|
الحركة الليبرالية السودانية 25 عاما من انتهاكات حقوق الانسان السوداني(تقرير الحركة بعد ربع قرن من
|
الحركة الليبرالية السودانية 25 عاما من انتهاكات حقوق الانسان السوداني (تقرير الحركة بعد ربع قرن من حكم الانقاذ)
منذ مجيء حكومة الجبهة الإسلامية لسدة الحكم عبر الانقلاب العسكري المعروف تحت مظلة الإنقاذ الوطني في منتصف العام 1989 م وحتى كتابة هذه الورقة مازالت مشكلات حقوق الإنسان الأساسية في السودان مستمرة وابسط حقوق إنسانه في الحياة والأمن والعيش الكريم مسلوبة ، وكذلك حقوقه في التعبير ولا الاعتقاد والمعارضة. ومازالت هناك قيود على حقوق المرأة وحقوق العمل ومازالت القوانين المقيدة للحريات العامة والشخصية من قانون نظام عام وغيره سارية المفعول. وإذا تناولنا هذه المحاور بالتفصيل نلاحظ الأتي:
حق الحياة وحق الأمن: لكل إنسان الحق الطبيعي في الحياة ويحمي القانون هذا الحق الطبيعي ولا يجوز حرمان أي فرد من حياته بشكل تعسفي ويولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق ولكل فرد الحق في الحياة والحرية والسلامة الشخصية والبدنية . هكذا تقول و تقر كل الاتفاقيات والإعلانات العالمية الخاصة بحقوق الإنسان منذ العام 1966 م. ولكن نجد إن هذا الأمر مختلفا تماما عندنا في السودان، حيث تمارس السلطة قتل مواطنيها يوميا في جبال النوبة والنيل الازرق ودارفور عبر القصف العشوائي وسياسة التجويع والتشريد وطرد المنظمات العاملة في الشأن الإنساني وقفل ممرات نقل المساعدات العاجلة. لقد شهدت قرارات الامم المتحدة بانتهاك النظام السوداني لحق مواطني الدولة في الحياة وإصراره على مواصلة قتل المواطنين سواء بالقصف والقتل المباشر عن طريق قواته ومليشياته او بشكل غير مباشر عن طريق التشريد والتجويع وإيقاف نشاطهم الاقتصادي، ووصفت ما يجري في دارفور بأنه الجحيم على الأرض. لقد وصل عدد القتلى خلال 25 عاما من الانقاذ الى اكثر من مليون مواطن من بينهم اكثر من 1.6 مليون مواطن في حرب الجنوب سابقا وحوالي 400 ألف مواطن في حرب دارفور والمناطق الثلاثة، بينما يبلغ عدد المتشردين والمتضررين من الحروب حاليا حوالي 3.8 مليون مواطن.
حقوق المواطنة والحقوق السياسية: في خلال ال25 عاما الاخيرة تمت انتهاكات فظيعة لحقوق الانسان السوداني الدستورية والأساسية أي حقوق المواطنة والمساواة امام القانون. حيث لا تزال مئات الالاف او قل الملايين من المواطنين السودانيين لا يحظوا بحقوقهم في امتلاك الجنسية السودانية ويتعرضون للعنصرية والابتزاز من جراء ذلك ويشكك في سودانيتهم ( شعوب الفلاتة وبعض القبائل الحدودية والمنحدرين تاريخيا من اصول اجنبية والمختلفين دينيا الخ) . كما يتعرض السودانيين لممارسات مختلفة تنتهك حقوقهم في السلامة الشخصية والخصوصية والحريات الفردية الخ. وتنتهك حقوق النساء والأطفال وأصحاب الاحتياجات الخاصة عبر حزمة من القوانين والممارسات التسلطية والمتعارضة مع العهود الدولية التي وقع عليها السودان. ان السبب الاساسي لانتهاك تلك الحقوق هو قيام السلطة الحالية على اساس ايدلوجية عقائدية وممارسات عنصرية يميز بين المواطنين على اساس اديانهم وقبائلهم ونوعهم وأصلهم التاريخي وأعراقهم.
الحقوق الاجتماعية ومشكلة الفقر: تتمثل الحقوق الاجتماعية في الحصول على السكن الملائم والحق في الصحة والتعليم والبيئة النظيفة والحصول على ماء نقي وكهرباء وخدمات البنية التحتية المختلفة. إن كل هذه الحقوق منتهكة في السودان وقد شهدت تدهورا مريعا خلال ربع القرن الاخير تحت حكم الانقاذ فالإنسان السوداني وخصوصا الفقير وفي مناطق الهامش لا يتمتع بأي حقوق او خدمات اجتماعية وقد تخلت الدولة تماما عن واجباتها الاجتماعية وأصبحت مقابلة متطلبات الحياة والحصول على ابسط الخدمات من المستحيل في ظل واقع يعيش فيه اكثر من 95% من أهل السودان تحت حد الفقر حسب المعايير العالمية وتقدير الخبراء (حد الفقر هو حوالي 2 دولار للفرد في اليوم) بينما تشير الاحصاءات الى أن متوسط إنفاق الفرد فى الريف السوداني 2.5 دولارا في الشهر بينما يبلغ متوسط انفاق الفرد فى الحضر 4.4 دولارا فى الشهر.
حق العمل: العمل حق طبيعي لكل إنسان رجلاً كان أو امرأة في أي مجال يرى بإمكانه أن يبدع ويحقق نجاحات فيه، وفي المجتمعات النامية يكون من واجب الدولة توفير كل الشروط التي تضمن حق العمل وحماية حقوق العاملين، ومن ضمن ذلك كفالة حقوق العاملين في الاعتصام والإضراب وتنظيم النشاطات العمالية السلمية للمطالبة بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية كذلك يحق لهم عمل النقابات المستقلة لحماية حقوقهم. ولكن السلطة الحاكمة هضمت هذا الحق حين اقصت عشرات آلاف العاملين لأسباب سياسية وشردتهم واضطرت الملايين للهجرة وعملت على إضعاف النقابات والسيطرة والتضييق عليها ومنعت النساء من العمل في بعض المهن والوظائف وطاردت آلاف النساء والشباب العاملين في مهن هامشية بدلا من تقنينها وتسهيل عملهم الذي هو مصدر رزقهم.
الحقوق الثقافية: وتتمثل في الحق في استخدام اللغات القومية والحفاظ على التراث الثقافي للمجموعات السودانية وحماية المنجزات الثقافية عموما كافة وضمان حق الناس في الحصول على ثمرات العلم والثقافة والتعليم وضمان الحريات والحقوق الابداعية الخ . ونلاحظ ان السلطة بسبب من طبيعتها العقائدية المتعصبة قد انتهكت جميع تلك الحقوق وحاولت فرض نموذج ثقافي فطير ومشوه ومتخلف بإسم الدين. كما ادى احتقارها لثقافات ولغات الشعوب السودانية وفرض احد مكونات الهوية السودانية على كل السودانيين (المكون الاسلامي – العروبي) الى احداث التفرقة بين السودانيين وتسعير الحروب الاهلية وادى فيما ادى الى انفصال جنوب السودان في اكبر كارثة مرت على بلادنا منذ عصورها السحيقة. ان التخريب الذي تعرضت له رموز الثقافة السودانية المادية ( الاثار) من الصعب حصرها، ولا تزال تتصاعد بسبب السرقات والتعدين الجائر الخ . كما تعرض المثقفون والمبدعون لحملات من المطاردة والتضييق ادت الى اغلاق العديد من المؤسسات الثقافية المستقلة. من جهتها رفعت السلطة يدها عن توفير منجزات العلم والثقافة فأصبح السودان بلقعا قفرا فيما يتعلق بحصول مواطنه على ثمرات الثقافة والعلوم في عهد الانقاذ وتدهور استهلاك المواطن السوداني من الكتب والصحف وانتشرت الثقافة الاستهلاكية الرخيصة بدلا من الثقافة الرفيعة التي تبني الأمم.
حرية المعتقد والتدين: إن حرية المعتقد هي من اقدس الحريات حيث تتعلق بانتماء الانسان الروحي وخياره في اهم القضايا الوجودية. هي من أكثر الحريات التي تواجه مخاطر في السودان لان السلطة مازالت تنادي بتطبيق الشريعة الإسلامية وإقامة الحدود والتضييق على المسيحيين و أصحاب المعتقدات الأخرى حيث أصدرت محكمة سودانية حكما بإعدام السودانية مريم يحي لاعتناقها الديانة المسيحية وبعد الضغوطات الخارجية تم الإفراج عنها ولكن مازال حد الردة وغيره من الحدود مفعلة وقيد التطبيق، كما قام جهاز الامن باعتقالها في المطار مما يعني احتقاره لحكم القضاء. كما إن ظهور عدد من الجماعات الإسلامية الإرهابية وتمددها في المجتمع السوداني أدي لتضييق مساحات التسامح الذي كان لوقت قريب سمة من سمات المجتمع السوداني فارتفعت الأصوات المنادية بهدم الكنائس وقتل المختلفين دينيا او عقائدياً وسلبهم حقوقهم كمواطنين.
حقوق المرأة: تواجه المرأة السودانية العنف بكل أنواعه وخصوصا في مناطق الصراع والنزاعات في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق الشيء الذي جعل المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية أن يصف التقارير التي تسلط الضوء على الانتهاكات التي تتعرض لها النساء في دارفور بأنها مقززة دلالة على فداحة الأمر والعبث بالمرأة وحقها في الحياة الكريمة في هذه المناطق فالتي تنجو من الموت تجد التحرش والاغتصاب من الجهات التي من المفترض أن تحميها وترعاها. أما في العاصمة وبقية المدن فإن المرأة التي تخرج للعمل تجد المضايقات من السلطة وبعض ضعاف النفوس حيث تقوم الشرطة و المحليات بعمل كشات يومية لمنع النساء الفارات من مناطق الصراع العمل في الأسواق كبائعات للآكل البلدي والشاي وبعض المنتوجات اليدوية. وتستغل السلطة القيود التي يفرضها المجتمع علي المرأة والعادات والتقاليد المكبلة لحريتها ونهضتها ، حيث تعتبر المرأة في نظر كثير من الناس إنها أقل من الرجل وأنها (لو بقت فأس ما بتكسر الرأس) ومكانها الطبيعي البيت وتربية الأبناء والخضوع للزوج.
حق المعارضة السلمية : رغم ادعاء السلطة بإتاحتها للحريات وفتح باب الحوار إلا انه مازال حق إنسان السودان في المعارضة السلمية وهناك العديد من الأمثلة والنماذج الأخيرة التي تفضح هذا الادعاء: • موجة الاعتقالات التي اجتاحت العديد من النشطاء السياسيين ورؤساء الأحزاب حيث تم اعتقال السيد الصادق المهدي إمام الأنصار ورئيس حزب الأمة القومي لرأيه في ما يسمى بقوات الدعم السريع وكذلك المهندس إبراهيم الشيخ رئيس حزب المؤتمر السوداني والذي مازال حبيسا في سجون النظام. • لم يسلم الشباب والطلاب من التوقيف والاعتقال حيث قام جهاز الأمن باعتقال الطلاب محمد صلاح عبد لرحمن وتاج السر جعفر ومعمر موسى والذين أيضا مازالوا قيد الحبس والاعتقال في زنازين النظام وغيرهم هناك الكثير من المعتقلين والمأسورين من أبناء الهامش ومناطق الصراعات في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كرد فان والذين يواجهون أبشع أنواع التعذيب من قبل جهاز الأمن والاستخبارات السوداني.
حقوق التنظيم و حرية التعبير : رغم ادعاء السلطة بإتاحتها للحريات وفتح باب الحوار إلا انه مازال حق إنسان السودان في التعبير مقيدا وهناك العديد من الأمثلة والنماذج الأخيرة التي تفضح هذا الادعاء: • ما زال جهاز الأمن يعمل على مصادرة الصحف ومنع الصحفيين من الكتابة والتعبير عن أرائهم و خير مثال لذلك مصادرة عدد الأحد 15 يونيو الجاري من صحيفة الجريدة و مصادرة صحيفة الصيحة وغيرها من الصحف والإصدارات • كذلك شهدت الأسابيع الماضية منع جهاز الأمن السوداني نشطاء سياسيين واسر معتقلين من تنظيم وقفة احتجاجية وتسليم مذكرة لمفوضية حقوق الإنسان في السودان تطالب بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإيقاف انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد
النظرة العامة : بنظرة عامة لحقوق الإنسان في السودان نجد إنها ليست على ما يرام رغم الجهود المبذولة من بعض المنظمات والجمعيات المطالبة بحماية حقوق الإنسان ورغم المبادرات التي يطلقها النشطاء في هذا المجال من وقت لأخر . والمشكلة لا تكمن في السلطة فقط ولكن أيضا في ضعف معرفة إنسان السودان بحقوقه وأولها حقه في أن يعيش حرا وكريما وآمنا وذلك لتفشي التجهيل المنظم الذي تمارسه السلطة على المواطنين وقلة الوعي الديمقراطي وسيادة كثير من العادات والعلاقات والتقاليد المناهضة لمبادئ الحقوق والمساواة والمواطنة مثل الطائفية والقبلية والعنصرية والذكورية الخ .
التوصيات: وفقا لبيانها التأسيسي تلتزم الحركة الليبرالية السودانية بالعمل من اجل التالي: 1. نؤكد حرصنا وتمسكنا بكافة المواثيق الدولية والإلتزام الصارم بمقررات حقوق الإنسان الكونية، وعملنا على ضرورة تضمينها في دستور السودان الديمقراطي المرتقب وقوانين البلاد الحاكمة. كما نؤكد التزامنا بقرارات المؤسسات الدولية والمتعلقة بالسلام والعدالة في السودان وخصوصا قرارات الجمعية العمومية للأمم المتحدة ومجلس الأمن والاتحاد الافريقي والمؤسسات المنبثقة عنها . 2. نؤكد التزامنا بوثيقة الحقوق الواردة في دستور السودان المؤقت لعام 2005 باعتبارها حداً ادنى والعمل على الغاء كل القوانين واللوائح المتعارضة معها باعتبارها غير دستورية وعلى رأسها قانون الامن الوطني وقانون النظام العام والقانون الجنائي لعام 1991 وغيرها من القوانين المقيدة للحريات. 3. نلتزم بالعمل على انهاء الحرب والنزاعات المسلحة في السودان باعتبارها الاساس لكثير من الانتهاكات للحقوق الانسانية والحريات الاساسية والعمل على حماية الحياة الانسانية و استعادة السلام الاهلي واللحمة الاجتماعية بين الشعوب والأقاليم السودانية كافة. 4. نعمل على تعريف المواطنين بحقوقهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية الخ وتعبئتهم للنضال من أجلها والعمل معهم من اجل تحقيقها عمليا والالتزام بتلبيتها نصا وروحا وفقا لبرنامجنا العام في حالة وثق بنا المواطن السوداني ومنحنا التفويض اللازم لذلك عبر التصويت لنا في صناديق الانتخابات.
الحركة الليبرالية السودانية 30 يونيو 2014
|
|
|
|
|
|