الميرغني؟
    لن يعود لأنه صاحب مال وغني وخايف على قروشو، لذلك لن يأتي كم مرة قيل إنه سيأتي ولكن لن يأتي. وخلاص "دخلو المابتداوى فهو من مواليد 36".
    مؤخرا لك وقفة تأييد للبشير رغم آرائك السابقة في الإنقاذ؟
    أنا لازلت ضد الإنقاذ وسأظل ولكن وقوفي مع البشير ضد قرار أوكامبو هو موقف وطني لأنه اعتداء على التراب السوداني وليس على الإنقاذ.
    وما الذي يجمعك مع البشير؟
    قابلت البشير قبل أن يصبح رئيسا في قضية كان حينها ضابطا صغيرا في الجيش في بلدة في مناطق المسيرية ، وأيضا بعد ان أصبح رئيسا قلت له أبعد الترابي إنه مصيبة وحذرته " العصا في أيديك والدابي تحت رجليك " وبعد المفاصلة صدق حديثي الذي قلته له عن الترابي، قابلته في عزاء عون الشريف قاسم فحضر لي وسلم علي, واظنه تذكر حديثي السابق له، ومشيت له ليطلق على حسنين عن طريق ابراهيم جبريل وقابلته وقال لي حسنين هو من كتب المذكرة، فنفيت له ذلك وطلبت منه أن يطلق حسنين ومن معه، وقلت له "إنت فكيت الانجيلزية فك الناس خليهم يعيدوا مع أولادهم"، وذهبت لحسنين الذي أقسم بأنه لم يكتب المذكرة ونجحت محاولاتي.
    الحزب الإتحادي الهيئة العامة رشح سلفاكير للرئاسة ما هو رأيك ؟
    لو كان جون قرنق عائشا كنت رشحته لرئاسة الجمهورية، لكن سلفاكير لا أعرف عنه شيئا، لكن لو سار على طريق جون قرنق فأنا سأرشحه.
    ومن ترشح من الإتحاديين؟
    ميرغني عبد الرحمن فهو الوحيد القادر على أن يعمل "قلاقل" للميرغني
    هل هناك أمل في أن يتوحد الإتحاديون؟
    نعم ويمكن أن تمضي ولست قلقا بشأنها فأزهري أختلف مع النسيب الحسيب من سنة 1957 وحتى 1967م, وبعد ذلك اتفقوا. فلازال هناك أمل بأن يتحد الاتحاديون.
    هل تقصد كل الاتحاديين؟
    إلا الدقير ومجموعته فهم جزء من النظام من الممكن أن أتعامل مع النظام ولا اتعامل مع الدقير، وحسن دندش "ساق" الاتحاديين كلهم من الحزب المسجل (وعراهم أمامنا)، فهم ليس لديهم قواعد و(يخربهم ما عندهم الحبة)، أما إذا خرجوا من النظام حبابهم. أما المرجعيات فقيادتهم شاركت النظام ولكن قواعدهم لم تشارك عليهم أن يخرجوا من النظام ويقولوا "كفرنا بالطواغيت".




    http://www.alahdathonline.com/Ar/ViewCo ... fault.aspx
                  

10-07-2008, 02:15 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    إصدارات جديدة الماضي المعاش في جبال النوبةالخرطوم: سلوي غالب صدر حديثا عن دار عزة للنشر والتوزيع كتاب جديد بعنوان (الماضي المعاش في جبال النوبة ـ منطقة الأجانج). تناول الكتاب البيئة الطبيعية لجبال النوبة عموما ومنطقة الأجانج على وجه الخصوص، وخلفية تاريخية عن هذه المنطقة. ولجهلي بهذه المنطقة وإعجابي بما قرأته في هذا الكتاب وددت التركيز على منطقة الأجانج في عرضي هذا باعتبارها، وحسب قول المؤلف، عاشت في عزلة تامة عن بقية اجزاء القارة الأفريقية بصفة عامة والسودان الحالي على وجه الخصوص. هذه العزلة اثرت على تاريخ هذه المنطقة وقلت المعلومات المدونة عنها، وركزت علي طقوس الكجور عندهم.الكجور عند الأجانج:هناك طقوس دينية عند الأجانج حول الكجور وذلك على مستوى القبيلة والمستوى الفردي معا. ولمعرفة فهم العلاقات الدينية القائمة على هذه الطقوس وأثرها الاجتماعي والديني لا بد من معرفة اصل الكلمة (كجور)، فالكجور هو الشخص الذي تحل فيه روح الجد وتدخله في غيبوبة تقام له في نهايتها الطقوس الدينية التي بدونها لا يكتمل توليه لهذا المنصب، بعد ذلك يصبح هو الوسيط بين الناس وتلك الروح ويملك القدرة على تلقي الأوامر منها ونقلها من خلال طقوس معقدة وطويلة الى أفراد قبيلته.وللكجور اسماء كثيرة عند النوبة في جنوب كردفان وتختلف باختلاف السنة القبائل، وعلى الرغم من هذا الاختلاف نجد ان كل القبائل في جبال النوبة بما فيهم المتحدثون باللغة العربية يتفقون على الاسم الأخير، ولكن على الرغم من ضعف العقيدة الوثنية عند سائر قبائل جبال النوبة نتيجة لانتشار الإسلام إلا ان العدد القليل المتبقي من كجرة الأجانج لا زال يتمتع بنوع من القدسية، ويسيطرون على كل الجوانب المتعلقة بحياة الاجانج ورفاهية مجتمعهم وسلامة افراده.ويتولى كبير الكجرة الأمور الكبرى الخاصة بكل القبيلة مثل الكوارث الطبيعية، وأشار الكتاب الى ضرورة وجود زوجة الكجور ضمن الفئة التي تنفرد بفهم هذه اللغة، وهذا يؤكد دور المرأة البارز الذي تلعبه في مجتمع الاجانج والذي ربما كان شبيها بدور الملكة الأم في مملكة مروي.الكتاب من تأليف يوسف اسحق احمد من ابناء جبال النوبة استاذ التاريخ القديم بجامعة الدلنج. الكتاب يعتبر اضافة حقيقية للمكتبة السودانية وللقارئ لما يحتويه من معلومات ثرة عن جزء غنيٍّ من أجزاء السودان، وهو جدير بالمعرفة والاطلاع.///////////////ذاكرة الموتىعبد العزيز بركة ساكن قالت لي أمي في الحلم:- الدنيا زائلة يا ولدي.قلت لها و أنا نائم،- ليس صحيحاً....... نحن الزائلون.. الدنيا باقية.حاولت أن تبتسم، لكن الموتى في الحلم عادة لا يستطيعون الابتسام لأن هرموناً خاصاً بانفراجة الفم في تلك الصورة السحرية لا يتم إنتاجه في الحلم، ثم وقف الموتى صفاً واحداً أمامي: جدي عبد الكريم، جبران خليل جبران، حبوبة حريرة، جون قرنق دي مبيور، شيكيري توتو كوة، بركة ساكن، زرادشت، محمد مستجاب، علاء الدين الشاذلي، الكيوكة الصغيرة، قدورة جبرين، بوذا، نادية، أبو قنبور، محمد عثمان، خديجة، مرجان كافي كانو، محيي جابر عطية، عم موسى، انتصار، أبو ذر الغفاري، علي المك، والت ويتمان، سيدة ابراهيم، سوسن آدم، إخلاص أبو غزالة، عمر إبراهيم، قالوا بصوت واحد (ماعدا بوذا الذي حقق خلاصه في الدنيا قبل هذا اللقاء بسنوات كثيرة):- الدنيا زائلة.قلت لهم:- يا أيها الموتى، قلت لهم اسماً اسما،ً- يا أيها الموتى، الدنيا باقية. وقف سجان نزق بيني ومحمود محمد طه، استل من بين قلبه وعقله محبرة، كان الشيخ نحيفاً وجميلاً، مكان عينيه الدنيا كلها تزول تدريجياً وتتلاشى، لكن دون انتهاء، قال لي في الحلم:- افتتانك بالحق فوّت عليك إدراك عين الحق.قلت له و أنا نائم:- سمِّ لي القتلة حرفاً حرفاً والحق حرفاً حرفاً، العدل والمظلمة والروح حرفاً حرفاً.. قال لي في الحلم:- تذكر أن الحقيقة بين بين.قال لي في الحلم:- اقرأ.. ذات الشيء، يسقط عنك حجاب الشيء، حرفاً حرفاً.قلت له و أنا نائم:- بسم الله الرحمن الرحيم. قال لي في الحلم وكاد يبتسم:- إذاً، ما هو لون الحقيقة؟قلت له وأنا نائم:- أسود.قال لي في الحلم:- إذاً، ما هو لون العدل والمظلمة والروح، ما هو لون مسك الأنفس؟قلت له و أنا نائم:- أسود.قال لي في الحلم:- إذاً، ما هو لون الجهات الست؟حينها فقط تنزلت عليّ الأحرف الوسطى من أسماء القتلة، جاءت تعوم في سيل من الدم، أخذ يحيط بي وأنا نائم، أفادني صف الموتى في شيئين:إن الدنيا ليست زائلة، الشيء الآخر، أن الموتى لا يبتسمون، الشيء الآخر، أن ذاكرة الموتى محشوة بالأحياء. قالت لي أمي في الحلم:- سوف لن تنجو من الموت، الأشجار، الطين، والهوام كلها لا تحميك، وأنت إذ تهرب من الموت تذهب إليه.بكيت، عندما استيقظت وجدتهم جميعاً يصطفون أمامي، تماماً مثلما كانو في الحلم، لم يهتم أحد بما كنت أثرثر فيه، لم يفسر أحد لي شيئا، ولم يضحكني نداء المنادي أنت: يا أحد الموتى

    http://alakhbar.sd/sd/index.php?option=com_content&task...ew&id=125&Itemid=282
                  

10-09-2008, 04:53 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    السودان ومصر .. الى أين ؟! (1-3)

    د. عمر القراي
    [email protected]

    ترددت تصريحات مختلفة، في الآونة الأخيرة، عن استيطان مزارعين مصريين بمشروع الجزيرة، أو بالشمالية ، بل ان من الآراء ما يؤكد ان السدود في الشمالية ، انما اقيمت ومن ضمن اغراضها ، توفير اراضي للمهاجرين المصريين .. وتضاربت البيانات عن اعداد هؤلاء المزارعين، وعن طبيعة وضعهم ، ولقد ذكر عدد 5 مليون مزارع ، وذكرت ارقاماً اكثر تواضعا . وورد الحديث عن بيع آلاف الأفدنة لهم بمشروع الجزيرة ، لفترة طويلة ، أو اعطاءهم اراضي للبقاء فيها ، واستصلاحها بالولاية الشمالية . ولعل كل هذه التصريحات كانت نتيجة للإتفاقية ، التي وقعت مؤخراً ، بين البلدين ، تبيح لمواطنيهم حق الإقامة، والتملك، وحرية التنقل دون تأشيرة بين البلدين .. ولقد أشتكى بعض المواطنين ، من ان الاتفاقية قد طبقت من جانب السودان فقط ! اذ لا زال الدخول لمصر يحتاج الى تأشيرة ، ولا زالت فرصة العمل، أو التملك، فيها للسودانيين ، تكاد تكون مستحيلة ! ثم ان الإتفاقية اعادت الحديث عن مشروع التكامل ، ووحدة ابناء وادي النيل ، الأمر الذي قوبل بردود فعل مختلفة، من السودانيين ، و من بعض الكتاب والصحفيين المصرين. فقد قاموا بنفي هذه الأخبار، أو قبول المبدأ مع تحفظ في العدد ، أو الاستنكار والاستهزاء والسخرية . فقد كتب د. محمد السيد سعيد الناشط في حقوق الإنسان ، والمستشار بالدراسات الإستراتيجية بالأهرام ، مقالاً يسخر فيه من كاتب سوداني، أثار تساؤلات عن الوجود المصري المكثف في السودان، في هذه الايام .. فقد اعتبر د. سعيد هذه التصورات " فانتازيا سودانية " على حد عنوان مقاله ، الذي نشر باحدى الصحف العربية ، ونقلته الصحف المصرية والسودانية . ولقد أكد في ذلك المقال ان المصريين لن يستقروا باعداد كبيرة في السودان . وان مشاكل مصر، ستحل داخل مصر، لا باللجوء للسودان . ولعل محاولة د. محمد السيد سعيد لنفي الأطماع المصرية في السودان، تحتاج أكثر من مقاله القصير هذا ، وذلك لأن هنالك تاريخ طويل ، حاولت خلاله مصر ان تستغل تفوقها على السودان، لتملي عليه مواقف، واتفاقيات ، تضره لمصلحتها هي !! ولم تكن العلاقة في أي يوم من الأيام متكافئة ، أوقائمة على الندّية ، أو مبنية على رغبة الشعبين في التقارب والتعاون، وانما كانت توجهها مصالح الحكومات الآنية ، والتي تتحول وفق مقتضيات السياسة

    إن أول ما أود توكيده ، هو ان اتجاه التعاون، أو التكامل ، أو الوحدة التامة ، بين السودان ومصر، لهو اتجاه طبيعي، مقبول ، بل ومفضل .. وذلك لأن تطور الحياة ، يشير الى حتمية الوحدة بين جميع بلاد العالم ، فمن باب أولى ، بين الاقطار المتجاورة ، التي تربط بينها وشائج عديدة ، وواقع جغرافي وتاريخي ، ضارب في القدم ، سجلته نشأة حضارة وادي النيل العريقة .

    ولكن الوحدة لا تتم قبل وقتها ، ولا تتحقق بغير شروطها ، ولا بد لها ان ترتبط بتوحد كل قطر مع نفسه، على حدة ، قبل ان يتحد مع قطر آخر .. ونحن في السودان، حتى نحقق الوحدة الداخلية ، نحتاج الى مذهبية ، قادرة على جمع التباين الثقافي، والفكري ، والديني في وحدة حقيقية .. وهو مجهود لا زلنا عنه بعيدين . فاذا اغفلنا هذا الواجب ، واتجهنا الى وحدة مع مصر، أو غيرها ، فان سعينا سيكون خاسراً. والتنمية المستدامة، لا بد ان تتحقق بواسطة الشعب ، ولمصلحته هو، خاصة في بنياتها الأساسية ، قبل ان يشارك فيها شعب آخر .. فالوحدة ليست عملاً عاطفياً فجاً ، ما يلبث ان ينهار، وانما هي منظومة من البرامج ، التي توجهها القناعة ، من القاعدة نحو القمة وليس العكس . وكل تعاون قبل الوحدة ، لا يستهدي بما تقوم عليه من تكافؤ، وفق مذهبية ذات اهداف محددة ، يكون استغلالاً مرفوضاً، يوقر صدر الشعوب، ولا يخدم مصالحها .

    وعن ضرورة الوحدة بين الشعوب، التي تسوق الى الوحدة العالمية ، جاء ( وهذا الكوكب الصغير، الذي تعيش فيه الإنسانية، وحدة جغرافية ، قد ربط تقدم المواصلات الحديثة السريعة بين اطرافه ، ربطاً ألغى الزمان والمكان، الغاء يكاد يكون تاماً .. حتى لقد اصبحت جميع اجزاء المعمورة ، تتجاوب في ساعات معدودات ، للحدث البسيط الذي يحدث في أي جزء من اجزائه . يضاف الى ذلك، ان هذا الكوكب الصغير، معمور بانسانية واحدة ، متساوية في اصل الفطرة ، وان تفاوتت في الحظوظ المكتسبة ، من التحصيل والتمدين .. فينبغي والحال هذه ، بل انه ، في الحقيقة ضربة لازب ، ان تقوم فيه حكومة عالمية واحدة ، تقيم علاقات الأمم على اساس القانون ، كما تقيم حكومات الأمم كلها في داخليتها ، علائق الافراد على اساس القانون، وذلك أمر مستطاع ، بل هو أمر لا معدى عنه ) (محمود محمد طه 1953م من خطابه للسيد توبيز بوديت مدير عام اليونسكو ).

    هذا عن الوحدة بين الشعوب ، التي تسوق آجلاً ، الى الوحدة العالمية ، بصورة عامة .. أما وضع السودان ومصر، فانه يزخر بما يقارب بينهما ، من وشائج ، ويسوقهما على مكث، وتلبث ، للوحدة الرشيدة .. ولكن مع كل ذلك ، فان النظر الى هذه العلاقة ، يقتضي الحياد، ومن الحياد ان نقرر ان العلاقة السودانية المصرية، قد إيفت بآفات عديدة ، وملئت بسلبيات واضحة ، وخلفت عبر الزمن ، الكثير من المرارات في النفوس . فالعلاقة منذ القدم كانت توجهها الأطماع ، فقد غزا محمد علي باشا والي مصر، من قبل الأتراك ، السودان طلباً للمال والعبيد .. ولم يكن السودانيون في نظره غير موارد يستغلها دون مقابل . وحين ارسل ولده اسماعيل ، كان فتاً غراً ، لم يقبل بان ياخذ الغنائم فقط ، بل جنح الى الإساءة ، الى المك نمر زعيم الجعليين ، مما اشعل الحرب ، التي مات فيها الآلاف من السودانيين، بسبب صلف الباشا وغروره .

    وحين جاء الغزو التركي، كان المصريون جزء منه ، رغم انهم هم انفسهم مستعمرون بواسطة الاتراك .. ولكن الشعب السوداني تلقى الاضطهاد على أيديهم، هم ، فلم يميز بينهم وبين الترك. وكان ظلم الأتراك للسودانيين ، من أهم اسباب نجاح الثورة المهدية . ثم جاء المصريون مرة أخرى، حكاماً مع الانجليز، فيما عرف بالحكم الثنائي ، وكان دورهم بالنسبة للمواطنين أسوأ من الانجليز، لأنهم يرونهم أقرب إليهم من حيث الدين والعرق، ثم هم مع ذلك، يستعمرونهم . ومنذ ذلك الوقت، ظن المصريون ان السودان تابع لمصر .. ومع بواكير محاولات السودانيين للتخلص من الاستعمار، ظهرت دعوة الوحدة مع مصر تحت التاج المصري .. وكانت مصر تتبنى كل الأحزاب السودانية الإتحادية ، وتعادي حزب الأمة، لأنه رفع شعار السودان للسودانين .. وكان الساسة المصريون، يمنون شعبهم، بالتمسك بالسيادة المصرية على السودان . ومن ذلك مثلاً ان صدقي باشا، قد خاطب الشعب المصري، بقوله (لقد جئتكم بالسيادة على السودان) أو قوله (لقد اعترف نهائياً بوحدة مصر والسودان تحت التاج المصري) ( الرأي العام 29/10/1946م). ولم تتوقف الأطماع المصرية حتى بعد قيام الثورة المصرية ، فقد كان عبد الناصر رحمه الله، يتوقع ان يتفق السودانيين على الاتحاد مع مصر، وقد استاء عندما أعلن الاستقلال من داخل البرلمان. ولما لم تتم الوحدة ، لم يقتنع عبد الناصر بذلك ، ففي عام 1957م ارسل الجيوش المصرية الى شرق السودان ، ووضعت العلم المصري على حلايب. وكان يمكن ان تصبح حلايب جزء من مصر، منذ ذلك التاريخ ، لو لا ان رئيس الوزراء في ذلك الحين السيد عبد الله خليل، قد كان حقاً في مستوى مسئولية الدفاع عن تراب الوطن. فقد ارسل قوات من الخرطوم الى حلايب ، وأعلن الحرب على مصر. ولقد إلتف الشعب السوداني كله خلف عبد الله خليل، يدعم هذا الموقف الوطني الشجاع . وانسحب عبد الناصر مفضلاً ان يكسب الشعب السوداني كله بدلاً عن جزء من اراضيه .

    ومن التجارب السيئة في علاقة السودان ومصر، إتفاقية مياه النيل 1929م .. ثم تهجير أهالي حلفا عام 1959م، من أجل بناء السد العالي . ولقد فرط الحكم العسكري الاول، بقيادة الفريق ابراهيم عبود، فلم يستطع المفاوضة ، بغرض اعادة النظر في اتفاقية مياه النيل. فالاتفاقية كانت قد ابرمت بين دولتي الحكم الثنائي، والسودان غائب تحت الإستعمار. وكون السودان كان مستعمراً ، حين وقعت الإتفاقية ، يعطيه الحق في نقدها وتغييرها . ولكن الفرصة قد ضاعت لأن اتفاق 1959م لم يصحح هذا الوضع . ولقد اعطت الإتفاقية مصر 48 مليار متر مكعب، في حين اعطت السودان 4 مليار متر مكعب فقط !! أما الزيادة الناتجة من بناء السد العالي ، فقد نال منها السودان 14.5 مليار متر مكعب ، ونالت مصر 7.5 مليار متر مكعب فيصبح بذلك جملة نصيب السودان، من مياه النيل ، حسب هذه الإتفاقية المجحفة 18.5 مليار متر مكعب بينما نصيب مصر من مياه النيل 55.5 مليار مترمكعب !! ليس هذا فحسب ولكن اتفاقية 1959م التي ضاعت بمقتضاها حلفا ، أعطت السودان فقط 15 مليون جنيه (12/11/1959م). وهذا لمبلغ الضئيل ، انفقت الحكومة منه 13 مليون لتشييد قرى حلفا الجديدة ، بخلاف الخزان ، واعداد المشروع الزراعي ، بخلاف تكاليف الترحيل ، وادارة التوطين ، والتعويضات التي دفعت للمواطنين المرحلين
                  

10-10-2008, 03:08 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    جزء من النص مفقود
    د.فتح العليم عبد الله

    بدأ ظهور أول آثار للحضارة الانسانية فيما قبل الميلاد في شمال السودان في شكل مجموعات بشرية على الشريط النيلي شمال حلفا ثم تقدم الزمن وظهرت مملكة كرمة ثم نبتة ثم البجراوية ثم النقعة والمصورات.. لاحظ كل ذلك في شمال السودان. لقد تعمدت أن لا أذكر شيئاً عن المعمار والطب والديانات واللغات وقتئذٍ كنوع من (الدغالة).. هذا خلاف المومياءات التي وجدت بجبانة الكرو والتي ما ان كشفنا عنها الغطاء حتى ظننا انها لأناس في نوم سميك وليس لموتى عبروا لدار البقاء قبل (48.000) شهر من تاريخ وقوفنا عليهم. بعد كل هذه المهرجانات الثقافية والسياسية والأربعة آلاف سنة صارت الولاية هي الربع الخالي بتاع السودان ولو قام بعنخي أو شباكا ابن اخته من مرقده لتعرف على كل بناية وعشبة وموجة.. فنحن لم نغيِّر شيئاً والحقيقة هي اننا لم نجد ما نغير به او من اجله. كان كبارنا يصفون المديرية بقولهم الحمار الضكر ما يقيف فيها من شدة الحر والبؤس وغياب الرفيق ورداءة الحال وشح الموارد. لقد صار بهذه الولاية حمى خيبر وطحال البحرين ودماميل الجزيرة وطاعون الشام كما أن بها بعض العجائب مثل الحجارة التي تطفو على الماء... الخ. وقبل ايام قالت لي جارتي الاخت احلام «يا خي دي ما بلد اطفال».. وكلامها حقيقة للاسباب الآتية: ? لا توجد بكل المديرية حدائق أو مراجيح او صالات مغلقة او حتى شواطئ للنزهة باعتبار ان الترفيه حكراً على ابناء المدن فقط!! وعلى هؤلاء ان يعملوا اذهانهم في كيف يستمتعون بأوقاتهم. ? مقابل كل (1000) نسمة يوجد طبيب واحد (للذي يتمكن من الذهاب اليه) وعليه ما زال اولئك البؤساء يتطببون بالحرجل والقرض والجنزبيل وزيت السمسم، اما الجروح فهي قصاص.. هذا خلاف لسعات العقارب الشائلة لاذنابها ونهش الثعابين. ? المدارس بائسة جداً والكتب لا تكفي والاساتذة اندر من عباد الله الصالحين وعليه من اراد ان يتنزه او يتعالج او حتى يتوفى فعليه بالحضور للعاصمة شايف كيف. بالرغم من الزحف الرملي، الاعاصير، الظلام، عصابات البعوض التي تنهب الهموقلوبين ليلاً.. شدة الحرارة ضيق العيش، فنحن لا نلمس اي وجود للمنظمات الطوعية أجنبية كانت ام وطنية؟! احياناً يسألني بعض قومي قائلين: «انت ما بتعرف الناس الغلاد غلاد ديل؟» ياخي قول ليهم اتلومنا في شنو لمان تضيعونا كده؟! منظر أطفال القرية مسلولي الرقاب وخلفهم صف من كبار النساء يشيرون عليك بتحية الوداع يجعلك تشعر بأنك ترتكب جريمة الخيانة العظمى في حق هذه القرية بل كل الوطن.. وانك سفاح ملطخ بالدماء مخلباً وناباً. كنت امعن فيهم النظر الأخير فهذه قذفت وراءها ستين حجة وذاك الصغير نصف عار وقد استحال العرق على صدغيه الى خطوط ملح بيضاء مثل نواياه تماماً وساعتئذٍ ارتطم رأسي بسقف العربة التي عاجلها السائق بترس الدفع المتين فجعلت تتفلت من الرمل مثلما يتفلت القرآن من صدور الحفظة والمستهامين من القراء. عبرت النيل من عند منطقة «موره» وهي بلد البروفيسور الشوش والاستاذ محمود محمد طه وجل اهل رفاعة الذين نزحوا منها خوفاً من تجريدة النجومي الذاهبة الى مصر والتي لاقت مصيراً كالحاً في توشكي حيث وصل جندها جياع مرضى فتحولوا الى خفراء في صعيد مصر وبالتحديد منطقة البدرشين وكوم امبو. اندفعت نحو بيداء ليس بها حي سوى الجن والسعالي ويمكن ان نقول عنها بيت علقمة الفحل: «بها جيف الحسرى فأما عظامها فبيض وأما جلدها فصليب» هذا ان احسنا بها الظن.. من يمعن النظر في التركيبة الثقافية للولاية الشمالية يجد كثيراً من المعكوسات التي يتعذر فهمها احياناً اذ ما قولك في ان كبارها ساروا على سلم التعليم حتى بلغوا سنامه اما الصغار من مواليد الثمانينيات فلم يجدوا حتى سقالة يصعدون عليها فحصلوا على نسب فقيرة لا تفي بحاجة الجامعات فامتهنوا حرفاً عجفاء لا تدر ربحاً او «ركبوا اللواري وقبلوا» الى متاهات افريقا وبعض المدن الآسيوية ليس بحثاً عن المال وانما خوفاً من شمت الاعادي. المفارقة الثانية هي ان كثيراً من الأوربيين الباحثين في تراث الانسانية يفدون اليها للتنقيب عن ذلك الماضي المزدهر والذي يندر ان يوجد في بلد آخر. عندما كنا بالمدارس الوسطى تحت سن التكليف بقليل جاء الصديق الصحافي محيي الدين عبد الرحمن المبارك ومعه خواجية اسمها «باميلا» المانية الاصل متخصصة في الانتروبولجي وهي تحمل معها كاميرا متقدمة وحزم من الورق.. ما أن أفاق الناس من صدمة رؤيتها حتى بدأوا بالاستفسارات، ما خودة؟ مطلقة؟ عزبة؟ ثم تهز احدى العجائز يدها في عنفوان قائلة: «هي كان عندها وجيع ما بفكها تجي براها قاطعة البحور ديل! غبا يغبا الخواجات». أبلغ جملة قالتها تلك الالمانية بعض ان نظرت الى زمرة من الصبيان عائدين من الطاحونة على ظهور حميرهم: «لا اصدق ان هؤلاء هم أحدث نسخة من سلالة بعنخي!».

    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=55829
                  

10-10-2008, 04:16 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    فك الاشتباك الديني العلماني
    الصادق المهدي

    هنالك نظرتان متناقضتان للوجود. نظرة لاهوتية فحواها أن مصدر المعرفة غيبي وحسب وأن الأخلاق هي أوامر من عالم الغيب وحسب، وأن الحكم هو إلهي أي ثيوقراطي. في المقابل نظرة ناسوتية ترى أن معرفة الإنسان نابعة من ذاته وحسب وأن الدين والأخلاق هما من تأليف الإنسان وأن الحكم وضعي.

    هاتان النظرتان تتجسدان في نظرة للإسلام ترى القرآن حاويا لكل المعارف تفسيرا خاطئا للآية «مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ»، منكرة أي مجال للمعرفة التجريبية أو العقلية.. هذه أسميها نظرة الدين المنكفئ. وفي العلمانية التي هي اشتقاق على غير قياس من العالم، أي أن كل شيء مستمد من عالم الشهادة الذي يدركه الإنسان بعقله وتجربته. وهذه هي العلمانية المتعدية.

    الفهم اللاهوتي للوجود جسدته الكنيسة في تاريخ أوربا فاشتبكت في صراع مع الفكر الإنساني الذي واجهها بالعلمانية، وبعد صراع طويل توصلت المجتمعات الأوربية إلى معادلة تعايش.

    ليس في الإسلام كنيسة ولكن انطلاقا من قدسية نصوص الوحي استخدم السلف منطقا صوريا بالقياس والإجماع فكونوا تفسيرا للنصوص واستنبطوا أحكاما صارت هي تجسيد الإسلام، وما على الخلف إلا اتباع ما «أجمع» عليه السلف. لذلك نشأ صراع شبيه بالصراع بين الكنيسة والعلمانية.

    كثير من الاجتهادات الإسلامية المعاصرة قبلت ذلك التجسيد وتحاول الإطاحة به عن طريق أطروحات مثل أن النص القرآني منزل ولكن فهمنا له كله تأويل بشري (محمد شحرور)، أو أن كل مجتمع بحاجة لأسطورة والقرآن أسطورتنا (محمد أركون)، أو أن النص القرآني منذ لحظة نزوله تحول من كونه نصا إلهيا وصار فهما إنسانيا (نصر حامد أبو زيد)، أو أن الإسلام رسالتان مكية ومدنية، والمدنية تاريخية منسوخة (محمود محمد طه).. هذه الأطروحات وغيرها تطيح بالقرآن نفسه لكي تطيح معه بالتأويل السلفي! ولكن لا مشروعية للتسليم بالفهم السلفي للإسلام فهنالك منطق آخر غير المنطق الصوري للتعامل مع النصوص يستخدم العقل والمصلحة، والحكمة، والسياسة الشرعية، والمقاصد، والميزان، والقسطاس لتفسير النصوص ولتطوير الأحكام الفقهية.

    إن القرآن يحث المسلم على نهج: «وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا».. ويتطلب «أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا). هذا النهج يوجب أن نؤمن بالوحي «وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ»، وأن نؤمن أن الطبيعة كتاب مشاهد «مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ» وحقيقة عالم الشهادة ينبغي بالعقل والتجربة اكتشافها ومعرفتها.

    هذا النهج يثمر الفهم الآتي:

    أولا: الطبيعة مسخرة للإنسان، كل الإنسان. وقوانين الطبيعة هي قواعد التسخير. ومن تعامل مع الطبيعة واكتشف قوانينها يسخرها مؤمنا كان أو كافرا.

    ثانيا: أن للأخلاق أساسا موضوعيا أدناه المعاملة بالمثل وأوسطه إتيان المعروف وتجنب المنكر وأعلاه الإيثار. ومن تعالى بمكارم الأخلاق صار فاضلا مؤمنا كان أو كافرا.

    ثالثا: العقل يعتمد عليه غير المؤمن ولا يستغني عنه المؤمن. قال الإمام الشاطبي في الموافقات: «الأدلة الشرعية لا تنافي العقول، لأن العقل هو مناط التكليف ولهذا يسقط التكليف عند ارتفاعه وتكليف العاقل بما ينافي العقل كتكليف غير العاقل، بل هو أكبر عبئا وأعظم وزرا وأشد بلاء».

    رابعا: العدل أساس الحياة الاجتماعية، ومن بذل العدل أفلح في إدارة شئون المجتمع، مؤمنا كان أو كافرا، لذلك قال الإمام ابن تيمية في كتاب الحسبة: «إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة. إن الدنيا تدوم مع العدل والكفر ولا تدوم مع الظلم والإسلام». وقال: «أينما يكون العدل فثم شرع الله ودينه». وقال الإمام ابن القيم «كلما تحقق به العدل هو من الشرع وإن لم يرد به نص».

    خامسا: الحرية هي بغية النفس الإنسانية وسر تطور القدرات الإنسانية. ومن توافرت له الحرية حقق تقدما مؤمنا كان أو كافرا والقرآن واضح في حرية الإنسان «إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا).

    إذا صحت هذه الحقائق فما هو دور الإيمان؟

    * العمق الروحي للحقيقة أقوى من العقلي والضمير الذي يدعمه الإيمان في نفس الإنسان أقوى رقيب.

    * الإيمان يمنح النفس طمأنينة أن الإنصاف آت مهما تأخر فالحق يعلو.

    * الحقيقة العقلية صفوية ولكن صورتها الإيمانية قاعدية وتعبوية.

    * هنالك قضايا لا يحيط بها العقل مهما اجتهد «مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ولا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ). كيف بدأ الخلق؟ كيف دبت فيه الحياة؟ كيف دخلها الإنسان؟ ما هو المصير المحتوم للوجود؟ هذه القضايا لا يجليها إلا الوحي.

    * التأييد الروحي للمسائل العقلية كمكارم الأخلاق، والعدل، والحرية، يمنحها عمقا ويحميها من التقلبات النفعية.

    * التكامل بين النقلي والعقلي يدعم اليقين: «وَفِي الأرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ).

    * الإيمان والعبادات المرتبطة به يهذب السلوك الإنساني: «إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ).

    * الالتزام بمكارم الأخلاق وبالعدل والحرية وكرامة الإنسان يترتب عليه جزاء أخروي.

    هذا معناه أن الوحي يوجب تطوير قدرات الإنسان إلى أقصى مدى ممكن ويتكامل مع القدرات الإنسانية في المجالات المشتركة ويكشف المجهول فيما يتعلق بأمور هي فوق قدرات الإنسان.. الإيمانيات، والوجدانيات، والجماليات حقائق مؤثرة جدا في حياة الإنسان وهي مجالات لا تدرك كنهها المدارك البشرية القائمة على المعطيات الحسية.

    إن الإيمان المنكفئ والعلمانية المتعدية لحدودها التي تحول العلم للعلموية وتحكّم العقل في خارج حدوده، نظرتان تشتبكان، ولا مناص من التوفيق أو التعايش بينهما، وهما تغذيان بعضهما الآخر، وتدخلان مجتمعاتنا في حوار طرشان عقيم.

    ولكن الإيمان الإسلامي المحيط إيمان يعزز القدرات الإنسانية ولا يلغيها. والعلمانية المعتدلة تطور قدرات الإنسان إلى أقصى مداها وتسكت عما هو خارج نطاقها.. التعامل والتكامل بين هذا الإيمان المحيط والعلمانية المعتدلة ممكن. وفض الاشتباك الديني/ العلماني تحت ظلالهما ثمرة مرجوة.


    http://www.asharqalawsat.com/leader.asp?section=3&artic...=290199&issueno=9615
                  

10-10-2008, 04:27 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    كتب النور حمد:
    انضم الأخ الراحل، بشير محمد علي، المعروف بـ (بشير حِريْشَة)، إلى الجمهوريين عقب تخرجه من كلية الفنون. وقد عمل كل من خلف الله عبود، وبشير محمد علي، في مكتب النشر بالخرطوم، الذي تغير إسمه إلى (دار النشر التربوي). وقد عملا في صحيفة (الصبيان) مع الفنان، شرحبيل أحمد، وعدد كبير آخر، من خريجي كلية الفنون. أذكر ممن تم تعيينهم في ذلك العام، إضافة إلى خلف الله عبود، وبشير محمد علي، كلا من محمد الحاج، ونجاة جاد الله جبارة، وربما عمر مدني. بعد فترة عمل قصيرة هناك، تقرر نقل كل من خلف الله عبود، وبشير محمد علي، ومحمد الحاج، وشخص آخر لم أعد اذكره، إلى العمل بمكتب النشر بجوبا. وحين سافروا كنا في وداعهم في مطار الخرطوم. وأذكر من المودعين، حسن موسى، ومحمود عمر، وربما آدم الصافي، وبدر الدين حامد عبدالرحمن. وقفنا في شرفة المطار القديمة حتى أقلعت بهم طائرة الفوكرز التابعة لسودانير. في المساء عرفنا أن الطائرة قد ضلت طريقها، ولم تصل إلى جوبا. وبقي مصيرهم مجهولا. لاحقا عرفنا أن الطائرة سقطت في إحدى الغابات، وقد سيطر عليها أعضاء حركة أنانيا. مات في ارتضام الطائرة بالأشجار الكابتن الأجنبي، وعدد قليل جدا من الركاب، ربما لم يتعد الإثنين. ويبدو أن السقوط فوق الأشجار قد قلل كثيرا من عدد الوفيات. كما عرفت من الأخ خلف الله، أن الكابتن قد ظل يحلق في بحثه الطويل عن مدينة جوبا التي ضل عنها، حتى نفذ الوقود. وقد جنب ذلك الطائرة احتمال الإحتراق عند الإرتضام. أصيب بعض الركاب بجروح متفاوتة، أما عبود وبشير، ومحمد الحاج، والشخص الرابع معهم، فلم يصابوا بأي أذى. ظل أولئك الصحاب في أسر أنانيا التي كانت تنقلهم من معسكر، لآخر، وظلوا يسيرون على الأقدام، لمدة شهر كامل، حتى أصبحت ملابسهم أسمالا، وخرقا بالية. وقد تم تسليمهم، في نهاية الأمر للسلطات، عن طريق الصليب الأحمر، بعد اتفاق بين حكومة نميري، وحركة أنانيا. وأعقب ذلك، بوقت قصير، توقيع إتفاقية السلام المشهورة، التي أدخلت البلاد في حالة من السلم استمرت حتى بدايات الثمانينات. بعدها عاد خلف الله لمكتب النشر بالخرطوم. أما بشير فقد عاد إلى مكتب جوبا، وأمضى فيه سنوات.

    لا أزال أذكر حالة الحزن التي لفت مجموعتنا في كلية الفنون، حين ضاعت الطائرة، وأصبح مصير ركابها مجهولا. كما أذكر حالة الحزن التي لفت المجتمع الجمهوري، خاصة وأن عبود وبشير كانا قد التحقا بالحركة الجمهورية، لتوهما. ظل الأستاذ محمود محمد طه، مشغولا جدا بهما، وكم كانت الفرحة كبيرة حين عادا سالمين، بعد شهر تضاربت فيه الأقوال، وكثرت فيه الشائعات. ولم تكن الحكومة، كعادتها، تقدم من المعلومات ما يشفي غليل أهل وأصدقاء المفقودين. وربما لم تكن لديها معلومات أصلا.

    قل ارتباطنا أنا والأخ خلف الله عبود، بمجموعتنا تلك، في كلية الفنون، كثيرا عما كان عليه في السابق، وذلك بسبب التزام كلينا الفكرة الجمهورية. ظل عبود يعمل في مكتب النشر، وظللت أنا في الكلية، وأصبحت ألاقي أفراد المجموعة في ساعات العمل، في الكلية. وقد كنا نمضي في الكلية وقتا طويلا جدا كل يوم. أما الأنشطة المسائية للمجموعة فقد أصبحنا لا نشارك فيها كثيرا. فقد تبدل فينا، أنا والأخ خلف الله عبود، روح المرح اليساري، بروح صوفي جديد، سمته العبادة، والذكر، والقنوت، والمحافظة.


    Re: بين أبادماك و بورتبيل
                  

10-10-2008, 05:24 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    ظل مثيرا للجدل فى حياته ومماته
    السلطات الأمنية تمنع اقامة احتفال بذكرى محمود محمد طه
    منعت السلطات الأمنية بولاية الخرطوم الثلاثاء الثانى والعشرين من يناير مهرجانا خطابيا خططت لإقامته اللجنة القومية لإحياء ذكرى حرية التفكير والتعبير بمناسبة الذكرى السابعة عشر لإستشهاد الأستاذ محمود محمد طه وطوقت الشرطة ساحة النشاط الطلابى بجامعة النيلين مكان الاحتفال والتى أغلقت باحكام بواسطة الحرس الجامعى بعد تلقيها لتوجيهات فى هذا الصدد من اللجنة الأمنية العليا بولاية الخرطوم بعدم السماح بإقامة الإحتفال. وأبلغ عبدالواحد ابراهيم الأمين العام لإتحاد جامعة النيلين بأنهم فوجئوا بالقرار الولائى، ووصف القرار بأنه تدخل فى حرية النشاط الجامعى، معلنا وقوف اتحادهم مع حرية التعبير كمقدمة للديمقراطية وأكد استعداد دار الإتحاد لإستقبال أية ندوة أخرى تحت اى عنوان وانتقل المتحدثون فى المهرجان الى مكتب المحامى غازى سليمان وعقدوا مؤتمرا صحفيا هناك انتقدوا فيه قرار سلطات ولاية الخرطوم وأعلن غازى سليمان على حسب ما ورد بصحيفة الصحافة أنه سيقيم المهرجان بدار المحامين ولم يحدد زمنا للمهرجان.
    وفى ذات الخصوص تحدث الاستاذ الحاج وراق مقرر اللجنة موضحا أن منع الاحتفال يعنى كشف الادعاء حول اتجاه السلطة نحو الحريات مضيفا بان ما حدث يعنى أن السودان لم يتغير منذ سبتمبر 83 وأن الهوس الدينى لا زالت مخاطره ماثلة، من ناحية ثانية وصف الشيخ ابراهيم يوسف قرار منع الاحتفال بأنه تشويه للإسلام وذهب الصحفى عادل سيداحمد عضو اللجنة الى أن الاحتفال يعنى بإبراز مدى بشاعة وهوس النظام المايوى وأن الجهات التى تمانع فى هذا النشاط لا بد لها أن تعرّى وقد تحدث فى المؤتمر الصحفى الأستاذ جودة محمد المحامى معلقا على ما حدث بأنه حجب للوعى حتى لا تضار مصالحهم.
    كما أشار ساطع محمد الحاج المحامى ان اللجنة خاطبت كلا من حزب الأمة واتحاد المحامين واتحاد طلاب جامعة النيلين لإقامة الاحتفال كل على حدة الا أن حزب الأمة اعتذر ثم تلاه اتحاد المامين والذى عزا الرفض الى ثلاثة أسباب وهى أن الندوة قد تؤدى الى بلبلة اجتماعية وتمثل تهديدا أمنيا بالإضافة الى أن حكم الإعدام قد صدر بحكم قضائى وبالتالى لا يجوز مناقشته وقال ساطع أن هذه الأسباب ساقها له شفاهة نقيب المحامين فتحى خليل.
    أما الأستاذ محمد الحافظ المحامى فقد علق خلال المؤتمر الصحافى على قرار منع إقامة الندوة بأنه محاولة لخنق الصوت الآخر بعيدا عن مبادىء الحق الإنسانى، وقال المهندس عبدالله فضل الله إن هذه الممارسة تعنى ضرورة بداية المواجهة الفكرية للنظام الحاكم ومضى قائلا أن فكر الأستاذ محمود محمد طه تعدى الجمهوريين الى كل القوى الوطنية المستنيرة.
    وأعلن الأستاذ شمس الدين الأمين من مركز الدراسات السودانية أن اللجنة القومية قررت منح الجائزة السنوية لحرية الفكر والتعبير لهذا العام لأسرة الشهيد. الجدير بالذكر ان اللجنة القومية لإحياء الذكرى 17 لإستشهاد الأستاذ محمود محمد طه تضم كلا من المجموعة السودانية لحقوق الإنسان ومركز عبدالمجيد امام الثقافى وجمعية التنوير الثقافية وعددا من الأحزاب السياسية بجانب الناشطين فى مجال حقوق الإنسان، وحسبما أشار الأستاذ وراق مقرر اللجنة فإن هدفها هو الدفاع عن الفكرة الأساسية فى أن يعتقد كل غنسان ما يشاء وأن يعبر عما يعتقد وقال إن هذه النقطة فاصلة ما بين التخلف والنهضة والظلام والنور.
    ==
    نشر المقال بسودانايل فى 23 يناير 2002 مع صورة لوزير الداخلية حينها عبدالرحيم محمد حسين
                  

10-10-2008, 05:32 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    محمود طه ... غاندي السودان تقرير : "ميشيل هوبكنز"

    30-06-2005

    ترجمة:
    محمد عبد الرؤوف

    في خضم الحوارات والتوترات والصدامات التي تسود عالم ما بعد الحادي عشر من سبتمبر يعود "ميشيل هوبنكز" إلى منتصف عقد الثمانينيات لتأمل سريع الأفكار والوقائع التي قادت هذا الشيخ السبعيني إلى حبل المشنقة التي واجهها ثابتا مبتسما أمام عشرات الآلاف من المتفرجين.

    وافق يوم الثامن عشر من يناير الماضي الذكرى العشرين لإعدام الإصلاحي السوداني الصوفي الطاعن في السن "محمود محمد طه" في أحد سجون العاصمة السودانية الخرطوم؛ لاتهامه بالردة.

    وقد منحت تداعيات أحداث الحادي عشر من سبتمبر بعض أفكار "طه" طابعا نبوئيا؛ فقد استطاع محمود طه أن يتنبأ بالسقوط الوشيك للشيوعية في ستينيات القرن العشرين، وفي أوج الحرب الباردة.

    فالشيوعية والرأسمالية كانتا بالنسبة له تمثلان وجهين لعملة واحدة، وهي الثقافة المادية الغربية، والصراع بينهما أمر عابر. فالمواجهة الحقيقية في العالم ليست بين الرأسمالية والشيوعية، بل بين الدين المتخلف والحداثة المادية الفارغة روحيا.

    نشأ "طه" في الريف جنوبي الخرطوم، ثم درس الهندسة في كلية "غوردن" الشهيرة، التي ترجع إلى الحقبة الاستعمارية. يشكل التناقض بين عالم طفولته الديني الساحر، وبين العالم العلماني لدراسته الغربية علامة مميزة لبداية تجربته الشخصية.

    ومع ظهور الإسلام السياسي، شهد "طه" خلال حياته كيف هيمن الصراع بين الدين التقليدي، وبين الحداثة العلمانية الغربية تدريجيا على الحياة السياسية في الشرق الأوسط. وقد تنبأ "طه" بأن هذا الصراع سوف يأخذ بُعدا دوليا.

    مثل معظم الإصلاحيين الحداثيين رأى "طه" أن الإسلام المعاصر تحول عن مقاصده الأصلية، وتحجر ليصبح نظاما جامدا من التعاليم الشكلية، وفشل في أن يمنح المؤمنين أي هدى أو رؤى لمواجهة مشاكل العالم الحديث. فظهرت الحاجة إلى تأويل جديد للقرآن على ضوء المعرفة العلمية والنظام السياسي الديمقراطي الحديث. ومع هذا تجاوز "طه" الاتجاه الحداثي السائد بمناقشة النصوص القرآنية ذاتها. فحتى اليوم اقتصرت جهود الحداثيين على إصلاح وتحديث النصوص الفقهية التقليدية، لكنهم تجنبوا مناقشة الآيات القرآنية التي قد لا تنسجم مع مبادئ الديمقراطية الحديثة، وبخاصة تلك المتعلقة بوضع المرأة وغير المسلمين. وقد تناول "طه" هذه الآيات بالنقاش ـ بعكس معظم هؤلاء الحداثيين ـ وجعلها في قلب مشروعة الإصلاحي.

    لم يكتف "طه" ـ مثله مثل العديد من الحداثيين الآخرين ـ بانتقاد الإسلام التقليدي، بل انتقد الحداثة الغربية أيضا. فبالرغم من إعجابه بالتقدم العلمي، إلا أنه رأى أن الإفراط في الثقة بالعلم الحديث قد أدى إلى إنكار وجود أية قوة غيبية خفية. وهكذا حرم الإنسان الغربي نفسه من النفاذ إلي جوهره الروحي، ولم يعد ينظر لنفسه إلا كمحصلة لمجموع حاجاته الجسدية.

    وبالرغم من إدراكه للسمو الأخلاقي للمُثل الغربية الخاصة بحقوق الإنسان والديمقراطية، إلا أن "طه" آمن أن تلك الرؤية المادية لا يمكن أن تحافظ مثل هذه المُثل الأخلاقية على المدى الطويل، فالأمر يتطلب دينا، وإن كان بسمت جديد. يرى "طه" أن المخرج من هذا التناقض بين الأديان التقليدية والحداثة واضح جدا، وهو دين معاصر.

    فيرى "طه" أن الإسلام يحتوي على رسالة ثانية، تمثل الحقيقة الأكثر عمقا وأبدية للدين، وهي تتفق مع المعرفة العلمية الحديثة وقيم الديمقراطية الحديثة وحقوق الإنسان. كما يرى أن هذه الرسالة الثانية ظلت محتجبة داخل الآيات القرآنية إلى أن وصلت الإنسانية إلى درجة من الرقي تجعل من تطبيق الرسالة أمرا ممكنا، ويرى "طه" أن هذه اللحظة قد حانت.

    أصبح "طه" ـ في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين ـ معروفا في السودان بزعامته لجماعة دينية اجتماعية صغيرة الحجم كبيرة التأثير، هي "الإخوان الجمهوريون". وقد تشكلت هذه الحركة كجماعة تطبق آراء "طه" على أرض الواقع، وتنشرها بين عامة الناس. وقد عاش "طه" نفسه ـ الذي كان طاعنا في السن وقتها ـ حياة متقشفة تُشبه حياة الزعيم الهندي "غاندي"، حيث ارتدى الجلابية السودانية التقليدية مثل فقراء الريف السودانيين، ولم يمتلك سيارة، واعتاد السير لمسافات طويلة على قدميه. وأصبح أتباع "طه" مشهورين بصورة خاصة؛ بسبب دفاعهم عن حقوق المرأة. فقد تم تطبيق المساواة بين الجنسين ـ من بين أشياء أخرى ـ داخل الجماعة، عن طريق عقد زواج إسلامي خاص يُعطي للطرفين حقوقا متساوية. كما شجع "طه" أتباعه من النساء على نشر آرائهن في شوارع الخرطوم. ولا تزال صورة "الأخوات الجمهوريات "وهن يرتدين الثياب الناصعة البياض ويوقفن المارة لمناقشتهم وبيع الكتيبات محفورة في ذاكرة سكان الخرطوم، ولم يكن هذا النوع من مشاركة المرأة معروفا في المجتمع السوداني التقليدي.

    وقد جاءت أكبر معارضة لطه وأتباعه من جانب رجال الدين التقليديين ـ العلماء ـ وقد استغل "طه" كل فرصة سانحة؛ ليتهم "العلماء" في السودان أو العالم الإسلامي بالجهل، ويُحمّلهم مسئولية التخلف والركود الثقافي للمسلمين. ويرى أن انهماكهم في تفاصيل الأحكام الفقهية المُغرقة في التقليدية والقدم لم يكن عقلانيا، وقد صرفهم في القدم عن رؤية المقاصد الحقيقية للدين من جهة ومشاكل المسلمين في القرن العشرين من جهة أخرى.

    حاول العلماء الذين أحرجتهم هذه الهجمة إيقاف "طه" عن طريق جره للمحاكم ومقاضاته بتهم إشانة السمعة، ولكن "طه" استغل

    هذه القضايا واستخدام المحاكم منبرا ينشر منه أفكاره. وقد استطاع ذات مرة أن يقنع القاضي بأن يسمح له بمواجهة أحد فقهاء الشريعة الذي اتهم "طه" بتشويه سمعته أثناء مقابلة صحفية تتناول السياسة في العالم. ولكي يثبت "طه" صحة جهل الرجل سأله إن كان قد سمع من قبل عن الناتو، فصرخ الفقيه قائلا: اقسم بالله أني قرأت عنه ذات مرة، ولكني لا أتذكر."

    وقد لعب العلماء في النهاية دورا هاما في المؤامرة السياسية التي أدت إلى إعدام "طه" عام 1985 .عندما قام الرئيس السوداني آنذاك "جعفر النميري" بتطبيق الشريعة الإسلامية في السودان، وهو الأمر الذي أعلن "طه" عن معارضته. وقد استغل معارضو "طه" من التقليديين موقفه هذا.

    وقد تعرض الرئيس "نميري" لضغوط من جانب منظمة العالم الإسلامي ذات النفوذ لمحاكمة "طه" وإعدامه لاتهامه بالردة. وكان أحد أسباب استجابة "النميري" لهذه الضغوط حاجته لكسب الثقة في الأوساط الإسلامية، بعد مساعدته لإسرائيل في ترحيل يهود الفلاشا من إثيوبيا إلى إسرائيل.

    وفي صبيحة يوم 18 يناير 1985 أُعدم "طه" في سجن "الكوبر" في الخرطوم أمام عدد كبير من معارضيه المبتهجين.

    وتتجلى عبقرية "طه" ـ سواء في كتاباته أو نهجه في الحياة ـ في جمعه بين التدين الخالص والحداثة العلمانية، وهو ما يطالب به العديد من المصلحين الحداثيين المسلمين، ومع هذا فقد انقسم أتباعه على نفس الأسس إلى قسمين؛ ديني وعلماني.

    اعتقد بعض من أتباعه الأكثر تدينا أن طه يمثل تجسيدا للعودة الثانية للمسيح المذكورة في القرآن والإنجيل. وبالفعل فإن الأحداث التي أحاطت بمقتل "طه" تتشابه مع الآلام الأخيرة للمسيح ـ حسب الرواية الإنجيلية.

    أما اتباعه العلمانيون فقد اعتبروه أحد أبطال حقوق الإنسان في المقام الأول. وفي عام 1986 اختارت منظمات حقوق الإنسان العربية يوم الثامن عشر من يناير ـ يوم إعدام طه ـ ليكون اليوم العربي لحقوق الإنسان.

    http://arabic.rnw.nl/imp/tahah
                  

10-11-2008, 00:54 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    مسارب الضى
    18 يناير ذكرى فداء العريس
    الحاج وراق
    تتحدد الأخلاق فى المجتمع التقليدى ليس وفقا للضمير الفردى الحر، ولا العقل اليقظ، وإنما تتحدد كقالب سلوك نمطى معطى كبداهة غير قابلة للتساؤل (هذا ما وجدنا عليه آبآءنا) فللزوج نمط سلوك محدد، ونمط للزوجة، وللأبناء وكذلك أنماط سلوك عند الميلاد. وفى الزيارات والعزاء وفى الزواج والوفاة .... الخ وهى أنماط سلوك مكرورة ورتيبة بحيث تتحول الى طقس (طبيعى) مثلها مثل مواسم الطبيعة. ويراعى المجتمع التقليدى الإلتزام بأنماط السلوك هذه بمحدودية أعداد أفراده وعلاقات القرابة فى الدم والمكان الذى تربط بين أفراده بما يفضى الى غياب الخصوصية وبما يوفر من أمكانات الرقابة الجماعية على سلوك الأفراد وبآليات العقوبة والعزل الإجتماعى التى توقع على العناصر المنفلتة أو عصية الضبط. وهكذا فان السلوك لا يحدده الإختيار الشخصى بين الخطأ والصواب ولا تحدده المشاعر والأفضليات الشخصية وانما مطلوبات (الرقيب الجماعى) (أنا من غزية ان غزت غزيت!) ولذلك فان القيمة التى يلح عليها التقليد ليست الفضيلة وبين مطلبات التقليد تسدها (المجاملة) و(المنافقة) – اى تناقض الظاهر مع الباطن.
    ولذلك كان الأستاذ محمود محمد طه أصيلا واحدا واستثنائيا فى بحر القيم التقليدية المتلاطم فى البلاد. دعا الى (التوحيد) ليس كلفظة تردد بلا روح وانما كتوحيد بين الظاهر والباطن، ودعا الى افنسان الحر – وهو بحسب تعريفه- الذى يقول كما يفكر ويفعل كما يقول ثم لا تكون نتيجة فعله الا برا بالأحياء وبالأشياء. وكان بأسلوب حياته كلها وبرحيله كذلك موحدا وحرا أعطى مثالا عز نظيره فى تطابق القول والممارسة.
    سمعته يقول (سيأتى نموذج الإنسان الذى يهزم تجربة الموت ويمشى الى الله مشيا) وكيف قوله فعله .. مشى فى لجج الموت نازعا حتى غريزة البقاء وليس أقوى منها غريزة، مشى هادئا مطمئنا بل وباسما – ابتسامة الرضا برؤية اكتمال المسير خلف غبار الجزئى والمؤقت والعابر والشرير مسير تحقق الحرية المطلقة والخير المطلق والجمال المطلق. وهو مسير كان منذ البدء (حتما مقضيا) وعلى عكس ما يفهم الطغاة والأشرار ومروجو القبيح فان أفعالهم ذاتها بعض من ضرورات اكتمال المسير! ولذلك كان أيضا يبتسم ساخرا من جهل الأشرار، يظنون ذواتهم وأفعالهم ومؤسساتهم تدوم الى قيام الساعة ولا يعرفون بأنهم عابرون ككلام عابر! ابتسامة التوحيد والرضا والمعرفة والجسارة كانت ايذان ميلاد فجر جديد وكما ابتسامة الموناليزا عنوان لنهضة أهل السودان عنوان استحقاق العطاء فلا حرية بلا فداء والتاريخ لا يرقى فى مدارج التقدم الا على مهاد التضحيات وقتها دفع المهر مع سخاء الإبتسام وكان المهر العريس نفسه هلل (الرجرجة) ى سوق الموت ولكن لان الموت كان اعلان حياة جديدة فان هتافات الشماتة والهوس كانت بعضا من اكتمال النشيد ولم يقو حتى زعيقها الناشز على أخراس زغاريد التاريخ بالزفاف.
    أثمرت الحروب الدينية فى أوروبا فكرة التعايش مع الإختلاف وأضى استبداد الحق الإلهى المدعى واصطياد الأفكار الجديدة وتفتيش الضمائر الى الأزمنة الحديثة، أزمنة الحرية. والكنيسة التى حرقت العلماء وجرّمت الأفكار وصادرت الكتب ركزت عليها سنان المقاصل لترشد وتتواضع وتستعيد المشروعية ودفعت البشرية أثمانا باهظة فى الأرواح فى حروب الإنسانية وضرورة السلام. وهكذا دوما نعانى ونبذل فنتعلم ونصعد ... و18 يناير رغم شرور القتلة اذن الحاح لهمية حرية افعتقاد والضمير، وبهذا سيظل معلما لا يزول فى مسيرة أهل السودان والمسيرة الإنسانية، ولن حرية الضمير – بمعنى حرية ان تعتقد ما تشاء – هى بداية كل حرية، وانتقاصها هو انتقاص كل حرية، فإن 18 يناير جدير بالتوقير والإحتفاء.
    وفى سبيل ذلك، وحتى يأخذ 18 يناير قيمته الإنسانية والتربوية فإننى اقترح ان تتضافر جهود جميع منظمات حقوق الإنسان محليا واقليميا ودوليا لتأسيس جائزة دولية باسم (جائزة الأستاذ/ محمود محمد طه لحرية الضمير) تمنح سنويا للأشخاص والمؤسسات التى تقدم لمبدأ حرية الإعتقاد.
    أتمنى وأعشم فى تبنى المجموعة السودانية لحقوق الإنسان ورئيسها الأستاذ/ غازى سليمان لذلك.
                  

10-12-2008, 01:45 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    السودان ومصر ... الى أين ؟!(2-3)

    د. عمر القراي
    [email protected]

    ولم يكن واضحاً لقادتنا السياسيين، ان الوحدة، أو التكامل، يحتاج أولاً، لأن يحل كل قطر، مشاكله وحده، وفق ظروفه، قبل ان يدخل في علاقة مع قطر آخر.. بل ان من مثقفينا، من يظن ان مصر قد حلت مشاكلها، وأننا باتحادنا معها، سنحل مشاكلنا ايضاً !! ولهذا لم يجرؤ واحد منهم، ان ينبه القادة المصريين، الى مشاكلهم هم، لينشغلوا بحلها، قبل ان يفكروا في التوحد مع السودان .. واذا كان للاجيال الحديثة، ان تعرف إستثناء لهذه المواقف الخائرة ، لاحزابنا الكبيرة ، وسياسيينا، ومثقفينا، فإن هذا الإستثناء قد كان الاستاذ محمود محمد طه، وحزبة الصغير، الحزب الجمهوري .. فقد كتب خطاباً للواء محمد نجيب، حين قام بالثورةالمصرية، واطاح بالملك فاروق ، خطاباً جاء فيه (والفساد في مصر ليس سببه الملك ، وليس سببه الساسة ، والاعوان، الذين تعاونوا مع الملك ، ، بل ان الملك ، واعوانه ، هم ، أنفسهم ، ضحايا لا يملكون ان يمتنعوا عن الفساد ، وان يدفعوه عنهم .. فان أنت اردت ان تلتمس أسباب الفساد، فالتمسها في هذه الحياة المصرية ، في جميع طبقاتها ، وجميع اقاليمها – تلك الحياة التي أقامت أخلاقها ، اما على قشور من الإسلام ، أو على قشور من المدنية الغربية ، أو على مزاج منهما .. وأنت لن تصلح مصر ، أو تدفع عنها الفساد، إلا اذا رددتها الى أصول الاخلاق ، حيث يكون ضمير كل رجل عليه رقيباً . من أنت ؟؟ هل أنت صاحب رسالة في الإصلاح، فتسير بشعب مصر الى منازل التشريف ، أم هل أنت رجل حانق، جاء به ظرف عابر ، ليقلب نظاماً فاسداً ، ثم يضرب ذات اليمين وذات الشمال ، حتى ينتهي به المطاف : أما لخير ، وأما لشر ؟؟ ) (محمود محمد طه 18 /8/1952م). وحين واصل عبد الناصر قيادة الثورة، بعد إبعاد محمد نجيب، وكان منحازاً للكتلة الشرقية، التي تمثلها الشيوعية الدولية، ويحاول ان يجر العرب، خلفه ، في ركابها، كتب إليه الأستاذ أيضاً، ومما جاء في ذلك الخطاب: ( أن تصحح رأيك في الحياد الإيجابي .. فإنك ، لن تستطيع الحياد اذا أسرفت في عداوة فريق من الفريقين، فان الإسراف لا يورث الاعتدال ، فانت لا تجني من الشوك العنب ، وانك لن تستطيع ان تكون " ايجابياً" في مبادئك ، الا اذا كنت تملك الفلسفة الايجابية .. وما نرى لك من فلسفة بازاء الرأسمالية والشيوعية ، غير الاسلام ، اذا ما ارحت الدولة العربية، من تدخلك في شئونها ، ومن دجل دعوة القومية العربية ، فسيكون على كل دولة عربية ، داخل حدودها- ولا يعني هذا عدم التعاون المتكافئ –ان تبعث الإسلام من جديد ، وان تطبق مذهبيته التي تحقق التوفيق بين الاشتراكية ، والديمقراطية ، أي بين العدالة الإجتماعية ، والحرية الفردية المطلقة ..)(محمود محمد طه 11/8/1958م).

    لقد تواصلت الجهود المصرية، عبر العصور، لتفنع الشعب السوداني، بحتمية، وضرورة ، الوحدة بين السودان ومصر .. وكان الدور البارز في هذا الاتجاه، تلعبه الثقافة، من خلال الإعلام المصري المكثف، حتى أصبح المسلسل التلفزيوني المصري ، جزء لا يتجزأ من حياة الأسرة السودانية ..ولقد تأثرنا أيضاً، بمناهج التعليم المصرية، وسافر العديد من السودانيين في حقب مختلفة، للتعليم العالي في مصر.. وعادوا وشغلوا مناصب رفيعة، كانوا فيها متخذي قرارات، غالباً ما تقوي الصلات السودانية المصرية. كما أنشئت جامعة القاهرة فرع الخرطوم، واستوعبت اعداد كبيرة من الطلاب، وخرجت الكثيرين من المتعلمين، المؤهلين، خاصة في مجال مهنة المحاماة . ورغم ان فكرة الإتحاد مع مصر، قد تراجعت، خاصة بعد فشل الوحدة بين سوريا ومصر، الا انها استمرت من ضمن الأجندة الثابتة للحكومات المصرية، ولبعض الجماعات السودانية والمصرية . ورغم ان الوحدة لم تطرق بشكل واضح، الا ان التعاون بين البلدين استمر، وازداد إبان حكم عبود، والذي حصلت فيه مصر على المكاسب من صفقة السد العالي، على حساب السودان كما ذكرنا آنفاً . ولقد كان السودان المهجر المفضل، بل الأوحد للمصريين، في الخمسينات، والستينات، حين كان نظام عبد الناصر ينتهج سياسات اقتصادية، تركز على اغلاق مصر في وجه السوق العالمي، وقبل الانفتاح الذي حدث في عهد السادات.

    على ان العلاقة بين السودان ومصر، لم تقوى مثل ما قويت في عهد نميري. فلقد احتاج نظامة الى السند المصري، في وجه المعارضة الداخلية، خاصة حين احتمت بدول خارجية. وفي نفس الوقت، كان نظام السادات يعاني من عزلة، لمقاطعة العرب له، بسبب صلحه مع اسرائيل .. وهكذا وجد السادات في التفارب مع السودان ، عزاء، كان في اشد الحاجة له .. ومن ناحية اخرى، كان يحاول تغيير التوجه الشيوعي، الذي كان على عهد عبد الناصر، باعطاء فرصة للوجود الامريكي، بغرض اعادة توازن القوى في المنطقة. وكان نظام نميري قريب لأمريكا، ولهذا وجد فيه السادات عوناً على هذا الدور، في اطار التحالف المنشود. ولهذا تم توقيع منهاج العمل السياسي والتكامل الاقتصادي، بين السودان ومصر في فبراير 1974م. وبعد الغزو الذي قامت به الجبهة الوطنية للسودان، تم توقيع إتفاقية الدفاع المشترك بين السودان ومصر في 15 يوليو 1976م. ولعل هذا ما أيئس المعارضة، من تكرار محاولة الغزو، وساقها للمصالحة عام 1977 . ولقد قام الرئيس محمد حسني مبارك، بعد ذلك بسنوات بتوقيع ميثاق التكامل بين البلدين في أكتوبر 1982م.

    وكان مما جاء في ميثاق التكامل ( ان غاية التكامل بين الشعبين الشقيقين هي بناء المواطن في وادي النيل في مختلف نواحي حياته لأن هذا المواطن هو عدة هذا البناء وركيزته الاساسية في العمل من أجل استشراف غد أفضل ومن اجل إعلاء صرح بناء البلدين الشقيقين ) (مسودة الميثاق :المادة 1- الباب الأول). وفي تفصيل حول بناء المواطن، جاء في الميثاق (العمل وفق استراتيجية موحدة للتعليم والبحث العلمي ، تستهدف توحيد سياسات ونظم ومناهج التعليم في البلدين باعتباره المدخل الطبيعي لخلق جيل مؤمن بقيمه الروحية والدينية وتقاليده القومية الأصيلة)(المصدر السابق). ولقد اوضحنا ان بناء المواطن، يحتاج الى مذهبية، وهي غائبة عن مصروعن السودان . ولقد اقترحنا لها الإسلام بالفهم المتطور له، والذي يملك القدرة، على خلق النظام، الذي يحقق التوفيق بين حاجة الفرد وحاجة الجماعة .. وكذلك مناهج التعليم فانه لا يسعفنا فيها الفهم السلفي للاسلام، ولا الفهم العلماني، التي تقوم عليه الحضارة الغربية الماثلة، والمؤثر على شعبي البلدين ..

    جاء في الفقرة الرابعة ( يستهدف التكامل بين البلدين في المجال الاقتصادي والمالي إقامة وحدة كاملة ، تضمن التقدم والرخاء لكل منهما ولمواطنيهما وتقوم استراتيجية يتم تنفيذها تدريجياً ووفقاً لجدول زمني ) ( المصدر السابق) . ولكن عندما جاء للتفاصيل، جاء في الفقرة السادسة ( الغاء جميع القيود بما في ذلك الرسوم الجمركية التي تعوق :

    أ- حرية إنتقال الأشخاص ورؤوس الأموال والارباح .

    ب- حرية تبادل البضائع والمنتجات الوطنية.

    ج- حرية الغقامة والعمل والتملك والاستخدام وممارسة النشاط الاقتصادي.

    د- حرية النقل والترانسيت واستعمال وسائل النقل والمرافق والموانئ والمطارات المدنية ..)(المصدر السابق).

    جاء في مواجهة هذا الإتجاه (وانه لمن المعلوم بالطبع ان الغاء الرسوم الجمركية، يؤدي الى سرعة جريان المعاملات ، والتبادل التجاري بين البلدين، بحيث تصبح اسواق هذه الدول، كأنها سوق واحد .. وهذا الهدف لا بد ان يتم تدريجياً ، وعلى دفعات تفصل بينها فترات انتقالية، حتى لا يصاب الاقتصاد القومي بهزة عنيفة، نتيجة للتفاوت في تكاليف الانتاج ، ومستويات الاسعار في البلدين، وحتى لا تنهار صناعة الدولة التي تنتج بتكاليف أعلى .. وفي مثل هذه الحالة، فانه من البديهي ان السودان هو الذي سوف يدفع الثمن، من ماله، ومال ابنائه ، وجهدهم، وذلك بضياع ممتلكاتهم وضياع صناعتهم ، وان من شأن هذه السياسات، انتقال الاشخاص، والسلع المصرية الى السودان، ليصبح السودان سوقاً للسلع المصرية، التي تتفوق على مثيلاتها من السلع السودانية ، مما يهدد الصناعة الناشئة، التي ظلت متعثرة رغم سياسات الحماية التي تنتهجها الدولة في السودان .... وبنفس القدر، فان العامل السوداني سيهدده ضيق الفرص في سوق العمل، امام منافسه المصري، اذا فتحت ميادين العمل، بهذه الصورة المطلقة، التي وردت في الميثاق، وهو يتمتع بخبرة واسعة، ومقدرة زائدة على العمل، بالمقارنة مع العامل السوداني، مما يقود لفقدان عدد كبير من العمال " خصوصاً العمال غير المهرة " فرص العمل في وطنهم، ما لم تتخذ التدابير، والضوابط ، للحيلولة دون ذلك .... وبالمقارنة أيضاً، نجد ان الأرض في مصر تضيق على ساكنيها، بخلاف حال السودان مما دفع الى التفكير في التوسع في الأرض في السودان، حيث الأرض الشاسعة غير المستغلة ، بصورة تعرض مصالح السودان ، وحقوق اجياله، للخطر، ان نحن لم نتحوط ونضع على التملك القيود التي تحفظ حقوق السودانيين .. وقد اشارت مجلة الإهرام الاقتصادي في عددها رقم 681 الصادر في 1/2/1982م الى ذلك حيث جاء فيها ما يلي في صفحة 34 " لماذا لا نتجه الى السودان ونحاول الاستفادة من الاتفاقيات المبرمة بيننا وبينهم .. خاصة لو علمنا ان تكلفة استصلاح الفدان هناك لا تزيد على خمسة عشر جنيهاً .. في حين ان تكاليف استصلاح الفدان في مصر تزيد على هذا الرقم عشرات المرات .." كذلك جاء في نفس الصفحة ما يلي " ان التكثيف المحصولي لن يكفي وحده لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء .. بل ان التوسع الأفقي واضافة مساحات جديدة للاراضي الموجودة حالياً ضمن خطة طويلة المدى يعتبر هو الحل الجذري والأمثل لتوفير احتياجاتنا من الغذاء .. وكما تقول الأرقام فاننا نحتاج الى 4 ملايين فدان جديدة حتى توفر هذه الاحتياجات عام 2000 "

    هذا الكلام المعبر تعبيراً صريحاً، وواضحاً، عن المطامح المصرية في أرض السودان، انما جاء الميثاق منصصاً عن تعهد السودان بتحقيق هذا المطمح، حين اباح حرية التملك للمصريين، وذلك في مقابل المهارة والكفاءة الانتاجية للعامل المصري ... ونحن نعتقد ان هذه الصيغة تنطوي على اجحاف في حق السودان ، لما تنطوي عليه من تفريط في حق الأجيال القادمة !! إن المنطق المصري ، كما عبرت عنه جريدة الأهرام ، بأن تكلفة استصلاح الأرض عندهم فد تضاعفت، وان التكثيف المحصولي لن يكفي وحده لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء ، مفهوم ومقدر ، ويستوجب منا الاهتمام، ولكن ألا يكفي ان يتحقق ذلك للأخوة المصريين، عن طريق توسيع فرص الاستثمار الافقي في السودان، على اساس مشاريع مشتركة، وعقود محددة بفترات زمنية ، قابلة للتجديد مثلاً ، وبميزات خاصة لصالح الأخوة المصريين، في مضمار تقسيم عائد الاستثمار، دون ان يتقيد السودان بتمليك أرضه لهم ؟!! ألا يتصور الأخوة المصريون، ان ذلك قد يهدد مستقبل الإخاء، والعلاقات الوطيدة التاريخية، بيننا لما يحمل بين طياته، من عوامل العداء، ودوافعه التي تتفجر في المستقبل، اذا أحست الاجيال القادمة، بان خطراً يهدد أرضها من الأخوة الوافدين من مصر؟؟ هل مثل هذا التصور عندنا غريب على خصائص النفس البشرية حيث كانت؟ أم هو واقع ومعاش؟

    إنه لحق ان بلادنا في حاجة للعمال المهرة ، ولكنها ليست بهذا المستوى الذي يسوغ تمليك الأرض، وعائد الارض في آن معاً، لغير السودانيين ، أصلاً ....) ( الأخوان الجمهوريون . التكامل . نوفمبر 1982م . ص 49-52).

    هذه مواجهة الجمهوريين، لموضوع التكامل، عندما طرح في الثمانينات، بعد التداول حوله ، ووضع ميثاق له، جرى بعد حوار مكثف، بين الاطراف السودانية والمصرية . ولكن التكامل يطرح اليوم، في صورة وحدة اندماجية، او استيطان، دون وضع ميثاق، ودون حوار حول ما تم الإتفاق عليه، وكأن الشعب لا يعنيه ما سوف يحدث للأرض، او لسوق العمل، او لكافة أوجه حياة المواطنين .

    د. عمر القراي

    from sudanile 11 october 2006
                  

10-12-2008, 11:54 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    حلاقة الشنب ..

    هذا الذي يقبع بين الأنف والمدخل الأمامي للفم .. مافائدته ؟ وماهو المغزى من راء ان يكون عندك شنب ام لا .. وهل هو مربوط بقيمة معينة؟ وهل هذا الأرتباط للبعض ام للكل (لان هناك من لا يملكون هذه الخاصية) .. طيب اها .. ماذا تعني حلاقة الشنب ؟ هل هي داخلة في دائرة الخجلة ام النظافة ،ام للضرورة احكام، ام عادية ولاتشغل البال .. ولماذا الأهتمام بحلاقة شعر الراس واماكن اخر ، إلا حلاقة الشنب .. وحتى لو تجاسرت وفعلتها تصاب برشاش مابين المستحسن ومستغرب والماهميهو والمستخفف وناس وشك بقى زي (....) .. وليه دائماَ مربوطة عند البعض بالرجالة والرجالة الشديد كمان .. مرة في نقاش مع والد صديقي قال ـ لي ياولدي وهو في راجل ماعندو شنب فيه فائدة ـ
    فقلت ليهو ـ الأستاذ محمود محمد طه ـ فقم عمك سكت ولم يفصح .. فهل فعلاَ الشنب مرتبط بالفائدة ؟ وما نقطة انطلاقة مثل هذه العقلية ..
    عقلية لزوات الأشناب فائدة اكبر من زوي عدمها .. وملاحظة كل ماكبُر المقاس كل مازدات درجة الفائدة .. وياتُرى هل لنصفنا الأخر روى لهذا السيد الشنب مثار الجدل .. وماهو سر عشق السواد الأعظم منهن به لدرجة الغناء له دوناًعن اي من الشعُور(جاي من شعر) في انحاء الجسم المختلفة .. فما الذي يفعله هذا الشنب لينال كل هذا الضجيج .. حقيقة متحير ..


    محمد الجزولي


    حلاقة الشنب ! ..
                  

10-14-2008, 05:34 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    الحزب الجمهوري في السودان

    ***********************************

    التعريف :

    هو حزب سوداني أسسه محمود طه ليدعو إلى قيام حكومة فيدرالية ديمقراطية اشتراكية تحكم بالشريعة الإنسانية . ومبادئ الحزب مزيج من الأفكار الصوفية الغالية والفلسفات المختلفة مع شيء من الغموض والتعقيد المقصود بغية إخفاء كثير من الحقائق أولاً ولجذب أنظار المثقفين ثانياً .

    التأسيس وأبرز الشخصيات :

    · مؤسس هذا الحزب هو المهندس محمود طه الذي ولد عام 1911م وتخرج في جامعة الخرطوم أيام الإنجليز عندما كان اسمها ( كلية الخرطوم التذكارية ) عام 1936م.

    - يمتاز بالقدرة على المجادلة والملاحاة .

    - تعرض للسجن في الفترة الأخيرة من حياته ، ثم أفرج عنه بعد ذلك ، لكنه قاد نشاطاً محموماً فور خروجه من السجن معترضاً على تطبيق الشريعة الإسلامية في السودان ومحرضاً الجنوبيين النصارى ضدها مما أدى إلى صدور حكم بالإعدام ضده مع أربعة من أنصاره بتهمة الزندقة ومعارضة تطبيق الشريعة الإسلامية .

    - أمهل ثلاثة أيام ليتوب خلالها ، لكنه لم يتب ، وقد أعدم شنقاً صباح يوم الجمعة 27 ربيع الثاني 1405هـ الموافق 18/1/1985م وعلى مرأى من أتباعه الأربعة وهم :

    1) تاج الدين عبد الرزاق 35 سنة ، العامل بإحدى شركات صناعة النسيج .

    2) خالد بكير حمزة 22 سنة طالب بجامعة القاهرة - فرع الخرطوم .

    3) محمد صالح بشير 36 سنة مستخدم بشركة الجزيرة للتجارة .

    4) عبد اللطيف عمر 51 سنة صحفي بجريدة الصحافة . وقد أعلنوا جميعاً توبتهم بعد يومين وأنقذوا بذلك رقابهم من حبل المشنقة .

    الأفكار والمعتقدات :

    · لهذه الحركة أفكار ومعتقدات شاذة تنبو عن الحس الإسلامي وقد حدد زعيمهم الأهداف التي يسعون إليها بما يلي :

    - إيجاد الفرد البشري الحر " الذي يفكر كما يريد ، ويقول كما يفكر ويعمل كما يقول " .

    - إقامة ما يسمى بالمجتمع الصالح " وهو المجتمع الذي يقوم على المساواة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ".

    - المساواة الاقتصادية : وهي تبدأ بالاشتراكية وتتطور نحو الشيوعية ( عندما كان لها طنين ورنين وقبل سقوطها الأخير ) ولا ندري ماذا كان سيقول أتباعه بعد سقوط الشيوعية .

    - المساواة السياسية : وهي تبدأ بالديمقراطية النيابية المباشرة وتنتهي بالحرية الفردية المطلقة ، حيث يكون لكل فرد شريعته الفردية ( وهذا منتهى الفوضى ) .

    - المساواة الاجتماعية : حيث تمحى فوارق الطبقة واللون والعنصر والعقيدة .

    - محاربة الخوف .. " والخوف من حيث هو الأب الشرعي كل آفات الأخلاق ومعايب السلوك ( ويعنى هنا مخافة الله ) ولن تتم كمالات الرجولة للرجل وهو خائف ، ولا تتم كمالات الأنوثة للأنثى وهي خائفة في أي مستوى من الخوف وفي أي لون من ألوانه ، فالكمال والسلامة من الخوف " رسالة الصلاة ، ص62 .

    · نشأ الدين - حسب زعمهم - من الخوف حيث يقول : " ولما كان الإنسان الأول قد وجد نفسه في البيئة الطبيعية التي خلقه الله فيها محاطاً بالعداوات من جميع أقطاره فإنه قد سار في طريق الفكر والعمل من أجل الاحتفاظ بحياته ، وقد هداه الله بعقله وقلبه إلى تقسيم القوى التي تحيط به إلى أصدقاء وإلى أعداء ،ثم قسم الأعداء إلى أعداء يطيقهم وتنالهم قدرته ، وإلى أعداء يفوقون طوقه ويعجزون قدرته .. فأما الأعداء الذين يطيقهم وتنالهم قدرته مثل الحيوان المفترس والإنسان العدو فقد عمد في أمرهم إلى المنازلة والمصارعة ، وأما الأعداء الكبار والأصدقاء فقد هدته حيلته إلى التزلف إليهم بتقريب القرابين وبإظهار الخضوع وبالتملق ، فأما الأصدقاء فبدافع من الرجاء وأما الأعداء فبدافع من الخوف ، وبدأت من يومئذ مراسيم العبادة ونشأ الدين " رسالة الصلاة ص 31 .

    · وسيلتة إلى تحقيق هذه الأهداف تكون بالعمل على قيام حكومة في السودان ذات نظام جمهوري فيدرالي اشتراكي .

    · زعم أنه تلقى رسالة عن الله كفاحاً بدون واسطة .

    · زعم بأن الدين هو الصدأ والدنس ، وقد قام في ظل الأوهام والخرافات والأباطيل التي صحبت علمنا بالله وبحقائق الأشياء وبما يمليه علينا الواجب نحو أنفسنا ونحو الله ونحو الجماعة .

    · يقول بأن مستوى شريعة الأصول هو مستوى الرسالة الثانية من الإسلام وهي الرسالة التي وظف حياته للتبشير بها والدعوة إليها .

    · يزعم أن محمد صلى الله عليه وسلم هو وحده الإنسان في سائر أمته إذ كانت له شريعة خاصة قامت على أصول الإسلام وكانت شريعة أمته تقوم على الفروع .

    · يشير إلى أن الشيوعية تختلف عن الاشتراكية اختلاف مقدار ، فكأن الاشتراكية إنما هي طور مرحلي نحو الشيوعية ، ولقد عاش المعصوم يعني الرسول صلى الله عليه وسلم ، الشيوعية في قمتها ، كما يذكر ذلك في كتابه الرسالة الثانية ص 147 .

    · كان الجمهوريون يحرضون على خروج الأخوات الجمهوريات في تشييع الجنائز ، وإذا اضطروا للصلاة فإن المرأة الجمهورية هي التي تؤذن في حضور الرجال .

    · لا يولمون للزواج الجمهوري ، ولا يضحون في مناسبة عيد الأضحى ، مخالفة للسنة .

    · الشهادتان : يقول زعيمهم في كتاب الرسالة الثانية ص 164-165 :" فهو حين يدخل من مدخل شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله يجاهد ليرقى باتقان هذا التقليد حتى يرقى بشهادة التوحيد إلى مرتبة يتخلى فيها عن الشهادة ،ولا يرى إلا الشاهد هو المشهود ، وعندئذ يقف على الأعتاب ويخاطب كفاحاً بغير حجاب " قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون " .

    · الصلاة : الصلاة بالمعنى القريب : هي الصلاة الشرعية ذات الحركات المعروفة ،والصلاة بالمعنى البعيد : هي الصلة مع الله بلا واسطة ، أو هي صلاة الأصالة .

    · يرون بأن التكليف في مرحلة من المراحل يسقط عن الإنسان لاكتمال صلاحه ، إذ لا داعي للعبادة حينذاك . على نحو ما يقول غلاة الصوفية .

    · يقول مؤسس الحزب :" … ويومئذ لا يكون العبد مسيراً ، إنما مخير قد أطاع الله حتى أطاعه الله معارضة لفعله ، فيكون حياً حياة الله ، وقادراً قدرة الله ، ومريداً إرادة الله ، ويكون الله " - تعالى الله عما يقولون علوا كبيراً - هذا هو مذهب الصوفية في وحدة الوجود .

    · يقول رئيسهم : إن جبريل تخلف عن النبي ، وسار المعصوم بلا واسطة لحضرة الشهود الذاتي ، لأن الشهود الذاتي لا يتم بواسطة .. والنبي الذي هو جبريلنا نحن يرقى بنا إلى سدرة منتهى كل منا ، ويقف هناك كما وقف جبريل حتى يتم اللقاء بين العابد المجرد وبين الله بلا واسطة ،فيأخذ كل عابد مجرد ، من الأمة الإسلامية المقبلة شريعتة الفردية بلا واسطة فتكون له شهادته ، وتكون له صلاة وصيامه وزكاته وحجه ويكون في كل أولئك أصيلاً .

    · هناك أشياء لا يعتبرونها أصلاً من الإسلام كالزكاة والحجاب والتعدد .

    · يرى زعيمهم " بأن اللطائف تخرج من الكثائف ، وعلى هذه القاعدة المطردة فإن الإنجيل قد خرج من التوراة كما ستخرج أمة المسلمين من المؤمنين ، كما ستخرج الرسالة الأحمدية ( أي الجمهورية ) من الرسالة المحمدية ، كما سيخرج الإخوان من الأصحاب " .

    · يقول محمود طه عن القرآن الكريم : " القرآن موسيقى علوية ،هو يعلمك كل شيء ولا يعلمك شيئاً بعينه ، هو ينبه قوى الإحساس ويشحذ أدوات الحس ثم يخلي بينك وبين عالم المادة لتدركه على أسلوبك الخاص ، هذا هو القرآن ".

    · له رأي خاص في معنى التوحيد :

    - الشرك لديه : " هو الكبت الذي انقسمت به النفس الإنسانية إلى عقل واع وعقل باطن بينهما تضاد وتعارض ".

    - يبين مفهوم التوحيد من وجهة نظره بقوله : " ولا يكون الفكر مسدداً ولا مستقيماً إلا إذا أصاب نقطة التقاء الضدين العقل الواعي والباطن - هذا هو التوحيد ".

    · يقول عن الإسلام : " الإسلام في أصوله يحتوي شريعة الإنسان ، لكنه في فروعه لا يزال يحوي بعض السمات الملطفة من قانون الغابة ".

    · يعتقدون بأن الذين كانوا حول النبي هم أصحابه ، أما الأتباع الذين يتبعون الدعوة الجمهورية فهم الإخوة معتمدين في ذلك على الحديث الذي رواه ابن ماجه في كتاب الزهد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" لوددنا أنا قد رأينا إخواننا . قالوا : يا رسول الله أولسنا إخوانك ؟ قال : أنتم أصحابي ،وإخواني الذين يأتون من بعدي ،وأنا فرطكم على الحوض .. " .

    · يقول : " .. وحين يكون إنجاب الذرية هو نتيجة العلاقة الجنسية بيننا - فإن انفعال العبودية للربوبية يرفع الحجب التي أنستنا النفس التي هي أصلنا - نفس الله تبارك وتعالى - وحين يتم اللقاء بين هذين الزوجين الذات الإلهية والإنسان الكامل ( الجمهوري والجمهورية ) ينبث العلم اللدني في فيض يغمر العبد الصالح من جميع أقطاره ، ومن هذا العلم اللدني يوضع رجال ونساء ".

    - ويذكر قائلاً : " فهذا الوضع بين الذات الإلهية والإنسانية الكامل - انفعال العبودية بالربوبيه - هو الذي جاء منه بين الرجال والنساء انفعال الأنوثة بالذكورة ، هو ما يسمى بالعلاقة الجنسية ".

    - يقول أيضاً : " انفعال الأنوثة بالذكورة ، وهو ما يسمى عندنا بالعلاقة الجنسية ، وتكون ثمرتها المباشرة تعميق الحياة واجتنابها ووصلها بالله بغير حجاب ، وهذه هي ذروة اللذة ".

    · ويقول في ذات الكتاب :" وليس لله تعالى صورة فيكونها ولا نهاية فييلغها ، وإنما حظه من ذلك أن يكون مستمر التكوين بتحديد حياة فكره وحياة شعوره في كل لحظة ،وإلى ذلك تهدف العبادة ".

    الجذور الفكرية والعقدية :

    · لقد جاءت أفكار هذا الحزب مزيجاً مشوشاً مضطرباً من أديان وآراء ومذاهب كثيرة حديثة وقديمة :

    - فقد اعتمد مؤسس هذا الحزب على آراء محي الدين بن عربي في كتابه فصوص الحكم مما حمل بعض النقاد على الاعتقاد بأنهم حركة صوفية باطنية ، يضاف إلى ذلك أنهم يطلقون البخور ويرقصون في الشوارع على الأنغام الإيقاعية في حلقات الذكر الجمهوري .

    - يصدر في كثير من آرائه عن فرويد ، وداروين .

    - لعله متأثر بالنصرانية من خلال مناقشتة لفكرة الإنسان الكامل الذي سيحاسب الناس بدلاً عن الله . وقد أخذ أفكاره من كتاب الإنسان الكامل لمؤلفه عبد الكريم الجبلي .

    - اعتمد على الأفكار هم مع البهائية والقاديانية .

    - على الرغم مما سبق فإنه يصدر كتبه بالآيات القرآنية وبالأحاديث النبوية مستدلاً بهما فيما يدعو إليه ، لكن ذلك لا يضفي عليها صفة الإسلام قط بل الحقيقة أنها لون من ألوان الردة .

    الانتشار ومواقع النفوذ :

    · نشأ هذا الحزب وترعرع في السودان ، وأنصاره بلغوا بضع عشرات من الألوف ، لكن عددهم انحسر وتقلص كثيراً جداً وذلك عقب إعدام زعيمهم ، فيهم نسبة لا بأس بها من المثقفين الذين خلا فكرهم من الثقافة الإسلامية الدينية ، ومن المتوقع أن ينقرض هذا الحزب تماماً نتيجة لانتشار الصحوة الإسلامية في السودان .

    ويتضح مما سبق :

    أن الحزب الجمهوري في السودان حزب منحرف عن الإسلام عمد مؤسسه إلى إفراغ المصطلحات الإسلامية من مدلولاتها الشرعية ووظف حياته لهدم الإسلام وتحريف أصوله وسلك طريقاً ينأى بأتباعه عن الدين الصحيح بتلبيس الحق بالباطل مستفيداً من أفكاره ومستعيناً بمصادر أخرى غير إسلامية من الفلسفات الإغريقية وتابع غلاة الصوفية في المناداة بوحدة الوجود وألبسها طابعاً علمياً لتجد سبيلها إلى نفوس الشباب وبعض المنبهرين ببريق العلم ، وانتهى أمره بأن غالى فيه أتباعه واعتقدوه المسيح المنتظر وأقرهم على ذلك ولم يعترض عليه . ولقد أراح الله المجتمع السوداني من شروره بعد أن استفحل أمره وأنقذ بإعدامه آلاف الشباب الأغرار وأنصاف المثقفين من فتنته .


    http://www.alfalaq.com/sam/sam81.htm
                  

10-14-2008, 05:37 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    عفوا....... لن أتزوج سودانيا
    سارة محمد الحسن


    البداية:
    هناك صفات كثيرة جدا يتصف بها الرجل السوداني، وهي نتاج لتأثير البيئة والثقافة المجتمعية وعوامل كثيرة أخري، أنا شخصيا غير معجبة بصفات كثيرة منها، احببت فقط أن ألفت أنظار الرجال هنا في المنتدي اليها، ومنذ البداية اتمني من الجميع عدم الزعل من هذا الموضوع، فنحن ننقد في صفات لا في ذات.................
    وقبل أن أبدأ أعلن احترامي وتقديري للرجل السوداني علي مر الحقب والعصور ويكفي السودان فخرا أن الأستاذ محمود محمد طه أحد أبنائه العظماء، وأشك جدا في أن يأتي السودان برجل مثله، عموما أنا ضد التجارب غير القابلة للنقد و للتكرار، ولكن لأن الأستاذ كان ومازال وسيظل شخصية أسطورية قدم للتاريخ الكثير، وستظل الأجيال ترتوي مما تركه الي الأبد...................

    http://www.nubian-forum.com/vb/showthread.php?t=5579
                  

10-14-2008, 05:43 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)




    هل يوم الحساب اتى ام صدق محمود محمدطه


    الاستيلاء بالقوة على الحكم وانتهاك حرمات الناس واعراضهم باسم الدين

    التامرمع عسكرين لقلب نظام الحكم او الدمقراطية الثالثه بالرغم نها دكتاتورية ولكن يوجد يها نفس

    فر ض الاقامة الجبرية على عدد من قادة الاحزاب ومصادرة امولهم وممتلكاتهم لصالح الانقلابين

    لم تظهر الحزبية فى بداية الانقلاب خشية اسقاطها ووئدها ومحصارتها وقتلها

    بعد ان تم المراد انقلبوا 350 درجة فى كل حلافائهم واصحابهم ورفقائهم وكان الكان

    القيام باعدام 28 ضابط عظيم من ضباط الجيش فى يوم 27 رمضان يوم نزول ليلة القدر

    اعدموا 28 ضابط واولادهم على حبل الحداد دائما وزوجاتهم البعض حبلات والاخريات على وشك الوضوع

    اظنكم تعرفوا قصة زوجة الرائد رقم 27 والكلمة التى قالتها لكلاب النارفى حق زوجها سوف نوردها فى مقال كامل

    ماذا قال اللواء الكدرو للصحفى محمد طه محمد احمد فى حوارات قصيرة وهل نبؤة اللواء تحققت

    تفتح الراديو والتلفزيون والصحف كلمة واحدة تسمعها اوكامبو اظن ان الخواجات اغتنعوا ان هذا النظام ميؤس منه ولابد من البديل

    كم من ابناء السودان قتلوا واعدموا وتعزبوا وترمدوا باسم الاسلام والاسلام براء من الجاهلين كلاب النار

    اليوم السادس من رمضان 2008هل نشهد غضب الله والملائكةواهالى الشهداء واسرهم

    وهل ياكل اهل الانقاذ كل يوماللحم العفن والعصائر كانها دماء رائبه ومخلوطة بالصديد النتن المتخمر

    سوف يكون المقال الاخر عن عدد الذين واسماء الذين قتلوا واعدموا فى حقبة الانقاذ الذى سوف تذهب غير ماسوف عليها


    http://yassirsolo.maktoobblog.com
                  

10-14-2008, 05:47 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    فضائح الصوفية

    عبدالرحمن عبدالخالق

    على كتاب (القرآن محاولة لتفسير عصري. لمؤلفه مصطفى محمود) أو الكتب التي ألفها محمود محمد طه السوداني صاحب ما يسمى بالحزب الجمهوري السوداني يطلعك على هذه النماذج العجيبة التي تأثرت بالفكر الصوفي وخرجت على المسلمين بتأويلات باطنية للقرآن والحديث… واليك بعض النماذج في ذلك:

    * المحاولة العصرية لتفسير القرآن التي كتبها الدكتور مصطفى محمود على صفحات صباح الخير المصرية، ثم جمعها في رسالة لعنوان "القرآن محاولة لفهم عصري للقرآن" كانت محاولة صوفية حديثة لتفسير القرآن وهي محاولة فجة في إطار الفكر الصوفي كما سماها بذلك محمود محمد طه الأستاذ الذي نقل عنه الدكتور في كتابه فقد قال مادحا له ناقلاً عنه: "وأعجبني في كتاب للمفكر الإسلامي محمود طه بعنوان "رسالة الصلاة" تعبير جميل يقول فيه: إن الله استل آدم استلالاً من الماء والطين. "ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين" إنه الانبثاق من الطينة درجة درجة، وخطوة خطوة، من الاميبا إلى الإسفنج إلى الحيوانات الرخوية إلى الحيوانات القشرية إلى الفقريات إلى الأسماك إلى الزواحف إلى الطيور إلى الثدييات إلى أعلى رتبة آدمية بفضل الله وهديه وإرشاده" (ص53 المحاولة).

    وهذا المفكر الإسلامي على حد تعبير الدكتور مصطفى محمود مهندس زراعي سوداني درس التصوف ووصل إلي القول بسقوط التكاليف عنه لأنه وصل إلى مرحلة اليقين وله كتاب الصلاة الذي نقل عنه الدكتور مصطفى محمود وكتب أخرى، وله كتاب في الرد على المحاولة العصرية بتفسير القرآن.

    ومما أعجب الدكتور في كتاب الصلاة لمحمود محمد طه ما نقلناه بنصه آنفاً، وهو إقحام عجيب لخلق آدم عليه السلام في نظرية دارون التي انحسر الإيمان بها إلا من عقول أولئك الذي يجمعون من كل فكر غث يفسرون به كلام الله عز وجل زاعمين انهم وصلوا إلى هذا بالكشف والمجاهدة، وما هو إلا نقل لثقافات الكفرة والملحدين ثم حمل آيات الكتاب الكريم عليها.

    وأما الدليل على أن المحاولة العصرية لتفسير القرآن وتأويله ينطلق من إطار الفكر الصوفي فهي هذه النقول من كتاب الدكتور مصطفى محمود عن القرآن:

    أ- كتب الدكتور مصطفى محمود فصلاً كاملاً بعنوان "أسماء الله" جعل المعرفة الصحيحة السليمة لمعاني الرب والإله هي التي توصل إليها المتصوفة قال: "والمتصوفة يقولون انه يبعد عن إدراكنا لفرط قربه ويخفى علينا لفرط ظهوره" ص99.

    ثم يسترسل في مدح الفكر الصوفي: "وهم يطلبون القرب من الله حباً، وليس خوفاً من النار، أو طلباً لجنة، ويقولون إنه في هجرة دائمة إلى الله من الأكوان إلى المكون" ص101.

    ثم يقول: "والمتصوفة أهل أطوار وأحوال ولهم آراء طريفة لها عمقها، ودلالتها، فهم يقولون إن المعصية تكون افضل أحيانا من الطاعة، فرب معصية تؤدي إلى الرهبة من الله والى الذل والانكسار، وطاعة تؤدي إلى الخيلاء والاغترار وهكذا يصبح العاصي أكثر قرباً وأدباً مع الله من المطيع" ص101.

    ثم يقول: "والمتصوف واليوجي والراهب كلهم على درب واحد، وأصحاب منطق واحد وأسلوب واحد في الحياة هو الزهد" ص101.

    ثم يقول أيضاً: "واليوجي والراهب والصوفي المسلم يطلبون القرب والوصل بنفس الأسلوب بالتسابيح فيدعون الله بأسمائه "ولله الأسماء الحسنى يدعوه بها" وهناك يوجا خاصة بالتسابيح اسمها "المانترايوجا" من كلمة "منترام" الهندية أي تسبيحة، ومن التسابيح السنكريتية أن يتلو اليوجي في خشوع كلمة "رهيم، رهام" آلاف المرات وهي كلمات تقابل رحيم.. رحمن عندنا وهي من اسماء الله بالسنسكريتية ويضع اليوجي في عنقه مسابح طويلة من ألف حبة"!!

    ثم يسترسل الدكتور مصطفى محمود في الإشادة بمنهج التصوف وفهم المتصوفة للإسلام فيقول: "والتصوف إدراك عن طريق المدارك العالية، والمتصوف عارف" ص103.

    ثم يجري خلف المتصوفة في تطويع الآيات القرآنية إلى تفسيرهم الباطني فيقول: "وفي بعض أخبار داود أنه قال: "يا رب أين أجدك؟ فقال: "اترك نفسك وتعال.. غب عني تجدني". وفي هذا يفسر بعض المتصوفة كلام الله لموسى في القرآن": (فاخلع نعليك انك بالوادي المقدس طوى ) أن المقصود بالنعلين هي النفس والجسد، أو النفس وملذات الجسد، فلا لقاء بالله إلا بعد أن يخلع الإنسان النعلين: نفسه وجسده بالموت أو بالزهد" ص104.

    ثم يسترسل الدكتور فيقول:" والمتصوف لا يسأل.. وهو يمرض فلا يسأل الله الشفاء ويقول في أدب.. كيف أجعل لنفسي إرادة إلى جانب إرادة الله فأسأله ما لم يفعل" ص105.

    ثم يفسر قوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) إن معناها ما خلقت الجن والإنس إلا ليعرفون.

    ثم يقول في ختام هذا الفصل الصوفي: "هؤلاء هم أهل السر القرب والشهود الأولياء الصالحون حقاً" ص109.

    فما أثر هذا المنهج الصوفي الذي اختطه الدكتور لنفسه، وكيف كان نتاج هذا الفكر عند الدكتور؟

    لقد تصدى الدكتور مصطفى محمود لتأويل القرآن وتفسيره فبماذا طلع على الناس، وما الفهم العصري لكتاب رب العالمين عز وجل ؟ هناك نماذج مما وصل إليه فهم الدكتور المفسر:

    أ- اجتهد الدكتور على حد تعبيره في معرفة الشجرة التي أكل منها آدم فعصى الله تبارك وتعالى وأوصله (اجتهاده) إلى ما يأتي بالنص:

    "كان التلاقح الجنسي والشجرة المحرمة التي أكلت منها الحياة فهوت إلى العدم " … "وكان الشيطان يعلم أن شجرة النسل هي إيذان ببدء الموت والطرد من جنة الخالدين فكذب على آدم فسول له أنها شجرة الخلود بعينها، وأغراه بأن يخالط زوجه بالجسد" ص62.

    ثم لا يكتفي الدكتور بذلك بل يجزم أن حواء أيضاً حملت في أثناء هذا اللقاء حيث يقول:

    "ثم نرى القرآن يخاطبها بعد تذوق الشجرة على أنهما جمع فيقول ( اهبطوا بعضكم لبعض عدو) بينما كان الخطاب في نفس الآيات قبل الخطيئة إلى مثنى، ومعنى هذا أن الأكل من الشجرة أدى إلى التكاثر" ص62.

    ثم يقول الدكتور بعد كل هذا الهذيان "ولا يمكننا القطع في هذه المسائل، ويجب أن نقول أن الشجرة ما زالت لغزاً، وأن قصة الخلق ما زالت من أمر الغيب لا نستطيع أن نقول فيها أكثر من الاجتهاد، والله أعلم بكتابه وهو وحده الذي يعلم تأويل ما فيه".

    قلت: كيف وقد قطعت وفسرت بما يحلو لك آنفاً وتقولت على الله وعلى كتابه بغير علم ولا هدى.. وزعمت كل الذي زعمت في معاني القرآن بما يوافق هواك ورأيك..

    والعجيب حقاً أن مصطفى محمود نفسه يهاجم البهائية الذين يعمدون إلى التأويل الباطني للقرآن فيقول: "وهو أمر يكشف خطورة التفسير الباطني للقرآن، وخطورة إغفال ظاهر الحروف، ومقتضى الكلمات والعبارات، وكيف يمكن أن يؤدي أمثال هذه التفاسير إلى اقتلاع الدين من أساسه، وهو ما كانت تلجأ إليه بالفعل فرق الخوارج والأثنا عشرية والباطنية والبابية لتطويع القرآن لأغراضها في هدم بعضها البعض".

    ثم يستطرد قائلاً: "وهذا ينتهي بنا إلى موقف في التفسير لا بد من التزامه، وهو الارتباط بحرفية العبارة، ومدلول الكلمات الظاهر، لا تنتقل إلى تأويل باطني إلا بإشارة وإلهام من الكلمات القرآنية ذاتها فنفسر القرآن بالقرآن ظاهراً وباطناً على أن لا يتعارض تفسيرنا الباطن مع مدلول الظاهر أو يكون نافياً له" أهـ (محاولة تفسير عصري ص122-123)

    والعجيب حقاً أن مصطفى محمود بالرغم من كل ما قاله عن خطورة التأويل الباطني قد فتح لنفسه هو المجال ليقول حسب هواه، فقد جعل الجنة والنار كليهما عذاباً ونعيماً معنوياً وليس شيئاً حقيقياً حسياً وقال أنا أكره العسل، ومنذ سمعت أن في الجنة أنهار عسل تقززت نفسي!!. وجعل يأجوج ومأجوج هم شعب الصين، وجعل الدجال المذكور في الحديث هو العلم العصري لأنه ينظر بعين واحدة إلى الدنيا فقط.. وجعل لباس البحر للنساء لباساً أوجدته الضرورة والتفكر في خلق الله… وهذه فقط بعض تأويلاته… وأما أستاذه الذي نقل عنه وهو محمد محمود طه السوداني فهذا الذي وصلت به التأويلات الى إسقاط الشريعة عن نفسه فهو لا يصلي لأنه وصل منزلة الله!! وقد وجـد بتأويلاته أن الاشتراكيـة في القــرآن بأن الله

    يقول (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) والعفو هي الزيادة في زعمه عن الحاجة الضرورية وهذا يعني عنده أنه لا يجوز الإدخار ويجب إنفاق كل الكسب الزائد… وبالرغم من كل هذه الخزعبلات والخرافات فقد وجد مثل هذا الفكر رواجاً وقد ناقشت بنفسي أعداداً كبيرة من هذا الذي يسمونه بالحزب الجمهوري في السودان… ويعجب القارئ إذا علم أن مثل هذا الفكر الباطني قد انتحله أساتذة جامعات ومحامون ومدرسون وطلاب… وأنهم يدافعون عن هذا الفكر باستماتة عجيبة. فأي خطورة أعظم من مثل هذا؟

    http://saedhost.host.sk/books/sof.doc.
                  

10-15-2008, 01:56 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)



    الأخوين الكريمين صلاح كشة ومبارك عثمان الخليفة،

    تحيـة طيبـة، وما أن قرأت اسـم الشيـخ أمان، والقضارف، حتى تذكرت الشيـخ الرياضى الوقور!
    شيـخ أمان رحمـه الله. فلم أره فى القضارف، حيث لم أقم بزيارة تلك المدينة إلا مرة واحدة
    ولأيام قلائل، ولكن الشيـخ كان يزور الأستـاذ محمـود محمـد طـه، فى السبعينـات، فى منزله فى
    مدينة المهديـة.. ويدعو الناس لممارسـة الرياضـة، وكان يقول بالحرف، للأستـاذ محمـود:
    يا محمـود، المؤمن القوى خيـر من المؤمن الضعيف.
    وكان فعلا منظراً نادرا أن ترى شيخـا فى السبعينات بلحيـة بيضاء طويلة، ويلبس ملابس الرياضة.

    رحم الله العم الفاضل شيـخ أمان وجعل الجنـة مثواه، وأكرمكمـا بذكره هنا.


    الاستاذ/ مبارك عثمان الخليفة يكتب من القضارف عن الشيخ أمان
                  

10-15-2008, 02:22 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    متابعات و مراجعات





    مصطفي عبد العزيز البطل

    [email protected]





    سنسر، يُسنسر، سنسرة



    لفظة ( سنسرة ) من الألفاظ المتداولة في الحقل الصحفي، و قد تم توليدها توليداً مباشراً من الكلمة الأجنبية ( سنسرشب)، و تعني الرقابة على المطبوعات، سواء بمعناها الشمولي المتمثل في رقابة الحكومة على النشر، مما يُمارس فى ظل الأنظمة الشمولية، أو بمعناها الاحترافي المهني المعبّر عنه فى حق رئيس تحرير أى مطبوعة فى مباشرة الرقابة الذاتية على المواد التى تجد طريقها للطبع، بحيث يستوثق من أستجابة المواد للمعايير المتعارف عليها فى النشر، و هو حق ثابت و أصيل يتصل إتصالاً مباشراً بمصفوفة من المسئوليات والإلتزامات المهنية والقانونية والأخلاقية. و على الرغم من ذلك فقد كنت قد إشترطت على رئيس تحرير ( الأحداث ) ألا يشطب أو يبدّل أو يعيد صياغة كلمة واحدة من كلمات مقالاتى، مهما كانت الظروف و الضغوط. فإذا حزَب الأمر و استحكم فإن عليه أن يردَّ المقال كله إليّ و لا ينشره. و أعلم أن صديقنا عادل الباز قد عانى من ذلك الشرط ما عانى، و مع ذلك فقد إلتزم بروحه و نصه، فهو يعلم أنني - كما يقولون في عاميتنا السودانية ( متلكّك ) و ( متحيّل )، و في الفصحى ( متمحّك )، بمعنى أننى أبحث عن سبب أو ذريعة للتوقف عن الكتابة. الاستثناء الوحيد كان عندما لاحظت تغييراً في عنوان مادة كتبتها فى 9 أبريل الماضي بعنوان ( الأنبياء الكذبة ) وجهت فيه جملة إنتقادات الى العميد (م) عبد العزيز خالد أحد مؤسسى تنظيم قوات التحالف السودانية المنحل، فقد استبدل عادل ذلك العنوان في نسخة الصحيفة الورقية من وراء ظهرى بعنوان آخر " أخف وطأة "! ثم زاد على ذلك فحذف سطرين من متن المقال. و قد آثرت عندما لاحظت ذلك التبديل والحذف أن أتجاهل الأمر، و مضيت فى حال سبيلي و كأنني لم ألحظه أو أعرف به أبتداءً. و كان الدافع الرئيس وراء ذلك الموقف هو إدراكي واستشعاري لطبيعة الحرج و المعاناة التى مرّ بها عادل بسبب ذلك المقال، فالرجل تربطه – منذ عهد رئاسته لتحرير ( الصحافة ) - صلات معزّة ومودة واشجة مع العميد عبد العزيز و إبنته الكاتبة اللامعة غادة عبد العزيز خالد.



    و لكن ذلك التجاوز الاستثنائي من جانبي عن ( سنسرة ) الأستاذ عادل الباز لا ينبغي له أن يمتد لينطبق على ( سنسرة ) الاستاذ عثمان فضل الله، الذى يتولى رئاسة التحرير بالإنابة في غياب عادل المتطاول بين ماليزيا و بريطانيا و تركيا و مصر. و كنت قد سألت عادل عندما هاتفنى من كوالالمبور عن ( الأحداث ) و ما يكون من أمر إدارتها في غيابه، فرد بثقة مفرطة في غلوائها: ( يا زول الجريدة أنا خليت فيها بي وراي رجال ياكلوا النار )! و يبدو أن هؤلاء الرجال الأفذاذ، الذين يأكلون النار، قد قرروا أن يأكلوا فى أول ما يأكلون، بعد سفر كبيرهم الذى علمهم الأكل، سطوراً من مقالي الأسبوعي يوم الأربعاء الماضية. وقد جاء فى إحدى فقرات المقال بعد أن " أكل " عثمان جزءًا منه ثم قام بإعادة صياغته: ( و أذكر أن حمار الشيخ محمد قد وقف، غير مرة، عند عقبات مستحكمة، لا سيّما عندما وجد في بعض الوثائق الأمريكية عبارات و أوصاف تمُجها الفطرة السليمة و يأباها الخلق القويم، كنعت الدبلوماسيين و الإستخباريين الأمريكان لبعض القادة السودانيين البارزين بالشذوذ الجنسى، و ما عكسته الوثائق من تورط أثيم فى تحليل شخصيات بعض هؤلاء القادة باستخدام معايير عرقية واجتماعية مسيئة، من قبيل قولهم أن سياسياً معيناً يُعاني عقداً نفسية بسبب ظروف خاصة به! ). و ربما يلاحظ القارئ المدقق أن الصلة شبه منعدمة فى الجزئية الأخيرة بين عبارة التقديم: ( إستخدام معايير عرقية مسيئة ) و النتيجة المتمثلة فى أن السياسى الوارد فى المثال يعاني ( ظروف خاصة به ). وهذه هى الجزئية التى عدلها عثمان بعد أن حذف بعض الكلمات الواردة في النص الأصلي. و أستطيع بطبيعة الحال أن أتصور محنة رئيس التحرير بالإنابة مع تلك الكلمات و مثيلاتها التي آثر حذفها و الدوافع النبيلة التي حدت به للتدخل و إعادة الصياغة. غير أني لا أشاطر عثمان و زمرته من ( أكلة النار ) رأيهم فى حجب الكلمات و العبارات التى أستخدمها الدبلوماسيون و الإستخباريون الامريكيون فى وثائقهم، أو سكب بعض الماء عليها، بحيث يبهت لونها و تغيم معالمها و يسهل إستيعابها و تجاوزها، على أساس أنها تلمس أوتارا حساسة فى عصب المجتمع. و أكاد أظن أن مثل هذا النهج – على الرغم من سلامة طويته – يستبطن روح الوصاية على القارئ، بحيث يكون القرار بشأن حقه فى المعرفة و مدى و نطاق إطلاعه على الوثائق محكوماً بإرادة القائمين على أمر الصحف، إن شاءوا حجبوا المعلومة تماما عن عيونه، و أن أرادوا غبّشوها و طمسوا معالمها وقدموها له في خلقة جديدة، و أن بدا لهم غير ذلك خلّوا بينه و بينها. و في ذلك إفتئات و شبهة إستعلاء على القارئ السودانى، الذى تشخص الشواهد على أنه من أكثر القراء ذكاءً ووعيا و بصارة و قدرة على التمييز. يا أكلة النار: أرفعوا وصايتكم عن الناس!



    بين التسرّى و الإسراء



    كتبت بتاريخ الاربعاء 27 أغسطس الماضى مقالا قصيرا بعنوان ( كلام لا يصلح للنشر ) تعليقا على مقال آخر للسفير الدكتور خالد محمد فرح. و كان مدار التعليق أبيات لإحدى الشاعرات السودانيات تمدح أحد الأولياء بكسلا، يُرجّح السفير أن يكون السيد الحسن الميرغنى، و قد جاء فى الأبيات: ( مرحبتين حباب الغوث / الساكن جبال اللوس / هو في كسلا ومتسرِّي في الفردوس ). و قد وصلتنى العديد من الرسائل تعقيبا على ذلك المقال، لفتت نظرى من بينها رسالة من الصديق العزيز الدكتور عبد الله عثمان من ولاية أوهايو، يعبر فيها عن رأي مخالف لما ذهبت إليه ( إجتهادا مع الصديقين الآخرين و الأديبين المعروفين عبد المنعم عجب الفيا و خالد أحمد بابكر ). يقول عبد الله:



    ( إستوقفنى ما كتبت عن " متسرّى في الفردوس "، وقد وجدت لإجتهاد صديقى عبد المنعم عجب الفيا وجها قد تعطيه اللغة، ولكن هناك أيضا وجه قد لا تعطيه اللغة بمفهومها " الإكلينيكى " التشريحى، إلا إذا ما غاص المرء عميقا فى سراديب " مخارجات " اللغة. و قد قصدت " مخارجات " هذه بدلا عن " تخاريج "، إذ في اللغة العامية السودانية قد يصلح أن تقول " فلان متعشى " و " فلان مقيل ". و فى لغة " حناكيش " الجامعات قد تجد على ذات الوزن " مدبرس " و " متنشن " و " مربّت "، و جميعها مما لا يُسند فى أوزان الخليل إبن أحمد الفراهيدى. " متسرى في الفردوس " قطعا لا علاقة لها بالتسرى الذى ذهب اليه صديقاك – عبد المنعم و خالد - ففى أدبيات الختمية الكثير عن " متسرى فى الفردوس "، و هو الترحال ليلا، و تحديدا يقصدون واقعة الإسراء و المعراج المعروفة. و لعل من أشهر قصائدهم فى هذا الشأن، مما قد أنشده معنا صديقنا عجب الفيا نفسه: ( ألم تر أن الله أسرى بعبده من المسجد الأقصى الى السدرة العليا ). و غير ذلك كثير. ثم أن القرينة المكانية " جبال الألوس "، ثم كسلا، ثم الفردوس تعضد أمر الإسراء هذا و ليس التسرى. و أزعم أنى كثير الإطلاع على أدبيات الختمية، ليس لكونى متحدرا من أسرة ختمية فحسب، و إنما لشديد إهتمام الجمهوريين بأدبيات الختمية ( يزور الجمهوريون الآن ضريح السيد على الميرغنى زيارة جماعية فى أول كل سبت من كل شهر ). أقول على كثرة إطلاعى على أدبياتهم، لم أجدهم إطلاقا يشيرون لموضوع " التسرى " فى المعنى الذى ذهبتم اليه تصريحا أو تلميحا، و لكنهم مطنبون في ذكر " الإسراء " تأسيا بجد شيخهم و شيخنا. ولك و لحبيبنا عبد المنعم عجب الفيا كل التحايا و الإجلال ). إنتهت رسالة الصديق د. عبد الله عثمان و عليها أشكره.



    و في الواقع فإن حديثنا الأول لم يكن القصد من ورائه شرح و تفسير البيت الشعرى الذى جادت به قريحة مادحة السيد الحسن الميرغنى، بل كان محوره الأصل اللغوى لكلمة ( سرّية ) المتداولة فى العامية السودانية. و قد ثبت لنا أنها مفردة عربية فصيحة. أما أذا صوبنا النظر الى شرح مفردة ( متسرّى ) الواردة فى البيت، فإننى – و بالرغم من أن وجدانى يجنح الى بعض تحفظ سأعرض له – لا أجد إشكالا كبيرا في الإتفاق مع عبد الله فى أن المقصود هنا هو الإسراء في المعنى القرآنى، و ليس التسرى فى المعنى السودانى، كون ( الغوث ) هو مقام شهود صوفى كبير. ثم أن قول الشاعرة ( هو في كسلا و متسرى فى الفردوس ) يشير بوضوح الى وجود الممدوح فى مكانين فى وقت واحد، فبينما يظل ( السيد الحسن الميرغنى ) جالسا في كسلا، نجده في ذات الوقت قد أسرى به إلى مقام شهود ولائى. و هنا يكون المعنى أقرب إلى الأسراء الوارد في القرآن. و ذلك على الرغم من أنه من الوجهة اللغوية يظل الإحتمال قائما فى أن يكون التسرى – حتى في هذه الحالة - بمثابة إتخاذ الجوارى أو الحور العين الموعود بهن في الجنان. المعضلة الوحيدة التى تَشْكِلُ على تفكيرى هنا هو أن الإسراء، في زعمى – و هو زعم يقبل المراجعة - ممارسة محدودة النطاق تخص الذات المحمدية فى تواصلها مع الذات الإلهية. و فكرة أن شيوخ الطائفة الختمية، أو أى طائفة دينية أخرى، يمكن أن تنسحب عليهم تجربة الإسراء والمعراج، سواء فى الشهود أو في المجاز، تبدو لى فكرة شاطحة بعض الشئ. فإذا زال هذا الإشكال و تبين أن الأمر وارد، لا مشاحة فيه، فحبا و كرامة و على بركة الله. و لأن هناك جزئية واحدة فى القضية كلها هى التى تشغل بالى – و بال كثير من المهتمين بالشأن العام – و هى غياب مولانا السيد محمد عثمان الميرغنى عن البلاد، الذى كاد يصل الى عقدين كاملين من الزمان، فقد وقع تفسير صديقنا عبد الله من ذهنى أحسن الوقع، إذ أنه، فضلا عن عطائه الأصلى، يقدم لنا فى ذات الوقت أداة فاعلة و ناجعة لإستنتاج سر غياب الميرغنى الطويل. و هو أن مولانا ربما كان خلال العقدين الماضيين ( متسرّيا ) في الفردوس، بالمعنى الأول، أو المعنى الثانى، أو المعنيين معا !



    الإلتباسات فى قضية المنظمات



    في عدد الجمعة الماضى نشرت ( الأحداث ) مقالا لمحررها المتميز الأستاذ حمزة بلول بعنوان ( المنظمات: صراع مبادئ أم أرقام؟ ). و قد نسب الكاتب الى المقالين الذين كتبتهما خلال الشهر الماضى، في هذه الزاوية، عن منظمات حقوق الإنسان، أنهما شكلا ما أسماه ( ضربة البداية في ملف المنظمات المتشابك ). و لا أجد من جانبى ما أقوله في صدد هذا الوصف غير ما قاله الحزب الشيوعى في أمر إنقلاب 19 يوليو 1971: ( تهمة لا نردّها و شرف لا ندعيه )! غير أن حمزة مضى قدما فنسب إلىّ أيضا أننى رويت في واحدة من المقالين عن إتصال هاتفى جمعنى بالدكتور صلاح بندر على نحو يوحى للقارئ بأن ذلك الإتصال كان بمثابة حجر الزاوية الذى منه إنطلقت ملاحظاتى و أنتقاداتى لأداء المنظمات و أساليب عملها، أذ كتب حمزة: ( روى عن إتصال هاتفى جمعه برئيس مجلس أمناء المنظمة صلاح البندر الذى أوضح له إمتلاكه لمعلومات عن فساد له علاقات بمنظمات شريكة لمنظمته مما حفز البطل .... ). و هذا ( شرف ) أردّه على عقبيه و أنكره تماما! والواقع أنه لم يسبق لى التعرف على الأخ الكريم الدكتور صلاح بندر ألا بعد نشر المقال الأول تحت عنوان: ( دافعوا عن حقوق الإنسان و لكن بالأصول )، الذى وردت فيه – ضمن موضوعات أخرى – أشارات و انتقادات للدكتور بندر و أدائه الشخصى، و أداء المنظمة التى يقف على رأسها بوجه عام. و قد بادر بندر بالإتصال بى الكترونيا و هاتفيا عقب نشر المقال الذى ورد فيه إسمه و صفته و الملاحظات على أدائه و إداء منظمته، ليوضح وجهة نظره المعاكسة و يزودنى ببعض البيانات و الإحصائيات، و ذلك فى مقام الرد و التعقيب على ما جاء في المقال الأول. و قد قمت بتلخيص الإفادات و البيانات المعبرة عن وجهة نظره و نشرها، ضمن مقال الإسبوع التالى، مشفوعة بتعليقى عليها، وذلك إتساقا مع مقتضيات قانون الصحافة و المطبوعات، و إنسجاما مع الأعراف المستقرة في العمل الصحفى، التى تكفل حق الرد المتكافئ للشخصية الحقيقية أو الإعتبارية التى إستهدفها النقد. و ما كنت لأحفل بمثل هذا الإلتباس الطفيف العابر في صياغة حمزة لمادته المنشورة، لولا أننى لاحظت من مطالعتى للعديد من الرسائل، التى تدفقت على بريدى الإلكترونى، أن بعضا من مُرسليها، ممن لا يطيقون صبرا على القراءة المتأنية والتثبّت، بل يتخطفون الكلام تخطفا، كتبوا الىّ مغاضبين يأخذون علىّ أننى، كما عبّر أحدهم ( سلمت أذنى ) الى البندر ووضعت زاويتى الاسبوعية في خدمة أجندته!



    لإلياس فتح الرحمن:



    عيناك .. يا تمكّن الذى خلق

    مقاعد الصحاب حين يستوى الأرق

    و سكتى الى هجاء من أناخ عيسه

    ولان ... و ارتزق



    لهاشم صديق:



    سقطت كتير

    حاجات جميلة

    وسط العدم فضلت حقيقة

    بس عيونك

    و الموسيقى



    عن صحيفة ( الاحداث )


    http://sacdo.com/web/forum/forum_posts.asp?TID=4285
                  

10-20-2008, 06:41 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    ابراهيم يرد بعنف. حرب لا تهدأ وحوار خاطف..مستشار العدل والمساواة جبريل

    حركتنا لا تمتّ إلى المؤتمر الشعبي بصلة، و إذا جاز لعلي عثمان، و هو من هو،مفارقة الدكتور الترابي فذلك جائز لغيره من باب أولى مستعدون لتسليم أي مسئول في الحركة ان شملته قائمة اوكامبو. محاكمات الخرطوم غير دستورية و مخالفة للمعاهدات الدولية في شأن الأسرى ووسننتقم ان قتلوا أسرانا .

    لا شروط مسبقة للتفاوض مع الحكومة .. والبشير لم يطرح مبادرة محددة المعالم.

    دكتور نافع متعجرف ولكنه متخذ قرار .
    *اتهم الاستاذ على عثمان نائب رئيس الجمهورية حزب المؤتمر الشعبى بأنه وراء حريق دارفور ..وان كوادره تتحمل وزر المأساة اهل دارفور .. انتم كنتم من وراء حسن الترابى فى الحركة الاسلامية ؟.

    - نعم؛ كان بعضنا عضواً فى الحركة الاسلامية التى يتزعمها الشيخ حسن الترابى ، و كان على عثمان الرجل الثانى فيها،ومع ذلك استطاع ان يخرج من عباءة الشيخ ،ويختلف معه ويعتقله ويكيل له الاتهامات ، اذاً من حقنا و حق غيرنا الخروج و يكون ذلك الخروج صحيحاً لا افتعالاً ، وحركتنا الان تضم فى صفوفها كل الوان الطيف السياسى فى السودان ، بيننا من كان شيوعيا ومن له ارتباط سابق بحزب الامة وغير ذلك من الأحزاب والكيانات، خلعنا رداء الانتماء الحزبى وانخرطنا فى حركة العدل والمساواة لاحساسنا ان الاحزاب التاريخية عاجزة عن انتشال السودان من وهدته و أن لكل منها كفل فيما آل إليه الحال في دارفور و سائر أقاليم السودان المهمشة.أما صراعات الوطني و الشعبي و محاولات تصفية الحسابات بينهما فلا تعنينا في شيء على الاطلاق إلا في حدود تأثيرها على الحريات العامة و استخدام فرية العلاقة مع المؤتمر الشعبي ذريعة لاعتقال أعضاء الحركة و تعذيبهم.

    مقاطعا ) الصف القيادى الاول فى العدل والمساواة كله من كوادر الحركة الاسلامية لماذا ذلك ؟ .
    - ليس صحيحاً أن كل الصف القيادي في الحركة كانوا أعضاءً في الحركة الإسلامية في السابق فالمسئول السياسي في الحركة و كبير مفاوضيه لم ينتم إلى الحركة الإسلامية و أمين التخطيط و التدريب قريب عهد بالحزب الشيوعي و رئيس المؤتمر العام من تلاميذ الأستاذ محمود محمد طه و هكذا.. و لكن الصحيح أن من بين قياداتنا من كانوا في الحركة الإسلامية ثم تفرقت الحركة أيدي سبأ و ذهب كل في دربه. و كما اختار بعضنا حركة العدل و المساواة اختار البعض الآخر دروب شتى من بينها حركة تحرير السودان و من بين الذين التحقوا بالأخيرة المهندس سليمان جاموس و الأستاذ عبدالله يحيى كما اختار بعض الكوادر الأمنية ممن يحسبون على الحركة الإسلامية اللحاق بهم و مع ذلك لم يقل أحد أن حركة تحرير السودان جناح للمؤتمر الشعبي أو الوطني! كل واحد يذهب مع خياراته ، وصفنا بأننا دمية يحركها المؤتمر الشعبى استهانة بقدراتنا ومقدراتنا .

    تتوقع بعض المصادر ، وتقول بعض التحليلات ان قائمة مدعى المحكمة الجنائية قد تشمل الدكتور خليل ابراهيم ، ماذا انتم فاعلون ؟.

    - نحن حركة منضبطة لم ولن نرتكب اى انتهاكات فى مجال حقوق الانسان ، نحن تحكمنا قيم الاسلام ، نحن تركنا الحركة الاسلامية ولكن لم نترك قيم الاسلام ،مطمئنون لملفنا فى هذا الصدد،وفي قيادة حركتنا قانونيون يدركون حدود و تبعات القانون الإنساني الدولي جيداً.

    سيدى دكتور جبريل لم ترد على سؤالى ..ماذا اذا حوت القائمة اسم خليل ابراهيم شخصيا ؟ .

    - العدل قيمة انسانية و لا سلام بغير إقامة العدل و هو اساس الحكم الراشد ( ولوأن فاطمة بنت محمد (صلعم) سرقت لقطع محمد يدها ) سنسلم اى مجرم الى المحكمة الجنائية الدولية حتى ولوكان ذلك خليل ابراهيم نفسه .

    الساحة السياسية مليئة بالمبادرات .. مبادرة أهل السودان ..مبادرة الرئيس البشير .. مبادرة لجنة جمع الصف الوطنى ..مبادرة الميرغنى هل لديكم اى شروط مسبقة للتفاوض مع الحكومة ؟.

    كلامنا واضح نحن مع الحل السلمى الذى يقوم على انصاف اهل دارفور و أهل الهامش جميعاً ، وتعويض المتضررين ، لم نضع شروطاً مسبقة للتفاوض ولو اننا نرى ضرورة تهيئة المناخ والظروف المساعدة على التفاوض و اظهار جدّية الأطراف والعمل على ردم هوة الثقة السحيقة بينها حتى تنجح المفاوضات ، الرئيس البشير لم يطرح مبادرة ،هو تحدث حديثاً عاماً عن رغبته في السلام و استعداده للتفاوض مع كل الأطراف ليس أكثر؛ وفى حالة طرحه مبادرة جادة وشاملة سننظر فيها بجدية ، ولكن دعنى اقول لك أن الحكومة غير جادة وغير راغبة فى الحل السلمى المشرف لمشكلة السودان في دارفور ، كنا قبل وبعد احداث امدرمان نمد ايدينا للسلام ،وهم معرضون .

    اصدرت محاكم الارهاب الخاصة بالخرطوم احكاما رادعة ، بحق كوادركم التى شاركت فى الهجوم على العاصمة ، وصلت الاعدام ، بعض من هؤلاءتربطهم بكم صلات قربى وروابط دم ،هل هذه الاحكام قد تعجل بجلوسكم على مائدة التفاوض؟.

    - هذه المحاكم غير قانونية في منظور القانون الدولي و غير دستورية في ضوء دستور السودان الانتقالي الذي يحكم به البلاد. هؤلاء اسرى حرب يجب ان تطبق عليهم المعاهدات الدولية التى تنظم مثل هذه الاحوال،مثل هذه المحاكمات لن تجبرنا على التفاوض و الذين جاؤوا إلى أمدرمان جاؤوا يحملون أرواحهم في أكفهم ، و مثل هذه المحاكمات الجائرة مدعاة للتصعيد و تعقيد الأوضاع؛ و إن ظن أحد أنه سيبتزّ الحركة بها للحصول على تنازلات في مطالبها فهو واهم واهم. ومن جانب آخر،نحن لا نفرق بين مقاتلينا على اساس صلة الدم فهم عندنا سواسية كأسنان المشط و هم جميعاً أشرف منا و أكرم ، ولكن تنفيذ اى حكم اعدام نعتبره اغتيال سياسى وتصفيات جسدية مع سبق الإصرار و الترصد ، وسنحمل المسئولين عن هذه الإغتيالات مسئولية شخصية وسننتقم لقتلانا ونرد بقوة ان اقدمت الحكومة على اغتيال أي من اسرانا .

    الدكتور نافع على نافع هو القيادى الممسك بملف دارفور عقب وفاة المرحوم مجذوب الخليفة ، كيف ترون التعامل معه ؟.

    بصراحة انا لم أجرب الدكتور نافع مفاوضاً ،ولكن انطباعي عنه و هو انطباع الكثيرين ممن أعرفهم و يعرفونه أنه رجل متعجرف ، ينظر بتعال الى الآخر ، ولكنه فى ذات الوقت سياسى نافذ ، يستطيع ان يتخذ قرارات صعبة دون ان يطلب الرجوع الى الخرطوم ، والمفاوضات تحتاج الى رجل لا يحتاج الى تجديد تفويضه بصورة مستمرة. و لكن الأهم عندنا ليس من يمسك بالملف.. الأهم عندنا أن يتخذ النظام قراراً حقيقياً بالسير نحو الحل السلمي لقضايا السودان و أن يكون مستعداً لتسديد فاتورة السلام والحفاظ على وحدة السودان أرضاً و شعباً.
    ====
    نشر بصحيفة أخبار اليوم وبموقع العدل والمساواة


    http://www.sudanjem.com/
                  

10-23-2008, 04:38 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    حوار الشيخ النيل أبو قرون حول مراجعاته الفكرية وأحوال العالم

    (الحلقة الأولى)
    أعد الحوار: مؤيد شريف
    تمهيد:

    شخصية بطبعها مثيرة للجدل ؛ البعض يعتبره شيخاً صوفيا ملتزما ولا يميزه عن سائر شيوخ الصوفية ، وآخرون يرون فيه عالماً ومفكراً خرج عن مألوف أهل التصوف الي التفكير فيما يجمع العالم ويثبت الأمن والسلامة للناس كافة . دبج الكتب والمؤلفات وبعث نفساً تجديدياً قل أن يتوفر عند نظراءه من أهل التصوف ، وقد يكون مبعث هذا (التضارب) أنه وُلد وتربى بين يدي جده الشيخ محمد ابو قرون وأبوه المعروف بالخليفة الجيلي فساح في عوالم من محبة الرسول (ص)،وفي ذات الوقت تداخل وخالط كافة طبقات المجتمعات السودانية علي تنوعها الكثيف وتدرج في مراحل التعليم حتى تخرجه من كلية القانون بجامعة الخرطوم في العام 1970م ليلتحق بالهيئة القضائية وتدرج في وظائفها حتى عُين ملحقاً قضائياً برئاسة الجمهورية ثم وزيراً للشؤون القانونية في العهد المايوي ، وهو العهد الذي خرجت علي أيديه فيه قوانين سبتمبر وما خالجها ويخالجها من لغط وسيكون لنا معه وقفات عديدة وصريحة عن تلك الفترة وقضية اعدام المفكر محمود محمد طه وموقفه من قوانين سبتمبر وحدود دوره فيها . وله العديد من المؤلفات : الصراط المستقيم / الوصية / الخواطر / أحاديث في العقيدة / التراث الشعبي / في رحاب الرسالة / مراجعات في الفكر الاسلامي ، وفي الطريق : كلية الانسان / قراءات .
                  

10-23-2008, 04:41 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)






    س : كيف ترى الفكر الجمهورى ؟

    الفكر الجمهورى تطوّر من فكر صوفى , ولم يُسبق بمثل ماجاء من مؤلفات الاستاذ محمود محمد طه . وكان شعارهم الحريه لنا ولسوانا – الامر الذى يُحتم على معتنقى الطريقه الجمهوريه سعه الصدر وقبول الاخر والرضاء بقدر الله ..

    س: هل أنت راض عن السياق والمسار الذى اتبع فى قضية أغتيال المفكر محمود؟

    حينما اصدر الأخوان الجمهوريون منشورهم الناقد والمعارض للتشريعات الأسلامية، كتبت للسيد الرئيس ، طالبا محاكمة الفكرة المضمنة فى المنشور. والمطالبة بالمحاكمة لا تعنى المطالبة بأصدار حكم معين. فجرت المحاكمة وتغير مسارها من محاكمة منشور فكرى الى محاكمة ردة. ووصل الأمر الى مرحلة الأستئناف وتنفيذ الحكم.
    وأثبتت المحكمة الدستورية، فيما بعد، بطلان حكم المحكمة الأولى وجاء ذلك بعد تنفيذ الحكم.

    (أنتهى)
    أجراس الحرية

    العدد 172
    16 october 2008-
                  

10-25-2008, 04:22 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    هل نحن على أبواب أكتوبر الثانية؟
    ابراهيم يوسف
    رغم الجلبة والضوضاء
    اكتوبر.. التاريخ.. والمستقبل
    الى الأستاذ محمود محمد طه في ثورة أكتوبر بمرحلتيها
    ثورة أكتوبر

    />إن ثورة اكتوبر ثورة فريدة في التاريخ وهي لم تجد تقويمها الصحيح الى الآن، لأنها لاتزال قريبة عهد فلم تدخل التاريخ بالقدر الكافي الذي يجعل تقويمها تقويماً علمياً ممكناً.. ولقد يكفي أن يقال الآن أنها ثورة فريدة في التاريخ المعاصر تمكن بها شعب أعزل من إسقاط نظام عسكري استأثر بالسلطة مدى ست سنوات.. ثم كانت ثورة بيضاء، لم ترق فيها الدماء.. وكانت الى ذلك، ثورة بغير قائد ولا مخطط، وبغير خطباء.. ولا محمسين للجماهير وتم فيها إجماع الشعب السوداني، رجالاً ونساء وأطفالاً بشكل منقطع النظير، كأنها ثورة كل فرد من أفراد الشعب، تهمه بصورة مباشرة، وشخصية.. ولقد كانت قوة هذه الثورة في قوة الاجماع الذي قيضه الله لها.. ولقد كان جراء قوة هذا الاجماع، ومن فجأة ظهوره أن انشل تفكير العساكر فلم يلجأوا الى استعمال السلاح، مما قد يفشل الثورة، أو يجعلها، إن نجحت، تنجح على أشلاء ضحايا كثيرين.
    وعندنا أن أكبر قيمة لثورة أكتوبر أن الشعب السوداني استطاع بها أن يدلل على خطأ أساسي في التفكير الماركسي، مما ورد في عبارة من أهم عبارات كارل ماركس، في فلسفته، فيما عرف (المادية التاريخية) وتلك العبارة هي قوله (العنف والقوة هما الوسيلتان الوحيدتان لتحقيق أي تغيير أساسي في المجتمع) فما برهنت عليه ثورة أكتوبر هو أن القوة المستحصدة، التامة تلغي العنف تماماً.. فصاحبها في غنى عن استخدام العنف، وخصمها مصروف عن استخدام العنف بما يظهر له من عدم جدواه وحين تنفصل القوة عن العنف يفتح الباب للبشرية لنفهم معنى جديداً من معاني القوة، وتلك هي القوة التي تقوم على وحدة الفكر، ووحدة الشعور، بين الناس، بعد أن لبثت البشرية في طوال الحقب لا تعرف من القوة إلا ما يقوم على قوة الساعد، وقوة البأس.. ومفهوم القوة بهذا المعنى الأخير هي تراث البشرية من عهد الغابة، عهد الأنياب الزرق، والمخالب الحمر.. وهذا المفهوم هو الذي ضلل كارل ماركس.
    اعتقد أن مستقبل البشرية سيكون صورة لامتداد ماضيها وغاب عنه أن العنف سيفارق القوة، بالضرورة في مستقبل تطور الانسان، حين يصبح الحق هو القوة. ومهما يكن من الأمر فإن شعب السودان في ثورة أكتوبر قد كان قوياً بوحدته العاطفية الرائعة.. قوة أغنته هو عن استخدام العنف، وشلت يد خصومه عن استخدام العنف. وتم بذلك إلغاء العنف من معادلة التغيير الماركسي.. إذ قد تم التغيير بالقوة بغير عنف.. وهذا في حد ذاته، عمل عظيم وجليل..
    وثورة أكتوبر لم تكتمل بعد.. وإنما هي تقع في مرحلتين نفذت منهما المرحلة الأولى، ولا تزال المرحلة الثانية تنتظر ميقاتها.. المرحلة الأولى من ثورة أكتوبر كانت مرحلة العاطفة المتسامية التي جمعت الشعب على إرادة التغيير، وكراهية الفساد، ولكنها لم تكن تملك، مع إرادة التغيير، فكرة التغيير، حتى تستطيع أن تبني الصلاح بعد إزالة الفساد.
    من أجل ذلك انفرط عقد الوحدة بعيد إزالة الفساد وأمكن للأحزاب السلفية أن تبلغ ما أرادت لولا أن الثوار قد بدا لهم أن مهمتهم قد أنجزت بمجرد زوال الحكم العسكري وأن وحدة صفهم قد استنفدت أغراضها.
    والمرحلة الثانية من ثورة أكتوبر هي مرحلة الفكر المستحصد، العاصف، الذي يتسامى بإرادة التغيير الى المستوى الذي يملك معه المعرفة بطريقة التغيير. وهذه تعني هدم الفساد القائم ثم بناء الصلاح مكان الفساد.. وهو ما نسميه بالثورة الفكرية.. فإن ثورة أكتوبر لم تمت، ولا تزال نارها تضرم، ولكن غطى عليها ركام من الرماد، فنحن نريد أن تتولى رياح الفكر العاصف بعثرة هذا الرماد حتى يستعر ضرام أكتوبر من جديد فتحرق نارها الفساد ويهدي نورها خطوات الصلاح.. وليس عندنا من سبيل الى هذه الثورة الفكرية العاصفة غير بعث الكلمة (لا إله إلا الله) جديدة دافئة خلاقة في صدور النساء والرجال كما كانت أول العهد بها في القرن السابع الميلادي..
    (لابد من توكيد المعنى الهام جداً.. في التعامل مع كلمة التوحيد “لا إله إلا الله” وهو أننا لا نوحد الله بالتوحيد وإنما نوحد ذواتنا- أعنى أن الله غني عن التوحيد ولكننا أنا وأنت محتاجون للتوحيد. وقيمة التوحيد لنا نحن أن نحقق وحدة الفكر والقول والعمل.. وهذا يعني أن نصدق في تطبيق “لا إله إلا الله” حتى يصبح التوحيد صفة لنا. المدخل على هذا النهج هي أن نفكر كما نريد وأن نقول كما نفكر وأن نعمل كما نقول ونتحمل مسؤولية عملنا ثم نجتهد في تجويد السلوك والمعاملة حتى يكون عملنا كله خيراً وبراً بالناس) كتاب (لا إله إلا الله) الصادر في 24 مايو 1969م.
    إن شعب السودان بثورته الشعبية الخالدة قد فتح دورة جديدة للشعوب لنصنع التغيير للأفضل بالقوة دون عنف.
    وقد أنجز الشعب المعلم ثورته بعد أن تجاوز الولاءات والزعامات التقليدية وتحرك من منطلق فطرته السليمة وحبه للحرية.
    والآن فإن الشعب السوداني العملاق لم يفقد الثقة في قادته وزعامته ومسؤوليه كما هو الآن.
    كما أنه أصبحت لديه فكرة التغيير التي تهم أي شخص بصورة شخصية مباشرة, تلك هي مطالب المواطنة المتساوية التي نص عليها الدستور واتفاق السلام.
    والآن كيف ومتى تصبح المواطنة المتساوية في بلد التعدد وهي حظ كل فرد رغم التنوع والتعدد.
    هذا واجب الجميع وبثورة أكتوبر وبتقرير المواطنة نتذكر قول الأستاذ محمود محمد طه إن عصرنا الحاضر يمكن أن يسمى عصر الفضاء وعصر الذرة ولكنه بالأخص هو عصر الانسان العادي المغمور الذي استحرت على مضجعه شمس الحياة الحديثة فنهض وحمل عصاه على عاتقه وانطلق في الشعاب يبحث عن حريته وعن فرديته بعد أن أذهل عن كل اولئك طوال الحقب السوالف.


    http://www.alahdathonline.com/Ar/ViewContent/tabid/76/C...D/17845/Default.aspx
                  

10-25-2008, 04:25 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    بمناسبة أحتفال جامعة أوهايو الأمريكية بمرور مائة عام على ميلاده

    عبدالله عثمان

    جامعة أوهايو
    [email protected]

    الأمم العظيمة هى التى تهتم بتاريخها، وتاريخ عظمائها وتجعله حيا، في العقول والقلوب، هاديا لغد أفضل. أقول هذا متسائلا: وأين بلادنا من ذلكم؟! فها هى جامعة أوهايو الأمريكية تحتفل، وللمرة الثانية، فى خلال أقل عقد من الزمان بذكرى الأستاذ محمود محمد طه، بينما تتعمد بلادنا اقصائه من "ذاكرتنا الجمعية" كلية ولكن هيهات.

    بدات جامعة أوهايو الأحتفال بعام كامل لتخليد ذكرى الأستاذ محمود تزامنا مع مرور مائة عام على ميلاده (1909-2009) وأقيمت، وستقام، على هذا الشرف سلسلة من الأعمال الأكاديمية وستكون ذروة الأحتفال فى الثامن عشر من يناير القادم. ستخاطب ذلك الإحتفال الأستاذة أسماء محمود محمد طه وتقام أيضا ندوة فكرية للمفكر الأمريكى المعروف كورنل ويست بجانب عدة أوراق علمية، من مهتمين من جهات عديدة من انحاء الأرض، على شرف ذات المناسبة.

    محاولة تعمد أقصاء الأستاذ محمود لم تتوقف عند السلفيين وحسب وانما تعدّتهم حتى لمن نذر الأستاذ محمود حياته للدفاع عنهم، أقول هذا وفى ذهنى مثقفا جنوبيا مثل السيد أبيل ألير الذى كتب كتابا عن مشكلة الجنوب، يتظلم فيه من نقض العهود. ولقد تعجب لإغفاله دور الأستاذ الذى أعدم شنقا ومنشوره "هذا .. او الطوفان" قد كُرّس جله لحل مشكلة الجنوب!!! هذا، غير عشرات الكتب والمنشورات والمحاضرات التى أرست لـ "حل مشكلة الجنوب فى حل مشكلة الشمال".

    تعج كتب التاريخ فى مقرراتنا المدرسية بأناس لم يرصد لهم أى أسهام، أيا كان نوعه، فى تاريخ بلادنا، بينما تغفل هذه الكتب مجرد الإشارة لكون الأستاذ محمود هو اول سجين سياسى فى عهد الإستعمار البريطانى!! وعلى كثرة ما يقرأ المرء لمن يتحدثون عن الفيدرالية لا يجد المرء غير أشارة خجولة للسيد ابراهيم منعم منصور لدور الأستاذ محمود فى هذا الأمر (لمن شاء فليراجع كتاب الأستاذ " أسس دستور السودان" والذى كتب فى العام 1955). وتذكر أحزاب ولدت ميتة ولم يسمع بها أحد ولا تشير من قريب أو بعيد للحزب الجمهورى!!

    يتحدث الناس فى السودان عن حلول فطيرة لمشكلة الزواج ولا يتذكرون مشروع الأستاذ محمود "خطوة نحو الزواج فى الإسلام" والذى تمت بفضل الله، ثم بفضله مئات الزيجات الناجحات (راجع افادة الكودة، محافظ االحصاحيصا السابق فى هذا الصدد مقارنا بين هذا المشروع وغيره) وحتى عندما يكتب بعض حملة الأقلام عن هذه المسائل، يتحدث مصطفى ابوالعزائم عن عقد لكريمة دكتور الترابى، عندما كان الترابى فى السلطة، فيعده كأول ظاهرة تشارك النساء فى حضور مراسم العقد فيها، جنبا الى جنب، مع الرجال، بينما فعل الأستاذ محمود ذلك منذ حوالى أربعة عقود.

    يتحدث كل الإعلام فى منطقتنا عن مبادرات ولدت ميتة "للصلح مع اسرائيل" ولا يشيرون لإسهام الأستاذ محمود ودعوته لهذا الأمر منذ ستينات القرن الماضى بخطة واضحة المعالم تتضمن حلا عاجلا وحلا آجلا.

    تفتح أذاعتنا ومرئياتنا آفاقها لأنصاف المواهب توسع المديح النبوى والإنشاد الدينى "بهدلة" وتشنيعا، لغة ومحتوى، ولا تجد ثمة أثر لما قام به أبناء الأستاذ محمود فى هذا الصدد من توبيب وتقعيد للإنشاد الدينى فى حلة زاهية تحفظ له دوره وتعيد توقيره فى قلوب المحبين بعد أن فقد ذلك الوقار، هونا ما.

    يتباهى مثقفونا وطلاب جامعاتنا بمعرفتهم لبول سارتر، كارل ماركس، آدم سميث وحتى أحمد ديدات وعمر خالد وطارق السويدان ولا أحد من هؤلاء يملك حلا لمشاكلنا بينما تراهم يجهلون جل ما قام به الأستاذ محمود من دور فى النهضة الدينية والثقافية والإجتماعية فقد كتب وحاضر الأستاذ محمود عن "الدين والتنمية الإجتماعية"، "الماركسية فى الميزان"، "الإسلام والفنون"، "تطوير شريعة الأحوال الشخصية"، "مشكلة الشرق الأوسط"، "الإسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين"، "التكامل"، "الخفاض الفرعونى" ... وغير ذلك كثير.. أسس وعاش مبدأ "ساووا السودانيين فى الفقر الى أن يتساووا فى الغنى" فعاش فى الجالوص وأكتفى بـ "أم شعيفة" وهو بعد من اوائل المهندسين السودانيين ... يتحدث مثقفونا الان عن "البوستكولنياليزم" وهم فى كامل هندامهم الغربى يمتطون فاره سيارته بينما أكتفى هو بثوب "الساكوبيس" ولو كان ثمة ثوب أرخص للبس ... عاش وأشاع بين الناس شعاره الخالد "الحرية لنا ولسوانا" وقد أخذ كل من هب ودب الان يتخذه شعارا ولكن أين هم من المحتوى.

    من أمثلة الإقصاء ما كتب الدكتور الطيب زين العابدين فى مقال له "نحو خطاب اسلامى ديمقراطى" عن حضوره لمنتدى عالمى، ولعله تضايق لكون الأستاذ محمود حاضرا فى أفئدة بعض من يحضرون ذاك المنتدى فكتب عن أحدهم،"الذى أتعبنى هو وصاحبه بالسؤال عن المرحوم محمود محمد طه وأحسب أنى كنت منصفا للرجل فى أجابتى رغم اختلافى مع معظم اطروحاته" الصحافة 10 مارس 2008 "النسخة الإلكترونية" ولعل إبتساره لكل ما جرى بعبارة "أحسب" هذه يشى بالكثير الذى يمكن قرآءته فيما بين السطور من محاولة تعمد أغفال الرجل وقد تعودنا على ذلك كثيرا، اذ كانت الشئوؤن الدينية زمانا تحول بيننا وبين من يفدون على السودان من علماء فيسألون عن الأستاذ محمود محمد طه فتتعمد، الشئوؤن الدينية، وضع العراقيل، بكافة صورها والوانها، امامهم لكيلا "يعتبون" على الرجل، بل ويقولون لطلاب الثانويات أن "جانا" يحتل كرسيا أثيرا فى صالون الأستاذ محمود وسيسحركم اذا ما ذهبتم!!

    وكدلالة أخرى على الإقصاء المتعمد لدور الأستاذ محمود فى حياتنا السياسية، والدينية والثقافية، فقد ودّعت البلاد بالأمس الفقيد بروفسير أحمد ابراهيم عبدالعال عليه الرحمة والرضوان، فتابعت الكثير مما كتب فى نعيه. وجدت من ينعيه ويعزى فيه بعض بقع التصوف "الهلالية" ولم أجد من يشير مجرد أشارة لـ "تلمذة" الراحل الكريم على الأستاذ محمود محمد طه، ولو مجرد أشارة عابرة تحفظ فى أضابير التاريخ. فللحق والتاريخ، فإن للرجل أسهاما مقدرا فى حركة الفكر الجمهورى فى أوج بداية عنفوانها فى سبيعنات القرن الماضى، وسيحفظ له. شارك الراحل الكريم فى حركة المعارض المتحركة للجمهوريين وفى تلوين أغلفة الأشرطة المسجلة وغير ذلك. تزوج بواحدة من فضليات الجمهوريات وتم عقد قرانهما على يدى الأستاذ محمود محمد طه على مشروع "خطوة نحو الزواج فى الإسلام". من يتابع أعمال الراحل الكتابية، فلا بد أنه واجد شديد العلائق التى تشير لتأثر الرجل بفكر وحياة الأستاذ محمود محمد طه، وليس أدل على ذلك من رسالته للدكتوارة عن "إبن عربى" ولا أحتاج لأسهب فى هذا الأمر، مرورا بمدرسة الواحد ومحاولات الراحل للـ "تأصيل" للفن من وجهة نظر أسلامية (راجع كتاب الأستاذ محمود الإسلام والفنون وهى محاضرة ألقيت قى كلية الفنون على عهد الراحل)، كذلك فى كتابه "أمشاج" وبخاصة عندما تقرأ "صبيحة القبض على مالك" فأنت ترى صورة الأستاذ محمود بوضوح (ولا يخفى على أحد أن جد الأستاذ أسمه مالك، فهو "محمود محمد طه مالك")، حديث الراحل فى القصة عن السجن (التلقى من الله كفاحا)، والفرق بين الضوء والنور (راجع حديث الأستاذ لمعهد الدراسات الإضافية وفترته فى السجن ثم كتابى "الصوم ضياء والصلاة نور"، "الله نور السموات والأرض") ... مع كل ذلك وغير ذلك فلا أحد يشير من قريب أو بعيد لـ "بنوة" الراحل المقيم الفكرية للأستاذ محمود وقد لاحظ، متسائلا، من قبل الدكتور خالد المبارك "على أيام فرح ود تكتوك فى جريدة السياسة" أن كل من يكتب عن الراحل الشاعر محمد المهدى المجذوب يتحاشى تماما ربط الرجل او تاريخه بذكرى الأستاذ محمود، وليس المجذوب بدعا فى ذلك، فعديد المبدعين أو الكتاب غيره لا يتطرق أحد لتأثرهم بحضرة ذلك الرجل فعلى سبيل المثال لا الحصر هل قرأتم أبدا لمن يشير لعلاقة منير صالح عبدالقادر، مثلا، أو جعفر السورى، محمد عبدالله شمو "مريم الأخرى"، أبوذر الغفارى، ربيع ميرغنى، أزهرى محمد على "وضاحة"، نجيب نورالدين، عبدالمنعم عجب الفيا، د. محمد احمد محمود أو غيرهم بالأستاذ محمود محمد طه؟

    لا ضير، فقد تنبأ الأستاذ محمود بذلك حينما كتب "إنما جئت به هو من الجدة بحيث أصبحت به بين أهلى كالغريب وبحسبك أن تعلم أن ما أدعو اليه هو نقطة التقاء الأديان جميعا" وأنشد "سيفقدنى قومى اذا جد جدهم وفى الليلة الظلماء يفتقد البدر" ومع ذلك فقد بشرنا بأن السودانيين سيلتفتون لهذا الأمر عندما يأتيهم من خارج السودان وها هى بشريات هذه النبؤة قد بدأت تتحقق باحتفال جامعة اوهايو بهذه الذكرى العظيمة وبترجمة العديد من مراكز الفكر لأعمال الرجل للعديد من اللغات الحية، كذلك فان مئات الرسالات العلمية فى الدراسات العليا قد تمت وتتم الآن لأعمال الرجل وسيقف قومنا على ذلك "ضحى الغد".

    Sudanile 25.10.2008
                  

10-25-2008, 04:27 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    المعايش جبّارة

    بقلم حسن موسى
    أحمد عبد العال كان من أول الأشخاص الذين تعرفت عليهم حين حضرت لكلية الفنون.كنت قد وفدت من الأبيض لداخلية الإس تي إس مع بعض طلاب الكلية الكردفانيين الذين كان عبد العال طرفا في شلـّتهم.لكن عبد العال " طائر الرعد"ـ كما كنا نسميه تندّرا ـ لم يكن يوما بين اصدقائي فقد تبين لي من اللقاء الأول أن ما يفرق بيننا سياسيا أكبر مما يقربنا فنيا لكني كنت ـ كرسام ـ و مازلت ـ أفرز بين مواقفه السياسية و نتاجه الفني . و أظنني صرحت له بذلك اكثر من مرة في لقاءاتنا القليلة المتفرقة. فقد كنت استكثر موهبته الفنية على رهط إنتهازيي الإتحاد الإشتراكي الأراذل الذين لا يدرون كوعهم من بوع هذا الفنان الذي ضل طريقه لأرض السياسة السودانية الملغومة بمزالق ما أنزل الله بها من سلطان.و لكن عبد العال الناصري (سابقا) " أبا خالد تونس الخضراء تناديك"( من قصيدة قديمة له في رثاء عبد الناصر) وجد رزقه عند سدنة مايو حتى فتح الله عليه فتحا مبينا فقادته خطاه لتلك الدار العامرة في الثورة، دار الأستاذ محمود محمد طه التي كنا نؤمّها في تسواح منتصف السبعينات.و يبدو ان الطعام المتيسر على مائدة المايويين كان أشهى من الصلاة الصعبة خلف الأستاذ محمود فالتحق صاحبنا بالمايويين من جديد يطيّب لهم البروباغاندا السياسية بموهبته الجبارة فيا للحسرة على روح هذا الرسام و الشاعر الفذ الذي أوقعته قلة الحيلة السياسيةفي شر أعماله ( و الحسرة ممدودة لغيره و لا جناح رغم "المضرّة "السياسية الحاصلة).
    لقد إنخرط عبد العال في مشروع الإسلاميين السلفيين في آخر عهد النميري بغير نقد و هذا أمر نؤاخذه عليه كثيرا سيّما و الرجل خبر نقد الإسلامية السلفية بين يدي "الأستاذ" و في معية رجال و نساء أماجد قضى بينهم زمنا عامرا بالتفاكير. ثم أن صاحبنا تمادى في دعم المشروع الإسلامي الإنقاذي بشكل لا يليق بالفطنة البادية في معالجاته الجمالية فماذا أصابه ياترى؟ أهو فيروس الطلاشة السياسية أم هو قانون المعايش الجبارة ؟ مندري ؟أغلب الظن ان ما اصاب عبد العال هو نفس الداء العضال الذي اصاب الجماعة الطيبين من الشعراء و الفنانين و المسرحيين و غيرهم من الغاوين اليساريين السابقين و اللاحقين و الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، داءعجيب لم ينج منه رجال ( و نساء) في حصافة ذلك الكاتب الطيب الصالح و في تمرد ذلك المغني الطيب الوردي و فطنة ذلك الرسام الطيب الصلحي وعلم ذلك الشاعر الطيب الحي و ثقافة ذلك المسرحي الطيب المبارك و رهافة ذلك الشاعر الطيب المكي و إلخ وما خفي ازرط .كل هؤلاء الرجال المبدعين الطيبين هم اعضاء اصلاء في" حزب الفن" السوداني ، و كونهم وقفوا يوما او ساعة بأبواب السلاطين الجهلاء فذلك لا يسقط عنهم استحقاقهم كمبدعين متفردين في منظور حركة الخلق المعاصرة.و بصفتهم كمبدعين سودانيين صبروا على هم الخلق في شروط البلد الحار الجاف المتلاف فهم أهل لكل فيوض الإعزاز الممكنة. و في هذا المشهد لم افهم اعتراض الأخ وليد على تصدير المنبر بصورة احمد عبد العال . و بدا لي أن الأخ الوليد بحاول فتح "ملف الظرافة" من جديد. يا وليد ياخي ما بيناتنا مطاعنات و لو عاوز تفتح حساب" الظرافة" بتاعة الزميل فاروق كدودة من جديد ما عندنا مانع.و الزعل مرفوع.لكن انحنا صورة الفنان أحمد عبد العال صدّرنا بيها المنبر كشيئ طبيعي لا يختلف عن تصديرنا لصفحة المنبر بصور أو بآثار مبدعين سودانيين أخر شرفونا بآتارهم الإبداعية.و عبد العال مبدع لا يحق لنا تجاهله ضمن مشهد حركة التشكيل المعاصرة.و في نهاية التحليل فـ "الحساب ولد" كما تعبر بلاغة الأهالي. و حساب عبد العال السياسي في حينة.( و كذلك حساب اخوانه الكاشف). و لو عندك با وليد كلام ممكن نكبّر بيهو الملف بتاع عبد العال جيبو. عشان انحنا البوست دا ما فتحناه بكا و عزا و فواتح بس، لكن غرضنا عقلنة ظاهرة الشعراء و الفنانين و المبدعين الواقفين بأبواب السلاطين دون ان ينقطعوا عن غوايات الإبداع.و تفهم الكيفية التي يمكن فيها للممارسة الإبداعية ان تمنع المبدع ـ أو لا تمنعه ـ من الإنبطاح امام السلطان الجاهل.
    شايف؟
    و بعدين يا صفوة إنتو " إنــّا" الفي " إنا إليه راجعون" دى راجعة لمنو؟ عشان أنحنا في موقعنا بتاع الجميع دا ما راجعون و لا حاجتين. و لو إنتوا عاوزين ترجعوا، بطريقتكم ، و عاش التعدد الثقافي السوداني و " دع ألف زهرة تتفتح" كما قال سيدنا ماو علية السلام.
    سأعود

    http://sudaneseonline.com/forum/viewtopic ... 1e65c139f6
                  

10-26-2008, 02:49 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    ماذا نفعل بمشكلة اليسار السوداني؟

    في مساهمة منه ضمن الملف الخاص للذكرى الثانية والعشرين لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه، والذي قدمته الجمعية السودانية للدراسات والبحوث في الآداب والفنون والعلوم الإنسانية، في موقعها "سودان للجميع"، قدم الأستاذ الدكتور حسن موسى مكتوبا بعنوان "ماذا نفعل بـ"مشكلة الشرق الأوسط"؟".. المكتوب عبارة عن نقد عام لكتاب "مشكلة الشرق الأوسط" الذي قدمه الأستاذ محمود في أكتوبر من العام 1967، ويتطرق المكتوب أيضا لكتابات أخرى من جانب الأستاذ محمود والأخوان الجمهوريين تتعلق بنفس قضية الكتاب..

    من البداية يشدد الأستاذ حسن على أن "مركز الثقل الفكري" في الكتاب "يتعلق بمسألة الهوية"، ويقول بأن "الكتاب يلح على سؤال الهوية كسؤال مفتاحي يمكن أن تحال إليه كل قضايا المجتمع العربي الأخرى".. للاستدلال على هذا الأمر، يقفز الأستاذ حسن للفصل السابع من الكتاب، والذي يتحدث فيه الأستاذ محمود عن "الحل الآجل" الذي يقدمه الكتاب لمشكلة الشرق الأوسط، بعد أن يقدم دراسة تحليلية تاريخية موثقة للقضية وملابساتها، وبعد أن يقدم حلا عاجلا يتعلق بالمسألة الراهنة التي تتطلب حلا عمليا متاحا مع المعطيات المتوفرة.. يقتبس الأستاذ حسن من الفصل السابع من الكتاب هذه الفقرة: "أول ماتجب الاشارة اليه هو أن العرب اليوم يواجهون تحديا حاسما، وليس هذا التحدي هو قيام دولة اسرائيل، في أرض فلسطين، بعد أن اقتطعتها، وشردت أهلها، وأعانها، على كل أولئك، قوم آخرون، في طليعتهم الشيوعية الدولية التي تدعي صداقة العرب اليوم، وتتباكى على مأساتهم.. بل ان النظر العميق في حقيقة هذا التحدي ليظهر دولة اسرائيل وكأنها صديق في ثياب عدو.. أو أنها نعمة في ثوب نقمة.
    وأما التحدي الحاسم الذي يواجه العرب فإنه يتمثل في أن منطق تطور الحياة البشرية المعاصرة في هذا الكوكب يقول للعرب أن عليكم، منذ اليوم، أن تدخلوا التاريخ في القرن العشرين، كما دخله أوائلكم في القرن السابع، فأشرقت بدخولهم على عالم يومئذ شمس مدنية جديدة.. أو أن تخرجوا عن التاريخ، لبقية التاريخ [......].. إن العرب اليوم لا يوجهون التاريخ، ولا هم يسهمون في توجيهه، وإنما ينساقون خلفه ويعيشون على هامشه [......].. ويزيد في حسم التحدي الحاسم الذي يواجه العرب عدة أمور: منها أولا، أن المدنية الغربية، الآلية، الحاضرة قد أعلنت إفلاسها، ووصلت إلى نهاية مقدرتها التطورية، وعجزت عن استيعاب طاقة بشرية اليوم، وتطلعها إلى تحقيق الاشتراكية والديموقراطية في جهاز حكومي واحد [......].. وقد عمق إفلاس هذه المدنية، وعجزها، شعور البشرية المعاصرة بالحاجة إلى بزوغ شمس مدنية جديدة، تلقح الحضارة الغربية الآلية الحاضرة وتنفخ فيها روحا جديدا به يتسق التناسق بين التقدم التكنولوجي، والتقدم الخلقي. وبذلك تصبح المدنية الغربية الحاضرة قادرة على التوفيق بين حاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة، وحاجة الجماعة إلى العدالة الاجتماعية الشاملة" (اقتباسنا هنا من ورقة الأستاذ حسن، مع بعض التعديل الشكلي الذي لا يمس النص)..

    يخلص من هذا الأستاذ حسن إلى تقديم رؤيته النقدية، فيقول: "ومساهمة الأستاذ محمود في مساعي "تلقيح المدنية الغربية" وحقنها "بدم جديد" (دم عربسلامي)، يجدد شبابها، إنما تندرج في ما يمكن أن نسميه بـ"نظرية صراع الحضارات". وهي "نظرية" تمخضت عنها آيديولوجيا المركزية الأوروبية العنصرية والاستبعادية التي تعتبر نفسها مستودعا طبيعيا لقيم حضارية جوهرية خارج التاريخ. وتستمد من هذه القناعة الخرقاء كل المسوغات التي تحتاجها للاستعلاء على الآخرين وقهرهم واستغلالهم. ومصيبة "نظرية صراع الحضارات" تتلخص في كونها تتصور الحضارات ككيانات صافية قائمة على استمرارية قيم حضارية ثابتة لا تعرف القسمة، قيم مستقلة بذاتها عن كل شائبة وكل تأثير أو تداخل مع غيرها من قيم الحضارات التي تعاصرها أو حتى تلك السابقة أو اللاحقة لها. وإذا كانت " نظرية صراع الحضارات" التي تسقط على الظاهرة الحضارية مواقف الإنسان وبواعثه السلوكية، قد أورثتنا ذلك المقطع المشهور من شعر روديار كيبلنغ "الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا"[......] فهي قد ألهمت صامويل هانتنغتون،الأستاذ بجامعة هارفارد ومستشار الأمن القومي لدي الإدارة الأمريكية، بذل المبررات الأخلاقية والسياسية والاقتصادية التي تسوغ لدول حلف شمال الأطلنطي إتخاذ مواقف عدائية تجاه "الآخرين" (في البلدان الإسلامية أوفي الصين) على أساس الإختلاف الحضاري، وقيل على أساس "أخوة الحضارة" [......] ووراء كيبلنغ وهانتنغتون تطول القائمة لتشمل تلاوين سياسية وثقافية ما أنزل الله بها من سلطان من صدام حسين الذي أعلن الحرب على "الفرس" باسم العروبة لأسامة بن لادن الذي أعلن الحرب على الغرب باسم الشرق مرورا بالهادي المهدي إمام طائفة الأنصار الذي الذي (كذا) كان يعتبر السودان بمثابة "رأس الرمح" للغزو الإسلامي العروبي في أفريقيا، لغاية شعراء "الغابة والصحراء" والسودانويين من تشكيليي "مدرسة الخرطوم" بتنويعاتها العربانية والأفريقانية، وصولا لأصوليي نظام الإنقاذ الذين أشعلوا الحرائق في السودان باسم الحضارة العربسلامية ثم أنكروا "المشروع الحضاري" الإسلامي وتبرأوا منه بالكلية بعد الحادي عشر من سبتمبر. وبين هؤلاء وأولئك جادت القرائح "الحضاروية" بتنويعات شتى على نظرية "صراع الحضارات": من مقولة "نهاية الغرب" أو "نظرية موت الحضارة المادية" لمقولة "حوار الحضارات" أو "حوار الأديان" لغاية تلقيح الحضارة الغربية الآلية بشيء من المحمول الروحي للإسلام. و"نظرية التلقيح" المتمدن، رغم أنها تنطرح هنا كتعبير سلمي "بوليتيكلي كوريكت" إلا أنها تنطوي على بعد رسالي "إنقاذي" (في المعنى المحمود للعبارة) كما لو كان مصير الحضارة الإنسانية كله يتوقف على الموقف الذي يتخذه العربسلاميون، لا من الحضارات الأخرى عموما، وإنما من هذه الحضارة الراهنة المهيمنة، المسماة "غربية" و"آلية" على وجه التحديد"..

    بعد هذا الاقتباس المطول، لا نملك سوى أن نقول للأستاذ حسن موسى "تمهل يا هذا"، ففي عجالة فكرية غريبة، ينطلق الأستاذ حسن موسى من التقرير المتسرع بأن مساهمة الأستاذ محمود تندمج ضمن "نظرية صراع الحضارات"، ليعرج بعد ذلك على كل مذموم من صور الأيديولوجيا الغربية ليلصقها بهذه النظرية (وبالتالي يؤاخيها مع مساهمة الأستاذ محمود)، حتى أنه ليصل إلى إدماج صدام حسين وأسامة بن لادن بشعراء، سودانيين وغربيين، وأساتذة جامعات، وفنانين تشكيليين، وبعد ذلك يأتي بـالحالقة، حين يدمج حتى مساعي "نظرية التلقيح" و"حوار الحضارات" وحتى "حوار الأديان" مع الصورة العامة لـ"نظرية صراع الحضارات" (التي قرر انتماء الفكرة الجمهورية لها، دون أي تدليل أو تحليل واضح)! ماذا ترك الأستاذ حسن بعد هذا ليكون خارج اطار "نظرية صراع الحضارات" المزعومة؟ فإذا كان "الحوار" و"التلقيح" هي مجرد "تنويعات شتى على نظرية صراع الحضارات" عنده، فما الذي يريده الأستاذ حسن إذن؟ في فقرة واحدة، تنم عن عجلة فكرية غريبة، يرمي الأستاذ حسن بجميع ميراث الإنسانية في سعي "التلقيح" و"الحوار" في نير "نظرية صراع الحضارات" المذمومة المدحورة عنده؟ فإن كان هذا هو الاستهلال الذي يريد به الأستاذ حسن أن ينتقد الطرح الذي قدمه لكتاب "مشكلة الشرق الأوسط"، فلا عجب بعد هذا مما سيليه من التجنيات والتقارير الفجة، غير المدعومة بأي منطق، سوى ما يزعمه الأستاذ حسن من الربط الذي لا يوجد إلا في مخيلته بين المتناقضات التي أوردها هنا..

    لو راجع الأستاذ حسن اقتباسه نفسه من "مشكلة الشرق الأوسط"، بصورة بعيدة عن التحامل الواضح الذي يغطي مكتوبه (وبدون تقديم بديل موضوعي أو إيجابي)، لكان رأى أن قوله " كما لو كان مصير الحضارة الإنسانية كله يتوقف على الموقف الذي يتخذه العربسلاميون" لا مكان له في ما يعرضه الأستاذ محمود، خصوصا وأنه يقول، في نفس الاقتباس الذي أورده الأستاذ حسن، بأن العرب يمكن أن يخرجوا من التاريخ، لبقية التاريخ، إذا لم يفطنوا لأساس مشكلهم! فمن أين، بعد كل هذا، يأتي الأستاذ حسن بكل هذه التقريرات المتتابعة التي يفترض أنها أساس نقده لموقف الأستاذ محمود لمشكلة الشرق الأوسط؟ فإذا لم يكن الأستاذ حسن واضحا ودقيقا في التدليل على تقريراته هذه، فبقية مقاله إنما تتأثر بهذه البداية، إذ لا يستوي الظل والعود أعوج! وسنرى بعد قليل..

    بعد ذلك يأتي الأستاذ حسن ليظهر الغرض الأساسي من ذلك التحامل، وهو غرض طالما اشتمل عليه جسد اليسار السوداني العريض تجاه الفكرة الجمهورية، بغير دليل واضح، وهو أن عرض الفكرة الجمهورية، في مجمله، ظل على الدوام عرضا "طوباويا نبيلا"، بمعنى أنه غير قابل للتنزل على أرض الواقع، لمثاليته الزائدة.. هذا الموقف الذي يفتقر لأبسط معايير التقييم الموضوعي عند أهل اليسار السوداني كنا قد تعرضنا له أكثر من مرة، في كتابات كثيرة، آخرها الورقة التي قدمناها مؤخرا بعنوان "من أجل الاشتراكية.. الماركسية في السودان بين زمنين"، والكتابات العامة من جانب الجمهوريين في طرح هذا التجني اليساري كثيرة، نذكر منها مقالا للأستاذ عمر القراي "قراءة نقدية لتأملات في أفق المعرفة والشهادة" (نشر في سودانايل، مايو2002).. يقول الأستاذ القراي في ذلك المقال: "درج بعض المثقفين اليساريين، أو الذين تأثروا بالأفكار اليسارية، في بعض مراحل حياتهم، الى محاولات متفرقة لنقد الفكرة الجمهورية.. ولعل ماشجعهم على هذا الاتجاه، بالإضافة الى غياب حركة الجمهوريين من المسرح، النموذج المنفر عن الدين الذي طرحته الجبهة الإسلامية.. فقد ظنوا أن الفهم الإسلامي التقليدي، لن يستطيع منافستهم حين تسقط الجبهة، وأن الفرصة أصبحت سانحة ليكونوا جبهة عريضة من الفكر التقدمي، خاصة وأن بعضهم قد تخلوا عن الماركسية، بعد سقوط الشيوعية الدولية، وأخذوا يروجون لليبرالية الغربية.. ولهذا رأوا أن يؤسسوا نقداً للفكرة الجمهورية، حين رأوا اهتمام الناس بها، باعتبارها فكراً تقدمياً رائداً خاصة بعد موقف الأستاذ الأخير.. ولما لم يستطيعوا أن يجدوا أي مدخل على الفكرة في أصولها، بحثوا عن المواقف السياسية، ولعلهم جميعاً اعتمدوا على ما كتب د. محمد سعيد القدال أستاذ التاريخ بجامعة الخرطوم عن ثورة رفاعة. فقد ذكر أن الأستاذ محمود دافع عن الخفاض الفرعوني، وواجه الحكومة البريطانية بسبب ذلك!! ولقد قابله الجمهوريون وصححوا له هذا الفهم الخاطئ، وأوضحوا له أنه كمؤرخ كان يجب أن يكون قد اطلع على بيان الحزب الجمهوري الذي صدر عام 1946 وقد أكدوا فيه أنهم لا يؤيدون عادة الخفاض الذميمة، ولكنهم يعارضون تدخل المستعمر في عادات الناس وأخلاقهم.. ولقد تبع اتجاه د. القدال، د. محمد أحمد محمود، وركز عليه في مقال باللغة الانجليزية نشر في قائمة حوار السودانيين تحت عنوان (بداية ونهاية الحركة الجمهورية) ولقد علقت عليه في نفس الموقع، خاصة وأنه زاد على د. القدال، واعتبر الأستاذ محمود عدو المرأة!! كما تحدث عن تأثر الأستاذ بالصوفية" (الحديث المقصود عن الصوفية يدخل في مجال الهيام عن الواقع والمثالية المفرطة، وتجاوز الشريعة، بزعم هؤلاء اليساريين).. ورغم أنه ليس بالضرورة أن تنطبق كل الصفات الموجودة في هذا الاقتباس على الأستاذ حسن، إلا أن وجهها العام واحد، والأستاذ حسن - مما يحمد له- لم يخفيه، وإنما قال بوضوح برأيه في "الطوباوية النبيلة" لمواقف الجمهوريين السياسية.. رغم احترامنا للأستاذ حسن، فنحن لن نجامله في هذا الأمر، ونعتبره تجنيا فكريا في حق نفسه، قبل أن يكون تجنيا في حق مدرسة فكرية أصيله، لها أسسها المنطقية التي قدمتها في كل طروحاتها، فإما ينتقد الأستاذ حسن الفكرة الجمهورية في مستواها، بتدليلات تاريخية وتحليلية واضحة، أو ينضم لقائمة المتحاملين على الفكرة دون وجه منطق، خصوصا وأن هذا "المنطق" الذي يستطيع نقد الفكرة الجمهورية في أصولها قد أعيى من قبله من اليساريين في البحث عنه، ولم يجدوه لليوم.. تجب الإشارة هنا، في إنصاف لمن يستحق الإنصاف، أن الأستاذ القراي قد قال أيضا: " وحتى لا أظلم كل الأخوة الذين تأثروا بالفكر اليساري، أود ان أختم هذا الحديث بماكتبه الأخ د. عبد الله بولا، في مقال نقد فيه الفكرة الجمهورية، بمستوى عال من المسئولية العلمية، ودقة الفكر"، وبعدها أورد مقتطفات من ورقة الأستاذ بولا الشهيرة، والموجودة في نفس الملف الخاص الذي يوجد به مكتوب الأستاذ حسن موسى محل نقدنا هنا، في موقع "سودان للجميع"..

    وفي مواصلة لسلسلة التحامل، يقول الأستاذ حسن: "ففي خاتمة كتاب "التحدي الذي يواجه العرب" وهو الكتاب الذي أصدره الحزب الجمهوري في شهر سبتمبر1967، أي بعد أسابيع من هزيمة الدول العربية في يونيو1967، طرح الجمهوريون رؤيتهم للنزاع بين إسرائيل والدول العربية على منظور المواجهة الحضارية بين العرب ومن جهة والعالم من جهة أخرى. على زعم أن العرب هم الجهة التي عهدت إليها العناية الإلهية بتحقيق "دين التوحيد" الذي سيخلص الإنسانية من كافة شقاقاتها".. هذا، مع أننا يمكن أن نقتبس فقرة واحدة من الكتاب المذكور لندلل به على أن الأستاذ حسن إنما يقرأ ما يريد أن يقرأه، لا ما هو مكتوب فعلا (والكتاب المذكور هذا بالذات كله نقد شديد للعرب، ولعنصرية القومية العربية).. يقول الكتاب في إحدى فقراته الأخيرة: "والتحدي الذي يواجه العرب اليوم هو في الحقيقة نصيبهم من التحدي الذي يواجه البشرية المعاصرة جمعاء.. والتحدي الذي يواجه البشرية هو أن موطنها الذي تعيش فيه اليوم- هذا الكوكب الذي نعيش فيه- قد انكمش وأصبح صغيرا، بفضل الله، ثم بفضل سرعة المواصلات الحاضرة، حتى لقد اصبح الناس- كل الناس- جيرانا، بعضهم لبعض وأصبح مطلوبا اليهم أن يتعايشوا في حسن خلق، وحسن معاملة، وفي سلام، والا فما تطيب حياة لجيران يتشاكسون كل صبح جديد.. بإيجاز فان التحدي الذي يواجه البشرية اليوم هو أن الكوكب الذي نعيش فيه قد اكتملت له الوحدة المكانية، وقد أصبح يتطلب من البشرية التي تعيش فيه أن تحقق الوحدة الفكرية بين أفرادها حتى يستطيعوا أن يتعايشوا في سلام- إن لم نقل يعيشوا في سلام- مع اختلاف ألوانهم، ولغاتهم، وعاداتهم، وعقائدهم، فإن هم عجزوا عن ذلك فسيكون مصيرهم مصير كل الأحياء الذين عجزوا عن أن يوائموا بين حياتهم وبين بيئتهم- وقد جرت بذلك سنة الاولين".. ويستمر الكتاب في فقرة أخرى ليقول "والتحدي الذي يواجه العرب اليوم هو نصيبهم من هذا التحدي العام للبشرية، ولكنه أشد توكيدا وأكثر الحاحا. وذلك لعدة أسباب، أهمها اثنان: أحدهما أن العرب يعيشون في منطقة هي سرة العالم، وعندها تلتقي القارات الثلاث، أوربا، وآسيا، وأفريقيا، وهي منطقة صنع فيها التاريخ، منذ فجر التاريخ، ولا يزال يصنع، ولقد نشأت فيها، وعلى صلة بها، والتقت على أرضها جميع المدنيات، وبخاصة تلك التي تجمع بين المادة والروح، وتطلب للإنسان الرغيف لانه لا يعيش بدونه، وتطلب له وراء الرغيف الحرية لأنه لا يعيش بالرغيف وحده.. "ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة من الله" كما قال المسيح أو "الدنيا مطية الآخرة" كما قال محمد..
    وثانيهما أن العرب - دون سائر الناس- هم أهل الكتاب، هم أهل القرآن، والقرآن هو روح الله الذي اذا نفخ في هيكل الحضارة الغربية، الآلية، العملاقة الحاضرة، عادت إليه الحياة واستقامت فيه الموازين وملك القدرة على أن يسير بالبشرية الى منازل السلام.. فالمدنية الغربية المادية، منفوخا فيها الروح الاسلامي، هي المدنية الجديدة، التي بها تستطيع البشرية أن تحدث الوحدة الفكرية والتي تتطلبها وحدة بيئتها الجديدة".. لو كان الأستاذ حسن موضوعيا في نقده، لأتى بحصيلة حجج الجمهوريين في عرضهم لعلاقة العرب مع الإسلام وعلاقة الإسلام بالعالم، حينها كنا سنرى الموضوعية التي تستحق الاحترام في نقده، ولكنه عندما يسعى لتجاهل الصورة الكاملة، ليقرأ فقط ما يريد أن يقرأه، فهذا لن يثير غير الارتياب والأسف..

    لقد ربط الأستاذ محمود مصير المسلمين عموما، والعرب خصوصا، بمصير البشرية كلها، كما ذكرنا في الاقتباسات الماضية، ومن ثم ذهب ليوضح سبب الخصوصية التي يراها للعرب في جوف هذه المشكلة (وليس في قمتها الصفوية، كشعب الله المختار أو ما شابه)، كما أنه وضح أن الأساس الذي جعل خصوصية للعرب إنما هو الدين- دين الأغلبية- وليس العنصر، ومن تبعية اللغة التاريخية للدين (وليس العكس)، وهو بذلك يعرض صورة مكبرة للمعنى الذي يجب أن ينضوي تحته العرب، وهو معنى لا يعطيهم خصوصية إلا بقدر ما يلتفتون هم لما يمكن أن يقدموه لأنفسهم وللبشرية من حولهم، وإلا "يخرجوا من التاريخ، لبقية التاريخ".. هذا طرح عتيد، وإنساني شامل، ولا علاقة له بالصورة الشوهاء التي يحاول الأستاذ حسن موسى عرضها لموقف الفكرة الجمهورية من قضية العرب والمسلمين عموما.. لهذا أيضا يمكن أن نشير لمقولات الأستاذ محمود الكثيرة في جوهر العلاقة السودانية بالتراث العربي، فمعروف أن الأستاذ كان يرى أن القطر السوداني "قطر أفريقي"، وأنه كان لا ينكر أبدا حقيقته الأفريقية (حين نتحدث عن التصنيف العرفي- الهلامي- للهويات، بين "عربي" و"أفريقي")، بل وإنه كان يتحدث عن نفسه كثيرا كـ"أفريقي.. بحب الليل والحر"، كما يرد عنه، وله مقولة أخرى مسجلة، يقول فيها " نحنا زنوج.. ما عرب.. لكن لسانا عربي.. واكتسبنا قيم من الزنوج والعرب" (مما يوضح المعنى الذي ينشده الأستاذ حين ينتسب للعروبة في بعض المناسبات)، فما هي هذه القيم التي يشير لها الأستاذ ويؤكد على أهمية العرب من خلالها؟ هي القيم التي تخدم البشرية كلها، بجميع ألوانها ولغاتها وثقافاتها وأديانها.. هي قيم تسعى لها كل الشعوب، وتفخر بما عندها منها، وتحاول بذله للعالم لثقتها بقدرتها على المساهمة الإيجابية في التراث الإنساني العالمي.. هي قيم دين ذو طرح عالمي، وبتوضيح مبذول في أسس الفكرة الجمهورية، فهل هناك ما يسوء الأستاذ حسن في هذا؟ أم أن كل هذا التحامل هدفه مواصلة التقريرات الفجة، مثل قوله "والجمهوريون بهذه النظرة لا يقّلون عروبة عن القوميين العرب (ناصريين كانوا أم بعثيين) لأنهم رأوا في العرب جوهرا عرقيا أو- و- دينيا يصطفيهم كما اليهود لأداء مهمة لا يقدر عليها سواهم. و"شعب الله العربسلامي المختار" هنا يطرح نفسه خارج العالم وبالمقارنة مع العالم - وقيل ضد العالم- بدلا من أن يطرح نفسه في العالم وكجزء من العالم. جزء من "الناس".. بأي عيون يقرأ الأستاذ حسن ليصل لتقرير لئيم كهذا؟

    بقية تناول الأستاذ حسن لهذه القضية في مكتوبه كلها تتسم بالتحامل الذي سبقت صوره في ما عرضنا هنا، حتى أن الأستاذ حسن ليضع الاقتباس من الكتاب، ومن ثم يحلله بطريقة تجاوز الكلمات- وحتى الأسطر- التي تقول عكس ما يقول به تماما، ولا يجري له بال بحجم التناقض بين النص الذي ينقله وما يدعي أنه يستنبطه من النص.. يعود بعد ذلك الأستاذ حسن للفكرة الأولى التي أراد أن يمهد لها كل هذا التمهيد الزائف، ليقول بأن هذه النظرة الاستعلائية عند الأستاذ، بزعمه، "تطمس بصيرة التحليل الجيوبوليتيكي الذي يعبر عنه الكتاب في بعض صفحاته عندما يطرح المؤلف مشكلة الشرق الأوسط في إطار الواقع السياسي الذي خلقته الحرب الباردة. ذلك لأن الكتاب يبسط الواقع المركب للحرب الباردة ويختزله لمجرد مواجهة بين عملاقين، رأسمالي وشيوعي، يستقطبان كل احتمالات الحركة والسكون ضمن مشهد الصراع العالمي. وذلك رغم أن خبرة الأستاذ الشخصية، السياسية والتاريخية- في نظري الضعيف- تفرض عليه بالضرورة رؤية التركيب اللاحق بواقع الحروب الساخنة والباردة وأمورها المشتبهات التي عاصرها في منطقة الشرق الأوسط. فتحت شروط الحرب الباردة أمكن تفكيك آلة الاستعمار الكلاسيكي في بلدان العالم الثالث سواء عن طريق الضغوط السياسية السلمية سواء عن طريق النضال المسلح الذي مكن لبعض حركات التحرر أن تتقدم على درب التحرر مسنودة بحلفاء موضوعيين معادين للاستعمار والإمبريالية. تحت شروط الحرب الباردة تمكن الشعب الفيتنامي من هزيمة آلة القهر الطبقي للإمبريالية الأمريكية وبناء دولة السيادة الوطنية".. المشكلة في هذا القول أن الأستاذ حسن يلقي التهم والتبسيطات جزافا، ومن ثم يظن أنه بذلك ينتقد الطرح المؤسس الذي قدمه الأستاذ محمود لمشكلة الشرق الأوسط.. هل لنا أن نطمع من الأستاذ حسن بشرح لا "يبسط الواقع المركب للحرب الباردة ويختزله لمجرد مواجهة بين عملاقين"؟ أم أنه يظن أنه بذلك التقرير، والحديث المبتسر أعلاه، قد أثبت فعلا أن نظرة الأستاذ للقضية نظرة تبسيطية؟ على العموم فالكتاب مبذول لكل من يريد أن يقرأه، ليرى بنفسه إن كان فعلا تبسيطيا، كما يزعم الأستاذ حسن وكما يحاول التصوير من اقتباساته المنتقاة وتعليقاته التابعة، أم لا، خصوصا وأن العنوان الفرعي للكتاب هو "تحليل سياسي.. استقراء تاريخي.. حل علمي".. الكتاب يظهر تحامل الأستاذ حسن بوضوح، ببساطة لأنه يشير بوضوح إلى العلاقة الديالكتيكية التي تنتج بعض الإيجابيات في أسوأ الظروف السياسية، ولكن ذلك لا يعني أن نستحسن هذه الظروف السيئة ولا نسعى حثيثا لتغييرها، كما أن الصورة التي يعرضها للحرب الباردة "كمواجهة بين عملاقين" هو خلاصة الديالكتيك الكبير العميم (Macro) للقضية، وليس اختزالا لها، وهو أمر عرفه وعمل به وأرخ له الكثير من أهل "الجيوبوليتيك" بنفس الصورة التي عرضها الأستاذ، فإن كانوا جميعا تبسيطيين عند الأستاذ حسن، فالأحرى به أولا أن يعرض لنا نظرته "العميقة" للقضية، لنميز بينها وبين ما ينتقده هو وينعته بالتبسيط.. ولو كان لنا أن نتعرض لمثال فيتنام الذي أقحمه الأستاذ حسن في تعليقه، فيكفي أن ننظر اليوم لوضع الشعب الفيتنامي عموما، من القهر والفقر العام وانعدام الحريات وكثرة الهجرة لأمريكا (أرض الإمبريالية التي حررته ظروف الحرب الباردة منها)، حتى نثبت خلل الميزان التاريخي و"الجيوبوليتيكي" الذي يعمل به الأستاذ حسن، وكأنه يظن أن مثال فيتنام يكفي، ولو قليلا، ليدحض عموم أصل الإشكال الذي طرحه الأستاذ محمود.. هذا ولا نريد التطرق المفصل الآن لمزاعم نجاح "النضال المسلح الذي مكن لبعض حركات التحرر أن تتقدم على درب التحرر مسنودة بحلفاء موضوعيين معادين للاستعمار والإمبريالية"، فلو نظرنا تاريخيا لمقياس نجاح هذه الحركات (بل وأي اشتباك مسلح بعد الحرب العالمية الثانية)، سنخرج بصحة قول الأستاذ محمود بأن الاستناد للشيوعية العالمية لا يأتي إلا باستعمار وقهر جديد، أما النضال الوطني الحقيقي المستقل، المعتمد غالبا على النهج السلمي، فهو الذي يفضي للسيادة الوطنية الأصيلة، كما في الهند وجنوب أفريقيا على سبيل المثال..

    بعدها يظهر الأستاذ حسن جانبا من بؤس تحليله "الجيوبوليتيكي" نفسه، ليظهر بذلك المنهج السياسي الذي جعله يتهم منهج الأستاذ محمود بـ"تبسيط الواقع" بثقة لا يحسد عليها.. يقول الأستاذ حسن: "وتحت شروط الحرب الباردة أمكن لبعض البلدان المتحررة أن تباشر بعض الإصلاحات المهمة في بنى الاقتصاد وإطلاق التنمية الاجتماعية التي استفادت منها أجيال ما بعد الاستقلال. ولا شك أن الفلاحين الفقراء الذين حصلوا على الأرض بفضل "الإصلاح الزراعي" الذي أجراه عبد الناصر، وأبناء الفقراء الذين استفادوا من مجانية التعليم يحفظون للزعيم المستبد -لا غلاط في ذلك- أنه فرج عنهم بعض كرب الواقع الطبقي التعيس في مصر الباشوات".. يعرض علينا الأستاذ حسن جانبا من تناوله "العميق" للواقع، في مقابل "التبسيط" الذي اتهم به طرح الأستاذ محمود.. لا نطمع في تعليم الأستاذ حسن بديهيات الدراسة التاريخية، من أن تقييم المراحل التاريخية بالسلب أو الإيجاب يكون بتقديم محصلة تلك المراحل، إن كانت سلبية أو إيجابية، وليس في ابتسار الواقع إلى "انفراجة" صغيرة المدى والزمن يحفظها الناس للزعيم المستبد، رغم كل المصائب الأخرى التي ورطهم فيها، والتي لا تقاس بما قدمه من انفراج مؤقت ومحدود، وهذا أحد أبجديات الدراسة التاريخية، سواءا كانت موجزة أم مسهبة، والأستاذ لم يكن يوما ينسب نظام جمال عبدالناصر للباطل المطلق، ولا حتى الحركة الشيوعية العالمية، وإنما كان يعي لرجوح كفة السلبيات على الإيجابيات، مما يستوجب الدعوة لتجاوز التجربة بأفضل منها.. هل يمكننا أن نستخدم نفس هذا المنهج المختل عند الأستاذ حسن، لنقول أن الناس يجب أن يحفظوا لستالين إنجازاته الاقتصادية، برغم الملايين من المقتولين والمقهورين (طبعا هؤلاء "الناس"- اقرأ "الماركسيين"- أساسا تبرأوا منذ فترة من ستالين تماما)؟ ولنقول أن حكومة الجبهة الإسلامية في السودان اليوم "ما قصرت" في تعبيد الشوارع- وبالتالي تسهيل المواصلات- وتطوير الاتصالات في الخرطوم، رغم كل ما أذاقته من المرارة للشعب؟ أين هو "العمق" في مثل هذا التحليل؟ أم أن الأستاذ حسن إنما يعبر عن صور طفولية قديمة من صور مواساة اليساريين لأنفسهم فيما صرفوه من الوقت والطاقة في الاتجاه الخاطئ لحل الأزمة عند أمثال جمال عبدالناصر؟

    يعرج بعد ذلك الأستاذ حسن، بعد تمديد مشابه من صور النقد المتحامل التي عرضنا لها أمثلة أعلاه، ليقول: "وفي مشهد نقد الفكر الماركسي يطرح الكتاب مفهوما جديدا للاستعمار الجديد. وهو غير مفهوم " الاستعمار الجديد" (نيوكولونياليزم) المتعارف عليه في مجال دراسات الاقتصاد السياسي. فـ"الإستعمار الجديد" في التعريف الجمهوري هو "الاستعمار الشيوعي الذي يسعى جاهدا اليوم لبسط نفوذه على العالم. وهو استعمار يسعى من الوهلة الأولى إلى استعمار العقول بأفكار هي غاية في السوء، وغاية في الخطورة، وليس غرضه المباشر الاستغلال الاقتصادي، وإنما غرضه المباشر، النهي، والأمر، والسيطرة، والاستغلال الاقتصادي يجيء من بعد ذلك بالتبعية.. ويخطئ كثيرا من يظن أن المادة هي أقصى ما تطلب النفس البشرية.. ذلك بأن التذاذ النفس البشرية بالسلطة يفوق التذاذها بالثروة"، وهكذا يؤول أمر ظاهرة اقتصادية وسياسية واجتماعية في تعقيد وتركيب الظاهرة الاستعمارية إلى نوع من هوى النفس البشرية الأمارة بالسوء التي تلتذ بالسلطة قبل الثروة، (ترى هل يمكن تفسير تضامن الشيوعيين السودانيين مع الأستاذ محمود ضد حكم محكمة الردة الأولى كنوع من الانسياق وراء التضليل الشيوعي المنظم أم هو خيار حر أصيل لدعم الديموقراطية في ساحة العمل العام السوداني؟). وما الذي يجعل رجلا في فطنة أستاذنا محمود النقدية وفي سعة حيلته الفكرية يقبل بهذا التحليل الساذج لمفهوم الاستعمار؟ ما الذي يدفع أستاذنا محمود القارئ الواسع الإطلاع لتجاهل أدبيات الاقتصاد السياسي التي حللت الظاهرة الاستعمارية وأفاضت في شرحها كل هذا التجاهل المثير للريبة؟ هل يمكن لنا أن نتصور أن الأستاذ قد غفل وانجرف وراء إغراء السهولة التي زينت له استباحة حرمة مصطلح "الاستعمار" بذريعة الكسب السياسي العاجل؟ أم أن النص المكتوب في مفهوم الاستعمار خارج من قلم آخر غير قلم أستاذنا الدقيق ومن فكر آخر غير فكره الثاقب".. مشكلة الأستاذ حسن هنا واضحة، وهو أنه يخلط الكيمان، ومن ثم يتهم الأستاذ محمود بخلطها! فالأستاذ محمود في نقده للحركة الشيوعية العالمية التي تمثلت حينها في الاتحاد السوفيتي لا يكون بالضرورة منتقدا للإرث الماركسي كله، وهو أمر واضح لمن يقرأ بأبسط مستويات الموضوعية (واليوم فإن الماركسيين أنفسهم لهم تاريخ في انتقاد النزعات الاستعمارية التي كانت عند الاتحاد السوفيتي، وفيهم سودانيين، كما أن لنا في تاريخ وتصريحات أرنستو جيفارا في هذا الموضوع عبرة).. هذا فيما يخص الاستعمار الشيوعي، أما فيما يخص الماركسية، كمدرسة فلسفية، فللأستاذ محمود فيها سفر كامل، اسمه "الماركسية في الميزان"، لا نجد عذرا للأستاذ حسن في عدم الاطلاع عليه، وهو يلقي ادعاءات خطيرة كهذه، من أن الاستاذ محمود قد غفل عن حسنات الدراسة الاقتصادية الحصيفة التي قدمتها الماركسية، لأن عدم علم الأستاذ حسن بهذا السفر يجعله يتحدث فيما لا يعلم، أما إن كان يعلم به فعلا، ويكتب مثل ما كتب أعلاه، فهذا أدهى، لأنه يدل على الغرض بوضوح لا نزاع فيه، وهو الذي يريد أن يخلص إلى اتهام الأستاذ محمود بـ" استباحة حرمة مصطلح "الاستعمار" بذريعة الكسب السياسي العاجل"، وتاريخ الأستاذ محمود كله، في فكره ومواقفه على مدى حياته الزاخرة، يشهد ببشاعة وبهتان هذه التهمة التي يلقيها الأستاذ حسن بدون أن يعي لتبعاتها، وبدون أن يعرض تدليلا وتحليلا منطقيا يؤيدها.. أما عن المثال الذي ذكره عن تضامن الشيوعيين السودانيين مع الأستاذ محمود ضد حكم محكمة الردة، فهو إن دل إنما يدل على خلط الكيمان إياه، فهل لم يتابع الأستاذ حسن مواقف الأستاذ محمود والجمهوريين من الدفاع عن حق الحزب الشيوعي ونوابه في البرلمان بعد حادثة حله في عام 1965؟ أم لم يتابع ترصد الجمهوريين بالنقد القوي لكل مبرر قانوني سعت الطائفية وجبهة الميثاق للالتفاف حوله لتبرير تلك الخطيئة الدستورية العظمى؟ هل هناك من وقف في صف الشيوعيين السودانيين من أجل حقوقهم الدستورية مثل الجمهوريين؟ وهل هذا يعد ضمن محاولة "الكسب السياسي العاجل" من جانب الجمهوريين؟ هذا وقد وقف في وجه ذلك الحكم من محكمة الردة ضد الأستاذ الكثير من المثقفين السودانيين غير ذوي العلاقة بالشيوعية، وقد كان الوقوف في وجهها سهلا عموما، لأنها كانت محكمة تحكم في غير مجال اختصاصها، ولا تستطيع تطبيق أحكامها، إذ لا قوة لها، وقد واجهها الجمهوريون مواجهة فاضحة لم تجعل من مصلحة أي قوى سياسية تقدمية أخرى أن تؤيدها، ولا حتى الطائفية المعتدلة بعض الشيء.. لكن لماذا لا نشير لموقف آخر للشيوعيين في موضوع كهذا، وهو موقف قد تعرض له الدكتور عبدالله إبراهيم، حين ذكر أن قيادة الحزب الشيوعي في تلك الفترة لم تكن تمانع طرح الدستور الإسلامي! (وإنما كانت تمانع استغلال السياسة للدين)، في حين كان الجمهوريون وحدهم يواجهون فكرة الدستور الإسلامي في أصلها، وهي نفس الفكرة التي أدت في النهاية إلى حل الحزب الشيوعي ومن ثم إلى حال السودان اليوم تحت نير الجبهة الإسلامية.. ما رأي الأستاذ حسن- بتحليل "عميق"- في هذا الموقف من جانب الشيوعيين؟ يقول الدكتور عبدالله إبراهيم: "ويذكر الشيء بالشيء. فأريحية عبد الخالق الفكرية حيال مشروعية، بل وسداد، الدعوة إلي الدستور الإسلامي قديمة. فقد تقبل هذه الدعوة بطيب خاطر في كتابات باكرة له بجريدة الميدان عام 1957 والدعوة إلي مثل هذا الدستور في طفولتها بعد" (قسم الدراسات التاريخية في موقع "سودان للجميع"، مقال "عبد الخالق محجوب: الإسلام وغربة الماركسية").. نحن نذكر هذه الأمثلة للأستاذ حسن، حتى لا يظن أنه قد قدم نقدا له معنى حين أشار لوقوف الشيوعيين في صف الأستاذ محمود ضد محكمة الردة، فتاريخ الأستاذ محمود والجمهوريين في الوقوف من أجل الحقوق الدستورية لكل الشعب السوداني، من الشيوعيين وغيرهم، موثق ومعروف، ونظرتهم التحليلية الثاقبة للقضية معروفة وموثقة أيضا، حتى عندما فشل الشيوعيون، واليساريون عموما، في تقديم نظرة تحليلية متواضعه لأمر في غاية البداهة، مثل أمر الدستور الإسلامي.. ومع كل هذا، فالأستاذ محمود والجمهوريون لا يبخسون الناس أشيائهم، ويحفظون المواقف المشرفة لأهلها، حين تكون، ولكنهم لا يتغاضون أيضا عن النقد القوي لأي موقف مختل، لأي تنظيم كان..

    أما عن الابتسار الذي تعامل به الأستاذ حسن مع قول الأستاذ محمود "بأن التذاذ النفس البشرية بالسلطة يفوق التذاذها بالثروة"، فهو ابتسار يدل على قلة الحيلة المعرفية بتعقيدات الأمور.. هل يعتقد الأستاذ حسن أن الحديث عن نزعة النفس إلى التسلط هو حديث تبسيطي لواقع معقد؟ فما الذي يعرفه إذن عن تعقيد قضية النفس البشرية؟ وهل يظن أمر النفس أمرا ثانويا فيما يخص مسيرة المجتمعات؟ فما رأيه في تاريخ الدكتاتوريات عبر العصور، وكيف أثر حب السلطة على حوادث التاريخ بكل تعقيداتها؟ هل يكون الحديث عن حب السلطة في هذا الاطار حديثا سطحيا؟ فما قول الأستاذ حسن حين نقول له أن أي طرح فلسفي يحاول تغيير واقع المجتمعات بدون التطرق لمشكل النفس البشرية ونزعاتها إنما هو طرح سطحي، ومهزوم في مهده؟

    بعد ذلك يواصل الأستاذ حسن في سرده الخالي من مقومات النقد المستبصر، كما هي الأمثلة المذكورة أعلاه، حتى يصل لقول "إن كتاب "مشكلة الشرق الأوسط" يظل من الكتب المهمة التي أصدرها الجمهوريون لأنه يضيء منهج التفكير السياسي الجمهوري على الأقل في تلك الفترة بطريقة بريئة في إنتقائيتها، طريقة تؤشر لتغول البراغماتية السياسية المغرضة - حتى لا أقول "الانتهازية السياسية"- على منطق الفكر الحر الذي لازم جهد التجديد الديني عندهم".. نعتقد، بصدق، أن هذا النقد الأخير يرد ليوضع عند عتبة الأستاذ حسن نفسه، فهو أحوج به من غيره..

    وبعد، فهذا المقال واضح القسمات، في زعمنا، وكل ما أردنا أن نقوله للأستاذ حسن فيه قلناه، دون مجاملة أو تحامل، وذلك بتقديم التدليل من كتاباته وكتابات الأستاذ محمود، ومن ثم بتحليلها حسب منهج واضح، لا يخلط الكيمان.. غريب الأمر أن مثل هذا المكتوب العجيب يصدر الآن، في ذكرى الأستاذ محمود، في وقت أصبحت فيه جموع الحركات السياسية التقدمية (ومنها اليسارية، من الجانبين العربي والاسرائيلي) عموما تنحو، بعد كل هذه السنين، إلى حصافة الطرح الموجود في كتاب "مشكلة الشرق الأوسط"، سواءا سمعوا به وبما فيه أم لم يسمعوا، في وقت أثبتت الأحداث المتتابعة بعد النظر في طرح الكتاب القديم المتجدد.. في مثل هذا الوقت، يأتي الأستاذ حسن بمكتوب يحاول فيه هدم مصداقية الكتاب وصاحبه (وليس عن طريق نقد مباشر لطرحه السياسي العملي، وإنما عن طريق تسويفات لا معنى لها، في محصلتها، وتفتقر للتركيز وجهد البحث العلمي)، وهيهات..

    قصي همرور
    يناير 2007


    http://www.sudaneseonline.com/forum/viewtopic.php?p=14201...04b3e5f67f3554#14201
                  

10-26-2008, 02:56 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)



    د. النور حمد

    ألا رحم الله الأستاذ عثمان وقيع الله المنارة البارزة وسط جيل الرواد من التشكيليين السودانيين الذين حالت ظروف بلدنا الطاردة دوما للمبدعين، بيننا وبين اللقاء بأمثاله، والجلوس معهم والتتلمذ عى أيديهم. لم نحظ، ونحن الذين دخلنا كلية الفنون الجميلة والتطبيقية في مستهل السبعينات من القرن الماضي، من أن نتتلمذ، على سبيل المثال لا الحصر، على الصلحي، أو عثمان وقيع الله، أو النجومي، أو تاج السر أحمد، أو غيرهم من التشكيليين المبصرين المجودين. فحين دخلنا كلية الفنون بعد أربعة عشرة سنة فقط من الإستقلال، وجدناها قاعا صفصفا إلا من القليل الذي لا يقيم الأود في جوع الروح للمعرفة التشكيلية. فجيل الرواد عرف ببصيرته أن الأمور لا تسير على ما يرام، وأن الماساة واقعة لا محالة، وأن زماما أغبرا يعسكر بجحافله خارج أسوار المدينة. وأن وقتا ربما طال سوف يمر قبل أن توضع الأمور في نصابها، فآثر هؤلاء المبصرون من ذلك الجيل أن يهيموا في فجاج الأرض.

    عثمان وقيع الله فنان متميز. فهو ليس حرفيا مجودا لصناعة الخط وحسب، وإنما هو صوفي متعمق في أسرار الحرف العربي. فالتصوف، وخاصة عند قاماته السامقة من عيار محي الدين ابن عربي، والأستاذ محمود محمد طه، يربط ظاهرة اللغة بقوانين الكوسموس cosmos . وعند المتصوفة للحرف العربي أسرار. يتحدث المتصوفة عن الحروف النورانية والحروف الظلمانية، ومعروف عند علماء اللغة تقسيم الحروف العربية إلى شمسية وقمرية. وأن الشمسية أربعة عشرة وكذلك القمرية. وأن مجموع الثمانية والعشرون مربوط بمنازل القمر وبحركة الأفلاك. وللصوفية في أسرار الحرف واردات ثرة.

    يقول الأستاذ محمود محمد طه عن الحروف، في كتابه القرآن ومصطفى محمود والفهم العصري:

    ((ولمرحلة الإشارة بالحروف قاعدة، ولها قمة .. فأما قاعدتها فهي الحروف الرقمية .. وأما قمتها فهي الحروف الفكرية .. وتقع بين هذه القمة، وتلك القاعدة، الحروف الصوتية .. فكأن الحروف على ثلاث مراتب: رقمية، وهي تتكون من الثمانية والعشرين حرفا، التي تشتمل عليها الأبجدية في اللغة العربية .. أولها الألف، وآخرها الغين .. وهذه الحروف الثمانية والعشرون وهي بعدد منازل القمر، منها أربعة عشر حرفا نورانية، وهي: أ - ل - ر- ك - هـ – ي –ع – ص- ط – س – ح – م – ق – ن ، وقيدها في افتتاحيات السور: ألر .. كهيعص .. طس .. حم .. ق .. ن ، ومن هذه الحروف النورانية، الأربع عشر، أفتتحت تسع وعشرون سورة، على أربع عشر تشكيلة، هي: (ألم) .. (ألمص) .. (ألر) .. (ألمر) .. (كهيعص) .. (طه) .. (طسم) .. (طس) .. (يس) .. (ص) .. (حم) .. (حم – عسق) .. (ق).(ن).. ومنها أربعة عشر حرفا، ظلمانية، هي بقية حروف الهجاء الثمانية والعشرين .. ومن هذه الحروف الرقمية، النورانية منها والظلمانية، يتألف الكلام الظاهر .. والكلام الظاهر هو لغة العقل .. ولغة العقل إبتدأت بالكلمات الصوتية – الكلمات التي تحكي الصوت – ثم تطورت هذه الكلمات في المعاني، حتى أصبحت تعبر عن دقائق خلجات النفس البشرية. وأما الحروف الصوتية، فهي لا حصر لها، وذلك لأنها تنتج عن حركات المتحركات، وكل ذرات المادة في حركة ما تنقطع .. ويقابل عددها في الخارج عدد مماثل في داخل النفس البشرية .. وهي، في ذلك، المسموع منها، وغير المسموع، تؤلف الخواطر التي تجيش في العقل الواعي، وفي طرف العقل الباطن، مما يلي العقل الواعي، مما تصح تسميته بالعقل شبه الواعي .. وأما الحروف الفكرية، فهي ملكوت كل شيء .. وهي كلمات الله التي قال عنها، جل من قائل: (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي، لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي، ولو جئنا بمثله مددا) .. ومن هذه الحروف الفكرية، تتكون الخواطر المستكنة في العقل الباطن .. وفي سويدائه الحقيقة الأزلية، وعلى حواشيه الدين .. والحقيقة الأزلية (وترية)، وإلى الدين تنتهي الحقيقة (الشفعية)، وهذه نهاية إدراكات العقول، وهي ، من ثم، نهاية الحروف الفكرية ..
    وإلى الحروف الرقمية، والحروف الصوتية، والحروف الفكرية، وردت الإشارة بقوله تعالى (وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر، وأخفى) فالقول المجهور به يقابل الحروف الرقمية، والسر، المنطوي عليه الضمير يقابل الحروف الصوتية .. وأما الحروف الفكرية، فيقابلها سر السر .. ولقد تحدثنا عن سر السر في فصل (مخير، أم مسير) من هذا الكتاب .. ومن هذه الحروف الفكرية ما لا يسمع إلا بالحاسة السابعة، ولقد تحدثنا عن الحاسة السابعة في مقدمة الطبعة الرابعة من كتابنا (رسالة الصلاة)، فليراجع في موضعه .. وللإستزادة من الحديث عن الحروف، يمكن مراجعة الباب الخامس، من كتابنا (الرسالة الثانية من الإسلام).. وعند دقة الحروف الفكرية، ولطفها، يحصل، الفينة بعد الفينة، عجز العقل عن التفكير .. وعندئذ يقع الشهود الذاتي، إذ تباشر الذات المحدثة، الذات القديمة، بغير حجاب بينهما )).. انتهى نص الأستاذ محمود

    الشاهد أن عثمان وقيع الله عاش راهبا متنسكا في محراب الحرف العربي. فهو لم يعشق شكله البصري الجمالي وحسب، وإنما عشق أيضا دلالته الرمزية المتجذرة في أفق التأمل الصوفي للغة كحبل رابط بين المظهر والجوهر، وبين الإقصاء والإدناء، وبين البعاد والوصال. هام عثمان وقيع الله بالحرف العربي وموقع اللغة العربية من هرمية القرب والبعد من إشعاعات الكوسموس وإيحاءات الكوسموس وإرشاده للسائرين في ظلمة الوجود وبهموته نحو مشارق النور. ألا رحم الله عثمان وقيع الله وأغدق عليه من مناهل العرفان التي هام بها وتقصدها ممتطيا صهوة الحرف.


    http://www.sudaneseonline.com/forum/viewtopic.php?p=13961...04b3e5f67f3554#13961
                  

10-26-2008, 03:34 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    الفاضل الهاشمي

    e
    يعتقد اللبرالى الكلاسيكى بعدم وجود قيم اخلاقيه خارجيه تأتى حيث لا حيث..
    كل القيم هى افكار فقط وحينما تزرع هذه الافكارفى ارض "سوق" الحوار يموت الباطل موتا طبيعيا
    ( الحقوق محفوظه لعبارة لاستاذ محمود م. طه حين قال ازرع الاخوان المسلمين فى ارض الحوار يموتو
    موت طبيعى- قتلوك خدم الراسماليه العربسلاميه الطفيليه) و كلمة خدم تترجم Servants عسى ان تتطاير عفاريت اللاوعى المعتت ...
    فكرة ان بالحوار تولد الحقيقه فكره اقدم من اللبراليه (هل هناك اقدم من افلاطون فى فكره الحوار؟ )
    كيف يتسنى لنا الا نعير كلمة Liberty وهى احدى بنات افكاراللبراليه الكلاسيكيه
    ومن احفادهن تناسلت فكرة حقوق الانسان الاوربيه المركزيه Eurocentric الانجلوسكسونيه الذكوريه البيضاء.


    http://www.sudaneseonline.com/forum/viewtopic.php?t=642&p...1e169204b3e5f67f3554
                  

10-27-2008, 02:14 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    تحتفل بذكراه للمرة الثانية عام كامل
    بواسطة: admino
    بتاريخ : الإثنين 27-10-2008 09:59 صباحا

    جامعة أوهايو الأمريكية تخلّد ذكرى محمود محمد طه
    كتب: عثمان شنقر
    تخطط جامعة أوهايو الأمريكية للإحتفال بذكرى ميلاد المفكر الشهيد محمود محمد طه في يناير القادم تزامناً مع مرور مائة عام على ميلاده (1909 -2009 ).
    وقد بدأت الخطوات الفعلية للاحتفال بعام كامل لتخليد ذكرى الأستاذ محمود تزامنا مع مرور مائة عام على ميلاده وأقيمت، وستقام، على هذا الشرف سلسلة من الأعمال الأكاديمية وستكون ذروة الأحتفال في الثامن عشر من يناير القادم. وستخاطب الإحتفال الأستاذة أسماء محمود محمد طه ويقدم المفكر الأمريكي المعروف كورنل ويست مساهمة فكرية حول اسهام طه الفكري في التجديد في الفكر الإسلامي بجانب عدة أوراق علمية، من أكاديميين ومهتمين من جهات عديدة من أنحاء عديدة من المعمورة، على شرف ذات المناسبة.

    يذكر أن جامعة أوهايو احتفلت قبل عقد من الزمان بذكرى الأستاذ محمود محمد طه، وهذه هي المرة الثانية التي تحتفل فيها ذات الجامعة بذكراه في غياب تام للاحتفال به من قبل المؤسسات الأكاديمية والبحثية الرسمية. ويقول الدكتور عبد الله عثمان في مقال له نشره موقع (السودان للجميع) أمس أن محاولة تعمد إقصاء الأستاذ محمود لم تتوقف عند السلفيين وحسب، وإنما تعدّتهم حتى لمن نذر الأستاذ محمود حياته للدفاع عنهم. وقال إنّ كتب التاريخ تعجُّ بشخصيات لا إسهام لها، بينما تغفل هذه الكتب (مجرد الإشارة لكون الأستاذ محمود هو أول سجين سياسي في عهد الاستعمار البريطاني) على حد قوله.

    http://ajrasalhurriya.net/ar/news_view_68.html
                  

10-27-2008, 02:38 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    عبد الماجد محمد عبدالماجد

    الاخ عمر عبدالله محمد علي

    شاكرين على نقل هذه الكلمة للاستاذ عبدالله عثمان مستنكرا فيها تجاهل الفكرة الجمهورية من مؤسسات الدولة الرسمية والمنتسبين لها من مفكرين وكتاب. هذا الاستنكار يثير العجب: وهل نتوقع من مناهضي الفكرة المحمودبة (الطاهوية) أن يسهموا في نشرها أو التعرض لها في نقاشاتهم. من منطلقهم هم لا بد من استئصال أفكار الأستاذ محمود وتغييبها تماما, ولو توقعنا منهم غير ذلك لا بد وأن نقع في درك من السذاجة سحيقٍ.
    واجب تطوير الفكر المحمودي الطاهوي يقع على كاهل تلامذته الملتزمين (ويُعْفى منه الحواريون الدراويش إذ رأيت مجموعة منهم تؤسس لطائفة من المتصوفة البكائيين على نهج الحسينيين الذين استعاضوا عن إبقاء الأمل بذرف الدموع وربما الوقوف على حائط انتظار ربما ضرب في المستقبل بعيدا).

    ولقد أثرت أفكار محمود في كثير من الناس تأثيرات لم يسلم منها حتى خصومه وهو دلالة على على عمق وأصالة تحتاجان لكوكبة تجد وتجتهد في تطوير ما بدأه محمود لأنه لم يقل كل ما يمكن أن يقال ولا يمكن له أن يقول في ما يستجد لأن الزمن زمن آخرين وأخريات مطلوب منهم التعديل والتطوير والاجتهاد اختلافا واتفاقا وتأويلا. وكما يقول أهلنا الغبش:

    البكا بيجرروه سيادو.


    http://sudaneseonline.com/forum/viewtopic.php?t=2812&sid=...5f7938532ab99a42177c
                  

10-27-2008, 03:36 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    عادل كلر: لست معنياً بغير التناقض
    * هل أنت معني بالمجتمع أثناء الكتابة؟
    - بداية تتوقف إجابتي عند السؤال بمعنى(الكتابة) بما أنها وردت هكذا، على إطلاقها، باعتبار أن تجربتي في الكتابة تتكئ على محورين إن جاز لي توصيفهما كذلك، في المحور الأول تجربة الكتابة شعرياً - هذا المطلق العجيب - لست معنياً بغير التناقض، نعم التناقض الصادر عن حالة كوني أكتب من داخل المجتمع، بأصالة تفردي وبعيداً عنه في آن كما انفصال لحظة الكتابة - نفسها - عن الذات الكاتبة، هذا ما أدركه (الآن) في الشق المتصل من الإجابة كـ (شاعر). وبالضفة الأخرى للسؤال أجدني أتمثل المجتمع، أو لعليَّ أحاول من خلال الكتابة الصحفية لاهثاً مع الجماهير في احتدام سؤالاتها فيما هو (يومي)، ويتقاطع دونه الاقتصادي والثقافي والسياسي والرياضي!! وبذا أجدني في خلاصة الإجابة مجبولاً على هذا (الفصام) الجميل حتى (الآن).
    * أحياناً يصبح المجتمع هو الناقد الأول؟!!
    - بدون الوقوع تحت طائلة التعميم، لنضع السؤال في سياق الجدلية التالية: الكاتب والمجتمع، ولأسلط الضوء قليلاً على النصف الثاني من الجدلية، المجتمع الذي أراه (كائناً) مكتمل النمو ويمتلك من (المكانيزمات) ما يكفي لاستصدار (الأحكام)، أو (التقييمات) التي تخص شروط وجوده ويسبر تفاصيل وخفايا صعود مشاريع من لدن (الفرقة القومية للآلات الشعبية)، في سياق اجتماعي مدني متصل بثقافة الوسط أو قبول المجتمع لصعود الرائدة أسيا عبد الماجد، ممثلة على خشية المسرح أو (البلابل) راقصات، مغنيات، نتلمس آفاقاً (ممكنة) أو لعلنا نقتنص المجتمع متلبساً تماماً بمشروع (الحداثة).. وفي ذات السياق لك مشهد الوعي الذي انتظم ربوع السودان، قرى وحواضر منذ أكتوبر في سمتها العالي.. صعود الفكرة الجمهوري.. ماريل.. وصولاً للمشهد القريب بما نعلم، وأضيف بأنه طالما كان المجتمع كما أسلفت (كائناً) مكتمل الملامح، هل فكرنا ولو لمرة في استكشافه، في استكشاف ظواهر كـ (الربع) أو (غرزة) أو (قنبلة) الغناء الجديد!!، بعيداً عن سيناريو التصنيف وبذا أرى لسؤالكم، في مقلوبه تحديداً أن هل الكاتب في أحايين يفترض في نفسه ناقداً للمجتمع!!
    * لكن بعض الكتاب يشعرونك بأنهم أوصياء على المجتمع؟!
    - الكتابة التزام إنساني في المقام الأول، وفي هذا المشهد مهزوم نفسياً تجاه الكاتب النيجيري (الشاعر والقاص والمسرحي والصحفي) كين سارو ويوا، والذي تم إعدامه شنقاً في العاشر من نوفمبر 1995م على يد نظام الجنرال ساني أباتشا لدفاعه عن حق شعب الأوغوني، في بيئة نظيفة وخالية على خلفية أعمال التنقيب عن البترول الخاصة بشركة (شل) بإقليم الأوغوني بنيجيريا، أو دونك الأستاذ محمود محمد طه في مشهد الاستبسال على الفكرة!!، فإن كان هذا نموذجاً للوصاية على المجتمع فمرحباً.

    http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=12704&bk=1

    (عدل بواسطة عبدالله عثمان on 10-27-2008, 03:37 PM)

                  

10-28-2008, 10:23 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)



    سلام على سلمى ومن حل بالحمى

    ياعزيزى .. انا عبد الله الشيخ .. قرأت مقالك عن الاستاذ محمود ( كيف
    يجهلوك)..وقد سألت الاستاذ سعيد الشايب
    عن رايه فى ان بعض اهل البيوت الصوفية على موقف من الاستاذ شبيه
    بمواقف انصار السنة والاخوان المسلمين .. فقال لى :ـ هؤلاء
    ينطبق عليهم قول الله فى سورة مريم :ـ( فخلف من بعدهم خلف .....) الى آخر الآية
    بالرغم من اننى لم احظى بمصافحة الاستاذ الااننى اقول ان فى رحابه :ـ
    كل من يرغب عنا فهو فى نار الجفا .. والذى يرغب فينا كفرت عنه الذنوب )
    .. وتقبل تحياتى
                  

10-28-2008, 03:41 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    في ذكرى 21 أكتوبر أول وزير عدل بالإنقاذ في حوار الرسائل الأخيرة قبل وفاته (1- 2)
    28/10/2008
    في ذكرى 21 أكتوبر أول وزير عدل بالإنقاذ في حوار الرسائل الأخيرة قبل وفاته (1- 2)

    أرجو ألاّ يكون مصير الديمقراطية القادمة كمصير الثالثة

    سبب خلاف الإسلاميين هو إصرار الترابي على خضوع العسكريين

    الإنقسام أثر على المشروع الحضاري وآخر التطور الفكري للدولة وتماسكها

    نميري أبعدني من القضاء العسكري ضمن القائمة التي أبعد فيها الضباط الشيوعيون عام 1970م.



    أجراه/ مزمل عبدالغفار

    قبل أن تعطر بلادنا ذكرى إكتوبر الشامخة بأيام قلائل، رحل عنا من تحدث عنها حديث العارف المعاصر لها.. رحل عنا وقد عرفه الناس قانونياً ضليعاً لم يتطلع أبداً إلى كرسي الوزارة, ولكن دفعت به حالة القبول المطلق عند الآخرين إلى هذا الموقع.. فجاء مرضياً عنه وأعطى فيه وأرضى.. غلبت عليه المهنية القانونية في كل جوانب حياته العملية فكان من أفضل وزراء العدل الذين مروا على هذه الوزارة زهداً وورعاً وإخلاصاً وصدقاً, فلم يستطع أحد أن يأخذ عليه شيئاً.. دخل الدينا من جوانبها العملية صادقاً صدوقاً ووطنياً خلوقاً وخرج منها بذات الصفات إلى الدار الأبدية.. حاورناه قبل وفاته في عدة جوانب وقضايا.. إنه الراحل المقيم مولانا حسن إسماعيل البيلي الذي يتواصل معه الحوار في هذه الحلقة بالسؤال:



    * ونحن نقدم على تحقيق الديمقراطية الرابعة من خلال الإنتخابات المزمع عقدها العام القادم, فهل يمكننا الحكم مبكراً عليها من خلال المخاوف, ذلك بأنها ستلاقي نفس مصير الديمقراطية الثالثة من حيث عدم النجاح والفشل؟



    أرجو الله ألاّ يكون ذلك, لكن الآن الجو السياسي مختلف فهناك فكر, فضلاً عن أن الحكومة الوطنية بها عناصر أقرب فكرياً لبعضها البعض, وهي الآن تشكل الأغلبية ذلك عكس الحركة الشعبية, وهي نفس العناصر التي كانت تاريخياً في الوطني الإتحادي وحزب الأمة وكانوا قريبين من الإسلاميين وأقرب لأن يمرروا دستور 1968م, والذي هو مشروع دستور إسلامي, ثم من بعد ذلك كانوا أقرب أيضاً من تمرير قانون العقوبات عام 1988م الذي كان توجهه إسلامي أيضاً.



    وبالتالي نظرتي للإنتخابات القادمة هي أن أحزاب حكومة الوحدة ستكون أقرب فكرياً مع بعضها البعض.



    * لقد رسم البيان الأول للإنقاذ ملامح السياسة العامة للسودان قبل 18 عاماً فهل ذاك الواقع يحكي عن نفسه اليوم؟



    إلى حدٍ كبير، وتتقدم في ذلك مشكلة الجنوب والتي رأت الإنقاذ حلها بالتفاوض فوقفت الحرب بإتفاقية نيفاشا، وفي جانب القوانين يأتي قانون العقوبات للعام 1991م, وهو نفس القانون الذي بدأته حكومة الديمقراطية الثالثة عندما وضعه د. الترابي آنذاك 1988م, وأيضاً الأطروحات الموجودة في الدستور هي نفس الحقوق والواجبات التي كانت مؤشرات جاءت في المرسوم الدستوري السابع ثم جاءت في دستور 1998م وإنتقلت بعد ذلك إلى دستور 2005م الإنتقالي، وبالتالي أعتقد أن هناك جدية وحرصاً على أن المؤشرات الواردة في البيان الأول للثورة تُترجم, حيث وردت من خلال مسيرة الإنقاذ صعوداً وهبوطاً في محاولة لتجسيدها في قوانين وفي نسق الحكم.



    فهناك نجاحات وإخفاقات في هذه المسيرة, من هذه النجاحات هو إيقاف الحرب وبروز شخصية السودان في المنطقة والإقليم وعلى مستوى العالم، أما الإخفاقات فهي لازالت تتمثل في عدم المقدرة على لم الشمل، فالإخفافات السياسية عموماً ليس سببها الإنقاذ ولا مخالفيها لوحدهم.



    * هل تعتقد أن قانون التوالي السياسي هو الذي قصم ظهر الإسلاميين؟



    لا أعتقد ذاك, بل جوهر الخلاف هو الإختلاف بين شخصية الترابي وشخصية العسكريين, فحدث الصدام, لأن الجيش له القوة ورجال السياسة في ذاك الزمان -وعلى رأسهم الترابي- كانوا يرون أن القوة يجب أن تخضع إلى السلطة في مجملها ولذلك حدث هذا الخلاف.



    * وأنت رجل تتحسس خطواتك دائماً من باب الحِكمة والدراية والمهنية كيف إرتضيت أن تعمل في ظل شرعية شمولية؟



    كان السؤال هو هل الخط الفكري الذي عرضه قائد الثورة منذ اليوم الأول هل هذا الخط كان فكرياً مقنعاً خاصة في ظل إنهيار الأوضاع بالبلاد في تلك الفترة فالموقف المالي كان سيئاً بالبلاد, مضافاً إليه النزاع السياسي والتمرد في الجنوب الذي بدأ يتمدد, وكان السؤال هو هل من علاج لهذا الموقف؟ وقطعاً كل ثورة تصاحبها أخطاء, ولكن المحصلة النهائية كانت تبشر بالأمل في إنقاذ السودان.



    وكان السؤال أيضاً - بالنسبة لي- هل الخط الفكري الذي جاءت به ثورة الإنقاذ مناسب؟ فالإجابة بالنسبة لي كانت نعم.



    * أنتم عملتم في ظل قوة دفع المشروع الحضاري أين هو الآن؟



    بالطبع أقول إن الإنشقاق الذي حدث في الحركة الإسلامية قد ألقى بظلاله على التوجه الفكري بجملته؛ لأن قوة الدفع -التي كانت متمثلة في أصحاب الفكر- كانت موحدة وتأثرت بهذه الأجواء وبالتالي أقول أن الإنقسام الذي حدث قد آخَّر التطور الفكري للدولة وتماسكها.



    * لماذا نأيت بنفسك عن لبس أي ثوب سياسي؟



    أقول إن القاضي إن كان له ثوب سياسي فهو يتخلى عنه, وأنا لم يكن لي ثوب سياسي بل كنت أعمل بالخدمة المدنية, ومنها وقع عليّ الإختيار لأن أكون وزيراً, لذلك أقول: إن السياسة ليست حزءاً من تطلعاتي ولا العمل السياسي كان جزءاً من تكويني الشخصي.. وبالتالي فقد أمضيت طيلة فترة عملي في السلك الحكومي قاضياً ثم مستشاراً, وعلى مدى 17 عاماً لم أكن سياسياً، وحتى عندما دخلت إلى الوزارة كنت أقرب إلى المهني المرتبط بالقانون كقانون, وبالتالي ليس من موقع سياسة.. وكنت أحرص سواء في وزارة العدل أو المحكمة الدستورية أن أكون بعيداً عن العمل السياسي.



    * لكن ما نراه ويراه الكثيرون أنك في النسق العام كنت محسوباً على الإسلاميين كيف ترى ذلك؟



    قطعاً فإن الحركة الإسلامية قد إختارت لغالبية المواقع أناساً لهم ماضٍ طلابي، وهي حينها لم تكن حريصة على الوجه السياسي ولا الموالاة السياسية, بل كانت تحرص على إختيار أناس يتلاقون فكرياً.. فأنا بدأت حياتي العملية.. قاضياً وظللت قاضياً والقاضي دائماً يكون بعيداً عن أي إنتماء سياسي وبعيد عن الإلتزامات الحزبية.



    * لقد كنت وزيراً للعدل في أحلك أيام الإنقاذ فكيف إرتضيت أن تلبس ثوب الإنقاذ في ذاك الزمان وهي تواجه تحديات داخلية وخارجية؟



    السؤال كان بالنسبة لي هل أنا أستطيع أن أقدم شيئاً في مثل هذه المرحلة؟ والإنقاذيون في ذاك الوقت كانوا يبحثون عن أشخاص يمكنهم المواءمة بين العمل الفني وفكرهم, علماً بأن أية وزارة في عملها لها أسس عامة ويغلب عليها الأداء الفني وليس الفكري.. فالحكومة كان لها توجه فكري لابد من أن يظهر بالذات في مجال القانون.



    وأذكر أنه منذ أن تم طرح موضوع التوجه الإسلامي في عهد نميري ومن ثم في عهد الديمقراطية الثالثة, فكان السؤال هل ما طرحه نميري يصلح لأن يكون أساساً لدولة عصرية؟ وعندما جاءت الإنقاذ هذا السؤال كان مطروحاً بمعنى هل تستطيع الإنقاذ أن تستمر فيما بدأه نميري أي هل تستطيع الإنقاذ أن تقيم دولة على هذا الأساس؟ فالإجابة من الذين لهم إلتزام فكري هي من الطبيعي أن تكون نعم، ولكن طبيعي أن تتدخل عوامل أخرى في ثورة لها خصوم لا يريدون لها الاستقرار, ولا أن تنفذ خططها الفكرية, وبالتالي نقول: إن المواجهة لم تكن هي مسألة حزبية بل مسألة فكرية.



    * مَن قدَّمك لكرسي الوزارة في ذاك الوقت؟



    لا أدري.. ولكن قد يكون طرح أسمي مرده إلى أنني كنت أول من بدأ القضاء العسكري, ونلت رتبة عسكرية على مدى عامين ونصف, وأبعدني نميري ضمن نفس القائمة التي أُبعد فيها الضباط الشيوعيون يوم 16/11/1970م, فقد يكون هذا هو المؤشر لطرح اسمي في القائمة الوزارية للإنقاذ, فأنا الذي بدأت العمل في فرع القضاء العسكري في 1/4 /1968م بعد انتقالي له من القضاء المدني.



    * الحديث عن الفساد ومواجهة الأجهزة له هل واجهتم في بداية الإنقاذ أي ظواهر من هذا القبيل؟



    في ذاك الوقت كان الهم الشاغل هو قضية تثبيت الحكومة, وبالتالي لم يكن هناك مظهر من مظاهر الفساد وحتى من يريد أن يفسد فلا مجال له. ولم تكن هناك أية قضية فساد كبيرة في عهدنا, فنحن عاصرنا الفترة الأولى والتي كان همها تثبيت الثورة.



    * بوصفك خبير قوانين هل كانت لديك آراء في قوانين سبتمبر (الشريعة) في عهد مايو؟



    ملاحظتي كانت دخول بعض المواد في القانون الجنائي دون تنسيق بين مواد القانون كله, ولكن أنا كنت من الموافقين على القانون الجنائي في العام 1983م لأنه أدخل الشريعة والمواد المتعلقة بالحدود.



    * ماذا عن إعدام محمود محمد طه في ذاك الزمان هل من تعليق هنا؟



    محمود محمد طه أعدم لأنه ثبت أمام المحكمة أنه أنكر معلومة من الدين بالضرورة, وحقيقة القانون الجنائي لسنة 1983م لم يكن فيه نص يحاكم على الردة, ولكن هناك نص في آخر القانون يقول: ( ما لم ينص فيه على هذا القانون ويخالف أحكام الشريعة الإسلامية يمكن أن نطبق فيه أحكام الشريعة الإسلامية) وبالتالي فالنص الذي طبق عليه هو مضمون الرأي الفقهي الغالب.


    * في بدايات عهد الإنقاذ هل كانت لك أية علاقة مباشرة بالترابي والذي نسبت إليه صناعة بعض المراسيم؟



    لم تكن لي علاقة مباشرة مع د. الترابي على الرغم من أنني كنت من تلاميذه في الجامعة, حيث كان قد درسنا القانون الجنائي في سنة أولى والقانون الدستوري في السنة الثانية، وكما قلت لك بعد أن عملت في الحكومة لم يكن لي نشاط سياسي، وعندما جئت للوزارة فالترابي حينها كان مشغولاً بالأمر العام أكثر من إنشغاله بتنمية العلاقات مع الوزراء، فالترابي لم يكن معترضاً عليّ وولائي أولاً وأخيراً كان للفكرة.


    http://akhirlahza.net/index.php?option=com_content&task...view&id=49&Itemid=36
                  

10-29-2008, 01:38 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    أحزان شخصية عن رحيل أحمد عبد العال/الموت هو الحياة بعد 37 عاماً ثرة
    سعيد الناير سعيد
    صعقت عند قراءتي للخبر بصحيفة (الأحداث) عن موت الفنان الدكتور أحمد عبد العال.
    كتبت عنه بجريدة (الأيام) عند تخرجه من كلية الفنون الجميلة بايع

    از من زميله وصديقه الفنان التشكيلي عبد الجابر محمد بدري، لأن موضوع التخرج كان متفرداً في العام 1971م، ومنذ ذاك التاريخ نمت بيننا علاقة الصداقة الكثيفة بالثقافة المعرفية والمتابعة اليومية لكل جديد ومفيد.
    بدأ الفنان أحمد عبد العال حياته العملية بوزارة الشباب والرياضة وفيها انطلق بالعمل التشكيلي المبدع.
    أقام أول معرض فردي لأعماله التشكيلية في بيروت عام 1972م، وكان معرضاً ناجحاً، نشرت عنه الصحف اللبنانية وبطريقة جميلة غطت كل الجوانب الفكرية للفنان أحمد عبد العال وعبرت عن آماله وتطلعاته وشجعته بالتواصل لإقامة أكثر من معرض، بل تم ذلك بالدعوة لاشتراكه في المعارض الدولية والاقليمية ببيروت. ونال من معرضه ذاك جائزة هي عبارة عن سيارة (رينو) حملها معه في الطائرة الى الخرطوم.

    انطلق بنا أحمد عبد العال في رحاب النشاطات الثقافية، منها الأدبية والمسرحية والسينمائية والموسيقية والفنون التشكيلية، ولا يترك لنا مجالاً لحضور كل الندوات التي تقام في ساحات النشاطات الانسانية، كان يقول لنا: يجب أن نواكب العصر في كل مجالات الحياة المفيدة. كنا ثلاثة (معاً) وفي يوم من الأيام قال لنا: هيا نطلِّع على فكر المهندس محمود محمد طه. (كانت كثافة رواده في الجامعات لتسويق فكره عالية)، وانطلق بنا أحمد ونحن نمتطي (الرينو) بقيادته والصديق الفنان التشكيلي عبد الجابر محمد بدري وشخصي، وذهب بنا إلى حي الموردة حيث مقر إقامة الندوة.وفي الاسبوع الثاني، يقودنا إلى ندوة (الأربعاء) الأدبية بمنزل الأستاذ الجليل الراحل عبد الله حامد الأمين، واصبحنا أعضاء بها من اليوم الأول. وكان الأستاذ عبد الله حامد الأمين يقدمنا للحاضرين بأننا شباب الندوة المستمعين وهو يكن لثلاثتنا تقديراً خاصاً، وكان أحمد عبد العال وعبد الجابر هما التشكيليان الجديدان بالندوة وحديثي التخرج، فلهما مكانة خاصة.
    كان أحمد عبد العال متابعاً لكل النشاطات الثقافية بالعاصمة المثلثة، بل أحياناً يذهب بنا إلى السينما ويقول أنه اكتشف بها فيلماً قرأ عنه في الصحف العالمية، وأن موضوع الفيلم كذا، وكذا.
    ذهبنا معاً أحمد عبد العال وأنا ليبيا ضمن وفد السودان للمشاركة في مؤتمر الشباب العربي الثاني عام 1975م بطرابلس، وعندها حمل احمد عبد العال علم السودان وتقدم الوفد السوداني (المشكل من أكثر من 150 فرداً) في العرض المقام وكان شاباً طويل القامة وقوي البنية وهو أفضلنا لتلك المهمة.
    كان أحمد عبد العال دائماً يفكر في اشياء لا تخطر ببالك، كان عميق الاحساس مرهف الشعور تواق للفكر والتجديد، عندما بدأ بعض طلبة المعهد (كلية الفنون الجميلة) أي مدرسة الخرطوم، يناقشون بصوت مسموع وضعية الفنون والمعهد ويريدون التحول من نمط الأساتذة وبالأخص العملاقين الصلحي وشبرين، وكانت لهم آراء كثيرة في وضع تلك المدرسة.
    ومن أولئك الطلبة وهم الآن يقيمون بصفة دائمة في فرنسا الدكتور عبد الله بولا والدكتور حسن موسى وكمالا وغيرهم.
    عندها بدأ أحمد عبد العال يفكر في ايجاد مكون فكري خاص ينطلق من خلاله الى آفاق جديدة يحلم بتحقيقها وينفذ الى العالم. ومن خلال مدرسة تشكيلية تعكس تطلعات الجيل الجديد وما بداخله.
    وكان التفكير في مشروع مدرسة (الواحد)، وشاركه الفكرة الصديق الفنان ابراهيم العوام.
    كان احمد عبد العال قائداً ورائداً متجدداً ومعين لا ينضب، دائم البحث والتأمل، عميق المعرفة، ساهم في اثراء أرض السودان وتراثه والمكتبة الفنية والأدبية والساحة الاجتماعية وشكل حياته في هذه الأرض وجدانياً بفكرته الايمانية بوحدانية الخالق وعظمته، ينساب فكره ويتحور من عوالي فهمه المرتب للحياة علماً نافعاً تخضر به زروع المعرفة، فالمورد الذي كان ينهل منه الفنان احمد عبد العال هو مورد صافي لا تكدره معوقات وثبات روحه النقية من كثافة علمه.
    دخل الى ساحة الصوفية بصفة خاصة وباشراقاته التي عرف منها ضوء الحقيقة في الصوفية، لم يدخل الى عالم الصوفية تابعاً بل من خلال دراسة وبحث وتمحيص بعمق ايمانه.
    كنا معاً نجلس الى صديقنا المحبب الراحل الباحث التراثي الطيب محمد الطيب الذي كان صديقاً لنا ويسكن جوارنا بالبراري وذهب معه أحمد في رحلات استكشافية للحقيقة من خلال روايات الطيب عن الشيوخ وكراماتهم وتلك الأنوار التي تنبعث من أضرحتهم وما إلى ذلك.
    كان أحمد عبد العال ولوع بالمعرفة، ومن خلال دراساته وبحوثه اختار له طريقاً يمشي به الى الحق عز وجل.
    افترقنا طويلاً، أنا والصديق عبد الجابر هاجرنا الى السعودية واقمنا بالرياض وظل أحمد عبد العال بالسودان (قوي يصارع الأجيالا) نتابع أخباره من البعد، الى أن سافر الى فرنسا لنيل الماجستير والدكتوراة ورجع بعلمه للسودان ليقدم من كنوز فكره المكتسبة بتجاربه ودراساته العميقة لوطن أعطاه الحب وعشقه حتى الموت.
    قدم أحمد للسودان خلال مسيرته الحياتية في 37 عاماً تجربة ثرة وفكراً ناضجاً وعملاً خالداً في الفن التشكيلي والابداع الانساني.
    ترك لنا الدكتور احمد عبد العال ثلة من الابداعات الفنية وثلة معرفية أدبية وتشكيلية. الله سبحانه وتعالى قدم الموت على الحياة ليؤكد لنا ان الموت هو الحياة، يقول تعالى (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور). آية (2) سورة الملك.
    وأنت صديقي أحمد بموتك بدأت الحياة الأبدية، وفي الأرض بقيت أعمالك تزخر بالحياة. نسأل الله الذي آمنت به وعملت في مسارات حياتك الدنيوية بفكر قادك الى التوحيد في عبادة الخالق الواحد الأحد، أن يدخلك مدخل صدق مع الأنبياء والأولياء والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
    فإلى جنات الخلد يا صديقي، نشهد أنك زرعت الضوء على دروب اللحن الصوفي الجميل وبأوتار موسيقى الوحدانية والايمان (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، أبكيك يا صديقي بقلبي قبل دموعي، أبكي فيك الجمال الذي حمله قلبك الكبير، أبكي فيك الموت فرحاً، بحياتك الآنية، أبكي فيك عشرة سنين عشناها بالحب الصادق أبكي فيك روحك الخفاقة بالابداع، وللإبداع، (أنتم السابقون ونحن اللاحقون).

    http://www.alahdathonline.com/Ar/ViewContent/tabid/76/C...D/17999/Default.aspx
                  

10-29-2008, 03:31 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    من جاليليو الى أميمة عبد الله
    محمذ المهدي بشرى
    كانت الدموع تنهمر من عينيها وهي تحادثني عبر الهاتف لتخبرني بأن السلطات صادرت روايتها "أماديرا" وأن هناك اتجاه لحرق الرواية التي تمت طباعتها

    باحدى دور النشر بالقاهرة، لم تصدق أذناي مصادرة رواية وحرقها في العقد الأول من الألفية الجديدة..! حاولت أن أعزي نفسي وقلت لابد أن الكاتبة أميمة عبد الله تبالغ في الأمر نسبة لحداثة تجربتها، ولكنها أكدت لي أن مسؤولاً أخطرها أن الرواية سيتم حرقها، وسرعان ما تأكد لي عبثية الأمر وأنه ليس إلا واحداً من الكوابيس التي برع في تصويرها "جارسيا ماركيث" في رواياته التي استحق عليها جائزة نوبل عن جدارة واستحقاق، والمأساة أن ما يحدث لرواية "آماديرا" حقيقة وليس حلم.
    وقلت فلأنتظر بعض الوقت علَّ الكابوس ينزاح. لكن عثمان شنقر أبى إلا أن يؤكد عبثية الموقف اذ أشار للواقعة في صحيفة "أجراس الحرية" 18/9/2008م حيث كتب تحت عنوان "بذريعة مواجهة المؤسسة العسكرية" ثم مضى يقول "المصنفات تصادر رواية (أماديرا) للكاتبة أميمة صالح". ونقل شنقر عن الكاتبة أن السلطات صادرت الرواية بمطار الخرطوم، إلا أن شنقر والحمد لله لم يتطرق الى حرق الرواية من قريب أو بعيد، لكن الأنظمة الشمولية عادة ما تلجأ لأسلوب البيان بالعمل، والمنطق يقول أن الحق الذي يعطي سلطة ما مصادرة كتاب ما، يمكن أن يعطيها حق احراقه بل واحراق كاتبها، تماماً كما تم في القرون الوسطى في محاكم التفتيش وكما تم احراق ابن رشد. كما هو معروف فقد تم في ظل النظام المايوي اعدام المفكر الشهيد محمود محمد طه واحراق كتب الفكر الجمهوري.
    والسؤال ماذا قالت هذه الرواية الضحية، رواية "أماديرا" تحاول تسجيل مرحلة من مراحل الصراع السياسي في السودان. وهي رواية لا بأس بها وقد اجتهدت كاتبتها في صياغة نص روائي يتكئ على التاريخ، وقد نختلف أو نتفق حول القيمة الفنية للرواية، لكن الشيء المؤكد هو مثابرة الكاتبة وحرصها على تجويد أدواتها، و"أماديرا" هي روايتها الثانية بعد "ذاكرة مشلولة" ومجموعتين قصصيتين هما "إلى حين إشعار آخر" و"مرافئ القمر" كل هذا العطاء يؤكد اخلاص الكاتبة وحماسها وطموحها الابداعي. وهي تملك الموهبة والمثابرة بما يمكنها من تحقيق طموحها وقد تشرفت بقراءة الرواية التي تكرمت الكاتبة مشكورة باهدائها لشخصي.. وكذلك تشرفت بأن أكون واحداً من المتحدثين في ندوة حاشدة نظمتها مؤسسة أروقة بحماس من قبل القائم بأمرها الاستاذ السمؤل خلف الله، وكانت بحق ندوة مميزة تحدث فيها حشد من النقاد والأدباء أذكر منهم ابراهيم اسحق ومحمد عبد الله الريح وعمر قدور ونبيل غالي ومحمد اسماعيل وزينب بليل، الى جانب المخرج شكر الله خلف الله الذي أعلن عن رغبته في اعداد الرواية تلفزيونياً.. بالطبع لخص المتحدثون ملاحظاتهم على الرواية وتحدث البعض عن أسلوب الرواية بينما تحدث آخرون عن ترهل اصاب الرواية لكن ما اتفق عليه الجميع ان الرواية جديرة بالاهتمام والدراسة.. والغريب أن كل ذلك الحشد من النقاد والأدباء فات عليه أن يلاحظ ما لاحظه ذلك المسؤول الكبير الذي يرى أن الرواية تضع نفسها في مواجهة المؤسسة العسكرية.. لابد أن ذلك الرقيب لديه من الحس النقدي ما يتجاوز به كل اولئك النقاد والأدباء لهذا تمكن من اكتشاف "المواجهة". ليس هذا فحسب بل أن المصنفات، حسب شنقر "اشادت من قبل في تقريرها حول اجازة الرواية بالاسلوب والتكنيك والبناء المعماري للرواية " أنتهى.. والآن ذات المصنفات تسارع الى مصادرة الرواية وربما حرقها.
    على كل اذا كانت المؤسسة العسكرية قد تضررت أيما ضرر بسبب هذه الرواية فيمكنها اللجوء الى القضاء وهذا حقها أما أن تصادر هذه الرواية بسبب هذه المواجهة فهذه غلظة تنم عن استبداد واستعلاء. والأكثر غرابة الدور الذي لعبته لجنة المصنفات التي سبق وأجازت الرواية كما ذكرنا ولكنها اليوم تأتي لتصادر الرواية بهذا الاسلوب.. فما هو دور هذه اللجنة اذا لم يكن حماية المؤلفين وحماية ابداعهم. لابد أن الزمان استدار دورته ولابد أن الكنيسة التي رفضت نظرية جاليليو التي تقول بدوران الأرض حول نفسها، لابد أن هذه الكنيسة أطلت برأسها من جديد في زماننا هذا ولكن الأرض تدور وصار جاليليو شهيداً للعلم والمعرفة بينما ذهب قضاته الى مزبلة التاريخ.



    http://www.alahdathonline.com/Ar/ViewContent/tabid/76/C...D/16416/Default.aspx
                  

10-29-2008, 03:33 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    القيادي الجمهوري د. أحمد مصطفى دالي: (1 ــ2) / الحزب الجمهوري تأثر بغياب محمود محمد طه
    حوار: صلاح شعيب
    صمت أحمد المصطفى دالي منذ يناير 1985, ولم يعد يظهر في المنابر التي عركها وخبرها، حقبة طويلة من الزمن، منافحا عما يعتقده من أفكار, يقيم دالي حاليا مع

    أسرته بدولة قطر, ومن المعلوم أن دالي متزوج من سمية محمود محمد طه, التقيناه في واشنطن فكان هذا الحوار
    * هل لنا أن نعرف عن مراحلكم الدراسية وكيف كان إنضمامك للجمهوريين؟
    ـ قرأت الاولية في شرق النيل الازرق بمدرسة الحديبة، ثم المتوسط والثانوية برفاعة فجامعة الخرطوم.. بعد فترة من الحياة في السودان هاجرت الى امريكا ودرست بجامعة اوهايو.. في المرحلة الثانوية كنت منتمياً إلى الاتجاه الاسلامي، إذ كان لدي شعور ديني متحمس كما أي فرد.. مع الاخوان المسلمين الذين كنت جزء منهم كنا نقرأ لحسن البنا وسيد قطب وأبو العلاء المودودي وكل العلماء السلفيين وعندما أتيت إلى جامعة الخرطوم عايشت كل الأفكار التي كانت مطروحة آنذاك، ولأنني كنت أرى الكثير من التناقض بين واقع الحياة والمعتقد السياسي غضيت الطرف عما أحمل في الذهن من معارف إلى أن اطلعت على الفكرة الجمهورية، وهي المتميزة بالوضوح بعكس فكرة الاخوان المسلمين حيث كانت كتابات حسن البنا صورة من الخطاب الاسلاموي المعمم، والحال نفسه كان يلازم سيد قطب الذي يسهب في القول بتحطيم معالم الجاهلية ولكن حين يسأل المرء عن كيفية ذلك بالتفصيل يقول قادتنا إنهم يدعون لترسيخ العقيدة.. إذن لم أجد التفاصيل لإجاباتي في فكرة الاخوان المسلمين.. أضف إلى كل هذا أننا في الجامعة وجدنا الأحزاب تعمل بحرية في الجامعة. كان هناك الحزب الشيوعي، البعث والجماعات الدينية الأخرى.. ثم استمعت إلى الجمهوريين وقرأت جرائدهم الحائطية وكذلك الكتب المطروحة للتوزيع.. إذن كانت هناك فرصة للحوار والمقارنة، وأخيراً وجدت الفكرة الجمهورية تحمل إجابة عن تساؤلاتي.. واستمعنا إلى أحاديث عن تربية الفرد وكنت افتقد ذلك في فكر الاخوان المسلمين ومن هناك وجدت نفسي جمهورياً إلى الآن.
    * بإعتبارك كنت قيادياً منظماً في جماعة الأخوان المسلمين، ألم يكن صعباً تركهم؟
    ـ نعم كنت منظماً وكنت مسؤولاً عن الجانب الثقافي وكنا نجتمع بمناديب من الخرطوم وحتى ذلك الوقت لم تكن الفكرة الجمهورية موجودة على مستوى المرحلة الثانوية لأننا نشأنا كأخوان مسلمين وفي مجال الحوار بالجامعة حدثت المقارنة بين فكر البنا وسيد قطب ووجدت أن الفكرة الجمهورية راجحة. والواقع كان فكر الاستاذ محمود محمد طه واضحاً ومفصلاً على خلاف كل التنظيمات التي تفتقر لما تريد من أشواق فكرية وهذا واضح في الحركات الاسلامية والتي تتحدث في البلدان الإسلامية بأن الاسلام هو الحل لكن لا يوجد تحت الشعار شئ يوضح أو يجاوب على أية اسئلة.
    * وهل بعد انضمامك للجمهوريين قابلت الاستاذ محمود حالاً؟
    ـ نعم كان هناك جمهوريون وجلسات ويطرح الشخص أسئلته ومقابلة الاستاذ كانت سهلة حيث يمكن أن تزوره وتطرح عليه اسئلتك، وقد كان.. قابلته بلا سكرتارية وأنا طالب صغير وبلا مواعيد.
    * ما هو الإنطباع الأول الذي خرجت به..؟
    ـ وجدته رجلاً سودانياً وشعرت انه ليس غريباً علي.. كان يعيش بسيطاً في منزل من “الجالوص” ويجلس دائماً في “عنقريب”.. وبالنسبة لطالب مثلي آتٍ من الاقاليم كان يخيل إلي أن رئيس الحزب مختلف وأنه “حاجة كبيرة”..عندما أتوا بالوجبة أكلت في الأول ثم أكل هو.. وجدت أن هذا دين وشئ يمكن أن انتمي إليه.
    * كقيادي سابق في الاخوان المسلمين هل كان متاحاً لكم وقتها مقابلة شخصيات أعلى في التنظيم؟
    ـ كنا نقابل مندوباً من الخرطوم فقط.. يأتي إلينا وليس شيئاً معتبراً من التنظيم أن تكون لديك علاقة بالرئيس أو القائد، فهو هناك يعيش في جو مختلف.. قال لي أحد الناس أنه أيام اكتوبر كانوا يساهرون الليل ويقودون المظاهرات ويذهبون للمستشفيات وكانوا مطاردين من قبل أجهزة الأمن وكان من ضمن مسؤوليات هذا الشخص أن يبلغ الترابي بما يجري.. ذهب إليه فإنتظر حتى خرج له فوجده شخصية مختلفة وقال لي إنه خرج من التنظيم منذ ذلك اليوم ولم يعد إليه لأنه، كما قال، وجد نفسه في وادٍ والقادة في وادٍ.. هذا قد يعطيك انطباعاً عن الفرق بين الاستاذ محمود وبقية القادة.
    *هل علاقة الجمهوريين فيما بينهم كانت علامة فارقة في توطيد إهتمامهم بالفكر الجمهوري وهل لعبت هذه العلاقة دوراً بأن تظل جذوة الوفاء له متقدة..؟
    ـ نعم لأننا نعيش الدين كقيمة.. كان لدى الاستاذ محمود مسؤولية نحو تطبيق الدين في حياته وتربيتنا وفق معانيه وهو عندما انشأ الحزب دخل السجن في وبعد الاستقلال وكان أي عمل سياسي يتطلب المواجهة يكون هو أول من يتصدى.. سجن في كتاب أصدره ضد الوهابية وكان أول المسجونين.. في قضية بورتسودان أنشأنا معرضاً فأقام علينا القضاء الشرعي دعوى بأننا اسئنا للدين فجعلونا متهمين فقال الاستاذ محمود بإنني أرسلت هؤلاء الابناء ولا يمكن أن أتركهم نهباً لهذا الجهل ودخل معنا المحكمة كمتهم أول.. ووجدنا في تاريخنا أنه عند المواجهة بالمحاكمة أو الموت أو القتل أن قادة التنظيمات يقومون بإرسال تلاميذهم ليموتوا من أجلهم ليكونوا هم في مأمن ثم يأتوا ليصالحوا الذين قتلوا تلاميذهم ويجلسوا معهم في الكراسي وحدث هذا من كل الزعماء.. نعم إذا فشل التلاميذ في التغيير يجلس القادة مع القاتل لتسوية مشاركتهم في الحكم أما وإذا نجحوا فإنهم يجلسوا في الحكم.. الاستاذ محمود كان يعيش قيمة الدين والاهتمام بالفرد المنتمي إلى الفكرة الجمهورية.. كان دفاعه عن تلاميذه جزء من التدين وليس علاقة تجميع الناس للتصويت له.
    * عرفت بأنك كنت محاوراً ومتحدثاً اساسياً في ركن النقاش الذي كنت تقيمه في جامعة الخرطوم حدثنا عن هذه التجربة...؟
    ـ حاول الاسلاميون تجاهل ركن النقاش الذي أقمته وحدثوا عضويتهم ألا يلقوا بالاً له وكانت التجربة غريبة عليهم إذ أن تنظيمهم لا يعترف بالحوار ولا يريدون الدخول فيه لأن الحوار يطرح أسئلة ونقاش ويترك الناس تقرر ولكن عندما وجدوا أن بعض اصدقاء الجمهوريين يواجهونهم بالأفكار التي نطرحها اضطروا في نهاية الأمر أن يأتوا للمشاركة بعد أن توقعوا موت ركن النقاش طبيعياً.. محاولتهم الاولى للمشاركة كانت للعنف ولكن تأسس رأي عام في الجامعة ضد العنف.
    * وهل تعرضت لعنف من قبل الاخوان..؟
    ـ نعم.. أذني من الجانب الأيمن تعاني من ضعف السمع.. و”رأسي مفتوح ومخيط وضلعتي بها كسر”.. وفعل هذا بعض أناس في السلطة الآن والذين ضربوني.. وكنت أعزلاً..!!
    *هل تسامحهم كما كان الاستاذ محمود يفعل ذات الشئ مع من يقومون بضربه..؟
    ـ نعم أسامحهم... ولم لا. وبمناسبة المسامحة فإن الاستاذ والذي حكم عليه بالردة عام 1968 مع الأمر بتطليق زوجته ومصادرة ممتلكاته قال لنا ونحن جالسون في صالون منزله إنه أتانا خبراً الآن بوفاة “الامين داؤود” والذي رفع الدعوى ضده وقال “هو أحوج ما يكون إلينا الآن.. اقرأوا الاخلاص إحدى عشر مرة بالاخلاص على روحه..”!! ومن مآثر الاستاذ أيضاً أنه في المحكمة أعفى الشخص الذي ضربه في مدينة الابيض فشج رأسه، وفي زيارتي للولايات المتحدة وجدت ابنة الدكتور الذي أجرى “عملية الخياطة” للاستاذ وحدثني أن العملية أجريت بلا “بنج”. كان الاستاذ يقول “أن يوم ضربتنا ما جات ويذكرنا دائماً ويقول لنا: واجه الظاهر وشوف وراهو..”
    * هذه حالة رسالية يصعب تحقيقها لدى كل البشر؟
    ـ نعم. كان السيد المسيح يقول من ضربك في خدك الأيمن أدر له الأيسر.. ولو سخرك أحدهم ميلاً امشي معه ميلين.
    * وهل كل الجمهوريين يطبقون هذه المعايير الصعبة..؟
    ـ لا.. نحن لا ندعي وهذ المعاملات مقامات.. لكن أؤكد لك أنه ليس هناك من جمهوري يقوم بضرب الآخر.. الجمهوري يمكنه أن يجردك من السلاح إذا أردت ضربه ولكنه لا يؤذيك به بعدها.. وجزاء سيئة بسيئة مثلها ومن عفى واصلح فأجره على الله.. هذا الفهم كان ما يطرحه الاستاذ، لذا فإنه قال: الصلاة معراج العبد لربه.. طبعاً الناس عرفوا ان قتل الاستاذ محمود غير مكلف ولو عرفت الناس ان لدى الجمهوريين دبابات ومحروسين وقناصة لإختلف الأمر.. الوهابيون يتكلمون عن تكسير القباب ولكن ما دام أن هناك حراباً مشرعة لحمايتها فإنهم لا يقتربون منها.. قال لي أحدهم أن شخصاً كتب في سودانيزأولاين مطالباً أحدهم بألا يقوم بمهاجمة شيوخ الخليج إذ أنه يرى أن ذلك يضر بواقع السودانيين هناك ورأى هذا الشخص أن مهاجمة الأمراء سيؤثر على واقع وظائف السودانيين. وهكذا تكون القوة المادية والعينية مهمة في واقع الناس ولو كنا نمتلك هذه القوة لما فقدنا الاستاذ محمود بتلك الطريقة المهينة للفكر والدين.
    * هل ترى أن محاكمة الاستاذ كانت دينية أكثر من كونها سياسية..؟
    ـ لم يكن يوجد أي معنى ديني في المحاكمة ولو بالشكل الظاهري.. نحن أصدرنا منشوراً وقلنا أن تلك القوانين تشويه للاسلام والشريعة ولا يمكن تقديم الإسلام بتلك الطريقة في العصر الحاضر.. وقبل حين قال الترابي لا توجد أي عودة للنبي عيسى وليس هناك عذاب قبر وإنه يجوز للمرأة المسلمة الزواج من كتابي.. والسؤال هو هل يوجد نص في القرآن الكريم بأن يكون نائب رئيس الجمهورية مسيحياً..؟ كل هذه الاشياء التي قالها الترابي لم تجد من يتصدى له سواء من الوهابيين أو تلامذته. ولك أن تحكم..!!
    * ربما “ضرورة التعايش وفقه الضرورة” أوجدت مجالاً لسلفاكير في الدولة الاسلامية..؟
    ـ إذن أليس نحن بمسلمين ولماذا لم يتعايشوا معنا..؟..هل لأننا لا نملك كلاشنكوف.. أنت تطالب بالتعايش مع الصين “الكافرة دي” وتستثمر مع روسيا وما عايزنا نحنا اللي بنقول لا إله إلا الله ومحمد رسول الله.. وكمان الاستاذ محمود يدعو لطريق محمد وطريقة الطرق إلا طريق محمد وامران مقترنان ليس وراهما القران وحياة محمد أما القرآن فهو مفتاح القلوب لا اله الا الله ده كلام زول ما عايزة النبي.
    * هل أثر غياب الاستاذ في فاعلية الحزب الجمهوري؟
    ـ نعم أثر كثيراً، فالفكرة الجمهورية كانت عملاً دينياً وليس سياسياً... الاستاذ محمود كان يجسد القول بالعمل وكما قلت كان محمود رجلاً بسيطاً يعيش في مبنى من الجالوص ويسافر بالدرجة الرابعة ويركب البص وتجده واقفاً وكان يقول لنا إن الكرسي الذي نجلس فيه داخل البص إنما هو أمانة حتى يأتي رجلا مسنا يستحقه أو إمرأة. كان هذا غالب معاملاته وفهمه لممارسة الدين.. نحن شعرنا أن هذا المستوى العالي من تحقق إنسانية الفرد مما لا نستطيع بلوغه كأفراد.. موضوع تطبيق نموذج الاستاذ محمود في حياتنا لا يزال يصيبنا بالهم وترانا نحاول تمثل هذه المعاني المرتبطة بالدين القويم ولكن.. الكلام جميل لكن الممارسة اكبر من الكلام.

    http://www.alahdathonline.com/Ar/ViewContent/tabid/76/C...D/15755/Default.aspx
                  

10-29-2008, 03:38 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    في محاضرة اتجاهات المستقبل:فرنانديز :المحكمة الجنائية الدولية ليست في أولوياتنا
    الخرطوم عبد المنعم ابوادريس
    أمامنا فرصة ذهبية لتحسين العلاقات الأمريكية السودانية وإذا لم نغتنمها ستكون هناك مخاطر كبيرة ...عبارة رددها القائم بالأعمال الأمريكي البرتو فرنانديز أ

    كثر من مرة وأضاف عليها تبقى لنا ستة أشهر فقط لاقتناص هذه الفرصة وبعدها ستدخل أمريكا في جو الانتخابات الرئاسية والتى ان جاءت بالديمقراطيين سيتغير الأمر لأنهم الآن يقفون على نقيض سياسة بوش الخارجية بل انهم يقولون بأن إدارة بوش في جيب الرئيس البشير جاء ذلك في ثنايا رده على المداخلات التى قدمت على محاضرته التى نظمتها مؤسسة اتجاهات المستقبل تحت عنوان أجندة لآفاق مستقبلية للعلاقات الأمريكية السودانية مساء الخميس في ختام سلسلة محاضراتها لهذا العام والتى ابتدرتها بمحاضرة لمدير شبكة قنوات الجزيرة وأخرى للرئيس الايراني أحمدي نجاد وتختتم بالقائم بالأعمال الأمريكي ومضى محجوب قائلا إنها المصادفة وليس تغيرا في أجندة المؤسسة.
    ورغما عن تشديد مقدم المحاضرة الأستاذ الصادق بخيت على المداخلات لتكون متسقة مع موضوع المحاضرة وهو أجندة المستقبل إلا ان راهن العلاقات سيطر على المداخلات.
    وقد بدا فرنانديز حديثه متنقلا ما بين العربية والانجليزية رغم ان النص الذي وزع على الحضور كان إنجليزيا
    وكان أول المتداخلين البروفسير حسن مكي مدير معهد الدراسات الأفريقية بجامعة أفريقيا والذي قال إن الولايات المتحدة الأمريكية نجحت نجاحا كبيرا في هندسة السودان مقارنة مع ما قامت به في دول أخرى ومن دلائل نجاحها ان سلفا كير الآن هو النائب الأول لرئيس الجمهورية وان مناوي رغما عن إحراق الطائرات في مطار الفاشر هو كبير مساعدي الرئيس وتجد الهوة واسعة إذا قارنت هذا بدولة مثل الكنغو فهي ما زالت محترقة وليس فيها غير كنشاسا وفي إزاء هذا النجاح نجد أنها تضغط علينا وفي ذات الوقت نجد أنها فشلت في ان تحمل بعض الدول على منح المرأة حق الحصول على رخصة قيادة.
    وحول المسارات الثلاث للعلاقات (العون الانساني والعقوبات والدبلوماسية العامة )فأمريكا نجحت في الجانب الانساني ولكنها فشلت في العقوبات فصادرات السودان عام 1989 كانت 365 مليون دولار والآن عائدات البترول وحده 12 بليون دولار وأمريكا تنظر لهذا البترول السوداني محرومة الشركات الأمريكية منه ولذا أدخلته في هندسة السودان يوم ان أعطت الجنوب 50%من عائداته.
    ثم أعاب مكي على أمريكا أنها تتعامل مع السودان بمعلومات خاطئة ضاربا مثلا بما أورده السفير السابق توم كارني عند ما أرسل مسودة كتابه لحسن مكي ليطلع عليه قبل الطباعة فوجد أنه أورد ان أسامه بن لادن تزوج ابنة أخ الترابي فانظر كيف هي الأخطاء.
    كما أن الإدارة الأمريكية سحبت مئات التقارير الخاطئة من أضابيرها بعد ضرب مصنع الشفاء ،وهذه المعلومات الخاطئة تجعل الأمريكان لايفهمون التعطيل في تنفيذ الأشياء وعدم التنفيذ ليس معناه ان السودان لايريد ولكنها تفاصيل خاصة به
    وتاريخيا نجد ان الادارة الأمريكية أكبر دعم قدمته لنظام نميري عقب إعدام محمود محمد طه وترحيل الفلاشا، وبعد سقوطه لم تدعم حكومة سوار الذهب.


    http://www.alahdathonline.com/Ar/ViewContent/tabid/76/C...ID/3711/Default.aspx

    (عدل بواسطة عبدالله عثمان on 10-29-2008, 03:51 AM)

                  

10-29-2008, 03:11 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)



    الفنون علي مسرح الفكر الجمهوري (1)
    محمد محمد الأمين عبد الرازق
    لقد استخدمت الدعوة الجمهورية ، جملة من الاساليب في نشر الفكرة ، وبث الوعي الديني من أجل احداث ثورة فكرية ، تتحقق علي هداها الثورة الثقافية في الشعب .. ومن تلك الاساليب حملة توزيع الكتاب في المدن المتلفة ، والاسواق ، والمرافق العامة الي جانب المحاضرات والندوات وأركان النقاش .. ثم أضافت الدعوة أسلو ب المعارض الفنية ، التي يقوم بإعدادها الفنانون الجمهوريون .. ومن المعارض التي شهدت تطورا واضحا ، المعرض الذي أقيم بمنزل الاستاذ محمد فضل الصديق بالموردة ، بتاريخ 16/9/1976م .. الجديد الملفت للنظر في ذلك المعرض ، كان هو اشتراك الفنان المبدع د. احمد عبد العال الذي غادرنا الى البرزخ نهاية الاسبوع الماضي 23/10/2008م ، او قل ولد ميلادا جديدا في حيز جديد ، فيه حياتنا أكمل وأتم لقربنا من ربنا كما يعبر الاستاذ/ محمود محمد طه ..
    وفي كلمة الافتتاح ، أشار الاستاذ محمود الى موهبة، ودور فقيدنا الفنان، في تقوية العرض الفني ، ثم قدم افتتاحية مختصرة حول علاقة الدين بالفنون ، فالنستمع الى مقتطفات من تلك الكلمة:
    (هذا المعرض يقوم باعداده الجمهوريون الفنانون ، وهم بفضل الله ، في الوقت الحاضر كثر، ودائما يصبغون الدعوة الفكرية بالمسحة الفنية ، ولقد انضاف اليهم أخيرا فنان ،فنان اليد ، فنان الفكر ، فنان الشعور، جم الحركة والنشاط.. وقد صبغ هذا المعرض بلون جديد ، وبأفكار جديدة ،وجعله يتخذ صوره جادة وجديدة.. وسيكون أثرها في مقبل أيامنا، إن شاء الله، أثرا كبيرا ، حيث لأول مرة نخرج بمعرض متجول يرفع اللافتات كالصورة التي ترونها ، تحمل ، وتركز في الميادين، ويقرا الشعب الكلمات المنتقاة من كتب الفكرة ، وهي تعطيه الخلاصة جمة المعنى قصيرة المبنى ) .. انتهى .. ولأول مرة عرضت في ذلك المعرض الألحان التي يتغنى بها الجمهويون فيما عرف بالانشاد العرفاني ، وهو لون جديد من الفن تلحن فيه أشعار العارفين من الصوفية، والشعراء الجمهوريين من غير موسيقى ، ووزعت في ذلك المعرض أشرطة كاسيت تحوي ذلك الانشاد .. نتابع ما قال الاستاذ محمود في كلمته حول هذه الجزئية : (والالحان على التحقيق ، لأول مرة تعرض في معارضنا ، واللحن أقدم من كل لغة ، وأقدم من كل مخاطبة تتوجه الى العقل.. واللحن في الحقيقة تتأثر به الحيوانات والنباتات ، ومن المحقق أن هزاته تؤثر في الكون كله ، حيث ان الكون كله لحن متحرك .. الصورة لحن مجسد ويمكن أن يقال أن اللحن صورة غير مرئية ، والصورة لحن مرئي .. ولذلك فإن الصورة واللحن سيكسبان هذه الحركة الميمونة لونا جديدا من الحيوية ، ولونا جديدا في الاتجاه الى مخاطبة شعور الناس.. والشعور بطبيعة الحال سابق على الفكر، وأقرب طريق لإفهام الناس، هو مخاطبة شعورهم أولا، فإذا كانت المخاطبة من النوع المتسامي بالعاطفة ، يستعد العقل لتقبل المعاني التي تطرح).. انتهى.. وحول العلاقة بن الدين و الفنون جاء في الكلمة ومن غير شك ، فإن الزواج بين الدين والفن زواج قديم ، زواج أزلي ، ولكنه لم يكن زواجا موفقا ، كانت المناكفات فيه كثيرة ، زيجة فاشلة كانت .. المناكفات ذهبت الى أن تكون الاديان محرمة لألوان من الفنون ، وحٌقّ لها أن تحرمها لأن الفنون انصبغت بمصاحبة اللهو ، والديانات في عباداتها انصبغت ، واتجهت لتصر دائما على نوع من الجدية ونوع من الانضباط .. ولكننا نحن في الدعوة الاسلامية الجديدة التي تقوم على بعث أصول الدين ، نرى أن المسيرة ستتجه الى رفع الحواجز جميعها ، حيث يفضي الامر في نهاية المطاف ، الى إعادة الاشياء كلها الى الحل ، إذ أن الحرمة، خاصة فيما يتعلق بالفنون، حكم عقلي.. الحكمة وراءه سوق الناس الى الجد والانضباط بدل أن يتوزعوا ، ويشتتوا خواطرهم باللهو ، أو مايدعو الى اللهو.. وبطبيعة الحال ، كل الحرمة من حيث هي، إنما هي حكم عقلي ، وإذا استغنت العقول عن الحرمة، ترجع الامور الى الحل في نهاية الأمر "ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما " ..الفكر الاسلامي في تساميه يسير الى أن يرتفق بكل ما في الوجود ، ليصل الى الله ، لأنه ليس لله عدو ، وليس لله ضد ، وإنما كل الاشياء تسبح بحمده ، وتسجد له ، وتقدسه ، وتكبره وتعبده ، ولكننا نحن لا نفهم هذا التقديس وهذا التسبيح .. فإذا فهمنا ، فإن كل الاشياء مطايانا الى الله ، وبصورة مؤكدة الفنون).. انتهت كلمة الافتتاح..
    في البداية لابد من الإشارة الي أننا في الوقت الحاضر، في أمس الحاجة الي فلسفة، وفكر، يوجه ليس حركة الفنون وحسب، وإنما كل أوجه الحياة.. ونحن نرى أن هذا الفكر المسدد لا يوجد إلا في الإسلام على أن يفهم أن الإسلام مستويان: أصول وفروع أو علم وعقيدة .. والاسلام في مستواه العلمي هو الحل وليس العقائدي.. وفي المستوى العلمي، (الاسلام دين الفطرة ) كما ورد في الحديث النبوي .. وقال تعالي: " وأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ، ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ".. وجاء في الحديث النبوي :" كل مولود يولد علي الفطرة فأبواه يهودانه ، أو يمجسانه أو ينصرانه " بمعنى ان الفطرة السليمة هذه، تنمسخ، ويتحول الانسان الي العقائد المختلفة نتيجة التجربة التي يكتسبها من أبويه ومن البيئة من حوله .. والفطرة هي العقل الصافي والقلب السليم .. والاسلام بتشاريعه في العبادة والمعاملة، انما يرمي الي إجلاء ما سطرته التجربة من أدران علي هذه القلوب ، وإرجاعها الي نقائها وصفائها .. قال تعالي في هذا المعني: " كلا بل ران علي قلوبهم ما كانوا يكسبون كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ".. هذا هو الاسلام في أصوله العلمية .. وهو عمل في تربية الفرد بتعليمه كيف يسوس نفسه ويطورها نحو إنسانيتها في الفطرة السليمة .. ومن هذه القيمة ، قيمة التربية ، ينظر الاسلام الي كل نشاطات المجتمع ، فإذا كانت في انسجام مع منهاج التربية فإنه يبيحها وينميها، أما اذا كانت معوقه فيحرمها .. والحرمة حكم شرعي ، والحكم الشرعي إنما يتوخي تسييرنا في المراقي نحو الانسانية .. وليس هناك شئ هو حرام في ذاته ، وكل المحرمات من الصور الحسية إنما هي حرمة بالحواله ، وأما الحرمة بالأصالة فانما هي عيب السلوك يعني تراجع التربية .. قال تعالي في هذا المعني : " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده ، والطيبات من الرزق ؟؟ قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة .. كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون .. قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن، والإثم، والبغي بغير الحق ، وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا، وأن تقولوا علي الله ما لا تعلمون " .. إذن التربية هي الاساس الموجه، لكل تشريعات الاسلام الفردية والجماعية ، وهذه النقطة نريد لها أن تكون مركزة في الأذهان ..فإذا كان الامر فيما يخص التحريم ،كما هو واضح، قائم علي هذه القاعدة ، قاعدة التربية ، فينتظر أن يكون هناك تخفيف في شدته ، أو تغيير كلما ارتفع الانسان بمنهاج التربية ، وتغيرت ادراكاته ، وفي هذا المعني ورد قوله تعالي : " ليس علي الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ، اذا ما اتقوا وآمنوا ، وعملوا الصالحات ، ثم انقوا وآمنوا ، ثم اتقوا وأحسنوا ، والله يحب المحسنين" فالمعرفة ترفع الحرمة لأن العارف انتفى عنده حظ النفس السفلي ، والجاهل تحرم عليه المحرمات لمكان حظ النفس عنده قال تعالى : "فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم " ..هي طيبات أحلت لهم حين ظن بهم المعرفة، وعندما تبين جهلهم حرمت عليهم .. والضرورة أيضا ترفع الحرمة ، وذلك لأن المضطر انتفى عنده هوى النفس .. قال تعالى: " قل لا أجد فيما أوحى الي محرما علي طاعم يطعمه ، الا أن يكون ميتة ،أو دما مسفوحا، أو لحم خنزير فإنه رجس ، أو فسقا أهل لغير الله به .. فمن اضطر غير باغ ولاعاد فلا إثم عليه " .. تجاوز عن الاربعة في حق المضطر فأصبحت حلالا ..
    الفنون في الشريعة :
    إذا وضح في أذهاننا مما تقدم ، أن التحريم أطوار، وأن الحكمة وراءه هي تربيتنا، يحئ موضوع الفنون في الاسلام .. الاسلام في شريعته السلفية حرم الرسم ، النحت والتصوير .. روى عبد الله عياس أنه قال : "من صور صورة يعذبه الله حتي ينفخ فيها الروح، وما هو بنافخ فيها أبدا " او حديث آخر "ان الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ولا صورة " .. حرمت الموسيقي ، وحرم الغناء عند بعض الفقهاء والبعض الآخر يرى أنه لهو، لكنه ليس حراما ، وعند بعض المتشددين، كل ما يلهي عن الله فهو حرام .. الحكمة في هذا التحريم، حسب القاعدة التربوية الي أشرنا اليها، مربوطة بأثر الفن المعين علي برنامج التربية .. ولذلك هذه الحرمة اليوم غير قائمة، لأن السبب فيها زال، وهو أن الناس كانوا حديثي عهد بالاسلام ، ولا يزال عهد عبادة الاوثان في الجاهلية قريبا، ويمكن أن يحنوا الى الأوثان، بالعبادة، في انتكاسة تعصف بمنهاج التوحيد التربوي جملة وتفصيلا، إذا ما رأوها تنحت أمامهم .. وكذلك كانو قريبين عهد باللهو في مواخير الجاهلية ، من غناء ورقص وموسيقي ..ولذلك حرمت عليهم جميعها ، لقفل منافذ الغفلة ، وتأمين تجربة ضبط النفس من الانهيار .. وتسامح الشرع في رسم الجبال والشجر أو زخرفة الاقمشة ، أي رسم الطبيعة بخلاف الانسان والحيوان ..
    بإيجاز يمكن أن نقول، أن غرض تحريم الفنون مر حلي ، وهو أن يقطع حنين الانسان للعبادة الوثنية .. وبعد التطور الذي حدث للبشرية مع الزمن ،والبعد عن ذلك العهد الوثني ، اذا شاهد إنسان تمثال مصنوع من أى مادة في وقتنا الحاضر ، لا ينبعث في ذهنه أي نوع للعبادة أو شعور أو ميل ، أو حتي أدني فكرة في هذا الاتجاه .. ولذلك فإن التحريم غير قائم الآن، لأن الحكمة فيه قد انتفت ، فترجع الفنون الي أصلها من الحل ، وكما أسلفنا، فليس هناك شئ حرام في ذاته .. هذا هو الاتجاه العام في التشريع : السماح للفنون بالانطلاق ، ولكن تبقى هناك نظرة تربوية للافراد ..السالك المبتدي في الطريق النبوي ، عليه أن ينحصر ليجود فنون سياسة النفس وكيفية السيطرة عليها .. في هذه المرحلة الانشغال بالفنون المختلفة مضيعة للوقت ومضر، لأنه يوزع السالك، ويبعده عن موضوعه الاساسي وهو سياسة وتربية نفسه ، بل قد تقطعه .. أما اذا وجد السالك نوع من التنغيم الداخلي ، بتجويد التوحيد وتجديد العلاقة بالله بالانحصار في العبادة، وتحددت في ذهنه معالم فلسفته في الحياة فإن الفنون تكون عنده، خير أساليب التسيير في الحياة ، ويكسب بفعل صبره علي العبادة حظ موفور في إدراكها- أعني الفنون- ويتسع حظه من تجويدها إذا كان موهوبا بأكثر مما كان قبل أن ينصبغ بهذا النوع من التربية الداخلية ..
    الفنان غير الملتزم بخلقية معينة، أو بمنهاج تربوي تجده غير منظم ، فقد يرسل لحيته من غير نظام ويلبس ملابس شاذة، أو لا يسأل في النظام العام، أو في رأي المجتمع.. إن مثل هذه السلوكيات ، تنتج من عدم وضوح رؤية في فلسفة الحياة الناتج من عدم التربية، او قل الناتج من الانحصار في الفنون وحدها، دون أرضية من المعرفة بمسيرة البشرية تجعل الفرد له القدرة علي توجيه نفسه .. ولذلك فان اعتراض الاسلام علي الفنون لم يرفع نهائيا ، وإنما هو قائم في حق المبتدي بصورة فردية،وعلمية ترمي إلى تأهيله ليرتفق بالفنون في الوقت المناسب ..
                  

10-29-2008, 03:39 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    البرجوازية الصغيرة: هل هي والصفوة سيان؟
    د. عبد الله علي ابراهيم

    إذا أردنا أن نمسك حقاً بسبب الهرج ضارب الأطناب في بلدنا وجب علينا أن ننمي تقليداً نقدياً لفئة البرجوازية الصغيرة المدينية المتعلمة أفضل مما هو متاح لنا. فما زلنا نسميها الصفوة ونشق الجيوب لخذلانها لنا بمنطق أنها مستودع علم نافع ضلَّ وإرادة للخير تهافتت أو ريادة نكصت على عقبيها. وهذا نقد يفترض أن ضلال الصفوة المزعومة مجرد عثرة ستفيق منها، وإن طال الزمن، متى أحسنا الـ "حوار مع الصفوة". وهذا افتراض كاذب اقتضانا انتظاراً طويلاً عقيماً لعودة الصفوة المزعومة إلى طريق الرشد والهداية.
    الصفوة المزعومة طبقة اجتماعية قائمة بذاتها كانت معروفة بـ "الأفندية" أيام العز والجعاصة. ولها ككل طبقة اجتماعية صفوتها أو صفواتها. وصفوة الطبقة هي "أركان حربها" الفكري التي تشيع وجهة نظرها في المعاش والمعاد بين الناس وتغريهم بصواب طبقتها وتقبل صدارتها في المجتمع بأشكال تتراوح من التعبير السياسي المباشر حتى خلجات الإبداع الروائي والسينمائي والتشكيلي. ولا نقول "تشيع" هنا بمعنى البروبقندا فحسب لأنه قد يكون من بين تلك التعبيرات ما قد يقسو على الطبقة المخصوصة ويكاشفها بعللها حتى تسقيم على جادة مصالحها الحقة وتسلم من الشطط الذي قد ينفر الناس من قيادتها لمجتمعهم.
    كان للبرجوازية الصغيرة الأفندية حداتها خلال الحركة الوطنية من أمثال الشاعر علي نور. كما كان للافندية البرجوازية الصغيرة نقدتها الباكرون من مثل الأستاذ محمود محمد طه الذي اعتزلها وغادر مؤتمرها للخريجين بعد أن نعى عليهم فقرهم للمنهجية. وخاصة حين تفرق هؤلاء الخريجون شيعاً لائذين بالطوائف الدينية السياسية التي كانت في نظر الأستاذ مؤسسات متخلفة عن ركب الدين وركب الحياة. بل خرجت صفوات راديكالية أخرى من الأحزاب الاتحادية خاصة وأسست الحزب الشيوعي طمعاً في تحالف من نوع جديد مع الحركة الوطنية العمالية التي شقت عصا الطاعة على المستعمرين. وكان بينهم الأساتذة حسن سلامة وحسن الطاهر زروق وحسن أبو جبل ممن صاروا شيوعيين. ومنهم الأستاذ أحمد خير الذي آل إلى اليسار بغير انضمام لحزبه كما يشهد كتابه "كفاح جيل".
    لم نحسن في اليسار معرفة البرجوازية الصغيرة كفئة اجتماعية ذات موقع معلوم في عملية الانتاج برغم تحسبنا من شرورها على حزبنا الشيوعي من مثل الذبذبة والتهريج والعجلة والمغامرة التي يعقبها التهافت واليأس والزهادة في القضية. وربما كان سر ملكة أستاذنا عبد الخالق القيادية العالية هي علمه الدقيق الفصيح بهذه الطبقة. ومن أراد الوقوف على هذه الملكة فليقرأ تقويمه لانقلاب 25 مايو المقدم إلى مؤتمر الكادر الشيوعي الإستثنائي في أغسطس 1970. وفيه أمسك بطموح هذه الطبقة السياسية الذي توسلت فيه على الحكم بالعنف واستولت عليه بالانقلاب. وفيه أعاد قوله إن الانقلاب هو تكتيك البرجوازية والبرجوازية الصغيرة خلال مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية. وهو تكتيك على النقيض من منهج الطبقة العاملة وحلفائها الداعي إلى مراكمة القوى والصبر في المنشط والمكره بالدعوة إلى سبيل المجتمع الجديد بالموعظة الحسنة. ومن أسف أن هذه الطبقة وحيلها قد غابت عن رادار الحزب الشيوعي منذ وفاة الرجل.
    وسنجدد معرفتنا بهذه البرجوازية الصغيرة المدينية متى وقفنا نتفحص خصائصها السودانية بصورة عميقة. فقد سبق لنا تعريفها على ضوء ما بلغنا عنها في الغرب الرأسمالي. فقلنا عنها إنها طبقة بينية، بين بين، في المجتمعات التي تهيمن على اقتصادها وسياستها طبقة البرجوازية. فهي بين طبقة البرجوازية المالكة لوسائل الإنتاج وبين الطبقة العاملة التي تبيع قوة عملها للبرجوازيين. وهي طبقة تعبر عن وعيها بذاتها بلغة مأخوذة من مصطلح الطبقة البرجوازية أي أنها تقبل النظام الرأسمالي ومنطقة لا تريد لسنته تبديلا. بل لا يطمع الواحد منهم في تحسن فرصه ومعاشه بغير أن يصبح مالكاً كالبرجوازيين. ومتى استقر المجتمع الرأسمالي على وتيرته تميزت البرجوازية الصغيرة بثقافة خاصة بها وعوالم من خيال وحقائق.
    وبالطبع فإن لهذه الفئة الاجتماعية خصائص سودانية مع احتفاظها بما يجمعها بهذه الطبقة في مجتمعات أخرى. فقد تَخَلَّقت في بلادنا في ظل الاستعمار. فهي لم تخرج من معطف برجوازية وطنية أكملت الثورة الليبرالية بإزاحة الإقطاع من سدة الوجاهة السياسية والاجتماعية ولملمة شعث الأمة في سوق وطني عظيم. فهي لم تنشأ لتخدم مثل هذه البرجوازية الغراء التقدمية ببيع قوة عملها الذهني (في السلك الكتابي والترجمة والهندسة وغيرها). فقد ولدت هذه الطبقة الأفندية البرجوازية لتخدم طبقة أجنبية مستعمرة في الوظائف الدنيا التي تعفف الاستعمار دون أن يأتي ببني جنسه لملأها. وعلمها المستعمرون علماً سماه "التجهيزي". ومعنى ذلك أنه اقتصر (ولربما لا يزال) على تزويد التلاميذ بمعرفة هي عبارة عن حرف ومهارات يؤدي بها الموظف المهمة المخصوصة فقط لا غير. وقد كان بعض احتجاج طلاب غردون أن الإنجليز حرموهم من المعرفة التي هي أوسع من الحرفة. وقد وجدت السيد رالف نادر، المثقف الأمريكي باصوله العربية المعروف، يفرق بين "التربية" education) ) و"التلقين" instruction). ) وكان نصيب طلبة غردون من العلم هو التلقين في حرف لا يتعدونها إلى سقف الثقافة الأرحب.
    جاء ميلاد هذه الطبقة الأفندية الجديدة بينياً (بين بين ) بصورة مركبة. فهي بين جمهرة الناس من الأهالي من جنسها وبين الاستعمار الذي أنشأها أول مرة. وهو استعمار هجين: إنجليزي مهيمن حتى على المصريين الذين شاركوه حكم "السودان الإنجليزي المصري". وله ثقافة مختلفة عن الأفندية في دينها وتراثها الآخر. وشاركت مصر في استعمارنا كما هو معروف وكانت الطرف الضعيف. ولكن حقها الدستوري على السودان جعلها مما تتطلع له افئدة الأفندية في طلبهم للاستقلال. كما نذكر عرضاً أن الأفندية احتجوا دائماً على سيطرة الجاليات الأجنبية (الملحقة بالاستعمار) على السوق: "طغى ابن اثينا واستكبر الأرمني" كما قال التيجاني يوسف بشير.
    وهناك منشأ آخر للتعقيد. فهذه الطبقة البرجوازية الصغيرة المدينية وجدت أن من فوقها طبقة سادة طوائف لهم زمام الأمر بين الناس. وتداخل بهذه الطبقة، التي توارثت السيادة، برجوازية تجارية رهنت مصيرها السياسي بهؤلاء السادة إلى حد كبير. وتخلقت من هذه الحلف الطائفي التجاري الصميم طبقة قابضة لم يستحسنها الأفندية وإن اضطرهم ضعفهم وحاجات أخرى للتمسح بأذيالها لأزمان طويلة. ووصف الدكتور محمد هاشم هذه الطبقة القابضة التي سدت أفق الأفندية ب "البلوتكرسي" في كتابه عن الحكم واستغلال النفوذ الذي نشره في آخر الستينيات وأسدل عليه الهرج، الذي بدأ في العام 1969،ستار النسيان.
    وفي حديث قادم نقف على ضواغط هذا الوضع المعقد للبرجوازية المدينية في دورة الانتاج على أدائها القومي.


    http://www.rayaam.info/news/Raay_view.aspx.pid=327&id=23257.htm
                  

10-29-2008, 04:34 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    عمر الأمين

    بالطبع فقد كنت قد نعيت أخى الأستاذ الشيخ الدكتور أحمد عبدالعال، وتركز نعيي على بقعة الهلالية المباركة، وهى البقعة التى أناخ فيها أخى الشيخ الدكتور راحلته بعد تحاوم حول الحمى الجمهورى. وأنت أخى الأستاذ عمر أو أخى الأستاذ عثمان أكثر علماً أن المكان الذى تناخ فيه ناقة التجوال الفكرى، فهى الأحق بأن تكون مكان بين العزاء.
    ولا أدرى لماذا اعتبرتما اعتماد ملكية هؤلاء الشيوخ الإجلاء لحق إقامة سرادق العزاء هو من باب اغماط حقوق لأثر فكر الشهيد محمود فى فكر أخى الشيخ الدكتور. (شن جاب لى جاب) إلا من باب ذهنية (الفى قلبو أبو الحرقص).
    أرجو أن تكونا عادلين فى احكامكما، وأن تكونا عادلين فى اتهامى بتجاهل الشهيد، فأنتما تجهلان تماماً ما كان بينى وبينه، هذا من ناحية. أما من الناحية الأخرى، فأرجو الإنتباه للآتى:
    أولاً : لقد طفقتما تبحثان عن إشارات وتطابقات فى كتاب (أمشاج) الخالي من أى ذكر مباشر للشهيد محمود محمد طه، فى حين لم تقرآ أو ربما تجاهلتما ذكر مباشر وبصريح القول فى أحدى ما أسميتماه (قصص) من الكتاب تحت عنوان (سلام للسادة الصادقاب).
    ثانياً : وأرجو مخلصاً التصحيح حول التخليط، إذ نتمتع والحمد لله ـ(كصادقاب) على خصوصنا و (كرؤوس للطريقة القادرية) على عمومها، و(كرؤوس للصوفية السودانية) على وجه أعم ـ بحق تقبل العزاء وإقامة سرادقها وتعديد مناقب أخى الشيخ فى هذه السرادقات. ذلك أن فقيدنا هو ابن الطريقة الذى سلكها بعد أن أخذها مبايعة (كفاً بكف) مع سيدى الشيخ الطيب ود الشيخ على المرين فى يوم 18 رمضان من العام الميلادى 1992م، وكنت أنا بشخصى الضعيف واضعاً كفى اليمنى أعلى كف اليمين لكف أخى الشيخ وأعلاهما كليهما كف سيدى الشيخ الطيب، رضى الله عنه وأرضاه وكفى اليسرى على كتف أخى الشيخ فى مشهد فريد زمانه كان حضوره من الشاهدين عليه سيدى الشيخ طه الشيح الطيب المرين وأخى الشيخ الطيب الشيخ محمد الفكى ابراهيم. وينتظره خارج خلوة الشيخ جمهور لا حد له ولا عد.
    ثم بعد ذلك فقد تم تجليس أخى (للشياخة) بالبقعة المباركة (البنية الصادقاب) على يد سيدى الشيخ على الشيخ محمد سند ومرجع الطريقة ، وكنت ممن دعاهم سيدى الشيخ على للتبرك بالشيخ الجديد كما جرت العادة، فحيته وهو جلوس على ككر الشيخ محمد الهميم ودعبدالصادق العام 2003م.
    وأمر شياخة أخى الشيخ خبر علمه الخاص والعام. وفى ذكر ذلك فليس هنالك أى مدعاة أو رغبة فى غمط أى حق لأى ممن يود الحديث عن أثر فى حياة الشيخ كأثر الشهيد أو أثر الشيخ ابن عربى أو خلافهما
    لكم الود والتحايا فى ختام الأمر.

    http://sudaneseonline.com/forum/viewtopic.php?t=2812&sid=...c9655a32505ef20c98ad
                  

10-29-2008, 05:12 PM

Magdi Ahmed Elsheikh
<aMagdi Ahmed Elsheikh
تاريخ التسجيل: 03-11-2008
مجموع المشاركات: 7720

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)

    فوق
                  

10-29-2008, 09:52 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    بقلم خلف الله عبود

    الأأخ عمر الأمين
    تحياتى
    لم أر فى مقال الأخ الدكتور عبد الله عثمان مايعنى إستنكار نعى الطريقة الطريقة الصوفية له ، وإنما هو تعرض لموضوع هام وهو مؤامرة الصمت ضد الفكر الجمهورى والأستاذ محمود محمد طه والإهمال المتعمد لذكره ، بالرغم من تأثيره القوى على الفكر الدينى والثقافى فى السودان وخارجه ، بصورة كبيرة ... والأمثلة التى ضربها الأخ د. عبد الله عثمان واضحة ...

    الأخ عبد الماجد
    تحياتى
    ذكرت : ( واجب تطوير الفكر المحمودي الطاهوي يقع على كاهل تلامذته الملتزمين (ويُعْفى منه الحواريون الدراويش إذ رأيت مجموعة منهم تؤسس لطائفة من المتصوفة البكائيين على نهج الحسينيين الذين استعاضوا عن إبقاء الأمل بذرف الدموع وربما الوقوف على حائط انتظار ربما ضرب في المستقبل بعيدا). و: ( لأنه لم يقل كل ما يمكن أن يقال ولا يمكن له أن يقول في ما يستجد لأن الزمن زمن آخرين وأخريات مطلوب منهم التعديل والتطوير والاجتهاد اختلافا واتفاقا وتأويلا.)

    الفكر الجمهورى ، لمن إطلع عليه بدقة وإنصاف ، يمتاز بخصوصية غير عادية فهو دعوة لتطبيق المستوى العلمى ، الإنسانى من الإسلام ولن أسهب فى شرح ماهو مبذول فى موقع الفكر الجمهورى ، ولكنى قصدت أن ماقد يضيفه تلاميذه ، إنما هو تفاصيل لنظرية فى المعرفة ، تثبت كل يوم صحتها ويبدو ذلك واضحا فى الكتابين، حديثى الصدور ، للأستاذ خالد الحاج : (السلام) و(العهد الذهبى للإسلام أمامنا) والذين تعرضا لمقارنة الفكر الجمهورى بالفلسفات المعصارة وبالفكر السلفى بصورة غير مسبوقة ...... وقد تكون لديك وجهة نظر مختلفة ، وهذا من حقك ، ولكن ، أرجو أن تكون قد إطلعت على فكر الأستاذ محمود إطلاع الباحث المحايد ، والذى يجنبك أيضا إستعمال كلمات مثل ( الفكر المحمود ، الطاهوى ) فهذا يذكرنى بما دأب عليه أمثال هاشم نوريت وبعض فاجرى الخصومة ضد الفكر الجمهورى ... وتذكر وصية النبى صلى الله عليه وسلم بأن ينادى بعضنا بعضا بالأسماء التى إخترناها لأنفسنا ، أى بمانحب من الأسماء ... والجمهوريين إختارو : ( الفكر الجمهورى) وليس الفكر الطاهوى أو المحمودى ) ....

    أما أمر الدراويش فلم أر فى الجمهوريين دروشة أو حسينية ... ولكن لدى البعض ، هناك مايمكن أن يقارن بماعند إبن عربى وبعض ائمة الصوفية ، من إنتظار الإنسان الكامل وعودة المسيح المحمدى .. وهذه قد وردت فى الاحاديث النبوية ولدى الدقة ، تجدها عند كل المتصوفة ولا أختلاف حقيقى عليها ، وإنما يصدر عن البعض ، إستنكار كل ماهو صادر من الجمهوريين ... ومؤامرة الصمت ضد الأستاذ محمود والجمهوريين قديمة وهى تحكى الخوف من مواجهة فكر ، إذا التزمه هؤلاء ، فإنه يحملهم مسؤولية تجاه النفس ، والآخر ، شأن الأمانة التى يحملها دعاة التغيير فى كل زمان ومكان ...
    _________________
    الحرية لنا ولسوانا

    http://www.sudaneseonline.com/forum/viewtopic.php?t=2812&...8c2d38822811c9211e73
                  

10-30-2008, 03:50 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    تجارة الدين فى السودان ...خسارة للتعددية الدينية والثقافية والإثنية السودانية....؟؟؟؟؟

    مسيرة الإستبعاد والتهميش والعنف ضد أفكار ،ومؤسسات ورموز الثقافة السودانية الوطنية الديمقراطية الحرة لم تبدأ اليوم .
    فإن كانت المسيرة تتمتع بوتائر أخف ومتباعدة عقب فترات ما بعد الإستقلال يناير 1956 حتى مطلع السبعنيات فإن وتائرها تسارعت وتكثفت وتنوعت منذ ذلك وبلغت أعلى درجاتها القصوى بعد تبنى
    نظام مايو أحكام ما يسمى بالشريعة الإسلامية فى سبتمبر 1983 (قوانيين سبتمبر سيئة الصيت) ليبلغ
    نظام مايو البغيض قمة عنفه وهوسه الدينى الأيديولجى ليس بتشريد وإعتقال وتعذيب المثقفين والمبدعين الديمقراطيين فى السودان فحسب وإنما وعلى سبيل المثال بإعدام المفكر الإسلامى الجرئ
    الأستاذ محمود محمد طه (يناير 1985 ) .
    وبعد مجئ حكومة مدنية ديمقراطية إئتلافية منتخبة (1986 ) والتى إستبشر بها الجميع خيراً خاصة المثقفين والمبدعيين قلت وتائر الإستبعاد والتهميش والعنف إلا أنها لم تجتث من جذورها وأبلغ دليل
    [hide]المواقف المتزمتة والمتشنجة لوزير الثقافة والإعلام( عبد الله محمد أحمد) إتجاه الثقافة والمثقفين والمبدعين الديمقراطيين،ومثالاً إعتقال الدكتور عشارى أحمد محمود (أستاذ بجامعة الخرطوم )لا لشئ
    سوى أنه وزميله الدكتور سليمان بلدو بكتابة تقرير -كتاب الرق فى السودان- يفضحان فيه العنف وبعد مجئ لأول حكومة ديمقراطية إئتلافية منتخبة والتى إستبشر بها الجميع خاصةً المثقفون والمدعون خيراً ، قلت وتائر الإستبعاد والتهميش والعنف إلا أنها لم تجتث من جذورها وأبلغ دليل
    العرقى للحكومة المنتخبة1986 فى منطقة الضعين بغرب السودان(ما عرف بمذبحة الضعين) .[/hide]


    أما منذ إستيلاء عسكر الجبهة القومية الإسلامية على السلطة بإنقلاب عسكرى (30 يونيو1989 ) وإلى اليوم حيث السعار الآيديولوجى قد بلغ مداه وما لبثت وتائر الإستبعاد والتهميش والعنف
    أن عادت ولكن أكثر بشاعةً وبضراوة لم يسبق لها مثيل فى تاريخ السودان المعاصر فما الذى تم تمثيلاً
    وليس حصراً:

    1- حل إتحاد الكتاب السودانيين وإعتقال عدد كبير من عضويته وتعذيبهم وفصلهم تعسفياً من مؤسسات الخدمة العامة

    2-إعتقال أغلب المثقفين والمبدعيين الديمقراطيين وتعريضهم لأبشع صور التعذيب ،جسدياًونفسياً
    وفصلهم تعسفياً من الخدمة العامة بجريرة أو شبهة الديمقراطية والتحرر
    3-تحطيم بعض المنجزات الفنية والتاريخية كالتماثيل بحجة أنها أصنام
    4-حرق مئات الكتب من مكتبة جامعة الخرطوم بتهمة الإلحاد
    5- إعتقال وتعذيب عدد من أعضاء فرقة عقد الجلاد الموسيقية الغنائية
    6-إختفاء أو إختطاف ؟؟؟ الشاعر أبو ذر الغفارى حيث لم يعرف له إلى اليوم مكاناً أومصير
    7-مصادرة كتب دار نشر ووكيل توزيع (دار النسق -الخرطوم )
    8-إغتيال المطرب خوجلى عثمان على مرأى من زملائه الفنانيين داخل إتحاد الفنانيين السودانيين
    9-الإرهاب الإقتصادى والسياسى والدينى والنفسى والعرقى ضد الأقباط السودانييين
    10-الحملات الإرهابية المحمومة والشرسة للأسلمة القسرية للمواطنين الجنوبيين وسكان جبال النوبة.
    11-أسلمة مناهج التعليم العام
    12-الحاولات الإسقاطية الإرغامية لأسلمة جوانب الحياة الأخرى كفرض الحجاب على الطالبات حتى الأطفال.
    13-فرض الحجاب على العاملات فى مؤسسات الخدمة العامة مثالاً المذيعات بالتلفزيون
    14-بيع مؤسسات تاريخية أثرية قومية وعامة مثل الفندق الكبير بحجة الخصخصة لأحد أثرياء الجبهة القومية الإسلامية والإسلام السياسى
    15-بيع مؤسسة ثقافية قومية عامة -مؤسسة الدولة للسينما -بحجة الخصخصة لأحد أثرياء الإسلام السياسى
    16- الإعتداء على حفل أقامته جمعية أصدقاء المبدع الراحل مصطفى سيد أحمد ،بمناسبة الذكرى الثانية لرحيله النبيل التى حدثت بالنفى-1996 -وإعتقال عدد كبير من أعضاء الجمعية والفرقة الموسيقية الغنائية -فرقة ساورا-التى أحيت الحفل -1998-
    هذا غيض من فيض......

    وفى واقع كالح وظلامى كهذا وأمام إستمرار وتزايد حملات التشريد والملاحقة ،الإعتقال،التعذيب
    وكل أنواع الحصار والإرهاب والعنف الأخرى لم تجد أعداد كبيرة وغفيرة من المثقفين والمبدعيين
    الديمقراطيين من مناص سوى الهجرة صوب المنافى بإتجاه الشتات لتكابد صنوفاً شتى من الأوجاع
    الروحية والمادية ......
    المفكر الإسلامى الأستاذ محمود محمد طه يرحل ليعتلى منابر الفكر والورع فقهاء الكذب والتلفيق
    قيادات الإنقلابات العسكرية وأنظمة البطش والتنكيل من شاكلة حسن الترابى وغازى صلاح الدين
    وأمين حسن عمر وحاج نور...!!!!!!!
    ويرحل الشعراء عمر الدوش وعلى عبد القيوم والفنان مصطفى سيد أحمد ليعتلى منابر الغناء مغنواتية المشروع الحضارى البغيض ليفرضوا على عشبنا كل ماهو غث وركيك ويشوهوا الذوق العام
    بأغانى من شاكلة دفاعنا الشعبى يا هو دى...!!!!

    التحدى الذى يواجهنا جميعاً هو التأكيد بأننا فى المنافى أكثر إرتباطاً بهموم الوطن والمواطن وإن
    الواجب يحتم علينا تجميع كل الطاقات ودفعها لقضيتنا الوطنية وتظل قضايا الديمقراطية الهوية والثقافة
    هى من أهم التحديات فالتخريب الذى حدث فى السودان مؤخراً يحتاج لطرح متواصل لمفهوم الثقافة الديمقراطية التى تقنن حقيقة التعددية الثقافية والدينية والإثنية السودانية .

    فلنواصل ومع المؤسسات المدافعة عن حقوق الإنسان فى الداخل أو الخارج على كشف وفضح الإنتهاكات التى تمارس ضد الثقافة والفكر والإبداع ورموزها فى السودان.
    ولنعمل على ربط المثقفين والمبدعيين السودانيين الديمقراطيين والمثقفات والمبدعات السودانيات الديمقراطيات ممن يقيمون فى الشتات ببعضهم البعض وربطهم كذلك بالمثقفين والمبدعيين السودانيين
    الديمقراطيين والمثقفات والمبدعات السودانيات الديمقراطيات فى داخل السودان .


    ولنتعاضد جميعاً على جعل تعددننا العرقى والدينى والثقافى دليلاً على الثراء ، لا دليلاً على الفقر



    http://sudanray.com/Forums/showthread.php?t=1044&highli...3%E6%CF+%E3%CD%E3%CF
                  

10-31-2008, 03:17 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    د. ابوالقاسم قور
    ==
    نحن فى هذه الدنيا نصدق الظاهر
    ولا نشك فى نوايا الناس
    علاقة أحمد عبد العال بالتصوف
    يبدو لى كان جمهوريا
    ثم رأيته مريدا للشيوخ
    فى العام الماضى تم تشييخه من طريقة ( صوفيه)
    كما وجدته منكبا على كتب التصوف مثل ابن عربى
    وعلمت ان رسالته فى الدتوراه كانت فى ( علم الجمال فى الاسلام) بفرنساء
    لكن يا أستاه نحن فى النقد نبحث ها الامر فى الآثار الابداعية
    هل قرأتى (أمشاج)
    أنا أزعم أن البعد الصوفى ظل على الدوام يشكل حضورا فى حل القصة
    لكن يا أختى دا كلوا
    لا ينفع
    لقد هب الرجل
    وهو اليوم أما ربه
    اللهم ان كان محسنا فزد فى احسانه
    وان كان مخطئا تجاوز عن سيئاته

    ورحل فيلسوف التصوف الاسلامى أحمد عبد العال
                  

11-02-2008, 00:37 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    مفهوم الإرادة الصلبة والتغيير

    صلاح شعيب
    بنشر هذه المقالة تكون العودة إلى الولايات المتحدة قد تمت، بعد ثلاثة أشهر قضيتها بين ظهراني الأهل والاصدقاء والزملاء بالوطن.
    بشكل عام، ولا شك، تميزت الرحلة بالممتع وأيضا المكدر للصفو على المستويين العام والخاص. ففي هذه الزيارة وقف المرء على إيجابيات هنا جمة من اللحظات التي تجمع مع المكون الخاص، وعلى سلبيات هناك كثيرة في الوقائع الملموسة في المكون العام الذي ارتبط بالزائر.
    فما أجمل أن تلتقي بالأصدقاء والأهل والزملاء الذين يشكلون هذا المكون، من بعد طول غياب. وما أتعس أن ترى وتسمع وتقرأ كل ما يتصل بكدر وكآبة تطبقان على أرجاء مكانك الذي كنت فيه يوما تصرخ للميلاد.
    ولئن كانت لدى المرء إنطباعات خاصة وغير خاصة يخرج بها خلال هذه الزيارة، فإن مبتدأ سدولها هو أن هناك تراجعا خطيرا لمسته في الهمة الوطنية. ولا يمكن القول المجامل أو القادح بأن هذا التراجع يتصل بالسلطة الحاكمة فقط، فهو إنما بكل قطاعات المجتمع.
    وإذا تركنا قضية دارفور جانبا بكل ما يتعلق بها، وتأثيرها البادئ للعيان على مجمل أعمال هذه القطاعات التي تشكل مجتمعنا، وإذا وجدنا المبررات الموضوعية التي تمنع اي نظام غير ديمقراطي عن إحداث لحمة وسداة الإصلاح الوطني، بكل ما ينطوي عليه هذا الإجراء المجتمعي من معنى، فإن الشيء الذي لا بد أنه شغلني هو همود فكرة السعي للتغيير من الداخل بتلك الإرادة المطلوبة بإلحاح، وبدا لي أن هناك «انتظارا مشهديا» لا يخفي لما ستسفر عنه حراكات خارجية أو صدف وجودية أو غير وجودية، أو حتى تدخلات إلهية..كيفما إتفقت «المخارجات».
    هكذا تبدو المشهدية السياسية السودانية دونما تجاهل ظن ما مؤداه أن جهة ما قد تؤمن بأن مفهوم «الفوضى الخلاقة» ــ رغم تناقض المصطلح والمصالح ــ هو أحد عوامل هذه المخارجات بالنسبة لها، وذلك إذا ما إحست بإنقيادها يوما إثر يوم نحو فقدان الإمساك بتلك المشهدية.
    عموما لا غضاضة في القول إن ظاهرة التغيير السياسي التي بدأت منذ الاستقلال قد وصلت إلى أعلى وتيرة من الخيبة لظروف موضوعية تحتاج الى الفحص المعملي ثم «الروشتة»، وليس من اختصاص المقال أن يرنو إلى تحقيق هذين العملين اليوم، غير أن ما يشبه الموت التام لإرادة التغيير من الداخل في بلادنا يمثل مؤشرا خطيرا لشيء ما قد ينتظرنا في المستقبل القريب إذا لم تنهض الإرداة الجماعية في قابل الشهور القليلة القادمة.
    فمن جهة لا يعبر هذا الموت السريري لقدراتنا الماضية في مواجهة الأمور بـ «أيدينا لا بيد عمرو»، إلا عن عظم المأساة التي تواجه شعب السودان المكلوم. ومن جهة أخرى تبقى مقاربة الموت السريري لقدراتنا نفسها مع نضال لشعوب حولنا من أجل التغيير ضروريا، خصوصا أن الرصيد السوداني في «التعليم المبكر والتجارب السياسية المتعددة» من ما يفوق رصيد بلاد كثيرة في العالم الثالث.. تلك التي لم تصل نخبها إلى ما وصلت إليه النخب السودانية من طرق مسدودة للتغيير من الداخل.
    حسنا.. قد يستهوي الناس كثيرا الاتكال على التحليل الذي يحمل المسؤولية لـ «1» النخب عموما وهي خريجة تعدد آيديولوجيا الشعب، و«2» المؤسسة العسكرية وهي المحقونة بجيوب حزبية ماكرة، و«3» المطامع الدولية التي تعشعش وتفرهد دائما آن غياب الإرادة الوطنية، و«4» طبيعة الذهنية السودانية التي يصعب تعميمها لتعدد مصادر ثقافاتها، و«5» المصادر السلبية للثقافة العربية ــ الإسلامية وهي من بعد من المكون الأساس لمجتمعنا، و«6» غياب العقد الاجتماعي الاستباقي لإثنيات البلاد عشية مثول السودان بشكله الحالي، وهو غياب محاكم بمعايير اليوم، إلخ. ولكن الشيء الذي لا بد أن نعترف به هو أن هناك عدم تخصيص مانع، جامع، متفق حوله «وهيهات»، للأسباب التي قادت إلى الفشل التي تقود نقائضها ايضا لنبات عناصر النهوض من رماد الفشل نفسه.
    وإذا استوصى بنا باحث مجيد خيرا لـ «اكتشاف» الطريق الممهدة لهذا النهوض فربما..ربما يرسم وضوحا في معالم هذا الطريق من خلال كل هذه العوامل أو الاسباب المجتمعة والمندغمة والمنفردة والمنفرجة التي يخلص إليها غالب الباحثين الأكاديميين في تشريح الفشل وتعزيز فرص التسوية الإصلاحية، ولكن هل تبقى هناك ضرورة للتبحيث والتنظير والتجديف حول كيفية تحقيق الإرادة الصلبة نحو التغيير..؟ أعتقد بنعم..!!
    والحقيقة أنه برغم اختلافات النخب المحملة ذواتها تقريبا بكل أسباب الأوجاع التي تواجه عامة شعبنا، إلا أن القاسم المشترك الأعظم الذي يحول دون تجسيد حلولها هو هذه «الإرادة الصلبة»، وهي من بعد من الإجراءات الضرورية التي صاحبت الثورات الناجحة في العالم القديم والحديث.
    إذن فإن شح في «الإرادة الصلبة» مما يغيب اللهفة للتغيير الثوري. وإذ غاصت طيوف هذا التغيير في العدم فقد لاح للزائر عدم وجود التنسيق الواثق بين قوى التغيير السياسية، ومع ذلك قد يستوجب هذا العدم بعض حوار للبحث عن إمكانية لترقية التربية الوطنية بالصورة التي تؤثر إيجابا في شمول واقع المنتظرين للصبح الأبلج.
    فالتربيون الذين نالوا حظا من الوقوف على المناهج التي تفيد في التنشئة السليمة والسلمية للفرد، مسؤولون عن إفادتنا حول ما إذا كان من الممكن التيقن من أن البحث في ضمور الهمة الوطنية سابق للبحث عن تحليل أوضاع البلاد. ونقول هذا معتقدين أن العاملين في ساحة التفكير السياسي من كل الاتجاهات قد وصلوا إلى حد ما إلى أن معطيات «المواطنة وتحقيق نظام ديمقراطي واحترام حقوق الإنسان والاعتراف بدور التعدد الثقافي وقيام حكم راشد»، هي تقريبا التي تحافظ على إصلاح واستقرار بلادنا.
    نعم هناك اتجاهات سياسية حاولت أن تستبق الإصلاح السياسي بإصلاح تربوي أولي لفردنا السوداني. الاستاذ محمود محمد طه وتلامذته والاخوان المسلمون «نسخة الخمسينيات» وانصار السنة، عكفوا ــ كل تيار من زاوية قناعته ــ لزرع الإصلاح الديني بوصف أنه يثمر بالفلاح الدنيوي والديني، وبالتالي يبقى عنوان الصورة هو صلاح الفرد والوطن. سوى أن التربويين في جناح الأخوان المسلمين انهزموا بعد أن استولى عراب الحركة الإسلامية وأعوانه على التنظيم، وتم توجيهه سياسويا على خلاف تفكير الذين أرادوا أولا تغيير الرجال والنساء الذين سيصنعون التغيير فيما بعد. أما انصار السنة فقد بدأوا تطبيق منظورهم للإصلاح من خلال «الزوايا» التي دعمتها السعودية في كل أرجاء القطر، ولكن فيما بعد دخلوا التجربة السياسية بوزارات ومناصب دنيوية، وتركوا رجال الطرق الصوفية وحدهم في محراب استدامة الإصلاح الديني بالكيفية التي نعلم عدم تسيسها تماما.
    إذن لم يتبق لدينا تيار إصلاحي يشتغل على مستوى رفع الهمة الوطنية والدينية معا، وبالشكل الذي لا ترنو كوادره إلى مقابل دنيوي لما يعملون، اللهم إلا الأخوان الجمهوريين بكل ما فيهم من عجز تنظيمي يقارع تنظيمات نشاط دؤوب وممول لأنصار السنة والإسلاميين والأحزاب التقليدية.
    وبغض النظر عن مقارنة الخطاب التربوي لهذه الاتجاهات المسلمة مع «النتيجة في الواقع»، فإن الإرادة الصلبة لتطبيق الافكار التي تبدأ من تميز السياسيين بتربية دينية ووطنية وأخلاقية مطلوبة تساعد على الثبات على المبدأ دون الجري وراء البراغماتية التي أجادتها كل التنظيمات السياسية. وللأسف فإن معظم الذين دخلوا بوابة السياسة لم يعيروا أهمية الثبات على المواقف والتي هي نتيجة تربية التفاتا. والمؤسف أكثر أنه في الآونة الأخيرة تبع هؤلاء النفر من السياسيين بعض المثقفين والرموز من فجاج عملية كثيرة، حتى صار لدينا من الصعب الرهان على قائد أو كاتب أو فنان يمتلك هذه الإرادة الصلبة التي هي حجر الزاوية للتغيير بالنسبة للناشط وطنيا.
    ولن يمل الحريصون على البلد من التحدث المكرور عن تخطيطات وبرامج سياسية لا يتثاءب حملتها دون إنجاز التغيير. وسيتبارى الباحثون أو الائمة في المساجد والكنائس لعرض بضاعتهم الدينية المزجاة التي يتخيلون أن الإصلاح السياسي يبدأ بها لتحيل الارض الخراب إلى دار سلام قبل أن ينعق فيها البوم للمرة الأخيرة. بيد أن هؤلاء السياسيين والدينيين انفسهم سيدركون في آخر المطاف أن الكلام لن يغير شيئا في بنية الواقع إن لم تتم تنمية أخلاقية ووطنية ودينية لعامة الناس، ولا باس إن بدأ بعض الزعماء بتدريب أنفسهم روحانيا على تذكر أن هناك يوم حساب آتٍ. فالسياسيون الرواد، كما لاحوا، يغيرون دائما في مبادئهم للتغيير، ولا يقولون لنا بخطأ سابقاتها التي قادت الناس لـ «الاستشهاد».
    إن الهمة الوطنية العالية التي أطاحت بنظامي عبود في أكتوبر ونميري في أبريل لها أسباب وشروط كانت معلومة بالضرورة، غير أن الزائر الآن للسودان يحتاج أن يفهم ــ أحيانا ــ القوانين الداخلية التي تحكم النسيج السياسي السوداني بناءً على منهج العبث السياسي الذي أبدع فيه سياسيونا النافذون في كل الأزمان. وربما يساعدنا هذا المنهج على الإعداد الجيد للتغيير الثالث الذي يعيد ثمانية ملايين من السودانيين العودة النهائية لوطنهم.


    http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=57258
                  

11-02-2008, 02:46 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    الفنون علي مسرح الفكر الجمهوري(2)
    محمد محمد الأمين عبد الرازق
    انتهينا في الحلقة الأولى من هذا البحث ، إلى أن الفنون بكل ألوانها ترجع في عصرنا الحاضر، إلى أصلها من الحل،بعد أن انتفت الأسباب التي أدت إلى تحريمها في الشريعة السلفية، أو قل في المستوى العقائدي من الإسلام .. وقلنا أن تلك الأسباب في جملتها كانت ترمي إلى تأمين وتثبيت تجربة المنهاج التريوي.. وأشرنا إلى أن الاعتراض الوحيد الباقي على الفنون اليوم، إنما ينحصر في ألا تتخذ الفنون بديلا عن المنهاج التربوي، وأن يكون الارتفاق بها مؤجلا إلى أن يحدث الفرد تنغيما في داخل نفسه، بإطالة الفكر وإدامة النظر في عيوبها، إلى مستوى يضع الحصان في مكانه الصحيح أمام العربة.. وقلنا أيضا أن الإسلام في مستواه العلمى، وليس العفائدي، هو الذي يملك تفاصيل المنهاج الفعال في تغيير النفوس.. والحقيقة أن كل معايب السلوك البشري، التي نشاهدها اليوم لدى الأفراد والجماعات، من شره،حرص، عنف،ظلم وتعدي على حربات الآخرين، إنما ترجع في جذورها، إلى تاريخ التجربة البشرية من لدن نشاة الحياة .. فالإنسان في تلك البدايات، وجد نفسه في بيئة طبيعية قاسية وبيئئة أحياء تتصارع بعنف من أجل البقاء.. ولذلك فإن معايب السلوك التي نسعي إلى علاجها، إنما هي إفراز للخوف الذي قذفه ذلك الصراع العنيف في أعماق النفس البشرية.. فالخوف إذن، هو الأب الشرعي لجميع آفات السلوك التي إيفت بها الحياة البشرية في جميع عصورها.. والمنهاج العلمي في العبادة والمعاملة، إنما يهدف إلى تحرير الإنسان من الخوف، بتوحيد الخوف في مصدر واحد هو الخالق، في محاولة لفض التعارض بين العقل الواعي والعقل الباطن، إذ أن النفس قد انقسمت بفعل الخوف إلى ظاهر تعلنه أمام الناس، وباطن تستكنه في حناياها.. ولقد كبتت في قاع العقل الباطن الكثبر من الرغائب النفسية، بعضها كبت بحق لأنها نزعات حيوانية،والبعض الآخر كبت بغير حق بفعل الخوف من المجتمع.. ولقد رسب ذلك الكبت أدران غطت على القلب، ومسخت الفطرة السليمة، التي قلنا أن الإسلام في جمبع تشاريعه الفردية والجماعية،موكل بإجلائها.. فالديمقراطية في السياسة لتطمبن الخوف من تسلط الحاكم، والاشتراكبة لمحاربة الخوف من الرزق.. أما المنهاج العلمي للفرد، فيقوم بخطوة في الكبت المجود بالعقل الواعي، لضبط الشهوات، تثمر خطوة في فض الكبت نتيجة التحرر من الخوف بفضل التوحيد.. وهناك الكبت الموروث من التاريخ اليشري، والكبت المكتسب في حياتنا بين الميلاد والوفاة، وكله بسبب الخوف.. وفي حوار حول الماركسية،مع الأستاذ محمود بمنزله ، قال السيد عبد الخالق محجوب أنه لاحظ من خلال متابعاته لإصدارات المكتبة السوفيتية،تسجيل لحالات سطو وسرقات متكررة، رغم نجاح التطبيق الاشتراكي، في توفير حد معقول من المعيشة لكل مواطن.. فأشار الأستاذ محمود إلى أن السبب في ذلك الخوف الموروث إضافة إلى المكتسب، ولا يمكن معالجته إلا بمنهاج الدين ، الأمر الذي رفضته الماركسية ابتداء.. هذا، ومن أجل أهمية، وضرورة منهاج الدين، حرمت الفنون بصورة جماعية في الشريعة، وبصورة فردية في المستوى العلمي.. تفاصيل أوفى حول التربية، وكيفية ممارسة المنهاج تجدونها في موقع (الفكرة) على الإنترنت، كتب وصوت..
    إن المجتمع البشري في نطوره، يسير على رجلين من مادة وروح، كما يسير الإنسان على رجليه من يمين وشمال.. وفي العهد النبوي تقدمت رجل الروح، وثبت عليها المجتمع، ثم أخذت المادة تتقدم تدريجيا حتى سيطرت على الناس في عصرنا الحاضر سيطرة تامة.. ولذلك فإن البشرية اليوم تستعد لتقديم رجل الروح من جديد في مستوى جديد، يطرح المنهاج النبوي ويقنع به أقوى العقول المعاصرة.. ولشدة سيطرة العلم المادي اليوم على الناس، انصرف بعضهم عن الدين وصاروا لا يرون أي فرصة لعودة الروح من جديد.. ولذلك عندما التقى الشاعر المعروف ابراهيم العبادي بالأخ هاشم فتح الرحمن وهو يوزع كتب الجمهوريين في سوق الجلود بأمدرمان، ناداه وسلمه رسالة إلى الأستاذ محمود كتب فيها:
    زمن الروح مضى وسارت قوافلو المادة
    واتولى الزمام من بعدو عصر المادة
    طبق فينا من قانونو أبشع مادة
    تتجاذبنا تباراتو جازرة ومادة
    فابتهج الأستاذ محمود للرسالة، وتعجب من مقدرة العبادي في استعمال كلمة (مادة) بهذا التنوع في المعاني.. ونحن نرى أن جميع مشاكل المجتمع الحاضر، في الأمن أو الاقتصاد لا يمكن أن تحل جذريا إلا بالإسلام في مستواه العلمي..
    الإسلام والفنون:
    ما هو الفن ٍٍ؟ وماهي علاقته بالإسلام؟ للاجابة نطالع الفقرة التالية من كتاب(الإسلام والفنون) للأستاذ محمود فأما الفن ، فقد سبق لنا أن عرفناه في متن هذه المحاضرة ، وذلك حيث قلنا ، ان الفن هو وسيلة التعبير عن ملكة التعبير .. وقلنا يومها أن ملكة التعبير إنما هي الحياة .. والحياة تعبر عن نفسها بوسائل مختلفة ، في مستويات مختلفة ... فهي تعبر عن نفسها بالحركة ، وتعبر عن نفسها بالغذاء ، وتعبر عن نفسها بالتناسل ، كما تعبر عن نفسها بالشعر ، وبالنثر ، وبالغناء ، وبالرقص ، وبالنحت ، وبالرسم ، وبالتصوير ، وبالتمثيل ، وبالموسيقى ، وبغيرها من ضروب الطاقة الفكرية ، والجسدية ، التي تفيض وتنبجس .. فهل يعني هذا أن كل أساليب الحياة للتعبير عن نفسها فن ؟؟ .. نعم هذا على التعميم ، وفي جملة الأمر ، صحيح ... بيد أن صور التعبير التي تمارسها الحياة البدائية تعتبر فناً فجاً ، وتزيد فجاجته كلما انحصر في التعبير عن مجرد نوازع المعدة ، والجسد ... اننا لا نسمي أساليب الحياة ، في التعبير عن نفسها ، فناً ، بالمعنى المخصص لهذه الكلمة ، إلا إذا ما دخلت هذه الأساليب على مستوى التعبير عن القيمة – القيمة في الحياة – وأعلى قيم الحياة الحرية .. هناك الطاقة الحياتية ، وهناك الطاقة العقلية ، وإنما بالطاقة العقلية دخلت القيمة في الحياة .. فالفن إنما هو تعبير الطاقة الحياتية عن نفسها من خلال مصافي العقول المرتاضة ، الصافية ، القوية الإدراك ... الفن هو التعبير عن حياة الفكر وحياة الشعور ، في آن معاً .. والطاقة الحياتية إنما هي أصل الحياة ، في سذاجة ، وبساطة ، وهي لا تفلسف ، ولا تتأنق ، ولا تحتفل ، حين تعبر عن نفسها .. وأسلوبها في التعبير اسلوب القصد الصريح ، في ممارسة اللذة ، واجتناب الألم ، ولكننا نحن لا نعتبر اندفاعات الشهوة في هذا المستوى فناً من الفنون ، وإنما الفن تعبير الشهوة المحكومة بالعقل المهذب ، المروض المنضبط بقواعد الخلق الرصين .. وإنما من أجل ترويض ، وتهذيب العقول حمدت مساعي الفنون ، في صورها المختلفة ، وبأساليبها المختلفة .. وإنما قيمة كل أسلوب من أساليب الفنون هي قيمة ما يقربنا من تلك الغاية ...وفي هذا المضمار يقع التفاوت بين أفانين الفنون ، وفيه أيضاً يقع اختلاف ما بين الفن والدين – الإسلام ... ومعلوم انه إنما هو دائماً اختلاف مقدار ، ، ولقد تعرضنا لتعريف الفن في الأسطر القليلة الماضية ، ولقد قررنا هناك أن الفن والإسلام لصيقان ، وهذا يعني أنهما وجهان لأمر واحد ... وهذا الأمر الواحد إنما هو الحياة ... فالفن أسلوب تعبير للحياة به يزيد عمقها ، واتساعها .. والإسلام اسلوب تعبير للحياة ، به يزيد عمقها واتساعها ، ولكن أسلوب الإسلام أشمل وأعمق ، وأبعد مدى من أسلوب الفنون .. ولقد وردت الإشارة إلى الاسلوبين: أسلوب الفنون ، وأسلوب الإسلام ، في الآية الكريمة: (سنريهم آياتنا ، في الآفاق ، وفي أنفسهم ، حتى يتبين لهم أنه الحق ، أو لم يكف بربك أنه على كل شي شهيد ؟؟) فهذه آيات الآفاق ، وآيات النفوس ... وهي جمعيها موضوع الفنون ، وموضوع الإسلام .. فأما الفنون فإنها تعنى بآيات الآفاق ، أكثر مما تعنى بآيات النفوس ، ولكن عنايتها بهذه غير غائبة .. وأما الإسلام فإنه يعني بآيات الآفاق ، ويتخذها مجازاً إلى آيات النفوس ، وعنايته بهذه ، وبخاصة في آخريات مراقيه أكبر وأعظم ، وللعلم التجريبي في هذين مجال ، ولكنه ليس هنا بذي بال ، ويكفي فيه أن يقال: إن الفن ، والدين ، والعلم ، متداخلة ، والاختلاف بينها إنما هو اختلاف مقدار. ).. و حول علاقة الفنون بكلمة التوحيد جاء فى نفس المصدر : (فالفكر حركة بين طرفين ، هما: الذاكرة ، والخيال .. فكأنما الهيئة هيئة ثالوث ، على الطرفين النقيضان ، ويتحرك بينهما متحرك هدفه التوحيد بين النقيضين ففي ذلك اكتماله ، واستواؤه .. فالفكر يبلغ أقوى ما يكون حين يستوي على خط الاستواء بين هذين النقيضين – الذاكرة والخيال .. وعندما جعلت وظيفة القرآن ترويض هذا الفكر ، وتهذيبه ، جعل خير ما فيه الكلمة "لا إله إلا الله" .. ولقد جاءت لا إله إلا الله ، بين النفي "لا" والإثبات "إلا" فلكأنها تقرر أن الحق ، أقوى ما يكون الحق ، لا هو إلى طرف النفى ، ولا هو إلى طرف الإثبات ، وإنما هو "بين بين" ونقطة البين بين هي نقطة الاستقامة التي قال عنها المعصوم (شيبتني هود وأخواتها) ، وذلك في قوله تبارك وتعالى من سورة هود (فاستقم كما أمرت ، ومن تاب معك ، ولا تطغوا .. انه بما تعملون بصير) ... ففي تحقيق الاستقامة تدريج الفكر ، وتهذيبه ، وتقويته ، وتحييده عن الميل لأي من الطرفين اللذين يتجاذبانه ... وهذه هي وظيفة تحقيق التوحيد ، بكلمة التوحيد "لا إله إلا الله" وإنما من أجل تحقيقها جاءت عبادات الإسلام ، وعاداته ، جاءت الصلاة بحضرتيها ، - حضرة الإحرام ، وحضرة السلام- ولقد فرضت الصلاة فوق السموات السبع ... وجعلت حركات الركعة سبع حركات .. وجعل السجود ، الذي هو قمة حركات الصلاة ، على سبعة عظام ، من عظام الجسد ... فهذه الحركات "السباعية" هي بسبيل من منازل الحركات السبع ، التي أكثرنا ذكرها في حديثنا في هذه المقدمة ، حتى لقد تحدثنا عن السلم السباعي في الموسيقى.
    وبمناسبة سلم الموسيقى السباعي ، فإن حركة الفكر أيضاً تسير في سلم سباعي ، لقد سبق أن قررنا أن الفكر يتحرك بين طرفين ، هما الذاكرة والخيال ، ونحن لا نخرج عن هذا المعنى إذا قررنا أن هذين الطرفين هما الماضي ، والمستقبل .. فجولان الفكر بين طرفي الذاكرة (الماضي) والخيال (المستقبل) ، يعزف على سلم سباعي ، هذا السلم السباعي يعرف عند السادة الصوفية بمراتب النفوس السبع ، وهي: النفس الإمارة ، والنفس اللوامة ، والنفس الملهمة ، والنفس المطمئنة ، والنفس الراضية ، والنفس المرضية ، والنفس الكاملة .. ومراتب النفوس هذه إنما هي طبقات العقل ، وهي هي طبقات النفس في عين الوقت ، فالأطراف اللطيفة من مراتب النفوس هي مراتب عقول ، إذ ما الفرق بين العقل والنفس إلا الفرق بين الإرادة والشهوة ، فللعقل الإرادة ، وهي مسيطرة ، وللنفس الشهوة ، وهي مقهورة ، ومروضة ، عند العقلاء العارفين ، فالعارف لا يتحرك عن شهوة ، وإنما يتحرك عن إرادة ... وجولان الفكر بين الماضي والمستقبل إنما يبتغي أن يعيش صاحبه في اللحظة الحاضرة ، لأن اللحظة الحاضرة هي وحدها الزمن الحقيقي ، والذي يعيش فيها وحده هو الذي يحيا الحياة الكاملة ، الخالدة .. هل تدرون لماذا نجد المتعة في الفنون؟ لأنها تريح فكرنا من الذبذبة بين الماضي والمستقبل ، وتتيح لنا فرصة العيش في اللحظة الحاضرة .. هذه خاصية في جميع الفنون .. تتفاوت فيها بضروبها المختلفة ، مع الأشخاص المختلفين ... فأنت إذا سمعت قطعة موسيقية راقية .. أو شهدت فليماً سينمائياً جيد الموضوع ، متقن الأداء ، فإنك تظل مشدوداً إلى الشاشة مثلاً ، منحصراً في تسلسل صور الممثلين ، ومنشغلاً بأدائهم ، بجمعية لا تبقي لك فرصة للتوزع بين الماضي والمستقبل ، حتى لكأن الزمن قد توقف ، في حقك ، في تلك اللحظة التي تعيشها ، وهي لحظة تكاد أن تكون خارج الزمان ... الانتصار على الزمن الذي تحققه لنا الفنون الجميلة هو أس سعادتنا بها ، ومن ثم هو أصل تعلقنا بها .. هذا الانتصار على الزمن هو الحكمة في مشروعية الصلاة ، التي هي أعلى العبادات)
                  

11-02-2008, 03:47 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    الفتوى أجاب عنها
    هل الجمهوريون من الفرق المارقة؟ د. عبد الحي يوسف
    السؤال هل يعتبر الجمهوريين (جماعة محمود محمد طه) من الفرق المارقة؟ وهل يجوز الأكل معهم أو الزواج منهم؟

    الإجابة الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فإن الفكر الجمهوري الذي كان داعيته والمنظِّر له الهالك المذموم (محمود محمد طه) قد حوى جملة من المصائب والطامات التي تجعل الحكم عليه بيِّناً واضحاً، ومن ذلك:

    أولاً: قول زعيمهم بوحدة الوجود حيث دندن حول هذا المعنى في كثير من مؤلفاته، وهو في ذلك سارق لأفكار من قبله من الغلاة من أمثال محيي الدين بن عربي في (فصوص الحكم)، يقول محمود في كتابه (أسئلة وأجوبة) ج2 ص44: (هذا استطراد قصير أردت به إلى تقرير حقيقة علمية دقيقة يقوم عليها التوحيد، وهي أن الخلق ليسوا غير الخالق، ولا هم إياه، وإنما هم وجه الحكمة العملية، عليه دلائل وإليه رموز) ويقول في كتابه (الرسالة الثانية) ص 164ـ165: فهو حين يدخل من مدخل شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله يجاهد ليرقى بإتقان هذا التقليد حتى يرقى بشهادة التوحيد إلى مرتبة يتخلى فيها عن الشهادة، ولا يرى إلا أن الشاهد هو المشهود، وعندئذ يقف على الأعتاب ويخاطب كفاحاً بغير حجاب قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون وفي ص90 يقول: (ويومئذ لا يكون العبد مسيَّراً، إنما هو مخيَّر قد أطاع الله حتى أطاعه الله معارضة لفعله، فيكون حياً حياة الله، وقادراً قدرة الله، ومريداً إرادة الله ويكون الله). ويقول في كتابه (أدب السالك في طريق محمد) ص8: فالله تعالى إنما يعرف بخلقه، وخلقه ليسوا غيره، وإنما هم هو في تنزل، هم فعله ليس غيره وقمة الخلق وأكملهم في الولاية هو الله وهو الإنسان الكامل وهو صاحب مقام الاسم الأعظم (الله) فالله اسم علم على الإنسان الكامل.أ.هـ تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.

    ثانياً: تفسيره للواجبات الشرعية بغير المعاني التي أجمع عليها المسلمون وعرفوها منذ أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى يومنا هذا، فالصلاة عند محمود بالمعنى القريب: هي الصلاة الشرعية ذات الحركات المعروفة، والصلاة بالمعنى البعيد: هي الصلة مع الله بلا واسطة، أو هي صلاة الأصالة كتاب (الصلاة) ص70، وقد ظهر نفاقه على أيام رواج الشيوعية فقال في كتابه (الرسالة الثانية) ص145: وبنفس هذا القدر الزكاة ذات المقادير ليست اشتراكية، وإنما هي رأسمالية.. وآيتها (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم) ليست أصلاً وإنما هي فرع، والغرض وراءها إعداد الناس نفسياً ومادياً ليكونوا اشتراكيين، وحين يجيء أوان الاشتراكية) إلى أن يقول في ص147:فالشيوعية تختلف عن الاشتراكية اختلاف مقدار فكأن الاشتراكية إنما هي طور مرحلي نحو الشيوعية، ولقد عاش المعصوم الشيوعية في قمتها).

    ثالثاً: إنكاره لأمور قد عُلمت من دين الإسلام بالضرورة كوجوب الحجاب على المرأة ووجوب الزكاة وإباحة تعدد الزوجات والطلاق، وقد ألف منشوراً جعل عنوانه (الجهاد ليس أصلاً في الإسلام) وآخر (الزكاة ليست أصلاً في الإسلام) وثالث (الطلاق ليس أصلاً في الإسلام) عليه من الله ما يستحق.

    رابعاً: سوء أدبه مع الله وأنبيائه ورسله ودينه وقد طفحت بذلك منشوراته ومؤلفاته، حيث وصف رب العالمين جل جلاله بالحقد حين يخلِّد الكفار في النار فقال في كتابه الرسالة الثانية ص87: (وما من نفس إلا خارجة من العذاب في النار وداخلة الجنة حين تستوفي كتابها من النار وقد يطول هذا الكتاب وقد يقصر حسب حاجة كل نفس إلى التجربة ولكن لكل قدر أجل ولكل أجل نفاد، والخطأ كل الخطأ في ظن أن العقاب في النار لا ينتهي إطلاقاً فجعل بذلك الشر أصلاً من أصول الوجود، وما هو بذلك، وحين يصبح العقاب سرمدياً يصبح انتقام نفس حاقدة) وأصدر كتاباً بعنوان (الإسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين) وبلغ به عرام الكفر أن يقول في منشوره الأخير (هذا أو الطوفان): إن شريعة طبقها المعصوم في القرن السابع لا تملك حلاً لمشاكل القرن العشرين.

    خامساً: بلغ من زندقته وفساد عقله أنْ ظنَّ أن أحكام الإسلام موقوتة وأن اختلاف الزمان يأتي على أصلها ويغير حقيقتها وفحواها فأصدر منشوراً بعنوان: (تطوير الأحوال الشخصية) ذكر فيه آيات القرآن في شأن الميراث والشهادة ثم قال معللاً تلك الأحكام: فقد كانت المرأة في القرن السابع قاصرة عن شأو الرجال وليس القصور ضربة لازب وإنما هو مرحلة تقطع مع الزمن والصيرورة إلى الرشد حتم.

    وأحسن تصوير لفكر الرجل ما قاله الشيخ العلامة محمد نجيب المطيعي رحمه الله تعالى في كتابه (حقيقة محمود محمد طه)ص27: والحقيقة التي استخلصناها من دعوة هذا الرجل هي أنها مزبلة تاريخية إذ تراكمت فيها كل جيف الفكر القديم والدعوات الهدامة على مدى التاريخ، وهي مزبلة عصرية إذ تراكمت فيها كل أفانين الفكر الهابط من دهرية ووجودية وشيوعية وفرويدية ولا معقولية وهيبزية)

    هذا وقد أفتت هيئات شرعية ومجامع فقهية ومحاكم إسلامية معتبرة بردة الرجل وفساد فكره، وأن هذا الحكم ينسحب على كل من يؤمن بأفكاره تلك ويتابعه في هرطقته وزندقته، فصدرت فتوى المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي في 5/ربيع أول 1395هـ بردته وأنه يجب على المسلمين أن يعاملوه معاملة المرتدين، وصدرت كذلك فتوى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف بتاريخ 5/6/1972م بأن كلام محمود كفر صراح لا يصح السكوت عليه، وصدر الحكم بردة محمود من المحكمة الشرعية يوم 27/شعبان/ 1388هـ الموافق 18/11/1968م ثم صدر حكم آخر من المحكمة الجنائية رقم 4 بأم درمان بتاريخ 8/1/1985م ثم قرار محكمة الاستئناف الجنائية بالخرطوم الصادر في 15/1/1985م وقد أراح الله العباد والبلاد من شره بعدما نُفذ فيه حكم الإعدام في يوم الجمعة 27/ربيع الثاني/1405هـ (فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين).

    وإذا تبين مروق هذه الفرقة من دين الإسلام فإنه لا يحل لمسلم أن يتزوج من نسائهم؛ لقوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم) ولو استبان لزوج أن امرأته تعتنق هذا الفكر لوجب عليه فراقها إن لم تتب؛ لقوله تعالى (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) ولا يحل لمسلمة كذلك أن تتزوج رجلاً يعتنق هذا الفكر؛ لقوله تعالى (ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم) والله تعالى أعلم.


    http://www.meshkat.net/new/contents.php?catid=10&artid=10658
                  

11-02-2008, 07:29 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    جمـعـة حـســن:كلماتٌ عند ضريح وَلِيٍّ دائمِ الابتسام
    د. النور محمد حمد

    حسام عزمي نبا مهيضاً وغمد ذلي احتوى حسامي
    أعيش عطلا أموت عطلاً بلا صـفاتٍ ولا أسـامي
    عوض الكريم موسى


    هذا حديث في مناقب من عاش عطلا، ومات عطلا، بلا صفاتٍ، ولا أسامي. هذا حديث في ذكر جمعة حسن. بضع كلمات أحس بهن أمانة في عنقي، وعليّ تأديتهن. كلمات يتوجب عليّ قولهن، في ذكر ولي الله، وروحه، أخي، وصديقي، ورفيق دربي، جمعة حسن. كلمات ربما ولدن ميتات، ولا أحسبهن يسوين شيئا لحظة الوقوف عند ضريحه العامر، ولدى عتبات مقامه الرفيع. غير أني أقدمهن قربانا، وتوسلا إليه، وهو هانئ الروح ورائق البال، في حضرته البرزخية البهية. فلعله يذكرني بين المذكورين. فقد أحزنني رحيله، أيما حزن، وبرح بي تصور كوني لن أراه ثانية، في هذه الدار، إن قُدِّرَتْ لي العودة إلى السودان، بعد كل هذه السنين من الغياب ـ

    تبوأ جمعة بين كل الجمهوريين منزلة خاصة جعلت منه مَلِكُ المحبة، الود، والتواضع، دون منازع. لا يخيف سمته أحدا. فجمعة ظل طيلة حياته عطلا من أي لبوس يخيف. لا هالة، ولا هيبة، يجللانه، فتبعثان في من يقترب منه التهيب واللجج. قال المعصوم: "هون عليك، فإني لست ملكا، وإنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد". تحقق جمعة حسن، بهذا الحديث الشريف، تحققا لا مجال لمجاراته. جمعة حسن، مفرد علم، لم يتحقق أي جمهوري غيره، بعيش شريف، وموت أشرف، مثل عيشه، وموته. فقد كان جمعة حسن، نسيج وحده، بين كل الجمهوريين. كان كذلك في كل شيء. كان فئة خاصة، غير قابلة للتبويب تحت أي مسمى، أو أي نمط عرفناه، من أنماط الشخصية الجمهورية ـ

    لم يتفق لجمعة، في أي يوم من الأيام، الوقوع تحت مُسَمَّى ما عُرف بشيوخ الجمهوريين. كما لم يتفق له أيضا، الوقوع، تحت مُسَمَّى، ما عرف بشباب الجمهوريين. فهو قد كان حالة خاصة قائمة بذاتها. وبهذا التفرد، مثل جمعة حسن، خير مدخل للقادمين الجدد. كان واحة مخضلة النعيم بالأنس، في وحشة صحراء السلوك، وكلاح مناخ التشمير المتصل. حين ولجنا دنيا المجتمع الجمهوري، في مطلع السبعينات، كان الوقت، هو وقت ازدياد أعداد الشباب المقبلين على الأستاذ محمود محمد طه، من طلاب المعاهد العليا والجامعات. وكان أول بيت وضع للإخوان الجمهوريين، حينها، للذي بحي أبي روف، قريبا من دار الرجل الأخروي، "المحمودي"، حتى مشاش العظم، حسن مجذوب الحجاز. ولم يلبث أن انتقل ذلك البيت، إلى ما سمي لاحقا، ببيت الإخوان (أ) في الحارة الأولى بمدينة المهدية. كان جمعة واحدا من الأعضاء المؤسسين لذينيك البيتين. في بدايات تجربة بيوت الإخوان، حين لم يكن عدد ساكنيها، من الإخوان الجمهوريين، لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، مثلت روحه الرحبة العجيبة، مهبطا للأرواح التائهة المقبلة، فقد كانت واحة الأنس التي يحملها في أردانه، في متقلبه ومثواه، هي مهبط القادمين، ومثابتهم. فعالم جمعة الرحيب، الخصيب، عالم لا يعرف الوحشة، كما لا تعرف دنيا تدينه التشدد، وشظف التقشف الزائد عن الحد، أو رمق القادمين الجدد بعين حارة، خوف تنكب الجادة، وسواء السبيل. كانت تلك هي فطرته التي فطر عليها. كان قلبي المشهد، لا عقليَّهُ، ولذلك فقد كانت ثقته مودعة في القلوب المقبلة، وفي رب القلوب. كان جمالي المشهد في السلوك، أيضا، ولم تقف تنقطع به جمالية المشهد دون التحقيق. وذلك كمال، وتلك هبة إلهيه، لا يُلًقَّاها إلا ذوي الحظوظ العظيمة ـ

    مثل جمعة بمشهده السلوكي الجمالي، خير بوابة للقادمين من الشباب والطلاب. كانت فيه جاذبية خاصة للفنانين الجمهوريين، وللطلاب. كان يتلقفهم بمغنطيس لا يملكه غيره، ويرسِّيهم بمقدرة لا يملكها غيره أيضا. كان يفعل ذلك، وكأني به قد علم، أو أُعلم، منذ البدء، أن وجود الفنانين الجمهوريين، والطلاب، في الحركة الجمهورية، سوف يكون امتدادا طبيعيا لوجوده هو، في مضمار تتكامل فيه الأدوار التي يلعبها الأفراد في مضمار الحركة. وهذا هو ما حدث لاحقا، بالفعل. كان جمعة الفن كله، نشرا، وتصويرا، وتسجيلا، وصحافة حائطية، وكل شيء. لا يمر يوم إلا ويأتي جمعة بفكرة جديدة، أو اختراع جديد. كان قابضا لعروتي الشريعة والحقيقة، بطبيعة مودعة فيه. ولذلك لم يكن يوما، مهوِّمَا، أو مجذوبا، أو ذاهل اللب. كان صاحيا على الدوام، لا يرجئ أفكار التحسين، والتطوير، تعلقا بوعود المستقبل، رغم إيمانه الراسخ بوعود المستقبل ـ

    في تلكم الأيام، عند بدايات السبعينات، من القرن المنصرم، كان هناك تململ في وسط ثلة من التشكيلييين في كلية الفنون. أذكر منهم، على سبيل المثال، أستاذنا، عبدالله أحمد بشير "بولا"، وخلف الله عبود، وحسن موسى، ومحمود عمر، وآدم الصافي، وبدر الدين حامد، وشخصي، إضافة لآخرين. وقد كان صلة وصلنا بالحركة الجمهورية، عند تلك البداية، الأخ الفنان، الجمهوري، إبراهيم قرني. وقد كان قرني صديقا للأخ عمر صالح، ذكره الله بكل خير. ظللنا في بداياتنا الأولى، نختلف إلى بيت عمر صالح، في ضاحية "اللاماب بحر أبيض". كانت أمه، تحتفل بنا أيما احتفال، فنحن أصدقاء وحيدها الذي يلازمها في بر منقطع النظير. فبر عمر صالح بوالدته، يشبه كثيرا، البر المحكي عن أويس القرني، بأمه. زار الأستاذ تلك المرأة، ذات أصيل من تلك الأصائل المترعة بِعَرْفِ الروح. وقد تشرفت بصحبته، في تلك الزيارة. ركبنا سلسلة من البصات من المهدية، حتى وصلنا "اللاماب بحر أبيض". استقبلتنا أم عمر صالح، عند مدخل الدار حافية، وحين رأت وفدنا الزائر، المكون على ما أذكر، من الأستاذ، وعم فضل، وحسن حجاز، وربما شخص آخر، وشخصي، قالت أم عمر: والله رأيتكم، أنتم الواقفين أمامي الآن، بنفس صورتكم هذه، في رؤية ليلة البارحة، وأنتم تزورونني. وكانت تلك هي أول مرة ترى فيها، أم عمر، أولئك الزائرين، باستثناء شخصي، بالطبع. وحين انصرفنا، قال الأستاذ: "هذه المرأة صالحة" ـ

    كنا حين نجيء إلى عمر صالح، في أيام الجمع، فنج أمه قد أعدت لنا القراصة، والملاح، وما أن نفرغ من الأكل، حتى تدخل علينا بالشاي. كنا نمضي الوقت كله، في الاستماع إلى محاضرات الأستاذ محمود محمد طه، التي كان يلقيها في مدن السودان المختلفة، في نهايات عقد الستينات. في تلك المحاضرات الساخنة، التي ظل الأستاذ محمود، يشرح فيها فكرته للبعث الإسلامي، ويواجه فيها بقوة، المعترضين عليه، ممن يسمون برجال الدين، وسائر ألوان الطيف السلفي، أحسسنا بالوعد الروحي المنبعث من الفكرة الجمهورية، لأهل الأرض. كان في نبرات صوت الأستاذ، ما نقل إلينا تباشير عوالم الجمال القادمة. في تلكم البداية البعيدة، مثَّل عمر صالح، بالنسبة لنا، بوابة سابقة، لبوابة جمعة حسن. وقد كانت بوابته تلك، بوابة جمالية، أيضا. كانت بوابة أنيسة، سهلة الولوج، وجاذبة. ولا غرابة أن اكتشفنا، لاحقا، ما يربط بين جمعة حسن، وعمر صالح، من جاذبية الشخصية، ولين الجانب، وحسن المعشر. كما تبدى لنا رويدا، رويدا، ما ينطويان عليه من مواهب متعددة، ومن مغنطيسية خاصة بجذب الفنانين، إضافة إلى قدرات فنية، ومعرفة كبيرة، في ميادين التوثيق، بالتسجيل الصوتي، والتصوير الضوئي، وغيرها من الأنشطة المساعدة، التي لا غنى لأي حركة فكرية عنها ـ

    التحق جمعة حسن، بالأستاذ محمود، بمدينة كوستي، كما بلغنا منه، وممن سبقونا. وقد كان، وقتها، طالبا بالمدرسة الصناعية. كان ناشطا مع الشيوعيين. وقد حكى العم، يونس الدسوقي، عن جمعة حسن، قائلا أن جمعة حسن، كان على صغر سنه، أحد أنشط كوادر الشيوعيين الشبابية، في مدينة كوستي. ويونس الدسوقي، كما هو معروف، واحد من قيادات الشيوعيين في كوستي، وقد كان صديقا للأستاذ محمود، في فترة إقامة الأستاذ محمود فيها. وقد حكى يونس الدسوقي، عن جمعة، أيضا، أنه حين قابل الأستاذ، قال للشيوعيين ما معناه، أنه وجد الرجل الذي يبحث عنه. ومن يومها، فارق الشيوعيين، ولازم الأستاذ محمود، حتى آخر يوم ـ

    حين تعرفت على جمعة حسن، أول مرة، تذكرت أننا تقابلنا من قبل. فقد أمضيت، وأنا في المدرسة المتوسطة، بعض العطلات الصيفية، مع خالي، آدم على آدم، بمدينة تندلتي. وقد كان خالي آدم، يستقدمنا، أنا وشقيقي مضوي، إلى مدينة تندلتي، لنحرس له متجره، خاصة وأنه يذهب بالبضائع، في بعض الأحيان، إلى مدينة "أبو جبيهة"، وغيرها، من مدن جبال النوبة الشرقية. كنا نشتري الجرائد من كشك يقع في الركن الجنوبي الشرقي من زريبة المحصولات، بسوق تندلتي. وقد كانت تندلتي، وقتها، واحدة من أهم مراكز المحصولات، وأهم المراكز التجارية، أيضا. يقع كشك الصحف، قبالة دكان الأخ الراحل، محمد الحسن الطاهر، قبل أن ينقل تجارته من تندلتي، إلى كوستي. وكان جمعة حسن هو الذي يدير ذلك الكشك. ولست متأكدا الآن، ما إذا كان ذلك الكشك مملوكا للأخ محمد الحسن الطاهر، أم لتاجر آخر. الشاهد، أن علاقة جمعة بالكتب، والنشر، والمكتبات، بدأت مبكرة جدا ـ

    وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فإن علاقتي بتندلتي قد انقطعت، منذ العام 1965. وقد نسيت تلك الحقبة، هونا ما، في السنوات التي تلت، وانمحت كثير من معالم ذكرياتها من ذاكرتي. وحين قدمت إلى الأستاذ، ذات يوم، من كلية الفنون، وكنت أعاني شتاتا روحيا، وتشردا فكريا، وهموما وجودية ممضة، متلمسا طريق العودة إلى أحضان الدين، ولكن بلا بوصلة، لم يتردد الأستاذ في دعوتي، وبلا كثير مقدمات، للذهاب معهم إلى مدني، التي كانوا ذاهبين إليها، في اليوم التالي. كان ذلك في عام 1971، على ما أذكر، وكنت في بداية السنة الثانية بكلية الفنون. أحسست بأن الأستاذ أحس بجوعي الروحي، وحالة الضياع التي كنت أعانيها، فأراد أن يعطيني فرصة لعيش أطول نسبيا، في وسط جمهوري. وكان الأستاذ، ومن معه، ذاهبين إلى مدني، لتعزية الأخ الراحل، جلال الدين الهادي، في وفاة شقيقه حمّور. قال لي الأستاذ، بأنهم سوف يمضون ثلاثة أيام المأتم هناك. ثم سألني ما إذا كان في وسعي أن ألتقيهم في الصباح، في موقف البص السريع، بـ "الخرطوم ثلاثة". تم الأمر بهذه البساطة، وأجبته، بلا تردد، بأنني سوف ألتقيهم هناك. وقد حدث ذلك بالفعل. غادرت في اليوم التالي، داخليات كلية الفنون، ووصلت إلى موقف البصات، في الميعاد، كما طلب مني الأستاذ، ووجدتهم قد اشتروا لي تذكرة البص. كنت الوحيد الذي يرتدي بنطلون جينز، وقميصا مشجرا، ويعلو هامته شعر منكوش. صحبتهم في البص إلى مدني، وقد كان مرافقو الأستاذ قليلين، وأغلبهم من أسرة الأستاذ، أذكر من بين مرافقيه، بتول، وأسماء، وسمية، وأخريات لا أذكرهن الآن، مع بعض أخوان الخرطوم، الذين لم أكن قد تعرفت على أكثريتهم بعد. لدهشتي، وجدت في فراش العزاء بمدني، الأخ، محمد الحسن الطاهر، وقد قدم هو الآخر، من كوستي، لتقديم العزاء لجلال وسعيد. سلمت عليه، وعرفت نفسي قائلا بأنني الصبي الذي كان يرسله، آدم على آدم، إلى دكانه، لشراء بعض مستلزمات ماكينات الخياطة. تذكرني بوضوح، وسألني عن خالي، وعن أحواله. وأخبرته في ذلك المجلس، بأنني كنت صديق طفولة لأبنائه، صلاح، والطاهر. وعرفت منه أنه أنضم إلى حركة الجمهوريين ـ

    في تندلتي، كان محمد الحسن الطاهر، وقتها، من رجالات الحزب الوطني الاتحادي، وكان خالي آدم على آدم، من رجالات جبهة الميثاق الإسلامي، وقد ترشح خالي آدم، عن جبهة الميثاق في الدائرة الانتخابية 65، كوستي الجنوبية، التي تشمل مدينة تندلتي. وكان ذلك، في أول انتخابات أعقبت ثورة أكتوبر 1964، غير أنه لم يفز. وقد جعل مني خالي آدم، حينها، قارئا لصحيفة "الميثاق"، وخاصة باب "من أجل الإنسان" الذي كان يكتبه، زين العابدين الركابي. غير أن ذلك لم يؤثر فيّ كثيرا. ذكرت تلك القصة، لأنني حين كنت في تندلتي، كنت معجبا بمحمد الحسن الطاهر، إعجابا طفوليا مبهم الملامح، وغامض الأسباب. كنت معجبا به كتاجر ناجح، وكأحد الوجوه المرموقة في المدينة. كما كنت أجد في موسيقى اسمه شيئا من الجاذبية الخاصة. ولا أستطيع أن أجزم الآن، بأنني ربما أحسست وقتها بأننا كنا نتقاسم شيئا مشتركا، لم أكن قادرا على استكناهه وتكييفه، وقتها. شيء من نوع ما، جعل شخص محمد الحسن الطاهر، حيا في داخلي. ولا أستطيع تكييف تلك المشاعر الآن، من الموقع البعدي الذي أقف عليه الآن. وقد كنت، حينها في سن الثالثة عشر، أو الرابعة عشر، على الأكثر، مجرد تلميذ يأتي إلى تندلتي ليقضي عطلات الصيف. الشاهد، أن الفكرة الجمهورية جمعتنا مرة ثانية، وعلى صعيد جديد. جمعة حسن، ومحمد الحسن الطاهر، وشخصي. جمعتنا على صعيد واحد، رغم تفاوت الأعمار، وجهات المقدم، واختلاف الاهتمامات، والانتماءات السابقة. وتلك واحدة من المصادفات الباعثة على التأمل في خيوط عالم الروح العجيبة، وتشابكاتها ـ

    تلك كانت بداياتي الأولى، مع الولي المكين القدم، الدائم الابتسام، جمعة حسن. لم أكن أعرف أن المستقبل سوف يجمعنا، وأن أواصر الألفة والمحبة سوف تتوطد بيننا، على ذلك النحو الذي اتفق لنا لاحقا. أنا مدين لجمعة بما لا يقوى خاطر امرئ على حمله. فقد أظلني ظله الوريف، من هجيرٍ كثيرٍ، لم يكن في وسعي تحمله، لولاه. فلولا جمعة، وآخرين ممن هم على شاكلة جمعة، لربما ابتعدت عن الوسط الجمهوري، منذ السنوات الأولى، ولفاتني إذن، خير كثير. وهذا الوضع، الذي أحكي عنه هنا، لربما انطبق كذلك على كثيرين غيري. كان جمعة ممدودا بطاقة كامنة فيه، وأميز ما يميز تلك الطاقة، هو عدم الخوف من الجديد، والتحديات التي تأتي مع القادمين الجدد. جرى إرسال جمعة من النهايات، فأسهم بحاله المتقدم ذاك، في ترسية كثير من أهل البدايات، وكنت واحدا منهم. جاء جمعة يسعى من أقصى المدينة. جاء من وراء مشروع السلوك، غير أنه جاء متحققا بأينع ثمار السلوك. كان ينضح دينا بطبعه، ومع ذلك، فهو لا يخيفك بأي لبوس ديني يرتديه. كان شخصا طبيعيا بكل ما تعني الكلمة من معنى. كان قلبا يسعى على قدمين، وكان لا يكل من الابتسام. وابتسامته العريضة، التي رأيتها عليه يوم عرفته، أول مرة، ظلت مكانها، على وجهه الصبوح، سنين طويلة، وكأنها جزء من تقاطيع وجهه وملامحه. لم أر جمعة غاضبا قط، ولم أره متبرما. ولم أراه منزعجا لأن أمرا أراده لم يُقض. وأهم من كل ذلك كله، لم أره مشغولا بمنافسة أحد، أو منضويا تحت لواء أحد، أو متحيزا إلى معسكر أحد. لم يكن يوما مشغولا بما ظل يشغل به كثير من الإخوان الجمهوريين أنفسهم، من مساعي التأكد من مكانتهم لدى الأستاذ، أو لدى كبار الإخوان الجمهوريين. كان زاهدا، في الوجاهة، والمكانة الاجتماعية، وفي الألقاب، وفي كل وضعية يمكن أن يتميز بها ابن أنثى على آخر. مَلَكَ جمعة ثراءً وغنىً داخلياً، وتكاملاً نفسياً ذاتياً، جعلاه ينصرف بتلقائية، وبعفوية، عن كل معارك الأشرطة والنياشين، التي كانت رحاها دائرة. تشتد تلك المعارك، ما تشتد، ويخبو أوارها ما يخبو، ولكنه لا يمس جمعة حسن، لا من قريب، ولا من بعيد. فهو بمنأى دائم، وبحرز حريز منها، بحكم عفة نفسه، وسماحتها، وثقته الراسخة في دوره المتفرد ـ

    جمعة لا يحب أن يشار إليه بميزة، أيا كانت. تقول العرب: "العمائم تيجان العرب" والتاج فيه رمزية للمكانة، والتاج أيضا، دلالة على الزهو، والفخار. يخرج جمعة إلى مهامه المختلفة، في مطابع، ومكتبات الخرطوم ـ وقد كنت كثيرا ما أصحبه في تلك المهام ـ فيأخذ عمامته معه، غير أنه، لا يضعها على رأسه، وإنما في جيبه, ولذلك فقد كان جيب جلبابه منتفخا على الدوام. وربما كان نزوع جمعة إلى الحرية هو الذي يجعله لا يضع العمامة على رأسه. غير أن للأمر رمزيته أيضا، فجمعة كان عازفا، عزوفا أصيلا، عن أي تاج كان، وعن أي شريط، وأي نيشان. وعلى الرغم من أن النزوع إلى الحرية يقترن لدى كثيرين آخرين، بشيء من الإهمال، والنقص في تقدير المسؤولية، إلا أن ذلك النزوع لم يؤثر أبدا على مقدرة جمعة الفذة في تصريف مسؤولياته الصعبة. ولا أخالني أبالغ، إن قلت، أنني لم أعرف بين كل من عرفت من الإخوان، شخصا مثل جمعة في التفاني في العمل، وفي تقدير المسؤولية. ولا عجب أن أوْلى الأستاذ محمود، جمعة حسن، ثقة لا تحدها الحدود. لقد كان من الجمهوريين القلائل الذين تركهم التنظيم وشأنهم، وفوض لهم الأمر، ثقة في قدراتهم، وفي ارتباطهم العضوي بما يقومون به. لم يكن جمعة قابلا لأي أغواء، أو فتنة تنكبه جادة الطرق. لقد كان ملكا كريما، وكلا متكاملا أفاض الله عليه فيوضا بإسمه "الغني". قال الأستاذ محمود: "جمعة حسن معجونٌ من مادة الدين"، وحسب جمعة، هذا الوصف الجامع المانع ـ

    كان جمعة الرائد الأول لحركة التوثيق عن طريق التسجيل الصوتي، والتصوير الضوئي، وسط الجمهوريين. كما كان رائد الطباعة بالرونيو، التي صدرت بها كتيبات الإخوان الجمهوريين، بين منتصف السبعينات، ومنتصف الثمانينات. حوصرت الحركة الجمهورية بالإجراءات الإدارية الحكومية التي تكبل حرية أهل المطابع، فلجأت الحركة الجمهورية إلى أن تباشر طبع منشوراتها بنفسها. ولم يكن في وسع الحركة أن تستخدم شيئا غير "الرونيو". بدأت حركة الطبع بالرونيو، في مرحلتها الموسعة، بالمنزل "ب" بالحارة الرابعة. وبدأ العمل بماكينة رونيو ماركة "جستتنر" يدوية. يظل جمعة واقفا طوال الليل، ليدير تلك الماكينة بيده. كان يملك طاقة على الوقوف على رجليه، وعلى السهر، لا تضاهي. وقد تعلمنا منه السهر، وتعلمنا منه الصبر، والمثابرة، وإنجاز العمل في الموعد المحدد. ينجز جمعة العمل في الموعد المحدد، مهما كلف من جهد. يجعلك جمعة تعمل وفق مشيئته، وأنت راض، تمام الرضا. يحبب إليك صحبته في العمل، بما يخلق حول نفسه من جو مؤنس، لا يقوى أحد على مقاومته. كان يعمل في الغرفة الغربية من المنزل "ب" بالحارة الرابعة. وعلى الرغم من رائحة الورق، ورائحة الحبر النفاذة، فقد كان لتلك الغرفة، المناخ الروحي لصومعة الراهب. كما كانت لها، أيضا، نكهة الضريح الشذية. يمضي جمعة الليل ساهرا، قياما حول ماكينته، ونظل نحن من حوله نكتب على الشمع. تسقط رؤوسنا على الطاولات، حين يغلبنا النوم، ثم نصحو، بين ساعة وأخرى، لنواصل الكتابة. غير أن جمعة يظل واقفا مبتسما كالعهد به أبدا ـ

    تعلمنا من جمعة، نحن الذين نزعم أننا تخرجنا من كلية الفنون، الكتابة على الشمع. وتعرفنا بواسطته على معدات ذلك النوع من الكتابة، مثل قلم "الإستنسل"، والشريحة الخشنة (استنسل شيت) التي يسند عليها الشمع حتى يتم تخريمه بإتقان. أكثر من ذلك، تعلمنا منه فن الطباعة، وعمل الملازم للكتاب، وترتيب الصفحات التي لا يستقيم ترتيبها إلا لاحقا، حين يبلغ العمل الطباعي مرحلة الجمع، والتدبيس. كما تدربنا على يده على تشغيل ماكينة الرونيو، وإقالة عثراتها الكثيرة، بشتى الحيل. يعلمك جمعة، ولكنه لا يشعرك بأنه يعلمك شيئا. كان حساسا بشكل لا يوصف، فيما يتعلق بمراعاة النفوس. أعنى مراعاة (صورة النفس عند صاحبها) والتي عادة ما تكون متضخمة، خاصة لدى من وصلوا إلى مقاعد معاهد التعليم العالي، والجامعات، ممن يظنون بأنفسهم، عادةً، العلم، والفهم، في كل شيء. وبالإضافة إلى معرفته الواسعة بتقنيات الطباعة، فقد كان جمعة حسن ناقدا حاذقا لتصميمات الأغلفة التي ننتجها. قال لي الأستاذ محمود مرة، وقد كنا نناقش تصميم غلاف في حضرته، وكان لجمعة فيه، وجهة نظر مغايرة، قال لي: "نحن نثق كثيرا في وجهة نظر جمعة". ومنذ ذلك اليوم أصبحت أعطي وجهات نظره الفنية، وزنا أكثر بكثير، مما كنت أفعل في السابق. وتلك واحدة من درر عيون المعرفة الثاقبة، التي أسهم بها الأستاذ محمود محمد طه، في تحريرنا، من وهم الإيمان الأعمى بالتخصص الأكاديمي ـ

    كان جمعة حسن، من أوائل المتفرغين للعمل لفكرة الجمهورية. لم يعمل بشهادته التي حصل عليها من المدرسة الصناعية، وإنما أعطى كل وقته للعمل للفكرة الجمهورية. وقرار التفرغ للعمل لتنظيم ما، ليس قرارا سهلا، خاصة ما يتضمنه من ترك للوظيفة الحكومية، في وقت كانت فيه الوظيفة الحكومية متاحة، ومجزية أيضا. التفرغ يعني فيما يعني الاستقالة عن مشروع العائلة والمجتمع وتوقعاتهما للفرد في مجالات كسب العيش. فقرار التفرغ، ليس قرارا سهلا، لأن التفرغ، لتنظيم فقير مثل تنظيم الجمهوريين، لا يعطي المتفرغ، عادة، أكثر مما يقيم الأود. تفرغ جمعة في وقت مبكر، وبلا كثير تفكير، لأنه أيقن، مثلما يوقن المرسلون، والمصلحون، بحقيقة كونهم قد خلقوا لغير ما خلق له أترابهم. كان مؤمنا بالغيب إيمانا ملأ عليه لحظته، وأغناه عن كل أعراض المال، والجاه، والسلطة. لم يلجأ جمعة للتفرغ لأنه كان عاجزا عن الكسب، فقد أثبت جمعة، حين توقفت الحركة عقب 18 يناير 1985، قدرات فذة في تنمية المال، وإدارة الأعمال ـ

    عاش الفنانون الجمهوريون أقمارا تلف حول شمس جمعة الساطعة. حين أتى بأهله من ود عشانا، إلى أمدرمان: أمه، وزوج أمه، وإخوانه، وأخواته، وخالاته، وأبنائهن، وبناتهن، ليسكنهم جميعا في داره، ويصرف شؤون تلك الدار الكبيرة، بقي الفنانون الجمهوريون جزءا من ذلك الفلك الدائر حول شمس جمعة. كان بيته الطيني المستأجر، البسيط النظيف، المقشوش المرشوش دوما، واحتنا من هجير بيوت الإخوان. فيه نرتاح، وفيه نأكل، ونشرب، ونستحم أيضا، ولا نحس بما يحس به الضيف، أو الغريب. كان يحتفل بقدوم الإخوان إلى بيته أيما احتفال. وكان أهله مثله، يأنسون بالضيف، ويسعدون بخدمته. لم تتح لي فرصة زيارة جمعة في داره التي امتلكها في الفتيحاب، ولكنني علمت أن تلك الدار قد جمعت أيضا، من أهل جمعة، وأقاربه، ومن أهل وأقارب زوجته، ما جمعت. هكذا عاش جمعة حسن للناس، وبالناس. وغادرها بعد أن ترك بصمة لا تمحى في كل قلب كل أخ وأخت دارا في فلكه العجيب ـ

    الموت حق، وهو حق يأخذ الأخيار. ونحن، عادة، لا نصحو من غفلاتنا، لنعرف أن الكل باطل، وقبض الريح، إلا حينما يرحل عنا الأعزاء. نحن غارقون غرقا لا طفو فيه، إلا قليلا. أعني أننا غارقين في سكرة غفلة متصلة الحلقات. نصحو في الفينة بعد الفينة، حين يذهب عنا الخيرون. فالغفلة هي سر الحجاب المحرك للاستمرارية. وما الحياة الدنيا سوى حلم قصير جدا، في ليل الوجود الداجي، الممتد بين الأزل والسرمد. سمعت الأستاذ مرة يقول، طلب الشيخ عبد القادر الجيلاني، حين حضرته الوفاة، ممن كانوا حوله، أن ينزلوه من السرير على الأرض. قال الأستاذ: فعصر الشيخ عبد القادر الجيلاني خده على الأرض، ثم قال: "جاء الحق الذي ذهلنا عنه بالشطح" ـ
    متعنا الله بصحبة بعضنا بعضا، دنيا، وبرزخا، وآخرة، وهدانا إلى التصالح مع ما يختاره لنا، وإنا لله وإنا إليه راجعون ـ
                  

11-02-2008, 07:31 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    الحــزب الجمهـــوري
    البيـان نمرة (11)
    تصفيـة المحـاكم الشـرعيــة
    يخرج هذا البيان للناس في مستهل اسبوع تصفية المحاكم الشرعية، الذي اتخذ القرار بإقامته في مؤتمر الحزب الجمهوري الذي انعقد بمدني خلال ايام عيد الفطر المبارك..
    ونحن لا نسميها محاكم شرعية الا مجاراة لما الف الناس ان يسموها .. فإنها في الحق محاكم ملية كما ورد ذلك في البيان نمرة (6).. فان الشريعة الاسلامية لا يمكن ان يقيمها رجال رضوا بان يؤمنوا (ببعض الكتاب ويكفروا ببعضه).. ولا يقيمها رجال رضوا بان يشرف الاستعمار على تنفيذ احكامهم، ومن ثم الرقابة عليهم.
    ان اول ما يجب ان يقال في مستهل هذا الاسبوع هو ان الاوان قد آن للناس ليفرقوا بين القضاة الشرعيين وبين الشريعة.. فانه من الجهل بالدين الا يقع هذا التفريق.. بل انه لما يصم الدين، ويعوق الدعوة الدينية في هذه البلاد، ان نقرن بين القضاة الشرعيين وبين الدين..
    ان القضاء في هذه البلاد سيتوحد.. وان التشريع في هذه البلاد سيتوحد وان التعليم في هذه البلاد سيتوحد، ما في ذلك ادنى ريب.. ولكن ذلك لن يتم قبل ان تقوم الثورة الدينية بتجديد الفكر بعودة (لا اله الا الله ) من جديد، قوية، خلاقة في صدور الرجال والنساء، في القرن العشرين كما كانت في القرن السابع.. وأول خطوة في سبيل عودة الدين التفريق بينه وبين القضاة الشرعيين.. والتفريق بينه وبين من يسمون رجال الدين، ممن عاشوا علي الدين، علي طول المدى ، ولم يعيشوا له لحظة واحدة ..
    ان الغرض من اقامة اسبوع تصفية المحاكم الشرعية هو ان يقوم التمييز في ذهن الشعب بين الدين وبين من يسمون رجال الدين من قضاة ومن غيرهم..
    وعلي الله قصد السبيل ومنه نستمد التسديد

    امدرمان في 2/1/1969م
    محمود محمد طه
    رئيس الحزب الجمهوري


    برنامج المحاضرات لأسبوع
    تصفية المحاكم الشرعية
    يقدم المحاضرات الاستاذ محمود محمد طه
    المحاضره الاولى مساء الخميس 2/1 الساعة السابعة بدار الحزب الجمهورى بالموردة
    المحاضرة الثانية مساء الجمعة 3/1 الساعة السابعة بالكلية المهنية بالخرطوم
    المحاضرة الثالثة مساء السبت 4/1 الساعة السادسة بمعهد شمبات الزراعي
    المحاضرة الرابعة مساء الاحد 5/1 سيعلن عن مكانها
    المحاضرة الخامسة بنادي العمال بالخرطوم بحري- مساء الاثنين 6/1 الساعة السابعة
    المحاضرة السادسة بدار اتحاد طلاب جامعة الخرطوم – مساء الثلاثاء7/1الساعة الثامنة
    المحاضرة السابعة مساء الاربعاء سيعلن عن مكانها
    والمحاضرة الثامنة مساء 9/1 بدار الحزب الجمهورى بالموردة
    _________________
                  

11-02-2008, 07:36 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    لقاء الأستاذ محمود محمد طه بمندوبي جريدة القبس الكويتية

    قامت بالتنزيل من الشريط: مريم أحمد المصطفى الحسين
    قام بالمراجعة والتصحيح: عمر هواري

    الصحفي: القبس الكويتية ، أزهر الخفاجي ، بدنا يا أستاذنا نعرف فكرة عن الجمهوريين – متى أنشأت وفلسفة الأخوان الجمهوريين؟
    الأستاذ: الفكرة الجمهورية بدأت في منتصف الأربعينات - في أكتوبر عام 1945، وده بأرخ برضه بداية الأحزاب السياسية في الحركة الوطنية عندنا .. وقتها بطبيعة الحال البلد مستعمر والإنجيليز والمصريين شركاء في لاستعمار .. والحركة الوطنية كانت قبل الأربعينات بتتحرك من داخل ما كان معروف بمؤتمر الخريجين العام ، نشأ في سنة 1938، واستمر لكن كانت الصراعات السياسية بتحتدم في داخل مؤتمر الخريجين العام أساساً حول قطبين: السيد عبد الرحمن المهدي والسيد علي المرغني، السيد علي المرغني زعيم الطائفة الختمية، والسيد عبد الرحمن المهدي زعيم الأنصار. فكان الصراع داخل مؤتمر الخريجين للكسب لكراسي المؤتمر بتدور حول القطبين ديل. بعدين ، لملابسات الإنجليز هم الحفزوها بسرعة، الإنجليز ما كانوا بيعترفوا بأنه الخريجين يمكن أن يتكلموا في مصير البلد سياسياً.. وكان في سنة 1942 نشأ بين الحلفاء الخمسة الكبار ما سُمّي بوثيقة الأطلنطي وكانت بتعد الناس اللي تعاونوا مع الحلفا في الحرب عندما تنتهي الحرب أن يكون عندهم حق تقرير مصيرهم .. فالسودانيين من داخل مؤتمر الخريجين طالبوا بالحق ده، والإنجليز رفضوا أن يسمعوا لمؤتمر الخريجين يتكلم في السياسة .. مؤتمر الخريجين مؤتمر موظفين دا ممكن يعمل في المسائل العامة، والسياسة - مصير البلد يتكلموا عنه الزعماء الطائفيين وزعماء العشائر .. فمن هنا نشأ الوضع السياسي خرجت الأحزاب من داخل المؤتمر وخلّوا المؤتمر ليكون للمسائل التعليمية والمسائل الإجتماعية زي ما كانوا الإنجليز عايزنه، لكن نشأت الأحزاب .. لما نشأت الأحزاب بس برزت من داخل مؤتمر الخريجين برضها حول القطبين ديل، وكان عندنا أحزاب إتحادية عديدة وأحزاب استقلالية .. طائفة الأنصار كانت بتطالب بأنه السودان يكون للسودانيين وطائفة الختمية بتطالب أن يكون في اتحاد مع مصر.. الاثنين مجمعين على أنه الاستقرار السياسي بجي عن طريق راس دستوري ملكي - يكون في ملك .. فالاتحادين عايزين تاج فاروق - السودان يكون عنده نوع من الاتحاد مع مصر تحت تاج الملك فاروق .. والاستقلالين كانوا بميلوا للانفصال من مصر لكن بيتهموا بأنهم عايزين يعملوا تاج محلّي زي تاج الأمير عبد الله في شرق الأردن تحت اشراف الإنجليز .. فكانوا اتحادين واستقلاليين بالصورة دي .. في الوقت داك نشأ الحزب الجمهوري يقول مافي داعي للملكية أصله، ما في داعي للتبعية لمصر ولا لبقاء الإنجليز وإنما المسألة ترجع إلى الشعب في حكم جمهوري عام، فنشأ الحزب الجمهوري .. وبعدين الحزب الجمهوري كانت برضه فلسفته تقوم على الإسلام، أنه الناس أمرهم ما بنصلح ولا في السودان ولا في الخارج إلا عن طريق الدين لأنه الأزمة العالمية أزمة أخلاق أزمة قيم، لكن على أن يُفهم الدين فهم يختلف عما يفهموه الأزهريين والرجال التقليديين.
    الصحفي: ما الطريقة؟ طريقة هذا الفهم
    الأستاذ: طريقة هذا الفهم هو الدخول في الدين بصورة تطبيقية موش دراسية .. الدين موش دين دراسة ، دين ممارسة .. الناس يعيشوه عبادة تنعكس في المعامله، بالصدق ده الإنسان بقدر يصل لجوهر الدين ، يقدر يتكلم عنه .. على أي حال في الوقت داك نحن قلنا أنه الحركة الوطنية مفتقرة لشيئين: مفتقرة للحماس الوطني في مواجهة الاستعمار ومفتقرة للفكر السياسي ، لأنه التكتلات دي لمّا مشت حول السيدين ما أصبحت بترفع مذاهب وفلسفات مدروسة إنما هو تكتل - تكتل الناس حول ... وتستعد للمعركة البتجي بالوزن البتحمله الكثرة العددية دي .. نحن قلنا في الوقت داك ، نحن ما بنملك تفاصيل الفكرة ، نحن شاعرين بأنه لابد من الدين ، على أن يكون دين غير النحن بنشوفوه عند الأزهر ولا الناس السلفيين من قضاة ومعلمين دين، وإنما دين يرجع إلى جوهر الفكر الإسلامي ويبعثه زي ما انبعث في مكة في أول النهضة وأول الثورة الدينية اللي جاء بيها النبي في مكّة .. "لا إله إلا الله" تعاش من جديد وترفع إلى مستوى، ده نحن قلنا ما بنملكوا في الوقت الحاضر لكننا بنملك نواجه الاستعمار بحماس .. وفعلا الحزب الجمهوري واجه الاستعمار بحماس شديد لغاية ما اعتقلوا بعضنا وسُجنّا .. نحن أول سجناء الحركة السياسية - ده سنة 1946.. بعدين الإنجليز كانوا بمشوا مع أصدقائهم من ناس حزب الأمة ليطوروا أجهزة ديموقراطية من داخل البلد ، ليرفعوها برضه في وجه المصريين - أنه السودانيين بيتولوا أمور أنفسهم ، فكان في حاجة إسمها "المجلس الاستشاري لشمال السودان" ، وقائم على أسس وعنده وزراء بيشاركوا فيها السودانيين الإنجليز .. وفعلا ناس حزب الأمة أو الاستقلاليين قدّموا وزرا في النظام ده .. الاتحاديين رفضوه .. بعدين الاتحاديين مشوا لمصر، وبقوا يكافحوا من هناك أوائل نشأة الأمم المتحدة، وكانوا ناس النقراشي بيتكلموا بإسم السودان، وقتها في ليك سكسيس Lake Success والسودانيين قاعدين معاهم في الفنادق المصرية ، وهنا ديل متعاونين مع الإنجليز.. المجلس الإستشاري زي أصبح ميّت، فقاموا الإنجليز عملوا حاجة إسمها "الجمعية التشريعية" برضها عندها وزراء وعندها كده، لكن المرّة دي ما ميّزوا شمال السودان عن جنوبه .. المجلس الإستشاري لشمال السودان كان متهم بأنه عايز يفصل الجنوب، وده من أكتر الأشياء القتلته .. وعملوا الجمعية التشريعية، عامة ، لكن برضه الإتحاديين مقاطعنّها ، لكن المصريين اقترحوا على الاتحاديين إنه يجوا راجعين للسودان ليواجهوا - المقاطعة تكون فعّالة موش سلبية .. وفعلا جاء وبدو السجناء منهم سنة 1948. نحن في السجن حاولنا أن نطوّر الفكرة .. بدا لينا أنه فراغ الحماس انملا لأنه أصبحوا في سجناء سياسيين كتيرين .. مشينا في الفكرة لي خمسة سنوات .. في الخمسة سنوات بدأ تقعيد وتبويب والتأليف في الفكرة الجمهورية ، وهي قائمة على أصول الدين .. على فهم جديد للقرآن ، يبعث الشريعة في مستوى يحل مشكلة الإنسان المعاصر، اللي هي مشكلة تختلف من جميع الوجوه عن مشكلة الإنسان في القرن السابع .. وده اقتضى أن يُقال أنه القرآن مستويين: مستوى نزل في مكة في بداية الأمر، 13 سنة، لم يُستجب له ، وأُمر النبي بالهجرة إلى المدينة .. بدا ينزل القرآن المدني ، نسخ القرآن المكي، وبدا العمل في التشريغ بالقرآن المدني .. فنحن ما بنعتقد أنه النسخ ده نهائي، لأنه القرآن المكي أرفع مافي القرآن هو قرآن أصول، قرآن مسؤلية، قرآن حرية، "وقل الحق من ربكم فمن شاء أن يؤمن ومن شاء فليكفر" في مقابلة "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله" .. فده ما ممكن يُنسخ بدون حكمة .. الحكمة في نسخة أنه القرآن المدني بناسب المجتمع في القرن السابع ، وهو أفضل ليهو وعملي فقام عليه التشريع .. نحن هسع دعاة إلى بعث الإسلام على مستوى القرآن المكي.
    الصحفي: نأخذ بالسور المكية فقط ونتبعها...
    الأستاذ: القرآن كله موجود .. لأنه قبيلك لما كنا بنشرّع على مستوى القرآن المدني، القرآن المكي موجود يُتبعد بيهو ويُتعلم منه ويُقرأ للبركة ويُقرأ في الصلاة .. راح يظل المصحف زي ماهو المصحف، فالقرآن المكي موجود والقرآن المدني موجود بين دفّتي المصحف يُقرأ ويفسّر، ويدرس ويتعبد بيهو لكن الشريعة زي ما حصل في الأول مع وجود القرآن المكي، القرآن المكي أُعتبر ماهو معتمد في الشريعة، منسوخ في الشريعة.
    الصحفي: كان عقيدة .. السور المكية كلها ..
    الأستاذ: راح يظل، القرآن راح يظل كده، يعني المكي والمدني راح يظل عقيدة ويظل للدراسة، ويظل للتعبّد والتبرّك.. لكن الشريعة الكانت نسخت القرآن المكي ، لأنه أعلى من مستويات الناس وأكبر من حاجاتهم ، نسخته لتنزل لمستوى الناس .. في الوقت الحاضر القرآن المكي يكون هو العمدة بتاعت التقنين، تشريعنا يعتمد على القرآن المكي الكان قبيل منسوخ، مثلا ...
    الصحفي: إذا اعترض مع المدني ؟
    الأستاذ: ما بكون ناسخ .. يعني قبيلك لمن اعترض المكي مع المدني، المكي أصبح منسوخ، هسع بيعترض القرآن المكي مع المدني، المدني يصبح منسوخ، لأنه النسخ قبيل الحكمة فيهو أنه النزول لحاجة الناس وحل مشكلة الناس، فلمن جاء القرآن المكي جاء يقول "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، وجا ليقول "فذكر إنما أنت مذّكر، لست عليهم بمسيطر" ا.. لقرآن ده لما استمر 13 سنة ما أُستجيب ليهو جاء القرآن المدني .. القرآن المدني نسخ ده طوّالي ، متروك هو للعبادة وللتأمل وللعقيدة ولكل حاجة، لكنه منسوخ في حق الشريعة، فجاء "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله، فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين" .. بعد ما كان النبي منهي عن القتال أُمر بالقتال، أصبح في حق الشريعة القرآن المكي منسوخ .. الحاجة النحن عايزنها هسع في حق الشريعة ، القرآن المدني يصبح منسوخ.
    الصحفي: عفواً، أنا أرجو أنك تقبل، لأنه نحن لازم نتحاور ...
    الأستاذ: أيوه نعم..
    الصحفي: النسخ الأول جاء من الله سبحانه وتعالى، كيف الآن، منو اللي يعطي لنفسه الحرية والصلاحية أنه يعتبر المدني منسوخ، ويرفع المكي؟
    الأستاذ: ماهو، الأمور كلها بتجي من الله لو نحن استعدينا لاستقبال أمر الله .. القرآن ما كلام الله لينا، ما يمنعنا من فهمه إلا عدم استعدادنا .. فلو نحن دخلنا في التهيؤ ليهو ، لو نضّفنا مواعينا، قال فيه "واتقوا الله ويعلمكم الله"، يبقى الله هو البعلمنا ما نتكلم بيهو في أمر نسخ أمر كان منسوخ قبيل.
    الصحفي: هذا هل معناه بأنه حضرتك عدت مستقبل شيء معيّن يمكنك بأنه تعمل هذا الشيء؟
    الأستاذ: أي نعم، الليهو الفهم من القرآن ببساطة شديدة يعني، ربنا بكلمنا في القرآن .. بعدين أرسل لينا النبي يخط لينا الخطة اللي بيها نحضر معاه ونفهم عنّه .. نحن ما بمنعنا أن نفهم من الله في قرآنه إلا انشغالنا عنّه .. نحن منشغلين عنّه ، ما بنسمع ليهو، فإذا كان أتقنا السير خلف النبي - النبي هو مفتاح القرآن، معروف عنه، السيدة عائشة بتقول "كانت أخلاقه القرآن"، والنبي يقول "إنما أنا قاسم، والله يعطي، ومن يرد به الله خيراً، يفقّهه في الدين"، فالفقه في الدين هو البدينا السلطة لنتكلم .. نحن في الحالة دي بتكلم عن الله لأننا فهمنا عنّه ما جا بيهو في قرآنه.
    الصحفي: زين، كيف نحن ممكن نعرف هذا من الله، قد يكون بيه وسوسه؟
    الأستاذ: قد يكون به وسوسه .. وكل واحد من حقّه أن يقول أنه أنا فهمت عن الله كذا .. نحن ما بنقول ليهو كلامك ده وسوسه، نوريه الخطأ فيهو، أي واحد قابل لأنه يؤخذ منه ويُرد عليه. واضح عندنا إنه لا يمكن أن ينسخ القرآن المكي وهو أرفع مافي المصحف بالقرآن المدني، ثم يكون النسخ ده سرمدي، بالإضافة إلى أنه كأنه تغيير رأي.
    الصحفي: آي بس اللي عرفناه أن النسخ لآيات، مو نسخ لمجموعة كاملة.
    الأستاذ: ولا نحن بنقول كده، نحن بتكلم عن الشريعة، نحن بنقول منسوخ في حق الشريعة، ولعله الكلام ده وارد هنا هسع ده، منسوخ في حق الشريعة ، يعني ...
    الصحفي: إذا شنو ليك شيء جديد اللآن ؟
    الأستاذ: في ثلاثة مسائل، ثلاثة مسائل أساسية، هي السياسية، والاقتصاد والاجتماع .. في آيات مكّية تنظم المسائل الثلاثة ديل، وآيات مدنية تنظم المسائل الثلاثة دي .. في المال القرآن بقول "يسألونك ماذا ينفقون قل العفو" والقرآن يقول "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلي عليهم إن صلاتك سكن لهم" .. الآية الأولانية مكية ، الآية الثانية مدنية .. على الآية المكية قامت شريعة النبي، النبي ما كان بزكي الزكاة ذات المقادير، هوفسر "يسألونك ماذا ينفقون قل العفو" بما زاد عن حاجته الحاضرة، هو ما بدّخر رزق اليوم لغد، ويرى أنه كل ما زاد عن حاجته ما هو له، وإنما هو لصاحبه المحتاج ليهو في الوقت الحاضر لذلك يصرفه عنه للمحتاج ليهو .. الأمة ما بتطيق العمل ده فنزل ليها في مستواها القرآن المدني "خذ من أموالهم صدقة.. " إلى آخر الآية، النبي قنن الشريعة، شريعة المال، الزكاة ذات المقادير على مستوى الآية دي وأُعتبرت ديك منسوخة في حق الأمة، قايمة في حقّه هو بس، قايمة في حقّه هو وحده .. نحن الآن دعاة لتطوير التشريع من مستوى الزكاة ذات المقادير اللي هي الصدقة اللي هي يكون إنت ليك في المال حق، ولي الله الصدقة، من المستوى ده لنرتفع إلى مستوى إنت تآخذ حاجتك من المال وما يزيد عن حاجتك يعطوه لمن يحتاجه في الوقت الحاضر.
    الصحفي: الآن، نعم.
    الأستاذ: ودي أدخل في النظام الإشتراكي من الأولى، الأولى رأسمالية .. ملطّفة .. نعم .. رأسمالية ملطّفة بمعني أنك إنت مقيّد في كسبك، في الإسلام إنت ما بتكسب ساكت، يعني ثمن الكلب وثمن الخمرة محرّمات عليك، لكن برضه إنت لمن تملك ممكن تملك وسيلة الإنتاج، ممكن تملك المصنع والورشة والأرض، ويمكنك أن تأجّر الآخرين، وشروط برضه أنه عليك أن تأجرهم بي سعرهم في السوق ما تظلمهم وأن تدّي الأجير أجره قبل أن يجف عرقه "ولا تنسوا الفضل بينكم برضه"، لكن في الآخر إنت راح تكون رأس مالي وأنا عامل بس حتى في نظام الزكاة، فهنا الدعوة إذن لتطوير الوضع ده من نظام رأس مالي إلى نظام اشتراكي العمدة فيهو الآية المكّية، نرتفع من الآية المدنية نحو الآية المكية .. برضه عمدتنا في العمل ده، عمل النبي ، وأحاديثه اللي حض فيها على الإشتراكية بصور ماها تطبيقية بطبيعة الحال لأنه وقت الإشتراكية ما جا، ، فكان يقول "كان الأشعريون إذا أملقوا وهم على سفر وكان عندهم زاد فرشوا ثوباً فوضعوا عليه ما عندهم من زاد فاقتسموه بالسوية أولئك قوم أنا منهم وهم منّي" وكان يحكي عنه أحد الأصحاب، أبو حذيفة بن اليمان "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرة فقال: من كان عنده فضل مال فليعد به على من لا مال له، ومن كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له، قال: فذهب يعدد الفضول حتى ظننا أن ليس لأحد حق في فضل" وحتى من الكلام ده برضه يجي عمر بن الخطّاب يقول "لو استقبلت من أمري ما استدبرت لأخذت فضول أموال الأغنياء فرددتها على الفقراء" .. لكن بطبيعة الحال، ما كان بستطيع لأنه الشريعة قايمة في حقّه، لكن قالها بالصورة، فكأنه الطريق من الناحية النظرية مفتوح للارتفاع من الزكاة ذات المقادير نحو النظام الاشتراكي البكفل العدالة للناس، وكان النبي ينفر عن الزكاة "الصدقة أوساخ الناس، وهي لا تجوز لمحمد ولا لآل محمد" .. وبطبيعة الحال معلوم أنه هو وآل محمد والنبي ما عايزين يكونوا طبقة متميزة عن الأمة، لكن عايز يقول أنه حيث أمكن أن تعفّوا عن حل مشاكلكم بالصدقة عفّوا .. فالأمور ممهدة لأنه نتطّور نحن من الصورة ديك إلى الصورة، لننتقل من نص كان متناسب في القرن السابع وهو "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم بها وتزكيهم وصلّي عليهم إن صلاتك سكن لهم" إلى نص كان منسوخ في القرن السابع اللي هو " يسألونك ماذا ينفقون قل العفو" نحن نداول النص، داك قبيلك كان ناسخ لأنه قدر حاجة الناس، لأنه النص المنسوخ أكبر من حاجة الناس، نحن اليوم ننسخ ده الكان ناسخ لأنه أقل من حاجة المجتمع البنادي بالإشتراكية من زمن طويل وجا بي الصراع بين الطبقات وبين العندهم وما عندهم، الاشتراكية أصبحت هي شعار اليوم دي الآية اللي أصبحت أقل من حاجة الناس ننسخها لنبعث الحاجة .. الآية الفي مستوى حاجة الناس، في مسألة المال هي دي الصورة تطوير التشريع من الزكاة ذات المقادير إلى الإشتراكية، واحد من وسائل تحريم ملكية وسائل الإنتاج على الفرد الواحد أو الأفراد القليلين. الناحية الثانية السياسة، وفي السياسة برضه العهد الأول في الآيات المدنية قام على الوصايا وكان الصورة أنه ربنا كلّم الناس بالمستوى الأصلي في الدين أنهم المسؤلين أحرار، فإذا عجزوا عن تحمّل مسؤلية الحرية يمكن أن تسحب منهم وده الأمر الحصل، لمن سحبت الآيات المكية وجات الآيات المدنية سحب مستوى من التعامل مع الناس في أمر السياسة الناس ظهروا أنهم قصر، أدوهم حريتهم ما استطاعوها فجعل النبي عليهم وصي، وجا حديث "أُمرت أن أخاطب الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله" وأصبحت "فذكّر إنما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر" منسوخة "إلا من تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر" كأنه فيها تعذبه إنت بالقتال العذاب الأصغر، فكأنه الآيات الكبيرة نسخت والأمة جُعل عليها وصي، النبي، المشركين الخارجين عن الدين قانونهم السيف "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله" "يا أيها النبي قاتل الكفار والمنافقين واغلظ عليهم" "يا أيها الذين آمنوا جاهدوا الذين يلوونكم من الكفّار وليجدوا فيكم غلظة"، بالصورة ددي .. دي جا في حق المشركين، في حق المسلمين أنه هو يشاورهم "وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكّل على الله" جات الشورى، ما يتكلم عنها الناس كتير، الشورى ماها ديموقراطية، الشورى حكم الرشيد للقصّر، يشاورهم ويملك أن يخالفهم، لأنه بطبيعة الحال مشورة القاصر ماها ملزمة للرشيد، ولذلك تجد "فإذا عزمت فتوكل على الله" يعني كأنه إذا أشاروا عليهو بي رأي وافق رأيه يتوكل على الله وينفّذه، وإذا أشاروا عليهو بي رأي ما عنده رأي حاضر غيره يتوكل على الله وينفذه، إذا أشارا عليهوا بي رأي عنده رأي حاضر مخالف ليهو ينفذ رأيه، وتدخل فيهو "وتوكل على الله" ، فهنا تجي آية الديموقراطية موش آية الشورى، آية الديموقراطية واردة في "وذكر إنما أنت مذّكر لست عليهم بمسيطر" الحرية الواسعة في الصورة دي حتى النبي نُهي عن يكون مسيطر على الأمة، حتى على الكفّار، في أول الأمر نُهي أن يكون مسيطر "وقل الحق من ربّكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" الآيات الديموقراطية في مكة كتيرة جداً كلها أصبحت منسوخة بما سميت بآية السيف، نحن نرى أنه في مستوى السياسة تبعث الآيات المكية ليكون الحكم ديموقراطي، ونحن نملك أن نولّي الإمام أو الحاكم أحسن نقول، رئيس الجمهورية ونملك أن نعزله، موش نقتله مثلما حصل في الفتنة الكبرى مثلاً، دايماً في طريق يخلي العنف ما ضروي.
    الصحفي: الآن موقفكم من النظام كيف؟
    الأستاذ: نظام نميري؟
    الصحفي: نعم
    الأستاذ: أوه، ده بيدخل في موضوع طويل، إنت لو كنت عايز نتم ليك النقط اللي بكون فيها التطوير، نتمها، .. يمكن أن نقول..
    الصحفي: لا بأس بس احاول اقيف حتى أرجع القضايا الحديثة التي ممكن أطلع عندي موضوع
    الأستاذ: آي ده كله يجيك، نمشي ليك في موقفنا من النظام ولا نتم ليك السؤال الأولاني؟
    الصحفي: بكيفك، إذا كان إيجاز نمشي ..
    الأستاذ: طيب، إنت برضه إذا عايز الإيجاز أنا بكون لي أسهل، لكن أنا كنت عايز أوفي ليك ..
    الصحفي: لأن تعرف أنا حريص على أن أقدّم صورة أيضاً تكون مضغوطة ومهضومةى .. إذا كثّرت عليهم راح يكون على أساس ممل إلهم و.. لأنه في بعض القضايا اللي لازم أقدمها مثل رأيك إنت من الصلاة..
    الأستاذ: كل حاجة ممكن نجي ليها.
    الصحفي: نعم أحسن ولذلك نرجع لقضايا آنية
    الأستاذ: هو بقى شوف، الموضوع ده جدلي إلى حد بعيد، يعني الرأي ده ما قيل بيهو عبر تاريخ الإسلام، ولذلك إذا كان في إيجاز مُخل ما مقعّد يجوز ما يمشي في اتجاهك الإنت عايزه، الشاهد، نحن نرجئ سؤالك عن النظام الحاضر، ونمشي في موضوعنا؟
    الصحفي: أي نعم تفضّل.
    الأستاذ: طيب .. نحن إذا دعاة لتطوير الشريعة من آية الوصاية إلى آية الحرية والديموقراطية البتمارس ومافي وصاية من أحد على أحد، الوصايا بالقانون على كل الناس ده فيما يخص السياسة، فيما يخص المرأة والاجتماع، نحن مع المساواة بين الرجال والرجال في الملل المختلفة، المسيحي والمسلم والبوذي الوثني الملحد كلهم في الحقوق الوطنية يجب أن يكونوا متساويين، المساواة بين الرجال والرجال، والمساواة بين الرجال والنساء، ودا عندنا برضو عتيد وحاضر في الإسلام، خصوصاً أمر المرأة، أمر المرأة جاي في القرآن المدني "الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم، والصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوذهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا"، يمشي للحد ده، ده القرآن المدني وقامت عليهو الشريعة لكن القرآن المكي يقول "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة"، لهن مثل الذي عليهن بالمعروف كأنها مخاطبة في الحقيقة بلغة العصر الحاضر في مسألة الأجر المتساوي للعمل المتساوي، لهن من الحقوق مثلما عليهن من الواجبات، دي يجي تطوير برضه في الوضع الإجتماعي أنه النساء والرجال أمام القانون متساويين، مافيش وصاية من أحد على أحد ولا قوامة من أحد على أحد، ودي المسائل التلاتة اللي بتحتاج إلى تطوير في الأمر ده بصورة ظاهرة. يمكن ده يعيطيك صورة في دعوتنا، دعوة إلى تطوير التشريع، من الآيات المدنية إلى الآيات المكية، وفي المستويات دي بصورة خاصة، التشريع كله ما بيخضع للتطوير، مثلاً القصاص والحدود ما بدخل فيها التطوير إلا شي طفيف يجي من ملابسات العصر، زي مثلا السارق بتقطع يده، راح يظل بتقطع يده إذا قام عليه الركن، والركن أنه يسرق النصاب إذا سرق أقل من النصاب ما بتقطع يده، النصاب إذا سرقه أن يسرقه من الحرز، الحرز معناها المحل اللي هي مخفية فيهو، ومحفوظة فيه وبيشعر أنه إذا عاين يشيل منها يخشى أن يشوفوه الناس، ده حرز، فإذا أخذ النصاب من الحرز، برضه ينظر فيهو إذا هو جائع فإذا جائع لا تقطع يده، لأنه الركن ما قام، بعدين إذا ما جائع ينظر فيهو هل هو مجنون إذا مجنون ما بتقطع يده، يعالج، أها هنا يمكن التطوير البدخل في الحد ده هو مقدرتنا نحن على معرفة أنواع الجنون شنو، يجوز زمان ببساطة الما بمشي عريان والا يجدع الناس بالحجارة ما يكون مجنون، لكن في أنواع خفية من الجن تعتري الواحد في وقت معيّن، يعني في ناس إذا شافوا حاجة إنسان غيرهم ما يملكوا أن يعتصموا من أن يأخدوها، ده نوع من الجنون برضه.
    الصحفي: عفواً من كلامك بعض اللي التقيت فيهم من الناس عن الجمهوريين، يصفوك بنفس هذا الشيء.
    الأستاذ: بصفوني بإيه؟
    الصحفي: بهذا، يقول أيضاً هو رجل متزن ولكن قد يكون فيه نوع من الجنون، أنا آسف أقول هذا الكلام طبعاً.
    الأستاذ: لا ، أنا ما عندي أي اعتراض. .. يجوز في نوع من الجنون .. قالوا السيد أحمد البدوي – دا استطراد ما في ضرر منه ، السيد أحمد البدوي قال:
    ولقد وصفوني بالجنـون جماعة فقلت لهم بيت لسامعه يحلو
    مجانين إلا أن سر جنونهم عجيب على أعتابه يجسـد العـقل
    ففي نوع من الجن زي ده ..
    الصحفي: هذا حقيقة اللي .... (انتهى الجزء الأول من الشريط)
    الأستاذ: ده يكون أحسن
    الصحفي: شنو السر أستاذ ها الشكل، السلبية على دعوتك في أوساط السودانيين سوءاً تنظيميات، أخوان مسلمين ، أنصار سنة أو حتى بعض الناس العاديين، شنو سبب السلبية هذه؟
    الأستاذ: السر أنو الدعوة دي جديدة بصورة ما سبق ليها مثيل في التاريخ، والناس الدرسوا الدين دراسة وظيفية ظنوا أنه ما درسوه هم ما في غيره .. إذا درست في الأزهر اثناعشر سنة وأخذت شهادة العالمية أو درست في المعهد العلمي أو في الجامعة الإسلامية أو في أي محلّة درست بتاخد شهادة العالمية وبتظن إنه ما في شي تاني .. فلما إنت تقرا لينا تقرا وإنت مقتنع بأنه الكلام البتقراه ده كلام باطل وبتفتش عن باطله وين، وتقوم تنشر آراء خطأ بصورة محرّفة مخرّجة غلط ومقتبسة غلط .. فبقى في تشويه كبير جداً أوقف الناس مننا موقف الإنسان الحذر والخايف .. لكن نحن باستمرار بنمشي وبنمسح في الأرض دي وبتبين للناس، باستمرار .. فالأمر ده قبيلك لمن كان في مستوى التوحيد، 13 سنة يكاد يكون ما أوجد إلا عدد يحسب في أصابع اليدين .. لما مشت الهجرة والدين قرّب لمألوف الناس أصبح الناس دخلوا فيهو بالإضافة طبعاً إلى الجهاد بالسيف وكده، فكونه الناس تكلمهم بي حاجة ما ألفوها من المؤكد أنه في الأول *** .. ودي السلبية بتجي من هنا، بعدين بتجي من معارضة فاجرة، معارضة بتكذب وتحرّف، وبعدين الناس الآخرين يقروا كتب المعارضين ما يقروا كتبنا نحن .. يمكن صدرت تسعة كتب - تسعة كتب في الرد علينا منها من يشوّيه أقوالنا ويبتر أقوالنا ويخرّجها غلط ...
    الصحفي: منو بالضبط اللي كتبوا التسعة كتب؟
    الأستاذ: مؤلفين مختلفين منهم الأمين داوود، منهم محمد علي يوسف، ومنهم واحد اسمه حسين زكي ومنهم النور محمد أحمد، عدد من الناس .. في البلد في الوقت الحاضر في كتب زي دي، لكن كلها ما بعارضنا نحن بعارض أفكار خطأ بينسبها لينا ويتكلم عنها .. يجوا ناس آخرين يقروا الكتاب ده ويمشوا معاه .. أها بالصورة دي، ده هو السبب الأساسي الغرابة السبب الأساسي بعدين التشويه ما ضرانا في الحقيقة بي حاجة لأنه أثار اهتمام ناس قد يكونوا سلبيين قبيلك كانوا في الفكرة ، وأثار اهتمامهم ومشوا، بدينا نحن بنوزع كتبنا بصورة واسعة جداً، نحن يمكن حسي موزعين في البلد ده أكثر من مليون كتاب .. وخرجت كتب عندنا بتقرب من الميتين (200) في شرح الفكرة وتبيسيطها لكن الكتب مرغوبة دايماً وموزعه دايماً، وطاقتنا نحن في أن ننتج أقل من طاقة المستهلكين في أن يشتروا .. المسألة دي جاية من التشويش ومن المبالغة والعداوة الحاصلة، ما كنت تسميه سلبيه، الموقف ده ما سلبي في الحقيقة، موقف ده فيهو الكثير من الإيجابية .. يعني نحن حسي المعارضين مشغولين بينا شغلة شديدة وبي عداواتهم هم الدعوة ماشه منتشرة أكتر ...
    الصحفي: أظنه يعملوا دعاية ***....
    الصحفي: أستاذ يمكن، الجمهوريين أيضاً الآن هو يعتبر حزب له تنظيم له خلايا أو فقط دعوة؟ يمكن، عفواً، تموت بموت صاحبها الله يعطيك العمر إن شاء الله ***
    الأستاذ: هو قبيلك لمن كان حزب موش هي مسألة سجلات واشتراكات ولجان ، دي ما عندنا أصلا .. نحن ما عندنا سجل لعضويتنا، نحن دعاة لبعث الإسلام بانتهاج طريق النبي .. الناس البياخدوا النهج ده ما ضروري يجونا نحن هنا، يمكنك إنت أن تكون في مصر جمهوري لأنها هي في الحقيقة الجمهوري مطابقة للمسلم، بعث السنة كأنه حديث النبي قبيلك: "بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدا فطوبي للغرباء، قالوا: من الغرباء يا رسول الله قال: الذين يحييون سنتي بعد اندثارها" .. فنحن دعاة لبعث السنة - السنة دي عشانك إنت، نحن ما بندخل الإنتخابات، بطبيعة وضعنا يعني، مافي مساومة في الأمر ده .. الفكرة دي ولاّ بتجي كلها ولاّ الناس ينتظموا في نشرها لغاية ما تجي، لكن ما بنحتال ليها بأي حيلة ونحن .. ما بنعتقد أن السلطة بتجيب الدين، نحن بنفتكر إنه الدين بيجيب السلطة فلذلك ما عندنا تنظيم بالصورة دي .. هسع في الوقت الحاضر كل جمهوري في مستوى معيّن من القيادات - في مستوى الأخوات ومستوى الإخوان - في المستوى ده كل جمهوري داعية للدعوة الجمهورية، فاهمها ومضحي في سبيلها وتعبان وبعيشها ما عنده أي حالة غيرها .. فنحن ما عندنا خوف من أي حاجة من الإعتبارات دي ...
    الصحفي: *** في ذهابك يمكن الدعوة خلاص تكون مجرد دعوة، مجرد شي عابر ***
    الأستاذ: هي المسألة ما كده، لأنه المسألة مركوزة على تربية في أصول الناس وهي موش بتاعتنا نحن، نحن مثلاً لمن داعيين ما داعين لطريقة زي الطرق فيها أوراد وفيها انتماء معين، نحن داعين لطريق محمد .. طريق محمد ده ما بتاخده إنت من عندنا، نحن أخدناه من البخاري وأخرجنا الطريق، كتاب يعتبر هو اللائحة الأساسية للجمهوريين اسمه طريق محمد .. فإنت ممكن أن تجد طريق محمد من المصادر بتاعة الأحاديث من السيرة وتاخده .. نحن قلنا إننا نحن في الكتاب ده أخرجنا صورة من صلاة النبي ومن وضوءه ومن صيامه ومن قيامه ومن معاملته للناس .. يمكنك إنت.. نحن أخرجناه من البخاري، يمكنك إنت أن ترجع إلى البخاري تزيد .. نحن قلنا ده بكفي المقتصد لكن المجتهد يمكن أن يرجع للمراجع وياخد .. يمكنك أنت أن ترجع إلى طريق محمد من أي جهة شئت ، ما ضروري تاخد كتابنا نحن، ياها دي دعوتنا، نحن عايزين الناس يرجعوا لطريق محمد .. يخلوا الطرق ويخلوا الإختلافات البتجيب الطائفية وبتجيب الطرق بعد ما اتخلّفت وماتت ويرجعوا للطريق الأصل اللي هو طريق النبي .. دعوتنا ، أساسها ياهو ده.
    الصحفي: عند ما يحصل انتخابات النقابات أو الاتحاد الإشتراكي أو مجلس الشعب أنتو بتقاطوعها ولا كيف؟
    الأستاذ: موش هي نقاطعها بقدر ما نحن ما هي، مرّت الإنتخابات في الأوقات كلها بينا ما اشتركنا فيها أصلاً
    الصحفي: سلبيين تجاهها؟
    الأستاذ: موش بالضبط سلبيين، لكن نحن بنفتكر أنو ما بنساوم في فكرتنا.. يعني لو نحن في البرلمان دخلّنا ثلاثة ، أربعة أعضاء، بعدين في البرلمان القرارات بتؤخذ بالأغلبية الميكانيكية .. إنت يمكنك أن تقول رأيك لكن ما بتأثر في مجربات الأحداث .. آ نحن إذا ساهمنا بالصورة دي نحن بنكون مسؤولين عما يجري في المجلس مهما كان نوعه ولذلك نحن إذا كان ما الفكرة كلها جات، ما بنجي للسلطة - ما بنساهم في السلطة.
    الصحفي: أذاً اللي يجري في المجلس الآن ما ترضون عنه إنتو.
    الأستاذ:ما في أقيسه، يمكن يجيبنا في مسألتك إنت في السؤال عن ...
    الصحفي: نعم..
    الأستاذ: في أقيسه للمسائل، إنت ما بتقيس بالصورة المثالية الإنت عايزه إنت ما بتلقى كل ما إنت عايزه في أي وقت من الأوقات .. بتسعى إنت بالتطور المختلف في أن تصل إلى نقطتك .. نحن مثلاً كنا دعاة للجمهورية ، كانوا الناس كلهم ضد الجمهورية وكانوا يقولوا أنه البلد ده بلد متأخر، والنظام الجمهوري ما ينفع مع شعب متخلف زي شعبنا ، أحسن أن يكون في نظام ملكي .. ونحن ماشين وبناقش في مسائلنا وبنقول إنه الشعب هو الحقو ترجع ليهو السلطة والشعب يوعى ويمسك مصيره في إيده .. وجاء الوقت اللي الناس سابوا الملكية هنا وهنا، بل الحقيقة في العالم الملكيات أصبحت تنزل، والجمهورية ترتفع، فجاء النظام الجمهوري .. والنظم النحن داعين ليها من وقت طويل ماشة بالوسائل المختلفة وبقوموا بيها ناس غيرنا نحن .. نحن بنأيد الإتجاه اللي ينمي اتجاهنا ويجي في الآخر ليصل ليهو وما بنقيف سلبيين منه .. نحن عندنا نظام نميري أحسن نظام وطني مرّ على البلد منذ أن تولى الوطنيين أمورهم من سنة 56 .. مرّت حكومات كتيرة جداً، الأحزاب القبيلك اتكلمنا عنها، أحزاب ما عندها برامج مدروسة إنما هي أحزاب متكتلة وهمها التجمّع .. الأحزاب دي فشلت بصورة ذريعة ونحن من الأول كنا بتكلم عنها، من عهد الإنجليز، بنقول أنه الإستعمار ، قد يكون بعدين في استعمار ببشرة سوداء موش بشرة بيضاء .. الاستعمار هو قيمة في الحكم، إذا كان المستعمر ده وطني هو قد يكون زي المستعمر الأجنبي أو أسوأ .. فنحن إذا كان ما عندنا دراسة لأوضاعنا وبنحل مشاكلنا قد يجلو الإنجليز ولا نجد أنفسنا أحرار ولا مستقلين .. فالصورة دي ماشة باستمرار لغاية ما جا نظام عبّود في فترة من فترات الفساد بتاع الأحزاب والصراعات الفارغة حول الكراسي والفساد والرشوة وشراء النواب .. جاء نظام عبود نظام عسكري استمر مدته الإستمراها، اتغيّر بنظام وطني تاني مرة شعبي بثورة اكتوبر .. تاني دخلت الأحزاب وسارت نفس السيرة وأفسدت وكانت ماشة - الطائفية - لتجيب حاجة إسمها الدستور الإسلامي وتجعل الحكم إسلامي ، ونحن ما شافين أنه الطائفية عندها دين لتجعل الحكم إسلامي ديني، لكنها عايزة تضع إيدها على السلطة الزمنية زي ما عندها السلطة الروحية.
    الصحفي: هل من جائز قولك، مدحك لنظام نميري هو أنه وضعت هذا حتى يمكن يعطيك الحرية اللازمة لتنشر الدعوة وعندك الآن فعلا مو متعرضين إليك..
    الأستاذ: موش النقطة هي دي، النقطة أنه البلد كان في خطر كبير جداً في أن تستولي عليهو الطائفية لأن الطائفية عندها السلطة الروحية ، مضللة الشعب تضليل تام .. والطائفية ما عندها أي مصلحة في أن يتنوّر الشعب، عكس ما نحن عايزين، وأنا بفتكر أنه الشعب البكون ديموقرلطي هو الشعب الواعي والشعب الواعي هو البوعى سياسياً ودينياً .. الطائفية بتخدر الناس يظلوا رهناء لإشارة رئيس الطائفة. الأمر ده كان ماشي ليحكم قبضته على البلد بصورة كبيرة جداً قبل مجيء نظام نميري .. في حاجة عندنا إسمها الجميعة التأسيسة لتضع الدستور الدائم للسودان، الطائفية داعية لأن يكون الدستور الدائم للسودان دستور إسلامي .. نحن بنعتفد أنها هي ما بتفهم الدستور الإسلامي ولا العلماء بفهموا الدستور الإسلامي .. في مستوى ما عندنا الآن من إسلام - في الشريعة الإسلامية - مافيش دستور .. في وصاية زي الكلام القلناه قبيل، والدستور بقوم على الحقوق الأساسية والمساواة أمام القانون.
    الصحفي: هل تعتقد بأنه مافي أفضل من نظام نميري؟
    الأستاذ: مافي أفضل فيما مضى؟
    الصحفي: لا، فيما يأتي..
    الأستاذ: كيف، وأنا بعمل لي شنو هسع!؟
    الصحفي: بتبحث عن الأفضل .. مرحليا ..

    الأستاذ: مرحليا هو أحسن النظم المرت على البلد وبخاصة لأنه قدر بقمع الطائفية ويفوت عليها الفرصة في أن تضلل الشعب لتجيب ليهو دستور إسلامي ، وما هو دستور إسلامي وإنما هو تضليل باسم الإسلام في مستوى السلطة ، وفي مستوى العقيدة .. فلمّن كان قريب أواخر سنة 69 كان السيد الهادي بقول "إذا كان لغاية أغسطس ما مر الدستور الإسلامي - الجمعية التأسيسية ما مررت الدستور الإسلامي سنمرره باستفتاء شعبي" .. ومعروف سلفاً أن الشعب بسيط مضلل باسم الدين وهو عنده أكثر من نصه ، فإذا الإستفتاء الشعبي أن يكون الدستور الإسلامي زي ما حاصل في إيران مثلاً .. في مايو جاء نظام نميري، ونحن من الأول أعلنا تأييدنا ليهو على أساس أنه قطع على الطائفية طريق الإستحواذ على السلطة في البلد.
    الصحفي: طيب بتعتقد أنه في أفضل .. اللي تعملون من أجله؟
    الأستاذ: قولاً واحداً .. قولاً واحداً .. نحن بنعتقد أنه العالم كله محتاج للإسلام ليعود من جديد ويديهو نظام أفضل .. الماركسية بتلقى أحسن منها والديموقراطية بتلقى أحسن منها في الغرب وفي الشرق والبلد هنا.
    الصحفي: ينقلون عنك إنك عندك موقف إيجابي من قضية .. سلبي من قضية فلسطين وإيجابي من قضية إسرائيل، هل الكلام ده صحيح؟
    الأستاذ: معرفش الصورة ياها كده.. موقف سلبي من قضية فلسطين وإيجابي من..
    الصحفي: لا، أيام التقسيم.
    الأستاذ: ده من سنة سبعة وستين وقبل هزيمة يوليو المشهورة ، نحن عندنا موقف أنه العالم في الوقت الحاضر بتتصارع عليهو كتلتين على السيطرة عليهو .. وأنه نحن المسلمين كتلة ثالثة ، لا نحن شيوعيين ولا نحن الديموقراطيين الغربيين على ما تمثله أمريكا مثلاً .. ما بنعتقد أنه الشيوعية ممكن تحل مشكلة الإنسان ولا الرأسمالية الغربية ممكن تحل مشكلة الإنسان وإنما تنشأ كتلة ثالثة زي عهدها الأولاني لما كان الإسلام نشأ بين الفرس والروم .. الفرس والروم كانوا بيتنازعوا عالم يومئذ، نشأ الإسلام كتلة ثالثة .. نحن قلنا أنه مشكلة العرب موش فلسطين، مشكلة العرب أنهم بيعشوا خارج التاريخ في منطقة كان بيصنع فيها التاريخ دايماً .. العرب بيعيشوا على قشور من الإسلام وقشور من المدنية الغربية .. إسرائيل جات زي الكرباج البسوق العالم الإسلامي العربي إلى الله، المسلمين حقهم يتفرغوا من قضية فلسطين ليرجعوا لربهم ليعيدوا تربية أنفسهم ليدخلوا التاريخ من جديد.
    الصحفي: كيف يتفرغوا إلى العودة حتى يرجعوا...إسرائيل تكون مسيطرة على كل باقي الأراضي ...
    الأستاذ: هو على أي حال مسألة إسرائيل ما مسألة بتحل بالسلاح، لذلك قلنا...
    الصحفي: ما بتحل بالسلاح؟
    الأستاذ: ما بتحل بالسلاح .. مافي أي مسألة من اليوم ده في العالم كله بتحل بالسلاح
    الصحفي: كيف يكون حل قضية فلسطين؟
    الأستاذ: حل قضية فلسطين إنه العرب يرجعوا ليكونوا مسلمين ويدّوا العالم كله بما فيهم اليهود
    الإسلام.
    الصحفي: اليهود نفوس مجبولة على العصيان، والله لعنهم ومافي من وراهم أي ...
    الأستاذ: كل الناس...
    الصحفي: فكيف ياخذوا الإسلام؟ إنت أستاذ قرأت القرآن، وفاهم القرآن أفضل مني، اليهود ملعونين من الله سبحانه وتعالى فمافي إنسان يعطيهم إسلام، كيف الآن ممكن نرجع فلسطين، رأيك أنه تقول إنه من غير السلاح..
    الأستاذ: أولاً الإسلام موعود بأنه يجي للأرض كلها، ما للعرب .. دا موعود الإسلام .. دا موعود الإسلام تماما .. مافي قبيل من الناس هو أقرب لي الله من الآخرين، الا بما صنعه الله فيهم وضعه فيهم .. فإذا كان في معصية اليوم هي معصية مرحلية، النفوس البشرية دي حيث وجدت هي مفطورة على الخير، "كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون" ...
    الصحفي: إلا اليهود.
    الأستاذ: كل الناس، اليهود ما خلقم الله ..
    الصحفي: القرآن .. عفواً، ذكر اليهود سواء بالمكية أو بالمدينة ***، الله لعنهم لعن رهيب عجيب...
    الأستاذ: اللعن معناه شنو؟ اللعن ما الإبعاد المؤقت، ربنا لمن قال في القرآن "إن علينا للهدى وإن لنا للآخرة والأولى" .. يعني في ناس ربنا بيهديهم في الدنيا دي .. الما بيهديهم في الدنيا أطلق عليهم عبارة ملعونين بيهديهم في الآخرة .. ربنا عليه الهدى كتبه على نفسه والوجود كله بيسبح باسم الله، حتى اليهود "وإن من شيء لا يسبح بحمدي ولكن لا تفقهون تسبيحهم" ..
    الصحفي: ذولا قتلت الأنبياء،
    الأستاذ: ده كله حاصل ...
    الصحفي: عملوا وما عملوا *** نحن بنحارب كيف مع فلسطين..
    الأستاذ: في القرآن ربنا لما يقول "لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليهم ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم" لكن ربنا يقول "إن الله بالناس لرؤوف رحيم" " بما فيهم اليهود، كل المخلوقات، في الفهم الصحيح للدين كل مخلوق مرحوم.
    الصحفي: نحن نرجع على قضية فلسطين، كيف .. تتصور شنو الحل أمامهم، يتركوا إسرائيل في مكانهم؟
    الأستاذ: يتركوا إسرائيل .. هسع هم عايزين يتركوا إسرائيل، إسرائيل ما عايزه تتركهم ... عايزين يتركوا إسرائيل في مكانها .. هسع إنت *** الحل شنو؟
    الصحفي: لأ مو القصد إنت؟ *** شكل تصوّر جديد وعندك أراء أيضاً البعض يصفها بالغرابة، البعض يصفها بالجنون البعض يصفها بالفكر الحديث، يختلف فهمه .. الآن إنت في قضية فلسطين، شنو تتصور، يتركون اليهود يلعبون وكذا حتى يجوا ع السودان ويلطشوها أيضاً؟
    الأستاذ: أيوا لكن *** مابجي بالصورة دي .. عيد العبارة القلتها ليك في الأول، مشكلتنا نحن موش اليهود، مشكلتنا أننا نحن خارجين من التاريخ نحن عالة على المدنية الغربية وبنعيش على قشورها،
    الصحفي: هذا كلام إنشائي عفواً أستاذ.. هذا كلام، أنا أريد بالضبط إسرائيل كيف يمكن مواجهتها..
    الأستاذ: كلام جميل .. إنت راح تملي عليّ الإجابة ولا بتخليني أجاوب ..
    الصحفي: بالعكس، أنا أتمنى تجاوب إنت
    الأستاذ: طيب هسع الكلام ده إنشائي كيف؟ هل نحن أخلاقنا أخلاق إسلام؟
    الصحفي: لأ
    الأستاذ: طيب أنا قلت إذا نحن بنعيش على قشور الإسلام
    الصحفي: عفواً أتمنى إنك ما تكون من عندي كذا...*** هذا نتيجة الحوار بس
    الأستاذ: ما إنت لامن تقول لي إنشاء
    الصحفي: أنا جاي حتى أنقل صورة فقط
    الأستاذ: على كيفيك .. إنت ممكن تقول ما شئت ما هم بسمعوك وبسمعوني على أي حال في شريطك دا.. لمن إنت تقول كلام إنشائي أنا لابد لي من تصحيحه لأن الكلام الإنشائي أنا أصلو ما بهتم ليهو ولا بدخل في اعتباري .. بل الحقيقة بفتكره إنه نوع من الحذلقة الما لايقة بالفكر، فلما أنا أقول إنه نحن بنعيش على قشور من الإسلام وقشور من المدنية الغربية، هل نحن أخلاقنا أخلاق إسلام؟
    الصحفي: الآن لا
    دي موش القشور؟ نحن ما بنعبد؟ ما بنحج؟ ما بنزكي؟ ما بنصلّي؟ ده معنى القشور .. بعدين هل نحن هل بنصنع الآلة الغربية؟ نحن بنصنع القنبلة الذرية؟ نحن الطائرات بنصنعها ولا بنستوردها؟ بنصنعها ولا بنستوردها الآلات الحديثة؟
    الصحفي: متفق كله عليه بين الناس نحن تابعين ومحتاجين
    الأستاذ: طيب، إذا أنا لمن أقول قشور من المدنية الغربية وعلى قشور من الإسلام ده ما كلام إنشائي.
    الصحفي: أنا قصدي لأ .. أجي على الجواب مالت إسرائيل.
    الأستاذ: الجواب ما لابد من مقدمة ليهو .. الجواب إنه مشكلتك موش إسرائيل الأخذت منك أرضك .. إنت لو كنت مالي منطقتك البصنع فيها التاريخ عبر القرون ما كان الإسرائليين أخدوا منطقتك .. إنت لأنك ضعيف ماك في مستوى العصر ماك داخل في التاريخ .. إنت مشكلتك ورا اليهود .. اليهود نتيجة .. اليهود عرض موش المرض .. إذا إنت عايز الحل السليم لازم يكون عندك عمق في النظر.. العمق في النظر إنو إنت مشكلتك أن ترجع إلى نفسك وتعيد تربية نفسك من جديد ، تدخل في الدين.. إذا لتدخل في الدين ما يجب أن تعادي الأمريكان حتى تحتاج للروس أو تعادي الروس حتى تحتاج للأمريكان ، وده الحاجة العملناها نحن مرتين، في أيام جمال عبد الناصر، عادينا الأمريكان ونحن ما بنستطيع أن ننهض ..
    الصحفي: ... مع الروس
    الأستاذ: نحن ما استطعنا أن ننهض بعداوة الأمريكان اللي صنعناها ، مشينا خطبنا ود الروس وطوينا *** تحت جناحهم ودخلنا في معترك الحرب الباردة في المنطقة دي .. لمن الروس آيسونا وقنعنا منهم جينا لنمشي للجانب الآخر مع الأمريكان ، زي ما هو الوقت الحاضر في أيام السادات، دا لأنه نحن تربيتنا ناقصة .. فكرنا موش دقيق .. دي مشكلتنا الأساسية .. سيب اليهود في الحدود الأخدوها وقسمتهم ليها الأمم المتحدة في التقسيم بتاع سنة 47 .. دي دعوتنا قايمة على الأساس ده .. سيبهم قبلهم وأطلب الضمانات الممكنه كلها .. أرجع لنفسك أبعث الدين فيك وفي شعوبك .. اتربى بيه وربي بيهو الناس الآخرين ، في الوقت داك انت يمكنك أن تجيب حضارة مدنية جديدة في العالم ، اليهود يدخلوا فيها، وغير اليهود محتاجين ليها ويدخلوا فيها.
    الصحفي: عفواً أستاذ محمود، متى بدأت الدعوة الإتفضلت فيها، متي بدأت الدعوة؟ لأنه دعوة قائمة على شيء التقسيم.
    الأستاذ: سنة سبعة وأربعين.
    الصحفي: سنة سبعة وأربعين.
    الأستاذ: نحن عندنا كتاب إسمه مشكلة الشرق الأوسط.
    الصحفي: عندي مع الأخ *** موجود
    الأستاذ: مشكلة الشرق الأوسط، كانت المحاضرات بمشكلة فلسطين قبل حرب حزيران .. بعدين الكتاب أُلّف وكان عندنا هنا القمة العربية في الخرطوم في سنة 67 في أغسطس .. في أغسطس وسبتمبر أو في سبتمبر وأكتوبر صدروا كتابين: "التحدي الذي يواجه العرب" و "مشكلة الشرق الأوسط"، بتدعو إلى أنه مشكلة السلاح ما بتحل مشكلة إسرائيل .. نحن ما بنحارب إسرائيل، بنحارب الغرب كله مع إسرائيل نحن بنحاربه، حتى الروس اعترفوا بي إسرائيل وإسرائيل دولة في النظام العالمي.
    الصحفي: امريكا وروسيا
    الأستاذ: خلاص، إنحن محاربتنا ليها ونحن معتمدين على أسلحة بتجينا من برّة خطأ، إذا حقوا بشي من كرامتنا نشتري الهدنة، ونسالم إسرائيل، لا نحتاج لأمريكا ولا نحتاج لروسيا ونكون نحن الكتلة الثالثة، ما منضوين جاي ولا منضوين جاي، لننهض بقضية التربية فينا وبعث الدين.
    الصحفي: وبعدها؟
    الأستاذ: بعدها العالم كله نحن بنديه مدنية جديدة .. العالم كله محتاج لينا، إذا كان الصورة دي نشأت بيها الكتلة الثالثة، اللي هي الكتلة المسلمة - الكتلة النظيفة البترتفع فوق الحدود الإقليمية والحدود الوطنية والضيق البنقول فيهو إنه اليهود ملعونين ، واليهود ما شعب الله ، واليهود الله ما عايزهم ، واليهود ما ببقوا مسلمين ، ده كله ببقى خطأ وده من جهالتنا نحن .. لكن إذا عرفنا العالم كله محتاج للإسلام ، والله موعوده أنو الإسلام يعود للناس كلهم: "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيدا" .. فإذا جينا نحن في المستوى ده اليهود ما هم أغراب علينا .. اليهود ناس .. نحن بالمستوى الإسلامي ده بنجيب الإسلام والسلام والمحبة والرخاء للعالم كله واليهود بستنفعوا بيهو والأرض ما بتبقى ضيقه علينا .. الحل هو في المستوى ده ولا يمكن أنه يكون في حل غيره، وكل ما نحن نمشي في عداوات زي الحكاية القايمين بيها هسي دول الرفض ، كلما سوفنا قضية فلسطين وضيعنا شعب فلسطين، وانشغلنا نحن بعداوة في غير معتركها ، وعملنا بي عمل ماليهو قيمة، ونكون نحن مع الأمريكان حين ويخيبوا أملنا ، ونبقى مع الروس حين وبالصورة دي .. وديل متصارعين علينا نحن.. نحن عظم النزاع ..
    الصحفي: طيب أستاذ رأيكم في اتفاقية كامب ديفيد شنو؟
    الأستاذ: رأينا في اتفاقيات كامب ديفيد تمت في الإتجاه الصحيح، إذا كان في سلبيات برضها ما كان ممكن تفاديها، يعني إذا كان السادات ما استطاع أن يجمع العرب حول المسألة دي ليمشي هو لإسرائيل، دي نحن ما بنشوف إنه عنده فرصة كان يعمل غيرها .. لو كان هو شاور العرب ما كانوا رضوا ليهو .. بعدين هو بفتكر إنه عنصر المباغتة في الموضوع ده قد يكسب الناس العالم كله - العالم كله قد يباغت بالصورة دي ويستحسنوها و يكون في حركة إثارة تجيب مكاسب .. والحقيقة جابتها .. حركة المباغته خلّت عطف العالم كله يتحول ...
    الصحفي: لفترة زمنية
    الأستاذ: لغاية الآن لولا إنه نحن بمقاطعتنا للسادات أضعفناه .. نحن اللي قاطعنا السادات نحن ما حاربنا، لا العراقيين حاربوا لا السوريين حاربوا لا الحجازيين حاربوا لا الليبيين حاربوا لا التونسيين لا الجزائيريين.. الناس ديل كلهم كان بحارب *** .. ومصر جربت الحرب وانتهت إلى أنها ما بتجيب نتيجة، نحن هسع لما قاطعنا كان المنطق الطبيعي أنه نحارب .. ياتها من الدول حاربت إسرائيل في الوقت الحاضر؟ فهم بمقاطعتهم للسادات أضعفوا السادات وخلو اليهود برضه يفتكروا إنه هم لا يزالوا في خطر عايزين وسائل أمنية، فالمستوطنات دي هسع اليهود بدافعوا عنها أنها هي نقط للدفاع عن أمن إسرائيل ..
    الصحفي: أستاذ من 73 وإسرائيل ما محتاجة إلى مبررات نعطيها، إسرائيل موجودة تنفيذا لقرارات وبروتوكولات حكماء صهيون والتلمود في أن إسرائيل من الفرات إلى النيل فهي مو محتاجة هي حجج فقط يبنون مستعمرات وأمنية وغير أمنية، الآن صواريخ حديثة أكو تضرب طائرة قبل تصل تل أبيب فالقضايا الأمنية مالها ورود هي مجرّد حجج ..
    الأستاذ: لأ نحن عندنا الرأي العالمي .. ليها وجود في وزن الرأي العالمي إذا نحن العرب ما مأمنين إسرائيل، وإسرائيل جابت حججها بالصورة دي ، الرأي العام العالمي بيعذرها .. نحن عارفين إسرائيل قايمة على أساس من الفلسفة القديمة الراسمنها لكن إنت يمكنك أن تضع ليها الحدود بتاعتها إذا إنت كنت ذكي وتكسب الرأي العام من حولك، يعني نحن لمن قلنا لا.. مؤتمرنا الإنعقد هنا - مؤتمر القمة العربي كان قايم على ثلاثة لاءات: لا صُلح ولا اعتراف ولا سلام مع إسرائيل .. ثلاثة لاءات .. طيب إنت عايز من الأنظمة الدولية شنو لما إنت منطوي على تهديد إسرائيل لترميها في البحر؟ عايز الدول الضامناها والدول اللي هي معاها في منظمة الأمم المتحدة تمكنك منها؟ فإنت بديت من الأول بداية غلط، نحن الرأي العام العالمي هسع كسبوا أنور السادات في حركته الأخيره دي ، أكثر مما كُسب في أي وقت .. لكن برضه انثلم بعدم وقفة العرب صف واحد في تأييد السادات لو العرب مشوا في تأييد السادات كان يمكن العالم كله أن يكون معاهم وكان يمكن أن تكسب من إسرائيل مسائل كثيرة في مسائل ال...
    الصحفي: الرأي العام العالمي اللي تقول عليه ما موجود في قاموس إسرائيل إذا جاي تلاحظ إدانات الأمم المتحدة إدانات أكثر من مئات الإدانات لإسرائيل وهي لا مهتمه فيه ... ***
    الأستاذ: لا يمكن أن يكون كده .. أنا عارف كده، لكن لا يمكن أن تستمر دولة إسرائيل بعد اقتناع العالم كله بحاجة تعملها ومصرّة على أن لا تعملها .. تروح إدارة بيقن وتجي إدارة تانية، لكن الحاجة المهمة إنه نحن العرب نقنع الرأي العام العالمي بأنه إنحن يمكن أن نخلي إسرائيل هادئة في محلاتها .. ونحن الحقيقة مطالبين بي دي لكن لأننا مقسومين ما قدرنا نصل إلى نتيجة، أنا ما بفتكر على أي حال أنه نحن راح نهزم إسرائيل في ميدان الحرب .. ولا يمكن نحن أن نمشي لجوهر القضية وبالصورة دي، فنحن مضيعيين وقت ومضيعيين فرصنا تماماً.
    الصحفي: طيب ، نحن نجي لموضوع آخر فيما بتعلق بـ
    الأستاذ: ما عارف بقى أنا كنت بفتكر أنه .. نحن هسع جوا جماعتنا برة في الذكر برة ..
    الصحفي: *** في يوم آخر
                  

11-02-2008, 07:39 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    بسم الله الرحمن الرحيم

    مرحباً بالألفية الثالثة
    مع المنتظرين
    الخميس/13يناير2000 م ـ رفاعة
    خالد الحاج عبد المحمود
    مرحباً بالقرن الجديد ، وبالألفية الثالثة – ولكم في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها – لقد احتفل العالم كله بقدوم الألفية الثالثة ،وكان في انتظارها يحسب الدقائق لمقدمها .. وكثيرون حرصوا على ان يبدأ احتفالهم لحظة بداية اليوم الجديد ، في العام الجديد ، في القرن الجديد ، في الألفية الجديدة !! الجهة الوحيدة التي سمعت انها لم تحتفل ـ عن رأي – هي السعودية التي اعتبر كهانها ان الأمر بدعة !!
    وهذا الانتظار للألفية والاحتفال بها ، لا بد ان له دلالته ، وإلا فان يوم مقدمها حسب ظواهر الأشياء هو يوم كبقية الأيام فيه طلعت الشمس من المشرق وغربت في الغرب … واذا تأملنا ملياً في طبيعة الإنسان وجدنا انه يصح ان يقال عنه انه كائن منتظر بطبعه .. فاعتبارات المستقبل ،وما يمكن ان يحدث فيه تشكل عنصراً أساسياً في حياة الإنسان .. كل إنسان ..فما من إنسان إلا وله أمر ما ينتظره في المستقبل .. فالعقل البشري بطبعه يقوم على الذبذبة بين الماضي والمستقبل ..الذاكرة والخيال .. ولولا ان هنالك أمل في غدٍ افضل لأصبحت الحياة لا تطاق .. فالاختلاف بين البشر هو فقط في ما هو منتظر ، وفي أسلوب الانتظار ولكن لا خلاف حول مبدأ الانتظار
    ونحن بالطبع لسنا بصدد الانتظار العادي ، انتظار الحياة اليومية،وإنما نحن بصدد الانتظار الأساسي ، الذي يجعل الناس يترقبون المنعطفات التاريخية ويستطلعون أفلاك السماء ويراجعون قوال أسلافهم عن علامات قرب ظهور المنتظر سواء كانت تلك العلامات في السماء او في الأرض .. نحن بصدد الانتظار الذي جعل الكثيرين من اتباع الطوائف المختلفة يحرصون على ان يكون انتظارهم في القدس (مدينة الله) فهنالك أمر أساسي كبير ينتظره الناس بعضهم بوعي وكثيرون منهم بغير وعي ، وإنما بمشاعرهم وأحاسيسهم فهم ينتظرون أمراً مبهماً.. والاختلاف في أمر الوضوح والإبهام بين جميع المنتظرين هو اختلاف مقدار.. واعتقد انه من المهم جدا ملاحظة ان الرجوع الى الماضي هو في الحقيقة يستهدف المستقبل .. فهو إما رجوع لاكتساب التجربة التي تعين على المستقبل او هو رجوع للبداية الأصلية التي يعتقد انها خيرة وفاضلة وسعيدة.. رجوع الى الفردوس المفقود ..فهو رجوع بسبيل من الولادة الجديدة

    الأسطورة والانتظار : ـ
    المعلم واحد .. هذا أساس المعرفة ..وهو أساس يجعل المعرفة نسبية وينفي صفة الحق المطلق والباطل المطلق في معرفة البشر.. ويد المعلم الواحد الخفية تظهر في كل علم ..ولقد كانت الأسطورة في بداية تاريخ المجتمع البشري هي مصدر العلم الأساسي.. وكانت هي الدين ،هي الإسلام.. ولما كانت النهايات تظهر في البدايات فاننا نجد في الأسطورة كل أساسيات الانتظار والمنتظر.. فمنذ ان كان الإنسان وهو في انتظار المنتظر وطلائعه يبشرون به .. ولدارسي الأسطورة من المحدثين نظرة عميقة لدلالتها وتحليل رائع لرموزها وطقوسها ، فها هو مثلاً ميرسيا ايلياد يحدثنا من كتابه : (ملامح من الأسطورة) عن وظيفة الأسطورة فيقول : (كان للأسطورة وظيفة أساسية وهامة في الحضارات البدائية انها تعبر عن المعتقدات والشرائع ، وتبرز شانها ، تصون المبادئي الأخلاقية وتفرض العمل بها تكفل فعالية الاحتفالات الطقسية وتقدم القواعد العملية المتصلة بشئون الحياة اليومية اذن.. تشكل الأسطورة عنصراً أساسيا من عناصر الحضارة الإنسانية) ..فالأسطورة هي دين المرحلة وهذا ما جعل المشركين ينسبون القرآن اليها جهلاً منهم بالقرآن وبالأسطورة معاً
    الأساطير في جملتها تتحدث عن الماضي .. هي تتحدث عن خلق الكون وعن الأصل .. وهذه الأساطير عندما ترجع الى الأصل هى تعيد خلقه او تعمل لأعادته من خلال الفعل الطقسي يقول ميرسيا ايلياد: (العودة الى الوراء ، والارتداد الى الماضي البعيد حتى يتم استرجاع الزمان الأصلي الزمان المقدس فان استعادة الزمان الأول الذي يستطيع وحده تأمين التجديد الشامل للكون وتجديد الحياة والمجتمع ، انما يتحقق على وجه الخصوص باستحضار لحظة (البداية المطلقة) اعني لحظة خلق العالم) ..وهو يقول عن الاحتفالات الدورية مثل الاحتفال بتتويج الملك او ببداية العام الجديد : (من السهل ان نفهم لماذا كان الاحتفال بتتويج الملك يعيد رمزياً خلق الكون او لماذا يجري الاحتفال عند قدوم السنة الجديدة ..كان الملك مدعواً الى تجديد الكون بكامله .. والتجديد الأمثل انما يتم في بداية السنة عند تدشين دورة زمنية جديدة
    غير ان التجديد الحاصل بممارسة الشعائر الخاصة بالسنة الجديدة هو في الأساس استعادة لخلق الكون ).. وهو يقول بعد استعراض أساطير عدد من الشعوب وطقوسهم يقول : (خلاصة القول لقد ساد الاعتقاد في قديم الزمان في إمكانية استعادة البداية المطلقة الا ان الأمر يقتضي انهيار العالم القديم وزواله بصورة رمزية .. النهاية اذن تتضمنها البداية ويصح العكس) .. ملاحظة ان استعاده البداية تقتضي انهيار العالم القديم وزواله ملاحظة هامة جداً ، وهي مرتبطة بمفهوم التخريب بالنسبة للساعة في الأديان الكتابية .. ويقول ايلياد : (فكرة الكمال الحاصل في البدايات ، المعبرة عن تجربة دينية داخلية وعميقة الى ابعد الحدود تجربة تغذيها ذكرى خيالية عن (فردوس مفقود) وعن غبطة سبق وجودها الشرط البشري الراهن) ..هذه الذكرى بالطبع عندنا ليست ذكرى خيالية ، وانما هى ذكرى حقيقية ..فقد نزل الإنسان الى اسفل سافلين وفي ذاكرته (احسن تقويم) وهذا هو السبب الأساسي في الحنين الى الماضي وفي كل صور التعبير الرمزي في الرجوع اليه .. فكل القضية هى قضية بحث عن الكمال وعن الخلود الذي يشعر الإنسان ولو شعوراً غامضاً انه اصله ومصيره ، ويحن اليه رغم كل ما يعانيه من كبد ، بل بسبب ما يعانيه من كبد .. يقول ايلياد : (إن الفكرة القائلة ان الكمال كان في البداية ، تبدو ممعنة في القدم .. وهى على أية حال واسعة الانتشار ، وكانت بالطبع تقبل ، إلى ما لا حصر لها).. ونحن لا نستطيع متابعة أساطير بداية العالم ونهايته ، وصاحب (ملامح من الأسطورة) اورد لنا العديد منها ولكن يعنينا علاقتها بالانتظار وبالتبشير بالميلاد الجديد ، على أنقاض العالم القديم بالصورة التي تناسب حكم وقت أصحاب الأساطير يقول ايلياد : (بالتأكيد كل هذه المعتقدات وهذا الحنين نلمحه من خلال السلسلات الأسطورية الطقسية الخاصة بالتجديد السنوي للعالم .. انما بالتدريج ابتداء من عهد الثقافات السائدة في مطلع مرحلة الزراعة أخذت الفكرة التالية طريقها الى الظهور وتقول بحصول خراب حقيقي (لا طقسي فقط) يتبعه إعادة خلق العالم ، وحصول (العودة إلي الأصل) بالمعنى الحرفي للكلمة أي ارتداد الكون الى حالة عديمة الشكل الى حالة الفوضى والعشوائية المتبوعة بخلق كوني جديد) .. ويقول : (لم يعد (الأصل) ابتداء من مرحلة زمنية معينة موجوداً فقط في ماضي أسطوري وانما جرى إسقاطه في مستقبل مدهش عجيب) … (ففي التصورات المتصلة بنهاية الكون ، التي يفهم منها المرء ان الخلق سيتم في المستقبل انما نجد أساس كل المعتقدات القائلة بحصول العصر الذهبي ليس فقط ـ او ليس إطلاقا ـ في الماضي بل بحصوله أيضا ـ او بحصوله فقط ـ في المستقبل ). ـ
    ان الطقوس في الأساطير وعند أصحاب الديانات البدائية في الشرق وفي الغرب كثيرة جداً ودلالاتها عميقة وهى متشابهة الى حد كبير وفي بعض الأحيان تكاد تكون متكررة وكذلك الحال بالنسبة للمعتقدات ..وصور التخريب في معظمها مرتبطة بالنار وبالزلازل وبالكوارث ..ولكن الظاهرة الأكثر تكراراً عند معظم الشعوب في العالم هى الطوفان وصورة النجاة في السفينة .. وكثير من الأساطير ومن الديانات الشعبية تعتقد ان الأموات يبعثون وبعضها يرى ان بعض من يستمرون في الحياة بعد الكارثة يكونون آلهة او يأخذون مكان الآلهة .. وعن الطوفان يقول صاحب المرجع المذكور : (من الملاحظ ان أساطير الطوفان هي الأكثر عدداً وكانت معروفة على نطاق شامل تقريباً ) وعن السفينة يقول : (اما أصحاب الاعتقاد بالسفن فيرون بدورهم ان الدمار سيلحق بالكون ثم يعاد خلقه . وعندها تستعيد القبيلة شكلاً من أشكال الفردوس . فالأموات يبعثون الى الحياة ، ولن يدرك الناس الموت ، ولن يصيبهم مرض) . ـ
    والدمار والخراب بالنسبة للأساطير مرتبط بذنوب البشر والخلاص مرتبط بالتخلص من الذنوب (ففي إحدى جزر كارولينا واسمها ناموليت تدل المعتقدات السائدة ان الإله الخالق سيقضي على البشرية في يوم من الأيام ويمحقها بسبب خطاياها وذنوبها) .. (اما حالة أبناء قبيلة كاراني القاطنة في ماكوكراسو بالبرازيل فتدعو للدهشة على نحو خاص فهم لعلمهم ان الأرض تتعرض الى الدمار بفعل النار والفيضان يرحلون بحثاً عن (بلد بلا ذنوب) يكون أشبه بفردوس ارضي) .. (فمنذ قرن من الزمان ، وأبناء قبيلة كاراني يبحثون عن الفردوس الأرضي وهم مسترسلون في الغناء والرقص) .. والتصور الأسطوري للكارثة بالنسبة للعالم ككل مرتبط في معظم الأحيان بتصور الشيخوخة تصيب العالم .. فالعالم يشيخ ويعجز فيموت ليولد عالم جديد مكانه .. ففي أسطورة تعود الى قبيلة ميدو مثلاً يقدم صانع الأرض تطميناً لرجل وامرأة خلقهما فقال لهما : (عندما يبلغ العالم مرحلة العجز والإنهاك سأعيد صنعه بالكمال ..وعندها ستكون لكما ولادة جديدة ) .. والولادة الجديدة يرمز لها في الأساطير والديانات المختلفة برموز وطقوس مختلفة فالكهنة يؤدون الطقوس في (خلوة) لان الخالدين عند أداء الطقوس للمرة الأولى كانوا وحيدين ولم يكن ثمة وجود للإنسان على الأرض والخيمة الطقسية عند تنسيب الفتيان واطلاعهم على أسرار الجماعة تمثل العودة الى الرحم والخروج منها يمثل الولادة الجديدة ..والخيمة المقدسة تمثل الكون كله فسقفها يرمز الى القبة السماوية وأرضيتها تمثل الأرض .. وجدرانها تمثل الجهات الأربع للمكان الكوني والسنة نفسها تعتبر دائرة كونية.. فالزمان والمكان عند البدائيين يعتمد كل منهما على الآخر .. وكلمة (عالم) في عديد من اللغات تدل على (السنة) ..تقول بعض قبائل كاليفورنيا (العالم مضى) ويعنون (سنة انقضت) .. ومعظم البدائيين أصحاب نزعة ألفية والنزعة الألفية في عمومها نزعة تفاؤلية ترى انه مهما عظمت كوارث العالم لا بد ان تكون هنالك في النهاية حقبة خلاص يتم فيها استرداد الكمال الأول والأصلي او تتم العودة الى الفردوس المفقود . ـ
    وتتفق الأساطير والديانات البدائية ان المنتظر هو أب أول او الأب الأول او اله او الجد الأسطوري وهو يأخذ أسماء مختلفة حسب أساطير القبائل ودياناتها .. ولكن هنالك صفة أساسية يشتركون فيها جميعاً هي صفة الكمال وصفة انه المخلص لبقية البشر والمنقذ لهم ولذلك هو دائماً بطل حسب تصور البطولة عند الجماعات المختلفة .
    نخلص من كل ما تقدم إلى أن : ـ
    ـ1- اعتبارات المستقبل والانشغال بها أمر من صميم الطبيعة البشرية حتى انه يمكن ان يقال عن الإنسان انه كائن منتظر .
    ـ2- الدراسات الانثروبولجية ، والاجتماعية والدراسات المقارنة لديانات وأساطير الشعوب المختلفة في كل انحاء العالم جميعها تؤكد ان الأصل بالنسبة للكون هو الكمال وتدعوا الى العودة الى الأصل والرجوع اليه وتسقط هذا الكمال الذي يقوم عليه الأصل على المستقبل فتبشر بعودة الكمال الأصلي في المستقبل حيث يتم عبره قيام فردوس ارضي يخلص البشرية من معاناتها وشقائها .
    ـ3- الطقوس والتعبير الرمزي في الأساطير والديانات المختلفة عبر الأزمنة والأمكنة متشابهة ..فهي تتحدث عن الكارثة وترمز لها بالنار وبالزلازل والأوبئة ..الخ وبصورة خاصة بالطوفان .
    ـ4- هنالك احتفالات طقسية دورية مرتبطة بالدورات الزمانية تعبر عن ترقب الخلاص والميلاد الجديد المنتظر .
    ـ5- الكوارث وصور نهاية العالم في الأساطير والديانات البدائية ذات طبيعة تفاؤلية في معظمها.. فهي تنبئ بقرب الخلاص ويعقبها ميلاد جديد .
    ـ6- الخلاص المنتظر مرتبط بملخص منتظر هو في الغالب اله او أب او جد اول اليه تنتهي الكمالات وبمقدمه يتم الخلاص .. فبعض الروايات عندنا في السودان تشير الى ان الدينكا بايعوا محمد أحمد المهدي على اعتبار انه (دينق) المنتظر .

    الديانات السماوية : ـ
    ان جميع الانبياء المرسلين جاءوا مبشرين باليوم الآخر وهو كما بينت الفكرة هو يوم إقامة الإسلام على الأرض على يد المسيح المنتظر.. فكل المرسلين بشروا بهذا المنقذ الاخير ، كما كان كل منهم يبشر بالرسول الذي يليه .. وقد اورد الاستاذ عبد الحق ان اسم الرسول احمد مكتوب بلفظه العربي في (السامافيدا) من كتب البراهمة وقد ورد عنه (إن احمد تلقى الشريعة من الله ، وهى مملوءة بالحكمة وقد قبست من النور كما يقبس من الشمس) !! ويقول الاستاذ العقاد (ويشفع راي الاستاذ عبد الحق ذلك بمقتبسات كثيرة من كتب الزرادشتيه تنبئ عن دعوة الحق التي يجئ بها النبي الموعود ..) جريدة الاخبار المصرية عدد 16/يونيو/1999م – وقد كان الناس دائماً بعد فترة كل رسول ينتظرون رسولاً جديداً كما ينتظرون الرسول الاخير .. وكانت لهم علامات لا تختلف كثيراً عن العلامات التي وردت في الاساطير والاديان البدائية .. فهى اما علامات في النجوم وفي السماء او كوارث ارضية او كونية او حالات فساد وضيق اجتماعي وظلم .
    والصورة الرمزية في التعبير تدق وتنضبط الى ان وصلت الى قمتها في الاسلام في الفكرة حيث الاصل الذي يتم الرجوع اليه هو (احسن تقويم) او (خلافة الارض) وجميع الاديان السماوية وغير السماوية تبشر بنوع من الخلود يتم فيه الشفاء من آثار الاغتراب في الزمان او العودة الى وجود لا زماني او سابق للزمان او العودة الى الرحم .. او الى الله ، او الى (الواحد الكبير الكوني) حسب التعابير في الأديان المختلفة وقد كان اليهود قبيل بعث المسيح ومقدمه ، لهم علامات في النجوم دلتهم على وقت هذا المقدم .. وكان الرهبان والكهنة قبيل بعث النبي ينتظرونه ولهم علامات له ولمكان ظهوره تطابقت مع ما متم بالفعل .. (ففي اليهودية والمسيحية تؤلف نهاية العالم جانباً من سر الخلاص ..عند اليهود سيعلن مجيء المسيح نهاية العالم واستعادة الفردوس .. أما عند المسيحيين فتسبق نهاية العالم المجيء الثاني للمسيح وحصول الدينونة لكن سواء عند اليهود او عند المسيحيين فان انتصار التاريخ المقدس ـ الذي يبدو واضحاً بفعل نهاية العالم ـ يقتضي استعادة الفردوس على نحو من الانحاء) وبعد الكارثة سيتجدد الكون وتجدد الحياة (ستزول الآفات والأمراض نهائياً حينئذٍ يقفز الأعرج مثل الأيل وتتفتح آذان الصم ولن يكون من بعد نحيب ودموع ) أشعيا …أو( ورأيت سماء جديدة وأرض جديدة لأن السماء الأولى والأرض الأولى قد زالت .. وسمعت صوتاً عظيماً من العرش قائلا : لا يكون موت ، ولا نواح ولا صراخ وال وجع ، لأن العالم القديم قد مضى . وقال الجالس على العرش : هأنى اجعل الكون جديداً ) رؤيا يوحنا .. ( أو يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار ) صدق الله العظيم
    بالطبع هناك اختلافات كثيرة في فهم النصوص بين الفرق الدينية ، في الدين الواحد ، وفي الأديان المختلفة ، وهنالك تفاوت في الانتظار ، وتصور المنتظر .. ولكن من حيث المبدأ الانتظار قائم ، والنصوص مستفيضه حوله في الأديان المختلفة .ـ
    ولقد أوردت لنا مجلة "نيوز ويك" في عدد 15 نوفمبر 1999م في موضوع غلافها ، صورة الانتظار جرت تحت عنوان ( النبؤة .. ماذا قال الإنجيل عن نهاية العالم .. بالإضافة إلى جنون الألفية في القدس ) . وكان الموضوع بمناسبة قدوم الألفية الثالثة وبشائر المنتظر عند الفرق المسيحية المختلفة ، وبعض أقوال وتصورات المنتظرين الذين قدموا إلى القدس ، ليكونوا في مكان الحدث ـ حسب تصورهم ـ ونحن لا نريد أن نفصل في هذا الأمر . ـ

    العلمانيون والانتظار :ـ
    قلنا ان الانتظار بصورة عامة ،في صميم التكوين البشري .. ولا يوجد إنسان طبيعي وليس له ما ينتظره في المستقبل .. ولكن يبدو ان انتظار الخلاص والمخلص أمر خاص بالأديان فقط ، وهذا غير الحق والعلمانيون ينتظرون الخلاص والمخلص بطريقتهم ، وفي اطار تصوراتهم ولكن الصورة عندهم عموماً لا تختلف كثيراً عن أسس الانتظار عند أصحاب الأساطير ، وأصحاب الديانات .. فهم مثلاُ يرجعون الأصل التاريخي الأول يستمدوا منه رؤيتهم للمستقبل وما ينتظرهم فيه أو ينتظرونه منه .. فلعلماء الفيزياء النظرية سيناريوهات عديدة لبداية الكون ونهايته .. مبنية على فرضيات ، تستند على بعض النظريات العلمية .. ولكن ما يهمنا هنا هو أنهم يرون أن الرجوع إلى الأصل هو الذي يحدد المستقبل ، بنفس المعنى الذي كان به أصحاب الأساطير يرون ذلك ، فمثلاً بول ريفز في كتابه ( الدقائق الثلاثة الأخيرة ) يقول : أدرك علماء الكون مثل علماء التاريخ أن مفتاح المستقبل يكمن في الماضي. ـ
    لقد شهد القرن التاسع عشر العديد من الأبحاث التي تتناول أصل الكون والحياة والإنسان والأنواع الحيوانية وامتدت لتشمل أصل اللغة والدين .. الخ .. ـ
    ومن العلمانيين الداعين للعودة إلى الأصل ، ما هو أولى بالنسبة للإنسان ، عالم النفس سيجموند فرويد ، الذي يعتبر أن الأصل هو مرحلة الطفولة الأولى قبل تكوين العقد النفسية ، وهي بالنسبة له الفردوس المفقود .. كما ركز فرويد على اللاشعور وجعله الأصل الشخصي الذي ينبع منه كل شئ في عالم النفس .. ( وقد عمد التحليل النفسي على إيجاد تقنيات بامكانها أن تكشف عن بداية تاريخنا الشخصي وتقدر بشكل خاص على تحديد هوية الحدث الذي وضع حداً لسعادة طفولتنا ، وعلى تعيين التوجه المستقبلي لوجودنا ) .ـ
    يقول إيلياد ( وإذا اعتمدنا التعبير عن المسألة بعبارات تخص فكر الأزمنة الغابرة ، قد يكون بإمكاننا القول بوجود (فردوس ) وهو عند جماعة التحليل النفسي قائم في المرحلة السابقة للولادة ، أو في المرحلة الممتدة حتى الفطام وبوجود ( قطيعة ) أدت إلى زوال الفردوس ، وأعني كارثة تمثلت في صدمة نفسية وقعت في عهد الطفولة .. وأياً كان موفق الراشد ، من هذه الأحداث الأولى ، فهي ليست بقليلة التأثير في بنيان كيانه ).. ففردوس الطفولة ـ أو الأصل ـ ومفهوم الصدمات النفسية ، وفكرة العودة إلى الوراء التي يأمل الفرد بواسطتها استرجاع لحظات بعض الاحداث الأولى للطفولة ، تشكل التقارب بين التحليل النفسي وبين سلوكيات البشر في زمن الأسطورة ، بصورة خاصة في جانب أن التحليل النفسي بجعل العودة الفردية إلى زمان الأصل ممكنة .. كما أن هنالك تشابه بين الميثلوجيا ، وطرق التحليل النفسي في تحليل وتفسير صور التعبير المرتبط بالعقل الباطن ، خصوصاً بالنسبة للأحلام ، ففي كلا الحالتين الامر يقوم على التعبير الرمزي ، والتفسير يقوم على فهم دلالات الرموز . ـ
    أما الماركسية ، فهي أوضح الديانات الوضعية ، كمذهب ألفي ، يبشر بالعودة إلى فردوس أرضي مفقود .. فمرحلة الشيوعية التي تمثل نهاية صراع الطبقات ، رجعة للفردوس المفقود الذي كان في بداية المجتمع في المشاعية الأولى ، وهي مرحلة لا تأتي إلا بعد كارثة زوال النظام الرأسمالي .. فالعصر الذهبي للماركسية ، كما هو في عهد الأسطورة يمثل رجعة إلى الأصل ، كما يمثل ميلاداُ جديداً على أنقاض نهاية العالم الرأسمالي . ـ
    لقد تميعت الحدود بين العلم والخيال العلمي بصورة مدهشة ، حتى أنه في بعض الحالات يصعب التمييز بين ما يعتبر علماً وما يعتبر خيالا ً علمياً .. وأصبحت أي نظرية متماسكة منطقياً ، وتقوم على معادلات رياضية صحيحة تعتبر علماً وقد أصبحنا في الفيزياء النظرية نسمع عن مادة افتراضية مثل ال( ويمب) WIMP ـ الجسيمات الضخمة ضعيفة التفاعل ـ مثل الجرافينون ، الهيجزون ، الفوتين ، وكلها جسيمات افتراضية ، ليس لها مقابل واقعي ، ولكن تنبني عليها فرضيات هامة بالنسبة لمصير الكون . ـ
    بالذات سيناريو النموذج الدوري ، في تصور الفيزياء النظرية لبداية الكون ونهايته ، يشبه إلى حد كبير مفهوم العودة الأبدية عند الأديان الهندية ، فكلاهما يقوم على دورات وجودية غير متناهية .. إن الأسطورة ، والأديان على مختلف مستوياتها والعلم الحديث جميعها تتعامل مع العالم كلغة مشفرة كل يسعى إلى حل طلاسم شفرتها بطريقته .. ولما كان حلم الخلود حلم إنساني عام ، فإنه لم يتخلف على عهد العلم الحديث وإنما أخذ يعبر عن نفسه بصور تتناسب مع الوضع الجديد ، مثل البحث الجاري بشدة لاكتشاف جين الفناء والموت ـ إن وجد ـ لمعرفة أسراره ومعالجته بالصورة التي تفضي إلى إبطال فعله مما يضمن عدم الموت .. أو محاولات إعادة الشباب للشيوخ ، أو الحيلولة دون الشيخوخة .. أو حتى محاولة القضاء على الأمراض أو معرفة سر الحياة والموت.. الخ ، فإن هنالك بحث ضخم يتم في مجال هندسة الوراثة ، يوازي العمل الذي يجري في مجال فيزياء الجزيئات ، وهذا العمل في جملته يستهدف غاية واحدة هي الخلود .. وفي المجال الرمزي فإن علماء التحليل النفسي يعتبرون الاهتمام الهائل بالجسد ، وتجميله والقضاء على الشيب والتجاعيد والتشوهات ..الخ ،كله تعبير طقسي عن التطلع للخلود .. ـ
    وحتى الحلم التاريخي بعودة الأموات ، يجد له مقابل في واقعنا العلمي الحديث .. فهنالك عديد من الناس في الغرب أوصوا بأن تحفظ أجسادهم بعد الموت ، في درجة برودة معينة حتى يتم بعثهم عندما يكتشف العلم الحديث سر الحياة .. وبالفعل هنالك عدد من الذين جمدت أجسادهم بهذه الصورة بعد موتهم
    وهنالك من يرى أن ( انهيار اللغة الفنية ) في مدارس الفنون الحديثة المختلفة ، هو تعبير رمزي عن نهاية العالم ،تمهيداً لميلاد عالم جديد يرمز له بأساليب التعبير الفني عند المدارس الفنية الحديثة .. ـ
    عموماً لأصحاب الديانة العلمانية منقذهم الذي ينتظرونه ،ليلجوا عن طريقة أبواب الكماليات الإنسانية ، وأبواب الخلود الذي ظل البشر يحلمون به طوال تاريخهم ..وكثيرون منهم يعتقدون أن وقت هذا المنقذ قد أطل ، ولم يبقى سوى اكتمال التجلي ،الذي به تتم معجزة الخلاص النهائي ،على يدي المسيح المنتظر ( العلم ) .. بل أن من العلمانيون ـ مثل بعض السلفيين الدينين ـ من يرى أن الخلاص قد حدث بالفعل ، وليس هنالك ما يضاف إلا في إطار الواقع الحضاري السائد ، ومن هؤلاء مثلاً فوكاياما في كتابه ( نهاية التاريخ وخاتم البشر ) ؟
    ‍لقد انشغل الإنسان بالمستقبل طوال تاريخه ، وانشغاله به الآن أكبر .. إذا كانت النبوة بمفهومها الديني قد ختمت إلا أن أنبياء الظاهر في ازدياد ، وقد كان يحسب ضمن هؤلاء أصحاب الروايات والقصاصون من أمثال جون فيرن ، وجورج ويلز الذين تنبئا بكثير من الأحداث في رواياتهما مثل ( رحلة من الأرض إلى القمر ) و( آلة الزمان ) و( التوقعات ) و( حرب العوالم )..الخ . وكذلك أصحاب اليوتوبيات الكبيرة مثل توماس مور ، وفرانسيس بيكون ، وسابستيان مرسيية .. إن يكن نوستر أداموس من قدماء المتنبئين ، إلا أن الاهتمام بتنؤاته قد ازداد في العصر الحديث زيادة كبيرة ، وطبع كتاب نبؤاته بمختلف اللغات في عدة طبعات .. وقد أصبح الانشغال بالمستقبل علم ( علم المستقبل ) له علمائه أو أنبيائه وتم فتح العديد من المعاهد والمؤسسات التعليمية والعسكرية المتخصصة في ( علم المستقبل ) في العديد من دول العالم ، ولها إصداراتها من كتب ودوريات .. ومن أشهر مؤسسات استطلاع المستقبل ( معهد هدسون ) في الولايات المتحدة ، وقد بلغ عدد المؤسسات المتخصصة في دراسات المستقبل في الولايات المتحدة وحدها ستمائة مؤسسة في 1967 ، وتوجد مؤسسات مماثلة في معظم الدول الكبيرة . وصدر العديد من الدراسات النتبؤية الشهيرة ، والذي يعنينا هنا هو توكيد شمولية الانتظار عند البشر وتوكيد ان المنعطف التاريخي الذي نمر به الآن ،عند كثير من البشر هو نقطة تحول أساسية لها ما بعدها .. وقد أصبح هنالك توقع عام ، عند كثير من الناس ، على مختلف مشاربهم الفكرية والدينية ، بأن هنالك كارثة وشيكة ،أو خلاصاً نهائياً قريباً أو كارثة يعقبها خلاص وشيك .. فالأمر الجديد بالنسبة للانتظار عند البشر هو انه اصبح أكثر شمولاً وأكثر تنوعاً ، ولم يعد المنتظر تفصله مساحة زمنية واسعة ، وإنما هو وشيك . ـ
    إن الاحتفال بمقدم الألفية الثالثة لا شبيه له على الإطلاق في تاريخ البشر .. والسبب الأساسي في ذلك هو الوعي الذائد عند الإنسان المعاصر ، وبصورة خاصة الوعي بالزمن ، والوعي بالمنعطف التاريخي الذي تمر به الحضارة البشرية ..وإلى جانب ذلك وربما فوق ذلك حالة روحية في الجو العام ، تفرض نفسها ، وإن لم يكن هنالك وعي بها .. والأسلوب السائد في الاحتفال بالألفية كان هو الإضاءة ، وهو في حد ذاته بشارة بعصر النور القادم .
    عندما وجه الأستاذ بكتابه منشور (الطوفان ) حدد له الاسم فقال : ( اجعلوا له عنواناً ، كأن يكون : هذا او الطوفان ) .. وقد أشرنا إلى موضوع الطوفان منذ عهد الأساطير وإلى عهد الإسلام ، وارتباطه بالنزارة بالكارثة ، وارتباطه بالنجاة ، وبالمنقذ ( نوح ) ولكل وقت نوحه وطوفانه الذي يناسبه .. والمتابع للأحداث يلاحظ انه منذ حين كثرت الكوارث الإنسانية ، والطبيعية وبصورة خاصة الزلازل والفيضانات (( وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون )) (( وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين )) .. وبالعلم الحديث ، اصبح خرق العادات ،حدثاً يومياً ، فلابد لأي منتظر أن يكون في قامة العصر ، أن يكون خرقه للعادات متجاوزاً للخرق الجاري ، حتى تخضع له الأعناق .. ولا يكفي سيوبرمان نيتشة ، أو قصص الخيال العلمي ، بل الأمر يتجاوز حتى مفهوم الجيلي للإنسان الكامل
    ( وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى ،قال : يا قوم اتبعوا المرسلين ) .وقد انذر نوح بالطوفان ، وأعد سفينة النجاة (وقال : اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها ، إن ربي لغفور رحيم ) .. ونعوز بالله أن يكون من أبناء نوح من ترد بنوته ، ويرد فيه الخطاب ( أنه ليس من أهلك ، أنه عمل غير صالح ) .. فلا عاصم اليوم من أمر الله ، ولا يستطيع الجبل أن يعصم أحداً ، لأنه عند الطوفان ، لابد (للطور ) أن يكون شافعاً ( للبيت الأمين ) وليس متقدماً عليه ، أو هو قائم من دونه . ـ
    جعلنا الله من أبناء نوح البررة ، المبرورين ،ومن أهل سفينته ، فانه كما يقول جلال الدين الرومي :ـ
    من نام في سفينة نوح فهو ناج .
    وتقبلوا تحياتي
    خالد الحاج عبد المحمود
                  

11-02-2008, 08:24 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    ما يسمى بتقيب الصحفيين تحدث عن استغلال الدولة للضغط أو التحفيز المادى "الإعلانات الحكومية" لتركيع أو استمالة بعض الصحف ومن أبى فليتوقف عن الصدور
    ترى هل ستكفى "الكيكة" كل هؤلاء أم أن هناك صفقات "أخرى" ستبرم لإرضاء المحاسيب
    تظل قولة الأستاذ محمود محمد طه خالدة: أن الأعلام والأقلام عند غير أهلها اليوم.

    ثلاثة صحف جديدة في فضاء الخرطوم الصحفي !!!!
                  

11-03-2008, 02:25 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)



    مبادرة أهل السودان ؟! (2-2)
    د. عمر القراى
    [email protected]
    لامني بعض القراء على الحلقة الأولى من هذا المقال، واعتبروه حسن ظن بالحكومة لا تستحقه ، وذكروا ان اعتباري المبادرة، ايجابية من ايجابياتها، عدم تصور لحقيقة الوضع .. واستدلوا على ذلك، بما ذكره أحد قادة المؤتمر الوطني النافذين ، من رفضهم لإعطاء دارفور حكم إقليمي، أو منصب نائب رئيس، على اعتبار أن هذا هو موقف الحكومة، فهي – حسب رأيهم - تزعم انها تريد حل مشكلة دارفور، ولكنها لا تضحي في سبيل ذلك، بأي شئ ، رغم تضحية أهل دارفور بدمائهم !!

    لقد كنت أتوقع، ان يتم طرح هذا المقترح ، والموافقة والأصرار عليه، من المؤتمر الوطني .. وذكرت انه رغم ان دارفور تستحق الحكم الإقليمي، وان تكون ممثلة في الحكومة، وفق اتفاقية ظاهرة، الا ان طرح هذه المطالب، كمحاولة لتجنب المحاكمات العادلة، يعتبر تمييع للقضية ، واستخفاف بأهالي دارفور، ينبغي الا تقدم عليه مبادرة أهل السودان . أما ان ترفض الحكومة ابتداء، وقبل تشاور اللجان ورفع توصياتها، فإنه اسلوب يشبه الإنقاذ، في بداية عهدها، ولا يشبه التوجه الديمقراطي، الذي ينبغي عليها سلوكه، بعد إتفاقية السلام الدائم .. ومثل تصريح المسئول الذي نقده القراء، الذين علقوا على المقال، إنما يلحق بكل محاولات "الإنتباهة" الفاشلة، لإعادة الإنقاذ للمربع الأول .

    على ان إعطاء دارفور، حكم إقليمي، مسألة مبدأية، يجب الا تخضع لمزايدات السياسة، المصلحية العابرة .. فدارفور أقليم كبير، ظل طوال تاريخ السودان، يمتاز بنوع من الإستقلال من الحكومة المركزية في الخرطوم .. ورغم تداخل المصالح التجارية، والرعوية، بين أهله وجيرانهم، فان دارفور لم تلحق بالسودان، الا بواسطة الإدارة البريطانية، التي كان غرضها من توسيع رقعته، أطماعها الإستعمارية، في منافسة فرنسا، وبليجيكا، حين تقسمت الدول الأوربية، القارة الافريقية ، وفق معاهدات الاستعمار الحديث ..

    ولقد طرح أقليم دارفور، كولاية مستقلة، بحكم ذاتي، في أول طرح للحكم الاقليمي في السودان ، فق جاء عن ذلك ( إن إهتمامنا بالفرد يجعلنا نتجه ، من الوهلة الأولى ، الى إشراكه في حكم نفسه بكل وسيلة ،والى تمكينه من أن يخدم نفسه، ومجموعته في جميع المرافق ، التشريعية والتنفيذية والقضائية وذلك بتشجيع الحكم الذاتي ، والنظام التعاوني . ولما كان السودان قطراً شاسعاً، وبدائياً ، فان إدارته من مركزية واحدة غير ميسورة ، هذا بالاضافة الى ما تفوته هذه المركزية على الافراد، من فرص التحرر والرقي والتقدم ، بخدمة أنفسهم ومجموعتهم ، ولذلك فانا نقترح أن يقسم السودان الى خمس وليات :
    1- الولاية الوسطى
    2- الولاية الشمالية
    3- الولاية الشرقية
    4- الولاية الغربية
    5- الولاية الجنوبية
    ثم تقسم كل ولاية من هذه الولايات الخمس، الى مقاطعتين، وتمنح كل ولاية حكماً ذاتياً، يتوقف مقداره، على مستواها، ومقدرتها على ممارسته . على ان تعمل الحكومة المركزية ، من الوهلة الاولى ، على إعانة كل ولاية، لتتأهل لممارسة الحكم الذاتي الكامل ، في أقرب فرصة ، وان تمنحها سلطات أكثر، كل ما بدا استعدادها. ويقوم الحكم الذاتي، في كل ولاية، على قاعدة أساسية من مجالس القرى، ومجالس المدن، ومجالس المقاطعات، ومجالس الولايات، حتى ينتهي الشكل الهرمي، بالحكومة المركزية، التي تسيطر على اتحاد الولايات الخمس ، وتقويه ، وتنسقه بسيادة القانون، لمصلحة الأمن والرخاء في سائر القطر. وفيما عدا حالات الضرورة، لا تتدخل حكومة الولاية ، في شئون المقاطعة، ولا حكومة المقاطعة، في شئون المدينة، ولا المدينة في شئون القرية، كما لا تتدخل الحكومة المركزية، في شئون الولايات، التي يجب ان تمارس كل السلطات، التي يلقيها عليها، ذلك المقدار من الحكم الذاتي، الذي تمارسه، الا ان يكون تدخلاً لضرورة الارشاد والإعانة .. حتى اذا ما نشأت مسائل في نطاق غير حكومة واحدة، أمكن وضع نظام مشترك، فالتعليم مثلاً، يقع نظامه تحت تشريع كل ولاية على حدة، ولكن الحكومة المركزية تساعد الولايات في التعليم بالتنسيق والأرشاد والهبات المالية، لانه يهم الامة جمعاء، كما يهم كل ولاية على حدة . وكذلك الأمر فيما يتعلق بالصحة والتنمية، وبترقية حياة الناس، من جميع وجوهها . وسيكون نظام كل حكومة، ابتداء من حكومة القرية فصاعداً ، على غرار النظام الديمقراطي، الذي يكوّن الحكومة المركزية في القمة، من دستور مكتوب، وهيئة تشريعية، وهيئة تنفيذية، وهيئة قضائية .. والغرض من هذا، تربية أفراد الشعب، تربية ديمقراطية سليمة، وموحدة في جميع مستوياتهم العلمية، وبيئاتهم الإجتماعية ) ( محمود محمد طه (1955م) أسس دستور السودان. الخرطوم . الطبعة الثانية 1968م ص 13-14).لقد إنطلقت مبادرة أهل السودان، من نداء أطلقه السيد رئيس الجمهورية، وذلك حين قال في جمع حاشد ( سنجمع كل أهل السودان وكل أهل دارفور ليشاركوا بقياداتهم الأهلية والإجتماعية والدينية والسياسية والإقتصادية وحتى اخواننا في الحركات الموقعين وغير الموقعين كل ابناء دارفور كلهم حيشاركوا وحندعوهم الى المشاركة عشان نحقق السلام في دارفور) ( لقاء جماهيري بالفاشر 23/7/2008م). ويتضح من عبارة السيد الرئيس، ان جوهر مبادرة أهل السودان، هو المشاركة الواسعة، التي تشمل حتى حاملي السلاح من ابناء دارفور. ولكن الواقع ان المبادرة لم تجمع كل أهل السودان، لأنها لم تنقل لهم في وسائل الإعلام، ولم يسمح لهم باثارة اسئلة تنقل للمشاركين، كما اشرت في الحلقة الاولى من هذا المقال . فهي من حيث الشكل، فشلت في ان تجمع كل أهل السودان .

    أما من حيث المحتوى، فانها لم تطرح بوضوح، الأولويات، التي يترقبها أهالي دارفور، من المتضررين وغير المتضررين .. ففي المحاضرة التي قدمها الاستاذ كمال الجزولي، بمركز الخاتم عدلان، عن العدالة الإنتقالية، تحدث شاب من ابناء دارفور، وقال انه رأي بعينه، أخويه وهما يلقيان في النار، بعد ان ضربت قريتهم بالمدافع !! ولهذا فهولا يقبل أي مصالحة، أو تعويض، قبل ان تحقق العدالة بالقصاص . إن تحقيق العدالة أمر جوهري، لا يمكن لمبادرة ان تنجح وهي تتعامى عنه . واذا لم تستطع المبادرة ان تكون مبادرة أهل دارفور، أي لم تجد القبول من أهل دارفور، فهي دون شك لا يمكن ان تكون مبادرة أهل السودان .

    ما الذي ينقص هذه المبادرة، لتصبح حقاً مبادرة أهل السودان، وتستطيع استرجاع ملف السودان من المجتمع الدولي ؟!
    أولاً : تحديد حقيقة ما جرى في دارفور. هل هو مجرد مصادمات بين مجموعات من الرعاة والمزارعين، سقط فيها قتلى، ويمكن دفع ديات، واجراء مصالحة بينهم ؟! أم ان هنالك حرب أهلية، طاحنة، مات فيها آلاف، وشرد عشرات الآلاف، واصبحوا لاجئين .. وتمت جرائم حرب ، وانتهاكات فظيعة، لحقوق الإنسان، هزت الضمير العالمي، وحولت القضية الى قضية دولية، أقتضت دخول قوات دولية في دارفور؟!

    ثانياً : لابد من تحديد حقيقة وضع ودور مليشيات " الجنجويد" التي إتهمت بتنفيذ كل ما لحق بأهل دارفور من مآسي . هل هي مجموعات رعوية، ذات جذور عربية، جمعت السلاح، واعتدت على القبائل الأخرى بسبب صراعات قديمة على الموارد، أم ان الحكومة هي التي سلحتها، ودعمتها ، وألحقتها بقوات الدفاع الشعبي، وكلفتها بكل ما قامت به من أعمال عنف ؟!

    ثالثاً : إن أهم ما ينقص المبادرة، عدم مشاركة الحركات المسلحة فيها، وعجز الحكومة عن اقناعهم بالمشاركة .. وبطبيعة الحال، فإن ذلك يرجع الى المواقف المتشددة، والإصرار عليها، من جانب الحكومة . فلو انها أعلنت انه ليس هناك أجندة مسبقة، وان ما ينفذ هو ما يتوصل اليه المشاركون بالحوار، وكانت بذلك الإعلان تعني ما تقول، فان الحركات قد تشارك .

    رابعًا : لا بد ان تتخلى المبادرة، عن السرّية التي تكتنفها، وتقبل على الشعب، وتكاشفه بكل شئ ، وتفتح بينه وبين لجانها، قنوات تواصل، يعبر لهم الشعب من خلالها، عن رأيه في كل تفاصيل المشكلة وحلها ..

    خامساً : لا بد من وضع القوانين، التي تعالج جرائم الحرب، والإبادة، والتطهير العرقي، واجازتها ، وإعلان المحاكمات، والعقوبات، ورفع الحصانة عن المتهمين، مهما كانت وظائفهم، قبل الدخول في تفاصيل بنود المبادرة الاخرى .. وذلك لأن هذه المواقف، تعيد ثقة اهالي دارفور في الحكومة، وتضمن تعاونهم ، مما يوفر فرص النجاح للمبادرة.

    سادساً : لقد طرح موضوع نزع سلاح الجنجويد في الحوار، ولكن لم تطرح الكيفية التي يمكن ان يتم بها ، حتى لا يصبح مجرد أمنية . وليس هناك جهة، يمكن ان تنزع سلاح الجنجويد، غير الجيش السوداني.. وهو لن يستطيع القيام بهذا الدور، الا اذا تمت تقويته، وأعيد له اعتباره، وجعلت له اليد العليا، على كافة أجهزة الامن، والدفاع الشعبي .

    سابعاً : لابد من بسط الأمن في ربوع دارفور، وتقديم ضمانات لأهلها، ممن يودون ان يدلوا بشهادتهم في المحاكم، التي يجب ان تقوم، قبل ومع ، الإستمرار في مبادرة أهل السودان .

    ثامناً : رغم ان المبادرة هي مبادرة اهل السودان، فانها تحتاج الى اشراك جهات اقليمية، مثل الإيقاد، والاتحاد الافريقي، وجامعة الدول العربية .. وجهات ودولية، مثل الاتحاد الأوربي، والأمم المتحدة، ليشهدوا على خطوات التغيير، ويشاركوا بآرائهم، وتجاربهم، في ترسيخ معاني الصلح والوفاق .

    هذا ما ينقص المبادرة، لتجمع حولها قلوب أهل السودان، فهل تستطيع الحكومة تحقيقه ؟! إن السياسيين الذي هرعوا للمبادرة ، دون تروي، وفرحوا بها ، قبل ان تؤتي أكلها، ليسوا حريصيين على مصلحة السودان . وإن تعجب، فعجيب تصريح السيد الصادق المهدي، بأن الرافضين للمبادرة سيدخلون البلاد في ( جحر ضب) !! وحين وقع اتفاق التراضي الوطني دعا الرافضين له، للحاق به، والا فاتتهم (سفينة نوح ) !! ثم بعد فترة صرح بأن الاتفاق لم يتحقق !! فاذا لم يجن شيئاً من (سفينة نوح )، فكم سيجني من ( جحر الضب ) ؟! إن امثال هؤلاء السياسيين، الذين يحركهم الطمع ، ينقصهم الصدق، وينقصهم الجد، وهم بذلك، خصم على أي مبادرة، يشاركوا فيها .

    تنويه:
    هذا المقال، بجزئيه، منعت السلطات الأمنية نشره بالسودان
                  

11-03-2008, 02:35 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    المرأة في الخطاب الفكري الإسلامي
    قراءة في فكر: (الصادق المهدي، حسن الترابي، محمود محمد طه)
    د. ناهد محمد الحسن علي فضل
    مقدمة:
    المرأة في التاريخ السوداني
    نزلت الدعوة الإسلامية في أرض ذات طبيعة جرداء، لا تيسر الاستقرار وليس بها مقومات الحضارة، وهي لا تشجع على غير حياة البادية وما تقتضيه من الارتحال الدائم، ولم تعرف نظاماً سياسياً غير روابط العصبية للأسرة أو القبيلة( قوة الحلف أو حمى الجوار) كما لم تعرف مبادئ غير القصاص ودفع العدوان بالعدوان واغتيال الضعيف ما لم يجد من يجيره . ومن أضعف من المرأة التي كانت تشكل عبئاً مادياً ومعنوياً الشيء الذي كان يدفع ضعاف الهمم للإلقاء بها في حفرة الوأد هرباً من الفقر أو العار، سنة قيس بن عاصم التي جرت الوبال على كافة النساء، لاسيما قبائل ربيعة وكنده وتميم.
    والحال هكذا، فقد كان من الصعوبة أن يكون للمرأة موقفاً خاصاً بها، وأية خصوصية لإنسان لا يستطيع حتى أن يقرر في حياته أو حياة بناته وأخواته؟ ولم يسلم من هذه المهانة إلا القليلات ، كما لم يترفع عن هذه النقائص إلا القلة من أكارم الرجال .
    وعندما أتي الإسلام رفع المرأة من حفرة الوأد ومنحها الحياة والحرية وساواها بالرجل في الكثير من الحقوق، فهل كان ترويض النفوس البرية أمراً هيناً؟ لاشك أن الرسول صلى الله عليه وسلم واجه صعوبات كثيرة في أمور التربية الشيء الذي توضحه الآيات القرآنية والأحاديث، ومن ذلك ما رواه مسلم عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تمنعوا النساء من الخروج إلى المساجد بالليل" فقال ابن عمر لعبد الله بن عمر: لا ندعهن يخرجن فيتخذهن دغلاً قال: فزجره ابن عمر وقال: أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول "لا ندعهن".
    والشاهد أن الإسلام دخل السودان على إيدي الرعاة والتجار، الذين استصحبوا موروثهم الشخصي الذي بالكاد هذبته الدعوة! فأحدثت الثقافة الوافدة إلى السودان نقلة كبيرة في النظرة إلى المرأة، فأين كانت المرأة وأين انتهت؟.
    مرت المرأة السودانية بمراحل تاريخية هامة منذ مملكة مروي (750ق.م- 350م) مروراً بالممالك المسيحية، الممالك الإسلامية، العهد التركي، المهدية، الحكم الثنائي وما بعد السودنة.
    مروي:
    كان للمرأة دوراً هاماً في الحياة الاجتماعية والدينية والسياسية، فمن الناحية الدينية وصلت امنرديس ابنة الملك كاشتا 774- 760 ق.م لمنصب العابدة الإلهية وزوجة آمون طيبة، وتبعتها خليفتها امنرديس الثانية وخليفاتها ، كما وهب الملك انلماني أخواته الأربعة لمعابد آمون الشمالية وعرف قدماء السودانيين عبادة الآلهات ، أما في الحياة الاجتماعية فإن صورة الأم، الزوجة أو الأخت تدخل في الوساطات السياسية للخصوم أثناء الحروب . وقد بلغت المرأة المروية أوجها بحلول القرن الثالث قبل الميلاد، فاكتسبت حق الدفن في أهرامات تتوسط أهرام الملوك، وقد حكم مروي خمسة وأربعون ملكاً وملكة، أكثرهم من الملكات واللاتي اشتهرن بلقب الكنداكة ومنهم الملكة اماني تشيختو التي انتصرت على الجنود الرومان وجعلت رأس أمبراطورهم تحت أقدامها عند صعودها لمعبدها .
    الممالك المسيحية:
    يظهر بقايا الموروث المروي واضحاً في مقولة الملك جورج ابن الملك زكريا "إن أمرنا بإيدي نسائنا"، كما استمر تقديس الآلهات ظاهراً في قسم التتويج للملوك .
    الممالك الإسلامية:
    ظل الإسلام في السودان بعيداً عن مراكز الإشعاع المدرسي فتداخلت فيه الثقافات مع الشريعة الإسلامية ومن ذلك أن الزوجة كانت تتزوج بعد طلاقها مباشرة دون عدة ، وقد عرف السودانيون مسلمون أو غير مسلمون أنواعاً من الزيجات قبل الربع الأول من القرن العشرين مثل نكاح الرهط للإماء، زواج الشغار والضيزن ونكاح الاستمتاع كما حدث للأميرة نصرة وابنتها الأميرة أمنة غير أن هنالك صعوبة في تتبع التاريخ الشيء الذي يعكس إهمال المؤرخين للمرأة، وإن كان أحياناً يولد فجر الحقوق والعدالة ويغيب لأسباب غير محددة، فسنار عاصمة الفونج يقال أنها اسم لجارية ، كما اشتهرت بعض النساء المعروفات بعلمهن في منطقة الشايقية، أما في أرض الجعليين فقد اشتهرت الملكة ستنا، وقد أورد الدكتور مختار عجوبة الكثير من المفارقات في هذا التاريخ، فبينما تركت معاملة المرأة لذويها والتي قد تصل حد القتل في السلطنة الزرقاء، نجد أن مكانة المرأة لا تدانيها مكانة في سلطنة الفور، فهي لها دور رئيسي في تنصيب السلاطين، وهي التي تملأ الزريبة بالخير (المهر) ويخربها الرجال!
    العهد التركي:
    عدا (نظام الحريم) الذي جلبه معه فإن المرأة السودانية قد بدأت خطوتها نحو التعليم في هذا العهد، ومن ذلك أن الإدارة التركية اهتمت بتعليم السودانيات وخاصة الإماء المحررات فقد قام هذا العهد بتزويج الكبيرات منهن، وقد أحضرت مدرسات مصريات ومولدات يعلمنهن الطبخ والتدبير المنزلي .
    الحركة المهدية:
    احتاج المهدي لإبراز نسبه من جهة أمه للبرهنة على صدق مهديته وكان يهتم ببيعة النساء، وللمرأة عموماً أن تخرج للتعليم والمذاكرة ، غير أن الحركة المهدية قدمت نفسها كحركة دينية يأتي الإلهام فيها كأحد مصادر التشريع الديني والذي عده العلماء ابتداعاً يرقى إلى درجة التكفير والخروج عن الملة المسلمة ومن ذلك أنه فرض عليهن الحجاب وحرم المصافحة، كما منع خروج المرأة للجهاد إلا بعد سن اليأس، والكلام بصوت عالٍ وكشف الرأس وترك الستر تعاقب المرأة بـ 27 سوطاً، وبنت الخمس سنين إذا لم يسترها أهلها يضربون، ومن صافح امرأة أو سالمها بالعناق يضرب 50 جلدة مع صيام شهرين أو عتق رقبة ، الشيء الذي يعكس تشابه البنى الفكرية للمهدي مع البنى السلفية المتشددة، وقد أوجد المدافعون عن المهدية مبررات لهذا السلوك الأخلاقي وسواء أكانوا موضوعيين في أطروحاتهم أم لا فقد أحدثت المهدية تغييراً جذرياً في البنى الثقافية للمجتمع باتجاه مزيد من الانغلاق للمرأة.
    الحكم الثنائي:
    سمحت الحكومة الإنجليزية للسيد بابكر بدري بافتتاح أول مدرسة للبنات في 1907م ولما كانت الحكومة ليست حسنة النية تماماً فقد سارت حركة التعليم ببطء شديد الشيء الذي يعكسه القفزة في ارتفاع معدلاتها بعد خمسة سنوات فقط من السودنة وقد حاول الإنجليز في البداية تنظيم أنشطة المرأة الاقتصادية وخاصة في سوق أم درمان، كما عملت النساء في الملابس القطنية والحريرية والصوفية في مناطق الجزيرة، كردفان والشمالية ثم بدأ الوعي السياسي في الظهور متمثلاً في العازة زوجة المناضل علي عبد اللطيف والحاجة نفيسة سرور التي خاطت علم اللواء الأبيض على ماكينتها ثم ظهرت رابطة النساء السودانيات بقيادة الدكتورة خالدة زاهر 1946م، جمعية نساء المهدي 1947م، نقابة الممرضين والممرضات 1948م والتي نالت إحدى الممرضات عضويتها في 1955م، نقابة المدرسات 1949م، الجمعية الخيرية بالأبيض 1951م برئاسة السيدة نفيسة كامل ثم الاتحاد النسائي في 1952م والذي كافح رغم المعوقات التي واجهته في فترات الأنظمة الدكتاتورية والتي كانت غالباً ما تجمد نشاطه أو تحده.
    ما بعد السودنة:
    حصل الاتحاد النسائي على الأجر المتساوي على العمل المتساوي في 1968م وأقر الخدمة المعاشية ، كما يعد السودان من الدول التي صادقت على اتفاقية منظمة العمل الدولية في 22/1/1970م في الوقت الذي لم تصادق عليها أكثر دول الخليج .
    اتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة CEDAW
    يقع الميثاق في مقدمة و 30 مادة، وهي ميثاق يعرف التمييز ضد المرأة بأنه كل ما ينطوي على أي نوع من التفريق أو الاستثناء أو التحديد المبني على الجنس الذي ينجم عنه أو يهدف إلى إضعاف أو إلغاء الإقرار بالمرأة أو تمتعها بحقوقها أو ممارساتها، بغض النظر عن حالتها الزواجية على أساس مساواة الرجل مع المرأة في حقوق الإنسان والحريات الأساسية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمدنية والثقافية وفي أي ميدان آخر.
    وبمجرد أن تصادق أي دولة على الميثاق فأنها تلزم باتخاذ سلسلة من الإجراءات من ضمنها تقديم تقرير كل أربعة سنوات وأصبح العمل سارياً بهذه الاتفاقية منذ 3/12/1981م . وبلغ عدد الدول الموقعة 168، بينما ظلت بعض الدول العربية ومنها السودان متحفظة دينياً أو سياسياً، وحتى الدول العربية التي وقعت على الاتفاقية مثل السعودية تراجعت عندما صدر البروتوكول الاختياري الذي يجعل التنفيذ واجباً! .
    المرأة وقانون الأحوال الشخصية السوداني:
    إلى ما قبل صدور قانون 1991م لم يكن هنالك قانوناً مسطراً في مواد معروفة، وكان الأمر منحصراً في قاضي القضاة، أو المحكمة العليا وتعود مرجعية هذا القانون إلى تقنين الراجح من المذهب الحنفي أو المنشورات التي صدرت من قاضي القضاة أو المحكمة العليا .
    فما الذي قدمه الخطاب الفكري الإسلامي لإصلاح شأن المرأة في هذا المجتمع؟
    يتم تناول هذه القضية وفق المنهج التالي:
    أولاً: دراسة العلاقة بالمرأة والمنهج الفكري لكل من (السيد الصادق المهدي، د. حسن الترابي، أ. محمود محمد طه).
    • تم إدراج أسماء المفكرين وفق الترتيب الهجائي.
    ثانياً: دراسة لوجوه التقارب الفكري بينهم.
    ثالثاً: دراسة لوجوه التباين الفكري بينهم.
    الخاتمة: تأملات في أوضاع المرأة رغم وجود الدعاة التقدميين وإشكالات الخطاب الفكري الإسلامي عموماً.
    المبحث الأول: (المنهج والعلاقة بالمرأة)
    أولاً: السيد الصادق المهدي:
    العلاقة بالمرأة:
    الحقيقة أنني وجدت صعوبة في تتبع تاريخ المرأة في حزب الأمة، ولم أعثر على مراجع منظمة تتحدث عن هذا الأمر كما لدى الجبهة الإسلامية والأخوان الجمهوريون، عدا معلومات متناثرة هنا وهناك، وقد ناقشنا سابقاً علاقة المهدية بالمرأة، كما إن هنالك (جمعية ترقية المرأة) التي أسستها نساء بيت المهدي في عام 1947م وهي من أوائل المبادرات لتوعية المرأة، وقد كان للجمعية ارتباط كبير بالموقف السياسي وإن انحصر نشاطها في تنظيم دروس تاريخية وجغرافية عن السودان لأعضاء الجمعية وتكوين حلقات لمحو الأمية وتأسيس مكتبة، وتقديم محاضرات . ومن المواقف الخاصة للسيد عبد الرحمن المهدي، دعوته لتعليم البنين والبنات، فقد اهتم بتعليم بناته منذ البداية وساعد الشيخ بابكر بدري منذ البداية وأيده في موقفه من تعليم البنات، وساهم في امتصاص وتخفيف حدة تحرش السلطات البريطانية به كما رتب ونفذ سفر السيدة سارة الفاضل لتلقي التعليم الجامعي للولايات المتحدة رغم معارضة رجال الأسرة والأنصار وحتى الأصدقاء وقد كان له موقف واضح في مشاركة المرأة في العمل السياسي إذ كانت هنالك منشورات تصدر من حزب الأمة للنساء لتعريفهم بما يدور في الساحة السياسية كما كان يرسل مناديب ليشرحوا للنساء خاصة في الجزيرة أبا القضايا السياسية وقد قام بمحاربة عادات الوشم والوصل والخفاض الفرعوني والمغالاة في الحداد كما نادى بتخفيض المهور وأسس زواج (الكورة) الشهير . وقد كتبت محررة صفحة المرأة بالرأي العام تقول (يحق للهيئات النسائية أن تبكي السيد الإمام عبد الرحمن، فقد كان رحمه الله مباركاً لتلك الهيئات ومساعداً لها مادياً بل وكان دعامة قوية من الدعائم التي ترتكز عليها النهضة النسوية في زحفها المقدس. كان رحمه الله سباقاً إلى تكريم الوفود النسائية التي تفد إلينا من الخارج... الخ) ومصداق ذلك أنه دعا في 1945 عدد من عضوات لجنة الاتحاد النسائي السوداني بداره بالخرطوم (دار الوثائق الحالية) وكانت الدعوة تكريماً وحفاوة عظيمة. وقد كتب السيد الصادق المهدي عن المرأة في كتبه جدلية الأصل والعصر، المرأة وحقوقها في الإسلام 1985م والإعلان العالمي لحقوق الإنسان من منظور إسلامي- مؤتمر: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والإسلام- الأمم المتحدة- جنيف- نوفمبر 1998.
    المنهج الفكري:
    دعا السيد الصادق في منهجه الفكري إلى ما أسماه التأصيل الصحوي والذي يفتح باب الاجتهاد سعياً وراء مقاصد الشريعة الإسلامية، وقد ذكر أن (القرآن الكريم كتاب الله قطعي الورود ولكن كثيراً من آياته حمالة أوجه قال تعالى: (منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات) الآية 7 آل عمران، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في غير السنن العملية أغلبها ليست قطعية الورود وفي دلالاتها أقوال، وكتب الأحاديث الصحيحة (الصحاح الستة) ليست مبوبة حسب التسلسل الزمني ولا توجد روايات قطعية في نسبة النطق بها لزمن نزول آيات القرآن (حدثنا اسحق قال حدثنا خالد عن الشيباني قال سألت عبد الله بن أبى أوفى: هل رجم الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أو بعد سورة النور قال لا أدري. وحتى بعد حسم صحة الورود فهنالك نصوص متناقضة في ظاهرها مثلاً قال تعالى: (وما تشاءون إلا أن يشاء الله) الآية 3 سورة الإنسان، هذه الآية وغيرها حجة للجبر وتؤكد التسيير وقال تعالى (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) الآية 29 سورة الكهف هذه الآية حجة للاختيار وتؤكد التخيير فأي الآيات هي المحكمة؟ . وقد ناقش السيد المهدي مجالات الصحوة الثقافية ذاكراً أهمها مثل قضية المرأة، والتي أورد في طريقة تناوله لقضيتها عدة نقاط أهمها (مصادر المعرفة الإنسانية هي الوحي، الإلهام، العقل والتجربة وأن المقارنة من أهم أساليب الدعوة، كما أن المرأة المسلمة في حيرة بين حقوقها الوضعية والشرعية وأن فقه الأحكام المتعلق بالمرأة متحرك انطلاقاً من النصوص الثابتة في الكتاب والسنة) .
    ثانياً: الدكتور حسن عبد الله الترابي
    العلاقة بالمرأة:
    لنترك الدكتور يحدثنا بنفسه عن علاقة الحركة الإسلامية بالمرأة:
    (تطورت للحركة الإسلامية بالسودان ثلاثة مواقف متتالية في شأن المرأة، الموقف الأول كان يصدر عن مسايرة للجمهور التقليدي في رؤية مكانة المرأة في الدين عامة ودورها في أحيان خاصة فكانت تعتبر أن الدين خطاب للرجال في المقام الأول وأن شأن الدعوة والجهاد في سبيله مسئولية قاصرة عليهم، ولن يجدي التحاق النساء في شيء منه، والموقف الثاني موقف مراجعة بدأ مع عهد الحرية 1964م دواعيها استفزاز التحدي الخارجي أكثر منها في التذكر والتفقه الذاتي، دفعها إليها تأخرهم في الانتخابات بسبب فقدان صوت النساء)، وهذا ما نقلته الدكتورة فاطمة بابكر في الوثيقة التي استعرضتها لأحد قادة التنظيم (محمد الصادق الكاروري) 7/2/1967م تحت عنوان إشكاليات القوامة والولاية والحقوق الأساسية للمرأة، ناقش فيها عدم السماح للمرأة بحقها في الانتخاب والترشيح لأنها قارورة قابلة للكسر وإن المرأة مكانها البيت). ولمقابلة الاتحاد النسائي الشيوعي وقد أسست الحركة الإسلامية بقيادة الترابي الجبهة النسوية الوطنية لتقابل الاتحاد النسائي الشيوعي. أما الموقف الثالث فقد كان ذاتياً إذ توافر للحركة في أواخر الستينات الوعي الاجتماعي الأتم. فلاحظت الميل الفادح في توازن دعوتها بين خطاب الذكور والأناث فلاحظت ما فرطت في حق الدعوة الإسلامية التي جاءت خطاباً إنسانياً عادلاً وتكليفاً مساوياً وبشارة شاملة للرجال والنساء ، صدرت له عن المرأة الكتب الآتية:-
    كيف تنهض المرأة من رسائل الحركة الإسلامية في السودان، المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع والأنثى والذكر ومثال الحياة وقد دمج مركز دراسات المرأة الكتابين الأخيرين في كتاب واحد أسماه المرأة بين الأصول والتقاليد.
    المنهج الفكري:
    (نادت الحركة في فكرها بالمذهب الإصلاحي والذي كان يشابه في فكرته مذهب الأخوان المسلمين بمصر، من التربية الخاصة إلى التعبئة العامة، إلا أنها تجاوزته لاسيما بعد ثورة أكتوبر . وقد دعا إلى تجديد الفكر الإسلامي ذاكراً (أن الدين وتفقهه كسب بشري، يطرأ عليه ما طرأ على سائر الحادثات من التقادم والبلى والتوالد والتجديد، وأداة التجديد قبل الرسول صلى الله عليه وسلم كانت مرهونة ببعثة الأنبياء ولكن بعد ختم الرسالة أصبح الأمر لجماعة المسلمين التي يستخلفها الله في الأرض جيلاً بعد جيل وقد نادت بفتح باب الاجتهاد على مصراعيه لسائر المسلمين ذاكراً (الاجتهاد مثل الجهاد ينبغي أن يكون فيه لكل مسلم نصيب...) كما تبنى فكرة الإصلاح عبر السلطة في أكثر من موقع في كتابه الحركة الإسلامية في السودان منها (لأنه لم تكن ترجو الإصلاح الإسلامي إلا بتمكنها من السودان) والضمير (الهاء) هنا عائد إلى الحركة، أما مذهب التجديد الإسلامي فقد شرحته رؤاه في قضايا أخرى مثل (الحرية والوحدة) (الشورى والديموقراطية) (الدين والفن) وقضايا المرأة موضوع هذا البحث.
    ثالثاً: الأستاذ محمود محمد طه: (العلاقة بالمرأة)
    استصحبت الحركة الجمهورية قضية المرأة معها منذ نشأتها فثاني اعتقال سياسي للأستاذ إبان الاستعمار كان بسبب امرأة ولندع الأخوان الجمهوريون يحكون عن علاقتهم بالمرأة جاء في منشورهم (المرأة الإنسان) الطبعة الثانية ديسمبر 1977م الآتي (أن اهتمامنا نحن الجمهوريين بالمرأة وحريتها وإنسانيتها، اهتمام ينطلق من جوهر الدين ومن أصوله السامقة، لذلك كان اعتبارنا لقضية المرأة منذ أن كانت لنا جريدة سيارة، قد فتحنا باب شؤون المرأة بها عبارات تعبر عن نظرتنا للمرأة التي هي نظرة الدين لذلك ظللنا نبشرها بحقوقها الأساسية في أصول القرآن وقد أصدرنا في ذلك كتبنا الأساسية (الرسالة الثانية في الإسلام، تطوير شريعة الأحوال الشخصية، كما أصدرنا كتيباتنا الشهرية في عام المرأة والتي بلغت ستة عشر كتاباً وفي أمر الزواج أخرجناها من زواج التسعيرة إلى زواج الشريعة الذي يتم بمهر رمزي وبشروط كرامة، أوضحناها في كتيب خطوة نحو الزواج في الإسلام، فالمرأة هي أكبر من استضعف في الأرض وهي آخر المستضعفين بعد أن خلت كل معسكراتهم بالثورات .
    المنهج الفكري: لم أجد ملخصاً للفكر الجمهوري أفضل مما قدمه الأستاذ عمر القراي
    (تعتمد فكرة الأستاذ محمود على نظرية تطوير التشريع فهو يرى أن القرآن الكريم نزل على مستويين آيات الأصول وآيات الفروع، وهذه عنده أبرز مظاهر المثاني التي أشار إليها سبحانه وتعالى في قوله (الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني) الزمر 23. فالأصول هي الآيات المتعلقة بالتوحيد والمعاني الإنسانية السامية كالحرية والعدالة والمساواة والفروع معاني أدنى من هذه تنزلت عنها مناسبة لطاقة المجتمع البشري في ذلك الوقت، ولقد وقع التفصيل في الماضي على الفروع واعتمد عليها التطبيق وقامت عليها دولة لمستوى الناس في ذلك الزمان، أما الأصول فأنها لم تفصل ولم تطبق في الماضي إنما ادخرت للبشرية في مقبل أيامها وهي الآن مناسبة لوقتنا الحاضر، ولقد نسجت آيات الأصول بآيات الفروع وصار العمل بآيات الفروع منذ ذلك الوقت ووفقاً لهذا المنهج، رفع الأستاذ محمود الوصاية عن المرأة وساواها بالرجل، وجعل للقانون الدستوري القوامة عليهما معاً كما ذكر أن الجهاد والرق والرأسمالية والحجاب وتعدد الزوجات والمجتمع المفصول نسائه عن رجاله كلها ليست أصلاً في الإسلام.

    المبحث الثاني
    وجوه التقارب الفكري بين المفكرين الثلاثة
    • دعا المفكرين الثلاثة إلى تطوير الفكر الديني وفتح باب الاجتهاد على مصراعيه سعياً وراء مقاصد الشريعة الإسلامية، وقد استصحب ثلاثتهم قضية المرأة في قائمة الأولويات.
    • أقر ثلاثتهم أن المجتمع المفصول نسائه عن رجاله ليس هو مراد الدين محتجين في ذلك على أسانيد من السنة وقد ذهب السيد الصادق المهدي والدكتور حسن الترابي أبعد من ذلك بمناقشتهم أمر الخلوة فحين ناقش الدكتور أمر الاختلاء بمرأى من الناس وأقره . تحدث السيد المهدي عن الخلوة بالأجنبية مستنداً بآراء الفقيه الدستوري عبد الجليل متولي، الذي قال عن حديث الخلوة (ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما): (ولا يدفع في هذا الصدد بالقول أن المقصود بالحديث إنما هو تقرير قاعدة عامة وكل قاعدة لا تتنافى مع وجود بعض الاستثناءات لها، فأي قاعدة هذه التي تربو فيها الاستثناءات على الأصل المستثنى منه؟!) (فاعتبار مثل هذه الخلوة مفسدة أمر يتوقف على أسباب متعددة مثل السن، التربية، الأخلاق، التقوى، الصحة، الشكل، فراغ الوقت .
    • بالإضافة إلى ذلك أقر ثلاثتهم بحق المرأة في الانتخاب والترشيح.
    • هنالك قضايا أخرى لها أهميتها اتفق فيها السيد والأستاذ بينما لم يورد الدكتور الترابي بشأنها أي تفصيل ومن ذلك، حقها في تولي القضاء والولاية العامة وإمامة الصلاة، ومساواتها بالرجل في الدية والشهادة أمام المحاكم ، أما حقها في الميراث فقد أوضح السيد المهدي أن على الرجل مراعاة ظروف أسرته ليعطي الحقوق في الميراث على حسب الحوجة قبل وفاته ، بينما ألغى الأستاذ فكرة الميراث أصلاً بمناداته بالمجتمع الاشتراكي ونبذه للرأسمالية على اعتبار أنها ليست أصلاً في الإسلام .
    • أما قضية التعليم والعمل فلنا معها وقفة فبالرغم من أن الثلاثة قد دعوا إلى تعليم المرأة إلى أعلى درجات التعلم وحقها في العمل خارج المنزل إلا أنهم قد حثوا على تعلم أنواع من التعليم والعمل مقاربة لطبيعة المرأة البيولوجية ووظائفها المنزلية ، وخطورة هذا القول تكمن في الآتي:-
    1- إن هذه النظرة لا تخرج من السياق التاريخي للتصنيف البيولوجي للمرأة، وفي مجتمع كالسودان تشكل فيه هذه القيادات تأثيراً كبيراً على قطاع واسع من الشعب، ستتحول هذه النظرة بإيحاءتها إلى معتقدات عميقة وكما تقول مارغريت فرتهايم (في أي ثقافة فإن المعتقدات حول الأدوار الجنوسية كثيراً ما يعتقد بها عميقاً إلى حد أنها تظل كامنة في اللاوعي وبالتالي تصل إلى عدم مقاربتها بأنها معتقدات، بل تقبل على علاتها بوصفها (النظام الطبيعي) بكل بساطة وكثيراً ما يجري ربطها وتعزيزها بطقوس وممارسات دينية معينة) وخطورة كمون هذه المعتقدات في اللاوعي يعني أن تنتقل لفكر الإنسان الواعي وبالتالي تمارس المرأة قتل الطاقات الخلاقة فيها دون حتى أن تعي ذلك وهذا ما أوضحه الدكتور Emile Coue في كتابه (Self Mastery Through Conscious Auto Suggestion) (السيطرة على الذات عبر الإيحاء الذاتي الواعي) بقوله (إذا قارنا الذات الواعية باللاواعية لوجدنا للذات الواعية ذاكرة مشكوك في صدقها، أما الذات اللاواعية بالمقارنة فهي تمتلك ذاكرة عجيبة ومعصومة من الخطأ تسجل دون إدراكنا الأحداث الصغيرة والتافهة في حضورنا، أكثر من هذا تعتبر هذه الذات اللاواعية ساذجة وسهلة الانقياد لما تخبر له دون سبب واضح، كما أنها تعتبر مسؤولة عن توظيف أعضائنا بتواسط الدماغ وبالتالي إذا صدقت أن عضواً بعينه يعمل جيداً أو معاقاً نشعر بهذا الانطباع وبالتالي يقوم العضو موضوع الاختبار بهذا العمل جيداً أو بإعاقة، كما تعمل على توظيف أفعالنا مهما كانت وهو الذي يجعلنا نقوم حتى بالأعمال ضد رغبتنا) .
    2- بدأت هذه النظرة تتحول إلى ممارسة، أوردت كل من الدكتورة فاطمة بابكر والأستاذة ندى مصطفى المعلومات الآتية على التوالي:-
    أ‌) (حدث ذات آونة أنه لوحظ في جامعة الخرطوم أن عدد الطالبات في كليات الطب والهندسة والمعمار بدأ يفوق عدد الطلاب واعتبر ذلك ظاهرة خطيرة تهدد مستقبل التعليم العالي بل وجهاز الدولة باعتباره أكبر مستوعب للخريجين، وبرزت دعوة لمعالجة هذا (الخلل)!، وفي صمت تحاول الدولة الحد من توظيف النساء في دوائر القضاء ووزارات السيادة والسلك الدبلوماسي والشرطة، ومازالت هنالك محاولات علنية وسرية لإدخال نظام (الكوته) بمعنى تحديد سقف معين لعدد الطالبات في هذه الكليات .
    ب‌) (أشارت الدراسات أن بعض الجامعات في السودان قد قللت عدد الطالبات المقبولات في كلياتها من خلال رفع درجات القبول بالنسبة للطالبات ومثال ذلك كلية الطب البيطري ومعهد شمبات والمعهد العالي للتربية الرياضية .
    3- المعلوم أن الميول نحو علوم بعينها ظاهرة مشتركة بين الرجال والنساء، ويجب أن يتاح للمرأة حقها (دون وصاية) في اختيار ما تراه ملائماً لطبيعتها أكثر حتى لا نكرر نموذج (ايمي نوتر) في السودان ونحرم بعض العلوم من المرأة في مساقها لو باحثة ومفكرة ورائدة.
    4- ومما تتخوف منه أن يتسبب مفكرونا في ردة تاريخية للمرأة .
    النتائج:
    • رغم المعوقات (السياسية) فأن القضايا التي اتفق فيها المفكرون الثلاثة مثل العمل والتعليم والاختلاط والانتخاب والترشيح قد تجاوزتها قضايا الحركة النسوية ونضالاتها.
    • حسم كل من السيد المهدي والأستاذ قضايا المساواة في الحقوق في الشهادة أمام المحاكم، إمامة الصلاة، رئاسة الدولة وتولي القضاء، والدية، لصالح المرأة، لتبقى قضية الميراث متروكة لرؤية المورث في فكر السيد المهدي ولأحلام المجتمع المثالي في فكر الأستاذ.
    • أحجم الدكتور حسن الترابي عن الخوض في بعض القضايا أعلاه، الشيء الذي يثير سؤالين مهمين جداً:-
    1- هل يمكن استقراء رأي الدكتور من كتاباته؟ وما هو هذا الرأي؟
    أعتقد أن الإجابة على الشق الأول من السؤال هي (نعم) وعلى الشق الثاني هي (لا) وفقاً للآتي:-
    • ذكر الدكتور الترابي أن الحركة نشأت (عالة) في زادها الفكري والتنظيمي على بعض الحركات وأنها بعد أن بلغت طور النضج الفكري تطورت وجددت في هذه الأفكار ومن هذه القضايا التي جددت فيها (قضية المرأة المسلمة ونهضتها بالسودان 1974م وسنرجع في القضايا التي أحجم عنها للمدارس التي استقى منها فكره طالما أنه لم يرى ضرورة للتجديد ومن هذه المدارس مدرسة الشيخ محمد الغزالي وأبو الأعلى المودودي وغيرهم وقد اخترتهم لأنهم مدرستين متقابلتين في هذه القضايا...
    أ‌. الشيخ محمد الغزالي في كتابه (السنة النبوية بين أهل الفقه والحديث) أقر بحق المرأة في تولي السفارة والوزارة ورئاسة الدولة وساواها في الشهادة مع الرجل حتى في الحدود والقصاص.
    ب‌. أبو الأعلى المودودي أوضح ميلاً فكرياً تقليدياً تجاه المرأة خاصة في كتابه (الحجاب) و (تدوين الدستور الإسلامي) والذي حرم فيه المرأة حقها في القضاء وتولي رئاسة الدولة فإلى أي الرأيين يميل الدكتور الترابي؟ من الواضح أنه يميل لأبو الأعلى المودودي للأسباب الآتية:
    أ‌) ألمح الدكتور الترابي إلى عدم ملاءمة للولاية العامة كما ذكرنا سابقاً.
    ب‌) صدر كتاب الشيخ الغزالي في 1989م أي بعد أن قال الدكتور رأيه التجديدي في المرأة في 1974م كما أسلفنا، وقد أعيد طباعة الكتاب مرة أخرى في 2000م دون أي تغيير في المحتوى.
    ج) جاءت عبارة (أتحمل وحدي مسؤولية هذا الكلام) في كتاب الغزالي عبارة مشحونة بالخوف لرجل يعرف تحفظ المدرسة التي تخرج منها وبالفعل أثار الكتاب لغطاً كبيراً في وسط الأخوان المسلمين.
    * لماذا أحجم الدكتور عن الخوض في هذه الأمور مع أهميتها ووجودها على قائمة الحقوق النسوية في العالم الإسلامي ككل خصوصاً وأنه أحوج الثلاثة لإبداء رأيه في هذه الأمور لأنه كان في مواقع ذات تأثير في السلطة إبان قوانين سبتمبر وحكومة البشير والتي حدثت فيها انتهاكات لهذه الحقوق ومن هذا فصل القاضيات عن العمل بعد قوانين سبتمبر الشهيرة مباشرة وفصل النساء من مناصب استراتيجية مثل الخارجية والنيابة العامة، وبعض النساء من المحاماة بحجة عدم الإيمان . فإلى أي مدى كان لرأيه تأثير في هذه القرارات؟ هذا مالا يستطيع أحد الإجابة عليه إلا الدكتور حسن الترابي شخصياً.

    المبحث الثالث
    وجوه التباين الفكري
    كان الاختلاف في فهم القوامة هو العمدة في تناول القضايا المختلفة مثل الولاية في الزواج، والطلاق، تعدد الزوجات/ الولاية العامة/ حق التأديب
    1) القوامة:
    قال تعالى في سورة النساء الآية (34) (الرجال قوامون على النساء لما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإذا أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً) صدق الله العظيم.
    السيد المهدي:
    القوامة محدودة هنا بنطاق الأسرة والتفضيل المشار إليه متعلق بالكسب استيعاباً لفطرة الرجل ونزعاتها .
    الدكتور الترابي:
    (ليس للرجل في إطار الحياة الزوجية إلا قوامة الإنفاق والتأديب والأمر بالمعروف) .
    الأستاذ:
    نسخت هذه الآية آية الأصول (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة)، فقد تنازلت المرأة في شريعة الفروع عن قسط من حريتها مقابل الحماية والنفقة فلما تطور المجتمع واستطاعت المرأة العمل والإنفاق على نفسها وغيرها وأحيلت حماية الرجل والمرأة إلى القانون الدستوري فيجب أن ينتقل المجتمع إلى رفع الوصاية عن المرأة لمستوى المسئولية الفردية (كل نفس بما كسبت رهينة) والدرجة المقصودة في الآية تعني أن في قمة هرم الكمال البشري رجلاً تليه زوجته ويليهما بعد ذلك عدد من النساء والرجال يتفاوتون في درجات القرب من الله .
    النتائج:
    • أقر كل من السيد المهدي والدكتور الترابي قوامة الرجال على النساء داخل منظومة الأسرة.
    • رفع الأستاذ قيود الوصاية داخل الأسرة وخارجها عن المرأة محيلاً إياها والرجل إلى القانون الدستوري.
    • لا فرق هنا بين ما ذهب إليه السيد المهدي والدكتور الترابي ورأي (ابن تيمية) الذي يمثل التيار السلفي التقليدي: (وكذلك عليها موافقته في المسكن وعشرته ومطاوعته في المتعة فإن ذلك واجب عليها بالاتفاق فلا تنتقل ولا تسافر ولا تخرج من منزله بغير حاجة إلا بأذنه كما قال صلى الله عليه وسلم (فإنها عوان عندكم بمنزلة العبد والأسير وعليها تمكينه من الاستمتاع بها إذ طلب ذلك .
    2) الولاية في الزواج:
    الولاية في اصطلاح الفقهاء سلطة تقتضي تنفيذ الإنسان قوله، رضي غيره أم أبى وهي قاصرة إن كانت في شئونه الخاصة ومتعدية إذا كانت في شئون غيره .
    السيد المهدي:
    أعتد برأي الإمام أبو حنيفة الذي قال (إن المرأة مستأمرة في زواجها لقد أعطاها الله الحق في التصرف في مالها فمن باب أولى أن يكون لها حق التصرف في نفسها) .
    الدكتور الترابي:-
    ذكر أنه يجب أن يباشر العقد ولي .
    الأستاذ:-
    قال أن المرأة الرشيدة لها الحق أن تزوج نفسها وغيرها كما يقول المذهب الحنفي مع مراعاة النظر في شروط الكفاءة وتعديلها .
    • ابتدع قانون الأحوال الشخصية 1991م فكرة أن الولي شرط لصحة الزواج مخالفاً بذلك الفقه على المذاهب الأربعة حيث ذكروا أن الولي شرط لزوم لا صحة .
    النتائج:-
    1. أعطى كل من السيد المهدي والأستاذ المرأة حقها في الزواج عملاً بالمذهب الحنفي المعروف بتقدمه في قضايا المرأة.
    2. وقف الدكتور حسن الترابي إلى جانب القانون والمالكية والشافعية في حرمان المرأة من حقها في ولاية الزواج .
    3) الطلاق:-
    في الشرع يعرف بأنه حل رباط الزوجية الصحيحة في الحال والمال .
    السيدالمهدي:
    (إن للزوجة أن تدخل في شروط العقد الاختياري ما تشاء من ضمانات بما في ذلك أن يكون لها حق العصمة) .
    الدكتور الترابي:
    (تطليق المرأة بطلب القاضي معمول به في فقه الأسرة) .

    الأستاذ:
    (يجب أن تعدل صورة وثيقة العقد بحيث يكون لها مكان ثابت للتفويض هذا ما يعين على انتشاره والعمل به، والمشاركة في العصمة بالإضافة إلى أنها ترد للمرأة بعض اعتبارها، وتساعد على انضباط تصرفات الرجل فهي تقلل من احتمالات وقوع الطلاق إذ أنه مقيد بدخول الحكمين) .
    • اقر القانون حق المرأة في التفويض .
    النتائج:-
    1- أقر كل من السيد المهدي والأستاذ حق المرأة في التفويض متفقين بذلك مع الأئمة الأربعة (عدا الظاهرية) والقانون لم يذكر طلاق التفويض. أما الدكتور حسن الترابي فقد أحال المرأة على القاضي كما يقول فقه الأسرة، ولهذا الأمر تعقيدات كثيرة كما هو معروف .
    4) حق التأديب:
    وفقاً لـ (النص الوارد في سورة النساء والذي تقدم ذكره في القوامة).
    السيد المهدي:
    أسرف في التنفير من الضرب كوسيلة تأديب غير أنه أقره في النهاية بقوله: (هذا الحق طبعاً مشروط بأن يكون الرجل مستوفياً لواجباته وأن تكون المرأة متمردة... ومعلوم أن الضرب يصل بالعلاقة لحافتها إذ ليس بعده إلا تحكيم يتساوي فيه المرأة والرجل ويكون قراره في الموضوع نهائياً) .
    الدكتور الترابي:
    (للرجل حق التأديب بالمعروف) .
    الأستاذ:
    (أعطت شريعة الفروع الرجل حق التأديب وأن هذا الوضع حكيم كل الحكمة عندما جاء في وقته في القرن السابع ولكنه ليس كلمة الدين الأخيرة ولقد نسخت هذه الآية آية الأصول (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة) .
    * أسقط القانون نفقة الزوجة الناشز ولم يراعي الناشز الحامل رغم أن حقها مقرر في المذاهب الأربعة، ولحل مسألة النشوز اقترح الطلاق بفدية أو عن طريق الخلع
    النتائج:-
    • قال كل من السيد المهدي والدكتور الترابي بحق الرجل في تأديب زوجته الناشز.
    • حرم الأستاذ هذا الحق وفقاً لآيات الأصول.
    • وقف القانون موقفاً وسطياً بإسقاط النفقة وهو موقف له عيوبه وحسناته.
    5) تعدد الزوجات:-
    السيد المهدي:
    أجاز التعدد متعللاً بطبيعة الرجل الأكثر عرضة للإثارة الجنسية حيث يقول "وهو أقل صبراً عليها، ونزعته لتجاوز العلاقة مع واحدة أكبر، وأن عمره الجنسي أطول من عمر المرأة، إذ أن هرموناته تبدأ من البلوغ وقد تستمر حتى نهايته بينما تتأثر هرمونات المرأة بسن اليأس، كما أن الرجل مهيأ للجنس في كل الأوقات بينما يتعطل استعداد المرأة في فترات الحيض والنفاس وبعض أشهر الحمل" .، وأََضاف أن من حق المرأة أن تضع في عقد الزواج شرطاً بعدم التزوج عليها.
    الدكتور الترابي:
    أتفق مع الصادق المهدي في جواز التعدد مع التشابه في المبررات التي أوضحها بالآتي: (الرجل تغنيه رجولته عن كثير زينه، وتطول خصوبته وشهوته ولذلك شرعت له فرصة زوجات أربع، لاسيما أن أمره يمتد ضعف الأنثى بينما تنقص هي ضعفاً أخر بالحيض والنفاس، لكنه أشد عرضة للشذوذ الجنسي والعدوان بالزنا على النساء اغتصاباً وإغراءاً، وهو دون ذلك أقل حياء وأفحش مغازلة وأسرق للنظر الحرام) .
    الأستاذ:-
    نبذ الأستاذ التعدد مشيراً إلى مرحلية الحكم بقوله: (جاءت السنة بتحديد العدل في قوله (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) فأصبح (العدل) قاصراً على العدل في القسمة متجاوزاً عن ميل القلوب، وقد جاءت السنة بهذا التقييد للتعدد من قوله تعالى (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم... فلا تميلوا كل الميل) وإنما تجاوز عن بعض الميل ليجعل شريعة التعدد ممكنة، وهي شريعة كانت ضرورية لذلك الوقت، والتجاوز عن بعض الميل أخذاً بأخف الضررين، وهو يستقيم في المرحلة ولا يستقيم عند التمام، وأن قوله (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) يصبح قولاً حاسماً في النهي عن التعدد، ذلك أن العدل في مستوى الأصل ينتقل من عدل القسمة إلى عدل الميل القلبي ولا مشاحة في أن القلب لن يعدل بين أثنين فلم يبقى إلا واحدة) .
    • أشار القانون السوداني إشارات فقط إلى جواز التعدد وعدم تقييده .
    النتائج:
    * منع الأستاذ التعدد مشابهاً بذلك القانون التونسي والذي يعاقب عليه بالحبس والغرامة.
    أجاز السيد المهدي والدكتور الترابي التعدد متعللين بالطبائع البيولوجية والنفسية للرجل والمرأة، وخطورة هذا التبرير تكمن في الآتي:-
    * يعد هذا التبرير اختزال للحياة الزوجية في بعدها الجنسي.
    * الشبق الجنسي والشذوذ الجنسي انحرافات علاجها بالطب النفسي وليس بالتعدد الذي يكرس للغريزة بدلاً من تهذيبها.
    * تجاوزت المبررات الفكرة الأساسية التي شرع لأجلها التعدد وهي القسط في اليتامى فنقلتها من بعدها الإنساني إلى بعدها الغريزي.
    إذا كان القرآن والسنة قد أوجدا حلاً للشباب الذي لم يستطيع الزواج بالباءة (والذي كان يقضي أكثر من خمسة عشر عاماً سعياً لتحسين أوضاعه الاقتصادية دون زوجة) بالعفة عن طريق الصوم وغض البصر وغيرهما من وسائل التربية السوية التي تحسن الغريزة فمن باب أولى أن يصبر المتزوج أسبوعاً أو أربعين يوماً على الأكثر وفاءاً لمؤسسة الأسرة على الأقل.
    الرجل وإن استمرت خصوبته لمدة أطول من المرأة فهي لا تستمر بذات قوتها بل تبدأ في الضعف تدريجياً مع التقدم في العمر كسائر أعضاء جسمه حتى تزول نهائياً ليصبح من (غير أولى الأربة من الرجال)، فإن كنا نطالب الشباب العازب بالصبر أفلا نطالب المتزوجين الشيب بالإخلاص للزوجة التي أفنت عمرها في خدمته وأبنائه إلى ما بعد سن اليأس؟
    6)الحجاب: قال تعالى: "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصناً لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم" سورة النور الآية 33
    السيد/ المهدي:
    المرأة المسلمة مطالبة باحتشام الزي وإخفاء المفاتن وإخفاء الزينة إلا ما ظهر منها في الوجه والكفين .
    الدكتور الترابي:
    ولا ينبغي لرجل أو امرأة أن ينكشف في ملبسه عن عورة أو يتعمد فتنة الآخر بمظهر أو حديث أو حركة مغرية، وذكر حديث أسماء بنت أبي بكر الشهير "يا أسماء أن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصح أن يرى منها إلا هذا وأشار إلى وجهه وكفه الطاهرة" (مرسل رواه أبو داود) .
    الأستاذ:
    ذكر أن الحجاب ليس أصلاً في الإسلام إنما هو عقوبة لإساءة استخدام حرية السفور مستخدماً الآية الآتية كمرجع (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فامسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً) فالفاحشة هنا ما دون الزنا وإلا فعقوبة الزنا معروفة (فامسكوهن في البيوت) عقوبة على سوء التصرف في حرية السفور فالحجاب قائم في الشريعة وليس في أصل الدين) كما ذكر أن التبرج دليل السطحية وخفة العقل ورقة الدين وأن السفور ليس غاية في ذاته إنما هو وسيلة الحرية واقترح زياً عبارة عن الفستان الساتر ما دون الركبة والثوب الأبيض غير الشفاف .
    النتائج:-
    • اشترك السيد المهدي والدكتور الترابي في رؤيتهم للحجاب (الزي الإسلامي) وهو الذي لا يظهر من المسلمة إلا الوجه والكفين.
    • أتي الأستاذ بفكرة غير معهودة بحديثه عن الحجاب باعتباره عقوبة لإساءة استخدام حرية السفور، وهي فكرة جديرة بالدراسة.
    ملخص الفصل:-
    • دعا المفكرون الثلاثة إلى تجديد النظرة إلى التشريع عن طريق (خطاب التأصيل الصحوي) لدى الصادق المهدي (وتجديد الفكر الإسلامي) لدى الترابي و (المناداة بشريعة الأصول) عند محمود محمد طه.
    • تحدث الثلاثة عن قضية المرأة وضرورة الأخذ بالاعتبار قضايا تطويرها حتى لا تستمد حريتها من أفكار أخرى خارج الدين.
    • اتفق الثلاثة على حق المرأة في الانتخاب والترشيح والاختلاط وحقها في التعليم والعمل وإن مارسوا شكلاً من الوصاية الفكرية في الموضوع الأخير.
    • رفع الأستاذ قيود الوصاية عن المرأة وساواها بالرجل داخل وخارج الأسرة ووافقه السيد المهدي في حق المرأة في الإمامة العامة والقضاء والولاية في الزواج وإمامة الصلاة وحق العصمة وساواها بالرجل في الشهادة والدية بينما ظلت قضية الميراث معلقة. واختلف معه في قوامة الرجل على المرأة وحق التأديب وتعدد الزوجات إذ قال السيد المهدي بقوامة الرجل وحقه في التأديب والتعدد.
    • التزم الدكتور الترابي اتجاه مفكري الحركة الإسلامية التقليدية مثل حسن البنا/ سيد قطب وأبو الأعلى المودودي وقال بقوامة الرجل على المرأة، وحقه في التأديب والتعدد وحق العصمة وحرم المرأة حقها في الولاية في الزواج، إمامة الصلاة والقضاء، الولاية العامة، الشهادة في المحاكم (وإن لم يقلها صراحة، لكنا وصلنا إليها عبر الاستقراء كما ذكرنا سابقاً) فبدا بذلك متأخراً حتى عن بعض رواد نفس المدرسة مثل الشيخ محمد الغزالي والدكتور يوسف القرضاوي وأبعد من ذلك بدا متأخراً حتى عن الإمام أبو حنيفة في بعض الأمور.
    • تحدث السيد المهدي والدكتور الترابي عن الحجاب المعروف الذي لا يظهر إلا الوجه والكفين بينما طرح الأستاذ فكرة الحجاب كعقوبة عن إساءة استخدام حرية السفور.
    • طرح الأستاذ منهجاً جديداً في الفكر الديني ساعده على أن يقف مع المواثيق الدولية التي تنادي بحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل.
    • يمكن أن نعد السيد الصادق من دعاة التيار الإسلامي الوسطي لمشابهته في الأفكار للإمام محمد الغزالي والذي عده الدكتور محمد عمارة رائداً لهذا التيار وهي خطوة محمودة باتجاه تطوير المرأة من داخل الدين.
    • لا يمكن أن نعد الدكتور الترابي من المجددين في قضايا المرأة طالما أنه أبدى تأخراً حتى عن التيار الوسطي والإمام أبو حنيفة ولزم التيار السلفي التقليدي في كثير من الأمور.
    خاتمة:-
    لقد عانى الباحثون في مجالات المرأة في المجتمعات الإسلامية من (مأزق الخطاب الديني) فإن تبني الباحثون قضايا المرأة دون الرجوع للدين، فغالباً ما يتهموا بالعلمانية ويفقد الخطاب رواجه وسط المتدينين، وإذ لجأوا إلى النصوص الدينية للحصول على براءة التحرير اتهموا بالرجعية فهم على طرفي طريق الاجتهاد من التقليدية أو الخروج عن الدين، وهذا ما انتهى بدعاة التحرر إلى مصائر غير مشجعة، فقد دفع الأستاذ محمود حياته ثمناً لأفكاره بينما سحبت شهادة الفقه الأزهرية من الإمام محمد عبده، وشهادة الفقه الزيتونية من الشيخ الطاهر الحداد التونسي وعندما حاولت باحثة مثل الأستاذة فاطمة احمد إبراهيم تبني مسألة المرأة من منظور ديني هاجمتها التيارات العلمانية بالردة الفكرية .
    يعاني الخطاب الفكري الإسلامي بصورة عامة من مشكلات يعزى إليها السبب في الانتكاسات المتكررة لمسيرة المرأة السودانية والتي لخصتها الدكتورة فاطمة بابكر في معرض حديثها عن قوانين سبتمبر (بدأ التساؤل عن معنى ومبررات مساواة المرأة يطل من جديد وكأنه بدعة ورجع الناس يناقشون من الأساس قضايا مثل عقلانية المرأة وإمكانية تعليمها في كل الحقول وجواز خروجها للعمل أو عدمه حسب التفسيرات الإسلامية المختلفة، كما أحدثت تلك القوانين عتمة كاملة في حياة المرأة السودانية وابتدعت تهمة الشروع في الزنا لإذلال النساء ومحاكمتهن... الخ) فما هي المعوقات الفكرية التي تتسبب في مثل هذه الانتكاسات؟ لخصها الأستاذ صلاح الجروشي في نقاط جديرة بالتحدث عنها، أهمها:-
    * الخوف العام من اندماج المرأة في الحياة العامة، الشيء الذي يدفعهم إلى وضع مزيد من الضوابط الفقهية لتقييد حركتها كما يركز الخطاب على واجباتها تجاه زوجها وأسرتها بصورة أكبر من حقوقها الخاصة وكيفية المطالبة بها.
    * تركيز الخطاب الحركي على الشكل يحوله إلى هاجس أو عقدة تكون السبب في العلاقات غير السوية في المجتمع.
    * يكاد هذا الفكر يكون دائرياً، يعيد إنتاج مقولاته وإدارة معاركه بنفس الوسائل القديمة وكلما أشرفت إحدى مراحله على النضج والتجاوز، طلع عليها من نفس المدرسة من يحاول جرها إلى المواقع السابقة.
    * الجدال حول النصوص بدل أن يتنزل إلى الحياة الاجتماعية ينتقل إلى جدال فقهي.
    • وقد أدت هذه المعوقات إلى ضياع الكثير من الحقوق والكثير جداً من الوقت رغم وجود الدعاة المتقدمين والذين أوردنا أمثلة منهم في هذا البحث، فالسودان لم يوقع على اتفاقية سيداو متعللاً بالدين رغم أن السيد الصادق المهدي أقر بمطابقتها للشريعة الإسلامية ، كما أن قانون الأحوال الشخصية ظل المربع المحرم عن التطوير رغم مناداة الأستاذ بتطويره منذ نشأة حركته ، يقول في ذلك الدكتور عبد الله النعيم (أما قوانين الأحوال الشخصية والمواريث فقد بقيت أقل الدوائر تأثراً بالمؤثرات الأجنبية تحكمها الشريعة في كافة أنحاء العالم الإسلامي مع السماح ببعض المتغيرات) كما ذكر أ. صلاح الجروشي (أنه لم يحدث أن سجل في تاريخ الحركات الإسلامية أن بادر بعضها في بلد من البلدان الإسلامية وشن حملة قوية من أجل إدخال إصلاحات على قوانين الأحوال الشخصية وتعزيز وضع المرأة في المجتمع .
    • من هذا نخلص إلى أن الاختلافات الفقهية حدثت منذ عهد الرسول (ص) وفي حياته وبعد مماته حتى ظهرت المذاهب الثمانية بعد اتساع رقعة الدولة الإسلامية والتزم عامة الناس المذاهب الأربعة المعروفة والتي في داخلها مذاهب كثيرة وانشقاقات فكرية وأن الخلافات رحمة بالمسلمين تحسب لصالحهم مزيداً من الحرية لا مزيداً من التقييد طالما أن الأصل في الأشياء الإباحة وليس التحريم.
    المراجع:-
    (مرتبة حسب ورودها في الورقة)
    1. محمد حسين هيكل- حياة محمد، الطبعة الثالثة عشر، مطبعة السنة المحمدية، القاهرة 1968م.
    2. د. احمد محمد الحوفي، الحياة العربية من الشعر الجاهلي، الطبعة الخامسة، دار القلم بيروت 1972م.
    3. د. صلاح عمر الصادق، نساء حكمن السودان قديماً، مكتبة الشريف الأكاديمية، 2002م.
    4. مركز الدراسات السودانية، كتابات سودانية العدد، العدد التاسع عشر.
    5. د. مختار عجوبة، المرأة السودانية إشراقات الماضي وظلماته، الطبعة الأولى، مركز محمد عمر بشير، 2002م.
    6. مركز الدراسات السودانية، كتابات سودانية الأعداد: السابع، الثالث عشر، السادس.
    7. فاطمة احمد إبراهيم، طريقنا للتحرر، مطبعة سودان ليمتد.
    8. د. فاطمة بابكر محمود، المرأة بين الإرث والحداثة، دار كيمبردج للنشر.
    9. جمعية بابكر بدري العلمية، سلسلة كتيبات المرأة والقانون والتنمية، المرأة وقوانين العمل.
    10. مؤسسة فردريش ايبرت، مرشد العمل في القضايا الجندرية، الأردن،عمان.
    11. عواطف عبد الماجد، رؤية تأصيلية لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، مركز دراسات المرأة.
    12. علي أحمد المحامي، المرأة في قانون الأحوال الشخصية 1991- .
    13. مركز الدراسات السودانية، مذكرات الإمام عبد الرحمن المهدي، القاهرة، 1996م.
    14. بروفسير يوسف فضل (تحرير)، مداولات الندوة العلمية للاحتفال بالذكرى المئوية.
    15. حياة الإمام الراحل، شركة الطبع والنشر، الخرطوم.
    16. الصادق المهدي، جدلية الأصل والعصر، دار الشماشة، 2001م.
    17. الصادق المهدي، المرأة وحقوقها في الإسلام، منشورات الأمة.
    18. حسن عبد الله الترابي، الحركة الإسلامية في السودان، معهد البحوث والدراسات الاجتماعية، الطبعة الثانية 1992م.
    19- حسن عبد الله الترابي، تجديد الفكر الإسلامي، جمعية الهدى القرآني، مطبعة إيمان، الخرطوم 1998م.
    20- موقع الأخوان الجمهوريون على الإنترنت http:// alfikra- org/ biography/ index.htm
    منشورات الأخوان الجمهوريون:
    21- المرأة والإنسان.
    22- عام المرأة العالمي 1975م.
    23- الزي عنوان عقل المرأة وخلقها.
    24- الواجبات قبل الحقوق.
    25- الاختلاط بين الشريعة والدين.
    26- بيت الطاعة المشكلة والحل.
    27- قانون وقضاة الأحوال الشخصية قصور عن الشريعة وتخلف عن العصر.
    28- اتحاد نساء السودان وقضية المرأة.
    29- المرأة في أصول القرآن.
    30- المرأة مكانها البيت؟
    31- حقوق المرأة في الدين، الشريعة، الفقه.
    32- المرأة والتدين.
    33- الأستاذ يحدث النساء في حقوقهن.
    34- تعدد الزوجات ليس أصلاً في الإسلام.
    35- الطلاق ليس أصلاً في الإسلام.
    36- المرأة والدعوة إلى الدين.
    37- ماذا حققت المرأة في عام المرأة 1975؟
    38- المرأة ليست عدوة للرجل، الجهل عدوهما معاً.
    39- أضواء على شريعة الأحوال الشخصية.
    40- لماذا وكيف خرجت المرأة الجمهورية للدعوة للدين؟.
    41- عمر القراي، حقوق المرأة بين المواثيق الدولية والإسلام السياسي، مركز القاهرة لحقوق الإنسان، مناظرات حقوق الإنسان (6).
    42- د. حسن عبد الله الترابي، المرأة بين الأصول والتقاليد، مركز دراسات المرأة، 2000م.
    43- محمود محمد طه، الرسالة الثانية، الطبعة الخامسة.
    44- محمود محمد طه، تطوير شريعة الأحوال الشخصية.
    45- مجلة الثقافة العالمية العدد 116.
    46- Self Mastery Through Conscious Auto Suggestion- Emile Coue
    47- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، مجلة رواق عربي العدد الخامس عشر والسادس عشر.
    48- أبو الأعلى المودودي، تدوين الدستور الإسلامي.
    49- معوض سرحان، الأحوال الشخصية، مطابع رمسيس، الإسكندرية، الطبعة الأولى، 1953م.
    50- الأخوان الجمهوريون- خطوة نحو الزواج في الإسلام.
    51- مركز الدراسات السودانية، كتابات سودانية، العدد الخامس عشر.
                  

11-03-2008, 02:39 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    مآزق الفكر الاسلامى ...المواطنة نموذجا *

    د . ناهد محمد الحسن على فضل

    عند صدور الاعلان العالمى لحقوق الانسان عام 1948 والذى يؤسس للحقوق الفردية على خلفية فلسفية علمانية , وجد الفكر الاسلامى نفسه امام تحديات جديدة , استلزمت الكثير من المراجعات لخلق صياغة حقوقية من منظور اسلامى . والسودان كقطر متعدد الاعراق والثقافات خاض تجربة الاحادية السياسية وانتهى الى ازمة فكر وممارسة جعلت الحاجة لايجاد حلول لقضية المواطنة هى معركة حياة او موت, فالبنادق لازالت مصوبة ولااحد يرضى ان يكون مواطنا من الدرجة الثانية فى وطنه فماذا قدمت مدرسة عبد الحى يوسف حلا لازمة المرأة والاقليات*(1) ؟
    فى الورقة التى قدمها د. عبد الله على ابراهيم , يقف د . عبد الحى عند احكام اهل الذمة فى الاسلام كحل لمشكلة الاقليات, اما المرأة فلازالت رهينة المفهوم التقليدى للقوامة وبالتالى قضايا الميراث وضرب الزوجة وتعدد الزوجات والطلاق لازالت قضايا تحكمها السلطة التأويلية للنص يدور حولها المجتهدون واكن لااحد يجرؤ على المساس بالارث المقدس , فيبدو الاسلام بصياغته التقليدية متأخرا عن المد الحضارى الجديد ,وان دام الحال على هذا الانكفاء فسرعان ما سنغدو خارج التاريخ ...!
    والحقيقة ان هذه الدراسة ليس من شأنها تلبس حالة المحنة التى يمر بها الفكر الاسلامى وبالتالى لن تتورط فى المعركة التقليدية التى تتسلح بالنص فى مواجهة الآخر وستقف ما استطاعت خارج هذه المحنة لالقاء الضوء على التناقضات والاشكالات التى يسقطنا فيها هذا النوع من الصراع , والذى راكم الازمات والاختناقات حول الشعوب الاسلامية , ومن هنا ستركز الدراسة على الشق الثانى من الخطاب الدينى ( المرسل اليه ) ,الفرد الذى يقوم بتوظيف النص وفقا لرؤاه الخاصة . يقول الد . حيدر ان الاشكالية التى تواجه المشروع او اليوتوبيا هى الفجوة الدائمة بين النظرية والتطبيق , حتى الدين لم يكن استثناء : التعاليم الدينية كما جاء بها الانبياء والرسل وكيف مارسها المخاطبون حتى اشدهم ايمانا ؟(2 )
    واذا كان اى دين له القابلية عند تحويله الى ممارسة , لمفارقة مقاصده الاساسية , فعلينا ان لانستجيب الى اكذوبة ان الازمة فى السودان هى ازمة تطبيق للدين بصورته الصحيحة , ليفرض علينا البعض صياغة مشروع دينى من رؤاهم الخاصة فنعيد انتاج الفشل الذى تغرق فيه الدول الاسلامية وحالة السودان ( الانقاذية )هى الرد الفاشل لهذا النوع من الاقتراحات . وان كانت ازمتنا ازمة تطبيق دين فما هو سر رفاه اوروبا العلمانية ؟!
    وعليه تقسم هذه الدراسة ( المرسل اليه ) الى نخب فكرية تصوغ المناهج وتقرر الممارسات للعامة التى تشكل الغالبية العظمى من المرسل اليهم وقد اجاد الد . مصطفى حجازى فى كتابيه ( مدخل الى سيكولوحية الانسان المقهور ) , و ( الانسان المهدور ) فى تحليل البنية النفسية العامة للتخلف , وقد خرجت هذه الدراسة بأن القهر الواقع على الفرد فى شعوبنا المتخلفة سواء اكان قهر الظروف المعيشية التى تشيع حالة من الفقر والجوع والمرض والامية او قهر الانظمة الشمولية الاستبدادية , فان العامة فى استكانتها تعادى نفسها وتقف ضد رفاهيتها وهى توظف العنف الواقع عليها ضد المرأة والآخر . وقد اوضح أ . هاجن فى دراسته عن علم اجتماع التنمية ان هنالك محكات للتخلف منها : انتقال العلوم بصورة جامدة اجمالا ( 3) ,وهذا ربما يفسر علو المد السلفى عموما فى المجتمع السودانى . فالفرد المقهور ليحمى ذاته ويخلق توازنه النفسى يبحث عن قيمة لحياته كرد على كرامته التى اهدرها القهر وينكفئ على ذاته وجماعته فتعلو العصبية . وكبداية لايقاف النزيف الدموى علينا ان نسأل سؤال امين معلوف : اين ينتهى التأكيد المشروع للهوية واين يبدأ انتهاك حقوق الآخرين ؟ (4 )

    النخب المفكرة :
    اما المفكرون فهم يجدون انفسهم فى مواجهة تحديات الحداثة والانفتاح على العالم , فتتباين ردود الفعل النفسى من الانغلاق الى التماهى مع الآخر وسنأخذ مثلا على هذا ردود الفعل ازاء مواثيق حقوق الانسان والتى ارى انها تاخذ اشكالا نفسية متعددة اهمها الانكار وحل المشكلات .
    اولا الانكار:
    وفى هذه الحالة ينكر المفكر مواثيق حقوق الانسان كمرجعية , ليفرض تاويله للنص الدينى كعدالة واجبة متجاهلا ان العدالة ليست هى ما تفرضه على الآخر من وجهة نظرك , بل هى حالة نفسية يشعر فيها الفرد انه تم انصافه ومن هذا المنطلق لايمكن ان نقنع النساء بوجود اتفاقية سيداو, ان الضرب وتعدد الزوجات واستبداد الرجل بحق الطلاق ونصف الرجل فى الميراث هى العدالة التى يريدها لها الاسلام , ومع وجود مواثيق حماية حقوق الاقليات وحق تقرير المصير لايمكن ان يرضى الاقليات باحكام اهل الذمة .
    تعتبر عبارة عامل الناس كما تحب ان يعاملوك جزءا من كل تراث اخلاقى عظيم نجدها واضحة فى الكونفوشية والتاوية والهندوسية والبوذية والذرادشتية واليهودية والمسيحية والاسلام ( 5 ). فكيف يحب ان يعامل الذين يقللون من مواطنة الآخر اذا كانوا هم اقلية ؟ والتظاهرات الاسلامية فى العالم الاوروبى والاسلامى لمنع الحجاب فى فرنسا مثلا هى اجابة على هذا السؤال .ولنواصل مسلسل ازدواجية المعايير هذا الى آخره . فان كنا نحتمى بسلطة النص كمبرر لقهر الآخر , فلم ننكر على الاسرائيليين قهرهم للشعب الفلسطينى فهم عندما يفعلون ذلك انما يختفون خلف نصوصهم التوراتية , يقول موشى ديان : اذا كنا نملك التوراة ونعتبر انفسنا شعب التوراة , فمن الواجب علينا ان نمتلك كل الاراضى المنصوص عليها فى التوراة ) ( 6 ) , وفى سفر يشوع والتثنية نصوص تتحدث عن عمليات تطهير عرقى اتخذها اليهود كمبررات لمذابح صبرا وشاتيلا ودير ياسين , ومن ذلك ( وهكذا هاجم يشوع كل ارض الجبل والمناطق السهلية والسفح ودمرها وقتل كل ملوكها , ولم يفلت منهم ناج بل قضى على كل حى كما امر الرب اله اسرائيل ) ( 7 )
    الاصولية كمدرسة لهاخوفها من الآخر الذى يدفعها الى التحفظ والانكفاء . يقول الشيخ محمد الغزالى : احصيت اكثر من مائة آية تتضمن حرية التدين وتقيم صروح الايمان على الاقتناع الذاتى وتقصى الاكراه عن طريق البلاغ المبين ) ( 8 ) . ومع هذا يسن البعض حد الردة مع توسيع دائرة المحرمات بعبارة انكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة ! ولم يبالغ البعض فى وضع احكام تقيدية للمرأة ؟ يقول أ. صلاح الجورشى : ان الحركات الاسلامية لديها خوف عام من اندماج المرأة فى الحياة العامة ( 9 ) فهل هو الخوف الذى يجعل تلك التيارات تقف موقفا صارما من المواثيق الدولية لحقوق الانسان ؟
    يقول ابن الاثير : ان قبائل من قريش تداعت الى حلف , فتحالفوا فى دار عبد الله بن جدعان لشرفه وسنه , تعاقدوا على ان لايجدوا بمكة مظلوما من اهلها او من غيرهم , ممن دخلها من سائر الناس الا قاموا معه , وكانوا على من ظلمه حتى ترد مظلمته . وقد شهد النبى ( ص )ذلك الحلف فقال حين ارسله الله تعالى ( لقد شهدت مع عمومتى حلفا لو دعيت به فى الاسلام لاجبت ) ويعتبر بعض المفكرين ( حلف الفضول ) اول جمعية حقوقية للانسان فى العالم ( 10 ) وواضح ان الرسول لم ينكر على اسلامه الدخول فى مواثيق حقوقية انسانية اخرى .
    ( 2 ) طريقة حل المشكلات :
    وهى طريقتين , الاولى تؤمن بالقيمة العالية لحقوق الانسان فتحاول ان توطن لها فى الثقافات المحلية وبالطبع الدين احد عناصر هذه الثقافة , ودعا هؤلاءلايجاد منهج لدعم هذا الاتجاه (11 ) .
    والطريقة الثانية تقدم قراءة منهجية للنص الدينى وهذه الاجتهادات ولد بعضها حتى قبل الاعلان العالمى لحقوق الانسان .وقد قدم الاستاذ محمود محمد طه منهجا متكاملا موظفا الظاهرة الثنائية فى القرآن والناسخ والمنسوخ والظرفية التاريخية لخدمة مقاصد الشريعة السامية كالعدل والحرية والمساواة . وهو الذى يقول الحرية لنا ولسوانا , ولااحد من الكمال بحيث يؤتمن على حريات الآخرين . وقد قام آخرون باجتهادات فى قضايا محددة امثال الدكتور الترابى والشيخ محمد عبده والشييخ الطاهر الحداد قوبلت جميعها بالتكفير . اعدم بسببها الاستاذ محمود محمد طه ,واصدرت لجنة علماء المسلمين بيانا تكقيريا للترابى , كما سحبت شهادة الفقه الازهرية من الامام محمد عبده وشهادة الفقه الزيتونية من الامام الطاهر الحداد التونسى ,
    وهكذا ستظل الحركات الاصولية تجرنا الى ما يعرف بمعركة النصوص, وهى دائرة مغلقة كلما ظننا اننا قاربنا الخروج منها انزلقنا الى مرحلة اشد انغلاقا وهكذا بدل ان يتنزل الصراع حول النصوص الى واقع معاش يتحول كما يقول الجورشى الى جدال فقهى ( 12 ), وهكذا تظل القضايا الملحة والمعيقة للتقدم معلقة .
    ختاما :
    تعتبر قضية المواطنة من القضايا المقوتة ان لم تسارع الحكومات الى ايجاد حلا لها فستطيح بالسلام داخل تلك الدول , يقول الفا كوما كونارى رئيس جمهورية مالى 1993 : مادام ان هنالك حضارة تمارس قهرا سياسيا وفكريا واخلاقيا على غيرها من الحضارات بدعوى ان الطبيعة اختصتها بمميزات خاصة فما من امل فى حلول السلام على البشرية , فانكار الخصائص الثقافية لشعب من الشعوب يعد نفيا لكرامته ) ( 13 ). من هنا يتضح انه لايوجد حل لقضية الاقليات الا عبر الدولة المدنية التى تحترم كل الطوائف وتساوى بينهم فى الحقوق على اساس المواطنة , باعتبار ان الدولة الثيوقراطية لايمكن ان تكون دولة ديموقراطية ( 14 ) .
    يقول المهاتما غاندى : لااريد لدارى ان تحيط به الاسوار من كل جوانبه وان تسد نوافذه . اريد ثقافة البلاد كلها ان تهب على دارى بحرية تامة , لكن ارفض ان تقتلعنى احداها من الارض ) ( 15 ) .


    المراجع :
    *(1) وفقا للموسوعة البريطانية الجديدة تعرف الاقلية على انها :مجموعة متميزة ثقافيا او اثنيا او عرقيا تعيش ضمن مجتمع اكبر . وهذا المصطلح حين يستخدم يحمل داخله شبكة من الآثار ااسياسية والاجتماعية .
    (2) د . حيدر ابراهيم على .ورقة : المشروع الحضارى فى السودان . ورشة عمل قضايا واشكالات الدولة الاسلامية المعاصرة ( الحالة السودانية ). قاعة الشارقة 15 _16 اغسطس 2006 .
    (3) د مصطفى حجازى . التخلف الاجتماعى مدخل الى سيكولوجية الانسان المقهور.ص 27 معهد الانماء العربى . الطبعة السابعة .1998 .
    (4) امين معلوف . الهويات القاتلة .
    (5) التنوع البشرى الخلاق .تقرير اللجنة العالمية للثقافة والتنمية الطبعةالعربية 1997 ص 36 .
    (6) روجيه جارودى .الاساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية .دار الشروق الطبعة الثانية 1998 .ص 73 .
    (7) سفر يشوع .10 : 28 – 40 . جارودى المصدر السابق .
    (8) غانم جواد واخرون . الحق قديم وثائق حقوق الانسان فى الثقافة الاسلامية . مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان ص 23 .
    (9) رواق عربى .مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان (15) _ (16) 1999 ص 20 .
    (10) غانم جواد واخرون . الحق قديم وثائق حقوق الانسان فى الثقافة الاسلامية .مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان . ص 25 .

    (11) راجع اوراق ندوة الابعاد الثقافية لحقوق الانسان فى الوطن العربى .

    (12) رواق عربى مصدر سابق

    (13) التنوع البشرى الخلاق ص 53 مصدر سابق.

    (14) د . حيدر ابراهيم على . الحركات الاسلامية والديموقراطية. كتاب فى ندوة . منتدى حق الاسبوعى .

    (15) التنوع البشرى ص 75 مصدر سابق .
                  

11-03-2008, 02:41 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)





    ندوة المرأة فى الحياة العامة





    ورقة :
    وضع المرأة فى الدراسات والمدارس الفكرية الاسلامية ..
    ( حالة السودان )



    د. ناهد محمد الحسن على









    فهرس:

    الموضوع رقم الصفحة
    المقدمة 1
    الفصل الاول 3
    المرأة فى الدراسات والمدارس الاقصائية 3
    عرض نقدى لكتاب رؤية تأصيلية لاتفاقية القضاء على كافة اشكال التمييز ضد المرأة 4
    الفصل الثانى 8
    المرأة فى الدراسات والمدارس التجديدية 8
    ما هو التجديد ؟ 8
    المنهج الفكرى والعلاقة بالمرأة:
    السيد الصادق المهدى:
    المنهج الفكرى 10
    العلاقة بالمرأة 10
    الدكتور الترابى :
    المنهج الفكرى 10
    العلاقة بالمرأة 10
    الاستاذ محمود محمد طه 11
    المنهج الفكرى 11
    العلاقة بالمرأة 11
    الاستاذ طه ابراهيم 11
    المنهج الفكرى 11
    العلاقة بالمرأة 12
    اوجه التقارب الفكرى 12
    اوجه التباين الفكرى 14
    النتائج 15
    الخاتمة 15
    مراجع واحالات 16-19



    عرض نقدى لاوضاع المرأة فى الدراسات والمدارس الفكريّة الاسلامية - ( حالة السودان)

    د . ناهد محمد الحسن على فضل
    مقدمة :
    رغم كل نضالات الحركة النسويّة المريرة فى السودان ظلّت اتفاقية ( سيداو ) حلما بعيد المنال , كلما ظننّا انّّنا قاربناه , وجدنا انفسنا عند اعلى نقطة فى منحنى انتكاسة جديدة , مرورا بكل الدساتير السودانية حتى بروتوكولات نيفاشا مؤخرا , وهذا بالضبط ما يجعلنا رهن المربع الاول , الذى نصّت عليه مجددا الفقرة 6-6 فى بروتوكولات نيفاشا , والتى جعلت كل الامور المتعلقة بالافراد والاسرة بما فيها الزواج والطلاق والميراث والتركة والبنوة , تخضع لقوانين الاحوال الشخصية المستمدّة من الشريعة او القوانين الدينية الاخرى او العادات والتقاليد .(1) ويعتبر هذا البند اقرارا جديدا باستمرار السلطة الدينية السلفية فى حراسة المرأة من التطور والتجديد . خصوصا وان السودان قد منى بانتكاسات خطيرة لاوضاع المرأة فى ظل الشمولية الدينية بعد قوانين سبتمبر 1983 –1985 , وصعود جماعة الاسلام السياسى الى سدة الحكم فى عهد ثورة الانقاذ الوطنى 1989 – الى يومنا هذا. وقد كانت هذه الممارسات محروسة بفكر دينى صارم , يؤسّس لدونية المرأة من داخل الدين , ويحمل سيف الارهاب الفكرى والتكفيرى فى وجه كل من يدعو الى تجديد , واخر ضحاياها الدكتور حسن الترابى المؤسس النظرى للحزب الحاكم ! والذى اتهمه تلاميذه بالردة والمروق بعد فتاواه الاخيرة التى جوّزت امامة المرأة وزواجها بالكتابى . وماأزمة الحركة الاسلامية الراهنة الّا نتاج فكر تربوى مأزوم , وجد نفسه امام واقع مجتمعى يتخطى قدراته التحليلية , وهو أسير الرؤية السلفية للنص فى قطر تتعدّد فيه الاعراق والثقافات والاديان . لم تنجح فيه الحلول الجهادية فى حسم مشكلة الاخر , كما تطلعت فيه المرأة فى ظل العولمة وانتشار مفاهيم وقيم حقوق الانسان الى واقع أفضل . والحقيقة ان المحمدة الوحيدة لصعود جماعات الاسلام السياسى الى الحكم , هى فضح القصور النظرى للفكر الاسلامى وصعوبة انزاله الى واقع متغير باستمرار. بالاضافة الى قطع الطريق على الجماعات السلفية التى تدّعى ان فشل التجربة الاسلامية ,هو فشل التطبيق لافشل النظرية . وهنا يقول الدكتور حسين رحال : يغدو الخطاب الغارق فى مفاهيم ورؤى وتجارب تاريخية تعود الى ماقبل القرن السادس عشر الميلادى خطابا متقادما , غير فعال لايستطيع مغادرة ثنائياته (كدار الاسلام ) , (دار الحرب) , (المجتمع الاسلامى ), (المجتمع الجاهلى), ( مؤمن ), ( كافر ), أو تعميماته كالاسلام هو الحل وتطبيق الشريعة فى عصر انفتاح العلوم والمعارف بعضها على بعض وعلى احتمالات لاحصر لها.(2) فما هى انعكاسات الخطاب الفكرى الاسلامى السودانى على اوضاع المرأة فى المجتمع (سلبا وايجابا) ؟.
    • تقوم هذه الدراسة بعرض وتحليل موجز لاهم الدراسات والبحوث التى تناولت المرأة وحقوقها الاقتصاديةوالاجتماعية والسياسية فى الخطاب الفكرى الاسلامى السودانى (الاقصائى), و( التجديدى).
    تم ّاختيار هذه البحوث وفقا لمعايير محدّدة :
    1- الثقل السياسى والتأثير الايديولوجى على قطاعات واسعة من الشعب السودانى ومن ذلك كتابات الدكتور حسن الترابى , الامين العام للمؤتمر الشعبى ( الجبهة الاسلاميةالقومية سابقا ), والسيد الصادق المهدى الامين العام لحزب الامّة ذو القاعدة الجماهيرية العريضة .
    2- وجود بعضهم فى السلطة او قريبا منها فى وقت من الاوقات , مما يساعد على الامتحان العملى للفكر .
    3- بعضهم يعتبر المنظر الفكرى الاساسى وقائد لاحزاب سياسية , مما يسهل دراسة اوضاع المرأة داخل هذه الاحزاب والى اى مدى اسهم هذا الفكر فى تمكين اوضاع المرأة الحزبية والسياسية .
    4- أتى بعضهم بطرح فكرى جديد من داخل الدين , اتفق مع المواثيق الدولية لحقوق الانسان .
    5- انتهى بعضهم الى مصائر غير مشجعة بسبب اطروحاتهم التجديدية , ومن ذلك اعدام الاستاذ محمود بالردّة , وتكفير الدكتور الترابى ببيان صاغته هيئة علماءالسودان. وهى ردود فعل غريبة على بلد لم يعرف مؤسسات اسلامية مركزية.
    6- بعض هذه الدراسات , تقوم بدراسة مقارنة لهذه المدارس. كما هنالك دراسات تناقش اوضاع المرأة فى ظل الاصولية الدينية الحاكمة , والتى كان الدكتور الترابى راعيها الفكرى .
    7- تعكس بعض هذه الدراسات كيف تستبطن المرأة الموقف الرجولى وتفرزه.

    • تتناول هذه الدراسة ايضا اشكالات هذه الدراسات من منظور المنهج الفكرى المتبع ومدى تجاوبها مع اولويات الحقوق النسوية المطروحة فى العالم الاسلامى . والى اى مدى غطت احتياجات المرأة السودانية وأثّرت فى حياتها الواقعية والعملية ..







    الفصل الاول

    المرأة فى الدراسات والمدارس الاقصائية :

    تميل المدارس السلفية الاسلامية فى معالجة قضايا المرأةالى وضع مزيد من القيود والضوابط الفقهية على حركتها , وهذا الخطاب فى السودان يأتى غالبا على يد الدعاة والوعاظ فى المساجد حيث نجد لجماعة انصار السنة المحمدية ما يقرب من الثلاثة الاف مسجد فى السودان. وقد وجهت بعض الجهات الدعوية السلفية نشاطها نحو كفالة الايتام والارامل فى برامج دعوية منظمة تستمر فى دعم الاسر المحتاجة ما واظبت على حضور حلقات الدرس , والالتزام ببرامج المنظمة الدعوية ومنها منظمة سلسبيل لكفالة الايتام(3) . ولما كان السودان لم يعرف الاسلام المدرسى الامع حملة الغزو التركى المصرى , فقد انتشر الاسلام فيه على يد الطرق الصوفية , غير ان المجتمع السودانى مع ظاهرة الاغتراب الى السعودية فى الاعوام السابقة بدأت تظهر عليه الملامح السلفية ومع نشأة وانتشار الجماعات السلفية اتجهت بعض النسوة الى ارتداء النقاب المشهد الذى لم يكن مألوفا فى السودان قبل نصف قرن . ولان هذه التيارات الاصولية تقف مع نظيراتها فى الدول الاسلامية موقف فقهاء السلف الاوائل دون مراعاة لتطور الحياة , لذلك معظم الكتب هى فى شكل فتاوى تعتمد على ما مضى من رؤى فقهية ومن ذلك كتاب الدكتور عبد الحى يوسف ( فتاوى النساء ). بالاضافة الى ذلك تبث هذه الجماعات فكرها عبر البرامج الاذاعية والتلفزيونية ومنها برنامج (وجه النهار ), الذى بث منه التلفزيون السودانى الكثير من الحلقات .كما تقوم هذه الجماعات بمجابهة التيار التقدمى فى السودان بالفتاوى , ومن ذلك موقف الدكتور عبد الحى يوسف من الختان , فقد افتى بشرعية ختان الاناث , مستغلا قاعدته الشعبية ,مما صعب الامر علينا فى مكافحة هذه العادة الضارة.( 4).
    لكل هذا ليست هنالك دراسات بعينها لفكر هذه الجماعات , واغلب الدراسات التى تقوم بدراسات نقدية لهذا الفكر , تجد نفسها امام ابن تيمية مباشرة . لذلك سأتجاهل المدرسة السلفية التقليدية باعتبار ان مناقشة افكار ابن تيمية ومناهجه ليست موضوع هذه الدراسة .وساعرض فقط الدراسات التى قامت ينقد منهجى لهذه المدارس ومنها :
    1. ورقة الدكتور عبد الله على ابراهيم ( الحركات الاسلامية الجديدة فى السودان ومفهوم المواطنة ) (5), والتى ناقش فيها اهمية الدين فى الحياة وضرورة التحديث من داخل الدين لتقديم حلول للقضايا الملحّة , كقضية المرأة والاقليات والمواطنة , وكيف ان الفكر السلفى يقصّر عن تقديم حلول لهذه القضايا .
    2. دراسة الدكتور عمر القراى بعنوان (الفكر الاسلامى وقضية المرأة ) (6), وهى دراسة مقارنة تناول فيها اوضاع المرأ ة فى الفكر السلفى وفكر التيارات الاسلامية الحديثة وفكر رواد النهضة والاصلاح والفكر الجمهورى . معتمدا قضايا القوامة والحقوق السياسية والحقوق الاجتماعية والزواج والحجاب , بالاضافة للحقوق القانونية والاقتصادية للمرأة .
    • كما ان هنالك دراسات تركز على جانب او اكثرمن قضايا المرأة , واقوم هنا بتصنيفها ضمن الخطاب الاقصائى لانها تصدر من الموقف التقليدى الذى يركز على واجبات المرأة تجاه اسرتها وزوجها ( الادوار النمطية ) , دون التوعية بحقوقها , الشىء الذى يجعلها تتأخر عن تقديم اجابة شافية لاوضاع المرأة المسلمة فى تحديات واقع جديد ومن ذلك :
    1. دراسة د/ عائشة الغبشاوى ( نظام الاسرة فى الاسلام )(7).
    2. رسالة الدكتوراة للدكتورة نفيسة ابراهيم ياجى عن ( الزواج وفرق الزواج فى الاسلام )(8), وهى دراسة تقوم برصد وتجميع اراء الفقهاء القدامى فى الزواج والطلاق واعادة انتاجها .
    • هنالك دراسات تنتمى لمدارس اسلامية على درب الحداثة والتجديد الدينى , وتشكل هى الصوت المحافظ داخل هذه المدارس ومنها دراسة الاستاذة عواطف عبد الماجد ابراهيم , بعنوان (رؤية تأصيلية لاتفاقية القضاء على كافة اشكال التمييز ضد المرأة )(9) وهى الدراسة التى سأعرضها كنموذج للخطاب الاقصائى دون غيرها وذلك لعدة اسباب
    1. كاتبة هذه الدراسة ( امرأة ) تقف ضد اتفاقية سيداو باعتبارها ضد الشريعة الاسلامية , وان الدين الاسلامى اعطى المرأة ماهى بحاجته من حقوق .. وهذا موقف يكشف لنا خطورة الاستلاب الذكورى للوعى النسائى .
    2. تشكل هذه الدراسة نموذجا لردود فعل المدارس التى تدعى الحداثة تجاه مواثيق حقوق الانسان وحقوق المرأة على وجه الخصوص , كما تعكس تناقضات الفكر الاسلامى .
    3. هذه الدراسة شاملة لكافة الجوانب الحقوقية التى تعتبر موضع خلاف بين الفقهاء . كما انها تشكل رأى غالبية التيارات الاسلامية المحافظة .
    4. تمثل هذه الدراسة التى تنتمى الى مدرسة الجبهة القومية الاسلامية الموقف الايديولوجى الرسمى لحكومة الانقاذ من اتفاقية سيداو .

    عرض نقدى لكتاب ( رؤية تأصيلية لاتفاقية القضاء على كافة اشكال التمييز ضد المرأة )
    جاءت الدراسة فى ثلاثة فصول, الفصل الاول عبارة عن نبذة تاريخية عن معاهدات حقوق المرأة , والفصل الثانى موقف الاسلام من مواد الاتفاقية . ثم الفصل الثالث الذى يشكل المنطلقات الفكرية لهذه الدراسة , وهو يتحدث عن الاهداف غير المعلنة للاتفاقية , حيث ترى الباحثة ان اتفاقية سيداو هى مؤامرة صهيونية , امريكية , امبريالية_ تستهدف تحرير المرأة من الادوار النمطية ( زوجة وام ) لتفكيك نظام الاسرة فى الاسلام والغاء الامومة وتقليل عدد السكان( رغم ان الباحثة ذكرت فيما ذكرت ان امريكا واسرائيل لديهم تحفظ على بعض بنود الاتفاقية ! ).وقد اوردت لذلك بعض الاقتباسات منها هذا الاقتباس من كتاب نساء العالم 1995 ص19 ( ان تقليل الخصوبةاحد نتائج المساواة بين الجنسين , فالنساء العاملات خارج المنزل اكثر تحكما فى خصوبتهن لان الرجال لايساهمون معهن فى العمل المنزلى ورعاية الطفل , وبسبب تدنى الخدمات الاجتماعية , تقضى المرأة فى سن الخصوبة من 15-49 عاما 9-21 عاما على الاقل فى رعاية طفل يقل عن الخمسة اعوام , وترتفع هذه النسبة فى افريقيا جنوب الصحراء حيث متوسط ما تنجبه المرأة ستة اطفال )(10), وبدلا من ان تدعو الباحثة الدول الى توفير الخدمات الاجتماعية ودفع مرتب الامومة كاملة الاجر وحث الرجال على مشاركة النساء فى الاعمال المنزلية وتربية الاطفال , تمارس الباحثة الدور التقليدى فى الوصاية على المرأة وحرمانها من حقها فى العمل , كما ان اعتبار العمل مجرد مورد رزق , يقلل من دوره فى الاشباع النفسى وتحقيق الانجاز والسماح للمرأة بالخروج وتجديد نشاطها الجسدى والذهنى فى اعمال مفيدة ..وكثيرا ما تقضى المرأة غير العاملة ذلك الوقت مع جاراتها ورفيقاتها فى الثرثرة الفارغة وقتل الوقت .
    ولان هذه الدراسة انطلقت من نظرية المؤامرة صعب عليها ان تكون محايدة فى بحثها , حتى ان ردّة فعلها تجاه ما ظنته تهديد للهوية الدينية كان بالامعان فى اظهار تلك الهوية , جاء فى كتابها غياب الرأى الاسلامى عند اعداد الاتفاقية لهو مدعاة لمراجعتها ولذلك لايمكن وصفها بانها اتفاقية دولية لانها تطرح حلولا لمشاكل المرأة تقوم على الفكر الغربى العلمانى .. الخ )(11) وقد فات الباحثة ان صياغة مواثيق حقوق انسانية عالمية , لابد ان ينطلق من معايير انسانية اثبتت التجربة انه لااختلاف حولها مثل الحرية والعدالة والمساواة والكرامة الانسانية , لامعايير دينية , باعتبار هذا التنوع فى الاديان الذى ذكرته الباحثة ! والذى يتطلب رؤية توفيقية للاديان صعبة التحقيق , لذلك تعتبر المعايير الانسانية اكثر عملية وادعى للاتفاق حولها .
    تقول الباحثة ( ليس ادل على تعارض الاتفاقية مع احكام الشريعة من ان ثمانى عشر بندا متفرقة فى سبع من موادها تعارض قوانين الاسرة فى الاسلام ) (12)ولتحرس هذه الفكرة بسلطة النص الدينى اتت ببعض النصوص الدينية ومنها الآية 36 من سورة الاحزاب والتى قال الله تعالى فيها (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالامبينا )
    وهذه هى المشكلة الحقيقة , توحيد رؤية وفهم هذه المدارس للنص الالهى مع النص الالهى والتعامل مع هذه الرؤى بذات القدسية واعتبار ان من يختلف مع هذا الفهم انما يختلف مع الله مباشرة !
    ثم قامت الباحثة بتقسيم بنود الاتفاقية الى ثلاثة اقسام من حيث تعارضها وموافقتها للشريعة الاسلامية (13) وركزت على تلك المواد المتعلقة باحكام الاسرة ( لاحكام نظرية المؤامرة ), ابتداءا من المادة الاولى التى ترسى المساواة بين الرجال والنساء .
    تقول الباحثة ( لقد منحت الاتفاقية المرأة حقوقا دون ان تلزمها بواجبات , وذلك مدخل لكسب تأييد النساء لها , ومن البديهى ان الحق لابد ان يقابله واجب ليقود الى التوازن المطلوب للمجتمعات ) (14) وفاتها ان التركيز على الحقوق انما اتى من غياب ثقافة الحقوق عن وعى المرأة وهى المستضعف التاريخى , الذى يرزء تحت نير الاعباء والواجب دون ان يعى حقوقه ولا كيفية المطالبة بها .
    وانطلاقا من نظرية المؤامرة راحت الباحثة تركز على واجبات المرأة , لذلك قامت بتأويل المادة 5 (أ) بأنها تقود للفوضى الاجتماعية بالقضاء على الادوار النمطية للمرأة والتى اعتبرتها الغاء للامومة. والواضح ان الاتفاقية جاءت لتمنح المرأة حقوقا حرمت منها طويلا , ودعت الى استصحاب الآليات التى تسهل رفع الوعى النسوى لتكون المرأة فى مستوى وعى يؤهلها لادراك حقوقها ومن ثم الاختيار دون وصاية بين ما كان مفروضا عليها وما ترغب فيه حقيقة فما السوء فى هذا ؟ اللهم الا الرغبة الكامنة فى تجهيل المرأة لاستمرار عبوديتها وسحق ارادتها وافهامها ان هذا مراد الدين لها , ذات الدين الذى يلغى عنها الوصاية عند الحساب ! فمن باب العدل ان يلغى عنها الوصاية عند التكليف , فلا مسؤلية دون تكليف , والحرية مناط التكليف . وهو الذى امر السادة ان لايكرهوا من كنّ من مواليهنّ على البغاء ان اردن تحصنا , فعند انتفاء الحرية تحول الخطاب الى من يملك حريتهنّ احقاقا للعدل الجدير بالدين الاسلامى , يقول الله تعالى فى سورة النور الاية 33: (وليستعفف الذين لايجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت ايمانكم فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذى آتاكم ولاتكرهوا فتياتكم على البغاء ان اردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فان الله من بعد اكراههن غفور رحيم ).
    والباحثة اذ تصدر من موقف تقليدى ينظر الى المرأة باعتبارها كائنا ناقصا ليس لديه القدرة السليمة على الاختيار واحتمال الحرية المفتوحة فهى ترى بضرورة ربطه وتقييده بالضوابط الفقهية اللازمة حتى يقوم بما ارتأته الباحثة ومدرستها الفكرية والسلطوية من ادوار . لذلك قامت الباحثة بتصنيف مواد الاتفاقية باعتبارها ضد مفهوم القوامة فى الاسلام وبالتالى كل المواد التى تساوى المرأة فى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية هى مردودة , ومن ذلك الشهادة فى المحاكم والقضاء والولاية الكبرى وقيادة الجيش . كما تندد الباحثة بالمادة 10 (أ), (ب) , (ج) التى تدعو الى السماح للمرأة باختيار ما يناسبها من انواع التعليم والمهن ودون وصاية وتشجيع التعليم المختلط . والباحثة تمارس هنا وصاية من نوع خاص ودون اسانيد ومرجعيات حتى , اذ تدعو الى تعليم المرأة وامتهانها من المهن ما ترى انها مناسب اكثر لوظيفتها البيولوجية وادوارها المنزلية وتمنع التعليم المختلط باعتباره مفسدة اخلاقية وتركز على الزى المحتشم والسلوك الملتزم , وتخوف من بيئة العمل التى قد تجدها المرأة افضل من البيت و.. تكاد تقول دفعا للفتن على المرأة ان تقر ّفى بيتها افضل لها ولنا وللاسلام !
    كما انها رفضت المادة 13 باعتبارها مع المساواة فى الميراث . والمادة 14 التى تدعو الى حق المرأة الريفية فى التطور والعمل حتى تظل ابد الابدين اسيرة الجهل والفقر والتهميش .
    وقد قامت بالتركيز على المادة 16 (أ) ,(ج) ,(د),(و), (ز) التى تحدثت عن تنظيم الاسرة وضرورة رفع الوعى به حتى يتسنى للمرأة الخروج الى العمل والقيام بواجباتها المنزلية , والتى ترى الباحثة انها سبب تقليل النسل مناط المؤامرة موضوع البحث . فكيف تسنى لدولة مثل الدنمارك لايتعدى عدد سكانها الثلاثة ملايين ان تصل الى ماوصلت اليه من تنمية ورفاه . فما الفائدة من تكريس حياة المرأة للولادات الكثيرة , مع مهددات الحياة فى كل عملية وضع , ليقضى هذا النسل جراء الفقر والجهل والمرض خاصة سوء التغذية . فى رأيى ان رفع وعى المرأة ومنحها المساواة يجعل فرص اطلاعها بادوارها الامومية والفردية سهلا وميسورا . وما التركيز على الامومة واختزال دور المرأة فيها الا نوعا من الابتزاز الرخيص للمشاعر الانثوية المتفانية والتى اعتادت على التضحيات وانكار الذات .
    نتائج :
    • تشرح هذه الدراسة كيف تستبطن المرأة الموقف الرجولى وتفرزه وتدافع عنه بل وتؤسس له من داخل الدين .
    • تقف هذه الدراسات موقفا صارما امام حرية المرأة وتطورها فى المجتمع السودانى , وهى خلف الانتكاسات لاوضاع المرأة داخل المدرسة نفسها , فقد ذكر الدكتور عبد الله على ابراهيم فى ورشة عمل ( الحركات الاسلامية الجديدة ومفهوم المواطنة ), ان المعيق الاساسى لحركة التقدم الفكرى عند الترابى , مردّها الى التيارات المحافظة داخل الحزب (15).
    • تعكس هذه الدراسة ازمة الفكر الاسلامى وتناقضاته وعجزه عن الاتيان بحلول واقعية لقضايا المرأة والاقليات والديموقراطية والحرية والمساواة , حيث الاغراق فى الازمة على مستوى السودان فضح القصور النظرى لهذه الجماعات والتعميمات الهلامية للحلول, فبعد ان تبنت هذه الجماعات الجهاد كحل لقضية الاقليات , اتت مرغمة بعد فشلها للاذعان بضرورة المشاركة والمساواة . ذات الافكار التى كانت ترميها مسبقا بالعلمانية .
    • تعكس هذه الدراسة خوف المدارس الاسلامية التاريخى من خروج المرأة للحياة العامة , وهوخوف يعود الى الطبيعة البدوية الذكورية لمهبط الرسالة المحمدية (16) . يشكل هذا الخوف عائقا اساسيا لمسيرة المرأة التقدمية وهى ما قال بشأنها الدكتور صلاح الجورشى :
    1. هنالك خوف عام من اندماج المرأة فى الحياة العامة , الشىء الذى يدفعهم الى وضع مزيد من الضوابط الفقهية لتقييد حركتها كما يركز الخطاب على واجباتها تجاه زوجها واسرتها بصورة اكبر من حقوقها الخاصة وكيفية المطالبة بها .
    2. يكاد هذا الفكر يكون دائريا , يعيد انتاج مقولاته وادارة معاركه بنفس الوسائل القديمة وكلما اشرفت احدى مراحله على النضج والتجاوز خرج عليها من نفس المدرسة من يجرها الى المواقع السابقة .
    3. الجدال حول النصوص بدل ان يتنزل الى واقع يتحول الى جدال فقهى .(17)






    الفصل الثانى

    المرأة فى الدراسات والمدارس التجديدية :
    ما هو التجديد ؟
    التجديد لغة من جدّد , وتجدّد الشىء اذا صار جديدا . واصطلاحا هو تقديم رأى أو فهم جديد للدين الاسلامى(18)
    وهذا التعريف يجعله قطيعة معرفية مع التراث الفقهى القديم والرؤية السلفية للنص الدينى , ويفتح باب الاجتهاد لاعادة قراءة النص الدينى على ضوء المتغيرات الحديثة .
    عدا البعض القليل من الدراسات , يعتبر قانون الاحوال الشخصية السودانى , المستمد من الشريعة الاسلامية , المحورالاساسى الذى دارت حوله معظم الدراسات . وقد طرحت بعض هذه الدراسات , منهجا فكريا غير مسبوق يؤسس للمساواة الكاملة فى الحقوق بين الرجال والنساء من داخل الدين , وتأتى خصوصية بعضها ( كالفكرة الجمهورية ) , انها سابقة تاريخيا لاتفاقية القضاء على كافة اشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) ومتفقة معها , فلا يمكن اتهامها بالصياغة التوفيقية لمشروع غربى , كما لايمكن اتهامها بالعلمانية لانها – كما اسلفنا - من داخل الدين .
    تم تصنيف هذه الدراسات وفقا للآتى :
    • هنالك دراسات ركّزت على قضيّة واحدة من قضايا المرأة , لاهميتها, ومن ذلك الدراسة التى تناول فيها الدكتور يوسف الكودة رئيس حزب الوسط الاسلامى , قضية الاختلاط تحت عنوان (معيّة لااختلاط ), وان كانت نضالات الحركة النسوية فى السودان قد تجاوزت هذا المعترك , الا ان الردّة التى اعقبت قوانين سبتمبر , وصعود الاسلاميين الى الحكم , قد اعادت ( قضية الاختلاط) الى حيّز الجدال الفقهى . وتعكس هذه الدراسة , قناعة صاحبها بضرورة وجود المرأة مع الرجل , وان كان يضع ضوابطا على ذلك الوجود , فان هذا الطرح يعكس حضور الازمة داخل التيارات السلفية , فقد خرج الرجل من الحزب السلفى ببعض المراجعات , حتّى انه سمّى حزبه حزب المرأة .
    • من هذه الدراسات ايضا , دراسة الدكتورة مريم الصادق , بعنوان المرأة والتدين (19), وهى تركّز على العلاقة الوطيدة للمرأة بالدين , وتقوم فيها باستعراض عدد من العابدات السودانيات , لتنفى عن المرأة السودانية ما شاع عن بعدها عن الدين وغرقها فى الدجل والشعوذة , ودحض فرية الدين للرجال , وليس للنساء فيه من حظ.
    • بعض الدراسات تناولت بالنقد قانون الاحوال الشخصية السودانى ومنها دراسة الاستاذ على احمد السيد المحامى , بعنوان ( دراسة لبعض اوضاع المرأة فى قانون الاحوال الشخصية السودانى 1991 وتطبيقاته), (20), ودراسة الاستاذة انتصار التوم ( القوانين ومشاركة المرأة السودانية فى الحياة العامة ) (21), وكتاب الدكتور عبد الله النعيم ( نحو تطوير التشريع الاسلامى).(22)
    • تهدف بعض الدراسات الى اختبار اوضاع المرأة فى ظل الاصولية , التى اصبحت خطاب الدولة الرسمى , وتأثيرها على حالة المرأة بصورة عامة وتعليمها على وجه الخصوص , ومنها دراسة أ. ندى مصطفى (الاصولية ووضع المرأة حالة السودان 1983-1985 ,1989-1995 . (23 )
    • يدخل فى هذه الدراسات ايضا ماقدمته كاتبة هذه السطور فى قضية المواطنة تحت عنوان ( مآزق الخطاب الفكرى الاسلامى ..المواطنة نموذجا ) ,(24), وعن الموقف النفسى لجماعات الاصولية الدينية من المرأة تحت عنوان ( رهاب تحرير المرأة عند الحركات الاسلامية .. الى أين ؟.(25 )
    • هنالك دراسات , تناولت الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمرأة مجتمعة , وهى دراسات مفكرى المدارس الاسلامية الكبرى فى السودان وهم حسب الترتيب الهجائى, السيد الصادق المهدى , الدكتور حسن الترابى , الاستاذ محمود محمد طه – الالقاب التى تسبق اسماءهم من الالقاب السائدة فى التعامل معهم – بالاضافة الى الاستاذ طه ابراهيم -(المحامى) .
    • قامت بعض الدراسات بدراسات مقارنة بين بعض المفكرين المذكورين اعلاه ومن ذلك الورقة التى قدمتها , بروفيسور بلقيس بدرى , كدراسة مقارنة بين الترابى والصادق المهدى ومحمود محمد طه (26), والدراسة التى قدمتها كاتبة هذه السطور بعنوان ( المرأة فى الخطاب الفكرى الاسلامى .. قراءة فى فكر الترابى , الصادق المهدى , محمود محمد طه), (27).
    ساكتفى فى هذا الفصل بدراسة مقارنة بين المفكرين الاربعة , لاتساع القضايا التى يتناولونها وجدة الطرح عند بعضهم , كما ان اصحاب الدراسات السابقة ينتمى معظمهم لاحدى هذه المدارس. وساقوم فى هذا الفصل باستعراض تحليلى للمنهج الفكرى لكل منهم والعلاقة بالمرأة ووجوه التقارب والتباين الفكرى . حتى نقف على معوقات الفكر التجديدى.
    الكتب التى تشكل مراجع هذه الدراسة هى الكتب التى تناول فيها المفكرون قضايا المرأة:
    السيد الصادق المهدى :
    • المرأة وحقوقها فى الاسلام .(28)
    • جدلية الاصل والعصر (29)
    الدكتور الترابى :
    • الحركة الاسلامية فى السودان(30)
    • تجديد الفكر الاسلامى(31)
    • المرأة بين الاصول والتقاليد(32)
    الاستاذ محمود محمد طه:
    • الرسالة الثانية من الاسلام(33)
    • تطوير شريعة الاحوال الشخصية(34)
    • منشورات الاخوان الجمهوريين35)
    1. المرأة الانسان,(2)عام المرأة العالمى1975 (3)الزى عنوان عقل المرأة وخلقها (4)الواجبات قبل الحقوق (5)الاختلاط بين الشريعة والدين(6) بيت الطاعة المشكلة والحل (7)قانون وقضاة الاحوال الشخصية قصور عن الشريعة وتخلف عن العصر(8)اتحاد نساء السودان وقضية المرأة (9)المرأة فى اصول القرآن(10) المرأة مكانها البيت؟ (11) حقوق المرأة فى الدين , الشريعة , الفقه. (12)المرأة والتدين (13)الاستاذ يحدث النساء فى حقوقهن (14)تعدد الزوجات ليس اصلا فى الاسلام (15)الطلاق ليس اصلا فى الاسلام (16)المرأة والدعوة الى الدين (17)ماذا حققت المرأة فى عام المرأة 1975 ؟ (18)المرأة ليست عدوة الرجل الجهل عدوهما معا .(19) اضواء على شريعة الاحوال الشخصية (20)لماذا وكيف خرجت المرأة الجمهورية للدعوة الى الدين ؟ (21)خطوة نحو الزواج فى الاسلام .
    الاستاذ طه ابراهيم المحامى:
    • مساهمة فى حل ازمة العقل العربى المسلم.(36)
    • ورقة بعنوان ( نحو فقه جديد للاحوال الشخصية يؤسس للمساواة الكاملة فى الحقوق بين الرجال والنساء ), قدمها فى منتدى حركة القوى الديموقراطية (حق), الاسبوعى , وكسلسلة فى الجرائد اليومية .

    المنهج الفكرى والعلاقة بالمرأة:
    السيد الصادق المهدى :
    المنهج الفكرى :
    دعا الصادق المهدى فى منهجه الفكرى الى ما اسماه التأصيل الصحوى , والذى يفتح باب الاجتهاد سعيا وراء مقاصد الشريعة الاسلامية , وان القرآن الكريم , كتاب الله قطعى الورود ولكن كثيرا من آياته حمّالة اوجه . واحاديث النبى (ص) فى غير السنن العملية اغلبها ليست قطعية الورود وفى دلالاتها اقوال , وكتب الاحاديث الصحيحة , (الصحاح الستة ) ليست مبوبة حسب التسلسل الزمنى ولا توجد روايات قطعية فى نسبة النطق بها , لزمن نزول آيات القرآن . وحتى بعد حسم صحة الورود فهنالك نصوص متناقضة فى ظاهرها كالآيات التى تعتبر حجة للجبر وتفيد التسيير والعكس صحيح , فاى الآيات المحكمة ؟(37)
    العلاقة بالمرأة :
    تعتبر ( جمعية ترقية المرأة) التى اسستها نساء بيت المهدى , فى 1947 من اوائل المبادرات لتوعية المرأة , وفد كان للجمعية ارتباط كبير بالموقف السياسى. ويعد حزب الامة , من الاحزاب التى دعت الى تعليم البنات , فقد اهتم السيد عبد الرحمن المهدى بتعليم بناته وتأييد ودعم الشيخ بابكر بدرى فى موقفه من تعليم البنات (38)توجد بالحزب 13 لجنة متخصصة , نسبة عدد النساء بكل لجنة 20%, كما تقوم المرأة فى كل لجنة بدور مساعدالامين العام. و هنالك رضا عن مشاركة المرأة فى الحزب. كما يوجد مكتب للمرأة داخل الحزب به عضوية من الرجال .(39)

    الدكتور الترابى :
    نادت الحركة فى فكرها بالمذهب الاصلاحى , والذى كان يشبه فى فكرته مذهب الاخوان المسلمين بمصر , من التربية الخاصة الى التعبئة العامة الا انها تجاوزته لاسيما بعد ثورة اكتوبر (40)وقد دعا الى تجديد الفكر الاسلامى ذاكرا ( أن الدين وتفقهه كسب بشرى , يطرأ عليه ما طرأ على سائر الحادثات من التقادم والبلى والتوالد والتجديد . واداة التجديد قبل الرسول ( ص) كانت مرهونة ببعثة الانبياء ولكن بعد ختم الرسالة اصبح الامر لجماعة المسلمين التى يستخلفها الله فى الارض جيلا بعد جيل (41). كما تبنى فكرة الاصلاح عبر السلطة فى اكثر من موقع فى كتابه الحركة الاسلامية فى السودان (42)
    العلاقة بالمرأة :
    يقول الدكتور الترابى تطورت للحركة الاسلامية بالسودان ثلاثة مواقف متتالية فى شأن المرأة, الموقف الاول كان يصدر عن مسايرة الجمهور التقليدى فى رؤية مكانة المرأة فى الدين عامة ودورها فى احيان خاصة , وكانت تعتبر ان الدين خطاب للرجال فى المقام الاول وأن شأن الدعوة والجهاد فى سيله مسؤلية قاصرة عليهم , ولن يجدى التحاق النساء فى شىء منه . والموقف الثانى موقف مراجعة بدا مع عهد الحرية 1964 دواعيها استفزاز التحدى الخارجى اكثر منها فى التذكر والتفقه الذاتى- دفعهم اليها تأخرهم فى الانتخابات بسبب فقدان صوت النساء وهذا ما نقلته الدكتورة فاطمة بابكر فى الوثيقة التى استعرضتها لاحد قادة التنظيم (محمد الصادق الكارورى )7/2/1967 تحت عنوان اشكاليات القوامة والولاية والحقوق الاساسية للمرأة , ناقش فيها عدم السماح للمرأة بحقها فى الانتخاب والترشيح لانها قارورة قابلة للكسر وان المرأة مكانها البيت (43)_وقد اسست الحركة الاسلامية بقيادة الترابى الجبهة النسوية الوطنية , لتقابل الاتحاد النسائى الشيوعى . اما الموقف الثالث فكان ذاتيا اذ توفر للحركة فى اواخر الستينات الوعى الاجتماعى الاتم فلاحظت الميل الفادح فى توازن دعوتها بين خطاب الذكور والاناث فلاحظت ما فرطت فى حق الدعوة الاسلامية التى جاءت خطابا انسانيا عادلا وتكليفا مساويا وبشارة شاملة للرجال والنساء (44)
    الاستاذ محمود محمد طه :
    المنهج الفكرى:
    تعتمد فكرة الاستاذ على نظرية تطوير التشريع فهو يرى ان القرآن الكريم نزل على مستويين آيات الاصول وآيات الفروع , وهذه عنده ابرز مظاهر المثانى . فالاصول هى الآيات المتعلقة بالتوحيد والمعانى الانسانية السامية كالحرية والعدالة والمساواة , والفروع معانى ادنى من هذه تنزلت عنها مناسبة لطاقة المجتمع فى ذلك الوقت , اما الاصول فأنها لم تفصل ولم تطبق فى الماضى انما ادخرت للبشرية فى مقبل ايامها , وهى الآن مناسبة لوقتنا الحاضر , وقد نسخت آيات الاصول بآيات الفروع , وصار العمل بآيات الفروع منذ ذلك الوقت .(45)
    العلاقة بالمرأة :
    استصحبت الحركة الجمهورية قضية المرأة معها منذ نشاتها فثانى اعتقال سياسى للاستاذ كان بسبب امرأة (46). جاء فى منشور (المرأة الانسان ), الطبعة الثانية , ديسمبر 1977 ان اهتمامنا نحن الجمهوريين بالمرأة وحريتها وانسانيتها , اهتمام ينطلق من جوهر الدين واصوله السامقة . لذلك كان اعتبارنا لقضية المرأة منذ ان كانت لنا جريدة سيارة , قد فتحنا باب شؤن المرأة , بها بعبارات تعبر عن نظرتنا للمرأة التى هى نظرة الدين . لذلك ظللنا نبشرها بحقوقها الاساسية فى اصول القرآن , وقد اصدرنا فى ذلك كتبنا الاساسية (الرسالة الثانية فى الاسلام , تطوير شريعة الاحوال الشخصية , كما اصدرنا كتيباتنا الشهرية فى عام المرأة والتى بلغت ستة عشر كتابا , وفى امر الزواج اخرجناها من زواج التسعيرة الى زواج الشريعة الذى يتم بمهر رمزى وشروط كرامة , اوضحناها فى كتيب خطوة نحو الزواج فى الاسلام , فالمرأة هى اكبر من استضعف فى الارض وهى آخر المستضعفين, بعد ان خلت كل معسكراتهم بالثورات (47)
    الاستاذ طه ابراهيم المحامى :
    المنهج الفكرى :
    يعتقد الاستاذ طه ابراهيم , ان سبب تأخر الفكر الاسلامى ,هو اصراره على محاكمة النص الدينى وفق منطق اللغة , والصحيح ان فهم النص الدينى يتأتى عبر منطق الفكر فالقرآن يحتوى كما يقول على منطق فكر خنق واخمدت انفاسه تحت سنابك خيول علم اللغة ومنطقها .واهم قواعد المنطق القرآنى : التكليف بقدر الوسع , والنسخ ونسبية القيم والتكاليف , والاخذ بالعرف (48).
    يقول الاستاذ المحامى , ان مناط التكليف هو الوسع فى سورة البقرة , الآية 286 (لايكلف الله نفسا الا وسعها ). والوسع فى القرآن يعنى طاقة الانسان او الجماعة التى تمكنها من أن تفعل أو لا تفعل . وهذه الطاقة او الوسع فى القرآن يتضمن الوسع الجسمانى (ليس على الاعمى حرج ولاعلى الاعرج حرج ولاعلى المريض حرج ) سورة النور الآية 61-الفتح 17.الوسع العقلى , وسع التمييز والادراك وقامة الوعى , فالمجنون غير مكلف والطفل يدخل على النساء والاجانب ( واذا بلغ الاطفال منكم الحلم فليستأذنوا) , سورة النور الآية 59 . وهنالك الوسع الحضارى الانسانى ففى مرحلة تطور معينة , كان اقصى الوسع الحضارى للانسان , ان يستخدم الخيل والبغال والحمير كركوبة وزينة , وأن يستخدم جلود الانعام بيوتا , وهذه الانعام كانت ( وتحمل اثقالكم الى بلد لم تكونوا بالغيه الا بشق الانفس )النحل 70 . وهنالك الوسع الاجتماعى كتكليف صلاة الجماعة والجهاد , وكافة التكاليف المرتبطة بالمرأة , وهنالك الوسع السياسى والاقتصادىفالحج والزكاة بالاستطاعة , لان الاصل ان الله ( وما جعل عليكم فى الدين من حرج ) , الحج 78 . هكذا يتأكد لنا ان التكليف مرتبط بالوسع وجودا وعدما , وبقامة الوسع زمانا ومكانا . ومن ثم فان التكليف يجب ان يتغير ليتطابق مع قامة الوسع كلما تغير .
    العلاقة بالمرأة :
    الاستاذ طه ابراهيم , باحث , لاينتمى الى اى حزب سياسى منذ العام 1969 , وناشط فى مجال الدفاع عن حقوق الانسان, وكان من دعاة تعديل المادة 5 فى دستور التجمع والتى تحكم قضايا المرأة من منظور الاديان .
    أوجه التقارب الفكرى :
    سأقوم هنا بتقسيم قضايا المرأة موضع الجدال الفقهى, الى قضايا عامّة وهذه تشمل :
    • التعليم
    • العمل
    • الانتخاب والترشيح.
    • الحجاب .
    • امامة الصلاة .
    • المساواة فى الدية مع الرجل .
    • الشهادة فى المحاكم .
    • الولاية العامة – رئاسة الدولة -.
    • تولى القضاء .
    2- قضايا خاصّة :
    • القوامة .
    • الولاية فى الزواج .
    • حق العصمة .
    • حق التأديب .
    • تعدد الزوجات .
    • الميراث .
    قبل ان اشرع فى المقارنة بين المفكرين الاربعة , لابد من وقفة , فالحقيقة اننى وجدت هذه القضايا مطروحة بوضوح فى كتابات السيد الصادق المهدى والاستاذ محمود محمد طه والاستاذ طه ابراهيم المحامى . ووجدت صعوبة كبيرة ومعاناة فى الوقوف على رأى صريح وواضح فى هذه القضايا عند الترابى , فالرجل يكتب شيئا فى كتبه ويقول شيئا اخرا فى المحاضرات واللقاءات التى يجريها معه البعض من خارج السودان , كما ان الرجل فعل شيئا مختلفا عن ما قاله ابان وجوده فى الحكم , لذلك سندخل فى هذه المقارنة , ما قاله وثبت كمرجعية فى الكتب وتخرج عليه تلاميذه الموجودين داخل وخارج السلطة ومنهم الاستاذة عواطف التى ناقشت ورقتها سابقا , وما ارساه كنظام للتعامل مع قضية المرأة . كما اننى للامانة سأذكر فتاواه الاخيرة بعد ان اصبح خارج السلطة وهى :
    1. اعطى المراة الحق فى الشهادة امام المحاكم حتى فى المعاملات التجارية.(49)
    2. الحق فى امامة الرجال فى الصلاة .(50)
    3. تولى القضاء ورئاسة الدولة .(51)
    4. جوّز زواج المسلمة بالكتابى. (52)
    من هنا سيكون مرجع المقارنة , الترابى ( فى الكتب ورجل الدولة )

    الاستاذ محمود محمد طه , والاستاذ طه المحامى :
    ساعد المنهج الذى اقترحه الاستاذان لحل قضية المرأة , فى المساواة التامة بين الرجال والنساء فى الحقوق , ورفع الوصاية عن المرأة , وجعل القانون الدستورى قيما عليهما معا .

    اتفق الصادق والترابى مع الاستاذان فى قضايا محددة :
    فى القضايا العامة :
    اتفقوا فى حق المرأة فى العمل والتعليم والاختلاط والانتخاب والترشيح غير انهما حثوا المرأةعلى تعلم علوم بعينها واختيار انماط من العمل مقاربة لطبيعتها البيولوجية ووظائفها المنزلية(53) وخطورة هذا القول تكمن فى الآتى :
    1. ان هذه النظرة لا تخرج من السياق التاريخى للتصنيف البيولوجى للمرأة وفى مجتمع كالسودان تشكل فيه هذه القيادات تأثيرا كبيرا على قطاع واسع من الشعب ستتحول هذه النظرة الى معتقدات عميقة , وكما تقول مارغريت فيرتهايم (54) فى اى ثقافة فان المعتقدات حول الادوار الجنوسية كثيرا ما يعتقد بها عميقا الى حد انها تظل كامنة فى اللاوعى, وبالتالى تصل الى مقاربتها بانها معتقدات, بل تقبل على علاتها بوصفها (النظام الطبيعى)بكل بساطة وكثيرا ما يجرى ربطها وتعزيزها بطقوس وممارسات دينية معينة (55) . وخطورة كمون هذه المعتقدات فى اللاوعى , يعنى ان تتسلط على فكر الانسان الواعى وبالتالى تمارس المرأة قتل الطاقات الخلاقة فيها دون حتى ان تعى ذلك . وقد ناقشنا فى الفصل الاول كتاب الاستاذة عواطف كنموذج واضح على هذا الكلام .
    2. بدأت هذه النظرة تتحول الى ممارسة , اوردت كل من الدكتورة فاطمة بابكر والاستاذة ندى مصطفى و المعلومات الاتية على التوالى :
    • حدث ذات آونة انه لوحظ فى جامعة الخرطوم , ان عدد الطالبات فى كليات الطب والهندسة والمعمار بدأ يفوق عدد الطلاب , واعتبر ذلك ظاهرة خطيرة تهدد مستقبل التعليم العالى بل وجهاز الدولة باعتباره اكبر مستوعب للخريجين , وبرزت دعوة لمواجهة هذا الخلل! وفى صمت تحاول الدولة الحد من توظيف النساء فى دوائر القضاء ووزارات السيادة والسلك الديبلوماسى والشرطة , ومازالت هنالك محاولات علنية وسرية لادخال نظام ( الكوتة ) بمعنى تحديد سقف معين لعدد الطالبات فى هذه الكليات .(56)
    • اشارت الدراسات ان بعض الجامعات فى السودان قد قللت عدد الطالبات المقبولات فى كلياتها من خلال رفع درجات القبول بالنسبة للطالبات ومثال ذلك كلية الطب البيطرى ومعهد شمبات والمعهد العالى للتربية الرياضية (57).
    3- المعلوم ان الميول نحو علوم بعينها ظاهرة مشتركة بين الرجال والنساء , ويجب ان يتاح للمرأة حقها ( دون وصاية فى اختيار ما تراه ملائما لطبيعتها اكثر حتى لانكرر نموذج ايمى نوتر(58)فى السودان ونحرم بعض العلوم من المرأة فى مساقها باحثة ومفكرة ورائدة .
    4- ومما نتخوف منه ان يتسبب مفكرونا فى ردة تاريخية للمرأة (59).
    اتفق الصادق المهدى مع الاستاذان فى بقية القضايا العامة وهى ( الشهادة امام المحاكم , تولى القضاء ورئاسة الدولة امامة الصلاة والمساواة فى الدية ), بينما احجم الترابى ( القديم )عن الخوض فى قضايا بعينها مثل القضاء ورئاسة الدولة والشهادة امام المحاكم . خصوصا وان التربى كان فى موقع قريبا من السلطة هو واتباعه , فى فترة قوانين سبتمبر (كان الترابى مستشارالرئيس للشئون الخارجية, وعوض الجيد احمد والنيل ابو قرون وبدرية سليمان , مستشارين قانونيين بالقصر الجمهورى (60) ), كما انه كان الراعى الفكرى لحكومة البشير , وقد حدثت فى الفترتين انتهاكات لهذه الحقوق ومن هذا فصل القاضيات عن العمل بعد قوانين سبتمبر الشهيرة مباشرة وفصل النساء من مناصب استراتيجية مثل الخارجية والنيابة العامة وبعض النساء من المحاماة بحجة عدم الايمان (61), وكما ذكرت الدكتورة فاطمة بابكر فى معرض حديثها عن قوانين سبتمبر ( بدأ التساؤل عن معنى ومبررات مساواة المرأة يطل من جديد وكأنه بدعة , ورجع الناس يناقشون من الاساس قضايا مثل عقلانية المرأة وامكانية تعليمها فى كل الحقول وجواز خروجها للعمل أو عدمه حسب التفسيرات الاسلامية المخلفة , كما احدثت تلك القوانين عتمة فى حياة المرأة السودانية وابتدعت تهمة الشروع فى الزنا لاذلال النساء ومحاكمتهن ..الخ(62).
    بالاضافة الى هذا اتفق الصادق مع الاستاذان فى بعض القضايا الخاصة وهى ( حق المرأة فى ولاية نفسها فى عقد الزواج وحق العصمة ).
    اوجه التباين الفكرى :
    تبقى من القضايا العامة ( الحجاب) , ويتحدث الاستاذ عن الحشمة ويعتبر الحجاب هو عقاب عن سوء استخدام حرية السفور (63), ويقول الاستاذ طه ابراهيم انه حرية شخصية لمن ارادت الحجاب ولكن ليس شرطا .
    ويرى الترابى والصادق انه لايجوز ان تكشف المرأة غير وجهها وكفيها (64), والترابى الجديد لايرى ذلك ملزما(65). وفى عهد الانقاذ الذى كان الترابى عرّابه فرض الحجاب على المرأة من مرحلة الاساس (الابتدائية) وحتى الجامعة , وفى كل جامعة او داخلية للبنات يوجد مايعرف بالمرابطات , لمراقبة زى الفتيات ومنعهن من دخول الجامعة اذا رأت المرابطة ان هذا الزى غير شرعى , وترك الامر لهن دون قوانين واضحة واطلقت ايديهن , حتى انهن اعتدين على بعض الطالبات بالضرب .كما ان الحكومة وصلت الى مرحلة فرض لون وشكل القماش , والزام الطالبات بشرائه بخياطته الرديئه , وحالما فرغت من تصريف بضائعها عادت الى الامر السابق من الحجاب !كما فرض الحجاب فى الدوائر الحكومية . وكان هنالك احد الدبابين ( مجاهدى الجنوب يجول فى الطرقات اواسط السوق العربى ويحمل سوطا يضرب به الفتيات غير المحتشمات), (66) , رغم ان الزائرين الى الخرطوم او السودان بصورة عامة يمكنهم ملاحظة ان الزى الخليع ليس مكونا ثقافيا فى هذا البلد.
    يقر كل من الترابى والصادق قوامة الرجل على المرأة وحقه فى التأديب والتعدد فى الزوجات(67) . ويقول الترابى بضرورة الولى فى عقد الزواج , والقاضى للمرأة التى ترغب فى الطلاق (68)!
    اما الميراث فيؤكد كل من الصادق وطه ابراهيم بضرورة الوصية , بينما فى الفكرة الجمهورية التى يتم فيها النسخ بالانتقال من نص الى آخر تنسخ آيات مثل ( وانفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه )الحديد 7 , الآيات التى تسمى المال مال المسلمين ويسمى الانفاق اقراضا لله (69)مثل ( وخذ من اموالهم صدقة ..)التوبة 103 , وبالتالى لايوجد ميراث اصلا فى الفكر الجمهورى , وهى ايضا مساواة فى العدم !. لم يطرح الترابى رأيا فى الميراث .

    النتائج :
    1. هنالك ضرورة لحل قضايا المرأة من داخل الدين ..وليتم هذا بصورة فعّالة يجب ان تتغير مفاهيم تتعلق بمعنى التجديد وتداعيات هذا المصطلح عند المجددين و وهل نعنى به اعادة طرح القديم ورتق المشروع الفكرى السابق المأزوم ؟ام هو قطيعة معرفية مع الطرح الفكرى السابق؟ . يمكننا تلمس الاجابات لهذين السؤالين من المقارنة الفكرية السابقة حيث اتضح ان ازمة التجديد الفكرى لدى الترابى والصادق المهدى هى فى منهجية التفكير وآليات التعامل مع النص قطعى الورود , لذلك وقفوا عند الآيات القطعية التى تنص صراحة على القوامة وضرب الزوجة وتعدد الزوجات .
    2. الاجتهاد يعتبر آلية عقيمة اذا لم توجّه نحو النصوص , فالاراء الفقهية التى تقول بأنه لا اجتهاد مع النص , هى مجرّد اراء اخذت صبغية القداسة كنص ثالث وهنا يرى الدكتور عمر القرّاى (70) ان الاجتهاد فيما لم يرد فيه نص غير ذى فائدة , لانه لو كان مهما لانزل الله فيه نصا! فلم نجتهد فيما ليس مهما عند الله ؟!.
    3. الاجتهاد فيما فيه نص قد يتم بآليات متعددة , كمنهج الاستاذ محمود محمد طه الذى يعمل آلية النسخ . وقد قام الاستاذ طه ابراهيم بتأويل النص الدينى وفق نظرية التكليف بقدر الوسع . وقد يأخذ البعض بالعرف كما فعل مهدى شمس الدين / وطه ابراهيم . أو محاكمة النص الدينى وفق منطق الفكر لامنطق اللغة كما يقول أركون / طه ابراهيم .
    4. لابد ان يبدء التجديد من حسم الصراع بين الزمن المتغير فى مقابل الزمن الثابت والمتقادم للتشريع حتى لانأتى فى القرن الواحد وعشرين بحلول تصلح للقرن السابع الميلادى . وهى مدرسة اركون القائلة بتاريخيةالنص الدينى وضرورة معالجة الواقع الحديث برؤى حديثة .
    5. يجب ان يتم التجديد وفق منهج فكرى ثابت و متماسك , يتم الانتقال فيه من نص الى نص كالمنهج الجمهورى مثلا حتى لايصير المنهج التجديدى منهج تلفيقى يعجز عن مواجهة كل التحديات او انتقائى يتم اجهاضه بسلطة النص الآخر .

    خاتمة :
    تنتمى معظم الدراسات التى تناولها هذا البحث الى احدى المدارس الفكرية التى تم عرضها ومناقشتها وبالتالى سأتناول اثرها فى المجتمع فى معرض حديثى عن اثر هذه المدارس على اوضاع المرأة فى السودان باعتبار ان هذه الدراسات هى نتاج فكرى لهذه المدارس وامتداد لها ومن ذلك مارأيناه واضحا فى مواقف عواطف ابراهيم المتخرجة من مدرسة الترابى والترابى فى مواقفه المثبتة فى الكتب .
    وعدا مدرسة الفكرة الجمهورية _ التى تم التآمر عليها من قبل الاسلاميين حيث انكرها الترابى وكفّر صاحبها (71) ثم عاد وتبنى مواقفها الفكرية المتقدمة_ فان هذه المدارس قد وجدت فرصتها الطبيعية فى التأثير على المجتمع السودانى والذى يرى البعض ان وضعه كهامش طرفى (72) او ما اطلق عليه بروفيسور المزروعى مصطلح ( الهامش المركب ), سهّل عملية التحول الثقافى فيه .. فلم يكن بمقدور فكرة مثل الفكرة الجمهورية ان تنتشر فى مجتمعات ذات مؤسسات دينية صارمة كالازهر والنجف مثلا . غير ان المؤامرة التى قادها الاسلاميون على الحزب الجمهورى ..والتى انتهت باعدام محمود محمد طه اضرّت بالتقدم الفكرى فى السودان ...وقطعت الخط على قضية المرأة التى ضاعت فى خضم التقاطع بين السياسى والدينى .. فقد قام الاسلاميون بعد سبتمبر 1983 والانقاذ 1989 باتخاذ رؤى مغايرة فكريا عن الفكر الذى حاكموه امعانا فى اظهاره بمظهر الخارج على الدين . وقد كانت الفترة التى اختبر فيها الاسلاميون الحكم تجربة كافيةلاظهار البعد بين المثال النظرى والواقع التطبيقى فتأزم المشروع الحضارى واغرق فى الازمة لذلك قام الترابى بنفض يده من رتق مشروعه الحضارى ..مقدما بديلا فكريا جديدا لقضايا المرأة ..ولان هذا الطرح اتى كعادة الترابى واطروحاته فى زمن تقاطعات سياسية حادة فى التاريخ السودانى , فقد الخطاب الترابوى اول ما فقد رواجه وسط تلاميذ الترابى وابناء مدرسته , فاتهم التلاميذ شيخهم بالردة والمروق والشيخ تلاميذه بالافتتان بالسلطة . كما ان الخطاب فقد رواجه ايضا وسط العامة التى اعتبرته مزايدة سياسية وحيلة ترابية جديدة للالتفاف والعودة الى السلطة عبر البرنامج الانتخابى القادم .وبذلك اضر الطموح السياسى للترابى بقضية المرأة التى خذلها مرارا حين كان فى السلطة . لكل هذا عانت المرأة من بعض الانتكاسات فى اوضاعها العامة , وفقدت بعض الامتيازات التى اكتسبتها الحركة النسوية بنضالاتها المتكررة .... غير ان انهيار المشروع الحضارى والانقسامات الاخيرة فى حزب الجبهة الاسلامية القومية, جعلت الحكومة تلقى بالمشروع الايديولوجى وتكرس لخطاب جديد قائم على العصبية الدينية والتخويف من الهجمة الصهيونية الامبريالية .. الخ . وبالتالى يعيش المجتمع السودانى هذه الايام حالة من التفكك الثقافى تنتظر بزوغ فكر تجديدى جديد , فلم يعد هنالك مكان للاطروحات التعميمية والهلامية باعتبار المنعرجات الخطيرة وتحديات السلام .


    المراجع والاحالات:
    1. كوكو,نعمات محمد .المرأة فى بروتوكولات السلام رؤية نقدية بمنظور النوع –اوراق ومداولات ورش عمل مبادرة المجتمع المدنى للسلام حول اتفاقية السلام الشامل –تحرير شمس الدين الامين –فردريش ايبرت, السودان . الطبعة الاولى 2005, ص120 .
    2. رحّال , د. حسين . اشكاليات التجديد دراسة فى ضوء علم اجتماع المعرفة . دار الهادى بيروت . الطبعة الاولى 1425 ه- 2004.ص7 .
    3. روايات شفاهية من بعض الارامل الاتى يترددن على هذه المنظمة .
    4. مضابط الورش التدريبية للحملة القومية لمكافحة ختان الاناث .
    5. ابراهيم ,د. عبد الله على .ورقة بعنوان الحركات الاسلامية الجديدة ومفهوم المواطنة – ورشة عمل نظمتها فردريش ايبرت بالتعاون مع منظمة الفعل الثقافى . الخرطوم 20/12/2006 .
    6. القراى , د. عمر .الفكر الاسلامى وقضية المرأة . دار عزّة للنشر والتوزيع , الخرطوم . الطبعة الثانية . 2007.
    7. الغبشاوى . د. عائشة . نظام الاسرة فى الاسلام . مؤتمر الاسرة المسلمة والتحديات المعاصرة , 3-5-ديسمبر2005 ,جامعة ام درمان الاسلامية , معهد دراسات الاسرة .
    8. ياجى , د. نفيسة ابراهيم .الزواج وفرق الزواج فى الاسلام .الجوف . الطبعة الثانية 1422ه-2001 .
    9. ابراهيم , عواطف عبد الماجد . رؤية تأصيلية لاتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة . مركز دراسات المرأة .
    10. عواطف عبد الماجد , مصدر سابق , ص102.
    11. " " " " , " " ص7 .
    12. "" "" , "" ص9 .
    13. "" "" , "" ص107.
    14. "" "" , "" ص9.
    15. مضابط ورشة الحركات الاسلامية الجديدة ومفهوم المواطنة , مصدر سابق .
    16. محمد الحسن , د. ناهد .رهاب تحرير المرأة عند الحركات الاسلامية ..الى أين ؟. منتدى حركة القوى الديموقراطية ( حق ) الاسبوعى . نوفمبر 2006 .
    17. الجورشى . صلاح . رواق عربى . مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان (15-16)1999, ص20 .
    18. رحّال , د. حسين . مصدر سابق . ص12 .
    19. الصادق , د. مريم .المرأة والتدين . ندوة المرأة اسودانية فى الحياة العامة 8-11 مارس 2003 .
    20. السيد , على احمد . دراسة لبعض اوضاع المرأة فى قانون الاحوال الشخصية السودانى 1991 وتطبيقاته .
    21. التوم , انتصار .القوانين ومشاركة المرأة السودانية فى الحياة العامة. ندوة المرأة السودانية فى الحياة العامة . مصدر سابق .
    22. النعيم , د. عبد الله .نحو تطوير التشريع الاسلامى . ترجمة حسين امين .. سينا للنشر . الطبعة الاولى 1994.
    23. مصطفى , ندى .الاصولية ووضع المرأة (حالة السودان 1983 –1985, 1989 –1995. رواق عربى . مصدر سابق .
    24. محمد الحسن , د. ناهد .مآزق الخطاب الفكرى الاسلامى ( المواطنة نموذجا ). ورشة الحركات الاسلامية الجديدة ومفهوم المواطنة . مصدر سابق .
    25. محمد الحسن , د. ناهد . رهاب تحرير المرأة عند الحركات الاسلامية ..الى أين ؟ . مصدر سابق .
    26. بدرى , د. بلقيس . ورقة فى ورشة مناقشة الاخبلاف بين النساء المسلمات . جامعة هامبولد . المانيا . يونيو 2002.
    27. محمد الحسن ,د. ناهد .المرأة فى الخطاب الفكرى الاسلامى ( قراءة فى فكر الصادق المهدى , الترابى , محمود محمد طه ). ندوة المرأة السودانية فى الحياة العامة . مصدر سابق .
    28. المهدى , السيد الصادق . المرأة وحقوقها فى الاسلام .منشورات الامة .
    29. المهدى , السيد الصادق .جدلية الاصل والعصر . دار الشماشة 2001 .
    30. الترابى , د. حسن عبد الله . الحركة الاسلامية فى السودان. معهد البحوث والدراسات الاجتماعية . الطبعة الثانية 1992 .
    31. الترابى , د. حسن عبد الله .تجديد الفكر الاسلامى . جمعية الهدى القرآنى . شركة مطبعة ايمان . الخرطوم 1998 .
    32. الترابى , د, حسن عبد الله .المرأةبين الاصول والتقاليد . مركز دراسات المرأة ,الخرطوم .2000 .
    33. طه , الاستاذ محمود محمد .الرسالة الثانية من الاسلام .الطبعة الخامسة .
    34. طه , الاستاذ محمود محمد . تطوير شريعة الاحوال الشخصية . الطبعة الثانية 1979.
    35. منشورات الاخوان الجمهوريين (المرأة الانسان,(2)عام المرأة العالمى1975 (3)الزى عنوان عقل المرأة وخلقها (4)الواجبات قبل الحقوق (5)الاختلاط بين الشريعة والدين(6) بيت الطاعة المشكلة والحل (7)قانون وقضاة الاحوال الشخصية قصور عن الشريعة وتخلف عن العصر(8)اتحاد نساء السودان وقضية المرأة (9)المرأة فى اصول القرآن(10) المرأة مكانها البيت؟ (11) حقوق المرأة فى الدين , الشريعة , الفقه. (12)المرأة والتدين (13)الاستاذ يحدث النساء فى حقوقهن (14)تعدد الزوجات ليس اصلا فى الاسلام (15)الطلاق ليس اصلا فى الاسلام (16)المرأة والدعوة الى الدين (17)ماذا حققت المرأة فى عام المرأة 1975 ؟ (18)المرأة ليست عدوة الرجل الجهل عدوهما معا .(19) اضواء على شريعة الاحوال الشخصية (20)لماذا وكيف خرجت المرأة الجمهورية للدعوة الى الدين ؟ (21)خطوة نحو الزواج فى الاسلام .
    36. ابراهيم , الاستاذ طه . مساهمة فى حل ازمة العقل العربى المسلم .دار عزة , الخرطوم . الطبعة الاولى .2002 .
    37. المهدى , السيد الصادق . جدلية الاصل والعصر . مصدر سابق . ص21-ص22.
    38. المهدى , الامام عبد الرحمن . تحرير يوسف فضل , محمد ابو سليم , الطيب ميرغنى شكاك . مداولات الندوة العلمية للاحتفال المئوى .ص321 .
    39. كوكو, نعمات . ورقة (المرأة السودانية والمشاركة السياسية ).المرأة السودانية عشرة سنوات بعد بكين . تحرير , شمس الدين الامين . مركز الجندر للبحوث والتدريب , الخرطوم . الطبعة الاولى 2006 .
    40. الحركة الاسلامية فى السودان . مصدر سابق .ص25 .
    41. تجديد الفكر الاسلامى . مصدر سابق . ص1, ص2 .
    42. الحركة الاسلامية فى السودان .مصدر سابق . ص34 .
    43. بابكر , د. فاطمة . المرأة الافريقية بين الارث والحداثة . دار كيمبردج للنشر . ص283 .
    44. الحركة الاسلامية فى السودان , مصدر سابق .ص 136 –ص137 .
    45. القراى , د. عمر و(آخرون ). حقوق المرأة بين المواثيق الدولية والاسلام السياسى . مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان . مناظرات حقوق الانسان ص50 .
    46. ( حادثة رفاعة ) , حيث سجنت امرأة خفضت بنتها خفاضا فرعونيا وكان الجمهوريون يرون ان محاربة هذه العادة , لايتم الا بالتوعية والربية . فقاد الاستاذ تظاهرة انتهت باطلاق سراح المرأة واعتقاله لمدة عامين . Biography of Alustaz Mahmoud Muhammed Taha http ://alfikra. Org
    47. طه , الاستاذ محمود محمد .المرأة الانسان . منشورات الاخوان الجمهوريين ص2, ص3 .
    48. ابراهيم , طه . مساهمة فى حل ازمة العقل العربى المسلم . مصدر سابق .
    49. اشكاليات التجديد . مصدر سابق .ص 267 . ( ورد تفصيل وتأكيد لهذه المسألة فى حوار خاص اجراه الدكتور حسين رحّال وآخرون مع الترابى 1997 وهو مسجل على شريط فيديو , اورد نصه فى ملحق خاص آخر الكتاب .)
    50. هى فتوى انكرها الترابى فى الوثيقة التى استعرضها الدكتور حسين رحّال فى كتابه اشكاليات التجديد ( مصدر سابق )من ص 472- ص 476 . فى مجمل رده على ابن باز . الذى كتب له يسأله عن حقيقة موقفه من هذه الفتاوى, قبل ان يعود ويتبنى هذه الفتاوى من جديد .
    51. اشكاليات التجديد . مصدر سابق . ص 267 .
    52. الوثيقة السابقة فى كتاب اشكاليات التجديد. مصدر سابق ص 472 –ص 476 .
    53. المرأة وحقوقها فى الاسلام . مصدر سابق . ص 36- ص37 .
    , المرأة بين الاصول والتقاليد . مصدر سابق . ص31 .
    54. Margaret Vertheim كاتبة ومعلقة علمية مشهورة عالميا وهى مؤلفة كتاب ( بنطال فيثاغورث ) ,( الابواب اللؤلؤية لفضاء التحكم ), وكتبت وانتجت للتلفزيون بعض الاشرطة ومنها على وجه الخصوص ( الايمان والعقل ) 1999 ,وهى عضو فى الهيئة الرئاسية لمعهد لوس انجلوس للانسانيات .
    55. فيرتهايم , مارغريت . الايمان والعقل والجنوسة .الثقافة العالمية . العدد 116 , يناير – فبراير 2003 . ص187 .
    56. المرأة الافريقية بين الارث والحداثة . مصدر سابق . ص94 .
    57. مصطفى, ندى . رواق عربى . مصدر سابق .
    58. Emmy Noether 1882-1935 , ابنة رياضى مشهور , عانت من حرمانها من الدراسة والعمل غير انها لم تتوقف فواصلت دراستها وبحوثها واشرفت على رسالات دكتوراة , وقال ( هرمان فايل ) عن رسالتها فى الدكتوراة انه نموذج لعمل يثير الهيبة فى النفوس , ولها نظرية فى الفيزياء باسمها كان لاستبصارها الفضل فى التوفيق بين النسبية وميكانيكا الكم .
    59. حرم النساء من الرياضيات والفيزياء باعتبارها علوم لها علاقة بالدين . الثقافة العالمية . مصدر سابق .ص188 .
    60. مكى , د. حسن . الحركة الاسلامية فى السودان 1969 –1985 تاريخها وخطابها السياسى . الدار السودانية للكتب –الطبعة الثانية 1420-1999 .ص 129 .
    61. رواق عربى . مصدر سابق . ص113 .
    62. المرأة الافريقية بين الارث والحداثة . مصدر سابق .ص 290- ص292 .
    63. طه , الاستاذ محمود محمد .الرسالة الثانية فى الاسلام ص133 ,المنشور الاول بمناسبة عام المرأة 1975 ص7 , المنشور الثانى _الزى عنوان عقل المرأة وخلقها.
    64. المرأة وحقوقها فى الاسلام ص16-ص17 .المرأة بين الاصول والتقاليد مصدر سابق .ص16-ص17
    65. رأى الترابى فى الحجاب . الوثيقة – اشكاليات التجديد . مصدر سابق .
    66. روايات شفاهية للطالبات وتجربة شخصية للكاتبة ابان دراستها الجامعية.
    67. المرأ ة وحقوقها فى الاسلام ص46,ص44, ص47 .المرأة بين الاصول والتقاليد , ص11, ص 28
    68. المرأة بين الاصول والتقاليد . ص 8 , ص7 , ص9 .
    69. العفيف, د. الباقر .فى تعقيبه على ورقة الدكتور عمر القراى. حقوق المرأة بين المواثيق الدولية والاسلام السياسى . مصدر سابق . ص 110.
    70. القراى , د. عمر . الصادق المهدى الانكفائية ودعاوى التجديد .دار عزة , الخرطوم . الطبعة الاولى .2007 .
    71. ذكر الترابى فى معرض رده على ابن باز وهو رجل تنبأ ثم تأله وانكر جل شعائر الاسلام وشرائعه ) . الوثيقة سالفة الذكر . كما ان احد شهود محاكمة الردة الاولى للاستاذ محمود كان ينتمى الى جبهة الميثاق ( الجبهة الاسلامية) . كما ان رئيس المحكمة التى اصدرت الحكم بالاعدام للاستاذ , هو المكاشفى طه الكباشى , الذى يحسب على تيار الترابى .
    72. اشكاليات التجديد . مصدر سابق . ص 284 .
                  

11-05-2008, 00:59 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    كتب حسن موسى

    الأخ عاصم الصويم
    أولا بالتبادي شكرا لك على إثارة هذا الأمر والتوثيق له بالنص و الصور.فهذه لحظة مهمة في مسار انعتاق جمهور الفن السوداني من اسار النفاق الذي يكبّل حركة الحياة الثقافية بذرائع العادات و التقاليد السياسية البائدة.
    و ثانيا( بالتبادي) أحر تعازينا للأخ الفنان محمد حمزة على الفاجعة التي ادركته و هو يسعى في بذل ثمرة ابداعه للأهالي في دار حزب الأمة القومي (أيوة "القومي") الذي يجتهد قادته، و بينهم استاذنا التشكيلي الرائد أدريس البنـّا،في توسيع ماعونه الفكري ليسع الهم الثقافي ايضا.و لا بد ان الأنصاري(؟) الذي ضاق بتصاوير محمد حمزة لم يسمع بإجتهاد الإمام الصادق المهدي في التأسيس لما صار يعرف في ادبيات التشكيليين ( و في ادبيات حزب الأمة)بـ " المشروع القومي للفن التشكيلي" الذي قرأناه في الوثيقة التي قدمها السيد الصادق المهدي في محاضرة عامة ضمن التظاهرة الثقافية التي نظمتها مؤسسة اروقة للثقافة و الفنون مع الإتحاد العام للتشكيليين السودانيين يتاريخ 5 مارس 2003.
    هذه الوثيقة( التي تأخرت عقودا أربعة بعد " الإسلام و الفنون" للأستاذ محمود محمد طه)
    تعكس تحولا فكريا و سياسيا كبيرا في التوجه العقائدي الإسلامي لحزب الأمة، حيث يطرح فيهاالصادق المهدي أسس" استراتيجية قومية للثقافة الوطنية" و يقول:
    "..إنطلاقا من هذه الرؤى، أورد النقاط الآتية أساسا لميثاق ثقافي يدرس على نطاق واسع ليتبناه الرأس العام السوداني و قنوات الإرادة الفاعلة فيه".."
    أولا : السودان وطن متعدد الأديان و الثقافات و الإثنيات.و المجموعات الوطنية السودانية".."تعترف ببعضها بعضا و تمارس هويتها الثقافية بحرية::
    ".." القسم الثاني: قضية الدين و الفن.
    الجمال من مقاصد الكون لأنه موجود بكثرة بحيث لا تفسره الصدفة.و متحرر من الوظيفة بحيث لا تفسره الضرورة.إنه مقصود لذاته.".." القرآن استخدم كل فنون البلاغة و الموسيقى و التصوير الفني.
    ".."أحاديث تحريم الغناء و السماع مجروحة جرحها في القديم ابن حزم و ابن القيسراني في" كتاب السماع"و في العصر الحديث د. محمد عمارة في كتابه " الاإسلام و الفنون الجميلة.
    كذلك الصور و التماثيل فإنها محرمة إذا وجدت شبهة وثنية، اما إذا كانت للجمال و للزينةأو لأي منفعة حياتية و لتنمية المشاعر الإنسانية فلا حرمة.كذلك جاء في الكتاب:" يعملون له ما يشاء من محاريب و تماثيل و جفان كالجواب و قدور راسيات اعملوا آل داؤود شكرا"(سورة سبأ 13).
    ".." القسم الثالث:
    نحو مشروع قومي تشكيلي:
    الفنون التشكيلية هي الفنون الجميلة المرئية: تلوين ، تصوير رسم، نحت، عمارة،خزف، تصميم داخلي،نسيج و ازياء، تصميم صناعي، خط عربي، طباعة ، تصميم أماكن،تخطيط مدن و تزيينها.".."
    المدارس التشكيلية السودانية تعيد انتاج ازمة الثقافة السودانية بين التأصيل المنكفئ و التحديث المستلب.إن الحل على مستوى الثقافة كلها هو في نهج التأصيل الصحوي الذي يستصحب التعددية الثقافية، و الإنفتاح نحو العصر الحديث أو التحديث المؤصّل الذي يتطلع للعولمة و يستصحب الخصوصيات الثقافية. و في إطار هذع الرؤية تتاخ الحرية و يمكن الإبداع من العطاء دون وصاية"
    شايف يا محمد حمزة؟

    http://www.sudaneseonline.com/forum/viewtopic.php?t=2706&...7141d292e14e03d5e1e1
                  

11-06-2008, 04:14 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    غربا باتجاه الشرق

    سباحة حرة فى نهر عطبرة (4)

    مصطفي عبدالعزيز البطل
    [email protected]

    قبل أن نعود فنلقى بأنفسنا من جديد فى مياه نهر العطبرة الموّارة المصطخبة، هناك وقفة تصحيحية هامة لا بد منها، نرتد بها الى مقال الاسبوع الماضى. و كنت قد أشرت في متن المقال الى رسالة كريمة وصلتنى من الدكتور أحمد الصافى، أستاذ التخدير بكلية الخرطوم للعلوم الطبية، و المدير التنفيذى لمؤسسة التراث الطبى السودانية، و قد نهد الدكتور الصافى إلى أن يلفت إنتباهى الى شخصية البروفيسور عبد الحميد إبراهيم سليمان، و الى الكتاب الموسوم ( عبد الحميد إبراهيم سليمان: حياته و أعماله )، مقترحا علىّ أن أتناول هذه الشخصية الفذة و أن أسهم فى تعريف بنى وطنى بإنجازاتها المتفردة فى عديد من الأصعدة. وقد جاء في نص رسالته الالكترونية العبارة التالية: ( و أود أن ألفت إنتباهك الى السيرة الذاتية للبروفيسور عبد الحميد إبراهيم سليمان الشقيق الأكبر للفريق عبد الوهاب إبراهيم سليمان). و على أرضية هذه المعلومة كتبت فقرة منوها برسالة الأخ الكريم الدكتور الصافى، أشير فيها الى البروفيسور عبد الحميد على أنه الشقيق الأكبر للفريق أول عبد الوهاب. و قد ظهرت هذه الفقرة فى النسخة الورقية للصحيفة و بعض من النسخ التى تداولتها بعض مواقع الشبكة الدولية. و لكن ما أن أسفر صبح المقال و أشرقت عليه شمسه، وخرج على الناس، حتى تلقيت إتصالات عاجلة من أستاذنا الكبير إبراهيم طه أيوب، وزير الخارجية الأسبق، و الخال المهندس صلاح الدين إبراهيم أحمد، و العم العزيز الاستاذ محى الدين محجوب شورة، وكيل و زارة التجارة الأسبق، ينبئوننى فيها بأنه ليس هناك فى واقع الأمر ثمة نسب يربط بين الشخصيتين المذكورتين، رغم التشابه المتطابق فى أسمى الأب والجد، سوى الإنتماء للسودان و نيله و ترابه و شعبه. و الواقع أن الفريق عبد الوهاب كان قد كتب فى مقدمة مذكراته، ( أوراق من الذاكرة: محطات في مسيرة ضابط شرطة)، عن ميلاده و نشأته في حى أبى روف العريق بأم درمان، و ذكر فى تلك المقدمة أن له شقيقين فقط هما المرحوم فتحى و المهندس فاروق، أمد الله فى عمره. و الواضح أن الأسماء تشابهت و تداخلت ثم إختلطت على الدكتور أحمد الصافى، و علينا من بعده. فكلينا فى ( الخلط ) شرقٌ. للفريق عبد الوهاب و للبروفيسور عبد الحميد وافر أعتذاراتنا.



    ثم نعود الى عالم مدينة عطبرة خلال مسار الزمان الممتد بين الستينات و السبعينات. و كنا قد تركنا هذه السلسلة معلقة، و أنصرفنا عنها ريثما يتوفر لنا صفاء الذهن و هدأة البال. و من عجب أننى أعود اليها و الحال هو الحال. لا في الذهن صفاء و لا فى البال هدأة. و فى أجندة اليوم الحاضر و اليوم التالى مشاغل ثقيلة على القلب ولكنها واجبة الأداء. صدق من قال " المعايش جبارة ". يقول جهاز البلاكبرى – أطال الله عمره و نفعنا بتقنيته - أن علىّ أن أكون في مكتبى صباحا باكرا لأنجز أعمالا بعينها كنت أؤجل أنجازها، كسلا و مطلا، و لكن التأجيل لم يعد خيارا متاحا أذ أغادر فى أجازتى السنوية بعد يومين. و يقول البلاكبرى أيضا أن لدى فى الغد إجتماعين في مكانين مختلفين من أرجاء منيابوليس نهارا، ليس من حضورهما بد. ثم أجتماع ثالث مساءً فى مدرسة أبنتنا شهد، يسميه الأمريكيون " كونفرانس" و يطلعون فيه والدى التلميذ أو التلميذة على الأداء الدراسى و السلوکى. و كسابقيه ليس الى التحلل منه سبيل، فالغياب يعطى مؤشرا سالبا عن الأسرة ودرجة متابعتها و إهتمامها بشئون أبنائها التعليمية. ثم أننى الى ذلك أريد فى يوم الغد، من قبيل الوفاء بالعهود، و كنت قد وعدت الاخوة الأفاضل من الناشطين فى حملة باراك أوباما بضاحية بيرنزفيل، بأن أدلى بصوتى في الإنتخابات الرئاسية في دورة التصويت المبكر الخاص، حيث أننى سأكون خارج الولايات المتحدة عند حلول دورة التصويت الراتب العام في الرابع من نوفمبر.



    و عن التحضير للسفر حدث و لا حرج، فالعبد الفقير لربه من الذين يؤمنون بتأجيل الأعمال التى لا تروق لهم الي الغد، حتى اذا جاء الغد إرتبكت الأمور و تاهت الدروب و انتهى الحال الى فوضى " غير خلاقة ". و أنا أحب الأسفار و أعشق الترحال، ولكننى أمقت تفاصيل التحضير لها مقتا ما بعده مقت. و فى خطتى أن أغادر بلاد العم سام فى الثانى من نوفمبر فى طريقى الى لاهاى و أمستردام، لأستعيد ذكريات عامين من أزهى و أخصب فترات حياتى، قضيتهما فى ربوع الأراضى الواطئة، تكفل بنفقات أقامتى و دراستى فيهما دافع الضرائب السودانى، تأسيسا على تعاقد أحكمت وثاقه الادارة القومية للتدريب، وهى الإدارة الحكومية التى كانت تشرف في الزمن الذى مضى على شئون المبعوثين، يسترد المقابل منى بلاءً حسنا فى خدمة السودان المدنية و مشروعاته التنموية. و لكن الثورة المنقذة حلت عنى وثاق التعاقد و أعفتنى من قيد الإلتزام، فأراحتنى و إرتاحت منى، و أطلقتنى لآكل من خشاش اليانكى. أنعم بها من ثورة، و أنعم بهم من ثوار. و بارك الله في من نفع و استنفع. ثم أنطلق من هولندا الى مدينة " بديع زايد " فى دولة الأمارات العربية، زائرا و متفقدا لشقيقتى، وواقفا عند باب الأخ الأكبر المهندس أبوبكر سيدأحمد فى دبى، و عند باب صديقى العلامة محمد الحسن محيسى فى أبى ظبى. ثم أعود لأمتطى أعنّة السحاب و مقصدى قاهرة المعز، حيث ينتظرنى عادل الباز فى داره الرحيبة المهيبة فى شارع جامعة الدول العربية، و ياله من إسم! فنعم الشارع و نعم الساكن. و قضاء إجازتى مع إبن الباز فى مثل هذا الوقت من كل عام إبتلاء قدره الله لى في اللوح المحفوظ. وقد شاركنى هذا الإبتلاء ردحا من الزمن صديقنا الآخر الإعلامى فوزى بشرى، نجم التحرير الإخبارى و البرامج السياسية فى قناة الجزيرة، الذى كان ثالثنا فى كل إجازاتنا فى أوربا والعالم العربى خلال السنوات الماضية. و لكن فوزى آثر السلامة و الاستقلال بإجازاته، بعد آخر تجربة له فى منظومة الإجازات المشتركة، وهى تلك التى قضيناها فى مدينة أوكسفورد البريطانية، ثم قام فوزى في نهايتها بتأليف كتاب يصف صحبة عادل و بلاويها وصفا دقيقا و أسماه: ( الإيجاز فى محن إبن الباز)!



    و من ضمن مناشطنا المبرمجة فى مصر المحروسة حضور أحتفال تسليم جائزة القيادة الرشيدة، التى تمنحها مؤسسة مو إبراهيم لقائد أفريقى كل عام فى أحتفال كبير يقام بمكتبة الإسكندرية، و التى فاز بها هذه المرة رئيس بوتسوانا السابق بوستاس موجاى، و هو أحتفال دأبنا على شهوده كل عام. و أسأل الله أن يمد فى عمرينا – عادل و أنا - حتى نرى رئيسنا المجاهد الفريق عمر البشير فائزا بجائزة القيادة الإفريقية الرشيدة و متقدما لتسلمها، عالى الهامة، عزيز الجناب، فى قلب قاعة مكتبة الإسكندرية، و الى جواره الفريق عبد الرحيم محمد حسين، بحضور رموز العالم و شخصياته الساطعة. وليس ذلك على الله بعزيز. و لكن هناك مشكلة طفيفة تتداخل مع أمنيتنا الغالية هذه. و إذا خطر ببالك أوكامبو، فقد كذب ظنك، يا هداك الله، فلا أنا و لا البشير نقيم لأوكامبو وزنا، و لا نرى عنده طحينا و لا سمنا. كل ما فى الأمر أن قانون الجائزة يشترط منحها لقائد أفريقى رشيد، ولكن بعد مغادرته مقعد القيادة. و رئيسنا البشير قائد رشيد، ما فى ذلك شك، شهدت برشده الأعداء قبل الأصدقاء، فلم يبق أذن الا مغادرة مقعد القيادة. غير أننى أكاد أسمع نافع يهمس: " تلقاها عند الغافل!"



    ثم أكاد أسمعك أنت – أيها الأعز الأكرم - تطنطن و تبرطم: " و ما شأنى أنا القارئ بكل ذلك؟ و أين عطبرة و نهرها؟ "، و أجيبك بأن عطبرة و نهرها سيأتيان. الشفقة تطير. فأما شأنك بكل ذلك فهو أنك إخترت أن تقرأ هذه الزاوية بمحض إرادتك و كامل وعيك. و أنا أكتب ما أريد، فالكيبورد كيبوردى والمساحة مساحتى. فإذا شممت فى كلامى هذا رائحة تسلط، فهو ذاك. و حاسة الشم عندك قوية ولا ريب. و أصارحك و لا أخفى عليك، فما أنت بغريب، أننى نهضت في طلب السلطة فى هذه الدنيا الفانية، و جهدت الى سككها و دروبها، فأنا من الذين يؤمنون بالمثل السودانى العريق: ( سلطة للركبة و لا مال للرقبة )، و فى صياغة أخرى ( حُكُم للساق و لا مال للخنّاق ). و هو مثل يُقال فى شأنه أنه يعبر عن ثقافة منطقة معينة فى السودان، أمتنع عن ذكرها، حتى لا يتشبّط فى رقبتى متشبط و يتعبّط فى تلابيبى متعبّط. و المتشبطون و المتعبطون هذه الأيام على قفا من يشيل. و لكن المولى، لحكمة يعلمها، لم يقسم لى من رحاب السلطة نصيبا و جعلنى فى مرابعها غريبا. بل أنه حرمنى حتى من السلطات التى يتمتع بها عوام العوام فى السودان، وهى السلطة على أبنائهم. فالأبناء الذين تربوا فى السودان لا يعرفون أمام والديهم غير جملة ( حاضر يابا )، أما الذين تربوا – مثل أولادى - في البرارى و المدن الإمريكية فأنهم يناقشون كل أمر، و يطلبون تفسيرا لكل شئ، و لا يسمعون من كلامك ألا أقل القليل، بعد أن تقدم لهم الشواهد على صوابه، و إلا فالبحر أولى به. و صفوة القول و زبدته أنه لم يتبق لى فى الحياة إلا زاويتى الاسبوعية ( غربا بإتجاه الشرق ) هذه لإمضاء تحكمات رأسى و إرضاء شطحات نفسى، و ممارسة نوع من السلطة أيا كان نوعها و حجمها، كما التركى الذى تعرفون، صاحب الزيرين. فإن صبرت، يا رعاك الله، على الطربقات و الخربقات، و أمتثلت و أحتسبت و أحسنت الرباط فمرحبا بك، حللت فى زاويتنا أهلا ونزلت سهلا. و إذا أنصرفت عنى راشدا فلا جناح عليك ولا تأثيم. أنت حر و أنا حر. و قد قال من قبلنا أخوة محمود: ( الحرية لنا و لسوانا)!

    حدثتك من قبل عن الولع بالنشرة اليومية لمصلحة السكة الحديد التى كان يطلق عليها ( البولتين )، و طبيعة المواد التى كانت تنشر فيها. و إتخاذها على ضعف مادتها وفقر لغتها العربية مدخلا للتسلح الثقافى، و قد يصح السؤال: إن كنت قد بلغت مدرجا من مدارج المهارة فى استيعاب اللغة العربية، بل و الاستمتاع بها فلماذا لم تتجه الى الكتب و مصادر الثقافة الحقيقية؟ و الإجابة هى أن الصغار الذين يقتحمون مجاهل الثقافة فى سن صغيرة يفعلون ذلك بتأثير عامل أساسى وهو التأثر ببيئة النشأة الأولى، فلا بد من أن يكون من هم حولك من المغرمين بالثقافة والمحتفين بها، ومن الممارسين للقراءة اليومية الموسعة الشاملة الآخذة من كل شئ بطرف. و لم يكن الأمر كذلك تماما فى حالتى. فقد كانت قراءات والدى دينية بحتة فى أغلبها ولم تكن متعددة و متشعبة. كذلك لم يكن أصدقائى المباشرين الذين كنت أقضى في معيتهم أغلب أوقاتى ممن يهتمون بالاطلاع. و أميل إلى الاعتقاد أن حقبة غالية من الزمان قد مضت هباء قبل أن أتنبه الى قيمة القراءة الجادة. غير أن أكبر حدث ثقافى محورى فى حياتى، و حياة عطبرة كلها، كان هو إنشاء أدارة للخدمات الإجتماعية بمصلحة السكة الحديد، وقيام هذه الإدارة بتحويل إحدى الكنائس فى حى السودنة الى مكتبة جليلة تحمل عنوان: المركز الثقافى الإجتماعى للسكة الحديد. وبخلاف توفير الكتب و جو القراءة الذى كان جديدا علىّ، و تعيين أمين للمكتبة يحمل درجة جامعية فى علم الوثائق و المكتبات، و كان ذلك جديدا على عطبرة، فقد كان لذلك المركز نشاطات ثقافية حقيقية شديدة التأثير الفعالية، على الأقل فى حالتى الخاصة. و يبدو لى أن الدينامو المحرك لكل هذه المناشط كان هو قادم جديد إلى المدينة، إسمه عبد الله الطاهر بكر، عرفت لاحقا إنه كان ضابطا فى القوات المسلحة و طرد منها و حكم عليه بالسجن لمشاركته فى محاولة فاشلة لإنقلاب عسكرى أبان حكم الفريق عبود، ثم تم تعيينه فى مصلحة السكة الحديد فى وظيفة ضابط الخدمات الإجتماعية، وقد تغيرت وظيفته، أو بالأحرى ترقى فى زمن وجيز و صار لقبه: مدير الخدمات الإجتماعية، وهو شقيق المغفور له الرشيد الطاهر بكر، الذى شغل مناصب دستورية عديدة خلال حقبة الديمقراطية الثالثة و حقبة مايو. و كان عبد الله الطاهر بكر هذا شديد الحركة، ذو طاقة جبارة وهمة عالية، و فى عهد أدارته لقسم الخدمات الإجتماعية شهدت عطبرة نشاطات ثقافية و فنية لم تسمع بها من قبل أو تخطر لها ببال، ومن ذلك فرق فنية جاء بها من كينيا و دول افريقية اخرى، مثل فرقة ( هرامبى افريكا )، و مغنيات يغنين باللغة الإنجليزية، يفترض أن إبداعهن يحمل قيمة فنية عالية، و لكن أحدا فى عطبرة لم يفهم من غنائهن شيئا.



    و قد حضرت أول محاضرة عامة فى حياتى فى حديقة تلك الكنيسة التى تحولت الى مركز ثقافى بحى السودنة. كان مقدم المحاضرة معلما مصريا فى أحدى مدارس البعثة التعليمية المصرية اسمه فتحى محمد رزق، و ربما كان جوهر محاضرته إسلاميا، إذ ما يزال صدى بعض كلماته القوية المجلجلة، و هى تتدفق عبر المايكروفون تترامى إلى اذنى في يومى هذا، بعد أربعة عقود من الزمان، و أذكر منها كلمات عن الخليفة عمر بن الخطاب و عدله. تلت ذلك محاضرات أخرى، أذكر منها محاضرة للاستاذة عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ، و قد قدّم المحاضرة رئيس شعبة اللغة العربية فى المدرسة الثانوية الحكومية و قد ضاع علىّ أسمه، و كان تقديمه باهرا رائعا بحيث أننى رأيت أنه كان أكثر قيمة من محاضرة بنت الشاطئ نفسها. ثم عرفت أن هناك مكتبة أخرى في المدينة، كان البعض يرتادها وهى مكتبة البلدية. ولكنها كانت أقل فخامة ووسامة من مكتبة المركز الثقافى للسكة الحديد. و ربما كنت قد بدأت بقرأة بعض أجزاء من حلقات سلسلة ( روايات تاريخ الإسلام ) لجرجى زيدان، و لكن أول كتاب جاد، كبير الحجم، قرأته كاملا من أوله الى أخره كان بالقطع هو كتاب (ذهب مع الريح ) للكاتبة الأمريكية مارغريت ميتشيل، و كان ذلك حدثا محوريا فى حياتى فتح أمامى أبوابا واسعة. و مارغريت ميتشيل من القلائل الذين خلدت إسماؤهم فى عالم الرواية نتيجة لعمل واحد فقط. و فى الأيام التى سهرت فيها أطالع صفحات ذلك الكتاب كنت أشعر بأننى فى حالة جذب صوفى، فلم أكن فقط مستغرقا بكلياتى فى فصول الرواية، بل أنه كان يخيل الىّ أننى أصبحت جزءا من عالم تلك الرواية و شخصياتها. و تدور أحداثها حول إنعكاسات الحرب الأهلية الأمريكية على المزارعين الجنوبيين، وصعود المجتمع الصناعى، و تحرير العبيد، و انهيار المجتمع الإقطاعى، و تأثير ذلك على الأفراد عبر قصص حب متشابكة شديدة التعقيد. وقد تحول ذلك الكتاب الى فيلم سينمائى فاز بثمانية جوائز أوسكار، و إختاره معهد الفيلم الأمريكى ليكون الرابع فى قائمة أفضل مائة فيلم فى القرن العشرين، و أصبح ( ذهب مع الريح ) أعلى الأفلام إيرادا فى تاريخ السينما على الإطلاق.



    و لكننى كنت، على غير وعى منى، قد فارقت جوانبا إخرى من الثقافة فراقا بائنا، و بصفة خاصة الشعر. و هو شئ قد يبدو غريبا من شخص حاول أن يكتب الشعر و بذل جهدا لا بأس به في إيهام نفسه والآخرين بأنه شاعر. و كنت قد بعثت بقصيدة الى جريدة ( الأيام ) عند وفاة جمال عبد الناصر و كان عمرى آنذاك حوالى اربعة عشر عاما، وقد نشرت الصحيفة بيتين منهما بعد أن أدخل المحرر عليها بعض التعديلات. و لم أعد الى الإهتمام بالشعر أو الإحساس به كعطاء روحى أو كقيمة إنسانية راقية الا فى بداية السنة الاخيرة من المرحلة الثانوية في مدرسة عطبرة الثانوية الحكومية. و كان هناك أستاذ لمادة التاريخ ظهر فجأة منقولا من مدرسة أخرى، إسمه عثمان السيد، و بالرغم من أن مادة ذلك الأستاذ و مجال تخصصه كان التاريخ كما قلنا، فإنه كان يهتم بالشعر إهتماما عجيبا، ويحرض الطلاب على قراءته والاستمتاع به. وكان يبدأ حصته بتوزيع أوراق مطبوعة بماكينة الرونيو تشتمل على قصائد للفيتورى و نزار قبانى و صلاح عبد الصبور و كثير غيرهم، ثم يقوم بقراءة واحدة من هذه القصائد كاملة. و عرفت أنه كان يشترى المواد الخاصة بهذا العمل من ورق وغيره من ماله الخاص، ووجدت فى ذلك أمرا محيرا أو على الأقل غير مألوف بين المعلمين. عاد الإحساس ( بالشعر ) يتسرب الى مسامى فى تلك المرحلة "على يد" ذلك المعلم الاستثنائى، الذى غاب إسمه و إنمحت شخصيته و صورته عن ذاكرتى لعمر طويل، ثم بدأت ملامح من كل ذلك تعود الى ذاكرتى بعد هجرتى الى الولايات المتحدة. فقد لاحظت أن كثيرا من الصفات التى تطبع الشخصية الإمريكية كانت متوفرة تماما عند عثمان السيد. ومن أمثلة ذلك أنه كان عندما يتوجه بسؤال الى الفصل أثناء التدريس ثم يجيب أحد الطلاب، فإنه يقوم بشكر الطالب على الأجابة حتى و لو كانت الإجابة خاطئة. و هذه خصيصة راكزة فى الثقافة الأمريكية، و لكنها لم تكن مألوفة أو شائعة فى الثقافة السودانية. والواقع أن نسبة مقدرة من المعلمين الذين مررت بهم - أو مروا بى – كانت تغلب عليها ملامح من الغلظة و الجلافة فى التعامل مع الآخرين، فقد كان عاديا جدا أن يخاطب المعلم تلميذا معاقا خطابا فظا مثل: ( يا معولق إنت. إنت قايل ربنا عولقك كده ليه؟ ). و فى واقع خلفيته و أرضيته كهذه فإن سطوع شخصية أستاذ كعثمان السيد و سيطرتها و تصاعد تأثيرها على عقول و قلوب تلاميذه يكون أمرا منطقيا.



    فى مرحلة باكرة جدا بدأت التفكير فى المستقبل. مستقبلى أنا. ماذا أريد أن أكون عندما أغدو كبيرا؟ وكان أسلوبى في معالجة أمر المستقبل هذا هو التصور و الخيال و أحلام اليقظة. و كانت هذه كلها مرتبطة أوثق رباط بصور حقيقية معاشة لشخصيات حقيقية حية و نابضة و متفاعلة فى مجتمع عطبرة. و قد كان عندى نموذج لكل مرحلة، بمعنى وجود شخصية معينة أحلم بأن أكونها فأصيب نجاحها و شهرتها و سطوتها. فى المرحلة الأولى سيطر على حلم أن أكون ( رائدا ) فى القوات المسلحة. ليس ملازما و لا نقيبا و لا مقدما و لا عقيدا و لا حتى مشيرا. فقط رائد. و كنت أكثر من التجوال فى شارع النيل، فى الجانب الذى توجد فيه رئاسة سلاح المدفعية حيث أعاين و أراقب و أمارس التأمل و أحلام اليقظة. و لم يأت الإصرار على رتبة الرائد من فراغ. فقد كان هناك نموذج معين من لحم و دم للرائد الذى أريد أن أكونه. و سآتيك إليه. ولكننى لا أقوى، عند هذا المنعطف، على تجاوز قصة طريفة، وثيقة الصلة بحلم ( الرائد ) القديم عندى، حكاها لى الوزير و حاكم الولاية السابق عبد الرسول النور. فقد حكى لى عبد الرسول عن صديقه الطبيب الأشهر الدكتور أحمد عبد العزيز. وكان الرئيس السابق جعفر نميرى قد عين الدكتور أحمد، الذى لم تكن له أى خلفية عسكرية، قائدا للسلاح الطبى برتبة لواء. و كان لقبه الرسمى اللواء ( طبيب ). و كان للدكتور أحمد عبد العزيز فيما يبدو ولع بالقانون، فدرس القانون بجامعة القاهرة فرع الخرطوم و حصل منها على الإجازة فى الحقوق. و بعد أن إرتدى البزة العسكرية ردحا من الزمن و تعود علي رتبة و صفة ( اللواء طبيب )، أخذ احمد عبد العزيز يصرح لبعض خاصته أن لديه رغبة عارمة فى أن يكون ( عميد حقوقى ). و إستهجن أصدقاء الدكتور ذلك و لاموه على هذا الكلام الذى يفتقر الى المنطق، أذ كيف يطلب أن يكون ( عميد حقوقى ) بينما هو يحمل فعليا رتبة اللواء، التى هى أعلى من رتبة العميد. و لكن الدكتور أحمد كان يرد قائلا: ( عارف.. عارف.. لكين بس أنا عندى مزاج أكون عميد حقوقى)!



    أما أنا فأعود الى رائدى الذى حدثتك عنه، و إسمه الرائد محمد احمد الريح. و هو ضابط يبدو أنيقا و شديد الوسامة عندما يرتدى الملابس العسكرية، ويربض النسر ( أو الصقر ) على كتفه اليمنى و كتفه اليسرى. وكانت له سيارة ساحرة ماركتها فوكسهول، ولونها يجمع بين الأصفر و الذهبى و ربما البنى الخفيف. و كانت هذه السيارة لامعة فى كل وقت و آن، إذ أن الجنود كانوا يقومون بغسلها وتلميعها يوميا. و هذا الرجل و رتبته و سيارته الفوكسهول ظلوا و لردح طويل من سنى الصبا يجسدون منظومة متكاملة للمستقبل الذى رسمته لنفسى بعقل خيال خصيب. كان بعض أقرانى يتحدثون فيما بينهم عن فتوحات نسائية و علاقات رومانسية و غير رومانسية لهذا الرائد مع فتيات فاتنات عاشقات يهمن به حبا، و يتوسعون في هذه الحكاوى. و أظن أنها كانت جلها إن لم يكن كلها مختلقة أو مبالغ فيها. فالرجل ( ولد صالحين )، و قد كان معروفا على نطاق المدينة، إذ أن والده شخصية دينية صوفية مرموقة على نطاق الإقليم، و قد أطلق أسمه، تيمنا ببركته و سيرته الصوفية، على أكبر ميدان للمواصلات العامة فى المدينة. ذلك هو ( ميدان حاج الريح ). والذين عاشوا و عرفوا عطبرة لا بد انهم أدركوا أن صاحبنا هو نفسه العميد (م) محمد أحمد الريح، الذى قارع نظام الإنقاذ و قارعته. أتهمته بالتآمر والضلوع فى تدبير الانقلابات عليها، و أتهمها هو بتعذيبه والإفتئات على حقوقه، و أقام عليها الدنيا و لم يقعدها، ثم غادر السودان ليقيم فى الولايات المتحدة. و عندما قامت ( ثورة ) مايو فى 1969 و ألفتنى فى السنة الأولى المتوسطة، كان معظم أعضاء مجلس قيادة الثورة من الرواد. و قد بهرتنى مرائى هؤلاء الضباط الشباب، وهو يحيون الجماهير الهادرة من على سطوح السيارات العسكرية، و الهتافات تتصاعد إلى عنان السماء: ( مرحب مرحب بالاحرار )، ( مرحب مرحب بالثوار ). و ترسخ عندى اليقين بأن دورى و رسالتى فى الحياة هى أن أكون رائدا فى القوات المسلحة. و زدت على ذلك فقررت أنه ربما كان من الأوفق أن أشارك فى تنظيم أنقلاب و أن أكون الرائد مصطفى عبد العزيز، عضو مجلس قيادة الثورة ووزير شئون الرئاسة و رئيس جهاز الأمن القومى. وهى سلسلة الألقاب التى كان يحملها الرائد مأمون عوض أبوزيد، الذى أصبح، ضربة لازب، نموذجى وحلمى الجديد، بعد أن أطاح بالنموذج السابق، المتمثل فى الرائد محمد أحمد الريح و سيارته الفوكسهول، تماما كما أطاح الأنقلاب نفسه بالأحزاب و حكوماتها!


    from sudanile 05 nov 2008
                  

11-06-2008, 04:56 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    لقاء صحفي مع الأستاذ محمود محمد طه زعيم الأخوان الجمهوريين
    صحيفـــة المطــرقة (حائطية) - معهد تدريب معلمات الثانوي العام

    أجرى اللقاء محمد الحسن محمد أحمد
    14 يناير 1979م - مدينة الثورة - الحارة الأولي - منزل الأستاذ محمود محمد طه


    كمدخل لهذا اللقاء أرجو أن يحدثنا الأستاذ عن أبعاد فلسفة الجمهوريين "دينيا و إجتماعيا".

    الأستاذ : هي بعث الإسلام من جديد ، في مستواه العلمي ، الذي أشير إليه بالفطرة "فطرة الله التي فطر الناس عليها" .. الحديث: "الإسلام دين الفطرة" .. وفي الفطرة تلتقي البشرية من حيث هي بصرف النظر عن ألوانها و ألسنتها و معتقداتها .. الدعوة الجمهورية "الدعوة الإسلامية الجديدة" دعوة لبعث الدين في المستوى العلمي .. علم النفس وهذا المستوى يتسامى فوق العقيدة و هو مضمن في أصول القرآن - القرآن المكي- هذا المستوى من الإسلام ليس دينا بالمعنى المألوف عن الأديان ، و إنما هو خلاصة وتتويج للمجهود البشري في جميع الحقول و بخاصة في حقل الدين - في هذا المستوى التركيز علي الحرية الفردية في مكان الغاية ، والحرية الجماعية في مكان الوسيلة - بمعنى آخر الفرد هو وحده الغاية من وراء كل الوسائل بما في ذلك وسيلة الإسلام ، و القرآن ، والمجتمع. ففي هذا المستوى من الإسلام المجتمع ينظم بطريقة تجعله الوالد الشرعي للإنسان الحر الكامل ، و هذا التنظيم عندنا يقوم علي ثلاثة مستويات:
    مستوى العدالة الإقتصادية (الإشتراكية).
    مستوى العدالة السياسية (الديمقراطية).
    مستوى العدالة الإجتماعية (المساواة بين الرجال والرجال وبين الرجال و النساء من غير وصاية تقع من فرد علي الناس).
    هذه المستويات موجودة في أصول القرآن "المكي" وليست موجودة في فروع القرآن "المدني" .. وجوهر الدعوة الإسلامية الجديدة يقوم علي تطوير التشريع من الآيات المدنية التي تنظم الإقتصاد علي أساس الزكاة ، وتنظم السياسة علي أساس الوصاية - إما بالسيف علي المعترضين ، أو بالقانون علي المؤمنين - وتنظم الإجتماع علي أساس وصاية الرشيد علي القصر ، و قد كان النبي وصيا على كل الناس ، و الرجال أوصياء علي النساء ، والمؤمنون أوصياء على أصحاب الملل و التحل الأخرى.

    الرسالــــة الثـــانية ؟

    أصول القرآن قامت عليها شريعة هي شريعة النبي في خاصة نفسه وهي ما تسمى عندنا بالسنة ، و فروع القرآن قامت عليها شريعة هي شريعة عامة الأمة. بشريعة أصول القرآن كان محمد نبيا ، و بشريعة فروع القرآن كان محمد رسولا ، و الفرق بين الشريعتين يمثله الفرق بين النبي و بين الفرد من سائر أمته.
    شريعة أصول القرآن - السنة - هي الرسالة الثانية ، و شريعة فروع القرآن هي الرسالة الأولي ، و نحن اليوم دعاة إلي الرسالة الثانية بمعنى بعث السنة التي كانت تكليف النبي في خاصة نفسه لتكون شريعة لعامة الناس في المجتمع الذي بشر به النبي وسماه إخوانه في مقابل أصحابه في الحديث المشهور: "وا شوقاه لإخواني الذين لم يأتوا بعد .. قالوا: أو لسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال: بل أنتم أصحابي. وا شوقاه لإخواني الذين لم يأتوا بعد .. قالوا: أو لسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال: بل أنتم أصحابي. وا شوقاه لإخواني الذين لم يأتوا بعد .. قالوا: من إخوانك يا رسول الله ؟ قال: قوم يجيئون في آخر الزمان للعامل منهم أجر سبعين منكم. قالوا:منا أم منهم؟ قال : بل منكم. قالوا: لماذا ؟ قال: لأنكم تجدون علي الخير أعوانا ولا يجدون علي الخير أعوانا." .
    الرسالة الثانية هي شريعة الأخوان ، والرسالة الأولي هي شريعة الأصحاب. ونحن نعتقد أن جاهلية القرن العشرين الحاضرة هي الجاهلية التي ينبلج فجر ليلها عن الرسالة الثانية كما إنبلج فجر ليل جاهلية القرن السابع عن الرسالة الأولي.

    ماذا يمكن أن يقول الأستاذ حول ما نسب إليه في مجلة صباح الخير المصرية من قول (أنا محمد .. أنا المسيح .. أنا الله) ؟

    الأستاذ : مجــرد هــراء.

    وماذا كان الرد ؟

    الأستاذ: إخراج كتيب - أعد للطبعة الثانية.

    بما أن هذا لا يكفي لماذا لم يرفع الأستاذ الأمر للقضاء؟

    الأستاذ : عدم الثقة في القضاء المصري أدت للتوقف عن التقدم إليه.

    ماذا يقول الأستاذ عن الصلاة كوسيلة وليست غاية ؟

    الأستاذ: الصلاة أعظم عمل العبد ، أعلي العبادة اللفظية قولك "لا إله إلا الله" و أعلي العبادة العملية "الصلاة" ، وقد جمعن هذه في العبارة القرآنية "إليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه" ، فالكلم الطيب "لا إله إلا الله" و العمل الصالح علي قمته الصلاة وكما سبقت الإشارة في إجابة سابقة أن الفرد هو وحده الغاية من جميع السعي من إنزال القرآن و إرسال الرسول وتشريع الشريعة ، والصلاة الشرعية المعروفة عندنا في الدين بهيئتها و أوقاتها هي أكبر وسيلة لتوصيل الفرد إلي مقام حريته ، و الصلاة تقع علي مستويين كلاهما ورد في الحديث: "الصلاة معراج العبد إلي ربه" .. و هذه هي الصلاة الصغرى التي جاء بها جبريل إلي النبي في مكة. جاءه بأوقاتها و بهيئة وضوئها وبهيئة أدائها. "والصلاة صلة بين العبد وربه" و هذه هي الصلاة الكبرى التي لم يكن جبريل حاضرها لحظة فرضها. كلا مستويين الصلاة وسيلة كما قررنا ، ولكن وسيلة الصلاة الكبرى اقرب إفضاء إلي الغاية ذلك لأن بها تتم الشريعة الفردية.
    الصلاة الصغرى هي تكليف النبي بالأصالة و تكليف الأمة بالتبعية والتقليد ، فالنبي فيها أصيل و الأمة فيها مقلدة له. هي وسيلة إذا أحسن التوسل بها و ذلك بإتقان تقليد النبي. توصل إلي الصلاة الكبرى و ذلك بسقوط التقليد و قيام الأصالة. و النبي الكريم هو داعي الصلاة الصغرى بقوله ، وعمله .. وهو داعي الصلاة الكبرى بقوله ، وعمله ، وحاله. فإذا سار المقلد بإتقان فإنه يصير إلي حال يشبه حال النبي من صدق التوجه إلي الله و حضوره معه وفراغ باله عما سواه وهذه الحال هي الأصالة في مقابل التقليد .. فالتقليد المتقن يفضي إلي الأصالة و هذا ما نقول به .. نحن لا نقول بإسقاط الصلاة ، و إنما نقول بإسقاط التقليد حتى يفضي إلي الأصالة و يسقط التقليد .. و تقوم الأصالة تأسيا بالنبي الكريم .. وعند الأصالة يأخذ الأصيل صلاته بلا واسطة .. فهو إذن علي صلاة و لكن شريعته فيها شريعة فردية و ليست شريعة جماعية.

    نسب إليكم (إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر و أنا لا أفعل الفحشاء والمنكر لذلك لا أصلي) ما رأيكم ؟

    الأستاذ: فالقول المنسوب لي بأني قد إنتهيت عن الفحشاء والمنكر ولذلك لا أصلي ، قول خطأ .. جاء من عدم الدقة في فهم ما أقول. فإن غرض الصلاة ليس فقط أن تنهي عن الفحشاء و المنكر و إنما غرضها الأعظم من هذا ، و الأبعد مدى هو الذي يجعلها لا غنى عنها لأحد ، إنما هو إنشاء العلاقة بين العبد و الرب وهى علاقة دائما و أبدا "سرمدية" تحتاج إلي إعادة ومراجعة.

    ما رأيكم في توفير جو الإختلاط في التعليم كي لا تكون الشقة بعيدة بين الرجل و المرأة و كي لا يحدث فساد فيما بعد ، فكل ممنوع مرغوب ؟

    الأستاذ: الإختلاط في الشريعة ممنوع و المرأة مكانها البيت و القرآن يقول :" وقرن في بيوتكن" فالحجاب هو خلف الباب و لكن لدى الضرورة يستبدل حجاب الباب المقفول بالثوب المسدول. و هو أن تخرج المرأة كاسية بالثياب الساترة و لا يبدو منها غير وجهها و راحتا كفيها و ظهرا قدميها وهي لا تخرج إلا لدى الضرورة. و الضرورة حددت بألا يكون لها عائل يكسب عليها قوتها. فرؤي أن تخرج لتكسب قوتها بالعمل الشريف. وهي في الشريعة لا تتعلم من العلم إلا أمور دينها. تتعلم ما لا تصح العبادة إلا به ، و تعلمها إمرأة ، أو يعلمها رجل من وراء حجاب . والتعليم في المدارس لا يعتبر في الشريعة سببا من أسباب خروجها من منزلها .. هذا هو الموقف في الشريعة .. و لكنه في الدين يختلف إختلافا كبيرا ، لأن الشريعة قد جاءت لمجتمع متخلف قد كان يئد البنت حية و من النص "و إذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت" .. فأصبحت الشريعة في مثل هذا المجتمع مشدودة إلي رواسب الماضي فلم تعط المرأة حقها كاملا و إنما وضعتها تحت وصاية الرجال و آية ذلك من كتاب الله "الرجال قوامون علي النساء بما فضل الله بعضهم علي بعض وبما أنفقوا من أموالهم ، فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ، و اللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن و أهجروهن في المضاجع و اضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا" .. هذه هي الآية التي قامت عليها الشريعة ، و أما آية الدين فهي "و لهن مثل الذي عليهن بالمعروف ، و للرجال عليهن درجة" ، فإذا تطور التشريع من مستوى آيات الفروع إلي مستوى آيات الأصول فإن المرأة يصبح لها كامل الحرية في أن تفكر و تقول وتعمل علي شرط أن تتحمل مسئولية قولها وعملها أمام القانون الدستوري "قانون الرسالة الثانية" .. فلا يكون هناك عليها وصي غير القانون و لا يكون هناك وصي علي الرجال غير القانون.

    ما رأيكم في معلم و معلمة اليوم ؟

    الأستاذ: المعلمة الحاضرة إذا ما قيست بالمعلمة الماضية مؤهلة أكاديما أكثر. و المعلم الحاضر إذا ما قيس بالمعلم الماضي تأهيله أقل.

    بإختصار أجب ..
    من هو المسلم؟

    الأستاذ : مثاله النبي "فقد كان المسلم الوحيد بين أمته"

    من هو المؤمن؟

    الأستاذ : مثاله أبو بكر "فقد كان قمة المؤمنين".

    إلي أين وصل الإسلام ؟

    الأستاذ : تنصل عنه الناس فلا وجود له إلا بين دفتي المصحف.

    ما هو الطريق ؟

    الأستاذ : بعث لا إله إلا الله من جديد لتكون خلاقة في صدور الرجال و النساء و يكون ذلك ببعث السنة.

    كلمة أخيــرة …

    الأستاذ: لا كرامة لأحد علي هذه الأرض إلا إذا انبعث الإسلام في مستوى الرسالة الثانية لأن به تحرير العقول من الأوهام و الجهالات ، و سلامة القلوب من التمزق و الإنقسام.
    أوصي بهذا أبنائي و بناتي من المعلمين و المعلمات في مجمعهم هذا الميمون ، و أوصي به بشكل خاص المعلمات لأنهن و بنات جنسهن أكبر من استضعف في الأرض ، و ببعث الإسلام في مستوى الرسالة الثانية يتحقق لهن موعود الله بالنص :
    (و نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض و نجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين).

    أنتهي اللقاء



    http://www.alfikra.org/talk_page_view_a.php?talk_id=13&page_id=1
                  

11-06-2008, 04:57 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    عــالم الراغــبين عــــن الدنيــــا

    بكــري خضـــر - السودان الجديد - السبت 24/3/1973م


    الصوفية في السودان .. عندما يحاول أمثالي من "غير العالمين" الكتابة عنها .. تأخذهم الرهبة و الهيبة .. فلتدخل في عالم الصوفية يخيل إليك لابد لك من التوجه حافيا في خشوع و قد عبقت الأرض نسائم البخور و تجاذبتك التراتيل الموقعة علي رزم "النوبة" و الطار فتتمشى كل هذه في خيالك لتجسم لك الرهبة و الخشوع .. فتتأنى و تتروى لأنك داخل علي عالم يتطلب التأدب للمقام .. و ينتابك إحساس من يدخل حلقة الذكر ، فلابد له من خلع نعليه تأدبا .. وقد يعود إحساسي هذا إلي أنني أتأثر "بالنوبة " لأنني نشأت في بيئة دينية متصوفة تقرأ المولد مساء كل أحد و خميس و تعمر حلقات الذكر .. فتشربت نفوسنا من صغرها بهذا ، فأصبحت نظرتنا للأولياء و الصالحين غير نظرة رفض أبناء اليوم .. تجاذبتنى كل هذه الأحاسيس وأنا أقترب عصر الجمعة الماضي من ضريح الشيخ حمد النيل حيث تقام حلقة الذكر في عصر كل جمعة هناك .. الحلقة مائجة و قد إمتد قطرها حتى كاد أن يصل أطراف القبور بعد أن ملأ الأرض الفضاء أمام الضريح و النوبة برزمها القوي ..؟؟؟ لداخل لترى الدراويش وقد أضفوا علي الحلقة رونقا بقفزاتهم و سقوطهم وتلوي أجسامهم في صورة يعجز عن وصفها القلم .. وهؤلاء الدراويش هم في نظري الزهاد الذين وصفهم الإمام الغزالي رحمه الله في كتابه إحياء علوم الدين فقال رضي الله عنه :
    (الزهد عبارة عن رغبة عن الدنيا عدولا إلي الآخرة أو عن غير الله تعالي عدولا إلي الله تعالي و هي الدرجة العليا). وقد مثل الإمام رضي الله عنه لذلك فقال:
    (فكما أن العمل الصادر عن عقد البيع هو ترك المبيع و إخراجه من اليد وأخذ العوض فكذلك الزهد يوجب ترك المزهود فيه بالكلية .. وهي الدنيا بأسرها مع أسبابها ومقدماتها وعلائقها فيخرج حبها ويدخل حب الطاعات).
    و هكذا تستمر الحلقة في فوران دائم حتى آذان المغرب و مع أن هذه الحلقة تقام بعيدا عن كل سبل المواصلات إلا أن الإقبال عليها يفوق حد التصور. وهي مظهر من مظاهر الصوفية التي يعود إليها الفضل كله من إدخال الإسلام ونشره في ربوع السودان الشاسع عن طريق الطرق الصوفية المعروفة في السودان. بل إن كل طريقة تمركزت في منطقة بعينها من مديريات السودان فدان لها سكان تلك المنطقة بالتأييد والإتباع .. ولأكمل صورة التصوف توجهت للأستاذ محمود محمد طه بهذا السؤال:

    ماهي الصوفية ؟ وكيف نشأت؟

    فأجابني مشكورا:
    التصوف هو سنة النبي صلي الله عليه وسلم .. كان العهد النبوي الأصحاب فيه غير محتاجين لأي عمل غير صحبة النبي و أتباعه .. وعندما لحق النبي بالرفيق الأعلى اصبح الأصحاب مقيمين علي ما تركهم عليه ولكن بطبيعة الحال حدث هبوط في حالهم بمجرد إرتحال النبي حتى أن أحدهم عبر عن هذا الهبوط فقال :"ما كدنا ننفض أيدينا من تراب قبر رسول الله حتى أنكرنا قلوبنا" .. ثم أخذ الأصحاب ينتقلون إلي الدار الآخرة الواحد تلو الآخر حتى جاء عهد التابعين وهم الذين رأوا الأصحاب ولم يروا النبي صلي الله عليه وسلم وكان هؤلاء في مستوى دون مستوى الأصحاب ثم إرتحل هؤلاء الواحد تلو الآخر إلي أن جاء عهد تابعي التابعين وكان عهدهم بعيد العهد برسول الله اذا ما قيسوا بمن سبقوهم .. وكانت الدنيا قد أخذت تستحوذ علي قلوب الناس منذ أخريات عهد عثمان بن عفان فلما كان الناس بعيدي العهد بتابعي التابعين ، قد أخذت الغفلة والجهل يدبان إلي قلوبهم وعقولهم فظهر الوعاظ من الزهاد الذين أخذوا انفسهم بتتبع حالة النبي والشيخين من بعده وأخذوا يعظون الناس ويشدونهم ويحملونهم علي الجادة .. ومن هاهنا ظهر التصوف في فريق من الناس دون فريق وأخذت أقلية الناس تحرص علي الدنيا وتفرط في الدين وكان أتباع الزهاد في هذه الحقبة يسمون بأصحاب "فلان" .. أصحاب الحسن البصري وأصحاب أبو يزيد البسطامي .. ألخ .. وكانت تعاليم هؤلاء الزهاد تركز علي تزهيد الناس في الدنيا وترغيبهم في أمر الله علي نحو ما كان عليه النبي ومن هاهنا نشأت كلمتا التصوف والصوفي ولا يعرف لهما أصل ..
    ومعلوم أن بعض الكتاب يحاول أن يردها إلي الصوف بإعتبار أنه لبس هذه الفئة الغالب عليها ومنهم من يحاول أن يردها إلي الصفاء بإعتبار أنه حالة القلوب التي يسعى لتحقيقها أفراد هذه الطائفة .. ومنهم من يردها إلي أصل يوناني - الأصل الذي اشتقت منه كلمة "فلوسفي" الفلسفة. ولكن الأمر المهم هو أن الصوفية هم أتباع السنة المحمدية وليس أنصار السنة الذين يدعونها علي عهدنا الحاضر ويجعلون تعاليمهم الإعتراض علي الأولياء وعلي سلف الأمة الصالح ..
    والسنة النبوية غير الشريعة المحمدية .. نؤكد هذا .. لأن الناس يجهلونه .. السنة النبوية هي عمل النبي في خاصة نفسه وهي "طريق محمد" فإنه قد قال: "قولي شريعة .. وعملي طريقة .. وحالي حقيقة". وسائر الأمة مكلفة بالشريعة وليست مكلفة بالسنة بكل تفاصيلها وإنما هم مندوبون إلي ما يطيقون منها يقول تعالي في ذلك (قل إن كنتم تحبون الله فأتبعوني يحببكم الله).
    ولم تغادر السنة النبوية صغيرة ولا كبيرة نحتاجها في أمر ديننا إلا بينتها .. ومن هاهنا فليس هناك موجب لإبتداع البدع .. والبدع هي كل ما لم يعمله النبي في خاصة نفسه ولكن الصوفية في أوائل عهدهم وقد وجدوا الناس بعيدين عن أن يحملوا علي السنة قد إبتدعوا بدعا حسنة كالسبحة مثلا وأسموها بالبدعة الحسنة والذي إضطرهم إليها هو أنهم عندما أخذوا يربون المريدين بإدخالهم الخلاوي وأضطروا لأن يملأوا فراغ المريد بأن يعطوه أعدادا معينة يحسبها علي السبحة من ذكر الله ومن صلاة علي النبي حتى لا يدعوا له فراغا في خلوته يشوش عليه ويوزع باله فنشأت السبحة الألفية وسميت بدعة حسنة والذي حسنها هو حكم ذلك الوقت حيث أن الجهل بعمل النبي أصبح يسود أوساط المسلمين ولم تكن القراءة منتشرة بين الناس يومئذ ولا كانت الكتب ميسورة التداول بينهم .. ويجب أن يكون واضحا أن دخول الخلاوي ودخول المغارات والإعتزال في الفلوات وفي الجبال الذي أخذ به الصوفية أنفسهم وأتباعهم ليس من البدع وإنما هو سنة .. بيد أنها سنة النبي قبل البعث أيام تحنثه في غار حراء وعند الصوفية كل عمل النبي قبل البعث وبعده إنما هو عمل مسدد وموجه ومرعي ذلك أن النبي يقول (كنت نبيا وآدم بين الماء والطين) ويقول إشارة إلي هذه الحقبة من حياته (أدبني ربي فأحسن تأديبي .. ثم قال "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين").
    ثم أن البدع الحسنة أخذت تزيد وتتنوع كلما بعد عهد الناس بعهد النبي حتى دخلت الطبول والطارات .. وخدمت غرضا كريما في جلب الناس من مسلمين ووثنيين للدين. فإنها وإن كانت معروفة عند القبائل البدائية كالات لهو ، إلا أنها عند الصوفية إستعملت كأدوات تذكير وتنشيط وتنظيم لحركات الذكر .. ثم أنهم كانوا يحاولون سوق الناس بأغراض نفوسهم في أول الأمر وإلي حاجات أرواحهم في آخر الأمر .. وعندهم أن موسى عندما رأى من جانب الطور النار فذهب إليها فوجد عندها النور إنما كان ذاهبا أول أمره وراء حاجة نفسه فوجد حاجة روحه. وأكثر من يظهر في تسليكهم الطبول والطارات والنوبه هم السادة القادرية أتباع الغوث الرباني سلطان الأولياء الشيخ عبد القادر الجيلاني .. وإلي طريقة الشيخ عبد القادر الجيلاني .. ترجع كل الطرق .. ولها يرجع الفضل في إدخال الإسلام إلي السودان. وحين تراجعت أغلب الطرق عندنا هنا .. فإن الطريقة القادرية لا تزال في مستوى أفضل من مستويات جميع الطرق. وهنا عندنا في أم درمان فإن حلقة الشيخ حمد النيل التي تقام عصر كل جمعة في ضريحه هي خير شاهد علي ما نقول.

    وسألت الأستاذ محمود: هل هناك مفهوم جديد للصوفية من وجهة نظركم ؟

    فقال: ليس هناك مفهوم جديد للصوفية ولكن هناك مظهرا متخلفا للصوفية هو ما نرى عليه حالة الطرق اليوم فإنه كما أن الإسلام قد إنحط في صدور المسلمين فإن التصوف قد إنحط في صدور المتصوفة وبنفس القدر .. وأصبحت الطرق الصوفية طائفية .. والفرق بين المربي الصوفي وزعيم الطائفية أن المربي قد كان يصلح دين الأتباع ويزهد عن دنياهم .. ولكن زعيم الطائفية ليس عنده لدين الناس إصلاح وهو حريص علي دنياهم.
    ولقد خدمت الطرق الصوفية غرضها .. خدمته حتى إستنفدته .. وأصبح حكم الوقت الحاضر في القرن العشرين يتطلب أن يرجع الناس إلي طريقة الطرق "طريق محمد".

    وسألته أخيرا: ما رأيكم في ظاهرة كرامة الأولياء؟ وما تفسيرها ؟

    فأجاب قائلا : كرامات الأولياء كمعجزات الأنبياء ثابتة عقلا و دينا وهي خوارق للعادات التي ألفها الناس والحكمة وراءها كالحكمة وراء معجزات الأنبياء هي شد الناس للهداية بطريق كسب ثقتهم ومحبتهم للأولياء .. وقد كان للكرامات أثر كبير في نقل الناس عندنا في السودان من حالة الغفلة ومن حالة الوثنية إلي حظيرة الدين ..
    والكرامات تأخذ صورها من حكم وقتها وكلما كبرت عقول المدعوين إتسع علمهم أصبحت الكرامات تقل في معنى أنها خوارق عادات وتتجه إلي أن تكون علما وخلقا وإستقامة فإنهم قد قالوا (الإستقامة أفضل من ألف كرامة).
    وعصرنا الحاضر هو عصر العلم والإستنارة والمعرفة بدقائق القيم .. ولذلك الكرامات منذ اليوم ستتركز في العلم والخلق والإستقامة علي خلاف ما كان عليه العهد في زمن الجهالات.
    وإنه لمن حسن التوفيق ان العقول المعاصرة لا تؤمن بالكرامات بسهولة لأنها بهذا التحدي .. بهذا الإنكار.. إنما تتطلب من الدعاة قامة جديدة في مستويات الخلق والإستقامة والمعرفة وهذه هي حاجة البشرية منذ اليوم.


    http://www.alfikra.org/talk_page_view_a.php?talk_id=10&page_id=1
                  

11-08-2008, 04:09 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)





    البروفيسور أحمد أبوزيد: ما بين الزاندي والنوير



    انشغلت عن كتابة موضوع الأربعاء الماضي بحضور ندوة علمية بالدوحة عقدتها شعبة الاجتماع والأنثربولجيا بجامعة قطر عنوانها "مسائل شاغلة في علم الاجتماع: النظرية، والمنهج، وطرائق التبليغ". وقدمت فيها ورقة عن الأستاذ محمود محمد طه وخطاب الحداثة. فقد استرعت انتباهي الصورة المتناقضة التي تكونت للحداثيين عن محمود. فهم يرفعونه إلى أعلى عليين لوقفته الشجاعة في وجه الموت طلباً للحقيقة في 1985م، ولكنهم يهبطون به إلى أسفل سافلين متى ذكروا له قيادته لثورة بلدة رفاعة في 1946م، ضد القانون الذي أصدره المجلس الاستشاري لشمال السودان فجعل الخفاض الفرعوني جريمة يعاقب عليها القانون. وصبر الحداثيين الطويل على هذا الفتق في صورة الرجل لا يدل إن دل على شيء سوى شيزوفرانيا ثقافية تنتطح فيها الحداثة والتقليد نطح العنزين السرمدي. وقد آزرني في الكشف عن هذا الصداع الحداثي أرشيف ثورة رفاعة الذي سهر على تجميعه الدكتور عبد الله عثمان بالإنترنت وكتاب صدر حديثاً للأنثربولجية الكندية جانس بودي عنوانه "صناعة تمدين النساء: حملات بريطانيا الصليبية في السودان المٌستَعمر". فقد وفر عبد الله عثمان مادة لا تصلح الكتابة عن محمود ورفاعة بغيرها مثل رد محمود على طلاب معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم في 1975 عن مغزى قيادته لثورة البلدة. كما أعانتني بودي بعرضها الوثائقي الصميم لأقف على اضطراب المستعمرين حول ما ينبغي عمله حيال الخفاض الفرعوني. وطورت بذلك مفهومي بأن حداثة المستعمرين مجرد هراء.
    "كفى عن نفسي" كما يقول الخواجات متى أطالوا حديثهم عن الذات الفانية. ولنتحدث عمن لقيت وبمن انتفعت. فقد اسعدني الحظ بلقاء البروفيسور أحمد ابوزيد أستاذ علم الأنثربولجيا ومؤسس شعبتها بجامعة الإسكندرية العام 1974م، وشعبة الرجل (وهي الأولى في مصر) بذلك أكثر شباباً من شعبتنا بجامعة الخرطوم التي احتفلنا بعيدها الذهبي منذ أسبوعين أو نحوه. سمعت بالرجل كثيراً واعترف بأنني لم اقرأ له. وجاءنا (وقد بلغ خريف الثمانين كما قال) في الدوحة محمولاً على كرسي على دفته حفيدته الصغيرة الحسناء. وكان الرجل صورة وصوتاً متى تكلم او تحرك. يا صلاة النبي. تتلمذ بروفسير أبو زيد على يد أساطين علم الأنثربولجيا ممن درسوا في الثلاثينات والأربعينات بالإسكندرية والقاهرة. فقرأ على زعيم مدرسة الوظيفية البنيوية أو التركيبية. ثم على يد إيفانز - برتشارد صاحب الكتب المشهورة عن الزاندي والنوير والسنوسية في ليبيا. والمعروف أن إيفانز- برتشارد جاء إلى السودان في عهد الاستعمار في وظيفة سخيفة اسمها "أنثربولجي الحكومة". وكانت مهمته أن ينفذ إلى حيوات شعوب جنوبية ثائرة على الحكومة وسياساتها لكي يعين الحكومة على فك شفرة حياة حتى تلين تلك الجماعات ويسلس قيادها. فهو قد دخل على شعب النوير دارساً بينما كانت طائرات السلاح الملكي البريطاني تصليهم وابلاً من قنابلها لكسر شوكة "انبيائهم" الثائرين. ومن الغريب أن تخرج من هذه المهمة الوضيعة كتب لإيفانز-برتشارد أخذت بلب علماء الاجتماع أخذاً شديداً حتى يومنا. وربما بقي من وخذ وضاعة المهمة وميض لأن أبوزيد قال إن من ضمن ما كان برتشارد يوصيهم به هو أن لا يحتلوا منصب "أنثربولوجي الحكومة" أبداً.
    ما خفي عليّ حتى لقائي بأبي زيد هو علاقاته السودانية الأكاديمية والشخصية. فقد التقى في جامعة أكسفورد في آخر الأربعينات وبداية الخمسينات بالسيد محمد عثمان يسن وجمال محمد احمد. ويذكرهما بود شديد. وأقول استطراداً أن الدكتور جلال أمين (ابن العالم المعروف احمد أمين) ذكر كتاب جمال المعنون "الجذور الثقافية للقومية المصرية" بعرفان شديد ككتاب صغير ذكي ونافذ وغامض. واتفقت معه. فقد درست أجزاء منه على طلاب التاريخ بجامعة الخرطوم كمساعد تدريس لبروفيسور شبيكة ومنهاجه عن تاريخ وادي النيل. وذكر أبوزيد من المعارف السيد مكي عباس صاحب كتاب "مسألة السودان" جيد التأليف، ومدير مشروع الجزيرة في طور من حياته، ثم ترحلت به خبرته في بقاع العالم. وقال أبوزيد عنه إنه حظي برعاية الدكتورة مارقريت برهام بجامعة أكسفورد وهي استعمارية حتى نخاعها ناصحة للإداريين الإنجليز من أمثال دوقلاس نيوبولد السكرتير الإداري في السودان حتى توفى فيه عام 1945م، وقد لاحظت في وثائق أرشيف السودان بجامعة درهام أنه كان من بين الإداريين الإنجليز من كره تعلق برهام بمكي عباس لأن كثرة "الدلع" قد أفسدته. وقد أحزنني دائماً استغلاق مكي علينا وغيبته عن مجرى نظرنا الثقافي. بل وأزعجني دائماً أنه مات مستوحشاً جداً كما روى لنا راو. وآمل أن أجد الوقت للكتابة عنه في إطار فكرتي عن رموز الفكر الليبرالي الغربي في السودان ومحنتهم وعزلتهم ووحشتهم. وقد نبهني إلى ذلك معاوية نور بسيرته في الكتابة والحياة.
    أما عمل أبي زيد الاجتماعي الميداني في السودان فجديد علىَّ جداً وربما على زملاء أقرب مني إلى مهنة الأنثربولجيا. فقد قال إن إيفانز-برتشارد بعث به ليدرس النوير والزاندي مقتفياً أثره. وهذا سبب تعرفه عن كثب على الدكتور محيي الدين صابر الذي تخصص في دراسة الزاندي وله كتاب عنهم. وقال إنه نشر بعض أبحاثه عن الجنوب في مطبوع صدر عن معهد الدراسات الجنائية (لو صح سمعي) بمصر والمجلة الاجتماعية القومية في سنيّ السبعين. وسيكون ممتعاً في مناسبة العيد الذهبي لشعبتنا أن نلم شعث إيفانز - برتشارد فينا بالعثور على كتابات أحد حوارييه.
    أثار أبوزيد في كلمة حفاوته بجائزة ابن خلدون فكرة استأثرت بمداولات ندوة الدوحة. فقد قال بضرروة أن نؤسس لعلم اجتماع يبدأ بابن خلدون. فقد بدأ بالرجل حتى علم الاجتماع الغربي. ففكرته عن العصبية (بسَّطها ابوزيد بقوله "أنا على ابن عمي وأنا ابن عمي على الغريب") قد أخذها بروفسير سميث في كتابه "القرابة في بلاد العرب القديمة" وتلقاها عنه إيفانز- برتشارد في كتابه "النوير" الذي أطبقت الآفاق العلمية بشهرته. ثم نوه أبوزيد بالعالم البيروني وقال إن كتابته مثل جيد على العمل الميداني الذي هو عماد علم الأنثربولجيا. وأنا شديد الظنة في مثل هذه الدعوة التي لم ننفذ منها إلى شيء من تنوير على قدمها. وقال الدكتور محمد محيي الدين من مصر إنه اصبح يحبط كلما دعا الداعي لها. وقد طلبت بصورة جذرية في الندوة أن نتفكر إن كنا نريد أن يكون لنا علم اجتماع في نهاية المطاف أم أن علم المستضعفين (المدروسين أو المبحوثين تاريخياً بواسطة علم الاجتماع الغربي) سيكون علماً مختلفاً جدا ما خطر على بال بشر بعد.
    رأت قطر تكريم الرجل في خريف ثمانينيته ليكون الفائز الأول بجائزة ابن خلدون لعلم الاجتماع المبتكرة. أنهى أبوزيد كلمته الحفية بالجائزة كما ينبغي لإنسان عالم، ذرب، مصقع مثله أن يخلص إلى الأمر. قال إن الدنيا تعبس في وجوه العرب والمسلمين فتطأنا بميسم وتضرسنا بأنيابها. وكل ما طاف به هواننا على الناس تذكر أغنية من أيام شبابه للمغنية الأمريكية دوريس دي:
    ما سيكون سيكون
    فالمستقبل ليس ملكاً لنا لنراه
    What will be will be
    The future is not ours to see
    وقال في ختام كلمته: "مهما يكن من أمر فالعلم نور".


    http://rayaam.info/Raay_view.aspx?pid=337&id=23965
                  

11-08-2008, 10:32 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    زاوية حرة

    تنكر الفقهاء لقامة المرأة الجديدة




    في العمود الماضى ذكرت ان المرأة السودانية كانت تتمتع بحقها المستحق بالاهلية لعقد زواجها ما دامت بالغة رشيدة وقد عبر عن هذا المذهب الحنفى مذهب اهل الرأي ولكن في 1933م انتكس اهل القضاء الشرعى بحقوق المرأة ليس إلى مستوى حرمانها من الاهلية وحسب وانما قننوا الزواج الاجباري باكراه الفتاة على زوج لا تريده وكانت تلك مأساة المرأة السودانية مما ادى إلى انتحار بعض (المجبرات) وكن وقتها يسقن لبيت الجبر والاكراه بالبوليس واخيرا استيقظ اهل القضاء الشرعى فصدر المنشور 54/1960فهل رد للمرأة السودانية اهليتها بعد مسيرتها في الوعى والتعليم لا فقط رفع المنشور ولاية الاجبار التي دامت لما يقرب من ثلث قرن وهي اساسا كانت معارضة للاحاديث الشريفة التي تنص على اخذ رأى البكر في زواجها ثم جاء قانون 1991م للاحوال الشخصية ليكون امتداد للنظرة التي تحرم المرأة من اهليتها المستحقة وهكذا استمر التنكر والانكار لقامة المرأة الجديدة فرغم انها اصبحت قاضية في المحكمة العليا حارسة لحقوق الانسان ورغم بروزها في ميادين العمل الرسمى كوزيرة مثلا واصبحت تبت في اخطر العقود في الحياة العامة ولكن بقامتها هذه هي محرومة من الاهلية للعقد في اخص شؤونها (زواجها) وكان ذلك باسم الشريعة زاعمين ان عقد الزواج لا ينعقد بعبارة المرأة مهما كان مستواها من الرشد علما بان الشريعة تقدر رشد المرأة وتجربتها كما في الاحاديث الشريفة (فالثيب احق بنفسها من وليها) والبكر يؤخذ ويعتبر رايها في زواجها.
    والسادة الاحناف مستدلين لاهلية المرأة لعقد زواجها بانه قد اضيف الفعل للمرأة في اكثر من آية قال تعالى (ان ينكحن ازواجهن) (حتى تنكح زوجا غيره) كما قال تعالى (فلا جناح عليكم فيما فعلن في انفسهن بالمعروف) ولذلك جاء (وذهب ابو حنيفة) وابو يوسف في ظاهر الرواية إلى اثبات هذا الحق لها فلها ان تزوج نفسها متى كان كفوا والمهر مهر المثل ولا اعتراض لاحد عليها كما لها الحق ان تزوج غيرها ايضا) معوض 149 كما انهم اشترطوا الكفاءة ومهر المثل حفظ الحق الاسرة كما انهم استحبوا ان توكل وليها لمباشرة اجراءات العقد نيابة عنها.
    قال تعالى (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم) وهكذا اصبح العرف المعروف عندنا ان نعلم الفتيات لاعلى مستويات التعليم وقد برزن في هذا الشأن وكانت النتيجة الطبيعية ان برزت المرأة في شؤون الحياة العامة ونافست شقيقها الرجل وساوته وتفوقت عليه احيانا في النهوض بالواجبات والمسؤوليات العامة وهذا طور جديد يقتضى وقفة وتجديد لانصاف المرأة واقرار حقها في المساواة وهنا يسعفنا الرأي السوداني المستنير كما يمثله الاستاذ محمود محمد طه اذ ينبهنا انه في الاصل الاصيل المساواة بين الاشقاء الرجال والنساء ولكن للظروف العملية التي كانت سائدة في الجزيرة العربية اعطى الاسلام المرأة قسطها الاول من حقوقها وهو قسط يشبه القفزة بالنسبة لما كانت عليه المرأة من الهوان وفتح لها الطريق لاستكمال حقوقها كاملة بمقياس يقوم على الحقوق والواجبات وليس على الذكوره والانوثة وبحكم الآية الكريمة (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) تستحق المرأة حقوقا جديدة مقابل واجباتها الجديدة واذا ما ادت الواجبات المتساوية استحقت الحقوق المتساوية وهذا امر تم في الاجر المتساوي للعمل المتساوي بالقانون الوضعى فلماذا يقصر عن ذلك دعاة الدين لو كانوا يعلمون؟!




    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147504145
                  

11-08-2008, 10:33 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    زاوية حرة

    هل صحيح ان الاسلام ضد مساواة المرأة؟! ام انه جمود الفقهاء؟




    كما وضح في محتويات الاعمدة الماضية فان الميثاق والاعلان العالمى قد قرر المساواة بين النساء والرجال وكذلك العهدان الدوليان وقد وقع عليهما السودان عام 1986م وكذلك الدستور الانتقالي عام 2005م والوثيقة الدستورية الملزمة للحكومات قد نصت على المساواة بين الرجال والنساء والوثيقة المضمنة في الدستور وان كانت نصت في احد فقراتها على ان كل القوانين يجب ان تخضع للدستور وكذلك دساتير الولايات ولكن الدستور الانتقالى نفسه بعد ان نص على مساواة المرأة في مختلف المجالات فانه قد اوكل امرها في اهم مجالاتها (بيتها) لقانون الاحوال الشخصية الذي ظهر انه يميز ضد المرأة في مجال حيويتها وفعالياتها ذلك ولا يعترف بقامتها الجديدة ولا بمساواتها فيه وهي راعية في منزلها وكانت سلطة الانقاذ قبل قانونها للاحوال الشخصية المذكور قد حولت حقوق المرأة في دستورها عام 1989م من مجال الحقوق إلى الديباجة كما انها رفضت اتفاقية الغاء كافة اشكال التمييز ضد المرأة وقد وقعت عليها 15 دولة عربية وكل هذا التمييز ضد المرأة يزعمون ان سببه ديني مع انها هي اعراف وعادات اجتماعية ونظرة دونية للمرأة اليست لباس الدين بدليل ان بعض الدول العربية كانت تمانع في حق المرأة السياسي لوقت قريب وباسم الدين في الوقت الذي رئست فيه المرأة حكومات عبر الانتخابات في البلاد الاسلامية غير العربية هل صحيح ان رأي الاسلام انه ضد مساواة المرأة ؟! ام انه جمود الفقهاء وعجزهم عن الاجتهاد والتجديد ذلك العجز الواضح الذي اعترف به فقهاء دولة قطر ولكن فقهاء الانقاذ يوارون عجزهم باعطاء القداسة لاقوالهم ولكن لا ضير!! ففى بلدنا هذا الحزين والذي لا يزيل الفكر فيه يتيم برز الاستاذ محمود محمد طه وقدم للمرأة وثيقة قرآنية تكفل لها حقها في المساواة اخذ من اصول القرآن واصدر بذلك كتابه الشهير تطوير شريعة الاحوال الشخصية وكان ذلك بمنهاج مؤسس وتحليل علمى فالاستاذ محمود كمفكر اصولى مبدئي لا يرسل افكاره ارسالا للاثارة ولفت النظر كما يفعل دكتور الترابي وانما ينبهنا إلى اصل المساواة بين الجنسين قال تعالى (لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم) فالانسان هنا هو المرأة وهو الرجل كما قال تعالى (خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها) هكذا هما من معدن واحد ولذلك اذ قام هناك تمييز بينهما انما هو لملابسات وقتية يزول بزوالها ويضرب مثلا لذلك بموضوع قوامة الرجال على النساء فهو معلوم هكذا (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من اموالهم) وكان التفضيل اغلبه لتميز الرجل بالفضل في بيئة ليست امنة فاصبحت المرأة محتاجة لحماية الرجل ثم لحاجتها لاعالته لها في تلك البيئة الشاقة الشظفة العيش فاذا اصبحت حماية الرجال والنساء هي مسؤولية القانون واصبحت المرأة منفقة على نفسها وعلى اسرتها حسب يسر وسائل الكسب الجديدة فقد اصبحت هي القيمة على نفسها في ظل القانون الدستورى الذي هو القيم على الرجال والنساء بل ان النظرة الاشتراكية السليمة تقيم عمل المرأة في بيتها باقيم مما تقيم اعمال المخترعين الكبار فهي تستحق على عملها العظيم ذاك المكافأة المادية والمكافأة الادبية وهذا حق ذهلت عنه الماركسية كما ذهلت عنه الرأسمالية عموما خاصة مثل نظمنا التي تتمع بالرأسمالية وتزعم الاسلام والتوجه الحضارى.
    اواصل

    http://www.alayaam.info/index.php?type=3&id=2147504610
                  

11-08-2008, 10:36 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    نواقيس
    تشابه مايو والانقاذ ( 3 - 4 )

    عماد عبد الهادي
    كُتب في: 2007-05-29 بريد إلكتروني: [email protected]



    واقول كما قلت بالامس ان التشابه بين الانقاذ ومايو لا يحتاج الى تذكير من رموز الانقاذ او حتى جماعة مايو الذين تتراوح اعمار اصغهم مابين السبعين والثمانين ومازالوا يحلمون بالعودة الى الحكم ويهتفون بعودة الرئيس القائد الملهم .
    والانقاذ حينما تتشابه مع مايو تؤكد حقيقة واحده هى ان السودان وطن مصاب ببلوى لم يعرف المصل الواقى منها الى الان.
    فمايو التى قتلت محمود محمد طه فقط لأنه يختلف معها سياسيا ( بل اجزم انه مسلم لا يصل مقداره كل قادة مايو وان جلسوا فى قاعات الدرس الى يوم القيامة ) تقف شبيهتها متهمة حتى يومنا هذا بأنها قتلت او شاركت فى قتل الالاف من المسلمين الذين يشكل القرآن الذى تدعى انها ترفع راياته وجودهم على ظهر هذه البسيطة . ومايو حينما تقتل مسلمين سودانيين فى الجزيرة ابا بطيران اجير ، تقف ايادى الانقاذ ملطخة بدم طاهر لم يعرف غير السجود والركوع فى ربوع دارفور المختلفة فحولت بعضهم من متبتلين فى خلاوى القرآن الى محبين ( للخواجة الابيض الذى رأى ان ارض دارفور فى حاجة الى زراعة بذرة يستطيع بعدها بناء اكبر الكنائس وربما اكبر الاديرة ) .
    ومايو التى حولت التعليم الى فى البلاد الى هلاميات لحقتها الانقاذ فى ذات الاتجاه وجعلت من التعليم فى السودان اضحوكة للعالمين بل افقرت مناهجه بشئ لم يصدق على الاطلاق ( مما دفع احد الاباء ان يتساءل والحيرة فى عينيه ويقول هل انتو الناس ديل فعلا مننا ومن بلدنا دى ؟؟؟؟؟)


    http://www.alayaam.info/index.php?type=6&issue_id=1184&col_id=76
                  

11-09-2008, 08:32 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)



    كتب الصادق الرزيقي
    Saturday, 25 October 2008
    اما قبل

    الصادق الرزيقي

    أحمد عبد العال.. برق ملَّون وشهاب أسود..!!!

    مثل البرق الخاطف، رجل بروفيسور أحمد عبد العال الفنان والمثقف الكبير، وكأن وجوده في الدنيا لم يكن إلا لحظة تشتد فيها كثافة الضوء كالشهاب لا عمر له ثم يرحل غير متمهِّل دون وداع..

    هكذا دائماً تكون رحلة الحياة للمبدعين الأفذاذ الكبار، حياتهم مترعة إلى حد الإشباع، بالإبداع والفن والصدق واتساع الرؤية، لكنها تسير بسرعة الضوء الذي منه انبجست أرواحهم وصيغت حياتهم كرهو السحاب.

    عرفت د. أحمد عبد العال ، وتوثَّقت صلتي به عن قرب، في خريف عام 1991م، وكانت شهرته كرائد من رواد الحركة التشكيلية تملأ الآفاق، كنا مجموعة من الصحافيين والاعلاميين، نعمل بلجنة الاعلام لمؤتمر الاستراتيجية القومية الشاملة التي تكونت لجانه آنئذٍ لإعداد الخطة الاستراتيجية من ٢٩٩١ - 2002م. وكان المطمح كبيرًا وعالياً يلامس قرن الشمس، وكنا نجد د. أحمد، وكان رئيساً للجنة المختصة بالمجال الثقافي التي أعدت وأنتجت مشروع الإحياء الثقافي، الذي مثَّل لنا في تلك الأيام خلاصة الرؤية السودانية وجماعها وإبداعها للنهضة الثقافية وامتطاء السودان لصهوة جواد الإبداع في مجاله العربي والأفريقي العالمي.
    وجلسنا معاً بقاعة الصداقة مقر المؤتمر لشهور عديدة هي الفترة التي خُصِّصت للجان المؤتمر لإعداد الخطة الشاملة. ودارت بيننا حوارات معمَّقة في الآداب والفنون والتصوف والحضارة الاسلامية والتشكيل وكافة تجليات الثقافة والفكر والعقل المسلم والحوار مع الغرب، وغيرها من هموم واهتمامات الراحل العزيز. وكان الرجل فياضاً كالنهر المتدفق، متحضراً في سلوكه ومهذباً في تعاملاته ومتأدباً في عباراته وباهراً في أفكاره التي يطلقها كزئير النار وهو شديد الإيمان والاعتقاد في ما يؤمن ويقول.
    وللحقيقة والتاريخ فإن مشروع الإحياء الثقافي الذي أترع فيه أحمد عبد العال فكره وجهده ودمه وقلبه وعقله، كان ولم يزل بقعة ضوء ما كان أن يُهمل أو تحتضنه الأضابير ويضيع خلف ظلام من جهلوا مراميه ومضامينه ومعانيه وأهدافه وآفاقه التي كانت ستغيِّر مسار السودان ووشائج ارتباطاته الداخلية وعُرى مجتمعه.
    واستمرت الصلة والحوارات الفكرية والثقافية مع أحمد عبد العال وتمنَّيت خلال وجوده معنا كاتباً راتباً بصحيفة »السودان الحديث«، في النصف الأول من عقد التسعينات، حيث كان قد بدأ في كتابة مقاله الاسبوعي الشهير تحت عنوان (أمشاج) وكان يجد نفسه في ذلك الوقت في مثابرته ودأبه في قيادة الهيئة القومية للثقافة والفنون المناط بها إنفاذ مشروع الإحياء الثقافي.
    لكن الذي جعلني أعرف أحمد عبد العال أكثر.. دبلوماسية فرنسية من أصل تونسي كانت تعمل بالسفارة الفرنسية في طرابلس وتدعى (رجاء ربيع ربيع)، وهي مثقفة واسعة الاطلاع، وتخرجت في جامعة بوردو التي درس فيها أحمد عبد العال ونال درجتي الماجستير والدكتوراة. ظلت (رجاء) تقول (إن من أعظم المؤثرات التي دفعتها للإعتزاز بأصولها العربية والحضارة الاسلامية) الأعمال والآثار والحوارات الموثقة التي تُنسب لأحمد عبد العال كفنان شديد الاعتزاز بأصوله وثقافته وجذوره وتراثه وأمته، وكمثقف يعرف كيف يخاطب العقلية الغربية.
    وتحتفظ الدبلوماسية الفرنسية بإرشيف ولوحات منسوخة لأعمال أحمد عبد العال، وتعتبره من المجددين في رسم وكتابة الحرف العربي ومن عارفي جمالياته وأسراره.
    مع كل هذا فإن سيرة الراحل أحمد عبد العال، هي حياة ملوّنة ومزخرفة بالتفاصيل الجليلة والجميلة.. فقد كان ميلاده في عام 1946م بمدينة كسلا جنة الإشراق والإبداع والجمال. فيها تشرّبت بصيرته واختزن فؤاده صورة الحياة وأنماطها المختلفة، وخالطت دمه في هذه المدينة تيارات عديدة ومعارف شتى وأنماط مختلفة من الناس والألسنة والثقافات والشعبيات والمزاج.. وخلال سنوات دراسته الأولى للأولية والوسطى، هناك وجد نفسه وسط تساؤلات شتى وهي المكونات الأولى لنواة الابداع وهي أسئلة الاعتقاد والحياة والمنطق والوجود والدين والسياسة والاجتماع والفن..
    تكوّن المزيج الابداعي له، من تلك الفترة وهو يستوعب شتيت الأشياء والصور والأضواء، وانتقل في دراسته الثانوية بالمدرسة الثانوية المصرية بالخرطوم، ليضيف بعدًا آخر في تكوينه المعرفي ومشاربه الثقافية وأدواته لاستكناه الحياة وفلسفتها العامة.
    وتعطي دراسة الفنون التي بدأها كلية الفنون الجملية عام 1967 حتى 1971م تلك التجسدات العملية لما في داخل الفنان من روح وأفكار وأحلام وتطلعات..
    وانخرط في العمل بعد تخرجه في وزارة الشباب - إدارة التصميم الفني - وتجدر هنا الإشارة إلى أنه درس التصميم وليس الخط في الكلية - وغادر عام 1981 إلى فرنسا، لينال دبلوماً في معهد فيتشي للغات، ثم الماجستير في الحضارة الاسلامية في جامعة بوردو، وكان عنوان رسالته لنيل هذه الدرجة العلمية (الحرف العربى - الخلفيات الجمالية والروحية) .. وكان ذلك عام 1983م بعد دراسة وبحث لعامين كاملين، بعدها نال الدكتوراة من ذات الجامعة عام 1987وهي دكتوراة الشرف في علم الجمال وعنوان رسالته القيمة (المبادئ والأصول الجمالية في الحضارة الإسلامية دراسة في فكر الشيخ إبن عربي).
    ومن هنا يتضح هذا المنحى العرفاني في فكر الرجل الذي تجلى في ابداعاته وكان أحد مصادر استلهاماته، فقد ارتبط بالتصوف حتى صار منهم. وهضم في فترة باكرة ما يقوله الجمهوريون من أتباع محمود محمد طه، لكنه وجد ما هو أنصع من ذلك وأجدى وأهدى..
    لكن نزوعه الصوفي واعتداده بالحضارة الإسلامية، وتجليات الفكر الإسلامي قاده مع آخرين لتأسيس مدرسة إبداعية فنية فكرية هي (مدرسة الواحد) التي تقوم فلسفتها على توحيد الخالق الواجد الماجد الواحد، وهي فلسفة عميقة، تكشف الشعور القوي بالانتماء لعقيدة ودين وحضارة. ولذلك لم يتقاعس أحمد عبد العال يوماً عن تأكيد هذا الانتماء والدفاع عنه، وكان أحد صوارم الدفاع عن الثقافة والحضارة الاسلامية، وكرَّس جل أعماله للتعبير عنها وإبرازها، وكانت نظرته تتجاوز مجرد الإظهار والإبراز، إلى صياغة الحياة وتنميطها وفق مفاهيم الحضارة الاسلامية، وظل يعتقد أن ذلك ليس على مستوى الفنون والتشكيل والآداب، إنما في العمارة والصناعة وكل موجودات ومشهودات الحياة اليومية من مسكن وملبس ومسمع ومأكل ومشرب وملهى، وهي رؤية شاملة تدلِّل على وفاء الرجل ودفاعه عن حضارته ومنابته.
    والذين لاحظوا لأعمال الرجل كلها، سواء كانت لوحاته المنتشرة في العالم اليوم، وتوجد في أرقى القاعات وضمن مقتنيات أشهر الشخصيات العربية وفي أوربا وأمريكا وكندا واستراليا وباكستان وإيران والهند وتركيا وروسيا، أو كانت أعماله التصميمية لشعارات الاحتفالات العامة أو المؤسسات أو الفضائيات كتلفزيون السودان، يجد الرائي فيها هذه المعاني التوحيدية والتزامه الصارم بها.
    وأصبح أحمد عبد العال مدرسة متكاملة يعرفها طلابه ومحاوروه وتؤكدها آثاره التي تركها للناس مضيئة كالشموع وحية ونابضة بالحياة لا يدركها الموت، فهي تعيش، صدقة جارية له، وأجراً إلى يوم يقوم الأشهاد.
    رحم الله أحمد عبد العال، فقد كان طوداً أشم، وبيرقاً دائم الخفق وقلباً ذاكراً وريشة عابدة وجناناً مخبتاً، وسيبقى أحمد أهم رموز الحركة الفنية والتشكيل ليس في السودان فقط إنما في كل البسيطة لأنه نبع آخر وفكر مختلف وحضارة لم تزل تعطي الانسانية كل هذا الجمال.
    إنا لله وإنا إليه راجعون


    http://alintibaha.sd/index.php?option=com_content&task=...w&id=5081&Itemid=157
                  

11-10-2008, 03:15 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! الجزء الثانى (Re: عبدالله عثمان)


    الفنون علي مسرح الفكر الجمهوري(3)
    محمد محمد الأمين عبد الرازق
    إن النفس لهي أهم وأعظم ما في الوجود بالنسبة للإنسان، فإن هو ملكها فقد ملك كل شيء، وإن ففدها فقد أضاع حياته سدى،وفقد كل شيء.. (وكل الملك يفنى بعد حين وملك النفس ملك غير فان) كما قال الشاعر عوض الكريم موسى.. والطريق إلى ملك النفس يبدأ بإدراجها في إطار المنهاج العلمي، لتنمية السلوك الإنساني فيها وفتح ينابيعه، ومحاربة السلوك الحيواني وتجفيف مجاريه.. الوسيط في المنهاج هو العقل، ولأن العقل يرز من الجسد بفعل الخوف لحفظ حياة الحيوان فينا، فإنه يكون مرتتقا مع النفس، ويعمل على تلبية رغبانها، ولذلك تجد الإنسان يخطط وينفذ ويتعدى على حقوق الآخرين في الرزق، مئلا، بسبب الخوف الموروث والمكتسب، كما أسلفنا.. ومع التطور، برز الحس الإنساني ودخل اعتبار الآخرين في الصورة.. ولكي يحدث انفتاق داخل النفس، به يرتفع العقل قليلا ليكون محايدا، لابد من ممارسة العبادة في الصلاة والصوم بخاصة، بتجويد واتفان، وبذلك يتمكن السالك تدريجيا من أن ينصف الطرفين: نفسه فلا يظلمها والآخرين من حوله فلا يتعدى على حقوقهم.. ونتيجة لهذا الاتفتاق الداخلي، بين العقل الواعي والعقل الباطن،تحدث ثورة تحرك القوى والرغائب التي كبتت وترسبت في سراديب النفس، خلال تجربة الصراع الطويلة من أجل البقاء، فتنعكس هذه الثورة على العقل الواعي وتعبر عن نفسها بالخواطر في اليقظة، وبالأحلام عند النوم,,
    ما يهمنا هنا ونحن نتحدث عن الفنون، إنما هو الأحلام أو الرؤى، والأثر الذي تركته على سلوكه في الحياة، منذ أن خرج الإنسان من الحيوان في بدايات نشأته.. وذلك لكي نقف على حجم التضحية، والثمن الغالي الذي دفعه أسلافنا من أجل أن نصل إلى المرحلة الحاضرة.. فقراءة الأيام تعين الإنسان ليشكر الله على النعمة التي هو فيها، وليكون جادا في دفع عجلة التغيير إلى الأمام.. ثم نلقي الضوء على أهمية تأويل الأحلام لمصلحة السلوك الحسن ..
    الصورة أصل الفنون :
    الأصل في الفنون الصورة أو الرسم.. والصورة عرفها الانسان من الأحلام ، وقد بدأت الأحلام في الانسان منذ أن برز العقل الواعي، الذي به انقسم الانسان بين عقل باطن، وعقل واعي.. وكانت هذه أول خطوة ، بها خرج الانسان من مرحلة الحيوان الأعجم الي مرحلة البشرية الحاضرة.. والحيوان ينام لكنه لا يحلم، أما الانسان فإنه عندما ينام يرفع العقل الواعي ، فيتحرك العقل الباطن، أو قل الجسد، ليعبر عن وجوده بالصور التي تنعكس علي العقل الواعي، ونسميها الأحلام.. وقد يتذكر الانسان تلك الأحلام، وقد ينساها حسب قوة ملكاته، وهناك أحلام صافية وأخرى مشوشة .. وهذه الاحلام هي التي بعثت في الانسان الأول ، فكرة الحياة الاخرى ، فقد كان يرى أبوه الذي مات في النوم، وهو يمارس اعمالا تشبه ما كان يقوم به في هذه الحياة، واستنتج من ذلك، أن أبوه الميت هذا، لا بد أنه محتاج لأدواته التي كان يمتلكها ويمارس بها تلك الاعمال قبل أن يموت، ولذلك جاء دفن ممتلكات الميت معه في القبر، ولا تزال هذه العادة موجودة في بعض المجتمعات التقليدية.. ثم تعمقت هذه القناعة تبعا لتكرارالصور، وبنصاعتها ووضوحها مع الأيام، فأصبح الانسان متأكدا من وجود الحياة الأخرى بصورة لا تقبل الجدل.. ولذلك برزت في تلك المجتمعات، عادة دفن الزوجة مع زوجها، لأنه سيحتاج لها في حياته الجديدة.. ثم تداعي الأمر الي أن يدفن مع الملك، أو الأمير زوجته وكل حاشيته معه، ففي مقبرة واحدة بآثار الدفوفة بمنطقة كرمة، شمال مدينة دنقلا، وجد في مقبرة واحدة ملك دفن معه 49 إمرأة و 46 رجل !! مات هو موتا طبيعيا، وقتل البقية اختناقا عندما انهالت عليهم التراب، وهم مستكينون لهذه العملية البشعة، لقناعتهم الداخلية التي ترسبت بفعل الصور المحيرة التي يشاهدونها في النوم .. إذن الصورة كما هو واضح، قد تركت أثرها علي حياة الانسان منذ مراحلها البدائية، ولذلك يمكن القول إن الصورة أصل الفنون، يتبعها الرسم، اذ ان الرسم هو محاولة لنقل الصورة، وكذلك التصوير.. وقد كان الانسان الاول يرسم الحيوان الذي يرغب في صيد ه علي جدران كهفه ، ويعتقد أن مجرد هذا الرسم، سيعطيه قوة روحية، وسحرية تعينه عليه وتمكنه من صيده.. ثم تطورت الحياة تدريجيا، وتطورت مقدرة الانسان علي التعبير عن إرادته، فبدلا من أن يرسم الثور كاملا ، صار يكتفي برسم الرأس فقط أو القرنين، ثم أخذت الحروف الأبجدية تظهر تدريجيا مع الزمن الطويل ، حتي وصلنا الي الكتابة بصورتها الحالية.. وظهور الكتابة كوسيلة للتعبير، لم يلغ استخدام الصورة، وإنما تطور مع تطور المجتمع، الحس الفني وارتقى، وصار الفنانون المجيدون يرسمون لوحات تشكيلية تعطي موضوعا كاملا بأكفأ مما تفعل الكتابة .. ولشدة تأثير الصورة ، وكفاءتها في المقدرة علي إقناع الانسان، ظلت هي سيدة الموقف في الدعايات ، والاعلان في الترغيب والتحذير.. ويلاحظ أن الموديلات المتطورة الحديثة من العربات ذات السرعة العالية، ركبت فيها شاشات تعكس صورا للحوادث المتوقعة بأنواعها عند تجاوز السرعة، وتظهر بشاعة المناظر المؤلمة في الدماء السائلة والجثث المتناثرة، ويقترن تشغيل هذه الصور بسرعات محددة حسب الحاجة، مما يضطر السائق الي تخفيف السرعة بسبب قوة تأثير تلك الصور، فيتجنب المخاطر المتوقعة..
    إن المعاني المجردة ما اعتبرت مجردة، إلا لأن إدراكنا لها في مستوى الصورة عاجز، فالعقل القوي يدرك المعنى المجرد كأنما هو صورة مجسدة.. ولقد استعمل القرآن الأمثال ووصف المشاهد بتعابير تبعث في الذهن صور، من غير أن يفارق الحقيقة، وعلي سبيل المثال : " يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد " ..
    تأويل الأحلام:
    التأويل هو رد الشيء إلى ما يؤول إليه.. وتأويل الرؤيا معناه عبور ظاهرها إلى باطنها لكشف ما تؤول إليه، وقد ورد في هذا المعنى قوله تعالى : (يا أيها الملأ افتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون) يعني تعبرون الظاهر.. والرؤى، كما أسلفنا، إنما هي انعكاس لحركة العقل الباطن على العقل الواعي أثناء النوم، وتقابلها في اليقظة الخواطر.. ولما كانت التربية في الدين تركز على إزالة ما ترسب على القلب من أدران، فإن الرؤى تأخذ أشكالا تختلف حسب حالة أحدنا من اليقظة الداخلية.. وفي العقل الباطن، القلب، الحقيقة الأزلية، الله: (ما وسعني أرضي ولا سمائي وإنما وسعني قلب عبدي المؤمن) كما جاء في الحديث.. والعلاقة بالله إنما تقوم على العلم الصراح، وليس على الرؤى، ولكن الرؤى تعتبر مؤشرات تعطي فكرة عن النمو الروحي للسالك، وتطمئنه وتعينه للمزيد من الجد.. فالرؤى المفرحة بشارة، والرؤى المزعجة نذارة، وكلها تعمل على تنبيه السالك وحفزالانضباط، ولاحقا تأتي المعرفة بالتأويل في أسمى درجاته من الله (واتقوا الله ويعلمكم الله) .. إذن تأويل الرؤيا لمصلحة السلوك هو الأساس في التعامل مع الرؤى، ، وهذه النقطة نريد لها أن تكون مركزة في الأذهان.. ويمكن أن يكون ظاهر الرؤيا مطابق لباطنها فتأتي كفلق الصبح، وهذه تعرف بالرؤيا الصادقة، وقد ورد في الحديث: (الرؤيا الصادقة جزء من ست وأربعين جزء من النبوة).. فكأن الرؤيا الصادقة مؤشر على صحة وسداد مسيرة السالك في الطريق النبوي، وقد امتثل النبي ابراهيم الخليل عليه السلام لتوجيه الرؤيا، بناء على تجارب سابقة مع الرؤى، فلم يتردد في الإقدام على ذبح ابنه.. ولما كانت الرؤيا الصادقة لا يمكن أن تصطدم مع الحقوق الأساسية للأفراد، فقد أوحي إلى إبراهيم أن هذه الرؤيا ليست صادقة، وإنما تحتاج إلى تأويل ولذلك ورد السؤال الاستنكاري في القرآن: (قد صدقت الرؤيا !؟)، ثم فدي الإبن بالحيوان.. وكما هو واضح فإن العلاقة بالله كما أسلفنا لا تقوم على الرؤى وإنما على العلم ، وبهذا الفداء انفتح الباب أمام الناس للمعرفة بالحق الأساسي للفرد، الذي لا يحق لأحد أن يسلبه آخر، وهذا هو معنى قوله تعالى: (وتركنا عليه في الآخرين) .. فالنستمع إلى الآيات جملة: (فبشرناه بغلام حليم * فلما بلغ معه السعي قال: إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى؟ * قال با أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين* فلما أسلما وتله للجبين* وناديناه أن يا إبراهيم* قد صدقت الرؤيا !؟ إنا كذلك نجزي المحسنين* إن هذا لهو البلاء المبين* وفديناه بذبح عظيم* وتركنا عليه في الآخرين )..
    المسألة المهمة هي أن نؤول الرؤى تأويلا لمصلحة السلوك، ففي ذلك الخير للعابدين لما فيه من شحذ للهمم واعداد للمعرفة، وفيما يلي نقدم نماذج للتأويل السلوكي..
    الرؤيا المفرحة بصورة عامة بشارة، ورؤيا النبي يوسف عليه السلام مثال لها: (إذ قال يوسف لأبيه: يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا، والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ).. والبشارة فيها أن مآلات الأمور، في التجارب التي يتعرض لها الإنسان، إنما تنتهي إلى الخير، مهما كانت المعاناة، مما يعين السالك على الصبر والرضا ثقة في الله.. وهذا بالضبط ما تحقق للنبي يوسف، فقد ألقوه في غيابة الجب، ثم السجن، فصبر وفي النهاية اجتمع له أبويه وإخوته وسجدوا له جميعا..وجاء في القرآن: (ورفع أبويه على العرش، وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن، وجاء بكم من البدو بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي، إن ربي لطيف لما يشاء، إنه هو العليم الحكيم) .. وكمثال للنذارة : أرسل شاب رؤيا إلى الأستاذ محمود، قال أنه يرى نفسه بتكرار، يحمل شنطته، ويسير في اتجاه القطار الواقف بالمحطة ليسافر، وما إن يقترب منه ويتهيأ للركوب، حتى يفاجأ بأن القطار قد تحرك وأسرع فيفشل في اللحاق به.. وأحيانا يكون من ضمن المسافرين داخل القطار، فينزل في محطة على الطريق ليقضي حاجياته كشأن رفقائه في الرحلة، وعندما يصفر القطار للتحرك فإن جميع الركاب يأخذون مقاعدهم ماعدا هو، فيتخلف وسط الطريق في مكان لا يعرف فيه أحد.. والسبب أن القطار يتحرك بسرعة بمجرد أن يحاول هو الركوب، وتفشل كل محاولاته في الإمساك بأطرافه، وأحيانا يسقط، ويتمرغ في التراب ويصاب بخدوش على الوجه، مع تمزق في قميصه.. ثم عندما ينهض يجد نفسه وسط تجمع الأهالي الغرباء، وهم مندهشون لهذه الفضيحة، وقال أنه أحيانا يصحو على هذا الوضع فيحمد الله علي أن الحكاية رؤيا !! بعد أن استمع الأستاذ إلى الرؤيا قال: هذا الشاب يرجى منه خير وهذا إنذار واضح !! ثم سأل عن سلوكه العام، فعلم أن تعامله مع الناس في غاية الرقي لكنه يتعاطى الصعوط والسجاير بشراهة، فعلق على الفور: (طيب القطر الفايتو ما ظاهر، مدمن المكيفات مقطوع من الطريق النبوي، وهذه الرؤيا انذار للتخلص منها، فإذا استجاب الحمدلله، وإذا عجز يسحب الإنذار نفسه ولن يجده في المستقبل).. ومثال أخير حول التأويل السلوكي: قال الأستاذ محمود أنه عندما أدخل السجن في أحداث ثورة رفاعة، انشغل بأسرته في الخارج وكان مهموما بأوضاعها.. فرأى في النوم أن السيد هاشم ضيف الله يزوره في السجن، وهو معلم بارز ورياضي معروف.. قال الأستاذ: فعلمت أني (ضيف الله) في هذا السجن، وهو أكرم كريم، ولذلك لا معنى للإنشغال بالخارج فدخلت في نفسي طمأنينة، وتفرغت بعد ذلك للعبادة..
    خلاصة القول هو أن التأويل السلوكي مطلوب في المقام الأول، وذلك لأن العلاقة بالله في الأساس تقوم على العلم، والعلم ثمرة التقوى، إذن قيمة الرؤى الكبيرة في تأثيرها الإيجابي على سلوك الإنسان، في مقابل الإفرازات السلبية التي أحدثتها في تاريخ تطور الإنسان..
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 2:   <<  1 2  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de