|
محمد الواثق وفصامية المثقف المؤدلج - اهداء للاخت عواطف ادريس اسمعيل
|
لقد خرج ديوان الشاعر محمد الواثق الى الوجود بين عامي 1969 و1973 وهذه الفترة شهدت تحولا اجتماعيا وسياسيا وثقافيا مذهلا وشديدا ولايمكن لأي انتاج فكري يخرج في هذه الفترة الا وان يظهر عليه التاثير فقد تمطى التيار اليساري فكرا وسلوكا وتتطاول اقزام التقدمية وكان اليمين يعاني الدوخة والدهشة كالعادة وشاعرنا نفسه محسوب على التيار الإسلامي ( المتأسلم). هذه الجدلية والصراع الثقافي انعكس فس نفس الشاعر فانكب على الرمزية وكانت امدرمان هي المشتهى وانه يري ان الحكم والدولة قد استبيحان ولم يكن اختيار امدرمان كرمزية متولدا من فراغ فغالبية رجال الانقلاب والحكم من مواليد وسكان امدرمان. ويظهر جليا تاثر الشاعر بالشاعر الامريكي ت.س.اليوت في قصيدته الارض اليباب او الارض الخراب وتاثره بالشاعر بدر شاكر السياب خاصة في قصيدته المومس العمياء وان اختلف ثلاثتهم في مشاربهم فالشاعر الامريكي ت.س.اليوت كانت المدينة رمز للتوها ن القيمي ولاختلال المعايير الاخلاقيةنتيجة للتقدم الصناعي الذي اجتاح المجتمع الامريكي والذي نشأ اساسا وقام على حرية الفرد مستفيدا من النظرية الهيجلية والتي وضعهت على ارض الواقع في شكل الدستور الامريكي والذي يعني بحريةحركة الانسان تجاه الانتاج والكسب مع النظر للمتغيرات التي تطرأ على هذه الحركة في المجتمع بعين الرعاية الاجتماعية والتي ايضا تعتمد على ما يكسبه المواطن الامريكي من جهده وما تبقى يترك للجمعيات الخيرية فكان المجتمع الامريكي يعاني صراعا اجتماعيا كبيرا وحراكا هائلا وفي هذا الجو التنافسي الاكبير ولدت الارض اليباب اما الشاعر العراقي بدر شاكر السياب وهو شاعر مرهف ورومانسي من طراز فريد فعلى الرغم من بعثيته الا ان شفافيته كانت تعكس له الواقع بعين الشاعر لا بعين السياسي فلنه كان مسكونا بحب العراق فقد كان متنازعا بالعراق الذي يراه كشاعر وكعراقي وبين العراق البعثي وشاعرنا محمد الواثق في رومانسيته يتارجح بين اثنين بين السياب وبين جماع وكان من الممكن انيخدم غرضه الرمزي باكثر من هذا لولا ان وقع في حالة من الاسقاط النفسي تجاه امدرمان المكان وهذه الحالة تنتاب عدد من الذين يفدون من الاقاليم لمدينة امدرمان فأدخله في حالة تناقض بين لأن امدرمان التي كتب فيها هذا الهجا ء كانت تعيش ازهى ايامها في تلك الفترة فقد كانت في اوج توهجها السياسي والثقافي والاجتماعي مقارنة بما حولها من المدن السودانية هذه الحالة من الاسقاط النفسي التي وقع فيها الشاعر ادخلت النص الادبي في متاهة الهجاء الحطيئي او الفرزدقي فصارت غرضا في حد ذاتها مما نحي بالنص منحى سطحيا فعلى الرغم من قوة الالفاظ وخشونتها الا ان الجرس الموسيقي والايقاع في النصوص يجعل النفس الشاعرة تطرب له. اما حينما تضع النصوص على طاولة التشريح تتبين الحقيقة بان المحتوى نفسي اكثر منه معنوي . والعارفين بالشاعر والقريبين منه يدركون جزئيات صغيرة لعبت دورا في ان تخرج النصوص بهذا الجمال البذئ. ومن الملاحظ ان الشاعر نفسه بعد هذا الاصدار لم يصدر له شئ يذكر ان حالة الاسقاط النفسي يعاني منها الكثير ممن ذوي النفس غير الصدامية حيث ان الهروب باتجاه المعضلة يكون دائريا حيث يبدو ان فترة السجن ابن ثورة شعبان كان لها تأثيرها فبدلا من يتجه برمزيته الى البناء ( باعتبار انها رمزية مطلقة كما ذكر البعض وحتى وان اعبرنا ما قاله في كسلا كجزء من هذه الرمزية) والرمزية البناءة كثيرة فى الادب الانساني ولكن شاعرنا غلبت عليه االسقطة وادخل نفسه في دائرة المواجهة الخفية باصطناع عداء وهمي لمجتمع متحرك مدفوعا بآلة عروضية ونحوية جبارة سهلت من مهمته في هذا النحو.واتجه الى اللفظ المباشر (وعدتني بعد قربي منك بالولـــــد لكن كعهدك يا ام درمان لـم تلدي قالوا :تزوجتها من بعد ما اكتهلت وأذبل الدهر منها زهرة الجســـد وقال قائلهم: أنثى بلا رحـــم تهوى الرجال ولا تبقى على أحـــــــد قد كان مضجعها قبراً لطائفــــــه من المحبين أفنتهم بـلا عــــــــدد كم شاعر دنست فيه مشـاعره وعاشق بات مطوياً على كمـــــــــد) هذه المجاهرة بالنعت تدل على مرارة وقعت في نفس الشاعر وايضا (قل للألي ضاجعوا أمدرمان واغتربوا كيف المصارع بعد. اللهو تنقلب؟ كيف العقارب في لبات غانية تخفي مساربها أثوابها القشب؟ أبدت مفاتنها هوناً تراودهم حتى استكانوا وزالت دونها الحجب لأنت عريكتها حتى أريكتها نامت عليها رجال بعضهم جنب الليل ما بذلوا مهر البغي له) ( هذي نساؤك يا أمدرمان قد رضعت من عار ثديك لم يحفل بهن أب بهرجة من حريم بعضها نبهت لكنها كرهت ما قالت الكتب من كل ناعسة غيداء آنسة أصباغها مسحة فالخد ملتهب وصدرها هودج حينا ترجرجه وردفها ما تباكت حولة العرب والعرض يا سلعة أسواقها نفقت ما كان يبتاعها إلا الألي ذهبوا هذي رجالك يا أم درمان تضطرب) فاذا نظرنا الى واقع حال المجتمع الامدرماني فنجد ان نساءه كن رائدات النهضة النسوية والمعرفية في تلك الفترة وبائعات الهوى كان لهن دور معروفة الاماكن خلف السينما واغلبهن من دول الجوار - ودليل النهضة مجموعة مدارس الاحفاد وانجازات الراحل العظيم بابكر بدري وللمعلومية بابكر بدري من رفاعة وهي المدينة الاولى في تعليم النساء في السودان تليها مدينة امدرمان واختياره لمدينة امدرمان كان لمعرفته بمعدن رجال ونساء امدرمان واختلاف تركيبتهم الذهنية. ولكن حالة الاغتراب الذهني والنفسي التي كان يعيشها الشاعر (مونيك مازالت في أم درمان مغترباً حتى كأن وجودي عندها عدم لكن تبدي سواد صرت أرمقه في أفقها قد توارت دونه القمم ) ادخلته في قتامة لايعرف بداياتها ولا منتهاها على كل محمد الواثق شاعر مجيد في شعره مقل في انتاجه
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: محمد الواثق وفصامية المثقف المؤدلج - اهداء للاخت عواطف ادريس اسمعيل (Re: د.محمد حسن)
|
Quote: وصدرها هودج حينا ترجرجه وردفها ما تباكت حولة العرب |
د.محمد الحسن تحياتى...
محمد الواثق شاعر عاشق للمدن..وهو من سكان ام درمان الاصلين..وهو يقول عن نفسه فى احد حلقات شوراد..تغنى للوطن ولكن يجنى نتيجة غناه اخرون..وهو يقصد ان الزعماء هم الذين يجنون ثمرة الكفاح..فلذا يظل محرك المشاعر والشارع منسى لديهم ...وهو شاعر مجيد لكنه مهمش
اما عن بيت القصيد المكود( من كود)..على حسب فهمى يتكلم عن الهوية..فى شخص ام درمان فان ام درمان تستعير مظاهر العروبة..ولا عربى مغرم بجمالها..وهذه كناية عن ميول سكان الوسط للعروبة ونسبتهم الى عرب الجزيرة العربية..ولكن عند المحافل لا احد يذكرهم .. ان اتى ذكرهم فهم ذيل العروبة..ولكن الا توافقنى الراى ان التميز يساعد فى حفاظ توازن المجتمع اكثر من اثارة النكرات والعنصريات..فان وجود اناس راقوان ينتمون الى اسر عريقة ويحتفظون بارثر اجمل..كناس ام درمان يمنى النفس من سكان الهامش بان ينتمى لتلك الطبقة.. لكن لمحمد الواثق قصيدة اخرى عن احياء ام درمان الجديدة..ويصفها بانها ولادة سفاح
خالص ودى لك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمد الواثق وفصامية المثقف المؤدلج - اهداء للاخت عواطف ادريس اسمعيل (Re: د.محمد حسن)
|
أخي العزيز د. محمد حسن
أشكرك على هذا الإهداء الجميل والتحليل العلمي والنفسي الدقيق لقصيدة أمدرمان تحتضر وقد حاولت أن
تجد بعضا من العذر لدكتور الواثق رغم أن الكثيرين من الذين قرأوا القصيدة أعجبوا بالنص ولكن راعهم
وصف مدينة مثل أمدرمان بهذه الأوصاف السافرة وإن كان الشاعر يرمز إلى أشياء في نفسه لكنهم لم يجدو
له العذر ولكن جنوحك للسلم النابع من روحك النبيلة وأحاسيسك المرهفة سيهون على سكان أمدرمان
مصيبتهم ويهديء من روعهم فأمادرمان هي السودان بك أطيافه ... فتأمل في ربوعها ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمد الواثق وفصامية المثقف المؤدلج - اهداء للاخت عواطف ادريس اسمعيل (Re: د.محمد حسن)
|
الأخ د. محمد حسن على الرغم من إني لم أقرأ هذا الديوان (أمدرمان تحتضر)، فقد سمعت به سمعاً، وقرأت بعض مقتطفات منه متفرقة، إلا أني أعجبت بهذا النقد الموضوعي، وهذا السرد (شرقاً وغربا)، لتجارب تأثر بها (السياب - إليوت - جماع). ليمزج كل هذا المزج ويحول نقده إلى امدرمان إلى هتافية شعرية سطحية بدلاً من النقد الموضوعي حسبما ذكرت أنت.
إننا في حوجة إلى مثل هذه التحليلات العلمية لكل الأعمال الأدبية، ويجب أن نرفع القدسية عن كل الأعمال الأدبية لتوضع في موازين النقد.
تحياتي
| |
|
|
|
|
|
|
|