|
الصادق الرضي: مــتــرجماً الى الإنــكلــيزية...
|
*
أواظب منذ فترة على ورشة عمل (مركز ترجمة الشعر) مع مجموعة من طالبات وطلاب مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية (SOAS) بجامعة لندن ، تقودها الشاعرة البريطانية سارا ماغواير وهي الشاعرة المقيمة بالجامعة (تقليد "الشاعر المقيم" تعارفت عليه بعض المؤسسات الأكاديمية والمهنية وغيرها في بريطانيا).
فكرة مركز ترجمة الشعر وورشته المهتمة بالنظر في اشكاليات ترجمة الشعر عامةً وفي اللغة الإنكليزية خاصةً ، تتمثل في البحث في الطرق المختلفة الممكنة لمقاربة النصوص المترجمة. تجتمع ورشة العمل في مركز ترجمة الشعر كل أسبوع للقيام بترجمة قصيدة / نص شعري من أي لغة الى الإنكليزية. يقوم أحد أعضاء الورشة بترجمتين للنص الشعري الى الإنكليزية ، الأولى حرفية كاملة ، والثانية تحاول تقريب الفكرة / الأفكار / والصور الشعرية في عملها داخل القصيدة بقدر الإمكان الى اللغة المترجم اليها. يتم حوار مستفيض حول الإشكالات اللغوية وكيفية عمل النص داخل لغته الأصلية ، مدى إمكانية نجاح الترجمة في نقل الحركة الداخلية في الأصل الى الإنكليزية. وتنتهي الورشة بتطوير النصين الحرفي والتقريبي الى انتاج نص مترجم جماعياً. لقد قمنا بترجمة نصوص من اللغة الكورية ، الإسبانية ، الصومالية ، الأمهرية ، الألمانية والعربية وغيرها. أكثر ما يثيرني في هذه التجربة هو ما تتيحه لك مقاربتك للنص الشعري (العربي في هذه الحالة) بغرض نقله للإنكليزية إذ تتكشف لك بشكل أكثر وضوحاً وتجليلاً أليات الذات الكاتبة (وتحرُّكها وإعمالها لفعل الكتابة) داخل النص بغرض تنصيصه على فراغ الورق. سأشير هنا فقط ، وسريعاً ، الى مقارنة خاطفة بين ترجمة الورشة لنص للفيتوري وترجمتها للصادق الرضي (والتي سأنشرها هنا): وجدتُ أن مقاربتـنا لترجمة الصادق جاءت أكثر سهولة ، رغم أني أخترت قصيدة من كتابه أقاصي شاشة الإصغاء (الذي يصفه الكثيرون بأنه "صَعَبْ") بينما أتعبنا الفيتوري وأنهكنا بقصيدة تبدو سهلة وسلسة (إسمها أحزان المدينة السوداء). أترك التأمل في هذه المقارنة للقراء والقارئات ، ولكني سأعود اليها... هاهي أولاً القصيدة الأصل:
قردٌ على الشٍّباك
الصادق الرضي (1) الولدُ الذي كان يلهو في السرير أمه تطبخ مجروحة      يرمي بالدوائر واللغو      من النافذة الصغيرة    تبتسمُ   (يسطع العالمُ كله) " يبرطم " – ماذا يظنُّّ؟!
على الشبّاك قردٌ وراء الباب  لكنه لم يزل يهوي إلى ظلمةٍ بعيدةٍ    لايدلي صراخاً      يعلي مخالبه - الولدُ         الأخضرُ         المُستـََفَذ
(2) لم تعلمه البكاءَ –بغتة – الغناءْ خضراء – كما شاءت تعلمه الأقاصي الشسوع وتناديه: الرحابة
خلفه ثلٌّ من الوصفِ أمامه نهرٌ وجرعةُ ليل وقوافلَ تدعوه لينأى
        (أين هذا الخيط          تلك النار          أين الملكات؟!)
(3) راكضاً في زقاقٍ يدلق الزيتَ على السروال – هذا الولدْ !
بال على السروال من أثر الضحك وهو يركضُ في الأبد
       هذا الزقاق        عصابة الجراء        تواطؤُ الغيوب !
(4)
البابُ مصنوعٌ – يوحي بيدٍ تعرَقُ المفتاحُ أنتَ          صريرُ الكون – سرك            الوحيد تسندُ عليه قفا مستقبلٍ وترآئيات وتحملُ عنك آكولة " الأرْضَة " في قلبك رائحة البلل مطارق الأعداء والأقارب
(طالت غيبة ُ الضوء      يدهن الأشياء بالصحو      طال حضور الطلاء)
تدخلُ – منْ أين شئتَ – مثقوب العناء تصاحبك الريح – شئتَ تداعبك الصدماتْ !
كان ينظم عقداً من الأصداف يلوِّنه بخرافاته ويصادق الضفادع الغريبة وهي ترقبه بصمتٍ وراء الباب / على الشّباك (تهرع كي تعلّي    لايُدلّي    أيَّ شيئ ! )
(5) بالغابة        الوحيدةُ تعرفُ الأصوات كانت تناديها عيونُ الغالين تشدُّها أناشيدهم بحنان أناملهم ورهيف توحدها        تقعُدُ صامتة ً        قُربَ أيَّ شيئ        تدفئُ الشايَ        أو تصنع العصيدة
في الحديقة بالبيت الغريبِ بيتها تدعو مواعين الغسيل الى صباح الصوت      تدلكُ كلَّ شيئٍ في مكانه      تراقبُ المذياع      يدعوها الى رملٍ بعيدٍ      صحراءَ لكنَّ لونها يمتدُّ نهراً كي تغني..    والوَلدْ ؟! ................. .............. في غابةٍ خضراءَ أو حمراءَ... في صحراء من كان يناديه – أبد ؟!
(عدل بواسطة farda on 04-03-2004, 02:21 AM) (عدل بواسطة farda on 04-04-2004, 11:23 AM)
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الصادق الرضي: مــتــرجماً الى الإنــكلــيزية... (Re: farda)
|
حافظ مرةً أخرى هاأنتَ تنخس جرثومة الانتشار في انكماشنا النزاع نحو نفسه سراً و علانية..أحياناً أسائل نفسي-وحدي وفي اختلاء كامل بها- لماذا نحرم القصيدة متعةَ تجوالها في الخارج؟قد يكون ممتعاً أن أراقب مراوحتها مني إليّْ ولكن ماذا عنها هي.. القصيدة؟ ماذا عن الآخرين؟ وماذا عن قدرتها على زيارتي ملغومةً بتجربة أخرى؟ لم أقل ذلك للصادق يوماً ما..ليتني فعلت. أظن أن هذه هي الترجمة الحرفية..وإذا كانت هذه هي فأنا معها تماماً..حتى الآن..ربما بسبب الإبهار الذي غشيني عند قراءتي لهذه القصيدة تحديدا في لغة أخرى أفهمها ولاأدعي الإحاطة بها. أحييك وأنت تمارس شفتنة الروح وحرفنة الأصابع.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الصادق الرضي: مــتــرجماً الى الإنــكلــيزية... (Re: Mahmed Madni)
|
الأعزاء حافظ ومدنى والمتداخلين ؛... سلامات سعدت جدًا لِغاية الطرب بِهذه الترجمة الشفيفة .ولا شك بأنَّها سوف تؤنسنى فى هذا المساء ، وأصدقائى جمال البوسنى ، وصُولص الشيشانى . منذ وقت أتشارك معهم فى تقضية "الويك إند " بصورة متلازمة ، فى مواضيع مختلفة . وعلى ماأظن ، كان يفترض أن يتحدث إلينا جمال فى هذا المساء ، عن "الجزء الثالث" من كتاب إحياء علوم الدين ، وعلاقته بعلم النفس .وقبلها كنت قد حاولت ترجمة مقاطع طويلة من قصائد لمحمد مدنى ، و بعض من قصيدة غناء العزلة . إذاً سوف أنتهز هذه الفرصة وأقوم بتنوير الشباب معى . آمل أن ينظر حبيبنا مدنى إلى الخارج أكثر ـ فحتماً سوف يرى ثالثاً يلوح له فى الأفق _ المتلقى .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الصادق الرضي: مــتــرجماً الى الإنــكلــيزية... (Re: Mahmed Madni)
|
عزيزي الشاعر الصديق محمد مدني ، كنت أتساءل كثيراً مثلك عن مسألة ترجمة الشعر والكتابة الإبداعية المكتوبة بالعربية في السودان ، وكثيراً ما راودتني فكرة ترجمة أشعار كتاب سودانيين أعتز وأفخر بهم كثيراً ، وأقعدني عن ذلك ضخامة مثل هذا العمل خصوصاً وأنني كنت حينها – وما زالت – أحاول أن أتلمس طريقي داخل هذه اللغة التي وجدت نفسي قريباً منها رغم أني أحيا تحت ظلالها. لقد كنت محظوظاً بأن انتهى بي المقام هنا في المملكة المتحدة لألتقي بالعديد من الشعراء البريطانيين الشباب المتميزين ، ومن هؤلاء الشاعر الأثيوبي الأصل لامن سيسي الذي انتجت معه فيلماً قصيراً عن شعره وحياته اليومية في مانشستر أثناء دراستي هناك. وعند لقائي بالشاعرة الإيرلندية الأصل سارا ماغواير المهتمة بترجمة الشعر العربي ، قمنا معاً بترجمة عدة نصوص شعرية للشاعر العراقي سعدي يوسف الذي تحبه أنت كثيراً يا مدني ، ولمظفر النواب وللشاعر اللفلسطيني غسان زقطان. وأخيراً أتاحت لي مشاركتي في ورشة العمل أعلاه أن أختار الشعراء الذين أود إشراك القاريء بالإنكليزية في تجاربهم وذلك لإقترابي الحميم من عوالمهم الشعرية. إختصاراً ، دعني أقول لك أنني "مغبون" بعض الشيء من أن فرص كتابنا وكاتباتنا في أغلب المجالات الإبداعية في الترجمة أو حتى مجرد النشر في الدوريات العربية تكاد تكون معدومة ، وأنت تعلم مثلي أن هنالك من التجارب الشعرية والإبداعية في السودان ما يعتبر فتحاً خاصاً ومتميزاً ، والأمثلة لا تحصى على مدى أجيال... آمل أن يتاح لي الوقت والجهد من خلال هذه الورشة الإبداعية لأن أعمل مع الآخرين على أن نمنح الكتابات السودانية حقها الذي تستحقه ، وبجدارة ، في التواصل مع العالم... أخيراً ، هذه الترجمة لقصيدة صديقنا المشترك هي الترجمة النهائية وليست الحرفية ، وقد انجزت جماعياً في ورشة العمل ، وأنا أشعر بأنها نجحت في أن تقوم ، بشكل متوازن، بتوطين قرد على الشباك في فضاء شعري إنكليزي وتحتفظ أيضاً بخصوصية عوالمها الشعرية في الأصل... لك محبتي ، وتحايا خاصة من أصدقائك وصديقاتك المقربين ، في هذه المدينة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الصادق الرضي: مــتــرجماً الى الإنــكلــيزية... (Re: farda)
|
حافظ سلامات يبدو انك تفعل فى اشياء كثيره مفيده وجالبه للمتعه.. امتعنا معاك دومآ.. خارج دائرة القراءه لا علاقه لى لا بالترجمه و "قرض" الشعر .... بس لى مده بقرأ فى ترجمات لعدد من الكتب مثلا مريود..موسم الهجره للشمال,وكتابين يحتوا على اشعار محمود درويش من العربيه للالمانى,بالذات اشعار درويش لانك تجد النص العربي فى صفحه ومقابله الترجمه ويمكنك المقارنه مباشره بين الاتنين,فعلا تجربه ممتعه ومفيده و تكتشف الامكانات المذهله فى كل لغه,اعتقد انو ترجمة الشعر بالذات عاوزه "ساحر" ... تذكرت ايضآ ترجمة د. محمد سليمان لبريشت واها محمد سليمان ده سحار وشعار عديللل كده... ربما يكون مفيد نقل او الحديث عن تجربته هنا... بالمناسبه وجدت صورك وانا انقب فى تاريخى "الصورى" Notting Hill gate عندما استبحنا سويآ شوارع لندن لسويعات سلام
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الصادق الرضي: مــتــرجماً الى الإنــكلــيزية... (Re: esam gabralla)
|
*
الصديق القريب البعيد عصام جبرالله ،
تؤانسني دائماً اطلالتك في هذا الفضاء واحتفي بها أيما احتفاء ، إذ انها ببساطة تؤكد لي على الأشواق التي نشترك فيها (نعم ، الأشواق! فلنحرر تلك الكلمة من تاريخها الدموي في ذلك اللسان الزلِق! فلنردَّها مثلاً لمحمد ميرغني!) لك محبتي ، خاصة ً ومفصلة ً على بهاء ابتسامتك!.
ليتي أرى الصُور!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الصادق الرضي: مــتــرجماً الى الإنــكلــيزية... (Re: farda)
|
اعتقد يا حافظ انك من المحظوظين الذين اتيحت لهم الفرصة كي يطوروا طاقاتهم الشعرية فمثلا نحن هنا بين الفينة والاخرى ننتبه الى اننا كتاب
اتمنى ان ارى التجربة الاخرى اي نص الفيتوري
وبالمناسبة رجعت الى نص "الصادق" وقراته بطريقة مختلفة
هل راعيتم الموسيقى الشعرية لنص الصادق في الترجمة؟؟
ارقد عافية
المشاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الصادق الرضي: مــتــرجماً الى الإنــكلــيزية... (Re: farda)
|
العزيز فردة مساك بلور شكرا علي جكتك واخيرا حا استمتع بعد ان تمكنت من التقاطها تعرف لية تبسملت لانو الجهاز تبعي لا يحدث لة ذلك في العادة الافي حالات دخول بوستك الذي مضي وهذا / وبافتراض وجود المشكلة لماذا اتمكن مرة من الاطلاع واخري لا...غايتو ربك يهون.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الصادق الرضي: مــتــرجماً الى الإنــكلــيزية... (Re: farda)
|
*
.....مثلما وعدت من قبل ، ها أنذا أبدأ بانزال ترجمة قصيدة الفيتوري "أحزان المدينة السوداء" التي أنجزت في مركز ترجمة الشعر... كنت أنتظر أن أحصل على الأصل الكترونياً ولكن لم يتسن لي ذلك بعد. سأفعل حالما أحصل عليه... (أرجو أن يقوم احد المتداخلين هنا بانزاله اذا ما توفر لديه النص الأصل...) i قامت آنـا موريسون بترجمة حرفية أولى، واشتغلت الورشة على الترجمة على مدى لقائين وانتجت في النهاية ترجمتين ، الترجمة الأولى هي نتاج العمل الجماعي والثانية هي تطوير على ذلك قام بها مارتِن اُوروين وهو أستاذ لسانيات بـ SOAS مهتم بالشعر العربي والصومالي... سأقوم بنشر الإثنين ...
أحزان المدينة السوداء.... محمد الفيتوري Sorrows of the Black City Mohammed al- Faytouri
When night casts its net of shadows over the streets of the city     shrouding it in grief,       you can still see them —
slumped in silence, staring at the cracks.     And you think they are calm,       but you’re wrong — they’re on fire!i
When darkness raises its statues of marble     on the streets of the city       then smashes them in fury
then the city will lead all the people     down the spiral staircase of the night       into the deep distant past.
The past with its ambergris shores     is dreaming of memories       too deeply to be roused.
And inside everyone something begins to stir —     a fresh wall made of clay,       stuck with diamonds and desires.
When night sleeps and day wakes     raising its candles in the dark       peace ebbs back to its home in the grave.
At that, the heart of the city     turns futile and wretched —       it is an oven at noon, a lamp for the blind.
Like ancient Africa, the city is truly     an old woman veiled in frankincense,       a great pit of fire, the horn of a ram,
an amulet of old prayers, a night full of mirrors,     the dance of black women, naked,       shouting their black joy.
This coma of sins was kept alive by the master,     ships filled with slave girls,       with musk, ivory and saffron —
gifts, all without joy, despatched by the winds of all ages     to the white man of our time       to the master of all time.
A plantation stretches out in imagination     to clothe the naked, to loosen their clothes,       flowing like its ancestors through the veins of life,
dyeing the water, and dyeing God’s face,     its sorrows on every mouth       breeding tyrants and iron and slaves,
breeding chains, every day breeding some new horror….     And yet, on the streets of the city,       when night constructs
its barriers of black stone — they stretch out their hands,     in silence, to the balconies of the future.       They are locked-up cries
in a locked-up land. Their memories are stab-wounds.     Their faces are sad, like the faces of the blind.       Look, there they are,
######### slumped in silence. And you think they are calm .     But you’re wrong. Truth is       they’re on fire…. ©The Poetry Translation Centre
(عدل بواسطة farda on 04-11-2004, 01:05 AM) (عدل بواسطة farda on 04-11-2004, 06:21 PM)
| |
|
|
|
|
|
|
|