الرقيبُ الذاتي.. ومَشاغِله

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 10:30 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-03-2010, 06:25 AM

عادل عبدالرحمن
<aعادل عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 08-31-2005
مجموع المشاركات: 634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الرقيبُ الذاتي.. ومَشاغِله

    إنّ أقصى ما تتمنّاهُ أجهزة الرقابة (التي تنفق عليها الحكومات والدول الإسلامية بدون حساب وبِكرَم يفوق الوصف) أن يُشغّل كلّ كاتب من الجنسيْن ـ سياسي أو صحافي أو رياضي أو ديني أو خيالي أو وجودي أو واقعي اشتراكي ـ جهاز رقابته الذاتيّة.. ليرفعَ عنها صُداع القراءة وتشغيل الدماغ والمُساسكة بين الصحف ودور النشر الوَرقيّة، أو البَحْلقة في شاشات الأجهزة الإلكترونيّة.. أو الانْتِصاتِ مِن خلفِ الأبواب والحيطان لهمسات العاشقين وتضرّع الخاشعين ومؤامرات المُندّسين.

    وبما أنّ أجهزة الرقابة، مِن نُقاد وفِقهيين وتقنيين وبصّاصين ومتعاونين ومُتبرعين بالنهي عن المُنكر، لمْ تصل بعد إلى غاياتها العظمى تلك، فهيَ تعمل على الدوام مِن أجل استنباط وابتكار طرائق وأساليب حُجج جديدة لا تخطر على بال أعظم الخياليين مِن الكتاّب والرسّامين ـ الكلاسيكيين والسرياليين.. وهذا، بالطبع، إلى جانب إتكائها على إرثٍ لا حدود له مِن بصيرة ودهاء ومَكر الأقدمين والأسلاف الصالحين، في الدفاع عن الدين والذودِ عنه. ولِمَن يتشكّك في نجاعةِ ترياق وأدوات السَلف التي لمْ تنفد ذخائرها بعد، أن ينظر إلى فتاوى التكفير، القديم منها والحديث، الكافية لقطع الألسن والرقاب وتكميم الأفواه وانزواء الكثيرين والنأي بأفكارهم عن مُعترك القيل والقال، وطرْح السؤال حولَ المُقدّس، أو الحرام والحلال في عُرف هذا وذاك مِن الأئمّة والمأمومين والنُحّال.

    وما علينا سوى النظر إلى المُزاوجة والمُعايشة بين رسوخ القديم وانفلات البِدَع في هذا الزمان، لنرى عبقريّة الحُكام والحكماء والفقهاء في الاستفادة مِن اختراعات الفِرنجة واليهود والنصارى، للإبقاء والمُحافظة على القِيَم والتقاليد والعادات التليدة. وهيَ مِن الشيوع والاستخدام اليومي والدهري، مما يعفينا عن ضرب الأمثلة والإتيان بالبراهين العديدة، ولذا سنكتفي بالقليل منها:

    فأرض الجزيرة العربية وخلجانها التي مَنّ الله عليها بالذهب الأسود والأحمر، فمكّن شعوبها من شراء كلّ مُبتكرٍ جديد، دون عناء الجلوس لسنوات وعقود على مقاعد المعامل والمختبرات الكيميائية والفيزيائية والتحديق في مراصد الفلك والكون السحيق، أو النبش في تاريخ الطبيعة والإنسان والحيوان والنبات.. فاستراحوا من الفلسفة والحساب والأسْطرْلاب. فللاستفادة القصوى مِن برامج الكمبيوتر والدوائر التلفزيونية المُغلقة، جلبوها للمدارس الابتدائية والجامعات، واستخدموها لفصل الذكور عن الإناث. فما على المُعلِم أو المُحاضر الذكر، سوى إلقاء دروسه وفيض علمه على التلامذة الذكور في فصل أو قاعة، ليتمّ تصويره وبثه على الإناث الجالسات، محتشمات، بين حيطانٍ وفصول وقاعات أخر. فدرؤوا الفتنة بين العالِم وطالبة العلم، أو العكس مِن كلّ ذلك، وبحِكمةٍ فقهيّة وفتاويّة بليغة، لا تخطرُ على بال مُخترعي ومُكتشفي الكهرباء والبعير الطائر والصندوق الذي يسكنه الشيطان (كما سَمّتْ الأعراب الراديو) والبرنيطة وجكسا في خط ستة أو دَرْدِقني في النجيلة.

    إشارات، لمَن فاتهم، وفاتتهنّ تلك الأزمنة:
    { جكسا في خط ستة ـ لباسٌ كانت ترتديهِ الفتيات السودانيّات لزوم القشرة في الأمسيات، حتى السبعينات من القرن المُنصرم. مكوّن من قطعة واحدة فوق الركبة بفراسخ، ويُشبه شبهاً شديدا البكيني الذي ترتديه الخواجيّات.. وقيلَ أنه ذاته.
    دردقني في النجيلة (بالتزامُن مع: إنعل دينك) تسريحتان للشعر النسائي، واكبت اللباس إيّاه، بعاليه.
    البعير الطائر ـ طبعاً واضحة، فهي كما البُراق.
    الخرطوم بالليل ـ تسمية للعاصمة، لم ترد في حديثنا الفائت، وربما استخدمناها في المستقبل. ويُقال أن الأوروبيين هم مَن أطلقوها، أيام أن كان يقضون رأس السنة بالسودنة }

    أما ما بقيَ من تراث قديم، وظل مُستخدما إلى يومنا هذا، بعدَ أن أدخلتْ عليه الأجهزة الرقابية الحديثة بعض التطويرات، فهو الهَلعة.
    ونعتقد أنّ الأجهزة الرقابية، شرقية وغربية، تستخدم هذه الاستراتيجية الحربية ـ النفسية. ولئن قصَرنا كلامنا على العرب خاصة، والإسلاميين بعامة، فهذا لا يعفي الآخرين مِن مغبّة استخدامه. وبما أن "الهلعة" لها معان ومراتب وتجليات كثيرة وعديدة، إلا أن الأجهزة المذكورة قد استعملتها بكلّ أوجهها..
    جاء على لسان العرب:
    { الهَلَعُ: الحِرْصُ، وقيل: الجَزَعُ وقِلّةُ الصبرِ، وقيل: هو أَسْوأُ الجَزَعِ وأَفْحَشُه، هَلِعَ يَهْلَعُ هَلَعاً وهُلوعاً، فهو هَلِعٌ وهَلُوعٌ؛ ومنه قول هشام بن عبد الملك لِشَبَّةَ بن عَقَّالٍ حين أَراد أَن يقبِّل يده: مَهْلاً يا شبَّةُ فإِن العرب لا تفعل هذا إِلا هُلُوعاً وإِن العَجَم لم تفعله إِلا خُضوعاً.
    والهِلاعُ والهُلاعُ: كالهُلُوعِ.
    ورجلٌ هَلِعٌ وهالِعٌ وهَلُوعٌ وهِلْواعٌ وهِلْواعةٌ: جَزُوعٌ حرِيصٌ.
    والهَلَعُ الحُزْنُ، تميميَّة }

    فإلى جانب هِبات التكنلوجيا التي أضحت تقوم بالعديد من المَهام بدل أعضاء الإنسان، مِن سمعٍ وبَصر وشم، صار للرقابة العامة على سلوك البشر وتتبّع حركاتهم وسكناتهم وما يدور بخلدهم ـ كاميرات للبَصْ والرَنَقة، مخفيّة ومرئية. وبديلا للقرب من إنسان أو جماعة من الناس لسماع الصوت، صارَ لذلك ما يُمكّن السماع من على البُعد، وللحيطان أذنان، وما يُزرع في الأسرّة وسمّاعة التليفون ومشدّات صدور النساء مِن جواري وزوجات وبائعات هوىً وخنّس، ولُعَب أطفال. وبدل التفرّس في خلجات عضلات الوجه وسبر غوْر الأنفس من رنّة الصوت وهمسه، للتأكد من صِدْق وكذب المرء أو المرأة، صار هناك جهاز كهربائي ألكتروني يكشف عن المضمون، إن خبّأ المُجرمون ما يُفكّرون به وما يضمرون!

    إشارة:
    يُشاعُ خطأ، أنّ استخدام: (رنّق ليْ، أو: ما ترنّق ليْ) مِن العاميّة السودانية. وهي في الأصل عربية فصحى، ذات لسانٍ بيّن.
    أنظر: القواميس ولسان العرب تحت باب ـ رنق.

    والهلعة، التي تريد الأجهزة الرسمية، العلنية منها والسرية، أن تصيب بها الجمهور والعباد والأفراد، لها أهداف عليا ودنيا لا حدّ أو غرار لها. فمِن الخشية مِن التفوّه ببعض الكلام لبعض الخاصّة، إلى الرهبة مِن الكتابةِ ونشرها على العلن، في الصحف والمساجد أو خارج الوطن ـ سنجد صنوفاً ودرجات، نجاحات وإخفاقات، لبعض الأجهزة ذات العماد والغايات.
    فأعلى مراتب الهلعة، التي وصل إلى سبيلها بعض دهاقنة نُظم الحُكم الحديثة وسَوْسَ الناس بالترهيب، أن يجعلوا "الزول يمشي وهو يتلفت". وأن يكتب وهو يشكّ ويرتاب في النحو والصرْف والتصرّف. وأن ينام الزوجان في الحوش أو البرندة المكشوفة مستوري العَوْرة، فلربّما نطّ مِن الحيطة أحد الناهين عن المنكر، فرآهما فاستعاذ واستغفر. المهم، أن ينام الخلق ويصحوا مُبلبلي الخواطر، يضربون أخماساً بأسداس. ويشكّون في الصديق والقريب ورئيس الحزب والجار والخالة والعمّة، ويفرّون من الوالدين وخزائن الذهب والفضة والبنين، قبل يوم القيامة والحساب ـ الجزاءَ على المعروف، أو العذاب.
    وتبقى "الإشاعة" هي صاحبة القدح المُعلى، لتحقيق بعض ذلك، أو أعلى!
    إذ يكفي أن يشيع بين الناس أن عيون وآذان ومجسّات الجهاز الحساس، منشورة في كل مكان وزمان.. لا تفوتها صغيرة أو كبيرة، وما يمرّ بالخواطر والأماني والأحلام. ويتكلّم الناس بحساب، ويسعون في الأرض واجفين، وينامون بنصف عين، ليحرسوا عيون السلطان، التي لا تنامُ أو تغمض الأجفان.
    وبعد ثورة أو انتفاضة، تتكشفُ حقيقة وعورة تلك الأجهزة، ليعلم الناس أنها لم تكن سوى غشة!

    (يُنصح بمراجعة القصة الطويلة: "الزيني بركات بن موسى" لمُدوّنها المصري/ جمال الغيطاني)


    وبما أن لبعض البشر، المَقدِرة على تشغيل بعض أدوات "الرقيب الذاتي" وتعطيل أخر، نريد السعي بين بعض تلك التجارب، والاستفادة منها لتثقيف رقيبنا الذاتي وتزويده ببعض العِبر. فنحنُ، إنما نسعى لكشف واستكشاف إن كان في الإمكان تفعيل "رقيب ذاتي" واسع القدرة والحيلة ـ لتجنّب زعل جماعة دون جماعة، وغضب فِرقة دون فرقة، ومُعاداة حزب دون أحزاب، ودين دون أديان، أو إلهٍ خلقَ الكون، دون الآلهة التي خلقها الإنسان!

    فهل مِن سواء سبيل إلى رقيبٍ يُرضي الضمير، والواعظ الأخلاقي والديني والاجتماعي والسياسي والحزبي، والحاكم الجائر والعادل، وحُريّة الفكر دون حَجْر أو تكفير؟!!

    ولنبدأ بِ:
    لماذا لا يُوجدُ مُعادِل لغوي/اصطلاحي، قِيَمي وأخلاقي ل"التكفير" في فضائنا الثقافي.. مثل: "التأمين" مِن مؤمِن وآمَن، مقابل كافر وكفر؟!
    وهل في مثل سؤال كهذا، إهانة لأحد، أو لدين.. أو ما يدعو الإله للغضب، ليخسفَ بالسائل الأرض وما عليها؟!!
                  

06-03-2010, 07:26 AM

تيسير عووضة
<aتيسير عووضة
تاريخ التسجيل: 12-20-2005
مجموع المشاركات: 7136

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الرقيبُ الذاتي.. ومَشاغِله (Re: عادل عبدالرحمن)

    سلامات يا عادل ..

    لا رقيب ذاتي أفضل من الضمير
    Quote: فهل مِن سواء سبيل إلى رقيبٍ يُرضي الضمير، والواعظ الأخلاقي والديني والاجتماعي والسياسي والحزبي، والحاكم الجائر والعادل، وحُريّة الفكر دون حَجْر أو تكفير؟!!

    وحتى يتم فصل الأخلاق عن الدين والدين عن السياسة لن يكون هنالك سواء سبيل إلى الرقيب الذي تنشد/ننشد
    وكلما تحرر التفكير زاد التكفير ..




    أما هذه:
    Quote: الخرطوم بالليل ـ تسمية للعاصمة، لم ترد في حديثنا الفائت، وربما استخدمناها في المستقبل. ويُقال أن الأوروبيين هم مَن أطلقوها، أيام أن كان يقضون رأس السنة بالسودنة

    فكنت قد سمعت من والدتي وصديقاتها أن (الخرطوم بالليل) هو اسم شهير في السبعينيات لتوب أو قطعة قماش عليها لمعة أو رقشة محببة تشبه تلك التي في سماء الخرطوم عندما تكون صافية تزينها النجوم ..
                  

06-03-2010, 09:05 AM

عادل عبدالرحمن
<aعادل عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 08-31-2005
مجموع المشاركات: 634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الرقيبُ الذاتي.. ومَشاغِله (Re: تيسير عووضة)

    Quote: فكنت قد سمعت من والدتي وصديقاتها أن (الخرطوم بالليل) هو اسم شهير في السبعينيات لتوب أو قطعة قماش عليها لمعة أو رقشة محببة تشبه تلك التي في سماء الخرطوم عندما تكون صافية تزينها النجوم ..


    أهلين ـ تيسير،

    وهو كذلك، أيضاً ـ بمثل ما قلنَ لكِ..

    والخرطوم بالليل، كانت تتسمّى بها بعضُ الأغاني والأمسيات، وغزوات العاشقينَ والعاشقات، الوثنيين والمُسلمات ـ لنواديها وكازينوهاتها النائمة على ضفاف النيل والسابحاتُ فيهِ / العائمة.. لحدائقها "الأمدرمانية" و"البحراوية" ضِلعا المثلث العاصميّ.. كان، للسوريين والأرمن والكاثوليكيين والحلفاويين والخرطوميين ـ دورٌ ساهراتٌ مِن طفولة الليل حتى مَشيبتهِ في الصباحات الباكرات..
    كان الفقهاء والشيوخ وشارحي الذكر الحكيم، والكرادنة والأثاقفة وحافظي التلمود والعهد الجديد والقديم، يُجالسون الناسَ والرعيّة في شرفات الفنادق، وأفياء الملاهي والدواهي وأمام فسَحات البيوت والحارات ـ ويحتسون ما فاضتْ به الأكوابُ على الموائد، ليختلط على الناظرين والبَصّاصين خمرُ اللهِ بسُكرِ الناسْ!

    حيثُ كانت الناسُ غير الناس،
    والفتاوى ضنينة، لا يجود بها غير السالكينَ لدربٍ قصيّ عن قصر الوالي والمُتعالي،
    وجنان السُلطانْ


    "ولوْ عايزنا نرجع زيْ زمانْ
    قول للزمان:
    أرجع يا زمان"!
                  

06-04-2010, 07:04 AM

عادل عبدالرحمن
<aعادل عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 08-31-2005
مجموع المشاركات: 634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الرقيبُ الذاتي.. ومَشاغِله (Re: عادل عبدالرحمن)

    تزخر المكتبات العربية الإسلامية، وأرصفة الشوارع والساحات العامة، بآلاف الكتب والمنشورات التي تُشكّك في صحة الكتب المقدّسة، التوراة والإنجيل، وتعرّضها للتحريف والتبديل والزيادة والنقصان. كما تضجّ البرامج الإذاعية والتلفزيونية، وخُطب المساجد، وقاعات الدروس الإسلامية، بأصوات الفقهاء و"العلماء" الداعية إلى الابتعاد عن تلك الكتب، والمُنادية بحظرها وعدم تداولها بين عامة المسلمين ـ مخافة الفتنة والمعصية.
    والكتّابُ والخطباء، مِن أنصار مثل تلك الدعاوى، يتفنّنون في الإنشاء والتحرير والبلاغة والفصاحة، واستخراج الفتاوى والأدلة والبراهين مِن الآيات القرآنية والأحاديث النبويّة وسِيَرْ الخُلفاء والصحابة والسلف الصالح ـ ليُدللوا بها على فساد تلك الأديان وأتباعها الكَفرَة الذين مثواهم.
    وهؤلاء، المُزدرين بأديان وأخلاق وثقافة الآخرين وفسادهم، هُموا أوّل يهبّ في وجه الحكومات، وأجهزة الإعلام الغربية التي لا تملكها الدول وأنظمة الحُكم، رافعين شعارات الديمقراطية والحُرية ـ العلمانيّتين ـ ضدّ أيّ عمل فكري أو أدبي أو فني يتعرّض للإسلام أو بعض مظاهره وظواهره.. ومُتناسين، أو ضاربين بعرض الحائط، أن تلك الدول لم تتمكن من بناء حضارتها الحديثة وإنجازاتها العلمية والتقنية، إلا حين فصلت الدين عن الدولة، الذي عوّقت تعاليمُه ورؤاه مسيرة العلم لقرون عديدة؛ فأصبح نشاطاً فرديّا وروحيا واجتماعيا لا علاقة له بتبوّء المناصب وكراسي الحكم وإدارة أجهزة الدولة ـ التي صارت برمّتها مسئولة أمام القانون، ومحروسة بالدساتير التي تكفل الحماية للجميع.

    فالإسلام، الذي جاء كخاتم للأديان والرُسل، وبديلا لكل سابقٍ له، ليسَ له وجها واحدا أحد. ولمْ يكن له، منذ نشأته، رواية واحدة مُتفقٌ عليها. وهو اليوم يفوق المسيحية التي لها ضعف أتباع الدين المحمدي، والبوذية التي لها ما يقرب ملياريْ نسَمة في الصين والهند ودول آسيا الأخرى بما فيها المُسلمة، وكلّ ديانات العالم من يهودية وأفريقانية وأسترالية وهندية حمراء وأمريكانية لاتينية ـ يفوقها جميعا في تعدّد المذاهب والفِرق والطوائف والمِلل (التي يصعب حصرها وعدّها لأكبر مراكز البحث والدراسات الدينية في العالم) التي تصطرع وتتحارب وتتعادى ويقتل بعضها بعضا بالتكفير الديني، ولأجل الصعود إلى سدّة العرش.

    فكيفَ يتسنّى لمَن ينسفُ أساس كلّ دين آخر ويكفر أتباعه ويدعوا إلى قتلهم أو دفع الجزية، ويمنع عنهم بناء الكنائس والمعابد ـ أن يزعق ويهيج ويميج لمُجرّد نكتة أو رسم كاريكاتوري تناول بعضا من دينه؟ كيف يتسنى له، بأن يحتجّ على منع الحجاب، الذي يخفي هويّة مَن يرتديه، والذي يبدو عجيبا وغريبا على الآخرين في مجتمعاتهم ومُسيئا لعُرفِهم وثقافتهم وعِزّة نسائهم، وهو الذي يمنع ويعاقب الآخرين في داره لمجرد قبلة عابرة أو لباس مُريح أو جُرعة خمر، بل ويُوصد في وجوه سُيّاحهم وزائريهم والعاملين لديهم ـ دور العبادة المسلمة ومدنها المقدّسة؟ وكيف يبدو حالُ البعض، الذين يطالبون البلدان ذات الزيتون الغربي الذي أشعلته بالفيزياء والكيمياء والحاسوب والدراسات الإنسانية والفكر والفلسفة، فأفاض بنور العلم الذي مكّن الإنسان من الابتكارات والاختراعات، بأن يصدّروا لهم الطائرات النفاثة والسيارات الفارهة ومُعدّات استخراج البترول وكنوز الأرض وما فوقها ـ دون أن يطلبوا العلم صاحب الفضائل الجمّة؟
    وكيف عنّ للأعراب أن يتشكّون مِن اليهود الذين تمكّنوا في أوروبا وأمريكا بنفوذ المال والأعمال، والسيطرة على كبريات دور الإعلام، وحصدوا جوائز نوبل في العلوم والآداب، فسخّر جُلهم، أو بعضهم، إمكانيّاتهم لدعم دولتهم النابتة في عقر دارهم ـ كيف جال في خاطر بني عبس وأميّة، الشكوى والتذمّر من الصهاينة الذين خلبوا ألباب الغربيين من الساسة بالعقول وسطوة المال ـ وهم، الأعراب، حين يطوفون على جنيف وبروكسل ولندن وشيكاغو وسنغافورة وجزر الكناري، ينفقون المليارات على الشقراوات في المواخير والأندية الليلية، وموائد وصالات القمار؟!!

    فأيّ رسالةٍ حملها، وحملتها، الوفود العربية الإسلامية، وأرتال السيّاح الصيفية والشتوية، واللاجئين الفارّين بفقههم وفتاواهم من دولهم الدينية ذات الشريعة الحدّية، إلى واحة الكَفرة/العِلمانية؟
    أيّ رسالة، وأيّ صورة، تبثها أجهزة الإعلام وتنشرها بسرعة الضوء على أرجاء العالم، كل دقيقة ورمشة عين، عن السيارات والحقائب والدرّاجات وبطون الشباب والشابات والأطفال ـ المُفخخة، التي تنفجر في الشوارع العامة وحارات الفقراء والمقاهي والمدارس والمساجد والمزارات المقدّسة، على طول وعرض البلاد والمدن المسلمة؟
    وأي صور مخزية ومحزنة، سترتسم في الأذهان والعقول الأجنبية الكافرة والمؤمنة، عن فعائل أحفاد وسلالة السلف الصالح، والطالح؟

    عبقرية التفخيخ وابتكاراتها العجيبة التي طالت كل شيء، وصلت إلى حدّ أن فكّر مُبدعي لغة الضاد بتفخيخ أعمالهم، فأهدانا شاعران/ "محمد مدني" و"سعدي يوسف": "القصائد المُفخخة"!
                  

06-04-2010, 07:07 AM

عادل عبدالرحمن
<aعادل عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 08-31-2005
مجموع المشاركات: 634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الرقيبُ الذاتي.. ومَشاغِله (Re: عادل عبدالرحمن)

    Quote:
    الفزع من العلمانية: فصل الدين عن الدولة
    نصر حامد أبو زيد

    لا يمكن للعلمانية أن تتأسّس دون الإصلاح الديني الذي لم يتحقّق بعد عندنا، بل تحقّق في أوروبا القرن السادس عشر

    سيقول لنا فلاسفة الفكر الإسلاميّ إنّ أوروبا احتاجت الإصلاح الديني بسبب "الكنيسة"، المرض الذي لا وجود له في حضارتنا. وهنا بالضبط يكمن الخطأ، فلدينا كنائس لا كنيسة واحدة، إذا كان معنى الكنيسة وجود سلطة، أو سلطات، تحتكر المعنى الديني، وتكفّر كلّ من يخالف هذا المعنى. لدينا وفرة وافرة من هذه السلطات، التي تحتكر، إلى جانب المعنى الديني، المعنى الاجتماعي والمعنى الثقافي والمعني السياسي، بالإضافة إلى المعاني الأخلاقية والروحية، وكلّها معان يتمّ احتواؤها داخل المعنى الديني، الذي تنتجه هذه السلطات.
    مشكلة الخطاب الديني أنه يلعب على أوتار "الخصوصية"، وكأننا بدع بين البشر، ما أصلح العالم لا يصلح لنا، دون أن يدقّق المخدوعون بمفهوم "الخصوصية"- المطروح في الخطاب الديني - ليدركوا أنها خصوصية فقيرة جدّا ومغلقة؛ لأنها تختصر هوية الإنسان في بعد واحد من الأبعاد العديدة، وهو بعد "الدين".



    * أسلمة الدولة
    ليست المشكلة أنّ هناك جماعات تحتكر الإسلام، وتنسب نفسها – وحدها – إليه. هذه إحدى تجلّيات المشكلة وليست كلّ تجلياتها. لو كان الأمر مجرد انضمام لجماعة، تزعم أنها "إسلامية" على سبيل الاحتكار لهان الأمر، خاصة إذا كان المجتمع، خارج الجماعة، واعيا بأنها مجرّد جماعة. بداية المشكلة كانت في مصر 1928، حيث نشأت "جماعة الإخوان المسلمين"، وجدت "جماعة أنصار السنّة المحمدية"، وجماعات وتجمّعات كثيرة لها أسماء أخرى، ولم تكن الدولة تتبنّى زعم أيّ واحدة من هذه الجماعات. كانت هذه إرهاصات "المجتمع المدني" في مصر شبه الليبرالية، حيث تحمي الدولة حقّ الناس في التجمّع وتنظيم تجمّعاتهم في شكل قانونيّ، سواء في شكل نادٍ، أو نقابة، أو حزب، أو جمعية خيرية، أو دينية: إسلامية أو مسيحية أو يهودية.
    الكارثة الآن أنّ الدولة، بنظامها السياسيّ الديكتاتوريّ القمعيّ، تتبنّى نفس النهج؛ فتزعم أنها دولة إسلامية، وتحرص في صياغة قوانينها على الحصول على موافقة المؤسسة الدينية. بل وتتبنّى في نظامها الاقتصادي مفاهيم "الاقتصاد الإسلامي"، الذي يحتلّ ركنا خاصا داخل كلّ البنوك. وصار هناك الزيّ الإسلامي، والشعار الإسلامي، والبرامج الإسلامية، في الإذاعة والتليفزيون، وصار بعض الناس يحملون لقب "المفكّر الإسلامي". الخطر هنا في هذه الأسلمة، التي لا هدف وراءها سوى سحب بساط احتكار الإسلام من تحت أقدام المعارضة. يمكن القول باختصار أنّ النظام السياسيّ يسجن نفسه في خندق المعارضة الإسلامية، وهو يظنّ أنّه يحاربها. لقد انتصرت بأسلمة المجتمع والدولة، دون الوصول إلى السلطة. وهذا يفسّر حالة التراوح في تقديم برنامج سياسي لخوض الانتخابات من جانب المعارضات الإسلامية. إنّ شعار "الإسلام هو الحلّ" كاف ما دام النظام السياسي يحوّل الشعار إلى سياسة.
    المعضلة، في هذا الوضع، ليست فقط معضلة المسلم الذي لا يريد أن ينتمي لهذه الأسلمة الإكراهية، بل المعضلة الأكثر تعقيدا معضلة غير المسلم الذي يعيش بالإكراه والإرهاب بقوّة القانون المتأسلم في مجتمع، لا يأبه به، ولا يعير دينه أيّ قيمة، إلا بطرف اللسان والبلاغة اللفظية. وضع المرأة أنكى وأنكى، ووضع الفكر والمفكّرين، والإبداع والمبدعين لا يحتاج لمزيد من الإيضاح.



    * مقدّمات الثورة العلمية
    إنّها "العلمانية" - التي تفصل بين الدولة ونظامها السياسي وبين الدين - هي وحدها التي يمكن أن تفتح آفاقا للحرية والعقلانية وتعدّد المعاني. الدين شأن المتديّنين، ومهمّة الدولة أن تضمن حرية الجميع، وتحمي البعض من البغي على البعض باسم الدين أو باسم هذا المعنى أو ذاك لدين بعينه. لكنّ العلمانية لا يمكن أن تتأسّس دون الإصلاح الديني، إصلاح لم يتحقّق بعد عندنا، بل تحقّق في أوروبا القرن السادس عشر. لم تحدث عندنا ثورة فلسفية كالتي أحدثها فلاسفة أوروبا، تلك الثورة التي على أساسها تحقّقت الثورة الاجتماعية والسياسية التي أرست مفهوم "المواطن"، وأحلّته محلّ مفهوم "الرعية"، المفهوم الحاكم في مجتمعاتنا، رغم بلاغة الدساتير في تأكيد "المواطنة". بعد تحرّر الإنسان من نير الطغيان السياسي، ونير التصوّر الكنسي للعالم، بفضل كلّ ما سبق - الإصلاح الديني وثورة الفكر الفلسفي والعلمانية - تحققت الثورة العلمية.
    كلّ شيء ولد في مجتمعاتنا مختنقا، بسبب أنّ "الحداثة" الوافدة تمّ تمزيقها أشلاء في الوعي التحديثي – ولا أقول الحداثي – فتمّ تقبّل الشلو التقني فقط، وتمّ رفض الأساس العلمي للتقنية، بكل مكوّناته من عقلانية وعلمانية … الخ. تمّ تقبّل الديمقراطية، بدون أساسها وهو حرية الفرد، تمّ تقبّل الاقتصاد الحرّ، بدون أساسه من حرية الفكر. لم يحدث الفصل بين السلطات، ولا كان ممكنا أن يحدث، لارتباط مفهوم السلطة بمفاهيم قروسطية مثل "الراعي" و"الحامي" و"الزعيم الملهم" و"الرئيس المؤمن" و"أمير المؤمنين".
    هناك الآن أهمية قصوى لفصل الدين عن الدولة، إذا نظرت حولك ستجد النتائج المأساوية لهذا الزواج الكاثوليكي المحرّم بين الدولة والدين في عالمنا العربي. الدين لا تستخدمه الجماعات الراديكالية أو الإسلاميون فقط، إنما تستخدمه الدولة، وهذا أمر يعود تاريخه إلى النصف الثاني من القرن العشرين، في العالم العربي كله والعالم الإسلامي كله.



    * عن الدولة لا المجتمع
    فصل الدين عن الدولة غير فصل الدين عن المجتمع، لا يستطيع أحد أن يفصل الدين عن المجتمع، الدين تاريخيا مكوّن اجتماعي، وليس مجرّد مكوّن شخصيّ أو فرديّ. قد يبدأ الدين كذلك، أي يبدأ تجربة شخصية فردية، وقد يظلّ كذلك في بعض التجارب. لكنّ بعض التجارب الدينية الشخصية الفردية يتمّ تحويلها إلى تجربة مشتركة تخلق جماعة، تصبح مجتمعا ثمّ تتطوّر إلى "أمّة". في هذه الحالة الأخيرة يصبح الدين قوّة وشيئا لا يمكن انتزاعه من المجتمع.
    الدولة ليست المجتمع، بل هي الجهاز الإداري والسياسي والقانوني الذي ينظم الحياة داخل المجتمع. وإذا كان الدين قوة اجتماعية، فهو أيضا ليس المجتمع؛ إذا المجتمع جماعات وأديان. ومن حقّ هذه المجتمعات على الدولة أن تحمي بعض الجماعات من الافتئات على حقّ الجماعات الأخرى. من هنا فدور الدولة كجهاز منظّم لسير الحياة في المجتمع – المتعدّد الأديان بطبيعته – يجب أن يكون محايدا، بأن لا يكون للدولة دين تتبنّاه وتدافع عنه وتحميه. إنّ دورها حماية الناس لا حماية العقائد.
    لم يحدث في التاريخ كله - رغم كلّ الادعاءات الأوهام - مثل هذا الفصل بين الدين والمجتمعات. الدولة ليس لها دين، ولا يصحّ أن يكون لها دين. "دين الدولة الإسلام"، عبارة يجب أن تكون مضحكة؛ فالدولة لا تذهب إلى الجامع ولا تصلي، والدولة لا تذهب إلى الحجّ، ولا تصوم، ولا تدفع الزكاة. الدولة ممثلة في النظام السياسي مسؤولة عن المجتمع بكل أطيافه بما فيها الأديان. معظم الدول العربية والإسلامية موزاييك من الأديان. وهذا يعني أنّ الدولة التي لها دين تلغي حقوق المواطنين الذين لا ينتمون لهذا الدين، بل الأدهى من ذلك أن هذه الدولة تضطهد أبناء نفس الدين الذين يفهمون الدين بشكل يختلف عن المؤسسات الرسمية للدولة. هكذا تصبح مفاهيم مثل "المواطنة" و"المساواة" و"القانون" مفاهيم خاوية المعنى.
    الحاجة الثانية: هي الدساتير، من العبث القول أن المواطنة هي أساس الانتماء، ويقال في نفس الدستور "الشريعة – أو مبادئ الشريعة - هي المصدر الرئيسي للتشريع"، هذا تناقض حدّيّ جدّا بين مادّتين في الدستور تلغي إحداهما الأخرى. يزداد الأمر تناقضا حين يحرِّم نفس الدستور في مادة أخرى قيام أحزاب على أساس ديني، لا اله إلا الله!!
    الحزب الديني يقول نفس الكلام (الدستوري)، يقول "الإسلام دين الدولة والشريعة هي مصدر التشريع"، كيف تحرّم قيام حزب يتبنّى نفس القيم الدستورية التي يتبنّاها، ويدافع عنها بضراوة، الحزب الوطني الحاكم في مصر. إمّا أنّ الدستور "لعب عيال" أو أنّ الحزب الوطني حزب غير شرعيّ مثل الجماعة غير الشرعية إياها.



    * ممارسات قروسطية
    ماذا يعني أن يكون للدولة دين؟ وماذا يعني أن يتنازع المتنازعان – الحزب الوطني والجماعة "غير الشرعية" - على أحقية الحكم على أساس مرجعية "الشريعة"؟ هذا يعني ببساطة تهميش غير المسلمين في المجتمع، وانظر حولك وتأمّل حال الأقباط والبهائيين في مصر، وما حدث لغالبية الأقباط من اعتبار "الكنيسة" وطنهم. حدث أيضا باسم الشريعة تهميش دور المرأة في المؤسسات السياسية والتعليمية والإعلامية. لا يصرخنّ أحد في وجهي بأنّ ذلك غير صحيح، فأنا أعلم أنّ ثمّة ديكورات للتجمّل في عالم تضغط فيه المنظمات العالمية لحقوق الإنسان وحقوق المرأة على الأنظمة والأحزاب السياسية. الذي يعانيه المواطن المسلم غير المتفق مع الدولة في تفسيرها وتفسير مؤسساتها للدين أنكى وأمرّ؛ فهناك الاتهامات الجاهزة بالردّة والخروج على الثوابت، وهناك المطاردات البوليسية بالاعتقال، بل وصل الأمر مع من يسمّون أنفسهم "القرآنيين" أو "أهل القرآن" باضطهاد أهلهم وذويهم. كلّ هذا يجعل من ادّعاء "عدم وجود كنيسة في الإسلام" محض بلاغة لفظية فارغة من المعنى؛ فالكنيسة لم تفعل بمخالفيها في العصور الوسطى أكثر من ذلك.
    في العقد الحالي – العقد الأوّل من القرن الواحد العشرين والذي يوشك على النهاية – صارت الدولة أكثر راديكالية في تحديد دينها وفي ملاحقة خصومها، وإن لم تنصّ على ذلك في دساتير أو قوانين. صارت الدولة ذات الأغلبية السنّية تضطهد الشيعة، والعكس صحيح، وتزايد الاحتقان بفعل الخطابات الإعلامية غير المسئولة، فتمّ تصنيف البشر داخل الدين الواحد إلى طوائف تكفّر كلّ منها الأخرى. العراق حالة محزنة بحكم تاريخه الطويل في العيش المشترك والتزاوج والمشاركة الكاملة في الوطن. في لبنان – هايد بارك العرب – صار التأزّم الطائفي بيّنا في الواجهة السياسية. كلّ هذا يرشح حلا وحيدا: أن تتخلّى الدولة عن امتلاك الدين. الدولة لا دين لها. تحكي قصة لجنة إعداد دستور 1923 في مصر أنّ أعضاء اللجنة تردّدوا في مسألة هذه المادة التي تنص أنّ "دين الدولة الإسلام"، هل هي ضرورية أم يمكن الاستغناء عنها. والغريب في القصة أنّ أعضاء اللجنة الأقباط عبّروا بوضوح عن رأيهم بأنّه "لا ضرر" من النص على ذلك في الدستور. وقد كان، علّق طه حسين فيما بعد "وقد وجدنا فيها الضرر كلّ الضرر". المعنى هنا أنّ التجربة كشفت عن ضررها. وفي تقديري أنّ أعضاء اللجنة الأقباط مغمورين بمناخ شعارات ثورة 1919 "الدين لله والوطن للجميع" أرادوا أن يعبروا لإخوانهم المسلمين عن ثقتهم وفخرهم بالانتماء للفضاء الثقافي العربي الإسلامي. أمّا وقد ظهر الضرر، فعلى المسلمين أن يردّوا الدين ويسترجعوا ثقة إخوانهم الأقباط بإلغاء هذه المادة من الدستور، فهل هم فاعلون؟!
    http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=215277
                  

06-06-2010, 06:33 AM

عادل عبدالرحمن
<aعادل عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 08-31-2005
مجموع المشاركات: 634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الرقيبُ الذاتي.. ومَشاغِله (Re: عادل عبدالرحمن)

    كم يا ترى، عدد الصور الكاريكاتورية التي يمكن أن يتخيّلها أيّ إنسان عاش على سطح الكرة الأرضية بعد عصر النهضة والتنوير وإنجازات العلوم التي خطفت الأبصار مِن السِحر ومعجزات الأساطير، حين يقرأ في الكتب أو يشاهد على شاشات التلفزيون والكمبيوتر أو يتناهى إلى سمعه مِن راديو أو ينقل إليه أيّ مخلوق من البشر ـ خبر واحدٍ مِن تلك الفتاوى التي تُكذب وتنفي واقعة صعود الأمريكان إلى القمر، أو عدَم جواز التعرّي لزوجين يتناكحان في خلوتهما ليلا ـ دَعكَ مِن رابعة النهار، وجواز إرضاع الكبير مِن نهدٍ أو بزّازة، أو أن أقوال جاليلو وكوبر نيكوس مجرّد تخاريف ، فالأرض ليست كرويّة، ولا الشمس ولا القمر كذا، أو كذا.. ولا يحزنون،
    ويسندون عِلمَهم ويقينهم وطمأنينتهم بآي الذكر الحكيم وأحاديث الرسول؟!!

    أيّ صورة مُضحكةٍ، أو مُبكيةٍ، يُمكن أن ترتسم على ذهن تلميذ أو تلميذة في الصفّ السادس الابتدائي في أيّ مدينةٍ أو قرية مِن بلاد المُوحّدين أو المُشركين ـ حين يتخيّل الشيخ وهو يفتي:

    مُتحدّثا إلى وسائط الميديا ومُراسلي الصحف ووكالات الأنباء الذين يبثون صوته وصورته في التوّ والحين، عبر الأقمار الاصطناعية السابحات في السماوات، إلى أركان الدنيا وجهاتها..
    والشيخُ ينتعل حذاءً إيطاليّاً، ويضع نظارات ـ تُعينُ بصره العَليل ـ من الهند بلاد الهندوس، ويرفل في دُمُسْقٍ عَبَرَ سور الصين العظيم بطائرة جامبو، وعلى فمه طُقم أسنان ركّبه له طبيبٌ أسباني، مُعلّقاً على حائطه ـ المَطلي بدهانٍ ألماني ـ ساعة رنّانة لتنبّهه إلى ميقات الصلاة بصوت آذان ضبَطه وهندّسه خبيرٌ ياباني؛ فيُهرع للصلاة على فرْوَة من سُندُسٍ عليها بوصلة تشيرُ إلى جِهة القِبلة ـ وهو لا يدري مِن أينَ وكيفَ أتتْ ساعةُ الجنّ هذه..!
    والشيخ يفتي في المواضيع إيّاها..
    وينصح أمّة المسلمين:


    " لا تبدأوا أهل الذمة بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيقه "
    ( الترمذي كتاب السير ومسلم كتاب السلام وأبو داود كتاب الأدب )

    " أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين "
    ( النسائي كتاب القسامة ، أبو داود كتاب الجهاد ، الترمذي كتاب السير )

    " لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم أو جامعهم فهو مثلهم "
    ( أبو داود كتاب الجهاد )

    " إن أبوا إلا أن تأخذوه كرها - أي مال أهل الذمة - فخذوه "
    ( أبو داود كتاب الأطعمة ، الترمذي كتاب السير ، البخاري كتاب المظالم والغصب ، مسلم كتاب اللقطة )


    جاء في الأخبار:


    Quote: دبي - فراج اسماعيل
    تصدرت فتوى إرضاع الكبير التي نشرتها "العربية.نت" في 16 مايو الماضي، نتائج ثلاثة استفتاءات أمريكية وعربية وحلت على رأس قائمة أغبى وأغرب فتاوى العالم الإسلامي لعام 2007 وأكثرها إثارة للجدل.

    ففي حين أعلنت مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية أن الفتوى التي تبيح للموظفة إرضاع زميلها في العمل منعا للخلوة المحرمة، جاءت في المركز الثالث لأغبى خمس فتاوى إسلامية لعام 2007، فإنها تتنافس حتى الآن بقوة على "أغرب فتوى" في الاستفتاء الذي نظمته قناة "دريم" الفضائية وتعلنه مساء الاثنين 31-12-2007 قبل وقت قليل من دخول العام الجديد، بينما حصلت في استفتاء موقع (اسلام أون لاين) على الفتوى الأكثر اثارة للجدل.


    فتوى التبرك ببول الرسول
    وقال مصدر في قناة "دريم" المصرية إن برنامجها الشهير "العاشرة مساء" الذي تقدمه منى الشاذلي سيعلن الليلة، نتيجة الاستفتاء الذي شارك فيه نحو 7 آلاف صوت حتى صباح اليوم (الاثنين) وتضمن 14 سؤالا من بينها سؤال عن أغرب فتوى خلال عام 2007.

    وأوضح المصدر لـ"العربية.نت" أن 600 صوت يجري حاليا فرزها ستحسم المنافسة الشديدة بين فتوى ارضاع الكبير، وفتوى "التبرك ببول الرسول" وكانت المؤشرات حتى مساء الأحد ترجح كفة فتوى الارضاع.

    وقال: كان التصويت جديا للغاية ومعبرا بصدق عن آراء المشاركين فيه، وحدثت منافسة ساخنة بخصوص السؤال رقم (8) عن أغرب فتوى، بين فتوى ارضاع الكبير، وفتوى التبرك بشرب بول الرسول لمفتي مصر، وستحسم الأصوات التي يتم فرزها حاليا هذه المنافسة لصالح أحدهما.

    وأشار إلى أن التصويت تم بوسيلتين، الأول الكترونيا عبر الانترنت، وكان أكثر فعالية وسهولة وعن طريقه شارك عدد كبير من أنحاء العالم، والثاني تخصيص خط هاتفي لتلقي الأراء، واكتنفته بعض الصعوبات.


    "الرضاع" الأغبى أمريكيا
    من جهة أخرى أعلنت مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية نتائج التصويت على ما أطلقت عليه "أغبى خمس فتاوى اسلامية" وجاءت فتوى الرضاع في المركز الثالث، وفي المركز الاول الفتوى التي تبطل زواج من يخلعان ملابسهما كاملة أثناء ممارسة العلاقة الزوجية الحميمة، وفي المركز الثاني الفتوى التي تمنع ألعاب البوكيمون لأنها تشجع الأطفال على القمار المحرم في الاسلام، وحلت رابعا فتوى لبعض شيوخ القرى في باكستان تحرم تطعيمات شلل الأطفال بدعوى أنها مؤامرة من الغرب لنشر العقم بين المسلمين، بينما ظلت فتوى الخميني باهدار دم الكاتب البريطاني الهندي الأصل سلمان رشدي في الأذهان وحلت خامس أغبى فتوى في العالم الاسلامي.

    وفي استفتاء موقع (اسلام أون لاين) حول أكثر الفتاوى اثارة للجدل، جاءت في المقدمة فتوى رضاع الكبير لرئيس قسم الحديث السابق بجامعة الأزهر عزت عطية، ثم فتوى جلد الصحفيين لشيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي، وفتوى التبرك ببول النبي لمفتي مصر علي جمعة.

    وكانت "العربية.نت" نشرت فتوى للدكتور عطية في 16 مايو الماضي أثارت جدلا شديدا استمر عدة أسابيع في جميع أنحاء العالم، حيث أفتى بإرضاع المرأة لزميلها في العمل، منعا للخلوة المحرمة، إذا كانت وظيفتهما تحتم عليهما التواجد في غرفة مغلقة لا يفتح بابها إلا بواسطة أحدهما.

    وشرح ذلك في تصريحات لـ"العربية.نت" في ذلك الوقت بأن ارضاع الكبير المبيح للخلوة 5 رضعات، وهو لا يحرم الزواج، وأن المرأة في العمل يمكنها أن تخلع الحجاب أو تكشف شعرها أمام من أرضعته، مطالبا بتوثيق هذا الارضاع كتابة، ويكتب في العقد أن فلانة أرضعت فلانا.

    وتسببت الفتوى في موجة غضب عارمة اجتاحت العالم الاسلامي، مما أدى لقيام جامعة الأزهر بوقف عطية عن العمل واحالته إلى مجلس تأديب، ثم قررت عزله من منصبه كرئيس لقسم الحديث بكلية أصول الدين، وابقائه على المعاش، معتبرة أن تلك الفتوى توجب العزل من الوظيفة لأنها سببت بلبلة في العالم العربي والاسلامي وعلى المستوى العالمي، إلى جانب كونها اهانة للاسلام بعد أن أصبحت مصدرا للنكات والتشنيع على الدين، كما صارت وسيلة لبعض الشباب لمعاكسة البنات وجرح حيائهن وفق ما نقلته صحيفة الأهرام المصرية في 17-9-2007.

    وأعلن عطية تراجعه عن فتواه بعد 4 أيام من نشرها في "العريية.نت" معتذرا للمسلمين في بيان وقعه ووزعته جامعة الأزهر، قائلا إن ما أفتى به كان اجتهادا مبنيا على واقعة خاصة، وأن الرضاعة بالصغر هي التي ثبت بها التحريم، وأنه بناء على ما تدارسه على اخوانه العلماء يعتذر عما بدر منه.

    وبخصوص فتوى المفتي علي جمعة الخاصة بالتبرك ببول الرسول والتي تنافس "ارضاع الكبير" في استفتاء فضائية دريم، فقد وردت في كتابه "الدين والحياة.. الفتاوى العصرية اليومية" وأثارت جدلا شديدا أيضا بعد أن تسربت إلى الصحافة، وفيها يرد على سؤال حول مدى ثبوت تبرك أحد الصحابة ببول الرسول صلى الله عليه وسلم، فأجاب: نعم أم أيمن شربت بول الرسول، وقال لها "هذه بطن لا تجرجر في النار".


    تعري الزوجين أثناء الممارسة
    أما "أغبى فتوى" وفق استفتاء المجلة الأمريكية (فورين بوليسي) فقد أفتى بها الشيخ رشاد حسن خليل العميد السابق لكلية الشريعة بجامعة الأزهر، ببطلان زواج أي رجل وامرأة يخلعان ملابسهما أثناء ممارستهما لعلاقتهما الزوجية، وقد أثارت هذه الفتوى أيضا غضبا عارما .

    وكانت فتوى منع البوكيمون خاصة باللجنة العلمية للبحوث العلمية والشريعة الإسلامية في السعودية، واعتبرته مشجعا للأطفال على لعب القمار الذي يحرمه الاسلام، ثم انضم شيوخ الامارات إلى هذا الرأي لأن "البوكيمون" يروج لنظرية النشوء والتطور التي تتعارض مع الشريعة الاسلامية، ثم انتقلت الفتوى إلى الكنيسة الكاثوليكية في المكسيك التي اعتبرت "البوكيمون" من عمل الشيطان.

    http://www.alarabiya.net/articles/2007/12/31/43615.html
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de