دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
ذكريات أدبية
|
ذكريات أدبية
ظلت تراودني لبعض الوقت، بل وتلح علي، فكرة طاغية تتمثل في فتح نافذة ثقافية نطل من خلالها على تاريخنا الأدبي، وعلى الحركة الفكرية التي تأثر بها أبناء جيلنا بوجه خاص، وتجاوبوا وتفاعلوا معها بأشكال مختلفة، خاصة وأنها لونت حياتهم ونهجهم المستقبلي، وصاغت لهم ثوابت مثلت ثقلاً مميزاً من مبادئهم وفلسفتهم السياسية وعمودهم الأخلاقي الذي يسترشدون به في مسارهم .
أشرع في كتابة هذه "الذكريات الأدبية" مواصلة لما سبق لي من كتابات حول بعض الموضوعات الثقافية تحت عنوان "الأناشيد القديمة"، والتي سرني أن وجدت تجاوباً جيداً، وجذبت مساهمات ثرية شارك فيها كتاب كثر، فكانت بذلك دوحة ظليلة للثقافة والأدب وللشعر على وجه الخصوص.
من خلال "الذكريات الأدبية" آمل أن ينفذ أبناء جيلنا إلى غور سنوات العمر الزاهية، لكي نستبين معاً مكونات ذلك التاريخ النابض بالحيوية، والحافل بالبهاء والإشراق، والعامر بحب الإنسان والأوطان، والمتلفح بالثورة والتحدي، وعزيمة الشباب وطموحه الجامح. كما آمل أن تزداد نافذتنا ثراء بتجاوب الأبناء الشباب، بعرض فكرهم المتجدد ورؤاهم وتجاربهم الحديثة، وبتقويمهم وتناولهم النقدي لمسار الحركة الثقافية التي عاصرها جيل الاستقلال - إن جاز لنا استخدام هذه الأيقونة في الإشارة لجيلنا.
إن الفترة التي حققت فيها بلادنا الاستقلال، وتوجت فيها نضالات شعوب العالم الثالث بانتصارات باهرة على طريق الحرية والسيادة الوطنية، هي فترة مفصلية في التاريخ؛ إذ أنها شهدت تحولات عظمى ، مثل تلك التي دائماً ما تصاحب الثورات الكبرى. فعلى الساحة الثقافية شهدت تلك الفترة مولد فكر جديد، وبلورة أنماط أدبية ذات قدرة أكبر على التعبير عن الحرية والثورة وغيرها من القيم الإنسانية السامية.
ارتبط الشباب السوداني من جيل الاستقلال بتلك الآفاق الجديدة، وشغف بحركة الفكر والإبداع، وانبهر لأن يرى ألف زهرة تتفتح. لذلك ظل ينهل من ينابيع الثقافة وما تبعث به المطابع ودور النشر في مصر ولبنان ولا يكاد يرتوي. وكانت منابر الجمعيات الأدبية في الجامعة والمدارس الثانوية تمور بحراك ثقافي حيوي، سماته البارزة هي فورة نهج التجديد المنعتق من أسر التقليد في المضامين وفي صيغ التعبير كليهما؛ وظهور جيل من الأدباء السودانيين المجددين والمبدعين، بدأت كتاباتهم تغمر الصحف.. بل وصدرت لهم العديد من المؤلفات والدواوين الشعرية التي تعبر عن الروح الجديدة، وتعكس أجواء تلك المرحلة المفصلية في تاريخنا الأدبي.
أنطلق من هذه المقدمة لكي أوجه الدعوة للمهتمين بشئون الأدب والثقافة، وجميع من يرغب، للمشاركة في هذه "الذكريات الأدبية" بسرد تجاربهم وانطباعاتهم ذات الصلة بالقضايا الثقافية، بعرضهم لكتب أو دواوين شعر أعجبتهم وتأثروا بها، أو تقديمهم لكتاب وشعراء أحبوا كتاباتهم وتذوقوا شعرهم، ويرغبون في مشاركة الآخرين لهم في التحليق في سماواتهم والرشف من ينابيع إبداعاتهم.
بإيجاز أريد لـ "الذكريات الأدبية" أن تكون حديقة يانعة نستفيء ظل دوحها الوارف، ونشبع نفوسنا من ثمارها وقطوفها ، ونبني من فروع أغصانها أسساً وركائز لنهضة ثقافية حية .
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Abdul Monim Khaleefa)
|
د. عبد المنعم
Quote: بإيجاز أريد لـ "الذكريات الأدبية" أن تكون حديقة يانعة نستفيء ظل دوحها الوارف، ونشبع نفوسنا من ثمارها وقطوفها ، ونبني من فروع أغصانها أسساً وركائز لنهضة ثقافية |
يقيني سيكون هذا البوست من اروع البوستات التي تم ادراجها في النصف الثاني من العام 2008 ويقيني سيكون واحة نتنسم فيها عبير الذكريات الادبية التي خلدت في وجداننا .
دعني اتشرف بضربة البداية لاقدم اليكم اروع ما قرأت :-
كتاب Allan Patton - Cry the beloved country
واروع عبارة اعجبتني فيه على ما اذكر :
Fear is a long journey while sorrow is an arrival
ستكتمل روعة المشهد فيما لو تكرمت يا دكتور بشرح مقاصد المؤلف لهذه العبارة
كتاب أخر قراته للورد Denning يحكي عن The techneque of persuation صحيح الكتاب يعني بمهنة المحاماة ولكنه لا يخلو من الابداع الابداع الادبي . اذكر لدى طرحه لسؤال مضمونه ( هل المحاماة هي فن تحويل الابيض لازرق والعكس؟ اجاب كلا انما المحاماة فن لهندسة حق قائم اصلا .
نحن هنا في انتظار الاخ الزاكي عبد الحميد الذى حتما سيجد ما يصادف هواه في هذا البوست
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: الطيب شيقوق)
|
أجزل الشكر لك أخي الأستاذ الطيب شيقوق على هذه المبادرة المبكرة والمشجعة والمقدرة ، والتي سوف تدخل مجموعة جينيس لكونها أول تجاوب مع ما دعوت له!.. وسنظل في انتظار الفيض الزاخر من دنياواتكم العامرة بالثقافة وأدبيات القانون .
محبتي عبد المنعم خليفة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Abdul Monim Khaleefa)
|
اخي الدكتور خليفة
لك خالص شكري وامتناني
دعني ايها الحبيب اقدم اليكم وللقراء الاكارم اجمل الحيثيات القضائية التي ازدانت بفصاحة وسلاسة اللغة وبلاغة التعبير .
هي واحدة من القضايا التي جرت محاكمتها في محاكم مدينتكم الجميلة عروس الرمال والتي ما زالت وقائعها ، المدونة في المجلات القضائية السودانية،خالدة في وجداني .
فقد ورد عنها ما يلي :-
تعتبر قضية نجمة حقا من اجمل القضايا التي تخللتها الحصافة القانونية مزينة بالمقاطع الشعرية فهي في جزء منها تشبه رائعة شكسبير " روميو وجوليت ".وهي تعبر عن اصيل العشق وصحيح الغرام حتى ليخال المرء بانها إحدى قصص طوق الحمامة .وقداطلقت الزميلة المبدعة امل فايز الكردفاني على هذه القضية " الموت في محراب القضاء".وقد أبدى محامي الدفاع الفطحل الاستاذ حاج الطاهر جهدا قانونيا مقدرا من اجل تخفيف الحكم على المتهم تحت دفع الإستفزاز الشديد المفاجئ Sudden grave provocation ولكن لم يوفق.
محكمة الإستئناف المدنية حكومة السودان ضد حسن ............. م أ / م ك / 243/1970 المحامي: الحاج الطاهر أحمد............عن المتهم عثمان الطيب(رئيس القضاء)- أغسطس 19/1970. أنعقدت المحكمة الكبرى في الأبيض برئاسة القاضي الجزئي زكريا أحمد ......بين يومي 12/4/ و 9/5/1970 لمحاكمة المتهم المذكور أعلاه متهماً بأنه في يوم 2/8/1969 بالأبيض طعن زوجته نجمة بشير محمد الفقير بسكين في صدرها و سبب وفاتها وبذلك يكون مرتكباً جريمة القتل العمد تحت المادة 251 من قانون العقوبات. أدانته المحكمة تحت هذه المادة وحكمت عليه بالإعدام. طعن المتهم المتوفاة طعنة واحدة في الجانب الأيسر من صدرها، وتوفيت في نفس الوقت. ونقلت جثتها إلي مستشفى الأبيض وظهر من الكشف الطبي عن سبب الوفاة إن السكين وصلت إلي غشاء البلورة وفتحته، وأدى ذلك إلي دخول الهواء في الصدر وإنكماش الرئيتين، و تعطلت عملية التنفس، ونتجت الوفاة، أول ما أستجوب المتهم في يومية التحري بعد القبض عليه أعترف بأنه طعنها قاصداً ذلك وعندما أخذت أقواله أمام قاضي قال إنه كان يريد أن يضربها في وجهها ولكن أصابتها السكين في مكان آخر من جسمها لا يعرفه. وفي أقواله أمام قاضي التحقيق القضائي قال إنه أخذ السكين وطعنها ولكن لا يعرف في أي جزء من جسمها. وفي أقواله أمام المحكمة الكبرى قال إنه كان يريد أن يضربها بالسكين في وجهها وهي راقدة و أصابتها السكين في جنبها. من خلاصة هذه الأقوال يتضح-كما وجدت المحكمة الكبرى- إن المتهم قد قصد طعن المتوفاة، وطعنها طعنة قوية بسكين حادة يستنتج منها أنه قد قصد قتلها. ركز السيد محامي المتهم دفاعه على الفقرة الأولى من المادة 249 من قانون العقوبات. أي إن المتهم عند طعن المتوفاة كان واقعاً تحت إستفزاز شديد ومفاجئ أفقده السيطرة على نفسه، وبذلك تلزم أن تكون إدانته بالقتل الجنائي تحت المادة 253 من قانون العقوبات. ولكيما تقرر صحة هذا الدفاع أو عدمه يتوجب تتبع الوقائع عن العلاقة بين المتهم والمتوفاة وسلوكهما حتى لحظة الحادث. ينتمي المتهم والمتوفاة إلي قبيلة ............. وكل واحد منهما إبن عم الآخر. و والد المتهم ..................ومن أعيان .........ويظهر إن أبناء العائلة وبناتها نالوا حظاً من التعليم. يعمل المتهم محاسباً ............. تزوج المتهم بإبنة عمه المتوفاة من قبل حوالي عشر سنوات، وظلوا يعيشون بين المجلد والفولة ولقاوة ويقومون بزيارات للأبيض. تزوج المتهم بزوجة ثانية، وتزوج بثالثة في حوالي 1968. وبطبيعة الحال ضاقت المتوفاة ذرعاً بهذه الزيجات المتعددة ولم ترض عن زوجها وصارت تشعر بتعاسة معه. ونشأت بينهما الخلافات التي أدت في مرة من المرات إلي الطلاق الذي أعادها بعده إلي عصمته. ويبدو أنها أصبحت تفكر جدياً في الإبتعاد عنه. يظهر إنها في إحدى سفراتها إلي الأبيض أو في غيرها تعرفت على شاب يدعى يوسف عباس (شاهد الإتهام الخامس)، و أنسجمت معه في علاقة حب. وأصبحا يتبادلان خطابات الحب. ولإستكمال القصة أرى أن نرجع إلي بعض تلك الخطابات. أول رسالة عثرت ليوسف إلي المتوفاة نجمة مرسلة من الأبيض ومؤرخة 29/6/1968، ويسمى نفسه فيها (أختك المشتاقة سلمى) وبعد التحية والأشواق يقول لها فيها تسلمت منذ يومين رسالتك التي أنتظرتها، والحق يقال لقد أعادت الطمأنينة إلي قلبي كما أعاد قميص يوسف البصر إلي عيني والده. ويذكر لها إن الأيام القصيرة التي قضياها معاً كان لها أطيب الأثر في نفسيهما وينهي الخطاب بأبيات الشعر الأتية: لك في خيالي روضة فينانة غنى على أغصانها شاديها يحمي مغارسها ويرعى نبتها راع يجنبها البلي ويقيها فإذا النوى طالت على وشفني جرحى وعاد لمهجتي يدميها نسق الخيال زهورها و ورودها فقطفتها وشممت عطرك فيها ورسالة أخرى من الأبيض مؤرخة 19/11/1968 مذيلة بعبارة (المخلص إلي الأبد أنا) يقول في هذه الرسالة: أريد أن أكتب شيئاً منمغاً كعبارات القصص ولكني لا أجد أبلغ من الكلمة السهلة (أحبك) عندما تنبع من أعماق القلب ويردد كلمة أحبك. ويمضي فيتغزل في سحر عينيها الغامض وإبتسامتها ورقتها الحالمة. ويذكر أيام اللقاء التي مرت سريعاً ويتشوق إلي لقائها وإنه في إنتظار الموعد الذي حددته والذي يراه بعيداً ويستعجلها الحضور. ويذكر لها إنه عرف بقصة طلاقها، ويعلق عليه بأن المولى أنقذها من حسن، وإنه سعيد لهذه النهاية. وبعد حديث عن بعض الأخوات وذهابه للخرطوم وعودته يقول لها (ما زلت عند وعدي وطبعاً الظروف تغيرت) ونضيف إلي ذلك إنه كان ينوي أن يحضر لها في المجلد، ولكن عليها أن تحضر بأسرع فرصة لأن الشوق فاض. ويمضي في حديث حب وهيام عنيف ويضيف إليه أبياتاً من الشعر اللطيف ويختم الرسالة هكذا. إلي حين حضورك سأظل بعدك للسجون وللعصابات الآخر أقتات بالذكرى الحبيبة إذ تعاودني الذكر إن أتجهت أو إلتفت أرى خيالك في الأثر والرسالة الثانية من يوسف من الأبيض مؤرخة 18/12/1968 إلي منية النفس نجمة- كما بداها. بعد الشوق واللهفة الشديد إلي اللقيا، خبرها إنه في ذلك اليوم استلم رسالتها الغالية، وأعتذر عن عدم الرد على رسالتها السابقة. ودخل معها في حوار بهذه العبارة (لاحظت تساؤلاً في خطابك عما أقصد بكلمة الظروف عندما علقت على قولك (أما زلت عند وعدك. بالطبع أوعدتك بأنني سأظل أحبك ما دمت حيا، وإن ما من حب إلا وله نهاية سعيدة هذا هو مفهوم الحب. وعندما حصل ما زلت أريد حيا، وإن ما صدراً حنوناً ويقول لها إن الظروف هي ظروف رجوعها إلي زوجها ما زالت قائمة. ويمضي فيجد لها العذر بأنها كتبت تلك في إندفاعاتها عندما ذكرت أنها لا تريد أن تغمس نفسها مع الزوجة الثالثة و إن حسن خلق لها مشاكل كثيرة. ويذهب في القول هكذا. (نجمة) أنت شابة يتمناها الجميع ولو القدر كان يجمعنا قبل زواجك من حسن لكنت فتاة أحلامي وزوجتي. هل تذكرين في أول لقاء لنا إنني قلت لك لماذ لم أعرفك قبل اليوم. وبعد معرفتي لك أكثر و أكثر وحبي لك يا ترى ماذا كنت تتوقعين غير ان احمد الله على خلاصك وبانك صرت حره وكلانا متعلق بالآخر ماذا ياترى ان نفعل غير العيش مع بعض . ثم يتساءل إن كانت تحب حسن أو أنها تحب طفلها( ......) ويؤكد لها إنه لا زال عند وعده ويردد ما زال عند وعده وإنه مستعد أن يضحي تضحية كبرى في سبيل حبها. وظهرت في إجراءات القضية رسالة من نجمة إلي يوسف، وهي ليست (مؤرخة) ولكن يبدو أنها كانت قبل رسالة يوسف المؤرخة 8/12/1968 إذ أنها ذكرت فيها إقتران حسن بزوجة ثالثة. والطلاق الذي تدعى وقوعه وحسن ينكره وإصرارها عليه ومحاولتها الإبتعاد عنه ودخول الوساطات لحملها على تغيير رأيها. وهي تبدأ هذه الرسالة بأبيات من الشعر أولها: أستخبر الشمس كلما طلعت و أسال البرق عنكم كلما لمعا و آخر تلك الأبيات: لا تحسبو إنني بالغير مشتغل إن الفؤاد بحب الغير ما وسعا وتزف إليه الأشواق مع النسمات الرقيقة عبر المسافات البعيدة، وتعبر له عما في قلبها من شوق لرؤياه. وتعتذر عن التأخير في الكتابة إليه لما هي فيه من مشاكل، وتعتذر أيضاً لعدم تمكنها من كتابة كل شئ عن قصتها مع الثعلب الماكر الذي أضاف إلي العدد ثالثة- تعني الزوجة الثالثة. و تختم الرسالة بأبيات من الشعر. وتكتب له رسالة أخرى مؤرخة 15/1/1969، تقول فيها (حبيبي لقد أتاني خطابك الذي أحاطني بعبارته العميقة العالية، وأعاد إلي طمأنينتي التي فقدتها منذ زمن، حبيبي إني لا اشك في حبك وغايتك أبداً.. والله ومدى قداسته أبداً... إنما الذي أرجوه هو الغاية وكل حب يدوم.. إلا وله نهاية سعيدة.. وتمضي فتتحدث عن الطلاق وتدخل الناس والرياء الإجتماعي وسوء العادات والتقاليد، التي وقفت سداً منيعاً دون بلوغها غايتها، وتشكو حزنها وألمها وإنكسار قلبها في منزل حسن حيث لا يوجد عزاء ولا توجد رحمة وتحدثت عن منعها من الذهاب للأبيض ولكنها ستسعى لتجد الطريق إليها لكي تقابله. ورسالة أخرى مؤرخة 15/3/1969 ترسلها نجمة لعزيزها تبدأ بالقبلات الحارة وتردد كلمة حبيبي وتقول ما أبلغ هذه الكلمة التي تنبع من سويداء قلب مفعم بالشوق الأكيد... وتمضي قائلة، طبعاً أعلم علم اليقين بما تكنه لي من إخلاص وحب فياض وتضحية، وقد تسئ فهمي بأنني قد خنت حبك ولكن والله هذا لم ولن يحصل. وتطمئنه بأنها لم تكن لها حيلة في الرجوع لحسن بسبب الوساطات، وإن التأخير سيكون على حسابها، وأنها رأت الإستسلام لكي تجد فرصة أخرى، وترى إن هذا من اللباقة، إلي أن تنال إستقلالها كاملاً في القريب إنشاء الله. وحتى يتمكنان من بناء عشهما الحبيب وتؤكد له إن الذي أرجعها لحسن ليس حباً، و تتألم من الظلام الذي أطفأ نور عينيها وهصر قلبها وأنها فقدت شخصيتها وصارت له بلا إحساس. وتتساءل إن كان حسن يستطيع أن يستمر مع آلة بلا إحساس أو شعور. وترد بالنفي. ثم تسأل حبيبها (هل رجوعي بجسدي تراه خطأ في حق حبك؟ وروحي معك عقلي معك.. لا أظن ذلك) وتتألم لما هي فيه من عذاب نفسي، وتؤكد له إنها ستأخذ إستقلالها كاملاً شاملاً في القريب. وأنقضت فترة زمنية حوالي الثلاثة أشهر لا تعرف ما حصل فيها من شأن يوسف. وبعدها شاءت المقادير أن تجمع العشيقين قدر الله أن توفيت عمة لحسن ونجمة في الأبيض، وحضر الأثنان للعزاء، وكان ذلك يوم 24/6/1969. وبعد نهاية أيام العزاء كان على حسن أن يرجع إلي مقر عمله في المجلد، و أما نجمة فأظهرت رغبتها لتبقى في الأبيض للعلاج. وتركها حسن هناك ورجع إلي المجلد بعد أن بقى في طريقه بضعة أيام في رجل الفولة. وهنا بدأ الإتصال بين الحبيبين. وخوفاً من أعين الناس وشفقة على حبهما كان يتقابلا سراً، ويتفقان على مواعيد اللقاء بالرسائل. وقد وجدت بعض رسائل نجمة إلي يوسف التي تحدد له فيه ميعاد ومكان اللقاء. كانت نجمة تسكن مع أحد أقربائها حيث تركها حسن، وكان في جوارهم قريبات ليوسف يتردد عليهن، ويبدو إن هناك قابلها لأول مرة، و كانت نجمة مصممة على ألا تعود لحسن وأن تبقى في الأبيض إلي الأبد حيث وجدت حبيبها وسكنت إليه وسكن إليها حتى يستطيعا أن يبنيا عشهما الهادئ وتنفيذاً لهذا التفكير أشتغلت نجمة موظفة للآلة الكاتبة في وكالة عروس الرمال للسفر والسياحة، وكان ذلك إبتداء من يوم 7/7/1969. في إحدى رسائلها لحبيبها وهي معه في الأبيض كتبت له قائلة (أتمنى لنا دائماً السعادة والرفاهية في ظل القوي المتين الذي لا نهاية له كما أتمنى للعوازل آلاماً مرة على مدى السنين. وصلت البارحة في آمان الله وروحي بل ومعنوياتي في الثريا ونمت نوم قرير العين (مضت تحكي له أنها سمعت بعض الصغار في الحي يتحدثون عن حبهما وتكرار زيارته لمنزل عبدالمجيد لكي يراها. وقالت أنها قابلت هذا الحديث بجمود وبدون إكتراث، لأن مسألة حبهما لا ريب فيها، وعليهما أن يقابلا الموضوع بشجاعة، إذا عرفه وتناقله الناس. كان حسن قد أرسل خطاباً إلي قريبهما الذي كانت تقيم معه لكي يستعجلها الرجوع وأيضاً أرسل لها برقية، وأخيراً أرسل خطاباً الذي ردت عليه بخطابها الذي عليه ختم بريد الأبيض المؤرخ 27/7/1969 وأيضاً عليه ختم بريد الملجد المؤرخ 31/7/1969. وقالت له في هذا الخطاب إن الخطابات التي تجدها بحوزته كانت قد أرسلت في لقاوة وكانت لها حياتها الخاصة التي تحياها بإعتبارها طالق. فقالت له إن شكوكه فيها لا محل لها. قالت فيه أنها أشتغلت بالمؤسسة، وإن العمل حق و واجب وشرف وكرامة، وإن إبنهما(........) فهو أمانة في عنقه ثم أسترسلت في قصيدة من الشعر الحديث أنقل منها ما يلي: متى يا سيدي تفهم بأني لست واحدة من صديقاتك ولا فتحاً نسائياً يضاف إلى فتوحاتك أياً جملاً من الصحراء لم يلجم بأني لن أكون هنا رماداً في سيجاراتك ولا رأساً بين آلاف الرؤوس في مخداتك ونهاد فوق مرمرة تسجل شكل بصماتك وأيا سيد انفعالاتـــــــــــك ومن صارت الزوجات بعضاً من هواياتك تكدسهن بالعشرات في جدران صالاتك متى تفهم؟ كهوف الليل في (المجلد) قد قتلت مرؤاتك و أنت صريع شهواتك تنام كأن المأساة ليست مآساتك متى تفهم؟ متى يستقيظ الإنسان في ذاتك وكان وصول هذا الخطاب في يوم الخميس وما أن قرأه حسن إلا وأستعد لسفر إلي الأبيض التي وصلها في حوالي العاشرة صباحاً يوم السبت وذهب للمنزل و وجد نجمة وطلب منها أن تذهب معه في الحال إلي المكتب الذي أشتغلت فيه لكي تستقيل. وأقترحت عليه كتابة خطاب إستقالة، ورفض حسن هذا الإقتراح واصر على الذهاب. وذهبا إلي ذلك المكتب وكانت تصحبهما قريبتهما جدة محمد الفقير. (.........)ودخلوا مكتب وكالة للسياحة والسفر، و وجدوا صاحبها. و وجه له حسن السؤال عن كيف شغلوا نجمة عندهم إمرأة بدون موافقة زوجها. ويبدو إن الردود لم تكن مقنعة له وفيها بعض السخرية به، فأنفعل وهدد من كان هناك و وصل إلي الدرجة أن بعثر أثاث المكتب. وهنا خرج صاحب الوكالة لكي يبلغ البوليس. ولكن حسن ونجمة وجدة خرجوا قبل حضور البوليس ذهبوا إلي المنزل. و روت جدة محمد........ما حصل بعد ذلك ويتلخص في الأتي: ذهبوا إلي منزل حاج يوسف، وجلسوا. وقال حسن إنه كان غضبانا لأنه كان يفتكر في الأمر شيئاً آخر، ولكن ما دام نجمة تركت العمل وستذهب معه فإن الغضب زال عنه. وقال إنه لم يشرب شاي منذ أيام وطلب عمل شاي. وخرجت نجمة لتذهب إلي منزل جدة لأن ملابسها وأمتعتها كانت هناك. ولحق بها حسن ودخلا معاً في الحجرة وجلسا معاً، وجلست جدة في الفرندة. و لم يكن هناك حديث بين حسن ونجمة. وحضرت إحدى البنات تدعو حس للغداء، فرد بأنه لا يريد غداء وأنه مصدوع. وبعدها قالوا فلتحضر نجمة للغداء وقال حسن لا بأس. ولم تتحرك نجمة وقام حسن فجأة وطعنها وهي استلقت في السرير، وخرج حسن وهو يحمل السكين وجلس تحت شجرة. وفي نفس اللحظة دخلت جدة و وجدت نجمة مغمورة بدمائها ولا حركة فيها. وأستغاثت جدة حتى حضر إبنها جبارة. وحاولت جدة أخذ السكين من حسن، وقبل أن يتركها لها طعن بها نفسه و وقع على الأرض. وقد نقلت نجمة جثة هامدة كما نقل حسن جريحاً إلي المستشفى. رواية حسن تقول إنهم بعد أن رجعوا من الوكالة للمنزل، قال إنه كان غضباناً لأنه كان يعتقد إن الشخص الذي أرسل لها الخطابات الغرامية، هو الشخص الذي شغلها لكي تبقى معه في الأبيض، وكان مستاء من سلوكها لأنها أشتغلت بدون إذن. وقال إنه عاتبها لأنه تركها في الأبيض للعلاج وليس للعمل وكتابة الخطابات الغرامية وأقترح عليها أن يحضر مصحف لتحلف عليه بأنها ستقطع علاقاتها مع يوسف، وأن ينتهي أمر الخطابات بدون أن يعرف عنها أحد شيئاً. وقبل ان ترد نجمه سمع حركه فى الباب الخارجي وذهب ولم يجد شيئاً وفي اثناء رجوعه رأى نجمة ترمي ببعض أوراق في حفرة الأدبخانة، ومن هناك ذهبت إلي منزل جدة. وقال إنه في أثناء ذلك وجد خطاباً غرامياً في حقيبة يدها وقام ولحق بها هناك، وجلس معها في الحجرة، قال إنه سألها عن ذلك الخطاب وردت عليه بأن تلك الخطابات التي وجدها حررت عندما كانت طالقة. وقال إنه رد عليها بأنه طلقها الساعة العاشرة مساء وردها إلي عصمته في الساعة الثامنة صباحاً فكيف تكون مطلقة وكيف تتبادل تلك الخطابات. وقال إنها ردت عليه بما معناه أن ينظر إلي وجهها جيداً إن كان يرى إن مثل هذا الوجه يستحق أن يكون آهلاً لوجه مثل وجهه لولا أنها كانت غبية عندما تزوجته وهو رد عليها بما معناه إن وجهها ذلك الذي تفخر به فإنه سيشوهه لها حتى لا يرغب فيه أحد من بعد. وقال إنه أستل السكين الذي كان يلبسها وأراد أن يضربها في وجهها ومالت قليلاً فأصابتها السكين حيث أصابتها، هذا ملخص أقواله أمام المحكمة الكبرى، أما أمام قاضي الإحالة فلم يرد على قوله أنه في أثناء النقاش عن الخطابات الغرامية المتوفاة أساءته وهو أستل سكينه وطعنها ولا يدري في أي جزء من جسمها. وفي أقواله التي أدلى بها للمتحري عقب الحادث مباشرة، قال إنه أحضر مصحفاً وطلب منها أن تحلف أنها تترك يوسف ولا تكون لها علاقة معه، وأنها ردت أنها ستحلف أنها ستتركه، ولكن ليس كلياً وقال إنه هنا أخرج سكينه وطعنها. لقد سردت كل هذا لأن المحكمة الكبرى لم تكن دقيقة في تقرير الوقائع التي قبلتها عما كان حاصلاً بالفعل، والتي طبقت عليها القانون للوصول إلي النتيجة إنه لم يكن هناك إستفزازاً شديد ومفاجئ أفقد حسن السيطرة على نفسه في وقت الطعن. إن المحكمة لم تعط إهتماماً كلياً لأقوال حسن في الصورتين، الصورة الأولى إنه طلب منها أن تحلف إنها ستترك يوسف وقالت إنها ستحلف أن تتركه ولكن ليس كلياً. والصورة الثانية أنها قالت له إن وجهها لا يستحق أن يكون آهلاً لوجهه يبدو إن المحكمة أعتبرت حسن غير صادق في الصورتين لوجود التناقض في أقواله، وأخذت بأقوال جدة وقبلتها على أنها تمثل الصورة الحقيقية، التي كانت أنه لم يكن هناك أي حديث بين حسن ونجمة. وكان حسن مستلقياً على سرير، وكانت نجمة تجلس على سرير آخر، وكانا صامتين. وفجأة قام حسن وخطأ نحو باب الحجرة، وأقبل على نجمة وطعنها. ناقشت المحكمة الكبرى قصة الخطابات الغرامية، أولاً الخطابات التي وجدها حسن في حقيبة نجمة في المجلد، وهي رسائل يوسف الثلاث التي سلف ذكرها.والرسالة التي قال حسن إنه وجدها في حقيبتها في اللحظات الأخيرة، على إعتبار أنها لا تحدث إستفزازاً شديداً مفاجئاً. قيل عن الرسائل إن حسن وجدها في 31/7/1969، وقد إستفزته ودفعته للقيام من المجلد والحضور إلي الأبيض. والواقع إنه لم يجدها في ذلك اليوم بل وجدها في وقت سابق وأنه كتب بشأنها لنجمة، وقد ردت عليه نجمة بخطابها الأخير الذي عليه ختم البريد 27/7/1969. قررت المحكمة الكبرى إنه كانت هذه الخطابات الغرامية إستفزته، فإن الإستفزاز لم يكن مفاجئاً في وقت إرتكاب الجريمة، وعن الخطاب الذي وجده في اللحظات الأخيرة لم يكن مفاجئاً أيضاً لأنه أعتاد على مثل هذه الخطابات من قبل. ركز السيد محامي المتهم دفاعه من ناحية الوقائع التي سببت الإستفزاز الشديد المفاجئ على الأتي: (1) أثير المتهم بالمعلومات التي وصلته عن إلتحاق زوجته المتوفاة بوظيفة في الأبيض بدون علمه أو موافقته في حين أنه تركها هناك للعلاج. (2) وفي نفس يوم وصول المعلومات عثر على رسائل الحب التي أرسلها لها يوسف. (3) وأهتز المتهم للمرة الثالثة عندما حاول أن يضع حداً لعلاقة غير الشريفة بين المتوفاة وبين عشيقها يوسف، بأن يجلعها تحلف في المصحف بقطع علاقتها معه، وهي ترددت أو أمتنعت. (4) وأهتز للمرة الرابعة عندما وجد في حقيبة يدها خطاباً غرامياً، أغلب الظن إنه من يوسف. من كل ما تقدم فإني أقرر الوقائع التي أعتقد حصولها على الوجه الأتي: عثر المتهم على الرسائل الغرامية بين أمتعة المتوفاة في المجلد وبعدها سمع بإلتحاقها بعمل في الأبيض. وعند ذلك حرر لها خطاباً يعاتبها ويتهمها ويتشكك في سلوكها وكان ردها عليه في خطابها الذي وصله يوم 31/7/1969 فقالت له عن الرسائل إنها كانت حياتها الخاصة التي تحياها عندما كانت طالق وتنفي الإتهامات وترد الشكوك. وقالت عن العمل إنه حق و واجب وشرف وكرامة. ومفهوم هذا مع مفهوم الشعر الذي كتبته في الخطاب انها لم تعد له، ولا ستعود له. لأنها ليست فتحاً نسائياً يضاف إلي فتوحاته، ولا رأساً بين آلاف الرؤوس على مخداته، وسألته متى يفهم ويستقيظ الإنسان في ذاته، إثاره هذا الخطاب وأعتقد إن عشيقها هو الذي هيأ لها العمل في الأبيض لكي تبقى معه. فأسرع للمجيء إليها. وقبل أن أسترسل في سرد الوقائع بعد مقابلته لهأ يجب أن أعيد إلي الذاكرة ان رسائل يوسف التي وجدها حسن في المجلد، لم تكن رسائل غرامية وكفى، ولكنها تعلن بوجود وعد اوإتفاق على الزواج، وفيها إستنكار لها بالإسراع للحضور له بالأبيض. وكان حسن طبعاً قرأها وأحضرها معه. ورسائل نجمة ليوسف تؤكد وجود إتفاق على الزواج بعد الخلاص من حسن. وبطبيعة الحال لم يكن لحسن مجال للإطلاع على رسائل نجمة. والرسالة التي قيل إن حسن وجدها في اللحظات الأخيرة و وصفت بأنها من ضمن رسائلها الغرامية ليوسف، لم يكن واضحاً هي أي الرسائل التي عرضت في القضية، و لم يكن واضحاً ماذا كان فيها. ذهب حسن مباشرة. إلي المنزل الذي تسكن فيه نجمة، وكان الوقت حوالي العاشرة صباحاً. و وجدها وقابلته ببرود وهدوء، وذهبا إلي مكان عملها ورجعها. ودخلا في الحجرة، وأنتقلا إلي الأخرى. وما يعتقد كان قصد حسن من كل هذا، لم يكن سوى أن يقطع صلتها بعشيقها وبالأبيض ويأخذها معه إلي المجلد لتكون بجانبه. لم يكن بينهما حديث مسموع وهما معاً في الحجرة، ويبدو إن نجمة كانت باردة صامتة واجمة. وشعر حسن بأنها لا تريد أن تذهب معه وأنها مصممة على البقاء في الأبيض، وفي هذه اللحظة أستسل سكينه التي كانت في ملابسه وطعنها الطعنة القاتلة. والسؤال المهم هو هل في هذه الظروف وقع الإستفزاز بمعناه القانوني الذي يخفف الجريمة من القتل العمد إلي القتل الجنائي (يسترسل القاضى فى هذه الفقرات فى الحديث عن الاستفزاز ) ثم يختم قوله بالآتى:. كانت الحياة الزوجية بين حسن ونجمة في الفترة الأخيرة التي كانت حوالي السنة حياة غير سعيدة، والسبب فيها إن حسن بالإضافة إلي زوجته الثانية تزوج بالثالثة أشتدت المشاكل حتى وصلت إلي الطلاق والرجعة. وصارت نجمة تضيق بحسن وتحاول أن تضيق عليه ولكي تظفر منه بالطلاق الذي لا رجعة فيه وقبل الحادث الأخير
لا شك في إن سلوك نجمة كان سلوكاً مثيراً للشعور ولكن ماهي درجته من الشدة، وما هي درجته من الفجائية. إن أي شخص عادي في مثل البيئة التي يعيش فيها حسن، كان يتوقع من خطاب نجمة الأخير أنها لن تعود معه إلي المجلد. إن الرفض للعودة معه في حد ذاته، ليس إستفزازاً شديداً، حتى إذا صاحبه إمتناعها عن القسم بقطع علاقتها مع عشيقها. كما ذكر حسن في أقواله التي لم تقبل من ناحية الوقائع. تمثل في سلسلة من الأفعال التي تجلب لزوجها المتهم عدم الرضي والغضب والقلق والإضطراب النفسي. وهو نوع من فساد الحياة الزوجية الذي يؤدي في النهاية إلي الإنفصال و الطلاق وليس أكثر من ذلك. كما يمكن أن يقال إن سلوك نجمة بالرغم مما وجدته من حسن من سؤ المعاملة، كان سلوكاً مستحقاً للملامة والمذمة ولكنه لم يمكن مصدر إستفزاز شديد ومفاجئ بحيث يثور فيه شعور حسن بالدرجة التي تفقده السيطرة على نفسه إلي أن يصل إلي قتلها. لهذه الأسباب فإني أؤيد إدانة المتهم بالقتل العمد تحت المادة 251 من قانون عقوبات، و أؤيد الحكم عليه بالإعدام.
تنتهى الى هنا قضيتنا ... صحيح انه قد مر عليها الآن اكثر من ثلاثة عقود الا ان التاريخ اذ استطاع محو سحنات وملامح وجوه ابطالها لكنه لم يستطع ان يمحو ألاحاسيس الدافئة داخل سطور رسائل العشق والموت فى محراب القضاء السودانى العظيم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: الطيب شيقوق)
|
ذكريات مع الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي
ليس هدفي الكتابة عن الشاعر احمد عبد المعطي حجازي من منطلق التقويم والنقد الأدبي؛ وقطعاً لا أكتب تعريفاً به ، إذ أن شهرته الذائعة بين الشعراء العرب المعاصرين من رواد التجديد، ومكانته الأكاديمية كأستاذ للأدب العربي في جامعة باريس، ودواوينه الشعرية المتعددة، كلها تغنيني عن ذلك.
لذا سوف أتجه بالكتابة إلى منحى آخر، ألا وهو تناول أحمد عبد المعطي حجازي الصديق.. مع تقديم خلفية للظروف التي نشأت فيها تلك الصداقة التي أعتز بها، واستعادة بعض الذكريات الأدبية العذبة معه، وهي ذكريات معتقة تأسست في فترة زمنية تكاد تقارب نصف القرن.
لقد جمعت بيننا سنوات العمر المتقاربة؛ حيث لم نبعد كثيراً آنذاك عن عامنا السادس عشر! والإشارة هنا إلى قصيدته الرائعة "العام السادس عشر"، عام التهويمات مع الشعراء الرومانسيين، والشرود، والحب الذي لم يتم!
كنت أهوى هؤلاء الشعراء أرتوي من دمعهم كل مساء أتغنى معهم بالمستحيل و بألوان الذبول و بأوراق الخريف و هي تعدو في يد الريح إلى غور مخيف ..... و أرى الحبّ ... شرودا ، و تهاويم ، و حزنا و المحبّ الحقّ .. من يهوى و يفنى ! و عميق الحبّ ... حبّ لم يتم ليقولوا .. يا للحن لم يتم ! ....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Abdul Monim Khaleefa)
|
القاهرة مدينة لا تنام كنا لا نريد للأنس المحبب أن ينقطع.. حيث كنا نقبل بشهية لا تحدها حدود للحوار حول مختلف الموضوعات السياسية والفكرية والأدبية، والحديث عن الثورة والوطنية والشعر.. في كل ليلة نبدأ من حيث انتهينا في الليلة السابقة، أو نطرق موضوعاً جديداً، فلم تكن لتلك اللقاءات الصدوقة والعفوية قيود أو بروتوكولات خاصة. اكتشفنا بسرور عظيم مكاناً مناسباً يتيح لنا وقتاً غير محدود لمواصلة اللقاءات - بل سمها الندوات – ألا وهو بهو فندق هيلتون النيل والذي كان قد افتتح حديثاً في تلك السنوات. لذا فقد أصبح هو مكاننا الأثير الذي نقصده ، ونأتي إليه رجالاً من باب اللوق حيث "القط الدمياطي"! بالطبع لم تكن لدينا المقدرة المالية على طلب أي من الأطباق الشهية التي يحفل بها مطعم وكافتيريا هيلتون النيل.. لذا كنا نكتفي بالحد الأدنى ، كوب من الشاي أو القهوة يبرر لنا البقاء في بهو الهيلتون حتى يدركنا الصباح، ونسكت عن الكلام المباح! وبالطبع كنا غرباء وسط أجواء الخمس نجوم!
لقاء مع حجازي في الخرطوم بعد تلك الفترة الخصبة التي سعدت فيها بمعرفة ذلك الإنسان والشاعر المبدع، التقيت به مرة أخرى بعد مضي ربع قرن من ذلك الزمان الذي بدأ فيه تعارفنا..وكان مكان ذلك اللقاء نادي أساتذة جامعة الخرطوم، وسط مناخ الحيوية والتفاؤل في ظل أجواء انتفاضة أبريل 1985م.. كان حجازي سعيداً بمشاركة أصدقائه السودانيين استبشارهم بالعهد الجديد، ومعايشته تطلعاتهم التي يعلقونها على المستقبل.. قرأ قصائد وطنية وثورية طرب لها المشاركون في تلك الأمسية الشعرية.. وكنت في غاية البشر وأنا استقبل صديقي في الخرطوم، وأستعيد الذكريات العذبة معه. أتاحت لي تلك المناسبة التواصل - الذي انقطع من جانبي - مع مسيرة حجازي الشعرية ؛ حيث لم أكن ولظروف متعددة متابعاً لدواوينه الحديثة بنفس مستوى متابعتي وتذوقي لديوانه الأول "مدينة بلا قلب"؛ حيث صدرت له بعده دواوين "أوراس" و "لم يبق إلا الاعتراف" و "مرثية العمر الجميل" و "كائنات مملكة الليل" و "أشجار الأسمنت".
لقاء مع حجازي بمسقط مرة ثالثة أسعدتني الظروف بأن ألتقي بالشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي في النادي الثقافي بمسقط ، عندما أتى إليها مشاركاً في المهرجان الأدبي الذي ظلت عمان تحرص على تنظيمه.. كان ذلك في نهاية عقد التسعينات.. وشارك في المهرجان: نزار قباني- و عبد الوهاب البياتي- و سعاد الصباح- و عبد الله البردوني، إلى جانب عدد من الشعراء الخليجيين والعمانيين. تألق حجازي وهو يقرأ أشعاره الهادفة.. طربت وغمرني الشعور بالزهو وأنا أرى صديقي القديم وهو قد اعتلى صهوة المجد، وتربع على مكانة سامقة بين الشعراء العرب.. ومرة أخرى أتاحت لنا تلك الأمسية الاستمتاع باستعادة الذكريات العذبة بالقدر الذي سمحت به ارتباطاته المنظمة بدقة مراسمية عالية.
محبتي عبد المنعم خليفة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Abdul Monim Khaleefa)
|
الاستاذ العزيز / عبدالمنعم خليفة
واصل هذا الفيض الابداعى ... فلقد استمتعت كثيرا بهذا البوست ,, انا ايضا اجدد الدعوة لكل المبدعين للكتابة فى هذا البوست الرائع
لك كل الود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Ahmed al Qurashi)
|
الأخ الأستاذ عبدالمنعم شكراً لفتحك هذه (السحارة)،واصل. شخصي أحد المستمتعين بما تكتب.الصلات بين السودانيين والمصريين متشعبة وفي كل مرة نفاجا فيها بجانب. جانبك هذا جديد على والتوثيق له مهم للغاية.اكتب رجاء عن كل تجربتك تلك.ليتك تخبرنا عن مصير ديوان إشراقة النسخة الاصلية التي ضاعت بمصر وكتابات جيلي عبدالرحمن في القصة القصيرة التي كانت في تلك الفترة فقد ضاع أثرها.وإن كانت لك صلة شخصية بعبدالصبور ايضاًمع الشكر والتحيات من بحر الوافر.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Abdul Monim Khaleefa)
|
الشرقاوي
رجاء النقاش
أحمد عبد المعطي حجازي
د. محمد مندور
تتلخص خلفية القصيدة في أنها جاءت دفاعاً من الشاعر الشاب حجازي عن الكاتب والناقد الكبير الدكتور محمد مندور، الذي كان قد تعرض إلى هجوم وتجريح من الأديب عبد الرحمن ألشرقاوي هذا كل ما عرفناه في حينها . وبعد 47 عاماً من تلك الأحداث ، وبمناسبة عيد ميلاد حجازي السبعين، إذا برجاء النقاش يورد التفاصيل الكاملة لما جرى بين الأدباء والنقاد حينها في مقال نشرته الأهرام، أورد جزءاً منه فيما يلي:
Quote: لهذه القصيدة مناسبة، وقد تكون الذاكرة الأدبية قد نسيتها ، ولكن الذين عاصروا هذه المناسبة مثلي لا يمكنهم نسيانها أبدا، وقد جاءت قصيدة حجازي لتستخرج أعمق ما في هذه المناسبة وأصفي ما يستحق البقاء منها حيا مؤثرا في النفس والضمير رغم مرور الأيام. المناسبة هي أن الناقد الكبير الرائد الدكتور محمد مندور قد كتب مقالا في جريدة الشعب التي كانت تصدر في ذلك الوقت ـ سنة1958 ـ بالقاهرة، وفي هذا المقال يوجه مندور نقدا إلي رواية طريق العودة للكاتب والأديب الكبير يوسف السباعي وكان السباعي أيامها أقوي أدباء مصر نفوذا وسلطانا واقترابا من رجال ثورة يوليو الذين كانوا هم الحاكمين بأمرهم وأصحاب الكلمة العليا في مصر في تلك الأيام. وكنا جميعا، نحن شباب الأدب والصحافة في ذلك الوقت ، نخاف من يوسف السباعي ومن نفوذه الهائل ، ولذلك كان الذين يشتغلون بالنقد مثلي ، لا يحاولون الاقتراب من أدب يوسف السباعي بخير أو بشر، فقد تفلت كلمة نقد هنا أو هناك فتطير فيها رءوس وتنغلق أبواب ويتعرض صاحب النقد للهلاك. أو هكذا كنا نظن، وربما كنا ظالمين ليوسف السباعي ، وكان في موقفنا بعض التجني عليه، ولكننا كنا نسمع ما يقال عن السباعي ، ونأخذه مأخذ الجد واليقين ، وهو أنه إذا صادق وأحب أعطي بغير حساب، وإذا خاصم وعادي فإنه لا يرحم . نحن الشبان الصغار في ذلك الوقت آثرنا الغناء في العراء، بعيدا عن أهل النفوذ والسلطان ، وهربنا من سيف يوسف السباعي وذهبه ولكن مندور كان عملاقا أدبيا وثقافيا ،وكان صاحب شخصية وطنية يحسب لها الجميع ألف حساب . فإذا كنا نحن نخاف من السباعي أو غيره ، فإن العملاق مندور لم يكن يخاف من أحد، فقد تخطي بتاريخه ومكانته الأدبية تلك المرحلة التي يخاف فيها بعض الناس من بعض الناس . لذلك كله تجرأ مندور علي نقد رواية السباعي طريق العودة وكان موضوعها حرب فلسطين ، وكانت هذه الرواية هي أحدث روايات السباعي في ذلك الحين ، وقد قام مندور بطريقته النقدية الصريحة الواضحة بنقد الرواية والكشف عن سلبياتها الفنية والفكرية . وكان مندور رجلا وديعا ،عف اللسان ، هامس الصوت ، لا يجرح أحدا ولا يخرج أبدا علي الذوق الرفيع في أي نقد له ضد أديب أو ضد عمل أدبي ، بل إن أسلوب مندور في النقد كان يوحي دائما بالتحضر والتهذيب والرقي والمجادلة بالحسنى حتى في أشد لحظات الاختلاف . مندور ـ كناقد ـ لم يكن راضيا عن رواية طريق العودة ، وقد عبر عن ذلك بأسلوبه السهل البسيط البعيد كل البعد عن الإسفاف . وقد يكون مندور مصيبا في نقده أو لا يكون ، والرد علي هذا الرأي ممكن ، بل هو واجب إذا كان هناك من يتحمسون لرأي مخالف لرأي مندور . ولكن الذي حدث كان شيئا غريبا جدا، فبعد أيام من نشر مندور، ظهر مقال في جريدة الشعب نفسها للأديب والشاعر الكبير عبدالرحمن الشرقاوي . والشرقاوي صاحب قلم جبار، وهو من كبار النابغين في أدبنا المعاصر ، والشرقاوي يملك أيضا قدرة عجيبة علي الهجاء إذا أطلق لقلمه العنان ، ويمكن الرجوع إلي مسرحياته الشعرية الشهيرة مثل الفتي مهران وجميلة والحسين ، وفي هذه المسرحيات فإننا نستطيع الوقوف ـ بسهولة ـ أمام مقاطع فيها هجاء بالغ القسوة لبعض المواقف وبعض الشخصيات ، وهذا ما يؤكد صحة ما ذهبت إليه من أن الشرقاوي كان صاحب موهبة هجائية غير محدودة . كتب الشرقاوي في مقاله تعليقا علي نقد مندور لرواية السباعي ، وإذا بالمقال يمتلئ بالتجريح لمندور وسبه وشتمه وإنذاره بسوء المصير ! ياللهول! لقد اهتزت ضمائرنا وامتلأت قلوبنا حزنا مما قرأناه. كيف يمكن أن تكون هذه القسوة لغة في الحوار؟ وكيف يحدث كل هذا التجني علي عملاق مثل مندور؟ وممن؟ من الشرقاوي الذي كنا ننظر إليه علي أنه من زعماء الأدب الوطني الجديد الذي يتعاطف مع مشاكل الناس الحقيقية ويجعل منها مادة للأدب الجميل والمسئول . إنني أحب الشرقاوي ودراساته ورواياته وأشعاره ومسرحياته ، ولكنني عندما قرأت مقاله ضد مندور استنكرت هذه الطريقة التهديدية في الكتابة والحوار والتعامل غير الجميل بين الأدباء والمفكرين. وكنا أيامها نتحدث عن المكارثية في أمريكا ، وهي التي أرعبت الأدباء والفنانين ، وأدخلت بعضهم إلي السجون وأسكتت الكثيرين فلم يعودوا ينطقون, وخرج آخرون من أمريكا مطرودين ، ومنهم شارلي شابلن وبريخت وغيرهما من أعلام الفن والفكر في القرن العشرين . وقد تألم مندور كثيرا من مقال الشرقاوي ، ولكنه ـ فيما أذكر ـ سكت عنه تعففا ولم يرد عليه. ولكن المسألة لم تعد مسألة رواية أو نقد لهذه الرواية، بل أصبحت مسألة تقوم علي إرهاب الأدباء والمفكرين وإشاعة الخوف بينهم وتهديدهم في حريتهم وكرامتهم وأمنهم وأرزاقهم جميعا . كان مقال الشرقاوي مخيفا لنا جميعا، وقد قلنا عنه فيما بيننا إنه نوع من المكارثية وأطلق عليه بعضنا ـ من باب المزاح ـ اسم الشرقاوية علي وزن قريب من المكارثية، وقد اندهشنا جميعا من صدور هذا المقال عن كاتب كبير محبوب وموهوب وصاحب سمعة وطنية عالية مثل الشرقاوي. هنا وقف حجازي الشاعر الصاعد الواعد ابن الثالثة والعشرين , والذي لم يكن يملك شيئا علي الإطلاق غير موهبته فكتب ما يصح أن نعتبره ميثاق شرف لكل الشعراء , وكل أصحاب الأفكار في كل العصور ، وذلك في قصيدته الفريدة الرائعة "دفاع عن الكلمة".
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Abdul Monim Khaleefa)
|
Quote: فلقد استمتعت كثيرا بهذا البوست |
لك أجزل الشكر أخي العزيز الدكتور أحمد القرشي على كلمات الثناء والحفاوة بالذكريات الأدبية. وأتطلع إلى مساهماتك المتنوعة وبالذات ما هو متعلق بالجماليات الأدبية والبلاغة في تراث الغناء السوداني ( مثل الجناس الكامل والتشبيه المقلوب في "عيون الصيد" والalliteration المتمثل في تكرار القرشي للحاءات بشكل مبدع في "فياحة بالحياء والحب والمحنة")! محبتي عبد المنعم خليفة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Abdul Monim Khaleefa)
|
الأخ الدكتور بشرى الفاضل أنا كثير الاعتزاز بكونك متابعاً ومستمتعاً بما أكتب .. وكم أنا شاكر لترحابك المبكر بالذكريات الأدبية مما يبشر بأننا موعودون بعطاء عظيم من فيض مخزونكم الأدبي الوافر. أحلت سؤالك عن مصير النسخة الأصلية من ديوان اشراقة ، والسؤال الآخر عن كتابات جيلي عبد الرحمن في القصة القصيرة إلى أحد الثقاة من المهتمين بالتوثيق للثقافة الوطنية - ألا وهو الدكتور عبد القادر الرفاعي - والذي يتوقع أن يقدم الإجابات الشافية التي تقطع قول كل خطيب. لك تحيات الابن عمار عبد المنعم الذي يتطلع إلى رعايتكم الأدبية .. والظفر بإرشادكم. محبتي عبد المنعم خليفة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Abdul Monim Khaleefa)
|
الاخ الاستاذ عبدالمنعم ...
بوست خرافى ...له الف راس وراس ... معك نمد يد الحلم فى غد ادبى متعافى... وذكرى لادب مازال باقيا لايرتد من زوايا اللغة الصاعدة واصل كتاباتك تجدنا متابعين لدفقك الغزير واتمنى ان تحدثنا عن المقولة القديمة التى تقول مصر تكتب بيروت تطبع الخرطوم تقرأ...(ففيها من الذكريات مايكفى )
اذ مازلت اذكر طفولتى مع الوالد الاديب بشير الطيب فارس الوجودية المغوار وزيارتى معه للكاتب انيس منصور واحسان عبدالقدوس...والعم عيسى الحلو والاستاذ الراحل حسن عباس صبحى ... واذكر جلوسى على الارض بالقاهرة ....انتظارا لشراء ابى للكتب النادرة... وكان اغلبها يباع على الارض او الاسوار ...وملء سلة ايامنا بها ... وايضا حدثنا عن عذابات الطباعة فى بيروت...وماهى الدار التى كانت ملاذا للكتاب ومعاناة الكتاب السودانيين بها ..
وعلى من يود مجالسة الكلمة والحرف النقى.... اغلاق الحى والبيت والغرفة... ويبقى باب بوست (ذكريات ادبية) مواربا ...
_________________
شكرا استاذنا ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Abdul Monim Khaleefa)
|
الاستاذ عبدالمنعم
تجذبني كتاباتك كالعادة, وسأقيم في هذا الخيط. كتبت
Quote: زاملني في فترة إقامتي بالفندق شاب سوداني اسمه أحمد طيفور ، كان مبعوثاً من مشروع الجزيرة لدراسة فرز الأقطان في معهد القطن العالي بالإسكندرية؛ وكنت قد تعرفت عليه بواسطة الأستاذ يوسف شبور زميله في المعهد. كانت اهتمام أحمد طيفور (عليه رحمة الله) بالأدب وبالصحافة أكبر من اهتمامه بفرز الأقطان -موضوع دراسته الأصلي.. |
هل هو نفس الصحفي أحمد طيفور الذي كتب كتاب أسمه " حقيقة جبهة التحرير الارتريه في السودان" في النصف الثاني من الستينات? مع ودي وتقديري
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Elmoiz Abunura)
|
توفيق الحكيم
التيجاني يوسف بشير
كان شاعرنا التيجاني يوسف بشير عاشقاً لمصر مستهاماً بها (مستودع الثقافة)، وكانت زيارتها أمنيته الكبرى. وهذه الأبيات من قصيدته "أمل" (أملي في الزمان مصر) تعكس ذلك التعلق والشغف بزيارة مصر التي (تزداد بعداً عليه وعسرا):
أمل ميت على النفس ألحدتُ له مـن كلاءة الله قبرا زهقت روحه وفاضت شعاعاً قبلما ينفذ الطفولة عـمرا كنت أحيا على ندى من يساقط بــرداً على يدي وعطرا فى ظلال مطلولة افرغ الشعر عليها من الهناءة فجرا ثم اودى يا ويحه ضاقت الدنيا به جهدها احتمالا وصبرا بعدما نضّر الحياة بعيني مضى جاهداً وأعقب أسرا أملى في الزمان مصر فحيا الله مستودع الثقافة مصرا نضر الله وجهها فهي مـا تزداد إلا بعد علي وعسرا
وفي قصيدته الرائعة " توتي في الصباح" والتي مطلعها (يا درة حفها النيل واحتواها البر)، نجد إشارته إلى أن جمال الطبيعة والحياة الوادعة في جزيرة توتي، والتي أفاض في وصفها بشاعريته المنسابة، يجعلها تشبه مصر التي في خياله:
يا أخت مصر وتفديك في المكاره مصر حيا شبابك فيض من الرخاء ويسر
من بعد جيل التيجاني يوسف بشير ظل التطلع لزيارة مصر هو حلم جيلنا نحن أيضاً ؛ ولقد عبر الشاعر تاج السر الحسن في رائعته "آسيا وإفريقيا" عن حب مصر، النبع الأدبي العذب والحديقة الثقافية الوريقة:
مصر يا أخت بلادي يا صديقة يا رياضاً عذبة النبع وريقة ..يا حقيقة ملء روحي أنت يا أخت بلادي
كانت مصر تعني لنا الإشعاع الثقافي المنبعث من مكتباتها العامرة التي تضيق بها الأرفف، فتنداح إلى الفرندات والطرقات والأسوار - ومن بينها سور الأزبكية - حيث تعرض الكتب المستعملة المتلائمة مع جيوبنا الطلابية المحدودة! (مولت زيارتي لمصر بعد عمل شهرين من الإجازة الصيفية بشركة شل بمرتب شهري معتبر قدره عشرون جنيها!) ؛ كما تفيض الثقافة من مسارحها ومجلاتها وصحفها، ومن دار الأوبرا، ومن برنامج الصوت والضوء بالمقطم وبإهرامات الجيزة الذي تم تدشينه في بداية الستينات،والذي تكلم من خلاله أبو الهول بتكنولوجيا صوتية خاصة، حققت الخيال الشعري لأحمد شوقي الذي عبر عنه في قصيدته التي كتبها قبل عقود من ذلك الزمان بمناسبة إزاحة الستار عن تمثال "أبو الهول" بمسرح حديقة الأزبكية ، والتي مطلعها :
أبا الهول طالت عليك العصر وبلغت في الأرض أقصى العمر
إلى أن يقول فيها:
تحرك أبا الهول هذا الزمان تحرك ما فيه حتى الحجر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Abdul Monim Khaleefa)
|
نجيب محفوظ
جيلي عبد الرحمن
كنا كذلك نرى أن زيارة مصر تسمح لنا بتنسم عبق التاريخ في أبو سمبل ووادي الملوك والجيزة والمقطم والقلعة والحسين والموسكي .. كما كنا نتطلع للذهاب لقهوة الفيشاوي - ملتقى الأدباء والكتاب - علنا نلتقي فيها بنجيب محفوظ أو توفيق الحكيم، ونتعرف على الشخصيات التي أبدعوا في تصويرها في رواياتهم وجعلوها تنبض بالحياة.
كانت أيضاً تتملكنا رغبة عظيمة في مشاهدة أماكن تاريخية علقت في ذاكرتنا من أحاديث الجيل الذي سبقنا عندما كانوا طلاباً بمصر، ومستغرقين في معارك الكفاح المشترك مع الشعب المصري.. ومن قصيدة تاج السر الحسن أيضاً، الحافلة بصور نضال شعوب آسيا وإفريقيا :
سوف نجتث من الوادي الأعادي فلقد مدت لنا الأيدي الصديقة
كنا نريد أن نشاهد كبري عباس الذي تمت فيه محاصرة طلاب جامعة الملك فؤاد وهم يهتفون ضد اتفاقية صدقي بيفن .. بل وكنا نطمح في زيارة حارة شاعرنا جيلي عبد الرحمن المغمورة في حي عابدين! :
حارتنا مغمورة في حي عابدين
وللمفارقة فإن حي عابدين به القصر الملكي ! .. ويتولد لدينا مزاج خاص في شرب فنجان شاي بمقهى " ريش "، والذي ورد في قصيدة الشاعر أحمد فؤاد نجم التي سخر فيها من ادعاءات بعض المثقفين الذين يقنعون بالاسترخاء والحكي في المقاهي:
يعيش أهل بلدي وغيرهم مافيش
يعيش المثقف على مقهى ريش!
وفي سنوات لاحقة أقام لنا العم عبده دهب مقهى خاصاً بمثقفينا باسم "ريش" في الخرطوم! وهو المقهى في المحطة الوسطى الذي كان يحمل اسم "خباز" سابقا.. وربما لم يسمع الكثيرون من شباب اليوم عن "خباز" و "شناكة" !
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Elmoiz Abunura)
|
Quote: هل هو نفس الصحفي أحمد طيفور الذي كتب كتاب أسمه " حقيقة جبهة التحرير الارتريه في السودان" في النصف الثاني من الستينات? |
الأخ الأستاذ / المعز أبو نورة لك المودة والإعزاز .. مع جزيل الشكر على المتابعة والكلمات المشجعة .
أجيب : " نعم.. هو " .. وفي نفس الوقت أقول: " لا.. ليس هو " !
معذرة أيها الأخ العزيز على هذه الإجابة المتناقضة .. ولكن أرجو أن أحيلك إلى مقال ضاف كتبه عنه في هذا المنبر قبل سنوات الأستاذ / عمر جعفر السوري ، جاء فيه:
Quote: " مثلما توهج نجمه برهة، سرعان ما أفل. و كما اشتعل وميض قلمه، انطفأ ضوءه وخبا نور يراعه كشهاب لمع بغتة مع انبلاج الفجر، فلم يلحظه أحد غير الذاكرين و الساهرين". |
وأكتفي باقتباس العبارة التالية التي وردت في المقال،علها تعطيك تفسيراً للتناقض البادي في إجابتي ، ( كما آمل أن نكتفي بها جميعاً) سائلين الله الرحمة والمغفرة للصديق أحمد طيفور:
Quote: "الخطة بان يصدر الكتاب و يوضع عليه اسم أحمد طيفور." |
الرجاء مراجعة بريدك الإلكتروني ..
محبتي عبد المنعم خليفة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Abdul Monim Khaleefa)
|
الاستاذ عبدالمنعم أجيب : " نعم.. هو " .. وفي نفس الوقت أقول: " لا.. ليس هو " !
Quote: معذرة أيها الأخ العزيز على هذه الإجابة المتناقضة .. ولكن أرجو أن أحيلك إلى مقال ضاف كتبه عنه في هذا المنبر قبل سنوات الأستاذ / عمر جعفر السوري ، جاء فيه:
Quote: " مثلما توهج نجمه برهة، سرعان ما أفل. و كما اشتعل وميض قلمه، انطفأ ضوءه وخبا نور يراعه كشهاب لمع بغتة مع انبلاج الفجر، فلم يلحظه أحد غير الذاكرين و الساهرين". |
|
شكرا علي اجابتك وملاحظتك مفهومه لدي, فقط كنت أريد معرفة ان احمد طيفور المعني في مذكراتك الادبيه هو نفسه احمد طيفور المعروف لدي في سنوات طفولتي, والذي جمعته صلة معرفة وتضامن مع قضية ارتريا في فتره من الفترات مع خالي المرحوم هشام مكي شبيكه الذي ربما زاملته انت في الاحفاد الثانويه يأستاذ منعم. سأرسل لك رقم تلفوني في بريدك الالكتروني مع ودي وتقديري
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Elmoiz Abunura)
|
من الأدب الإفريقي
Quote: أوجه الدعوة للمهتمين بشئون الأدب والثقافة، وجميع من يرغب، للمشاركة في هذه "الذكريات الأدبية" بسرد تجاربهم وانطباعاتهم ذات الصلة بالقضايا الثقافية، بعرضهم لكتب أو دواوين شعر أعجبتهم وتأثروا بها، أو تقديمهم لكتاب وشعراء أحبوا كتاباتهم |
وددت أن نشارك سوياً في استعراض كتاب هام محوره المآسي الإنسانية المتولدة من الحروب الأهلية في إفريقيا . الكتاب اسمه "مشيناه طريقاً طويلاً" - -A Long Way Gone ، لمؤلفه السيراليوني الشاب إسماعيل بيا ( Ishmael Beah) ؛ وقد حدثني عنه صديقي العزيز الدكتور/علي عبد الحفيظ عمر، فله مني ومنكم أجزل الشكر وعظيم التقدير.
Ishmael Beah
إلى جانب العناية بالأدب الإفريقي - ما يدفع بي للاهتمام بشكل خاص بهذا الكتاب الواسع الانتشار، ولتناوله بالعرض من على هذا المنبر، هو أن موضوعه لصيق الصلة بالحروب الأهلية الطاحنة، والتي ظلت رحاها تدور في بلادنا على مدى عقود طويلة ، ولا يزال أوارها مستعراً يثقل ضمير الوطن والإنسانية. وحري بالمآسي والحالات التي أفرزتها حروبنا الأهلية وكذلك نماذج الإصرار على المقاومة والبقاء، أن تجد التوثيق والانعكاس اللائق في أدبنا السوداني، ليس فتقاً وتعميقاً للجراح ، بل تمجيدا لعزيمة الإنسان السوداني القادر على صنع الحياة والانتصار على الدمار والموت، وتعزيزاً للثقة في مقدرته على بناء المستقبل الزاهر للوطن.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Abdul Monim Khaleefa)
|
غلاف الكتاب
نشأ إسماعيل بيا في سيراليون في سنوات التسعينات من القرن الماضي - وكان طفلاً في حينها- في فترة شهدت أكثر الحروب دموية وعنفاً في التاريخ الحديث. . يروي هذا الكاتب الإفريقي الشاب، والذي يبلغ االثامنة والعشرين من العمر حاليا، بلغة رصينة وسلسة وبأسلوب مثير وآسر، مذكرات تعتبر النموذج الكلاسيكي لوصف الحرب ومأزق الأطفال المحاربين على نطاق العالم. إن هناك أكثر من ثلاثمائة ألف من الأطفال المجندين في أكثر من خمسين نزاعاً أهلياً حول العالم؛ وهم قد تحولوا إلى مدمني مخدرات، وإلى مستخدمين جيدين للكلاشنكوف.. وإسماعيل بيا اليافع العائد من الجحيم هو واحد من هؤلاء؛ ولعله أول من وصف بكلماته النابضة -والتي تتفوق على أي وصف يمكن أن يضطلع به أقدر الصحفيين- مشاعر الرعب والحالة النفسية للأطفال الذين يعايشون ظروف الحرب.
فر إسماعيل بيا ، وكان عمره اثنا عشر عاماً، من نطاق هجمات المتمردين، وظل هائماً على وجهه في أرض غيب العنف معالمها .. يحكي الكتاب عن مهاجمة المتمردين لقريتهم ، مما اضطره لمغادرة منزله وبداية مسيرته في الصحراء القاحلة.. وبعد شهور طويلة من المعاناة تم تجنيده محارباً في الجيش الوطني .. تعلم استخدام الكلاشنكوف .. كما تعلم الكراهية. المذكرات مرعبة.. فهي تصف مدى السهولة التي يمكن أن يتحول بها طفل عادي إلى مدمن للقتل بنفس مستوى إدمانه للكوكايين.
وجد إسماعيل بيا نفسه على مدى ثلاث سنوات منغمساً في حياة المخدرات والقتل الجماعي بلا مبالاة أو تمييز؛ إلى أن وصل إلى معسكر إعادة تأهيل ترعاه منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ وهناك ناضل لاستعادة إنسانيته والدخول من جديد إلى عالم المدنيين الذين كانوا يوجهون نحوه نظرات ملؤها الخوف والريبة.
Ishmael Beah
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Abdul Monim Khaleefa)
|
عزيزي الأستاذ منعم
ترددت كثيراً في التعليق أو المداخلة حتى لا أخل بسلاسة السرد والحديث الجزل عن ذكريات اجترارها يعني للكثيرين منا راحة نفسية تعقب زفرات حرى..
قرأت كتاباً قريب الشبه بكتاب اسماعيل لمؤلفة سودانية هي أليك ويك الدينكاوية الحسناء..
سأقوم بنقل بعض الأجزاء ذات الصلة إن تيسر..
لك مني التقدير والود..
الزاكي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: الزاكى عبد الحميد)
|
Quote: قرأت كتاباً قريب الشبه بكتاب اسماعيل لمؤلفة سودانية هي أليك ويك الدينكاوية الحسناء.. سأقوم بنقل بعض الأجزاء ذات الصلة إن تيسر.. |
لك وافر الشكر أخي الحبيب الباهي / الزاكي عبد الحميد نتطلع بشغف إلى أن نرتاد معك وعبرك آفاقاً ثقافية رحبة ، وأن نتزود بالدرر النفيسة من خزائنك الثرية الحافلة .. خاصة وأنك أحد حداة ركب الثقافة السودانوية وحراسها الأمناء .
محبتي عبد المنعم خليفة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Abdul Monim Khaleefa)
|
عبر (طريقه الطويل) شاهد بيا وشارك في العديد من فظائع الحرب الأهلية في سيراليون .. وظل مسكوناً بها تطارده وتلازمه أشباحها لسنوات .. وإنه لأمر مثير للدهشة كيف نجح أخيراً في أن يتحرر من أسر ذكريات تلك الأهوال المؤلمة ويحافظ على إنسانيته. أقدم هنا نماذج لبعض تلك الفظائع القاسية كما وصفها بيا، علها تجعلنا أكثر إدراكاً لما تعنيه الحرب ( قد لا يحتمل قراءتها أصحاب القلوب الضعيفة) .
عندما غطى الناس عيون أطفالهم حتى لا يصدموا بالمناظر المأساوية البشعة . The vehicle stopped in front of my grandmother’s house, and from where we lay, we could see that whoever was inside the car was not armed. As we, and others, emerged from the bushes, we saw a man run from the driver’s seat to the sidewalk, where he vomited blood. His arm was bleeding. When he stopped vomiting, he began to cry. It was the first time I had seen a grown man cry like a child, and I felt a sting in my heart. A woman put her arms around the man and begged him to stand up. He got to his feet and walked toward the van. When he opened the door opposite the driver’s, a woman who was leaning against it fell to the ground. Blood was coming out of her ears. People covered the eyes of their children.
قتل جميع أفراد اسرته .. وكانت المواساة المقدمة للأب " حسناً أنه على الأقل سيكون في مقدورك دفنهم" .. ويا لها من مواساة ! In the back of the van were three more dead bodies, two girls and a boy, and their blood was all over the seats and the ceiling of the van. I wanted to move away from what I was seeing, but couldn’t. My feet went numb and my entire body froze. Later we learned that the man had tried to escape with his family and the rebels had shot at his vehicle, killing all his family. The only thing that consoled him, for a few seconds at least, was when the woman who had embraced him, and now cried with him, told him that at least he would have the chance to bury them.
لم يكن الأب الذي يحمل أبنه الذي ظل ينزف بغزارة يدري أن الابن قد قضى ، حيث استمر يخاطبه مشجعاً " أنه سيأخذه إلى المستشفى ، وأن كل شيء سيمضي على ما يرام" ! The father was covered with his son’s blood, and as he ran he kept saying, “I will get you to the hospital, my boy, and everything will be fine.” Perhaps it was necessary that he cling to false hopes, since they kept him running away from harm.
أصابت الرصاصة جسم الطفلة التي كانت تحملها أمها على ظهرها .. لكن ( لحسن الحظ ! ) أنها لم تخترق جسم طفلتها لتصيبها هي ! The last casualty that we saw that evening was a woman who carried her baby on her back. Blood was running down her dress and dripping behind her, making a trail. Her child had been shot dead as she ran for her life. Luckily for her, the bullet didn’t go through the baby’s body. When she stopped at where we stood, she sat on the ground and removed her child. It was a girl, and her eyes were still open, with an interrupted innocent smile on her face.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Abdul Monim Khaleefa)
|
تجاوباًمع ما قمت بعرضه من كتاب A Long Way Gone مؤلفه إسماعيل بيا، كتب الابن عمار عبد المنعم خليفة ما يلي :
عمار عبد المنعم
بهذا النسق من القصص التي تصف الظلم الذي تتعرض له فرائس المجتمع المنهشة بمخالب الدهر السقيم ، الذي أصبح الأطفال فيه يسلبون كل ما يحملون من براءة ليأخذ العنف والإجرام سبيلاً ينخرطون فيه دون إرادتهم ؛ ولم يأخذ فيه وعيهم الواهن سوء المصير والانجراف في دوامة الانحلال الطاحنة التي "تعركهم عرك الرحى بثفالها وتلقح كشافاً ثم تنتج فتتئم" .. عندما قالها زهير ابن أبي سلمى في وصف الحرب ، أي أنهم سيفنون في هذا الزمن وسيتولد الشر ويعم .
غلاف الكتاب لهذا وددت أن اسرد عليكم قصةً مشابهه بقصة اسماعيل بيا (A Long Way Gone)، ألا وهي مذكرة الكتاب المتحررين The Freedom Writers Diary. القصة غاية في الروعة وهي قصة حقيقية تتمثل فيها الإرادة والجرأة والإنجاز والصلادة في مواجهة المحن وعدم الانقياد للنزوات العابرة . يتبع..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Abdul Monim Khaleefa)
|
يواصل الابن عمار: : عمار عبد المنعم
في خريف 1994م عند الحجرة ٢٠٣ في مدرسة ودرو ولسون الثانوية بلونج بيتش في كاليفورنيا ، أخذت المعلمة المثالية إرين قرويل (Erin Gruwel) تعي خطورة البيئة التي يعيش فيها طلابها ، وما يلاحقها من انحراف وتشتت . ولم تكن لها تلك النظرة السلبية في أن تتركهم على أهوائهم وتبرئ ذمتها في أن تكتفي برسالتها الأكاديمية دون أن تتدخل في تفاصيل حياتهم. ولكنها كانت على النقيض مبحرةً في غور حياتهم ضاربةً بمجاديفها وأشرعتها متحديةً الرياح الهوجاء من صميم تحاشيهم ورفضهم لمواجهة الواقع بنظرة إيجابية يحققون فيها أهدافهم وأحلامهم . كان الصف مكوناً من مزيج من الأعراق المختلفة: الأمريكيين ذوي الجذور الإفريقية واللاتينية ، الكمبوديين ، الفيتناميين ، وجنسيات آسيوية أخرى .
المعلمة مع بعض طلابها نشأ العديد من هؤلاء الطلاب في بيئة قاسية في حواري لونج بيتش ((Long Beach ،أو أي من الأحياء الشعبية المجاورة . في البداية لم تكن لهم الرغبة في محاورة المعلمة والاستماع إليها ، إلى أن جاء يومها .. أخذت تسألهم عن المحرقة (Holocaust) ، لم يكن أحد يعي ما تقول ، ولكن عندما سألتهم كم منهم سبق له أن أصيب بعيار ناري ، رفع أغلبية الطلبة أيديهم مشمرين عن سواعدهم ومظهرين ما تعرضوا لهم من ضرر . عندها ذهلت المعلمة ؛ وجاءتها العزيمة في أن تقوم سلوكهم وتجعلهم يعيدوا التفكير في معتقداتهم ورؤاهم السالبة ، داعيةً لهم أن يغيروا من حياتهم ويوجهوا أنفسهم إلى سبيل الرشاد. ومنها ناشدتهم أن يدونوا مذكراتهم ويجمعوها في كتاب ، وبالفعل تلقت استجابتهم وجمعت مذكراتهم ونشرتها في كتاب لقي رواجاً واستحساناً لدى القراء والنقاد . وبعدها بسنوات (في عام 2007م) صدر فيلم Freedom Writers.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Abdul Monim Khaleefa)
|
B] واحة الشعر
أرجو أن أشرككم يا أصدقاء في تذوق هذه الباقة من القصائد التي انتقيتها من بين أجمل مائة قصيدة باللغة الإنجليزية منشورة بموقع Poetry.com ؛ ثم مارست هوايتي في ترجمةالشعر، ونقلتها إلى اللغة العربية.
محبتي عبد المنعم
*****
لك أهدي هذه الماسة يا عزيزتي شعر: سير جون هارنقتون (1561-1612م)
( ترجمة : عبد المنعم خليفة خوجلي )
***** لك أهدي هذه الماسة يا عزيزتي فهي نموذج من ذاتك .. ويا لها من روعة تثير ولعي عندما تزدان بمعصمك وتتلألأ من وهج بشرك .. وهي إن تكن من أنقى النضار فأنك أكثر نقاء وأنعم ملمساً .. وإن كان سرك صفاؤها فلتذكري أنها استمدته من بهاء محياك .. وإن كنت تعزينها كماسة نفيسة لأنني قدمتها لك فإنني أكثر اعتزازا لأنك أنت التي أهديتنيها ***** هذه الماسة القادرة على اختراق الزجاج والفولاذ لا يدانيها مضاء سوى حبك الذي نفذ إلى سويداء فؤادي .. وبينما هي – مثل جميع الأشياء – تبلى تظلين أنت يا جوهرتي أبداً مزدهرة *****
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Abdul Monim Khaleefa)
|
واحة الشعر
أرجو أن أشرككم يا أصدقاء في تذوق هذه الباقة من القصائد التي انتقيتها من بين أجمل مائة قصيدة باللغة الإنجليزية منشورة بموقع Poetry.com ؛ ثم مارست هوايتي في ترجمةالشعر، ونقلتها إلى اللغة العربية. محبتي عبد المنعم *****
الحسن الندي الأثير شعر: ثوماس مور(1779–1852) ( ترجمة : عبد المنعم خليفة خوجلي ) ******
صدقيني .. إن كان لهذا الحسن الندي الأثير الذي أحدق فيه الآن بكل هذا الانبهار أن يذبل غداً .. ويتلاشى بين ذراعي ويبهت مثل هالة أسطورية .. فإنك تظلين عشقي .. وعندما يتوارى الحسن – كما هو مآله – سوف أجدل أمنيات قلبي ضفائر خضراء ***** التوهج وسمو الروح اللذين تستأثرين بهما لا يعرفان فقط عندما تمتلكين الجاذبية الساحرة والصبا أو عندما تنساب دمعة بجلال فوق خديك .. وذلك لأن الزمن هو مستودع النفائس ولأن القلب الذي يعرف الحب حقا لا يسلو أبداً .. بل يزداد عشقاً ودنواً مثل زهرة عباد الشمس التي تنظر لإلاهها وهو يأفل نفس نظرة التوق له حين الإشراق .. *****
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Abdul Monim Khaleefa)
|
واحة الشعر
أرجو أن أشرككم يا أصدقاء في تذوق هذه الباقة من القصائد التي انتقيتها من بين أجمل مائة قصيدة باللغة الإنجليزية منشورة بموقع Poetry.com ؛ ثم مارست هوايتي في ترجمةالشعر، ونقلتها إلى اللغة العربية. محبتي عبد المنعم *****
إلى أمي شعر : كينيث كارول ( ترجمة : عبد المنعم خليفة خوجلي )
***** من قبل أن تنشر الشمس بقعها البرتقالية فوق صفحة السماء الأرجوانية .. وقبل ميلاد القمر والنجوم التي تزين الليل بالجمال والألق كنت قد أحببتني ***** لم تكن المحيطات قد بدأت بعد في عزف نشيدها المائي وكانت الأرض جدباء وعديمة الهدف عندما بدأت عنايتك بي ***** قبل أن يعرف البشر الخالق وقبل أن يرسل الله شعبه نحو الشمال ليشيدوا الأهرامات والمعابد العظيمة كنت أنت إلهي ومعبدي كنت أنت منقذتي من قبل حورس والمسيح .. وقبل موسى الذي قاد شعبه نحو أرض المعاد كنت أنت الأرض التي وهبت لي وعد حياتي ***** من قبل أن يصنع البشر الأعلام ويحشدوا الجيوش لحماية إمبراطورياتهم .. إمبراطوريتي كانت أنت وكان نشيدي : يا رحم أمي أنا منك .. يا أروع ملاذات الأمان لك أغني ***** من قبل أن تكون هناك معان لكلمات الحياة والجمال والحب كنت قد قدمتها لي مثل هدية من ملكة ومن قبل أن أعرف ما هو الحب كنت قد قدمته لك في المقابل ***** من قبل أن ينحت الزمن الجبال الرواسي من غور الأرض ويحيل الجليد بحاراً ، والبحار صحارى كنت قد شاركتني حباً أبدياً لا يحده الدهر ***** وطويلاً من بعد أن تصبح الشمس رمزاً محترقاً لحياة سالفة.. والمحيطات رشفة من ماء الكون سأظل أحبك فلتدفئي يا أمي بهذه المناجاة عندما يحتدم الصقيع ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Abdul Monim Khaleefa)
|
واحة الشعر
أرجو أن أشرككم يا أصدقاء في تذوق هذه الباقة من القصائد التي انتقيتها من بين أجمل مائة قصيدة باللغة الإنجليزية منشورة بموقع Poetry.com ؛ ثم مارست هوايتي في ترجمةالشعر، ونقلتها إلى اللغة العربية. محبتي عبد المنعم *****
رسمت خطوط اسمها شعر: إدموند اسبنسر (1552-1599) ترجمة : عبد المنعم خليفة خوجلي ***** رسمت خطوط أسمها على الشط ذات يوم لكن الموج غمره فأزاله كتبته مرة أخرى بيدي الثانية فأتى المد المندفع ليفترس أحزاني وليذكرني بعبثية التجربة وجسامة محاولة الخلود وبأن مصيري إلى الصدأ وبأن اسمي بالمثل سوف ينمحي وبأنني إلى تراب ***** غير أنني أثق بأن ذكري وشهرتي - كما الشعر والفضيلة - إلى بقاء سرمدي وأن اسمي المجيد سوف يخط في صفحة السماء ***** وبينما يقهر الموت الدنيا سينتصر حبنا وتتجدد الحياة..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات أدبية (Re: Abdul Monim Khaleefa)
|
قصة قصيدة ****** ألا أيها الليل الطويل أل انجلي بصبح وما الإصباح منك بأمثل
****** عند الاجتياح الإسرائيلي لبيروت في عام 1982م كتب الصديق الشاعر الدكتور/ صديق التيجاني المرضي قصيدة رائعة بعنوان " بيروت هللي "؛ وهي من عيون ألشعر، ومن درر أدب المقاومة؛ وقد نشرت في الملحق الثقافي بصحيفة الخليج الإماراتية في حينها. وكان أن أهداني صديقي الشاعر الدكتور صديق/ مشكوراً نسخة من القصيدة ؛ وقمت بالرد عليه بهذه الأبيات مجاراة لقصيدته . ****** صديق يا ضمير أمتي
شعر : عبد المنعم خليفة خوجلي ******
قافية القصيد أجزلي
تدفقي من نهرك الفياض .. بل وانهملي
من غيمك المعطاء
وسحبك المنسدل
وعطرك الفواح كالدعاش .. عود صندل
******
وا فرحي حين يجود الشعر للمعتزل
حين يلوح "النصر للمستبسل"
وا فرحي خلي الوفي قد جاد لي
هدية من القريض المرسل
سكرة وسط ركام الحنظل
****** صديق يا ضمير أمتي
ودفق شعرها المسترسل
لأنت كالمنار في الظلام المسدل
لأنت حادي الدرب رمز الأمل
ترفعها الرايات في بيروت أو في القدس
أو في الموصل
"صديق" قل لليلنا هذا البهيم
"ألا انجلي" .
******
| |
|
|
|
|
|
|
|