دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى
|
خواطر من زمن الانتفاضة(1)
بيني وبين الانتفاضة... وبين بنك فيصل الاسلامى
د. إبراهيم الكرسنى
تمر علينا بعد فترة وجيزة الذكرى الثانية والعشرين لانتفاضة أبريل المجيدة التى قام بها الشعب السودانى فى السادس من ذلك الشهر من عام 1985 وأطاح من خلالها أعتى الأنظمة الدكتاتورية. ارتبطت هذه الذكرى فى أذهان الكثيرين بسقوط الدكتاتور جعفر نميرى الذى حكم البلاد لفترة ستة عشر عاما متصلة أرسى خلالها دعائم الحكم الشمولى و الفساد وبذر بذرة الدولة الدينية فوق تراب الوطن. ولكن هذه الذكرى علقت بذهني لثلاثة أسباب مختلفة ومتداخلة فوق الفرحة العارمة التى غمرتنى عند سقوط النظام الدكتاتوري. الأول هو تأسيس هذا الدكتاتور لبنك فيصل الاسلامى السودانى بقانون خاص متجاوزا بذلك قانون البنك المركزى الذى يمنحه حق التصديق على تأسيس البنوك التجارية ومراقبة أدائها، وبالتالى أصبح بنك فيصل فوق البنوك كلها، بما فى ذلك بنك السودان نفسه. و الثانى هو استعادة الحرية على جميع المستويات و بالأخص حرية الفكر والرأى التى فتحت الباب واسعا أمام إصدار الصحف. أما السبب الثالث فهو أن هذه " الحرية" قد قادتني إلى "نقطة" البوليس ومكتب التحريات و الوقوف أمام المحكمة لأول و آخر مرة فى حياتى.
بدأت القصة عندما لبى الوالد- رحمة الله عليه- نداء ربه فى الشهر التاسع من ذلك العام مما توجب على " النزول" إلى البلد- قرية شبا- لتقبل و تقديم واجب العزاء. أمضيت حوالي الأسبوع فى ربوع قريتنا الوديعة. حينما غادرت الخرطوم تركت سعر جوال الفحم فى حدود ثمانية جنيهات سودانية- كان يعتبر غلاء جنونيا فى وقتها- و حينما عدت إلى الخرطوم بعد أسبوع وجدت أن سعره قد تضاعف بنسبة مائة بالمائة ليصل إلى ستة عشر جنيها بالتمام والكمال مما دفعنى إلى كتابة مقال بعنوان، " بين أزمة الفحم و أزمة الديمقراطية"، و تم نشره فى صحيفة الميدان. حاول المقال إجراء تحليل لظاهرة اقتصاديات السوق السوداء- الذى وصفه المقال فى ذلك الوقت بأنه أكثر سوادا من الفحم... لا أدرى بأي صفة كان سينعته إذا ما تمت كتابته فى وقتنا الراهن؟!
اتهم المقال "تجار الدين" و مؤسساتهم المالية و التجارية بإلحاق أكبر الأضرار بالاقتصاد و المجتمع السودانيين نتيجة عدم التزامهم بالقوانين السارية و أخلاقيات العمل، ولكنه أشار بالتحديد إلى دور بنك فيصل الاسلامى فى خلق المجاعة التى اجتاحت غرب السودان، و بالأخص إقليم دارفور، فى عام 1984 مما حدى بمواطنى غرب السودان إلى النزوح إلى أقرب مدينة بحثا عن ضروريات الحياة حتى وصلت طلائعهم إلى معسكرات " المويلح" و "الشيخ أبو زيد" على مشارف أم درمان( وسأحدثكم فى مقال قادم من هذه الخواطر عن المجاعة فى غرب السودان ودور بنك فيصل الاسلامى الذى تطرقنا له فى دار أساتذة جامعة الخرطوم فى سلسلة من الندوات بدأت فى أكتوبر 1984 ولم تتوقف إلى أن أطيح بالنظام المايوى فيما يمكن لي تسميته ب"ندوات المقاومة" ).
بعد أقل من شهر من نشر المقال إذا بطارق على باب مكتبي بقسم الاقتصاد بجامعة الخرطوم. حينما رفعت رأسي لأرى من الطارق فإذا أبى أفاجأ برجل بوليس فى زيه الرسمي. قمت من خلف الطاولة لتحيته ولم يساورنى أدنى شك بأنه قد ضل طريقه و "تاه" فى متاهات أروقة الجامعة!! لكنه فاجأني بسؤالي: الدكتور إبراهيم الكرسنى؟ فأ جبته بنعم، فسلمني خطابا وطلب منى قراءته فى حضوره. فضيت الظرف وأخرجت الخطاب فإذا به من بوليس مديرية الخرطوم يطلب منى الحضور فى وقت محدد لموجهة بلاغ موجه ضدي من بنك فيصل الاسلامى!! طلب منى العسكري التوقيع إقرارا باستلام الخطاب فوقعت فى المكان المخصص لذلك وشكرته على سعيه و أنصرف. بدأت أفكر و الدهشة أخذت منى كل مأخذ، ما الذي يربطني بهذا البنك حيث لا يوجد لدى حساب من أي نوع فى أي من فروعه ولم أقم بالاقتراض منه، حتى وان كان قرضا حسنا (رغم ضيق ذات اليد!!)، و لم أدخل يوما أيا من فروعه، بما فى ذلك فرعه المقابل لنادي أساتذة جامعة الخرطوم!! فيا ترى ماذا يريد منى؟!!
ذهبت فى الموعد المحدد إلى بوليس المديرية حيث إستقبلنى الضابط المسئول بأسلوب فى غاية التحضر حيث بادر بسؤالي إن كنت أنا د. إبراهيم الكرسنى، فأجبته بنعم. عندها قام بفتح "فايل" كان موجودا أمامه وقام بإخراج صحيفة الميدان ثم أراني صفحة المقال المقصود و سألني إن كنت أنا كاتب المقال؟ فأجبته بنعم. عندها طلب منى الإقرار بذلك والانصراف على أن أحضر لمحكمة المديرية فى تاريخ محدد أيضا!! فعلت ما أمر به ثم انصرفت و أنا أكثر حيرة و دهشة حيث لم ينل بنك فيصل حظه من التحليل سوى فقرة واحدة وردت فى ثنايا المقال الذى غطى صفحة كاملة من الجريدة، وهى بكل تأكيد ليست مناسبة لحجم الجرم الذى ارتكبه هذا البنك فى حق الشعب و الوطن!!
تم عقد اجتماع بعد فترة وجيزة من دخولى " النقطة" بيني وبين الأساتذة الأجلاء محمد ابراهيم نقد، التجانى الطيب بابكر و كمال الجزولى حيث تفاكرنا فى أفضل أسلوب يمكن التعامل به مع هذه القضية. أذكر أن الأستاذ نقد إقترح تكوين مجلس من المحامين يتولى الدفاع عن الأستاذ التجانى الطيب و شخصي الضعيف على أن يكون برئاسة الأستاذ كمال الجزولى، لكن الأستاذ كمال إعتذر عن هذه المهمة لأنه قد كان لديه ما فيه الكفاية من القضايا المرفوعة من جهات مشابهة ضد المنافحين عن حقوق الضعفاء و المساكين!! وأقترح أن يكون المجلس برئاسة الأستاذ طه إبراهيم(جربوع) المحامى. وافق الأستاذ طه مشكورا وتقرر أن يتولى- حسب إجراءات المحكمة- الدفاع عنى بإعتبارى المتهم الأول فى القضية(كاتب المقال) على أن يتولى الأستاذ الطيب أبو جديرى، على ما أذكر، الدفاع عن الأستاذ التجانى الطيب باعتباره المتهم الثانى( رئيس تحرير الصحيفة الناشرة للمقال).
ذهبنا فى اليوم المحدد إلى المحكمة وقد جلسنا، الأستاذ التجانى و شخصي الضعيف، داخل قفص الاتهام ثم قام ممثلي الإتهام بإبداء مزاعمهم، حيث زعم السيد سكرتير مجلس إدارة البنك، باعتباره ممثل البنك فى القضية، بأن نشر المقال قد أساء إلى سمعة بنك فيصل الإسلامي وألحق ضررا مباشرا بعلاقة البنك ببعض المستثمرين مما حدى بالكثيرين منهم إلى وقف تعاملهم مع فروع البنك داخليا وخارجيا، وبالأخص داخل المملكة العربية السعودية( لعلمكم لا يوجد أي فرع لبنك فيصل الاسلامى داخل المملكة!!) ثم طالب بمبلغ مليون جنيه كتعويض رمزي(!!) نسبة للخسائر المالية التى لحقت بالبنك كنتيجة مباشرة لنشر المقال( حينها همست فى أذن الأستاذ التجانى ساخرا، إذا كان مبلغ المليون جنيه يعتبر رمزيا فى نظر هؤلاء الناس، فيا ترى كم هو حجم الأموال التى يتداولونها؟!).
تولى الدفاع عن البنك خلال جلسات القضية الأساتذة أحمد إبراهيم الطاهر( رئيس البرلمان الحالي)، حافظ الشيخ الزاكى( النائب العام السابق) و هاشم الجعلى- سكرتير نقابة المحامين العينة فى بداية عهد الإنقاذ. أما محاميي الدفاع فقد كانت تغص بهم قاعة المحكمة ولا تسعهم حتى يضطر الكثيرون منهم متابعة جلساتها من خارج القاعة. هذا الحشد العظيم من الأساتذة المحامين لم يتقاضى أيا منهم مليما واحدا نظير خدماته الجليلة فى الدفاع عنا. فما أعظم القضاء الديمقراطي الواقف. وعبر هذه الخواطر أود أن أتوجه بالتحية والتقدير والإجلال لكل من شارك فى الفاع عنا، لأنه فى الواقع لم يكونوا يدافعون عن شخوصنا الضعيفة فقط وإنما كانوا يخوضون معركة لا هوادة فيها وفاصلة بين قوى الرأسمالية الطفيلية الفاسدة وبين حق الشعب السودانى فى الحياة الحرة الكريمة.
استمرت جلسات المحكمة إلى أن غادرت أرض الوطن "حبيسا" حتى يومنا هذا بعد أن تفضل الأخ الدكتور جلال الدين الطيب بواجب الضمانة، وذهب بنك فيصل الإسلامي إلى القصر " رئيسا"!! فأود أن أتقدم بالتحية والإجلال للأخ الكريم الدكتور جلال الين الطيب لشهامته ووقفته المشهدة. وفى الحلقة القادمة سوف أحكى لكم عن ما أعتقد بأنه الأسباب الرئيسية من وراء فتح ذلك البلاغ وكذلك سوف أروى لكم مسار الجلسات و ما تخللها من مواقف وقفشات، إن لم تخني الذاكرة المثقوبة فى ذلك!!
22.2.2007
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
الأخ العزيز الدكتور/إبراهيم الكرسني
بعد التحية
ومرحبا بك في سودانيزأونلاين وإن جاءت متأخرة وأسمح لنا إذ لم تتح لنا فرصة للترحيب بك في السابق...
رأيت لك مداخلة مع د. محمد ولم اوفق حينها بالتداخل والترحيب ..فمرحبا بك في دارك قلماً حُرًا نزيهاً شريفاً أمينًا وعالمًا قامة من قامات بلادي..
نتابع باهتمام الحلقة الأولى من هذه المقالات التي ستكون متسلسلة فيما يبدو...ونرجو ان نوفق في المتابعة والمداخلة متى كان ذلك ممكنا...
ولك وافر التقدير والإحترام
أحمد يوسف أبوحريرة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
أستاذي الجليل الدكتور ابراهيم الكرسنى اولا مرحبا بك في هذا المكان واكيد سوف يكون قلمك الوضاء إضافة نوعية لهذا المنبر، قبل عام تقريبا انضم الينا الدكتور عبد الجليل ولكن يبدو ان كثرة مشغولياتة حرمته من المشاركة المنتظمة وارجو الا تحرمنا انت من قلمك ايضا .. لقد شهدت الفترة من اكتوبر 84 حين انتزعت التنظيمات الوطنية إتحاد طلاب جامعة الخرطوم من الإتجاه الإسلامي، مرورا بأحداث العنف في فيراير 85 التي اغلقت بعدها الجامعة، وحتي قيام الإنتفاضة في مارس ابريل 85 لقد شهدت تلك الفترة نشاطا سياسيا متصاعدا ومكثفا بواسطة الحركة الطلابية واساتذة الجامعة ضد دكتاتورية نميري، واستمر ذلك النشاط السياسي الذي انتظم خلال فترة الحكومة الإنتقالية وفترة الحكم الديمقراطي بدار الأساتذة بجامعة الخرطوم، إذ كان نادي الأساتذة لا يخل من فعالية ثقافية اوادبية او سياسية كل مساء، ولكن لم تجد تلك الفترة رغم ثرائها الفكري وصخبها السياسي حظها الكافي من التوثيق والتأريخ سوى كتابات قليلة و متفرقة، فأرجو ان تحاول وزملائك من الأساتذة الأجلاء التوثيق لتلك الفترة الغنية من تاريخ جامعة الخرطوم طلابا واساتذة في دفع عملية التحول الديمقراطي وترسيخ التجربة الديمقراطية في تلك الفترة .. سأظل متابعا لخيطك هذا في انتظار بقية الحلقات وارجو الا تنقطع، ولك كل الود والإحترام
الصاوي احد طلابك السابقين بكلية الإقتصاد بجامعة الخرطوم وبالمناسبة طلابك وطالباتك هنا كتار جدا ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: صديق عبد الهادي)
|
Quote: إذ كان نادي الأساتذة لا يخل من فعالية ثقافية اوادبية او سياسية كل مساء، ولكن لم تجد تلك الفترة رغم ثرائها الفكري وصخبها السياسي حظها الكافي من التوثيق والتأريخ سوى كتابات قليلة و متفرقة، فأرجو ان تحاول وزملائك من الأساتذة الأجلاء التوثيق لتلك الفترة الغنية من تاريخ جامعة الخرطوم طلابا واساتذة في دفع عملية التحول الديمقراطي وترسيخ التجربة الديمقراطية في تلك الفترة .. |
استاذنا الجليل د. ابراهيم الكرسني لك التحية وكل الود سعدت كثيرا كغيري من المتابعين لمسيرة التحول الديمقراطي في البلاد لطلتك البهيه في هذا المنبر اضافة حية من جيل من الاساتذة الاجلاء نهلناا منهم مانهلنا من معرفة اكاديمية واكثر من ذلك كانوا قدوة حسنة ودليل نهتدي به في مسالك النضال الوعرة في اعنف ديكتاتوريتين مرت علي البلاد. ففترة الثمانينيات والتي انت بصدد التوثيق لها فترة خصبة وبدون شك وضعت الاساس المتين لحكم الجبهة القومية الحالي ولاسيما ذكرك لبنك فيصل الاسلامي وهو عماد اقتصاد الاسلاميين في تلك الفترة. اتمني ان يحذوا الاخرين من شهود العيان لتلك الفترة الحيوية الهامة من تاريخنا المعاصر حذوك في هذا التوثيق المهم لنسجل وندون بعيدا عن ثقافة المشافهة احداثا كانت لها تاثير كبير في صناعة هذا الوضع المؤلم والذي نعاني منه وسنظل لأجيال قادمة.
محمد محمود احد طلابك في تلك الفترة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
الاخ د. ابراهيم الكرسنى تحية طيبة. اتابع بشغف وفضول هذه الحلقات التاريخية التى تلقى الضوء على حقبة مهمة من التحولات السياسية والاقتصادية. وعن علاقة المال بالسياسة. فالسياسة حقلها الحيوى هو المال او الثروة. وكل هذه الصراعات السياسية والاجتماعية ما هى الا مظهر وتعبير عن صراعات اعمق واكثر تعقيدآ تجرى على مستوى المال والاعمال والثروات الوطنية. فى هذه الوصلة من موقع بنك فيصل الاسلامى السودانى عرض لاعضاء مجلس ادارة البنك منذ 1979 الى 2003. وفيها تتضح العلاقة بين السياسة والسلطة والمال والاعمال
http://www.fibsudan.com/old_council.php
ارجو ان تواصل هذه الحكايات التوثيقية الهامة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
الاخ ياسر الشريف
تحية وسلام
في اعتقادي ان اميز انتاج فكري للحركة الجمهورية بعد كتاب الرسالة الثانية هو كتاب "بنك فيصل الاسلامي". و في اعتقادي المتواضع ان ذلك الكتاب كان رائداً في نقد التجربة الاقتصادية الاسلاميةو ليست المصرفية و حسب...لا يزال عالقاً في ذهني النقد الحصيف لعلاقة هيئة الافتاء الشرعي لبنك فيصل الاسلامي بالبنك نفسه حيث تنتفي عنها النزاهة ـ اي الهيئة ـ بقبولهاعملياًللوضع الوظيفي ولو قال اعضاؤها بغير ذلك لانهم يتعاطون اجوراً من البنك ، فهي في نهاية المطاف اجور مهما إختلفت تسميتها، وذلك السسبب كان كافياً لان يجعلهم يفتون في صالح تعاملات البنك.ذلك كان مضمون النقد الذي قدمه الكتاب في موضوع هيئة الافتاء الشرعي إذا لم تخني الذاكرة. فلقد كان اطلاعي عليه قبل اكثر من عشرين عاماً. سننتظر حتى يكمل اخونا دكتور كرسني كتابته و التي بالقطع ستوضح الكثير و تؤكده. الاخ ياسر/ لماذا لا تعيدون نشر مثل هذه الكتب القيمة؟
مودتي،
صديق عبد الهادي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: صديق عبد الهادي)
|
الأخ صديق عبد الهادي، سلامات هناك مجهود لجعل كتب الحركة الجمهورية موجودة في الشبكة خاصة لمصلحة الباحثين والدارسين.. وكتاب بنك فيصل الإسلامي بالفعل من الكتب التي تستحق ذلك..
بالمناسبة حاولت أن أطلع على مكتبتك في سودانيز أونلاين ولكن بالضغط على الرابط يأتي بدلا عنها مكتبة وليد500 وليد الطيب قسم السيد.. أرجو أن تدخل إلى بروفايلك وتصلح هذا الخطأ..
وشكرا
ياسر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
Quote: اتهم المقال "تجار الدين" و مؤسساتهم المالية و التجارية بإلحاق أكبر الأضرار بالاقتصاد و المجتمع السودانيين نتيجة عدم التزامهم بالقوانين السارية و أخلاقيات العمل، ولكنه أشار بالتحديد إلى دور بنك فيصل الاسلامى فى خلق المجاعة التى اجتاحت غرب السودان، و بالأخص إقليم دارفور، فى عام 1984 مما حدى بمواطنى غرب السودان إلى النزوح إلى أقرب مدينة بحثا عن ضروريات الحياة حتى وصلت طلائعهم إلى معسكرات " المويلح" و "الشيخ أبو زيد" على مشارف أم درمان( وسأحدثكم فى مقال قادم من هذه الخواطر عن المجاعة فى غرب السودان ودور بنك فيصل الاسلامى الذى تطرقنا له فى دار أساتذة جامعة الخرطوم فى سلسلة من الندوات بدأت فى أكتوبر 1984 ولم تتوقف إلى أن أطيح بالنظام المايوى فيما يمكن لي تسميته ب"ندوات المقاومة" ). |
كارثة دارفور ليست صدفة ولا صراع في المرعي ولا نزاعات قبلية؟؟ لماذا ؟؟ ودارفور بالذات ؟؟ ولماذا الجماعات الاسلامية وواجهتها الاقتصادية "بنك فيصل" ارادت ان تفعل بدارفور ما فعلت ؟؟ لماذا لا يوجد فرع لبنك فيصل في المملكة العربية السعودية ولقد سمعت تاكيدا لذلك في تلك الايام منسوبا للمملكة ؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
Dear Ibrahim Welcome to Sudaneseonline and looking forward for your contributions Itis almost 13 years since we met last time in Boston during the International Conference of Sudanese Studies Association. Still vivid in my memory our discussion last time at my apartment, in 15 Vancover Street, on the issues of peace, democracy, development, and respect for human righs in Sudan, and Iam sure they are the same issues which you are concern about today Regards and keep on touch
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: Elmoiz Abunura)
|
الاخ إبراهيم سؤال وتحيات ومودة شديدة أنت بالنسبة لي مثل القليلين ممن عرفت في حديث داخلي متصل مليء بالمعلومات والتاملات وربما الآهات.ارجو ان تخرجه gkh كله فلا تضن علينا بشيء . بي توق للمراسلة معك وبريدي الاليكتروني هو bushralfadil وبعد ذلك ضعه في اي من البريدين المشهورين.كنت متابعاً لتلك الكتابات بالميدان ومتابعا للمحاكمة .يالها من ايام!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
الأخت العزيزة رجاء والإخوة الأعزاء أحمد يوسف أبو سن طارق جبريل الصاوى شاذلى دوما وسام عادل عثمان محمد ابراهيم قرض صديق عبد الهادى ياسر الشيف أبوبكر المعز أبونورة بشرى الفاضل
لكم جميعا التحية والتجلة. وأود أن أعتذر لكم جميعا عن تأخرى فى الرد عليكم نسبة لبعدى عن عالم التقنية طيلة فترة نهاية الأسبوع والتى تمتد عندنا من الخميس الى الأحد. أشكركم جميعا على المداخلات القيمة وبالأخص على تشجيعكم لى لمواصلة الكتابة و التى كنت قد قررت الصوم عنها لفترة قاربت العامين! لدى قناعة راسخة بأن كل ما يمكن أن يكتب فى تشخيص "بلاوى" البلاد قدفاض عن الحد، بل أصبح فى بعض الأحيان تكرارا يصيب الفرد بالملل إن لم يكن الغثيان!! تترسخ هذه القناعة لدى حينما أعود لقرءة ما توفر لدى من أرشيف بعضامن كتاباتى، وهى قليلة للغاية بحكم عصا الترحال التى أمسكنا بها منذ زمن بعيد ولازلنا نعض عليها بالنواجز!! إن أكثر ما يحتاجه الشعب السودانى، ومنذ فترة خلت، هو الفعل المؤثر وليس الكلام وحده- على الرغم من أهميته فى بعض الأحيان! لذلك وحينما فكرت فى الكتابة مرة ثانية لم يطاوعنى قلمى سوى فى التوثيق لفترات تاريخية كنت شاهدا عليها ومشاركا، بقدر متواضع، فى صناعة بعض أحداثها يحدونى فى ذلك مقال كنت قد كتبته فى صحيفة الخرطوم حينما كانت تصدر من القاهره تحت الإسم الصحفى ’د.سعد البركالى‘ (لا أعتقد أن هنالك من سيفهم مغزى هذا الإسم سوى الأخ طارق جبريل!) بعنوان، "حتى لا نصبح شعبا بلا تاريخ"، لفت فيه الإنتباه إلى ثقافة المشافهة التى تكاد تميزنا عن بقية شعوب الأرض وأن تاريخنا سيموت مع الذين شاركوا فى صنع أحداثه! لذلك دعوت من خلاله لتسجيل ’خواطر‘ من لايزال على قيد الحياة من أؤلائك الرواد الى أن يأتى من له الرغبة و الوقت لتدوينها وجعلها فى متناول الباحثين والمهتمين للاستفادة منها. هذا هو الذى حفزنى لكتابة هذه الخواطر والتى آمل أن أجدالوقت و’الموروة‘ والذاكرة للاستمرار فى كتابتهاحيث لا يتوفر لدى أى مرجع فى الوقت الراهن للاستعانة به فى ’تذكر‘ الأحداث. من هناأطلب المعذرة من الجميع إن خانتنى الذاكرة فى التطرق لبعض الجوانب الهامة من تلك الأحداث، كما أرجو من جميع الإخوة والأخوات المساهمة بقدر ما يتوفر لهم من امكانيات لإضاءة بعض الجوانب الهامة والتى ربما فاتنى التطرق اليها بالتف صيل التى تستحقها، حيث أننى على يقين تام بأن أحداث تلك الفترة ستثير الكثير من الشجون عند البعض، وآمل صادقا أن يتم ترجمتها الى مساهمات مكتوبة من خلال هذا الخيط، ككتاب الإخوة الجمهوريين عن بنك فيصل والذى أعتقد بأن امكانيات الأخ ياسر الشريف التقنية أفضل منى تمامابحيث ستمكنه من نشره هنا للاستفادة منه حيث حالت تلك الإمكانيات دونى ونشر ما كتبته سابقا، على ندرة المتوفر منه حاليا. كما أرجو من الإخوة الأعزاء بشرى الفاضل وصديق عبد الهادى ’ضخ‘ ما هو متوفر لديهم من معلومات عن أحداث كثيرة شاركوا فى صنع بعضها. كم أتوجه برجاء الى ألإخوة أحمد أبوسن، أبوبكر، قرض، وسام، عادل عثمان، دوما، شاذلى، الصاوى و الأخت رجاء الإدلاء بدلوهم بما هو متوفر لديهم من معلومات. أما بانسبة للأخ الفاضل المعز أبو نورة فأعتقد أنه يمتللك الكثير من المعلومات حول المواضيع التى تطرقنا اليها بشقته "العامرة" فى ذلك الوقت بمدينة بوسطن، فأرجو أن لا يبخل بها علينا. أما الأخ العزيز طارق جبريل فقد أثار فى شجونا لا قبل لى بتحملها حينما دعانى للكتابة عن جزء عزيز من نفسى، وهى مسقط رأسى قرية شبا، التى كنت آمل أن يبدأ بها الأخ طلحة ذكرياته قبل امتداد الدرجة الثالثة!!! صدقنى يا طارق أننى كنت أود الكتابة ليس فقط عن قرية شبا وانما عن بنات مجذوبها "نفيسى بت بغداد" -حبوبة طارق-و "بت عريبى" وآمل أن يتم ذلك فى أقصر وقت ممكن. أما بالنسبة لطلابى-سابقا- فأتوقع مساهماتهم فى جزء من هذه "الخواطر" سياتى لاحقا ويتعلق بدراسة الفساد التى قمت بتدريسها ضمن "كورس" الإقتصاد التطبيقى لطلاب السنة الرابعة، فأرجو من المتابعين منهم لهذا الخيط الإدلاء بدلوهم لإثراء هذه الخواطر. آمل أن تأتى الحلقة الثانية قريبا بإذن الله. ولكم جميعا التحية والتقدير. إبراهيم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
الأستاذ د.الكرسني
سعدنا أيما سعادة بدخولك القوي الى قلوبنا بهذا السرد المبارك.كتبت من قبل معقبا على بوست الأستاذ صديق عن كتاب الدكتورة فاطمة بابكر بأن موضوع البحث في جذور الرأسمالية وعلاقتها بالسلطة في تاريخ السودان أصبح هما لدى الكثيرين.فها أنت أيضا تتحفنا بما تختزنه ذاكرتك الجميلة من إضاءات حول نفس الموضوع. الأنتفاضة أيضا ذلك الطفل المغضوب عليه من عدة جهات سياسية لها علينا حق الإحتفاء بها ليس فقط ذكر المحااسن دون المسالب لا بل في المقام بحث كيف تم التفريط فيها حتى صارت بهذا اليتم. في إعتقادي المتواضع بان الإنتفاضة التي كشفت بأن التاريخ يمكن أن يعيد نفسه الأكتوبري أكثر من مرة كذلك كشفت عن القوة الكبيرة التي إمتلكتها "الجبهة القومية الأسلامية" في إعادة ترتيب صفوفها مرة أخرى بعد أن خرجت مطأطأة الرأس بسبب حمايتها لنظام مايو حتى آخر شهر منه.وعلى ما أظن أن تلك القوة لها عدة أضلاع أهمها القوة الأقتصادية أو المالية.ولبنك فيصل الإسلامي دور كبير في هذا السفر. إذا لنا أن نقبع أمام شاشات كمبيوتراتنا ننتظر أن " تتكحل" أعيننا بالطيبات القادمات نتمنى أن لا تطيل علينا الإنتظار. ودمتم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: خواطر من زمن الإنتفاضة(2) -بينى وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
خواطر من زمن الإنتفاضة (2)
بيني وبين بنك فيصل الإسلامي
د. إبراهيم الكرسنى
أذكر أنه فى أثناء إستراحة أحد جلسات المحكمة تقدم الأستاذ احمد إبراهيم الطاهر نحونا- الأستاذ التجانى الطيب وشخصي الضعيف- وقال، " كل ما نطلبه منكم كلمة اعتذار بسيطة فى الميدان ثم يمكننا بعد ذلك شطب البلاغ!!""، فرد عليه الأستاذ تجانى بحدة قائلا فى صورة استهجان لاقتراح الأستاذ أحمد، " إعتذار... طيب ما نبطل الشغلانه دى!!". فقمت بدوري بتوجيه السؤال إلى الأستاذ أحمد، " لماذا لم تقوموا أنتم بالرد على المقال ليتم نشره فى الميدان وفى نفس الصفحة التى نشر بها مقالى، وإذا لم يتم ذلك ، حينها يحق لكم الذهاب إلى المحاكم". ثم أردفت، " لم يفت الوقت على ذلك. يمكنكم الآن كتابة ردكم على المقال وإرساله للنشر بصحيفة الميدان".
لم يفتح الله على الأستاذ أحمد إبراهيم الطاهر بكلمة واحدة يرد بها على اسئلتى، بل اكفهر وجهه ثم انزوى بعيدا عن أعيننا، ليس لأنه لا يملك ردا، ولكنه كان يرمى من وراء كتابة الاعتذار إلى تأكيد اتهامي و الأستاذ التجانى وصحيفة الميدان بالكذب الضار فى حق بنك فيصل الاسلامى و اشانة سمعته ومن ثم فتح الباب واسعا أمام مختلف الأجهزة الإعلامية التابعة للجبهة الإسلامية القومية لفتح مدافعها الإعلامية المسمومة على ثلاثتنا... لكن رد الأستاذ التجانى المبدئي والصارم فى ذات الوقت قد كفانا ذلك الشر تماما. ومع ذلك فلم نسلم من أبواق إعلام الجبهة السامة بالكامل فى قضايا كثيرة أخرى – سأتطرق لها فى حينها خلال هذه السلسلة من الخواطر. ولكن فيما يتعلق بقضية بنك فيصل تحديدا فقد حدث ما توقعته تماما، وهو أن يلجأ إعلام الجبهة، كما هو ديدنه وعادته دوما، إلى جميع الأساليب الرخيصة والتى لا تتناسب مع أبسط قواعد أخلاقيات مهنة الصحافة لإشانة سمعتي، وكانت وقائعها كما يلي.
لقد غادر السودان فى مهمة رسمية الأخ الفاضل الدكتور جلال الدين الطيب، فتقدم ليحل مكانه فى ضمانتي الأخ العزيز الدكتور خالد عفان-له التحية والتجلة- ولقد شاءت الأقدار أن أغادر أرض الوطن منتدبا من جامعة الخرطوم لإحدى الجامعات العربية، بعد أن أكملت جميع الإجراءات الرسمية- سواء كان ذلك من قبل إدارة الجامعة أو من قبل الجهات الأمنية المختصة وتسلمت إذن الخروج ثم غادرت البلاد عبر مطار الخرطوم الدولي. بمعنى آخر لم أخرج هاربا أو متسللا وذلك لسبب بسيط وهو أننى لم أكن سياسيا متفرغا، مما يستوجب الخروج سرا من البلاد، على الرغم من معارضتى للجبهة القومية الإسلامية قبل وبعد انقلاب الإنقاذ.
وفى أول جلسة للمحكمة بعد مغادرتى أرض الوطن حدثت ربكة تنظيمية فيما بين هيئة الدفاع و الضامن والأستاذ التجانى لم يتمكن على إثرها الأستاذ طه إبراهيم من حضور الجلسة، لسبب أو لآخر، حتى يتمكن من توضيح أسباب تغيبي للمحكمة الموقرة. آمل من الإخوة الأفاضل المعنيين بهذه الواقعة التفضل بسردها للحقيقة والتاريخ. على إثر ذلك، وفى إجراء قانوى سليم أمر القاضى بإلقاء القبض على نسبة لتغيبي والأستاذ طه من تلك الجلسة. فحدث الآتي من جراء ذلك. أولا تم إلقاء القبض على ضامني الأخ الدكتور خالد عفان، حيث لم يسلم هو الآخر من أذى هؤلاء الناس، فأود أن أوجه له عظيم الشكر والامتنان لصموده المشرف وتحمله مشاق ذلك الحدث. ثم حصل ثانيا، وهو ما وددت لفت الأنظار إليه،أن خرجت صحيفة " ألوان"، وهى أحد أبواق الجبهة الصفراء، وأحد الأدوات الهامة التى سخرها قادة الجبهة، ليس فقط لإغتيال شخصيات القيادات المعارضة لهم، وإنما لإغتيال النظام الدينقراطى برمته!! خرجت هذه الصحيفة صبيحة اليوم التالى لقرار المحكمة وهى تحمل المانشيت التالي بالبنط العريض، " المحكمة تطلب القبض على الدكتور إبراهيم الكرسنى بالإنتربول"!!
كان للخبر الذى نشرته صحيفة ألوان، وبالأسلوب الذى نشر به، وقعا سيئا على كل من يعرفنى حيث صورني الخبر بمثابة الهارب ليس من وجه العدالة فقط، وإنما الأهم الهروب من ساحة الصراع ضد الجبهة الإسلامية ومؤسساتها الفاسدة، مما حدى ببعض أصدقائي المقربين الذهاب إلى قسم الإنتربول بوزارة الداخلية ليتأكدوا بأنفسهم من صحة مزاعم ألوان. أكد مسؤولو الإنتربول لهم بأن قائمة المطلوبين لديهم لا تتضمن اسمي ولم يرد إليهم ما يفيد بذلك لا من محكمة المديرية أو أية جهة قانونية أخرى. حينها تأكد لهم عدم مصداقية ألوان و المدى الذى يمكن أن تذهب إليه فى نشر أكاذيبها. لكننى أود أن أنوه فى هذا المجال بأن صحيفة ألوان، ومن بين جميع الأبواق الإعلامية للجبهة وبالأخص رئيس تحريرها الأستاذ حسين خوجلى، تتحمل وحدها المسؤولية الأولى فى تدهور الأداء الصحفي أثناء فترة الديمقراطية الثالثة إلى مستويات من الإسفاف غير مسبوقة فى تاريخ الصحافة السودانية مما مهد الطريق لاحقا إلى نجاح الجبهة القومية الإسلامية فى الإطاحة بالنظام الديمقراطي برمته.
إن دور صحافة الجبهة الصفراء فى الإنحدار بأداء وأخلاقيات العمل الصحفى أثناء فترة الديمقراطية الثالثة، ناهيك عن دورها فى هدم أركان النظام الديمقراطى نفسه، تحتاج إلى أكثر من رسالة ماجستير، بل ربما إلى مجلدات، حتى يمكن الإلمام بجميع جوانبها واستخلاص العبر والدروس من هذه التجربة بهدف حماية أية نظام ديمقراطى قادم من مثل هذه الممارسات الشائهة والهدامة. إذن لماذا قرر قادة الجبهة الإسلامية فتح بلاغ جنائى ضدى وفى جرم لم أرتكبه، بل إن جريرتى الوحيدة تمثلت فى كتابة مقال واحد ينتقد ممارسات مؤسساتهم المالية فى صحيفة سيارة؟!
أننى أعتقد بأن الهدف من وراء هذا القرار كان يرمى إلى إرهاب جميع الأكاديميين المعارضين لسياساتهم بصورة عامة، والإقتصادية منها على وجه الخصوص، ولجم ألسنتهم و أقلامهم الشريفة عن الخوض فى أحد أهم ميادين نشاطهم، وهو النشاط الإقتصادى، وذلك عن طريق إضاعة وقتهم، وهو أغلى ما يملكه أى إنسان أكديمى، من خلال "تلتلتهم" و" جرجرتهم" فى أروقة المحاكم بواسطة أناس ليس للوقت لديهم أية قيمة، وهم جيش المحامين العرمرم الذى خصصه تنظيم الجبهة الإسلامية القومية لملاحقة جميع من "يتجرأ" بالكتابة ضدهم، وهم يتقاضون مخصصاتهم المالية على كل حال من مؤسسات كبنك فيصل الإسلامى، حتى وإن كانوا عاطلين عن العمل تماما!! لذلك أرادوا أن يجعلوا منى عظة وعبرة لكل من تحدثه نفسه من الأكاديميين بتوجيه أى نوع من النقد إلى ممارسات مؤسسات الجبهة الإسلامية القومية، وبالأخص نشاط رأسمالهم الطفيلي، الذى بدأ ببنك فيصل الإسلامى ولم ينتهى إلا بإمتلاكهم لأصول البلد بأكملها!!
كان أكثر ما يرعب قادة الجبهة، فى ذلك الوقت، مجرد التعرض لأنشطة و ممارسات مؤسساتهم "الإسلامية". فيمكنهم العفو و الغفران عن كل الكتابات الأخرى، ما عدى تلك التى تفضح أنشطتهم التخريبية للإقتصاد السودانى، فهذه خطوط حمراء لن يسمحوا لكائن من كان بتجاوزها!! فماذا نتوقع إذن أن يكون موقفهم من رجل جعل رسالته فى ذلك الوقت، ولا يزال، فضح مؤسساتهم "الإسلامية" المشبوهة وما أرسته من قواعد للفساد المالى والإدارى حتى أضحى الفساد ممارسة راسخة الجذور وقيمة إجتماعية مقبولة- ويا للهول_ فى أوساط المجتمع السودانى وفتح الباب واسعا أمام دخول قيم سلبية جديدة قادت فى نهاية المطاف، وبعد ما يقرب العقدين من ممارستها إلى خلخلة النسيج الإجتماعى السودانى الذى أصبح من الصعب ، إن لم يكن من المستحيل، رقعه فى المدى المنظور. وسوف أفرد بعض الحلقات القادمة من هذه السلسلة إلى الفساد المالي لبعض مؤسسات الجبهة الإقتصادية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
الاستاذ د. الكرسنى بعد التحية و الاحترام: كنا فى السودان فى ذاك الزمان .. حين كان النبت الشيطانى ينمو و يتغلغل .. و لا أحد ينتبه للاخطبوط القادم .. كانت الغفلة و "ياخى سيبك ".. شعارات المرحلة.. بنك فيصل و دان فوديو تلك الشركة الصغيرة التى لم يكن أحد يعرف إن كانت فرع لشركة اوربية أو ذراع من أذرعة الاخطبوط .. مقرها نصف منزل أمام السفارة الفرنسية .. مكاتب بسيطة و خلف الابواب المغلقة خطط لمائة عام.. دان فوديو المثال الحقيقى و النموذج الصارخ تشترى من البنك الزراعى التراكتورات الماسى .. بأسعار "دفترية" و تحتكرها لتبيعا عن طريق بنك فيصل بأسعار"فلكية" حيث تكون تلك السلعة " غير متوفرة فى السوق".. و انظر الان لتعرف ما هى دان فوديو ..و من هو دان فوديو!! كان هذا منتصف الثمانيات .. حين كانت مخازنها فى اللاماب بحر أبيض .. "عالم و دنيا".. ألوان لم تكن صحيفة التابلويد السودانية كما يظن البعض .. بل كانت هى الاخرى ضمن "خطة المائة عام" مدرسة لفقة التجهيل و التنكيل و التسفيه و تسطيح الامور .. التى كان أغلبها مسطحا بالفعل.. و استشرت تلك الشركات و الاخطبوط يمتدو أذرعة طالت الاخضر و اليابس.. حتى ما عاد السودان هو السودان و لا عاد الناس هم الناس.. و ضمتنا منافى الغربة و الهجرة تمزقنا.. و الاخطبوط لا زال يمتد..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
Quote: . لكننى أود أن أنوه فى هذا المجال بأن صحيفة ألوان، ومن بين جميع الأبواق الإعلامية للجبهة وبالأخص رئيس تحريرها الأستاذ حسين خوجلى، تتحمل وحدها المسؤولية الأولى فى تدهور الأداء الصحفي أثناء فترة الديمقراطية الثالثة إلى مستويات من الإسفاف غير مسبوقة فى تاريخ الصحافة السودانية مما مهد الطريق لاحقا إلى نجاح الجبهة القومية الإسلامية فى الإطاحة بالنظام الديمقراطي برمته.
إن دور صحافة الجبهة الصفراء فى الإنحدار بأداء وأخلاقيات العمل الصحفى أثناء فترة الديمقراطية الثالثة، ناهيك عن دورها فى هدم أركان النظام الديمقراطى نفسه، تحتاج إلى أكثر من رسالة ماجستير، بل ربما إلى مجلدات، حتى يمكن الإلمام بجميع جوانبها واستخلاص العبر والدروس من هذه التجربة بهدف حماية أية نظام ديمقراطى قادم من مثل هذه الممارسات الشائهة والهدامة. |
نعم.. فبينما ظل يشكل بنك فيصل غول التغول الإقتصادي على حياتنا شكلت ألوان بدورها الغول الإعلامي لتقويض و هدم ما تحقق من إنجاز بعد إسقاط النظام الشمولي فكانت بمثابة "بنك فيصل الإعلامي"!..
نتمنى أن يجد موضوع "ألوان" القدر المناسب من الدراسة و الإهتمام إضافة إلي ما ذكرت يا د. إبراهيم, نتابع معك..
لك التحايا,
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
الأخ أبو خالد أشكرك جدا على المداخلة القيمة. أوافقك الرأى تماما بأهمية الإهتمام بدراسة السلبيات التى صاحبت قيام الإنتفاضة ووأدها. يأتى فى طليعة تلك السلبيات، كما أعتقد، الإستهانة بقدرات الخصم الفكرية،الإعلامية، المالية، العسكرية،المادية، التنظيمية...الخ. السبب فى كل ذلك يرجع فى تقديرى الى أن القوى الديمقراطية كانت ولا تزال أسيرة مرحلة الشعارات ولم تتجاوزهاالى مرحلة الدراسات المعمقة لتسترشد بهافى معركتها مع خصمها اللدود. هل تذكر قناعة القادة الديمقراطيين عند قيام الإنقاذ بأن عمرها لن يتجاوز صيف ذلك العام المشؤوم!! هل هنالك إستهانة بالخصم أكثر من ذلك؟! فإذا ما ظللنا أسرى الشعارات ولم نتجاوز مرحلتها بواقعية ملحوظة، فسوف نظل نرزح تحت سهام هؤلاء الظلاميين، وأشباههم، لفترة طويلة قادمة من الزمن وإن كان ذلك، كما قال صديقنا حميد، فى ظل،" حيكومات تجى وحيكومات تروح"!! الأخ أسعد الريفى سعدت جدا بمساهمتك المنطلقة من هموم الوطن ومواطنيه. عندما كنا نقول ما تقوله الآن، أو نكتبه، كان قادتنا السياسيين يتهكمون علينا بأن هذا النوع من الحديث إما "حديث أكاديميين" أو "كلام جرايد ساكت"، الى أن فاجأهم طوفان الإنقاذ وهم "ساهرون" فى أحد المناسبات الإجتماعية وأغرق سفينتهم فى قاع بحر السياسة المتلاطمة أمواجه. وقد ظلوا منذ ذلك الحين يبحثون عن طوق النجاة فى أركان الدنيا " الخمسة" ما عدى طوق نجاة الشعب السودانى الذى رفض مدهم به لقناعته التامة بأن "المؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتين"!! نسأل الله أن يفرج كربتهم. أما كربة الشعب السودانى فهو كفيل بحلهافى الوقت الذى يعتقد بأنه هو الأنسب لذلك!! الأخ المعز ما أروعه من مسمى..."بنك فيصل الإعلامى" لكم جميعا التحية ابراهيم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
الأح العزيز د. كرسني لقد إستمتعت حقا بالسردالموثق لمرحلة لم أكن قد عاصرتها حيث أنني كنت قد هاجرت طوعيا من السودان بعد الإحباط الذي أصابني من حكومة الإنتفاضة التي أجهضت كل أحلامني ووضعت الأسس لقيام دولة الهوس الحالية ورغم ذلك فقد كنت متابعا لقضيتك مع بنك فيصل الإسلامي ولكني لم ألم بهذه التفاصيل التي تذكرها الان وهي حقا ممتعة تحيني لك وللاسرة الكريمة أحمد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
العزيز أحمد التحايا لك وللأسرة الكريمة كنت أعتقد بأننى من القلائل من أبناء جيلى الذى أصيب مبكرا بعطب فى الذاكرة، لكن مداخلتك قد طمأنتنى بأن هناك من هو أسوأ منى!! لقد غادرنا السودان خلال نفس الفترة. أتذكر حينما استدعانا أستاذنا الجليل بروفيسر يوسف فضل، وكان حينها مديرا لجامعة الخرطوم، لمكتبه لوداعنا وتقديم ما يلزم من النصائح لجيل ناشئ من الأساتذة وماذا قال لكل واحد منا؟؟!! اذا كنت لا تذكر فيحق لى أن أفتخر بذاكرتى "الحديدية"!! حينها سأروى لك تفاصيل ذلك الموقف فى مناسبة أخرى. تقبل صادق الود. ابراهيم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
ياسلام عليك يا أبو خالد على المبادرة الجميلة. أشكرك عليها كثيرا. لقد اتضح لى من خلال الكتابة أن هناك بعض التفاصيل ربما تكون أهم من الأصل فى بعض الأحيان. وأن هناك بعض "التخريمات" من الموضوع الأساسى تساعد فى القاء الضوء على العديد من التفاصيل المهمة التى يفوت على الكاتب ذكرها فى بعض الأحيان، كما سيتضح لك من خلال الحلقات القادمة من هذه الخواطر. أكيد أن ما سيسطره قلمك المشوق سيكون اضافة حقيقية لهذه الخواطر التى آمل أن يثريها كل من عاصر تلك الفترة الخصبة من تاريخ شعبناحتى يتمكن الجهد الجماعى من التوثيق لها بما تستحقه. لى طلب بسيط وهو شرف التعرف عليك من خلال المسنجر. لك الشكر مرة أخرى وفى إنتظار المساهمة. إبراهيم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
سلامات يا عزيزنا كرسني، صدقت فيما سقته هنا:Quote: أننى أعتقد بأن الهدف من وراء هذا القرار كان يرمى إلى إرهاب جميع الأكاديميين المعارضين لسياساتهم بصورة عامة، والإقتصادية منها على وجه الخصوص، ولجم ألسنتهم و أقلامهم الشريفة عن الخوض فى أحد أهم ميادين نشاطهم، وهو النشاط الإقتصادى، وذلك عن طريق إضاعة وقتهم، وهو أغلى ما يملكه أى إنسان أكديمى، من خلال "تلتلتهم" و" جرجرتهم" فى أروقة المحاكم بواسطة أناس ليس للوقت لديهم أية قيمة، وهم جيش المحامين العرمرم الذى خصصه تنظيم الجبهة الإسلامية القومية لملاحقة جميع من "يتجرأ" بالكتابة ضدهم، وهم يتقاضون مخصصاتهم المالية على كل حال من مؤسسات كبنك فيصل الإسلامى، حتى وإن كانوا عاطلين عن العمل تماما!! لذلك أرادوا أن يجعلوا منى عظة وعبرة لكل من تحدثه نفسه من الأكاديميين بتوجيه أى نوع من النقد إلى ممارسات مؤسسات الجبهة الإسلامية القومية، وبالأخص نشاط رأسمالهم الطفيلي، الذى بدأ ببنك فيصل الإسلامى ولم ينتهى إلا بإمتلاكهم لأصول البلد بأكملها!!
كان أكثر ما يرعب قادة الجبهة، فى ذلك الوقت، مجرد التعرض لأنشطة و ممارسات مؤسساتهم "الإسلامية". فيمكنهم العفو و الغفران عن كل الكتابات الأخرى، ما عدى تلك التى تفضح أنشطتهم التخريبية للإقتصاد السودانى، فهذه خطوط حمراء لن يسمحوا لكائن من كان بتجاوزها!! فماذا نتوقع إذن أن يكون موقفهم من رجل جعل رسالته فى ذلك الوقت، ولا يزال، فضح مؤسساتهم "الإسلامية" المشبوهة وما أرسته من قواعد للفساد المالى والإدارى حتى أضحى الفساد ممارسة راسخة الجذور وقيمة إجتماعية مقبولة- ويا للهول_ فى أوساط المجتمع السودانى وفتح الباب واسعا أمام دخول قيم سلبية جديدة قادت فى نهاية المطاف، وبعد ما يقرب العقدين من ممارستها إلى خلخلة النسيج الإجتماعى السودانى الذى أصبح من الصعب ، إن لم يكن من المستحيل، رقعه فى المدى المنظور. وسوف أفرد بعض الحلقات القادمة من هذه السلسلة إلى الفساد المالي لبعض مؤسسات الجبهة الإقتصادية. |
هذه هي الصفحة الأولى من كتاب "بنك فيصل الإسلامي".. صفحة الإهداء، فتأمل!!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
Quote: عندما كنا نقول ما تقوله الآن، أو نكتبه، كان قادتنا السياسيين يتهكمون علينا بأن هذا النوع من الحديث إما "حديث أكاديميين" أو "كلام جرايد ساكت"، الى أن فاجأهم طوفان الإنقاذ وهم "ساهرون" فى أحد المناسبات الإجتماعية وأغرق سفينتهم |
ليس قادتنا السياسين فقط .. بل كثير من أنتفع من مواقف الاكاديميين أو الوطنيين الشرفاء .. و من الصور الواقعية التى حدثت بعد الانتفاضة بأيام .. ما قامت به إدارة البنك الاسلامى السودانى حينذاك ، حيث قامت بمحاكمة و محاسبة كل من اشترك من الموظفين فى المظاهرات، بل و تم فصل العديد منهم .. و سبحان الله ، صار رئيس مجلس البنك بعد الانتفاضة رأسا لمجلس الدولة.. و لم يتم إعادة المفصولين من البنك .. و لا سحب العقوبات .. و المؤسف أننا عندما نستدعى الذاكرة .. لمثل هذه الاحداث نجدها ساسلة كثيرة التشابك، كلنا يعانى من ظلمها .. و أحد يرفعه عنا ، و لا نحن أيضا.. أحباط يتلوه إحباط .. و يسبقه أخر..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
نقاية الأطباء
لست طبيبا لكن شاءت الظروف أن أكون على صلة وثيقة بإخوتي الأطباء "أولاد دفعتي" الذين كانوا بدورهم وثيقي الصلة بأمر نقابتهم في تلك الفترة ,أعني الفترة التي سبقت الإنتفاضة. كان المرحوم د.الحارث حمد رئيسا للنقابة في وكان نقابيا نشطا وذكيا .يحفظ القوانين الأساسية للنقابة عن ظهر قلب ويجاهر بعدائه للشيوعيين واليساريين عموما وإن كان لا يبدى إرتياحا للنميري (عرفت مؤخرا أن للرجل صلاة قربى بالنميري).في نفس تلك الفترة كان تجمع الأطباء الديمقراطيين يحاول بقدر ما أوتي من قوة تجميع صفوف الأطباء لإسقاط النقابة التي تقف حجرة عثرة أمام مشروع الإضراب الذي كانو ينون القيام به. لكن كلما أعدوا العدة لإنجاح عملهم إنبرى لهم د.الحارث تسعفه ثقافته القانونية الجيدة فيفشل ما بيتوا له.طبعا لم يكن الحارث بمفرده بل كانت تؤازره الجماعات المايوية وجماعة الإخوان التي كانت تشارك فعليا في السلطة.لكن في الأشهر الثلاثة التي سبقت الإنتفاضة زاد الضغط الشعبي على حكومة مايو وحينها كان الدكتور قد إستنفد كل حيله القانونية وأرتأت الجماعات السياسية التي كانت تقف من خلفه أن الرجل لا محالة هالك فليس من مصلحتها سياسيا التشبث به فسهل ذلك الإنقضاض على النقابة فسقطت.وتشكلت نقابة جديدة على رأسها كل من د.الجزولي وأبوصالح.كانت النقابة توليفة توفيقية تضم الكثير من العناصر المتناقضة بما فيهم الإخوان المسلمين أنفسهم.عندما جاءت لحظة الحسم بإعلان النقابة إضرابها الشهير الذي زج فيه كل أعضاء النقابة في السجون تبرأ الإخوة المسلمون من الإضراب "ونفضوا أيديهم" من كل المقررات جملة وتفصيلا .وكما هو معلوم لم يستمر بهم الحال طويلا بعد ذلك إذ أودعوا هم أنفسهم السجون عندما قلب عليهم النميري ظهر المجن "أنا بقول ديل مش أخوان مسلمين ديل أخوان الشياطين". بعد إنتصار الإنتفاضة تبوأ الدكتور الجزولي منصب رئيس الوزراء وأبو صالح وزارة الخارجية.لي معرفة جيدة بماضي الدكتور أبو صالح "الإخونجي" منذ المدرسة الثانوية وأظن أن الدكتور الجزولي يملك نفس المؤهلات كما عرفت من بعض الأصدقاء.لقد كان من المستغرب , ظاهريا, أن يسقط هؤلاء في أحضان الجبهة القومية الأسلامية بالرغم من "الخيانة" المفضوحة التي تمت بحقهم أثناء الإضراب الشهير.لكن هل هو فعلا الطبع الغلاب الذي يجعل الحبيب يهرول "للحبيب الاول" أم هي حنكة وقوة تنظيم سياسي يعرف كيف يستفيد من "دربكة" خصومه "لحم الراس" فيضرب هذا بذاك ويسعى بكل ما أوتي من قوة لإفشال أي جهد يسعى للمصالحة مع الحركة الشعبية.وكما ذكر الدكتور الكرسني فقد إنبرت ألوان , وهي أول صحيفة تخرج للنور بعد طول غياب في ظلام الحزب الواحد ,إنبرت بإمكانياتها الهائلة لتصب في مستنقع إفشال الديمقراطية من المنبر الإعلامي بينما كان "لحم الراس" لا ينفك ينتهي من عراك حتى يبدأ الآخر , تعمل فيه الأيادي الخفية "والغواصات الحزبية" دورا كبيرا الى أن كلل ذلك بقيام الإنقاذ "وهم ساهرون". هنالك تفاصيل كثيرة ربما يعرفها غيري أتمني أن يجدوا الفرصة ليفضوا بما لديهم عن تاريخ تلك الفترة الهامة حتى تكون لنا رؤية واضحة عن ما حدث سيما وأن بين ظهرانينا الأستاذ الدكتور أبو حريرة يستطيع أن يصوب ما أنجرفنا وراءه من جراء العاطفة أو يأت ما كان صوابا فيزيدنا من فضل ما أختزنت ذاكرته الطيبة. والشكر موصول لأستاذنا الكرسني على هذه الإستراحة. ودمتم.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
Quote: صدقنى يا طارق أننى كنت أود الكتابة ليس فقط عن قرية شبا وانما عن بنات مجذوبها "نفيسى بت بغداد" -حبوبة طارق-و "بت عريبى" وآمل أن يتم ذلك فى أقصر وقت ممكن |
العزيز د. ابراهيم كيفنك والوليدات لا اود ان يتجه البوست في اتجاه آخر فقط اريد منك وعدا انت تكتب عن تلك القرية الحالمة شبا وشخوصها الغريبة والعجيبة تعرف لم اقرأ موسم الهجرة إلى الشمال كأنما الطيب صالح كان يجلس بيننا جنب بئر ود جبارة اذكر انني في مرة كنت بشبا وحوالي الساعة 11 طلبت من ي حبوبتي نفيسة الله يرحمها ان انزلها للبئر حيث وجدت شيوخ القرية هناك يتقدمهم ود جبارة وعوض السيد كنيش فارسلتني حبوبتي لدكان العوضابي لاشتري لها سجارتين واملأ لها حقة الصعوط قبل ان امشي قال لها عوض السيد: انت يا نفيسي غشيتي ود عمنا موسى وعرستيهو قامت ردت عليه: هو ود عمكم شن طعموا مباري القرآن لامن مات رحمة الله عليهم جميعا
اتابع بشغف كبير قضية (بنك فيصل)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: mekki)
|
الى اخر متداخل mekki للتوضيح هنالك اكثر من كرسنى يحمل الدكتوراه وعمل محاضرا بجامعه الخرطوم كليه الاقتصاد ولعلك تتحدث عن الكرسنى الاخر عوض السيد" الان عضو بالمؤتمر الوطنى" وليس صاحب البوست الدكتور ابراهيم لانه يتسحيل يكون شخص خاض معارك مثله مع جبهه الترابى ثم يبيض وجه النظام هذا للتوضيح كى يستمر النقاش موجبا....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
خواطر من زمن الإنتفاضة(3)
الفساد المالي فى أوساط قيادات الجبهة الإسلامية القومية
د. إبراهيم الكرسنى
كانت لدى قناعة راسخة، ولا تزال، بأن الفساد و سوء الإدارة، هما بمثابة فيروس الإيدز المسبب لإنهيار أي مجتمع وإقتصاده. من هنا تولد إهتمامى الأكاديمي بموضوع الفساد و أهمية دراسته وتناوله بصورة علمية.لكن أحد تناقضات ونتاج ظاهرة الفساد أنه يجعل من نفسه عصيا على الدراسة العلمية لعدم توفر الوثائق اللازمة لإجراء الدراسة. وبما أن الفاسدين يعون تماما أهمية حماية أنفسهم عن أى شبهة فساد، فهم يحرصون دائما و أبدا بالتستر على، بل وتدمير، أية وثيقة يمكن أن تثبت تورطهم فى أية عمليات مشبوهة، ناهيك عن أن تكون فاسدة، أولا بأول، وبالأخص إن كانت تلك العمليات و الممارسات داخل الجهاز المصرفي. وبما أن توثيق مصادر البحث يعتبر من أبجديات البحث العلمي، كان إصرارنا على توثيق جميع ممارسات الفساد التى نود دراستها. يأتى هذا نظرا لإلتزامنا الصارم بمنهجية البحث العلمى فى المقام الأول ثم ثانيا، لعدم فتح أي "فجاج" ليطل منه زبانية الجبهة لإتهامنا بالكذب أو التشكيك فى مصداقيتنا، حيث يتوفر لديهم إستعداد فطرى للقيام بذلك كما سنرى لاحقا.
لذلك كانت العقبة الكأداء التى واجهتنى عندما فكرت فى إجراء دراسة علمية حول موضوع الفساد هو كيفية الحصول على الوثائق التى تثبت الإفتراض الأساسى للدراسة و الذى تمحور حول، " مدى إستغلال و توظيف المنصب السياسى لتحقيق مصالح شخصية وخاصة". هداني تفكيرى إلى مناقشة الفكرة مع صديقى العزيز د. الواثق كمير، له التحية والإعزاز، وقد تحمس لها، كعادته، حماسا منقطع النظير و أبدى إستعداده التام للمشاركة فى إعدادها من موقعه الأكاديمي كأستاذ لعلم الإجتماع بجامعة الخرطوم، وكذلك، وهذا هو الأهم، من خلال توظيف علاقاته الطيبة فى أوساط مجتمع الخرطوم للحصول على الوثائق المطلوبة. شكرت الأخ الواثق على حماسه للفكرة و إلتزامه بإجراء الدراسة ثم إتفقنا بعد ذلك على خطة العمل. كان ذلك، على ما أذكر، و أرجو أن يصححني الأخ الواثق إن كنت مخطئا، حوالي منتصف العام 1983.
بعد فترة وجيزة من ذلك اللقاء فاجأني الأخ الواثق بتحصله على مجموعة من الوثائق الهامة و التى تتعلق بأحد أهم المؤسسات "الإسلامية" فى ذلك الوقت، وهى " مؤسسة التنمية الإسلامية". حينها أدركت الفارق الكبير بين إمكانيات "أبناء العاصمة" و "أبناء الأقاليم" فى الحصول على وثائق الفساد!! أحد أهم عناصر الدراسة، كما أسلفنا القول. تم الإتفاق فيما بيننا على أخذ هذه المؤسسة كأحد نماذج الدراسة بالإضافة إلى ملاك مشاريع الزراعة الآلية بمنطقة هبيلا بجبال النوبة فى إقليم كردفان، كنموذج آخر لدراسة هذه الظاهرة. وبالفعل فقد إلتزمت وتمكنت من الحصول على الوثائق المتعلقة بهذا النموذج لسببين: الأول هو إنها منطقة ريفية لا قبل للأخ الواثق بمد علاقاته الإجتماعية الطيبة إليها، آمل أن يسعفنى الوقت لأحكى لكم فى أحد "إستراحات" هذه الخواطر- كما أقترح الأخ أبو خالد- رحلتي العلمية المشتركة مع الأخ الواثق لمنطقة جبال النوبة وما تخللها من نوادر وقفشات. أما السبب الثاني فإن منطقة هبيلا هي المنطقة التى أجريت فيها البحث الميداني أثناء تحضيري لنيل شهادة الدكتوراه فى الإقتصاد من جامعة ليدز بإنجلترا. بالإضافة إلى تمكنه من الحصول على الوثائق المتعلقة ب"مؤسسة التنمية الإسلامية"، فقد قام الأخ الواثق بإعداد نصيبه من الجزء النظري المتعلق بإجراء الدراسة، أو ما يعرف عند الفرنجة ب “Literature Review”.
ظلت هذه الوثائق ومساهمة الأخ الواثق النظرية قابعة فى مكتبي بقسم الإقتصاد بجامعة الخرطوم إلى أن يسر الله لى رحلة علمية كأستاذ زائر للمعهد الإسكندنافى للدراسات الأفريقية “Scandinavian Institute for African Studies” بمدينة أبسالا السويدية خلال صيف 1984. إن رحلتي إلى السويد فى ذلك العام قد علقت بذهني، و يستحيل على ذاكرتي الخربة نسيان تفاصيلها، لأنها قد إرتبطت بالتطبيق الفعلي لقوانين سبتمبر الغبراء التى أعلنها "الإمام" نميرى فى سبتمبر 1983. أذكر جيدا أننى غادرت الخرطوم يوم 29/4/ 1984متوجها إلى السويد عن طريق لندن، وإذا ب "الإمام" النميرى يفاجئ الجميع بإعلان حالة الطوارئ وما تبعها من إجراءات تشكيل محاكم الطوارئ سيئة الصيت والتى شوهت العديد من الغلابة والمساكين من أبناء الشعب السودانى من خلال بتر أطرافهم كما أدت إلى استشهاد بعضهم كالمرحوم "الواثق صباح الخير". بالطبع لم أسمع بالخبر إلا صبيحة 30/4 عند وصولى إلى مدينة لندن و من خلال صحيفة" القارديان".
لقد إستغرب أصدقائى العديدين الذين إلتقيتهم فى مختلف المدن البريطانية حينها، بل أبدوا دهشتهم حينما كانت إجابتى على سؤالهم، "إيه الحاصل فى البلد؟"، بإعتبارى واصلا للتو منها، " بأن المسؤول ليس بأعلم من السائل!!"، وهو بالفعل كذلك، حيث لم تكن هنالك أية مؤشرات، حتى وقت مغادرتي للبلاد، لإعلان حالة الطوارئ أو ما يستدعى ذلك!! لكن يبدو أن السبب الرئيسي من وراءإعلانها كانت أحد " نزوات الإمام" التى هدف منها التنكيل بالمعارضين و إذلال الشعب، كما سبقني فى تأكيد ذلك شهيد الفكر. بل إن توقيت إعلان سبتمبر الغبراء نفسه لا يمكن محيه من ذاكرتي، حيث تم الإعلان عنها أثناء تواجدي فى النرويج كأستاذ زائر فى قسم الأنثربولوجيا والدراسات الإجتماعية بجامعة بيرقن. وقد كان العديد من الأساتذة والطلاب فى ذلك القسم، وكذلك المهتمين بشؤون السودان، دائمى السؤال عن ماهية تلك القوانين وطبيعتها، ولكنهم كانوا أكثر اهتماما بعقوبة الصلب!! كنت حينما أوؤكد لهم أن المقصود بالفعل هو الصلب، كانوا يردون على ووجوههم محمرة من الدهشة وأساريرهم فى غاية الإنقباض: “CRUCIFICATION??!!”
فأقول لهم نعم...نعم... كان البعض منهم" ينطط" أعينه غير مصدق تماما، أو بالأحرى غير مستوعب لما أقول، حيث أنهم يعتقدون جميعا جازمين بأنه يكاد يكون ضربا من المستحيل أنه سيأتي زمن سيشارك فيه قوم، ناهيك عن أن يكونوا من السودان، السيد المسيح هذه الصفة فى أخريات القرن العشرين!!
قمت أثناء فترة تواجدي بمعهد الدراسات الأفريقية والتى إمتدت الى قرابة الأربعة أشهر بإنجاز دراسة الفساد فى شكلها النهائي بعنوان "الفساد كعامل خامس للإنتاج فى السودان"، وقد تم نشرها على النحو التالي: “Corruption as a ‘Fifth’ Factor of Production in the Sudan”, Research Report No 72, Scandinavian Institute of African Studies, Uppsala, Sweden, 1985.
ولقد كانت ، كما أعتقد ، أول دراسة أكاديمية تقوم بتحليل ظاهرة الفساد فى السودان بأسلوب علمى نأمل أن تكون قد فتحت الباب لتناول ودراسة هذه الظاهرة الخطيرة بأسلوب علمى رصين ومن ثم تحفز الشباب لتوثيقها أيضا.
و كذلك قمت بإنجاز دراسة أخرى عن الأثر الإقتصادى لتواجد اللاجئين الإرتريين على مدينة كسلا بشرق السودان، من واقع دراسة ميدانية قمت بإجرائها فى أوساطهم فى ذلك الوقت، وقد تم نشرها بجامعة أكسفورد على النحو التالي: “ Eritrean Refugees in Kassala Province of Eastern Sudan: An Economic Assessment”, Refugee Issues, Vol 2, No 1, Queen Elizabeth House, Oxford, England, Oct 1985. والتى سأتحدث عن أهميتها حينما أتطرق لموضوع تدريس مادة الإقتصاد التطبيقي بجامعة الخرطوم.
كان أحد مكونات دراسة الفساد، كما أخبرتكم، أو أحد نماذجها، هو "مؤسسة التنمية الإسلامية". وقد قمت بإجراء تحليل للخلفية الإجتماعية لبعض الأعضاء المؤسسين من حملت الأسهم، بالتركيز على جعفر محمد نميرى، رئيس الجمهورية، عمر محمد الطيب، نائب رئيس الجمهورية، ويسن عمر الإمام، الذين ساهم كل منهم بمبلغ مائة ألف دولار، وهو يعتبر مبلغا كبيرا بمقاييس ذلك الزمان، فى رأسمال الشركة. إفترضت الدراسة بأنه لو قام أيا من هؤلاء الثلاثة بتوفير كل راتبه منذ التحاقه بالخدمة وإلى أن يصل إلى سن المعاش فإنه لن يتمكن من توفير هذا المبلغ، وبالأخص الأستاذ يسن، الذى أحتسب راتبه على أساس ما يتقاضاه " ناظر مدرسة وسطى"، كما كان هو بالفعل كذلك ناظرا لمدرسة كريمة الأهلية الوسطى، إلى أن جاءت مرحلة " التمكين" فتمكن خلالها من أن يكون عضوا بمجلس إدارة بنك فيصل الإسلامي السودانى ومؤسسة التنمية الإسلامية على حد سواء!! فأي منطق يمكن أن يمكن أمثال هؤلاء من توفير هذا الحجم الهائل من الأموال سوى الفساد والنفوذ وإستغلال المناصب السياسية لخدمة المصالح الشخصية والأغراض الخاصة!!
أذكر أنه قد تمت دعوتي، أثناء تواجدي بالسويد، لتقديم ورقة الفساد فى مؤتمر علمي بجامعة" إيست آنجليا" بمدينة "نورتش" بإنجلترا. قبل الذهاب إلى تلك الجامعة ذهبت إلى مدينة أكسفورد لزيارة أستاذي الجليل وصديقى الوفى المرحوم محمد عمر بشير -رحمه الله رحمة واسعة وأحسن إليه- والتى جاءها مستشفيا من ذلك المرض اللعين، وقد كان فى بدايته فى ذلك الوقت.أمضيت عطلة نهاية الأسبوع فى ضيافة أستاذي الجليل أخبرته أثنائها عن الدراسة وقد قام مشكورا، على الرغم من ظروفه الصحية، بقراءتها... لكنه فاجأني بسؤال كان مدهشا بالنسبة لى، حيث قال لى بالحرف الواحد، "لكن وين حسن الترابى؟" رددت عليه باندهاش ملحوظ أن حسن التربي ليس من ضمن الأعضاء المؤسسين لهذه المؤسسة. ثم أردف مندهشا هو الآخر، " طيب حسن عبد الله دفع الله ده يطلع منو؟!".شكلت تلك المعلومة صدمة بالنسبة لى حيث أننى لم أقم بإختياره للتحليل ضمن من وقع عليهم الإختيار للدراسة وذلك لأنني بالفعل لم أكن أعرف إسما آخرا "للشيخ" غير حسن الترابى.
تأكد لى منذ تلك اللحظة إزدواجية هذا الرجل، حتى فيما يتعلق بإسمه: فهو " حسن الترابى " فى عالم الشهرة والسياسة، و" حسن عبد الله دفع الله" فى عالم المال والأعمال والفساد... فتأمل!! تلك الإزدواجية الماكرة التى ذهبت به إلى السجن " حبيسا" وذهبت بالعميد إلى القصر" رئيسا" فى الثلاثين من يونيو من عام1989 ؟؟!!
28/2/2007
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
الاستاذ الدكتور ود الكرسنى اتابع منذ فترة طويلة كتاباتك القيمة والمفيدة ولعل الفساد احق علينا جميعا ان نكتب فيه .. وكنت قد ذكرت فى مساهمات متعددة ان اول شرخ تم بين الاخوان المسلمين بعد الانقاذكان حول قرض ضخم اعطاه الببك لاحد كوادر الاخوان بورقة من الزعيم ... تسببت فى انهبار البنك ..واحتدم الجدال داخل الجمعية العمومية والتى حضرها الامير محمد الفيصل بين ادارة البنك ومدير الفرع الرئيسى الذى اثبت بالدليل ان التعليمات جاءته من مجلس الادارة ..وكان اول شرخ وخلاف يظهر بين الانقاذيين ..على اثرها تقدم مدير الفرع الرئيسى باستقالته وعولج الامر بعد ذلك بالتسويات والترضيات من رئاسة التنظيم وبنك السودان .. ويقال ان ذلك القرض الضخم تولد عنه بنك التضامن وبنك الشمال فيما بعد ... وليدات من البنك الاصل حلال بلال للتنظيم .. واستميحك فى نقل هذه المواضيع الهامة الى موقعى الخاص ...
http://www.maalinews.com/
مقالات واخبار سودانية والى الامام وفى انتظار الكثير المثير
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
الأخ الكيك أشكرك جدا. يبدو أنه ليك مخزون مفيد من المعلومات حول الموضوع أو غيره من المواضيع ذات الصلة، ارجو أن تتمكن من ضخها بهدف إثراء هذه الخواطر. الأخ أبو خالد أتوقع المزيد من الإستراحات التى ربماكان مضمون بعضها أهم من الموضوع الرئيسى!! الأخ ياسر آمل أن تتمكن من إنزال كتاب بنك فيصل بأكمله ليطلع عليه جيل الشباب من التابعين. أما بخصوص تعليقى فسأرجئه الى الحلقة التى سأخصصها عن الأستاذ محمود من هذه الخواطر. الأخ طارق أرجو أن نفتح خيطا منفصلا عن شبا كما أقترح أن يكون عنوانه كالآتى: "بت بغداد وبت عريبى دوت كوم:قرية شبا المصغرة"...ما رأيك؟! لكم جميعا الشكر وتوقعوا الحلقة الرابعة من هذه الخواطر قريبا بإذن الله. إبراهيم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
خواطر من زمن الإنتفاضة(4)
الفساد المالي فى أوساط قيادة الجبهة الإسلامية القومية
د. إبراهيم الكرسنى
اذكر أنني حينما غفلت راجعا إلى السويد من إنجلترا بعد أن قدمت دراسة الفساد فى مؤتمر بجامعة إيست آنجليا، دعاني السيد مدير المعهد الإسكندنافى للدراسات الأفريقية بمكتبه، وبعد حديث المجاملات عن رحلة إنجلترا وأخبار المؤتمر وعن إنطباع المؤتمرين عن الدراسة، أبدى لى تحفظه حول نشر الدراسة ضمن إصدارات المعهد. إنتابنى قلق شديد من أن يكون لهذا التحفظ أية علاقة بمنهج الدراسة أو أن يكون نتيجة ضعف فى تحليلها أو تشكيكا فى مصداقية نتائجها. لكن تحفظه قد جاء مخالفا لكل تلك التوقعات وكان مفاجئا لي تماما، حيث أخبرني بأنه لا يود نشر هذه الدراسة لأسباب تتعلق بسلامتي الشخصية حيث كان مهموما بإحتمال تعرضي لبعض المخاطر عند رجوعي إلى السودان، الذى بات وشيكا. نبع هذا الموقف من متابعته اللصيقة لما يدور فى السودان من أخبار لمحاكم الطوارئ سيئة الصيت و ما نتج عنها من قطع وبتر من خلاف وشنق وصلب. ولم يفت على فطنته بأن المقصود من تلك المحاكم ليس فقط التنكيل بالغلابة والمساكين من أبناء الشعب وإنما كذلك إرهاب الخصوم السياسيين !!
حينها إنفرجت أساريرى، وقد إستغرب هو بالفعل لحالة الفرح التى إعترتنى جراء تحفظه، ثم شكرته كثيرا على نبل مشاعره وأكدت له ضرورة المضي قدما فى نشرها حيث أن هذا النشر لن يشكل أية خطورة بالنسبة لي عند رجوعي إلى أرض الوطن. إستغرب السيد مدير المعهد من تقليلي لحجم المخاطر ثم سألني ما السبب فى ذلك؟ فأجبته قائلا، لحسن حظنا، أن القراءة والإطلاع لا تجد لها مكانا سوى فى آخر سلم أولويات حكامنا، وينعدم هذا الإحتمال تماما إن كانت الكتابة باللغة الإنجليزية!! أبدى السيد المدير إغتباطا مشوبا بالدهشة لهذا الطراز الفريد من الحكام، وكأنه قد إكتشف ولأول مرة أن للجهل أيضا بعض الحسنات!!؟؟ ومن ثم أبدى تعليقه الأخير أثناء تلك الجلسة حيث أخبرني بأن نشر دراسة الفساد سوف تساهم فى تحسين صورة المعهد والذى دائما ما توجه إليه أصابع الإتهام بأنه لا يخلو من موالاة للحكومات الأفريقية بحكم تبعيته لوزارة الخارجية السويدية. حينها تأكدت لي بالفعل شهامة هذا الرجل الذى عرض نفسه هو الآخر لمخاطرة من نوع خاص، بإعتباره ناشرا لدراسة علمية تقوم ولأول مرة بتوجيه أصابع الإتهام بالفساد إلى رأس دولة أفريقية!! ثم تأكدت لى حقيقة أخرى، وهى مدى إهتمام الرجل بسلامتي الشخصية حتى وإن كان ذلك يعنى حرماني من نشر دراسة علمية، أو حتى وإن لم أكن أحد رعايا دولته، فى الوقت الذى يقوم فيه رئيس دولتي بشنق وصلب وبتر أطراف أبناء شعبه... فتأمل!! ويالها من مفارقة!!
صدرت الدراسة فى يناير من عام1985 وقد تم إرسال نسخ منها وقمت بإستلامها قبل قيام الإنتفاضة بفترة وجيزة. فقد صدق حدسي حيث أن الأجهزة الأمنية لم تعرها إهتماما، كما توقعت، فوصلتنى سالمة من غير سوء. حينها تذكرت قصة كان قد رواها لى الصديق الدكتور محمد المهدي بشرى، له التحية والإعزاز، وقد حدثت له أثناء أحد " زياراته" المتكررة لسجن كوبر فى عهد " الإمام" النميرى، حيث صادرت سلطات السجن كتابا عاديا للتاريخ كان مرسلا له من قبل أحد أصدقائه، فى الوقت الذى سمحت بإدخال مؤلف كولن ويلسون، " الجنس الآخر". فهل يمكن إعتبار هذا الموقف أحد "حسنات" الجهل المركب؟!! لم تسكب كوادر الجبهة الإسلامية القومية، المدربة تدريبا ماهرا على إغتيال الشخصية و أبواقها الإعلامية، حممها المسمومة علينا- الأخ الواثق وشخصي الضعيف- إلا بعد قيام الإنتفاضة مستغلة فى ذلك حتى منابر مساجدها... فتأمل!!
كان المدخل إلى لهذا الطوفان المسموم من قبل أبواق الجبهة حدثين هامين يتعلقان بدراسة الفساد. الأول هو قيام الأخت الفاضلة علية العاقب، لها التحية والتجلة، الإتصال بى و إبداء رغبتها فى ترجمة الدراسة ومن ثم نشرها فى صحيفة الأيام على شكل حلقات لتعميم الفائدة، فشكرتها وأبديت لها موافقتى على إقتراحها. بناءا على ذالك إرتأت الأخت علية أن يقوم الأخ العزيز عوض السيد الكرسنى-له التحية والتجلة والإعزاز، الأستاذ حينها والبروفيسور حاليا بقسم العلوم السياسية بجامعة الخرطوم، بترجمة الدراسة فوافق مشكورا على الإقتراح ومن ثم قام بترجمة الدراسة بلغة عربية رصينة يتوفر لها قدرا عاليا من المهنية والوضوح. تولت الأخت علية مسؤولية متابعة نشرها على حلقات بصحيفة الأيام الغراء. قامت صحيفة الأيام بنشر الدراسة كاملة دون حذف حرف واحد منها وبأفضل صورة ممكنة. من هنا أود أن أتوجه بالتحية و التقدير لأستاذنا الجليل محجوب محمد صالح – رئيس التحرير وجميع العاملين بالصحيفة فى ذلك الوقت على ذلك الجهد المقدر.
أما الحدث الثاني الذى أثار علينا طوفان قادة الجبهة الإسلامية و كوادرها الإعلامية فيتعلق بموضوع إدراج دراسة الفساد كأحد مواد "كورس" الإقتصاد التطبيقي الذى كنت أقوم بتدريسه لطلاب السنة النهائية بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية فى ذلك الوقت. حينما فكرت فى ذلك رجعت بذاكرتي إلى الوراء حينما كنت طابا بنفس الكلية وعن وجهة نظرنا كطلاب فى مادتها، وليس أساتذتها – فهم موضع إجلال وتقدير وإحترام بالنسبة لنا. فقد كان ذلك الكورس يصيب الإنسان بالضجر والملل حيث يستند بصورة أساسية على دراسة تجربة مشروع الجزيرة و بصورة وصفية مملة، مما حدى بأحد ظرفاء الدفعة بالتعليق ساخرا على هذا الكورس قائلا، " والله تقول مرتبة الشرف دى حيحشوها لينا قطن !!". ظل هذا التعليق الساخر عالقا بذهني طيلة هذه الفترة. لذلك قررت أن لا أكرر نفس تلك التجربة مع طلابي. عندها فكرت فى أن أقوم بتناول قضايا آنية هامة وحديثة وتلامس الواقع المعاش لطلابي ومما يقع ضمن دائرة إهتماماتهم اليومية. لذلك وقع إختيارى على موضوعي الفساد والآثار الإقتصادية لللاجئين على مدينة كسلا ليشكلان العمود الفقري لكورس الإقتصاد التطبيقي.
واجهتني مشكلة عملية، لم تطرأ على بالى فى ذلك الوقت، عندما تقدمت بصورة رسمية إلى مجلس قسم الإقتصاد راجيا منه الموافقة على المقترح. لقد ظل محتوى كورس الإقتصاد التطبيقي كما هو منذ أن كنا طلابا بالجامعة ولم يطرأ عليه أي نوع من التغيير البتة!! لكن لب المشكلة يتمثل فى أنه لايمكن إجراء أى تعديل على محتوى تلك المادة إلا بموافقة جميع مستويات "البروقراطية" العلمية للجامعة بداء بمجلس قسم الإقتصاد وإنتهاءا بمجلس أساتذة جامعة الخرطوم... فتأمل!! طرحت الفكرة داخل مجلس قسم الإقتصاد فأعترض عليها أحد أساتذتي الأجلاء، والذى صرت زميلا له فيما بعد بنفس القسم، بحجة أن تغيير المحتوى العلمي لأي مادة يتطلب الموافقة النهائية من مجلس أساتذة الجامعة. وبما أن إستكمال هذا الإجراء يتطلب شهورا، إن لم يكن أكثر من ذلك بكثير، فقد رددت عليه، فى أدب جم، بأنني سأقوم بتدريس هذين الموضوعين وليقرر مجلس أساتذة جامعة الخرطوم فيما بعد ما يراه مناسبا بهذا الشأن.
بالفعل فقد قمت بتدريس موضوعي الفساد واللاجئين كمواد لكورس الإقتصاد التطبيقي، بعد أن قمت بتوفير كميات وافية من الدراستين كمراجع للطلاب بمكتبة قسم الإقتصاد. لقد ذهلت حقيقة من وقع تدريس هذين الموضوعين على طلابي، حيث فاق كل توقعاتى، وأعتقد أن أسلوب تدريسهما، والذى كان فى شكل تقديم للمادة ومن ثم إكمال المحاضرة فى شكل "سمنار"، أكبر الأثر فى هذا الوقع الإيجابى. لقد تحولت مادة الإقتصاد التطبيقي من كورس يبعث على الملل والتثاؤب، إلى محاضرة جاذبة ليس فقط لجميع الطلاب المعنيين بالكورس والمقرر عليهم، وإنما فى جذب العديد من طلاب الكليات الأخرى المهتمين بهذا الشأن، بما فى ذلك بعض طلاب كلية الزراعة الذين يتطلب حضورهم نوعا من المكابدة مع المواصلات. آمل أن يساهم طلاب وطالبات كلية الإقتصاد الذين شهدوا تلك المحاضرات بآرائهم لإثراء هذه الخواطر. وسنواصل فى الحلقة القادمة الحديث عن الطوفان الذى أحدثته دراسة الفساد فى أوساط قادة الجبهة الإسلامية القومية وأبواقها الإعلامية.
4/3/2007
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
. الأخ العزيز إبراهيم مررت للتحية بعد هذه المدة الطويلة التي لم نلتقي فيها والمتابعة لهذا التوثيق. أظن ـ والعتب على الذاكرة ـ كان لديك دراسة أخرى مشتركة مع د. الواثق عن موضوع الفساد هذا نشرها معهد الدراسات التنموية بالكلية؛ فما هي أوجه الاختلاف بين الدراستين؟ وهل قابلتكم صعوبات مشابهة بشأنها؟. مع وافر الشوق والمودة عبدالمحمود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
عزيزى عبد المحمود مشتاقين يا راجل،آمل أن تكون والأسرة الكريمة فى موفور الصحة والعافية. أرجو أن تمر على الحلقات السابقة فى نفس هذا الخيط. هى الدراسة الوحيدة المشتركة مع الأخ د.الواثق والتى نشرها معهد الدراسات الأفريقية بأبسالا. لكن لا علم لى بدراسة الفساد التى أصدرها معهد الدراسات الإنمائية. أرجوأن تمدنى بنسخة منها إن كانت متوفرة لديك. كما أرجو أن تمدنى بعنوان بريدك الإلكترونى الخاص وتلفونك لأننى أود أن أكتب حلقةمن هذه الخواطر عن المرحوم أستاذنا عبد الكريم مرغنى فيما بعد وستفيدنى قطعا ببعض المعلومات عن هذا الرجل العظيم. تحياتى إبراهيم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
... كتاباتك يا كرسنى بطابعها السياسى الحي و الشيق ليست مجرد خواطر و ذكريات ، بل جزء من عمل كبير لاعادة بناء ذاكرة الامة .. اعادة بناء الذاكرة يندرج ضمن مستلزمات التحضير للاعمال الكبيرة .. و السودانين ليس امامهم سوى عمل كبير واحد .. كلي ثقة بانه سيُنجز و يتم ان كان اليوم او غدا او بعد عشرة اعوام .. دمت يا ابوطلال ، تذكرنى دائما بقول المتنبى : افاضل الناس اغراض لدى الزمنِ .. يخلو من الهم اخلاهم من الفطنِ ، وانتم ضمن اهل الفطنة و حب الاوطان ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: wesamm)
|
استاذنا الجليل د. ابراهيم الكرسني استأذنك في اعادة نشر حديثك القيم في ندوة صحيفة الصحافة في هذا المنبر لتعم الفائدة
Quote: ستضافته جريدة الصحافة في منبرها الدوري اثناء تواجده بالخرطوم اعداد : قرشي عوض المعلومة والتقانة في الإقتصاد المعولم ولا مكان للأدوات التقليدية الصحاف مسئول عن حماي المال العام من الطفيليين علاقة الصحافة بالجودة الشاملة :- ويبتدر د . الكرسني محاضرته قائلا : انا سعيد ان اكون بين شباب يعملون في مجال الصحافة لان القلم الشريف الحر احد دعامات المجتمع الذي ننشده . منذ ان عدت من الخارج كنت اتأمل كل ما حولي عليّ المس ما حدث من ايجابيات واتلمس ما طرأ من سلبيات .. ولا اعتقد انني امتلك ناصية الحقيقة ولكني ازعم انه بالحوار معكم يتعمق فهمي وعندما تزداد مساحة الوعي يمكن للانسان ان يقترح حلولا ولذلك فان العقل الجماعي يمكن ان يكون رؤي اقرب الى ارض الواقع . وانا قادم للسودان لا ازعم ان لي مساهمات مميزة لكنني استفدت مثل غيري من السودانيين العاملين بالخارج . ورغم الغربة التي عشناها لكن العزاء يتمثل في ان المناهج التي اكتسبناها ستكون اضافة الى المسيرة. الجودة الشاملة وقضايا التنمية الشاملة: وفي معالجة المشكلة السودانية ابدأ من الحوار الدائر الان في (نيفاشا) حاليا بين الحكومة والحركة الشعبية ، فالحديث ينصب على اقتسام الثروة والسلطة ولم المس من اطراف الحوار اي حديث عن رؤية او رسالة للسلطة التي سوف تعقب السلام سواء على مستوي الوطن او على مستوي المناطق الثلاث المختلف عليها . وهذا ما دفعني الي الربط بين الادارة والجودة الشاملة وقضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية . ان هنالك علاقة مهمة تؤسس لوضع برامج عملية ممكنة التنفيذ ومردودها عالي قياسا للزمن التنفيذي ، وانا قادم الي السودان كنت افكر في ما هي المشكلة الاساسية وبماذا نبدأ ؟! انا اعتقد ان احدى مشاكلنا استعجال النتائج والسبب في ذلك يعود لحالة الضيق الناتج عن الفقر ، وهذا واقع موضوعي يتطلب وضع برنامج اسعافي يلبي الاحتياجات الاساسية للحياة ويذكرني وضع الانسان السوداني حاليا بالذي درسناه عن الانسان البدائى في المرحلة الاولية والذي يقضي كل اليوم في تأمين الماء والغذاء له ولافراد اسرته ، ونحن نكاد نكون في هذه المرحلة حيث لازلنا مشغولين في تأمين احتياجات تكاد تكون حسمت في كل العالم ولا نأخذ هذا الحجم من اهتمام الانسان واذا اردنا احداث نقلة نوعية من مثل هذا الواقع فكيف نبدأ ؟! انا افكر دائما بأن الانسان كأنسان هو اساس لعلاج كل المشاكل واذا عولجت المشكلة من جانب الانسان فإن ذلك يشكل المدخل السليم . تنمية الموارد البشرية: اذا كان لدينا موارد بشرية مدربة ومؤهلة من الممكن الزعم باننا نبدأ البداية السلمية لذلك لابد من التفكير في العملية التي تخلق الموارد البش ر ية ، وذلك يستدعي التفكير في اعادة تأهيل قطاعين اساسيين هم قطاع التعليم وقطاع الصحة واذا فعلنا ذلك فان المردود سيكون عاليا قياسا بتجارب تاريخية . حيث هنالك دول ليست لديها موارد ، لكن الانسان استطاع ان يبني فيها اقتصادا متطورا بكل المقاييس . اذا اخذنا اليابان او سنغافورة او حتي كوريا الجنوبية والتي كانت عام 1960م مثل مصر والان لا يمكن المقارنة بينها وبين مصر نحن لدينا موارد طبيعية كبيرة ولدنيا موارد بشرية مشردة ساهمت في بناء الخليج وغيره لكن حدث انهيار في قطاع التعليم . انا قبل مجيئ الي هنا ذهبت الى قسم الاقتصاد بجامعة الخرطوم حيث كنت ادرس قبل سفري ودخلت المكتبة ووجدت نفس الكتب التي تركتها واي جامعة ليس لديها مكتبة مواكبة فاننا لا نستطيع ان نسميها جامعة . واذا اخذنا السودان حسبما ما يرد في تقرير هيئة الامم المتحدة لمؤشرات الموارد لعام 2003م قياسا لبعض الدول فاننا نجد: السودان 4ر55 تونس : 5ر72 سويسرة : 79 سنغافورة : 8ر77 اما نسبة الالتحاق بالتعليم العام اساسي وثانوي للعام الدراسي 2000 ــ 2001م فنجدها كالآتي : السودان 34% ، تونس 76% ، سويسرا 88% ، سنغافورة 75% . متوسط دخل الفرد بالدولار السودان 970ر1 دولار في السنة . تونس 390ر6 دولار في السنة . سويسرا 100ر28 دولار في السنة . سنغافورة 680ر22 دولار في السنة . هذه مؤشرات معتمدة من هيئة الامم المتحدة لكي تفيد مستوي الموارد البشرية في كل دولة . ويتضح من خلالها اننا قياسا الي دول افريقية مثل تونس او اسيوية مثل سنغافورة او اوربية مثل سويسرا اننا في مستوي متدني جدا . نحن لم نتواجد في هذا المستوي المتدني لان الله اراد لنا ذلك ولكن لان هنالك سياسات وبرامج جرى تنفيذها وكان حصادها هذه النتيجة ولابد ان نري كيف نعالج هذا الموضوع . سوء الادارة والفساد: انا اعتقد ان المشكلة الاساسية في السودان هي سوء الادارة والفساد لان التنمية بمفهومها الواسع والشامل تقوم على حقيقة بسيطة حيث ان الانتاج ناقص الاستهلاك يعطينا الادخار او الفائض الاقتصادي وهذا الفائض اذا لم يستثمر بشكل سليم فان البلد ستأكل من (سنامها) وذلك لان الفائض لا يستثمر نتيجة الفساد. فماهو سبب الفساد ؟ هنالك شرائح وطبقات طفيلية ليس لديها علاقة بالقطاعات الانتاجية ويمكنها تحقيق عائد اكبر من غير الانتاج وفي المضاربة والسوق السوداء . فما الذي يضبط هذه العملية ويدفع بالفائض الاقتصادي الي القطاعات الانتاجية بدلا عن الضياع ؟ لابد من وجود انظمة اقتصادية تمنع اسس وضوابط تحكم توجيه الفائض الاقتصادي نحو الاستثمار وهذا ما تقدمه الجودة الشاملة للتنمية . مفهوم الجودة الشاملة: الجودة الشاملة كمفهوم وضعه الامريكي فالن في الاربعينات بعد الحرب العالمية الثانية وقدم هذا الامريكي نموذجه للقطاع الخاص في بلده لكنهم لم يحفلوا به فذهب بنموذجه هذا الى اليابان وكل النهضة اليابانية قامت على هذا النموذج وبعد نجاح التجربة في اليابان بدأت امريكا تستفيد من نجاح التجربة لانها احست بخطورة المنافسة . وخلاصة ما نادى به فالن انه يجب الاهتمام بانظمة الانتاج والانظمة تقوم على رؤية ومن الرؤية يجب صياغة رسالة ومن الرسالة توضع اهداف استراتيجية وهذه العملية تعتمد على تحليل الواقع وتحديد امكانيات النجاح والفشل وصياغة الرؤية والرسالة ونبدأ هذه العملية من اول شخص في المؤسسة حتي اقل مستوي والرسالة يجب ان تكون مختصرة وممكنة التنفيذ ويمكن ان تحفظ في الذاكرة حتي بالنسبة للفقير . واذا اردت ان اضع رؤية للسودان ممكن ان اقول انني اريد ان يكون السودان مركزا تجاريا واقتصاديا بحلول عام 2020م هذا حلم والرؤية اصلا حلم ومن هذه الرؤية تحدد الرسالة والرسالة هي البرنامج الذي يجب وضعه لتحقيق الرؤية واذا كانت الرؤية لعام 2020م فان الرسالة تكون لعامين او ثلاثة على حسب تطور الواقع لان تطور العملية يؤدي الى تغيير نوعي يتطلب رسالة جديدة لكن الرؤية ثابتة . ومن الرؤية والرسالة تأتي الاهداف الاستراتيجية للمؤسسة . الفرق بين الخطة والتخطيط: في عالم الاقتصاد يخلط الناس بين الخطة والتخطيط حيث ان التخطيط معني بكل البلد في حين ان الخطة تقتصر على فئة معينة فمثلا في امريكا نجد كل ولاية لديها رسالة وخطة للحكومة . وميزة ذلك ان الالتزام بالرؤية والرسالة يعطي مردودا اقتصاديا واجتماعيا ملموسا لانه يجعل من الممكن القيام بعمل تحليل يصدر عنه تقرير سنوي يعكس الايجابيات ويشير الى مناطق التحسن بالنسبة للاداء لان الجودة اصلا هي عملية تحسين مستمر ، وقد وجدت نماذج لذلك اصبحت معروفة عالميا مثل النموذج الاوروبي ،ونموذج دبي ، وجائزة دبي للجودة الشاملة اصبحت معروفة عالميا وتتنافس عليها في القطاع الخاص الشركات باحجامها المختلفة وتقدم لفئات معينة مثل قطاع الخدمات والتجارة والصناعة حيث تقدم الشركات طلباتها وتقوم اعلى سلطة في البلد بتقديم هذه الجوائز ، وفي الجانب الحكومي تعني الجائزة بقطاعات الدولة وتشمل الفئات والافراد ، والنتيجة المترتبة على ذلك هي انتشار ثقافة الجودة الشاملة في حكومة دبي وتحول جهاز الدولة فيها من جهاز متسلط على الجماهير الي خادم لها ، في دبي الرخصة التجارية مهما يكن رأس المال فان استخراجها يستغرق يوما واحدا وقياسا لمناطق تجارية منافسة لدبي مثل سنغافورة وماليزيا والهند والسعودية والبحرين وسلطنة عمان وجدنا بعد دراسة اجريناها ان الرخصة في بعضها تستغرق بين 3 اشهر الى 6 اشهر ويمكن ان نلاحظ التقدم الهائل الذي حققته دبي من انتشار في هذا التطور في استخراج الرخصة التجارية من شهر الى يوم واحد وقد حدث ذلك في 5 سنوات . ولذلك اري اننا اذا التزمنا بمبدأ الجودة الشاملة واذا استطعنا ان نؤسس لثقافة الجودة وتوطينها في المناهج الدراسية فاننا نستطيع ان نخطط تخطيطا سياسيا واستراتيجيا وهذا يؤكد حديثي في البداية بان الحل يبدأ بالانسان . واذا اخذنا نموذج دبي وطبقناه على كل حكومة ولائية في السودان من الممكن الحصول على مردود عالي . دبي سعت ان تحول اقتصادها من اقتصاد تقليدي قائم على قطاع البترول والتجارة الى اقتصاد قائم على المعرفة وهذا ما يجب ان ننتبه اليه ونناقشه حيث حدث تحول في الاقتصاد العالمي ما عادت معه عوامل الانتاج التقليدية مصدرا لفائض القيمة حيث اصبح هذا الفائض يأتي من قطاعات اخري قائمة على المعرفة اذا اصبحت المعلومة مضافا اليها التقنية تشكل الخدمات التي يقف عليها الاقتصاد واذا فقدت احداهما او كليهما فان الاقتصاد المعني لن يستطيع ان يسير في مجري الاقتصاد العالمي . لهذا السبب تسعى حكومة دبي ان تكون في قيادة الاقتصاد العالمي بحلول عام 2010ومن المبادرات التي قامت بها الحكو مة لتحقيق هذا الهدف ما يعرف بالحكومة الاليكترونية حيث اعلنت الحكومة انها في خلال 18 شهرا سوف تحول اجراءاتها ومعاملاتها الي معاملات اليكترونية ، هذا الى جانب مبادرة اخري خاصة بالنساء المتزوجات اللائى يردن العمل من داخل المنزل وهذا يعني ان الحكومة قد انتقلت من المكاتب الي المنازل وبدلا من ان يذهب اليها المواطن اصبحت تأتي اليه . والمبادرة الثالثة في هذا الصدد تتعلق بتوفير التقنية في المدارس من مرحلة الاساس وحتي المراحل العليا . اذا الامر يتوقف على البداية الصحيحة والمبادرة الشجاعة الشئ الذي توفر لحكومة دبي ، والامر في النهاية يعود الى تخصيص الموارد وتطوير نظم الادارة والشفافية ، ودور الصحافة هو توفير الرقابة والمحافظة على المال العام ولجم القوي الطفيلية التي تلتهم الفائض وهذه معركة (حياة او موت) لان الذين اثروا بالحرام و (جوعوا الشعب) لن يتخلوا عن امتيازاتهم بالسهل وداخل الصحافة هذه مسؤولية الناس الخيرين . هذه المبادرات جميعها ترفع القدرة التنافسية للاقتصاد ورفع القدرة التنافسية مهم لاننا في اقتصاد معولم حيث لابد ان تتأثر بالعلاقات العالمية .. ولانه لا يوجد فراغ في العالم فان الفراغ يحدث عن غياب دولة يملأ بواسطة دولة اخرى . وفي تقرير القدرة التنافسية للدول الصادر عن الامم المتحدة في جنيف فان السودان ليس مضمنا ، ومن المفارقات في هذا التقرير فأن دولة سنغافورة تحتل المرتبة الاولى وتتعرض في بعض المرات لمنافسة من امريكا . السبب في ذلك يعود للنموذج السليم واذا رجعنا الى دبي نجدها تنتج رقائق الكمبيوتر من رمال الصحراء ونحن نمتلك موارد عديدة ويمكن ان نوظفها توظيفا جيدا اذا وجدنا نماذج اقتصادية جيدة . في ختام هذه المناقشة فان لدي مشروع فكرة اود طرحه عليكم واتمني ان تتبناه الصحافة . وهي فكرة دعم الخبرات السودانية العائدة لانني قلت ان البداية الصحيحة تكون بقطاع الصحة والتعليم وهذه القطاعات في اعادة تأهيلهم يدخل جانب ثقافي وبالتالي افضل لذلك الكادر السوداني علي الاجنبي . وبالتالي الخبراء السودانيون كيف يتم استقطابهم بعد السلام وهم يحتاجون في ظل العولمة كي يعودوا الي تحفيز ويجب ان يبين الكادر السوداني العائد ونظيره الاجنبي وليس السوداني المقيم . السودان بعد السلام سوف يحقق انفراجا في علاقاته الدولية والاقليمية وسوف يقدم له الدعم المالي والتقني من المنظمات والدول واقترح ان يتكون صندوق بمجلس ادارة من المانحين ومن السودانيين الخيرين غير المفسدين لدعم الخبرات العائدة ويجب ان يعطي الكادر العائد 75% من مخصصاته ويتبرع هو بـ 25% كضريبة وطنية لان لهذا الكادر ميزات اخرى على الكادر الاجنبي مثل رئاسة الاندية الرياضية والجمعيات الفئوية ومنظمات المجتمع المدني وهذه قيمة اضافية اكبر من القيمة المهنية . حظيت الندوة بمناقشات عديدة واثارت اسئلة تعلقت بالفساد وغياب الديمقراطية والرقابة ووضعية الصحف والصحفيين في ظل الاوضاع الراهنة وقد اجاب عليها جميعا الدكتور الكرسني . |
http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147486650
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: wesamm)
|
الاستاذ ..الكرسنى شوف جنس دا.... كاتب هذا المقال مدير للعلاقات العامة بنفس البنك منذ تاسيسه ...شوف قال شنو..
موسى يعقوب اخبار اليوم
البنك ذو الريادتين
{ لبنك فيصل الإسلامي السوداني لوحات إعلانية تقول (نحن الرواد) بمعني أن البنك بالتاريخ والممارسة كان بقيادة مؤسسه الأمير محمد الفيصل آل سعود أول مصرف إسلامي في السودان . وكان ذلك في 18 مايو 1978م أو قبل قرابة الثلاثين عاماً. بالأمس وفي ظاهرة هي الأولي من نوعها وبمناسبة مرور عام علي إطلاق البنك المركزي عبر شبكة الخدمات المصرفية الإلكترونية (خدمات محول القيود القومي) كرمت الشركة المذكورة بنك فيصل وإحتفلت به (رائداً) في اصدار البطاقات المصرفية الإلكترونية ليضم هذه الريادة التقنية الي ريادته السابقة في المجال المصرفي الإسلامي. ليصبح وبحق (البنك ذو الريادتين..) بنك فيصل - كما قال الدكتور عزالدين كامل مدير شركة الخدمات المصرفية الإلكترونية في كلمته امام الضيوف وفي مقدمتهم الأمير محمدالفيصل رئيس مجلس إدارة البنك والدكتور صابرمحمد حسن محافظ بنك السودان - مارس التقنية المصرفية وعمل علي اشاعة ثقافتها باصداره خمسين الف بطاقة مصرفية ونشره عدد 37 صرافاً آلياً في العاصمة والولايات بما يشكل 27% مما هو متاح من ذلك في هذا المجال الذي بشرنا السيد علي عمر إبراهيم مدير البنك في كلمته بأن 21 صرافاً آخر في طريقها للحاق بالمجموعة خلال هذا العام فضلا عن السعي الدائب والمتصل ليصبح بنك فيصل الإسلامي بنكاً اليكترونياً بالكامل والمفاجآت كثيرة كما قال !. ذلك كله والبنك المركزي السوداني قد جعل التقنية المصرفية أحد همومه في عصر العولمة وثورة المعلومات كما الحال في مجال السلامة المصرفية والمنافسة وانفتاح السوق أسعد الدكتور صابر محافظ بنك السودان فشكر شركة الخدمات المصرفية الالكترونية (شامخ) علي مبادرتها بالحفل الذي قال انه يعد تجسيداً لمشروع التقنية المصرفية . اما عن البنك المحتفي به وهو بنك فيصل فقد قال الدكتور صابر إن (الريادة) ليست جديدة عليه فهو (رائد) البنوك الإسلامية في النظام المصرفي الإسلامي العالمي ثم هو الرائد اليوم في مجال التقنية المصرفية وشعاره (نحن الرواد) حقيقة وكثير من المصارف قطع شوطاً علي ذلك الطريق. وكانت كلمة الأمير محمد الفيصل في نهاية الحفل وبلا سابق ترتيب - كما قال - إعترافاً لأهل الفضل بفضلهم إذ قال ان البنك تغلب علي مشاكله في سنوات العسر بفضل نصائح الدكتور صابر والمسئولين ونحمد الله ان العمل الإسلامي المصرفي قد أصبح سائداً ومنتشراً في العالم ونعترف بدور السودان في هذا المجال . وعلي كل ، نقول ، كانت الإحتفالية النهارية القصيرة نقطة بداية في التحول الإيجابي في القطاع المصرفي السوداني حيث حلت الجزرة محل العصا فليس بالعصا وحدها يعتدل المسار..!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: wesamm)
|
خواطر من زمن الانتفاضة (5)
الهجمة الإعلامية "الجبهوية" الشرسة جراء تدريس ونشر مادة الفساد
د. إبراهيم الكرسنى
لم يغمد جفن لقادة الجبهة الإسلامية القومية ولم يجف مداد أبواقهم الإعلامية بعد إن تم ترجمة ونشر دراسة الفساد بصحيفة الأيام الغراء وبعد أن قمت بتدريسها لطلاب السنة الرابعة بكلية الإقتصاد والدراسات الاجتماعية ضمن كورس الإقتصاد التطبيقي.ما اذهلنى حقا هو توقيت بداية الهجمة الإعلامية علينا –دكتور الواثق كمير وشخصي الضعيف- أو في أحيانا كثيرة على شخصي الضعيف منفردا.
ما أثار استغرابي هو عدم تعرضنا لأي هجوم إعلامي من قبل قادة الجبهة حينما تم نشر الدراسة في صحيفة الأيام، وإنما بدأت الحملة بشراسة عندما بدأت تدريس مادة الفساد لطلاب جامعة الخرطوم. فلماذا ياترى أهمل قادة الجبهة ما نشر بصحيفة الأيام وأبدوا اهتماما فاق حد المبالغة عند تدريسها، ومن ثم ماتولد عن ذلك من هجمة إعلامية شرسة؟! اعتقد أن الإستراتيجية الإعلامية للجبهة الإسلامية ذات الصلة بهذه القضية قد إتسمت بالذكاء. فقد ظنوا أن نشر الدراسة فى صحيفة سيارة لن يتعدى أثره ربما يوم أو يومين على الأكثر من تاريخ النشر، بل كانوا يأملون أن نشرها على حلقات سوف يضعف من رغبة ونهم معظم القراء لمتابعته، وبالتالي سينحصر أثرها السياسي في أوساط قلة من المهتمين، ثم استخلصوا من ذلك كله بأن أبعاد هذا الأثر لن تتجاوز حدود "كلام الجرايد"، في أحسن الأحوال .لذلك لم يعبئوا كثيرا أو يهتموا بالتصدي لنشرها في الأيام بصورة فورية معتمدين في ذلك على علمهم التام بالذاكرة الخربة لشعب السودان بأكمله وبأسلوب "عفوه عن ما سلف.
إذن ماذا حدث حينما قمت بتدريسها لطلابي فى كلية الإقتصاد؟ لم يفت على وقتها أن المجتمع الطلابي-كغيره من المجتمعات – يضم في داخله "موازييك" من البشر، ويتكون من جميع ألوان الطيف السياسي،بما في ذلك المستقلين أو المحايدين.ولم يفت على كذلك بأنه يوجد فى أوساط الطلاب من هو مجند بالفعل لخدمة الجهاز الأمني لتنظيمه أو حتى للنظام الحاكم ، وطلاب الجبهة الإسلامية القومية ليسوا إستثناءا لهذه القاعدة. وقد كنت متأكدا بالفعل ، بل أكاد أجزم، بأن واحدا أو أكثر من طلاب الجبهة الملتزمين قد أبلغ قيادة المكتب الطلابي للتنظيم الذي بدوره قام بإبلاغ قيادة التنظيم، حيث تم النظر في كيفية التعامل مع هذا "الإبتلاء" الجديد !!
كما سبق وأكدت في إحدى هذه الحلقات، بأن التعرض للمؤسسات المالية للجبهة الإسلامية أو أحد ميادين نشاطها الإقتصادى الطفيلي يعتبر بالنسبة لهم خطوطا حمراء لن يسمحوا لكائن من كان بتجاوزها، وإلا تعرض لصنوف مختلفة من إرهابهم . وبالتالي لن يفكر أحدا، كائن من كان، مجرد التفكير في ولوج هذا المعترك، إلا من ثكلته أمه!! هذا من جهة ،ومن الجهة الأخرى ، يعتبر قادة الجبهة الإسلامية الحركة الطلابية بمثابة رأس الرمح في جميع نشاطها السياسي، وهى بالفعل تعتبر طليعة تحركها الجماهيري. ليس هذا فحسب ، بل إن تاريخ التنظيم كله، وبمختلف مسمياته الحر بائية التي تقتضيها كل مرحلة ، قد بدأ وتطور وأزدهر في أوساط الطلاب والمتعلمين من السودانيين ولم يتحول إلى حركة جماهيرية ذات جذور إجتماعية إلا بعد أن نجحوا فى ترسيخ مرحلة "التمكين" ، التى أسسوا لها أيام " الإمام" نميرى، بنجاح باهر ومنقطع النظير. و بالتالي كانوا يودون المحافظة على عقل الطلاب، وبالأخص قيادتهم، كالحجارة الصماء لايصب في داخلها صنبور آخر سوى صنبور الجبهة الإسلامية!!
هذا الحرص الشديد علي الإنغلاق الفكري للطلاب والشباب يوضح بالفعل عداءهم المستحكم و الشديد للإخوة الجمهوريين الذين ابتدعوا فكرة "أركان النقاش" بجامعة الخرطوم ليعروا من خلالها البناء الفكري الهش لجماعة الإخوان المسلمين.وقد نجحوا في ذلك بدرجة ممتازة مما شكل خطورة فكرية وسياسية، ليس فقط للإخوان المسلمين، وإنما لكل التيار السلفي الإسلامي بمختلف أنواع ومسمياته، مما "إرتقى" بهم من مستوى العداء الفكري إلى مستوى الهوس الديني، وهى المرحلة الخطيرة التى قادت إلى نصب المشنقة لشهيد الفكر الأستاذ الجليل محمود محمد طه، والى فرض الدولة الدينية بعد ذلك من فوق أسنة الرماح على الشعب السوداني برمته، وما تبعها من إذلال وتنكيل وتعذيب وقتل لجميع المعارضين لهم، ولم يسلم من ذلك حتى من حمل فى جيبه "بضعة" دولارات من حر ماله.
لذلك اعتبر قادة الجبهة أن تدريسي لمادة الفساد لطلاب الجامعة ذنبا لا يغتفر و مؤشرا خطيرا يجب وقفه عند حده،بإعتبار أن "الكلام قد دخل الحوش" !! عندها قرروا سن أصدأ سنانهم الإعلامية وتوجيهها تجاهي فى محاولة ،ليس لاغتيال شخصيتي فحسب، بل لإرهابي "بأسلحة دمارهم الاعلامى الشامل "، عسى ولعل أن ينجحوا فى لجم قلمي ووقفي عند حدى، ودق ناقوس الخطر لكل من يحاول من بعدى أو يفكر، مجرد التفكير، فى تعدى تلك الخطوط الحمراء. أما لماذا لم يأخذوا طريق العدل والقانون والمحاكم كما فعلوا في موضوع بنك فيصل، فهذا سيكون موضوع الحلقة القادمة من هذه الخواطر.
لم أتمكن من حصر كل ماكتب حول هذا الموضوع فى صحف الجبهة الإسلامية العديدة والمتعددة فى ذلك الوقت نسبة لمغادرتي السودان بعد ذلك بفترة وجيزة . لذلك سأتعرض لثلاث حالات فقط يمكن أن تشكل نماذجا دالة على مدى عدم تورع قادة الجبهة من استغلال كل وسيلة تقع تحت أيديهم لتحطيم خصومهم السياسيين والفكريين ،بما في ذلك منابر المساجد !! لقد أثبتت هذه المعركة الشرسة حقيقة واحدة وهى أن جميع معارك قادة الجبهة ضد خصومهم، وعلى مختلف الأ صعده، يمكن وصفها بمعارك " فجور بلا حدود "!!
بدأت هجمتهم الإعلامية الشرسة بمقال كتبه د. يسن عابدين ، مدير مؤسسة التنمية الإسلامية فى ذلك الوقت ، بجريدة الصحافة ،على ما أعتقد. خلى ذلك المقال،و الذى أحتل مساحة مرموقة من أحد صفحات تلك الجريدة، وكعادة قادة الجبهة وكتابها ،من أي تناول علمي أو موضوعي لدراسة الفساد .لم يتناول الكاتب أي معلومة أوردناها في الدراسة بالتحليل الرصين أو نفيها بمعلومة موثقة أخرى. و بما أنه لا يملك معلومة موثقة أخرى، سوى تلك التى قامت عليها الدراسة ، فإنه قد صب جام غضبه على شخصي الضعيف ومن ثم أنحدر فى كتابته إلى مستوى من الإسفاف يدعو بالفعل إلى الشفقة والرثاء!! ثم ختم مقاله بعد كل هذا "الكلام الفارغ" بأنه يشفق على طلاب يقوم بتدريسهم أمثال هؤلاء الأساتذة....فتأمل!! عندها تيقنت بأن ماهدفت إليه من تدريس مادة الفساد قد وصل بالفعل إلى "اللحم الحي" لتنظيم الجبهة، و ما ذلك سوى الطريق السليم الذى يجب السير فيه على الدوام إن كنا نرمى إلى القضاء على النشاط الطفيلي لتلك المؤسسات الفاسدة أو مجرد وضع حد لاستغلالهم لأبناء وبنات الغلابة و المستضعفين من السودانيين. وحينما استفسرت عن كاتب المقال وجدت أنه متخصص فى علم الإرصاد، فتأكد لي حينها مدى إهدار الجبهة لموارد البلاد، مرة حين تحملت الخزينة العامة تكاليف دراسته ثم أضاعت قدراته الفنية سدى حينما لم تستغلها فى مجال تخصصه، ومرة أخرى حينما وظفته فى المكان غير المناسب فوظف قدراته لنهب و تبديد موارد الشعب السوداني... فتأمل !!
أما النموذج الآخر فهو لأحد كتابهم، ويدعى راشد عبد الرحيم وكان يكتب عمودا فى جريدة الصحافة أيضا يسمى "إشارات". لقد خصص الأستاذ راشد احد أعمدته لشخصي الضعيف تجاوز فيه كل الحدود الأدب المتعارف عليها فى كتابة الأعمدة، بل تجاوز فيها حتى الوازع الديني والاخلاقى الذى يفترض انه من المدافعين عنه. لاتندهشوا أبدا حينما اذكر لكم بعضا مما ورد في ذلك العمود، بل اننى اعتبره دليلا دامغا لمستوى الإسفاف الذى وصل إليه قادة الجبهة وكتابهم، والذى لم يدركه قادة التنظيمات المعارضة الأخرى لهم الإ ضحى الغد!!
بدأ الأستاذ راشد عموده "إشارات" هكذا،
"الدكتور إبراهيم الكرسنى المعروف بعدائه للإسلام والمسلمين" !! أي والله، المعروف بعدائه للإسلام والمسلمين !! هكذا مرة واحدة...أرجو أن تلاحظوا معي الإرهاب باسم الدين. فحينما يصفني الأستاذ راشد بعدائي للإسلام والمسلمين فإنه يستعدى على بالفعل قطاعات واسعة من العامة دون وجه حق ، بل ربما كان يقصد " الإشارة" للغوغاء من منتسبيهم بتحويل أرض المعركة من ساحة الفكر والقلم إلى ساحة الاقتتال والدماء، كما فعلو بعد ذلك حينما استولوا على مقاليد الأمور في البلاد!! كان معظم ما ذكره الأستاذ راشد في عموده " فارغ " المضمون كمضمون مقالة "أخوه" د.يسن عابدين. لكن خاتمة عموده كانت أسوأ بكثير من فاتحته حيث ختم عموده بالآية الكريمة، "وإن الله لمتم نوره ولو كره الكافرون"!! فقد صنفني الأستاذ راشد كأحد أعداء الإسلام والمسلمين في بداية عمود يوميي فى صحيفة سيارة، ومن ثم كفرني في عجز نفس العمود!! أليست هذه عبقرية في حد ذاتها ، لو أحسن الأستاذ راشد توظيفها لترقية قدراته الفكرية لربما نجح "الأستاذ" فى أن يصبح بالفعل في مصاف "عباقرة"هذا الزمان!!
أما النموذج الثالث والأخير فيتعلق بالمرحوم محمد طه محمد احمد – أسال الله له الرحمة وأن يغفر له من ذنبه ماتقدم وما تأخر. كما أود أن اقر قبل أن أتطرق لنموذجه بأنني "عافى منه لوجه الله تعالى عن كل ماقاله في حقي وهو الآن بين يدي من هو أعدل منا جميعا". لقد كان للإخوان المسلمين تقليد راسخ في مسجد جامعة الخرطوم، وهو أن يعتلى أحد قادتهم، على أن لا يكون إمام الجامع، المنبر بعد أداء فريضة الجمعة لتقديم "درسا دينيا " للمصلين. لقد أعتلى المرحوم محمد طه منبر مسجد الجامعة فى أحد أيام الجمع من تلك الأيام وقد خصص "درسه الديني" فى ذلك اليوم لدكتور الواثق كمير وشخصي الضعيف بمناسبة نشر وتدريس دراسة الفساد ، وقال في حقنا " مالم يقله مالك في الخمر" !! لا أود أن أتطرق إلى ماقاله المرحوم باعتبار أنه أصبح في عداد الموتى أولا – أسال الله له الرحمة والمغفرة – ثم ثانيا لأنه قد ذهب شهيدا نتيجة لأسلوب الفتاوى "العشوائية "التي أسست لها مجموعات الهوس الديني لإراقة دماء البشر – من مسلمين وغيرهم- و قد كان في طليعة من أصدروا تلك الفتاوى تنظيم الجبهة الإسلامية القومية وكتابها الذين أتى فى طليعتهم المرحوم وكتاب من أمثال الأستاذ راشد عبد الرحيم.
تؤكد هذه الهجمة الإعلامية الشرسة حقيقة واحدة ، لم تتضح معالمها للبعض بصورة واضحة إلا مؤخرا، وهى إعتبار قادة الجبهة الإسلامية القومية لمؤسساتهم المالية والتجارية والإقتصادية بمثاب السلاح الماضى، ليس فقط لتدمير القوى المعارضة لهم فكريا وسياسيا، وإنما كذلك لسحق كل ما يعترض سبيل إعادتهم ل "صياغة " الإنسان السوداني ، حتى لو تمثل ذلك فى هدم كل الإرث الثقافي الطيب لمكونات الشخصية السودانية من صفات مميزة كالصدق والأمانة والاستقامة وقبول الآخر ، بل واحترامه، وإكرام الضيف وتربية النشء علي الأخلاق الحميدة . إن العنف اللفظي الذي وضع لبناته أمثال هؤلاء الناس قد أتى أوكله بالفعل ولم ينجو منه حتى كتابهم وقادتهم، فمن حفر حفرة لأخيه وقع فيها !!
لقد كنت دائما ما أؤكد لأصدقائي بأن البلاوى والكوارث القادمة للسودان لن تأتى من قبل "الإمبريالية" ، التى أنتظرها صديقي العزيز الدكتور خضر عبد الكريم، له التحية والإعزاز، لأشهر عديدة بأحد خنادق "صديقه " أنور خوجة بألبانيا ، ثم حين لم تطل عليه بطلعتها البهية غفل راجعا إلى ارض الوطن محملا بالعديد من الذكريات والنوادر التى طالما عطر بها أماسينا بشقته العامرة بالرياض، ويالها من أيام وذكريات!! ولكنني كنت أقول لهم على الدوام بأن كوارث السودان سوف تأتيه من جهتين هما: عمارة الفيحاء ومسجد جامعة الخرطوم... وقد كان !!
11/3/2007
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: wesamm)
|
خواطر من زمن الانتفاضة (6)
لماذا لم أقاضى من كفرونى ؟!!
د. إبراهيم الكرسنى
أشرنا في الحلقات السابقة إلي الخطوط الحمراء التي لن يسمح قادة الجبهة الإسلامية لكائن من كان بتجاوزها، وهى ميادين أنشطتهم المالية والاقتصادية والتجارية، لأنهم قد وعوا تماما أهمية المال في إدارة العمل السياسي في الوقت الذي ظل فيه الآخرون يعتقدون بأن مجرد تغيير "العربة" من "موريس ماينور" إلى " كرولا " يعتبر تحولا " برجوازيا " خطيرا يستدعى "فتح بلاغ" !! ومن ثم "التحقيق" و المساءلة، وكأنما قد كتب الله على جميع " المناضلين" أن يظلوا طيلة حياتهم "حفاة عراة" إلى أن يلقوا وجه ربهم سيرا على الأقدام....فتأمل!! وسأسرد لكم فى حلقة قادمة عن شخصيات سياسية قيادية كنماذج لهذا النوع من التفكير العجيب والتوجه.
إن الصدمة التى أحد ثها تدريس مادة الفساد لطلاب السنة النهائية بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة الخرطوم، وما تبعها من مقالات صحفية بائسة ودروس "دينيه" من فوق منابر المساجد لاتقل بؤسا عنها ، قد فاقت كل توقعاتي وكانت بمثابة مؤشر على المدى الذى يمكن أن يذهب إليه هؤلاء الناس دفاعا عن مصالحهم المالية وأنشطتهم الإقتصادية والتجارية ،والكم الهائل من المال الذي تكدس لديهم عن طريق الفساد دون وجه حق ، والذي آمل أن تكوى به جباههم وجنوبهم يوم القيامة، لأنه مال سحت تم جمعه من خلال مص دماء الغلابة والمساكين ، بل من الموت الزؤام الذى واجهه بعض أبناء وبنات شعب السودان وهو يكابد ظلم ذوى القربى و" إبتلاءات " التوجه الحضاري" !!
يصبح السؤال إذن: لماذا لم يتم فتح بلاغ جنائي في حقنا، د. الواثق كمير و شخصي الضعيف،عندما قمنا بنشر وتدريس مادة الفساد المتعلقة بمؤسسة التنمية الإسلامية، مثلما فعلوا ضدي حينما قمت بكتابة مقال صحفي، لم يرد فيه ذكر لبنك فيصل الإسلامي سوى في فقرة واحدة منه؟ يا ترى ماهو سر عدم ذهابهم إلى المحاكم دفاعا عن "إشانة سمعة مؤسساتهم الإسلامية‘ "، والتي تم نشرها في شكل حلقات عديدة وفي صحيفة سيارة أيضا، و"إنتفاضتهم" القانونية العارمة دفاعا عن "شرف" بنك فيصل الإسلامي السوداني لمجرد ذكر إسم البنك في فقرة واحدة وردت في متن مقال غطى صفحة كاملة من صحيفة سيارة أيضا؟!
أعتقد أن السبب من وراء ذلك يكمن ، كما ذكرت سابقا ،في أن تدريس مادة الفساد لشباب في مقتبل العمر، يعتبر كل المستقبل، ليس بالنسبة لأي تنظيم سياسي جاد فقط، و إنما للبلد بأكملها، يعتبر بمثابة سابقة خطيرة، وبالأخص بالنسبة لمنتسبى تنظيمهم من أولائك الشباب. سعى قادة الجبهة على أن تكون عقول شبابهم وطلابهم مغلقة، "بالضبة والمفتاح"، حتى لا تأتيها رياح " الرأي الآخر" من أى جهة كانت، و بالأخص حينما تكون تلك الرياح حاملة لروائح الفساد المالى لقادتهم التى أزكمت الأنوف !! هنا مربط الفرس ،كما يقولون . فإن إشتمام تلك الرائحة سيكون بمثابة قرون إستشعار بالنسبة لأولئك الشباب و ستقودهم حتما إلى التفكير، ثم البحث، ثم الإستقصاء، ثم التوقف على الحقائق التي لن تخطئها العين البصيرة حول الممارسات المالية الفاسدة لقادتهم، والذين سيتحولون قطعا عندها فى نظر هؤلاء الشباب من "قديسين"، لا تحوم حولهم الشبهات، ولا يعص لهم أمر ، بل يجب تقديم فروض الولاء والطاعة لهم في جميع الأوقات، إلى مجرد"تجار دين" يتدثرون بالدين ويستغلونه لخدمة مصالحهم الدنيوية الضيقة، عكس شعارهم المرفوع " هي لله... هي لله...لا للدنيا ولا للجاه". حينذاك سيتوجب" دينيا" على هؤلاء الشباب الثورة ضد هذه القيادات ومن ثم الإطاحة بها من قمة هرم التنظيم ،إن أمكن ذلك ، مما سيلحق أكبر الأضرار بمؤسساتهم المالية وبمصالحهم الشخصية الدنيوية على حد سواء !!
لكن السبب الأهم فى تقديري لعدم ذهابهم للمحاكم فى موضوع الفساد ،هوتوفر الأدلة الدامغة لكل ما أوردناه من وقائع حول مؤسسة التنمية الإسلامية ، وبالتالي كانوا سيهزئون بأ نفسهم حقا إن هم سلكوا هذا الطريق . فحينما وجد جيش المحامين العرمرم ، الذي وظفوه لملاحقة الأقلام الشريفة التي تتعرض لممارساتهم الإقتصادية والمالية الفاسدة، بأن ذهابهم إلى المحكمة فى هذا الموضوع سيكون بكل تأكيد قضية خاسرة وستنتهي بملاحقتهم بالتشهير بسمعة الآخرين، إرتأوا بدلا عن ذلك فتح ماكينتهم الإعلامية الضخمة لتبث سمومها فى حق معدي الدراسة !!
إذن فإن الدرس الأساسى الذي يمكن إستخلاصه من هذه المعركة هو ضرورة ، بل أهمية ، توفير الأدلة الدامغة التي تؤكد الممارسات الفاسدة، أيا كان مجالها، لان ذلك هو الطريق الوحيد لتفادى "التلتلة" في المحاكم، وإن كان ذلك لا يمكن أن يكف عنك أذى أجهزة إعلامهم السامة !! لذلك فإنني أوصى الشباب من الجنسين الذين يودون مواصلة هذا النوع من المعارك التسلح بمنهج العلم في ملاحقة الفساد حتى لانفتح الأبواب لإتهامات جزافية سيكون ضررها على مصداقية القائمين عليها اكبر من ضررها على المتهمين بها.
وإنه لمن حسن الطالع، بالنسبة لهؤلاء الشباب، أن توثيق الفساد المالي لقادة الجبهة الإسلامية القومية أصبح لايتطلب جهدا أو معاناة أو "علاقات طيبة"، كتلك التي تطلبها الحصول على الوثائق المتعلقة بمؤسسة التنمية الإسلامية، لأن تقارير ديوان المراجع العام، وهى جهة حكومية معتمدة يتم تعيين مديره العام من قبل النظام الحاكم ، قد كفت المؤمنين شر كل قتال . فقد تضمنت تلك التقارير أنواعا وأحجاما من الفساد المالي يشيب لها الولدان وتجعل من فساد مؤسسة التنمية الاسلامية مجرد "مضغة" في رحم "أم الفساد" المالي في السودان، ألا وهى الجبهة الإسلامية القومية نفسها !!
قد يسأل أحد القراء : إذن لماذا لم تقم أنت بفتح بلاغ جنائي بإشانة السمعة ضد قادة الجبهة الاسلاميةالقومية ؟ تشكل الإجابة على هذا السؤال الدرس الثانى الذى يمكن إستخلاصه من هذه المعركة. في الحقيقة لقد شجعني العديد من معارفي، كما حثني العديد من أصدقائي على ضرورة وأهمية فتح مثل هذا البلاغ الجنائي؟ لكنني رفضت ذلك لسببين: الأول هو أنه إذا ماتم فتح هذا البلاغ سأكون قد ساهمت فى نقل معركة الفساد، المتمثلة فى فضح وتعرية الممارسات المالية والتجارية والإقتصادية الطفيلية لقادة الجبهة الإسلامية القومية، من ميدان العمل الجماهيري ذو التأثير الواسع، إلى أروقة المحاكم ذات التأثير الضيق، مما سينتج عنه حتما خبو لهيبها وجذوتها التي طالما أردت لها أن تكون متقدة على الدوام كجمرة مشتعلة يقفون عليها بأقدامهم ليل نهار ليكتووا بنيرانها كما فعلوا ذلك بشعب السودان . وهذا بالضبط ماكان يتمناه ويسعى إليه قادة الجبهة القومية الإسلامية عندما أداروا حملتهم الإعلامية الشرسة التي كفروني من خلالها، ولأن مثل إتخاذ هذه الخطوة سوف تفتح أيضا مجال عمل جديد لجيش محاميهم العرمرم والعاطل عن العمل !!
أما السبب الثاني فهو أنني لم أكن على استعداد لإضاعة الوقت الثمين المتاح لي فى " التلتلة " داخل أروقة المحاكم، وجرنى إلى ميدان لا أملك له من الأسلحة سوى القليل ولا من الموارد المالية ما يمكنني من خوضها ،مع عظيم تقديرى وإمتنانى للقضاء الديمقراطي الواقف الذي لم يتوانى فى الدفاع عنى فى قضية بنك فيصل الاسلامى السوداني دون أن يتقاضى مليما واحدا، والذي لا أشك مطلقا فى أنه سوف لن يتردد مرة أخرى فى القيام بمثل هذه المهام،إن إقتضى الأمر ذلك .لكن لب الموضوع يتمثل فى عدم إتاحة الفرصة لهم لتحديد زمان ومكان المعركة من أجل إهدار الوقت والموارد!
يعتبر الوقت بالنسبة للإخوة المحامين كذلك بمثابة رأسمال لهم ،فلم أحبب فى إضاعته إذا ما توفرت البدائل و الوسائل الأخرى التى تقود إلى نفس النتائج. هذا من ناحية،أما من الناحية الأخرى فكنت أعتقد، ولم أزل، بأن أكثر ما يؤلم قادة الجبهة الإسلامية ويؤرقهم ويجعلهم يفقدون صوابهم وأعصابهم، ومن ثم يخرجون عن أطوارهم، وبالتالي يهزؤون بأنفسهم، هو المنازلة الفكرية الصارمة لهم من جهة، و كذلك فضح ممارساتهم المالية والتجارية والاقتصادية الفاسدة بالأدلة الدامغة التي ليرقى إليها الشك، من جهة أخرى . وأعتقد أننى قد حققت قدرا من النجاح في ذلك، على الرغم من "زعل" بعض أصدقائى، نتيجة عدم إقدامي لفتح بلاغ جنائي ضد قادة الجبهة الذين أشانوا سمعتي ، بل حاولوا جاهدين اغتيال شخصيتي ، بل إهدار دمى من خلال الفتاوى " العشوائية" التي أصدروها كإتهامهم لي بـ "العداء للإسلام والمسلمين"، و لا أدرى عن أي إسلام و عن أي مسلمين يتحدثون !، أو "إن الله لمتم نوره ولو كره الكافرون"، وهم يعرفون تماما بأن العنف اللفظي ما هو سوى المقدمة اللازمة للعنف الجسدي، كما أكدت الأحداث ذلك بدءا بشنق شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه ومرورا بشهداء مسجد أنصار السنة ثم إنتهاءا باستشهاد الأستاذ محمد طه محمد احمد.
إذن، كان قادة الجبهة القومية الإسلامية يودون تبديد وقتي وجهدي بدفعي دفعا للذهاب إلى المحاكم بهدف تحويل المعركة من ميدانها الرئيسي، سا حة الفكر والقلم، إلى ميدان جانبي وهامشي يتمثل فى أروقة المحاكم، بما يحقق أهدافهم، وهذا هو بالضبط السبب الذى حال دون سلوكي لهذا الطريق حتى لا أقع فى مصيدتهم، وبالتالى أمكنهم من تحقيق أحد أهم أهدافهم !! خلاصة القول أن ما بينى وبين "هؤلاء الناس" ليس مسألة ‘تعدى منزلى‘ أو ‘ شكلة فى السوق العربى‘، ليحسم، إما بالسيخ فى طرفه الرقيق، أو بالدبابة و بيوت الأشباح، فى طرفه الغليظ، أو فى ساحات المحاكم، وإن بدى كذلك من الناحية القانونية الصرفة. ولكن ما بيننا هو صراع فكرى فى المقام الأول، وصراع رؤى وبرامج إقتصادية وسياسية وإجتماعية و ثقافية، ساحة حسمها ليست أروقة المحاكم و إنما سيتم حسمها فى ساحات وميادين و بيوت وعقول الشعب السودانى الواسعة ومنابره المتعددة، وفوق هذا وذاك قدرته على التمييز بين ما هو صالح له وطالح، بما حباه الله من ذكاء فطرى. وبالتالى فهو وحده القادر على حسم الصراع بينى وبين "هؤلاء الناس". و إننى لعلى يقين تام بأن نتيجة هذه المعركة لن تكون فى صالح "التوجه الحضارى" و إنما ستكون لصالح "التوجه الإنسانى" السليم الذى يجمعنى بالملايين من أبناء وبنات شعبنا، مهما طال الزمن !!
أختم هذه الحلقة بتعليق من أحد أعز أصدقائى قاله لي ساخرا حينما رفضت فكرة الذهاب إلى المحاكم ضد هؤلاء الناس، حيث قال لي " والله يا إبراهيم ربنا فتحا عليك وكان داير يغنيك...لكن أنت رفست النعمة...والله أصلو الشقي عمرو ما بسعد "، وكان يعرف وقتها حالة الضنك والعوز المالي التي كنت أكابدها، كغيرى من أستاذة جامعة الخرطوم ، ما عدى أولائك المنتسبين إلى تنظيم الجبهة الإسلامية القومية، و المؤلفة قلوبهم من الأساتذة !!
15/3/2007
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
الاستاذ ابراهيم
تحية طيبة
عندي استشارة لو سمحت لي بها وهي في علم الاقتصاد حيث أني درست الاقتصاد بجمهورية الهند جامعة بومبي ولي رغبة في مواصلة الدراسة فيه إلى أعلى قمة إنشاء الله, لذا أرجو منك أن ترشدني إلى الطرق الصحيحة والمختصرة لهذه الدراسة وِأن ترشدني إلى كيفية ربط دراسة الاقتصاد بعلم المحاسبة الرائع حيث أن الاقتصاد في الجامعات الهندية ليس لديه ارتباط بعلم المحاسبة.
ولك شكري وتقدير
أبوفتحية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
الأخ وسام التحايا العطرة أشكر لك نقلك لمحاضرتى فى منبر الصحافة نسبة لعلاقتها بالموضوع، ولو من طرف بعيد، على الرغم من بعض الأخطاء التى شابت إخراجها، كإسم أبو الجودة، الأمريكى Deming على سبيل المثال. لكن أهم ما فى تلك المحاضرة هو محاولة الربط بين مفهومى الجودة الشاملة والتنمية الإقتصادية الشاملة. على عهدنا عندما درسنا الإقتصاد، وقمنا بتدريسه فيما بعد، كان مفهوم الجودة لا يتجاوز مستوى المعايير و المكاييل! أرجو صادقا من الإقتصاديين الشباب مواصلة الجهد والإجتهاد للبحث فى كيفية الربط فيما بين جميع العلوم الحديثة، وبالأخص الجودة الشاملة، و تحقيق التنمية الشاملة فى السودان.
الأخ الكيك
إنها خطوة متقدمة بالفعل أن يقوم بنك فيصل بدعوة بنك السودان لأحد فعالياته، حيث أن هذا البنك وبحكم قانون تأسيسه يعتبر غير خاضع لإشراف البنك المركزى!! أتمنى أن تكون الخطوة التالية إخضاع هذا البنك لإشراف بنك السودان وأن لا تقتصر تلك العلاقة على تشريف حفلاته فقط!!
الأخ العزيز عبد الحمود للأسف الشديد لم أستلم الرسالة حتى الآن. أرجو إعادة إرسالها مرة أخرى ولك شكرى وتقديرى.
الأخ الصادق أشكرك على الثقة، كما أرجو مراسلتى على المسنجر
لكم جميعا الشكر والتقدير إبراهيم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
عزيزى عبد المحمود
تجدنى عاجز عن الشكر على ما قمت به من مجهود وقد أسعدتنى كثيرا بإحتمال الحصول على موبايل الأخ كمال. بالفعل هو الشخص المناسب للإستئناس برأيه. توقع منى رسالة بالبريد الإلكترونى. لك الشكر مرة أخرى.
الأخ وسام
أشكر لك المتابعة الدؤوبة. ياخى عايز أطلب منك بعض المساعدة لو سمح بذلك وقتك و مواردك و إمكانياتك الفنية. الموضوع يتلخص فى أننى قد كتبت مقالات عديدة وفى مجالات عدة بصحيفة الخرطوم عندما كانت تصدر بالقاهرة خلال حقبة التسعينات، و بالأخص فى مجال الرؤى المستقبلية للسودان وكذلك الإرهاب والفساد، وأود إعادة نشرها هناو فى سودانايل كذلك تعميما للفائدة. تفاءلت كثيرا عندما قمت أنت بنقل مادة جريدة الصحافة إلى هذا الخيط، يا ترى هل من الممكن تكرار ذلك مع تلك المقالات؟ هل هنالك فسحة للمزيد من التفاؤل؟! أرجو مراسلتى على بريدى الإلكترونى الخاص وهو: [email protected] و لك الشكر الجزيل مرة أخرى إبراهيم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: ابراهيم الكرسنى)
|
خواطر من زمن الانتفاضة (7)
المجاعة في غرب السودان عام 1984.... أزمة دارفور الراهنة... و" القفص الآيديولوجى" !!
د. إبراهيم الكرسني
لدى قناعة راسخة بأن معظم الأمراض الاقتصادية والاجتماعية التى يعانى منها السودان في الوقت الراهن قد بذر بذرتها الأولى جعفر نميرى منذ أن بدأ "قائدا لمجلس قيادة ثورة مايو" يسارية التوجه وإلى أن إنتهى بة المطاف "إماما للمسلمين " متحالفا مع مجموعات الهوس الديني . فقد أسست مايو، بشموليتها الخانقة وسياستها الاقتصادية الخرقاء، لنظام الحزب الواحد ولدولة الفساد المالي والإداري. لقد وجد رأس المال الطفيلي رحما خصبا في نظام مايو، الذى سن كل القوانين والتشريعات الكفيلة بحمايته إلى أن نما و ترعرع، مرويا بدماء شهداء الوطن الذين ضحوا بأرواحهم رخيصة دفاعا عن مصالح الشعب، بدءا بشهداء ود نوباوى، مرورا بشهداء يوليو 71، شهداء حركة حسن حسين 75 ، وشهداء يوليو 76، وإنتهاءا بتعليق الفكر على أعواد المشانق فى الوقفة البطولية الأسطورية للشهيد الأستاذ محمود محمد طه.
لقد كان حاكما باطشا لايتورع عن زهق روح كل من يهدد كرسي حكمه أو مصالح الفئات الطفيلية التى يواليها بالرعاية. تقول الفرنجة"السلطة تفسد ولكن السلطة المطلقة تفسد فسادا مطلقا "!! هذا ملخص مفيد لتجربة النظام المايوى .فقد إستغل جعفر النميرى سلطته المطلقة ليؤسس لدولة الفساد. بدأ ذلك عند تأسيسه لبنك فيصل الاسلامى السوداني بقانون خاص، متجاوزا بذلك قانون بنك السودان، وماتبعه من تأسيس لبقية "المؤسسات" المالية و الإقتصادية و التجارية " الإسلامية". لقد ركل هذا الرجل، بفعلته تلك، جميع القوانين التى صادق عليها بنفسه من جهة، ثم "بصق" على وجه دولة " المؤسسات"، التى كان يتشدق بها منظرو النظام المايوى من " النخبة السودانية" المدمنة للفشل، من جهة أخرى !!
تعتبر فترة الحكم المايوى بمثابة مرحلة التمكين بالنسبة للإخوان المسلمين، حيث فتح لهم جعفر نميرى الأبواب واسعة ، منذ ما عرف بالمصالحة الوطنية في عام 1977م ، التى أعقبت ما يسمى "بالغزو الليبي الرجعى" فى 2 يوليو 1976 ، للتحالف معه، إلى أن فرضوا سيطرتهم تماما على اذرعه النظام السياسية والتنفيذية. إستغل الإخوان المسلمون فترة "التمكين" هذه ليراكموا أموال السحت التى امتصوها من دماء الشعب السوداني، وبالأخص من خلال متاجرتهم فى قوت الشعب وضروريات حياته من السلع الأساسية، كالذرة على سبيل المثال. ادخل الأخوان المسلمون مفهوم السوق الأسود بصورة واسعة وملحوظة لأول مرة في تاريخ السودان أثناء هذه الفترة، حيث صار السوق الأسود فيما بعد بمثابة السوق الرسمي السائد في البلاد . من هنا أثمرت علاقة مؤسساتهم" الإسلامية"، وبالأخص بنك فيصل الاسلامى، عن المجاعة التى ضربت غرب السودان، وبالأخص إقليم دارفور في عام 1984 م.
حدثت المجاعة نتيجة للجفاف الذى ضرب دول الساحل الأفريقي وحزام شبة السافنا ، بما فى ذلك السودان ، فى العام 1984 م . وقد سبق ذلك زحف صحراوى أتى على المساحات المخضرة من تلك المناطق نتيجة للسياسات الزراعية الخاطئة التى لم تراعى التوازن البيئي الضروري أو المحافظة على البيئة، والتى قضت على حزام الغابات الذى كان يسجل حماية طبيعية للمساحات الخضراء . لقد كان من نتائج ذلك الجفاف فقدان أهلنا فى غرب السودان لمصادر رزقهم الأساسية ، الزراعة والثروة الحيوانية، وقد واجهوا ظروفا حياتيه صعبة جراء ذلك، حيث جف الزرع والضرع،، ثم تلي ذلك المأساة بعينها، وهو فقدان إنسان غرب السودان نفسه للحياة. . لقد قضى العديدين من سكان غرب السودان نحبهم جراء تلك المجاعة. وقد بدأ من بقى منهم على قيد الحياة فى الزحف نحو اقرب مدينة بحثا عن لقمة عيش تقيه شر الموت جوعا . بدأ النازحون من الغلابة والمساكين يضربون أحزمة حول تلك المدن بحثا عن سبل كسب العيش، حتى وصلت طلائعهم إلى مشارف مدينة أم درمان ، حيث تجمعوا فى معسكرات "المويلح" و "الشيخ ابوزيد" . ففى الوقت الذى بدأت فيه المنظمات الأهلية ، المحلية والأجنبية، مد يد العون لهؤلاء النازحين، لم يتورع بنك فيصل" الاسلامى" من استغلال تلك المأساة لمزيد من التراكم البدائي لرأس المال فى ممارسة منافية، ليس فقط لمبادئ الدين الاسلامى الحنيف، وإنما منافية لاى خلق إنساني سليم!! قام البنك المذكور بشراء كميات ضخمة من الذرة من مناطق إنتاجها بالدالي والمزموم، بأسعار زهيدة، ثم قام بتخزينها في مدينة كوستى، بواسطة فرعه فى تلك المدينة. و عندما حدثت المجاعة فى غرب السودان قام بترحيلها وبيعها لمواطني تلك المناطق،الذين يموتون أصلا من الجوع، بأسعار تقع خارج دائرة القوة الشرائية لمعظمهم ، مما أدى إلى وفاة العديدين منهم. هل لكم تخيل مثل هذه الفاجعة!! مؤسسات تعمل باسم الإسلام، دين الرحمة وإغاثة الملهوف، تستغل جوع البشر من المسلمين لتراكم عوائدها المالية!! إنه بالفعل تجسيد حي لتناقض الشعارات مع الواقع في أبهى صوره!! ألا يحتاج هذا السيناريو إلى فلم سينمائي، كان سيحتاج، من غير هذا المشهد، إلى خيال خصب وخلاق ليصور وقائعه، ولكن رسالة رأس المال الطفيلى، ومؤسساته المالية، قد جعلت من ذلك ممكنا، دون كبير عناء !!
حينما ضربت المجاعة معظم دول الساحل الأفريقي فى ذلك العام ، قام رؤساؤها ، وبالأخص الرئيس الاثيوبى ، بإعلان ذلك على العالم أجمع، وطلبوا من المجتمع الدولي مد يد العون والمساعدة لإغاثة مواطنيهم من الموت جوعا، ماعدى السودان، الذى ارتأى"إمامة المجاهد" وسدنته من "تجار الدين" عكس ذلك تماما، حيث وجدوا في موت مواطنيهم جوعا فرصة لتعظيم أرباحهم، ربما لن تتكرر قريبا !! وهذا ما قاموا به على أكمل وجه !! عندئذ تصدت نقابة أساتذة جامعة الخرطوم لهذه المهمة وقررت إطلاع العالم على حجم مأساة المجاعة التى ضربت غرب السودان بصورة عامة، وإقليم دارفورعلى الوجه الخصوص.
قررت النقابة القيام بهذا الدور من خلال ندوة جماهيرية كبرى تقام بنادي أساتذة جامعة الخرطوم ليصل صداها إلى جميع أنحاء العالم من خلال وكالات الأنباء المتواجدة فى العاصمة فى ذلك الوقت . ولا يسع المرء فى هذه السانحة الإ أن يتوجه بالتحية والإجلال والإكبار لأستاذة جامعة الخرطوم، ممثلين فى نقابتهم العظيمة التى لعبت دورا بطوليا فى قيادة مسيرة الإنتفاضة ، إلى أن أطاحت بحكم "الإمام" ، وبالأخص للأخوين العزيزين الدكتور عدلان احمد الحردلو- شيخ العرب- رئيس النقابة، والدكتور مروان حامد الرشيد – السكرتير العام للنقابة في ذلك الوقت .لقد لعب هذان الرجلان دورا مشهودا في قيام الإنتفاضة، بصمودهما في وجه قوى البغي والبطش من قيادات النظام على جميع المستويات. ولكنني أود أن أنوه وألفت نظر جيل الشباب الحالي من المهتمين بالشأن العام إلى ضرورة الإطلاع على بيانات نقابة الأستاذة التى أصدرتها في ذلك الوقت، والتى خط معظمها يراع الأخ الدكتور مروان حامد الرشيد، ليرووا غليلهم بما تضمنته من أدب سياسي رفيع ولغة عربية رصينة!! لقد أوتى الأخ مروان، بالفعل، مجامع الكلم !!
كلفتني النقابة، مشكورة، بالإعداد لتلك الندوة، بالتعاون مع الأخ د.مروان. وبالفعل قمت بالاتصال ببعض الإخوة للتحدث فيها .وافق علي الحديث الإخوة الأجلاء د.بشير عمر، أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم فى ذلك الوقت والذى يعمل حاليا بالبنك الاسلامى للتنمية بجدة، ود.موسى آدم عبد الجليل، أستاذ علم الاجتماع والذى يعمل حاليا بجامعة الخرطوم، والأخ د.سليمان علي بلدو، أستاذ اللغة الفرنسية بجامعة الخرطوم في ذلك الوقت، والذى يعمل حاليا مديرا لبرنامج الشؤون الإفريقية التابع للمجموعة العالمية للأزمات ، و جميعهم من أبناء غرب السودان، بالإضافة إلى شخصي الضعيف. لهم جمعيا التحية والإعزاز.
عقدت الندوة أثناء شهر أكتوبر من عام 1984 م، على ما أذكر، بنادي أستاذة جامعة الخرطوم. لقد إمتلأت باحة النادي، على وسعها، بالحاضرين وكان عدد الذين حضروا وقوفا أكثر بكثير من الجالسين على الكراسي المخصصة لها. كنت أول المتحدثين فى تلك الندوة، التى قدم لها الأخ د. مروان، وكنت قد قررت التحدث عن دور البنك الدولي فى إحداث المجاعة في غرب السودان . حينما هممت بالحديث، فإذا بالتيار الكهربائي ينفصل فجأة عن دار الأساتذة، وإذا بالدار يكسوها ظلام دامس. هل كان ذلك مصادفة أم بفعل فاعل ؟! أعتقد إن توقيت فصل التيار الكهربائي، وفى مثل هذه المناسبة، لايمكن أن يكون قد تم إلا بإيعاز من جهاز أمن "الإمام"!! عندها قرر الأخ د.مروان إحضار" بطارية" عربته، التى أكل الدهر عليها وشرب ، لتشغيل المايكروفون وإستكمال المهمة. لكن، وقبل رجوع الأخ مروان إلى مسرح الندوة، فقد أمدنى أحد الإخوة الأفاضل، لا أذكر إسمه الآن، بـ"بطارية" يد عادية .أمسكت البطارية بيد و أوراقى الخاصة بالندوة باليد الأخرى، و بدأت حديثي كالآتى ، "رغما عن هذا الظلام الدامس، فإننا سنتمكن من توصيل الحقائق عن المجاعة فى غرب السودان إلى جماهير شعبنا". وقد كان. أتى د.مروان ب " بطارية" عربته، و من ثم تم إعادة "الحياة" إلى المايكروفون، فواصلنا الحديث، الواحد تلو الآخر، وقمنا بفضح دور النظام ومؤسساته فى خلق المجاعة والتستر عليها، وحملناه المسؤولية الكاملة عن المأساة الإنسانية التى تواجه جماهير شعبنا فى غرب السودان بصورة عامة، و إقليم دارفور على وجه الخصوص. حينما أحس جهاز أمن "الإمام" بأن لا فائدة من فصل التيار الكهربائي عن دار الأساتذة، وأننا قد نجحنا فى توصيل الحقائق إلى الجماهير ، على الرغم من ذلك الظلام الدامس،، كما وعدنا بذلك فى بداية الندوة ، قام بإرجاع التيار الكهربائي إلى الدار مرة أخرى. . كان أول المعلقون من الحضور سيدة تقدمت إلى المنصة بجرأة تحسد عليها. عندما وصلت إلى المنصة، بدأت حديثها كالتالي، "أنا أسمى لبابه الفضل ، حمريه من كردفان، قمت بزيارة أهلي بالمعسكرات هذا اليوم، و قد رجعت منهم قبل قليل. سألتهم دايرين شنو؟ قالوا والله مادايرين حاجة، إلا بس عايزين لينا زول يعلمنا أمور دينا "!! أشهد الله أن هذا هو بالضبط ما تفوهت به هذه السيدة !! حينها أبدى بعض الحاضرين امتعاضا واضحا وبدأوا بالصياح فى وجهها حتى أصبح صوتها غير مسموعا تماما. تطلب الأمر تدخلي فى تلك اللحظة، وقد طلبت بالفعل من الحضور أن يتيحوا لها فرصة الحديث ويتركوا لنا مهمة الرد على ما تقول، وقد كان.عاودت هذه السيدة الحديث مرة أخرى كالتالي ،"أنا عايزة أسال د.كرسني، انو هو شخصيا عمل شنو لمساعدة النازحين؟ ثم ماعلاقة البنك الدولي بالمجاعة فى غرب السودان ؟"!! ضجت الباحة مرة أخرى بالصياح، ولكنني شكرتها على السؤال، ثم أعدت على مسامعها مختصرا مفيدا لما قلته عن علاقة سياسات البنك بالمجاعة، آمل أن تكون قد استوعبته !! ومن بعد ذلك اقترحت على نقابة الأستاذة إقامة ندوة أخرى منفصلة عن علاقة روشتة صندوق النقد وسياسات البنك الدوليين بـ " حلة الملاح"، حيث أكدت لها وجود آلية معروفة لذلك، ولكن شرحها يتطلب إقامة ندوة منفصلة.
ما أود الوقوف عنده، فى هذه السانحة، هو ما يمكن لي تسميته بـظاهرة " القفص الآيدولوجى "، الذى شكل رؤية هذه السيدة ، ومن هم على شا كتلها، لترى واقعا مغايرا و مختلف كليا عن الواقع الماثل أمامها !! إن هذا هو ما حدث بالضبط عندما زعمت هذه السيدة بزيارة ضحايا المجاعة عند تخوم مدينة أم درمان .هل لكم أن تتصوروا منظر إنسان يأتي سيرا على الإقدام من إقليم كرفان إلى أن يصل إلى مشارف أم درمان، وهو فى حالة إعياء يكاد يصل إلى درجة الهلاك من الجوع والعطش ، بعد أن فقد كل ما يعينه على الحياة الكريمة فى بلده الأصلى، و يقطع كل هذه الفيافي بحثا عن لقمة عيش تقيه شر الموت جوعا، ثم يأتي من يقول لنا أن هؤلاء البشر لم ينزحوا عن قراهم إلا بحثا عن إنسان "ورع" ليعلمهم أمور دينهم !! هل يمكن لإنسان مثل هذا أن يكون فى كامل وعيه؟! أعتقد أن عقل مثل هذا لا يمكن له أن يكون سوى عقل واقع تحت تأثير مخدر " القفص الآيديولوجى" فى تلك اللحظة من الزمان؟!! يمكنني الآن القول باطمئنان إن دخول أى إنسان لهذا القفص،، سوف يكون تأثيره على قدراته العقلية، كتأثير من أصابه مس من الجنون !! بل إنه الجنون بعينه الذى أصاب تلك السيدة فى ذلك الوقت ، و حرم أعينها بالتالى من رؤية الواقع الماثل أمامها، أناس يتضورون جوعا، و ينجح فى تشكيله لها فى صورة مجموعة من" المجاهدين" ، لم يتكبدوا كل هذه المعاناة إلا بحثا عن من يعلمهم أمور دينهم!! فإذا كان هذا هو هدفهم الأساسي، أما كان من ألأفضل لهم التوجه إلى الزريبة، القريبة إليهم من حبل الوريد، ليستزيدوا علما وإيمانا من الرجل الورع، العارف بالله، الشيخ عبد الرحيم وقيع الله، "شيخ الزريبة" !! أم أن هؤلاء الناس من الغشامة بمكان بحيث لم يسمعوا بهذا الشيخ الذائع الصيت!!
إن هذا" القفص الايدولوجى " هو نفسه الذى صور، بعد ما يربو على العشرين عاما من مجاعة غرب السودان، للدكتور مصطفى إسماعيل "أزمة دارفور" الراهنة بأنها من صنع "الإعلام الغربي" و "قوى الاستكبار" !! أليس هذا هو الجنون بعينه ؟! ثم بعد أن أجبره الضغط المحلى، و كذلك ضغوط " الإعلام الغربي" ، على الخروج من "قفصه الآيديولوجى"، ليلامس أرض الواقع، ولو من طرف بعيد، صرح، لا فض فوه، بتصريحه اللعين زاعما بأن الإدعاء بموت مئات الآلالف من الغلابة والمساكين من أهل دارفور، ماهو سوى محض خيال من الإعلام الغربي، وان من توفوا بالفعل لايتجاوز عددهم العشرة آلاف !! لله درك ياإبن الخطاب، حينما أعلنتها داوية بأن تعثر بغلة بأرض الرافدين، وأنت قابع بأرض الحجاز، يعتبر فى مقام مسؤولياتك المباشرة، وسوف تسأل عنه يم القيامة. فما بال دعاة "التوجه الحضاري" ، و"أنبياء آخر الزمان" ،يستكثرون على أهالي دارفور حسن المعاملة، حتى وإن كانت فى مستوى معاملة البغال ، ناهيك عن معاملة الإنسان الذى كرمه الله سبحانه وتعالى أيما تكريم!! اى إسلام هذا، واى نوع من المسلمين أمثال "هؤلاء الناس " ؟!!
إذن فأزمة دارفور الراهنة لم تكن وليدة تمرد2003 م، بل إن لها جذورا تمتد لعشرات السنين من سوء التخطيط والإدارة والفساد الذى ميز حكام السودان، و كذلك حكام دارفور، عبر مختلف حقب الحكم الوطني، ولكن خصوصا فى عهد " الإنقاذ" الراهن، وبالأخص حينما تولى أمر إدارتها حتى بعضا من قيادات حركات التمرد الراهن من أبناء دارفور أنفسهم!! لذلك فإن صدري ينقبض بالفعل، و تعتريني حالة من الغثيان، حينما أقرأ بعض الكتابات السطحية عن دور"الجلابة" فى أزمة دارفور. لأمثال هؤلاء أود أن أقول بأن مفهوم الجلابة، وعند تجريده نظريا ، لا يعدو أن يكون سوى إشارة إلى الدور الذى يقوم به مصاصي دماء الغلابة والمساكين فى جميع أنحاء السودان، من جميع أعراق و أجناس و إثنيات السودان المختلفة، وإن إرتبط في أذهان الكثيرين بالتجار الشماليين الذين تواجدوا فى جنوب وغرب البلاد خلال حقب تاريخية محددة . إن استغلال الإنسان لأخيه الإنسان قد نتج عبر التاريخ من واقع علاقات الإنتاج السائدة فى المرحلة التاريخية المحددة، ولم يكن أبدا نتاج إختلافات عرقية أو قبلية أو مشابه ذلك. وقد دلت ندوة مجاعة غرب السودان في عام 1984 م ، على توحد المهمومين بحقوق وحياة الإنسان، غض النظر عن أعراقهم و قبائلهم أو إنتماءتهم الجهوية ومبادرتهم بالتصدى للدفاع عن أهلنا في إقليم دارفور من الظلم الذى وقع عليهم من بعض متعلمي وحكام السودان، بما في ذلك البعض من أبناء إقليم دارفور أنفسهم!! فما هى علاقة مفهوم " الجلابة" بذلك، إن لم يكن " القفص الآيديولوجى" بعينه !! لذلك فإنني أدعو الجميع إلى الابتعاد عن هذا الإسفاف وتوحيد الجهود لإنهاء أزمة دارفور الراهنة وإجبار جميع المسؤولين عنها على الخروج من هذا "القفص الايديولوجى". عندها، وحينما يتمكن كل من تسبب فى الأزمة الراهنة، من رؤية الواقع المعاش كما هو ، ربما انفطرت قلوبهم من الحسرة والندم على ما فعلوه، كحالة كل فطرة سليمة . اللهم أحمى دارفور من شرور حكام السودان، وعقوق بعض أبنائها ؟!!
سؤال أخير ما زلت أبحث له عن إجابة: ماذا فعل الله بأمر تلك السيدة العجيبة : " الشيخة" لبابه الفضل؟! آمل أن تكون مواصلة لرسالتها النبيلة فى توضيح أمور الدين لأهلها الحمر فى كردفان "الغره أم خيرا جوا وبره" ، أم يا ترى يكون قد جرفها تيار " الرسالة الدنيوية" وأسكنها أحد البنايات الشاهقة فى أحد الغابات الأسمنتية فى مدينة الخرطوم، مما أفقدها مجرد الصلة بأهلها الحمر، ناهيك عن تعليمهم أمور دينهم! لو حدث لها مثل هذا، ستكون هذه السيدة قد أثبتت بالفعل أنها " شيخة" حضارية التوجه بدرجة فارس ، بفضل " القفص الآيديولوجى" الذى أفرزته الدولة الرسالية؟؟!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بينى و بين الإنتفاضة... وبين بنك فيصل الإسلامى السودانى (Re: wesamm)
|
Quote: خواطر من زمن الإنتفاضة (8)
بيني و بين الدكتورة فاطمة بابكر... و"الرأسمالية السودانية"
د. إبراهيم الكرسنى
أود أن أتوجه فى بداية هذا المقال بتحية إجلال وإكبار للأخت الدكتورة فاطمة بابكر، متعها الله بالصحة وموفور العافية، وذلك اعترافا بمساهماتها المعروفة دفاعا عن حقوق الغلابة والمستضعفين فى مختلف الميادين، وبالأخص الفكرية والسياسية منها، و إن أختلف معها الكثيرون ، بمن فيهم شخصي الضعيف، فى أطروحاتها و النتائج التى توصلت إليها. لقد شكل دور الرأسمالية السودانية، فى مختلف مراحل التطور للإقتصاد و المجتمع السوداني، و لا يزال، محورا هاما من محاور النقاش بين المثقفين السودانيين ، و بالأخص اليساريين منهم، و يعتبر هذا الدور من بين القضايا الخلافية حتى بين من تجمعهم مدرسة فكرية واحدة. و بما أن طبيعة هذا الدور لم تتضح معالمه بعد ، ولم يتم حسم النقاش حوله حتى وقتنا الراهن، وذلك لسبب بسيط وهو أن العمل الأكاديمي الجاد الذى إبتدرته الأخت فاطمة لم يتم إستكماله ، أو حتى تحديثه بعد، لذلك فقد إرتأيت إعادة نشر الحوار الذى دار بيني وبين الأخت فاطمة على صفحات مجلة " عرض الإقتصاد السياسي الأفريقي"،التى تصدر من بريطانيا، والذى تم نشرة فى بداية الثمانينات من القرن الماضي، دون حذف أو إضافة ، وذلك تعميما للفائدة، من جهة، ولحث جميع المهتمين بهذا الموضوع الإدلاء بآرائهم لإثرائه و محاولة تلمس صياغة برنامج يناسب مرحلة التطور الإقتصادى و الإجتماعى التى يمر بها السودان حاليا.
لقد إقترحت على الإخوة و الأخوات أعضاء هيئة تحرير تلك المجلة، حينما كنت أتشرف بعضوية هيئة تحريرها، إصدار عدد خاص عن السودان، مواصلة للتقليد الحميد الذى إختطتوه، وذلك بإصدار أعدادا خاصة يكرس كل منها لدولة أفريقية بعينها. وافق أعضاء هيئة التحرير ، مشكورين، على الفكرة وتم تكليفي، بل فى الواقع تشريفي، بإعداد المواد القابلة للنشر وتحريرها، وذلك بالتعاون مع الأخت الدكتورة "كارولين بيليس"، أستاذة علم الإجتماع بجامعة ليدز فى ذلك الوقت، و التي رحلت عن دنيانا مؤخرا. أود أن أنتهز هذه السانحة لأشيد بالجهد المقدر الذى بذلته الدكتورة كارولين فى إعداد وتحرير مواد هذا العدد الخاص حتى رأى النور وصدر فى عام 1983 كالعدد رقم (26) من تلك المجلة.
لقد قصدت من إعادة نشر هذا الحوار، إشراك المهتمين بهذا الموضوع الحيوي الهام فى إثرائه وكذلك لحفز المهتمين من الشباب لمواصلة التقليد الحميد الذى بدأته الأخت فاطمة بابكر فى إجراء البحوث الميدانية حول هذه الشريحة الإجتماعية و الإقتصادية الهامة لسبر غورها ورسم معالم الطريق السليم المفضي لصياغة برنامج سياسي و إقتصادى يفعل من دورها الموضوعي فى زيادة معدلات التنمية فى البلاد، وبالتالي يضمن مساهمتها الإيجابية فى إنتقال البلاد إلى مرحلة تنموية تكون مختلفة نوعيا من تلك التى تعيشها البلاد حاليا، و جديدة بحيث تفجر طاقاتها الكامنة و من ثم إستغلالها أفضل إستغلال لمصلحة الغلابة و المساكين من أهل السودان الغبش !! كما آمل فى الوقت نفسه أن يتمكن أحد المهتمين به من ترجمته إلى العربية وذلك تعميما للفائدة.
|
| |
|
|
|
|
|
|
|