عاجل جدا ...ما صحة ما يشاع الان حول اختفاء صلاح (قوش)!؟

Quote: (قوش) وآخرون .. أحوال مديري المخابرات خارج (الحوش) مجاهد بشير امتياز كون المرء مديراً للمخابرات، ومعه عبء ذات المنصب أيضاً ولعنته، لا ينتهيان بالضرورة عندما تستلم قرار الإعفاء من المهمة وتلملم أغراضك وتدير ظهرك للكرسي بعدما تلقي عليه النظرة الأخيرة، فهذا المنصب الأمني الحساس يكون في بعض الأحيان مجرد محطة أمنية نحو الموقع السياسي الأول: الرئاسة، وفي أحيان أخرى يكون مدخلاً لحياة تقاعد نصف اعتيادية، وفي مرات أخرى، يكون منصب مدير المخابرات بوابة صاحبه إلى سخط الرأي العام، ومنه إلى المحاكم، ومنها إلى غياهب السجون. السجون، كان صلاح نصر، مدير المخابرات المصرية حتى العام 1967 أبرز من دخلها، فصلاح، الذي مارس الجهاز المصري في عهده مهاماً داخلية، جعلته أقرب لبوليس سياسي للحكومة منه إلى جهاز محترف يحرس الأمن القومي المصري والعربي، غضب عليه عبد الناصر، وحسبه على خصمه عبد الحكيم عامر، ما قاده إلى مغادرة موقعه الحصين، ودخول الزنازين، وليلتفت الرأي العام والمثقفون أكثر فأكثر إلى وجود جهاز مهم للغاية اسمه جهاز المخابرات، وإلى أدوار رؤسائه ومديريه الأمنية والسياسية. وبينما أطاح بمدير مخابرات مصر ساعة النكسة وأخرجه من المنصب إلى السجن ذات العهد السياسي الذي أتى به، فإن عمر محمد الطيب، مدير جهاز أمن مايو، أطاح به عهد سياسي جديد هو انتفاضة أبريل، التي رسمت مصيره اللاحق، عندما تمت محاكمته بتهمة تهريب الفلاشا، ووضع في السجن حتى أفرجت عنه الإنقاذ. بخلاف صلاح عبد الله (قوش)، الذي كان خروجه من الجهاز وبعده مستشارية الأمن القومي لافتاً، وعمر محمد الطيب الذي زج به في السجن، لم يجذب إعفاء مديري ورؤساء أجهزة الأمن والمخابرات في السودان الكثير من الأنوف والأنظار، ما عدا حالة أو اثنتين، إحداهما كانت حادثة إقالة خليفة كرار وإعفاء أحمد عبد الله أبارو مسئول الأمن في عهد عبود عقب انتفاضة أكتوبر. بينما غلب على حياة مديري المخابرات في السودان عقب المعاش الإجباري أو الاختياري الركون إلى هدوء التقاعد وطمأنينته، شق مديري وضباط مخابرات آخرون في الخارج طريقهم إلى مواقع سياسية قيادية، ففلاديمير بوتين، ضابط المخابرات السوفيتية السابق، أصبح رئيساً لروسيا ثم رئيساً لوزرائها، وجورج دبليو بوش الأب، مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية السابق، بات لاحقاً رئيساً للولايات المتحدة لدورتين، وزين العابدين بن علي، الذي أدار المخابرات التونسية في عهد الحبيب بورقيبة، أصبح وزيراً أول ثم رئيساً لتونس، قبل أن تطيح به الثورة الشعبية. مصير مديري أجهزة المخابرات في فترة ما بعد نهاية الخدمة، سواء كان دخول السجن كعمر محمد الطيب، أو الخروج إلى تقاعد طبيعي أو شبه طبيعي كعمر سليمان مدير المخابرات المصرية السابق، أو القفز إلى كرسي الرئاسة كجورج بوش الأب، يحدده عاملان اثنان كما يقول الفريق الفاتح الجيلي المصباح المدير السابق لجهاز المخابرات، أولهما دور جهاز المخابرات نفسه وطبيعته، فالجهاز الأمني المحترف يختلف عن الجهاز المنخرط في الشئون السياسية، ويختلف مصير مديري كل من النوعين، أما العامل الثاني في تحديد مصير مديري الأجهزة في فترة ما بعد نهاية الخدمة فهو المدير نفسه، هل تدرج إلى المنصب على السلم المهني المعتاد؟ أم أنه دخل إليه من نافذة الانتماء السياسي والعقائدي؟ ويرى المصباح أن من يأتي للمنصب بعد تدرج مهني تقليدي في أي جهاز أمني أو عسكري ينتهي دوره بالطريقة المهنية الاعتيادية، مثله مثل أي شاغل منصب عام، بغض النظر عن التحولات السياسية، أما من يأتي من نافذة الاعتبارات السياسية والعقائدية فتتسع تطلعاته وطموحاته، خاصة أن منصب مدير المخابرات يتيح لشاغله الحصول على معلومات وأسرار عن الدولة وتفاصيل عملها، لا يعرفها قادة سياسيون كبار أحياناً، ما يؤهله لشغل مناصب سياسية عليا. أحمد عبد الله أبارو مسئول أمن عبود، وزيادة ساتي المسئول بعد أكتوبر، وعلي صديق مدير الشرطة في مطلع مايو ومسئول الأمن، ومعظم رجال ومديري الأمن والمخابرات عقب الاستقلال، كانوا من أصحاب الخلفيات المهنية الشرطية والعسكرية، إذ بدأ العمل الاحترافي في مجالي الأمن والمخابرات في الشرطة والقوات المسلحة أولاً، قبل أن يؤسس جهاز الأمن القومي في مايو، وتدخله عناصر مدنية وشرطية وعسكرية تلقوا جميعاً تدريباً استخبارياً ليصبحوا رجال مخابرات محترفين، وقادت هذه الخلفية المهنية معظم هؤلاء إلى تقاعد طبيعي، مثل رفاقهم من ضباط الشرطة والجيش. يتردد أن البعض رشح خليفة كرار بعد عزله من جهاز الأمن ليكون سفيراً في اليمن؟ فقال تعليقاً على الترشيح: (ناس النظام ديل مجانين ولا شنو، في مدير أمن أول ما يطلع يعينوه سفير برة؟)..! تقلد أي منصب، في الداخل أو الخارج، ليس هناك ما يمنعه في واقع الأمر في حالة خروج المدير من الجهاز في ظروف اعتيادية كما يقول المصباح، أما في حالة الخروج بسبب خلاف ما، فيجب أن يمنح المدير المعفي فترة (هدنة)، ويحفظ له دوره، على أن يتم الاستغناء عنه تدريجياً، دون تعريضه لأية (بشتنة) قد تدفعه إلى الإقدام على ما لا تحمد عقباه. تضييق الخناق على أي مدير مخابرات سابق، سيدفعه في نهاية المطاف إلى الانفجار في وجه النظام كما يقول العميد معاش عبد الرحمن فرح مدير الأمن في الديمقراطية الثالثة، فالأنظمة، مطالبة بمراعاة الوضعية الاعتبارية والأدبية لمديري المخابرات السابقين، وعلى هؤلاء من جانبهم الالتزام بأدبيات وتقاليد مديري المخابرات وكبار ضباطها، التي تمنع كشف أية معلومات أو أسرار لأمد معين يتراوح بين بضعة أعوام، وعشرات السنين، بحسب حساسية المعلومات وخطورتها على الأنظمة، أو الأمن القومي للبلاد، ويصف فرح المسئولين المصريين بعد الثورة بأنهم عاقلون، إذ جنبوا عمر سليمان الملاحقات التي طالت شخصيات كمبارك، ووزير داخليته حبيب العادلي. الكثير من المهن والمواقع، تنتهي أعباؤها ومسئولياتها وواجباتها بمجرد مغادرتها إلى المنزل أو إلى نشاط آخر، لكن بالنسبة لرجال المخابرات ومديريها على نحو الخصوص، فإن الوظيفة وتبعاتها لا تنتهي بمجرد قرار أو تسليم مفاتيح مكتب، بل تمتد تأثيراتها وتداعياتها على مدى الحياة، لتمنح صاحبها دفعة قوية تصعد به إلى مواقع الرئاسة وما شابهها، أو تبقى معه تلك التداعيات داخل جدران منزله وغرفة نومه، وفي أحيان أخرى قد يدخل المرء السجن لسبب وجيه بالنسبة للحكام الجدد، أو حتى القدامى: إنه كان يدير جهاز مخابرات..![/B]