دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
اهدى د.منصور خالد الكتاب الى ثلاثة من ابطالنا ابراهيم بدرى-ستانسلاوس عبدالله بياسما و الاستاذ محمود محمد طه حيث قال فى اهدائه للاستاذ: "رجل لم ياسره الحرص إذ غنى عن الدنيا باليأس منها. و مفكر ذو بصر حديد لم يتق غير الله فى التعبير عن فكره. جابه الناس بهذا الفكر و لم يستدبرهم بغيب. فاراؤه السياسية التى اجلينا فى هذا الكتاب، منذ مؤتمر الخريجين، اراء لا يجسر عليها الا أولو العزم فى وطن فيه للباطل سلطان. و اجتهاده فى الدين اجتهاد بديع بريع لا يرفضه الا من ضاق وعاؤه. ولئن عاد من عاد الى الكثير من تلك الاجتهادات فهو متبع لا مبتدع.
الى ذكرى هؤلاء الابطال نهدى هذا الكتاب." "السودان اهوال الحرب ... وطموحات السلام قصة بلدين"
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: عبدالله عثمان)
|
اهداء الى روح الاستاذ محمود محمد طه الذى ذهب مبغيا عليه فى عهد اللوثه ولسان حاله يقول يا احبابى فى بلد الاشياء فى بلد المشى على اربع هذا اخر عهدى بوجوهكم السمحه لعقولكم العطشى للانجاب الفكرى الممنوع فالحكم الصادر لقضاة مدينتكم فى مجلسه " عالجنى بالموت "
شعر محمد ابو دومه
- كتاب الفجر الكاذب- منصور خالد الصادرة طبعته الأولى في عام 1986
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: عبدالله عثمان)
|
هذا كان من امر الشأن الخاص، اما في العام فأنا متضامن مع نفسي، ولا ازدواجية في شخصيتي، هناك درس تعلمته من الاستاذ محمود محمد طه، وكنت اسعي اليه دوما للحوار معه حول بعض آرائه في القضايا العامة، سألته يوما عن اسس اصطفائه للاخ الجمهوري قال : ان يكون متمكنا من مهنته، لان الذي لا يفلح في مهنته لن يفلح في اقناع الاخرين بأي شيء اخر، وان يجيد التعبير عن نفسه، ويملك القدرة علي ضبط النفس وحسن الاستماع للآخر، لا يستفز ولا يستفز، اهم من هذا ان لايفعل في السر ما يستحي من فعله في العلانية، هذا ما اعنيه بالصدق مع النفس والطمأنينة الداخلية
المفكر السوداني الدكتور منصور خالد يفتح خزائن اسراره لـ القدس العربي (اخيرة)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: عبدالله عثمان)
|
إن اغتيال محمود محمد طه، شهيد الفكر، لرزءٌ أكبر من أن توفيه الدموع السواجم. وما اغتال محموداً دهرٌ خئون، وإنما انتاشته سهام صدئة، أطلقها قضاة تالفون، ودعاة عاطبون، وحاكم فاجر، معتل العقل، آن له أن يلجم..
د. منصور خالد - السياسة الكويتية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
كنت في داري بلندن عشية إعدام الأستاذ أتابع ما يدور في السودان برفقة الحبيب الراحل الدكتور خليل عثمان والذي نمت بينه وبين الأستاذ علاقة وارفة، وتداعي علينا كثر لا يصدقون ما يسمعون: الأخ الراحل حسن بليل ، الأستاذ التجاني الكارب الأخ الراحل ابوبكر البشير الوقيع. قضينا ليلة محلوكة..... وفي الصباح جاءنا الخبر الذي جعلنا جميعا نشرق بالدمع، حتي تحولت داري الي (بيت بكاء) لا ادري ما اصنع ... احاول تهدئة خليل وهو ينشج بالبكاء كالطفل؟ ام اهدئ من روع ابي بكر صاحب القلب الذي قرضته الامراض ؟ ام اقول للتجاني حنانيك بعد ان فجعني بقوله (لم اكن اظن انه سيأتي علي حين من الدهر اقول فيه لا يشرفني ان اكون سودانيا الا اليوم)؟ ام انصرف عنهم جميعا لافعل ما افعله دوما في مثل هذه الحالات: اعتصر قلبي في وريقة؟
منصور خالد للقدس منوّها بضغوط الأسرة الدولية وأسرة النميري (الدكتور عبد السلام صالح) لإثناء النميري عن تنفيذ حكم الإعدام على الأستاذ محمود محمد طه حاوره للقدس اللندنية كمال حسن بخيت
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: عبدالله عثمان)
|
كان الكل يترقب حدثاً من السماء في حين كان الوضع في انتظار سيراجيفوه أو قل تيموشواراه، سيراجيفو أو تيموشوارا كانت هي اغتيال محمود محمد طه ، الحدث الذي طعن السودان في خاصرته ، وطعن أهل السودان في واحدة من أمجد خصائصهم التسامح . وكان ذلك الحدث قمة لأحداث متتاليات من التحقير للرجال والتشهير بالنساء ، والتعهير للمبادئ السامية
الدكتور منصور خالد في كتابه ( النخبة السودانية وادمان الفشل- الجزء الثاني)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: عبدالله عثمان)
|
فمحمودٌ مفكرٌ دينيٌ مجدد ساءه أن يتظنى الأغيار، بل بعضُ المسلمين، ان الإسلام في ازمة، وانه عقبةٌ في سبيل التطور والتحديث. محمود رأي غيرَ ذلك. العقبة في رأيه هي الفهمُ القاصرُ للدين، وليس الدينُ نفسَه. والمأزوم هو المسلمُ المتقاصرُ عن فهم الدين فهما صحيحاً، وليس الإسلام.
محمود أيضاً مثقف موسوعي لم ينبذْ الأفكارَ المعاصرة او يناهضها دون علم و دراية بها، بل ذهب لتقصي إصولها ودارسة تجاربها شأن الباحث المدقق والامين في آن واحد. ذهب لدراسة الماركسية لينفذ الي حسناتها ويبين سيئاتها. من حسناتها في رأيه تحليلها للإقتصاد وإبرازها لدور الإقتصاد في مراحل التطور التاريخي للإنسانية، ومن سيآتها، حسب رأيه، إتخاذ العنف وسيلة للتغيير. كما درس الحضارة الغربية ورأي وجهيها، فحسب قولهَ لتلك الحضارة "وجه حسن مشرق الحسن ووجه دميم". حسنُها في الكشوف العلمية التي اخصبت الحياة البشرية، ودمامتها في القصور عن التوفيق بين حاجة الفرد وحاجة الجماعة. وهكذا دواليك كان إقترابه من تحليل اللبرالية والفكر القومي، ومناهج الحكم.
هو أيضاً متصوف زاهد إخشوشنت حياتُه بإختياره حتى خَمُص بطنه ورب مخمصةٍ خيرٌ من التُخَم. ورغم مهنيته التي اثرى منها رفاقُه في المهنة إلا انه لم يوظف مهنَته تلك ليوثِنَ (يكثر) في المال، بل ظل يُبقى منه ما يقيم الأود ثم يعفو ما فاض عن حاجته.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
عندما جوبهت بسؤال عن الموضوع الذي أتمنى إختياَره للحديث عن شهيد الفكر محمود في مئويته، بل في الذكرى الرابعةِ والعشرين لإستشهاده، توقفت مرة بعد مرةً، فمحمودٌ رجلٌ لكل الفصول (A man for All Seasons)، ذلك وصف أطلقه الفيلسوف الهولندي إيراسموس الملقب بأمير الإنسانويين على شهيد فكر آخر، هو السير توماس مور، رئيس مجلس اللوردات البريطاني في عام 1529م على عهد الملك هنري الثامن. ليس بين الرجلين عُلقةٌ في الفكر، بل تشابهٌ في الصدق مع النفس حتى الموت. وعندما تمنى علىَّ منظمو الحفل أن أتحدثَ عن الفكر السياسي عند محمود إزدَدتُ إحترازاً لأن إقبالَ الأستاذ الشهيد على الفكر السياسي كان مختلفاً جداً عما يُطلِق عليه البعضُ أسم الفكر السياسي في السودان، وهو ليس منه في شئ.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
سعيتُ من بعد القراءة والتملي فيما قرأتُ إلى لقاء الرجل، ليس فقط رغبة في الحوار معه حول بعضِ أفكاره، وإنما أيضاً لأكتنِه أمرَه: ما الذي كان الأستاذ يبتغي مما يدعو له؟ وعلي أي أساس كان يخاصم ويصطلح؟ وما هو معيارُه في الحكم على البشر، وبخاصة الحواريين من حوله؟ الغاية من ذلك الحوار كانت هي الإدراكُ السليمُ لكيف يستبطنُ المفكرُ الداعيةُ القيمَ التي يدعو لها، أي التعرفَ إلى مخبره قبل مظهره. تعرفت على محمود أيضاً من خلال تجارب اخوة لي لم يكونوا أبداً من بين صحبه وناصريه ولكن شاءت الظروف ان يرافقوا الإستاذ في مرحلة من مراحل حياته فأحبوه، ورأوا فيه من الخصائص والخلال ما لم يروه في غيره من الرجال. هذه هي المداخل التي قادتني للتعرف على رجل هو بكل المعايير رجلُ وَحْدَه.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: عبدالله عثمان)
|
د. منصور خالد: مياه النيل غير مطروحة في مفاوضات الحركة مع الحكومة سودانيز اون لاين 2/15 11:14am القاهرة - د ب أ أكد الدكتور منصور خالد المستشار السياسي لرئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان جون قرنق في حديث صحفي نشر اليوم الاحد أن قضية مياه النيل غير مطروحة في المفاوضات الجارية حاليا بين الحركة والحكومة السودانية. وقال خالد في حديثه لصحيفة الشرق الاوسط "الحديث عن إن هناك إثارة لهذا الموضوع غير صحيح .. وقضية مياه النيل غير مطروحة للبحث بين طرفين .. لانها تهم السودان أي الدولة وهي تعالجه وفق اعتبارين، الاول أن هناك اتفاقات ثنائية ودولية تحكم هذه المياه والدولة لها واجبات نحو هذه الاتفاقيات، والثاني أن الدولة السودانية تعالج هذه القضية في إطار دول حوض النيل". وردا على سؤال حول ما إذا كان يجب إدراج قضية مياه النيل في اتفاق تقاسم الثروة الذي توصلت إليه الحركة والحكومة السودانية في كينيا مؤخرا خاصة أنه بعد ست سنوات يحق تقرير المصير للجنوبيين إما الوحدة أو الانفصال، قال مستشار قرنق "أي دولة تتكون حديثا فأول قرار تصدره هو التزامها بالمواثيق الدولية والاتفاقيات الثنائية". وأضاف "بعدها إذا أرادت هذه الدولة الجديدة أن تعالج الموضوع فستعالجه كدولة في الاطار الاقليمي المعروف أو الاطار الثنائي إذا كانت هناك قضايا ثنائية، وأنا اتوقع مثلا أن قضية قناة جونقلي هي قضية ثنائية إذ أنها تعالج في الاطار الثنائي لكن أي قضايا أخرى تتعلق بمسيرة النهر واستغلال مياه لا بد أن تتم في الاطار الاقليمي لدول الحوض". وحول مشكلة دارفور، قال خالد "هذه مشكلة سياسية ولا بد أن تكون حرب الجنوب قد لقنتنا جميعا درسا بأن القضايا السياسية لا تحل بالسيف ومحاولة تخزيل هذه الحركات التي تحمل السلاح بأنها إرهاب ونهب مسلح .. لانه لا يوجد إنسان يعشق الموت أو يقدم على أن يقتل ويعرض نفسه على أن يقتل إذا لم تكن هناك دوافع". وأضاف مستشار قرنق "علينا أن نبحث عن هذه الدوافع ونحاول أن نجد لها حلولا .. لا يستطيع أحد أن يفرض أمرا واقعا على أحد لان اتفاق الترتيبات الامنية بين النظام والحركة الشعبية الذي تم توقيعه في سبتمبر (أيلول) الماضي، فيه نص واضح بأن الطرفين سيتعاملان لحل مشكلتي الجبهة الشرقية والمجموعات الاخرى التي تحمل السلاح". وتابع "إذا أراد النظام أن يجد حلا لمشكلة دافور، فلديه نماذج كثيرة سواء من التجارب السودانية أو غيرها للوصول إلى اتفاق مع أهل دارفور".
http://www.sudaneseonline.com/anews/feb15-83649.html
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: بكرى ابوبكر)
|
منصور خالد : غياب الدكتور قرنق ترك أثرا حزينا ليس لدي او لأسرته او للجنوبيين فحسب، وإنما لكل السودانيين ولافريقيا بأثرهسودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 8/2/2005 10:08 م لندن ـ الخرطوم: * ربيكا قرنق حرم الزعيم الجنوبي الراحل: «لا بد من تماسك الشعب السوداني لتنفيذ اتفاقية السلام لأنها الحل الوحيد في السودان.. قرنق كان رجلاً وحدوياً.. فهو ما زال حيا بأفكاره.. ان قادة الحركة الشعبية جادون وجاهزون لمتابعة مشواره وأنا معهم.. سأتشاور مع الاولاد، ونحن صابرون ومتماسكون رغم حبنا لأبينا». وأضافت: «قرنق مات، لكنه ترك لنا نظريته في السلام بين السودانيين. وقد ظل حريصاً على العمل مع الرئيس عمر البشير ونائبه علي عثمان من أجل السلام في السودان».
* علي عثمان محمد طه نائب الرئيس السوداني: «هذا يوم حزين من أيام السودان.. قرنق ترك بصمات واضحة على دفتر الحياة السياسية السودانية.. كان رحيله مفاجئا بطريقة تستدعي الفقه والتأمل.. لمست في الفقيد حباً حقيقياً للسودان ورغبة أكيدة في ان يبقى السودان موحداً. رحيل قرنق لن يضعف اتفاقية السلام ولن يوهن غزلها بل سيزيدها قوة..».
* نيال دينق القيادي في الحركة الشعبية: فقدنا قرنق في وقت كنا فيه أحوج ما نكون اليه، ولكن نعتقد اننا قطعنا مشوارا لا بأس به في مسيرة السلام.. وقد ساهم قرنق بفكره وجهده.. ووهب عمره كله للنضال من أجل السودان الجديد لرفعة وكرامة الانسان السوداني. نحن واثقون من اننا سنستمر على ذات النهج.
* الدكتور منصور خالد مستشار قرنق السياسي: غياب الدكتور قرنق ترك أثرا حزينا ليس لدي او لأسرته او للجنوبيين فحسب، وإنما لكل السودانيين ولافريقيا بأثرها. فهو فقد عظيم.. كان قد عقد العزم على توحيد القارة الافريقية.. بعد توحيد السودان على أسس جديدة، فهو رجل صاحب نظرة ثاقبة قادت إلى سلام على أساس جديد أنهى الفوارق الموروثة وأزال الظلامات ووضع أساساً متيناً لاستقرار السودان من خلال اتفاقية السلام الشامل والتي لعب جون قرنق دوراً أساسياً في تحقيقها.
* محمد عثمان الميرغني رئيس التجمع الوطني الديمقراطي: السودان فقد قائدا مكافحا ومناضلا جسورا بذل حياته لتحقيق تطلعات الشعب السوداني في السلام والوحدة والأمن والاستقرار والحكم الرشيد. عرفناه بالعقل الراحج والحكمة في تناول الشأن الوطني.. ونحن نعمل سويا في حلف استراتيجي امتد لـ17 عاما قام على الصدق في التعامل والحفظ للمواثيق والعهود. تركنا ونحن في أحوج ظرف اليه.. اننا نثق في مقدرة الاخوة في الحركة الشعبية على تجاوز الأزمة الماثلة وفي مقدرتهم على استكمال مسيرة السلام والتحول الديمقراطي والوحدة التي قادها الفقيد وبذل حياته في سبيلها.
* مصطفى عثمان اسماعيل وزير الخارجية : إن فقد قرنق يعتبر خسارة كبيرة بكل ما تعني هذه الكلمة من معاني خسارة للسودان ولأهلنا في الجنوب ولافريقيا والعالم ايضا. قرنق كان قد أكد لي قبل فترة ان علاقات الحركة الواسعة التي ثبتتها ايام الحرب يمكن ان تتم الاستفادة منها في مرحلة السلام لمصلحة السودان ومصلحة افريقيا.
* حاتم السر الناطق الرسمي باسم التجمع السوداني المعارض: ان قرنق كان له تواصل كبير مع كل القوى السياسية وكنا ننظر اليه بأمل كبير في إرساء التحول الديمقراطي ومقتله خسارة كبيرة.
* الدكتور غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية السابق للسلام: قرنق كان شخصية مؤثرة واستثنائية جدا في داخل المجتمع الجنوبي والسوداني بصفة عامة.. كان يمسك بمقاليد الأمور باعتبار رصيده التاريخي في قيادة الحركة والعلاقات الخارجية الواسعة التي استطاع ان ينشئها. كان في مقدوره إيجاد تمويل للحركة وتنظيمها والخروج بها من المضايق الكثيرة.. فهو شخصية بكل المقاييس استثنائية في قيادة الحركة.
* مبارك الفاضل المهدي مساعد رئيس الجمهورية السابق: قرنق يتميز بشخصيته فذة، فهو سياسي بارع..، وخلفه «سلفاكير» رجل عاقل وهادئ الطباع يتمتع بتأييد كبير وسط الجيش الشعبي خاصة.. وهو من دينكا بحر الغزال الذين يمثلون الاغلبية في قبيلة الدينكا لذلك أتوقع ان يجد تأييدا كبيرا. ورحيل قرنق سيكون له الأثر الكبير ليس في جنوب السودان فحسب، بل على الأوضاع في البلاد ككل.
* الدرديري محمد أحمد أحد مفاوضي الحكومة: قرنق ملك لكل الشعب السوداني ولم تفقده الحركة الشعبية وحدها، بل فقدناه نحن كذلك.. وسيظل مكان جون قرنق شاغراً في نفوسنا وان كانت «حواء ولادة»، ولكن مسيرة السلام لن تتوقف لموت أحد أيا كان.
http://www.sudaneseonline.com/anews2005/aug2-02050.shtml
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: بكرى ابوبكر)
|
موت قرنق فجأة يربك الميرغني والمهدي و نقد وأبو عيسى و منصور خالد و«نيفاشا» سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 8/2/2005 3:41 ص موت قرنق فجأة يربك الميرغني والمهدي و نقد وأبو عيسى و منصور خالد و«نيفاشا»
رحيل قرنق المباغت يربك القوى السياسية المعارضة التي تخوض بداية معارك مع النظام في سبيل تثبيت التحول الديمقراطي غير ان «التجمع الديمقراطي» هو أكثر المعارضين تضرراً وارتباكاً برحيل قرنق. فقد كان الرجل الركن الأساسي في هيكله والوزن الاكثر ثقلاً واثبت أنه الأكثر مصداقية اذ ظل يؤكد حرصه على اشراك المعارضة في عملية إحداث التحول الديمقراطي ومؤسسات المرحلة الانتقالية. وظل هو الجواد الذي تراهن عليه فصائل التجمع من أجل اللحاق بعملية التغيير الذي بدأه السودان بعد بدء تطبيق اتفاقات «نيفاشا». رحيل قرنق المباغت يربك النظام على حد سواء إذ هو الشريك الذي يثبت التزامه بالثوابت على قدر ما يبرهن على براعته في المناورة السياسية في تفكيك الأزمات العارضة وتجاوز المعطيات المفاجئة واثبتت التجربة الفقيرة من عمر الشراكة حاجة النظام لقدرات قرنق القيادية وعلاقاته الحميمة مع المعارضة. ليس النظام وحده بل كل الشمال كان يراهن على قرنق من أجل ضمان جنوب مستقر. رحيل قرنق المباغت يربك النظام الذي التبس خطابه الاعلامي على نحو فاضح ليلة الكارثة فافتقد المصداقية وفضح عجز أجهزة الدولة من خلال تخلف البيانات الرسمية المرتبطة باعلان نبأ الفاجعة كما بان ارتباك النظام في القصور الذي فضحه الانفلات الأمني. الخسائر الفادحة التي شهدتها الخرطوم صباح الأمس لم تكن نتيجة عجز أمني بل ارتباك سياسي، مع ان التحذير من حدوث الاعتداءات التي وقعت لم يكن بعيداً عن مخيلة العديد من الساسة والمراقبين والمواطنين كذلك مثلما أنه لم يكن غريباً عن الذاكرة الجمعية للعاصمة إلا أن القصور في التدبير ساهم في استنساخ تجربة «الأحد الأسود» في طبعة جديدة. مع البون الشاسع بين المحورين الجنوبيين في التجربتين. * صاحب السهل الممتنع ما من قامة سودانية تستطيع ان تملأ الفراغ المهول الذي ظهر على المسرح السياسي برحيل جون قرنق إذ ليس ثمة رجل يقبض على معظم ـ ان لم يكن كل ـ خيوط اللعبة السياسية السودانية مثل ما هو قرنق، وليس هناك من تمتع بالقدرة على أداء أدوار مثيرة بأوراق اللعبة السياسية السودانية على ذلك النحو السهل الممتنع الذي دأب عليه قرنق، وليس ثمة شخصية بين الساسة السودانيين تحظى بالاحترام الذي حظي به قرنق من قبل كل ـ تقول معظم عمداً ـ القيادات الحزبية فهو على مسافات متوازية مع الجميع مثلما هي فريته من الكل. لا أحد بين القيادات السودانية استطاع ان ينسج شبكة من العلاقات مع قادة دول الجوار على نحو يتجاوز المنوال السياسي التقليدي ليطبعها بصيغة شخصية بالغة الحميمية، وليس بين القادة السودانيين من تمكن مثل قرنق استقطاب دعم إقليمي ودولي لقضية داخلية كما نجح قرنق. * المهدي: مايسترو قوي في هذا السياق قال الصادق المهدي زعيم حزب الأمة ورئيس الوزراء السابق كان قرنق مايسترو قوياً في النضال المسلح والتفاوض استطاع ان يحقق الكثير من المكاسب لأبناء الجنوب غير ان هذا الجهد ينبغي الا يغّيب عناصر أخرى ساهمت في هذا الانجاز فهناك عناصر عديدة في الوعي الشمالي لدعم تحقيق تلك المكاسب والقناعة بضرورة التراضي على حلول مقنعة ومرضية للجميع بالإضافة إلى الدعم الدولي. وعزا المهدي مظاهر الانفلات في الخرطوم إلى إحساس في أوساط الجنوبيين يربط تحقيق تلك المكاسب بشخصية قرنق وحده ومن ثم تولد لديهم شعور بالإحباط واختلط هذا الإحباط بإحساس بوجود مؤامرة وراء الكارثة. وقال المهدي ان قرنق ذهب في مرحلة مفصلية صعبة خلف تبعاتها لقادة الحركة تتمثل في التعديلات الأخيرة التي أجراها في قيادة الحركة والتي نجم عنها استقطاب داخل القيادة بالإضافة إلى استقطاب آخر بين الحركة والجنوبيين الآخرين خارجها وهناك الموقف بينه وبين الحكومة إزاء منطقة ابيي وقد وصل الموقف إلى جدار. ونصح المهدي قادة الحركة بالعمل على تجاوز هذه القضايا الثلاث من أجل الحفاظ على مكاسبها ومكاسب الجنوبيين وحذر من أن تفتت صفوف الحركة سيفضي إلى إضاعة تلك المصالح ودعا القيادات الشمالية للمساهمة في إعانة قيادة الحركة على التمسك بوحدتهم باعتبار أن تلك هي خطوة أساسية للحفاظ على جنوب مستقر منبها إلى أن تفكك الجنوب وعدم استقراره ليس في مصلحة الوطن. * محمد إبراهيم نقد: طراز فريد أكد محمد إبراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي على أهمية تسريع قيادة الحركة لاختيار النائب الأول لرئيس الجمهورية وتعجيل الإجراءات الدستورية لتنصيبه. وقال من شأن ذلك استئناف عجلتي الدولة والحركة السياسية لدورانهما الطبيعي.وقال نقد إن قرنق طراز فريد من القيادات تشكل في مدرسة سياسية وعسكرية في ظروف إقليمية ودولية صفية وعبر أكثر من منعطف سياسي وتجاوز أكثر من انشقاق داخلي بنجاح. وهو في كل ذلك لم يتغير ولم يتراجع عن خيار الوحدة ولذلك كان استقباله في الخرطوم على نحو غير مسبوق ولن يتكرر إذ كان عفوياً وبعيداً عن آليات الأنظمة الشمولية لحشد الجماهير.كما أن قرنق يعد أحد القيادات الجنوبية النادرة التي تعاملت مع كل القوى السياسية السودانية فأصبح التعامل معه سهلاً كالجار أو الصديق إذ نجح من خلال هذه التجربة في إزاحة الحواجز سواء في حالة الاختلاف أو الاتفاق واكتسب في الوقت نفسه وزنا في أفريقيا والأوساط الدولية. وأضاف نقد قائلاً إن هذا هو احساس الشارع السوداني الذي احتفى به وافتقده كشخص أليف وليس قائداً سياسياً أو عسكرياً بل دون ألقاب ومناصب فهو يردد «قرنق» أو «جون».وعبر نقد عن أسفه لضياع فرصة لقاء بينهما في «رومبيك» كان قرنق حريصاً عليه بعيداً عن الخرطوم بعيداً عن الضغوط وقال فقد افتقدت بالفعل فرصة نقاش سياسي فكري لا يعوض. وأعرب سكرتير الحزب الشيوعي عن أسفه لعدم حرص الدول العربية على استقباله والسماع له مع أنه لم يكن طالب حال مثل العديد من القادة الأفارقة الذين يطرقون العواصم العربية بل كان داعياً لفكرة الوحدة.وقال نقد لا تستطيع العناصر المعارضة لقرنق والمختلفة معه بتجريح تاريخه أو تقليل شأنه. وقال نقد ما حدث في العاصمة من انفلات ما كان له أن يحدث ذلك أنه كان متوقعاً وربما لم يكن الأمر يستدعي فرض حالة الطوارئ بل مجرد تواجد محسوس من قبل الشرطة في الشارع ربما كان كافياً على الأقل لتقليل حجم الخسائر.وأضاف نقد ان كارثة من هذا النوع كانت مرئية في عيون قطاع عريض من الذين شهدوا أحداث 6 يناير 1965 خاصة وأن العاصمة أصبحت حالياً محاطة بحزام من البؤساء ومثقلة بازدحام شديد وكلاهما يفرخان استعداداته للتخريب. * منصور خالد: زعيم له رؤية وقدرة اعتبر الدكتور منصور خالد أحد مستشاري قرنق مصرع الرجل بمثابة كارثة للسودان بأسره وقال ان د. جون أثبت عبر زعامته للحركة وبالتجربة أنه زعيم وطني يملك الرؤية والقدرة على توحيد السودان وعلى أسس وطن جديد يحقق الاستقرار الذي ظل السودان ينشده. وقال لا أفتقد في قرنق قائداً سياسياً فقط بل صديقاً عظيماً تأثرت بصداقته في أكثر من مجال وأشاد بنضاله من أجل كل أهل الجنوب في سبيل تحسين أوضاعهم وإحلالهم في المكانة التي يستحقونها.وأضاف خالد أنه رغم أن مصرع قرنق في هذا التوقيت يمثل كارثة إلا أنني لا أعتقد أن غيابه سيعطل عملية السلام ذلك أن القيادة التي ستتولى أمر الحركة ستكون حريصة على إكمال المشوار وفق ما تقرر في اتفاق السلام. * أبو عيسى: شخصية كارازماتية وقال فاروق أبو عيسى مساعد رئيس التجمع المعارض للشؤون القانونية إن مصرع قرنق خسارة كبيرة يمكن أن تعرض السودان لهزة غير محمودة ويتطلب ملء الفراغ وتجاوز المحنة الكثير من الجهد والصبر في ضوء رجاحة عقل قرنق وبعد بصره وشخصيته الكارازماتية والتزامه الكامل بالسلام والوحدة والتزامه بتصحيح أوضاع المهمشين والفقراء. وأعرب أبو عيسى عن أمله في أن تنجح قيادة الحركة في تجاوز هذه الأزمة وحضهم على مزيد من الوحدة والتمسك بالمنهج الذي طرحه قرنق من أجل سودان جديد ديمقراطي مدني موحد وحدة طوعية بإرادة أبنائه.وقال إن الحكومة مطالبة بمزيد من الالتزام في شأن تنفيذ اتفاقات السلام وإغلاق الثغرات ذلك أن موضوع الاجماع الوطني أصبح ضرورة لأهل السودان وعليها اثبات نكران الذات واتخاذ خطوات أكثر اتساعاً وجرأة تجاه القوى المعارضة والتعامل بجدية مع مطالب هذه القوى في سبيل تحقيق الوحدة الوطنية وحماية الوطن من المخاطر.وطالب الشعب بالصبر وتحمل الكارثة والتمسك بالتسامح والاستقرار. * حاتم السر: ضامن السلام والديمقراطية وأكد الناطق الرسمي باسم التجمع حاتم السر أن غياب قرنق في هذه المرحلة خسارة كبيرة في استكمال عملية السلام والتحول الديمقراطي، فقد كان الضامن الذي عمل من أجل دفع الحكومة للوفاء باستحقاقات المرحلة هو الذي كان وارء دخول التجمع في مفوضية الدستور، وكان في الوقت نفسه يشكل أملاً لأبناء الشرق والغرب من أجل تحقيق مطالبهم والحصول على حقوقهم. وقال السر إن غياب قرنق تهديد لعملية السلام. وحذّر الحكومة من أي تعنت ربما يعيد الأزمة للمربع الأول، وطالبها بإعادة النظر في تعاملها مع المعارضة، وقال إن قرنق كان يتمتع بعلاقات حميمة مع كل المعارضة، خاصة الحركات المسلحة في الشرق والغرب، وأن تلك العلاقة لم تكن مبنية على الحركة كمؤسسة وإنما بفضل صلاته الشخصية وشخصيته القيادية، وهذا ما لن يتم التعويض عنه. * الميرغني: شريك نضال ووصف محمد عثمان الميرغني زعيم التجمع قرنق بأنه رفيق الدرب وشريك النضال، وقال: فقد السودان فيه قائداً مكافحاً ومناضلاً جسوراً بذل حياته لتحقيق تطلعات الشعب السوداني في السلام والوحدة والأمن والاستقرار والحكم الرشيد.وأضاف الميرغني في بيان عرفناه بالعقل الراجح والحكمة في تناول الشأن الوطني ونحن نعمل سوياً في حلف استراتيجي امتد 16 سنة قام على الصدق في التعامل والالتزام بالمواثيق والعهود. وأعرب الميرغني عن ثقته في قدرة الحركة الشعبية على تجاوز محنته واستكمال عملية السلام والتحول الديمقراطي والوحدة.وهاتف الميرغني سيلفا كير معلناً تضامنه مع الحركة، ومذكراً بالتحالف بين الحزب الاتحادي الديمقراطي والحركة. وأوفد الميرغني ثلاثة أعضاء من المكتب السياسي للحزب الاتحادى الديمقراطى إلى نيوسايد لتقديم العزاء وهم الدكتور جعفر عبدالله واوتاما سابا ومادول شب ومعتز عثمان الفحل .
http://www.sudaneseonline.com/anews2005/aug2-95406.shtml
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: بكرى ابوبكر)
|
الدكتور منصور خالد خلال لقاءه بالجالية السودانية بالعين ينقل تحياته لرواد سودانيزأونلاين ويدعوهم للمساهمة فى بناء الوطنسودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 6/25/2005 1:34 ص إستضافت الجالية السودانية بمدينة العين الدكتور منصور خالد المستشار السياسى لقائد الحركة الشعبية والسياسى والمفكر السودانى المعروف .. حيث نظم مجلس إدارة الجالية لقاءاً تفاكرياً بقاعة كبار الزورا بملتقى أسرة جامعة الإمارات ضم عدداً من ممثلى شرائح الجالية بالعين من أساتذة جامعات وأطباء ومهندسين وطلاب وغيرها من الفئات الممثلة للجالية . إبتدر اللقاء الأستاذ / محمد الجزولى مدير مكتب معالى وزير التربية والتعليم والتعليم العالى بالترحيب بالدكتور منصور معرفاً الحضور به وبمساهماته على المستوى الوطنى والعلمى والمساهمات التى قدمها فى المجالات المختلفة مؤكداً إعتزازه بأنه كان يوماً أحد طاقم إدارته حينما كان وزيراً للتعليم العالى بالسودان وأن الفضل يرجع للدكتور منصور فى إنشاء عدد من الجامعات على رأسها جامعة الحزيرة . بعد ذلك تحدث الدكتور منصور خالد للحضور مؤكداً سعادته بإلتقاء أفراد الجالية بمدينة العين لتبادل الأفكار ووجهات النظر حول العديد من القضايا الوطنية مستعرضاً المسيرة التاريخية للأوضاع السياسية بالبلاد إبتداءاً من الإستقلال وصولاً لإتفاق نيفاشا الذى قال عنه ( إنه نجم عن إلتقاء قوتين ،الأولى إستولت على السلطة وإستطاعت الصمود أمام كل محاولات الإطاحة بها لأكثر من خمسة عشر عاماً والثانية ظلت تحارب لأكثر من عشرين عاماً لكن لم يستطع أحد زحزحتها ) ومثلماً كان 30 يونيو إنقلابا كان إتفاق نيفاشا إنقلاباً غير الكثير من الأسس والمفاهيم البالية التى ظلت تسيطر على إدارة أوضاع البلاد . بعد ذلك تم فتح باب النقاش حيث تحدث الدكتور عبد الوهاب أحمد عميد كلية العلوم الإنسانية بجامعة الإمارات سابقاً والمستشار بوزارة التعليم العالى مشيراً إلى سيطرة القيادات السياسية على خطط إدارة البلاد متناسين الدور الهام الذى يمكن أن يقوم به أبناء الوطن المتخصصون فى المجلات العلمية المختلفة وعلى رأسهم أساتذة الجامعات متناولاً بالتفصيل العديد من القضايا التى كان يمكن أن يحرزوا فى تقدماً متميزاً. كما سلم نهاية حديثه مقترحاً للدكتور منصور خالد باسم الأساتذة لطرحه للمهتمين بهذا الشأن . الدكتور موسى شلال من جامعة الإمارات أشاد بتجربة الدكتور منصور وزملاءه فى الحركة قائلا : ( رغم إختلافاتنا مع الدكتور فى كثير من الأمور لكننا نقدر عالياً ما أستطاعوا الوصول إليه ) ثم سأل عن فرص نجاح الإتفاق بين الحكومة والحركة . الدكتور منصور : حقيقة الزمن الذى إستغرقه إعداد مكونات الإتفاقية والحوار الذى جرى حول كل القضايا التى وردت فى الدساتير والإتفاقيات السابقة وكل ماهو متوقع من مستجدات وكيفية الحوار تؤكد علامات نجاح هذه الإتفاقية . الأستاذ حسن محمد خير / وزارة التربية .. خارج إطار المحاور الرسمية ماذا أعددتم لإزالة الغبن الذى ظل يحس به المواطن الجنوبى على مدى سنوات لأن معدل رضا المواطن سواء فى الجنوب أو الشمال هو مؤشر قبول أو رفض وبالتالى نجاح وفشل الإتفاقية . الدكتور منصور خالد : المواطن السودانى فى الجنوب أو فى الشمال يحتل ذات المكانة فى إهتمام الحركة الشعبية والحكومة على السواء لكن الإتفاقية لأول مرة تضع معايير مختلفة لمفهوم المواطنة بمعيارها الشامل ولأول مرة يوضح واجبات المواطن التى لم يرد ذكرها فى أى من الدساتير السابقة .. وبإيجاز نستطيع القول إن المواطن الجنوبى على ذات القدر من المسئولية التى يتمتع بها الشمالى التى تجعله عنصراً من عناصر نجاح الإتفاقية . الدكتورهشام ميرغنى / كلية الطب جامعة الإمارات .. دكتور منصور بدءاً نحن سعيدون بوجودك بيننا لأن هنالك العديد من القضايا العالقة بالذهن نستطيع طرحها الآن عليكم وأنتم فى مقام المسئول بجانب آخرين باعتباركم منظرين لمرحلة سياسية قادمة .. السؤال قمتم بوضع إتفاقية يترتب عليها نحديد مصير الوطن الذى يمثل الشباب فيه رقماً هائلاً لا يستطيع كائن من كان تجاهله .. وكثير من الشباب إن جاء ذكر مشكلة الشمال والجنوب يرد بكل بساطة ( ما ينفصل ) ماذا أعدت الإتفاقية لمثل هؤلاء . الدكتور منصور : أنا لا أتفق مع ما ذكرت حول نظرة الشباب للإتفاقية وذلك من خلال مشاهداتى للوضع بالسودان وأنا قادم منه قبل ساعات وقد لا تستطيع تصور المدى الذى إستطاعت الإتفاقية أن تقطعه فى تجسير الهوة بين الشمال والجنوب كما أنك قد لا تتصور عدد الشباب الذين سجلوا للإنضمام للحركة الشعبية وقد لاتتخيل أن ندوة للحركة الشعبية تقام بمدينة سنجة إذ ليس هنالك مبرر لحدوث كل ذلك لولا الإحساس بأنها تنتمى للشمال مثلما تنتمى للجنوب . الأستاذ /مجاهد الطيب العباسى .. الأمين الثقافى للجالية بمدينة العين . الدكتور منصور خالد نرحب بك بيننا فى مدينة العين أولاً .. سؤالى أننى قرأت لك فى ردك على أحد الصحفيين العرب أن وجودكم بالحركة هو ضمان بعدم الإنفصال إلى أى مدى يمكن تحقق ذلك . الدكتور منصور خالد : أولا إن حدث اتلإنفصال سيكون كارثة لكل الوطن ثانياً لقد تم وضع برنامج لمراجعة تنفيذ الإتفاقية يقوم على تصحيح المسار الإدارى للأمور يضمن فى داخله الكثير من عناصر النجاح الذى نتوقع أن يتجاوز أثره على مناحى أخرى فى حياة المجتمع السودانى . أبوذر المنا .. أمين عام الجالية بدءاً نكرر ترحيبنا بتشريفكم لنا هنا بمدينة العين ونشكر لكم أريحيتكم وتواصلكم خلال هذا الحوار الراقى .. وفى الخاطر العديد من إنطباعات المراحل التى ظل ينظر العديد من قطاعات الشعب السودانى لوجود ( جلابة الحركة ) إن جاز المسمى بداية من التصنيف الفكرى الى السعى نحو المصالح حتى وصلنا للمرحلة الحالية التى تجلى فيها أن وجود قيادات داخل الحركة من الشمال يمثل مصداقية قومية الحركة .. الكثير من المفاهيم التى ظللتم تنادون بها فى مجتمع به مختلف الثقافات والقوميات ماذا تحقق منها وما الإضافات التى أحدثتموها فى فكر الحركة . الدكتور منصور خالد : حقيقة السؤال كبير ودعنى أذكر لك بعض النوادر التى حدثت لنا فى شرق السودان .. أحد القادة الشباب حينما إلتقى بعض شباب الأسود الحرة من قبيلة الرشايدة أخذ يتندر ويقول : ( ياسر عرمان غاشنا الزمن دا كلو إنكم أنتو عرب ومال ديل يطلعوا إيه ) الشىء الثانى مرة كان الدكتور جون قرنق فى زيارة لبعض مناطق الشرق فأخذ يتبادل أطراف الحديث مع بعض المواطنين فلاحظ أن الكثير من مواطنى تلك المناطق لا يستطيعون التكلم معه بالعربية مما إضطر الأخ سليمان على بيتاى للترجمة لقرنق من اللهجة المحلية للعربية .. فى نظرية أن كل ذلك دروس من أرض الواقع تضيف للتجربة وتؤكد أن السودان هو وطن أكبر من ان تسعه مصطلحات شمال وجنوب ، غرب وشرق ، عرب وزنوج وغيرها من المصطلحات وهذا كله يصب فى ما أشرنا إليه من مفاهيم . فى خاتمة اللقاء وعلى مائدة الشاى سألناالدكتور منصور خالد عما هى الرسالة التى يود إيصالها عبر سودانيزأونلاين للألاف من السودانيين من مختلف الأعمار والثقافات الذين يتحاورون يومياً على منبر الموقع عن الكثير مما يعنى الوطن .. فأجاب بع التحية للجميع أنه يهديهم خلاصة هذا اللقاء بمعانيه المختلفة متمنياً من الجميع إبراز مساهماته فى بناء وطن الجميع .
http://www.sudaneseonline.com/anews2005/jun25-66327.shtml
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: بكرى ابوبكر)
|
مستشار رئيس الجمهورية الدكتور منصور خالد: إتهامات محكمة الجنايات الدولية خطيرة اجراس الحرية: واشنطن: عبد الفتاح عرمان
فى حوار مطول اجريناه مع القيادى بالحركة الشعبية و مستشار رئيس الجمهورية الدكتور منصور خالد وصف فيه الاتهامات الموجة لسيادة رئيس الجمهورية المشير عمرالبشير بالخطيرة و اضاف: هذه الازمة لا تحل بالحشود الجماهيرية و انما عبر الدبلوماسية الهادئة. و فى معرض رده حول مدى تاثير غياب الدكتور جون قرنق دى مبيور على الحركة الشعبية و عملية التحول الديمقراطى اكد خالد بان الدكتور جون قرنق كان اسطورة افريقية وقائد سودانى و افريقى كبير و سوف تظل افكاره باقية. و سوف نقوم بنشر نص الحوار فى اعدادنا القادمة. http://www.sudaneseonline.com/ar/article_23067.shtml
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: بكرى ابوبكر)
|
مستشار رئيس الجمهورية منصور خالد: البعض يعتقد على عثمان باع القضية Oct 23, 2008, 05:52
سودانيزاونلاين.كوم Sudaneseonline.com
ارسل الموضوع لصديق نسخة سهلة الطبع
مستشار رئيس الجمهورية منصور خالد: البعض يعتقد على عثمان
باع القضية
الدكتور منصور خالد: إتهامات محكمة الجنايات الدولية يجب ان تقلق السودانيين قبل غيرهم
من ينظرون لمواقف وزراء الحركة الشعبية بانها خروجاً عن الخط العام للحكومة نقول لهم الخط العام هو اتفاقية السلام وليس هنالك خط عام اخر
بعض العراقيل ناتجة عن حرص البيروقراطية الادارية او السياسية فى الحفاظ على مكاسبها
تصوير انسحاب الحركة من ولايات دارفور الثلاث بانه اضراب سياسى او عمل نقابى هذا غير صحيح لست منسحباً من المسرح السياسى ولكن...!!!
مستشار رئيس الجمهورية و القيادى البارز فى الحركة الشعبية الدكتور منصور خالد قدم الى العاصمة الامريكية واشنطن بعد رحلة طويلة وصفها بالخاصة لكل من كوستاريكا و كوبا. وعلى الرغم من مشقة السفر الا د. خالد لا يعبأ بركوب الصعاب كشاعره المتنبى الذى كان يقطع الفيافى ما بين مصر كافور الاخشيدى و بغداد دولة العباسيين. وعلى الرغم من مشقة السفر الا انه وافق على الفور باجراء هذا الحوار معنا، فالى نص الحوار:
اجرى الحوار لاجراس الحرية من واشنطن: عبد الفتاح عرمان
* ماهى السناريوهات المحتملة للخروج من مأزق محكمة الجنايات الدولية؟
اولاً، رايىء هو راى الحزب الذى انتمى اليه، ومنذ اليوم الاول الذى برزت فيه هذه القضية كان لنا راى تشاورنا فيه مع إخوتنا فى المؤتمر الوطنى، و راينا يقول بان هنالك ضرورة للتواصل الايجابى بصرف النظر من موقفنا كدولة من هذه المحكمة، لا سيما و قرار المحكمة قد صدر فى إطار قرار من مجلس الامن بتحويل قضية السودان بكاملها للمحكمة. و الغرض من التفاعل الايجابى هو ان نجد ارضية للوصول لمجلس الامن لانه الجهة التى تقدمت بهذا الموضوع للمحكمة من اجل حل المشاكل الاساسية التى اثارتها هذه المحكمة وعلى راس هذه المشاكل قضية دارفور، ثم ان الاتهامات التى اوردتها المحكمة بصرف النظر عن صحتها او بطلانها هى إتهامات خطيرة ويجب ان تقلق السودانيين قبل غيرهم، وبالتالى نحن مطالبين بان نقوم بتحقيق فى هذه القضايا وان يكون هذا التحقيق به شفافية و مقنع لكل الناس. و الحكومة كانت فى الماضى قد اتخذت قرار فى تقديرى بانه سليم عندما كونت لجنة وطنية مستقلة بقيادة قانونى على درجة كبيرة من الاستقلال و يحظى باحترام كبير وبها ايضاً عدد كبير من القانونيين هم ايضاً يحظون بالاحترام، وهذه اللجنة اتت بتقارير و بقضايا جدية كان يجب ان تعطى قدر من الاهتمام بالطريقة التى يستحقها هذا الامر حتى تكون مقنعة ليس فقط للاطراف الخارجية وانما مقنعة للاطراف المحلية و على راسهم سكان دارفور. لسوء الحظ هذا لم يحدث ولسوء الحظ ايضاً راى الحركة الشعبية لتحرير السودان لم يقبل وهذا كله كان قبل الاجراء الاخير بملاحقة رئيس الجمهورية، ولو كنا فعلنا كل هذه الاشياء لما وصلنا للنقطة الحالية، و بالطبع قضية ملاحقة الرئيس لديها شقين، الشق الاول هو ملاحقة رئيس وهو موجود الان على سدة الحكم امر يتجافى مع كل الاعراف ولم يحدث من قبل و بالتالى هذه قضية تعنى السودانيين وهى كيفية تجاوز هذه المشكلة بالطريقة التى ترضى كل الاطراف بما فى ذلك المجتمع الدولى لانه وراء كل هذه المسائل. فى اعتقادى بان محاولة كسب الاصدقاء فى افريقيا و الدول العربية و دول عدم الانحياز يجب ان لا يصرف نظرنا عن شىء مهم، اولاً سلامة الرئيس شىء و القضايا التى اثارتها المحكمة شىء اخر وهذا شىء مهم ويجب ان يكون واضحاً فى كل تحركاتنا. الشق الثانى من هذه القضية، هو بان هذا النوع من القضايا لا يمكن ان يعالج الا فى إطار الدبلوماسية الهادئة، و الدبلوماسية الهادئة بالضرورة تقتضى عدم التصعيد الجماهيرى لان التصعيد الجماهيرى فى نهاية الامر لن يفيد فى معالجة القضية، و بالتالى لو اخذنا كل هذه المسائل فى الاعتبار ربما نخرج من هذا المازق.
-انتم فى الحركة الشعبية مع التعاون مع المجتمع الدولى بخصوص هذه القضية و المؤتمر الوطنى يرفض ذلك.. هذا التباين فى المواقف الا يضع لجنة إدارة الازمة فى ازمة؟
ظللنا طوال الثلاثة سنوات الماضية وهذا شىء مؤسف وهو ان يكون لدينا وجهات نظر مختلفة فى قضايا هى بطبيعتها يمكن ان تعالج فى داخل الشراكة للوصول الى رؤية مشتركة يمكن ان تعين على حل المشاكل، الحركة الشعبية طوال الثلاثة سنوات الماضية ظلت تؤكد بانها تريد ان تسخر علاقاتها الخارجية للوصول الى اسلوب فى الحكم يرضى الطرفين، الاسلوب الذى يرضى الطرفين هو الذى يقوم على تنفيذ الاتفاقية لانه لو اخذنا الطرفين كحزبين سياسيين لديهم رؤى مختلفة، تاريخ مختلف، و اهداف مختلفة، و النقطة التى يلتقون عندها هى اتفاقية السلام الشامل. ومن المؤسف بان كثير من الناس خاصة فى وسائل الاعلام يتعاملون مع الحركة الشعبية و كانها شريك متوالى و الحركة ليست شريكاً متوالياً، و الحركة يجمع بينها و بين المؤتمر الوطنى ميثاق مهم هو اتفاقية السلام، ولو تم تنفيذ الاتفاقية بالصورة التى جاءت بها الاتفاقية قد يكون هنالك خلافات هنا و هناك فى الشكل ولكن يجب ان لا تنتقل الخلافات الى المضمون، المضمون هو نصوص الاتفاقية و الطريقة التى وضعت بها الاتفاقية الغرض منها التزام الطرفين و ليس هنالك اتفاقية ابرمت من غير التزام الاطراف بها، وكل الاتفاقيات وعلى راسها مثلاً اتفاقية ديتون كانت بها ضمانات، و الضمانات التى وفرت فى هذه الاتفاقية الهدف منها التزام الطرفين بها نصاً و حرفاً، وبالتالى نقطة اللقاء هى الاتفاقية، الخروج من هذه الاتفاقية فى اى وجهة كانت هذا الخروج بالضرورة سوف يؤدى الى توتر بين الطرفين، و هذا التوتر سوف ينعكس على اداء الحكومة وبالتالى من ينظرون الى مواقف وزراء الحركة الشعبية فى الحكومة بانها خروجاً عن الخط العام للحكومة نقول لهم بان الخط العام هو اتفاقية السلام وليس هنالك خط عام اخر مطلقاً ، وبالتالى كان بامكاننا عمل اشياء كثيرة مع شركاءنا، وهذه الاتفاقية نفذت فيها اشياء كثيرة جداً ولكن هنالك اجزاء اخرى حتى لو اخذتها بالكمية العددية تجدها قليلة ولكنها ضرورية و اساسية مثل التحول الديمقراطى و هنا لا اتحدث عن الاشكال، وضعنا دستور بشكل ديمقراطى جداً، وضعنا ميثاق الحقوق ولاول مرة يحدث فى تاريخ السودان و اتفقنا على لامركزية وهى تمت بصورة لم تحدث من قبل فى تاريخ السودان، وكذلك فيما يتعلق باقتسام الثروة فهذه كلها اشياء كبيرة، لكن المحاولة لعرقلة تنفيذ هذه الاشياء تقود الى مخاوف كثيرة و صحيح ان هذه العرقلة قد لا تكون نتيجة لقرار سياسى، وانا اقطع بانه فى بعض الاحوال ليست ناتجة عن قرار او توجه سياسى هى نتيجة لحرص البيروقراطية سوى كان البيروقراطية الادارية او السياسة فى الحفاظ على مكاسبها وهذا لا يصبح عذر لاى احد لاننا فى الاتفاقية وضعنا نص هام جداً قلنا فيه ان الطرفين يلتزمان حالما تم التوقيع على هذه الاتفاقية بتنفيذ الاتفاقية كاملة و ان يلزموا المؤسسات التابعة لهم و الاعضاء التابعين لهم، و بالتالى لا يمكن ان يكون هذا عذر مطلقاً.
* ولكن كما راينا فى حادثة معسكر كلمة انسحبت الحركة الشعبية من حكومات ولايات دارفور الثلاث احتجاجا على تلك الحادثة و هى شريك فى هذه الحكومة وليست اتحاداً طلابياً حتى تنسحب من الحكومة؟
تصوير موضوع الانسحاب بانه إضراب سياسى او عمل نقابى هذا غير صحيح، انت فى العمل السياسى لديك خيارات متعددة هذه الخيارات بتبدأ من نقض الاتفاقية و العودة الى الحرب و هذا امر لا يقدم عليه رجل عاقل، و الاشياء الاخرى هى الحوار فى الداخل و فى اللحظة التى تشعر فيها فى بعض القضايا بان الحوار وصل الى طريق مسدود تكون خياراتك محدودة وواحد من الخيارات هو ليس خياراً مرغوباً و هو ان تلجأ للضامنين للاتفاقية و تطلب من الاربعة عشر ضامناً التدخل وهذا امر غير سليم لاننا استطعنا الوصول الى هذه الاتفاقية كطرفين بعد حوار طويل و يمكن عبر الاليات التى صنعناه ان نصل الى اتفاق فى القضايا التى لم تحسم بعد، وفى هذه الحالات واحدة من وسائل الضغط ان تقرر الانسحاب من الحكومة كما حدث فى العام الماضى على مستوى حكومة الوحدة الوطنية و ايضاً بالنسبة لممثلى الحركة الشعبية فى ولايات دارفور الثلاث، فيجب ان يفهم الانسحاب فى هذا الاطار.
* ذكرت من قبل بان البعض بعد ان دفن الدكتور جون قرنق يسعى لدفن الاستاذ على عثمان محمد طه حياً.. من كنت تقصد؟
ليس هنالك داعى للتفصيل، لكن من الواضح جداً هنالك اشخاص معدودين لم يكونوا راضين بالاتفاقية مطلقاً وغير راغبين فى تنفيذها ويعملون ضدها ، وربما كان بعضاً منهم يعتبر الاستاذ على عثمان (باع القضية) كما يفهمونها و هؤلاء لم ياخذوا فى الاعتبار ان الاتفاقية هذه حققت السلام لكل السودان، و حققت للجنوب وضع لم يتحقق له من قبل من ناحية اللامركزية و حققت للجنوبيين مشاركة فى الحكومة القومية بصورة لم تكن معروفة من قبل، هذه الاتفاقية ايضاً حققت للمؤتمر الوطنى الشرعية بمعنى ان المؤتمر الوطنى كان لديه علاقات لا تستطيع ان تقول انها طيبة مع كثير من دول الجوار، كثير من الدول الغربية وكثير من الدول الافريقية ولكن اهم من ذلك كله مع المعارضة التى حملت السلاح ممثلة فى الحركة الشعبية و المعارضة الاخرى التى ظلت تطالب باقتلاع هذا النظام من جذوره، هذه الاتفاقية حققت اعترافاً من الجميع بالنظام باعتباره حكومة امر واقع و باعطاءها الشرعية، مع ان الامتحان يكون فى النهاية بالعودة للناس. افتكر العناصر التى لم تدرك هذه الحقيقة هى العناصر الغير راضية عن ما حققته الاتفاقية لكل الاطراف.
* كيف ترى الحركة الشعبية بعد مرور ثلاثة اعوام على رحيل الدكتور جون قرنق دى مبيور؟
الحركة الشعبية بدون شك الفترة الانتقالية هذه كشفت عن قوتها و عن ضعفها، قوتها متمثلة فى الشعارات التى طرحتها وجدت صدى بعيد جداً خارج الجنوب تستطيع ان تقول فى كل بقاع السودان وهنالك الكثير من السودانيين يرون بانه تمثل مخرج للسودان من ازماته لكن هل استطاعت الحركة ان ترقى لهذا التحدى؟ يؤسفنى ان اقول هذا لم يحدث لان الحركة ما زالت حتى الان عاجزة عن إدراك مراكز قوتها، وحاولت استخدام هذه القوة فى اطار ديمقراطى، فى اطار تعددى وبدون شك يمكن ان تقول ان الحركة الشعبية هى الحزب الوحيد الذى عقد مؤتمراته على كل المستويات من القاعدة للقمة وتمت فى ديمقراطية و شفافية واضحة جداً، وكان هنالك قدر كبير من المحاسبة من الرئيس الى من هم دونه لكن اليات العمل ما زالت فى حاجة الى شحذ و مازالت الحركة فى حوجة الى تواصل اكثر على المستوى الجماهيرى ليس فقط فى الشمال بل فى الجنوب ايضاً وبوسائل فعالة، استطيع ان اقول ان واحدة من الاشياء التى تميز بها مؤتمر الحركة انه استغل كل الوسائل الموجودة ليس السلطة فقط بما فى ذلك وسائل التكنولوجيا الحديثة للوصول للناس، ولكن الوصول للقواعد و محاولة تثقيفهم هذا موضوع قصرت فيه الحركة الشعبية تقصير لا يمكن ان ينكر.
-هل تعتقد بان هذا التقصير ناتج عن اسباب ذاتية ام غياب الدكتور جون قرنق؟
لا اظن بانها اسباب ذاتية، الدكتور جون قرنق شخصية اسطورية لا نتوقع ان يكون كل قائد فى الحركة الشعبية جون قرنق، لان جون قرنق حتى بالمعايير القومية فى اعتقادى هو قائد بلا نظير، و بالمعايير الافريقية هو قائد كانت افريقيا تترجى منه الكثير وبالتالى نحن لا نتوقع اى شخص يقود الحركة بعد جون قرنق ان يكون مثله لكن الحركة حظيت ايضاً بقيادة جماهيرية تؤمن ايمان كبير بالمشاركة الجماعية و بالتشاور، وهذه اشياء من الممكن ان توظف توظيف امثل لتحقيق اهداف الحركة الشعبية و لسد النقص الذى تسبب فيه قائد ذو كاريزما مثل الدكتور جون قرنق .
* وصفت من قبل اتفاقية السلام الشامل ب(البازى الاشهب) ولكن البعض يرى بانها اوقفت الحرب ولكنها لم تحقق التحول الديمقراطى المنشود؟
اولاً، هذه الحديث فيه ظلم للاتفاقية و كثير من السياسيين المعارضين يفتكرون بان هذه الاتفاقية لم تحقق شىء ولو كان هؤلاء السياسيين يمتلكون الحد الادنى من الامانة العلمية لادركوا بان الحريات التى يتمتعون بها الان ما كان لها ان تتحقق لو لا اتفاقية السلام الشامل، قدرتهم على التحرك، قدرتهم على إصدار هذه البيانات، قدرتهم فى نقد الحكومة من داخل الخرطوم و ليس من عواصم الدول الاجنبية كل هذا لم يكن ليتحقق لو لا وجود الاتفاقية و بالتالى التحول الديمقراطى عمليا بدون شك بدأ، القضية الان كيف يمكن ان نكمل هذه العملية باستخدام امثل للاليات التى خلقتها الاتفاقية و ايضاً بالنضال من اجل إستكمالها ولا يتوقع احد بان تستمر الحركة الشعبية حاملة السلاح حتى الغاء القوانين وحتى يعاد تشكيل النظام القضائى بالصورة التى وردت فى الاتفاقية، و النظام الامنى ووكالات تنفيذ القانون يعاد تشكيها وذلك لان كل هذه الاشياء تحتاج الى نضال يومى من اجل تحقيقها.
* يتهمكم بعض اصدقاءكم فى كلتة التجمع الوطنى الديمقراطى فى البرلمان بانكم تواطئتم مع المؤتمر الوطنى فى إجازة قانون الانتخابات بشكله الحالى؟
كلمة تواطؤ ليست هى الكلمة السليمة، اولاً يجب ان يذكر الناس قبل ان يكون هنالك قانون انتخابات كان هنالك قرار بان تكون هنالك انتخابات هذا ما يجب ان يذكره الناس، و بالصورة التى جاء بها انه سوف تكون هنالك انتخابات حرة تحت رقابة و اشراف و مشاركة دولية و بالتالى التواطؤ غير وارد هنا، وحتى الحديث عن قانون انتخابات نحن كحركة شعبية يجب ان يعترف لها الناس لانه للمرة الاولى فى تاريخ السودان اقرت او بادرت بان يكون للنساء 25% فهذه احدى المكاسب و القضية ليست قضية الاحزاب ككيانات كما هى قائمة اليوم، وماهى المكاسب التى حققتها عبر الانتخابات؟ الذى يهمنا هو المواطن السودانى، و موضوع المراة هو احد إنجازات الحركة الشعبية و موضوع التمثيل النسبى هو ايضاً احد انجازات الحركة الشعبية. الانتخابات نفسها و تحديد زمن لها احد إنجازات الحركة الشعبية، و الرقابة على الانتخابات ايضاً من انجازات الحركة الشعبية و بالتالى إن كان هنالك تواطؤ فهو تواطؤ لتحقيق كل هذه الاشياء.
* يرى بعض المحللين بان الحركة الشعبية عجزت فى خلق وعاء يجمع كل المهمشين ؟
اولاً، لا اتفق مع الاطروحة التى تقول بان هدف الحركة الشعبية هو خلق وعاء جامع للمهمشين، الحركة الشعبية ذات توجه قومى وهى وعاء شامل لكل سودانى يؤمن بضرورة التحول صوب سودان جديد بغض النظر عن المناطق التى اتوا منها. و كلمة المهمشين بالصورة التى تستخدم بها لها إيحاءات عرقية وهذا ليس ما عملت الحركة الشعبية من اجله. ولكن من اجل المهمشين الحركة الشعبية حققت اشياء ما كان من الممكن تحقيقها بدون هذه الاتفاقية، بتبدأ من الحكم اللامركزى بتمليك الناس فى حكم انفسهم فى كل اقليم من اقاليم السودان، و موضوع الثروة على نفس المنوال، و موضوع الاعتراف باللغات و الثقافات المتعددة و خلق اسس و مؤسسات لتنمية الثقافات و اللغات كل هذه اشياء تصب فى عمل تحول بالنسبة لحل قضايا المهمشين و لكننا نحن نتكلم عن شىء اكبر بكثير من مجموعات بعينها و عن تحول للسودان كله.
* كان لك دور مشهود على ايام المشير جعفر نميرى حيث وضعت اسساً لوزارة الخارجية ما زالت تعمل بها حتى اليوم ولكن وجودك فى الحكومة الحالية يكاد لا يُرى؟
انا لست وزيراً للخارجية حتى ترى وجودى الدبلوماسى فى العمل، وانا سعيد اذا كانت الاسس التى ارسيتها تعمل بها وزارة الخارجية الى الان فهذا جيد ولكن تطبيق هذه الاسس منوط به من يتولون امر الخارجية و ليس شخصى، و الامر الثانى فى وزارة الخارجية فالقضية ليست قضية نظم و لوائح بقدر ماهى ايضاً قضية سياسات، ولسوء الحظ ما اراه هو هنالك ظاهرة بان السياسة الخارجية اصبحت لكل الناس، عندما كنت وزيراً للخارجية مثلاً كان هنالك توجيه واضح من الرئيس الاسبق نميرى وهو فى الدولة هنالك شخصين بجانب الرئيس من حقهم إصدار تصريحات فى ما يتعلق بالسياسة الخارجية او اى شىء يمس السياسة الخارجية، و الشخصين هم وزير الخارجية ووزير الاعلام فى القضايا التى تصدر فيها الحكومة قراراً حول موضوع يتعلق بالسياسة الخارجية ولكن الان كل مسؤول يريد ان يصدر بيان حول السياسة الخارجية وهذا ربما يكون واحداً من الاسباب التى خلقت شىء من الربكة فى فهم الى اين يتجه السودان فى سياسته الخارجية.
- الى ماذا تعزى هذه الربكة؟
هنالك جانب كبير من هذه الاشياء لا تستطيع ان تقول بانها سياسة وانما هى عدم وجود سياسة وخصوصاً عندماً يعطى اى شخص نفسه الحق فى ان يدلى بما يشاء من التصريحات حول السياسة الخارجية، وواضح فى راى كثير من الناس بان السياسة الخارجية هى عملية (ضق حنك) لانى لا ارى اليوم وزير الصحة يصدر بيانات عن الزراعة ولا وزير الزراعة بيصدر بيانات عن التعليم و لا ارى وزير التعليم يقوم على إصدار بيانات عن الهندسة المدنية. يجب ان يتفرق كل شخص الى الاشياء الموكلة له و ان يكون هنالك متحدث باسم الدولة كدولة فى ما يتعلق بالسياسة الخارجية، و الغريب بان هذه التصريحات لا نجدها فقط داخل السودان ولكن حتى فى الخارج.
- ولكن علاقاتك المتشعبة بالمجتمع الدولى بامكان السودان الاستفادة منها بدلاً عن إنسحابك من المسرح السياسى؟
انا لا تستطيع ان تقول اننى منسحب عن المسرح السياسى ولكنى اظن بان توغل اى شخص فى شئون الاخرين يضر بالقضايا التى يعالجها هؤلاء الاخرون و بالتالى متى ما سئلت عن رايىء ابدى به و رايىء الخاص احتفظ به الى الوقت الذى استطيع فيه التعبير عنه بالطريقة التى اعبر بها دوماً.
* كيف ترى الجنوب الان.. اهو اقرب للوحدة او للانفصال؟
هذا سؤال تصعب الاجابة عليه، ماهى الوحدة و ما هو الانفصال؟ الاتفاقية لا تتحدث عن الوحدة و الانفصال، النص حول تقرير المصير يقول ان الخيار امام الجنوبين هو خيار بين الانفصال و نظام الحكم الذى ارسته اتفاقية السلام الشامل و هذا يعنى بان الوحدة مرتبطة بتنفيذ الاتفاقية و تحقيق النظام الذى دعت له الاتفاقية و اذا لم يتحقق هذا النظام يصبح خيار الانفصال هو الخيار الوحيد بالنسبة للجنوبين، واذا لم تحقق الوحدة يبقى السؤال من الذى حال دون تنفيذ الاتفاقية على الوجه الذى جاءت به؟ http://www.sudaneseonline.com/ar/article_23120.shtml
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: بكرى ابوبكر)
|
صباح الـخير يا منصور خالد.. |
من الجامعة إلى - الصمغ - مروراً بالوزارات أَلا يكفيك..؟! من طالب جامعي مميّز يكرهه اليسار الشيوعي.. إلى حليف له.. سبحان الله.. مفكّر ديمقراطي.. ومحب لأمريكا.. ووزير في اسوأ نظام عسكري..!
قضـية/ سيد أحمد خليفة
في اليومين الماضيين، وبرغم طغيان أحداث غزَّة ومجازر الصهاينة النازيين هناك، طغت أخبار استقالة أو إقالة الدكتور منصور خالد وعودته إلى رئاسة «شركة الصمغ العربي» على الأحداث الداخلية، ونال - الحدث المنصوري -الاهتمام الصحفي الكبير نحو «50%» من المانشتات الرئيسية للصحافة السودانية، فضلاً عن استيلائه على عدد من التعليقات والأعمدة الصحفية المقروء منها والذي يقرأه كاتبه - وجامعه على الكمبيوتر والمصحح.. وربما الرقيب..!. وما دام الرجل بكل هذه الأهمية الإعلامية لدرجة الطغيان الداخلي على أهم وأكبر حدث يشغل العالم فمن الواجب أن نلقي بعض الأضواء التاريخية على الدكتور منصور خالد - الرجل العام - وليس منصور خالد الرجل الخاص في حياته الخاصة التي نختزل الحديث حولها في كلمة ونقول إنَّ الرجل - متفرغ للعمل العام.. وجذب الأنصار والإهتمام.. لا شيء يشغله في حياته منذ ما يزيد على نصف قرن من الزمان..!.
بعد أن أعاده القضاء «للرئاسة» لماذا لا يختار حُسن الخاتمة..؟!
* الطالب المميّز بدأ الدكتور منصور جذب الإنتباه إليه وهو طالب قانون بجامعة الخرطوم في خمسينيات القرن الماضي، فبجانب الذكاء الأكاديمي كان الوعي السياسي المبكّر للطالب منصور خالد قد أدخله دائرة الضوء لكونه - رجعي - بمقاييس الشيوعيين واليساريين في ذلك الزمان، ليس لكون الجنرال عبدالله بك خليل رئيس وزراء أول حكومة سودانية بعد الإستقلال والإنتخابات هو خاله، ولكن لأنَّ منصور خالد كان يحظى بزيارات ولقاءات وإجتماعات بدبلوماسيين غربيين أبرزهم دبلوماسي أمريكي هل هو «قنصل - سفير - سي أي ايه».. الله أعلم، ولكن أبرز ما كان يميّز تلك اللقاءات هو أنها كانت تتم على المكشوف وداخل أروقة وأفنية وساحات الجامعة أو الفنادق..!. * معركة المعونة كانت تلك أيام معركة المعونة الأمريكية التي ناضل وقاتل اليسار السوداني الشيوعي ضدها، فيما فعل الشيء نفسه لصالح قبولها عبدالله بك خليل رئيس الوزراء وحزبه - الأمة - بينما تحالف مع الشيوعيين ضدها الحزب الإتحادي بزعامة دينية ميرغنية وبزعامة سياسية للشيخ علي عبدالرحمن الأمين الذي قال عن المعونة الأمريكية قولته الشهيرة «لن نقبلها حتى ولو جاءت مبرأة من كل عيب»..!. * الإنقلاب الحاسم..! على كل حال جاء إنقلاب الفريق عبود في 17 نوفمبر 1958 - أي بعد عامين من الإستقلال وحسم الأمرين وهما: - قبول المعونة الأمريكية. - وتجميد النزاع حول حلايب والذي كان هو الآخر من «دواعي ومبررات إنقلاب عبود ذاك»..!. * خلف الكواليس إبان الحكم العسكري النوفمبري - 58 - 64 - خفتت الأضواء حول منصور خالد، ولكن يعتقد أنه لم يضار أو يمس بسوء إذ لم يكن مع أو ضد النظام العسكري. ولكن البعض يعتقد أنّ الرجل الذي تخرّج من جامعة الخرطوم - كلية القانون - وعمل في أنشطة إعلامية واستند بقوة على قرابته وعلاقته بالسيد عبدالله بك خليل - الذي سلّمها وارتاح - أي - السلطة - قد اندمج أكثر وأكثر في الصلات والعلاقات الأمريكية وأضحى مدافعاً معروفاً عن نمط الحياة الغربية والأمريكية في مقابل كراهيته وعدائيته للشيوعية والإشتراكية..!. وفي تلك الحقبة أيضاً نقل الرجل همومه وإهتماماته وصلاته بالغرب الأمريكي من الداخل - السفارة.. والسفير.. والقنصل.. والسي - اي - ايه - إلى أمريكا نفسها حيث سافر.. وسافر.. والتقى.. واستزاد من محبة الأمريكان له.. وحبه لهم..!. إذن في حقبة الحكم العسكري النوفمبري والنضال الوطني الديمقراطي ضده لم يكن للدكتور منصور خالد دور أو وجود يذكر فوق ساحات المعركة الهادفة لإستعادة الديمقراطية التي أعيدت بالفعل في أكتوبر 1964 حيث استعيد الحكم الديمقراطي إلى أن انقلب عليه العقيد جعفر نميري وصحبه من الرواد ومَنْ هُم دونها كرتبة.. وفوقها كرتبة - حيث اختفى أو توارى منصور خالد، وإن كان له ظهور فوق ساحة ما بعد اكتوبر فهو طفيف.. وخفيف جداً ولكنه ربما هو عكس ذلك في الخفاء..!. * ما بعد المذابح عقب مذابح 19 يوليو 1971 وانقلاب نفر من الشيوعيين.. وليس كل الشيوعيين على نظام نميري، وفي السنوات الأولى أيضاً تدرّج منصور خالد في الظهور على المسرح الدامي ذاك، وإن لم يكن على الإطلاق طرفاً فاعلاً فوقه.. فالرجل لا يعرف عنه - العنف البدني.. أو المواجهة العسكرية.. أو الفجور المسلح في الخصومة..!. ولكن يُعرف عنه أيضاً - نعومة الخصومة.. وملساء الممارسة.. والدأب في سبيل الوصول إلى أهدافه ومراميه..!. * منصور الوزير إذن وبعد أن انتقل نميري ونظامه من «لينين إلى آمين» كما كان يقول صديقنا العبقري الراحل الدكتور عمر نور الدائم، بدأ ظهور نجم منصور خالد في الأُفق السياسي المايوي الأمر الذي اعتبره البعض جسراً للعودة المايوية من الشرق الشيوعي إلى الغرب الأمريكي، حيث كان منصور خالد وآخرين هُم - العلب - أو الأعمدة - لذاك الجسر الذي وصل بنميري ونظامه إلى مرتبة - ترحيل الفلاشا إلى إسرائيل - لمحاربة كل شيء آمنت وعملت لأجله حركة التحرر الوطني العربي والأفريقي والعالمي، وهو ازالة - الضرس السام - للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط والخليج، بل والعالم الثالث، ونعني ويعنون - إسرائيل - التي لازالت تعض أمريكا من خلالها كل خطوة يخطوها العالم للأمام على طريق التحرير والسلام والوئام الأممي..!. * من الخارجية.. للرياضة في تلك الحقبة من نصف السبعينيات الأولى شغل منصور خالد منصب وزير خارجية نظام نميري العسكري الباطش، حيث أظهر وأكّد ذلك للجميع بأن الحديث - عن الديمقراطية.. والحرية.. والنظام التعددي هي شعارات على لسان منصور خالد وأمريكا.. ولكنها شعارات فقط، إذ أنّ السلطة هي الهدف ولو على ظهر دبابة وإنطلاقاً من فوهة مدفع..!. * استبدال.. وتخفيض في رأي البعض أنّ نميري الذي كان يكره مَنْ يسرق منه الأضواء حتى ولو كان من رجاله، كان قد تضايق من تزايد وجود منصور خالد وتزايد الأضواء والهالات حوله داخلياً وخارجياً، فخفضه إلى - وزير رياضة وشباب - بجانب اسناد دور صحفي له عندما جعل منه رئيساً لمجلس إدارة «دار الصحافة».. حيث كتب في تلك الأيام اسوأ ما يكتبه مثقف سوداني ينتمي إلى العالم الثالث الساعي إلى التحرر والحرية في تلك الأيام..!. * إنكار الحق الأريتري كانت مقالات منصور - السلسلة والمتسلسلة - في تلك الأيام من بداية السبعينيات قد انكرت تماماً وجود قضية اسمها - أريتريا - بل وأطلق مقولته المشهورة وهي أن - جبهات التحرير الأريترية - مجرّد حركات شفتة..!. كان ذلك رأي الغرب الأمريكي أيضاً.. ورأي إسرائيل بالضرورة، لأنَّ الأخيرة كانت ترى في قيام الثورة والدولة في أريتريا - تعريباً كاملاً للبحر الأحمر من السعودية - جدة - مروراً بالسودان - بورتسودان - وصولاً إلى الصومال - بربره - فجيبوتي واليمن وباب المندب..!. إننا وقبل أن نختم ملخص تلك الحقبة من علاقة الدكتور منصور خالد بأريتريا وقضيتها نُذكّر بأنَّ الرجل وحين انتمى للتجمع الوطني عقب الإنقاذ 1989 - تحالف من خلال تحالفه مع حركة قرنق مع نظام سياسي أفورقي الأريتري الحاكم، وراح من أسمرا يتحدّث عن - النضال من أجل استعادة الديمقراطية والحريات في السودان، برغم علمه ويقينه ويقين الذين معه إنّ أسمرا لا تكره قدر هذه العبارات.. وأنَّ نظامها لا يجامل.. ولا يغالط في كراهيته ورفضه لأي حديث عن الديمقراطية والتعددية والحريات، وحقوق الإنسان..!. ذلك بإختصار لأنّ فلسفة الجبهة الشعبية الحاكمة في أريتريا تقوم على أساس أنَّ كل هذه المسميات - حرية.. وديمقراطية.. وتعددية.. وحقوق إنسان - هي الأبواب التي منها يأتي الريح.. وأنَّ عليها - أي الجبهة الشعبية الحاكمة في اريتريا - أن «تسدها وتستريح»..!. * لخطة ايدولوجية عجيبة عندما انتمى منصور خالد للحركة الشعبية بقيادة جون قرنق - صاحب المنفستو الشيوعي المعروف - تشابه الزمان الجديد مع الزمان القديم، حيث كانت بدايات أو نهايات انهيار الإتحاد السوفيتي والمعسكر الإشتراكي تحتم وجود «ثدي مرضع» وملاذ آمن للحركة الشعبية - الماركسية - وغيرها من الحركات، بجانب وجود ذات الملاذ والثدي لبعض الحركات الدينية التي كانت تعيش على صراع القوتين، حيث تنال - بركات أمريكا - لأنها تحارب الشيوعية.. حيث فقدت تلك الجماعات والحركات الدينية أيضاً دورها ووظيفتها بنهاية الشيوعية وسقوط رايات الالحاد التي كانت تحارب تحتها أو بزعم اسقاطها..!. * نجاح باهر فيما يمكن القول بأنه نجاح باهر لسعي الدكتور منصور خالد وغيره من الذين التحقوا بالحركة الشعبية من أبناء اليمين السوداني - منصور خالد ونميري - واليسار السوداني - عرمان - وغيره في حجر الحركة الشعبية أو الإنجرار خلفها إلى واشنطون - بالكامل، فإنّ ذات الطريق قاد الدكتور منصور خالد إلى الداخل مرة أخرى في إطار المصالحة بين - الإنقاذ والحركة الشعبية من جهة - نيفاشا - وبين الإنقاذ والتجمع الديمقراطي من جهة أخرى، حيث كانت إتفاقية القاهرة التي على رحالها عاد الدكتور منصور خالد ومئات المحاربين - بالمدفع.. والقلم.. واللسان.. والتخابر.. والتآمر - إلى أرض الوطن ليدخلوا ضمن أنشطة ومؤسسات النظام في أدوار هي للعيش والمعايشة أقرب من كونها وصولاً أو سعياً للوصول إلى الأهداف..!. * أهو المشهد الأخير؟ الآن والدكتور منصور خالد وهو يشغل الواقع السوداني وينشغل به من الجامعة وحقبة الشباب، إلى الصمغ العربي وحقبة الكهولة.. وبين هذه وتلك تفرغ تام - لا شغل ولا مشغلة - كسائر خلق الله من الآباء والأمهات والجدود.. نقول هل هذا هو المشهد - اللزج - الأخير في حياة الدكتور منصور خالد الذي يمكن أن يريح ويستريح بعد أن استرد كرامته - كرئيس - لشركة الصمغ العربي التي لم يفهم أحد ماهي علاقتها به أو علاقته بها كصمغ، وكمرفق تجاري بحت..!. إنَّ الناس - وأنا منهم - يتوقعون من الرجل - الدكتور منصور خالد - أن يختار ما يشبه «حُسن الخاتمة» وأن يترجّل ويأخذ مقعده المعاشي المريح..!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: بكرى ابوبكر)
|
هذه أجزاء من المقالة التي كتبها الدكتور منصور خالد ونشرتها صحيفة الأيام في 21/4/1969م..وتم إعادة نشرها في كتابه حوار مع الصفوة..دار النشر جامعة الخرطوم ..طبعة 1974م...أتمنى أن أوفق مستقبلا في إنزالها كاملة.
(رجل مسلم ملئ بلإيمان حتى المشاش ، ومفكر يشرف الفكر الإسلامي...رجل مثل محمود لم ينج من تهمة الزندقة لجسارته الفكرية ولمحاولته الرائدة وضع الدين في إطار العصر...والحرب ضده حرب غير أمينة وليست من أخلاق الإسلام في شئ...حرب تنقل القضايا الفلسفية الفكرية في أسلوب غير أمين الى الشارع ليتجادل فيها العامة الذين لا يملكون المواعين الفكرية لاستيعابها...بعبارة أخرى ينقل الحديث نقلا خاطئا إلى الأذن الخاطئة لتفهمه الفهم الخاطئ وتنفعل به الإنفعال الخاطئ. فمفاهيم الاستاذ محمود محمد طه الفلسفية مفاهيم يقبلها القابلون ويرفضها الرافضون، ولكن الحقيقة الهامة هي أن هذه المفاهيم هي امتداد للفكر الاسلامي ..بل أذهب لأقول ان الاستاذ محمود هو السياسي الوحيد من مواقع اليمين الذي يفكر برأسه ويأتم بعقله.)
(فالرجل..وهو المفكر السياسي الوحيد بين ظهرانيكم ..لم يبتدع مبدأ إجتلاء الحقيقة بالتأمل ...ولم يبتدع مبدأ اتصال العقل الانساني بالعقل الفعال..ولم يبتدع مبدأ الأداء الباطني للفرائض...هذه جميعها مرتكزات أساسية للفلسفة الإسلامية..ومبادئ عامة نجد لها صدى عند كل قمم الفكر والفلسفة الإسلامية..إبتداء من الغزالي وابن رشد الى البسطامي والرومي...نجدها عند ابن سيناء في (مقامات العارفين) "ولكن جل جناب الحق عن ان يكون شريعة لكل وارد أو يطلع عليه الخلق الا واحدا بعد واحد".. وعند ابن القيم في (مدارج السالكين) "ان هذا العلم مبني على الارادة فهي أساسه ومجمع بنائه وهو يشتمل على تفاصيل أحكام الارادة وهي حركة القلب ولهذا سمي علم الباطن"..وعند ذي النون المصري "عرفت ربي بربي ولولا ربي ما عرفت ربي"..وليست هذه طلاسم بل تلخيص لفلسفة متكاملة تقوم على العلم والمعرفة...معرفة العامة ومعرفة الحكماء ومعرفة الأولياء..الاولى بالتقليد والثانية بالتعليم والثالثة بالإلهام.)
(نريد -من قضاة الشرع- وقد خرجتم من اطار سلطانكم المشروع كقضاة أنكحة وميراث..نريد أن نسمع حكم الاسلام في الغي الموفي بأهله الناروالذي يعيشه أهل السودان كما سمعنا حكمكم بالأمس في ردة المستضعف محمود محمد طه...نريد أن نسمع رأي حكم الإسلام في الأمير الكاذب والوالي الظالم والوزير السفيه..وللاسلام حكم في كل هؤلاء" سيكون من بعدي أمراء تغشاهم غواش فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم واعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه"..وأنا اعيذكم بأن لا تكونوا من صحب محمد..نريد حكمه في السفاه السياسي الذي نعيشه اليوم وهو سفاه شيوخ لا حلم بعده...شيوخ يرتدي بعضهم قفطانا مثلكم..ويتمنطق بحزام مثلكم ..ويضع على رأسه عمامة كشأنكم..والسفاه يوجب الحجر في شرع الأئمة الأربعة...نريد حكمه في القاضي الماجن وهو منكم على مرمى حجر..والطبيب الجاهل وصفحات الصحف تنضح بالأنباء عن ضيعة الحياة في مسنوصفات السودان..والمكاري المفلس ودولتكم تكاري وهي لا تملك سداد التزامها اليومي..للاسلام حكمه في كل هؤلاء..ولست حاجة في أن أذكر فقهاء الحنفية بفقه الحنفية..فمحاكمكم تلتزم قضاء الصاحبين وتنهج نهج الشيخين..وتسير بهدى الطرفين...روى السرخسي في المبسوط عن أبي حنيفة " أن الحجر واجب على القاضي الماجن والطبيب الجاهل والمكاري المفلس..لأن الاول يفسد على الناس أجسامهم..والثاني يفسد عليه أديانهم..والثالث يفسد عليه أموالهم")
مقال الدكتور منصور خالد عن الأستاذ محمود في ابريل 1969
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: بكرى ابوبكر)
|
منصور خالد
ولد الدكتور منصور خالد بامدرمان العاصمة الوطنية للسودان في يناير من العام 1931 م في حي (الهجرة). وينحدر منصور من أسرة أمدرمانية عريقة فجده الشيخ العالم الشهير (محمد عبد الماجد) المتصوف المالكي والذي أفنى عمره في تدريس الفقه المالكي والتصوف، وجده هذا الأخ الشقيق لجد منصور لأمه الشيخ (الصاوي عبد الماجد) الذي كان أيضاً قاضيا شرعيا وعمل في تدريس الفقه إلا أن أسرته قد غلب عليها طابع التصوف وهو ما وثقّه منصور بنفسه في سيرته الماجدية-أنظر المؤلفات أدناه. نشأ منصور في أسرة متصوفة، كما سبق، وتضم أيضاً عدداً من الأدباء وكبار الموظفين بالدولة، ولقد ظهرت معالم أسرته واضحة في كتاباته المختلفة فإشتهر منصور بسلامة اللغة، وجمال البلاغة، وسعة التخيل، ودقة التحليل تلقى جميع مراحل تعليمه حتى المرحلة الجامعية بالسودان. درس الأولية بأمدرمان، ثم مدرسة أمدرمان الأميرية الوسطى، ثم كلية الحقوق جامعة الخرطوم والتي زامله فيها الدكتور حسن الترابي ورئيس القضاء الأسبق خلف الله الرشيد ووزير العدل الأسبق عبد العزيز شدو. حصل على الماجستير في القانون من جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية.والدكتوراه من جامعة باريس. لفترة قصيرة -بعد إكمال دراسته- عمل منصور بالمحاماة، ثم عمل بعد ذلك سكرتيراً لرئيس وزراء السودان عبد الله بك خليل(1956-1958)وأنتقل بعدها للعمل بـالأمم المتحدة في نيويورك ثم منظمة اليونسكو بباريس. عمل استاذا للقانون الدولي بجامعة كلورادو بالولايات المتحدة. نشر مقالات في (يناير1969) بصحيفة الأيام، تنبأ فيها بزوال الحكم الديموقراطي- نسبة للمشاحنات الحزبية، والعداء الطائفي وعدم إحترام الأحزاب لمبدأ الديموقراطية واستقلالية القضاء وتمثل ذلك في طرد الحزب الشيوعي من البرلمان، وتعديل الدستور لعمل ذلك، وتحقير القضاء الذي حكم بعدم دستورية تلك الأفعال، وإستقالة رئيس القضاء (بابكر عوض الله)- وبعد شهور من تلك المقالات وفي 25مايو أطاح جعفر نميري بالحكم الديموقراطي وأتى بنظام (ثورة مايو) بعد قيام ثورة مايو 1969م بقيادة جعفر نميري اشتغل كوزير وزيرا للشباب والرياضة والشئون الإجتماعية. شهدت قطاعات الشباب إبان وزارته نهضة كبرى تمثلت في تفعيل الشباب في الخدمة الطوعية(صيانة الطرق، بناء المشافي والمدارس الخ)، وفي إنشاء مراكز الشباب، ومراكز التأهيل، ومحو الأمية. كما أنه قد أسهم في خلق علاقات قيمة ومفيدة مع (هيئة اليونسكو، ومنظمة العمل الدولية، وحكومات مصر والجزائر وكوريا الشمالية). كما أن وزارته قد أقامت عددا من المهرجانات الشبابية وانشأت قصور الثقافة. في أغسطس 1970 إستقال من الوزارة رغم إعتراضات الرئيس وكثير من مجلس الثورة، ولكنه أصر عليها لأنه رأى أن الصراعات الأيدلوجية أنهكت النظام الذي كان يعيش في تلك الفترة بالموازنات الأيدلوجية اليسارية. ورغم الفترة القصيرة التي قضاها في الوزارة إلا أنها شهدت إنجازات ضخمة. بعد إستقالته من الوزارة عمل ممثلاً لمدير عام هيئة اليونسكو "رينيه ماهيو" ضمن برامج التعليم لهيئة غوث اللاجئين الفلسطينيين. وعاد بعد ذلك ليعمل سفيرا للسودان بالأمم المتحدة. تقلد عدة مناصب في السودان من وزارة الخارجية ووزارة التربية وكمساعد لرئيس الجمهورية. في العام 1978 إستقال من المكتب السياسي وخرج من (نظام مايو) لأنه رأى أن الرئيس (نميري) تغول على المؤسسية في الدولة. عمل كزميل في معهد ودرو ويلسون بمؤسسة اسمثونيان بواشنطن عقب تركه السودان في عام 1978 م. شغل موقع نائب رئيس للجنة الدولية للبيئة والتنمية التي انشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1982م، ومقرها جنيف. ألف عددا من الكتب حول السياسة السودانية باللغتين العربية والانجليزية كما نشر العديد من المقالات في الحوليات الدولية عن قضايا التنمية والسياسة في العالم الثالث.[3] كما أنه مهندس جميع اتفاقيات السلام قي السودان http://www.sudanradio.info/bank/lesson-194-1.html
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
منصور خالد ينفي حواره مع صحيفة "المشاهد السياسي" الكاتب/ الخرطوم: الأخبار Wednesday, 11 November 2009 نفى مستشار رئيس الجمهورية والقيادي البارز بالحركة الشعبية د.منصور خالد أن يكون قد أجرى حواراً مع صحيفة "المشاهد السياسي" اثناء تواجده بالقاهرة مع الفريق سلفاكير، وكانت "الأخبار" قد نشرت حواراً لمنصور خالد نقلا عن "المشاهد السياسي" قال فيه:" إن دولة الجنوب حال انفصالها ستكون عربية".
وقال منصور خالد في بيان له أمس:" لم أسمع طول عهدي بقراءة الصحف بشيء اسمه المشاهد"، مبيناً ان الحديث عن دولة الجنوب لا يصدر الا من جاهل بالتاريخ والجغرافيا والانثروبولوجيا، وانا بحمد الله لست من هؤلاء ولست من مواطني تلك الدولة الافتراضية على حد تعبيره.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: بكرى ابوبكر)
|
أكد أن الحقوق التاريخية للمسيرية مكتوبة في الاتفاقية د. منصور خالد: ترسيم الحدود ليس (فرض وجوب) لقيام الدول الخرطوم: الرأي العام
قال د. منصور خالد القيادي بالحركة الشعبية، إنّ ترسيم الحدود يسهل الأمور لأنها قد تتعقّد بعد الانفصال - إن وقع -، لكنه قَلّل في ذات الوقت من أهمية الترسيم لقيام الدولة، وقال إنّ ترسيم الحدود ليس (فرض وجوب) لقيام الدول.وأوضح د. منصور في الجزء الثاني من حواره مع «الرأي العام»، أن الحديث عن نشر قوات دولية سببه المخاوف، وأن معالجته لا تتحقق إلاّ بإزالة تلك المخاوف، وأكّد أنّ لخياري الوحدة والانفصال مشاكلهما للجنوب والشمال، لأن كليهما يحمل في طياته تغييراً جذرياً، وقال إن أكبر تحدٍ يواجه دولة الجنوب إذا قامت هو العناية بالإنسان، وأكد أن علاقاتها مع الشمال يمكن أن تكون في منتهى السلاسة، وأضاف أن هذه قد تكون أخف مشكلة إذا قامت على أسس سليمة للتعاون، وأوضح أنه إذا حدث انفصال، فإنّ الذي يتحمّل الخطيئة كل القوى السياسية التي جلست في البرلمان واتخذت قرار الإستقلال وكان لديها خيار أن يصبح السودان دولة فيدرالية مُوحّدة لكنها رفضت. وشدد د. منصور على أن استمرار الحقوق التاريخية للمسيرية مكتوب في الإتفاقية، ويقضي به التاريخ الطبيعي، وأكد أن الإتفاقية ملزمة وإن حدث الانفصال، وأن انتهاء الدستور المؤقت لا يلغي الإتفاقية، ووصف د. منصور الفريق سلفا كير بأنه رجل متصالح مع نفسه وحريص على السلام. وفي سياق آخر أكد د. منصور أنّ القادة العسكريين في قوات الشمال والجيش الشعبي، أثبتوا قدراً من المسؤولية لم يتوافر مثله عند السياسيين، وأشار إلى أنه لم يحدث خلال السنوات الماضية أن اعتدى أحدهما على الآخر، ونبّه إلى أن مجلس الدفاع المشترك كان أكثر ضبطاً لمواعيد ودورية اجتماعاته من مؤسسة الرئاسة وهو ما يسعده ويؤسفه في نفس الوقت.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: بكرى ابوبكر)
|
قال الدكتور منصور خالد القيادي البارز بالحركة الشعبية لتحرير السودان والوزير السابق..
إن الحملة الانتخابية لمرشح الحركة لانتخابات الرئاسة ياسر عرمان ضعيفة وغير مؤثرة لا تعبر عن الحركة واطروحاتها، وصوب منصور فى مذكرة تقيمية للحملة الانتخابية للحركة انتقادات عنيفة وقاسية للمرشح ياسر عرمان، بقوله إن تصنيف عرمان كشيوعي خلق له عداوات مع قطاعات واسعة من جماهير الشعب السوداني المحافظة، والتي تقف مواقفا عدائية دائمة من الحركة الشيوعية، مضيفا إن صورة مرشح الحركة ظلت على الدوام ترتبط فى أذهان الجمهور مرشح شيوعي مما سيصعب مهمة الحركة الشعبية فى تحقيق نتائج ايجابية فى الانتخابات بكافة مستوياتها، وندد منصور خالد بما اسماه اتجاه الحملة الدعائية لياسر عرمان للتعبير عنه كشخص وليس كمرشح لقوة سياسية منوها الى أن الحملة لم تقدم عبر قيادات الحركة لتأخذ بعدها المؤسسي، وأشار مستشار الحركة الشعبية إلى ياسر عرمان يستخدم تعابير دعائية ولغة لا تناسب أغلبية السودانيين، منتقدا استخدامه لعبارات مسيئة، وتقديم اتهامات بلا أسانيد مادية فى مواجهة خصومه، مع الحرص على الانتقاد الدائم، وطالب مستشار الحركة باستخدام آليات جديدة لتقديم أطروحات مرشح الحركة الشعبية تعتمد على فتح المزيد من جسور التواصل مع الآخرين ليكون خطاب الحركة الشعبية جامعا مع الطرق باستمرار على ما اسماه احاسيس القهر والقمع والاعتماد على كل الخبرات المتوفرة من خارج اعضاء الحركة فى العملية الانتخابية والاستعانة بالشخصيات العامة والرموز الدينية والسياسية وتحجيم مؤثرات الخطاب اليساري فى أطروحات المرشح ياسر عرمان. الرائد.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: بكرى ابوبكر)
|
الطيب صالح: استذكار وَمضَاتٍ من حلم قبل خمسة أشهرٍ من يومِنا هذا لم نودعْ رجلاً في مقبرة البكري بمدينة أم درمان وإنما أودعنا رُفاةَ حلم. وإذ يلتقي صحابُ الطيب صالح الحُلم هذه الأمسية، لا يلتقون لتأبين أو رثاء وإنما لاستذكارِ وَمضَاتٍ من ذلك الحلم. كُلُكم عرف الطيب. عرفه صديقاً، وعرفه كاتباً، وعرفه محدثاً، وعرفه أخاً لم تلده أمه. ومثل كثر منكم أزعم، وأنا أقف أمامكم، أنني عرفت الرجل كما لم يعرفه الكثيرون. عرفته خلال ما ينيف على نصف قرن تكافأنا فيه وداً لم يُفسده اختلافُ رأي، ولم يكدر صفوه تباين فكر. بدأت الرحلة من الدراسة الثانوية في مدرسة وادي سيدنا، ثم في جامعة الخرطوم، وامتدت عبر عقودٍ من الزمان تلاقينا فيها في كل أصقاع المعمورة التي حملتنا إليها ضرورات الحياة وظروف العمل، كما حملتنا الرغبة في الارتحال إلى من نحب. نرتاد عندهم ومعهم رياض المعرفة ومغاني اللهو والإمتاع. تلك لحظات أظلم نفسي، قبل أن أظلم الراحل، إن لم أستذكر فيها رجالاً كان كل واحد منهم حبيباً إلى نفس الطيب: صلاح أحمد محمد صالح، فتح الرحمن البشير، عثمان محمد الحسن، محمد إبراهيم الشوش، حسن تاج السر، محمود عثمان صالح، محمد الحسن أحمد، حسن أبشر الطيب، وإلى أولئك من السودانيين ينضم حبيب الطيب وخدن نفسه، محمد بن عيسى الذي كان بيننا كلؤلؤةِ الغَوَّاص. فلله الحمد على تلك الصحبة المثرية.
كان الطيب، من بين كل صحبه رجلاً بهي الرواء يملأُ منه المرءُ عَينَه، ونسمة عفية في حياة كثيراً ما قاظت أيامها في الشتاء قبل صميم الصيف. تلك النسمة العفية أصبحنا أكثر حوجة إليها عندما انتهت بنا الأمور إلى أوضاع تعسرت فيها صحبة الأناسي. تلك أوضاع وصفها الإمام الطبراني أجود وصف حين قال: «إن الناس قد مسخوا خنازير فمن وجد ######اً فليتمسك به». كان الطيب ناراً يقبس منها كل من يغشي مجلسه وكان في ذلك المجلس يلمع كذات العرش، وهي الثريا. كان يحب الناس ـ كل الناس ـ حباً لا رياء فيه ولا مداجاة رغم علمه بطبائع البشر، إذ كثيراً ما كان الطيب يترنم بشعر واحد من شعرائه المفضلين، غيلان بن عقبة بن العدوي الربابي الملقب بذي الرمة.
عوَى الذئب فاستأنست بالذئب إذا عوى
وصَيَّح إنسانٌ فكدت أطير
ولعل الطيب بسبب من سماحته كان يلتمس المعاذير للناس ويبحث عن وجوه الخير والصلاح فيهم. بين الطيب ومجايليه شياتٌ فارقة، على أن أهمها هو احتمال الأذى ورؤية جانية دون أن يضوي جسمه. كنت أختلف إلى الطيب كثيراً في لندن والقاهرة وكان أكثر ما يدهشني فيه هو أنه أقل الناس عِبئاً على مجالسيه، وأكثرهم صبراً على الفارغين من كل شيء.
الطيب مفكر مدقق عميق التفكير إلا أنه، رغم انغماسه في الفكر، ورغم ارتهان الكثيرين من مجايليه عقولهم للأيدولوجيات السياسية، الدهري منها والديني، أبى أن يرتهن نفسه لتلك الأيدولوجيات، أو يحبس عقله في قماقمها. هذا شأن كل من كان بصرُه حديداً. لهذا ظل الطيب في مسيرته الفكرية يُحكِّم عقله أبداً فيما يكتب وما يقول. بل كان يتنسم معارج الكمال في أحكامه ولا يرتضي لنفسه إماماً سوى العقل.
كذّب الظَنَ لا إمام سوى العقل
مشيراً في صُبحه والمساء
ذلك قول لحكيم آخر هو شيخ المعرة.
علني لا أغالي إن قلت إنني لم أر للطيب ضريباً في الصدق مع النفس. أبى الطيب على نفسه في كل ما كتب وقال التنزل عن علياء المبدئية في القيم المطلقة إلى تخوم النسبية، إذ لا نسبية في تلك القيم، وعلى رأسها الحق. فالقيم العليا منذ عهد أرسطو هي الحق والخير والجمال، ولعل هذا هو الذي مكنه من مواجهة نفسه بالحقائق وملكه الشجاعة على الاعتراف بالخطأ والصدق مع النفس. ففي قول نيتشه الأخطاء تنجم دوماً عن الجبن عن مواجهة النفس بالحقائق. ومن الناس كثر آثروا اعتقال أنفسهم في بهو كله مرايا لا يرون فيها إلا أنفسهم: عن الميامن والشمائل، ومن خلف وقدام.
من سمات الطيب الوضيئة أيضاً التواضع، وكان تواضعاً مضنياً ضنى ينحل الجسوم. كما من سماته النأي بالنفس عن الأضواء أو الحرص على الزلفى للسلاطين، ولعله كان في الأخيرة شافعياً. فالشافعي هو القائل: لو عرف السلاطين ما عندنا ـ أي العلم ـ لقاتلونا عليه. لم يكن ابتعاده عن هؤلاء وجلاً أو تهيباً مثل العتابي الشاعر. قيل للعتابي التغلبي لما لا تصحب السلطان على ما فيك من الأدب. قال: لأني رأيته يعطي عشرة آلاف في غير شيء، ويرمي من السور في غير شيء، ولا أدري أي الرجلين أكون.
ولربما كان لتواضع الطيب ونأيه عن الأضواء عُلقةُ بتدينه الداخلي، وهو التدين الخالص، بل وبتصوفه العميق. لم يكن الراحل مسلماً نمطياً يرضي ضميره بأداء الشعائر العبادية ومع ذلك يكذب، ويكذب ثم يكذب فيكتب عند الله كذابا، والكذب هو أصل الشرور. وما تكدرت الشرائع إلا بمثل هذه المنكرات. كان الطيب مسلماً شرح الله صدره للحق وأعانه على دركه. كـان في إيمانه مسكونياً (ecumenical) مما قربه إلى استيعاب مفهوم الإيمان كما أراده الحق عزّ وجل: «قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون».
أما تصوفه فكان تصوف عاشقين
وما الناس إلا العاشقون ذوو الهوى
ولا خير فيمن لا يحب ويعشق
بيد أن عشقه كان هو عشق المثل الأعلى: الذات الإلهية. ذلك هو الحب الصادق
الحب الصادق
موت العاشق
حتى يحيا في المعشوق
لا حب إذا لم تخلع أوصافك
حتى تتصف بأوصافه
بقيت لنا كلمة حول الطيب الكاتب - ولعل الكثيرين لا يعرفون أن راحلنا ابتدر الكتابة في مرحلة متأخرة من العمر أي بعد أن انتقل إلى لندن التي هي في آن الحاضرة ذات التاريخ العريق، والقرية الظالم أهلها. في لندن اغترف الطيب من كل فيوض العلم والمعرفة، وأمتع نفسه بكل ما في أنديتها ومسارحها من فنون، وصاحب أدباءها وشعراءها، ثم انكب على الكتب يحرثها حرثاً. قرأ في الأدب، والسياسة، والتاريخ، والديانات حتى أصبح عليماً بأسرارها. ولعلني لا أريد أن أجعل من هذه الليلة مناسبة لإجلاء ما كتبه الطيب على أناس يملكون ما أملك، بل ربما أكثر مما أملك، من قدرة على ذلك. ما أريد قوله هو أن في كل إنجازات الراحل الأدبية جرعات كبيرة من الإدهاش والإبداع في تصوير تجاربه الحياتية، وكأنه كان يغمس قلمه في شرايين قلبه ليخرج منها صوراً عن الحياة السودانية نابعة من أعماق النفس. ولئن قال ميلان كونديرا الكاتب التيشوسلوفاكي إن ثمة مراحل في التاريخ تشبه فيها الحياة روايات كافكا، أقول إن ثمة مراحل في تاريخ السودان وواقعه تعبر عنها روايات الطيب تعبيراً لا تجده في كتب التاريخ أو الأدب، ودون أن تطغى المحلية فيه على الإنسانية الشاملة. في تصوير تلك المراحل أيضا لم يذهب الطيب إلى تقديس أهله، مع حبه لهم، فالسودانيون، مثل غيرهم من عباد الله، يضمون البر والفاجر، والجاهل والعالم، والعاقل والأفين، وفيما كتب نماذج لكل هؤلاء. تقديس الشعوب كذب متخاذل لا يلجأ إليه إلا العاجز عن التصالح مع نفسه.
قلت في البدء لقد أودعنا في القبر حلماً جميلاً أصبحنا من بعده في عتمة خواء.
وأفجع من فقدنا من وجدنا
قبيل الفقد معدوم المثالِ
يدفن بعضنا بعضا ويمشي
أواخرنا على هام الأوال
سقياً لك من ميت يا طيب يا صالح. ولئن يجتمع اليوم أهلُ الوفاء لاستذكار تاريخك العطر يحق لك أن تعلم أنك باق بينهم ما بقي في الناس وفاء، وأنك حي معهم طالما ما حفظ الأحياء وداد.
فلئن هلكت فما الوفاء بهالك
ولئن بقيت فما الوداد ببال
* مستشار الرئيس السوداني
* الكلمة التي أعدها بمناسبة احتفائية تأبين الراحل الطيب صالح في لندن التي نظمها المجلس القومي السوداني في المملكة المتحدة وأيرلندا يوم السبت 11 يوليو (تموز) الحالي.
منصور خالد
http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&article=528640&issueno=11195
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: بكرى ابوبكر)
|
Mansour Khalid:Rewriting Sudan with verve and passion
Rebel and maverickProfile by Gamal Nkrumah |
photo: Al-Ahram Archives |
<A style="FONT-FAMILY: Arial; FONT-SIZE: 8pt" onclick='return openWindow("_pro.htm","AAW","TOOLBAR=NO,MENUBAR=NO,LOCATION=NO,RESIZABLE=YES,SCROLLBARS=YES,WIDTH=425,HEIGHT=300")' href="http://weekly.ahram.org.eg/2003/635/_pro.htm"> Click to view caption |
Khalid as Sudanese foreign minister shakes Sadat's hand while Numeiri looks cheerily on
| War and Prospects of Peace in Sudan, is certainly not about how to steer a course between secularism and religious fundamentalism. For its author, former Sudanese Foreign Minister Mansour Khalid, it's more a question of to be or not to be. This work, which I first read in manuscript, makes good opening gambits for Sudanese academic gatherings overseas. Like many of his previous publications, it focusses on Sudan, its people and politics. Olympian and unpretentiously sagacious, the work is typical of Khalid and stands testament to his meticulous background research. In its pages, he spans not just the entire modern history of Sudan, from the eruption of the Mahdist Revolution in 1881 to the usurpation of power of the National Islamic Front (NIF) in 1989, but also proposes a brighter future.
As I leaf through the pages of his works piled up high on his cluttered desk in his study in Heliopolis, it becomes abundantly clear that he is deeply concerned about his country's predicament. "The Sudanese have more to grieve than to sing paeans for," states Khalid quite categorically.
So how did a distinguished academic and former northern and Muslim Sudanese political establishment man end up being chief political adviser to John Garang, the leader of the southern-based opposition Sudan People's Liberation Army (SPLA)? Khalid's career draws us into a story even more intriguing than this personal puzzle.
Khalid's very first encounter with Garang was in April 1986 at Koka Dam. "I asked him point blank how he felt about Sudanese national unity. He replied that he was all for unity. Then I asked if he was opposed to Islam and Arabism, and his answer was no, provided they are elements of unification and not instruments of division," Khalid recalled. "He said we need to go back to the drawing board."
It is the deeply disturbing presence of war that has bedeviled Africa's largest country since independence from Britain in 1956. "Sudan's war is no different from wars elsewhere. It is an entangled political, cultural and social weave with equally intricate international ramifications," Khalid says.
Khalid is an invaluable adjutant who balks at the idea of leading the parade. But if Khalid's political ambition has dried up, his thirst for political debate animates many a discussion. He is prodigiously clever and learned, and makes an excellent conversationalist. Khalid's quick intellect and verbal agility are given free rein in the international political circles he frequents.
When does he have time to write? "Mainly in- flight," he answers.
Khalid has held several important ministerial posts in the past, and today maintains close working relationships with several African leaders. Yet the pleasure he undoubtedly took in his political status sits uneasily with his dislike of everything repressive about institutional authority.
His latest work, a book about Nigerian President Olusegun Obasanjo, entitled Africa Through the Eyes of a Patriot, promises to attract just as much attention in African circles as War and Prospects of Peace in Sudan. Both are published by Keagan Paul. So why Obasanjo? "He has a forward looking vision for Africa. Not only did Obasanjo establish the Africa Leadership Forum to create an alternative leadership, but he was the first military ruler in Africa to voluntarily give up power. Obasanjo ran as a civilian the second time he held office. He is the only African leader I know of who is actually looking forward to his retirement. 'Ken, there is life beyond the State House,' he once told former Zambian President Kenneth Kaunda." Obasanjo is currently working out a peace initiative between the Sudanese government and opposition forces that will draw on Nigeria's own tortuous experience of national unity. Nigeria, like Sudan, is divided into Muslim north and Christian and animist south.
Sudan's war, Africa's longest running conflict is a subject that provokes strong passions and even stranger paradoxes. Khalid regrets the ill- motivated religiosity that intentionally inflicts harm on others. His early education was Islamic, but he decided early on in life not to be a prisoner to his history and traditions.
Khalid was born in Omdurman, Sudan's spiritual and cultural capital. His upbringing was solidly religious, not exactly privileged but not quite plebeian either. His family owned a mosque and a madrassa, in Omdurman. His maternal grandfather, Sheikh Ahmed Al-Sawi Abdul-Maged, belonged to the Khatemiya Sufi Order and enjoyed close connections with the traditional leaders of the sect -- the Al-Mirghani family, while his paternal grandfather Sheikh Mohamed Abdul- Maged was a follower of the rival Al-Shadhiliya Sufi Order. They were blood brothers.
One of his uncles, named after Abdul-Aziz Al- Dabbagh of Al-Ibriz fame, was a religious scholar in his own right. Like his more famous namesake, Khalid's uncle was a devout Sufi and poet, whose life is documented in one of Khalid's books. A friend and close associate of Sheikh Mustafa Al- Maraghi, who served as Grand Qadi of Sudan, Khalid's uncle championed a third Sufi sect, the Tijaniya Sufi Order. Khalid's uncle Abdul-Aziz Al-Dabbagh had a very wide network of relationships in countries as far afield as Egypt and Albania, Arabia and Morocco, where the head of the Tijaniya was based. And it was in honour of these devout forefathers that Khalid wrote the Al- Magediya Trilogy, a study in the three mens' respective philosophies and poetry, which tackles such ethereal Sufi subjects as "divine inspiration", "ecstatic expressions" and "sacred diffusion".
"Al-Dabbagh's thought was both eclectic and synthetic," muses Khalid, who says that the influence of his Sufi family profoundly influenced him in his formative years. But while Sufi Islam left an indelible mark on Sudan, the political roots of Islam in the country go back much further. Barely 13 years after the ousting of Muslims from Spain in 1492, the Muslim Sultanate of Funj sprang up in the heart of Africa on the banks of the Nile. With its capital at Sennar on the Blue Nile, 500 kilometres south of Khartoum, Islam was dealt a deadly blow in Europe, only to witness a rebirth in Africa. But while Andalusian Muslims tend to be remembered for the more mundane, albeit sublime flowering of literary, artistic and architectural achievements, the Funj were ethereal in orientation. The royal court at Sennar was transformed into a magnet for Sufis from all over the Muslim world.
Those who insist that the legitimacy of their rule is divine right are pitted against those who counter that their quest for freedom of expression is equally sacred. The challenge, Khalid extrapolates, is that political Islam is no outworn shibboleth, at least not in Sudan. In his now classic The Government They Deserve (1986), Khalid graphically illustrated the difficult path Sudan must tread.
Khalid tells the story of contemporary Sudan with verve and passion. His earlier bombshell, Numeiri and the Revolution of Dis-May (1984), Khalid recounts Sudan's failure to grasp the opportunities presented with the promise of independence.
After first toying with fine arts, Khalid switched to law. Ironically, an Egyptian professor of his, who was soon to become Ambassador Mohamed Abdel-Aziz Ishaq, sparked Khalid's first interest in black Africa. Notwithstanding its location in the heart of the African continent, Sudan was insular and the northern Sudanese perceptions of black Africa at the time was somewhat distorted, rather vague and clouded by the poetry of Al- Mutanabbi, the tales of Al-Massaudi, and the travels of Ibn Battuta.
"Ishaq was the first person to introduce me to secular thought. Ishaq was an admirer of Egypt's celebrated writer Abbas El-Aqqad, and had translated Buree's Freedom of Thought, from the original French into Arabic. It was Ishaq who met with Major Salah Salem in Khartoum and proposed the establishment of the University of Cairo in Khartoum."
Politics were interesting on the eve of self- government in Sudan. Campus politics consisted of a tug-of-war between two rival groups, the communists and the Muslim Brothers, both of whom had their origins in the Egyptian political scene, and maintained links with their respective Egyptian forerunners. Khalid and a small group of students opted for a third way: he was a founder of Al-Mustaquileen, the Independents.
It was during his student days that he developed an interest in journalism. He worked as a freelancer for a number of Sudanese papers including Garidat Al-Nil, which belonged to the Ansar Al- Mahdi sect, whose editor was Abdul-Rahim Al- Amin, one of Khalid's university lecturers. Another, Al-Mustaqbal (The Future) was owned by Al-Sharif Al-Hindi. Khalid soon became the Khartoum correspondent of Agence France Presse AFP, and took up the study of French at the French Cultural Centre in Khartoum. There he met Jacques Berg who was later to prove instrumental in arranging for Khalid to achieve a scholarship to study French in France.
France opened up new horizons. In Paris his interests seem to have diversified remarkably. He discovered a whole new dimension of African culture working closely with the Paris-based magazine Présence Africaine. His circle of friends widened constantly and considerably.
In Paris, Khalid met Hassan Al-Turabi who was working on a PhD in Constitutional Law. "We were very close friends," Khalid confesses. "Even after I left Paris for Algeria we used to correspond regularly. In one of those letters I told him that I was a secularist. He replied that he had chosen 'the right path'."
Khalid's political ideas were evidently formed early in his career, and changed little thereafter. It would be wrong, however, to imply that Khalid's thought was entirely static. He has persistently declined to be drawn into any ideological school of thought and sees himself essentially as a principled pragmatist. His academic and political careers reinforced his reasoning and convictions.
After graduation in 1956, Khalid went straight into legal practice but after a couple of years he successfully applied for a scholarship to study economic theory at the prestigious Wharton School at the University of Pennsylvania, Philadelphia. Among his colleagues at the time were Nabil Shaath, currently the Palestinian Authority's minister of international co-operation.
One of his professors at Wharton used to be adviser to the United Nations, and recommended him for a job at the UN as officer in the legal department. Those were tumultuous times. The Congo crisis was in full swing and was soon to claim the life of the UN's Swedish secretary-general, Dag Hammarskjöld. Khalid was the first and only African to join the UN's legal department in those days, quite naturally he was given the task of doing legal work on Congo.
But Khalid was not as thorough as he should have been in scrutinising every word and detail. He prepared a report to be used as background information for a speech to be presented by U Thant, the late Burmese UN secretary-general who succeeded Hammarskjöld. U Thant soon discovered the discrepancies in Khalid's report. "I take credit for the good work you do, but I also take the blame for your mistakes. You make mistakes, but my mistakes are blunders," a furious U Thant admonished.
Newly independent Algeria gave Khalid the opportunity to polish his rusty French. Algeria was then at the epicentre of the African liberation movement. He left the country shortly after the late Algerian President Houari Boummedienne ousted President Ahmed Ben Bella. "I was privileged to make close and lasting friendships in Algiers. Those were some of the most rewarding years of my life. My time in Algeria was very special." Khalid struck immediate friendships with then Foreign Minister Abdel-Aziz Bouteflika, now Algerian president, and such veteran Algerian diplomats as Mohamed Sahnoun and Lakhdar Brahimi, currently the UN secretary- general's special envoy to Afghanistan.
After Algeria, Khalid returned to Paris to work on his doctoral thesis. Paris was at the time a meeting place for Arab intellectuals, and Khalid wasted no time making new friends and consolidating old friendships. Among those he became especially close to was the late Lutfi El- Kholi, former Arab League secretary-general, Esmat Abdel-Meguid, and Ahmed Bahaaeddin. "Paris was intellectually enriching." He was also seconded to UNESCO while working on his doctoral thesis. Having obtained a PhD, Khalid left France, crossed the Atlantic for the United States and accepted a job at the University of Colorado, where he taught a course in the law of international institutions.
The 1967 Arab-Israeli War took place while Khalid was in Boulder, Colorado. In the US, Khalid experienced the influence of Zionism first hand. "The entire experience was an eye-opener," he says. "A few weeks before the Six Day War erupted, one of my colleagues quietly asked me to relieve one of my students from sitting the exams. I was curious and asked the girl if she was ill or unwell. She said that she was fine, but that she would like to go to Israel. 'Why do you want to go to Israel?' I asked her, my curiosity heightened. 'I'm going to replace someone who's going to the front,' she said. 'Replace him as what,' I pressed. It transpired that she was replacing a teacher who taught in a school for North African immigrants in Israel."
Even though Khalid's student was American, she was fluent in French, the language of instruction for the North African immigrants. It was then that Khalid realised how organised the Israelis were and how efficient their networks were. At the height of their war preparations, they were not only thinking seriously about their school system and how to re-organise it during the war period, but more importantly making the necessary preparations utilising an international network of dedicated people. Khalid's realisation didn't soften the blow of defeat when it came, but went some way to explain the depth of the defeat. "It was time for me to re-think some of the givens," he explains.
After an invaluable year in Colorado, which broadened his horizons, Khalid returned to Paris and UNESCO. It was there that he first met and later developed a lasting friendship with Dr Mustafa Kamal Tolba, at the time Egypt's minister of scientific research, who was also a member of the UNESCO board. Khalid was to meet him time and again in Paris, Nairobi, New York and indeed Cairo.
A politician of firm convictions and a liberal, Khalid distanced himself from Sudanese politicians who used religious bigotry as a political weapon. He became an outspoken critic of his old friend Hassan Al-Turabi who had returned to Sudan to head the Islamic Charter Front. They had long since parted ways and their paths had diverged considerably. In Paris, he had written a series of provocative articles in Al-Ayyam, the Sudanese daily, in which he unleashed a torrent of scathing criticism on the vicious anti-communist campaign spearheaded by Sadig Al-Mahdi and Al-Turabi, who had at the time joined hands to promulgate an Islamic Constitution. The two politico-religious leaders and their supporters had declared open war on secularism and apostasy, a thinly-veiled euphemism for communism. "Any undesirable individual or political opponent can be dismissed and badgered if branded an apostate," Khalid argued.
With the blessing of the then Prime Minister Sadig Al-Mahdi, the Sudanese Parliament voted to make it possible for an apostate MP to be unceremoniously thrown out of parliament. They amended the Constitution and introduced a clause to that effect. The Supreme Court promptly ruled that Parliament's decision was unconstitutional. The Sudanese government refused to abide by that ruling. "In one stroke it abrogated two pillars of democracy: the independence of the judiciary and circumventing the will of the people."
It was in this context that Khalid accepted the offer to join the government of Jaafar Al-Numeiri which toppled the elected government of Sadig Al-Mahdi in May 1969. "It was a decision that I lived to regret," Khalid muses. He was offered the post of adviser to the Revolutionary Command Council. Khalid, however, opted for the cabinet position of minister of youth and social affairs. Fired with enthusiasm after the Paris student riots of 1968, Khalid was brimming with new ideas. He had first-hand experience of the Paris riots and was obsessed with the concept of the "crisis of generations". UNESCO itself was embroiled in working out solutions to the problem and he saw his new post as a golden opportunity to put his ideas into practice. Khalid adopted a "functional approach". He closely collaborated with his Egyptian counterpart Safieddin Abul-Ezz. It was at this time that he had an "interesting and memorable" meeting with the late Egyptian President Gamal Abdel-Nasser in Ma'amoura, Alexandria. Hassan Sabri Al-Kholi was in attendance. Nasser asked Khalid what the problems facing Sudan's youth were. "The communists want to control the regime and the Muslim Brothers want to overthrow it," Khalid replied. Nasser nodded in agreement. "We suffer from this very problem over here," he said in sympathy with Khalid.
Khalid met Nasser as a cabinet minister of former Sudanese President Jafaar Al-Numeiri's government. He was to hold other more senior posts in Numeiri's successive governments. But Khalid fell out with Numeiri when the latter instituted the now infamous September Laws which prompted the April 1985 popular uprisings that eventually led to Numeiri's fall. Numeiri claimed to institute Shari'a Law, but Sudan is a multi- religious and multi-cultural country, Khalid explains. With the coming to power of the NIF, a jihad was declared obligatory on all Muslim males. "Thus while Muslims who did not subscribe to the NIF vision of Islam became second class citizens in their own country, non-Muslim southern Sudanese were reduced to an engendered sub- species. Needless to say, the NIF philosophy does not sit well with the southern Sudanese.
"Following the NIF's military coup, Mohamed Osman Al-Mirghani (Democratic Unionist Party leader), and Mohamed Ibrahim Nugud (secretary-general of the Sudanese Communist Party), found themselves together in Bashir's jail. Days later they were joined by Sadig Al-Mahdi, the ousted premier and Umma Party leader). Walled in with them was an improbable inmate, Hassan Al-Turabi, leader of the NIF. As it turned out later, the new regime sought to conceal the identity of the coup by locking in the NIF leader. Also, they might have thought that during his confinement, Al-Turabi would be able to win over the two religious leaders," Khalid explains. They were to be sorely disappointed. "Rather than falling prey to NIF wiles, the two religious leaders, Mahdi and Al- Mirghani, together with their leftist partner, Nugud, drew a draft charter of what was to become the gospel of the umbrella opposition grouping, the National Democratic Alliance (NDA)." In an ironic twist of fate, even Al- Turabi, who is now under house arrest in Khartoum after his Popular Congress Party signed a memorandum of understanding with the Sudan People's Liberation Army (SPLA), has signalled his readiness to sign the Asmara Resolution of 1995.
The ideological and political issues Sudan is currently grappling with has repercussions in both the African and Muslim world.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
((نريد -من قضاة الشرع- وقد خرجتم من اطار سلطانكم المشروع كقضاة أنكحة وميراث..نريد أن نسمع حكم الاسلام في الغي الموفي بأهله الناروالذي يعيشه أهل السودان كما سمعنا حكمكم بالأمس في ردة المستضعف محمود محمد طه...نريد أن نسمع رأي حكم الإسلام في الأمير الكاذب والوالي الظالم والوزير السفيه))
المقالة التي كتبها الدكتور منصور خالد ونشرتها صحيفة الأيام في 21/4/1969م..وتم إعادة نشرها في كتابه حوار مع الصفوة..دار النشر جامعة الخرطوم ..طبعة 1974م...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
وعندما نتحدث عن التسامح الديني عند جواهر ﻻل نهرو وخلفائه نقول هذا ﻻننا ﻻنعرف بلدا اسلاميا واحدا في عالمنا المعاصر تعامل مع اقلياته غير المسلمة كما تعاملت الهند مع اﻻقليةالمسلمة واعني بالهند الدولة الهندية ونخبتها الحاكمة ﻻ المواطن العادي.هذه الحساسية المفرطة عند النخبة الحاكمة هي التي دفعت راجيف غاندي ﻻن يصبح اول حاكم في العالم يامر بمصادرة كتاب سلمان رشدي ايات شيطانيه رعاية لمشاعر المسلمين
النخبة السودانية وادمان الفشل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
منصور خالد.. صفويٌ ضد الصَّفوة
إعداد: حسن بركية
منصور خالد شخصية مثيرة للجدل, فهو السياسي والمثقف والمفكر الذي ما أن يسمع اسمه البعض حتى يتضجر ويسخط, والبعض الآخر يذكر اسمه مقروناً بالعقل والتميز والثقافة العالية. للرجل أيضاً قلمٌ له أنيابٌ وأظافر.. كتاباته تتميز بقدر عالٍ من التوثيق والموضوعية حتى وإن اختلفت معه.. وأكثر ما يغضب منصور خالد أن تسأله عن دور الغرب وإسرائيل في مشاكل السودان الداخلية وإلقاء كل مشاكلنا على الخارج، ويرى الرجل أن مثل هذا الطرح هو بمثابة بحث عن حائط المبكى كثيراً ما يقوم بديلاً تعويضياً متوهماً مكان البحث عن العلة الموضوعية.
منصور خالد من الجعليين العمراب ولد بمدينة أم درمان في ديسمبر 1931م، نال بكالاريوس قانون جامعة الخرطوم 1957م، ماجستير قانون من جامعة بنسلفانيا 1960م، دكتوراة في القانون الدولي من جامعة الجزائر وجامعة باريس، عمل محامياً خلال 1957م ـ 1959م بالخرطوم ثم ضابط قوانين سكرتارية الأمم المتحدة بنييورك عام 1962م، ثم ممثلاً للأمم المتحدة بالجزائر وعضو مكتب العلاقات مع الدول الأعضاء، ثم أستاذاً زائراً للقانون الدولي بجامعة كلورادو 1968م، ثم وزيراً للشباب والشؤون الاجتماعية 1969م ـ 1971م، ورئيس وفد السودان للأمم المتحدة للدورة الخامسة والعشرين 1970م، ثم مستشاراً وممثلاً شخصياً للمدير العام لليونسكو 1970م، وكان المندوب الدائم للسودان في الأمم المتحدة من أبريل ـ يوليو 1971م، ووزير التربية والتعليم خلال 1975م ـ 1976م، ثم وزير الخارجية ومستشار الرئيس وعضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي 1974م ـ 1978م, ومستشاراً للتمويل والاستثمار بلندن.. ومنذ عام 1985م انضم للحركة الشعبية مستشاراً لقرنق.
منذ أن كان منصور خالد طالباً بمدرسة وادي سيدنا الثانوية له شخصية متميزة, وطابعه الخاص لم يكن مثل الطلبة الآخرين, حيث تجده مشاركاً في النشاطات السياسية مع الطلبة، وكان معتداً بنفسه، في عطلات الجامعة كان يسافر إلى أوربا, ولم لا؟ فأهله من ذوي اليسار والمقتدرين وهذا الوضع جعل الرجل موضع حسد وحقد ونفور ممن حوله، منصور كان واحداً من الطلبة اللصيقين بعدد من الأساتذه الأجانب, وكان هذا أيضاً مبعث شكل جديد للاتهامات حوله.
عند قيام ثورة مايو 1969م أصيب مجتمع الخرطوم بدهشة بالغة، الثورة كان لحمتها وسداتها اليساريون والقوميون العرب, وكان الجسم الغريب بينهم د.منصور خالد, فلا هو من هذا ولا من ذاك، وازدادت الدهشة عندما عرف الناس أن محجوب عثمان من قيادات الحركة الشيوعية وعضو اللجنة المركزية رشح منصور ليكون وزيراً لوزارة الشباب والرياضة، لم يمكث منصور طويلاً في وزارة الشباب وانتقل بعدها إلى وزارة التربية والتعليم, ثم إلى وزارة الخارجية، وفيها وبحكم تكوينه الدبلوماسي والسياسي أعطى الدبلوماسية السودانية لون الاعتدال, وأزال كل رواسب الماضي لحكومة مايو, ومن مقعده بالخارجية تمكن من استقطاب دول الغرب وأمريكا نحو التعامل مع السودان بروح الود, ثم تحقيق المصالح المشتركة بينها وبين السودان, وربما يقال إنه نجح في تغيير سياسة مايو الاشتراكية ونقلها إلى تيار التكتيك الغربي في محل حطام النهج الاشتراكي الشيوعي، ومع هذا النشاط السياسي خلق منصور في داخل وزارة الخارجية (شلة منصور) أو (أولاد منصور), وخلق كتلة من الأصدقاء المقربين له حسب مزاجه وميوله الخاصة.
ثم غادر منصور البلاد تاركاً خلفه نظام نميري وموقعه الفريد في سدة الحكم, وبدأت مرحلة جديدة من حياة الرجل قام فيها بتوظيف قدراته الفكرية والسياسية في نقد مايو والرئيس نميري على وجه الخصوص, وكتب مقالات مشهورة في عدة صحف خليجية، وأيضاً قبل خروجه من البلاد كتب منصور خالد مقالات مشهورة وهو في السودان بعنوان: (لا خير فينا إن لم نقلها), وبعد خروج الرجل من السودان قال في نميري ما لم يقله عبد الله حمدنا الله في أغاني الحقيبة.. والسؤال: ماذا كان يقول منصور خالد عن نميري عندما كان جزءاً من حكومته, وماذا قال بعد خروجه؟. سوف نأخذ نموذجين ونترك الحكم للقارئ: عندما كان منصور في مايو وصديقاً حميماً لنميري قال ذات مرة لمجلة الحوادث البيروتية في حوار صحافي: (إن نميري رجل رشيد ومحنك وإنه واجه 13 انقلاباً عسكرياً قضى عليها تماماً ولا يحتاج نميري إلى رجل يرشده).
وبعد خروجه كتب منصور خالد معبراً عن رأيه عقب اغتيال الأستاذ محمود محمد طه ما يلي بالنص: (محمود لا ينكسر أمام الموت كما يفعل إمام آخر الزمان, والمقصود طبعاً هو جعفر نميري, الذي أكلاه السعي وراء الحياة فراراً في كل معركة, ولواذاً عند كل لقاء وتهالكاً أمام كل مجابهة، وأين حلم محمود من غلوائه؟ وأين تواضع محمود من خيلائه؟ وأين جرأة محمود من انخذاله وانزوائه؟ لقد اغتال النميري والعصبة التالفة من خلفه من كل مشعوذ ومنافق ومتاجر بالدين, لقد اغتال كل هؤلاء باسم الدين الإسلام والمسلمين مفكراً حراً أعزلَ من كل سلاح إلاّ القلم، الإمام النميري هو أول الناس إجفالاً عندما يلوح له بالعصا, ما سلَّ سيفه إلاَّ أمام أعزل, وما طالب الطعن والنزال إلا في ساحة خلاء، ودون الناس تضرعه للصنديد جون قرنق في أدغال الجنوب). إلى هنا انتهى حديث منصور خالد.
للرجل علاقات متوترة مع بعض السياسيين والمفكرين السودانيين على رأسهم الصادق المهدي ومحمد إبراهيم الشوش وغيرهم, والكل يذكر مقالاته الشهيرة في صحيفة الرأي العام بعنوان: (ويلٌ لهم: الإمام الحبيب والدكتور الأديب وصاحب المنبر المريب).
وفي هذه المقالات حدثت مخاشنات بين منصور خالد والشوش ووجه منصور خالد انتقادات لاذعة للشوش وتحدث عن جاهلية سفيانية، أما الشوش فكتب رداً على مقالات منصور خالد وقال: (انتظرت بشغف حقيقي أملاه حسن ظن في غير موضعه ما وعد به منصور من مساهمة أسبوعية في صحيفة الرأي العام, فجاء الرجل منتفخ الأوداج نافشاً ريشه يختال زهواً اختيال الهلوع الذي ظن أنه تمكن من امتلاك الحسام, واقترب من تحقيق أحلامٍ ظن أنها تبددت وضاعت, وكعادته امتلأ مقاله بكلمات طبولية صاخبة لا تعني شيئاً ولا تدل على شيء).
في كتابه: (النخبة السودانية وإدمان الفشل) ألهب منصور خالد ظهور الكثيرين بسياط النقد الحادة, ولم يسلم إلاّ القليل من قلم منصور خالد, وتعرض كل من (الصادق المهدي، الميرغني، الترابي، النصري.. إلخ) إلى انتقادات حادة من الرجل.
عبد الرسول النور إسماعيل قال: (إن منصور اسم لمع لسنوات طويلة في سماء السودان, وهو من المثقفين القلائل الذين يمكن أن نطلق عليهم لقب متعلم ومثقف, حيث أنه يجيد العربية والإنجليزية بطريقة مدهشة, وهو دارس للفقه على مذاهبه المختلفة, ويحمل ذخيرة كبيرة من الشعر يستشهد بها ويتمثل بها في المواقف المختلفة, وهو كاتب صحافي له نكهة خاصة لا تستطيع إلا أن تقرأه إلى النهاية، وهو مؤلف يجيد اختيار العناوين وعناوين الأبواب والفصول, وهو بهذه المعايير ـ معايير الثقافة والعلم والكتابة ـ علم على رأسه نار ونور لا يختلف في ذلك اثنان, ولو كان منصور خالد مصرياً لما تحدث الناس إلاّ عنه, ولكنه الآن وهو سوداني أنا أقدمه على محمد حسنين هيكل لغةً وتوثيقاً وفي كثير من الجوانب، ثانياً منصور خالد يمتاز بتهذيب شديد، يستطيع أن يتحمل أي كلام ويرد بطريقة مهذبة وسهلة ولكنها موجعة, وهو دائماً يستشهد بالأرقام والوثائق وله عقلية منظمة جداً, وأنا من المعجبين به في هذه الجوانب ومن المداومين على قراءة كل ما يكتب).
* عميد كلية الدكتاتورية:
يمضي عبد الرسول ليقول: (منصور خالد رجل صفوي وعلاقاته تكاد تكون محدودة ومع الصفوة التي خاطبها في كتاب بعنوان: (0حوار مع الصفوة) عام 1968م, وهاجمها في التسعينيات في كتاب: (النخبة السودانية وإدمان الفشل), ووجه لها انتقادات لاذعة ورغم ذلك هو أيضاً صفوي, وهو رجل يميل مع السلطة أينما مالت, بل نكون أكثر دقة ونقول هو يحدد مركز القوة ويقف بجانبه، كان مع عبد الله خليل عندما كان رئيساً للوزراء وبعد الانقلاب ذهب وعمل مع الأمم المتحدة, وهذه مؤسسة تضمن السمعة والقوة والمال, ثم عندما جاء جعفر نميري أيضاً جاء معه باعتبار أنه مركز قوة واستطاع أن يعمل وزيراً للشباب مع نميري رغم سيطرة الشيوعيين, ولكنه استطاع ذلك, بل ترقى إلى وزير للخارجية وكان وزيراً مميزاً وله علاقات خارجية يعتقد جازماً أنها الأهم, مثل العلاقة مع أمريكا والدول الأوربية, ويؤمن إيماناً كاملاً بأن بقية العالم لا يؤثر كثيراً في السياسة ولذلك أهمل العلاقة مع العالم العربي والأفريقي ومع كثير من دول العالم الثالث، وكان دائماً يسعى إلى بناء العلاقات مع الأقوى وهو لا يريد الضعاف، وهو مع كل شمس ومع كل فجر أشرق، وليس صحيحاً أنه خرج من سلطة مايو بإرادته، نميري أقاله من وزارة الخارجية والتي كانت بالنسبة له إمبراطورية كبرى, ونقله إلى وزارة التربية والتعليم وهي وزارة كانت أقل من طموحات منصور خالد.
غادر منصور خالد سلطة نميري عندما أصبح حول النميري مستشارون وسياسيون يركن إليهم نميري أكثر منه في عهد الإمامة, وشعر أنه لم يعد صاحب الرأي الأوحد ورأى أن شمس نميري تقترب من الغروب, وأن شمس الحركة الشعبية ومن ورائها الغرب قد بزغت, وهو لا يحب الآفلين فأراد أن يضع يده وجهده مع النجم البازغ لا مع النجم الآفل، ومنصور خالد رغم إمكاناته الكبيرة إلاّ أنه يسخر كل هذه الإمكانات لتحقيق أمجاد شخصية وليكون في دائرة الضو دائماً, ويضع يده على يد الأقوياء حتى اتهم بأنه صانع الدكتاتوريين وهو عميد مصنع الدكتاتوريين, ولا يريد أن يضيع وقته في العمل الحزبي ولجان تجتمع وتنفض وانتخابات و..و.. إلخ, يسعى إلى إقناع شخص واحد بقدراته فيعينه قوياً بجانبه ويختصر المراحل, ولا أعتقد أن منصور خالد كان له أي دور في توتر العلاقة بين حزب الأمة والحركة الشعبية, والعلاقة مرت بعدة مراحل ووصلت قمة التوتر بعد ضرب الطائرة المدنية في ملكال من قبل الحركة.. ثم جفوة اتفاق الميرغني ـ قرنق.
بعد قيام الإنقاذ تحسنت العلاقة مع الحركة الشعبية ووصلت إلى قمتها في شقدوم 1993م, وتوترت العلاقة بعد الخطابات المتبادلة بين قرنق والصادق, ولا نستطيع أن نحمل منصور خالد تبعات هذه الخطابات لأن قرنق يعلم ما يفعل ويتحمل مسؤولية هذه الخطابات, ولكن منصور خالد ساهم في سلسلة خطابات أدت إلى توتر العلاقة بين الحركة الشعبية وحزب الأمة, ولذلك يتقرب منصور من الميرغني وكذلك تقرب من صلاح إدريس وأصبح مستشاره القانوني في الفترة التي تلت ضرب مصنع الشفاء, ولكن رغم ذلك منصور خالد موضوعي جداً في علاقاته وفي أحكامه, وفي بعض الأحايين لا يكون منصور موافقاً على تصرفات الراحل جون قرنق ضد حزب الأمة، ربما تكون هناك توترات وعدم استلطاف بين الرجل والصادق المهدي وذلك لأسباب تاريخية, لأن منصور خالد كان سكرتيراً لعبد الله خليل وعبد الله خليل كان طرفاً من أطراف الصراع في حزب الأمة.
وأيضاً هناك أسباب أخرى للتوتر الخفي في العلاقة بين منصور خالد والصادق المهدي, وهو أن كلا الرجلين مثقف ثقافة عالية وكلاهما متحدث بارع, ودائماً (المراح ما فيهو فحلين), وربما لاختلاف المدارس الفكرية لكليهما, الصادق المهدي يمثل المدرسة الديمقراطية بشكلها الكامل ومنصور خالد يمثل مدرسة القوة التي لا تضيع الوقت في الشكليات, وكلاهما رجل مهذب وكلاهما يحترم الآخر, ولم أسمع إطلاقاً خلال وجودي معهما ـ برغم الخلاف في بعض النقاط ـ إلا كلاماً طيباً.. إن المستقبل السياسي لمنصور خالد من ناحية نشر الأفكار والتبشير بها والمساهمة في صياغة القوانين فهو رجل ماهر ومتعدد المواهب, أما من ناحية تولي وظيفة محددة لا أعتقد أنه بحاجة إلى ذلك مع تقدم العمر, وتقدم العمر لا يلغي دور الرجل ولكن يغير طبيعة المهمة.
ويرى بعض المقربين منه أن منصور خالد لديه إحساس عميق بأنه مظلوم من الصفوة, ويرى أن الصفوة وأهل الشمال عموماً ظلموا الجنوب كما ظلموه هو, وهو لا يسعى لإيجاد شعبية لنفسه ولا ينتظر أن يصل إلى أي موقع عبر انتخابات, فهذه طريقة لا يؤمن بها.
يرى الكثيرون أنه يكفي أن يذكر اسم منصور خالد لتنهض على أثره المزيد من الاستفهامات, وتتعدد الآراء حول موقفه الفكري والسياسي كداعم للأنظمة الشمولية والانحياز لمراكز القوة, استناداً إلى تجربته مع نظام مايو وكذلك شخصيته الصامته البعيدة نسبياً عن الشارع السياسي.
لكن هل تكفي تجربة مايو للحكم على منصور خالد ودمغه بالتفكير الشمولي؟ وهل يمكن تفسير عزلته عن المنبر السياسي العام على أنها تعالٍ على هموم الجماهير وقضاياها الملحة.
من ألد خصوم منصور خالد الدكتور عبد الله علي إبراهيم والراحل صلاح أحمد إبراهيم الذي كان يردد دائماً: (إذا رأيت منصوراً في جانب فاختر الجانب الآخر لأنه - أي منصور- لا يناصر إلاّ الباطل), وتضم قائمة خصوم منصور, الصادق المهدي والشوش.. إلخ
وكان الدكتور عبد الله علي إبراهيم قد خصص حوالي 50 حلقة من سلسلة كتابات راتبة عن عمالة منصور للولايات المتحدة, وكان لافتاً التجاهل الذي أبداه منصور تجاه تلك التهم التي ذكرها عبد الله علي إبراهيم. وكتب عبد الله عن تجاهل منصور لتهم العمالة وقال: وبلغ فساد تهمة منصور بالعمالة لأمريكا حداً لم يعد منصور يعدها سوى (سفاهة). فقد استنكر سؤالاً عنها من محرر جريدة البيان (13-3-2002) وتمنع أن يجيب عنه, لأنه إذا فعل يكون انحدر من دَرَج المسائل الهامة والجدية التي سبقت في الحوار إلى درك السفاسف. واضطر منصور للقول تحت إلحاح المحرر إن اتهامه بالعمالة مما يشغل الأذهان: (اتهامي بالعمالة "سفاهة" درجت على تجاهلها). وواصل في استهجان بليغ للتهمة: (حسناً مثل هذا الكلام درجنا على تجاهله وتجاوزه لأنه يندرج في خانة السفاهة). غير أن كتابات الدكتور عبد الله علي إبراهيم في نظر الكثيرين لم تخلُ من الأهواء والمقاصد, وخاصة أن تقرير وكالة المخابرات الأمريكية أورد أسماء تسعة سودانيين تجاهلهم الدكتور وركز كل جهده لتتبع (عورات) منصور خالد.
وعرف عن منصور خالد شغفه بالتوثيق وبنفس القدر هو ضد الشفاهة وله عدد كبير من المؤلفات منها: (حوار مع الصفوة) و(النخبة السودانية وإدمان الفشل) و(السودان والنفق المظلم ـ أزمة الفساد والاستبداد) و(جنوب السودان في المخيلة العربية).. إلخ
كتب منصور عن نيفاشا ونظر لها وعدد محاسنها ورياح ما بعد مصرع قرنق والتعثر الذي لازم تطبيق بنود نيفاشا, وغيرها من العواصف ربما ساهمت في إحباط الرجل الذي يبدو في هذه الآونة قليل الحركة وبعيد نسبياً عن الأضواء, ولا ننسى أن العمر له أحكام. في النهاية ستظل مواقف وأفكار الرجل محل جدل وخلاف وإعجاب ويمكن النظر لتجربته من عدة زوايا.
صحيفة الحقيقة السودانية http://www.alhagiga.com/news.php?view=1791
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
(رجل مسلم ملئ بلإيمان حتى المشاش ، ومفكر يشرف الفكر الإسلامي...رجل مثل محمود لم ينج من تهمة الزندقة لجسارته الفكرية ولمحاولته الرائدة وضع الدين في إطار العصر...والحرب ضده حرب غير أمينة وليست من أخلاق الإسلام في شئ...حرب تنقل القضايا الفلسفية الفكرية في أسلوب غير أمين الى الشارع ليتجادل فيها العامة الذين لا يملكون المواعين الفكرية لاستيعابها...بعبارة أخرى ينقل الحديث نقلا خاطئا إلى الأذن الخاطئة لتفهمه الفهم الخاطئ وتنفعل به الإنفعال الخاطئ. فمفاهيم الاستاذ محمود محمد طه الفلسفية مفاهيم يقبلها القابلون ويرفضها الرافضون، ولكن الحقيقة الهامة هي أن هذه المفاهيم هي امتداد للفكر الاسلامي ..بل أذهب لأقول ان الاستاذ محمود هو السياسي الوحيد من مواقع اليمين الذي يفكر برأسه ويأتم بعقله.)
صحيفة الأيام في 21/4/1969م..وتم إعادة نشرها في كتابه حوار مع الصفوة..دار النشر جامعة الخرطوم ..طبعة 1974م
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: عبدالله عثمان)
|
رفض د. منصور خالد القيادي بالحركة الشعبية، تحميل مَسؤولية الانفصال ووضعية السودان الحالية لحزب أو أفراد أو نظام بعينه، ووصفه بأنّه نتاجٌ لتداعيات، ورفض تحميل جوبا مسؤولية الانفصال، وزاد: قد تكون لجوبا جنايات كُثر، ولكن ليس من بينها تمزيق مشروعات الوحدة ومواثيقها، واضاف في حوار مع «الرأي العام» تبدأ نشره اليوم: أنا لا أعرف قراراً واحداً من الحركة يعلن أنها مع الانفصال، وأوضح أنّ الساسة الحاليين يَتَحمّلون جزءاً من هذا الوزر لأنهم كانوا عنصراً فاعلاً في التأثير على السياسة نحو الجنوب. وقال د. منصور إنّ المؤتمر الوطني هو أول حزب شمالي حَاكم امتلك الشجاعة لإنهاء الحرب والإعتراف بالتنوع، وجعل من المواطنة أساسا ًواحداً للحقوق والواجبات، ومنح الجنوب حقوقاً وسلطات لم تُمنح له في الماضي واعترف بحق تقرير المصير، لكنه قال إنّ العيب هو عجز القادرين عن التمام، أو قول بعض إنّ تياراً في ذلك الحزب لا يريد ذلك التمام. وقال منصور إنّ أهم ما يجب حدوثه - إذا وقع انفصال بين الشمال والجنوب - هو استدامة السلام بينهما، وألاّ يؤثر على المواطن، وقال إنّ الجيرة بين الشمال والجنوب لا يمكن تجاوزها أو إنكارها حال الانفصال. وأوضح أن الاستفتاء ليس أمراً مفاجئاً ومتفقاً عليه، وأن من المهم التفكير في تحويل سلبيات الانفصال - إن وقع - إلى مكاسب. وقال د. منصور إنّ الحركة ليست هي الجنوب، وليس كل الجنوب مناصراً لها، ودَعَا لمخاطبة أهل الجنوب وليس الحركة، وأقر بأن الانفصال يُؤرِّقه لكوني من دُعاة الوحدة، لكنه استدرك بأنه لن يؤرقه كما يؤرق الذين ينظرون للوحدة برومانسية. وانتقد الحديث حول إلى أين يذهب منصور خالد عقب الانفصال، وقال: قضيت ثلثي عمري في لندن، باريس، جنيف، واشنطن، نيويورك، نيروبي، أسمرا، القاهرة وأديس أبابا، ولست إذن من يوجّه لهم مثل هذه الأسئلة، وأضاف: أنا سوداني، وإذا أحسست في أيّة لحظة أن السودان يُشكِّل عبئاً على الإنسانية فلن أفاخر بتلك السودانية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: بكرى ابوبكر)
|
الإهداء * الى شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه، الذي علمنا أن الفرد الحر هو الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، ثم أنه على أستعداد دائم لتحمّل مسؤولية فكره وقوله وعمله أمام قانون دستوري. * والى الدكتور منصور خالد الذي لم تتوقف محاولات اغتياله معنويا بترويج شعائعات سخيفة، إن لك في الأستاذ محمود أسوة وعزاء. أسوة، لأنك مثله صاحب نعمة، هي العقل الصافي والقلب السليم، ومثله أيضا أنت محسود عليها. وعزاء، لأنه قال عنك أنك "ذكي وأن الله غيور على الأذكياء".كتاب "وجوه خلف الحرب: الهوية والنزاعات الأهلية في السودان" د. الباقر العفيف مركز الخاتم عدلان للإستنارة والتنمية البشرية شركة مطابع السودان للعملة المحدودة الخرطوم 2007
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: عبدالله عثمان)
|
الإهداء إلى الدكتور منصور خالد، المثقف السوداني المتميز، الذي لم يتردد قط، في الانتصاف للأستاذ محمود محمد طه، ولم يتواني لحظة، عن رفع ذكره في العالمين. ثم، إليه مرة أخرى، لكونه لم تبد منه، طيلة سعيه الدءوب، للانتصاف للأستاذ محمود، نأمة زلفى واحدة لسدنة القديم. فبعضهم، حين لا يجد مناصاً، من إدانة القتل بسبب الرأي، يتلهف إلى أن يردف قائلاً: ((رغم اختلافي معه في آرائه)).
مهارب المبدعين: قراءة في السير والنصوص السودانية د. النور حمد دار مدارك للنشر، ط1، الخرطوم 2010م
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
غياب الدكتور قرنق ترك أثرا حزينا ليس لدي او لأسرته او للجنوبيين فحسب، وإنما لكل السودانيين ولافريقيا بأثرها. فهو فقد عظيم.. كان قد عقد العزم على توحيد القارة الافريقية.. بعد توحيد السودان على أسس جديدة، فهو رجل صاحب نظرة ثاقبة قادت إلى سلام على أساس جديد أنهى الفوارق الموروثة وأزال الظلامات ووضع أساساً متيناً لاستقرار السودان من خلال اتفاقية السلام الشامل والتي لعب جون قرنق دوراً أساسياً في تحقيقها.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
رجل مسلم ملئ بلإيمان حتى المشاش ، ومفكر يشرف الفكر الإسلامي...رجل مثل محمود لم ينج من تهمة الزندقة لجسارته الفكرية ولمحاولته الرائدة وضع الدين في إطار العصر...والحرب ضده حرب غير أمينة وليست من أخلاق الإسلام في شئ...حرب تنقل القضايا الفلسفية الفكرية في أسلوب غير أمين الى الشارع ليتجادل فيها العامة الذين لا يملكون المواعين الفكرية لاستيعابها...بعبارة أخرى ينقل الحديث نقلا خاطئا إلى الأذن الخاطئة لتفهمه الفهم الخاطئ وتنفعل به الإنفعال الخاطئ.
حوار مع الصفوة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: مختار مختار محمد طه)
|
عند رحيل الأستاذ عبد القادر حمزة، صاحب البلاغ وشيخ الصحافة في مصر، شَيعَه عباس العقاد بشعر مبين. ومن جميل وصفه لشيخ الصحافة الراحل: جَل المُصاب بفقد عبد القادر ويَحَ البيان على المبين الساحر المستعين على السياسة بالحجى والعلم والقلم القوي القاهر والحجة العليا التي ما طأطأت يوماً لمنتقم ولا لمُناظر هذا وصف لا أجد أبلغ منه في التعبير، أو أكثر مطابقة لمقتضى الحال في الإبانة، عن مناعِت شيخ من شيوخ الصحافة السودانية، رحل عنا قبل عشرة أيام مضين، ولما نَرعَوِ بعدُ إلى جميل الصبر على فقده. محجوب ...المَعْلَم والمُعَلم لم يكن كاتبنا الذي نبكيه اليوم كاتب مقال تحليلي يكشف فيه عن خفايا السياسة، أو صاحب مباحث نقدية يجادل فيها خصومه الفكريين لإثبات صواب، أو إفحام مُناظر. كان مَعْلَماً ومُعَلماً في مجال من مجالات الصحافة هو المركز التي تتشعب منه الفروع: الأخبار. نعم هو المركز ولهذا نُسبت إلى الخبر الإضمامة من الورق التي تصدر بإنتظام وتنقل لقارئها ما يدور في شتى الميادين (Newspaper). في ذلك المجال فاق محجوب النظراء في الإحاطة بالخبر، والتثبت من مصدره، وإستجادة سباكته، وقبل ذلك التمييز بين ما هو خبرٌ صُلب (hard news) وما هو هش.(soft news) على يدي محجوب تربت أجيال من ناشئة الصحافيين، أصبح لبعضهم شأن، إذ كان صحفياً ثَبْتاً يلتزم في أدائه كل المعايير والقيم التي تضبط العمل الصحفي. فمن أبجديات الصحافة: بسط الحقيقة دون تزويق، والولاء للقارئ، لا لأحد غيره، والمصداقية التي لا تتأتى إلا بتقصي الأمور وإقامة الحجة على صدق كل ما يُصدر من الصحفي و يورد، وقبل كل ذلك الأمانة المهنية. الأخيرة خصلة تُكسب بَعناء وتفقد بيسر وبساطة كما كشف ويكشف لنا الزمان. كان محجوب عثمان راعياً لتلك القيم، ملتزماً تلك المعايير مما حمله على أن لا يلوث الخبر برأي، أو يدنسه ببهتان. فعند أهل المهنة الرأي حر والخبر مقدس. طيلة معرفتي به لم أره -رغم إنتمائه الحزبي- يجعل لهواه الحزبي سلطاناً على ما كان يروى من خبر، فالصحفي الأمين لا يجعل نفسه عبداً لحزب أو يمكن سيداً من إعتباده، ناهيك عن أن يسخر صحيفته للإستعباد. بدايات اللقاء علاقتي بمحجوب ضاربة في القدم، فأول لقاء معه كان في مبدأ عمله الصحفي بجريدة «الرأي العام»، ولما أزل يومذاك طالباً في جامعة الخرطوم. كنت، فيما توفر لي من فراغ، أستريض النفس وأنمي القدرات في مجالات كثر كانت تستهويني، ومنها الصحافة. تعرفت يومئذ على نفر غير قليل من شباب الصحافة، وكان من بين من ألفت نفسي منهم محجوب حتى ثبتت في قلبينا مودة كما «ثبتت في الراحتين الاصابع». لهذا لم يكن الراحل يتجشم أدنى مشقة لكي يحرضني على تناول موضوعات وقع في ظنه أنني أملك أن أضيف بها جديداً على القارئ. من ذلك حضه لي على تسجيل رحلاتي إلى الخارج، وكنت منذ ذلك الزمان الباكر أهوى السفر داخل السودان وخارجه سعياً لإستكشاف المجهول. ولعل أول سلسلة مقالات نشرت لي بصحيفة سيارة كان هو ما نشرته تباعاً «الرأي العام» بتقديم من محجوب عن زيارات شبابية قمت بها إلى إيطاليا وسويسرا وفرنسا وإنجلترا والدنمارك. تلك المقالات تولى، من بعد، مكتب النشر جمعها وإصدارها في كتيب. إرتحل محجوب، من بعد، إلى «الأيــام» وظل في منبره الجديد الذي أصبح له من المالكين، يلحف على بالكتابة، ونشر عني مقالات عددا منها ما لا يتفق البتة مع عقيدته السياسية، ولا يتماثل مع رؤاه الفكرية. محجوب وصاحباه: بشير محمد سعيد ومحجوب محمد صالح أفلحوا في أن يجعلوا من الأيام مؤسسة أكثر منها دار نشر. «الأيــام» لم تَعُد صحيفة، بل أضحت بيت خبرة يؤهل الذين إنضموا إليه فنياً ومهنياً وأخلاقياً، ولكل مهنة قيم تضبط السلوك ومعايير تحكم الاداء إن لم يلتزم بها سالكو المهنة أصبحوا ذوي أطمار لايؤبه لهم، والطِمر هو الثوب البالي. كثر من زملائه الحزبيين، لا سيما من أبناء جيلي، كانوا يتساءلون عن سر العلاقة بين «الزميل» محجوب وهذا الفتى «البرجوازي»، أو قل مشروع البرجوازي. كنت أعجب لأولئك الذين لا يرون في الإنسان غير وجه واحد منه، ولا يدركون أن في الحياة ما هو أمتن وابقى من السياسة لإدناء النسب بين الناس، والتأليف بين ميولهم وأمزجتهم. فالنفوس يتجاذبها حب الفن والخير، ويقرب بينها حب الشعر والغناء، ويدنيها من بعضها البعض حب الحسن والجمال، وقبل ذلك حب الله ونبيه. كأنى بهؤلاء لم يسمعوا قول القائل: «أحببته لله في لله»، أو كأنهم لم يتلقوا شخصاً سره ما رأى فضرب على صدره وقال: «أحب النبي». في صحبتنا تلك كان يسعنا الماء والشجر ونحن نصغي، عند السماع، إلى ما نظمه الصاغ محمود ابوبكر والأستاذ عبد القادر إبراهيم تلودي. هذه علائق تصعب كثيراً على من ضاقت مواعينهم إدراكها، ولو أراد الله بهم خيراً لوسع لهم في الماعون. غياب ومَعَاد غاب محجوب عن سوح النشاط الفكري في الخرطوم خلال ما يربو على العقد من الزمان ثم عاد ليستقبل سوداناً آخر: «لا الأهل أهل، ولا الديار ديار». هو نفسه أصبح شخصاً آخر. فالصحافة التي وهب حياته لها قد تطورت تطوراً ملحوظاً في جانب، ودُمرت تدميراً فاحشاً في جانب آخر. فمع التطور المهني غير المنكور برزت إلى الساحة صحف دورها الأول والأخير هو نسج الأباطيل، وخلط الوقائع بالشائعات. صحف لا تعرف أن للخبر قدسية كما كان محجوب يعرف، ولا ترى في حرية الرأي إلا الإستباحة كما ينبغي أن لا تكون، ولا تروى خبراً إلا من جهة الفساد، ولا تُفتي في أمر إلا وتُغرِب في الفتوى دون وازع من ضمير أو هدى من كتاب منير. غايتها في الحالتين هي الإعتام لا الإعلام. وبحمد الله فقد عصم ربي عن هذه الظاهرة الوبيئة صحفاً عديدة وصحافيين كُثر آثروا البقاء حيث يجب عليهم البقاء، ضميراً للشعب. مع ذلك اضحت الأقلية الفاسدة المسحوقة هي الأعلى صوتاً. تلك الصحف وصفها نزار قباني «بالجرائد التي تخلع ملابسها الداخلية لكل حاكم من بطن الغيب جاء، ولكل مراب يلمع في راحتيه الذهب». حَسبُنا الله ذو المعارج من أناس لا يستحيون من الكشف عن عوراتهم من أجل كسب مادي، فالحياء يُلجم حتى الفقراء المحاويج عن ذلك. ذلك الألم النفسي كان قاسياً على محجوب، ومازال قاسياً على كل حادب على الصحافة السودانية ذات التاريخ المجيد. إلى جانب الألم النفسي لحقت بصديقنا الراحل، على المستوى الجسدي، آلام وأوجاع تضاعفت في سني عمره الأخيرة وقد توج الشيب هامته في جلال ومهابة، كما يتوج الجليد مرتفعات الألب، ناصعاً وسامقاً. عاود محجوب الإطلال على قرائه، وهو في صنكة، وما نمى لعلمهم ما كان عليه من أوجاع لو مُني بها رضوى لأهتز. كان جسمه ِبعَرض سقم إلا أن البديهة كانت حاضرة. وكان الداء يهتضم كليته إلا أن الفؤاد لم يُنخَب والبصيرة لم تضل. حمل نفسه، رغم تلك الأدواء، على أن لا يغيب عن قرائه حتى لا يكتب مع الشياطين شيطاناً أخرس. ولو كان محجوب يكتب ما عَنّ له ليسود الصحاف لهان عليه الأمر، ولكنه كان يكتب عن قضايا الناس والألم يعتصر قلبه والداء ينهش جوفه. ما أقسى الكتابة بقلم يغمسه الكاتب في شرايين قلب أدمته تباريح الهوى في شبيبته، وأضنته بُرحاء المرض عند المشيب. في دار أبي سفيان إزدادت معرفتي بالراحل وثاقة في سنوات الإغتراب، ولكم حمدت له سعيه للقائي في لندن حيث أقمت ردحاً من الزمان، وفي نيروبي حيث قضيت بضع سنوات، ثم في القاهرة التي أزمنت فيها. في قاهرة المعز كانت لنا أيام مع من تحن لهم النفس، ويهفو القلب، ويسكن الفؤاد ويطمئن. كانت اللقيا أغلب الأحيان عند أستاذي الأثير محمد توفيق احمد ورفيق دربه في سني عمره الأخيرة محمد نور السيد. كانا يتشاطران داراً أضحت كدار أبي سفيان، كل من دخلها أمن العثار. كنا نسعى اليها كلما افتقدنا المسرة عند قوم جمعتنا بهم السياسة ولكن فرق بيننا وبينهم أن جمعهم كان لا يُدخل في النفس أو القلب إرتياحاً، ومنهم من كان بالمسرة ضنين حتى على نفسه. نلجأ إلى تلك الدار ننزل فيها نزول كريم على كريم، ومن كمثل توفيق في الحفاوة بالأصدقاء، والوفاء للصحاب، والإيفاء بالعهود. في القاهرة توفاه الله وبوفاته فقد الوطن واحداً من أكبر عاشقيه. ثم من كمثل نور في الإيناس بالطرائف، وتشمير الساعد في مصيفه ومشتاته لإكرام الأضياف. ولئن ذكرت اليوم نوراً فلأنه بقى من أكثر اصدقاء محجوب حنواً به، ورفقاً عليه، ومواساة لرجل كانت ثروته الوحيدة التي يُكاثر بها الآخرون، ويتكثر بها على الجاحدين، هي صحبه الأوفياء. كان محجوب، في قرارة نفسه، يكره الجاه والوجاهة، ولا يتبرم بشئ قدر تبرمه بالمال. مع ذلك كان يوقن إيقاناً تاماً أن الشرف قد أدركه كما أدرك المنصور. روى محمد بن سلام الجمحي أن جارية للمنصور رأته مرقوع القميص فقالت: «خليفة وقميصه مرقوع». قال ويحك أما سمعت ابن هرمة: قد يدرك الشرف الفتى ورداؤه خَلِق وجيبُ قميصه مرقوع كان محجوب هو الفقير الغني، فالرجل بلا مال فقير، ولكن الأفقر منه رجل ليس لديه إلا المال. في أعماق نفسه كان محجوب صوفياً. أحب الحياة على طريقته، وأصطحب الناس على طريقته، وجالد المرض على طريقته، ثم عاش وكأنه لم يولد، ومات وكأنه لم يعش، أي عاش ومات على طريقته. كان في أعماق نفسه أيضاً يدرك أن مآله قبر متواضع. ومخطئ من يظن أن في القبور مستقراً، فالقبور يتوارثها هالك عن هالك ثم تندثر ويطأها البشر بلا رفق ، أو لم يحدثنا شيخ المعرة : «خفف الوطء ما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد» ذهب محجوب ولعل اول دين نؤديه عنه بعد مماته هو المزيد من الشكر لرجال ما أنفك يشكرهم حتى رحل. الأطباء الذين توفروا على علاجه بصدق واريحية وحِنة بالغة. الثلاثي البارع الذي تنطس في دقائق مهنته: شاكر زين العابدين، عمر إبراهيم عبود، الفاضل محمد عثمان ومعهم د. سليمان حسين سليمان مدير مستشفى سوبا الذي رفض رفضاً باتاً إرهاق محجوب بأية نفقات مالية طوال فترة علاجه. هؤلاء هم الذين ظلوا يباشرون علاجه يوما بيوم دون كلل أو ملل، وفي صبر دؤوب واهتمام بالغ حتى أخذ الله وديعته. أذكر أيضاً الدكتور خالد ابن صديق العمر والدار الجَنب أحمد عبد العزيز الذي إستنقذ محجوباً ورد له الحياة من مرحلة خطيرة عبر بها وبعد عملية جراحية لشريان صناعي دامت سبع ساعات. من تلك العملية أفاق محجوب معافى وعاش إلى حين ثم مضى، والحَينُ قد يسبق جهد الحريص. رحم الله شيخ الصحافة، ولا غالب إلا الله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
الدكتور منصور خالد : المواطن السودانى فى الجنوب أو فى الشمال يحتل ذات المكانة فى إهتمام الحركة الشعبية والحكومة على السواء لكن الإتفاقية لأول مرة تضع معايير مختلفة لمفهوم المواطنة بمعيارها الشامل ولأول مرة يوضح واجبات المواطن التى لم يرد ذكرها فى أى من الدساتير السابقة .. وبإيجاز نستطيع القول إن المواطن الجنوبى على ذات القدر من المسئولية التى يتمتع بها الشمالى التى تجعله عنصراً من عناصر نجاح الإتفاقية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
نعم تلك كتابات الدكتور منصور ، فهو من الذين يوثقون أفكارهم بالكتابة ، فهو مفكر خطر . **
وأتعجب كثيراً من فتح ملفات الكثيرين الذين ليس لديهم ما يقدمونه للفكر !
شكراً لك أيها الأكرم :صلاح
.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: عبدالله الشقليني)
|
قطاع النفط وسيناريو يوم القيامة بقلم :د. منصور خالد
أشرنا إلى أن هناك ثلاثة عشر تحدياً ستجابه طرفي الاتفاقية، أو الجنوب منفرداً، إن قرر الجنوب الانفصال. بعض هذه القضايا وردت الإشارة إليها في قانون استفتاء جنوب السودان. ولكنا اصطفينا من التحديات تلك التي نرى فيها محاذير تستلزم الاهتمام. علي رأس هذه التحديات مصير قطاع النفط والذي تتناوله أربعة مجالات: احتياطي النفط والبنى التحتية، التجارب العالمية، عائدات النفط، ثم عقود النفط.
بدأ التنقيب عن النفط في الجنوب عقب اتفاق أديس أبابا من بعد إخفاق كل المحاولات للتنقيب عنه في البحر الأحمر. وكان للرئيس جورج بوش (الأب)، إبان عمله مستشاراً للرئيس فورد، الفضل في توجيهنا إلى الجنوب والجنوب الشرقي بدلاً عن البحر الأحمر الذي كنا نظن، بحكم قربه من السعودية، بأنه أغنى المناطق بالنفط والغاز. في نصيحته لنا قال بوش أن أكبر مستودع للنفط في السودان حسب المعلومات التي توفرت لديهم عن طريق المسح الجيولوجي من الفضاء هو الجنوب، خاصة أعالي النيل ومنطقة السدود حتى الجنوب الشرقي. وفي واقع الأمر، تم دخول شركة شيفرون للقيام بأولى عمليات التنقيب بإيعاز من بوش، وهو كما قد يعرف أولا يعرف الكثيرون، ذو علاقة وثيقة بالشركات النفطية. وما أن تم اكتشاف شيفرون لاحتياطي يشجع على الاستغلال التجاري للنفط حتى بدأت في اتخاذ الإجراءات لإقامة البنى التحتية، وعلى رأسها خط الأنابيب من منطقة الإنتاج (هجليج) إلى البحر الأحمر بالتعاون مع شركاء ثلاثة: حكومة السودان، شركة شل، أبيكورب (الشركة العربية للاستثمار في قطاع النفط). تلك الأعمال توقفت جميعها عند تهديد الجيش الشعبي مناطق إنتاج النفط مما حمل شيفرون على وقف أعمالها في عام 1983. ورغم المحاولات التي قام بها مبارك المهدي، وزير الطاقة في حكومة الصادق المهدي لإقناع شيفرون بالعودة للعمل في السودان والتكفل بحمايتها، امتنعت الشركة الأميركية عن العودة للسودان إلى أن تستقر الأحوال فيه. وكان من بين الحجج التي أبداها الوزير أن الحرب الأهلية في أنغولا لم تمنع الشركات الأميركية من العمل في قطاع النفط في المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة الأنغولية المسلحة.
وفي عام 1992م انسحبت شيفرون تماماً من السودان بعد أن باعت حقوق امتيازها لشركة سودانية صغيرة (كونكورب) بثمن بخس دولارات معدودة (23 مليون دولار). لماذا فعلت شيفرون ذلك؟ في واقع الأمر، ما كانت شيفرون لتقبل طوعاً التنازل عن امتيازها لولا تعهد الإدارة الأميركية بتعويضها كل ما أنفقته في السودان بالخصم من ضرائبها إن قبلت العمل في حقول الدول النفطية في آسيا الوسطى والتي خرجت لتوها من الإتحاد السوفييتي. ذلك سوق كانت الإدارة الأميركية تتوق لولوجه بعد انهيار الإتحاد السوفييتي لأسباب إستراتيجية واقتصادية.
يممسودان.. إلى أين المصير؟ (21)
وعقب استيلاء الجبهة القومية الإسلامية على الحكم بدأت حكومتها تولي اهتماما فائقاً لإنتاج النفط، خاصة بعد أن أوصدت أمامها أبواب التمويل من المصادر الغربية التقليدية نتيجة لعقوبات مجلس الأمن في 1996، والعقوبات الأميركية في 1997، وعقوبات الاتحاد الأوروبي في 1994.
كما انسدت أبوب التمويل العربي بسبب غزو الكويت والمشاحنات مع السعودية وتجاوز الخلاف مع مصر أي حد مقبول. تلك هي الظروف التي فُتِحت فيها الأبواب للمستثمرين المغامرين، وللمغامرين دون استثمار. ومن المستثمرين المغامرين لاعب صغير هو شركة أراكيس، وهي شركة مسجلة في كندا يملكها باكستاني.
وبدخول اراكيس في الحلبة وإنشاء شركة النيل الكبرى بدأت اراكيس في البحث عن ممولين، ولعل دورها منذ البدء لم يكن يتجاوز دور الوساطة المالية رغم أنها كانت هي الجهة المنفذة (Operating Company) في شركة النيل الكبرى. أفلحت جهود اراكيس في استدراج شركة غربية هي شركة تاليسمان الكندية إلى مجال إنتاج النفط في السودان للمرة الأولى بعد رحيل شيفرون.
دخول تاليسمان الحلبة النفطية شجع شركات غربية أخرى على اقتحام ذلك الميدان مثل لندين (Lundin) السويدية و(MOV) النمساوية. إضافة إلى ذلك، وقع حدث سياسي مهم في تلك الفترة كان له أبلغ الأثر في تشجيع الشركات المستثمرة على العمل في مناطق إنتاج النفط ألا هو انقسام الحركة وقرب الفريق المنشق من واحد من أهم مناطق إنتاج النفط (هجليج) مما مكن حكومة السودان من بدء العمل فيه بإسناد من ذلك الفريق.
الترابي ـ مشار
على أي، كانت حكومة السودان في تلك الفترة في أمس الحاجة لاستغلال النفط لكيما توفر الموارد التي تحتاجها لأداء مهامها الإدارية، وتنفيذ برامجها التنموية، وفوق ذلك تأمين نفسها وإدارة حروبها الداخلية والخارجية. هذا الوضع لم يدم طويلاً إذ أخذ المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني في الغرب في تضييق الخناق على الشركات الغربية التي كانت تعمل في مجال التنقيب مما قاد، في البدء، إلى خروج تاليسمان الكندية ثم تبعتها الشركتان الأخريان.
وبهذا انفتح الباب على مصراعيه للاعبين آسيويين في مجال النفط تتقدمهم الصين وماليزيا. وكان للدكتور حسن الترابي دور مهم في إقناع الأخيرة، عبر صديقه نائب رئيس الوزراء الماليزي آنذاك: أنور إبراهيم، لاقتحام حقول النفط في الأدغال السودانية.
ثم تبع اللاعبان لاعب آسيوي جديد هو الهند لترث مع آخرين ما خلفته تاليسمان. ليست هذه هي المرة الأولى التي نروي فيها هذه القصة، فقد أشرنا إليها من قبل في وقت كان فيه معارضو نظام الإنقاذ يمتنعون أنفة عن الاعتراف بنجاح ذلك النظام في أي شيء.
قلنا «ولئن استطاع نظام الجبهة، رغم الحصار الاقتصادي المفروض عليه، وانغلاق أبواب مصادر التمويل التقليدية أن يمضي في تنفيذ المشروع فهذا، بلا ريب، نجاح كبير. ذلك النجاح يُعزى إلى رجلين: الترابي ومشار. فحين سَخَر الترابي علاقاته المميزة ببعض مصادر التمويل الأولى مثل وزير مالية ماليزيا أنور إبراهيم لإقناعه بالاستثمار في البترول، وَفَر مشار بقواته في مناطق النوير الحماية للعاملين في صناعة النفط وتحييد مقاومة الحركة (صفحة 784، أهوال الحرب وآفاق السلام)»
انطلاقا مما تقدم فإن أمام الطرفين أكثر من تحد في مجال النفط، منه ما يتصل باحتياطيه، وإنتاجه، وتكريره، ونقله، ومنه ما يتعلق باقتسام عائداته وبالعقود المبرمة مع الشركات العاملة في كل هذه المناشط.
احتياطي السودان من النفط هو الخامس من حيث الحجم في أفريقيا بعد ليبيا، نيجيريا، الجزائر وأنغولا. ورغم أن الدراسات تشير إلى وجود ثلاثة وعشرين (23) مربعاً تُبشر بإنتاج نفطي (سنار، جنوب كردفان، دارفور، مثلاً)، إلا أن المربعات المنتجة اليوم هي مربع 1 إلى 7، والتي تقع فيما يسمى حوض المجلد. هذه المربعات السبعة تحتوي على احتياطي يقدر بسبعة بلايين برميل.
ومع بعض الاستثناءات، تقع جميع هذه المربعات في جنوب السودان، أي جنوب خط العرض الثاني عشر (12). في ذات الوقت أُسست كل البنى التحتية لصناعة النفط في الشمال: خط الأنابيب، معامل التكرير، نقاط التحميل، موانئ التصدير. ويجري العمل حالياً على رفع الكفاءة الإنتاجية لتلك البنى التحتية تحسباً لبداية الإنتاج في مربع (ب) الواعد الذي تقوم بالتنقيب فيه مجموعة شركة توتال، والذي يقع بأكمله في الجنوب.
اتفاقية السلام الشامل كانت شديدة الوضوح حول ما ينبغي عمله في إدارة قطاع النفط إبان الفترة الانتقالية، أي في الفترة التي ستظل فيها البلاد موحدة. فحسب الاتفاقية يظل الوضع الراهن على حاله فيما يتعلق باتفاقيات الإنتاج، على أن تتولى حكومة السودان وحكومة جنوب السودان إدارة قطاع النفط عبر مفوضية قومية للبترول يتساوى عدد أعضائها من الجانبين وتكون رئاستها مشتركة بين رئيسي تلك الحكومتين.
هذا ما كان على مستوى صنع القرار، أما على المستوى التنفيذي فقد ظلت حكومة الجنوب تطالب منذ بداية حكومة الوحدة الوطنية بإشراك المهنيين الجنوبيين في مجالات الإنتاج والتسويق التي تستأثر بها كوادر شمالية أغلبها منسوب لحزب المؤتمر الوطني، دون أن تلقى تلك المطالبة أذناً صاغية.
وفي ديسمبر 2007م وجهت الرئاسة وزارة الطاقة والتعدين بتعيين الكفاءات الفنية الجنوبية في مجال الصناعة النفطية خاصة في مجال أنظمة ومراقبة الإنتاج والتسويق وفق ما نصت عليه اتفاقية السلام، وبالنسب المقررة لهم في تلك الاتفاقية. ورغم أن تعيينات قد تمت إلا أنها لم تبلغ بعد مضي عامين على صدور القرار النسبة المقررة في الاتفاقية، كما اقتصرت التعيينات على الوزارة ولم تشمل الشركات الحكومية التي تلعب الدور الأساسي في الإنتاج والتسويق.
وعلى كل فإن النفط المنتج في جنوب السودان، أو في أي جزء آخر من أجزاء السودان (الغرب مثلاً)، سيصبح بلا قيمة في الوقت الراهن دون البنى التحتية لصناعة النفط. هذه البنى التحتية تشمل: مصفاة الجيلي التي تم إنشاؤها في عام 2002م بسعة مئتي (200) ألف برميل / يوم، مصفاة الأبيض لتوفير الاحتياجات المحلية، مصفاة بورتسودان (2006م) لتنقية مزيج دار المشبع بالمواد الحمضية (2006م).
ميناء بشاير، خط الأنابيب من شمال أعالي النيل (ملوط) إلى بشاير 870 ميلاً، وخطين آخرين أصغر في الطول أحدهما من حقول ثارجات في أعالي النيل إلى الفولة (110 أميال) والثاني من الفولة إلى مصفاة الخرطوم (460 ميلاً). ومن المؤسف أن نضيف أن العمالة الجنوبية، خاصة في المجالات العليا والوسيطة في جميع هذه البنى التحتية، ظل ملحوظاً بغيابه. بذلك ستكون قضية العمالة الجنوبية في مناطق الإنتاج ووسائط النقل واحداً من القضايا التي ستثار.
التجارب العالمية
النزاع المرتقب بين الطرفين، فيما نقدر، لن يكون فقط حول المشاركة في الإنتاج أو تقدير تكلفة هذه البنى التحتية وتقاسم تكلفتها، وإنما أيضا في إدارتها وتشغيلها. وفي تجارب العالم ما يمكن الاستفادة منه في جميع هذه الحالات. ففي مجال الإنتاج هناك تجارب السعودية ـ الكويت - أستراليا - تيمور الشرقية، بريطانيا - النرويج. أما في مجال النقل فهناك تجارب أخرى يمكن الاستهداء بها مثل تجربتي تشاد - الكاميرون، وروسيا - أوكرانيا. في كل واحدة من هذه التجارب أوجه نجاح يمكن تقفيها، ومزالق يلزم تخطيها.
فمثلاً، تعود التجربة السعودية - الكويتية في اقتسام عائد الإنتاج في المنطقة الحدودية (6500 ميل مربع) إلى عام 1992 عندما تم ترسيم الحدود الدولية بين البلدين وبقيت المنطقة الحدودية منطقة جرداء لا يُعنى بها أي من الطرفين. وعند اكتشاف البترول والغاز في تلك المنطقة اتفقت الدولتان على إدارة مشتركة لها وعلى اقتسام العوائد مناصفة (50/50) بينهما.
ويبلغ احتياطي النفط في تلك المنطقة خمسة (5) بلايين برميل كما يبلغ احتياطي الغاز تريليون متر مكعب. وتتولى إدارة الإنتاج في تلك الحقول شركة الوفرة نيابة عن الكويت وشركة شيفرون نيابة عن السعودية.
أما تجربة الإنتاج المشترك للبترول تحت البحر بين أستراليا وتيمور الشرقية فتحكمها اتفاقية الاستغلال الدولي للنفط (International Utilization Agreement) التي تنظم الإدارة المشتركة للإنتاج واقتسام العوائد بين الدولتين مناصفة (50/50). إلى جانب هاتين التجربتين هناك أيضاً التعاون المشترك بين بريطانيا والنرويج في استغلال النفط في المنطقة الواقعة ما بين الجرفين القاريين للبلدين وفي إنشاء وإدارة البنى التحتية التي تسند الإنتاج.
هذه التجارب الثلاث تختلف اختلافاً جذرياً عن تجربة الشمال/ الجنوب في السودان حيث أن مناطق إنتاج البترول- موضوع الخلاف المرتقب- تقع جميعها في جنوب السودان ولهذا ستكون تحت ظل سيادة دولته الجديدة إن استقل، في حين تقع مناطق البترول المشترك في الحالتين الأخريين أما في مناطق حدودية مشتركة (الكويت - السعودية)، أو في أعماق أعالي البحار (أستراليا ? تيمور الشرقية)، أو في المنطقة الواقعة بين الجرفين القاريين للبلدين (بريطانيا - النرويج). لهذا إن كانت مواقع الإنتاج هي «الكرت الرابح» في يد الجنوب، فإن البنى التحتية ستكون هي «الكرت» الرابح في يد الشمال.
أما في ما يتعلق بالنقل سبقت الإشارة إلى تجربتين: تشاد - الكمرون وروسيا ـ أوكرانيا. ففي الحالة الأولى ما كان لمشروع تشاد الكمرون لتطوير ونقل البترول (Chad - Cameron Petroleum Development and Pipline Project - CCPP) لينجح لولا تمويل وإدارة البنك الدولي له منذ منشئه في عام 2001م. البنك الدولي لم يكتف فقط بتمويل المشروع والإشراف على إدارته بل فرض على تشاد تعويضَ سكان المناطق الزراعية التي يخترقها خط الأنابيب على الخسارات التي نجمت عن مد ذلك الخط عبر هذه الأراضي تعويضاً مجزياً.
حدد البنك أيضاً أولويات الإنفاق لعوائد النفط ألا وهي: محاربة الفقر، التنمية الريفية، البنى التحتية، التعليم والصحة. وفي سبتمبر 2008م قرر البنك الدولي الانسحاب من المشروع بعد أن سددت تشاد كل الديون المستحقة للبنك وللمستثمرين الآخرين الذين ضمنهم.
وكان على رأس الأسباب التي حملت البنك على الانسحاب، حسب روايته، عدم الشفافية من جانب تشاد في حسابات النفط وتوجيه عائد الإنتاج إلى أهداف أخرى غير تلك التي توافقت عليها مع البنك.
مع ذلك فان ما قبلت به الكمرون لمرور أنبوب البترول التشادي عبر أراضيها (نصف دولار للبرميل) قد لا يكون مرضياً للجنوب.
التجربة الثانية هي الاتفاق بين شركة النفط الروسية (Gaz prom) وشركة النفط الأوكرانية (Naftohas) على إدارة أنبوب الغاز من روسيا إلى أوروبا الغربية ذي الأهمية القصوى لروسيا وأوروبا. فربع الغاز الذي تستهلكه أوروبا يأتي من روسيا، في حين إن ثمانين بالمئة (80%) من ذلك الغاز يُصَدر عبر أوكرانيا.
وفي خلال العقدين الماضيين وقع أكثر من خلاف بين البلدين حول إدارة الأنبوب، أخطره هو اتهام روسيا لأوكرانيا بالاستيلاء سراً على احتياجاتها للغاز دون دفع ثمنه (وهذا وصف مهذب للسرقة). لهذا، أعلنت روسيا، في أكثر من مرة، أنها ستوقف تصدير الغاز لأوروبا عبر أوكرانيا حتى تتيسر لها وسيلة أخرى لتصديره. ذلك التهديد الروسي أرعب أوكرانيا وأوروبا في وقت واحد معاً.
أسئلة صعبة
مع مراعاة الفروق، هذه هي التجارب التي يمكن للطرفين الاستهداء بها من الناحية العملية إن كان لهما أن يصلا إلى حل ينأى بهما عن الاحتراب. ولن يتحقق هذا إلا إن تعامل كل طرف مع الآخر بالقدر اللازم من الشفافية، والمعقولية في تقدير الأصول، والحرص على ضمان المصالح المشروعة لكل طرف، والميزات التفضيلية التي يمنحها كل طرف للآخر في المجال الذي يتحكم فيه.
قد يقول البعض إن في مقدور الجنوب أن ينشئ بنى تحتية خاصة به، وهذا أمر مقدور عليه. بيد أن إنشاء هذه البنى التحتية، حتى إن توفرت الموارد، قد يستغرق على الأقل من ثلاث إلى خمس سنوات وبتكلفة قد تبلغ 5,1 إلى ملياري دولار لكيما تكون هذه البنى جاهزة للتشغيل.
كما أن أي قرار من جانب حكومة الجنوب بإيقاف انسياب البترول إلى الشمال ونقل ما تستطيع نقله منه عبر شاحنات إلى كينيا، مثلاً، كما حدث في العراق إبان الحصار هو مغامرة خطيرة. إزاء ذلك، يقفز إلى الذهن سؤالان: الأول هل ستقبل حكومة الشمال التخلي فوراً عن كل حقول النفط المنتجة في الجنوب رغم كل ما أنفقته على إنشائها وتشييد البنى التحتية لها أم سيكون لها رد فعل ما؟ وما هو رد الفعل هذا؟
السؤال الثاني هو: إن رضخت حكومة الشمال المطلب الجنوبي بإغلاق كل آبار النفط المنتجة في الجنوب ريثما ينشئ الجنوب بنيته التحتية فمن أين ستتأتى لحكومة الجنوب الموارد للأنفاق على الإدارة والجيش والخدمات الضرورية، ناهيك عن التنمية، خلال هذه السنوات الخمس؟ كما من أين ستأتي حكومة الشمال بالموارد اللازمة لتحقيق نفس الأهداف.
خاصة أن أخذنا في الاعتبار أن عوائد النفط التي كانت تمثل 91% من الصادرات في عام 2006م قد ارتفعت إلى 94% في عام 2007م؟ بحساب آخر تمثل العوائد النفطية قرابة 75% من ميزانية الدولة في الشمال و95% من ميزانية الحكومة في الجنوب. الانخفاض الكبير في عوائد النفط في الشمال سيتبعه تخفيض هائل في الإنفاق الإداري والأمني والخدمي مما يستدعي فرض ضرائب إضافية في وقت لم يعد يطيق فيه المواطن ما تلزمه به الدولة اليوم من أعباء ضريبية وإتاوات.
أما في الجنوب حيث لم تفلح الحكومة بعد في تنمية الموارد غير البترولية فسيكون الحال أشد وبالاً. ذلك هو سيناريو يوم القيامة بالنسبة للشمال والجنوب معاً.
حفظ السلام داخل الأسرة
نكاد نوقن أن الأمور لن تتطور إلى سيناريو يوم القيامة، إذ في مقدور الطرفين التوافق على ملكية، أو على إدارة مشتركة، للبنى التحتية آخذين في الاعتبار تجارب العالم التي هي في متناول الجميع.
بيد أن حلاً كهذا يقود إلى موضوع آخر هو اقتسام التكلفة وصافي الإيرادات لأجل «حفظ السلام داخل الأسرة». ذلك تعبير استخدمه الراحل قرنق في الرد على بعض السياسيين الجنوبيين الذين عادوا من عواصم العالم، ومنها الخرطوم التي كانوا يعيشون فيها خلال سني الحرب. سأل هؤلاء قرنق بغضب مفتعل وحرص كذوب على مصالح الجنوب: «لماذا منحت 50% من نفط الجنوب للشمال؟» أجاب: «قبل اتفاقية السلام الشامل كان لكم 0% من ذلك النفط وإذا كان لأي منكم القدرة، دون اللجوء إلى الحرب، لاستعادة ال50 الباقية سأستمع له».
أضاف: «هذا هو أسلوبي للمحافظة على السلام داخل العائلة». بالتأكيد، كان الوضع سيختلف أيما اختلاف لو قبل مفاوضو الحكومة مقترح قرنق أثناء المفاوضات. كان قائد الحركة الراحل جد ممتعض عندما تقدم أولئك المفاوضون باقتراحهم حول اقتسام البترول المنتج في الجنوب، دون إشارة لما ينتج في الشمال.
سأل: «أين بترول الشمال في هذه القسمة؟» ثم تقدم بخيار بديل عن قسمة 50 /50 من موارد النفط المنتجة في الجنوب بين الجنوب والشمال. في ذلك الخيار اقترح اقتسام عائدات النفط المنتج في جميع أنحاء السودان، ليس بين الجنوب والشمال وإنما على أساس تحديد نسب معينة لحكومة الجنوب والحكومة القومية لمجابهة أعبائهما الإدارية ثم توزيع ما تبقى لجميع ولايات السودان حسب حاجتها التنموية.
شاهد دولي
الوضع اليوم، بلا جدال، أصبح أكثر تعقيداً عما كان عليه حين تقدم الزعيم الراحل بمقترحه. فالخلافات بين الطرفين حول الحجم الحقيقي لعائدات النفط، وبالتالي حول نصيب كل طرف منه، تجعل من الضروري ضبط هذه الأمور عن طريق جهة ذات كفاءة واستقلالية. ففي سبتمبر الماضي أصدرت جماعة الشاهد الدولي (Global Witness) تقريراً وافياً عن الشفافية في قطاع النفط.
عنوانه «إشعال عدم الثقة» (Fuelling Mistrust). الشاهد الدولي جماعة غير حكومية (مقرها واشنطون ولها فرع في لندن) قامت أساساً في أعقاب الحرب الأهلية في ليبريا وسيراليون وأنغولا للكشف عن الاستغلال الواسع للموارد الطبيعية (الغابات والماظ) لتمويل الحروب دون أدنى اهتمام بأثر ذلك الاستغلال على البيئة الطبيعية. وفي ذلك المجال أصدرت المنظمة تقارير هامة كشفت عن دور الشركات الكبرى في إزالة الغابات الاستوائية، وتجارة الماظ، وفساد المسؤولين.
الأسلوب الذي تعاملت به الجهات المسؤولة عن إدارة قطاع النفط في السودان مع ذلك التقرير لم يكن موفقاً إذ لجأت إلى دس الرؤوس في الرمال والهروب إلى الأمام باتهام الجهة التي أصدرت التقرير بالغرض واستهداف السودان.
الذي يطلع على الإحالات إلى المصادر التي استمد منها كاتبو التقرير معلوماتهم (مئتان وخمس عشرة (215) إحالة) يجد أنها تتضمن تقارير الشركات المنتجة، إحصائيات وزارة المالية والاقتصاد وبنك السودان، تقارير شاتهام هاوس، بيانات حكومة جنوب السودان، تقارير مجلس الأمن الدورية حول السودان، تقارير وزارة الطاقة الأميركية ومؤسسة التنمية النرويجية (نوراد) إلى جانب ما نشرته الصحف. ومن بين ما أجلاه التقرير وما لا يملك أحد إنكاره:
ـ عدم مشاركة حكومة الجنوب في التسويق أو تمكينها من متابعته رغم أن جُل الآبار المنتجة للنفط المباع تقع في الجنوب الذي ينص الدستور على حقه في الحصول على نصف عائد تلك الآبار
ـ حصول الحكومة على مصاريف إدارية ظلت حكومة الجنوب تطالب بنصيبها منهما، وإن لم يتأتى ذلك، فعلى الأقل معرفة ماهية هذه المصاريف، وكيف تم تقديرها
ـ جميع شركات الخدمات النفطية ليست فقط شركات شمالية، وهذا أمر مفهوم لأن إنشاءها توافق مع بداية إنشاء البنى التحتية لصناعة النفط، ولكنها أيضاً شركات يملكها أفراد أو مؤسسات تابعة للحزب الوطني. رغم كل هذه العوامل التي جعلت الجنوب في حالة تشاكس دائم مع السلطة المركزية حول حجم عائدات النفط وأساليب تسويقه.
إلا أن الاتفاق من ناحية مبدئية على قسمة عادلة، ووضع ضوابط للإنتاج والتسويق يتوافق عليها الطرفان، لن يكون خارجاً عن إطار المعقول والمألوف. فلئن قررت دولة مثل النرويج طوعاً رصد نسبة معينة من إيراداتها النفطية لبرامج التعاون الدولي حفاظاً على السلام الاجتماعي في العالم، فلن يكون خارج نطاق الممكن أن يفعل جنوب السودان نفس الشيء مع شمال السودان حفاظاً على «سلام الأسرة».
عقود النفط
نصت اتفاقية السلام الشامل على أن لا تخضع عقود النفط القائمة للمراجعة أو إعادة التفاوض (الفقرة 4/2 من بروتوكول تقاسم الثروة)، وعُرِفت العقود القائمة بتلك التي تم إبرامها قبل توقيع اتفاقية السلام الشامل. الاستثناء الوحيد لذلك النص القاطع هو السماح للحركة الشعبية بمراجعة العقود للكشف عن أي مشاكل بيئية أو اجتماعية نجمت عن عمليات استخراج النفط بهدف اتخاذ إجراءات لمعالجتها.
وفي حالة اكتشاف هذه المشاكل تُلزم الاتفاقية الحكومة باتخاذ الإجراء العلاجية الضرورية. وبما أن النص على عدم مراجعة العقود، بل جميع الشروط المتعلقة بقطاع النفط، يسري فقط على الفترة الانتقالية ولا ينسحب على الفترة التي تليها، فقد تذهب حكومة الجنوب إلى مراجعة جميع العقود المتعلقة بحقول النفط المنتجة في الجنوب إن كان فيها حيف أو ألحقت ضرراً اجتماعياً أو بيئياً، خاصة عندما تصبح دولة الجنوب هي صاحبة السيادة على الحقول.
إغراءات جزلة
أوردنا من قبل أن كل العقود المبرمة حول الإنتاج النفطي الحالي هي عقود مع شركات آسيوية. ولا ريب في أن السودان قد أجتنى فوائد جمة من الاستثمار الذي قام به الشركاء الآسيويون، كما أن فتح الباب للاستثمار الأسيوي كان إسهاماً فعلياً من جانب السودان لدعم وحدة الجنوب - الجنوب (أي الجنوب الكوني) للحد من جماح هيمنة الشمال (أي شمال الكون) على الاقتصاد العالمي. ذلك هدف ظلت تدعو له دول الجنوب في كل مقررات دول عدم الانحياز والأمم المتحدة (لجنة السبع وسبعين).
مع ذلك فالاستثمار الذي قام به أولئك الشركاء هو استثمار لمؤسسات اقتصادية تهدف، مثل كل نظيراتها، إلى تحقيق أعلى الإيرادات بأقل التكاليف. وغالب الظن أن أولئك المستثمرين ما كانوا ليُقدِموا على الاستثمار في السودان، في ظل ظروف قاسية، لولا الشروط المفرطة في الإغراء التي قدمتها لهم الحكومة. مثال ذلك الإعفاءات الضريبية الجزلة، وتحقيق عشرين إلى أربعين بالمئة (20 -40%) من عائدات الأرباح في وقت قُدِّر سعر برميل البترول بعشرين (20) دولاراً.
وعندما قفزت تلك الأسعار بمعدلات غير طبيعية ارتفع صافي أرباح الشركات بمعدلات تكاد تكون هندسية. فوفقاً لإحصاءات غرفة أمستردام للتجارة ارتفعت أرباح الشركات من ثمانية بلايين وأربعمئة وسبعين (47,8) مليون يورو في عام 1999 إلى مئتين وثمانية (208) بلايين يورو في 2005. هذا الوضع، على الرغم من الأسباب التي قادت له، لا يمكن تبريره أو قبوله. عليه فإن مسألة الأرباح الصافية لشركات البترول لابد من أن تخضع لمفاوضات جادة إذ لا يجوز شرعياً أو أخلاقياً أن تجنى الشركات مثل تلك الأرباح المفرطة.
لربما تأخذ تلك المراجعات في الاعتبار الدور المتعاظم الذي تلعبه الصين، بوجه خاص، في التنمية في إفريقيا علماً بان الجنوب لم ينتفع بالدعم الصيني للتنمية في السودان بما يتناسب مع حجم نصيبه من الاحتياطي النفطي، وحجم احتياجاته التنموية. قدمت الصين، مثلاً، قروضاً في صورة ضمانات لصادراتها بضمان النفط المنتج في الجنوب تبلغ قرابة خمسة بلايين دولار.
كل هذه التسهيلات الائتمانية ذهبت إلى مشروعات هامة للبنى التحتية تقع جميعها في شمال السودان باستثناء القرض الأخير لطريق السلام (الرنك - ملكال) والذي تعذر توفير التمويل له من الصين أو من غيرها ليكون بحق طريق سلام بحيث يبدأ من الخرطوم وينتهي عند جوبا، بالإضافة إلى مبلغ 100 مليون دولار لتمويل مشروعات في جنوب السودان وعد بها الرئيس ونائبه الأول: جامعة رمبيك، مدينة السلام في جونقلي، منشآت خدمية في ولاية واراب.
وبالمقارنة منحت الهند، وهي الأقل منعة اقتصادياً، قروضاً ميسرة (Concessional loans) للسودان في حدود البليون دولار بسعر فائدة لا يتجاوز 3% وفترة سداد طويلة الأجل. ولا شك في أن هذه المعطيات جميعها ستلعب دوراً هاماً في اتخاذ القرارات بالنسبة لحكومة الجنوب.
وعلى أي، فحسب الأسعار الحالية ستبلغ عائدات النفط حوالي 14 بليون دولار في العام حسب مؤشرات الأسعار في سوق البترول العالمي والتي تنبئ بأن الأسعار لن تنخفض إلى ما دون السبعين دولاراً للبرميل، وقد تزيد.
وفي حسابنا لهذه الأسعار نأخذ في الاعتبار التفاوت في السعر بين مزيجي البترول الذي يصدره السودان. فالمزيج الأعلى قيمة هو مزيج النيل (Nile Blend) الذي ينتج 75% منه في الجنوب (هجليج) وهو يشابه كثيراً مزيج ميناس الذي تنتجه إندونيسيا. سعر البرميل من هذا المزيج يقل بنسبة معقولة(7 دولارات) عن سعر البرميل من مزيج برنت (Brent).
في حين يقل سعر البرميل من مزيج دار (Dar Blend) الذي ينتج كله في الجنوب (حقل ملوط) بخمس وعشرون دولاراً عن مزيج برنت. وأسعار مزيج برنت هي المعيار الذي تقاس عليه قيمة النفط المنتج في ثلثي العالم. نضيف أن مزيج دار بسعره المنخفض لا يجد اليوم له سوقاً إلا في الصين واليابان مما يجعلهما يتحكمان في السعر، خاصة والسوق الوحيد المؤهل لاستقباله هو السوق الأميركي (مصافي خليج المكسيك)، وهو لما يزل خارج لعبة البترول السوداني.
من ناحية أخرى، فإن الأساليب التي تتبعها بعض الشركات في استغلال النفط تتجافى إلى حد كبير القواعد الدولية السائدة حول صيانة البيئة في صناعة النفط مما كشفت عنه لجنة مراجعة القصور التي كونتها الحركة الشعبية بموجب الفقرة 4,1 من بروتوكول اقتسام الثروة.
ورغم أنا سنعود إلى هذا الموضوع عند الحديث عن التحديات البيئية ننبه إلى أن عدم معالجة هذا الأمر في الوقت المناسب سيؤدي إلى ظاهرة كظاهرة دلتا النيجر في نيجيريا حيث تطور الاحتجاج على التدمير البيئي في المنطقة بسبب الوسائل غير الصديقة للبيئة التي تلجأ إليها شركات النفط (شل) لاستخراج النفط إلى ثورة عارمة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
اعتبر الدكتور منصور خالد أحد مستشاري قرنق مصرع الرجل بمثابة كارثة للسودان بأسره وقال ان د. جون أثبت عبر زعامته للحركة وبالتجربة أنه زعيم وطني يملك الرؤية والقدرة على توحيد السودان وعلى أسس وطن جديد يحقق الاستقرار الذي ظل السودان ينشده. وقال لا أفتقد في قرنق قائداً سياسياً فقط بل صديقاً عظيماً تأثرت بصداقته في أكثر من مجال وأشاد بنضاله من أجل كل أهل الجنوب في سبيل تحسين أوضاعهم وإحلالهم في المكانة التي يستحقونها.وأضاف خالد أنه رغم أن مصرع قرنق في هذا التوقيت يمثل كارثة إلا أنني لا أعتقد أن غيابه سيعطل عملية السلام ذلك أن القيادة التي ستتولى أمر الحركة ستكون حريصة على إكمال المشوار وفق ما تقرر في اتفاق السلام.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
سلام اخى و صديقى د. صلاح
سلام لكل ضيوفك الكرام .
لا اعتقد ان من يرجو دخول باب سياسة اهل السودان بقادر على تجاوز د. منصور خالد ، إن هو ، ابتغى الحق و اراد المعرفة و
السداد .
الدكتور رجل اصيل و متطور . و تطور الدكتور ليس قفزا بقدر ماهو ترقى فى مراتب العلم و المعرفة . ترقى الدكتور ياتى من تواضعه الاصيل و قدرته على قبول و سماع الاخر وعقله فى ذلك شهيد ولذلك فان مشروعه السياسى متطور ومتجدد و ليس ثابت كحجر الكيلو كما يقول الاستاذ محمود..الدكتور منصورساهم فى مشروع سودانى. لا اتحدث عن فشل مشروعه او نجاحه ، بقدر ما اتحدث عن صحة الفكرة . مشروع السودان الجديد ، فكر و توجه انسانى و لكنه قبل ذلك كله , مشروع تعليمى لنا ولاجيال اخر تاتى تصور يا صلاح ، الحديث عن الدكتور منصور لا يكتمل بدون الحديث عن استاذنا فرانسيس دنق ، واذا صفى نديم الراح ، لتحدثنا عن الراحل المقيم د.جون قارانق وعن شماراته فى د. منصور .
متوكل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: متوكل الحسين)
|
اكتب زرياب و أهل الوساوس
النبأ المفزع الذي هز أهل السودان منذ بضعة شهور عاد بي إلى زمان ليس بالبعيد كنت وصحاب لي نختلس فيه البهجة اختلاساً من هموم الحياة ، نصقل قلوبنا حتى لا تصدأ . وكان خوجلي عثمان واحداً من أهل المغنى الذين يملأون تلك السويعات التي نَستَّرِق متعة وحبوراً . من هؤلاء الصحاب من ذهب إلى رحاب ربه راضياً مرضياَ ومنهم من ينتظر . ذكرتهم جميعاً يوم نعي خوجلي ؛ ذكرت علياً وعلياً ، وذكرت عثمان وعثمان ، وذكرت الأمير الغني ، وذكرت الملك حفيد الملوك حسن محمد صالح ؛ ثم ذكرت بشيراً الذي يستبي تعزافه القلوب . وكان ذكي الفؤاد علي المك (أحد العليين) يطلق على خوجلي عثمان لقب زرياب ؛ ذلك الفتى الذي تعلم صنعة الغناء على يد إبراهيم بن المهدي فأشجى أهل المشرق في بغداد ، ثم إرتحل إلى الأندلس فاحتضنه الحكم بن هشام ، وتمايل على شدوه أهل الأندلس قاطبة . لا عجب ، أن ناح على خوجلي أهله في حلفاية الملوك وهم يشهدون الموت يسطو على فتاهم في ميعة صباه . ولا بدع أن إنحل الدمع المعقود في عيون لبعض صحابه لم تكن تعرف التذراف . ولا مشاحة في بكاء أهل الفن عليه في كل مكان بـ"دمع نازل كالمزن في الهملان" . فريدة الشاعر صالح عبد السيد التي طالما تغنى بها الفتى الراحل ، و اهتز لها كل أهل السودان إلا من كان بأذنيه وقر أو حرمه الله ذائقة الشعر . لا عجب ولا بدع ولا مشاح ، فلولا الدموع لانصدعت الأكباد ؛ وفي قول العرب "الدمعة تذهب اللوعة" . أعظم رزية من الموت الفجوع ، ظروف الزمان التي تكالب فيها الموت على الناس على يد ملتاثي عقل وخبثاء مذهب ... ظروف الشقة المتواترة التي لا تنجب إلا المهووسين ، والفظاظة والاعتساف اللذين لا ينحدر من رحميهما إلا الموسوسين . و أشد رزيئة من كل هذا ، استشراء الهوس باسم الإسلام وتحت ظل راياته المرفوعة ؛ طوراً بسبب الجهل ، وتارة بالتدليس ، بالعنافة . فتحت رايات الإسلام تواتر الحزن ، ثكْلا على ثكل . وتحت رايات الإسلام تكاثر الموت ، قبراً وراء قبر . من الناس من دفع به المهووسون قهراً إلى آتون حرب لا يعود منها سالماً إلى آله وذويه ، ومنهم من قضي عليهم غيلة في السراديب ، ومنهم من حصدوا في المساجد دون أن يصيب أهلهم قوداً ولا وتراً .كل هذه الجانيات ارتكبت – ماانفكت ترتكب – باسم دين كريم يدعوا الناس للرفق بالناس ، ويُمني الباطشين بالمشقة . ففي حديث للرسول صلى الله عليه وسلم رواه الطبراني في الكبير والأوسط بإسناد حسن :"من رفق بأمتي رفق الله به ، ومن شق على أمتي شق الله عليه" . وإسلام أو لا إسلام ، المشاق التي يعانيها أهل السودان على أيدي الرهط الذي يجسم على صدورنا اليوم لا تبيحها شرائع المجوس ناهيك عن شرع الإسلام . رهط شر أولئك القوم ، بل هم الشر المحض .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: عبدالله عثمان)
|
لا نظلم الأخلاط المتسرعين إلى الشر من عامة الناس ممن ذهب بهم الغلو إلى اعتبار الموسيقى بدعة ، و الغناء ضلالة ؛ فهؤلاء ضحايا لتدليس كبار أمعرت قلوبهم ، وأجدب وجدانهم ... الشجب والإدانة نتجه بهما إلى هؤلاء الكبار الذين جاوز حكمهم العدل و النصفة ، وتجاوزت أحكامهم الاستواء والاعتدال . جناية هؤلاء الكبار على الإسلام الذي باسمه يشيعون هرطقاتهم أكبر من جنايتهم على المسلمين . نبئنا ، مثلاً ، بأن أهل التدليس هؤلاء أعلنوا عام 1995م عاماً لتطهير المجتمع من "الموبقات" ، والموبقات عندهم هي الغناء والرقص المختلط ؛ ليتهم أعلنوه عاماً لتوفير القوت في سودان الجوع الأدقع حتى يرتع فيه الناس من بعد أن فني سودان الكرب و "الجلجلة" ، فأهل السودان جميعاً أصبحوا في هذا الزمان اللعين مثل شاعرهم ود الفراش: "في جلجلة وشيتاً يشيب" . لو أنجزوا هذا لما تركوا لخصومهم من أهل السياسة ما ينتقصون عليهم ، دعك من سواد الناس . فسواد الناس لم يصارعوا هذه الغالية على الحكم والسلطان ، وسواد الناس تركوا لهم التجارة والصناعة والزراعة والتموين ليرتعوا فيها جميعاً قانعين بالدون من العيش . ولكن هيهات ، فقد أبى الغلاة إلا أن يلاحقوا أهل السواد في كل مكان ، يلاحقون الفتيات في الطرقات ، يلاحقون الصبية في المدارس ، يلاحقون الركع في المساجد ، ويلاحقون أهل الفن في دور فنهم . هذه أمور ينوء عنها أهل السودان ولا يقدم عليها إلا من استحكم حمقه . كنا نحسب الرواة يهزلون يوم أن أوردوا أن واحداً من كبار وزراء النظام اقتحم دار الإذاعة السودانية لـ"تطهيرها" من كل أثر مسموع يتغنى فيه أهل الوجد بالحسن والمدام . وقلنا إن صح الخبر ، يالغباء هذا الوزير الفدم .أهل المغنى هؤلاء هم الذين بنوا للعربية أساسها و أحكموا أمراسها في وجدان أهل السودان حتى توحدت بينهم المشاعر ، وكانت هذه الفسيفساء الرائعة التي نسميها السودان ، نحبه بعُجمه و بعُربه كما أحبه وتغنى به أستاذنا بل شاعرنا المطبوع عبد القادر تلودي : "سوداني الجوة وجداني بريده" ففي هذا السودان ألفسيفسائي ، من العربية والإسلام أطياف لا تخفى على أحد ، ومن النوبية والزنجية آثار لا تغيب على ناظر . غَلَت بي الحيرة عندما استيقنت بأن الأمر أفحش من أمر وزير فدم ، تيار عارم من الغلواء هو ذلك الذي يسعى لإجهاض الذوق العام في السودان باستئصال آثار ظلت ترهف حس أهل بلادنا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: عبدالله عثمان)
|
والحس المرهف هو الذي يقي القلوب من الآفات . عَلَّنا نشرك القارئ معنا في الإطلاع على كلمات بارعات للأستاذ محمود شاكر (أبو فهر) في مؤلفه النفيس عن ابن سلام الجمحي يُقَرّع فيها أشباه غالية السودان الذين لا هم لهم غير إجهاض أذواق البشر . قال أبو فهر : "كل حضارة نامية تريد أن تفرض وجودها ، وتبلغ تمام تكوينها مكتوب عليها بالفناء إذا لم تستقل بتذوق حساس نافذ تختص به وتنفرد ؛ فحسن التذوق يعني سلامة العقل والنفس والقلب من الآفات" . غالية الإسلامويين زُين لها أ، فيما أورثنا إياه أهل المغنى من وصف استطيقي للجمال وللخمر ما لا يرضي الله ورسوله ، أو خروج عن المألوف . تجهل هذه الغالية التاريخ الإسلامي ، كما تتجاهل ما استقرت عليه العادات في بلادنا . فمدخل أغلب أهل المغنى في السودان إلى العربية – اللسان الجامع لأهل السودان – كان هو القرآن ؛ ودرسوه في الخلاوي ، وحفظوه عن الفقهاء فاستأنسوا بإعجازه الفني في شعرهم . من هؤلاء من ربا في علم ودين مثل الشاعرين ألبنا وعتيق كما منهم ذو الأصل القبطي الذي حنا أهله إلى الإسلام ودفعوا بإبنهم إلى معاهدة ( أبو صلاح ) . الرافد الإلهامي لشعر هؤلاء الحادة كثيراً ما حفظوه من كتاب الله ، و ما تلمسوه في قصص القرآن . من تلك القصص استلهم البلاغي سيد عبد العزيز من قصة يوسف قوله : هي في الجمال زى يوسف و الوهيبة كمان تـمتـاز بديسـاً مايل وبي نـهيداً رمان وحذوه ذهب خدن روحه عبيد عبد الرحمن ليستمد تصريعه الشعري من قوله تعالى : "يوم تمور السماء موراً " : يرضيني ما يرضيك والناس أمورها أمور ومـحال أسيبوا هواك إذا السماء تمور مثل ذلك أبو صلاح الذي قبس رائعته اليانعة : " الشجر أقلام جميع والنيل مداد ، لو كتب أشواقي ليلك ما عددا" من قوله تعالى : "قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا" ؛ أو في قول الشاعر "يا المحجب في غرف ذات العماد" ، وكأن الفتاة التي سلبت لبه كانت تسكن في إرم التي جاء ذكرها في سورة الفجر . في كل شعرهم الخمري أو توصيفهم الحسي للجمال الذي قرر الترابيون إبادته لم يجيء شعراؤنا بشيء لم يسبقهم إليه جرير والفرذدق والبحتري وأبو نواس،فالحب والجمال والخمر هو أكثر ما تغنى به الفحول من شعراء العرب . فلا الهجاء ولا الرثاء ولا أغلب الفخر يصلح للغناء. الفحول هؤلاء هم صناع ديوان العرب الذي قال فيه شيخ المفسرين وإبن عم رسول الله، عبد الله بن عباس: إن اعياكم تفسير أية من كتاب الله، فاطلبوه في الشعر فانه ديوان العرب. وكان احب الشعراء لابن عباس، الشاعر عمر بن ربيعة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: عبدالله عثمان)
|
ولا نعرف لشعراء الغناء السوداني تغاويا فيما نظموه كتغاوي عمر . يحدثنا صاحب الاغاني في رواية معنعنة: بينا ابن عباس في المسجد الحرام وعنده نافع بن الازرق وناس من الخوارج يسألونه، إذ اقبل عمر بن ربيعة في ثوبين مصبوغين حتى دخل وجلس. فأتجه إليه ابن عباس يقول أنشدنا ، فأنشده : أمن ال النعم أنت غاد فمبكر غداة غد أم رائح فمهجر حتى أتى على أخرها. فانبرى نافع بن الازرق لابن عباس يقول: الله، الله يا ابن عباس نضرب إليك أكباد الابل من اقاصي البلاد نسألك عن الحلال والحرام فتتثاقل عنا، ويأتيك غلام مترف من مترفي قريش فينشدك. فما كان من ابن عباس إلا ان أعاد ترديد القصيدة كلها ثم قال لنافع: إنا نستجديها ونعم هذه الفتاة تنسب لآل أبي سفيان كان عمر يتصيدها في الحرم الملكي. صاحب الأغاني روى لنا ايضا أمر سكينة بنت الحسين, وكان لها صالون أدبي تسفر فيه على الشعراء (ومنهم ابن أبي ربيعة) تجادلهم في الشعر, ولربما ورثت سكينة حب الشعر من جديها, علي بن ابي طالب والد الحسين وامرؤ القيس والد رباب, امها. كانت سكينة تنظم الشعر وروى عنها كثير. ومما اشتهر من شعرها رثاؤها لمصعب بن الزبير الزبير الذي جمع بينها وبين عائشة بنت طلحة بن عبيد الله فإن تقتلوه تقتلوا الماجد الذى يرى الموت الا بالسيوف حراما وقبلك ماخاض الحسين منية الى القوم حتى اوردوه حماما حقا كان عبد الله بن عباس وسكينة بنت الحسين صاحبى وجدان دافق ولهذا استجادا شعر الوجد حتى فى المسجد الحرام .فاين من بنت الحسين وحفيد العباس اصحاب القلوب الغلفاء ظنينو العقل والدين . او يعرف هؤلاء بمن كان عمر يتشبب؟ اللائى كثر، ونذكر منهن واحدة : عائشة بنت طلحة بن عبيد الله التيمى (احد العشرة المبشرين بالجنة ) وامها ام كلثوم بنت ابى بكر الصديق . كانت عائشة ذات جمال فائق تزوجها ابن خالها عبد الله بن عبد الرحمن بن ابى بكر الصديق ، وعند وفاتها باعلها مصعب بن الزبير بن العوام وبمقتله ابتنى بها بشر بن مروان اخو عبد الملك . وكان عمر ينعتها بابنة التيمى ولايسميها باسمها ابينى ابنة التيمى فيما تبلته عشية لف الهاجمين المحصب لانعرف من بين شعرائنا من ذهب شعره مذهب ابن ابى ربيعه فى الخلاعة او مذهب امرى القيس وسحيم عبد بنى الحسحاس فى وصف التسافد ، او مذهب المتنبى وشعراء النقائض فى ايراد كلمات يستحى المرء من تردادها علانية يسميها الفرنجة الكلمات ذات الحروف الاربعة . فابو صلاح ماترك عضوا من جسد المرأة لم يصفه ابى الا ان يذكرنا بان الغواية هى اخر ماتهفو اليها نفسه: فى المهالك عمنا ورسينا ولى شروط الهوى مانسينا فى الغرام اصبحنا ومسينا يانجوم السما انسينا يامناظر لاتبعتينا لى شروك الغى المتينا
تغنى شعراؤنا بالشرب ايضا ومنهم عتيق ، نفرده لتغنيه بالخمر فى اغلب وحائده... مابنسى ليلة كنا فى شاطى النهر نتعاطى خمر الحب بكاسات الزهر *** قم نرشف خمر الهوى ونذكر احاديث الغرام على شاطى النيل السعيد *** خدودك ام ازهار فى حقول سقانى غرامن صافى حمى اشارات عتيق للشرب فيها صفاء ابن الفارض اكثر ممافيها من تهتك ابى نواس وان كان صفاء بن الفارض صفاء لاهوت فصفاء عتيق صفاء ناسوت ولايجحد الشاعر الاء ربه وكيف يجحد من يقول :
سبحانك اللهم ياناشر الضياء فى الكائنات ونفحت فى الروح الحيا فوق البشر فوق الشجر فوق الزهر والشمس تجرى لمستقر لولاها لانور ولاقمر ولافى حقول اينع ثمر .. البرق والغيث والرعد باسمك يسبحوا غير عدد الله ياواحد احد الله ياواحد احد سبحانك اللهم يابارى الوجود..ياباذل احسانك وجود انت الحليم انت الودود الله ياواحد احد من ينكر الاءك جحد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: عبدالله عثمان)
|
وعلم الله لو كان متقدمة الدعاة الاسلاميين فى السودان وافريقيا مثل متأخرتهم فى الغلواء والتزيد لما توطن الاسلام فى السودان ولما قامت له قائمة فى افريقيا هؤلاء الغلاة الذين يستبدعون الشعر والغناء والموسيقى باسم الاسلام ، يتزيدون ايضا بالمواريث العربية ، بمن فيهم من انحدر الى بلادنا من سفوح تكرور وسهول كانم ووادى مستردفين فى ظهور امهاتهن . كجهلهم بالاسلام يجهل هؤلاء ايضا مايلهجون به عن العروبة ، اذ يكاد هذا النفر من مستعربة التخوم ومسلمى القرن السابع الهجرى يوحون للناس بأنهم اكثر عروبة من اهل تهامة، واكثر اسلاما من اهل بكة ، ويقينا ما كنا لنشير الى اصول هؤلاء وغيرهم لولا مغالاتهم فى الحديث عن نسبهم التراثى العربى. الغناء الذى يستبدعه هذا النفر عرفته العرب منذ جاهليتها ، وكان غناء العرب فى الجاهلية ، كما وصف ابن رشيف القيروانى هو النصب والهزج (العمدة فى محاسن الشعر) . والنصب هو الحداء وغناء الركبان ويخرج من اصل الطويل فى العروض ، اما الهزج فهو الخفيف . لم يختفى الغناء بمجى الاسلام بل تطور وتموسق . يحدثنا ابن خلدون فى المقدمة بأن العرب لم تعرف فى ماضيها صناعة الموسيقى لأنهم كانوا اهل بداوة لم ينتحلوا علما ولاعرفوا صناعة، وكانت البداوة اغلب نحلهم ، يتغنى الحداة منهم فى حداء ابلهم والفتيان فى فضاء خلواتهم ويرجعون الاصوات ويترنمون. أويعلم الموسوسون كيف بدأت صناعة الغناء المموسق تلك ؟ بدأت بعد ان جاوز العرب سلطان العجم واحذوا من صنائعهم ومنها ضرب العود . أويعلمون اين بدأ ضرب العود ؟ بدأ فى مكة المكرمة والمدينة المنورة وكان اول من ابتدره فى مكة المولى عبيد ابن سريج وهو ينغم الشعر فى الكعبه لعمال الفرس الذين جاء بهم عبد الله بن الزبير لاعادة تعميرها ، وكان اغلب اهل الفن المموسق من القيان والموالى . وكما عرفت مكة بعد الاسلام عزف ابن سريج ، عرفت المدينة غناء معبد الذى وصفه الاصبهانى بأنه كان احسن الناس غناء واجودهم صنعة (الاغانى) . ولم يكن يجارى معبد فى حسن الصوت الا مالك بن ابى السمح الذى جاء به ابوه الى حمزة بن عبد الله بن الزبير بعد اصابت اهله فى طىء حطمة لم يبق معها لأبيه زادا يكفل به بنيه فأخذ واحدا منهم هو مالك الى عبد الله بن جعفر بن ابى طالب ليكفله ويرعاه . ويروى الاصبهانى ان رجلا سأل مالك فى مجلس عبد الله بن جعفر بن ابى طالب (أأنت أحسن غناء ام معبد ، فرد مالك (والله لو لم يغنى معبد غير لعمر ابيها ماتقول خليلتى ألافر عنى مالك بن ابى كعب وهم يضربون الكبش تبرق بيضه ترى حوله الأبطال فى حلق شهب اذا انفذوا الزق والروى وصرعوا نشاوى فلم اقطع بقول لهم حسبى لكان حسبه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: عبدالله عثمان)
|
جَل المُصاب
رحَل صاحبُ القلم الذي لم يَجِف ولم يَرتَجِف
بقلم : د. منصور خالد
عند رحيل الأستاذ عبد القادر حمزة، صاحب البلاغ وشيخ الصحافة في مصر، شَيعَه عباس العقاد بشعر مبين. ومن جميل وصفه لشيخ الصحافة الراحل:
جَل المُصاب بفقد عبد القادر
ويَحَ البيان على المبين الساحر
المستعين على السياسة بالحجى
والعلم والقلم القوي القاهر
والحجة العليا التي ما طأطأت
يوماً لمنتقم ولا لمُناظر
هذا وصف لا أجد أبلغ منه في التعبير، أو أكثر مطابقة لمقتضى الحال في الإبانة، عن مناعِت شيخ من شيوخ الصحافة السودانية، رحل عنا قبل عشرة أيام مضين، ولما نَرعَوِ بعدُ إلى جميل الصبر على فقده.
محجوب ...المَعْلَم والمُعَلم
لم يكن كاتبنا الذي نبكيه اليوم كاتب مقال تحليلي يكشف فيه عن خفايا السياسة، أو صاحب مباحث نقدية يجادل فيها خصومه الفكريين لإثبات صواب، أو إفحام مُناظر. كان مَعْلَماً ومُعَلماً في مجال من مجالات الصحافة هو المركز التي تتشعب منه الفروع: الأخبار. نعم هو المركز ولهذا نُسبت إلى الخبر الإضمامة من الورق التي تصدر بإنتظام وتنقل لقارئها ما يدور في شتى الميادين (Newspaper). في ذلك المجال فاق محجوب النظراء في الإحاطة بالخبر، والتثبت من مصدره، وإستجادة سباكته، وقبل ذلك التمييز بين ما هو خبرٌ صُلب (hard news) وما هو هش.(soft news)
على يدي محجوب تربت أجيال من ناشئة الصحافيين، أصبح لبعضهم شأن، إذ كان صحفياً ثَبْتاً يلتزم في أدائه كل المعايير والقيم التي تضبط العمل الصحفي. فمن أبجديات الصحافة: بسط الحقيقة دون تزويق، والولاء للقارئ، لا لأحد غيره، والمصداقية التي لا تتأتى إلا بتقصي الأمور وإقامة الحجة على صدق كل ما يُصدر من الصحفي و يورد، وقبل كل ذلك الأمانة المهنية. الأخيرة خصلة تُكسب بَعناء وتفقد بيسر وبساطة كما كشف ويكشف لنا الزمان. كان محجوب عثمان راعياً لتلك القيم، ملتزماً تلك المعايير مما حمله على أن لا يلوث الخبر برأي، أو يدنسه ببهتان. فعند أهل المهنة الرأي حر والخبر مقدس. طيلة معرفتي به لم أره -رغم إنتمائه الحزبي- يجعل لهواه الحزبي سلطاناً على ما كان يروى من خبر، فالصحفي الأمين لا يجعل نفسه عبداً لحزب أو يمكن سيداً من إعتباده، ناهيك عن أن يسخر صحيفته للإستعباد.
بدايات اللقاء
علاقتي بمحجوب ضاربة في القدم، فأول لقاء معه كان في مبدأ عمله الصحفي بجريدة «الرأي العام»، ولما أزل يومذاك طالباً في جامعة الخرطوم. كنت، فيما توفر لي من فراغ، أستريض النفس وأنمي القدرات في مجالات كثر كانت تستهويني، ومنها الصحافة. تعرفت يومئذ على نفر غير قليل من شباب الصحافة، وكان من بين من ألفت نفسي منهم محجوب حتى ثبتت في قلبينا مودة كما «ثبتت في الراحتين الاصابع». لهذا لم يكن الراحل يتجشم أدنى مشقة لكي يحرضني على تناول موضوعات وقع في ظنه أنني أملك أن أضيف بها جديداً على القارئ. من ذلك حضه لي على تسجيل رحلاتي إلى الخارج، وكنت منذ ذلك الزمان الباكر أهوى السفر داخل السودان وخارجه سعياً لإستكشاف المجهول. ولعل أول سلسلة مقالات نشرت لي بصحيفة سيارة كان هو ما نشرته تباعاً «الرأي العام» بتقديم من محجوب عن زيارات شبابية قمت بها إلى إيطاليا وسويسرا وفرنسا وإنجلترا والدنمارك. تلك المقالات تولى، من بعد، مكتب النشر جمعها وإصدارها في كتيب.
إرتحل محجوب، من بعد، إلى «الأيــام» وظل في منبره الجديد الذي أصبح له من المالكين، يلحف على بالكتابة، ونشر عني مقالات عددا منها ما لا يتفق البتة مع عقيدته السياسية، ولا يتماثل مع رؤاه الفكرية. محجوب وصاحباه: بشير محمد سعيد ومحجوب محمد صالح أفلحوا في أن يجعلوا من الأيام مؤسسة أكثر منها دار نشر. «الأيــام» لم تَعُد صحيفة، بل أضحت بيت خبرة يؤهل الذين إنضموا إليه فنياً ومهنياً وأخلاقياً، ولكل مهنة قيم تضبط السلوك ومعايير تحكم الاداء إن لم يلتزم بها سالكو المهنة أصبحوا ذوي أطمار لايؤبه لهم، والطِمر هو الثوب البالي.
كثر من زملائه الحزبيين، لا سيما من أبناء جيلي، كانوا يتساءلون عن سر العلاقة بين «الزميل» محجوب وهذا الفتى «البرجوازي»، أو قل مشروع البرجوازي. كنت أعجب لأولئك الذين لا يرون في الإنسان غير وجه واحد منه، ولا يدركون أن في الحياة ما هو أمتن وابقى من السياسة لإدناء النسب بين الناس، والتأليف بين ميولهم وأمزجتهم. فالنفوس يتجاذبها حب الفن والخير، ويقرب بينها حب الشعر والغناء، ويدنيها من بعضها البعض حب الحسن والجمال، وقبل ذلك حب الله ونبيه. كأنى بهؤلاء لم يسمعوا قول القائل: «أحببته لله في لله»، أو كأنهم لم يتلقوا شخصاً سره ما رأى فضرب على صدره وقال: «أحب النبي». في صحبتنا تلك كان يسعنا الماء والشجر ونحن نصغي، عند السماع، إلى ما نظمه الصاغ محمود ابوبكر والأستاذ عبد القادر إبراهيم تلودي. هذه علائق تصعب كثيراً على من ضاقت مواعينهم إدراكها، ولو أراد الله بهم خيراً لوسع لهم في الماعون.
غياب ومَعَاد
غاب محجوب عن سوح النشاط الفكري في الخرطوم خلال ما يربو على العقد من الزمان ثم عاد ليستقبل سوداناً آخر: «لا الأهل أهل، ولا الديار ديار». هو نفسه أصبح شخصاً آخر. فالصحافة التي وهب حياته لها قد تطورت تطوراً ملحوظاً في جانب، ودُمرت تدميراً فاحشاً في جانب آخر. فمع التطور المهني غير المنكور برزت إلى الساحة صحف دورها الأول والأخير هو نسج الأباطيل، وخلط الوقائع بالشائعات. صحف لا تعرف أن للخبر قدسية كما كان محجوب يعرف، ولا ترى في حرية الرأي إلا الإستباحة كما ينبغي أن لا تكون، ولا تروى خبراً إلا من جهة الفساد، ولا تُفتي في أمر إلا وتُغرِب في الفتوى دون وازع من ضمير أو هدى من كتاب منير. غايتها في الحالتين هي الإعتام لا الإعلام. وبحمد الله فقد عصم ربي عن هذه الظاهرة الوبيئة صحفاً عديدة وصحافيين كُثر آثروا البقاء حيث يجب عليهم البقاء، ضميراً للشعب. مع ذلك اضحت الأقلية الفاسدة المسحوقة هي الأعلى صوتاً. تلك الصحف وصفها نزار قباني «بالجرائد التي تخلع ملابسها الداخلية لكل حاكم من بطن الغيب جاء، ولكل مراب يلمع في راحتيه الذهب». حَسبُنا الله ذو المعارج من أناس لا يستحيون من الكشف عن عوراتهم من أجل كسب مادي، فالحياء يُلجم حتى الفقراء المحاويج عن ذلك. ذلك الألم النفسي كان قاسياً على محجوب، ومازال قاسياً على كل حادب على الصحافة السودانية ذات التاريخ المجيد.
إلى جانب الألم النفسي لحقت بصديقنا الراحل، على المستوى الجسدي، آلام وأوجاع تضاعفت في سني عمره الأخيرة وقد توج الشيب هامته في جلال ومهابة، كما يتوج الجليد مرتفعات الألب، ناصعاً وسامقاً. عاود محجوب الإطلال على قرائه، وهو في صنكة، وما نمى لعلمهم ما كان عليه من أوجاع لو مُني بها رضوى لأهتز. كان جسمه ِبعَرض سقم إلا أن البديهة كانت حاضرة. وكان الداء يهتضم كليته إلا أن الفؤاد لم يُنخَب والبصيرة لم تضل. حمل نفسه، رغم تلك الأدواء، على أن لا يغيب عن قرائه حتى لا يكتب مع الشياطين شيطاناً أخرس. ولو كان محجوب يكتب ما عَنّ له ليسود الصحاف لهان عليه الأمر، ولكنه كان يكتب عن قضايا الناس والألم يعتصر قلبه والداء ينهش جوفه. ما أقسى الكتابة بقلم يغمسه الكاتب في شرايين قلب أدمته تباريح الهوى في شبيبته، وأضنته بُرحاء المرض عند المشيب.
في دار أبي سفيان
إزدادت معرفتي بالراحل وثاقة في سنوات الإغتراب، ولكم حمدت له سعيه للقائي في لندن حيث أقمت ردحاً من الزمان، وفي نيروبي حيث قضيت بضع سنوات، ثم في القاهرة التي أزمنت فيها. في قاهرة المعز كانت لنا أيام مع من تحن لهم النفس، ويهفو القلب، ويسكن الفؤاد ويطمئن. كانت اللقيا أغلب الأحيان عند أستاذي الأثير محمد توفيق احمد ورفيق دربه في سني عمره الأخيرة محمد نور السيد. كانا يتشاطران داراً أضحت كدار أبي سفيان، كل من دخلها أمن العثار. كنا نسعى اليها كلما افتقدنا المسرة عند قوم جمعتنا بهم السياسة ولكن فرق بيننا وبينهم أن جمعهم كان لا يُدخل في النفس أو القلب إرتياحاً، ومنهم من كان بالمسرة ضنين حتى على نفسه. نلجأ إلى تلك الدار ننزل فيها نزول كريم على كريم، ومن كمثل توفيق في الحفاوة بالأصدقاء، والوفاء للصحاب، والإيفاء بالعهود. في القاهرة توفاه الله وبوفاته فقد الوطن واحداً من أكبر عاشقيه. ثم من كمثل نور في الإيناس بالطرائف، وتشمير الساعد في مصيفه ومشتاته لإكرام الأضياف. ولئن ذكرت اليوم نوراً فلأنه بقى من أكثر اصدقاء محجوب حنواً به، ورفقاً عليه، ومواساة لرجل كانت ثروته الوحيدة التي يُكاثر بها الآخرون، ويتكثر بها على الجاحدين، هي صحبه الأوفياء. كان محجوب، في قرارة نفسه، يكره الجاه والوجاهة، ولا يتبرم بشئ قدر تبرمه بالمال. مع ذلك كان يوقن إيقاناً تاماً أن الشرف قد أدركه كما أدرك المنصور. روى محمد بن سلام الجمحي أن جارية للمنصور رأته مرقوع القميص فقالت: «خليفة وقميصه مرقوع». قال ويحك أما سمعت ابن هرمة:
قد يدرك الشرف الفتى ورداؤه
خَلِق وجيبُ قميصه مرقوع
كان محجوب هو الفقير الغني، فالرجل بلا مال فقير، ولكن الأفقر منه رجل ليس لديه إلا المال. في أعماق نفسه كان محجوب صوفياً. أحب الحياة على طريقته، وأصطحب الناس على طريقته، وجالد المرض على طريقته، ثم عاش وكأنه لم يولد، ومات وكأنه لم يعش، أي عاش ومات على طريقته. كان في أعماق نفسه أيضاً يدرك أن مآله قبر متواضع. ومخطئ من يظن أن في القبور مستقراً، فالقبور يتوارثها هالك عن هالك ثم تندثر ويطأها البشر بلا رفق ، أو لم يحدثنا شيخ المعرة :
«خفف الوطء ما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد»
ذهب محجوب ولعل اول دين نؤديه عنه بعد مماته هو المزيد من الشكر لرجال ما أنفك يشكرهم حتى رحل. الأطباء الذين توفروا على علاجه بصدق واريحية وحِنة بالغة. الثلاثي البارع الذي تنطس في دقائق مهنته: شاكر زين العابدين، عمر إبراهيم عبود، الفاضل محمد عثمان ومعهم د. سليمان حسين سليمان مدير مستشفى سوبا الذي رفض رفضاً باتاً إرهاق محجوب بأية نفقات مالية طوال فترة علاجه. هؤلاء هم الذين ظلوا يباشرون علاجه يوما بيوم دون كلل أو ملل، وفي صبر دؤوب واهتمام بالغ حتى أخذ الله وديعته. أذكر أيضاً الدكتور خالد ابن صديق العمر والدار الجَنب أحمد عبد العزيز الذي إستنقذ محجوباً ورد له الحياة من مرحلة خطيرة عبر بها وبعد عملية جراحية لشريان صناعي دامت سبع ساعات. من تلك العملية أفاق محجوب معافى وعاش إلى حين ثم مضى، والحَينُ قد يسبق جهد الحريص. رحم الله شيخ الصحافة، ولا غالب إلا الله.
http://rayaam.info/News_view.aspx?pid=793&id=62985
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: لطفي علي لطفي)
|
رجل مسلم ملئ بلإيمان حتى المشاش ، ومفكر يشرف الفكر الإسلامي...رجل مثل محمود لم ينج من تهمة الزندقة لجسارته الفكرية ولمحاولته الرائدة وضع الدين في إطار العصر...والحرب ضده حرب غير أمينة وليست من أخلاق الإسلام في شئ...حرب تنقل القضايا الفلسفية الفكرية في أسلوب غير أمين الى الشارع ليتجادل فيها العامة الذين لا يملكون المواعين الفكرية لاستيعابها...بعبارة أخرى ينقل الحديث نقلا خاطئا إلى الأذن الخاطئة لتفهمه الفهم الخاطئ وتنفعل به الإنفعال الخاطئ. فمفاهيم الاستاذ محمود محمد طه الفلسفية مفاهيم يقبلها القابلون ويرفضها الرافضون، ولكن الحقيقة الهامة هي أن هذه المفاهيم هي امتداد للفكر الاسلامي ..بل أذهب لأقول ان الاستاذ محمود هو السياسي الوحيد من مواقع اليمين الذي يفكر برأسه ويأتم بعقله.)
(فالرجل..وهو المفكر السياسي الوحيد بين ظهرانيكم ..لم يبتدع مبدأ إجتلاء الحقيقة بالتأمل ...ولم يبتدع مبدأ اتصال العقل الانساني بالعقل الفعال..ولم يبتدع مبدأ الأداء الباطني للفرائض...هذه جميعها مرتكزات أساسية للفلسفة الإسلامية..ومبادئ عامة نجد لها صدى عند كل قمم الفكر والفلسفة الإسلامية..إبتداء من الغزالي وابن رشد الى البسطامي والرومي...نجدها عند ابن سيناء في (مقامات العارفين) "ولكن جل جناب الحق عن ان يكون شريعة لكل وارد أو يطلع عليه الخلق الا واحدا بعد واحد".. وعند ابن القيم في (مدارج السالكين) "ان هذا العلم مبني على الارادة فهي أساسه ومجمع بنائه وهو يشتمل على تفاصيل أحكام الارادة وهي حركة القلب ولهذا سمي علم الباطن"..وعند ذي النون المصري "عرفت ربي بربي ولولا ربي ما عرفت ربي"..وليست هذه طلاسم بل تلخيص لفلسفة متكاملة تقوم على العلم والمعرفة...معرفة العامة ومعرفة الحكماء ومعرفة الأولياء..الاولى بالتقليد والثانية بالتعليم والثالثة بالإلهام.)
(نريد -من قضاة الشرع- وقد خرجتم من اطار سلطانكم المشروع كقضاة أنكحة وميراث..نريد أن نسمع حكم الاسلام في الغي الموفي بأهله الناروالذي يعيشه أهل السودان كما سمعنا حكمكم بالأمس في ردة المستضعف محمود محمد طه...نريد أن نسمع رأي حكم الإسلام في الأمير الكاذب والوالي الظالم والوزير السفيه..وللاسلام حكم في كل هؤلاء" سيكون من بعدي أمراء تغشاهم غواش فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم واعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه"..وأنا اعيذكم بأن لا تكونوا من صحب محمد..نريد حكمه في السفاه السياسي الذي نعيشه اليوم وهو سفاه شيوخ لا حلم بعده...شيوخ يرتدي بعضهم قفطانا مثلكم..ويتمنطق بحزام مثلكم ..ويضع على رأسه عمامة كشأنكم..والسفاه يوجب الحجر في شرع الأئمة الأربعة...نريد حكمه في القاضي الماجن وهو منكم على مرمى حجر..والطبيب الجاهل وصفحات الصحف تنضح بالأنباء عن ضيعة الحياة في مسنوصفات السودان..والمكاري المفلس ودولتكم تكاري وهي لا تملك سداد التزامها اليومي..للاسلام حكمه في كل هؤلاء..ولست حاجة في أن أذكر فقهاء الحنفية بفقه الحنفية..فمحاكمكم تلتزم قضاء الصاحبين وتنهج نهج الشيخين..وتسير بهدى الطرفين...روى السرخسي في المبسوط عن أبي حنيفة " أن الحجر واجب على القاضي الماجن والطبيب الجاهل والمكاري المفلس..لأن الاول يفسد على الناس أجسامهم..والثاني يفسد عليه أديانهم..والثالث يفسد عليه أموالهم")
مقال الدكتور منصور خالد عن الأستاذ محمود في ابريل 1969
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
Opinion & Interviews: Mansour Khalid, Coming Out of his Silence (1) Posted on Monday, February 06 @ 08:09:20 UTC by mak
* Imagine that Garang is still alive * We might cooperate with the National Congress During the coming elections * Khartoum is suffering an archaeological chaos...I am sad for Omdurman... those are jealous of me
Interviewed by: Kamal Hassan Bakhiet and Diaaddin Bilal Dr. Mansour Khalid had been silent for quite a long time. He had taken to silence since the death of SPLM/A Leader, Dr. John Garang de Mabior, and after he came to the Presidential Palace as Advisor to the President. He seemed as though he was avoiding spotlights and mass media. But when Dr. Mansour speaks, his words will gain impact just like the impact he has usually through his elegance. Moreover, words and statements made by Mansour are not characterized just by their echoing eloquence, but also by the visions and ideas they express. They might express stances that one might not agree with or might even reject, but will always respect its origin. Al Ray Al Aam intended to offer its readers a dialogue that will add value to enjoyment. It was quite a lengthy session with Dr. Mansour Khalid in his room in Khartoum Hilton. It was an interview that we claim to be both comprehensive and intriguing. It includes both the public and private, political and artistic, international and local. Dr. Mansour had been speaking and commenting as he never had before. We relate hereunder the interview made by Al Ray Al Aam Editor-in-Chief Kamal Bakhit and Head of the Political Section, Diaaddin Bilal Q: Dr. Mansour, it has been a whole year since Sudan started to implement the CPA. Are you satisfied by the course taken or do you have any reservation about implementing the CPA? A: Harold Wilson used to say, "A week is quite a long period in politics". This is quite obvious in countries where policy is stable. But in politics - if we could even call it politics - especially in this stage are just being established and reshaped. Consequently, if we consider what had been achieved through this year, I can easily say that it is quite appreciable. It is true we are governed by a period of time that doesn't exceed a few years, but if we take into account all the circumstances which accompanied what happened this year we can say that it s a remarkable achievement. Some might say that a year is quite a long period, and, that nothing was actually achieved apart from setting some laws and establishing some institutions. However, those who say so are usually ignorant about the nature of those laws and institutions. I think this is a type of short sightedness or else they are not keen on conceiving the importance of these laws. The importance of these laws does not concern the agreement partners alone, but it concerns the whole of Sudan. I think that all those institutions and laws executed during this period were a real revolution. When we speak about decentralization, we find that, since independence, Sudanese politicians had been disputing about how Sudan can be ruled and about decentralization. It never happened that such a radical decentralized system, in which power was fully transferred from the centre to the peripheries, was ever achieved. Another point is that there is an undeclared conflict over fair share of wealth. It is for the first time that it was clearly fixed how national wealth could be distributed. Some institutions were even formed to supervise these changes. The resources commission is one in which all state Ministers of Finance participate. It will decide how national wealth be would expended and how laws would be internationalized and fairly applied. The constitution was also taken into account on one side which is the document of rights. It is the first time that such a right document is set and with sufficient details and guarantees. The document had also included other issues. According to me elections are quite an important issue. People never had an idea about how would things develop or how long would this regime persist. It is for the first time that talks started to be circulated about resorting to people and to their judgement during a specific period. Then we come to the other side. How would all this be implemented? It is always better to decide where to start. That is quite essential. Many people try to judge what had been achieved during the past year not through what was agreed on in Naivasha, but rather through their own agenda. As if the SPLM was supposed, before coming to Khartoum to execute programmes by others regardless of the fact that this agreement had originally came as an agreement between two warring parties, and regardless of the fact that the war was not just an ordinary war between the Sudanese Army and Rebels in the South. It was a comprehensive war. Even if we regard it at the level of the central national government, it was not the army which led the war. The Government had recruited almost everything. All activities were transformed into war activities. Economy was one of war. All publicity was a publicity of war. Even foreign policy was actually a policy of war. The Ruling Party was, in addition to all that, fighting that war. They sacrificed their own sons for the cause of war. It was not, therefore, an ordinary war. Similarly, the war fought by SPLM/A was not like all wars that erupt in the South. It was a war that had its civil depths. It had a message that was not restricted to the South. Consequently it follows that any harmony between the two warring parties should take into account that there is a maximum or minimum that cannot be over-steped if the harmony was arrived at according to specific conditions. It is, therefore, quite wrong for any group to expect SPLM/A to implement their agenda when it comes to Khartoum. That is not due to SPLM/A objecting on their agenda, but because those agenda require certain implements and environment to execute. Whoever wants to execute those agenda should do so only if they were convinced about the implements and environment. If they everfailed to do that, they should not expect others to execute them, especially when those others are quite aware that objective circumstances necessitate that the only course towards democratic change is the course we are now taking. Diaadin Q: Some people speak about SPLM/A being quite sincere about its commitment towards those agenda. It is now pretending that those are not its agenda, but belong to others. We want, here, to know about those agenda. What are they represented in? A: Those agenda are as follows: Those others include all opposers of this regime. They include SPLM/A also. Those agenda are represented in deposing this regime. Some even go to the extreme by calling for extermination of the whole political regime because it was essentially keen on exterminating any other political forces. The slogan adopted indicates that opposition is worth nothing and that 'we acquired power by force, so any power that wants to get access to party would do it by force.' The two conflicting parties came to know that this will lead to nowhere. They realized that those force which aimed at exterminating others could not go all the way towards that. To do that they need to do some specific task which they failed to do, but kept relying on SPLM/A to do it, which was also not possible. They had realized that this regime, unlike any other one, cannot be deposed through uprisings like what happened in the past. It follows then that due to rejecting SPLM/A logic about providing the necessary armaments and due to the regime's conviction about the impossible extermination of other forces as it intended before, the two sides arrived at mutual understanding and harmony. In my opinion this harmony is the only option possible within the circumstances presently prevailing. It is just as Aristotle expressed it more than two thousand years ago. "Politics is the art of doing what is possible." Nobody had been able to refute that so far. Q. Editor-in-Chief: Dr. Mansour, don't you think that the political address you refer to is actually directed to Northern political parties and not to SPLM? A: No, it was directed to both. It was directed to political parties on account that they have no future in Northern Sudan and was, at the same time direct to SPLM/A on account that it does not represent Southern Sudan, and that it had nothing to do with what goes on in the North and if it ever came to the Sudanese borders it will be expelled. Q: Diaa: It had been declared before by all forces opposing this regime that they had overstepped the stage of ousting the regime. They are not trying to exterminate the regime now but are trying to make it change conduct and policies. SPLM had agreed to that. Any hints about forces that seek deposing the present regime in the North are not related to any specific political force that really seeks to oust the regime. A: Let me till you this. I said that forming institutions and issuing acts and laws is not in itself sufficient despite the fact that the institutions are in fact a process of restructuring institutions that were there since independence. But I also said it is necessary to change all situations that were prevailing before the constitution. We are therefore, required to review any structures which might contradict with the present situations, and to review any contradictory laws as well as any practices that infringe the rights and freedoms stipulated in the constitution. We are obliged to do that and are ready to work within the frame of the constitution with any part that is willing to do that. We even think that there is no objection to that within the National Congress Party. The President is always talking about commitment towards the constitution and about the necessity for harmony among all corporations, institutions and laws with the constitution. Editor-in-Chief: Q: Dr. Mansour, you were of opinion - at some stage -that the implementation of the CPA, should be carried by the youthful negotiators that is the government should be formed of those who negotiated, made amendments in the six protocols and exerted appreciable efforts. Do you still hold that opinion? What made you adopt that opinion in the first place? A: I think this agreement had been arrived at during certain circumstances, and the negotiating parties had absorbed all its articles and content. It follows, therefore, that the presence of those negotiators from both parties in the government will help greatly towards the proper implementation of this agreement. In fact the agreement itself stipulates that it is the Government of National Unity that should implement this agreement. It is necessary therefore that the Government of National Unity should include the largest number possible of those elements. However, many incidents that took place led to the present situation, and it becomes necessary therefore that we should make maximum benefit from this situation. I still remember the President saying during his address to the first meeting by the Government of National Unity "It is your duty to read this agreement, understand it all, implement it and work according to it. "Consequently it is the responsibility of the Government of National Unity to base all its performance and policies on the CPA. It is not a matter that only concerns the Government in the form of the Council of Ministers, it is actually something that concerns all government institutions. To my opinion the awareness and conception present at the higher levels is actually absent in all lower levels. Many of those lower levels deal with this agreement just as a matter of fact. Dia'a Q: It had been circulated that the Naivasha negotiators on both sides were excluded from decision-taking centres whether in SPLM after the death of Dr. Garang or in the National Congress Party. Many analysis had been carried about this issue? A: I do not think there was exclusion in any of the two parties. It is just that there were certain circumstances which led to absence of some elements which participated effectively in Naivasha, mainly for personal reasons. I do not think that there was any exclusion from one side or the other. For instance there were some elements which took part in the agreement but chose to keep away from work at the National Government level, both from SPLM and NCP, some of them had preferred to go into personal work. It is true that their presence might have been beneficial, but, still they are playing now quite a significant role in one position or another in implementing the CPA. That role could either be in the Petroleum Commission or in the National Committee assigned the follow up of executing the economic programme during the interim period. This means that they are actually present. Some are even present in the government on the side of NCP such as Deng Alor. They were both taking part in negotiations. Editor-in-Chief Q: Dr. Mansour, a whole year had passed now since signing the CPA was signed. Do you think it satisfied all sides? How do you regard those who agreed but were reserved about power and wealth ratios? A: This is useless talk. What was actually agreed upon is the viewpoints of the government and SPLM. So it there were elements among SPLM that think the ratios are not fair, that would not be of any use because the agreement had been signed. 6
· --------------------------------------------------------------------------------
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
أخي العزيز د.صلاح موسى تحية طيبة وكل عام وأنت والأسرة في أحسن حال.. مشتاقين حق لك أن توثق لهذا القلم الشجاع واضح الرؤية.. عمر
قال الدكتور منصور خالد في كتابه (حوار مع الصفوة) – صفحة 80، 81 – ما يلي: ((ان الإسلام ليس بملك لفرد أو جماعة.. فلا يكفي أن تأتي الدولة أو الصدفة التاريخية أو الميراث برجل توليه مكان الصدارة في أمور الدين فيظن بعض الناس، ويظن هو بظنهم، أنه قد أضحى كبيرا للمجتهدين، وواليا على المؤمنين وظلا على أرضه لله المكين.. وقد ظننت أن الأخوان المسلمين، وهم الذين يقولون بالعمل على ابراز الإسلام في صورته الصقيلة التي تناسب العصر، ظننت أنهم لن يروا في تأييد هذا النفر من شيوخ الدين التقليديين مكسبا ولن يروا في مؤازرتهم ربحا.. ظننت هذا وهم الذين يذكرون أن علم الشيخ المراغي غفر الله له – لم يمنعه من أن يكون مفتيا لأخطاء الملعون فاروق. وان اباحة الإفطار للمسلمين في تونس لم تجد لها من سند الا عند الشيخ ابن عاشور مفتي الديار التونسية.. وان الافتاء بكفر الأخوان المسلمين – يوم أن حاربتهم الدولة – إنما قال به الشيخ عبد الرحمن تاج شيخ الأزهر الشريف..)) وقال (في صفحة 194): ((أتابع ما يدور.. وأسمع ما يتردد فلا أراه يختلف كثيرا في جوهره، عن ما شهدته مصر العشرينات.. أتابع وأسمع فأرى نماذج لشيوخ مصر وهم يدينون رجلا ذا عقل وارف وخيال مدرار مثل الشيخ علي عبد الرازق ويتهمونه بالزندقة والفسق. وأرى نماذج للشيخ التفتنازي.. ذلك الشيخ الذي يجب أن يوضع أمثاله في حوانيت العاديات كنموذج للتحجر الفكري.. أرى نماذج التفتنازي – أو الزفتنازي كما وصفه شاعر الشعب الصداح بيرم التونسي – أراه وهو يقف في المنابر ليدين المرحوم عمر لطفي المحامي داعية التعاونيات وأحد منارات الطريق في تاريخ التطور الاجتماعي في مصر .. يدينه بالالحاد والشيوعية لدعوته التعاونية تلك..))
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
إن اغتيال محمود محمد طه، شهيد الفكر، لرزءٌ أكبر من أن توفيه الدموع السواجم. وما اغتال محموداً دهرٌ خئون، وإنما انتاشته سهام صدئة، أطلقها قضاة تالفون، ودعاة عاطبون، وحاكم فاجر، معتل العقل، آن له أن يلجم..
د. منصور خالد - السياسة الكويتية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
اهدى د.منصور خالد الكتاب الى ثلاثة من ابطالنا ابراهيم بدرى-ستانسلاوس عبدالله بياسما و الاستاذ محمود محمد طه حيث قال فى اهدائه للاستاذ: "رجل لم ياسره الحرص إذ غنى عن الدنيا باليأس منها. و مفكر ذو بصر حديد لم يتق غير الله فى التعبير عن فكره. جابه الناس بهذا الفكر و لم يستدبرهم بغيب. فاراؤه السياسية التى اجلينا فى هذا الكتاب، منذ مؤتمر الخريجين، اراء لا يجسر عليها الا أولو العزم فى وطن فيه للباطل سلطان. و اجتهاده فى الدين اجتهاد بديع بريع لا يرفضه الا من ضاق وعاؤه. ولئن عاد من عاد الى الكثير من تلك الاجتهادات فهو متبع لا مبتدع.
الى ذكرى هؤلاء الابطال نهدى هذا الكتاب." "السودان اهوال الحرب ... وطموحات السلام قصة بلدين"
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
Dr Mansour Khalid Responds to a Call for Separation Despite the ruling party having closed the door before northern Sudan from southern Sudan, and despite the press duels critical of the call of the former minister, Al-Tayeb Mustafa and showing the weakness of that call; still the zeal, which has overshadowed his...03 February 2003 Editors Note:
Over a year ago Dr. Mansour Khalid, former Foreign Minister in the Numeiri government and long-time advisor to Dr. John Garang, responded to an article by El Tayeb Mustafa which called for “Separation of the North from the South”. We regret we do not have this article by El Tayeb Mustafa and publishing Dr. Khalid’s response without it is likely to place his views here out of context and we can only apologise in advance to him for that. We also apologise in advance for any misquotes or mistranslations from Arabic to English as the article was forwarded to us by a third party in its present form.
However, Dr. Khalid’s views are important to the on-going debate in which strong views for separation of the South from the North have been widely expressed on this website. He comes with a wealth of experience and historical information for many of us. Besides, there is a saying that if the King is difficult to understand, it is better to listen to his advisors. Those who are often confused or mystified by Dr. Garang’s commitment to “New Sudan” may find enlightenment from the views of his political advisor. Please read on – and as usual send your reactions to the editor or post any points for discussion on the Discussion Board:
Despite the ruling party having closed the door before northern Sudan from southern Sudan, and despite the press duels critical of the call of the former minister, Al-Tayeb Mustafa and showing the weakness of that call; still the zeal, which has overshadowed his most recent article (Alwan 24-1-2003), spurs doubts rather than certainty.
We do accept what the leadership of the ruling party said that the author only expresses his own view and we say that the writer has the right to express his view even if he comes out with a heresy.
However, the author did not deduct the views he has expressed, rather he was standing in almost a straight line with the others who preceded him with the same view about the separation of the south from the north. Of those persons mentioned is Yusuf Mustafa Al-Teny the first to call for the separation of the south in the newspaper whose editing he was supervising (Umma newspaper).
Our uncle, Al-Teny, the engineer poet was one of the prominent pillars of the graduates' congress. He was not deterred from that view of his by the fact that the congress made the unity of the two parts of the country (the fifth part of the congress memorandum) a stand that became a cause for celebration.
To Yusuf Teny we add two persons; both starting as did the author from the assumption that there are no denominators for the unity between the two halves of the country.
The first is Hassan Mahjoub, the member of the advisory council for the council of ministers for the south affairs (1956) and the second is Aggrey Jaden, who was in the forefront of those calling for the separation of the south during the round table conference (1965).
The northern politicians (and we may add to this the approvers*) were to a great extent very sincere with themselves since that early time because they did not see for the Sudan, from their own insular* viewpoint, except one face which is its Arabic-Islamic face. That is why they did not push, as did others, for the imposition of northern sub-nationalism* on the Sudan writ (at) large*. In addition, even within the context of the north itself, the view of those persons to the Arab-Islamic identity was not confusing between the lunar and the sacred and bet
Posted in: Opinions Comments
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
(2) عسكرة الحكم..... السياسة بأسلوب آخرنحن... وهم أبنا في المقالالأول ما نحسب أنه غاية الحكم، وهي إنهاء الحرب أولاً، وبدون إطفاء سعيرها لن يكونهناك استقرار أو نماء. لو تداركت الأنظمة المتعاقبة الخطأ في سبيل تحقيق تلكالغاية بالصواب خلال الفترة التي امتدت من بداية الاستقلال (يناير 1956م) إلىالتوقيع النهائي على اتفاقية السلام الشامل (يناير 2005م) لاستطاعت الارتقاء بماورثته من الاستعمار من مؤسسات ونظم وأصول قاعدية، كما فعلت الهند التي كان نصيبهاعند الاستقلال من التوتر الديني واللغوي والاجتماعي أضعاف ما مني به السودان. أوفعلت دول أخرى مثل كوريا الجنوبية وماليزيا لم يخلف الاستعمار فيها أي أصول قاعديةأو ثروة اجتماعية كتلك التي خلفها البريطانيون في السودان. فالهند التي ظنقونارميردال، كبير الاقتصاديين في زمانه، أنها حالة عصية على الإصلاح،
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
وأعتبر إصلاحها معضلة في كتابه (The Asian Dilemma) (المعضلة الآسيوية) أذهلت العالم بتحقيقها للأمن الغذائي والارتقاء بالعلوم في المنظومة التربوية مما قفز بإنتاجها من القمح من 11 مليون طن في ستينيات القرن الماضي إلى 77 مليون طن في آخر التسعينيات من نفس القرن. هذا يعني أنه حين تضاعف عدد سكان الهند ثلاث مرات، تضاعف إنتاج القمح سبع مرات. وكان شعار أنديرا غاندي قائدة ما أُطلق عليه الثورة الخضراء في الهند: "استيراد الغذاء استيراد للبطالة". الهند ما كانت لتنصرف لعمارة الأرض والارتقاء بالإنسان لولا تحقيقها أمرين: الأول هو خلق إطار دستوري/ قانوني عولجت في داخله الظُلامات الموروثة، وأزيلت النتوءات الاجتماعية المترسبة، بحيث أحس كل هندي أن حقه القانوني والدستوري أصبح رهيناً بمعيار موضوعي واحد هو المواطنة، لا بمعايير ذاتية مثل العِرق أو الديانة. حدث هذا بالرغم من أن الهندوس هم الأغلبية الساحقة في الهند، والهندوكية هي ديانة تلك الأغلبية. أما الثاني فهو تأكيد قيادات المجموعات المهيمنة تاريخياً لإحساسها الصادق بمخاوف الآخر، حقيقة كانت هذه المخاوف أم وهماً، ثم التعبير عن تلك الحساسية بإجراءات ملموسة يشعر معها كل مواطن أنه قد أصبح صاحب حق أصيل في بلده، كما ويتعلم منها الغُلاة بين الطوائف المهيمنة أن الدولة جادة في توكيد مبدأ المساواة بين المواطنين. فعلى سبيل المثال، حرص آباء الاستقلال في الهند، وورثتهم من بعدهم، على أيالة أعلى مناصب الدولة في أكثر من عهد لأبناء الطوائف التي يستحقرها غلاة الهندوس مثل المنبوذين (الشاندلاس) والذين أصبح واحد من كبارهم (كوشريل رامان نارينان) رئيساً للهند في عام 1997م، أو من طائفة المسلمين الذين يتوجس منهم غلاة الهندوس خيفة. فالمسلمون الذين لا يتجاوز عددهم عُشر سكان الهند تسنموا، بقرارات من حزب المؤتمر، رئاسة الدولة ثلاث مرات منذ استقلال الهند: ذاكر حسين (1967م - 1969م) وتوفي في منصبه، محمد هدايت الله رئيس قضاء الهند الذي أكمل فترة رئاسة ذاكر حسين، فخر الدين علي أحمد (1974م - 1977م)، ثم العالم النووي أبو بكر زين العابدين عبد الكلام (2002 - 2007م). أولاً يتوجب على الواحد منا أن يخجل بأمره عندما يعرف أن محمد هدايت الله الذي تمثل الطائفة التي ينتمي إليها (المسلمون) عُشر سكان الهند قد أصبح رئيساً لعموم قضاء الهند في الفترة التي كنا نتجادل فيها في السودان حول حق النصارى في الولاية. سياسة التمييز الإيجابي شملت كل مواقع الدولة المدنية والعسكرية، ولم تكن أبداً حدثاً عابراً أعلنه الحاكمون وتباهوا بإعلانه، بل صار عهداً غليظاً. فحتى هذا اليوم تُعيد الهند النظر في الإجراءات التي اتخذتها الحكومات السابقة وأقرها الدستور بشأن التمييز الإيجابي (Affirmative Action) بعد اكتشافها أن المساواة التي قال بها الدستور لم تتحقق بعد على الوجه الأكمل. لهذا أنشأت ما يعرف باسم لجنة ماندال نسبة لرئيسها عضو البرلمان الهندي براساد ماندال لمراجعة ما تم منذ الاستقلال لتحقيق التمييز الإيجابي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
كما يفيد أن نشير إلى أن حرص أنديرا غاندي على الالتزام بما نص عليه دستور بلادها حول حقوق مواطنيها هو الذي أودى بحياتها. فعقب أحداث المعبد الذهبي الذي اصطدم فيه الجيش الهندي بغلاة السيخ، حذرتها الأجهزة الأمنية من مؤامرة تحاك ضدها من هؤلاء الغلاة يستخدمون في تنفيذها واحداً من حراسها من السيخ، ونصحوها بإقصاء كل السيخ من حرسها الخاص. ردها كان: "كيف لي أن أكون رئيسة وزراء عموم الهند، ثم أقصي طائفة بأكملها من حرسي الخاص خوفاً منهم". وحقاً، صدقت توقعات أو معلومات الأمن إذ تم اغتيال أنديرا على يد واحد من حراسها من السيخ.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
حال ماليزيا وكوريا الجنوبية ليس كحال الهند، هما دولتان صغيرتان مساحة الأولى منهما361.000 كيلومتر مربع أي سُبع مساحة السودان، ومساحة الثانية 100.000 كيلومتر مربع أي 0.04 من مساحة السودان. كما هما دولتان محدودتا الموارد الطبيعية، بل إن الأخيرة بسبب انعدام مواردها الطبيعية وضعف قاعدتها الإنشائية رتل عليها البنك الدولي في ستينيات القرن الماضي قُداس الوداع بحسبانها حالة ميئوس منها. ولعل الشبه بين السودان وماليزيا يتمثل في ثنائية الحكم بين الإدارة الحديثة والقيادات التقليدية (السلاطين في الأرخبيل الماليزي وزعماء العشائر في السودان). ففي ماليزيا ثلاث عشرة ولاية يحكمها ولاة منتخبون، كما تضم تسع ولايات أخرى يحكمها سلاطين بالوراثة. ولضمان الحفاظ على وحدة ولايات الأرخبيل أنشأ الدستور الماليزي نظاماً ديمقراطياً تعددياً برلمانياً يقوده رئيس الوزراء ويخضع فيه لمساءلة البرلمان والاقتراع بالثقة عليه وعلى سياسته. أما رئاسة الدولة فأستقر الرأي على أن يتولاها ملك يتم اختياره من بين السلاطين التسعة وبوساطتهم، لا يتمتع بأية سلطات تنفيذية. هذه المعادلة الغريبة خلقت استقراراً في الحكم أمكن فيه للقيادة التنفيذية أن تنصرف إلى ما يتوجب عليها أن تنصرف له. ومن الطريف أن أول رئيس لوزراء ماليزيا (تنكو عبد الرحمن) كان من خريجي كلية غردون التذكارية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
عند استقلال ماليزيا في أغسطس 1957م أي بعد عام ونصف العام من استقلال السودان، كان أول ما اتجه إليه حكامها- بعد أن أوجدوا الصيغة التي تستديم وحدة بلادهم- هو التركيز على التعليم، وبخاصة التقني إلى جانب القضاء على التفاوتات الاقتصادية. تلك التفاوتات لو تركت لحالها لما استقرت البلاد رغم إقرار الدستور وإنشاء الحكومات. فصوغ الدساتير، وإرساء هياكل الحكم، و"بَلُ" شوق النخبة السياسية للسلطة والإمارة لا يستديم بمفرده حكماً لحاكم. الذي يديم الحكم هو العدل الشامل بإزالة كل وجه من وجوه الظلم. من وجوه الظلم في ماليزيا التفاوت الاقتصادي بين الملاي الفقراء المسلمين والذين يمثلون أغلبية السكان، والأقلية الصينية التي استأثرت بأغلب الثروة. إغفال ذلك التفاوت من جانب الحاكم الماليزي، أو التلهي عنه بمظاهر الحكم، أو التظني بأن الديمقراطية الشكلية هي الحل لكل مشكل، كان سيؤدي إلى تفجير الغضب المحتقن في قلوب المستضعفين، أو المهمشين، أو قليلي الحيلة! سمهم ما شئت. إن ذلك وضع ورثته ماليزيا من الاستعمار، حيث انحصر دور الملاي في العهد الاستعماري على الزراعة التقليدية، وسيطر ذوو الأصول الصينية على التجارة، في حين أرفد الهنود القطاع المهني: المحامون، الأطباء. لذلك اتجه حكام ماليزيا، وبخاصة مهاتير محمد، إلى أمرين: الأول هو إزالة الظلامات التاريخية بالتمكين الاقتصادي للمستضعفين (الملاي) دون تغول على حقوق الموسرين (الصينين من أهل ماليزيا). والثاني الارتقاء بالتعليم، خاصة التقني والفني وذلك بوضع أسس التمييز الإيجابي في الدستور، المادة (153)، واستيعاب أكبر عدد من الملاي في الخدمة العامة والتمكين لهم في القطاع الخاص. مهاتير زعيم سياسي مسلم أخلص دينه لله ولكنه لم يرَ في ذلك مندوحة للانعزال عن العالم. ففي حديث له للأهرام الأسبوعي (21 نوفمبر 2001م) قال: "نحاول أن نقدم مفهوماً جديداً للإسلام لا بالأسلوب المتحجر الذي يفهمه السلفيون ولكن بالانتساب للمعارف الحديثة والاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة". ولو ذهب مهاتير وصحبه إلى إهدار وقتهم في تقعيد الأحكام حول أسلمة الاقتصاد، وأسلمة العلوم، وأسلمة التعليم لما كسب الإسلام شيئاً، ولضاع الاقتصاد والتعليم معاً.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
بسب من ذلك أضحت ماليزيا وكوريا الجنوبية بعد الهند على رأس نمور الاقتصاد في العالم، فماليزيا رغم صغر حجمها وقلة مواردها الطبيعية (المطاط وزيت النخيل، والأخشاب) أصبحت الدولة التاسعة والعشرين في العالم في ترتيب الناتج القومي العام، كما ارتفع دخل الفرد السنوي فيها إلى 15.700 دولار (2007م). هي اليوم أيضاً واحدة من أكبر منتجي ومصدري الشرائح السليكونية في العالم والتي هي عماد صناعة تكنولوجيا المعلومات. ولعل هذا من الأسباب التي جعلت ماليزيا واحداً من أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، حيث يتجه الميزان التجاري لصالحها (9 بلايين دولار لمصلحة أمريكا و21 بليوناً لصالح ماليزيا) حسب أرقام عام 2000م. أما كوريا الميئوس منها في رأي البنك الدولي في مطلع الستينيات، فقد ارتفعت بمعدل الادخار السنوي من 3.2% من الناتج القومي الإجمالي في تلك الفترة إلى 35% في مطلع هذا القرن. كما بلغ الناتج القومي الإجمالي لكوريا الجنوبية بسكانها الذين يربو عددهم على 40 مليوناً في عام 2007م 1.201.9 بليوناً من الدولارات، وبلغ متوسط دخل الفرد فيها 20.015 دولار، في الوقت الذي لم يتجاوز فيه متوسط دخل الفرد في السودان ما يقارب بالكاد 700 دولار. وكوريا الجنوبية، كما قلنا، هي قطر عار من الموارد الطبيعية، ثروته الوحيدة هي الإنسان، بل نقول حسن استخدام طاقات الإنسان وتوفير البيئة الصالحة لذلك الاستخدام، فالسودان غني بثروته البشرية، رغم أن القصور عن، أو التقصير في، تحقيق غايات الحكم، ورغم النجاحات التي وئدت في المهد لأن صانعيها أبوا المضي بها لنهاياتها المنطقية يتبادر إلى الذهن سؤال: هل هناك من صلة بين العجز عن تحقيق هذه الغايات وبين سطو العسكريين على الحكم؟ وهل استيلاء العسكريين على الحكم المدني أمر تبرره أسباب موضوعية إذ يفترض أن لا تكون هناك علاقة للعسكر بالسياسة الحكمية؟؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
الجيش والسياسة والإنجازات المنكورة خلال تصفحي للمقالات والتحقيقات المتوالية التي أجلتها الصحافة السودانية حول انتفاضة أكتوبر (1964م)، وانقلاب مايو (1969م)، ثم انتفاضة أبريل (1985م)، تأكد لي أن هناك تخليطاً وتلبيساً في الأمور، بل هو تلبيس دون حذق أو مهارة. فالذين يستنكرون توغل الجيش في السياسة يفترضون، فيما يبدو، أن جيش السودان هو الجيش الأمريكي أو الهندي أو النرويجي. تلك الجيوش تلتزم بعقيدة عسكرية من بين عناصرها قبول السيطرة المدنية على المؤسسات الضاربة، أو مؤسسات العنف المنظم، في ذات الوقت الذي تلزم فيه الحاكم المدني أن ينأى بالجيش كمؤسسة عن الصراعات الداخلية. لهذا لا يجرؤ سياسي مدني على إقحام الجيش في الصراعات السياسية الداخلية حتى في الحالات التي يضطرم فيها العنف ويشتد ويعجز البوليس عن إيقافه. ففي الولايات المتحدة، مثلاً، لا تستعين الدولة مطلقاً بالجيش عند محاولتها بسط الأمن الداخلي حتى إن عجزت الشرطة وأجهزة إنفاذ القانون الأخرى عن وقف تردي الأمور. في تلك الحالات تلجأ الدولة إلى أجناد الولايات المتحدة (US Marshals) وهم فرقة شبه عسكرية تعتبر من أجهزة إنفاذ القانون، وتعمل تحت إمرة وزير العدل حتى لا تكون هناك شبهة في انتسابها للجيش رغم طابعها العسكري ونوع تسليحها، تماماً كما يتبع الجهاز الأمني لرئيس الجمهورية لوزير المالية لا لوزير الدفاع. ولربما قادت للوضع الأخير ظروف تاريخية، منها أن القوة شبه العسكرية الوحيدة كانت هي قوات مكافحة تهريب التبغ والخمور التابعة لوزير الخزانة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
العلاقة بين السياسيين والمدنيين والعسكر في السودان كانت جد ملتبسة، لا لطبيعة الجيش السوداني, وإنما لأن السياسيين المدنيين أرادوها كذلك. ففي البدء أقحم السياسيون المدنيون العسكر في السياسة إقحاماً مباشراً عندما زجوا بهم في أتون حرب نُطلق عليها اسم الحرب الأهلية، أي الحرب الداخلية بين الأخ وأخيه. وفي اللحظة التي يُقدم فيها السياسيون على هذا لا يحق لواحد منهم أن يستبدع تولج العسكر في أمور تتعلق بالجيش كان الساسة في الظروف العادية يقررون فيها بمفردهم وفق الإستراتيجية التي تضعها السلطة السياسية دون مشورة الجيش، إلا في الجوانب الفنية التي تستدعي تلك المشورة. ولكن متى ما ألزم المدنيون الجيش لشن الحرب لحل مشكل سياسي داخلي، ومتى ما أصبح الجيش هو الوقود لتلك الحرب، أخذ الأمر طابعاً وجودياً ومهنياً بالنسبة للجيش. الجانب الوجودي هو حماية النفس، لأن الحرب رجال، أما المهني فهو استجادة المهمة التي أوكلت لهم باعتبار أن الحرب أيضاً عتاد وإعداد. وفي ظن العسكر أنهم الأدرى بما تتطلبه الحرب من رجال، وما تحتاجه من عتاد، وما يلزمه من إعداد. لأجل هذا ذهب العسكريون إلى اعتقال القائد العام والوزير المكلف بالدفاع (اللواء الخواض والدكتور عبد الحميد صالح) في جوبا (1966م)، أو إلى تهديد السلطة المدنية عبر المذكرات (مذكرة الجيش 20 فبراير 1989م) لأن السلطة قد عجزت، في تقديرهم، عن حسم الأمور سلماً أو حرباً، خاصة وهم الذين كانوا يدفعون ثمن تلك الحرب.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
توغل الجيش في السياسة سبقه أيضاً أمر أشد خطراً: تسلل الأحزاب السياسية إلى الجيش عبر فصائل الضباط الأحرار. من هذه الفصائل ما كان شيوعي الهوى، أو إسلامي العقيدة السياسية، أو ناصري الهوية، أو بعثي الميل، شامياً كان ذلك الميل أم عراقياً. إلى جانب كل هؤلاء تضامت فئة من المدنيين لم تتوسل بالجيش لقلب نظام الحكم المدني، ولكنها استجابت إلى النظام العسكري- ونحن من هؤلاء- بهدف تحقيق التطوير والتحديث (Modernization) عبر الحسم العسكري للأمور. مدى اقتراب كل واحد من هؤلاء، أو ابتعاده من النظام العسكري، كان بمقياس توافق النظام مع أيديولوجيته، أو انتمائه الحزبي، أو رؤاه في التنمية والتحديث. ولا غضاضة في أن يتخلى المرء عن، أو يقدح في، نظام سياسي والاه، أو يشق عصا الطاعة على زعيم ارتضى قيادته، أو يتبرأ من شيخ تأمم به حتى لا يؤخذ بجناياته. المنبوذ هو تلويث التاريخ، إما بالتعمية على الحقائق، أو بغمط الناس أشياءهم، أو بالإيحاء أن التاريخ يبدأ حيث نريد له أن يبدأ، وينتهي حيث نريد له الانتهاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
من الظواهر اللافتة والتي أثارت اهتمام الكثيرين، انحياز الأستاذ الراحل أحمد خير لانقلاب عبود منذ اللحظة الأولى. كثيرون ذهبوا لتلبيس الحق بالباطل في تحليل تلك الظاهرة. فأحمد خير لم يكن متآمراً، بل لم يعلم بالانقلاب إلا بعد وقوعه، وأحمد خير لم يقربه إلى قادة الانقلاب انتماؤه للشايقية كما توهم بعض وأخذ يوهم غيره. الأمر ببساطة يعود إلى استنجاد عبود برئيس القضاء، محمد أحمد أبو رنات ليعينه على وضع نظام أساسي للحكم ورفض أبي رنات للمهمة. قال شيخ القضاء يومذاك لعبود: "كيف لي أن أضع الدستور، إن كنت أنا الذي يفسر الدستور ويحكم بمقتضاه"، ثم أحالها إلى محام غير حزبي، وكان ذلك هو أحمد خير.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
وقد أتيح لي أن ألقى أحمد خير بأيام قبل أن يستقر به المقام في الوزارة، جاء ليجمع ما ترك من أوراق في مكتبه بعمارة كونتوميخالوس والذي كان يجاور المكتب المتواضع الذي كنت أتشاركه مع الأستاذ الراحل الفاتح عبود. في ذلك اللقاء سألته في استحياء عن "الأحوال"، وهو تعبير فيه من الخشية بقدر ما فيه من الحياء. أدهشني الأستاذ العظيم عندما قال، وكأن باله كان منصرفاً للرد على سؤال لم أسأله: "أزهري يستاهل. ديمقراطية إيه مع إلى من يهمه الأمر سلام". تلك كانت إشارة إلى القرارات التي كان يصدرها الزعيم الأزهري بطرد خصومه أو من خالفه الرأي من قيادات حزبه. أحمد خير لم يكن عضواً في حزب بل كان هو مؤسس مؤتمر الخريجين، ومفكر الحركة الوطنية (كفاح جيل)، والمدافع في سوح المحاكم عن المظلومين، ولهذا لم يقبل أن يتحول إلى نكرة "إلى من يهمه الأمر سلام"، هكذا دون اسم، ناهيك أن القرارات التي تطاله وتطال أمثاله تتخذ دون إجراءات فيها الاتهام والدفاع. أكثر فداحة أن تصدر هذه القرارات من صاحب كتاب "الطريق إلى البرلمان" الذي أراد أن يعلم به الناس أصول الديمقراطية، أو أن تكون ضد محامي الشعب. سمّيت موقف أحمد خير هذا في واحد من كتبي التي أرخت فيها لهذه الفترة: الانتقام من التاريخ، وحقاً كان موقف أحمد خير كذلك. فمن الحمق بمكان أن يظن أحد أن انحياز ذلك المناضل النبيل إلى انقلاب عسكري ضد الديمقراطية كان لدوافع مصلحية، أو انتهازية سياسية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
إن جميع الشعارات التي أعليت راياتها، والهتافات التي صاح بها الصائحون في العهود العسكرية، تمجيداً أو استنكاراً، لم يتعلمها العسكريون في معاهدهم العسكرية وإنما تسربت إليهم من السياسيين المدنيين. وإن كان مؤرخو علم الحرب يقولون إن الحرب هي الدبلوماسية بأسلوب آخر، نقول إن عسكرة الحكم في السودان أصبحت هي السياسة بأسلوب آخر. هذا ما يقول به التاريخ غير الملوث، وهذا ما أراده لها السياسيون المدنيون بكل بطونهم وأفخاذهم. هل أفلح العسكريون في ممارسة السياسة لتحقيق الهدفين الأساسيين اللذين لا استقرار للحكم دون إنجازهما؟ الجواب لا، رغم ما حققوه على صعيد الإنشاء والتعمير وفق المنوال التنموي الموروث. فاقتراب نظام عبود من حل مشكلة الجنوب كان عسكرياً بحتاً، لهذا ولد مرارات قاسية. بيد أن نفس النظام ترك خلفه عند رحيله، إنجازات تنموية غراء: مشروع المناقل الذي ابتدره المهندس الرائد ميرغني حمزة، خزان خشم القربة، مد الخط الحديدي إلى بابنوسة- واو، التعليم الفني (وكان هو الآخر من المبادرات الرائدة لميرغني حمزة)، التنمية الصناعية (كريمة، بابنوسة، واو)، الخطوط البحرية، الطرق البرية التي أنكرها على السودان من لم يروا منافعها للبلاد وإنما رأوا ما وراءها من أهداف مزعومة لتحقيق إستراتيجية أمريكية. كما نجح عبود أيضاً في ما لم ينجح فيه غيره: حشد الدعم الاقتصادي للسودان من قبل مصادر متنوعة، رغم سوء ظن أرباب العقائد السياسية بعقيدته وانتمائه السياسيين، خاصة في زمان شُطر فيه العالم شطراً إلى معسكرين: معسكر الاستعمار وتقوده أمريكا، ومعسكر الشعوب ويقوده الاتحاد السوفيتي. في ذلك العالم المشطور أفلح عبود في اجتذاب العون الأمريكي والذي ذهب جله إلى الطرق والتعليم الفني، والبعوث التي أرفدت الخدمة المدنية بخيرة رجالها في الزراعة والاقتصاد والقانون، كما لعب الدعم السوفييتي دوراً محورياً في تطوير الصناعة (الألبان في بابنوسة، تعليب التمور في كريمة، تعليب الفواكه في واو). كان أيضاً ليوغسلافيا، التي لا تندرج في معسكر الاستعمار ولا معسكر الشعوب بحسابات الأمس، دور هام في إنشاء البحرية السودانية، صناعة الأسمنت، بناء السدود. وأحمد الله أنني في كل ما كتبت في التاريخ السياسي لم أغمط أحداً أشياءه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
من جانبه، حقق نميري إنجازات تنموية صروحها باقية رغم محاولات التمويه عليها باقتلاع رموزها بصورة لا تخلو من الطفولية: طريق الخرطوم- بورتسودان، الدبيبات- كادوقلي وطريق نيالا- كاس- زالنجي، أول خط للأنابيب بين الخرطوم ومصفاة بورتسودان، مشاريع السكر وعلى رأسها سكر كنانة، تطوير الاتصالات التي ربطت بين السودان والخارج للمرة الأولى منذ الاستقلال، اكتشاف البترول، أول ثورة في التعليم العالي (جامعة الجزيرة، جامعة جوبا، معهد الكليات التكنولوجية والذي تحول لجامعة السودان). ومما يبعث على الحيرة أن إنشاء جامعة في جوبا كان واحداً من مطالب الجنوبيين في مؤتمر المائدة المستديرة، وقد أقره المؤتمرون يومذاك (1965م). مصدر الحيرة هو عجز الأنظمة التي تعاقبت من 1965 إلى 1977 عن تحقيق هذا المطلب اليسير من مطالب الجنوبيين في ذلك المؤتمر. إنجاز نميري الأكبر هو اتفاق أديس أبابا الذي نعم السودان تحت ظله بعشر سنوات من السلام 1973م- 1983م. ذلك السلام لم ينته إلا بعد أن نقض صانعه غزله بيده. ومن سخرية الأقدار أن يكون اتفاق أديس أبابا إنفاذاً لمشروع أعدته لجنة الاثنى العشر في عهد الديمقراطية الثانية، إلا أن اللجاج في المنازعة بين الأحزاب حول الانتخابات والتحالفات التي تسبقها أستنفد جُل طاقات السياسيين وألهاهم عما هو خير، ولا يمكن أبداً أن تكون وسائل الوصول إلى الحكم أهم من غايات الحكم.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
على أي، كان ذلك الاتفاق محل رضا عند كل الجنوبيين باستثناء رجل منهم أصبح له من بعد منزلة وقدر في سياسة السودان، كما كان أغلب أهل الشمال به أرضياء بما حققه من خير. فالجيش ارتضى الاتفاق لأنه أنهى حرباً كان هو وقودها. وعامة الناس توهموا أن إنهاء الحرب يعني توجيه موارد البلاد للبناء والإنشاء، وكان محقوقاً به أن يفعل. كان للاتفاقية أيضاً صدى إقليمياً داوياً عَبّر عنه الإمبراطور هيلاسلاسي الذي تم الاتفاق تحت رعايته، كما عبر عنه الرئيس جوليوس نيريري الذي وفد للسودان للمرة الأولى ليخاطب برلمانه (مجلس الشعب) ويحدثه عن ما تعنيه الاتفاقية بالنسبة للقارة الأفريقية. على أن أبلغ تعبير عن البهجة بذلك الاتفاق ما أورده المناضل والمفكر الأفريقي أميلكار كبرال عندما تحدث باسم جميع حركات التحرير الأفريقية في القمة الأفريقية بالرباط. قال كبرال، وهو يدعو لإعفاء السودان من أسهامه لحركات التحرير: "اتفاق السلام السوداني هو أكبر هدية يقدمها السودان للوحدة الأفريقية، لهذا فمن الضروري أن توجه كل موارد السودان لصون وحدته، ففي وحدة السودان انتصار للوحدة الأفريقية".
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
خصص الدكتور منصور خالد وزير الخارجية السوداني الاسبق جزءا كبيرا من كتابه الجديد «السودان اهوال الحرب وطموحات السلام ـ قصة بلدين» للحديث عن نظام الانقاذ الوطني وحزب الجبهة الاسلامية القومية الذي اتى للسلطة في يونيو (حزيران) 1989. وقال في كتابه الذي يروي قصة الـ50 عاما ـ الاخيرة في السودان، ان «الجبهة الاسلامية لم تفلح ابدا في ان تقنع اهل السودان بانها نظام يعترف بمبادئ حقوق الانسان، ويأخذ الناس ـ مسلمهم وغير مسلمهم ـ بالحسنى. ويقول ان «النموذج المثالي للحكم الذي صنعه الترابي وتولاه بالرعاية لم يكن يتسع منذ البداية لغير الجبهويين، ومن والاهم، مسترخصا لنفسه، ومرخيا زمامه لهم». وأضاف: «تساقط على النظام، وبحماس منقطع النظير، معميون، هم انصار كل من غلب». واشار الى ان «جميع هؤلاء كانوا في تقدير النظام اما مغفل نافع، او رديف مطاوع. لم يبتغ النظام من تأييدهم غير التعفية على خدعه»، وأبان ان للترابي، يومذاك، رأيا صريحا في التعددية السياسية. فقد قال لصحافي اميركي، «انها وجه آخر للطائفية والقبلية». واوضح خالد ان «كثيرين لا يختلفون مع حكم الترابي بأن الطائفية الدينية والقبلية ما زالتا، رغم تبديل الازمان، تلقيان بظلهما الكثيف على الحياة السياسية في السودان. ولكن القبلية والطائفية حقيقتان من حقائق الحياة في السودان يلغيهما التطور، لا الاوامر الفوقية المشتطة، او فوران الانفعالات». وفي ما يلي نص حلقة اخرى من الكتاب اندفع الترابي في حديثه لصحافي اميركي يقول ان الانتخابات في اوروبا تشويه لارادة الشعب بسبب نفوذ الطبقات القادرة على التأثير على مسار الانتخابات بما تملك من مال ونفوذ. هذه الرؤية للديمقراطية الليبرالية لا تختلف عن تلك التي كانت سائدة بين الشيوعيين في الماضي حول الديمقراطية الليبرالية، والتي كانوا ينعتونها بالبرجوازية انتقاصا منها، ولربما تبريرا لديمقراطية النظام اللينيني الشمولي. وكما افاد الشيوعيون من الديمقراطية البرجوازية في اوروبا وغيرها حتى اصبح لهم نفوذ كبير في بعض الدول (ايطاليا والهند مثلا)، استغلها الترابي ايضا في السودان بحيث اصبح حزبه هو الحزب الثالث في موازين السياسة. فمع صدق حديث كليهما عن الدور الذي يلعبه المال والاعلام اليوم في الانتخابات البرلمانية في الغرب، ما برح حزب العمال في بريطانيا ودول سكندنافيا يعتمد في تأييده على النقابات العمالية في الانتخابات، وما انفك الحزب الشيوعي الايطالي والحزب الشيوعي الفرنسي (قبل انهياره اخيرا بانهيار الشيوعية وجموده السياسي) يحتلان مواقع مرموقة في برلماني بلديهما، استنادا على قاعدتيهما العماليتين. وعلى اي فان إلقاء مثل هذه الاحكام على عواهنها لا يصح من رجل محقق يملك ما يملكه الترابي من علم وافر، ومعرفة لصيقة بالغرب، خاصة هو الذي اختار لسكناه في باريس (ابان الدراسة) منطقة فيترى، قلعة الشيوعيين المنيعة.
* تعددية الترابي
* افصح الترابي ايضا في حديثه مع الصحافي الاميركي عن رغبته في تلقين اوروبا درسا عن الديمقراطية. وفي سبيل ذلك الهدف، قال لا يهمه شيء في هذه الدنيا لأنه يؤدي واجبا دينيا. ما هو الدرس الذي انتوى الترابي تلقينه للغرب؟ وما هو النموذج الديمقراطي البديع الذي قدمه للصحافي كبديل لديمقراطية الغرب الشائهة؟ اقترح الترابي نظاما بعيدا عن الفهم، لا سيما ان كان مراده هو اقناع صحافي غربي بجودة نموذجه الاسلامي. قال: انني توحيدي، انادي بالوحدة للشعب السوداني.. وأساس عقيدتنا ان الله واحد، وحزبنا واحد، وطريقنا الى الله واحد. هذا حديث لا ينجع في سامعه، فمن ذا الذي يزعم بأن الوجه السياسي للعقيدة التوحيدية هو الحزب الواحد؟ وكيف يمكن للداعية لمثل هذه الشمولية السياسية ان يقول ان الاسلام يتسع لكل الفرق والملل والنحل؟ ثم كيف يبيح لنفسه اي سياسي يحس التقدير، الدعوة لنظام شمولي في الوقت الذي اخذت تنهار فيه جميع النظم الشمولية في العالم؟ واخيرا يصعب على المرء ادراك عجز رجل استفاد فائدة كبرى من التسامح في مرحلة التعددية الحزبية، عن احتمال ذلك التسامح بعد ان ولى الحكم. في حجة الترابي الواهية، لتمكين نظام استبدادي باسم التوحيد، خلط غير موفق بين المقدس والدنيوي، وبين الديني والسياسي، بل في جملة واحدة قسم الترابي الامة كلها الى حزب الله وحزب الشيطان. وليت حزب الله الذي تحدث عنه الترابي، كان ذا شبه بحزب الله اللبناني، وليت إمامه نهج منهج الإمام موسى الصدر. سأل الدكتور مراد وهبة الإمام الصدر عن رأيه في العلمانية، فأجاب: الفكر الديني الصحيح يؤمن بأن الانسان مخلوق ارضي له بعد سماوي، ومن هذه الزاوية يتلاقى الدين مع الفكر العلماني. هذا الرد استثار وهبة لتوجيه سؤال آخر: ألا يثير هذا قضية فصل الدين عن الدولة؟ أجاب الإمام الصدر: الرأي عندي، ان الربط بين الدين والدولة كان في خدمة الطغاة والظالمين، والفصل بينهما كان له الفضل في ابعاد الظالمين الذين كانوا يحكمون باسم الله. ثم سأل وهبة الإمام عن الارضية المشتركة مع العلمانيين، فرد قائلا: «سعادة الانسان».
* إعدام الضباط
* في سودان الترابي الوحداني، كان مصير كل من تحدى النظام الالهي الجديد الاعدام من دون ابطاء، او السجن من دون تريث، او التعذيب بلا رحمة. فعلى سبيل المثال، قام النظام في احدى دواماته الانتقامية العنيفة، باعدام 28 ضباطا بالجيش في ابريل (نيسان) 1990 بعد فشل المحاولة الانقلابية التي شرعوا فيها، قتلوا جميعا لم يُستحيا منهم احد. ونفهم اقدام النظام على محاكمة من حاول الانقلاب عليه من العسكريين (كما تفعل بعض الانظمة)، الا اننا لن نفهم على الاطلاق الاسلوب الذي تمت به المحاكمة، اذ استغرقت اقل من ساعتين، اي كان نصيب كل متهم فيها دقيقتين للاستجواب، والدفاع، والحكم، ثم التنفيذ. ولو كانت هذه هي العدالة الاسلامية، فلا شك في ان كثيرا من المسلمين سيقولون: نحن براء. لا يفعلون هذا جحودا بدينهم الذي عرفوه، ولكن استنكارا لاسلام غريب على ما ألفوه. اسلامهم الذي عرفوا وألفوا اوصى باللين حتى مع الفراعين، فوصاة الله تعالى الى موسى وهارون عندما بعثهما لفرعون: «اذهبا الى فرعون انه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر او يخشى» (طه: 20/43 ـ 44). وفي الحالات الاخرى احتجز من لحق بهم الاتهام في بيوت الاشباح، وكان حراس تلك البيوت، بل مباشرو التعذيب فيها، يوارون وجوههم دوما خلف قناع سميك لا تبدو من خلاله الا العيون اخفاء لهويتهم. هذا الاسلوب ال######## في التعامل مع الحبيس لا تعرفه الدول التي تحترم القانون ـ اسلامية كانت ام غير اسلامية».
كان طبيعيا، والحال هذه، ان تتدافع جماعات حقوق الانسان عبر العالم لادانة تلك الانتهاكات، والتجاوزات، والتعديات المريعة على حقوق الانسان. وسرعان ما لحقت لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة بهذه الجماعات، لا سيما بعد ان اخذ العنف بعدا غير مسبوق، وكان اكبر مظاهره التطهير العرقي في جبال النوبة. امام هذه الفظائع، عينت اللجنة الدولية في 30 مارس (آذار) 1993، مبعوثا خاصا (القانوني الهنغاري جاسبار بيرو) لمراقبة اوضاع حقوق الانسان في السودان. وفي تقريره الاول (1993)، رسم بيرو صورة قاتمة لأوضاع حقوق الانسان بالسودان جاء فيها ان جميع السودانيين الذين يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة هم ضحايا كامنون او محتملون لاساءة وانتهاك حقوق الانسان. تلك الادانة الدامغة ابانت ان العنف الحكومي ضد الخصوم لم يكن بالامر الطارئ، وانما هو مكون بنيوي للنظام، بل ارهاب حدد النظام سقفه. اورد التقرير حالات عديدة من القتل بلا محاكمة، والاعدام المستعجل، والاختفاء غير الارادي، والتعذيب، والمعاملات القاسية المذلة وغير الآدمية، بالاضافة الى حالات الاعتقال التعسفي والانتقامي. ومن امثلة الاعتقال الانتقامي، اشار بيرو للمعاملة القاسية التي اوقعتها قوات الامن على اليابا جيمس سرور وهو السياسي الجنوبي المخضرم الذي يترأس اكبر حزب جنوبي (يوساب)، وهو حزب مظلي ينتظم اغلب الاحزاب الجنوبية. وكانت جريمة سرور رفضه الانضمام الى الحكومة. في حادثة اخرى، اعتقلت اجهزة الامن سيدات سودانيات، منهن امهات مسنات من خيرة نساء المجتمع من امام مكتب الأمم المتحدة حيث جئن للقاء مبعوث حقوق الانسان الأممي، وبقين رهن الاعتقال امام مكتب الأمم المتحدة حتى مغيب الشمس حين تم جلدهن بالسياط في ظلمة الليل حتى تكتمل عناصر الدراما. وبالتأكيد، لم يكن المجتمع السوداني (قبل مجيء الجبهة للحكم) يولي اعتبارا كبيرا لحقوق المرأة، فالنساء كن ضحية للتمييز في المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية من جانب كل انظمة الحكم السابقة، ولكن لم يحدث ابدا ان ألحقت بهن الاساءة بالجلد، فجلد النساء الامهات عيب في تقاليد اهل السودان.
* وإذا الموءودة سئلت؟
* هذا العيب اقدمت على فعله، واستمرأت ذلك، الجبهة الاسلامية. تمادت الجبهة في اعتقال الفتيات الطالبات امام مدارسهن وسجنهن وجلدهن علنا بتهمة السلوك الذي يتنافى مع الاخلاق العامة. لأجل هذا أدرج النظام المادة 152 في قانون عقوبات السودان لعام 1991 بدعوى حماية السلوك العام. وعندما سأل الترابي صحافي اميركي عن هذه القوانين المزرية، انكر علاقتها بالاسلام. قائلا: ان الملبس مسألة خاصة. على ان الفضول الصحافي دفع الرجل لأن يلجأ لطبيب سوداني كان يعالج ثلاث فتيات اصبن بحالة نفسية نتيجة لجلدهن علنا، اربعين جلدة لكل منهن. جريمة هؤلاء الفتيات كانت هي الظهور امام الناس من دون غطاء للرأس. ألم نقل ان للترابي رسالتين: واحدة للخارج والثانية للداخل.
* مآثر «آل كابون» خارج السودان
* مآثر حكم الجبهة لم تقف عند حدود السودان، بل استفاضت لتشمل القاصي والداني. ومن الواضح ان الجبهة كانت موقنة اشد اليقين بأن الله قد مكن لها في الأرض، باعانتها على اعادة تشكيل الثقافة التعبدية للمسلمين، ووعدها بنصر من عنده وفتح قريب.
فكيف، اذن، لهذه العصبة من اولى القوة ان تجفل عن مجابهة «الارجاف في العالم، من بعد ان قضت (او هكذا ظنت) على المرجفين في المدينة؟ وهكذا انشأ الترابي في صيف 1991 المؤتمر العربي الاسلامي الشعبي واصبح امينا عاما له. وكما يشير اسمه، لم يكن المؤتمر مؤتمرا اسلاميا فحسب، بل ايضا تجمعا ضم المتطرفين من كل حدب، لكل واحد منهم برنامجه الثوري. وكان اسم المؤتمر في البدء المؤتمر الاسلامي الشعبي، الا ان كلمة العربي اضيفت اليه بعد انضمام الزعيمين الفلسطينيين نايف حواتمة وجورج حبش اليه، وكلاهما مسيحي. وحسبما اورد تقرير لأحد فرق العمل بالكونغرس، شارك في الاجتماع التمهيدي للمؤتمر في منزل الترابي بحي المنشية في الخرطوم، الفريق البشير، عباسي مدني (الجزائر)، مهدي ابراهيم، وآخرون، ومن الآخرين هؤلاء ذكر روهان قوناراتا، مستشار الأمم المتحدة لمكافحة الارهاب في كتابه الاخير اسماء اسامة بن لادن، الملا مهدي كروبي، المتحدث الرسمي باسم المجلس الاسلامي في طهران، وعبد الله جاب الله عضو البرلمان الجزائري، والذي اعلن رفضه، فيما بعد، للجماعات المتطرفة. في ذلك الاجتماع تم الاتفاق على طبيعة المؤتمر، واجندة اعماله، كما ووفق على تحويل مبلغ 12 مليون دولار اميركي لجبهة الانقاذ الاسلامي الجزائرية من خلال احد البنوك الاسلامية بالخرطوم. ذكر التقرير ايضا اسماء عدد من المعسكرات التي انشئت لتدريب الكوادر الاسلامية في السودان وهي الكدرو ـ جبل الاولياء ـ الكاملين، بالاضافة الى تكوين فريق عمل كنواة للعمل السياسي الاسلامي في اوروبا، كان من بين المشرفين عليه الطيب ابراهيم (سيخة). وهكذا حول نظام الجبهة السودان الآمن الى معقل للعنف السياسي عابر القارات، ومعبر لتهريب الاسلحة للدول المجاورة، ومصدر لتحويل الاموال من خلال اجهزته المصرفية الى المجموعات السياسية المناهضة للحكومات في دول الجوار. وكان للترابي المهيمن على دولة العنف الاسلامي رأي غريب اورده في خطابه الافتتاحي، قال:
ان ابناء الشريحة القيادية لحركة الاسلام كانوا قد عاشوا عهدا طويلا ايام الدعوة الاولى في غربة وجدال وخصام اذ احاط بهم طيف من عشاق المذاهب الاشتراكية والليبرالية، ثم لما بلغوا اشدهم فاقتحموا السياسة عهدوا صنوف المشاقة والمؤاذاة من متعصبة الطائفية رميا بالحجارة وضربا بالعصي ليصدوهم ويحموا الاتباع من الوعي. ما احلى القذف بالحجارة والضرب بالعصي ازاء وجوه التعذيب الاسلامي التي وصفها مراقبو حقوق الانسان الدوليون.
* استهداف مصر وليبيا
* كانت مصر وليبيا من اوائل الدول العربية التي استهدفها النظام الجبهوي رغم مساندة هاتين الدولتين له عند انشائه. فحين مدت ليبيا حكومة الخرطوم بدعم مادي هام تمثل في توريدات الوقود في وقت كانت في اشد الحاجة اليه، قامت مصر بتسويق البشير لدى العالم العربي بوصفه مصلحا وطنيا بلا انتماءات ايديولوجية. ولربما اعتقد الترابي ان ليبيا هي اضعف حلقات السلسلة، ولهذا قصد السيطرة عليها من الداخل عبر الجماعات الاسلامية الليبية. ولربما ظن ايضا، انه لو تحققت له تلك السيطرة فسيسهل عليه التحكم في شمال افريقيا، ثم الانطلاق بمشروعه الثوري الاسلاموي نحو اوروبا. تطلعات الترابي، بلا شك، اخذت تتجاوز الخيال، كما لم يتردد ذهنه، فيما يبدو، بين الشك واليقين في قدرته على تحقيقها. ففي خطاب جماهيري له بمدينة كسلا (شرق السودان) قال: ان كان الاسلام قد انطلق الى اوروبا في ماضيه من قلعة الامويين في دمشق، فانه سينطلق اليوم اليها من السودان.
تقابل الترابي، حسبما ورد في تقرير فريق العمل الاميركي، مع عدد من المنشقين الليبيين للتخطيط للاستيلاء على الحكم في الجماهيرية الليبية. في ذلك الاجتماع، كما يقول نفس المصدر، اثنان من كوادر الجبهة. وفيما نلمح، كانت تلك الجماعة تعتقد ان السير الى طرابلس لن يكون اكثر من نزهة بلا عناء، كما كان الترابي على يقين بأن القذافي في موقف ضعف شديد تجاه «الحركة الاسلامية» في بلاده. ففي حديث مع صحافي اميركي قال: ظل القذافي، في الآونة الاخيرة، يدعو الحكومة السودانية، بطريقة واضحة لا لبس فيها، لإبعاد الدين عن السياسة وعدم الخلط بينهما. حقيقة الامر، ان القذافي في غاية القلق من الظاهرة الاسلامية التي تحيط به من كل مكان. المهمة لم تكن بالسهولة التي توقعها الترابي، بل انتهت بسرعة لم تتوقعها حتى العناصر التي كانت حسب ظنه تحيط بالقذافي من كل مكان. اعتقل النظام الليبي كل هذه العناصر وتم اعدامها، بل اعدام كل من لحقت به شبهة التعاون معهم، كما توقفت ليبيا عن مد السودان بالنفط. في الوقت ذاته، امتدت ايدي الجبهة ايضا الى المغرب القصي: موريتانيا المسالمة. ففي 3 اكتوبر (تشرين الاول) 1994، اعلنت صحيفة «موريتانيا الجديدة» القبض على خمسة اشخاص ينتمون الى جماعة الجهاد الاسلامي بينما كانوا يخططون لحملة ارهابية في موريتانيا لزعزعة استقرار نظام الحكم. وجاءت هذه المجموعة، طبقا للمعلومات الامنية التي توفرت للصحيفة، من السودان.
اخطر المغامرات الخارجية للجبهة تمثلت في مساندتها للغزو العراقي (او بالحري غزو صدام) للكويت، رغم ازدراء الترابي المعلن للرئيس العراقي. ففي محاضرته بجامعة فلوريدا، وصف الترابي صدام بـ«عدو الاسلاميين الذي لن ينخدع الاسلاميون ابدا بدعوته المتكررة للجهاد». وحين كان الترابي يجاهر باستيائه من صدام في تامبا بولاية فلوريدا، كانت حكومته في الخرطوم تقدم جزءا من ارضها كمخزن لأسلحة الدمار (صواريخ سكود) العراقية حماية لها من هجوم القوات المتحالفة ضد العراق. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2002، ادلى وزير الداخلية السعودي، الامير نايف بن عبد العزيز، بحديث لجريدة «السياسة» الكويتية ونقلته عنها صحيفتان سعوديتان. قال الامير نايف ان وفدا ضم الغنوشي (تونس)، والترابي (السودان)، والزنداني (اليمن)، واربكان (تركيا) زاره عند احتلال العراق للكويت واجتمع مع القيادة السعودية للتوسط في النزاع. وعندما جابه المسؤولون السعوديون الوفد بسؤال محدد: هل تقبلون احتلال بلد لبلد؟ اجابوا بأنهم ما اتوا الا ليسمعوا، ولكن ما ان وصل الوفد بغداد حتى اعلن تأييده للعراق.
هل كان التناقض بين حديث الترابي في تامبا، واعماله في الداخل توزيعا للأدوار، ام هو جزء من استراتيجية الحديث بلسانين: واحد لمخاطبة الخارج، والثاني لمخاطبة الداخل؟
وكان الامير نايف صريحا في حديثه حول الترابي في التصريح الذي اشرنا اليه آنفا، قال: «لقد عاش الترابي في المملكة ودرّس في جامعة الملك عبد العزيز، وكنت اعتبره صديقا، وكان يمر عليّ دائما، خصوصا عندما عمل في الامارات. كان لا يأتي المملكة الا ويزورني. وما ان وصل الى السلطة حتى انقلب على المملكة. ذلك هو نفس التفكير الذي رمى بالترابي العالم الى مساندة الجماعات الاسلامية المتطرفة في الجزائر، رغم كل جرائمها وجرائرها التي لا تشرف مسلما ولا الاسلام. كان واثقا من انتصارها في النهاية، مثل ثقته في انتصار نبوخذنصر العراق، ولهذا صمت عن كل فتاواهم التي احلوا بها قتل النساء والاطفال من اهلهم تأسيا كما زعموا، بابراهيم: «قد كان لكم اسوة حسنة في ابراهيم والذين معه اذ قالوا لقومهم إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء ابدا حتى تؤمنوا بالله وحده» (الممتحنة: 60/4).
* إثيوبيا وإريتريا
* الذي يظن انه قادر على تحقيق هذه التطلعات العملاقة، لن يتردد كثيرا في الظن بأن اقتحام اثيوبيا واريتريا هو مجرد رحلة صيد. ولكن الواقع اثبت خلاف ذلك. اذ ادمى النظام انفه في تلك المغامرة. ففي البدء تشكت اثيوبيا واريتريا من مغامرات النظام في بلديهما مما جعل رئيسي البلدين يوجهان انذارا مشتركا لنظام الخرطوم. وفي يوليو (تموز) 1994، تقابل الرئيسان افورقي وزيناوي مع الرئيس البشير في العاصمة الاثيوبية، وكانت رسالتهما اليه انذارا اخيرا: «اما ان توقف التدخل ومحاولة التأثير على المسلمين في بلدينا، وتحتفظ بنموذجك الاسلامي داخل حدود بلادك، او سيكون لنا شأن آخر». في رده على ذلك الاتهام نفى البشير اي نيات سيئة للسودان تجاه البلدين.
وقبيل عامين من لقاء البشير مع نظيريه الاريتري والاثيوبي في اديس أبابا، ابلغ الترابي صحافيا زائرا بأن دول القرن الافريقي: السودان، والصومال، واثيوبيا، واريتريا سوف تصبح مثل الجماعة الاوروبية (E.C) جماعة «اسلامية واحدة تختفي بينها الحدود». هذا التصريح، لا بد ان يكون اصاب غير المسلمين الذين يقطنون هذه المنطقة برعشة، فالمجموعة الاوروبية ليست مجموعة دينية وانما هي كيان سياسي اقتصادي يضم دولا متعددة الاديان واللغات، وتفاخر بذلك التعدد. وكما قال الصحافي ان الذي يقلق ليس هو رؤية الترابي لوحدة دول القرن، وانما كيف سيحول هذه الرؤية الى حقيقة. اهل القرن الافريقي يعرفون كيف، ففي نفس العام الذي التقى فيه البشير مع رئيسي اثيوبيا واريتريا اعتقلت السلطات الاريترية عشرين متسللا من «جماعة الجهاد الاسلامي الاريتري» وابادتهم. ولو كان جميع هؤلاء من الاريتريين لحسبنا الامر جزءا من صراعات الاريتريين فيما بينهم، ولكن المجموعة ضمن عناصر من المغرب، وتونس، وافغانستان، وباكستان. ويستحيل ان يكون الدافع وراء تسلل هؤلاء هو الرغبة في قيام مجتمع شرق افريقي موحد، او اشعال معارضة وطنية ضد النظام الاريتري من جانب بعض مواطنيه. ازاء هذا قررت اريتريا في اول يناير (كانون الثاني) 1995 قطع علاقاتها الدبلوماسية مع السودان.
* محاولة اغتيال مبارك
* ثم جاءت محاولة اغتيال الرئيس مبارك. ولربما يثبت المستقبل براءة البشير والترابي عن تدبيرها، رغم اغضائهما عنها. اصابع الاتهام تشير الى عناصر كانت، في ذلك الوقت، قريبة من الترابي، واستمرت تحيط بالبشير، وقد اثبتت الدلائل التي جمعها المحققون الاثيوبيون تورط اجهزة امن النظام في تلك المحاولة بصورة مباشرة عن طريق التسهيلات التي قدمتها لفريق الاغتيال بمنح افراده جوازات سفر سودانية مكنتهم من الدخول الى اثيوبيا، ونقل السلاح عبر الحقيبة الدبلوماسية، وتوفير الدعم لهم من خلال المنظمات الخيرية الاسلامية المنتشرة في اثيوبيا والتي كان امرها موكولا لعناصر من الجبهة او قريبة منها، ثم تهريب من نجا منهم بعد الحادث الى السودان عبر الحدود برا او على متن الطائرات. على رأس هؤلاء كان مصطفى حمزة الملاحق من قبل سلطات الامن المصرية. ومن سوء حظ النظام ان ينبري احد المؤامرين (صفوت عبد الغني) للكشف عن تفاصيل ذلك الحدث الاجرامي، ودور النظام السوداني فيه، لاحدى الصحف بعد مضي خمسة اعوام على محاولة الاغتيال. صفوت واحد من المجرمين الأحد عشر الذين قاموا بالعملية، خمسة منهم لقوا حتفهم في الحال، وثلاثة تم اعتقالهم من جانب سلطات الامن الاثيوبية منهم صفوت، وقدموا من بعد المحاكمة (حكم عليهم بالاعدام)، في حين هرب ثلاثة آخرون الى السودان، او بالحري هربوا اليه.
وبالفعل اعدت طائرة خاصة (قيل لمن شارك في اعدادها بأن وجهتها كوالالمبور) ليستقلها المتهمون الثلاثة الى طهران، بعد ان منحوا جوازات سفر سودانية جديدة وأطلقت عليهم اسماء وهمية. وكانت طهران محطة عبور، اذ كان الهدف هو نقلهم الى افغانستان.
تلك العداوة لا تنسحب، بالضرورة، على مصر كلها، او على رئيسها الحالي. جزء من هذه الحقائق يعرفه اهل السودان، وأدق تفصيلاتها كانت متوفرة لاجهزة الامن الخارجية التي كانت ترقب وترصد كل تحركات النظام داخل وخارج السودان، لهذا كان اول سؤال وجهه مبعوث الرئيس كلينتون، هاري جونستون، للنظام في اول زيارة له للسودان: ما الذي حدث للمتهمين بمحاولة اغتيال الرئيس مبارك، وأين هم الآن؟ ذلك السؤال ظلت توجهه ايضا، من دون جدوى، اجهزة الامن المصرية لحكومة السودان.
مهما يكن من امر، تبع الحادث قراران هامان: الاول هو طرد ثلاث عشرة منظمة خيرية اسلامية من اثيوبيا، وهكذا اخذت اثيوبيا البريء بالجاني، اذ لا يتوقعن احد منها ان تثق في اي واحدة من هذه التنظيمات بعد ذلك الحدث الخطير الذي هدد امنها الداخلي، واساء الى علاقتها بالدول، وكشف عن المواقع التي يمكن للارهاب ان يتسلل عبرها. والثاني هو اصدار مجلس الامن للقرار رقم 1054 (عام 1996) بإدانة الحكومة السودانية، وأمرها باتخاذ اجراءات فورية لتسليم المتهمين الثلاثة الى اثيوبيا. فرض مجلس الامن ايضا عقوبات على السودان تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة مما جعل السودان للمرة الاولى في تاريخه منذ الاستقلال مكان اتهام من الأمم المتحدة، ليس فقط بسبب انتهاك حقوق الانسان، وانما ايضا بسبب تهديد السلام الدولي.
لم يكن للترابي، كما اسلف القول، دور مباشر في التخطيط لاغتيال الرئيس مبارك، الا ان ابتهاجه الغريب بالحدث بعد وقوعه خلق انطباعا بأنه كان وراءه. ففي حديث للسفير الاميركي في الخرطوم قال: عندما تجرأ مبارك بالذهاب الى اديس أبابا لحضور قمة منظمة الوحدة الافريقية، كان المسلمون من ابناء النبي موسى له بالمرصاد. تصدوا له، واربكوا خططه، وردوه الى بلده. وبالطبع، اراد الترابي، بنسبته القتلة المجرمين الى موسى، ان يستدعي الى الذاكرة فرعون.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
عبد الخالق يعلق على خطاب الدكتور منصور خالد فى الملتقى الفكرى العربى 15- 22 مارس 1970
يشرف الملتقى الفكرى العربى عل نهايته عندما أدفع بهذا التعليق للمطبعة ، وسيكون تقييم هذا الملتقى محل جدل قد يطول أمده أو يقصر وفقا لما أصاب من نجاح أو فشل وما قدم من اسهام يضاف الى الملتقى الفكرى السابق بمدينة الجزائر . لهذا السبب وغيره لا أرمى من وراء هذا التعليق الى تقييم هذا الملتقى قبل أن تكتمل الصورة وتتوفر العوامل المساعدة لانشاء مثل ذلك التقييم . .
ولكن ما دفعنى كتابةل هو الحديث الذى أرسله السيد وزير الشباب (الدكتور منصور خالد ) فى مطلع الملتقى لأنه يمثل منهجا فى التفكير أثر على الهيئة التى طلع بها الملتقى الفكرى ، ولأنه تناول قضايا فكرية خطيرة بت فيها بالرأى وقطع فيها بالحجة المنهج الذى جرى كالخيط المتصل فى حديث الدكتور منصور سمته وطابعه الغالب الفصل بين الفكر والتطبيق ، بين النظرية والعمل ، سأدخل فى باطن هذه النتيجة فيما بعد بقدر ما لاحظت من تفاصيل ، وفى رأيى أن هذا المنهج الفكرى هو الذى صاغ الملتقى الفكرى على الهيئة التى خرج بها بما طرح من قضايا وما قدم من حلول من قبل مهندسى هذا الملتقى ، فالنظرة السريعة لجدول أعمال الملتقى تدعم هذه الحجة اذ أن القضايا المطروحة قدمت بصورة مطلقة وبطريقة معزولة عن أخطر المشاكل التى تواجه الفكر العربى والعمل العربى على حد سواء .
وفى رأيى أنه من المستحيل مناقشة القضايا النظرية للثورة العربية بعيدا عن المشكلة الجوهرية التى تواجه الجماهير العربية ، وأعنى هزيمة يونيو 1967 . وما دفعت به من قضايا على رأسها الاحتلال الأجنبى للأراضى العربية ، وما تفرع من هذا الواقع من مشاكل فكرية وعملية . ,
لقد وقعت حرب يونيو ، لا ينفى من وقوعها حقيقة أنها حرب خاطفة حس م أمرها فى ستة أبام أو أقل من ذلك بكثير ، كما لا ينفى نتائجها الادعاء بأن الجماهير . لم تشارك فيها . وكل الحجج التى قيلت تبريرا لواقع الهزيمة لا تنفى ذلك الواقع و تقلل من ثقله والحرب هى الامتحان العسير الذى لا تخطىء مقاييسه ، لا فى تقييم الأجهزة العسكرية وحسب بل فى تقييم الأجهزة الاقتصادية والسياسية والفكرية .
وحرب يونيو طرحت للتفكير وللتفهم النظرى كافة أوجه النشاط الثورى العربى خلافا لحرب 1948 . فالصوت العالى فى عام 1948 كان للقوى الرجعية بينما كان الصوت المدوى عام 1967 للقوى الثورية العربية .
فكيف اذن يمكن مناقشة الأرضية التى التى تتحرك منها الثورة العربية مثلا أو المرتكزات الفكرية والروحية لها -
الى نهاية جدول الأعمال الذى وضعه مهندسو الملتقى الفكرى بعيدا عن واقع الهزيمة ، وما أثارت من رؤى جديدة وما أجرت من تحديات للفكر الثورى العربى .
العقبة الأساسية :
لا يستطيع الانس ا ن أن يفهم فكرا اشتراكيا يتناول قضايا الاشتراكية ويبحث عن التراث الروحى والفكرى للثورة العربية بعيدا عن المعاناة العملي ة للجماهير العربية فى هذه اللحظات الحاسمة من تاريخها . كما أن هذا بعيد أيضا عن منابت الفكر الاشتراكى الجاد فى البلدان العربية وهو الذى نما عبر نضال طويل وقدم وفق قدراته الحلول للجماهير العربية وهى تخوض معاركها المختلفة بطريقة تحترمها الجماهير وترد على تساؤلاتها ان لم يغرز أرجله فى تربة الوطن وبين معاركه التاريخية الحاسمة . فقد طرح واقع الهزيمة بحدة أمام الجماهير العربية حقيقة أن الاستعمار الحديث وفى مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية هو الذى يهدد الوجود العربى وهو العقبة الأساسية أمام انطلاق حركة الثورة العربية. الجماهير العربية تنتظر من مفكريها الجادين أن يمدوها بالزاد النظرى لتجمع قواها وتستجمع أوصالها فى معركة هائلة ضد هذه العقبة الخطيرة التى تسد المنافذ أمام الثورة العربية. وقد كان ملاحظا من الكثير أن السيد وزير الشباب - هو الذى يطرح بحكم توليه أمر الندوة وجهة نظر الشعب السودانى . جاء خطابه خاليا من هذه القضية الجوهرية. وعندما يشير السيد الوزير من بعيد الى تلك القضية ، يطرحها بطريقة غامضة كحديثه عن الضغوط الأجنبية والنفوذ الأجنبى .
استشهادا بقول الرسول (صلعم) "أعوذ بالله من علم لاينفع " . ورجوعا الى النظريات الثورية الحديثة وفى مقدمتها الماركسية اللينيينية , والنظرية مرشد للعمل ، ونجد أن الفصل بين الفكر والعمل قاد الى تقديم الندوة بهيئة لا تتمشى واحتياجات الثورة العربية فى ظروفها الملموسة الراهنة . والملتقى بهذه الهيئة لن يضيف الى محصول ندوة الجزائر عام 1967 ، كما اننى أشك كثيرا فى تأثيره على حركة النضال الشعبى العربى .
لقد نشأ هذا الموقف فى تقديرى من المنهج الذى سلكه السيد الوزير فى معالجة قضايا العمل الثورى كما اشرت من قبل . فهو يطرح المنهج السوسيولجى على حد تعبيره بداية بالنظر فى التراث العربى ونهاية بمعالجة قضايا الماركسية اللينينية . وهذا المنهج ليس جديدا على الفكر البشرى ، بل هو يمثل مرسة كاملة بين مفكرى أوربا الغربية فى فرنسا وبين خريجى معهد ماساسوتش للتكنلوجيا (فى الولايات المتحدة) . محتوى هذا التفكير أنه يفسر المجتمع ، تفسير التاريخ ولكنه يحرر كل نظرية اجتماعية من محتواها الثورى . فالمعرفة فى نظره ان كانت تراثا قوميا أو انسانيا لا تعالج بوصفها محصول الجهد البشرى الثورى فى اكتشاف قوانين الطبيعة وتطويعها لارادة الانسان ، وفى اكتشاف قوانين التطور الاجتماعى والقوانين الباطنية لتطور الفكر بل تجرد من الحركة وارادة الانسان فى التغيير وسعيه الدائب للاستحالة والتغ ي ير من حالة الى أخرى . وقد ورط هذا المنهج السيد الوزير فى أخطاء منهجية كبيرة . فالملتقى حسب ماأعلن عنه ، ملتقى للمفكرين الثوريين العرب ، والثورة هى التى تغير المجتمع . ان السوسيولوج يا تبحث عن تفسير المجتمع أصابت النجاح أم لقيت الفشل . ولكن الفكر الثورى لا يضع تفسير المجتمع وحسب بل يستهدف من التفسير وبارادة كاملة اكتشاف القوانين التى تغير المجتمع والعمل لا حداث ذلك التغيير أو الثورة . وفى هذا تكمن منعة النظريات الثورية التى تثير ضجة كبرى فى عالم اليوم ، وتترك أثار أقدامها واضحة على الأرض التى تعبر من فوقها البشرية فى موجات متتابعة للوصول للمجتمع الفاضل .
تصور خاطىء
بهذا التصور الخاطىء اقترب السيد الوزير من قضايا عصرية مقدمة فكان أمرا طبيعيا أن يصل الى نتائج ممعنة فى الخطأ . لقد صور الوزير الفكر الماركسى فى هيئة التحليل النقدى الأكثر تطورا للمجتمع الأوربى المسيحى ، وهاجم المثقفين اليبراليين من العربالذين يرفضونه بغباء وان كانت الماركسية كما صورها الدكتور منصور تحليلا ناقدا للمجتمع الأوربى المسيحى ، فما غناها لمفكر عربى يريد تغيير مجتمع ليس أوربيا وليس مسيحيا ؟
وفى اعتقادى أن المنهج السوسيلوجى الذى يتبعه الدكتور الدكتور منصور هو الذى أوقعه فى هذا التناقض البادى للعين . وباعد بينه وبين الحقيقة . صحيح أن الماركسية نشأت فى أوربا فى القرن التاسع عشر ولكنها كانت فى شقها الاجتماعى الاقتصادى تحليلا ناقدا للمجتمع الرأسمالى . والرأسمالية كما يدرك كل متعلم ليست جنسيتها قاصرة على أوربا ، كما أن دينها - ان كان لها دين - ليس قاصرا على المسيحية . لا أريد أن أرجع الى الشواهد التاريخية فى تطور العلاقات الرأسمالية عبر تاريخ الانسانية حجة على ما أقول ، اذ أن مثل هذه الشواهد أصبحت من بين المعلومات العامة التى ي د ركها كل متنور .
ولأن الدكتور منصور يحلل تطور المجتمع الانسانى ونضال الجماهير من أجل التقدم على أسس حضارية متعارضة فهو يقدم صيغة غريبة للمفكرين العرب فيما يخص النظرية الماركسية .انه يدعو لقبول علاقات الانتاج فى المجتمع الاشتراكى مع رفض الجوانب الفلسفية الماركسية والتى حددها فى "نظرية الحركة عن طريق النقائض ، والنظرية الجبرية التاريخية ، وفكرة نهائية العلم والرؤيا المستقبلية للمجتمع المذهبى" . وقد استشهد فى دعوته بالتجربتين المصرية والجزائرية . وكان الدكتور الداعية للتفسير الحضارى يصور الفلسفة الماركسية جزءا من الحضارة الأوربية المسيحية التى لا يقبل ها التكوين العربى ، فى حين أن القسم العملى منها الذى لا يؤثر على حضارتنا (الاقتصاد) يمكن قبوله . هذا فى تقديرى تصور متعسف للنظري ة الماركسية ، وهى كل لا يتجزأ . فالتنظيم الاقتصادى على الخط الماركسى نتيجة منطقية للمنهج الماركسى فى المعرفة ومحصول طبيعى لكل من المادية التاريخية والفكر الجدلى وهما لب الم ا ركسية . اذا رجعنا الى كتاب رأس المال - ومكانته معروفة فى الفكر الماركسى - نجد أنه تحليل نقدى للانتاج الرأسمالى ولكنه فى نفس الوقت تجسيد للتفسير المادى للتاريخ ، والمنهج الجدلى الماركسى . وما كان لمؤلفه أن يصل الى نتائجه التى يقبلها الدكتور منصور منظمة للاقتصاد العربى الحديث ، من غير أن يتوسل اليها بأدواته الفلسفية . ان النظرية الاقتصادية لفائض القيمة التى يقوم عليها تنظيم المجتمع الرأسمالى هى السند لفكرة الصراع الطبقى وهى التى تؤدى فى نهاية الأمر الى الى تصور الماركسية لحرية الانسان وزوال غربته فى المجتمع اللا طبقى . فكيف يمكننا أن نخرج الاقتصاد الماركسى من هذا النس ي ج الدقيق كما نخرج الشعرة من العجين ؟
نظرية علمية شاملة :
أن الفكر العربى مدعو اليوم لمواجهة مشاكل جماهيرية ملموسة . مدعو لطرح نظرية علمية شاملة تواجه الاستعمار الأمريكى والصهيونى فى الأرض العربية ، تعيد استكمال الحرية الوطنية ، ومواجهة فى الشق الاجتماعى لطرح نظرية تخرج الجماهير العربية من الفقر والشقاء والتخلف الى رحاب المجتمع الاشتراكى ، والنظرية الماركسية منهجا وحصيلة عمل يقدم تحليلا ناقدا للاستعمار الأمريكى والصهيونية . ويقدم دعوة واضحة لاتحاد الجماهير الكادحة فى النضال ضد تحكم الطبقات الرجعية العربية ومن أجل الاشتراكية . وأزمة مجتمعنا ليست أزمة حضارية كما يحتج الدكتور منصور بل هى أزمة المنظمات الثورية والفئات الاجتماعية النشطة فى حقل الثورة السياسية والاجتماعية ، تلك الأزمة التى تحول بينها وبين قيادة الجماهير لحل مشاكل الثورة الوطنية الديمقراطية العربية ثم الانتقال لبناء الاشتراكية . وفى هذا التضال لا مفر من طرح الماركسية اللينينية . وحركة الجماهير هى الحكم . وهى التى تقرر الطريق الذى تسلكه دون وصاية ولا احتكار لمفكر او غير مفكر .
وفى هذا الفرز المبتسر للجانب الاقتصادى للماركسية والجانب الفلسفى منها تورط أيضا السيد الوزيرحينما صور الجانب الفلسفى فى الماركسية على الهيئة التى أورتها من حديثه . لقد هوجمت الماركسية تقليديا بأنها تدعو لجبرية التاريخية وتحجب ارادة الانسان فى تغيير مجرى التاريخ . وهذه حجة قديمة مردودة اذ أن ماركس قدم القاعدة المادية بوصفها الحاسمة فى تطور التاريخ بين عدة عوامل أخرى فى التركيب الفوقى للمجتمع . وهذه ميزة كار ماركس الكبرى كعالم اجتماعى دفع بالتاريخ الى مجال الوضوح النسبى وأخرجه من متاهات الاستنتاجات الذاتية التى تفقد المقياس والمؤشر فى نهاية الأمر . وعندما يقول ماركس بأن نظريته لا تدعو الى تفسير المجتمع بل الى تغي ي ره . وعندما يطرح للقوى الاجتماعية المكلفة تاريخيا بتغيير المجتمع شعاره المعروف : يا عمال العالم اتحدوا ، فانه يفتح الباب على مصراعيه للارادة الانسانية المدركة لذاتها أن تتدخل وتصوغ تاريخ البشرية وفقا لمتطلبات التقدم لا أظن بأننى سآتى بحجة جديدة فى دحض ما أقول . فكلانا يغترف من ماعون اغترف منه الكثير خلال أكثر من قرن من الزمان . أما فى نظرية الحركة فان اسهام ماركس الفلسفى لم يرد فى حيز نظرية المتناقضات التى سبقه اليها أستاذه هيغل بل ترد على وجه التحديد فى أنه قلب جدلية هيغل رأسا على عقب وأخرجها من حيز التفكير الميتافيزيقى الى حيز التفكير المادى والفلسفى المادية . والخطأ الذى وقع فيه دكتور منصور خطأ شائع وذائع أمره بين الكثير من المثقين الذين قرأو ا عن الماركسية ولا يقرأونها .
ويكفينا هذا وسأعود فى مناسبة أخرى لمناقشة قضية "نهائية العلم" كما فهمتها من حديث الدكتور منصور .
المنهج السوسيولوجى :
ولقد أورد المنهج السوسيلوجى الدكتور منصور موارد الخطأ أيضا فى تفسيره لا تجاهات فكرية عربية قديمة وحديثة على السواء . أن ملتقى المفكرين من الثوريين العرب تطرح أمامه بالحاح قضية النظرية الثورية التى يمكن أن تقود الجماهير العربية الكادحة فى النضال ضد الاستعمار الحديث والصهيونية ، وفى سبيل استكمال الثورة الديمقراطية والتوجه نحو الاشتراكية . وعندما يعرض هذا الملتقى لتراث العربى فانما يعرض له ليفرزه وليبنى من فوقه الأفكار الثورية الاجتماعية والسياسية . بين تراثنا نظريته الثورية لتغيير المجتمع العربى فى الثلث الأخير من القرن العشرين ومن فوق واقع الاحتلال الجاسم على صدر الأمة العربية . لا ينكر أحد أن الفكر العربى فى سالف أيامه أسهم اسهاما كبيرا فى ميادين الرشد والعلم . فابن خلدون توصل الى نتائج جزئية فى علم الاجتماع , بل يمكن القول بأنه تصدى للتفسير المادى للتاريخ بقدر محصول عصره من المعرفة . وكل من أورد الوزير ذكره من العلماء الأجلاء أسهم بقسطه فى تنمية المعرفة وفى اثراء منهج العلم القائم على التجربة . لا جدال فى هذا . ولكن العلم يولد تقليديا نظرية ثورية تكون الجماهير العربية زادها وعدتها فى المعركة المصيرية الراهنة . ان العلم ، وقد استقر بين الفكر الأوربى خلال فترة النهضة ثم فترة التنوير والثورة الصناعية لم تتولد منه بصورة عفوية النظرية الثورية التى نقدت المجتمع الرأسمالى ، بل أن ارادة الانسان وفعالية الفكر وتعمده هى التى ولدت النظرية الاشتراكية بعد أن تهيأت لولادتها الشروط الموضوعية اللازمة . ان استكشاف الجوانب المضيئة فى حضارتنا العربية ووضعها فى مجرى الحضارة الانسانية أمر لايختلف حوله اثنان . ولكن المشاكل التى تواجهنا عموما تقع فى ميادين أخرى غير هذا الميدان . فالصدام بين الشعوب العربية والاستعمار الأمريكى لا يرجع لصراع بين الحضارة العربية والأمريكية . بل يرجع للطبيعة التوسعية للنظام الرأسمالى الأمريكى . وتخلف مجتمعاتنا فى القرن العشرين وقصورها عن تحقيق مجتمعات اشتراكية متقدمة لا يرجع لتنكبنا طريق السلف الصالح أو لننا أولينا ظهورنا لمجتمع فاضل كنا نعيشه فى الماضى ولكن لأننا لم نستطع أن ندخل الوعى الاشتراكى بين جماهيرنا الكادحة المجاهدة، وأن نفجر طاقاتها لتهدم العلاقات الاجتماعية القديمة وتبنى فوقها علاقات متقدمة تستشرف الاشتراكية . ومايفيد من تراثنا فى هذا الميدان هو ما بذل الثوار العرب عبر تاريخنا الطويل فى سبيل نصرة الحق ، والتصدى لمشاكل الجماهير العربية المغلوبة على أمرها . وما قدم أولئك الثوار من نظريات تدعو لتقدم المجتمع وتطوره والتفكير العلمى الذى وطد أركانه المفكرون والعلماء العرب الذين ذكر السيد الوزير طرفا من أخبارهم يمكن فى حركة البعث العربى المعاصرة أن يسهم بدوره فى اقرار العلم منهجا للفكر الثورى الداعى لتغير المجتمع والعامل فعلا لذلك التغيير . كل ذلك يتم على أساس منهج نقدى يربط حاضر حركتنا الشعبية بماضيها .
حاضر الفكر العربى :
وهذا الخلط فى فهم مايدخل من تراثنا فى بنية النظرية الثورية التى تقود حركة الجماهير العربية - وهو خلط ناتج عن المنهج الخاطىء الذ سلكه الدكتور منصور خالد - قاد صاحبه أيضا الى أخطاء فى تق ي يم حاضر الفكر العربى . فهو على سبيل المثال يورد سلامة موسى رائدا من رواد "الاسلوب الاشتراكى طريقا للحياة" ، وهذا خطأ تردى فيه المتحدث . ان اسهام سلامة موسى الحقيقى فى الفكر العربى هو طرحه للمنهج العلمى وتقديمه لنظرية النشوء والارتقاء الداروينية . ونستطيع أن نقول أنه والدكتور مندور كانا من رواد الفكر الليبرالى فى المنطقة العربية . صحيح أن الأستاذ سلامة موسى فى بعض ما أنشأ الى الاشتراكية ولكنه كان متأثرا بالاشتراكية الفابية التى سقطت فى معارك التحرر الوطن ي لأنها اشتراكية الأقسام العليا من الطبقة العاملة الأوربية المتشابكة المصالح مع الاحتكارات الاستعمارية . كذلك يظل تحليل الدكتور منصور قاصرا حينما يعرض للتجربة الثورية فى كل من مصر والجزائر ، وال م ؤثرات الفكرية التى أحاطت بهما ، ليقفز من فوق مقدمات تاريخية طويلة ليصل الى ما قبلت الثورتان من النظرية الماركسية وما رفضتا . ان هذه المقدمات هامة وخاصة فى تفهم الثورة المصرية . يمكننا أن نلخص هذه المقدمات فى قولنا بأن الثورة المصرية طرحت أفكار التقدم الاجتماعى بعد أن خاضت تجارب طويلة كثورة وطنية ضد الاستعمار البريطانى ومن بعده الاستعمار الأمريكى . خلال هذه التجارب حققت مصر استقلالها الاقتصادى وبدأت تواجه مشاكل التنمية الداخلية . ولكن الضغوط الاقتصادية ذات الطابع الاستعمارى جعلت من المستحيل تحقيق الأمن الوطنى والتقدم الاقتصادى من غير اللجوء الى قطاع الدولة فى الانتاج . وقد كان دخول هذا القطاع فى قيادة الاقتصاد المصرى وخاصة بعد اجراءات يوليو هو الأساس المادى للأفكار التقدمية والاجتماعية الجديدة . أعتقد أن هذا الطابع الوطنى ال ج اد للثورة المصرية هو الذى جعلها تميل فى الميثاق الى أفكار اجتماعية فيها كثير من الصلابة . وبها رفض قاطع للاشتراكية اليمينية الوافدة من غرب أوربا . والميثاق خلافا لتقييم الدكتور منصور يأخذ بعض الجوانب الفلسفية الماركسية كما صورها . فهو يقر المنهج الطبقى فى تحليل الحياة السياسية المصرية ! ويؤكد حتمية الحل الاشتراكى تاريخيا . كذلك نلحظ فى التجربة المصرية غياب نظرية شاملة ومنهج شامل قاد خطواتها للوصول الى أفكار التقدم الاجتماعى التى طرحت بوضوح فى الميثاق . أكد الميثاق هذه الحقيقة عندما أكد أن "هذا الشعب البطل بدأ زحفه الثورى من غير تنظيم سياسى يواجه مشاكل المعركة . كذلك فأن هذا الزحف الثورى بدأ من غير نظرة كاملة للتغيير الثورى ."
* ميثاق العمل الوطنى :
ان تقييم هذا العامل أمر هام بالنسبة لتقدم العمل الثورى العربى ، فبعض المفكريين اليمينيين يصنعون نظرية كاملة لتبرير غياب النظرية الشاملة فى العمل الثورى العربى استنادا الى التجربة المصرية . محتجين بأن الفكر العلمى يقوم على "التجربة والخطأ" وفى اعتقادى أن غياب النظرية الشاملة أضر بمسيرة الثورة فى مصر وأخر من خطواتها كما أنه حرمها فترة من اتخاذ مكانتها التاريخية بين النسيج الثورى فى المجتمع المصرى قبل ثورة يوليو . وقد كان وضع الميثاق ثم ما أعقبه من نشاط سياسى فى مصر تصحيحا لتلك الثغرات ، فعندما يطلع بعض المثقفين مبشرين الآن لغياب نظرية شاملة للتطور فانما ينسخون تجارب طويلة وحقبة غنية من تاريخ الثورة المصرية . والخطير على الفكر العربى هو احتجاج هؤلاء المثقفين بالتجربة والخطأ فى كل ميادين المعرفة الاجتماعية . ان مقياس التجربة والخطأ هو المقياس العلمى مافى ذلك شك . والمثقفون الداعون لذلك لا يضيفون جديدا الى ماهو معروف لدى كل من له قسطا قليلا من التعليم . ولكن التجربة والخطأ شىء والدعوة الى فقدان المنهج ، الى فقدان النظرية شىء آخر . الأول صحيح لأنه المقباس الوحيد لمعرفة صحة العموميات النظرية والثانى خطأ لأنه دعوة للتجريبية وهى فلسفة متكاملة تلغى وجود الحقيقة . والأخطر فى هذه الفلسفة أنها عندما تطبق فى العمل السياسى تفقده كل محتوى ثورى وتشكل عقبة خطيرة فى نضال نضال الشعوب وقضاياها . اذا طبقت هذه النظرية فى ميدان النضال الوطنى أنزلت عليه الخراب لأنها تحرم الشعوب من يقينها الواقعى فلا صديق للشعوب ولا عدو لها الا بعد التجربة . وان طبقت أيضا فى ميدان التغيير الاجتماعى نسفت كل جهد شعبى فيه ، فلا منهج يتبع ، كما أنه ليست هناك صيغة للمجتمع التقدمى أو الاشتراكى يناضل الشعب من أجلها .
فى رأيى أن تبرير الفترة التى غاب فيها منهج العمل الثورى فى مصر ، وتقديم نظرية لهذا الموضوع كما فعل الدكتور منصور فى وقت تجاوزت فيه التجربة المصرية هذه الفترة ، دعوة واضحة للتجريبية. وهذا خطر على نضالنا الوطنى ضد الاستعمار ، وعلى نضالنا الديمقراطى من أجل التقدم الاجتماعى والاشتراكية . وهو خطر أيما خطر فى فترة نحن أحوج مانكون فيها لنقد أنفسنا وللبحث العميق فى ذواتنا لكى نخرج بالنتائج السليمة من واقع هزيمة 1967 . وهو أيضا منهج خطير بالنسبة للثورة السودانية التى تأتى فوق مطامح عالية للجماهير الشعبية فى بلادنا وقد حرمت لأكثر من ثلاثة عشر عاما من جنى ثمار الاستقلال فى كل ميادين العمل السياسى والاجتماعى على حد سواء . ان نجاح التجربة الشعبية التى يخوضها شعبنا منذ الخامس والعشرين من مايو يشمل كل الجماهير الكادحة ويشركها فعلا فى النشاط الخلاق لتغيير الواقع الاقتصادى الى ثورة اقتصادية تصلح جذور التخلف . والتفكير البراغماتى الداعى لغياب نظرية شاملة للعمل الثورى يخلق هوة بين مطامح الجماهير وحركة الثورة السودانية لتلبية هذه المطامح . هناك رغبة مشروعة فى فى التغيير الاجتماعى الحاسم والسريع ، وهناك توقف انتظارا لاكتشاف الحقائق المتغيرة على الدوام وفقا للنظرات الذاتية العملية لدعاة الفلسفة البرغماتية .
لقد أطلت وشفيعى فى هذه الاطالة المملة أن حديث الدكتور منصور مس قضايا فكرية خطيرة ذات أثر على الثورة العربية والثورة السودانية رأيت من المهم التصدى لها ومانلتها جميعا . ولكل مقام مقال ولكل شيخ طريقته .
( عبد الخالق محجوب ‘ جريدة الأيام بتاريخ 22 مارس 1970 )
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
مع الدكتور منصور خالد في عوالمه الأخرى «1-2»
:!سأعود إلى بحثي في حقيبة الفن متى فرغت من سخف السياسة
الدكتور منصور خالد... رجل ملأ الدنيا وشغل الناس مثل صديقه القديم ابو الطيب المتنبي.. فهو شخص ذو أثر وخطر في حياتنا السياسية والفكرية والاجتماعية، سواء أكان عبر المناصب الوزارية الرفيعة التي تقلدها من قبل، ومن موقعه حالياً كمستشار سياسي لقائد الحركة الشعبية الدكتور جون قرنق، أو من خلال مشروعه الفكري الذي ظل يرفد به المكتبة السودانية بالجديد المثير والذي فيه يختلفون. . غير ان للدكتور منصور خالد عوالمه الأخرى رغم أنها لا تنفصل بشكل أو آخر عن السياق العام الذي اختطه لحياته، فمن خلال سياحتنا معه في بعض من عوالمه هذه عبر هذا الحوار المطول لمسنا تجليات لمشروعه الفكري والسياسي عليها.. وليس بعيداً تماماً عن «سخف السياسة» كما عبر الدكتور منصور جلست اليه ذات أمسية من أماسي نيروبي «المحتقنة» في غرفته بالطابق العاشر من فندق سفاري كلوب الانيق بوسط المدينة وهو يهمُّ بمغادرة كينيا صبحية اليوم التالي كعادته دائماً في الترحال. الإنتصاف للآخرين لا يعني إلغاء التاريخ والواقع!
علاقة فكرية
* حققت الثلاثية الماجدية قبل عامين تقريباً وهى من تراث اجدادك، وكانوا اقطاباً في التصوف السوداني، هل خطوتك هذه وليدة شغف قديم أم مستحدث لك بعالم التصوف؟ - ربما كان تعبير الشغف الذي استخدمته غير صحيح تماماً بالنسبة لعلاقتي بالتصوف، لأن اهتمامي به هو اهتمام فكري صحيح انني نشأت في بيئة بها متصوفة كما بها فقراء ايضاً ينكرون التصوف، وقد أتاح لي هذا أن استوعب اشياءً كثيرة ما كانت لتتاح لي اذا لم أعش في مثل ذاك الجو.. إهتمامي الفكري بالتصوف طغى أكثر خلال الفترة التي ساد فيها الهوس الديني، فقد الهمتني تلك الفترة ان أسترجع افكاراً ومواقف لرجال ثقاة سواء أكانوا من داخل اسرتي أو من اصدقائها. حتى استطيع على الأقل أن افهم ظاهرة الهوس الديني هذه، وربما ما خرجت به من استرجاعاتي تلك أن الهوس الديني غريب كل الغرابة عن جوهر الاسلام السوداني.
• لماذا إذاً الثلاثية الماجدية في هذا الوقت تحديداً؟ - كنت افكر منذ زمان باكر في المحافظة على بعض الذخائر النفيسة للأسرة، بتحقيق ونشر بعض منها وخاصة الشعر، لأن كثيراً من اهلنا كانوا شعراء ولهم تراث شعبي غزير، لكن كما ذكرت تفشى ظاهرة الهوس الديني جعلتني انظر لجوانب اخرى في هذه المواريث واعطيها الاولوية سواء أكان في بعض الرسائل أو في التجارب الحياتية لهؤلاء المشائخ والتي حاولت ان أعسكها في الثلاثية الماجدية، وقد كان هذا نتائجاً لظاهرة عشناها منذ آواخر الستينات.
لم أصل لهذه المرحلة ! * قلت إن علاقتك بالتصوف هى علاقة فكرية، نريد ان نعرف ما اذا كان لهذه العلاقة تجليات في حياة د. منصور الخاصة والعامة؟ - سيكون ادعاءً عريضاً اذا اعتبرت نفسي متصوفاً، لأن التصوف يتطلب درجة كبيرة من السمو الروحاني ونبذ كل شئ في هذه الحياة الدنيا، ويتطلب تسامياً عن عرض الدنيا، ولا أستطيع ان أزعم انني قد وصلت الى هذه المرحلة. لكن دون شك أنني تأثرت كثيراً بمواريث المتصوفة الكبار لأنها تحوي قدراً كبيراً جداً من التسامح قلما يتوفر في حالة الفقهاء، وربما كان النموذج الأكبر لهذا هو الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي عندما قال في قصيدته الشهيرة: لقد صار قلبي قابلاً كل صورة فمرعى لغزلان وديراً لرهبان وبيتاً لاوثان وكعبة طائف والواح توراة ومصحف قرآن أدين بدين الحب كله أنى توجهت ركائبه، فالحب ديني وايماني
هذا التسامح الذي يجعل المتصوف يستوعب كل شئ ويقبل كل الاديان هو في رأي الغلاة كفر صراح، ولكن في اعتقادي ان هذه هي القراءة الصحيحة للإسلام الذي يقبل الصابئة والذين هادوا وتنصروا وأشركوا.
* واضح احتفاؤك الكبير من خلال كتاباتك بالشيخ الأكبر محي الدين بن عربي. هل ينبع ذلك من كون ابن عربي تجريدي في تصوفه عكس الامام ابو حامد الغزالي الذي يطغى الجانب العملي على نظرته في التصوف والذي يلاحظ ان هناك جفوة بينك وبينه؟ - يبتسم ثم يجيب: لدى جفوة مع الغزالي لانه في اعتقادي ارتكب أكبر جناية على الفكر الاسلامي لأنه أوقف تطوره بموقفه من الفلاسفة وتشهيره بهم وهو أول من ابتدع التشهير بالمخالفين في الرأى.. واذا ما كان اكتفى بالخلاف فقط لكان هذا مقبولاً بالنسبة لي، ونتيجة لموقف الغزالي هذا توقف تطور الفكر الاسلامي حتى ظهر ابن رشد، ولكن مع ذلك لا يستطيع المرء ان ينكر دور الامام الغزالي في أشياء كثيرة في ما يتعلق بنظرته للحياة بصورة عامة ونظرته للفن، فله ومضات وهو دون شك نموذج للمتصوف الفقيه، رغم قوله «إن العلم نور يقذف به الله في القلوب» بمعنى انه لا يأتي بالاجتهاد .
بيني وبين المرأة * الشيح محي الدين بن عربي يقول:«إن المرأة معراج روحي من نوع خاص» اين المرأة في عالم الدكتور منصور الخاص؟ - لي رأى ان المرأة هى الانسان، واقتبس دائماً مقولة الروائي الالماني الشهير «توماس مان» Men are Men and Women are Men رغم ان المرأة ترمى كثيراً بحب السيطرة.. ولكن في حقيقة الأمر أن الرجل هو الذي يحب السيطرة لأنه هو الذي يطمع في القوة ويسعى لاستغلالها. المرأة هى امتداد للحياة وحريصة على استمراريتها أكثر من الرجل.
* اذاً اين المرأة بعد كل ذلك في حياتك؟ - المرأة هى الام، والاخت، والصديقة، والزوجة وانا ظللت أولي اهتماماً كبيراً على المستوى العام وفي كل المجالات التي عملت فيها من أجل الانتصار لها. * اذا سمحت لنا بالتوغل في الخاص قليلاً، انا سمعت عن مشاريع زيجات للدكتور منصور لم تكتمل، لماذا؟ - هذه قضايا لاتعني الناس كثيراً. • لكن د. منصور ملأ الدنيا وشغل الناس؟ - يضحك.. ارجوك ان تعفيني من هذا السؤال.
لا أريد الابتداع !!
* يأخذ عليك كثيرٌ من مثقفي التيار الاسلامي في السودان وغيرهم من المثقفين، أنك كثير النقد للتنزيلات الاسلامية لهذا التيار في الحياة العامة والحكم وتصفها بأنها ليست الاسلام الصحيح، وهم يطالبونك بأن تأتي بهذا الفهم الصحيح للإسلام؟ - يجيب بعد صمت.. انا لم اطرح نفسي كبديل اسلامي، كما أنني لم أدع بأنني اريد أن اقدم بديلاً اسلامياً، كل الذي أريد ان اقوله من خلال كتاباتي اننا نعيش في عالم له قيمه وقد جُربت واثمرت عنها مؤسسات اتضح انها الانجع حتى الآن، كما اصبحت هناك معايير اخلاقية للسياسة والحكم جربت ونجحت. وانا انادي من هذا المنطلق بتطبيق هذه المعايير، ولا أريد ان ابتدع شيئاً وعندما أتناول ما يأخذه عليَّ الاسلاميون، أو اليساريون أتناوله على أساس أنه محاولة لرفض المنظومة الفكرية والاخلاقية لتقديم بديل أثبتت التجارب فشله. اذاً انا انتقد بدائل الآخرين، فأنا مقتنع بما هو مطروح في عالم اليوم في ما يتعلق بالديمقراطية الليبرالية وحقوق الانسان التي تنصصت في العهود الدولية، والنظام الاقتصادي المطروح، وأنظمة الحكم من برلمان واستقلالية للقضاء وغيرها فجميع هذه القيم والمفاهيم ترسخت وأنا اطالب بتطبيق هذه المفاهيم، لذلك من يقولون بأنني لم أقدم بديلاً اسلامياً اقول لهم بأنني لم أزعم أنني سأقدم هذا البديل. أنا فقط انتقد تجارب محلية اعتقد أنها تجارب خائبة وأسعى الى التنبيه بعدم الاستمرار فيها. من يقولون عني هذا هم كالذين ينتقدون نقاد الأدب ويقولون انهم لا يجيدون كتابة الشعر.
* لكن هناك رؤية حديثة تقول إن انسب وأنجع طريقة لتوطين القيم الانسانية والخبرات التي تحدثت عنها في تربة واقع مثل واقعنا، وشعوب مثل شعوب العالم الثالث والعالم الاسلامي، هى ان تستل هذه القيم من داخل فضائهم القيمي والاخلاقي؟ - هذا صحيح ولا اعتراض لي على هذا الاسلوب مطلقاً لأن أى افكار تنقل من بيئة غير بيئتها لتستنبت في بيئة مختلفة سيكون مآلها الى الذبول.. ولكن هناك فرقاً بين التلفيق والاستهبال وبين الاجتهادات الناجعة والحقيقية لترسيخ القيم الانسانية في بيئتنا، كأن يقول قائل بان الديمقراطية موجودة في الاسلام لأن هناك آيات وأحاديث تتحدث عن الشورى؟ فهذا تلفيق نحن نعرف تاريخ الشورى منذ سقيفة بني ساعدة، اذ لا شأن لها أو علاقة بالديمقراطية الليبرالية التي نتحدث عنها، لأنها شورى لا مكان فيها لمن يسمون بالعبيد، ولا للمرأة، هى شورى قاصرة فقط على نخبة محدودة من سادات قريش في ذلك الوقت وحتى المسلمون خارج مكة والمدينة كانوا يسمون بغوغاء الامصار وهذا حدث عندما جاءوا للمطالبة بحكم سليم في عهد سيدنا عثمان بن عفان، إذاً لا يمكن مطلقاً ان ندعي بأن هذه هى الديمقراطية الليبرالية التي يتحدث عنها عالم اليوم، ولكن يمكن ان نعتبرها تجربة متقدمة في سياقها التاريخي لان في ذلك الزمان كان الحكم عبارة عن ملك مقدس وموروث، وكانت على الأقل بها درجة من الشورى ولو على أضيق نطاق لكنها كانت تستثني اليهود والمسيحيين والعبيد والمرأة كما أسلفت.. ولكن الآن تطور العالم وتطورت خبرة الانسانية بموجب معايير جديدة وعلينا تطبيق هذه المعايير. هناك فرق بين ان نستلهم التجربة التاريخية وبين أن ندعي بأن الشورى هى صورة مطابقة للديمقراطية الليبرالية، أو بأن الشورى هى أول ديمقراطية في العالم . هذا غير صحيح.
في حضرة الحقيبة • عرفت أنك تعد كتاباً عن حقيبة الفن، ما هى طبيعة علاقتك بالحقيبة، هل تنبع من ام درمانيتك أم تتذوقها باعتبارها فناً راقياً وأصيلاً؟ - الاثنان معاً، فلو لم أكن أم درمانياً لما عشقت الحقيبة، لانها نشأت في ام درمان، وان كان كثير من الشعراء الذين اسهموا في رفدها من خارج ام درمان. صحيح انا اعد في كتاب عن الحقيبة الآن وتعود فكرته والعمل فيه الى عهد بعيد مع المرحوم البروفيسور على المك، فقد كان صديقاً عزيزاً لي، وهو رجل فنان ومحب للموسيقى والغناء والفنون بصورة عامة وعاشق للحقيبة بشكل أخص، ولدىَّ تسجيلات قيمة ورفيعة شارك فيها المك مع المرحوم الفنان عبدالعزيز محمد داؤود واتمنى ان تكون جزءاً من الكتاب الذي آمل ان أنجزه متى ما فرغنا من سخف السياسة؟! يضحك.
* هل مادة الكتاب متوفرة تماماً بالنسبة لك؟ - نعم كل مادة الكتاب متوفرة لدىَّ، أما فكرته فقد كانت أساساً عبارة عن عمل توثيقي يشتمل على التسجيلات الصوتية، وثانياً النصوص الشعرية وشروحها، وثالثاً فذلكة عن الظروف، والملابسات التي قيلت فيها هذه النصوص. وقد بدأنا بحديث عن المائة أغنية الخالدة.. ولكن تكشَّف لنا بعد قليل ان اختيارنا هو اختيار ذاتي به شئ من العسف. وان الاغاني الجديرة بأن تخلَّد أكثر من مائة أغنية، لذا قررنا أن نبدأ بالمائة الأولى ثم نتبعها بأخرى الى ان يقضى الله امراً كان مفعولاً.
* هلاَّ كشفت لنا عن بعض من هذه المائة الأولى؟ - أغلب الاغاني لصالح عبدالسيد ابو صلاح، والبنا وسيد عبدالعزيز وعبيد عبدالنور، ومحمد بشير عتيق، وعبدالرحمن الريح، والمساح، وقليل من القصائد لبطران.
* كثير من شباب الفنانين الآن وقليل من كبارهم قاموا بعمل معالجات موسيقية وادائية لاغاني الحقيبة، هل استمعت لهذه النماذج، كذواق وعاشق للحقيبة ما رأيك في تجربتهم هذه؟ - استمعت لبعض منها، فالمعالجات تختلف من تجربة الى اخرى، بعض منها في اعتقادي كان ناجحاًً جداً فلا يمكن أن نوقف التطور في أى شئ. ولكن بعض هذه المعالجات مسخ الاغاني في تقديري مسخاً كاملاً.. وقد دار حوار بيني وبين المرحوم على المك ثم بيني وبعض الاصدقاء لاحقاً حول ايهما الانجع، هل نسجل اغاني الحقيبة بنفس الطريقة التي كانت تؤدى بها في الماضي ونستخدم نفس الآلات الموسيقية التي كانت مستخدمة في الماضي. أم نطورها حسب العرف السائد الآن، وربما كان في كلا وجهتي النظر وجاهة، فاذا اردنا ان نلجأ للخيار الأول لن نزيد عن كوننا وفرنا للمكتبة الموسيقية نسخة اضافية لما هو موجود فيها، واذا لجأنا للخيار الثاني وهو خيار التطوير الموسيقي سنجعلها اقرب الى اذن المستمع المعاصر، واتفقنا في نهاية الأمر ان ننوِّع في التسجيل، بان نبقى على طبيعة بعض الاغاني الاصلية، ونلجأ لإستخدام الاسلوب الموسيقى الحديث في البعض الآخر.
بوتقة ام درمان • كذواق للحقيبة وباحث فيها، هل أنت من انصار المدرسة التي تعتبرها جوهر الخبرة الغنائية السودانية؟ - لابد لنا عندما نريد ان نتحدث عن الخبرة الغنائية السودانية ان نحدد أولاً ماذا نعني بالسودان! بلا شك الحقيبة هى جوهر الخبرة الغنائية للسودان الشمالي النيلي. وانا هنا استثني شرق وغرب وجنوب السودان.
* لكن بعض المثقفين من هذا النطاق الجغرافي الذي حددته يقولون إن الحقيبة هى معبر عن ثقافة ام درمان فقط ويرفضون فكرة انها تعبر عن السودان الشمالي النيلي؟ - ليس هناك شئ مجرد اسمه ام درمان.. ام درمان هى البوتقة التي اجتمعت فيها كل قبائل السودان واعراقه، واذا نظرت الى الحقيبة من هذا المنظور الاثني ستجد انها كانت تعكس من خلال الايقاعات حساً موسيقياً لمجموعات معينة، فمثلاً مجموعة الموردة واغلبهم ينحدر من اصول زنجية كان ايقاع موسيقاهم يختلف عن ايقاع واداء مجموعة حي العرب، وكذلك عن مجموعة ابوروف وغيرها وهكذا.. من هذا المنظور تجد أن اغاني الحقيبة تعكس ليس التنوع بالنسبة للسودان الشمالي النيلي ككل وانما حتى التنوع داخل السياق الام درماني المحدود.
* هناك من يعتبر الحقيبة تجلياً من تجليات الثقافة العربية الاسلامية المستعلية في السودان، بناء على هذه الرؤية ألا تعتقد ان احتفاءك الزائد بها فيه تناقض مع مشروعك الفكري الرامي للانتصاف للمجموعات السكانية الأخرى؟ - اقول بكل بساطة إن الانتصاف للآخرين لا يعني الغاء التاريخ والواقع، فالحقيبة واقع تأثرت به انا وتأثرت به مجموعات كثيرة ويمكن ان تتأثر به ايضاً هذه المجموعات الاخرى التي احاول الانتصاف لها. تماماً كما تأثرت الموسيقى في الشمال بالايقاع القادم من جبال النوبة أو من الجنوب. فالتمتم يعود اصله لجبال النوبة، وموسيقى الجيش «المارشات» اغلبها جاء من الجنوب.
جريدة الصحافة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
حوار: كمال حسن بخيت
وفي الحلقة السادسة والأخيرة في الحوار مع الدكتور منصور خالد.. نحاول ان نسبر اغواره الخاصة كيف يرى مسيرة حياته وما هي اهتماماته الخاصة.. نبهنا رثاؤه للفنان الراحل خوجلي عثمان إلى الجانب الآخر من الدكتور.. هل يستمع للغناء؟ هل احب؟.. من هم اصدقاؤه واحباؤه الذين يصطفيهم؟ وما موقعه من الذين يحرمون فن الغناء والرقص؟.. وكيف ينظر إلى المرأة.
وفي ثنايا ردوده يقول: لو كان لي ان اعاود حياتي لحرصت ان اكون اقل اهتماماً بالسياسة ويضيف «ما اكثر الكبار من ورثاء المرضى منْ مَنْ لم ينعم الله عليهم بالستر من بهدلة الكبر» ويتحدث عن الغناء الراحل خوجلي عثمان فيقول انه كان يضفي على حياتي نضارة يتباهج نوارها.
ويقول الدكتور خالد للذين يمنعون الغناء «احرقوا ديوان العرب» ويتساءل مستنكراً من أين اتى هؤلاء بتلك الطهرانية.. والسودان يمارس فيه الرقص المشترك؟! ـ من منظورك النقدي الراهن. كيف تنظر إلى مسيرة طبيعة حياتك؟ ـ احسبها طبيعية. فكل مرحلة لها ظروفها وبواعثها. ولربما لو كان لي ان اعاود حياتي من جديد لحرصت على ان اكون اقل اهتماماً بالسياسة. لا سيما السياسة التي خبرتها في السودان.
خاصة في الحاضر اكثر منه في الماضي. فأهل الماضي مع كل نقدي الاسترجاعي لممارساتهم كان يردعهم خلق قويم حتى رحلوا عن الدنيا خفافاً. كما كانوا يتناءون عن ما يعيب. عن اولئك عبر الشيخ الصادق محمد احمد المرضي عندما شهد بعض صحبه يتساقطون في عهد عبود فقال قولة شهيرة: «الله يسترنا من بهدلة الكبر». وما اكثر الكبار من ورثاء المرضى الذين لم ينعم الله عليهم بالستر من «البهدلة» ومن بلغ من الكبر عتيا.. وما اكثر غيرهم من بلاطجة السياسة في احزاب اخرى لا يحسن الواحد منهم الا الشر. مثله مثل عمرو بن العاص في قول عبدالله بن عباس: «له يدان يد لاتنبسط بخير ويد لا تكف عن شر». هذا دون ان تكون لذلك الشرير بلاغة عمرو او دهاؤه إلا ان حسبنا «التشاطر البدائي» دهاء سياساً. هذا البعض يصدق عليه كثيراً قول الرئيس ريغان «السياسة هي ثاني اقدم مهنة في التاريخ» ومن تجربتي الخاصة بين المهنة الاولى والمهنة الثانية وجه شبه كبير.
ـ كان أمراً ملفتاً عندما كتبت عن الفنان الراحل خوجلي عثمان.. ابان ان لك علاقة وثيقة بمحيط الفن والفنانين.. كيف تنظر الى موقع الفن ودوره في الحياة؟
ـ صحيح.. كتابتي عن خوجلي كانت تعبيراً عن الحزن على فقد صديق وديع بأسلوب جائر وهمجي، كما هو تعبير عن مرارة احسست بها من الانحدار الفكري الذي يقود له الهوس، خوجلي واحد من اهل كانوا ـ ومازال بعضهم ـ يضفون على حياتي نضارة يتباهج نوارها اما اكثرهم قرباً لي فكان ابو داوود ورفيقه برعي دفع الله وخله الوفي علي المك.. الفن الغنائي ـ كما قلت واقول ـ لعب دوراً في توحيد اهل السودان لم تلعبه السياسة، والفن وحد الوجدان، والسياسة ـ كما عرفناها ـ عملت على انشطاره. رويت من قبل قصة الحارس الذي يرافق قرنق، فتى من بور لا احسبه قد زار الخرطوم، كان يجلس في ركنه القصي يستمع لأغنية شدت انتباهي، فسألته من اي مكان الفنان؟
قال: حيدر بورتسودان، قلت لنفسي: فوق كل ذي علم عليم، فما عرفت قبلها ان بورتسودان قد انجبت لها حيدراً. فهذا الفتى نموذج لكثير غيره في الشرق والغرب والجنوب وحد الغناء وجدانهم.. الغناء السوداني، لا الغناء العربي أو الافريقي.
ـ ما هو رأيك في المواقف التي تعارض الفن، وتعمل على قمعه خاصة فني الغناء والرقص في السودان؟
ـ سؤالك هذا يعود بي إلى ما كتبت في رثاء خوجلي، بل رثاء الغناء السوداني كله بعد ما اصابه على يد مهووسين سعوا لتمزيق اوصاله باسم الفضيلة والطهرانية، لهؤلاء قلت احرقوا ديوان العرب كله بما فيه من خمريات، اذ لم يبلغ أي واحد من شعراء الغناء السوداني في تشبيهه وخمرياته ما بلغه امرؤ القيس وابو نواس وبشار، وحتى ما يسمونه الرقص المختلط لا يسميه هكذا إلا اصحاب العقول المخلاطة، اسمه الرقص المشترك، ففكرة الاختلاط تعكس النظرة الدونية للمرأة. عند هؤلاء، الرجل له المقام الأول حتى وان كان تيساً اقم «أي بدون قرون» والمرأة دونه حتى وان كانت في أدب مي زيادة وفدوى طوقان، تلك وايم الحق قسمة ضيزي.
أسأل من اين أتى هؤلاء بتلك الطهرانية؟.. أمِنْ السودان الذي يمارس فيه الرقص المشترك النوبيون والمسيرية والشايقية في الشمال كما الزاندي والدينكا والاشولي في الجنوب؟ أو أتوا به من المواريث العربية ـ الاسلامية القصية وهي التي عرفت القيان كما عرفت الحرائر اللائي امتهن بعضهن البروز للرجال لمطارحتهم في الشعر مثل سكينة بت الحسين بن علي، او الغناء مثل عبلة بنت الخليفة المهدي العباسي، «عباسيو» السودان يريدون ان يكونوا اكثر هاشمية من حفيدة علي، واكثر عباسية من حفيدة الحبر عبدالله بن عباس.
هذا طموح غريب وعملاق، وكلما امعنت النظر في مثل هذه الممارسات اقتنعت بأن اخوتنا هؤلاء لا يريدون للسودان بعد خمسة عشر قرناً من الهجرة إلا ان تحكمه قريش كما قلت، هذا طموح آخر لم يذهب إليه عجيب المانجلك أو عدلان الأحمر وكان السودان في عهدهما حديث عهد بالاسلام، من حقنا بالطبع ان نفاخر بالماضي التليد وان نستلهم منه العبر والدروس على ان نستذكر أيضاً ان ذلك الماضي كان مدركاً لواقعه ولهذا كان اكثر ثباتاً في اطاره التاريخي، وإذ نجيء اليوم لنمزق اوصال ذلك الماضي وننتقي منه ما نشاء لنفرضه على واقع غير واقعه ننتهي لا محالة إلى مسخ الماضي التليد إلى حاضر بليد.
ـ للمفكرين والساسة خاصة يدور الكثير من القيل والقال.. بعضهم يحيطها بسياج وبعضهم يكشفها، بل يكتبها وينشرها للناس.. حياتك الخاصة هل يمكن ان تكون موضوعاً في كتاب.. ثم لماذا يكون الحب والموسيقى والغناء ـ عادة ـ من اعمدة تلك الحياة.. ما موقع الحب في حياتك؟ هل احببت أو انجرحت؟ وهل ثمة فرق بين الحب في الخرطوم.. وفي بلاد بره؟
ـ بالطبع لكل منا حياته الخاصة التي لا يشاركه فيها إلا من يريد لهم أو لهن ان يشاركوه، وبالتالي لا يمكن ان تكون موضوعاً يجلى على عامة الناس. ولعل هذا ـ بجانب خشية الزهو ـ هو الذي يحملني على عدم الانصياع لمن يدعوني لتسجيل سيرة ذاتية.لو فعلت لقادتني الأمانة الفكرية لأن اقول ما لا اريد قوله لعامة الناس، أولاً لأنه لا يعنيهم، وثانياً لأنه يتناول اخرين ربما لا يريدون لشئونهم ان تكون مضغة في الافواه، قرأت الكثير من السير الذاتية وراعتني في بعضها صراحة كتابها، مثل الشيخ بابكر بدري الذي اورد ادق اسرار اسرته في مذكراته، وسعد زغلول الذي لم يستنكف الحديث عن ولعه بالمقامرة، وعن مجالس القمار التي كان يرتاد.
هذا كان من أمر الشأن الخاص، اما في العام فأنا متضامن مع نفسي، ولا ازدواج في شخصيتي، هناك درس تعلمته من الاستاذ محمود محمد طه، وكنت اسعى اليه دوماً للحوار معه حول بعض ارائه في القضايا العامة، سألته يوماً عن اسس اصطفائه للأخ الجمهوري قال: «ان يكون متمكناً من مهنته لأن الذي لا يفلح في مهنته لن يفلح في اقناع الآخرين بأي شيء آخر، وان يجيد التعبير عن نفسه ويملك القدرة على ضبط النفس وحسن الاستماع للآخر، لا يستفز ولا يُستفز، أهم من هذا أن لا يفعل في السر ما يستحي من فعله في العلانية، هذا ما أعنيه بالصدق مع النفس والطمأنينة الداخلية.
اقترب من سؤالك عن الحب بجانب الغناء والموسيقى، ثم سؤالك هل احببت؟ السؤال الأخير من نوع الاسئلة التي يوجهها الصحافيون لراغب علامة وديانا حداد فلتتجه به لهما أو لأضرابهما.. دعني اتناول الأمر تناولاً فلسفياً، القيم المطلقة عن الفلاسفة الاغريق.. ثلاث: الحق والخير والجمال، والجمال هو الصفة المائزة بين المخلوقات، يلحظها المرء فتبعث في نفسه الرضا والبهجة، ولعل هذا يكون اكثر ما يكون في الطبيعة والمرأة، ووحدهما اللتان يلجأ اليهما الانسان هروباً من تعب الحياة، انا اهوى الطبيعة بتنوعها البيولوجي الخلاق، واهوى النبات بصورة خاصة، ولهذا احيط به نفسي في الدار والمكتب، النبات هو المخلوق الوحيد غير الجاحد، يعطيك بقدر ما تعطيه بل اكثر مما تعطيه، ليس هذا هو حال الحيوان، فقد يعضك ######، وليس هو حال الانسان ـ بل اكون اكثر صدقاً لو قلت الرجال بعض هؤلاء أفضل منهم بكثير الكلاب ـ وللامام الطبراني صاحب الكبير والاوسط في هذا المقال: «ان الناس مسخوا خنازير فمن وجد ######اً فليتمسك به».
اني أرى المرأة اكثر تعبيراً عن انسانية الانسان، لأن الانسان يخرج منها ولهذا فهي اكثر التصاقاً به، وتقديراً له وتعبيراً عنه. لن اتركك دون حديث عن الحب. الحب عندما ينبثق لا يخضع للتنظير رغم كل سياحتي الفكرية هذه عنه قالت عبلة بنت الخليفة المهدي، وهي التي خبرت الحب وتغنت به: ليس امر الهوى بخطب يسير لا ينبيك عنه مثل خبير انما الأمر في الهوى خطرات محدثات الأمور بعد الامور ثم نتساءل عن جراح القلب، وصورته في الأغنية السودانية وعن الحب «في بلاد بره» الحب لا وطن له، فالناس في هذا سواء، أما الجراح ـ كانت عند المحدثين مثل قولهم «تجربتي ليه وأنا كلي جراح»، أو من سبقهم مثل قول القائل «غوّر ياجرح» ـ فتلك صورة خاطئة ولعل لديوان العرب أثر فيها، فسهام الحب حميمة تخز ولا تؤذي، لأن الوخز طعن غير نافذ
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
جريدة البيان ..الاربعاء 29 ذو الحجة 1422 هـ الموافق 13 مارس 2002
د. منصور خالد في حوار ليس للصفوة
بيان الاربعاء: يشكل الدكتور منصور خالد رقماً مهماً على الساحة السياسية السودانية وهو شخصية لا تزال تثير الكثير من الجدل وينظر اليها وكأنها مجموعة من الشخصيات تدثرت جلد شخصية واحدة.
تربى الرجل ونشأ في بيئة دينية محافظة ومتفقهة في علوم الدين الاسلامي واللغة العربية وغلبت الغربة على حياته الشخصية فأوقعه ذلك في شراك الشبهات لكن الرجل لم يلتفت لذلك.
عاد إلى السودان بعد طول غياب في المهجر وانقلاب مايو 1969 لا يزال في اوج عنفوانه، فعمل وزيراً للشباب ثم للخارجية ومستشاراً لرئيس الجمهورية، خدم نظام مايو اكثر من عشر سنوات ثم تمرد على النميري وغادر السودان متجولاً في أكثر من مكان وشاغلاً لاكثر من وظيفة دولية وانبرى لكشف نقائص انقلاب مايو.
عاد إلى السودان في اعقاب الانتفاضة الشعبية التي اطاحت بنظام النميري في 1985. لم يمكث سوى ايام معدودات وغادر لينضم إلى «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، مستشاراً لزعيمها جون قرنق.
ولأن الدكتور خالد متعدد المعارف واللغات وفسيح العقل فقد عكف على الكتابة فأجادها. له من المؤلفات الكثير. كلها يحمل الهم السودان.
من مساهماته السياسية البارزة مشاركته في صناعة اتفاقية اديس ابابا 1972 التي هيأت للسودان عشر سنوات من الاستقرار السياسي، ومشاركته الفاعلة في التوصل إلى عدد من الاتفاقات بين الحركة الشعبية وبعض الفعاليات السياسية الاخرى، اسهم في اتخاذ التجمع الوطني الديمقراطي المعارض العديد من القرارات الناجزة.
وعندما نما إلى علمنا وجوده في دبي واستعداده لاجراء حوار مع «البيان» تشاورنا حول خطة تتيح اعتصار افكار الرجل عبر نقاش يأخذ طابع الندوة ولا يبتعد عن شكل «الاستجواب» بالوقوف عند كل ما يقول.. واستيضاح كل نقطة في حديثه.
في ركن هاديء بأحد فنادق دبي وجدناه في انتظارنا.. ها هو كما عرف عنه.. كامل الاناقة على الطراز الغربي، حتى المنديل المتدلي من جيب «البذلة».. العطر الخفيف له اريج يملأ المكان، وكأنه على موعد غرامي!! لم تطل «دردشة» ما قبل الحوار فقد كنا حريصين على الاستفادة من كل دقيقة.
رويداً رويداً وجدنا انفسنا غارقين في خضم نقاش ساخن.. زاده سخونة تبادل عفوي للأدوار: نسأل فيجيب فنقاطع، ثم يسأل هو ونجيب ولا يقاطع! راهنا منذ البداية على حوار غير عادي يكون مفهوماً لدى عامة الناس لا صفوتهم فحسب. مع شخصية غير عادية اشتهر بسلسلة كتابات عميقة سماها «حوار مع الصفوة».. وصاب املنا..
ونظرة سريعة على حصيلة جلسة «الحوار ـ الندوة» مع الدكتور خالد يمكن ان توضح إلى أي مدى كنا محقين: فها هو يوجه انتقادات قاسية للنظام، ليس على الطريقة الهتافية انما برصد نقاط منطقية مرتبة لا تملك الا وان تحترمها وان اختلفت معه حولها.
يقول في هذا الجانب باختصار ان النظام اختزل «ثوابته» في ثابت واحد هو التمسك بمفاتيح السلطة ويرى انه ـ النظام ـ تنكر لكل ماضيه في سبيل ارضاء الولايات المتحدة وفتحت لها كل الابواب في سابقة لم تحدث في كل بلاد العالم.
لكنه رغم ذلك يسلم بعد لأي بأن النظام «نجح في فك الحصار الدولي والاقليمي وان كان قد دفع ثمناً باهظاً لذلك».
ويتحدث عن ابعاد اتفاق وقف اطلاق النار بجبال النوبة حديث العارف بالدقائق مؤكداً ان تفاقم المجاعة ـ «وليس اي سبب آخر» هو الذي عجل بالاتفاق، ومقرراً بثقة انه لا يصلح انموذجاً يمكن تطبيقه في مناطق اخرى.
وبعد ان يؤكد ان القضية السودانية دخلت دائرة التدويل منذ زمن، في سياق انتقاده لمنتقدي التدخل الامريكي، لا يتردد الدكتور خالد في الاعتراف بأن المعارضة تقاعست عن واجبها في انقاذ الجوعى في هذه المنطقة في خضم جريها وراء اسقاط النظام.
وبعد ان يعلن بوضوح ان الحركة لا اعتراض لها في مشاركة أي دولة ـ بما فيها مصر ـ في لجنة مراقبة الهدنة، يشير إلى ان التجمع ليس معنياً بهذه الاتفاقية ولا بأخريات محتملات الا عندما يأتي الدور على المناطق التي يسيطر عليها.
ويتركز جل الحوار حول التجمع وتقييم مسيرته، فيبدي تردداً في توجيه انتقادات إلى هذا الكيان متحججاً بأن الكتابة عن التجربة بتجرد تستدعي ان يكون هو خارج التنظيم، لكنه يوافق في نهاية المطاف على النظر في الأمر.
ويتفرع الحديث عن التجمع إلى حديث عن قطبي السياسة السودانية التقليديين الزعيمين محمد عثمان الميرغني والصادق المهدي، فيبدي الدكتور خالد ضمناً انحيازاً للميرغني الذي قال انه ثابت في موقفه من النظام، ومقرراً ان التجمع يتفهم عودة شقيقة احمد والقيادي في حزبه فتحي شيلا من المنفى إلى الداخل.
وبعد ان يرفض اي مقارنة بين عودة هؤلاء ورجوع مساعدي الصادق المهدي قبله وعلى رأسهم مبارك الفاضل المهدي، يسخر من تصريحات الاخير حول الميرغني قائلاً: أنا شخصياً لا يتعامل مع هذا الميرغني بطريقة «تقبيل الايادي».
و«يناور» الدكتور خالد حول الاعتراف بخسارة التجمع من خروج المهدي من صفوفه قائلاً ان الخطوة تنطوي على خسارة ومكسب في آن واحد!! ورغم انه لا يتردد في القول بأن مكان حزب الأمة لا يزال شاغراً في صفوف التجمع الا انه لا ينسى فتح باب المقارعة «المزمنة» بينه وبين المهدي مشيراً إلى ان الاخير يعاني من مشكلة حقيقية تكمن في اصراره على تولي دور «الالفة»!! أي عريف الفصل ـ ويضيف: لقد صبرنا على تصرفاته المزعجة داخل التجمع لاننا كنا في حاجة اليه!! وفي المقابل يتخذ الدكتور خالد موقف المدافع عن الزعيم الاسلامي الدكتور حسن الترابي، عراب النظام السابق وسجينه حالياً.
ويرى ان الترابي يدفع الآن ثمن مناداته بالانفتاح والديمقراطية متحدياً المجموعة «السلطوية» الحاكمة.
وبعد ان يعزي عوائق انضمام الترابي للتجمع إلى اسباب سيكولوجية، يؤكد الدكتور خالد انه لابد من اعطاء حزب الترابي شرعية في أي وضع مقبل.
ويتطرق «الحوار ـ الندوة» إلى محاور اخرى يتوقع خلالها الدكتور خالد فشل أي حوار مرتقب بين الشيوعية والنظام الا بشروط يذكرها ويعلن ان الحركة ستبعث بياسر عرمان إلى الداخل لتحريك العمل السياسي متى ما توافرت الظروف المناسبة ويدافع عن هجمات الحركة على مواقع النفط مؤكداً ان ذلك أدى إلى انسحاب شركتين من العمل.
وفي سياق الحديث يوجه الدكتور خالد انتقادات للشخصية السودانية ملمحاً إلى انها اعتادت على الجعجعة دون طحن، وقال: «السودانيون يعتقدون ان الحديث عن القضايا يكفي لوضع حلول لها»!! كما يرد على «ذرائع» النظام في منع سفر وفد التجمع بالداخل إلى القاهرة. وقبل ان يختم اللقاء بالسخرية من مروجي «فرية» عمالته للمخابرات الامريكية، يقدم الدكتور خالد قراءة معمقة في مخاطر انفصال الجنوب متسائلاً في استنكار: هل الشعب السوداني مستعد للتخلي عن الجنوب، مستودع الثروات ثمناً أو رضوخاً لرؤى فئة منغلقة تصر على اقامة دولة دينية؟! والى نص «الحوار ـ الندوة»:
ـ لنبدأ أولاً باخر ما انتهت اليه التطورات في السودان، أي اتفاق جبال النوبة، باعتباره اول اتفاق بين «الحركة الشعبية لتحرير السودان» واي حكومة بالخرطوم.. ما خلفيات هذا الاتفاق وما تداعياته على الساحة السياسية السودانية؟ ـ أولاً تجدر الاشارة إلى ان هذا الاتفاق ليس هو الأول من نوعه، فمنذ ايام حكومة الصادق المهدي «86 ـ 1989م» تم التوصل إلى اتفاق ثلاثي بين الحكومة والحركة والأمم المتحدة وهو المتعلق ببرنامج «شريان الحياة» لتوصيل مواد الاغاثة إلى المواطنين بالمناطق التي تسيطر عليها قوات الحركة.. وهناك برنامج لتوفير ممرات آمنة لتوصيل هذه المواد. وبالتالي يندرج الاتفاق الأخير تحت هذا الاطار وليس هنالك جديد في موضوع التوصل لاتفاق بين الحركة والحكومة.
ـ بل هنالك جديد.. فهو أول اتفاق يتعلق بوقف اطلاق النار وبمراقبة أجنبية؟ ـ نعم.. هذا صحيح.. هذا صحيح لان الحركة درجت طوال الفترة الماضية خلال المفاوضات المتعلقة بهذا الأمر، على التمسك برؤية ثابتة مؤداها ان لا مجال لاتفاق حول وقف اطلاق النار الا في اطار حل شامل للقضية كلها.
فيما يتعلق بجبال النوبة هنالك امور عجلت بالاتفاق منها وضعية المنطقة كمنطقة تداخل. بمعنى آخر الحدود ليست واضحة كما هي في الجنوب، ثانياً تفشي المجاعة. وبالتالي كان لابد من اتفاق يهييء وقف اطلاق النار بشرط ان يتوفر ضمان لشيئين.. الأول الاستمرارية والثاني الا يستغل لاغراض عسكرية..
ـ الشيء الجديد الآخر هو ان الاتفاقات السابقة كانت بمشاركة وربما اشراف الأمم المتحدة.. لكن اتفاق جبال النوبة رسم ونظم ونفذ باشراف ـ ان لم نقل ضغوط مباشرة ـ من قبل الولايات المتحدة.. وهذا ما اثار جدلاً في الساحة السياسية السودانية وصلت إلى حد ان بعض السياسيين حذروا من ان تصبح المنطقة في نهاية المطاف «محمية امريكية» ما تعليقكم؟ ـ من من السياسيين قال ذلك بالتحديد؟ ـ طفحت صحف الخرطوم بالكثير من المقالات التي تحذر من ذلك. إلى جانب ان القيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي محمد اسماعيل الأزهري تحديداً صرح لصحيفتنا بذلك، وغيره كثر لا نستحضر اسماءهم الآن.
ـ بصرف النظر عما قيل وعمن قال اقول ان من يقولون هذا الحديث غير صادقين لانهم اغفلوا انه في كل الضغوط التي كانت تمارس على النظام لا يمكن ان ننسى وقوف امريكا إلى جانب المعارضة.. مثل التنديد بالانتهاكات التي كان يرتكبها النظام والتصويت ضده في كافة الصعد وتحديداً في قرارات الأمم المتحدة في الجمعية العامة في مجلس الأمن.. وكل ذلك كان يتم بطلب من المعارضة، وبالتالي فان كل ما يقال الآن شيء مرفوض وغير سليم من ناحية.
من الناحية الاخرى، عندما نتحدث عن التدخل الامريكي ينبغي ان ننتبه إلى اننا نعيش في منطقة تعج بأصوات تنحو هذا المنحى، لكن هذه الاصوات في النهاية اصوات مزايدة لان هذه المنطقة التي نعيش فيها نصفها يعتمد على امريكا في ضمان استقرارها والنصف الاخر يعتمد على هباتها ومساعداتها.
اضف إلى ذلك ان امريكا تلعب دوراً في حل مشاكل المنطقة. لعبت وتلعب دوراً في حماية منطقة الخليج إلى جانب دورها في مشكلة كشمير ومشكلة فلسطين والشرق الأوسط. فما الذي يجعل دور امريكا في السودان امراً غريباً؟ خلاصة الامر اعتقد ان ما يقال في هذا الجانب لغو لا معنى له.
ـ ما الجديد الذي طرأ حتى تنتبه امريكا اخيراً إلى مشكلة السودان إلى درجة تدفعها إلى تكثيف مساعيها لجمع الطرفين على اتفاق معين بعد ان كانت تصر علناً في وقت سابق على اسقاط نظام الخرطوم؟ ـ أولاً اتجاهها إلى جمع الطرفين ليس امراً جديداً.
أمريكا لم تكن بعيدة عن السودان. حتى في اشد الاوقات التي اتسمت فيها الاجواء بالعداء الشديد بين امريكا ونظام الخرطوم كانت امريكا تستخدم سلاح الجزرة والعصا مع النظام.. لكن ما حدث بعد 11 سبتمبر هو ان النظام تخلى للمرة الأولى عن رعاية الإرهاب، لا بل وفتح كل الابواب.. فتح القصر، فتح ملفات اجهزة الأمن.. وكل شيء امام الامريكيين.. الأمر الذي لم يحدث في أي دولة أخرى.
الجانب الاخر والمهم هو الجانب الانساني الذي جلب اهتمام الكثير من الناس خاصة بين زعماء الغرب الذين تكلموا في ذلك كثيراً. هنالك آلاف الاشخاص يموتون جوعاً هل هذه القضية قابلة لان يقول بعضهم وعندما تأتي امريكا لتساعدنا في انقاذ هؤلاء فان ذلك مدعاة لاهتبال الفرصة. فقد كان ذلك واجبنا الذي تقاعسنا عن ادائه حكومة ومعارضة.. ولكننا جعلنا قضيتنا الأولى اسقاط النظام حتى اذا كان ذلك ثمنه ان يموت هؤلاء الجوعى!! ـ هل ترى ان واشنطن اقتنعت اخيراً بعدم جدوى التعاون معكم في تنفيذ شعاركم المأثور «اقتلاع النظام من جذوره»، وبدأت تنحو إلى التفاهم مع النظام ما دام هذا الاخير متجاوباً، لتقتفي بذلك اثر اوروبا التي ارست هذا النوع من التعامل، خاصة واننا نذكر تصريحات مادلين اولبرايت وزيرة الخارجية السابقة بالدعوة الصريحة لاسقاط النظام ابان اجتماعها معكم في نيروبي؟ ـ بالطبع موقف الإدارة الأمريكية الحالية يختلف عن موقف الإدارة السابقة التي كانت بالفعل ترى ان هذا النظام يجب ان يزول.
هنالك ضغوط على أي إدارة امريكية يجب لا نهون منها من قبل مجموعات ضغط متعددة مثل تلك المهتمة بحقوق الإنسان أو المجموعات المهتمة بمكافحة الرق أو الاخرى المهتمة بحرية الاديان وغير ذلك.. وكل هذه الضغوط من هذه المجموعات تلعب دوراً في التأثير على السياسة الامريكية.
ـ هناك من يريد ان يسوق اتفاق جبال النوبة باعتباره نموذجاً يمكن تطبيقه في مناطق اخرى مثل الانقسنا ومنطقة البجا، وغيرها ممن تطلقون عليها المناطق المهمشة ما يؤدي ـ حسب مخاوف البعض ـ إلى نشوء تكوينات جغرافية سياسية تضعف فيها سلطة الحكومة طردياً مع اتساع قوات المراقبة الأجنبية، وبالتالي تكريس وتوسيع دائرة تدويل القضية السودانية.
ـ القضية السودانية دخلت دائرة التدويل منذ زمن.
ـ هذا صحيح نسبياً لكن لم يصل الأمر إلى مرحلة وجود مراقبين دوليين.
ـ حتى في كل الحلول المقترحة وجود المراقبين شيء اساسي.
ـ ترى لماذا البدء بجبال النوبة رغم ان هذه المنطقة ليست منطقة «متفجرة» عسكرياً؟ ـ السبب هو تفشي المجاعة هناك.
ـ هل المجاعة بجنوب النوبة اكثر حدة من باقي المناطق الملتهبة عسكريا ؟ ـ الاوضاع الانسانية والغذائية في جبال النوبة خطيرة جداً ومأساوية، إلى جانب ذلك فقد ظلت الحكومة ترفض ان تدرج هذه المنطقة في نطاق مشروع «شريان الحياة» الاغاثي بالرغم من تعهدات قدمت للأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان عندما زار السودان قبل نحو ثلاثة اعوام، بادخال هذه المنطقة في نطاق «شريان الحياة»، وعندما نكثت الحكومة بهذه التعهدات بات الوضع يستلزم حلاً حاسماً، واذا عجزت الامم المتحدة عن متابعة الأمر فان الجهة الوحيدة التي تستطيع الضغط في اتجاه الحل هي أمريكا.
ـ قلت ان كولن باول يتبنى الاتجاه للحل السلمي بدلاً من المواجهة، ولكن هذا اتجاه يتناقض مع السياسات التي تتبعها الولايات المتحدة حيال البؤر الملتهبة. بمعنى ان واشنطن لم تعد تطرح نفسها كوسيط أو كراع في أي مشكلة.. بل اصبحت تفرض الحل بطريقتها ؟ ـ ينبغي ان نفرق بين شيئين، بين الاستراتيجية وبين التكتيك للوصول إلى الاستراتيجية. والتكتيك الذي يتبعه الامريكيون هو نفسه ازاء كافة القضايا النظيرة.. أي سياسة الخطوة خطوة والبدء بالخطوة الاسهل، لكي يتسنى تحقيق شيئين: أولاً تأسيس بناء انجاز تدريجي بطريقة تراكمية.. ثانياً خلق جو يسوده الثقة بين الطرفين او اسلوب للتعامل بينهما. وهذه الصورة واضحة في معالجتهم للقضية الفلسطينية. ففي مثل هذه القضية كان من المتعذر البدء بموضوع القدس مثلاً.
ـ في هذا الملف بالذات امريكا لا تفعل شيئاً بل تركت العنف يأخذ مجراه ولم تقدم شيئا ؟ ـ لا.. لا اترك جانباً ما يحصل على الارض من مواجهات.. انا اتحدث عن استراتيجيتهم وهى واضحة وتمثل في اقامة دولتين.. وواضح انهم يتطلعون لقيام دولة فلسطينية واعلنوا ذلك..
ـ ولكن هذه الرؤية مطروحة منذ زمن؟ ـ لكي تصل لهذا الهدف تقول امريكا بضرورة وضع ملفات الحل النهائي جانباً مؤقتاً والبدء باجراءات تهيئة مناخ مثل ايقاف العنف، لجنة تينيت، لجنة ميتشيل وهكذا.
ـ نعود لموضوعنا بشأن القضية السودانية. ـ في الشأن السوداني بدأ الامريكيون بقضايا مهمة من منظور مجموعات الضغط التي تعمل هناك. على سبيل المثال اذا قالت الحكومة الامريكية لهذه المجموعات ذهبنا إلى الخرطوم وجلسنا مع حكامها لنتحدث حول اجراءات فترة انتقالية فان ذلك لن يرضي مجموعات الضغط فحسب بل سيتم رشقهم بالطماطم والبيض الفاسد!.. لا مناص من اظهار الادارة انها سعت لتحقيق خطوات عملية حيال القضايا التي تهتم بها هذه المجموعات.
وهذه المجموعات مهتمة اساساً بمسائل مثل المجاعة والرق والديمقراطية. ـ عفواً هل قضية الديمقراطية في السودان مطروحة في أجندة امريكا؟ ـ طبعاً مطروحة.. واحيلك إلى القرارات التي طبقت على اساسها العقوبات على النظام.
ـ تبدو امريكا في تعاملها مع القضية السودانية الآن كما لو كانت بوجهين وجه مع الحكومة والحركة والوجه الاخر مع المعارضة «التجمع» بدليل ان هنالك وفداً من التجمع توجه إلى امريكا مؤخراً لاستلام معونة مالية تبلغ ملايين الدولارات في خطوة ربما استهدفت تدجين المعارضة في هذا الوقت حتى لا تربك خططها للتدخل في جبال النوبة ثم في القضية كلها لاحقاً.
ـ اعتقد نظرة مثل هذه لا تعدو كونها اوهام لأن...
ـ لا بل المسألة واضحة.. بدليل مساعي واشنطن لجمع الحكومة والحركة، ومساعيها المتوازية لدعم التجمع.. معنى ذلك انها تقوم بدورين في آن واحد. ربما يؤدي في نهاية المطاف إلى استبعاد المعارضة! ـ هذا غير صحيح.. غير صحيح.. لأن دانفورث «المبعوث الامريكي» لم يعقد اجتماعاً او لقاء الا وكان حريصاً على الوقوف على رأي المعارضة.. دانفورث لم يكن يذهب إلى رمبيك مباشرة لمقابلة جون قرنق.. بل كان يأتي إلى الخرطوم ثم يذهب إلى رمبيك ويعود إلى القاهرة للقاء الميزغني.. ويقابل الصادق المهدي في الخرطوم وهكذا فان التلميح إلى استبعاد المعارضة مجرد وهم.. لكن يجب الا ننسى ان دانفورث عندما يسعى لوضع اتفاق لوقف النار في جبال النوبة فان الميرغني والمهدي ليسا معنيين بالقضية مباشرة بقدر ما يرتبط الأمر بالحكومة والحركة باعتبارهما الطرفين المتحاربين فعلاً في هذه المنطقة ولا شأن للاطراف الاخرى بهذا الأمر.
وغداً لو انتقل الأمر لبحث وقف اطلاق النار في الجنوب سيكون الأمر على ما هو عليه ولن يكون للتجمع دور.
ـ لا تنسَ انت أيضاً ان للتجمع قوات تحارب في....
ـ هذا موضوع آخر. يمكن ادراج التجمع في محادثات مثل هذه عندما يأتي اوان الانتقال لبحث الاوضاع في المناطق التي تسيطر عليها قوات التجمع.. وفي واقع الأمر ندرك جميعاً اين تقع هذه المناطق.
ـ سنفتح ملف «التجمع» لاحقاً ولكن دعنا نسأل: ما حقيقة ما يتردد حول محادثات تجرى الآن فعلاً لتطبيق نموذج جبال النوبة في منطقة البجا؟ ـ لا.. ليس صحيحاً.. ينبغي ان نعلم جيداً ان السبب الذي دفع بملف جبال النوبة إلى الاضواء والاستعجال هو تفاقم المجاعة ليس الا.. ولِمَ نذهب بعيداً.. فهناك منطقة جبال الانقسنا الواقعة تحت السيطرة الكاملة لقوات الحركة.. لا حديث حول فصل قوات فيها. وهكذا الأمر بالنسبة لكل المناطق التي تسيطر عليها «الحركة» فهي خالية من المجاعة ومن المشاكل..
ـ السؤال بتحديد اكثر.. هل سيطبق نموذج جبال النوبة على كل قضية الجنوب ومتى؟ ـ بالطبع لا.. لان ذلك غير ممكن.. اذا فكرنا في اتفاق لوقف اطلاق النار في الجنوب فلن يكون نموذج جبال النوبة مناسباً للتطبيق.. لان وقف اطلاق النار في الجنوب مرتبط بشيء آخر. وهذا ما حصل في «ايجاد».. عندما طولب قرنق بوقف النار فرد بالقول ان ذلك مرتبط بانجاز حل شامل.
ـ ننتقل إلى ملف التجمع.. ونبدأ بالاجتماع الذي عقدته هيئة القيادة في القاهرة واستوقف المراقبين لأنه تم في غياب الميرغني ربما لأول مرة؟ ـ الميرغني لم يكن موجوداً بالقاهرة.. وهذا طبيعي فاذا استجدت قضايا عاجلة ولم يكن الميرغني موجوداً فلا يعني ذلك ان يتوقف عمل التجمع.
ـ ربط البعض بين عقد اجتماع التجمع في غياب الميرغني وتحركات الأخير التي اعتبرت تمهيداً للتقارب مع النظام في نظر هذا البعض، مثل اجتماعه مع الأمين العام للحزب الحاكم ابراهيم أحمد عمر؟ ـ الميرغني مفوض من قبل قيادة التجمع بالالتقاء والاجتماع مع أي طرف في اتجاه البحث عن حل سياسي شامل للازمة.. وهو لم يعقد لقاء او اجتماعاً الا واخطر به قيادة التجمع.
ـ يتردد ان البعض داخل التجمع مستاء من تحركات الميزغني في اتجاه التهدئة مع الخرطوم حسب رأيهم؟ ـ لا اعرف من هم هؤلاء «البعض»، لكن معروف ان الميرغني فوض رسمياً في اجتماع رسمي للمعارضة باجراء الاتصالات وابلاغ هيئة القيادة بتفاصيلها.. وهذا ما يحدث.
ـ ألم تثر داخل التجمع أي حساسية ازاء عودة احمد الميرغني إلى الخرطوم الأمر الذي اعتبر تمهيداً لعودة الميرغني نفسه؟ ـ مطلقاً.. لان احمد الميرغني ليس عضواً بالتجمع ولم يقل انه عاد باسم التجمع .. ـ لكن حزبه يرأس التجمع وبعث بأحد قادته إلى الداخل وهو عضو قيادي في التجمع ونقصد فتحي شيلا.
ـ فتحي شيلا مجرد فرد وأفراد كثيرون عادوا.
ـ لكنه احد قادة التجمع.
ـ انتهت عضويته وعين الحزب في مكانه بالتجمع شخصاً اخر!.. الموجود في التجمع هو الحزب وليس فتحي شيلا.
ـ الا يرى التجمع أي ازدواجية في تعامل حزب الميرغني مع تحالف المعارضة والنظام في آن واحد بحيث انه يقود المعارضة في الخارج ويهييء للعودة بطريقة او اخرى بعد ان كان يملأ الدنيا ضجيجاً بضرورة اقتلاع النظام من جذوره؟ ـ نحن لا نظن مطلقاً بأن الميرغني يؤيد النظام وعلى ثقة تامة بأنه ثابت في موقفه.. اما ان يعود اعضاء في حزبه فلا يجب الا يثير ثائرة احد لان حزبه وقاعدته وتشكلاته كلها موجودة في الداخل بمافيها القيادة الاساسية، والأمين العام، الذي يقوم بنشاطه في الداخل ويخرج لمقابلة الميرغني ثم يعود إلى الداخل.
ـ ولماذا اثرتم تلك الضجة الكبيرة عندما وقع مبارك المهدي «الأمين العام السابق للتجمع» اتفاقاً مع النظام تمهيداً لعودة قيادات حزبه. ولا يملك المرء الا ان يقارن بين بيانات الادانة التي اطلقتموها ضد مبارك المهدي وصمتكم المطبق حيال عودة فتحي شيلا؟ ـ لو كان شيلا عائداً للتحالف مع النظام او ليتخذ موقفاً مغايراً من موقف حزبه أو من موقف التجمع.. فهذا موضوع كان سيثير الضجة نفسها.. ولكن الأمر بالنسبة لشيلا مختلف ويتعلق بظروف شخصية تقتضي عودته.
ـ لا ليس الأمر متعلقاً بموضوع أو ظرف شخصي. لقد أعلن بنفسه انه عائد لتوحيد صفوف الحزب وتهيئته لمرحلة جديدة من مراحل الحل السياسي المحتمل.. ورغم ذلك لم ينطيق احد من قادة التجمع بكلمة.. الا ترى ازدواجاً في المعايير؟ ـ لا.. لا.. لا ازدواجية ولا مجال للمقارنة بين الموقفين «شيلا ومبارك المهدي». حيث ان مبارك وقع اتفاقاً مع النظام وقبل ان يصدر أي تفويض لأي جهة لتوقيع اتفاق وفي وقت كنا نرفع شعار «اقتلاع النظام». منهج التجمع تحول الآن منذ مؤتمر مصوع.
ـ لكن ليس هنالك قرار بالعودة أليس كذلك؟ ـ بالطبع ليس هنالك قرار بالرجوع.
ـ وبالتالي يمكن ان يرجع الميرغني نفسه ويقول انه رجع ولكن حزبه باق في التجمع!! ـ عموماً لا أرى مجالاً للمقارنة بين توقيع مبارك المهدي اتفاقاً مع الحكومة وهو لا يزال الأمين العام للتجمع. وبين رجوع شيلا بقرار شخصي بعد ان ترك مكانه في التجمع.
ـ ولكن الأمر كما قلنا لا يتعلق بأمر شخصي.. هذا تنفيذ لقرار صادر من حزبه.. ونحن لا نعرف شيلا بصفته الحزبية ووضعه في حزبه بل نعرفه عضواً في هيئة قيادة التجمع.. فجأة باغت الجميع بالرجوع دون ان يكلف نفسه عناء اصدار بيان او تقديم استقالة أو أي شيء.. وتغاضت قيادة التجمع عن ذلك. ـ لا بل قدم استقالة وعين حزبه من يحل محله في هيئة القيادة.
ـ ما الذي يمنع تكرر السيناريو نفسه مع الميرغني بحيث يعود غداً بأي عذر ويترك احداً غيره في مكانه بالتجمع؟ ـ الأمر يختلف مع الميرغني لانه منتخب كرئيس للتجمع.
ـ هذا الرئيس هل يمكن ان يعود ليقود العمل المعارض من الداخل.
ـ اذا توافرت الظروف المواتية يمكن ان يرجع.. لكن الظروف الآن غير مواتية؟ ـ حسناً.. هذه الظروف التي تراها غير مواتية، قدر حزب المهدي انها مواتية. ـ هذا شأن حزب المهدي.. بمعنى آخر اذا قدرت «الحركة الشعبية» اليوم ان الظروف مواتية للعمل من الداخل فلا مانع من ان نرسل ياسر عرمان غداً إلى الخرطوم للعمل بالداخل.. اذا كان في مقدورنا الآن ان نعيد كل كوادرنا لنقوم بعمل معارك لخلخلة النظام لم نكن لنتردد.. ولكن مبارك المهدي لم يعد لهذا الهدف انما للتحالف مع النظام.. هذا هو الفرق.
ـ هل الظروف مواتية الآن لكم لفعل ذلك؟ ـ لا.
ـ وما الذي يجعلها مواتية لفتحي شيلا وحزبه؟ ـ لكل حزب ظروفه الخاصة.. فحزب مثل الحزب الاتحادي يعاني من انقسامات يحتاج لتوحيده لنوع من العمل الحركي غير المرئي، تحدد قيادة الحزب من هو الشخص المناسب لادائه،.
المشكلة تبدأ اذا اتجه الشخص المكلف بعمل محدد إلى عمل مخالف للتكليف ويتجاوزه إلى التحالف مع النظام.
ـ الخلاصة انكم في التجمع لا ترون أي حساسية ازاء خطوات حزب الميرغني التي يرى كثيرون وبوضوح انها تمهد للعودة إلى الداخل بالكامل.. اليس كذلك؟ ـ هذا يعتمد على تقييم الغرض من عودة الكوادر يعتقد البعض ان الهدف من عودة هذه الكوادر يكمن في التهيئة للتحالف او التعاون مع النظام.. انا ارى ان الخطوة تستهدف تهيئة حزبهم للمرحلة الانتقالية التي تحدثنا عنها كثيراً.
ـ ولماذا لا تحضر الفصائل الاخرى في التجمع لهكذا مرحلة؟ ـ من قال ان هذه الفصائل لا تقوم بالتحضير لذلك؟ ـ لم نر احداً عاد إلى الداخل ليفعل ذلك كما فعل حزب الميرغني.
ـ الأمر يختلف.. هنالك احزاب لها قواعد جماهيرية.. انت شخصياً من تتوقع ان يعود لينظم جماهيره؟ ـ هل هذا اعتراف بأن فصائل التجمع الاخرى بما فيها «الحركة» لا تملك قواعد جماهيرية في الداخل؟ ـ لا الحركة امرها مختلف.. الحركة لها قواعدها وتعمل بطريقتها بحيث لا يكشف عن قواعدها ولا يمكن ان تعلن عنها.
ـ بعد فترة من الهدوء شنت قوات التحالف التابعة للعميد عبدالعزيز خالد هجوماً على منطقة قريبة من كسلا خلال الايام الماضية.. ما مؤشرات هذا الهجوم؟ هل هو بداية لتصعيد عسكري جديد في المنطقة الشرقية؟ ـ لست ادري ولست ملماً بتفاصيل هذا التطور ولكن على كل حال هذا الفصيل يحتفظ بقوات في هذه المنطقة.
ـ هذه قوات تابعة للتجمع.. كيف لا تدري شيئاً عن الهجوم؟ ـ نعم قوات التجمع موجودة ولكنني شخصياً لا اتابع دقائق الامور العسكرية، كل ما اعلمه ان الجيش الحكومي يقوم بهجمات كثيرة جداً على هذه القوات فتضطر للرد عليها.
ـ لا.. لم تكن العملية الأخيرة صداً لهجوم.. طبقاً للبيان الذي صدر عن قوات التحالف.. كان هجوماً منظماً يستهدف حامية حكومية. وقال البيان ان الهجوم بداية لمرحلة تصعيد النضال العسكري ضد النظام حتى اسقاطه. هل هذا هو رأي التجمع أم ان الأمر خاص أيضاً بقوات التحالف؟ ـ لست ملماً ولست مخولاً بالتحدث عن الأمور العسكرية البحتة ولا استطيع ان أعلق على بيان لم اطلع عليه.
ـ نعود لاطار نحسب انك تلم بكل دقائقه، أي الوضع العسكري في الجنوب.. ما مدلول الهدوء العسكري النسبي الذي يشهده الجنوب؟ ـ لا وجود لهدوء عسكري بدليل ان قوات الحركة شنت هجوماً كبيراً على مواقع النفط قبل ثلاثة اسابيع وتكبدت الحكومة خسائر فادحة في اعالي النيل، واعلن عن ذلك في وقته.
ـ بمناسبة حديثكم عن هذا الهجوم وفي اطار تحذيراتكم المتكررة باستهداف مناطق البترول.. هل الحركة قادرة فعلا على تهديد انتاج البترول وتصديره.. ثم الا تخشون من المجازفة بفقدان تعاطف الشعب السوداني الذي يرى في النفط طاقة امل جديدة لتحسين احوال الوطن الاقتصادية وحرصه على جعله ثروة قومية ينبغي عدم مسها؟ ـ تقول الحركة ان مناطق انتاج البترول هدف عسكري مشروع وعندما تقول ذلك تنفذ خططها بالطريقة التي تراها صواباً وبالطبع بسرية.. وكما ذكرت قبل قليل فقد شنت قوات الحركة هجوماً ناجحاً قبل اسبوعين او ثلاثة، في اطار تحذيراتها، على مواقع بترولية وادى ذلك الهجوم بالفعل إلى انسحاب شركتي نفط خارجيتين كانتا تعملان بالمنطقة وهي تحديداً الشركة السويسرية والشركة النمساوية، اما عن السؤال بشأن المجازفة بفقدان التعاطف الشعبي.. فدعني اسألك وأسال من يروجون لهذه الفكرة: هل فكرتم ابداً في اسباب ارتفاع اسعار الوقود في السودان في الوقت الذي يشهد العالم انخفاضاً في اسعار النفط.. هل فكرتم في الاسباب التي تجعل بلداً نفطياً عاجزاً عن دفع رواتب المدرسين لعدة اشهر؟ الا يكفي ذلك مؤشراً في التساؤل عن مواضع صرف العائد من البترول؟ ـ اين في اعتقادك تصرف هذه العائدات؟ ـ تدخل في تمويل الحرب بالتأكيد، بشراء الأسلحة ودفع الديون المتراكمة من صفقات الأسلحة السابقة.. فاذا كان مواطن ما يقبل بأن تصرف هذه الأموال في هذه المواضع فهذا شأنه.
ـ نجح النظام مؤخراً في فك الحصار عن نفسه خارجياً بقدر ما نجح في ذلك داخلياً وكسب مساحة كبيرة في هذا الاطار بعودة الصادق المهدي وبعده احمد الميرغني وفتح قنوات حوار مع محمد عثمان الميرغني، والوصول إلى اتفاق هدنة في جبال النوبة مع قرنق، وفي هذا الاطار يتردد الحديث عن فتح حوار بين النظام والحزب الشيوعي، وبذلك يكون النظام قد نجح في تفكيك اخر متاريس المعارضة.. كيف تقرأ هذه التطورات؟ ـ كل التحركات والعمليات التي يجريها النظام هي عمليات تجميلية منطلقة من عقليات «علاقات عامة» وهي غير مفيدة لانها تنطوي على عيب أساسي.. بمعنى اخر، وبمثال محدد، اللقاء الذي يتردد انه سيعقد مع الحزب الشيوعي محكوم عليه بالفشل مسبقاً اذا لم يفض إلى اطروحات الحزب الشيوعي المبنية على المطالبة بتوسيع دائرة الحريات، والغاء القوانين، المقيدة لها، والفترة الانتقالية المؤسسة على تفكيك النظام.. اذا لم يتحقق كل هذا فان أي لقاء بين النظام وأي طرف يكون غير ذي معنى.. ولن يغير في الأمر الواقع.
ـ هل لام اكول في طريقه إلى الالتحاق بالحركة مجدداً على خطى مشار؟ ـ لا اعلم.. ولكن حديثه الأخير للتلفزيون السوداني يحمل مضامين واضحة تدل على استيائه من النظام الذي حمله اكول مسئولية عدم تطبيق الاتفاقات.
ـ ألم يفض اليك بما ينوي عمله عندما التقيت به؟ ـ انا لم التق به.
ـ بل التقيت به على مائدة الغداء في القاهرة وتردد انك انت الذي حرضته على العودة إلى الخرطوم ليعمل من الداخل؟ ـ اكرر: انا لم التق بلام اكول لكن كلامه للتلفزيون واضح ولا يحتاج مني لاضافة شيء.
ـ الا ترى ان الصادق المهدي حقق مكاسب سياسية بعد عودته للسودان؟ ـ اشك في ذلك.
ـ الا ترى انه يملك مساحة للحركة.. حتى انه يقوم برحلات خارجية ويقول ما يريد؟ ـ كان الاجدى لنعترف انه يملك مساحة حقيقية للحركة، ان يسمح له بالسفر إلى معاقل مناصري حزبه خارج العاصمة مثل دارفور وكردفان والنيل الأبيض ليلتقي بقواعده الجماهيرية.
ـ ليس بالضرورة ان يسافر شخصياً إلى هذه المناطق اذ يكفي ان وفود حزبه تلتقي بجماهيره هناك؟ ـ انا اتحدث عنه هو شخصياً.
ـ ماذا تقصد بـ «هو شخصياً؟ ـ السماح له هو شخصياً يعني اكثر، خصوصاً وانك انت الذي اشرت إلى سفره الكثير للخارج.
ـ هل ترى انه يواجه عقبات في التحرك داخل البلاد؟ ـ هذه الجوانب هو الاكثر الماماً بها والا ف..
ـ المهدي يتحدث عن مرحلة انتقالية مقبلة وكذلك حزب الميرغني ما هي ملامح هذه المرحلة؟ ـ واضح ان المعارضة والحكومة متجهتان نحو القبول بمخرج للأزمة.. الحكومة تقبل بمرحلة انتقالية ولكنها تريد ان تبقى خلالها على ثوابتها.. وثوابتها لم تعد هي الثوابت التي كانت تتشدق بها في الماضي.. بل تقلصت إلى ثابت واحد فقط يتمثل في امساكها بمفاتيح السلطة.. أما التجمع فيتحدث عن فترة انتقالية تفكك فيها مفاصل السلطة الحالية.
ـ هذان طرحان متناقضان والاختلاف حولهما معروف منذ امد. السؤال هو ما الجديد في هذا الصدد الذي يجعلكم جميعاً تتحدثون عن مرحلة انتقالية مقبلة وكأنكم ترونها مرأى العين؟ ـ الكلام عن المرحلة الانتقالية موجود ولكن المحك في موقف الحكومة عندما يأتي التطبيق.
ـ هل يتعرض النظام لضغوط في اتجاه التخلي عن السلطة؟ ـ نعم ـ من أي طرف؟ ـ الأوروبيون يتحدثون عن ضرورة ارساء الحريات والديمقراطية والأمريكيون كذلك.
ـ لكن وضح في الفترة الأخيرة ان امريكا لم تعد في وضع معاد للنظام وانتقلت من مرحلة الاصرار على اسقاطه إلى مرحلة التفاهم معه.. باشادات علنية من اركان الادارة الامريكية بتجاوب الخرطوم مع طلباتها ما اثار شكوكاً حول احتمال تحول العلاقة إلى تحالف.. ما الذي يمنع ذلك؟ ـ لا اظن.
ـ ألم تلحظ ان السودان الذي كان أول المرشحين للاستهداف الأمريكي بعد 11 سبتمبر استثنى تماماً من اي قائمة محتملة لتكون أهدافاً لضربات امريكية وهي قائمة طويلة؟ ـ صحيح.. ولكن مرد ذلك يعود إلى ان الخرطوم فتحت امام الإدارة الامريكية كل الابواب واعطتها كل ما ترغب فيه من معلومات.
ـ اذن ما الذي يمنع ان تفتح هذه الابواب إلى مدى اوسع يفضي بالعلاقات إلى مدى أبعد؟ ـ لن يؤدي هذا الباب إلى شيء لان الأمور في النهاية تتعلق باهتمام امريكي وعالمي بايقاف الحرب الاهلية في السودان لا يمكن التغاضي عنه.. والعالم كله يدري انه لا يمكن ان يكون هنالك ايقاف حرب الا في اطار سودان موحد و.. ـ من في العالم مهتم بموضوع وحدة السودان؟ ـ الجميع.. حتى المبعوث الامريكي صرح اكثر من مرة ان بلاده حريصة على ان يبقى السودان موحداً.. ماذا يفعل اكثر من ذلك؟ هل عليه ان يقوم بتوزيع منشورات عليها تصريحاته ويسلمها لكل سوداني في أي مكان؟!! ـ المقصود ان النظام الآن لا يتعرض لأي ضغوط.. الضغوط التي كانت تمارسها امريكا تلاشت تماماً؟ ـ ألا يعني تمديد العقوبات الأمريكية على السودان نوعاً من الضغط على النظام؟ ـ ليس بذلك القدر.. ولاحظ ان واشنطن اعطت باليد الاخرى تأشيرات لمسئولين في النظام لزيارتها الأمر الذي كان غير متاح فيما مضى؟ ـ للعلم فان اعضاء الوفد السوداني الذي ذهب إلى امريكا طلب منهم الا يتجاوزوا حدود واشنطن.
ـ وماذا يريد الوفد اكثر من ذلك؟ هل هم في رحلة سياحية؟! لقد ذهبوا في مهمة رسمية ويكفي لاتمامها البقاء في واشنطن.. يكفي انهم دخلوا.. وهذا في حد ذاته تطور جديد.
ـ نعم.. ولكن هذه العراقيل والشروط لها دلالات.
ـ ألا تظن ان السماح لهم بدخول واشنطن حتى ولو ليوم واحد وفي مكان محدود، يعد تطوراً جديداً وذا مغزى في مسيرة علاقات؟ ـ بالطبع نعم.. فهذه مكافأة للنظام على استسلامه الكامل للطلبات الأمريكية إلى درجة ان نفتح...
ـ حسناً.. السؤال هو إلى اي مدى يمكن ان تصل هذه المكافأة؟ اعني ان حدود المكافأة يمكن تجر إلى آفاق اخرى.
ـ إلى أي آفاق؟ ـ إلى حد التحالف مثلاً ـ ثم ماذا.. ماذا سيفعلون بشأن الحرب؟ ـ يمكن ان تطوق الحركة وتتجه اليها الضغوط التي كانت تمارس على الحكومة.. خاصة وان الإدارة قبلت الان التعامل مع نظام البشير كنظام «امر واقع» ويبدو انها باتت غير مقتنعة بفعالية المعارضة ضده من تجمع وغيره.
ـ سأذهب مع افتراضاتكم إلى آخر مدى. تمارس امريكا الضغط على الحركة وتتحالف مع الخرطوم ليصلوا إلى ماذا؟ هل سيسعيان إلى فصل السودان إلى دولتين؟ ـ بل لايقاف الحرب بضغوط ووسائل أمريكية في اطار دولة الأمر الواقع.. ما الذي يمنع تطبيق هذا السناريو الافتراضي؟ ـ دولة الأمر الواقع هذه تسيطر على الخرطوم وضواحيها وشمال السودان لكنها لا تملك السيطرة على مناطق كثيرة في الشرق والغرب، ناهيك عن دولة الأمر الواقع الاخرى القائمة في الجنوب ماذا سيفعلون معها؟ ـ اذا اوقفت امريكا دعمها للحركة فلن تقوم قائمة لدولة الجنوب؟ ـ أي نوع من الدعم تقصدون؟ ـ الدعم المادي والسياسي.
ـ ليس هنالك دعم مادي يأتي للحركة من الإدارة الامريكية.. هذه حقيقة يجب ان تسجل. الدعم الذي تحصل عليه الحركة يأتي من قواعد لا تزال تطالب حتى اليوم بإزالة النظام، بما في ذلك الكونجرس.. وبهذه المناسبة لم يحدث في تاريخ امريكا ان اتخذ الكونجرس قراراً ضد نظام معين بأغلبية 422 صوتاً ضد اثنين فقط.
امريكا ليست دانفورث فقط.. هنالك قوى كثيرة ولا تستطيع الادارة ان تمنعها من دعم الجهة التي تريدها هذه القوى.
خلاصة القول اننا تحدثنا عن افتراضات وتابعناها لنهاياتها تقريباً.. ولكن بغض النظر عن ذلك فان الحقيقة التي اجد نفسي متأكداً منها هي اهتمام امريكا بارساء الديمقراطية في السودان الأمر الذي سيحل طردياً قضايا اخرى كثيرة مثل حقوق الانسان وحرية الاديان والحريات السياسية وغيرها.
ـ هذا صحيح اذا كانت لدينا في السودان مؤسسات ديمقراطية حقيقية.. ولكن تجاربنا في هذا المجال لا تبعث على الأمل.. وهذا يفتح الباب أمام ملف جديد سيأتي لاحقاً.. ولكن نعود لنقطة نجاح النظام في فك الحصار الذي كان مضروباً حوله، الا ترون ان النظام نجح في اعادة علاقاته مع مصر واريتريا واثيوبيا واوغندا، وانفتحت امامه أبواب المنطقة العربية كلها ناهيك عن دول الاتحاد الأوروبي؟ ـ هذا صحيح ولكن كان لذلك ثمن كبير دفعه النظام.. وتبدو هنا المفارقة.. النظام لكي يصل إلى هذه النقطة تنازل عن كل ما كان يسميه ثوابت وتنكر لكل شيء كان يدعو له.. وانتهى به الأمر إلى ادانة الحركة التي نشأت في حضنه.
ـ لكنه كسب في المقابل.. فيما تراجعت المعارضة في كل الميادين حتى انها خسرت الحلفاء.. ولم تربح شيئاً؟ ـ نعم خسرت حلفاء لكن لا يستطيع ان نقول انها لم تربح.. ربحت بأنها ارغمت النظام على التراجع والتنكر لشعاراته حتى ان النظام بات اليوم يخاطب اوروبا وامريكا بلغة الحرص على الديمقراطية والتعددية.
ـ هذا يمكن ان يكون مجرد كلام وخلاص ويبقى الامر على ما هو عليه حتى ان البشير في آخر خطاب له في افتتاح مؤتمر البرلمانات العربية أكد تمسك النظام بكل ثوابته.
ـ حسنا.. فليقل ما يريد داخلياً ولكن عندما تذهب وفوده وعندما يتحدث وزراؤه في الخارج في باريس وفي لندن بغير ما يتحدث به البشير.. فان المحك سيكون غداً عندما يعقد اجتماع لكل الاطراف للبحث عن حل.. اجتماع مشابه لاجتماع سويسرا ويطلب من الجميع طروحاتهم لتحقيق الديمقراطية فانهم لن يجدوا مخرجاً سوى التخلي عما يسمونه بالثوابت.
ـ بالمناسبة.. كيف دخلت سويسرا على الخط السوداني؟ ـ سويسرا على الخط منذ زمن بعيد.
ـ نريد تفاصيل.
ـ كان ذلك عن طريق سفيرهم في نيروبي منذ ايام مؤتمر برشلونة وفي مؤتمر لاهاي.
ـ هل للتجمع أي قناة مع السويسريين؟ ـ «بعد صمت» إذا اعتبرتني من التجمع نعم «ويضحك».
ـ نعود لملف التجمع مجدداً.. لوحظ ان التجمع انكمش مؤخراً وخفض صوته حتى قيل انه وهب دوره للحركة التي علا صوتها اكثر فأكثر خصوصاً بعد خروج المهدي من صفوفه.. هل توافق على ذلك؟ ـ قد يكون مرد الأمر إلى ان الحركة هي التي تحارب فعلاً في الميدان.
ـ السؤال بطريقة معدلة واكثر تحديدا.. هل شعرتم في التجمع بانكم خسرتم بخروج الصادق المهدي؟ ـ للخسارة أكثر من معنى ولكن ينبغي الا نسمح للنظام بان يتقوى بالداخل. ولحسن الحظ فان رجوع الصادق اثبت صحة المخاوف التي كانت تثيرها المعارضة بالخارج وكذب عملياً اوهامه بامكانية اقناع النظام سلماً.. واذا ثبت بالفعل ان المهدي فشل في ذلك فهذا مكسب للتجمع وليس خسارة.. ورغم ذلك كرر التجمع كثيراً القول بأن مكان حزب الأمة لا يزال شاغراً في صفوف المعارضة.
ـ أما زلتم تعتقدون ان هذا المكان شاغر بالفعل حتى الآن؟ ـ نعم.. مازلنا نعتقد ذلك.
ـ هل هنالك أي جهود لاعادة حزب الأمة إلى مكانه الشاغر بالتجمع؟ ـ بالطبع.
ـ ماذا تم من خطوات عملية في هذا الاتجاه؟ ـ آخر اجتماع للتجمع صدر عنه نداء لحزب الأمة.
ـ هل هنالك تجاوب من الحزب.. هل هنالك اتصالات مباشرة لمحاولة اقناعهم بالعودة لصفوف التجمع؟ ـ المؤسف في موقف حزب الأمة انه منشق على نفسه.. هنالك عناصر تدفع في اتجاه التحالف مع النظام وعناصر اخرى تعارض ذلك بشدة. لنؤازر هذه العناصر الرافضة للنظام علينا ان نفعل شيئاً ونواصل التواصل ونسعى لذلك.
ـ يبدو ان المهدي فكر في سد الفراغ الذي تركه الترابي عندما انشق عن النظام.. لماذا لم يفكر التجمع في هذا الاتجاه عندما وقف النظام عارياً بعد انشقاق الترابي، ليتم احتواؤه في مرحلة تالية بعد التعاون معه؟ ـ كيف يمكننا ان نتعاون مع النظام اذا كان لا يزال متشبثاً بمواقفه وثوابته؟ ـ لقد قلت قبل قليل ان النظام تنكر لكل ثوابته وتقول الآن انه متشبث بها.. ألا ترى تناقضا في حديثك؟ ـ انا اقصد انه متشبث بموقعه.. بمعنى آخر بات واضحاً الآن ان ثوابت النظام تقلصت إلى التشبث بالسلطة ولم تعد الشعارات والاطروحات التي كانت تملأ بها الدنيا ضجيجا. وهنالك عناصر داخل هذا النظام لا يمكن ان تتنازل عن هذه السلطة.. تريد ان تمسك بالمقاتيح لانها تخشى على نفسها اذا ابتعدت عن السلطة. وهذا ليس مجرد تخرص.. ففي اجتماع جيبوتي بين الوفد الحكومي والصادق، وعندما طرح الاخير موضوع المساءلة قال له نافع ابراهيم نافع بكل وضوح: لا يمكن ان نقبل بادراج بند كهذا لترسلونا إلى المشانق بموجبه لاحقاً.
وهذا ما دفع الصادق الى القبول بتعديل البند إلى صيغة تعني العفو المتبادل.. وما إلى ذلك.
الخلاصة ان المجموعة المسيطرة على السلطة لا يمكن ان تتنازل عنها، ما يعني استحالة التعاون معها.. الكلام يكون منطقياً اذ دعوت إلى التعاون مع الجناح المنشق عن النظام في اتجاه اسقاط الجناح المتشبث بالسلطة.
ـ هنا يطل سؤال يشغل بال الكثيرين: كيف سمحتم لانفسكم ان تتسارعوا إلى الغفران للترابي عن كل مساويء النظام في ذروة سيطرته على مفاصل الحكم.. رغم انكم تعلمون انه هو الذي خطط للانقلاب واتى بالنظام وظل عرابه الذي ابتدع «الثوابت» واذاق معارضيه أنواع العذاب لسنوات عدة؟ كيف نفهم ان تنسوا كل هذا وتهرعوا للتنسيق معه لمحاربة المجموعة الحاكمة التي تبدو هي المعتدلة بدليل اتساع هامش الحرية بعد ذهاب الترابي؟ ـ هذا أيضاً كلام مبني على افتراضات. أي ان هنالك طرفا معتدلا وآخر متشددا داخل النظام.. انا شخصياً لا اعتقد ان المجموعة الحاكمة الان طرف معتدل.. الفرق بين الطرفين ان الترابي يلعب السياسة، أما هؤلاء فأناس سلطويون. أما ما يردده البعض حول ان الخلاف بين النظام والترابي بدأ يوم خروجه من صفوفه، فهذا خطأ. لأن المعركة بدأت منذ ان طالب الترابي بحل مجلس الثورة.. وبدأت عندما قرر حل الجبهة الإسلامية القومية لتكوين حزب عريض وادخل فيه مسيحيين.
ـ معنى هذا انك تشهد على صحة ما يردده مناصرو الترابي من ان سبب الخلاف كان مطالبته بتوسيع دائرة الحرية والديمقراطية وان المجموعة الحاكمة الآن هي التي رفضت هذا التوجه؟ ـ نعم اوافق على ذلك تماماً.. الأمر الآخر ان العمل السياسي الحقيقي يحتاج لحسبة واقعية والواقع ان الترابي له قاعدة جماهيرية ولكنه لا يحكم.. واذا كنا نستعد للدخول في حكومة انتقالية تقبل حتى بالبشير فليس من المنطق ان نرفض التعاون مع الترابي لاسقاط النظام. ولابد من اعطاء حزب الترابي شرعية في أي وضع مقبل بأي صورة من الصور خاصة وان التوجه خلال الحوار الدائر حالياً على جميع المستويات سواء كان المبادرة المصرية الليبية أو مبادرة ايجاد أو مقترحات امريكية كلها قائمة على اقتسام السلطة بمشاركة الجميع. وبالتالي ليس منطقياً ان ارفض التعاون مع الترابي الذي قبل، ليس فقط بموضوع الفترة الانتقالية التي تحل محل حكومة البشير، بل قبل حتى بموضوع المحاسبة كما ورد في مذكرة التفاهم مع الحركة.. وهو الأمر الذي رفضته المجموعة الحاكمة في اتفاقها مع الصادق في جيبوتي.
ـ هل هنالك اتجاه لضم حزب الترابي إلى التجمع وماذا سيحصل اذا قدم الترابي طلباً بذلك؟ ـ لا يوجد شيء عملي محدد في اتجاه ضم أو انضمام حزب الترابي للتجمع ولكن التجمع وجه في اجتماعه الأخير فصائله في الداخل إلى التعاون سياسياً مع كل القوى المعارضة للنظام للعمل ضده.
ـ ما الذي يمنع انضمام حزب الترابي للتجمع رسمياً؟ ـ اضافة إلى ضرورة الموافقة على مواثيق التجمع قد تكون هنالك أسباب سيكولوجية لدى الطرفين. ولكن على كل حال لكي يتم التعاون على عمل سياسي ليس من الضرورة ان ينحشر جميع الاطراف في بوتقة بعينها.
ـ هل انتم الرافضون لانضمامهم أم هم؟ ـ لم يحصل طرح محدد في هذا الاتجاه لنرفض نحن أو يرفضوا هم.. ولكن هنالك اتفاق بين الحركة وحزب الترابي على ان تعمل الحركة على طرح وجهة نظر «المؤتمر الشعبي» على التجمع.
ـ نعود لملف التجمع.. وهنا يلاحظ ان التجمع يمر بحالة «بيات شتوي»، ولم يعد يملك زمام المبادرة لا سياسياً ولا عسكرياً واصبح يعتمد في مواقفه على مجرد رد الفعل. والمشهد بكامله مدعاة لتفشي حالة احباط شديدة للشعب السوداني ومتابعي قضيته وسط كم هائل من المبادرات.
بعيداً عن التنظير وما ظللنا نسمعه من ضجيج شفهي كثير، ما هو تصور التجمع السياسي للخروج من هذه الدوامة؟ ـ اعتقد ان الاعتماد على المبادرات الخارجية اتجاه غير سليم.. وصحيح ان التجمع لم يكن منبعاً لهذه المبادرات بل كان فقط يدلي برأيه فيها ويفتح قنوات اتصال وحوار مع أصحاب المبادرات لكن المحك الحقيقي والميدان الأساسي للعمل يظل هو التحرك في الداخل.. العامل الأساسي الذي يمكن التعويل عليه لتغيير الموازين هو قدرة التجمع في تفعيل العمل السياسي بالداخل، وليس بالضرورة الاعتماد فقط على العمل العسكري.. وهذه قضية تعتمد أيضاً على تفاعل المواطنين السودانيين مع تحرك التجمع وعلى عاتقهم تقع مسئولية كبرى.
ـ كيف تتفاعل الجماهير مع تحرك لا ترى له قيادة فاعلة.. التجمع يتابع فقط تحركات محدودة لقيادة عاجزة عن تحريك قدرات الجماهير؟ ـ كيف لا توجد قيادة؟ ـ يرد ذلك في صلب حديثك.. انت تقول ان المهدي عاجز عن التحرك خارج العاصمة ومقيد في حركته السياسية.. والتجمع بالداخل ممنوع من السفر إلى الخارج للتنسيق مع تجمع الخارج؟ ـ انا قصدت ان المواطن السوداني عليه مسئولية المساهمة بما يستطيع في العمل المعارض، واكرر القول ان العمل الأهم هو التحرك في الداخل.
ـ هل تراهنون حقاً على تحرك ضد النظام من الداخل وما هي متطلبات ذلك؟ ـ بصراحة التحرك في الداخل لا يحتاج سوى للمال! الفلوس وبس.. التمويل هو المشكلة الحقيقية.. واعتقد ان 5 ملايين يمكن ان تحل المشكلة. ـ الا يملك التجمع 5 ملايين؟! ـ بالطبع لا يملك.
ـ ولا الحركة؟ ـ الحركة الآن تحتضر «قاعدة تموت»!! ـ نسألك من منطلق مكانتك الفكرية والثقافية ومن منطلق ما عرف عنك بالصراحة الشديدة في تشريح مكامن الاخفاق في السياسة السودانية، كما طالعنا ذلك في سلسلة كتبك مثل «لا خير فينا ان لم نقلها».. و«النخبة السودانية وادمان الفشل».. و«حوار مع الصفوة» .. على ضوء ذلك نريد اجابة صريحة: هل أنت راض عن مسيرة التجمع بكل ما يجري داخله؟ ـ هل تريدون ان أعلن آرائي السلبية حول التجمع وانا عضو في قيادته؟ ـ نعتقد ان ذلك سيكون مفيداً للتجمع نفسه.. لم لا؟ لان سياسة الطبطبة المتبعة ادت إلى كارثة وستؤدي إلى المزيد.. لابد من نقد ذاتي جريء وصريح.. ما رأيك؟ ـ صحيح.. صحيح.
ـ الا توافقنا الرأي في ان الصمت في مثل هذه المواقف يوازي خيانة القضية؟ ـ نعم.. لكن المرء يكون متنازعاً احياناً بين موازنات كثيرة.. وللكتابة عن التجربة بتجرد هذا يستدعي استقالتي من موقعي!! ـ لكنك كتبت عن نظام النميري وانت داخله فصدرت سلسلة «لا خير فينا ان لم نقلها» وانت لا تزال في موقعك بقيادة تنظيم الاتحاد الاشتراكي الحاكم أليس كذلك؟ ـ نعم.. نعم.
ـ هكذا عرفناك صريحاً.. تنتقد النميري.. وتقيم تجارب الهامات الوطنية بتجرد وترصد لهم وما عليهم، وكتبت في الصادق المهدي «ما لم يقله مالك في الخمر» كما يقولون.. فما الذي يسكت قلمك عن التجمع؟ ـ هل هذا تأليب؟ قالها «ضاحكاً».
ـ لا بل المقصود توضيح أهمية النقد الذاتي ولا ندري ان كان التجمع يمارس ذلك داخل الغرف المغلقة على الأقل.. أم لا.وعلى صلة بالسؤال: هل صحيح ان ما يقال ان الميرغني واقع تحت وصاية الحركة؟ وان الفصائل الاخرى في التجمع واقعة تحت وصاية الميرغني؟ ـ لا.. لا.. هذا غير صحيح.. ومن يحضر اجتماعات التجمع سيجد ان النقاش خلاله يتسم بصراحة شديدة.. ولا اظن ان... ـ قال مبارك الفاضل ان السيد محمد عثمان الميرغني لا يحتمل ان يتعامل معه الناس بصفته السياسية انما يريد ان يعامل من حوله على أساس زعامته الطائفية باظهار الاجلال و«تبويس الايادي» والموافقة على كل ما يقول.. هل هذا صحيح؟ ـ انا شخصياً لا اتعامل معه بهذه الطريقة.. والتعامل بيننا طبيعي جداً.. وان كان يرى مبارك المهدي غير هذا فهذا شأنه.
ـ يتردد مؤخراً ان هنالك نوعاً من عدم الانسجام بين بعض فصائل التجمع والميرغني.. وان ذلك هو السبب في تراجع ديناميكية التجمع ما مدى صحة ذلك؟ ـ لا اظن ان المسألة عدم انسجام.. القضية تكمن في قلة، بل انعدام، الموارد المالية.
ـ ونظن ايضاً ان المشكلة ليست في الموارد فحسب.. بل واضح ان التجمع يعقد اجتماعاً ويتخذ قرارات كبيرة وبحماس شديد.. وما ان ينفض الجمع حتى يعود كل شيء إلى ما كان عليه.. هل توافقنا على ذلك؟ ـ نعم.. وبصراحة هذه مشكلة في الشخصية السودانية.. السودانيون درجوا على الاعتقاد بأن أي قضية يمكن ان تحل بالكلام عنها.. لكنهم لم يعتادوا على تنزيل هذا الكلام إلى برامج محددة.. هذا يحدث حتى في اجتماعات مجلس الوزراء.. اذ يمكن ان يقدم احد الوزراء مشروعاً يكلف الملايين ويتحدث عنه بطريقة تقنع المجلس بتبنيه دون ان يكلف نفسه حتى مناقشة وزير المالية في كيفية تدبير موارد هذا المشروع!!.. هذه مشكلة حقيقية وتنطبق حتى على الأحزاب.
ـ بهذا تكون قد اكتملت الصورة القاتمة للاوضاع التي سبق ان قلنا انها محبطة. اليس كذلك؟ ـ هذه هي الحقيقة.. ولكن لا تنسى ان الأمر ينطبق على كل فرد فينا ودعوني اسألكم كم من الناس هنا في اوساطكم لا هم لهم ان اجتمعوا سوى التحدث في نقائص التجمع؟.. لكن لكم منهم يطرح حلاً عملياً لتجنب هذه النقائص؟ لا أحد.. لا شيء سوى اجترار الحديث نفسه عن النقائض نفسها!! ـ حتى لا يلوك الناس سيرة التجمع بالنقائص الاجدر بالتجمع ان يناقش نقائصه ويحاول معالجتها.. اليس كذلك؟ ـ نعم.. نعم.
ـ هل هذا هو ما يحدث فعلاً؟ ـ «بعد صمت».. نعم ولا!! ـ كيف؟ ـ نعم لانه يناقش فعلاً.. ولا لانه يناقش الأمر بالعقلية نفسها!! مثلاً: جميل ان يعقد اجتماع لبحث امكانية استقطاب دعم المغتربين للتجمع.. وجميل ان يتبرع احد المجتمعين بتقديم صورة وردية للأمر فيذكرنا بأن في الخليج مثلاً كذا الف مغترب ولو دفع كل واحد منهم ريالاً او درهماً واحداً فان الحصيلة ستكون كذا ثم ينتقل إلى الحديث عن المغتربين في المهاجر الغربية الذين يمكن ان نحصل منهم على كذا.. ويتحمس الجميع ولكن لا احد يسأل او يوضح من اين سنجد الموارد التي ستمكننا من الوصول إلى هؤلاء المتبرعين.. وهكذا.
ـ هل هذه الصورة هي احد العوامل التي ربما دفعت الصادق المهدي لفقدان الثقة في التجمع وقطع آماله في اصلاحه؟ ـ لا.. مشكلة الصادق مشكلة مختلفة.
ـ ما هي هذه المشكلة؟ ـ مشكلة الصادق تكمن في رغبته ان يكون دائماً هو «الالفة» ـ «عريف الفصل» ـ أي ان يكون هو القائد لكل شيء.
ـ لكنكم عرضتم عليه هذا الدور ورفض؟ ـ عرضنا ماذا؟ ورفض ماذا؟ ـ بمجرد خروجه من السودان عرض عليه الميرغني اعادة تشكيل هيكل قيادة التجمع بحيث يتبوأ منصباً يتناسب وحجمه السياسي، أو قل حجم حزبه.. لكنه رفض متعهداً بأن يعمل من خارج القيادة بذات الحماس كما لو كان داخلها.. اليس كذلك؟ ـ هذا صحيح.. هذا صحيح.. لكنه كان يأتي بتصرفات توحي بتمسكه بدور «الالفة».. خذ مثلاً: اذا عقد اجتماع لقيادة التجمع تجد ان الصادق يصر على ان يسحب كرسيه ويجلس على المنصة بجانب الرئيس مع انه ليس عضواً «لان حزبه ممثل بشخص آخر» وليس هو نائب الرئيس!! ـ هل كان يقحم نفسه في هذه الاجتماعات بدون توجيه الدعوة اليه؟ ولماذا لم توقفوه عند حده ان كنتم ترون في ذلك ما يزعجكم؟ ـ في ذلك الوقت كنا بحاجة اليه!! ـ كان في نيتنا عندما بدأنا التحضير لهذه «الندوة» أو اللقاء ان نخرج في محصلته بمبادرة لمصالحة شخصية بينكم وبين الصادق المهدي لإزالة ما خلفه التناطح السياسي من حساسية في علاقاتكم.
ـ «ضاحكاً».. ولماذا تزيلونها؟ ـ كلاكما رقم مهم في الساحة السياسية السودانية.. الا يكفي هذا مدعاة للتوافق بينكم لصالح السودان.
ـ هل انتم راضون عما يفعله الصادق المهدي؟ ـ نحن وكل السودانيين غير راضين عن سيطرة الخصومة الشخصية والبغضاء بين قادة العمل السياسي في وطننا.
ـ الأمر بيني وبين الصادق ليس خصومة شخصية.. لا ينافسني على شيء ولا انا انافسه في شيء.. وقد لاحظتم انني في كل ما كتبته عنه لا ابخسه حقه في التذكير بمكانته وامكانياته الشخصية كمثقف كبير.
ـ وردت في خاطري على التو عبارة «ربنا ستر» وتساءلت عما اذا كانت هذه الروح المتنافرة هي التي كانت ستسود لو انكم تمكنتم من الحكم في ذروة فوران التجمع التي كان يتحرك ابانها المهدي بدينامية ونشاط مميز!! ما تعليقك؟ ـ لا ينبغي ان نفترض ان أي حكومة مقبلة بديلة للنظام لابد ان يكون الصادق أو نقد أو فلان أو علان شخصياً ممثلاً فيها! آن الأوان لان يتجنب الناس التفكير بهذه الطريقة الضيقة.. السودان بلد واسع فلماذا علينا ان نفترض ان يكون فلان او علان هو الجدير بالحكم؟! ـ قبل ان ننتقل من ملف التجمع إلى ملف آخر.. اود ان اسمع ردكم على حجة النظام التي تبدو مقنعة عندما برر منع وفد تجمع الداخل من السفر إلى القاهرة لحضور الاجتماع الأخير.
ـ ما هي هذه الحجة المقنعة؟ ـ يقول المسئولون في الخرطوم انهم سمحوا لذات الوفد بالمشاركة في اجتماع اسمرة الذي سبق اجتماع القاهرة لابداء حسن النية تجاه التجمع ودفعه نحو التركيز على الحل السلمي وتحقيق الوفاق فاذا بالقادمين من الداخل هم الذين يحرضون الاجتماع على التمسك بالعمل المسلح.. ولا حكومة في الدنيا يمكن ان ترضى بمنح حرية العمل والتحرك لتنظيم يدعو علناً لحمل السلاح لاسقاطها فما ردكم؟ ـ هذه ليست الحقيقة لأن وفد الداخل عندما وصل إلى اسمرة كنا قد قررنا الا يحضر اعضاؤه الجلسات المخصصة لمناقشة هذا الأمر. وبالتالي فان اهل الحكم قد كذبوا كذبة صريحة في هذه النقطة.. هذا من جانب، من الجانب الاخر فان ما قيل يندرج في اطار الاسلوب «الملولب» «المراوغ».. والا... ترى لماذا تريد الحكومة التفاوض مع التجمع؟ بالطبع لانهاء حرب قائمة فعلاً.. ولان التجمع له قوات تحارب في الشمال والشرق والمناطق الأخرى.. وبالتالي فان التحاجج بأن وفد الداخل قام للترويج للعمل العسكري ذريعة واهية لان التجمع لا يحتاج إلى شخص أو اثنين يأتيان من الخرطوم ليقنعاه بالعمل المسلح.
من جانب ثالث من الخطأ ان تتعامل السلطة مع أعضاء وفد الداخل وكأنهم سفراء لها وجاءوا لعرض رؤيتها.. هؤلاء ليسوا سفراء للنظام وهؤلاء ليسوا شخصيات مستقلة تمثل انفسها... بل هم ممثلون للتجمع بالداخل وبالتالي فان اطروحاتهم وافكارهم وبرامجهم هي نفسها التي يتبناها التجمع.
ـ خلاصة الأمر.. إلى اين تمضي مآل الأمور بمجملها؟وهل انت متفائل بالمستقبل.. هل في الافق ما يشير فعلاً إلى ان السلام والوئام والاستقرار مقبل.. ام تشير المؤشرات إلى ان الاسوأ هو المقبل باستمرار الدمار واراقة الدماء وربما انتهاء بانفصال الجنوب؟ في أي اتجاه تمضي الأمور؟ ـ الأمر رهين بموقف النظام.. اذا اصر على اجندته واقصد هنا اجندة فرض الأمور السياسية كما يريد، في هذه الحالة لن يكون هنالك ايقاف حرب.. والعالم لن يقف طويلاً موقف المتفرج من هذه الملهاة، هذه الحقيقة يجب التركيز عليها. وهي ادعى إلى ان يصر الناس في الشمال على تصعيد العمل السياسي ضد النظام.
ـ يتردد ان هنالك مجموعة داخل الحركة ترى انه بعد كل الارواح التي زهقت في الحرب وقيام ما يشبه الدولة فان اية تسوية لا تؤدي إلى انفصال الجنوب ـ بما فيها الكونفيدرالية ـ تعتبر ردة إلى الوراء.. هل هذا صحيح؟ ـ نعم هنالك عناصر مثل هؤلاء في الجنوب وفي الشمال أيضاً.
ـ نسأل عن وجودهم داخل الحركة؟ ـ نعم موجودون داخل الحركة.
ـ هل لهم ثقل كبير؟ ـ بالطبع ليسوا التيار الغالب.. والا لكانت القضية قد حسمت منذ زمن.
ـ لا نقصد عددهم.. ربما لهم نفوذ كبير احتكاماً بالسلاح مثلاً.
ـ لا.. هم اناس اصيبوا بالاحباط كما اصبتم انتم به من طول امد الحرب.. ويرون انهم يموتون من اجل هدف لا يموت الشماليون انفسهم من اجله.. وهذا يبدو منطقياً من جانب.. ولكن قيادة الحركة لانها تملك نظرة مستقبلية واعية تدرك ان هذا صراع.. والصراع قد يلتهم اجيالاً!.. هذا بالنسبة لشخص يتمتع بالوعي السياسي لكن ذوو الوعي المحدود لا يملكون تقدير الأمور بطريقة صائبة.
ـ اذن دعني اطرح سؤالاً يراود بعض ذوي «الوعي المحدود» هؤلاء.. ما الذي يضير لو انفصل الجنوب ثمناً للخروج من هذه المحرقة التي قد تلتهم اجيالاً كما تقول؟ ماذا يضير لو قامت دولتان متجاورتان لتعيشا في سلام؟ ولماذا لا يطالب الشماليون انفسهم بفصل الجنوب لانهاء حرب لا نرى لها نهاية ولا مكسباً يستحق اهدار كل هذه الدماء؟ اين تكمن الخطورة اذا انفصل الجنوب؟ هذا السؤال اطرحه عليك بصفتك احد ابناء الشمال.. لا بصفتك القيادية في الحركة.
ـ يا عزيزي.. كل الحروب في الجنوب منذ الاستقلال «عام 56م» هي حروب فرضها الشماليون على الجنوب للاحتفاظ بهذا الجزء من الوطن.
بمعنى آخر الجنوبيون لم يشعلوا حرباً لينفصلوا وانما الشماليون هم الذين بدأوا الحرب ليوقفوا ما ظنوه محاولة للانفصال.. وعندما تأتي بعد كل هذه الحروب لتقول: خلاص.. وكأن شيئاً لم يكن.. تكون مطالباً بأن تجري استطلاعاً أو استفتاء.
ـ السؤال بطريقة اخرى.. ما هي المخاطر التي تحيق بالشمال في حال انفصل الجنوب؟ ـ المخاطر كثيرة.. أولاً: لا احد يعرف المدى الذي ستصل إليه تداعيات الانفصال على المناطق الاخرى فقد «تكر السبحة».
ثانياً: الجنوب هو مستودع الثروات الحقيقية اليوم من نفط ومياه وغابات واراض زراعية وغيرها.. في الوقت الذي يعاني الشمال من زحف التصحر، الذي يصل حتى كوستى.. هذا واقع مخيف ولا نفعل شيئاً لايقافه.. فهل الشعب السوداني مستعد للتضحية بكل هذا ليكون الثمن قيام دولة دينية؟! اذ لا يقف عقبة أمام الوحدة سوى هذه العقبة التي يفتعلها النظام، في تقاطع مع طروحات كل القوى السياسية الاخرى.. ثم هل سيقبل الشماليون المطالبون بدولة مدنية بقيام دولة دينية ويكون ثمنها تقطيع اوصال الوطن؟ ـ لكن لا ننسى ان الثروات في الشمال ليست بالقدر الهين.. تتحدث عن الاراضي الزراعية والمياه والثروات المعدنية وهي متوفرة في الشمال.. ثم ان الحرب الممتدة منذ اكثر من خمسين عاما ولا نرى في الافق نهاية لها تلتهم ثروات الشمال ولا تتيح امكانية للاستفادة من ثروات الجنوب.. إلى جانب ان الأموال التي صرفت في هذه الحرب اللعينة ـ دعك من الارواح التي ازهقت ـ كانت كفيلة بجعل دولة في الشمال في مصاف الدول المتقدمة؟ ـ هذه مجرد افتراضات.. لكن السؤال الملح الآن هو: اليوم الظروف مهيأة اكثر مما مضى لتحقيق الوحدة ببروز قوى جنوبية، لأول مرة، تصر على اقامة دولة مدنية موحدة.. فلماذا نضحي بهذه الظروف في سبيل التمسك بدولة دينية هي مثار جدل ـ ان لم يكن رفض ـ حتى في الشمال؟ ـ سأنتقل مباشرة إلى سؤال ترددت في طرحه لما فيه من جانب شخصي لكنني استصوبت تحمل الحرج من اجل القاريء الذي افترض انه يتشوق لسماع ردك.. فقد تردد كثيراً بل ويطفح على صفحات بعض الصحف من آن لآخر انك عميل للمخابرات الأمريكية.. ما ردك على مروجي هذه التهمة؟ ـ تريدني ان اجيب على سؤال كهذا في خضم حديثنا عن هذه القضايا المهمة؟! ـ تماماً.. واصر على السؤال لانه يطرق ذهن الكثيرين ولان الوقت قد ازف لنختم اللقاء؟ ـ حسنا مثل هذا الكلام درجنا على تجاهله وتجاوزه لانه يندرج في خانة «السفاهة».. وهذه من التهم السائدة في المنطقة خاصة من قبل الجماعات المتطرفة ـ أياً كان نوع التطرف ـ ضد كل من يخالفهم الرأي.. وقذف الناس بتهم مثل هذه تنضح «بالسخافة» خصوصاً في عالم اليوم.. في زمن تقوم فيه امريكا بالتدخل في كل شيء حتى انها تسعى لحل قضية فلسطين وعبر مخابراتها. في زمن مثل هذا يكون مثل هذا الكلام غير ذي معنى ولذلك لا اقف عنده كثيراً ولا اعيره اهتماماً. من جانب اخر عندما يكون المرء قد تربى في احضان الامم المتحدة ويتدرج الى مكانة تؤهله لخلق علاقات واسعة مع اشخاص رفيعي المستوى وتؤهله بالتالي حتى للالتقاء برؤساء أمريكا نفسها فلا يكون عندها في حاجة ليكون مجرد عميل لجهاز في إدارتها!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
الدكتور منصور خالد وقضية الساعة وتقويم الثقة د. عبد الله عوض عبد الله كان المقصود من كتاباتي بذل النفيس من تعب ومشاق وتضحية في سبيل نشر دعوة السلام (الإسلام) : كما قصدت منها التعامل مع الجمهور مباشرة دون حجاب.. فإن الصوت القوي المصوب الى القلوب.. يفرض على الآذان السماع وعلى القلوب الانصات.. فمثلي الكثيرين من المفكرين والكتاب والادباء المبدعين.. فهؤلاء فعلوا اكثر مما قالوا.. لهم العتبى... فإنه وارد: (ان كلمتي لاترجع الى فارغة) وفعل مثل هذه المقالات ساير وماض في كل افراد المجتمع وسيفعل فعله لا ريب في ذلك. فكل ما كتبته في المقالات السابقة هو ما جادت واسعفتني به الذاكرة وهو شذرات ونذر يسير لحياة عامرة ثرة بالعطاء الذي لا يغيض ولا ينقطع .. فيه تجديد لذكرى تلك الايام السوالف الخضراء عند قدامى الاخوان والاخوات ومخضرميهم وفيه وفاء للذين ذهبوا.. فعندما نكتب ننفذ قناعتنا الفكرية. انني ارمي في كتاباتي الى إنشاء الثقة في صدور الخلق من العباد بقوة ورحمة بين الخالق وراء كل ذلك ، الى إنشاء الصلة بين الخالق والخلق بصورة تقوم على الثقة والمحبة ، وقتها يكون انسياب المعرفة من منبعها الاصيل دون ان تعترض طريقها الحواجز والعقبات. ان دعوتنا الى اجهزة الإعلام ، المقروءة ، والمسموعة، والمرئية الى فتح ابواب الحوار الموضوعي، وتوسيع قاعدة المشاركة الفكرية في القضايا العامة وفق الدستور والقانون الدستوري، يجب ان تعم، وترعى وتشجع، وتصان بكل سبيل، فإن إنشاء الوعي السياسي، والديني ، بين افراد الشعب ، عن طريق الحوار، انما هو صمام الامان الوحيد لدى الشعب في وجه التضليل الطائفي والارهاب الديني و التآمر السياسي!! بل هو الأمن الحقيقي. فان قفل باب الحوار في القضايا الفكرية ان وجد الاستجابة لا قدر الله من الصحف وهي ذات مسؤولية وطنية وفكرية، رفيعة عن نشر الوعي وصيانة حرية الرأي، فعلى الوعي، وعلى حرية الرأي العفاء !! فهلا ادركت صحافتنا هذه البديهة؟! حتى لا يتم الاعتداء على الحريات العامة، وتوسيع دائرة الارهاب الفكري، فقد سمحت جريدة الأيام للدكتور منصور خالد بكتابة مقالات مبوبة (حوار مع الصفوة) اثرى بها الحوار والنقاش بالمجتمع السوداني والعالمي وكيف لا فقد كتبت مجموعتها الاولى عقب انتفاضة اكتوبر عام 1964م. عندما كان يعمل مندوباً للأمم المتحدة بالجزائر. وكتب مجموعتها الثانية خلال فترات التيه والضياع التي اعقبت ذلك وعندما كان يعمل في منظمة اليونسكو في باريس .. (ذلك استدراك رأيناه ضرورياً ... ثم .. نترك المنصة للحوار القديم الجديد). ولد الدكتور منصور خالد بمدينة ام درمان وأكمل تعليمه حتى المستوى الجامعي في مدارس السودان . نال اجازة الماجستير في القانون من جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة واجازة الدكتوراة من جامعة باريس في القانون الدولي - عمل محاميا في بداية تخرجه ثم انتقل للعمل بالإدارة القانونية بالامم المتحدة في نيويورك، انتقل من بعد للعمل في منطقة اليونسكو بباريس. عمل كاستاذ للقانون الدولي. في جامعة كلورادو بالولايات المتحدة عمل منذ مطلع نظام مايو 1969م، كوزير للشباب ثم سفير للسودان في الامم المتحدة . تقلب في عدة مناصب في السودان من وزارة الخارجية ووزارة التربية وكمساعد لرئيس الجمهورية ، عمل كزميل في معهد ودرو ويلسون بمؤسسة اسمثونيان بواشنطن عقب تركه السودان في عام 1978م، شغل موقع نائب رئيس للجنة الدولية للبيئة والتنمية التي انشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1982م، ومقرها جنيف.. ألف عددا من الكتب حول السياسة السودانية باللغتين العربية والانجليزية كما نشر العديد من المقالات في الحوليات الدولية عن قضايا التنمية والسياسة في العالم الثالث، كما انه مهندس جميع اتفاقيات السلام بالسودان بدون منازع فهو رجل مفكر واكاديمي مميز وسياسي وكاتب واديب وقانوني ذلك استدراك رأيناه ضروريا ثم نترك المنصة لتتشرف جائزة نوبل للسلام باسم الدكتور منصور خالد محمد عبد الماجد وباسم الاستاذ محمود محمد طه الذي قال عنه الدكتور منصور خالد وهو يهديه احدى كتبه: الى روح الاستاذ محمود محمد طه الذي ذهب مبغيا عليه في عهد اللوثة ولسان حاله يقول: (يا احبابي في بلد الاشياء) (في بلد المشي على اربع) (هذا آخر عهدي بوجوهكم السمحة) (بعقولكم العطشى للإنجاب الفكري الممنوع) (فالحكم الصادر، لقضاة مدينتكم في مجلسه المرموق) (عالجني بالموت). قال تعالى : (واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزاً * كلا ، سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضداً) مريم : 81 - 82 . نعم... من حقهم علينا ان نوليهم السند، ونحبهم بالمؤازرة حتى يرد لهم كرامة سلبت وينزل منهم اهل الخوف في كنف الامن بترشيحهم لجائزة نوبل للسلام. فالدكتور منصور خالد لجدير ان يدله اهلوه الثقة ويمنحونه التأييد وقد رأوا له الجزل من المواهب هذه.. وهو رجل من الاصالة قريب وفؤاد لماح زكي. فنحن على موعد مع السلام وجائزة السلام ومع الرفاء ومع الآمن يحكي كل ما فيها من مشاهد ومن سؤال ومن فوز ومن نور هو يوم (التغابن) فيجب ان نكون في مستوى التأدب والحضور معه فاللوم الذي جرى على الصحف هو ايضا بسبيل من حماية الحقوق الاساسية لجميع المواطنين . فنحن لا ندفع للصحف إلا بما نثق في سلامته ، ونقدر على الدفاع عنه امام النقد، والمواجهة المحددة... حتى لا ينفتح الباب امام الوصاية، والتسلط، والارهاب الفكري، حتى ننتهي، دون ان نشعر، الى خلق الرأي العام الضيق، المتعنت ، غير المتسامح. وحينها لا تبقى للحقوق الاساسية ادنى حرمة.. ولا تقوم للفكر، والحوار الموضوعي ، قائمة.. وبكل ذلك يشقى الإنسان، ويرتد في سلم التطور.. وتلك هي الفتنة التي لا تصيبن الذين ظلموا منا خاصة ، وما علم (الجبل) ان ذلك كان لأجل محتوم.. وان لكل اجل كتاب... وقد امتدت اطرفه وكأنه في محاولة لصد ابنائه من ملاقاة الموت... انه تعبير صادق عما اضمره ولا املك التعبير عنه.. ان مجتمع (الحرية) و (الصحافة) هو مجتمعي واسرتي الكبيرة والصغيرة مع علمي التام ان الذي يحب اثنين معدد وان الحب شرطه التوحيد.. كان بإمكاني ان لا ألتفت اليهم ولا اتحرك من مكاني حتى يبح صوتهم ويفت عضدهم ويخرجوا مدحورين خائبين .. ولله في امره شؤون. بارك الله في السود .. فان ضمائرهم انقى من ماء المزن الهتون ولكن ننفذ قناعتنا الفكرية عندما نكتب ونعمل ونرى في وحدة لا تفت .. فجائزة نوبل للسلام ليس لها إلا الاستاذ محمود محمد طه والاستاذ الدكتور منصور خالد محمد عبدالماجد. الحوار الحر هو قضية الساعة وتماسك الجبهة الداخلية هو واجب الساعة... ذلك بأن الحوار الحر ينجب الشعب الحر، وبحسبه شرفا ان يكون بمثابة الوسيلة لهذه الغاية العظيمة فهو كالانشاد ينغم النشاز الداخلي في النفس البشرية، فيزيل حالة القلق والاضطراب وينشر الجو الروحي الذي يسمو بالارواح ويعلو بها. فالدكتور منصور خالد محمد عبد الماجد رجل فذ مفتوح الذهن متحدث ووارداته حاضرة .. وهو صاحب الصوت القوي المصوب الى العقول والقلوب يفرض على الآذان السماع وعلى القلوب الانصات... فالاستاذ محمود محمد طه والدكتور منصور خالد محمد عبدالماجد فعلوا اكثر مما قالوا فلهم العتبى ولهم حق التشريف والترشيح لنيل جائزة نوبل للسلام مع انني اعرف ان امثال هؤلاء الرجال يجب ان يرشحهم من هو في قامتهم ولكن الفضل يعم.. بلغ الحد من الإلتباس ، في وقتنا الحاضر ان الناس، يرون، ويعملون، كما لو ان الحياة المادية ، حياة هي الغاية، ويجعلون كل ما عداها وسيلة لها .. ولكني هنا قد جمعت بين الروح والمادة والقلب والعقل والاصالة ليكتمل بهما السلام وجائزة السلام والامن الحقيقي .. فالتصفية الفكرية الجذرية عندهما بالسلام والحوار. قال تعالى: (ذلك فضل الله، يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) . الآية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
إفادات الدكتور منصور خالد عن إسقاط دور المحكمة الدستورية« 1- 2» في احدى فعاليات إحتفالات الهيئة القضائية بذهبية الاستقلال قدم السيد الدكتور منصور خالد ورقة ضافية حول هذا بدار القضاة بالطائف بالخرطوم، وكان سبيلنا الوحيد للوقوف على ما حوته هو قراءتها فى صحيفة «الرأى العام» بعد أن أوردتها كاملة دون سواها مما تم تقديمه فى تلك الندوة، ولم تجد مساهمته القيمة حظها من الذيوع والنشر قبل بدء الاحتفال تقديماً لها وإعلانا عنها مما حرمنا من أن نكون حضورا لها ليستخف بنا الطرب من شجاها كما عودنا الدكتور الاديب الاريب حينما يتصل الامر بالكتابة والبحث والتوفر على هذا، فى كل ما يتناول سيما حين مزجه له بالادب على النحو الذى درج عليه قبل أن تأخذه السياسة ودروبها، وقبل هذا الافادة من غزارة معرفة قانونى دقيق «كعالم حشرات» قل اقرانه ومتخصص فى القانون الدستورى بلا نظائر. وإنه لمن ثمار التحول الديمقراطى اليانعة رفع الخط الاحمر عن تناول شؤون الهيئة القضائية إذ كان هذا أحد الكبائر وسيف البلاغات مسلط على الرقاب فتوجيهات الهيئة فى هذا الشأن واضحة وصريحة. كتبت ورقة مطولة حول المحكمة الدستورية السابقة وقانونها وتفعيله وسائر أوجه أدائها عنونتها بأن «المحكمتين العليا والدستورية كانتا رتقا ففتقتهما الانقاذ لشئ فى نفسها» ومن ثم تم الاستطراد فى سرد الوقائع والحالة والسعى إلى تحليلها وإجلاء الموقف وإبانته. فامتنعت كل الصحف التى اتعامل معها تقريبا عن نشرها وكان هذا فعلها وردها لكل من اقترب محض إقتراب من الكتابة حول هذا، ولم يتهيأ لى تقديمها للناس إلا من خلال الشبكة العنكبوتية فى منبر «سودانيز أون لاين» محدود الاثر والتأثير بالداخل، وسوف تشكل حضورا كبيرا فى هذه المحاولة لتناول الموضوع سيما إستدعاؤها لما كانت عليه المحكمة فى دورها الرقابى على إجراءات القضاء واحكامه ودستوريتها من عدمها، فلقد تفضل الدكتور فى التناول المستفيض بإبداء إندهاشه واستغرابه التام لغياب هذا فى قانون المحكمة الدستورية الحالى، مع انه نُص على ذلك فى قانون المحكمة الدستورية لجنوب السودان وسوف نقصر المناقشة على هذا دون بقية ما تناولته الورقة الضافية، خصوصا إذا وضعنا فى الاعتبار ما صاحب هذه التجربة من عنت ومشاكل وقعود بالعمل القضائى فى كثير من الحالات والظلال السالبة التى ألقت بها، مما استوجب المناداة بتعطيل هذا الدور للمحكمة الدستورية وصاحب فعل ذلك إرتياح عميق فى الاوساط القانونية وتهليل وتنفس تام للصعداء فالدكتور المبجل طال عهده بالممارسة والاشتغال المهنى بالقانون وتباعد، وحملته أشياء كثيرة عنه سنين عددا. إن ما نحن معنيون به الآن - هو الحديث الذي دار وظل يدور لردح من الزمن عن حال العمل والاداء القضائيين، وعن مدى حاجته للإصلاح وما هى مستويات ذلك وكيفيته وإمكانية حدوثه من عدمها فى ظل الاوضاع الراهنة الماثلة الآن، ولم يتعد الهمس أو التناول في الغرف المغلقة -كل ذلك حفاظا على حرمة القضاء وصوناً لها- ولكن هل يتوقف الناس عن البحث العلمي والتناول القانوني الجاد ارتقاء بالأجهزة القانونية والعدلية للنهوض بدورها وأدائها تجويداً لهما؟ وتأكيداً على الهم الواحد المتمثل في السعي لإرساء دعائم عدل غير منقوص يتفيأ الكل ظلاله. إن دستور 1998 الذى أصدره عراب الانقاذ قبل المفاصلة الرمضانية الشهيرة، والذى تكونت بموجبه المحكمة الدستورية كان فى هذا بلا سوابق، إذ كانت المحكمة الدستورية دائرة فى المحكمة العليا يتم تشكيلها حينما تقضى ذلك مقتضيات كطعن دستورى او نحوه، وكان من المعروف انها تنفض بإنتهاء قضائها فيما هو مطروح امامها، و لا تنعقد ثانية إلا بدواعٍ جديدة مع ما قد يصاحب ذلك من تغيير فى وجوه القضاة المكونة منهم، ولم يتم التفرغ التام لها بواسطة قضاتها إلا بعد ذلك فصدر لها قانون وخصص لها مقرر ومقر ومخصصات، وعملت ردحا من الزمن باشرت فيها شتى ضروب مما يتيح لها قانونها القيام به على كثرته، ونظرت العديد من الطعون علاوة على لعب دورها الرقابى على بقية المحاكم الشئ الذى أثار من التعاطى معه الكثير إختلافا أو إتفاقا، حول نجاحها فى لعب دورها على الوجه الاتم من عدمه، ولقد نجم عن ذلك بعض إرتباك وإرباك عاميّن كاد الامر فى بعض أحايين أن يستحيل إلى أزمة أو أزمات تعصف به كله. فكان مما صار فى هذا علامة: أنه سبق وان أصدرت المحكمة الدستورية فى ذاك الحين قراراً فى طعن معروض أمامها فى دعوى شركة هايتون وورثة الشيخ مصطفى الأمين؛ ولقد كتب القرار السيد رئيس المحكمة في مذكرة مسهبة؛ ولقد حوت تلك المذكرة المتضمنة للقرار انتقادات عنيفة وحادة وشديدة اللهجة لكل الأجهزة القضائية «غير المحكمة الدستورية بالطبع» ولم تستثن أحدا إلا نفرا قليلا من اعضاء المحكمة العليا والذين كان رأيهم مطابقا لما ارتأى هو (رئيس المحكمة) وبقية الأعضاء فى المحكمة الدستورية؛ فاسبغ صفة «العالِمية» على هؤلاء دون غيرهم... على غير المألوف فى المذكرات القضائية... سيما وأنه كان ولردح من الزمن الموئل الاول عن كل هذه الأجهزة والمحاكم موضوع انتقاداته... كما أشارت المحكمة العليا فى مذكرتها الرد، تلك المذكرة غير القضائية... التى صدرت مشحونة بالغضب مما احتوته مذكرة الدستورية، هذا بقدر تناولها الموضوعى التام للكثير من النقاط التى احتوتها المذكرة وأثارت فى ثناياها... ولكن السيد رئيس القضاء حينما علم بما سربته الصحف من أنباء وتحديدا جريدة «الصحافة» الغراء والتى وعدت القراء بنشر المذكرة، أصدر مكتبه تعميماً للصحف وأجهزة الإعلام آمراً إياها جميعاً بعدم التعرض بالنشر لأى شئ كهذا؛ لأنهم فى الهيئة القضائية لا يعالجون الأمور بهذه الطريقة «أى المذكرات»!! علماً بان المحكمة الدستورية ليست جزءا من الهيئة القضائية حسب نص قانونها!! ولكن سيف صحيفة الأيام سبق عزل أمر رئيس القضاء فتم نشرها فيها؛ وتم التوزيع التام لها بواسطة من أصابهم «عيار المحكمة الدستورية» ووزعت على نطاق واسع وسط المشتغلين بالقانون؛ وتم تدوالها... ولم ترد عليها المحكمة الدستورية، بترتيب تام وبتدخل واضح من جهات تنفيذية وقضائية عليا يسوءها فيما تذهب أن تشهد خلافاً كهذا حتى لو نتج عنه الابانة بغرض المعالجة والاستدراك، مما ترتب عليه حرمان المهتمين بهذا الشأن من التقرير العادل بعد اكتمال المذكرات على هدى من هذا الاكتمال الذى لم يكتمل بقطع الطريق عليه خوفاً من نتائجه وآثاره تداركا لها فى استباق ظاهر. لقد سعت مذكرة المحكمة ومن باب النيل من أداء المحكمة الدستورية وتبيين مدى الايغال منعدم الرفق الذى تمارسه المحكمة الدستورية على باقى الأجهزة القضائية الى القول بأنها صارت درجة من درجات التقاضى وساقت العديد من الاتهامات فى حقها بجانب ما فصلت... ونحن نختلف مع هذا القول اختلافا لا ينقص من استغراق الوصف للحالة القائمة... ولكنه يزيد عليها كثيرا!! فالنص الذى كانت تتدخل بموجبه المحكمة الدستورية «وتراجع بموجبه العمل القضائى بغرض الاطمئنان على دستوريته» ويطالب الدكتور به وإعادته وبعثه اسوة بما هو على الاقل نصوص لم تجد طريقها الى التطبيق والاختبار فى مجماره بالجنوب وبالتالى قياس درجة نجاحها فى حقله، يذهب أبعد من أن يجعلها مرحلة من مراحل التقاضى؛ فالمراحل كما هو معروف تأتى الواحدة بعد الأخرى «الا فى حالة حرقها» كالمحكمة الابتدائية -ثم العامة «المديرية سابقا» ثم محكمة الاستئناف فالعليا؛ وفى تراتيبية معلومة مفصلة بينة جلية، فهذه هي المراحل المعروفة على الاقل حتى الآن... وفى الحلقة القادمة نواصل آملين أن يسهم هذا بقدر أو آخر فى تقويم التجربة ورفدها ويفتح الباب واسعاً لإستنباط أفضل السبل المعينة على تمام النهوض بالعمل القانونى.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
في حوار مع منصور خالد
مـــا يحــــدث بدارفـــــــور صـــــــراع مصـــــالح وليــــــس تطهيــــــــــرا عرقيـــــــــــا القاهرة - صباح موسى : أكد "د. منصور خالد" المستشار السياسى للحركة الشعبية لتحرير السودان أن مايحدث بدارفور ليس تطهيرا عرقيا وانما صراع مصالح تقوم به جهة عرقية ضد أخرى وأن التركيز على الجنجويد لن يحل المشكلة موضحا أن أزمة دارفور ليست حديثة وانما منذ عهد حكومة الصادق المهدى وأن حكومة الانقاذ أخطأت فى علاجها وأنها لاتحتاج الى تدخل عسكرى فيمكن حلها محليا واقليميا فهى أقل تعقيدا من مشكلة الجنوب .. وقال فى حواره مع "الشرق" إن الحركة الشعبية ليس لها صلة بتصعيد الأزمة وأن الحركة ملزمة مع الحكومة بإنهاء كل الصراعات الموجودة فى السودان وأن ارجاع الأزمة للتدخل الاسرائيلى ما هو الا ضعف وهوان عربى واشار الى أن الحركة تستعد من الآن للانتخابات بمزيد من التواصل مع القيادات الجنوبية فى اطار الحوار الجنوبى الجنوبى نافيا وجود اى خلافات بين قادة الحركة ولمح الى أن أى خرق للاتفاقية سيؤدى لانفصال الجنوب وتمزيق السودان بأكمله. * فى تقديرك ماهى الأسباب الحقيقية وراء أزمة دارفور؟ - قضية دارفور لاتختلف عن القضايا الأخرى فى السودان فهى تهميش اقتصادى وتهميش سياسى وظلت القضية هكذا، التعبير عنها لم يكن بالعنف فكان يأخذ صورا مختلفة وكان النظام يطلق عليها النهب المسلح ثم تفاقمت الأزمة بسبب الظروف البيئية التى أدت الى التصحر مما دفع القبائل الرعوية بعد انتهاء المراعى الى ان تهجم على المناطق الزراعية, ومن المعروف ان القبائل الرعوية هناك هى قبائل عربية اما القبائل الزراعية المستقرة هى الافريقية وبالرغم من انهم مسلمون ولكن حدث الصراع بينهم. صراع مصالح * هل هذا الصراع وصل الى حد الابادة الجماعية والتطهير العرقى؟ - هذه المصطلحات صعب اثباتها فالذى يحدث فى دارفور صراع على المصالح تقوم به مجموعة عرقية معينة ضد مجموعة اخرى ليس بسبب العرق ولكن بسبب المصالح. * وما الذى ساعد على تأجيج هذه الأزمه وانفجارها فى مدة لاتتعدى العام ؟ - ليس صحيحا ان هذه الأزمة حديثة فهى موجودة منذ حكومة الصادق المهدى فكان هناك اهمال على عهد حكومة المهدى وعندما جاءت حكومة الانقاذ ولكى تسيطر على الوضع بدأت تستعين بقوات معينة ضد اخرى وكان الهدف السيطرة الأمنية باستخدام مجموعات عندها مصالح وبالتالي لايستطيع النظام الان ان يقول انه غير مسؤول عن هذه المجموعة فيمكنه السيطره عليها لأنه هو الذى دعمها واذا خرجت من يده فهو المسؤول الاول عنها. * هل فترة الشهر التى اقرها مجلس الامن للحكومة السودانية كافية لحل الأزمة؟ - قضية تحديد وقت الغرض منها حث الحكومة على ان تفعل شيئا وبسرعة فهم لا يتوقعون الحل فى هذا الشهر ولكن ما يتوقعونه بذل مجهود يلاحظه الناس حتى تثبت الحكومة للعالم انها جادة. الجنجويد * فى تقديرك هل ستنزع الحكومة أسلحة الجنجويد؟ - التركيز على الجنجويد لايساعد كثيرا فى الحل فهى افراز للمشكلة والمشكلة الاساسية هى السياسات التى تزيل التهميش السياسى والاقتصادى ويمكن الاتفاق عليها مع حاملى السلاح فى دارفور بسهوله فالقضايا التى اثرناها مع الحكومة والحركة الشعبية كانت اعمق واعقد من قضايا دارفور. * هل تستطيع الأحزاب السودانية ان تقدم دورا فى حل الأزمة؟ - المطلوب الان اجراءات وهذه لا يستطيع تنفيذها الا الحكومة والاجراءات الاخرى اقتصادية تحل بالتعاون مع المنظمات الدولية وهناك دور ايضا لكل الأحزاب من خلال وضع خطط للمستقبل لمعالجة كل المشاكل. * وما تعليقك على الموقف العربى تجاه القضية؟ - الموقف العربى دائما متأخر فهو رد فعل، فغريب ان تكون هذه القضية محل اهتمام كل المنظمات الطوعية العالمية وهى التى دفعت حكوماتها لاتخاذ موقف ولكن أين منظمات المجتمع المدنى العربية فلم نسمع لها صوتا؟ اين منظمات حقوق الانسان؟ ونجد ان الصحافة العربية تأخذ موقفا مناصرا للحكومة فالمطلوب منها الموضوعية، اما الجامعة العربية فيحسب لها أنها ارسلت وفدا لتقصى الحقائق فى دارفور وكان تقرير هذا الوفد موضوعيا، والحكومة المصرية بدأت بالاتصال مع الحكومة السودانية وحثها على اتخاذ موقف ايجابى للقرارات الدولية ولم تأخذ موقف الانحياز الاعمى للحكومة ولعبت دور الناصح وتعاونت مع الاتحاد الافريقى لحل الازمة فموقف مصر الرسمى متوازن. تدخل عسكرى * هل تعتقد ان هذا التصعيد الدولى تجاه الحكومة سيؤدى الى تدخل عسكرى فى السودان؟ - أتصور القضية لاتحتاج الى تدخل عسكرى فيمكن ان تعالج محليا او اقليميا والمطلوب من الحكومة الآن هو الاسراع بالجلوس مع أهل دارفور والحوار معهم للحل السلمى وافتكر أن بيان على عثمان الاخير الذى تحدث فيه عن الاستفادة من مفاوضات نيفاشا واتخاذها نموذجا للحل هو توجه سليم. فلا اعتقد ان يكون هناك تدخل عسكري فهناك اشياء اخرى مهمة منها دعم المجهود الاقليمى والانسانى وايضا لابد على الحكومة ان تحترم الشرعية الدولية. * وما تعليقك على ان ثروات دارفور من بترول ومعادن ستكون ذريعة لهذا التدخل؟ - لا أفتكر أن ثروات دارفور لها اى معنى فى الموضوع فيمكن السيطرة عليها دون ارسال حملات عسكرية ولكنى اتصور ان موضوع الانتخابات الامريكية هو الذى احدث كل هذه الضجة لكسب مزيد من الأصوات. الحركة الشعبية * الحركة الشعبية متهمة بتأجيج الوضع فى دارفور وتدعيم الحركات المتمرده هناك ما تعليقك على هذا الكلام؟ - الحركة الشعبية لا صلة لها بما يدور فى دارفور نعم تتعاطف مع أهل دارفور فى مطالبهم ولكن هذه الحركات تلعب دورا فى استمرار الحرب واذا استمر الوضع هكذا لايمكن حدوث سلام ونحن ملزمون مع الحكومة فى انهاء الصراعات المسلحة فى كل أنحاء السودان صحيح ليس هناك اشارة لدارفور لكن واضح من النص الاشارة الى اى حركات تحمل السلاح. * اليس لكم علاقة بحركة تحرير السودان؟ - حركة تحرير السودان اصبحت عضوا فى التجمع الوطنى الديمقراطى ومن الطبيعى ان يكون بيننا علاقات سياسية. هوان وضعف * وما تعليقك على أن اسرائيل لها دور كبير فيما يحدث بدارفور؟ - سئمت من التعليق على هذا السؤال لانه يدل على ان هناك عقولا مازالت متحجرة فهناك عوامل موضوعية تقودنا الى عوامل معينة والاشارة المتكررة لاسرائيل تعبر عن حالة محزنة وهى احساس كل العرب بالهوان والضعف لانه يوحى بان اسرائيل قوة عظمى تستطيع ان تحرك قلب الامة العربية فالذى يحدث فى دارفور له اسباب موضوعية قادت الى هذه المشكلة فاذا عالجنا هذه الاسباب حلت المشكلة ارادت اسرائيل أم لم ترد واذا لم نعالجها سيتدهور الموقف دون تدخل اسرائيل. * دعنا ننتقل لموضوع اخر فالازمة فى دارفور غطت على الموضوع الاساسى وهو المفاوضات بينكم وبين الحكومة فى نيفاشا ماهى اخر نتائج الجولة الاخيرة من المفاوضات؟ - الجولة الاخيرة كانت حول الاجراءات الأمنية ويمكن ان اقول انه تم حسم 80% من هذا الموضوع ونستمر فى حل القضايا العالقة . * المعلومات الواردة من هناك تشير إلى انكم تريدون ان تمول الحكومة جيش الحركة اثناء الفترة الانتقالية والحكومة ترفض . نريد توضيحاً اكثر منكم؟ - لا نطالب بشيء جديد فالاتفاق يؤكد أن الحكومة مسؤولة عن الجيشين ولايوجد شيء اسمه الحكومة المركزية وبالتالى نحن لانطالب جهة أخرى فنحن نطالب انفسنا ولذلك نحن نتحدث عن خزينة واحدة . وحدة طوعية * هل تعتقد أن اتفاق نيفاشا سيقود السودان الى وحدة؟ - اذا طبق ما اتفق عليه لما لا, فهذا سيخلق أرضية مناسبة للوحدة الطوعية ونأمل هذا. * هل تريد الحركة الشعبية سودانا موحدا؟ - نريد سودانا موحدا على اسس جديدة فاذا تم تنفيذ الاتفاقية بأمانة قطعا ستكون الارضية مناسبة فمن يقرأ الاتفاقيات الاخيرة يتأكد أن هناك صياغة جديدة للسياسة والادارة ويدرك بالفعل أن هناك جديدا واذا لم تنفذ الاتفاقية فعلى الذى خرقها تحمل المسؤولية فنحن ملتزمون بها. الحوار الجنوبى * ماذا تم فى موضوع الحوار الجنوبى الجنوبى؟ - الحوار الجنوبى له وجوه سياسية عديدة فطوال الفترة الماضية كنا على اتصال بكل القيادات الجنوبية بما فى ذلك القيادات التى لها صلات بالحكومة وايضا مع القيادات العسكرية التى تعاونت معها للوصول الى ما تريده الحركة بان تكون هناك حكومة واسعة القاعدة فبعد 3 سنوات من الفترة الانتقالية ستكون هناك انتخابات حرة ونستعد لها من الآن. * وهل هناك اتصالات مع لام اكول ورياك مشار؟ - هؤلاء أعضاء فى الحركة وتلعب قدراتهم ومواقعهم دورا فى تأهيلهم لوضع جديد. * البعض يتحدث عن وجود خلافات بين قادة الحركة وعن المناصب وكيفية توزيعها عليهم فى الفترة الانتقالية ما مدى صحة هذا الكلام؟ - هذا كله تخرسات فالحركة متماسكة ولها رؤية واضحة فى كيف تستقبل المرحلة الانتقالية سواء فى الحكم على مستوى الجنوب او الحكم بشكل عام فالخطط موجودة وليس هنالك خلاف مطلق وانما قد تكون هناك اراء مختلفة. * متى تبدأ المرحلة الانتقالية؟ - ستبدأ بتوقيع الاتفاق النهائى كنا نتمنى ان يتم هذا فى سبتمبر القادم ولكن هذا مرتبط بالاجراءات ونتوقع فى أكتوبر القادم. * متى تنضم الاحزاب الشمالية الى الاتفاق؟ - التجمع فى اجتماعه الاخير عين لجنة للتفاوض مع الحكومة وهنالك الاتفاق على ان يتم التفاوض بينهما فى القاهرة. الاحزاب * ما هى علاقتكم الان بالمؤتمر الشعبى؟ - علاقتنا به كعلاقتنا بكل الاحزاب السودانية الاخرى ونرى ان القوى السياسية لها دور ممكن ان يؤدى طالما التزمت بسيادة حكم القانون. * هل تدخلتم لدى الحكومة للافراج عن الترابى؟ - ابدينا رأينا ودعونا للافراج عنه ولكن لانملك تحقيق الافراج لاننا ليس عندنا صفة رسمية للتدخل. * هل يمكننا أن نتوقع ازمة أخرى فى شرق السودان على غرار دارفور خاصة مع وجود بوادر الآن لها؟ - المقارنة هنا غير سليمة كل حالة لها ظروفها وتاريخها وعوامل أدت اليها صحيح من وجهة عامة يمكن ان نقول يجب على الحكومة ان تكون قد تعلمت من الجنوب والا تصل الى مرحلة حمل السلاح فدارفور نموذج وكان يمكن التدارك من البداية فلابد على الحكومة ان تستمع الى ناس الشرق اولا وتحل مشاكلهم سلميا. حسن الجوار * هل اريتريا لها دور فيما يحدث بالسودان؟ - اريتريا لا مصلحة لها فى ذلك فلابد ان تحترم الحكومات حسن الجوار وتنمي علاقاتها لمصلحة شعوبها وهذا يقتضى حل المشاكل الداخلية التى تؤدى الى تداعيات خارجية فالعلاج من الداخل. * وهل اريتريا تفعل كل ماذكرته؟ - لا أريد ان أخوض فى هذا السؤال. * ما هى طبيعة العلاقة بين الحركة الشعبية ومصر؟ - علاقتنا بمصر طيبة جدا وتتم على كل المستويات بما فيها أعلى المستويات. * هل تعتقد ان ما يحدث فى السودان الان من اشتعال لأزمة دارفور وبداية وجود أزمة فى الشرق وتصعيد دولى من الممكن ان يؤدى لتدخل عسكرى هل من الممكن فى ظل هذه الظروف ان يحدث سلام بالسودان ووحدة لأراضية؟ - أفتكر أن قضية السودان هى من صنع ابنائه وأنا لست من الذين يردون المشاكل على الخارج فنحن الذين صنعناها بأنفسنا ونحن المسؤولون عن الحل ومسؤولون ايضا عن التدخل الاجنبى فعندما رفع المسلم السلاح ضد المسيحى وسمى هذه الحرب جهادا كان ذلك هو السبب فى تدخل المسيحى الخارجى ليحمي المسيحى فى السودان. فاذا اعترفنا بمسؤولياتنا وطبقنا ماتم الاتفاق عليه سيكون هناك سلام اوسنتطور وسيلعب السودان دورا فاعلا ليس من أجل أهله فقط بل لأجل جيرانه. * هل تثقون فى الحكومة؟ - الثمن الذى سيدفعه أى حاكم شمالى اذا حدث اى خرق للاتفاق سواء مع هذه الحكومة او مع حكومة اخرى سيكون ثمنا باهظا هو فصل الجنوب وتمزيق السودان واذا كان الذكاء هو الذى سيجعله يخرق سيكون هذا هو الثمن ونحن مستعدون لأن نرى هذا الذكاء. نقلاً عن الشرق القطرية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من اقوال الدكتور منصور خالد (Re: Salah Musa)
|
مؤلفاته للدكتور منصور خالد عددا كبيرا من المؤلفات ومؤلفاته تقع معظمها في مجلدات ضخمة خصوصا ما كتب منها في فترة التسعينات ومن مؤلفاته:
[عدل] حوار مع الصفوة هو عبارة عن مجموعة مقالات كتبت مجموعتها الأولى عقب إنتفاضة أكتوبر عام 1964، وكان الكاتب يعمل وقتها مندوبا للأمم المتحدة بالجزائر. وكتبت مجموعتها الثانية خلال فترات إغترابه بفرنسا وهو يعمل في باريس بمنظمة اليونسكو. ضم الكتاب عددا مقدرا من المقالات بلغت 25مقالا تحدث فيها منصور عن مختلف القضايا الفكرية والثقافية والاقتصادية والسياسية والتعليمية. الطبعة الثانية من الكتاب كانت في العام1979م وصدر الكتاب عن دار جامعة الخرطوم للنشر بمقدمة من الأستاذ المفكر الراحل جمال محمد أحمد.
[عدل] لا خير فينا ان لم نقلها مجموعة مقالات كتبت في فترة السبعينيات من القرن الماضي ونقد الكاتب بها نظام مايو والمجتمع نقداً غير صدامي (لا توجد معلومات متوفرة الآن عن التفاصيل)
[عدل] السودان والنفق المظلم الاسم الكامل للكتاب هو: (السودان والنفق المظلم قصة الفساد والاستبداد). وهو كتاب في نقد نظام النميري بصورة مصادمة وظهرت فيه مفاصلة منصور الكاملة لنظام الخرطوم. ولقد صدرت طبعته الأولى في يناير من العام 1985 قبل أقل من ثلاث شهور من سقوط نظام نميري إثر إنتفاضة الشعب السوداني في أبريل 1985. يعتبر الكتاب سيرة ذاتية لمنصور وللنظام المايوي إذ ذكر فيه من دقائق الأخبار الكثير. صدر الكتاب عن (Aedam Publishing House limited,London-Malta).
[عدل] الفجر الكاذب في نقد نميري أيضا.(لا توجد معلومات كافية الآن)
| |
|
|
|
|
|
|
|