دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا
|
ديموقراطية الصحويين بين أهل الگهوف وأهل البُروج!
بقلم/كمال الجزولى
(1)
لم أحظ بحضور الندوة التى نظمَتها ، بقاعة الشارقة بالخرطوم ، جامعة أفريقيا العالمية بالتعاون مع منظمة الدعوة الاسلامية ، بتاريخ 3 نوفمبر الجارى ، تحت عنوان: (أبعاد أحداث الحادى عشر من سبتمبر ـ نظرة استراتيجية) ، غير أن السيد الصادق المهدى بعث إلىَّ ، مشكوراً ، بنسخة من الورقة التى قدمها أمامها بعنوان: (مكامن العجز الذاتى فى المؤسسات الرسمية العربية والاسلامية) ، حيث أحال هذا العجز فى مستوى العمل الإقليمى إلى العجز الذى تعانى منه (الدولة الأوتقراطية) نفسها داخل أوطانها القطرية بسبب (الافتقار إلى الديموقراطية).
وبانفصال عن كونه رئيساً لحزب الأمة ، اكتسب الرجل ، فى ما يبدو ، كفقيه ومفكر وكاتب ، شبكة مرموقة من المُعينات على الكتابة الاحترافية ، يعود إليها ، ولا بد ، بجانب دأبه المعهود ، جُلُّ الفضل فى هذا الانتاج الغزير ، الممتاز ، والمرتب ، إتفق الناس أم اختلفوا حوله ، مما يغبطه عليه ، بحق ، كلُّ مُنتِجى "المحاصيل" الذهنية! ولأن الحرص على تلقى مردود التغذية الاسترجاعية لهذا الانتاج ، فى تقدير الآخرين ، هو من دلائل استشعار أى مفكر أو كاتب لمسئوليته تجاه نشاطه الذهنى ، فقد أثار إعجابى ، ولا أقول دهشتى ، أنه كان أبدى أيضاً ، قبل شهور ، اهتماماً مماثلاً ، وهو فى أشدِّ حالات العجلة من أمره ، يخُبُّ ، ساعتها ، خبباً إلى المطار للحاق بفعالية فكرية سياسية بألمانيا ، ومع ذلك حَرص على أن يبعث إلىَّ ، وإلى آخرين غيرى ، بالورقة التى كان أعدَّها فى ذكرى المولد النبوى الشريف ، ليشارك بها ، فور انتهاء فعالية ألمانيا ، فى أعمال المؤتمر السنوى الذى درجت وزارة الأوقاف المصرية على إقامته فى القاهرة بهذه المناسبة ، راجياً ، بدماثة مشهودة ، أن يتلقى التعليقات والملاحظات المحتملة عليها ، عبر فاكس محدَّد بالقاهرة ، كيما يضعها فى الحسبان قبل موعد المؤتمر! ومع أن مشاغل وأسفار تخصنى صادفت ذلك التوقيت ، فحالت ، للأسف ، دون تمكُّنى من الاستجابة لتلك البادرة الكريمة ، إلا أن السؤال المهم الذى ينطرح فوراً هنا هو: أيَّة منقصة كان يمكن أن تؤخذ على الرجل نفسه لو لم يفعل؟!
مهما يكن من أمر غالب عاداتنا الثقافية ، فهذا نموذج ديموقراطىًّ يستحق أن يُحتذى فى باب الحدب المفترض على (عصف الأدمِغة) حول القضايا الوطنية والدولية التى تشغل شعبنا ، والشاخِصة منها ، بخاصة ، فى أفق الفكر الاسلامى ، بأكثر من مجرد الشغف المرذول بسماع صدى الصوت الداخلىِّ وحده!
(عصف الأدمغة) نفسه ، بخلاف الفكرة الخاطئة عنه لدى البعض ، ليس هو ذلك النشاط الذى يستهدف تتبع أو تصيُّد أو نبش نقاط (الاختلاف) مع الآخـر ، والتركيز عليها ، فى كل الأحوال. بل إن استجلاء مواطِن (الاتفاق) قد يشكل ، أكثر الأحيان ، واحدة من المطلوبات المجيدة لهذا النشاط ، بشرط أن ينهض على (حوار) حقيقى ، لا محض (سجال) عدمى. والفرق بين الاثنين ، فى حالة السياسة مثلاً ، أنه ، وبينما يستغرقها الآخير فى لجج الغوغائية ، فإن الأول يرفدها ، فكراً وممارسة ، بعناصر التفتح والاستنارة ، وبخاصة تجاه فقيه ومفكر فى قامة السيد الصادق ، تراكم ، بسبب أدائه العملى ، حزبياً وحكومياً ، ضباب متكاثف من (السياسة السياسوية) ، كما فى المصطلح الفرنسى ، بين كثير من الناس وبين كثير من اجتهاداته فى مجال الفكـر السياسى الاسلامى ، والتى نعدُّها من أحوج ما تحتاجه الجماعة المستعربة المسلمة فى بلادنا لتفتح بها وبأمثالها ما كاد يستغلق نهائياً أمام أبصارها وبصائرها من مسالك تفضى لإصلاح دينها ودنياها. وهذا ما سنحاول إضاءة شئ منه ، هنا ، ونحن نعرض ، بمناسبة هذه الورقة المهمة ، لموضوعة الرجل الأثيرة: (الاسلام والديموقراطية).
(2)
لا جدال فى أن السيد الصادق ظل يبدى ، طوال ما يربو على ربع القرن الماضى ، ثباتاً فكرياً محموداً فى الدفاع عن الديموقراطية المعيارية والقيمية ، واجتهاداً فقهياً رفيعاً لتوطينها فى قلب تربة الفكر السياسى الاسلامى ، بإيجاد أكثر من وشيجة تقرن بين مبادئها الوضعية المترتبة على محض الفطرة السليمة وبين المبادئ الأساسية للاسلام الذى ".. يوافقها فى خاماتها المبدئية ، ولكنه لا يُفصِّل نظاما ديموقراطيا محددا ويترك ذلك لظروف الزمان والمكان" (الصادق المهدى ؛ أحاديث الغربة ، ط1 ، دار القضايا ، بيروت 1976م ، ص 3. وقد كان للرجل فى ذلك ، دائماً ، من قوة السند وبهاء الحجة ما بوَّأه مكانة عليَّة بين أبرز مفكرى العقلانية الاسلامية فى المنطقة ، وذلك من حيث وعيه العميق بموضوعة (العقل) المركزية فى الاسلام الذى "يعطى الانسان مجال التفهم بعقله ، ومواصلة الهداية بجهد ، حاثاً على استخدام العقل فى خمسين آية .. وعلى التفكير فى 18 آية" (نفسه ، ص 33) ، ومن حيث إتقانه الرفيع لمنهج النظر فى النصوص "على ضوء البيئة ودوران المصلحة" ، وهو منهج من أنار الله بصائرهم من "قادة الفكر الاسلامى والمفسرين .. والفقهاء .. فعادوا إلى نصوص القرآن والسنة واستنبطوا منها .. الاحكام التفصيلية ، وراعوا فى ذلك تطورات البيئة من مجتمع المدينة إلى مجتمع عالمى يضم قارات ثلاثاً " (نفسه ، ص 28 ـ 29).
إستصحاب (المصلحة العامة) ، فى الفقه ، دفعاً (للمضرة) بالأخص ، هو أحد المحاور المهمة التى اشتغل عليها هذا المفكر. فمن أفدح وجوه الخطأ ، عنده ، قياس "ضرورة الالتزام الدينى بالقيم الروحية والخلقية بالتزام مماثل .. فى المعاملات الاجتماعية والسياسية ، (لأن) الأمور الروحية .. والأمور الخلقية .. ثابتة ، والالتزام بها يحقق الفضيلة. أما المعاملات السياسية والاجتماعية والاقتصادية فأمور متحرِّكة مع ظروف الزمان والمكان ، وتراعى فيها المنافع والمستجدات .. (و) محاولة إخضاع هذه الأمور المتحركة لأحكام ثابتة يحقق المضرة" (الصادق المهدى ؛ نداءات العصر ، ص 34 ـ 35).
ولا يكتفى السيد الصادق بالتشديد فقط ، فى هذا السياق ، على عدم دعوة الاسلام إلى نظام حكم بعينه ، أو على عدم إلزامية النظم السياسية التى عرفها التاريخ الاسلامى ، بل يذهب إلى أبعد من ذلك بتشديده ، أيضاً ، على أن المبادئ السياسية للاسلام كالحرية والعدل والمساواة والشورى وغيرها "تطورت حتى ماثلتها النظم الديموقراطية الحديثة" التى وضعت من الضوابط لممارسة تلك المبادئ نفسها ما خلت منه التعاليم الاسلامية السياسية ولم يعالجه الاجتهاد ، الأمر الذى جعل (المبادئ) معلقة فى الهواء ، فأهملها حكام المسلمين أغلب تاريخهم السياسى. ويؤكد ، من ثمَّ ، أن استصحاب هذه الضوابط ، التى طابق فيها تطور الفكر الانسانى حقائق الوحى ، أصبح ضرورة ، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، على أن التقنين يبقى ممارسة بشرية ، وليس نمطاً ملزماً (الصادق المهدى ؛ تحديات التسعينات ، شركة النيل للصحافة والطباعة والنشر ، القاهرة ، ص 197). ويبدى الرجل كذلك قدراً كبيراً من الاستنارة باستناده إلى رأى الإمام الفخر الرازى فى انعقاد العصمة لجملة الأمة ، لكى يعقد السيادة للشعب ، ويجعل المرجعية لهيئاته المنتخبة انتخاباً حراً فى تقرير كل شئ ، بما فى ذلك فهـم (النصوص) غير القطعية ، وتحديد رأى الدين فى المستجدات (نفسه ، ص 193).
(3)
من نافلة القول أن السيد الصادق لا يقف وحده فى منبر الدفاع المجيد هذا عن قيمية ومعيارية الديموقراطية فى المحيطين العربى والاسلامى. ذلك أنه إذا كان الفكر السياسى الغربى قد عالج موضوعة (التعدد) ضمن المفهوم الوضعى (للديموقراطية الليبرالية) ، فإن كثيراً من المفكرين الاسلاميين المعاصرين يبدون تقديراً طليقاً لتلك المعالجات على قاعدة الحديث الشريف: "الحكمة ضالة المؤمن ، أنى وجدها فهو أحق الناس بها". فالشيخ محمد الغزالى ، مثلاً ، يشدِّد على أن "التفتح العقلى ضرورة .. فماذا يمنع الفقيه المسلم من قبول كل وسيلة أصيلة أو مستوردة لتحقيق الغايات التى قررها دينه ؟! إن النقل والاقتباس فى شئون الدنيا ، وفى المصالح المرسلة ، وفى الوسائل الحسنة ليس مباحا فقط ، بل قد يرتفع الآن الى مستوى الواجب" (محمد الغزالى ؛ دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين ، ص 182). ثم يعود ليسخر من حجة الانكفائيين: ".. شعرت بجزع عندما رأيت بعض الناس يصف (الديموقراطية) بالكفر ، فلما بحثت عمَّا عنده لكفالة الجماهير وكبح الاستبداد وجدت عبارات رجراجة يمكن القاؤها من منبر للوعظ" (نفسه ، ص 186). والدكتور سليم العوا يشدِّد ، من جانبه ، على الفهم الإسلامى الصحيح لقضية التعددية بقوله: "الاختلاف .. أمر قدره الله سبحانه وتعالى حتى صار سنة من سنن الكون .. فإن الاعتراف بالاختلاف والمغايرة له أصله الشرعى الثابت" (د. محمد سليم العوا ؛ ندوة مركز الدراسات الحضارية بالقاهرة حول التعددية السياسية ، أخبار اليوم 22/2/9. والسيد فهمى هويدى يقول إن الموقف الناكر للتعددية خاطىء من وجوه ثلاثة: شرعية ورسالية وسياسية (نفسه). والدكتور يوسف القرضاوى يقر بأن تدبير سياسة الدنيا إنما يندرج ضمن حدود "منطقة (العفو) التى سكت عنها الشارع رحمة بالناس ، وتركها مفتوحة لاجتهاد البشر وتقديرهم للمصلحة .. حيث لم ترد نصوص قطعية فى شأنها" (نفسه) ، بل يذهب إلى أكثر من هذا ، فيدمغ الآراء التى ترفض الاختلاف بين الناس بأنها ضربٌ من التَوجُّه ".. ضد فطرة الإنسان ، وضد منطق الإسلام ذاته الذى سجل القرآن الكريم فى صدده أن الله سبحانه وتعالى أراد الناس مختلفين لحكمة قدرها .. كانت المذاهب أحزابا فى الفقه ، وليس هناك ما يمنع أن تصبح الأحزاب مذاهب فى السياسة" (نفسه). والدكتورعبد الله النعيم يرى "أن الحاجة لتحمل تعدد الرأى بين المسلمين .. تجعل الليبرالية الاسلامية مهمة بالنسبة للحيوية الدينية .. بالاضافة إلى التطور السياسى أو الاجتماعى .. إن المنطق الدينى للتحمل .. يؤدى الى تقدير أفضل للتعددية كواقع حياة فى مجالات أخرى" (د. عبدالله النعيم ؛ ضمن "الديموقراطية فى السودان: البعد التاريخى والوضع الراهن وآفاق المستقبل" ، تحرير د. حيدر ابراهيم على ، مركز الدراسات السودانية ، القاهرة 1993م ، ص 242). والدكتور عبد الوهاب الأفندى يقول: "إذا كان هناك درس يستفاد من التجربة السودانية فهو أنه لا غنى للإسلاميين عن اتباع الأساليب الديموقراطية الحديثة ، ليس فقط فى إدارة شؤون البلاد ، بل وفى إدارة شؤون الاسلاميين أنفسهم .. التجارب الديموقراطية الحديثة مثلت نقلة نوعية فى ابتداع الوسائل العملية لتحقيق الأهداف التى ظلت المجتمعات الإنسانية تسعى لتحقيقها .. الحركات الإسلامية الحديثة قبلت هذه الفكرة نظرياً .. فحركة الأخوان المسلمين وغيرها شادت بناءها التنظيمى على أسس ديموقراطية .. (و) قبلت بواقع المشاركة الديموقراطية ، واعترف حسن البنا وغيره بأن النظام البرلمانى الدستورى هو الأقرب إلى روح الإسلام" (الوفاق ، 18/1/2000م).
(4)
غير أن السيد الصادق بدأ ينتقل ، فيما يلاحظ منذ حين ، من مجرَّد الاقتصار على المعالجة النظرية لقضية الديموقراطية فى حدودها المعيارية والقيمية ، على خلفية المبادئ والمثل السياسية والأخلاقية العامة التى جاء بها الاسلام ، ليتناولها ، بتركيز وكثافة أكثر ، فى أشكالها التطبيقية الملموسة ، وليعالج مسألة قدرتها على البقاء فى وجه مهدِّداتها. فعندما حاضر المسلمين النيجيريين ، على سبيل المثال ، فى كادونا ، العام الماضى ، حذرهم من مغبة التطبيق الانفعالى للشريعة على حساب وحدتهم الوطنية ، وتجربتهم الديموقراطية (الصحافى الدولى ، 22/7/2001م) ، مثلما حذر المسلمين فى السودان من "أن إكساب الدولة أية صبغة دينية من شأنه زيادة حـدَّة الاستقطاب والفعل المضاد" (الرأى العام ، 20/8/2001م). وما انفك يراكم ، مؤخراً ، اجتهاداته على هذا الصعيد ، عبر العديد من إصداراته ودراساته ومنبرياته. وفى هذا السياق جاءت ورقته الأخيرة المشار إليها.
تؤكد الورقة على الضرورة الاستثنائية ، فى ظل الظروف الراهنة فى العالمين العربى والاسلامى ، لبناء (الدولة الديموقراطية الحديثة) ، كإنجاز حضارى ينبغى تحشيد الإرادة السياسية المطلوبة باتجاهه ، وتضيف: "إن لم تتوافر (هذه) الارادة السياسية لأسباب إيجابية كما ينبغى ، فلتتوافر للحيلولة دون فرض أجندات أهل الكهوف وأهل البروج علينا".
يقصد الكاتب "بأهل الكهوف" تيارات الغلو الاسلامية المتشددة ، والتى تنطلق من اجتهاد منكفئ ، ويقصد "بأهل البروج" قوى الهيمنة الغربية التى صارت بلدانها هدفاً لهجمات تلك التيارات ، وصارت تزداد يأساً ، بإزاء ذلك ، من إمكانية تكرار (التجربة الكمالية) ، وأيضاً من جدوى مواصلة الاعتماد على حلفائها القدامى فى الشرق العربى والاسلامى ، بدولهم الأوتقراطية التى تفاقم من احتقان الأوضاع ، بحكم طبيعتها المركبة على تركيز السلطات لا تفويضها ، فأصبحت تعدهم ، هم أنفسهم ، مصدر الخطر عليها. والتياران يمثلان ، حسب الورقة ، قوتين فى جبهة سداسية تحاصر ، حالياً ، الدولة الأوتقراطية السائدة فى المنطقة ، وذلك إلى جانب القوى الأربع الأخرى ، وهى: (1) قوى حصار "الليبراليين العلمانيين" المتأثرين بالغرب من خلال التعليم الحديث ، والاعلام العالمى ، والاتصال بالعالم ، وزيادة الدخول (2) قوى حصار "الصحويين الاسلاميين" الذين صالحوا الشورى والديموقراطية ، على حدِّ تعبير الورقة (3) قوى حصار "الشعوب" التى عبرت عن حيويتها التحركات الشعبية فى جنوب لبنان وفلسطين وإيران وباكستان واليمن والسـودان وأندونيسيا ، بإزاء التطورات الاستراتيجية فى الشرق الأوسط (فلسطين) ، ومنطقة الخليج (العراق) ، وجنوب آسيا (أفغانستان) ، والقرن الأفريقى (السودان) ، والتى فضحت العجز التام الذى يعانى منه النظام العربى والاسلامى الرسمى. (4) قوى الحصار "الدولى" من خلال إعلان الأمم المتحدة الالتزام بالديموقراطية مع بداية الألفية الثالثة ، وإعلان المنظمات الاقليمية ، كالاتحاد الأوربى والاتحاد الأفريقى ، عن مواقف منحازة للديموقراطية باعتبارها أساساً لشرعية الحكم ، وكذلك من خلال (إتفاقية كوتونو) بين الاتحاد الأوربى ومجموعة دول أفريقيا والكاريبى والمحيط الهادى ، والشراكة الجديدة من أجل التنمية فى أفريقيا (النيباد) ، ومؤخراً إعلان القمة الفرانكفونية ببيروت فى أكتوبر الماضى ضرورة اعتبار الديموقراطية والفرانكفونية والتطور وحدة لا تتجزأ.
هكذا ، ومن خلال هذا الرسم التخطيطى (للحصار السداسى) الذى يطبق على الدولة الأوتقراطية فى العالمين العربى والاسلامى ، تعمد الورقة إلى تفكيك وإعادة تركيب المشهد العام لأهم مآلات الصراع فى هذه المنطقة كما يتصورها الكاتب فى المرحلة القادمة من جهتين أساسيتين:
فمن الجهة الأولى: يسحب (أهل البروج) دعمهم المبذول حتى الآن لهذه الدولة الأوتقراطية ، فيتحتم فناؤها ، وإحلال الدولة الديموقراطية محلها ، وذلك تحت سنابك عمليات قصديَّة تتحالف فيها أربع قوى أساسية من قوى الحصار: الليبراليون والصحويون والشارع وضغط المجتمع الدولى.
ومن الجهة الثانية: يتراجع (أهل الكهوف) ، وتذوى حركتهم ، حين يفقدون ، بانهيار الدولة الأوتقراطية ، الأساس الوحيد الذى أكسبهم شعبيتهم بلا استحقاق ، حيث تتيح الحرية فى الدولة الديموقراطية نقض حجتهم بالحجة الاسلامية المستنيرة ، بدلاً من الاجراءات الأمنية المتبعة ضدهم بلا جدوى.
(5)
على الرغم من المتعة الذهنية التى توفرها قراءة هذه الورقة القيِّمة ، إلا أننى وددت لو أن السيد الصادق واصل فيها طرح السؤال المقلق عن قدرة النظام الديموقراطى فى بلادنا على حماية نفسه ، وحماية الحراك السياسى الاقتصادى الاجتماعى الذى يجرى تحت مظلته ، ليس فقط فى وجه مهدِّداته الداخلية (أهل الكهوف حسب الورقة) ، بل والخارجية أيضاً. فالديموقراطية أسلوب وإطار ، وأخشى أن التركيز على مستقبلها فى العالمين العربى والاسلامى ، من جانب واحد ، قد أورث الورقة غموضاً غير مرغوب فيه بصمتها عن مشهد المآلات المحتملة لهذا الحراك ، حتى بافتراض فناء الدولة الأوتقراطية وتأسيس الدولة الديموقراطية ، وذلك فى جبهة الخطوط المتقاطعة بين مصالح (شعوب) المنطقة وبين حكومات الغرب الرأسمالى الراعية لمصالح الاحتكارات العملاقة متعدية الجنسية ، أى (أهل الأبراج) أو (أهل الهيمنة) الذين سيساعد تخليهم عن دعم الدولة الأوتقراطية على فنائها ، حسب الفرضية الأساسية للورقة ، والذين لا يتوفر حتى الآن ما يشير إلى أنهم ، وبمجرَّد تحقق هذا الفناء ، سوف يتخلون عن أجندتهم التى دفعت بهم فى السابق إلى دعم الأتوقراطية!
(إنتهى)
للأستفسار أو طلب معلومات يرجى مراسلتنا على العنوان التالى [email protected]
©جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع صحيفة الراي العام 2001 Copyright © 2001 AL RAYAAM NEWSPAPER. All rights reserved
Sammy Sosa.
___ Justice For All.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: adil amin)
|
Dear adil it is known for you that our country has abandoned it self to the passions of civil war in southern sudan for along time in addition to that a dictator govering play important role in the character of the all sudanese people so it is a misconception to think about the absent of democracy on the behaviour of sayed saddig elmahdi the man his name could meet with general acceptance of democracy force in the sudan and aroud the world and accepted by the collective leadership in the world and around country sudan. This man has to be respected for his principles about peace and democracy and don't forget that this man is able to walk over the skeletons of sudanese if he would like to take apower of his country , so we need a copy of this man in order to develop the democracy. Inspite of the obvious progress which has already caused during his age but I think the sudanese needs to read some of their history so as to give a rights of the other . IAm sorry that it is impossible for me to write by arabic due to the computer facilities own by me now and it is time to have a dinner ok an d see you through this ..........
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)
|
الاخ جنى تحياتى لقد وجدت مقال الاستاذ كمال الجزولى بموقع جريدة الراى العام وقمت بطباعته على امل قرائته عند متسع من الوقت ولكن عنوان هذا البوست دفعنى لقراءة المقال ، ولم اجد فيه سلطاناً يمدح انما تناول بالتحليل ما ظل يقدمه الصادق المهدى كفقيه وكاتب ومفكر واجتهاداته فى مجال الفكر الاسلامى السياسى، واعتقد ان الصادق لا يعتبر سلطانا انما ظل دائما معارضا ومدافعاعن الديمقراطية، رغم الماخذ عليه فى بعض موافقه السياسية. ولك تحياتى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: Tariiq)
|
والله بالغ ود الجزولى
الصادق المهدى مسؤول بطريقة مياشرة وغير مباشرة ؛ عن فشل الديمقراطية الثانية والثالثة ؛ وعن فشل حكوماته كلها ؛ وهو اكبر آفة سياسية حلت على بلادنا واوصلتها الى الخراب
ان يمدحه كمال الجزولى ؛ فهذا عجيب ؛ ولكن له تفسير
عادل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)
|
الاخوان بالبورد كل التحية والتجلة ، هذه اول اطلالة لي على هذا البورد العامر بكل اصحاب المواهب والمقدرات الفكرية واخيراً وليس آخراً بالسودانوية
مداخلتي هنا بخصوص ما نشره الاخ جني من مقال لكمال الجزولي وتعليق بعض الاخوة عليه، وخصوصاً بلدياتي ابن عطبرة الاخ عادل عبد العاطي حقيقة ما لمسته من تعليق الاخ جني وكتابات الاخوان أنهم مارسوا تجني بشكل أو بآخر على كمال الجزولي منطلقين من فكرة الرأي المطلق وتلك آفة كبيرة من آفات العقلية السياسية السودانية والمنية على أساس من ليس منا فهو قطعاً ضدنا، وهذا نوع من التفكير العدمي لم يقودنا طيلة تجاربنا السياسية الا الى مزالق خطيرة اقعدت بنا وقادت البلاد الى مهاوي الهلاك؟ فمن خلال قرائتي للمقال المنشور وجدت أن السيد كمال الجزولي يتكلم عن الصادق المهدي المفكر الاسلامي وليس الصادق المهدي زعيم حزب الامة، وافتراضاً لو أنه تكلم عن الصادق المهدي السياسي والذي اتفق تماماً مع الاخوان عادل عبد العاطي وجني عن اخفاقه السياسي وعجزه المزمن عن القيام بدور يعيد الثقة والعافية للفعل الديمقراطي طيلة الفترات التي تسنم فيها قيادة البلاد، الا أن الثابت لنا أن الرجل كان وما زال ديمقراطياً صميماً مهما اتفقنا أو اختلفنا في تقييمه من الوجهة العملية، وهذا وحده يضعه في خندق المؤمنين بقدرنا الديمقراطي، ولكن أن نمارس ارهاباً فكرياً لمجرد أن نوه السيد كمال الجزولي لاسهام الرجل الفكري في المجالين الديني والسياسي، فهذا ليس من الديمقراطية في شيء كما أنه يمثل اشارات خطيرة في تقييمنا للآخر حتى وأن كانت تجمعه بنا مباديء مشتركة ؟ ان السيد كمال الجزولي لمن لا يعرفه كان وما زال رمزاً وطنياً شريفاً ولم يعرف له التمسح في بلاطات السلاطين ولم يطرح نفسه يوماً في سوق النخاسة السياسية، بل كان وما زال يطرح نفسه شاعراً واديباً ومفكراً سياسياً يشهد له الاعداء قبل الاصدقاء؟ ودمتم أحبتي عبدالخالق السر - ملبورن
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: atbarawi)
|
الأخ العطبرواى .. دعنى أولا أحييك وأرحب بك فى هذا المنبر لاسيما وأن تلك هى إطلالتك الأولى كما قلت ثم دعنى أقول لك بكل هدوء إن ما أورده كمال الجزولى يصب فى خانة المدح غير المستحق وهو من علائم آفات الإنتلجنسيا وسقوطها وتناقضاتها أيضا ، إذ كيف يجوز أن تغفل وتعزل الجانب الأهم وهو العبث بالسودان وإيذاء الصادق لأهله لسنين وفى مرات عديدة لتركز وتحاول إضاءة جوانب ليست حقيقية ومبنية على الإنطباع والإعجاب الذاتى بفرد ليس إلا .. إننى بصراحة واستنادا على كثير من الحقائق والأمور لا أرى الصادق المهدى إلا مآلاً ورمزا دائما للفشل والخيبة الممتدة وذلك حديث لوقت آخر .. تبقى نقطة هامة وضرورية وهى أن الصادق المهدى ليس ديمقراطياً على الإطلاق والشواهد على ذلك كثيرة والأدلة واضحة جدا ضده ، وفى ذلك فليتناقش المتناقشون إثراءاً للمنبر وتعميما للفائدة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)
|
الأخ جني وعادل عبد العاطي وعطبراوي رمضان كريم في البدء لا بد من غرس ثقافة الإختلاف فيما بين المتحاورين والصادق المهدي إكتسب صفة الشخصية العامة التي يحق لنا الحكم لها أو عليها بالموضوعية والشفافية اللازمتين وقد قال الأستاذ كمال الجزولي رأية في الموضوع ولدية قطعاً معاييرة الموضوعية حول ذاك الرأي من خلال تفسير مقال الرجل وأراءة المنشورة في كتبة المتعددة ولم أري أي شكل من حرق البخور أو التملق للسلطان كما أشار الأخ جني مع حقيقة عدم وجود سلطان أصلاً في هذه الفترة من عمر الصادق المهدي أما فشل الصادق المهدي المزعوم وإسامهه في حالة التراجع التي يعيشها شعبنا فهذا محل نظر فقد جبنا ودخلنا القصر الجمهوري لأول مرة في وضح النهار وهتفنا علي أنغام المسلل المصري في تلك الأيام يا صادق أفندي يا شنو كدة ما عارف سيب السياسة وبيع ليمون ولم يعتقل منّا أحد ولم يضربنا أحد وقد أسقطنا الحكومة في تلك الأثناء بعد ما ضرب المواطن من جبل أولياء أمام مجلس الوزراء وتوفي وحملنا جثتة للميدان الشرقي بجامعة الخرطوم ظناً منّا أنة طالب بالجامعه وتحرك وفد من القوي السياسية لجبل أولياء وواري جثمان الشهيد وعبرت قطاعات الطلاب عن شجبها للحادث بكافة الوسائل مع أن هناك إتهامات لقوي أخري في صناعة ذلك الحادث وإستغلالة فالرجل لدية إمكانات عديدة في فهم ثقافة الإختلاف وضرورة الديمقراطية في السلوك السياسي مع التراخي أحياناً والتفريط المؤذي كما حدث في الديمقراطية الثالثة
البحيراوي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)
|
الاخوان مارد وبحيراوي كل الود والتحية أخي مارد ما زلت اشتم في مفردات رائحة التحامل على الصادق المهدي، وكما اشرت فإن في مسيرة الصادق الديمقراطية الكثير من البقع السوداء وفي أدائه على مستوى التطبيق العملي من خلال موقع المسئولية الكثير من الاخفاق والنتيجة واضحة ولا تحتاج الى عناء تفسير، فيكفي عدم استدامة الديمقراطية والفشل في تجذيرها في التربة السودانية كما نشتهي؟ ولكن الموضوعية تقتضي دائماً منا النظر بعين الحياد لمن نختلف معهم، وما يجعلني اصر على تحاملك هو أن الموضوع الذي يطرحه كمال الجزولي في غاية الوضوح وفي منتهى الأهمية في نفس الوقت، فالموضوع ببساطة شديدة يتكلم عن الصادق المهدي المفكر الاسلامي صاحب الاسهامات الواضحة والجريئة في محاولة ايجاد منهج عصري يقفز بالممارسة الاسلامية للسياسة الى مستوى الحاضر وليس كما هو حاصل في عالم اليوم من نماذج حجرية قادمة من عصور سحيقة تحتكر التفكير والممارسة الاسلامية بشكل افضت به الى أن يحاصر الاسلام في خانة الارهاب والتخلف وعدم المواكبة؟ اذن لم يتطرق السيد كمال الجزولي الى تجربة الصادق السياسية ولم يسبق عليها ما ليس فيها ؟ بل العكس اعتقد أنه نحى بنفسه تماماً من الانزلاق في الخوض بذلك لأنه كما قلت انت وانا اتفق معك تماماً معك ليس في تجربته السياسية على مستوى الفعل ما يغري بالاطراء؟ الصادق مفكر اسلامي سياسي بارز في عصرنا هذا شئنا أم ابينا وهو في اعتقادي ليس سياسياً واعتقد أنه زجى بنفسه خطاً عندما امتهن الفعل السياسي؟ أما كمال الجزولي فما زلت مصراً بأنه ليس بماسح جوخ وكما نوه الاخ بحراوي فالمقام الآن ليس مقام السلطان، فلو كان الصادق رئيساً للوزراء ساعة كتابة هذا المقال فربما وجدنا لك عذراً، وقد كانت الفرصة متاحة يوماً ما لكمال الجزولي ابان التجربة الديمقراطية الفائتة أن يقول كلامه هذا كحارق بخور؟ ختاماً دمتم عبد الخالق - ملبورن
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: atbarawi)
|
تحياتي للجميع
الورقة ورقة هامة جدا وبها اراء وافكار هامة وجريئة ام انها صادرة من الصادق المهدي او غيره فلا يهم من كتبها بقدر الافكار النيرة التي تحويه , سياسيا للصادق المهدي سلبيات كبيرة وكثيرة جدا وله ايجابيات ايضا واولها ايمانه بالديمقراطية ,
دقنه البجاوي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)
|
عزيزي مارد مداخلاتك ليست شافية، ومبنية فقط على خلاصةالرأي وهنا يبدو النقاش يأخذ صفة التمترس خلف وجهةالنظر ليس الا، لا أدعي معرفة كبيرة بالصادق المهدي ولكني بنيت رأ] فقط على ما قرأته من مقال لكمال الجزولي، وما أ‘عرفه حقاً عن كمال الجزولي وعن صفحة تاريخه البيضاء عبر مشواره الطويل، ويبدو أنني قد اسهبت طويلاً خلف وجهة نظري دون أن اجد الرد الكافي والتفنيد الحقيقي للموضوع حتى ياخذ النقاش صفة النقد والتحليل المفيد والخروج بفائدة تعود على الجميع من مثل هذا الحوار؟ ارجو أن يسمح وقتك لذلك ودمت
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: ابو يسرا)
|
التجارب السابقة اوضحت فشل الصادق كسياسى واعتقد لم يكن له مكان اذا كان مهموم حقيقى بمشكلة السودان وانه كاتب اسلامى ومفكر اسلامى ذلك موضوع اخر واتمنى من الله ان يواصل الاتجاه فى الطريق ويعتزل السياسة وسوف نلتزم ادبيا بالاطلاع غلى مقالته وحقيقة هو يصل للبرلمان عبر شكل ديمقراطى ونحنوا نحترم ذلك ولكن قانون الانتخابات وشكل الدستور اسهم كثيرا فى ذلك واعتقد حدث تحلل لكل ذلك وحقيقة كمال مواقفة لم تضعة فى مكان المادحين وان كتب قبل ذلك مقال عن المدعو الصادق لم ادافع عن كمال الجزولى لانه ينتمى للحزب الشيوعى واحقيقة الصادق لايستحق ذلك ليس لانه غير ديمقراطى ولكن هو الذى دفعنا لكل هذا وللحديث بقية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)
|
أنا شخصيا الكلام عن الصادق بخلي ضغطي 160/110 عشان كده ما عندي ليكم غير كوبي آند بيست وانتوا اتناقشوا وعذرة للمشاركة السلبية التة اقتضتها حالتي الصحيةالصادق المهدي: في ترحاله بحثا عن الهداية والفلاح
د• عبدالوهاب الافندي ہ› خلال العقود الاربعة الماضية واجه زعيم حزب الامة السوداني الصادق المهدي تحالفا مدهشا من الخصوم، بعضهم من داخل حزبه وطائفته، وكثير منهم من خارجها• ومع ذلك نجح المهدي ليس فقط في ان يحتفط بمكانه في قلب الساحة السياسية السودانية، بل ايضا في ان يصبح في احيان كثيرة مركز اجماع عريض يدعمه من داخل وخارج السودان• وهذا وضع مثير للاهتمام بكل المقاييس، سواء اتفق المرء مع المهدي او خالفه• هذا الوضع الغريب الذي يجد فيه الصادق المهدي نفسه يجسد الى حد كبير جوهر الازمة السياسية في السودان ويشير في نفس الوقت الى طريق تجاوزها، فازمة المهدي تكشف في آن واحد العوامل التي تمزق الجسد السياسي السوداني وكذلك تلك التي توحده، وقد مثل المهدي عامل توحيد للسودانيين في بعض الاوقات وعامل فرقة في اوقات اخرى• من الممكن التنبؤ ببعض خصوم المهدي »الطبيعيين« وعلى رأسهم الراديكاليون من اهل اليسار او الليبراليون• ففي عرف هؤلاء يمثل المهدي »الرجعية الدينية« ويعبر عن مصالح الارستقراطية التقليدية القبلية الدينية• ويتندر هؤلاء بأن المهدي ولد وفي فمه ملعقة من ذهب، وان اول منصب تقلده في حياته كان رئاسة الوزراء، ويضيفون ان الرجل يعيش وهم اهميته الشخصية، ويريد للسياسة السودانية ان تدور حوله، وحينما استولى الراديكاليون على السلطة في ايار -مايو- عام 9691 صبوا جام غضبهم على المهدي الذي اعتقل ونفي كما تعرض لانتقادات حادة ومتصلة في الاعلام الحكومي• ولكن الصادق لم يسلم كذلك من سهام الاسلاميين الذين اكثروا من اتهامه بالتهاون في الخط الاسلامي حينا وبالميول العلمانية حينا اخر وبالانتهازية احيانا كثيرة• وقد اتهم الاسلاميون الصادق بالتهاون في محاربة نميري في مطلع السبعينات، وبمعارضة الشريعة الاسلامية في مطلع الثمانينات• وحين استولى الاسلاميون على السلطة في عام 9891 شنوا حملة اعلامية وسياسية عنيفة ضد الصادق، وخصوه بتضييق ومعاملة سيئة لم توجه حتى للشيوعيين خصوم الاسلاميين التقليديين• وبينما اطلق سراح محمد عثمان الميرغني زعيم الطائفة الختمية بعد فترة وجيزة من اعتقاله في تشرين الثاني -نوفمبر- 9891 ومنح جواز سفر دبلوماسيا للسفر الى الخارج، تعرض المهدي لاعتقال طويل ومعاملة سيئة ثم اعيد اعتقاله مرات عدة بعد ذلك• وظل الاعلام الحكومي يوجه قدرا غير قليل من الهجوم للصادق المهدي وحزبه ولم يسمح للرجل بمغادرة السودان الا فرارا من دون علم السلطة واذنها• دوليا كانت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة تنتقد اداء الصادق خلال فترة حكمه الاخيرة وتصف ادارته بانها كانت مخيبة للامال• وقد قدم هذا النقد بصورة تفصيلية في مذكرات السفير الامريكي السابق نورمان اندرسون التي نشرت العام الماضي وتتلخص هذه الانتقادات في الاداء الاقتصادي البائس لحكومة المهدي وفشله في انهاء الحرب الاهلية وتردده في الغاء قوانين الشريعة الاسلامية• عربيا ايضا تعرض المهدي لانتقادات عنيفة من الدول العربية الكبرى بسبب علاقاته الوثيقة مع ايران وليبيا في وقت كانت فيه ايران في حرب مع العراق وعلى عداء مع مصر ودول الخليج• وكانت علاقات ليبيا فيه مع مصر واكثر دول المشرق العربي في توتر شديد• اضافة الى ذلك فان الفتور التقليدي في علاقة مصر مع حزب الامة ازداد بسبب اصرار المهدي على الغاء اتفاقية التعاون مع مصر ومطالبة حكومته بتسليم الرئيس الاسبق نميري لمحاكمته، وهي مطالبة ادت الى قيام مظاهرات معادية لمصر في السودان• السودانيون الجنوبيون ايضا ناصبوا المهدي العداء لأن فترة حكمه الاولى -6691 ـ 7691- شهدت تصعيدا في الحرب في الجنوب، ولانه عارض اتفاقية اديس ابابا التي اعادت السلام للجنوب في عام 2791 وقد اعتبر بعض القادة الجنوبيين عودة المهدي للسودان في عام 7791 ومصالحته للنميري ضربة قوية لاتفاقية السلام، واستقال بعض الوزراء الجنوبيين من حكومة النميري على هذه الخلفية• واثناء حكومة المهدي الثانية واجه الرجل انتقادات عنيفة من الجنوبيين داخل وخارج السودان، ورفض قرنق الاعتراف به رئيسا للوزراء، وحمله البعض مسؤولية فشل جهود السلام وتصعيد الحرب• ولكن اغرب الخصومات هي تلك التي واجهت وتواجه المهدي من داخل حزبه نفسه، ففي الستينات كسب الصادق عداوة رئيس وزراء حزبه السياسي المخضرم محمد احمد المحجوب حين اصر وهو رئيس الحزب ان يحل هو محل المحجوب في رئاسة الحكومة، وهو ما تم بالفعل ـ ولكن الصادق كسب في نفس الوقت عداوة عمه وزعيم الطائفة، وقد ادت هذه العداوة الى انشقاق حزب الامة وابعاد الصادق من الوزارة لصالح المحجوب، وقد تمت اعادة توحيد الحزب في عام 9691 ولكن الصادق ما زال يواجه عداوة من بعض قادة طائفة الانصار، وعلى رأسهم عمه وحليفه السابق احمد المهدي• ولكن هذه ليست الصورة الكاملة فيما يتعلق بالصادق المهدي• ذلك ان غالبية، ان لم يكن كل، الاطراف التي ناصبته العداء اضطرت للتحالف معه في وقت او آخر• اليساريون الذين ناصبوا الصادق العداء تحالفوا معه في الستينات وفي السبعينات ثم في الثمانينات والتسعينات• الاسلاميون ايضا تحالفوا مع الصادق في الستينات، وشاركوا معه في انشاء الجبهة الوطنية في الستينات، كما شاركوا في حكومته في الثمانينات• نميري الذي اعتقل الصادق في نهاية حكمه وبدايته تصالح معه فيما بين ذلك• الدول الغربية والعربية التي انتقدت الصادق واعربت عن خيبة املها فيه اضطرت دائما للتعامل معه، وكانت تلجأ اليه وهو في الحكم وخارجه لخدمة سياساتها• ما الذي اذن يجعل الصادق المهدي العدو الاول وايضا الحليف الذي لا بديل عنه لكل هذه القوى والتيارات؟ هناك اولا »الحقائق على الارض« وهي ان الصادق يتولى زعامة اكبر كتلة سياسية في السودان ممثلة في حزب الامة وطائفة الانصار التي يقوم عليها، وقد نجح الصادق في الانفراد بزعامة هذه الكتلة وايضا في الحفاظ على وحدتها رغم الخلافات والانشقاقات• وما دام هذا هو الواقع فان عدم امكانية تجاوز كتلة الامة ـ الانصار يعني عدم امكانية تجاوز المهدي• وقد حاول البريطانيون في مطلع هذا القرن ومن بعدهم اليساريون في السبعينات ثم الاسلاميون في التسعينات اضعاف هذه الكتلة او تدميرها او استيعابها وتوسلوا لذلك العنف والقمع والاغراء والاستمالة وخلق الانقسامات دون ان يجدي ذلك كثيرا• اضافة الى ذلك فان التوجه المحافظ والتصالحي لقيادة الصادق المهدي جعلت من كتلته، عامل توازن واستقرار في البلاد، وهو ما يجعل كثيرا من القوى الخارجية تميل الى التعامل معه• ومع ان الصادق كثيرا ما اختار المواجهة كما فعل حين قاد الانشقاق داخل حزبه في الستينات، وقاد المواجهة السياسية والعسكرية ضد النميري في السبعينات ثم دخل المواجهة ضد الحكومة الحالية وحدها، الا انه اظهر دائما انه يفضل المصالحة والحلول الوسط• ولهذا نجده يسارع في كل مرة للتصالح مع خصومه، سواء أكانوا داخل حزبه أم من خارجه• فهو الذي قاد المصالحة مع النميري في 7791 وسط انتقادات حلفائه في المعارضة ويفعل الشيء نفسه الآن• مواقف الصادق السياسية والايديولوجية ايضا لها خاصية وسطية يحرص عليها دائماً• ففي الستينات قدم الصادق نفسه على انه داعية تحديث من داخل حزب الامة، اكثر احزاب السودان تقليدية بسبب طبيعته العقائدية وعضويته التي تنتمي الى الريف في الاغلب• وقد اقتنع كثير من المثقفين وقتها بدوره الرائد هذا، ورأى فيه اليساريون والاسلاميون معا رأس جسر يمكن ان يساعد في تجاوز هيمنة القطاع التقليدي على السياسة• وفي وقت صعود اليسار والمد الاشتراكي وموضة الحزب الواحد طرح الصادق شعارات اشتراكية وقدم اطروحة »الحزب الغالب« كحل وسط بين التعددية الكاملة والحزب الواحد وفيما يتعلق بالاسلام قدم الصادق طرحا لـ»الاسلام المعتدل«، مما جعله في خصومة مع الاسلاميين من جهة اخرى• وقد التف الليبراليون واليساريون والعلمانيون حول المهدي ومعارضته لتشريعات نميري الاسلامية، وساهموا في انجاحه في انتخابات 6891• وكانت هذه المواقف »المعتدلة« ايضا محل تأييد من العالم العربي ومن الغرب، حيث رأى هؤلاء في اعتداله ترياقا مضادا لـ»التطرف الاسلامي«، خاصة وانه يأتي من خلفية دينية لا غبار عليها• وفي نفس الوقت فان المهدي حرص على استمالة الاسلاميين بالتحدث عن قوانين اسلامية بديلة تخلو من تجاوزات النميري وتعكس سماحة الاسلام• واذا كانت هذه المواقف جذبت الى معسكر الصادق تيارات متنافرة، فانها ادت في نفس الوقت الى ردة فعل مضادة مثلا نجد التحالف المحلي والدولي الذي دعمه في الثمانينات كان يتوقع ان يقود اسلامه »المعتدل« الى الغاء قوانين الشريعة الاسلامية كليا وتبني نظام علماني كامل ـ وبالمقابل فان الاسلاميين ايدوه في الستينات والسبعينات طمعا في ان يطبق برنامجا للاسلمة وتطبيق الشريعة• وكان من الطبيعي ان يخيب الصادق آمال هذا المعسكر وذاك، لان من طبيعة »الاعتدال« ان وجد الا ينحاز تماما الى هذا المعسكر او ذاك• ومع ان الصادق كان دائما يعتقد ان الصيغ الوسط التي يطرحها تلبي مطالب الجميع، الا ان العكس كان يحدث دائما، وهي انه »يخيب آمال الكل« حسب تعبير احد الدبلوماسيين الغربيين• فهل المشكلة يا ترى في التركيبة السياسية السودانية التي لا تقبل الحلول الوسط اصلا بسبب استقطابها الحاد؟ ام هل هي في المهدي نفسه وعجزه عن ايجاد الصيغ المناسبة لحلول وسط حقيقية والاستعاضة عن ذلك باوهام الوسطية وبتقييم لا يسنده واقع لمميزاته الشخصية كقطب تدور حوله افلاك السياسة السودانية؟ والجواب ان هناك قدرا من الصحة في كلا الفرضين• الساحة السياسية السودانية تواجه استقطابا حادا وصل حد العنف، والاطراف المتحاربة لا تريد الاستماع الى اي حديث عن حلول وسط، فالصادق واجه انتقادات حادة لمجرد انه دخل في حوار مع الحكومة، بدون النظر الى محتوى هذا الحوار، وكفى بهذا تطرفا في المواقف• هناك صعوبة واضحة كذلك في التوفيق بين اطروحات الفرقاء، اذ يصعب تصور حل وسط يرضي الاسلاميين المطالبين بتطبيق الشريعة الاسلامية، ودعاة الافريقية من الجنوبيين الذين لا يريدون مجرد ذكر كلمة العروبة او الاسلام في دستور البلاد• وهناك بالطبع استحالة في التوفيق بين مطالب بعض الانفصاليين الجنوبيين وتمسك البعض بوحدة السودان• وبين هذا وذاك هناك عداوات ايديولوجية وسياسية وعرقية وقبلية يحار فيها المعالجون• ولكن هناك اضافة الى هذه التحديات التي لا تنكر، والتي تمتحن قدرات اكثر السياسيين حنكة ودهاء، التقصير الواضح من الساسة السودانيين، ومنهم المهدي، والضعف البين في اطروحاتهم• وفيما يتعلق بالصادق شخصيا، فان وضعه المتميز على رأس حزب الامة هو نقطة قوته وضعفه في نفس الوقت• ذلك ان هيمنته الكاملة على حزبه، وثقته المدهشة بقدراته العقلية والسياسية وبصواب اطروحاته اضعفت الدور الجماعي لقيادة الحزب• ومع ان المهدي يحرص على شكليات الشورى داخل حزبه ويؤكد على المؤسسية، الا ان مجرد هيمنته القوية تضعف المؤسسات• ووجود شخصيات كاريزمية مهمينة على رأس حركات سياسية تضعف المؤسسية داخلها، حتى لو كانت الحركة تعج بالكوادر المؤجلة والقدرة على التجديد، كما كان حال حزب الشيوعي تحت قيادة عبد الخالق محجوب وحركة الاخوان المسلمين تحت قيادة د• حسن الترابي، ولكن حزب الامة يعاني ازمة اضافية تتمثل في عدم قدرته على تجديد الكوادر نسبة لعزوف الشباب والمثقفين عنه، حتى اولئك المنحدرين من اسر تنتمي الى طائفة الانصار، وهيمنة اسرة المهدي والارستقراطيات الدينية والقبلية المتحالفة معها على مقاليد الامور في الحزب بدون النظر الى المؤهل والكفاءة• كل هذه العوامل لا تضعف الحزب فقط، بل تهدد بانفراط عقده في المستقبل اذا فقد القيادة القوية التي يمثلها المهدي• ولكن رغم كل هذه الانتقادات فانه لا يمكن إنكار محورية دور الصادق المهدي وحزبه لاعادة التوازن الى الساحة السياسية السودانية ولم الشمل واحتواء الصراع، ولا ترجع اهمية هذا الدور الى نفوذ الحزب وحجمه فقط، بل الى مواقف قيادته التصالحية والوسطية• وفي ضوء هذه المعطيات فلعل من الاجدى لمنتقدي المهدي الكثيرين الكف عن انتقاده وعن التركيز على نقاط ضعفه، ومساعدته بدلا عن ذلك على التغلب على نقاط ضعفه الشخصية والحزبية، نظرا لاهمية دور الحزب في هذه المرحلة لكل السودانيين• نقلا عن القدس العربي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)
|
الصادق المهدي والسياسة الامريكية تجاه الديمقراطية في السودان دo عبدالوهاب الافندي › ظلت مواقف الدول الغربية من قضية الديمقراطية في العالم العربي مثار جدل مستمر في اوساط صنع السياسة الخارجية في البلدان المعنية، مثلما هي في الاوساط الامريكية والشعبية، وقد كانت عودة الديمقراطية الى السودان في عام 5891 اختبارا عمليا مبكرا لهذه السياسات، اذ ان الديمقراطية هناك وفت بكل الشروط المعروفة في الانتخابات الحرة النزيهة وتفوقت على التجارب العربية اللاحقة بأنها كانت ديمقراطية بلا اقصاء او وصاية، حيث كان الشعب هو الحكم الوحيد في امرهاo وفوق ذلك فان الحكومة التي جاءت الى السلطة بعد انتخابات نيسان -ابريل- عام 6891 كانت موالية للغرب ومجتهدة في صداقة اوروبا والولايات المتحدة وعليه فكان من المتوقع ان يدعم الغرب هذه الديمقراطية بغير تحفظo
ولكن المطلع على مذكرات السفير الامريكي الاسبق في الخرطوم، السيد نورمان اندرسون، والتي اصدرها في نهاية العام الماضي بعنوان "السودان في ازمة: فشل الديمقراطية" يكون معذورا اذا استنتج ان الولايات المتحدة كانت في حالة حرب شبه معلنة ضد الصادق المهدي وحكومتهo فالكتاب عبارة عن هجوم مطول ومركز على المهدي، حفل بالاتهامات لرئيس الوزراء الأسبق وحكومته بالعجز والتردد وقلة الاهتمام بالمعاناة الانسانية للسودانييين، وعدم القدرة على معالجة مشاكل السودان الرئيسية وعلى رأسها الازمة الاقتصادية والحرب في الجنوبo ومع ان اندرسون نفى ما اوردته صحيفة "اتلانتا كونستيتيوشن" الامريكية في كانون الثاني -يناير- عام 9891 من ترحيب الادارة الامريكية بانقلاب عسكري يطيح بحكومة المهدي، الا انه اكثر من التحسر في نفس الصفحة على فشل قيادة الجيش في اطاحة المهدي بعد انذارها للمهدي في شباط -فبراير- 9891o واتهم السفير قيادة الجيش بالتخاذل وعدم القدرة على اتخاذ القرار، بل واتهم الشعب السوداني بالجمود لانه لم ينهض لاطاحة الصادق المهدي وحكومتهo والقارىء بين السطور وفوقها يكتشف ان السفير وحكومته كانا بالفعل يفضلان اسقاط الحكومة المنتخبة، على الرغم مما صرح به هو وغيره للضباط الذين استشاروه في هذه المسألة كما قالo
وعلى كل فان السفير لم يخف خيبة امله الحادة في الصادق وحكومته، واعترف بان الحكومة الامريكية خفضت مساعداتها بشدة للحكومة الديمقراطية، بحيث ان هذه الحكومة اصبحت تدفع للولايات المتحدة في اخر ايامها اكثر مما كانت تتلقى من معوناتo ووصلت المعونات الامريكية للسودان ذروتها في عهد الرئيس السابق جعفر النميري الذي تفجرت الثورة التي اطاحت به وهو ضيف على الرئيس الامريكي الاسبق رونالد ريغان في البيت الابيضo وبلغت المعونات الاقتصادية للسودان في عام 5891 اكثر من اربعمئة مليون دولار، بينما بلغت المعونات العسكرية في الثلاث سنوات من عام 2891 ـ 5891 اكثر من ثلاثمئة مليون دولارo ولكن المعونات تدنت في عام 5891 الى اقل من خمسة وعشرين مليون دولار، وكان يتوقع ان تنخفض في عام 0991 الى خمسة ملايين دولار فقطo الاسوأ من ذلك هو ان الحكومة السودانية كانت مجبرة على ان تدفع للولايات المتحدة مبالغ اضافية من اقساط وفوائد الديون حتى تحصل على هذه "المعونات" الهزيلةo مثلا خلال عام 9891 كانت المعونات الامريكية للسودان لا تزيد على 22 مليون دولار، بينما كان على الحكومة السودانية دفع 52 مليون دولار لأمريكاo في مطلع ذلك العام عقدت الحكومة صفقة قمح امريكية بمبلغ 03 مليون دولارo ولكن لكي تحصل على قرض بهذا المبلغ كان يتحتم عليها ان تدفع لامريكا 44 مليون دولار! ويعزو السفير الامريكي انخفاض المعونات الامريكية لرفض الحكومة السودانية اجراء الاصلاحات الاقتصادية الضرورية، حيث ان الدول المانحة لم تكن تريد ان تلقي بأموالها في بئر بلا قاعo ويرسم السفير صورة قاتمة لوضـع السياسات الاقتصادية في عهد حكومة المهدي، حيث يصور لنا حكومة يسودها التردد، عاجزة تماما عن اتخاذ القرارات الحازمة لوقف التدهور الاقتصادي خوفا من ردة الفعل الشعبية، وهي مع ذلك تكثر التسول للمعونات لتنقذها من عجزها وتبعات فشلهاo فهو يقول عن وزير الاقتصاد الاسبق بشير عمر انه يظهر دراية لا بأس بها بدقائق الاقتصاد، ولكنه يتبع كل تحليل اقتصادي بطلب ملح لمزيد من المعونات، وقد ظلت الحكومة تشترط وصول المعونات قبل الاصلاحات الاقتصادية، وبالاخص توفير مخزون من المحروقات والقمح والسكر يكفي البلاد لثلاثة اشهر لتجنب الازمات وتخفيف ردة الفعل الشعبيةo
الحرب الاهلية كانت ايضا عامل احتكاك بين البلدين ولكنها لم تكن، حسب رواية السفير، هي العامل الحاسمo ويبدو ان الادارة الامريكية لم تجعل النجاح في احلال السلام شرطا للمعونات، بل كان العامل الاقتصادي هو الاهمo وكانت الولايات المتحدة في اول الامر غير متحمسة للتمرد الجنوبي الذي كانت تدعمه اثيوبيا الموالية للاتحاد السوفييتي، ولكن هذا لم يقلل من التعاطف العام مع مطالب الجنوبيين، وقد كانت الولايات المتحدة هي التي بادرت بالاتصال مع حركة التمرد، حيث يقول السفير ان قرنق قد تهرب مرارا من الالتقاء بدبلوماسية امريكية -ولعله يكون في ذلك حذرا من اغضاب اثيوبيا-o
وجاء اول لقاء امريكي مع مندوب الحركة الشعبية لتحرير السودان العقيد اروك تون في لندن في ايلول -سبتمبر- عام 6891 -وذلك بعد شهرين من اول لقاء بين الصادق وقرنق في اديس ابابا-o وتحدث السفير مرارا عن تشدد حركة قرنق وفشل محاولاتهم المستمرة لجرها للتفاوض وعرقلتها لجهود الاغاثةo ولكنه القى باللوم كله تقريبا في تعويق جهود السلام والاغاثة على الصادق المهديo ومع انه اتهم الاعلام الامريكي بالمبالغة في لوم الحكومة السودانية والتغاضي عن دور حركة التمرد في تعويق الاغاثة، الا انه فعل الشيء نفسه، حيث تحامل على الصادق وحكومته واتهمه بالخضوع لابتزاز الجيش في هذا الشأنo ويقول السفير ان الصادق المهدي خلف تركة ثقيلة في الجنوب، حيث ان قرابة مليون شخص ماتوا في الحـــرب او بالمجاعــــة في عهدهo واتهم المهدي ايضا بعدم الواقعية، خاصة حين تغاضى عن مظالم الجنوب واعتقد ان التمرد صنيعة اثيوبية وان حل الاشكال يتم بالتفاهم مع اثيوبيا حول اريترياo وقال ان الصادق حاول ان يبيعنا فكرة ان حرب الجنوب مؤامرة اثيوبية ـ سوفييتية، ولكننا رفضنا النظر الى الحرب من منظار الحرب الباردة، حيث ان مظالم الجنوبيين حقيقيةo وكشف السفير ان حكومته تعرضت الى هجوم عنيف من الاعلام والكونغرس بسبب موقفها المهادن من حكومة المهدي، مما اضطر ادارة بوش الى اصدار "كتاب ابيض" حول السودان في مطلع عام 9891 لتبرير المواقف الرسمية تجاه الوضع ولتشرح انها لم تكف عن الضغط على السودانo
السياسة الخارجية كانت ايضا محل خلاف حاد بين البلدين، حيث يقول السفير انه بدأ مهمته في السودان بالاحتجاج للصادق المهدي على وجود عناصر ليبية "ارهابية" في الخرطوم، ولم يرضه رد الصادق بأن الليبيين تعهدوا احترام سيادة السودانo وكان احد موظفي السفارة الامريكية في الخرطوم تعرض لاطلاق رصاص بعد الغارة الأمريكية على ليبيا في نيسان -ابريل- عام 6891، وظلت امريكا تتخوف من تكرار الهجومo
وتحفظت امريكا على التقارب السوداني الليبي والعلاقات مع ايران الاتحاد السوفييتي، وقال السفير ان اصرار الصادق على اتباع سياسة غير منحازة لم ينل القبول في واشنطنo وكان الصادق بدأ عهده بالغاء اتفاقية ابرمت في عهد النميري تسمح للولايات المتحدة بتخزين معدات عسكرية في ميناء بورتسودان، وحذر الولايات المتحدة من اتباع سياسة قصيرة النظر تربط العلاقة مع السودان بالانصياع لتعليمات واشنطن، واكد للمسؤولين الامريكيين بان تعزيز الاستقرار والديمقراطية في السودان يخدم مصالح الغرب على المدى الطويل، حتى وان كانت هناك خلافات في الرؤية على المدى القصير، ولكن السفير سخر من هذا الموقف ومن طلبات الحكومة السودانية المتكررة للدعم مع اصرارها على عدم الانحياز واستقلالية القرارo
موضوع الاغاثة لمتضرري الحرب كان ايضا مثار خلاف حاد، ولعل هذه اكثر مسألة نالت من رصيد حكومة المهدي في امريكا والغربo فهذه هي القصة التي تلقفتها اجهزة الاعلام الغربية والكونغرس ومنظمات الاغاثة، وكان الصادق المهدي، وافق في تشرين الاول -اكتوبر- عام 6891 على السماح بارسال اغاثة الى مناطق الحربo واستأجر برنامج الامم المتحدة للغذاء طائرات لهذا الغرض ومعها الصحافة العالمية لتغطية الحدث، ولكن المهدي سحب موافقته في آخر لحظة، مما احدث ردة فعل قوية في الاوساط الغربيةo ويبرر السفير تذبذب موقف المهدي بضغوط من الجيشo ومع ان الحكومة وافقت في عام 8891 على ارسال شحنات تحت اشراف الصليب الاحمر، الا ان موضوع الاغاثة ظل موضوع شد وجذب مستمر في ضوء تركيبة الاعلام الغربي على انتشار المجاعة في الجنوب، واضافة الى ما كشفته حول العلاقات الثنائية فان مذكرات السفير ترسم صورة مدهشة لآليات الحكم في العهد الديمقراطي خاصة فيما يتعلق بطريقة تعامل القوى المختلفة مع بعضها البعض ومع الجهات الخارجيةo فالحكومة كانت على احسن الفروض مفككة وتفتقد تماما التنسيق فيما بينها، اضافة الى عجزها الثابت، مثلا يروي السفير واقعة عن قرار الحكومة في عام 7891 طرد بعض جماعات الاغاثة الكنسية في الجنوب، فيقول ان رئيس مجلس رأس الدولة احمد الميرغني ووزيري الداخلية والخارجية -وكل هؤلاء اعضاء في الحزب الاتحادي- اضافة الى قيادة الجيش اكدوا له انه لا علم لهم بهذا القرار ولم يوافقوا عليهمo والطريف ان السفير كرر ان الوزراء اكدوا له ذلك حتى بعد ان اتخذت الحكومة قرارا جماعيا حول هذه المسألةo وهذا يعني إما ان وزراء الحزب الاتحادي لم يكونوا يحضرون اجتماعات مجلس الوزراء، او انهم كانوا يكذبون على السفيرo ويبدو ان وزراء كثيرين في الحكومة وضباطا في الجيش كانوا يعبرون للسفير عن اعترافهم عــــلى العلاقات الوثيقة بين السودان وليبيا، هذا مع العلم ان سياسة الحزب الاتحادي الرسمية تؤكد على توثيق العلاقات مع ليبيا والعراق وبقية الدول العربيةo ولكن هذا يشير الى ان الحكومة كانت تتحدث بأكثر من لسان، وتخاطب بأكثر من وجه، وان اسرار الدولة كانت مباحة ومشاعة، وان البعض كان يناور ويلبس لكل حالـــة لبوسهاo مذكرات السفير الامريكي تلقي بضوء ساطع على موجهات السياسة الامريكية فيما يخص الديمقراطية، حيث كشفت ان اولويات هذه السياسة هي الولاء لامريكا أولا، والاقتصاد ثانيا والاستقرار ثالثاo اما الديمقراطية فهي على ما يبدو وسيلة لا غاية، فاذا حققت الديمقراطية الاهداف الثلاثة المذكورة، فانها تصبح محل ترحيب، اما اذا لم تفعل، فمرحبا بالعسكر في اي وقتo وتتأكد هذه السياسة بموقف الولايات المتحدة من دول عديدة حققت النمو الاقتصادي بلا ديمقراطية، مثل يوغندا واثيوبيا، او الدول العربية الحليفة التي يعتبر مؤهلها الوحيد هو الولاء لامريكا والتبعية لهاo
من جهة اخرى فان تحليلات السفير والمعلومات التي كشف عنها تؤكد ما كان يعرفه اهل الشأن عن طبيعة ازمة الحكومة الديمقراطية في السودانo فالحكومة كانت تتألف من احزاب متنافرة يكيد بعضها للبعض الآخر، ويتآمر الحليف فيها ضد حليفه ويتخابر من وراء ظهره مع الجهات الاجنبية، مما أضعف موقف الحكومة التفاوضي في كل مجالo ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل ان قيادة الجيش ايضا كانت لها قنوات اتصال مباشرة مع الاجانب الى درجة ان بعض كبار ضباط الجيش كانوا يتشاورون مع السفير الامريكي -حسب روايته- حول جدوى القيام بانقلاب ضد الحكومة الشرعية المنتخبة! من جهة اخرى فان هذه الحكومة المنتخبة لم تثبت فقط عجزا عن اتخاذ القرارات الحازمة ومعالجة الأمور الحيوية، بل انها كانت تتناقض مع نفسها في كل امرهاo فمن جهة يحدثنا السفير ان الصادق المهدي كان يمتلئ ثقة بشعبيته ومشروعية حكومته الى درجة الغطرسة، ومع ذلك فانه يرتجف رعبا امام اتخاذات القرارات الهامة، مثل الاصلاحات الاقتصادية الضرورية خوفا من سقوط حكومته نتيجة ردة فعل شعبية غاضبةo واذا كان من الصعب المجادلة في ان التحفظ الامريكي ازاء الحكومة الديمقراطية في السودان لعب دورا هاما في اطاحة التجربة الديمقراطية، فانه من الصعب كذلك تبرئة حكومة الصادق المهدي من دور حاسم في تقويض التجربةo التحفظ الامريكي الذي وصل الى درجة التحريض المبطن على الانقلاب، وتجلى في الضغوط الاقتصادية المتفردة ومشاركة مع الدول المانحة الاخرى والمؤسسات المالية الدولية اضعف الحكم الديمقراطي الى درجة كبيرةo
ولم يقتصر الأمر على وقف او تقليل الدعم الاقتصادي بل تعداه الى ضغوط متزايدة لاجبار الحكومة على دفع اقساط وفوائد الديون السابقة التي يعترف السفير بأنها قدمت لحكومة الرئيس السابق النميري في شكل "معونات" اقتصادية وعسكرية ويقول السفير ان السودان كان مطالبا بان يدفع للولايات المتحدة قرابة ثلاثين مليون دولار كل عام حتى عام 2025، اي لمدة اربعين سنة بعد سقوط النميري، هذا اذا لم يتلق السودان قروضا جديدة، وقد رفضت الولايات المتحدة اقتراحا من صندوق النقد الدولي لاعفاء ديون السودان التي بلغت اقساطها وفوائدها في آخر سنة لحكم المهدي اكثر من ثلاثة مليارات دولار، في حين ان ميزانية الحكومة بأكملها لم تتجاوز نصف مليون دولار!
ولا شك ان اعفاء الديون او بعضها كانت تمثل اقل بادرة ممكنة تجاه الديمقراطية السودانية الوليدة، خصوصا مع اعتراف السفير وحكومته بان هذه الديون قدمت اصلا لدعم حكومة دكتاتورية موالية للغرب في اطار استراتيجية الحرب الباردة، اي انها "معونات" قدمت لدعم مصلحة امريكا ولم تكن لمصلحة السودانo فكيف يحمل الشعب السوداني العبء مرتين: مرة بدعم الدكتاتورية المعادية لمصلحته، ومرة اخرى بتحميله دفع الفاتورة لهذا الدعم؟
ولكن تبقى المواقف المضطربة والعاجزة للحكومة الديمقراطية السابقة هي العامل الحاسم، لأنه لا يمكن تحميل الاجانب مسؤولية حماية حرية وحقوق الشعب السوداني، وقد يختلف المرء مع السفير الامريكي الاسبق في سعيه لتحميل المهدي كل تبعات عجز الحكومة الديمقراطية، لان يد الصادق كانت مغلولة بسبب حاجته الى موافقة شركائه في الائتلاف على قراراته ولاصراره على تحقيق الاجماع على كل القرارات الهامة، اضافة الى عمق الازمة الاقتصادية وشدة تعقيد الازماتo ولكن الذي يمكن ان يلام عليه الصادق هو انه لم يعترف بعجزه ويتقدم باستقالته ويدعو الى انتخابات جديدةo فقد اقال الصادق حكوماته اكثر من ثلاث مرات واعاد تشكيلها دون ان يحقق نجاحا يذكرo ولا شك ان اهم ركن في العملية الديمقراطية هو قابليتها لتصحيح نفسها سلميا وتحقيق التغيير المطلوب كلما وصل الحكم الى طريق مسدودo وعليه فان الصادق بتمسكه بالحكم مع اعترافه بالفشل سلب الديمقراطية من اهم مقوماتها وبالتالي حكم عليها بالاعدام وتركها ثمرة يانعة لمن اراد قطفهاo
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)
|
حـــــــــزب الأمــــــــــة فى قفـــــــــص الإتهــــــــــام
محمد سعيد محمد الحسن الفارق بين إنشقاق عام 1966
وصراع عام 2002
المحجوب اعتبر أزمة 1966 أخلاقية وإنسانية وسياسية
مرة أخرى ضاق المفكر العربي والكاتب المرموق الأستاذ أحمد بهاء الدين بالممارسة السياسية في السودان خاصة بعد إزاحة الانتفاضة الشعبية في أبريل 1985 للنظام المايوي، واسترداد الديمقراطية الثالثة، وقال ما مضمونه: إن القوى السياسية عادت بعد ست عشرة سنة الى الممارسة السياسية بلا ذاكرة وكأنها جاءت من كوكب آخر وكأن الكرة الأرضية لا تدور، «وأن الزمن ظل جامداً لا يتقدم فلم يتمعنوا في عظم التغييرات التي حدثت في الدنيا ولا عرفوا أهمية النفاذ نحو الحاضر أو المستقبل».
ولعل السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة وهو صديق شخصي للكاتب والمفكر الراحل بهاء الدين قد طالع هذا الحديث في حينه، وقد نشر في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، وتمعن فيه جيداً باعتباره أحد المعنيين بالأمر تماماً.
ولذلك فإن أكثر ما أثار الالتفات والانتباه لعملية المواجهة والصراع في حزب الأمة ومحورها السيد الصادق المهدي رئيس الحزب من جهة والسيد مبارك الفاضل رئيس القطاع السياسي (المجمد) من جهة أخرى والمفضية الى انقسام (حتى في حالة نجاح الأجاويد السودانية والوساطة الليبية) لأن الذي انفجر في الساحة العامة جد خطير بإعادة سيناريو الصراع الذي ضرب حزب الأمة عام 1966 وحوله الى جناحين، جناح الإمام الهادي المهدي وجناح السيد الصادق المهدي، وربما أصبح صراع حزب الأمة عام 2002 الأصعب وتجاوز تعبيرات «التمارين» و«المؤسسية» و«الرموز المعنية» لأنه نال من حزب الأمة بكل رصيده التاريخي ووضعه في قفص الاتهام.
وليس بوسع المراقب أخذ خطأ أو اتهام جانب دون جانب آخر لأن الإصابة في الحالتين موجهة الى حزب الأمة العريق.
ولعل ذلك يحتاج الى تفسير وتوضيح وتذكير والعودة الى الصراع والانقسام الذي حدث في عام 1966م والفارق بينه وبين مواجهة عام 2002.
الصراع والإنقسام عام 1966
الذين عاصروه، لابد وأنهم يتذكرونه جيداً وبوجه خاص السيد الصادق المهدي لأن نتائجه الحادة شقت الحزب والكيان والأسرة والجماهير أي أن التصدع شق الهيكل برمته ولكنه حافظ على خيوط ما، بفعل أن أوضاع عام 1966 في السودان هي غير الحال في عام 2002 لأن النسيج العام آنذاك كان أكثر تماسكاً وبالمقدور المعالجة حتى إذا تأخرت ولكن عام 2002 فإن الأمور قد تغيرت تماماً.
بدأ الصراع آنذاك بعد إجراء الانتخابات العامة في عام 1965 ونال حزب الأمة أغلبية على الحزب الوطني الاتحادي، وشكلت حكومة ائتلافية برئاسة السيد محمد أحمد محجوب ، لأن السيد الصادق المهدي لم يكن قد خاض الانتخابات فقد كان دون الثلاثين، ولكن عندما بلغ الثلاثين وأخليت له دائرة انتخابية وفاز كنائب لأول مرة ودخل الجمعية التأسيسية، وقرر أن من حقه كرئيس لحزب الأمة صاحب أغلبية برلمانية وبرنامج أن يتولى بنفسه مسؤولية رئاسة الحكومة، ولكن السيد محمد أحمد محجوب وهو السياسي المخضرم وقيادي بارز في حزب الأمة وصديق لوالده الإمام صديق المهدي ولعمه الإمام الهادي المهدي تمسك ببقائه في المنصب باعتبار أن الصادق ما زال فتياً وأن في وسعه أن ينتظر، وليس من مصلحته أو مصلحة البلاد أو الحزب أن يصبح رئيساً للوزراء في هذه المرحلة المبكرة، وتدخلت الأجاويد السودانية لتطويق الخلاف بين الطرفين وانتهى بطرح الثقة بالمحجوب في البرلمان، بعد اتفاق السيد الصادق المهدي بصفته رئيس حزب الأمة مع رئيس الوطني الاتحادي السيد اسماعيل الأزهري.
وسجلت مضابط البرلمان وقتها قول السيد محجوب «إنه لا ينوي الدفاع عن حكومته ولا أعماله، وأن ما يود الإشارة إليه هو أن ما يحدث الآن يشكل أزمة في الديمقراطية، وأزمة أخلاقية وأزمة في العلاقات الإنسانية» وقال: «ومن العار أن الذين دافعت عنهم طوال حياتي هم أنفسهم الذين يكبلون يدي ويحطمون قوسي ويستعيضون عن سيفي الفولاذي بسيف من الخشب»، وأصبح المحجوب (حزب الأمة جناح الإمام الهادي المهدي) زعيماً للمعارضة بينما أصبح الصادق المهدي رئيس حزب الأمة (جناح الصادق) رئيساً للحكومة الإئتلافية وجرت تطورات لاحقة حيث جرت انتخابات ابريل 1968 وفاز فيها الحزب الاتحادي الديمقراطي بـ (101) مقعد وحزب الأمة (جناح الصادق ) (36) مقعداً وحزب الأمة جناح الإمام الهادي (30) مقعداً، ولأن الإمام الهادي المهدي زعيم الأنصار اعتبرها معركة شخصية لمكانته بين الأنصار فقد ركز على دوائر نفوذه فخسر السيد الصادق المهدي مقعده أمام محمد داؤود الخليفة مرشح الإمام، كما خسر السيد أحمد المهدي مقعده أمام المحجوب مرشح الإمام، وشكل المحجوب الحكومة الإئتلافية مرة أخرى.
كانت تداعيات الصراع مريرة وحادة ولكن جرى تطويقها وتم رأب الصدع في وقت لاحق وقبل وقوع انقلاب 25 مايو 1969.
صراع أو مواجهة عام 2002
ان الصراع الذي انفجر في حزب الأمة في مطلع 2002 هو في الواقع يستند الى خلفية إعلان جيبوتي الذي وقعه السيد مبارك الفاضل عن حزب الأمة والدكتور مصطفى عثمان وزير الخارجية عن حكومة الإنقاذ وبحضور الرئيس عمر البشير والسيد الصادق المهدي ورئيس جمهورية جيبوتي (السيد مبارك الفاضل يضع صدر توقيع إعلان جيبوتي بشكل بارز في صالون منزله كدلالة على الأهمية)، وقد أحدث الإعلان تحولاً مهماً في العمل السياسي حيث قرر حزب الأمة العودة وممارسة العمل السياسي في الداخل، وظهر آنذاك وجود اتجاه من جانب حزب الأمة قاده السيد مبارك الفاضل بالمشاركة في السلطة إنفاذاً لمبادئ إعلان جيبوتي وحسبما نسب إليه لتنفيذ «الأجندة الوطنية» في مواجهة المخاطر المحدقة بالسودان، ولكن السيد الصادق المهدي وبسند من قيادة الحزب بالداخل رأى «أن مشاركة حزب الأمة رهينة بالحل السياسي الشامل أو انتخابات حرة».
ثم تصاعدت المواقف بين الطرفين نتيجة تفاعلات أخرى جانب منها متصل بإمامة الأنصار حيث ساند السيد مبارك الفاضل السيد أحمد المهدي طبقاً للتدرج السني لأبناء الإمام عبد الرحمن المهدي في تقلد الإمامة بينما رأى السيد الصادق المهدي اتباع النهج الانتخابي في الإمامة ثم جاءت عوامل الطموحات الشخصية ومؤثرات سياسية التي قادت الى المطالبة بتجديد القيادة في حزب الأمة ثم صدرت البيانات المتبادلة ثم القرارات التي انتهت الى تجميد عضوية السيد مبارك الفاضل وإعادة النظر في القطاع السياسي برمته. وتدخلت أجاويد سودانية ووساطة ليبية وامتد الاهتمام الى دوائر أبعد، إقليمية ودولية إدراكاً من معرفة أن هذا الصراع إذا أصبح غائراً فإن انعكاساته وبوجود أطراف لها حسابات تجاه كل ما يجري في السودان ستكون بدورها غائرة.
حزب الأمة في قفص الإتهام
وللدلالة على الفارق الكبير بين انشقاق حزب الأمة عام 1966 (الإمام الهادي المهدي من جهة، والسيد الصادق المهدي من جهة أخرى) فإن الاختلاف آنذاك اختلطت فيه عوامل جمعت بين المنافسة والطموح الشخصي والسلطة ومكانة كل طرف في الحزب والطائفة واستبعد عنه أي اتهامات تتعلق بالإساءة للعمل العام أو الانتماء الوطني أو المبادئ والتشكيك في تعامل خارجي.
ولكن الصراع عام 2002 في حزب الأمة أطلق اتهامات خطيرة عندما أعلن رئيس حزب الأمة السيد الصادق المهدي أن لدى رئيس القطاع السياسي لحزب الأمة السيد مبارك الفاضل أخطاء سابقة بلغت عشرة وأذاع منها اثنين، منها اعتراف مبارك بتقديم معلومات للأمريكان لضرب مصنع الشفاء بالخرطوم بحري، وإعلان تأييده للقصف والثانية تأييده للحركة الشعبية في قيام دولة كونفدرالية تضم الجنوب وجبال النوبة والانقسنا، وجاء تقدير المراقبين أن رئيس حزب الأمة ألقى باتهام غليظ وخطير لأنه لا يطول السيد مبارك الفاضل وحده وإنما يطول حزب الأمة ورئيسه نفسه باعتبار أن مبارك الفضل ليس عضواً عادياً وإنما هو قيادي بارز مؤثر في حزب الأمة، وما يصدر منه وعنه محسوب على الحزب الكبير، وأن كشف الخطأين من جانب رئيسه، وضع حزب الأمة نفسه، إن لم يكن في وضع حرج فهو في قفص الاتهام دون وجه حق، لأن قيادة حزب الأمة في الداخل آنذاك وعلى لسان الدكتور آدم مادبو أدانت قصف مصنع الشفاء.
وبرأي المراقبين أن السيد مبارك الفاضل أدرك بدوره خطورة ما وجه إليه من اتهام، وجاء رد فعله بأن حديث رئيس حزب الأمة بشأن الإدلاء بمعلومات عن مصنع الشفاء «بأنه يعبر عن أزمة القيادة، فيمكن أن تختلف مع شخص، ولكن لا يمكن أن تشهر به، وتغتال شخصيته، وتتهمه بالخيانة العظمى» أما بالنسبة للكونفدرالية فهو رأي مكتوب طرح على الحركة الشعبية عام 1994م.
الصراع وإضعاف القوى الوطنية
ان صراع حزب الأمة في عام 2002 حتى لو نجحت جهود التطويق، ورأب الصدع، فإن إنفلاتاته أو تداعياته انطلقت كأسهم يصعب استردادها وغير صحيح التعبير «أن ما حدث هو بمثابة تمرين على إدارة الاختلاف» والصحيح أن الاختلاف هو صراع حاد، وأن التمرين طعن في المبادئ، وأن الأزمة بحجمها وتأثيرها شرخت الحنكة والتجربة السياسية الطويلة والقت بظلالها على الحزب التاريخي. والصحيح أيضاً أن هنالك أطرافاً وقوى تعمد وتعمل على إضعاف القوى الوطنية في السودان، وتحارب الأجندة الوطنية وتدعم الأجندة الحربية، وهذا بدوره يقتضي من القوى السياسية كافة المعنية باستقرار الوطن والحريصة على سلامته أن تتجه بكلياتها لدعم صفوفها وتحقيق المصالحة الوطنية وتأمين الجبهة الداخلية والالتفات الى قضايا المواطنين لكي يتحقق لهم ما هو مطلوب من حياة كريمة آمنة وسلام وديمقراطية.
ان حزب الأمة في أهمية حزب الحركة الوطنية الحزب الاتحادي الديمقراطي وهما معاً تقع على عاتقهما مسؤولية الممارسة السياسية والوطنية التي تؤكد وجودهما في كوكب الأرض، وأن الزمن يتقدم ويحتاج الى عمل خلاق وإيجابي يؤكد قدرة السودانيين على التصالح والتعاون لصالح الوطن ومواطنيه.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)
|
هذه الورقة كتبها الدكتور الفاتح عبد اله عبد السلام الأكاديمي الشهير (كان أستاذا بمعهد الدراسات الإفريقية والآسيوية) وقد ترجمها الدكتور عبد الرحمن الغالي ولم يجده ليأذن له بترجمتها.. من كان يعرف دربا للدكتور الفاتح بالله فليقل لي (فالمترجم زوجي)
وبإذنك يا دكتور الفاتح أينما كنت آسفة للنشر بدون إذن. الورقة لا تعبر بالطبع عن رأي حزب الأمة لكنها تلقي أضواء على أحداث ذكرها مقال أستاذي المخضرم محمد سعيد محمد الحسن. وسأجتهد لاحقا أن أورد الفصل الذي كتبته في كتابي (الاختراق والانسلاخ في حزب الأمة) عن اختراق سوبا يوليو 2002م.. لأورد مقالي في المقارنة بين الحدثين
هيا إلى ورقة دكتورالفاتح
النزاعات داخل الأحزاب:حالة حزب الأمة
بحث كتبه:الفاتح عبد الله عبد السلام (منشور بالإنجليزية في كتاب الدكتورة محاسن حاج الصافي (تحرير)- القومية السودانية) بالإنجليزية- نشر دار جامعة الخرطوم للنشر.
ترجمة:د. عبد الرحمن الغالي
شهد حزب الأمة بين عامي 1950 و1969 ثلاثة نزاعات داخله شقت وحدة صفوفه. الغرض من هذا البحث هو تشريح كل من تلك النزاعات،وإلقاء الضوء على خلفيتها التاريخية وتطورها وتشعباتها ومآلاتها.وسنأخذ هذه النزاعات حسب الترتيب الزمني،ذلك أن النزاعين الثاني والثالث- على الأقل-يمكن ردهما لأسباب متشابهة. النزاع الأول:بروز الحزب الجمهوري الاشتراكي 1951: في عام 1950 التقى محمد صلاح الدين وزير الخارجية المصري بايرنست بيفن رئيس الوزراء البريطاني بلندن وبدءا مباحثات لتسوية نزاعاتهما بما في ذلك المسألة السودانية. ولدت الذكريات المرة لبروتوكول صدقي- بيفن 1946 هواجس لدى قيادة حزب الأمة فأوجست خيفة من المحادثات المصرية البريطانية بلندن.خشي السيد عبد الرحمن المهدي راعي الحزب من قرب توقيع اتفاق شبيه ببروتوكول صدقي-بيفن.ومن منظور حزب الأمة فان لمثل هذا الاحتمال -إذا تحقق- أثرا مدمرا على القوى الاستقلالية التي يشكل الحزب جزءا لا يتجزأ منها. ونتيجة لذلك سارت قيادة حزب الأمة والإدارة البريطانية على طريق الصدام بعد أن كانا يعتبران حليفين حميمين. قدم نواب الحزب في الجمعية التشريعية اقتراحا في أواخر عام 1950 يطالبون فيه بمنح السودان الحكم الذاتي. وكما هو متوقع فقد سبب الاقتراح الذي قدمه حزب الأمة انزعاجا شديدا داخل دوائر سلطات الحكم الثنائي.شعرت القاهرة بأن ذلك الاقتراح لو استطاع الحصول على أصوات كافية داخل الجمعية فانه سيضر بوقف مصر في السودان والقائم على وحدة وادي النيل.وكخطوة أولى طلب رئيس الوزراء المصري مصطفى النحاس من الحاكم العام البريطاني في السودان منع الجمعية التشريعية من مناقشة الاقتراح وفي نفس الوقت أبرق محمد صلاح الدين في لندن لممارسة الضغط على الحكومة البريطانية لإجهاض احتمال أعلان استقلال السودان من طرف واحد. كان للحكومة البريطانية أسبابها الخاصة للنظر لاقتراح حزب الأمة كاقتراح خاطئ،ونتيجة لذلك وجه الحاكم العام في الخرطوم بألا تجيز الجمعية التشريعية الاقتراح. تبنت الإدارة البريطانية هذه السياسة للأسباب الآتية: 1) لبريطانيا مصالح سياسية واستراتيجية حيوية في مصر وقد شعرت بريطانيا بأن أية خطوة تضر بالمصالح المصرية في السودان ستصيب المصالح البريطانية بالضرر لا سيما التسهيلات العسكرية في منطقة السويس. 2) شعرت الحكومة البريطانية أن السودان لم يكن مستعدا للحكم الذاتي. 3) شعرت الحكومة البريطانية بالإساءة من اقتراح حزب الأمة لأنه قدم باستعجال دون تشاور مسبق مع الإدارة البريطانية. 4) قدرت الإدارة البريطانية محقة أن الجمعية التشريعية –بالرغم من أنها صنعتها- لا تمثل كل الشعب السوداني لأن الأمم المتحدة قاطعتها.@. أعقب ذلك صراع مرير داخل الجمعية التشريعية بين الأعضاء البريطانيين ونواب حزب الأمة.كان الفريق الأول يحاول إثناء الفريق الثاني عن تأييد الاقتراح،ونتيجة لذلك بلغت العلاقة بين الأمة والبريطانيين الحضيض. في أثناء المناكفة طلب السير ج.روبرسون –السكرتير الإداري- مهلة للجمعية كسبا للوقت حتى تهدأ العواطف ،ولكن ذلك الأسلوب لم ينجح فكان لابد من نهج مباشر لإحباط خطط حزب الأمة،فقدم يوسف العجب الزعيم القبلي من منطقة الدندر اقتراحا مضادا لاقتراح حزب الأمة. سبب الاقتراح والاقتراح المضاد شرخا عميقا بين حزب الأمة والإدارة البريطانية.فبالنسبة للبريطانيين لم يعد حزب الأمة حليفا يعتمد عليه.بلغ ذلك التصعيد ذروته حينما حاز اقتراح حزب الأمة على أغلبية ضئيلة بلغت 39 مقابل 38 صوتا. لما اكتشفت الإدارة البريطانية أن حزب الأمة لم يعد من الممكن شكمه شجعت-بكتمان- إنشاء حزب جديد موال للخط البريطاني ومعاد لميول حزب الأمة.تكون الحزب الجديد-الذي حمل اسم الحزب الجمهوري الاشتراكي- بصورة أساسية من زعماء القبائل في الجمعية التشريعية وعدد من كبار موظفي الخدمة المدنية.ومما شجع على استقطاب الفئتين تخوفهما من هيمنة أبناء المهدية. اختار الحزب الجمهوري الاشتراكي إبراهيم بدري كأول رئيس له،وكان من أبرز قياداته، القادة القبليون:يوسف العجب،إبراهيم موسى مادبو،أبو سن.كانت أصداء إنشاء الحزب السياسي الجديد وسط الأحزاب الأخرى مدهشة:فإذا رأى حزب الأمة والمجموعات الاتحادية أي موضوع يستحق النظر فهو اعتقادهم الراسخ بأن الحزب الجمهوري الاشتراكي تم إنشاؤه بتحريض من الإدارة البريطانية. وتتضح حقيقة أن الحزب الجديد كان يهدف لتحطيم المكاسب السياسية للسيد عبد الرحمن المهدي من اسمه،:الاشتراكي:لإحراج المهدي بتصويره كلورد إقطاعي تعمل في مؤسساته الاقتصادية جماهير الأنصار بدون أجر.والجمهوري: لمعارضة الفكرة الشائعة في ذلك الوقت بأن حزب الأمة يسعى لتتويج راعيه ملكا على السودان عقب استقلاله.ومن السخرية أننا نلاحظ أن مؤسسي الحزب الجمهوري الاشتراكي- وهم في غالبيتهم إما زعماء قبائل أو من كبار الموظفين البيروقراطيين-ليست لهم اتجاهات اشتراكية ولا جمهورية. كان طبيعيا أن يتعرض الحزب الجديد لستار كثيف من الدعاية من قبل حزب الأمة لأن قاعدة الولاء السياسي لأعضائه كانت في الغالب من حزب الأمة الذين تم استقطابهم تحت ترغيب وضغط السلطات البريطانية للالتحاق بالحزب الجديد.وهناك مثال توضيحي لذلك وهو حالة بابو نمر ناظر قبيلة المسيرية بكردفان،فقد كان أنصاريا راسخا وكان متزوجا من حفيدة السيد عبد الرحمن المهدي.كانت نظارته مكونة من ثلاث وحدات: الزرق،الفلايتة والعجايرة.لعب البريطانيون بمهارة على هذا الخلل وذلك بتهديدهم بإعطاء المسيرية الزرق والفلايتة وضعا مستقلا يتم به تفتيت نظارة نمر إذا لم يذعن وينضم لصفوف الحزب الجمهوري الاشتراكي. واجه نمر خيارين صعبين ولكن السيد عبد الرحمن أنقذه من الحرج حينما نصحه بالانضمام للحزب الجمهوري الاشتراكي ليحفظ وحدة نظارته. كذلك وقع السيد عبد الجبار حسين زاكي الدين ناظر قبيلة البديرية بكردفان تحت نفس الضغوط من قبل حاكم كردفان ومعتمد المحلية.ولكن وضع زاكي الدين لم يكن مهددا كوضع نمر.نجح زاكي الدين في مقاومة الضغوط البريطانية لإلحاقه بالحزب الجمهوري الاشتراكي. لم يتصل البريطانيون الرسميون مباشرة بالأمين علي عيسى ناظر قبيلة الأجانق بالدلنج في جنوب كردفان كما هو الحال في المثالين السابقين(نمر وزاكي الدين)،بدلا عن ذلك اتصل به النظار: أبو سن ومحمد تمساح وبابو نمر وأوضحوا له أهداف الحزب الجمهوري الاشتراكي وهي بصورة أساسية منع السيد عبد الرحمن المهدي من أن يصبح ملكا على السودان.بعد أن انخرط الناظر عيسى في الحزب الجمهوري الاشتراكي تمت مكافأته بمنحه رتبة "سير" في الإمبراطورية البريطانية.وعلى كل فقد رجع إلى حزب الأمة بعد الانتخابات البرلمانية في عام 1953. وعكسا للآمال العراض للإدارة البريطانية بأن يخرج الحزب الجمهوري الاشتراكي منتصرا من انتخابات 1953 فقد مني الحزب بهزيمة صاعقة:إذ كسب فقط ثلاثة مقاعد في مجلس النواب ولم يكسب أي مقعد في مجلس الشيوخ.كان ثلاثة الفائزين بلا استثناء زعماء قبائل .هذه الحقيقة تعطي دليلا ماديا على أنهم إنما فازوا نتيجة للولاء القبلي أكثر من الولاء للحزب. بعد هذا الأداء الضعيف تقلص الحزب واختار كثير من أعضائه الرجوع لقواعدهم الأصلية مرة أخرى. أما بالنسبة لتأثير إنشاء الحزب الجمهوري الاشتراكي على حزب الأمة فإننا نعتقد بأنه تأثير ضعيف.وفي الحقيقة فان اثنين من المقاعد الثلاثة التي كسبها الحزب لم تكن مناطق نفوذ تقليدي لحزب الأمة. الخسارة الكبيرة لحزب الأمة في انتخابات 1953 يمكن عزوها لعوامل مختلفة تماما ولا علاقة لها بظهور الحزب الجمهوري الاشتراكي.وفي حقيقة الأمر يمكننا أن نجرؤ ونقول بأن محاولة البريطانيين "لتأديب" حزب الأمة قد جاءت بنتيجة عكسية تماما حيث قوت صفوف الحزب الذي أحست قيادته بضرورة مقاومة محاولات التفتيت بل والقضاء التام. النزاع الثاني:حزب التحرير الوطني1957:
هذا النزاع كان أصغر حجما من الأول.وكسابقه فقد تمت هندسته بواسطة قوة أجنبية هذه المرة كانت مصر. حدث هذا النزاع بعد أشهر قليلة من لقاء السيدين التاريخي:السيد عبد الرحمن المهدي والسيد علي الميرغني في1956.نتج عن تخفيف التوتر بين الأنصار والختمية إزاحة الحزب الوطني الاتحادي بقيادة الأزهري من الحكومة وتكوين ائتلاف جديد بين حزب الأمة وحزب الشعب الديمقراطي. وتعزى الطبيعة المحدودة لهذا النزاع لحقيقة أن المحرضين عليه هم عدد من أسرة الخليفة عبد الله يساندهم جزء صغير أقربائهم من قبيلة التعايشة. ترجع جذور هذا الانشقاق للقرن التاسع عشر.فقد خلفت الوفاة المفاجئة لمحمد أحمد المهدي في 1885 توترا بين الخليفة عبد الله وتحالف قبائل غرب السودان من جهة،والأشراف أو أقرباء المهدي والعناصر النيلية من جهة أخرى.فقد الأشراف -الذين يطالبون بمكانة مميزة- مواقعهم للبدو من أهل الغرب.لقد شكك الأشراف في شرعية حكم الخليفة عبد الله من الناحية الدينية على أساس أن بركة المهدي تنتقل فقط عبر ذريته.قاد الخليفة شريف-قريب المهدي الشاب- التمرد ضد سلطة الخليفة عبد الله.كان نتيجة هذه المكائد والمكائد المضادة انتصار حاسم للخليفة عبد الله وحلفائه من قبائل الغرب. ومهما يكن من أمر فمع بروز المهدية الجديدة المبتدئة في العشرينيات (من القرن العشرين) برز السيد عبد الرحمن ساطعا قويا بلا منافس وبجموع الأنصار موحدة ومسلمة بقيادته.أبعد أبناء الخليفة النافذون في السابق إلى الخلف. وكان الكبار منهم (مثل عمر) قد تلقوا تعليمهم بمصر وتأثروا عميقا بالأفكار السياسية المصرية بما فيها تلك المتعلقة بوحدة وادي النيل.نجح عمر في استمالة بعض إخوانه وأقربائه من المعسكر الاستقلالي الذي يقوده السيد عبد الرحمن المهدي.لم يضيع البريطانيون هذه الفرصة فقد شجعوا اتجاه تفتيت الحركة المهدية بتشجيعهم انقسامها لعدة معسكرات.شعر أبناء الخليفة بمرارة شديدة ذلك أن السيد عبد الرحمن بدأ يحيط نفسه بمعاونين ومستشارين ليسوا من خلفيات أنصارية.ولد هذا الأمر أزمة ثقة بين بيوت القيادات الأنصارية.فقد شعر أبناء الخليفة بأن "العناصر الدخيلة" أزاحتهم من مواقعهم " الطبيعية" في قيادة حركة المهدية الجديدة. اعتقد أبناء الخليفة بأن دورهم في فترة المهدية الجديدة يجب أن يتناسب مع دور الخليفة أثناء المهدية.لما تم تكوين حزب الأمة في منتصف الأربعينيات قاطعه بعض أبناء الخليفة ورفضوا الانضمام إلى صفوفه.وفي انتخابات 1953 سمى حزب الأمة بعض أعضائه القياديين لخوض الانتخابات في مناطق كردفان ودارفور الريفية.علق أحد أحفاد الخليفة(محمد داؤود): (اعترضنا على اتجاه استيراد النواب من الخرطوم فحينما يحملهم رجالنا المخلصون إلى البرلمان ينسون ذلك التفويض وينسون مسؤولياتهم تجاه دوائرهم الانتخابية.) شعر الفصيل المتمرد من أسرة الخليفة بواجبه في تحرير مواطنيهم في غرب السودان من ربقة تسلط المهدية ولذلك جاء اسم حزبهم الجديد:"حزب التحرير الوطني".ولإظهار علاقة الحاضر بالماضي استخدموا الراية الزرقاء:راية الخليفة شعارا لهم.وأشار بعضهم لحزبهم الجديد باسم "حزب الأمة الحق"بمعنى الأصلي أو الحقيقي،ربما في إشارة لأن حزب التحرير هو الممثل الحقيقي للأنصار. استقال محمد داؤود الخليفة وعبد الله الأمير إسماعيل من وظائفهما الحكومية ووجها جهودهما لسكرتارية الحزب الجديد.اتصل بهما السيد عبد الرحمن (روى محمد داؤود): (تداولنا معه لشرح أهداف حزبنا ولكنه لم يقتنع وطلب منا حل الحزب وتوحيد الجهود مع حزب الأمة فوصلنا لطريق مسدود) .وفي محاولة للحفاظ على وحدة حزب الأمة استخدم السيد عبد الرحمن سياسة الجزرة والعصا.والقصة التالية مثال على هذا النهج(روى محمد داؤود): (استدعى السيد عبد الرحمن ابن أخته السيد محمد الخليفة عبد الله للجزيرة أبا.وقد رافقته إلى أبا للتفاكر مع الإمام.استقبلنا الإمام بحفاوة ولم يضيع زمنا في مخاطبة ابن أخته:يابني إذا كنت تريد مالا فسأعطيك ما تحتاجه،وإذا كنت تريد وظيفة جيدة فسأجدها لك بشرط واحد ألا تنشق عن حزب الأمة ولكن السيد محمد رفض كل عروض خاله) ولما لم تثمر أساليب الإقناع هذه اتجه السيد عبد الرحمن لحلول أكثر عملية للحفاظ على حزبه من التفتت.ولما أصبح معلوما أن محمد الخليفة عبد الله سيخوض الانتخابات في دائرة كوستي الجنوبية تحت مظلة حزب التحرير الوطني،أمر السيد عبد الرحمن ابنه الهادي بمنافسة محمد في نفس الدائرة.نجح الهادي في إحراز نصر زلزالي على ابن عمته.كما عانى كل مرشحي حزب التحرير الوطني من نفس الهزائم الساحقة في انتخابات57/1958 فاقدين حتى أقاصي أقاليم الغرب وسط أهليهم.صوت أعضاء قبيلة التعايشة بأغلبية ساحقة لمرشحي السيد عبد الرحمن لارتباطهم معه بالبيعة.بالإضافة للبيعة أصدر السيد عبد الرحمن إعلانا في عام 1958 فضح فيه العناصر التي خرجت من حزب الأمة ووصمهم بالخيانة لفشلهم في الوفاء ببيعتهم. بعد لقاء السيدين وائتلاف حزب الشعب الديمقراطي وحزب الأمة وجد الحزب الوطني الاتحادي في حزب التحرير الوطني وفي الجبهة المعادية للاستعمار حلفاء ممتازين. علق أحد التنفيذيين في حزب التحرير الوطني قائلا: (في أثناء الانتخابات العامة نسقنا مع حسين الشريف الهندي-من الوطني الاتحادي- وأحمد سليمان من الجبهة المعادية للاستعمار. كان لكثير من قيادات حزب الأمة اعتقاد راسخ بأن حزب التحرير الوطني تكون بتحريض من مصر لتفتيت وحدة حزب الأمة وأن مصر دعمت الحزب ماديا ومعنويا. كسبت هذه التهمة رواجا لأن زعيم الحزب:عمر الخليفة تلقى تعليمه في مصر وكان مخلصا في دعمه لمبادئ وحدة وادي النيل. وحينما نسترجع الماضي يمكننا أن ندرك أن هناك عاملين ساهما في إضعاف حزب التحرير الوطني،الأول:أن الأنصار كانوا مربوطين ببيعة لإمامهم لا تنكث.وحينما ووجه بعضهم بأن يختاروا بين التصويت للإمام عبد الرحمن أو لأسرة الخليفة فانهم لم يترددوا في منح أصواتهم للإمام.العامل الثاني: لم ينضم كل أبناء الخليفة لحزب التحرير الوطني وفي الحقيقة فان نسبة مقدرة من الأسرة تحت قيادة محمد المهدي الخليفة بقيت على ولائها للسيد عبد الرحمن. لم يعمر حزب التحرير طويلا فقد وضعت انتخابات 57/1958 حدا لأهدافه ومقاصده. وبعد وفاة السيد عبد الرحمن في1959 خلفه ابنه الأكبر الصديق إماما.وفي مواجهة الطغمة العسكرية القاسية رفع الإمام الجديد راية المصالحة فاستجاب ابن الخليفة للنداء ورجع والتحق بحزب الأمة. النزاع الثالث:نزاع الإمام-الصادق:
كانت لهذا النزاع من حيث الاتساع ومن حيث المدى الزمني آثار أعمق من النزاعين السابقين،ومن حيث تشعباته السياسية فقد كان أكثر ضررا منهما.وبالالتزام الصارم بالتسلسل الزمني يمكن أن نتتبع بداياته منذ مطلع الستينيات، تحديدا منذ وفاة الإمام الصديق المهدي في أكتوبر1961.يجب أن نذكر أن الصديق كوالده جمع بين الصلاحيات الدينية والسياسية.وقبل وفاته عين الصديق لجنة خماسية سماها "مجلس الوصية". كان الهدف من هذا الجسم –وهو ترتيب مؤقت- هو إعطاء قيادة جماعية لإدارة الشؤون السياسية والدينية للطائفة حتى يتم انتخاب قائد جديد.حدث الانقسام الأول مباشرة بعد دفن الإمام الصديق المهدي حينما برز عبد الله الفاضل المهدي ليخبر المشيعين بأن مجلس الوصية اختار بالإجماع الهادي المهدي إماما جديدا للأنصار. لم يكن أمام أعضاء المجلس خيار سوى إقرار ذلك الترشيح على الأقل لأن الوقت لم يكن ملائما لأي خلاف.كان بعض الناس يعتقدون أن الإمامة يجب أن تكون للصادق المهدي لأنه أكبر أبناء الإمام الراحل.ولإنصافه فان الصادق لم يضع ذلك الأمر أبدا كأحد عوامل صراعه اللاحق مع عمه الإمام الهادي المهدي. وحد الحزب الوطني الاتحادي وحزب الأمة وجبهة الميثاق الإسلامي والحزب الشيوعي السوداني والمستقلون جهودهم في معارضة دكتاتورية إبراهيم عبود العسكرية تحت قيادة الصادق المهدي.التقت هذه الجبهة الموحدة مع الإمام الجديد الذي وعد باتباع خط سلفه.ومع اقتراب الذكرى السادسة للاستقلال قرر الجمع تضييق الخناق على نظام عبود،وكجزء من تلك الاستراتيجية اتفق على أن يلقي الإمام الهادي خطابا قويا في حشد عام تنظمه المعارضة.تم تسمية لجنة فرعية لإعداد مسودة الخطاب. وسلمت نسخة من المسودة للإمام الهادي بنهاية ديسمبر 1961.وفي اليوم الموعود أصيب الجمع الغفير بخيبة أمل حينما غير الإمام الهادي كلمات الخطاب وقرأ بدلا عنها خطابا مختلفا كليا ذا نبرة تصالحية.وبمثلما ولد خطاب الاستقلال ارتياحا في الدوائر الحاكمة،سبب غضبا في معسكر المعارضة وحرجا للصادق المهدي.وفي نفس المساء اجتمع قادة المعارضة في منزل ميرغني حمزة وطلبوا من الصادق تبريرا لتصرف الإمام،لم يستطع الصادق تبرير مسلك عمه. تركت حادثة الاستقلال أثرين بعيدي المدى: 1- فقد دشنت بداية تفكك المعارضة وهي العملية التي بلغت حضيضها في عامي 1962و1963. 2- وفيما يتعلق بحزب الأمة فقد بلورت الحادثة الخلاف بين الصادق والهادي.وبالرغم من أن الشرخ بقي صامتا وخلف الكواليس إلا انه كان يضطرم تحت السطح. ولاحتواء أية تطورات مستقبلية للانقسام تمت الدعوة لاجتماع كبار عائلة المهدي.انعقد الاجتماع برئاسة الإمام.وصل الاجتماع لمعادلة كان جزءا منها إنشاء مجلس عال ليكون أعلى سلطة في الحركة المهدية. رفض الإمام تلك المعادلة ربما لأن المجلس العالي المقترح سيقتطع من صلاحياته.أصبح واضحا أن الإمام لا يحتمل أي منافسين.شكل هذا الموضوع الخلفية لجولة جديدة من الصراع بين المعسكرين. وعلى الرغم من خلافاتهما اتفق الإمام والصادق على عدد من القضايا الأساسية،على سبيل المثال:اتفقا على دعم فكرة عقد مؤتمر بالجزيرة أبا يحضره كل أعيان الأنصار لبحث طرق ووسائل مقاطعة انتخابات المجلس المركزي الذي اقترحه نظام عبود في 1963 بحثا عن الشرعية.انعقد الاجتماع وبعد ثلاثة أيام من المداولات أجاز بروتوكولا من 14 نقطة تم اعلانه في 26 أغسطس 1964. كان الانطباع الأول الذي يخرج به المرء من اعلان أبا أنه مثل ثورة حقيقية في تاريخ الحزب:خطوة الحزب التدريجية نحو علمنة ودمقرطة عملية اتخاذ القرار داخل أجهزة الحزب. حمل الإعلان بصمات الصادق المهدي وأعضاء آخرون داعون لعلمنة الحزب الذين شكلوا كتلة صماء خلفه.ومع ذلك لم تهدأ حدة النزاعات الداخلية في الطائفة فقد زادها اعلان أبا وقودا.وبنهاية سبتمبر 1964 دعا عبد الله الفاضل المهدي لاجتماع مصالحة.أرسل اجتماع أعيان أسرة المهدي مذكرة للإمام بتاريخ 6 أكتوبر 1964.شددت "مذكرة أكتوبر" وهو الاسم الذي أصبحت تعرف به، على فصل الأبعاد السياسية والدينية في الطائفة حفاظا على قداسة وطهارة الإمامة فوق مشاحنات الساحة السياسية السودانية، * ولكن الإمام رفض المذكرة بلا مبالاة واعتبرها تزييفا أجوف ورفض الرد عليها. احتفظ الصادق بهدوئه ووجه طاقاته نحو القضايا القومية الملحة فعلى سبيل المثال:كتب في أبريل 1964 كتاب " مسألة جنوب السودان"دعا فيه لحل سلمي سياسي للمشكلة،وفي نفس الاتجاه وثق علاقاته مع اتحاد طلاب جامعة الخرطوم ومع قطاعات المثقفين الذين ناصبوا النظام العسكري العداء.وحينما تفجر الوضع عشية 21 أكتوبر 1964 أصدر الصادق خطابه الشهير"رسالة للمواطن السوداني" والذي دعا فيه الأمة للثورة على الحكومة العسكرية.أصبحت "رسالة للمواطن" مثار خلاف بين الدوائر الأكثر محافظة في الطائفة بقيادة الإمام والعناصر الأكثر ليبرالية بقيادة الصادق.اعترض الأول عليها بحجة أنها استفزاز لا داعي له للسلطات.رفض الأخير ذلك المنطق واختار المشاركة في الانتفاضة الشعبية التي أجبرت الطغمة على التنحي بعد أربعة أيام.
فترة ما بعد ثورة أكتوبر وتزايد الخلاف: في أعقاب ثورة أكتوبر أنعش الصادق اعلان أبا لا سيما النص الذي يدعو الأحزاب والمجموعات السودانية للتوحد في جبهة عريضة لحكم البلاد.وعلى كل حال فقد رفضت تلك المجموعات المقترح وفضلت عليه النظام الحزبي التعددي الذي كان سائدا قبل نوفمبر1958. بعد ذلك شرع الصادق " في إصلاح حزبنا حينما فشلنا في إقناع الآخرين في إجراء إصلاح قومي عام". نادت الإصلاحات المقترحة في حزب الأمة بليبرالية وديمقراطية الأجهزة ودعت ضمن أشياء أخرى إلى تغيير اسم الحزب وتنظيمه وبرامجه واستراتيجياته لتتماشى مع فترة ما بعد ثورة أكتوبر والتي جلبت معها تغييرات سياسية واجتماعية واقتصادية عنيفة.عبر هذه الوسائل المقترحة أراد الصادق جذب وجوه وقوى جديدة لحزب الأمة. وكما كان متوقعا فقد اعترض متشددو الحركة الذين يقفون خلف الإمام على هذه الإجراءات.قبل الصادق عدم تغيير الاسم ولكنه أصر على المواضيع الأساسية:"اللبرلة والدمقرطة".ولإجازة مقترحات الصادق دعا الإمام قادة الطائفة لحضور اجتماع أصر فيه على أن منصب رئيس الحزب والأمين العام يجب أن يحددهما راعي الحزب أي الإمام.أصر الصادق وأغلبية الذين حضروا الاجتماع على أن مناصب الحزب القيادية بالإضافة للمكتب السياسي يجب اختيارها ديمقراطيا بواسطة أجهزة الحزب العليا:الجمعية العامة.ازداد التوتر حول هذه المسألة ولكن في اللحظات الأخيرة تم التوصل لاتفاق يتم بموجبه كتابة دستور جديد للحزب وأن ينتخب المجلس التأسيسي القيادات العليا للحزب.هذا الاتفاق فسر بصورة عامة كانتصار للعناصر الإصلاحية في الحزب.اجتمع المجلس التأسيسي في 4نوفمبر 1964 وكانت أجندته الرئيسية هي انتخاب المناصب القيادية.انتخب الصادق رئيسا للحزب بأغلبية ساحقة وانتخب حليفه المقرب عبد الله عبد الرحمن نقد الله أمينا عاما وبالنسبة للمكتب السياسي كسب مؤيدو الصادق أغلبية المقاعد. انسحب الإمام من الاجتماع قبل نهايته، ولكنه كراعي صادق على التعيينات.كان واضحا أنه يحاول كسب الزمن لإعادة ترتيب أوراقه.اجتمعت بعض المجموعات الساخطة حوله.ويمكن تصنيف تلك المجموعات على النحو التالي: 1. المجموعات التي تعاونت مع النظام العسكري والتي تم استبعادها بسبب ذلك من المناصب القيادية،أصدق مثال على هذه الفئة حسن محجوب مصطفى الذي كان عضوا في المجلس المركزي في نظام عبود.وحينما أصبح الانشقاق معلنا تم اختياره أمينا عاما لجناح الإمام. 2. مجموعة من أعيان الطائفة والحزب فشلت في دخول المكتب السياسي عبر الإجراءات الديمقراطية مثل عبد الله الفاضل،صلاح عبد السلام الخليفة،محمد داؤود الخليفة،محمد مختار الأصم. 3. مجموعة المتشددين في الحزب والذين يعارضون بإخلاص أي إصلاح داخل الحزب ويعتقدون بأن أمور الحزب يجب أن تسير كما كانت في الماضي.هذه العناصر اعتقدت بأن الصادق انسحر "بالشيوعيين" و"العناصر الهدامة"الأخرى.يتكون قلب هذه الفئة من ممثلي الإمام بين الجماهير(الوكلاء) والأنصار ذوي الولاء في منطقة النيل الأبيض . هذه الفئات الثلاث كونت العمود الفقري للسند الذي يطلبه الإمام لمحاربة المجموعة الداعية للعلمنة داخل الحزب.اختار الإمام توقيتا مناسبا للمنازلة،تحديدا الانتخابات البرلمانية العامة المجدولة في أبريل 1965.ذهب الصادق –والذي لم يكن من الممكن أن يخاطر بوحدة الحزب- ذهب بعيدا في إرضاء عمه.وهذا ما تضمنته اتفاقية تم التوصل إليها في 23 ديسمبر 1964.تعرض برنامج الصادق لضربة قاسية ومكنت الاتفاقية الإمام من استعادة أراضي كثيرة افتقدها كان ثمن تراجع الصادق التكتيكي خروج الحزب منتصرا في الانتخابات العامة رغما عن أن الحزب لم يحصل على التفويض الكافي لتشكيل الحكومة منفردا.كان على الحزب الائتلاف مع الحزب الوطني الاتحادي لتشكيل الحكومة.تجمعت العواصف التي ستشق فيما بعد وحدة الحزب الهشة حول موضوع مرشح الحزب لرئاسة الوزارة.اختار الإمام ومناصروه محمد أحمد محجوب بينما اقترحت بعض العناصر في معسكر الصادق محمد إبراهيم خليل.لم يكن الصادق نفسه قد تجاوز الثلاثين وهي السن التي تؤهل للمنافسة على المنصب وإلا لكانت فرصته كبيرة.وفي محاولة للحفاظ على وحدة الحزب أقرت كتلة الحزب البرلمانية اختيار الإمام.ومنذ البداية ابتليت وزارة المحجوب بالتنافر.انتقلت خلافات حزب الأمة الداخلية لمجلس الوزراء وتشاجر المحجوب عدة مرات مع زملائه في الوزارة:عبد الرحمن النور،أحمد المهدي،د.أحمد بخاري،محمد إبراهيم خليل،كان أخطرها النزاع الذي نشب بينه وبين عبد الرحمن النور والذي أصر فيه المحجوب على استقالة الوزير.أخبر الصادق بصفته رئيس الحزب المحجوب بأن الإجراء الصحيح هو عرض القضية على المكتب السياسي ليقرر فيها وليس التصرف فرديا.كان هناك شعور عام بخيبة الأمل من أداء الحكومة.لعب المحجوب بمهارة على ورقة(سقوط محجوب سقوط الإمام).اعتقد المحجوب بأن التنافر في الوزارة "يحركه حزب الأمة ويحرضه –بكل تأكيد-الصادق) لعب الحزب الوطني الاتحادي دورا هاما في توسيع شقة الخلاف بين معسكري حزب الأمة بتوظيف طرف ضد الآخر في لعبة الائتلاف،وهذا يذكرنا بالتكتيكات التي استعملها حزب الأمة في 1956 لشق وحدة الحزب الوطني الاتحادي وذلك بالتحالف مع حزب الشعب الديمقراطي في حكومة عبد الله خليل الائتلافية. حل الحزب الوطني الاتحادي تحالفه مع جناح الإمام وكون حكومة جديدة مع معسكر الصادق.تركز سبب فض الشراكة حول قضية من يقود وفد السودان لاجتماع القمة العربية المنعقد بالمغرب. فبينما رأى المحجوب أنه كرئيس للوزراء يجب أن يقود الوفد رأى الأزهري كرئيس لمجلس الدولة أن يقود الوفد.تكرر نفس الوضع بعد أشهر قليلة حول من يمثل السودان في قمة منظمة الوحدة الأفريقية في أكرا،وحول هذا الموضوع انفض ائتلاف الحزب الوطني الاتحادي/الإمام. كون الصادق –رئيس الوزراء الجديد- حكومته من عناصر مقتدرة ونزيهة.وذهب إلى حد الاستعانة بخبراء فنيين من خارج حزب الأمة. وبالرغم من شعبيته فقد حولت سياسات الصادق بعض العناصر في حزب الأمة وفي الطائفة وقادتهم للالتحاق بقوى المعسكر الآخر.وكأمثلة على تلك السياسات نذكر الآتي: أ . اقترح الصادق خطة للإصلاح الزراعي دعا فيها لإنهاء الرخص وتعويض الملاك ونقل الملكية لجمعيات المزارعين التعاونية.حولت هذه السياسات بعض ملاك مشاريع الطلمبات الخاصة وقادتهم للمعسكر الآخر. ب . وفي سعيه لتحطيم النفوذ الطائفي والقبلي كون الصادق لجنة وزارية لبحث جدوى حل مؤسسات الإدارة الأهلية و/أو اقتراح سبل تطويرها في المناطق الريفية الأقل نموا.هذه السياسات تعارضت مع بعض الأعيان المحليين وقادتهم للالتحاق بالمعسكر المعارض. هذه العوامل مع غيرها شجعت الإمام الذي أصدر توجيها في 4 سبتمبر 1966 للأنصار سمى فيه جناح الصادق بالمنشقين بكل ما يحمله التعبير من مضامين دينية للأنصاري البسيط.وأكثر من ذلك، شدد الإمام على أن المهدية كانت دائما وستظل دين ودولة ومشددا على أن المجالين لا ينفصلان. في 15 مايو خسر الصادق تصويتا بسحب الثقة من حكومته بأغلبية ضئيلة وقدم استقالته وخلفه المحجوب.خلقت الحرب الكلامية مع الحماسة المتطرفة في الأنشطة الحزبية وعدم احتمال القيادات للرأي الآخر-لا سيما قيادات فصيل الإمام- خلقت استياءا عميقا خشي معه أن يقود لعنف مادي.تحققت تلك المخاوف في أمسية 5 يوليو 1967 حينما عقدت رابطة المرأة بحزب الأمة-فصيل الصادق- اجتماعا حاشدا في ساحة ودنوباوي.خاطب الاجتماع الصادق ونقد الله وبينما كان الأخير يخاطب الاجتماع انطفأت الأنوار وهاجمت مجموعات من مليشيا الإمام المكان.أصيب نقد الله بجرح في رأسه بينما أصيبت بنتان من بنات السيد عبد الرحمن المهدي إصابات خفيفة من جراء الاعتداء.اتسع الخلاف داخل الحزب حينما قررت بعض العناصر التي كونت حزب التحرير الوطني في 1957 الانضمام لفصيل الإمام. وهناك تطور جديد جلب الأمور لنقطة اللاعودة بين المعسكرين حدث في 7 يوليو1967 حينما أصدر الصادق وبعد سنوات من الصمت (بيان العقيدة والسياسة)الشهير.في هذا العمل الهجومي حاول الصادق هز قواعد إمامة الهادي.فعل ذلك بتفنيد حجة الهادي القائلة بتولية المنصب بغض النظر عن الكفاءة.احتج الصادق بأن والده الصديق لم يصبح إماما بسبب عمره كأكبر أبناء السيد عبد الرحمن الأحياء ولكنه أصبح إماما بصفة أساسية لكفاءته،وفي إشارة واضحة لعمه واصل الصادق : (بعض الناس يشوهون عقيدتنا المهدية بمزاعم قداسة روحية متوهمة لا وجود لها بعد وفاة الإمام عبد الرحمن خاتم الإمامة المهدية الحقيقي.حالة البركة التي يزعمون لا وجود لها في عقيدتنا.فهم يستخدمونها لإرهاب الأنصار حتى يضمنوا ولاءهم الدائم.لا مجال للإرهاب في تراثنا فالإمام عبد الرحمن سمى بيعته بيعة الرضا) كانت تلك المرة الأولى التي يهاجم فيها الصادق الإمام.بعد ذلك اتجه لتقوية المعارضة داخل الجمعية التاسيسية بتكوين تحالف عريض للمجموعات السياسية.كانت النتيجة تكوين "مؤتمر القوى الجديدة" التي تكونت من نواب فصيل الصادق،حزب سانو فصيل وليم دينق،وبعض أعضاء الحزب الوطني الاتحادي الذين اعترضوا على دمج الحزب الوطني الاتحادي وحزب الشعب الديمقراطي بالإضافة إلى بعض المجموعات الإقليمية. ذهبت الخلافات داخل حزب الأمة إلى الحد الذي عصفت فيه بوحدة بعض الأسر الأنصارية والتي عالج فيها الأزواج الذين وقفوا مواقف مختلفة،عالجوا اختلافاتهم السياسية بالطلاق.وهناك مثلان في هذا السياق يكفيا لتوضيح ذلك: (قاطعني كبار عائلتي لأنني انضممت لجناح الصادق.عانت زوجتي وأطفالي من هذا ،لقد عاشوا في حالة حصار اجتماعي وفرضت عليهم عزلة من الأسر المجاورة التي تنتمي لجناح الإمام) حكى نفس الراوي مثالا مدهشا آخر: (محمدين محمد ورجل آخر وكلاهما ناصرا الصادق تم رميهما بالحجارة ذات مساء من قبل أعضاء المعسكر الآخر بعد دمغهما ب"الشياطين".أجهضت زوجة الأول بسبب الحادث) لم ينحصر الخلاف داخل حزب الأمة على مستوى الأسر بل شق وحدة بعض القبائل الأنصارية الراسخة.والمثال الكلاسيكي كان قبيلة الحسانية في منطقة النيل الأبيض.تركز الخلاف على منصب الناظر،حيث نافس عمر إدريس هباني المساند للصادق جده المحافظ يوسف هباني المساند للإمام على نظارة القبيلة.كان عمر أكبر الأبناء الأحياء للناظر الراحل إدريس عبد القادر هباني والذي عمل تحته يوسف كوكيل ناظر.ولكن يوسف لم يكن ليقبل نفس المنصب مع عمر.عمقت الميول السياسية للرجلين الخلاف بينهما.حكم حسن محجوب الأمين العام لفصيل الإمام ووزير الحكومات المحلية بأن يقرر المنصب بواسطة العمد بينما أصر عمر على أن تقرر كل القبيلة أي الرجلين يكون زعيما للقبيلة في انتخابات حرة. انتخابات 1968 العامة وتوحيد الحزب: كان لانتخابات 1968 العامة جانبان: الأول: التنافس العام بين المجموعات السياسية المختلفة على الأصوات. والثاني: المعركة بين جناحي حزب الأمة. لم يكن النصر بالنسبة للمعسكرين يعني هزيمة خصومهما التقليديين في الحزب الاتحادي الديمقراطي ولكن كان يعني هزيمة المعسكر الآخر في حزب الأمة.وقد وضع أحد التنفيذيين في فصيل الإمام ذلك بجلافة: (أولويتنا الانتخابية كانت واضحة وبسيطة:هزيمة ساحقة لقيادة الصادق حتى يذهب ممثلوه للبرلمان جسما بلا رأس) نتج عن الخلاف في حزب الأمة تعدد المرشحين في الدوائر.وهناك تطور مثير هو أن حوالي 44 مرشحا فضلوا دخول الانتخابات تحت اسم حزب الأمة بدون الانتساب لأي من المعسكرين. نسق الصادق مع عناصر مؤتمر القوى الجديدة بينما نسق الإمام مع الحزب الاتحادي الديمقراطي.تركزت خطة الصادق السياسية حول برنامج بعنوان (إصلاح وتجديد) أكد فيه خططه الإصلاحية.لم تختلف روح هذا البرنامج عن برنامج انتخابات 1965 المعنون(نحو آفاق جديدة) سبب الخلاف في الحزب جروحا عميقة في العلاقات الأسرية،فعلى سبيل المثال :في دائرة الحلاويين:الدائرة 70 محافظة النيل الأزرق نافس مرشح الإمام أحمد عبد الدافع محمد إمام ابن عمه إمام دفع الله محمد إمام الذي نزل مرشحا للصادق.وفي الدائرة 203 شرق كردفان- الحمر خاض مرشح الإمام بكري أحمد عديل الانتخابات ضد أخيه عبد الرحمن أحمد عديل مرشح الصادق. أظهرت نتائج الانتخابات الأثر الكارثي للخلاف.لم يكن هناك منتصر بين المعسكرين:فقد كسب الصادق 36 مقعدا بينما حصل الإمام على 30 مقعدا، ورفض 6 من مرشحي حزب الأمة الفائزين الانتساب لأي من الفصيلين. خسر حزب الأمة 24 دائرة أغلبها للاتحادي الديمقراطي بسبب تعدد المرشحين.سببت نتائج الانتخابات صدمة في معسكري حزب الأمة.أدركت القيادات في الطرفين أن الجهة الوحيدة المستفيدة من خلاف حزب الأمة كانت الحزب الاتحادي الديمقراطي.وعلى هذه الخلفية وثوابا للعقل بدأ هؤلاء القادة مراجعة مواقفهم والتفكير في المصالحة. كان الطريق لتوحيد الحزب عملية مضنية فقد بدأت المفاوضات في النصف الثاني من عام 1968،وفي 11 أبريل1969 أعلن الفصيلان رسميا توحيد حزب الأمة.وفي اليوم التالي تمت الاحتفالات في أمد رمان وقرأ الإمام للجمهور أسس إعادة التوحيد. حاولت تلك الأسس إيجاد توازن بين طموحات الصادق وبرنامجه الإصلاحي وبين محافظة الإمام.تم إلغاء منصب رئيس الحزب واستبدل "بزعيم الحزب" والذي يملأه الإمام بالإضافة لأن يكون الإمام مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية.سمي الصادق أمين عام الحزب ومرشح الحزب الوحيد لرئاسة الوزارة. وعلى كل حال فبعد أقل من شهرين أطاح انقلاب عسكري بالنظام الحزبي التعددي في السودان.لم تكن تلك الفترة القصيرة بين إعادة التوحيد والانقلاب كافية لاختبار قابليته للاستمرار أو هشاشته. إذا أردنا تلخيص هذه الدراسة فقد حاولت أن تعطي خلفية تاريخية عن الخلافات داخل حزب الأمة بمتابعة جذورها وتطورها وانعكاساتها. كشفت الدراسة أن النزاع الأخير كان أطولها عمرا وأكبرها ضررا من حيث الأثر السياسي.ويمكن أن نجرؤ على القول بأن تلك الانعكاسات باقية حتى اللحظة*.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)
|
dear friends: I may not know all the intricacies and the backgrounds in which some posts is based on ,but I can see that some posts failed to pinpoint or to push the interesting article by a Sudanese tank thinker Ustaz eljozoli .
I think:
1/ The way Mr kamal eljozoli responded to the article was a very mature because he didn't speak out of subjectivity. …….. 2/ there is an increasing fissure between the followers and the leaders Or the real tank thinkers and the followers ...clearly when we see prejudice speaking.....that …the followers some time took far extreme opinions about any confronting subject. ……………… 3/Elsadig ,i think ,is doing a great job by means of IIGTIHAD to balance Islam and democracy ...and this is a point for him not against him .But prejudiced people always gravitate into unjustifiable responses ....I hope people would start discussing what he writes instead of just opposing ..... ............. I believe being a subjective without prejudices is the first step towards a better democratic country.. ……………. If it is painful that means you are alive. Shereef
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)
|
Shareef ya Omdurmani, That is exactly what I am trying to make clear here. Let us tackle issues, not our preconcepts. The way Abdel Wahab Alafandi is analysing Alsadig is quite reasonable, objective and scientific. Notice that I did not say that Alafandi is an NIF, a theif and a hypocrite, which may be true, but THIS IS NOT THE ISSUE HERE. Even Jinni himself believes in this, that is why he pasted the articles to support his arguments, without commenting on Alafani as a person.
So let us discuss the article of Aljazooli, and that of Alsadig. NOw if Alsadig said democracy is the best system for Sudan: do we agree or not?? Do not just say: Alsadig is so and so, the question is: democracy. Those who believe in it could go further to discuss the whys, whats, and whens etc..
I, for example, would say, OK, what Alsadig says is absolutely true, BUT in practice it will never succeed if applied by Alsadig himself, he is a great thinker but a poor executive. That is all folks..
So, what Kamal Aljazooli said about Alsadig is also 100 percent true, but let Alsadig go further to answer the questions of Aljazooli, and add to it: How? considering the previous failures and the complicated Sudanese situation, including the way people deal with abstract ideas, well-educated people, mind you, like those here in this board, and let alone the millions of faithful, believing, spear-carrying Ansar et al....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: مارد)
|
هو مجرد رأي و تحليل ابداة كمال الجزولي في الصادق المفكر الاسلامي و كمال معارضة و الصادق معارضة فيبقي وين المدح و وين السلطان و السياسة فناء واسع و ما فيها عدو او حليف دائم و الموضوع ما بستاهل النقة الكتيرة لانو ما حيوي و هام و دة برضو مجرد رأي و عوافي يا اخوانا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: مارد)
|
الاخ العزيز مارد المارد علي قول عمنا بناديها شكرا علي ردك و في انتظار بوست الكرسمي التفصيلي و تأكد بأنني و اعوذ بالله من كلمة انا . احترم رأئيك و لا ادافع عن الصادق و لكنة في نظري سياسي لة وزنة و رقم لا يمكن تجاهلة و زعيم اكبر حزب في البلد لة تاريخ و ماضي و حاضر و مستقبل و ايجابيات و سلبيات و نتمني مزيد من الحوار و النقاش الهادف و البناء و الحرية و الديمقراطية لنا و لسوانا و الرأي و الرأي الأخر و الي اللقاء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)
|
العزيز جداً مارد بعيداً عن نظرية المؤامرة، وحتى لا يبدو لنا أنك متأبط شراً مسبقاً للصادق، ارجو منك وبعملية حسابية صغيرة للردود التي على هذا البوست أن تفرز لنا الكيمان ، كم هم المتفقين معك وكم هم المختلفين؟ مع العلم أنني وبملاحظة عابرة وجدت أنه حتى المختلفين معك يتفقون معك في كون الصادق فاشل سياسياً ، ولكن اصرارك على أخذ الراجل بالجملة لم يمنعك من أن تمسح بالسيد كمال الجزولي البلاط !!!!!!0 ما اود أن افصح عنه ، أرى أن النقاش بدأ يأخذ شكل التمترس وأحادية الراي دون الالتفات للرأي الآخر أو أن توفيه حقه على الاقل، وها أنت توعدنا بذبيحة كاملة يقدم فيها راس الصادق المهدي قرباناً للفكرة 0
الصادق اتفقنا أم اختلفنا هو رجل متعدد المواهب وبالتالي يلا يصح أخذه بالكامل خصوصاً أن الموضوع المثار أصلاً يتطرق لأحد جوانب هذا الرجل وهو جانب الفكر 0
مع عظيم حبي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)
|
فجوة ديمقراطية هنا.. وعجز ديمقراطي هناك .. (2-5) قلت: الأفندي يظهر إيمانا شديدا بالديمقراطية يندر وجوده وسط رصفائه من عالي التعليم. فعلاوة على قيادته لمشروع الإسلام والديمقراطية في جامعة وستمنستر، تركز الكثير من كتاباته على الجريرة التي ارتكبت تاريخيا بنقض الحرية في التراث الإسلامي. وهو قد أدان من الغزالي والماوردي إلى حسن البنا وقطب، واعتبر أن الفكر الإسلامي يعاني من عجز ديمقراطي، كما تعاني التجربة الإسلامية منه. وله مقال بعنوان "العجز الديمقراطي في العالم الإسلامي The Democratic Deficit in the Muslim World" يحلل فيه الفكر الديمقراطي في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي وكيف أنه طرح أسئلة أكثر من بلورته لإجابات.. ويظهر في ذلك المقال مهموما بتكوين فكر ديمقراطي أصيل ومن داخل العقل الإسلامي ذاته، فهو كما أظهر كتابه "الإسلام والدولة الحديثة في الإسلام" يرى أن النظرية الإسلامية التقليدية هي الجذر الأساس للتناقضات مع جوهر الدين، فنظرة تلك النظرية لمفهوم المعصية وعدم اعتبار اغتصاب السلطة والتصرف غير المشروع في أموال الأمة من الكبائر، تعبر –في رأيه- عن موقف ليس علمانيا وحسب "بل إنه عبر عن أحط درجات العلمانية". والأفندي في مقاله عن الإنقلاب العسكري في باكستان والذي أطاح بحكم ديمقراطي تراه في أشد درجات ذلك الإيمان التي تصل للجذب الصوفي والتماهي في الديمقراطية. عنوان المقال هو "باكستان والتداوي بالتي كانت هي الداء" ولعله مغن عن وصف رأيه فيما حدث، ولكنني أزيد المعنى ظهورا باقتطاف هذه الفقرة من المقال والتي تنحو لتحليل التخلف والتأرجح السياسي الباكستاني في مقابل التطور والاستقرار الهندي برغم التشابه التاريخي والتكويني بينهما، يقول: "الإشكال الحقيقي يكمن في الحلقة المفرغة التي يخلقها غياب الديمقراطية" إلى أن يقول: "ولكن التداوي من هذا المرض لا يكون بمزيد من الأسباب التي جاءت به أساسا، فالترحيب بالانقلاب والذي جاء من عناصر المعارضة الباكستانية هو في حقيقته عرض للمرض الذي تحدثنا عنه، إذ أنه تعبير عن الانقسامات التي سادت النخبة الباكستانية من جهة، وعن الإفلاس الأخلاقي الذي دفع بعض الفئات للتشفي بمصائب خصمها من جهة أخرى. ولا شك أن استمرار الحكم العسكري سيعمق هذه الانقسامات، ويؤدي إلى إغلاق قنوات الحوار الصحي والتواصل الاجتماعي مما يصيب البلاد بالجمود والتصدع نتيجة لانسداد شرايينها وقنواتها التنفسية". الأفندي يعلم إذن أن التداوي من مشاكل الديمقراطية لا يكون بالداء الذي كان أس البلاء وتسبب في تشويه التجربة الديمقراطية–أي الشمولية والديكتاتورية، بل بإتاحة الفرصة لها حتى تصحح أخطائها من داخلها.. إنه يتشدد شرقا وغربا، جنوبا وشمالا بصورة متصلة متناسقة عميقة بشأن الديمقراطية، إلا في بقعة وحيدة من الأرض تمتد لحوالي مليون ميل مربع.. "السودان". هذه البقعة من الأرض تشكل في عقل الأفندي "فجوة" وحيدة للديمقراطية.. يتحول فيها الإيمان العميق إلى بعض شك، وتصير فيها بلاجة الحديث لجلجة، فهل من مغالط؟.. تعالوا معي نطالع التأملات التالية إذن. أشد ما يبعث الشك في نظري حول مكانة الديمقراطية السودانية –من دون ديمقراطيات الدنيا- في عقل الأفندي، هو نظرته لنظام الإنقاذ، ذلك أنه ينحو كما أسلفت في "بيننا" أن يركز على نقد جوانب الفساد ويتناسى الحديث عن شرعية الانقلاب، وهو ما أصفه بأنه عمليات إصلاحية لبتر الأطراف التالفة، لكنه لم يحمل أبدا على الجوهر. مع أن إيمانه العميق بالديمقراطية يقتضي له أن يقف موقفا مبدئيا ضد نقض الشرعية –غصب السلطة على حد تعبيره- واعتبار هذه الخطوة بالذات معصية. وأكبر دليل على عمى ديمقراطيتيه عن "الإنقاذ" هو ما ساقه في نقده للتجارب الإسلامية المعاصرة، فقد انتقد الأفندي الثورتين الإيرانية والسودانية –هكذا يسمى الإنقاذ بالثورة- في نفس الملفات المتعلقة بغياب الحرية وقهر المواطنين والفساد المالي، ولكن العرض الذي اطلعت عليه لكتابه عن الإسلام والدولة الحديثة يورد انتقادا أشد للتجربة الإيرانية. هذا كان مبعث الشك. فالثورة الإيرانية 1979م "ثورة" شعبية عارمة تسببت فيها عوامل موضوعية فاقمها تحكم الشاه وتسلطه وقهره للشعب الإيراني بإرادة أجنبية أمريكية. وإن كانت الثورة الإيرانية قيدتها القيود المذهبية ولم تواكبها ثورة إصلاحية في الفكر الديني، فإنها تشكل تجربة أصيلة عن الشعب الإيراني، وتوفر متنفسا للرأي الشعبي –ولو بحجم رأس الدبوس- فدولتها وإن كانت تضع قيودا ثيوقراطية على المرشحين للرئاسة، تترك الناخب الإيراني يقول رأيه بين مستوفي الشروط من القادة. هذه الخاصية هي دون الطموح الإسلامي والإنساني، ولكنها كانت الثقب الذي نفذت منه الحركة الإصلاحية "الخورداتيون" التي يقودها الرئيس خاتمي الآن. وفي السودان فإن الإنقاذ أتت كانقلاب عسكري على صهوات الدبابات لا كثورة شعبية تسير بها المواكب واللافتات، أتت مطيحة بحكم ديمقراطي كامل الدسم، كامل الشرعية. وبينما كانت حركة عسكرية خطط لها ونفذها حزب أقلية "الجبهة القومية الإسلامية" باعترافات جميع قادتها الموثقة، فإنها ادعت في مبدأ أمرها أنها تدبير من قيادة القوات المسلحة.. وعلاوة على هذا وذاك، فإن الإنقاذ لم تتح في مدبر أيامها أي مجال للآلية الديمقراطية في الحكم، وحينما برزت الخلافات –التي هي لا شك بارزة داخل أي بلد أو فصيل بل وأية أسرة- لم تنح لحسمها ديمقراطيا وتجري انتخابات حقيقية يقول فيها الشعب رأيه "بين المتنافسين من قادة الإنقاذ، على غرار انتخابات إيران بين المتنافسين من قادة الثورة"، بل انتهى الخلاف إلى أن أزاحت الإنقاذ بعض الإنقاذ، وتربعت الأولى على القصر، وزجت بالثانية للمعتقلات والإقامات الجبرية. وربما أتاحت مقبل أيام الإنقاذ تحولا عن هذه السيرة تبشر به خطوات ظاهرة للعيان، وتبعث الشك في إمكانيته خطوات أخرى أيضا ظاهرة للعيان. وأخلص إلى أنه إذا ما قورنت الثورة الإيرانية مع حدث في السودان فسيكون الناتج لا شك لصالح عملاق شرعي ولد برغبة الجماهير وتحت هديرها ولكنه يحتاج للتهذيب: تلك هي الثورة الإيرانية، أمام قزم غير شرعي أطل للدنيا في شكل خدعة: تلكم هي الإنقاذ!. فمال د. الأفندي كيف يحكم؟. إن المقياس الديمقراطي يهتم بجوهر السلطة –الشرعية- وبهذا المقياس ففي إيران ديمقراطية مقيدة، وفي السودان شمولية متراخية.. والشرعية هي مربط الفرس!. الشيء الآخر الذي يشير إلى فجوة الديمقراطية السودانية لدى دكتور الأفندي هو حديثه قيد النقاش، إذ قال: "تبقى المواقف المضطربة والعاجزة للحكومة الديمقراطية السابقة هي العامل الحاسم لأنه لا يمكن تحميل الأجانب مسئولية حماية حرية وحقوق الشعب السوداني. وقد يختلف المرء مع السفير الأمريكي الأسبق في سعيه لتحميل المهدي كل تبعات عجز الحكومة الديمقراطية، لأن يد الصادق كانت مغلولة بسبب حاجته إلى موافقة شركائه في الائتلاف على قراراته ولإصراره على تحقيق الإجماع على كل القرارات الهامةـ إضافة إلى عمق الأزمة الاقتصادية وشدة تعقيد الأزمات. ولكن الذي يمكن أن يلام عليه الصادق هو أنه لم يعترف بعجزه ويتقدم باستقالته ويدعو إلى انتخابات جديدة، فقد أقال الصادق حكوماته أكثر من ثلاث مرات وأعاد تشكيلها دون أن يحقق نجاحا يذكر، ولا شك أن أهم ركن في العملية الديمقراطية هو قابليتها لتصحيح نفسها سلميا".." وعليه فإن الصادق بتمسكه بالحكم مع اعترافه بالفشل سلب الديمقراطية من أهم مقوماتها وبالتالي حكم عليها بالإعدام وتركها ثمرة يانعة لمن أراد قطفها". والأفندي هنا مع ذكره لقائمة من الأسباب الموضوعية التي شلت الفعل في فترة الديمقراطية والتي بدا فيها كأنما هو متعاطف مع رئيس الوزراء حينها، قرر أنه –أي رئيس الوزراء- هو الذي جعل الديمقراطية ثمرة يانعة لمن أراد اقتطافها. لماذا؟ لأنه لم يستقل من منصبه ويدع العملية الديمقراطية تأخذ مجراها الطبيعي وتستفيد من مقدرتها على إصلاح مسيرتها!! أعلى رؤوس "قنابرها" أم على قلوب أقفالها حتى يمر هذا الحديث؟. ألم يكن دكتور عبد الوهاب هو نفسه من قال عن التجربة الباكستانية: "إن أهم مميزات الأنظمة الديمقراطية هو قدرتها على تصحيح أخطائها وهذا يتجلى في الباكستان كما في غيرها، فالتدهور السريع في شعبية رئيس الوزراء السابق نواز شريف يقف بنفسه شاهدا على أن العملية الديمقراطية هي التي تكشف عيوب الحكم إن وجدت، ولكن العسكر لم يمهلوا الشعب حتى يحكم حكمه في شريف، ويعزز بالتالي مؤسساته وصوته، وبالقطع فإن الوصاية على الشعب واستباحة خياراته لا يمكن أن تشكل الطريق السليم نحو بناء الاستقرار، بل على العكس ستكون عواقبها وخيمة على شعب باكستان وجيشه على حد سواء"..؟. أي أن آلية الديمقراطية التصحيحة لا تتحرك عبر الاستقالات بل عبر الانتخابات. ليس ذلك وحسب.. بل إن الذي يطلع على مقال الأفندي "في الذكرى الثانية عشرة لثورة الإنقاذ السودانية: تأملات شخصية جدا"، يدرك مدى الهول الذي اطلع عليه الأفندي من تجربة "الإنقاذ"، وكيف أغرق "المخلصين" بالماديات وبيعت الذمم، وكيف فقدت كوادر عرفت بالمثالية، وكيف وكيف.. ولكن الأفندي بدلا عن أن يصنع كما صنع جورج طرابيشي الراجع من تراتيل اليسار العربي بالاشتراكية وغيرها من الشعارات للتأكيد على أن الديمقراطية هي مربط الفرس، لا كما كانوا يتوهمون، أو يتسق مع نفسه أيضا حينما أكد أن هذه التصرفات التي لا تربط بين المعصية وبين غصب السلطة وأكل أموال الناس بالباطل هي "أحط درجات العلمانية".. بدلا عن أن يقطع الأفندي المشوار حتى آخره (وهو قد قطع الشوط مرارا فيما يتعلق ببقاع الدنيا كلها)، فإنه بقى في تأملاته الشخصية يبكي حلما ويقول: "إذا أردنا أن نلخص ما تعنيه لنا ثورة الإنقاذ الوطني على المستوى الشخصي لقلنا إنها عهد فجيعة في الأصدقاء"، ويحكي كيف أن بعض أولئك غيبتهم الشهادة في الجهاد، أو المنية أو المنافي، أو فقد الحاضرين.. ثم يؤكد أنه لما سمع حول ذهنية الغنيمة والمصلحة المتفشية قال: إن الوقت حان لقراءة الفاتحة على روح الحركة الإسلامية في السودان رحمها الله وعظم الأجر والثواب فيها.. أما كان الأنفع أن يخرج الأفندي من ذاتيته تجاه الإنقاذ خروج الحي من الميت –سبحان الله القادر على ذلك- ويقول لنا أنه نظر للأمر وسبر غوره وعرف أن أسوأ ما قدمته ما يسميه الحركة الإسلامية للإسلام وللسودان معا –بل ولنفسها- هو حركة يونيو 1989م؟.. ذلك أنها ذبحت الديمقراطية، جوادهما الذي به طاقة على الربح وهو بعد وليد لم تتح له فرصة التطور ولم يجرب آلية تصحيح أخطائه من داخله!. فهي لم تقطف "ثمرة يانعة" بتعبير الأفندي بل وطأت برعما لم تفتح تيجانه بعد!. والصورة التي أراها أكثر تعبيرا عن موقف الأفندي تجاه الديمقراطية هو موقف منارة عالية تضيء للسفن والمراكب المارة، ولكنها في داخلها مظلمة الحيطان لا يلجها النور. منارة يضع الأفندي قاعدتها على أرض السودان، فهي تكشف كل المنطقة، وتحرم ما بداخلها من الضياء. لقد كان الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري أصدق لهجة بين من أقلتهم الغبراء، وكانت له حساسية عالية بالظلم الاجتماعي ولفظ له.. ولكن ذلك لم يمنعه أن ينعت بلالا بابن السوداء، فقال له الرسول الكريم –عليه أفضل الصلاة والتسليم- إنك أمرؤ فيك جاهلية.. والأفندي يظهر إيمانا عميقا بالحرية كركن أساسي في الدين واجهت الأمة لقاء هده ويلات ولا زال العرض مستمرا، لكن ذلك لم يدعه يتوب توبة ظاهرة وباطنة من إنقاذيته القديمة. فظل واقفا في توبة ظاهرة معلنة، يدفع الحنين تجاه أخوة الأمس بالباطن بحديث العقل وتحليلاته. فتراه ينصت للعقل حينا، أو يشده الحنين فيلحن قوله آخرا.. لقد عددت في عمود "بيننا" مقال الأفندي ضربا من "الزكاة" في حق الإنقاذ، وربما لم يكن الأفندي يقصد أن يزكيها ولا يحزنون، بل إن عمق فجيعته الشخصية التي ترد في كتاباته ترشح أنه لم يعد يخفي للإنقاذ عيوبها الفادحة، لكن تبقى صورة خلفية تؤكد أن الأفندي امرؤ فيه "إنقاذية"!..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)
|
كتاب آندرسون: تأملات للتداول (3-5) أدار دكتور الأفندي نقاشا هادئا عرض فيه ما قاله آندرسون بصورة تؤكد أن أمريكا أرادت هرس الاقتصاد السوداني الديمقراطي في بكائياتها على النميري، وإصرارها على الحكم الديمقراطي –بيد الصادق أو غيره- أن يتنمّر: يرهن لهم الإرادة الوطنية، يوفر لهم القواعد العسكرية، ويسب ملة إيران وليبيا!.. وأكد الأفندي أن أولوية أمريكا لم تمر بين يدي الديمقراطية ولا تذكرها. وأظهر كيف أن الحكومة الأمريكية كانت تطلب من الحكومة الديمقراطية أن ترد لها ديونها وفوائدها التي أقرضتها من قبل للنميري ليقهر الشعب السوداني ويعيق الهبة الديمقراطية، كشرط للحكومة الديمقراطية لتتلقى معونات تصل إلى 1% من حظ النميري. فتكون الحكومة الديمقراطية هي الممول لأمريكا في الناتج النهائي: تدفع 44 مليون دولار مثلا لتتلقى 25 مليون دولار، ومنتظر أن يهبط المبلغ الأمريكي لخمسة ملايين!. ثم تطرق الأفندي لآليات الحكم في العهد الديمقراطي، ولتصرفات الحلفاء المؤتلفين الطائشة أو قل غير المنضبطة برباط العهد المقدس. وكان لا بد من دور للمهدي في التقويض في نظر الأفندي، وكان ذلك الدور أنه لم يقدم استقالته ويجري انتخابات حرة. إن مقال الأفندي كله عقل، وكله موضوعية، لكن لا أدري كيف في جملة وحيدة لحن قوله واعتراه داءه القديم، وظن أن استقالة شخص من منصب في حكومة سيأتي عليها حين تدرسها الانتخابات الجديدة هي محور في تجربة السودانيين الديمقراطية!. لقد أورد الأفندي في الحديث الذي سقته دفاعا عن الصادق المهدي وظروفه –وإن عتب عليه أنه لم يستقل- وفي مقال آخر بعنوان "الصادق المهدي في ترحاله بحثا عن الهداية والفلاح" أورد كيف أن المهدي ظل محور التقاء الجميع وعداء الجميع في ذات الآن، قال: ""من الأجدى لمنتقدي المهدي الكثيرين الكف عن انتقاده وعن التركيز على نقاط ضعفه ومساعدته بدلا عن ذلك على التغلب على نقاط ضعفه الشخصية والحزبية، نظرا لأهمية دور الحزب في هذه المرحلة لكل السودانيين". إن هذه الكلمات كافية لترضي المهدي إذا كان يظن السياسة السودانية تدور حول رحاه كما يزعم البعض، ولكني لا أظن ذلك هو المقصود.. المقصود هو أن نتجاوز الأفراد –الصادق المهدي وغيره من الأسماء في الساحة السياسية السودانية- ونتحدث عن المعاني، ثم نحكم للأسماء أو عليها بمقاس ما صنعوا لتلك المعاني.. أما العكس، وهو الحكم على الديمقراطية أو التأصيل أو العلاقة بمصر، أو الوحدة الإفريقية إلى آخر المعاني المهمة بما يصنعه هذا أو ذاك.. فهو ظلم للمعنى مبين. دعونا حينما نتحدث عن الديمقراطية لا نذكر ما فعله الصادق أو الميرغني او الترابي أو نقد، دعونا نتحدث عن وعي جماهيري بها، عن أقلمة ومأسسة، عن ماصات صدمات، وعن إبداعية سودانية تخرج مولودها الذي يقدر أن يعيش على هذه البيئة بالذات، وعن مشوار ممتد ونفس طويل وصبر أعمى عن الضيق.. ذلك أن كل أولئك الأفراد هم خيوط في نسيج وطني متشابك، تحد قدرتهم على العطاء مكانتهم في ذلك النسيج. ولكن ذلك لا يمنع أن نحاكم أيا منهم بما فعل تجاه الديمقراطية. إن مقال الأفندي قراءة مفيدة في مذكرات السفير الأمريكي المذكور والذي أرسلته الولايات المتحدة الأمريكية كبرشامة للديمقراطية في السودان، سرى مفعولها بتقويض النظام الديمقراطي لصالح أي نظام آخر يمكن التفاهم معه وراء ظهر الشعوب –وهي سياسة أصيلة لأمريكا في المنطقة- حتى أتاهم البلاء قدر حصة سمهم، وآمنوا أن البلاءات درجات، وألا يحلموا في بلادنا بنميري من جديد!. أقول أن الولايات المتحدة أرسلته برشامة لأنه تقلد منصبه في الخرطوم عام 1986 وانتهت مهمته فيها عام 1989م!.- أي بعمر الحكومة الديمقراطية المنتخبة- وهو لم يكن دبلوماسيا بمعنى إدارة حوارات واتفاقات حول مسائل المصالح المشتركة ومقتضيات التعاون لتحقيق مصلحة بلاده بأقصى درجة ممكنة وبموضوعية كاملة فالقضية ليست قضية ميل شخصي، بل كان "تركاسيا" إذا صح المفهوم بوضع كل العراقيل الممكنة واللاممكنة للحكومة الديمقراطية، بصورة حادة كأنما هو موضوع عاطفي ذاتي. وقد ظهرت هذه اللغة في كتابه المعني بصورة علقت عليها "موسوعة المعارف البريطانية" وهي معروفة برصانتها العلمية، ففي عرض لكتاب أندرسون بموقع الموسوعة بالانترنت جاء عن كتابه الآتي: "هذا الكتاب هو المثل الذي يؤكد بصورة مثالية حاجة السفراء لكبح مجهوداتهم في تصوير إدارتهم لمهامهم عبر البحار. لو كان الكاتب اكتفى بالمد بقاعدة بيانات مفصلة عما حدث أثناء مهمته لكان قدم خدمة جليلة للمختصين من الأكاديميين وصناع القرار. عوضا عن ذلك، فقد اختار أن يستشهد (يستحضر) مفهوم الديمقراطية ومعيار الديمقراطية، بينما لم يشرحها أو يفصلها –أي الديمقراطية- أبدا. وقد انتهى أندرسون بالإساءة للمفهوم وإساءة استخدامه، مناقضا نفسه مرات لا تحصى فيما يخص معناه وتطبيقاته. وينطبق هذا بصورة خاصة على تركيزه على فشل الديمقراطية الذي يفترض أنه حدث نتيجة لأخطاء القيادة السياسية. أما اعتماد المفهوم على ثقافة سياسية ومدنية كأساس (دعامة) جماهيري عام فمفقود تماما. كان من الأجدى لأندرسون الحديث عن إطار للتنمية السياسية يركز على "محاولة دمقرطة" السودان، بدلا عن افتراض أن انتخابات تنافسية دورية أجريت لمرة واحدة هي شيء مساو للديمقراطية". ويرد أيضا: "كان بإمكان المعلومات والتطورات المتاحة للسفير أن تمده بمنظور افضل لهذا الكتاب". إن المهتم بقضية الديمقراطية في عوالمنا يدرك أن القضية صعبة، وتحتاج لتثوير حقيقي لتراثنا، ولاستنهاض لطاقاتنا بدءا بصحوة ذاتية تضع أقدامنا على الطريق الصحيح.. إن حرف الحديث من التجربة الديمقراطية للأفراد هو زلة قدم شهدتها أقدام كثير من مثقفينا. وإني أرد على "شخصنة" التجربة الديمقراطية بكلمات الأفندي عن ضرورة تجاوز الفردانية والكاريزمية في تراثنا، وأرد بضرورة السعي الدؤوب للبناءات المؤسسية، هذا هو الدرب وإلا ضعنا. لقد أثبت الأفندي في قراءته لكتاب أندرسون أن الحكومة الديمقراطية كانت استقلالية غير منحازة وأنها دفعت ثمن هذه السيادة باهظا، وقد أورد انتقادات لبعض القوى الديمقراطية، لكن هذا لا يجب أن يحسب على الديمقراطية، وحسب مقاله الذي أشرت له من قبل فالتداوي لا يكون بالتي كانت هي الداء، أي أن علة الديمقراطية بعد ممارسة القهر تكون بسبب ذلك القهر وما يصنعه من خراب في النفوس والذمم، ولا يمكن أن تشفى بدائها الأصلي: الانقلابات العسكرية. كما أثبتت قراءة موسوعة المعارف البريطانية لذات الكتاب أن الديمقراطية لا يمكن النظر لها باعتبار تجربة محدودة اقتصرت على إجراء الانتخابات الدورية مرة واحدة، بل يجب الحديث عنها عبر تكوين منشآت تحتية للديمقراطية تكمن في ثقافة جماهيرية مدنية عامة تعضدها، باعتبارها عملية تنموية بطيئة متصاعدة. أما الواقع فقد أثبت في كل محاور الأداء الدبلوماسي والعسكري والتعليمي والصحي ..الخ، أن الديمقراطية التي عاب عليها بعض الناس العجز هي أقدر مما عداها، وتكفينا هنا الجملة الشهيرة التي قيل أن أحد المواطنين زعق بها في وجه مسئول كبير: "إذا أردتم أن تنقذونا من فضلكم أعيدونا عشية 29 يونيو 1989م"! والعجيب أن الأفندي وهو من المهتمين ببلورة فكر ديمقراطي أصيل من داخل التراث الإسلامي وقد أشرنا إلى أنه انتقد من قبل أعلام العلماء فيما يتعلق بالسياسة الشرعية التي انبنت عليها النظرية السياسية التقليدية، وقرر أن أحط درجات العلمانية هو ما صنعه التراث التقليدي في عدم ربطه بين غصب السلطة وأكل أموال الناس بالباطل وبين المعصية. ومع ذلك، فإن الأفندي في نقده لأندرسون لم يورد غياب مفهوم الديمقراطية وأقلمتها أو علاقتها بالثقافة الإسلامية في البلاد، بينما التفت لتلك المسألة عرض الكتاب في "موسوعة المعارف البريطانية" إذ عاب العرض على الكتاب خلوه من أي إشارة لمسألة الديمقراطية في مقابل الإسلام وهي قضية تهم الفكر الديمقراطي في الشرق الأوسط. هذه الملاحظة الجيدة للعرض المختصر جدا للكتاب في الموسوعة كانت تهم المسألة قيد النظر بالدرجة الأولى، ذلك أن الديمقراطية الثالثة في السودان حفلت بنقاش محتدم حول قوانين سبتمبر 1983م المسماة إسلامية وانقسم حولها الناس، وشهدت محاولة للأسلمة التشريعية أجازت الجمعية التأسيسية قراءتها الثانية، كما شهدت مظاهرات ما سمي "ثورة المصاحف" التي خرج فيها قبيل الأفندي آنذاك، وأخيرا: لفت الحبال حول عنق تلك التجربة أيد أضمرت أن تسرع بخطى التشريع الإسلامي، أو هكذا قالت -والله أعلم بالنوايا- لكن الناتج كان ضد التمدد الإسلامي في كثير من وجوهه. إن إغفال مسألة الأسلمة والديمقراطية يوحي أن كتاب أندرسون لم يكن يعني بجوهر الأشياء، وكان في أحسن الأحوال مهتما بوصف الأعراض عن كشف الأمراض.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)
|
المقالين الرابع والخامس لم أجدهما.. لكن البحث جار نسيت أن أشكرك أيها الأخ عبد العاطي- هذا بوست رائع به تناول مفيد- أشكرك ولو كان القصد د. بشرى الفاضل وليس من هم دونه من الأعضاء القدامى أو الجدد رباح
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)
|
لم أكن قد أطلعت سابقاً على هذا البوست ولا على مقال كمال الجزولي عن ورقة السيد الصادق المهدي والآن الموضوع يزداد ثراء بإضافات جديدة وحقيقة الامر ذهلت لكون هذا البوست اشبه بقمقم الذهب الذي وضعوا قرب قفله القار أما الذهب فهو المناقشات والطروحات الفكرية التي تتطلب قراءتها أولاً ثم الرد على مواضع الإتفاق والخلاف لمن لديه حاجة للرد ممن يقوون عليهأاو الخروج من هذا كله بفائدة الإستنارة . هذا هو الذهب . أما القار فهذا السيل من الشتائم والسباب لشخص السيد الصادق المهدي والأستاذ كمال الجزولي . وأطالب الأخ عادل عبد العاطي وجني وجميع من تدنوا بهذا البوست أن يراجعوا أنفسهم فيعودوا لمناقشة الفكر الوارد هنا . كنت سمعت في البوستات السابقة عبارات تقول بمدح كمال الجزولي للسلاطين هذه العبارة المنسوبة لفرح ود تكتوك التي استلفوها من الشعر السوداني في بدايات تكوينهولقد قلت لنفسي قبل أن أقرا هذا البوست ما الذي فعله كمال الجزولي حتى يصيبه هذا الرشاش وكنت أحسب كمال الجزولي ممن يكتبون بالبورد فانتظرت ردوده فهو أفصح مني في إبانة مواقفة وآراؤه حتى فاجأني هذا البوست الراقي وأرجو أن يقوم مصدروا السباب انفسهم بحذفه من مواضع الفكر فهو لا يليق به ولبداوا قراءة أفكار السيد الصادق المهدي مختلقين ومتفقين كما فعل الاستاذ كمال الجزولي وما رأيك يا عادل عبدالعاطي في أن تبدأ إن رغبت من البداية كتب كمال الجزولي يقول قدم السيدالصادق المهدي ورقة بعنوان مكامن العجز الذاتي في المؤسسات العربية الإسلامية ...حيث أحال هذا العجز في مستوى العمل الإقليمي إلى العجز الذي تعاني منه الدولة الدولة الأوتوقراطي’ نفسها داخل أوطانها القطرية بسبب الإفتقار إلى الديمقراطيةانتهى ولا تجدني إلا موافقاً على هذا الطرح فهل لديك قراءة أخرى له تنأى بنا عن كيل السباب بلا طائل ؟ ما هذا القار يا عادل وجني . وفيما يخص وقوف كمال الجزولي عند أبواب السلاطين ما عساه يقف عند سلطان بلا صولجان ودونه أبواب الإنقاذ مشرعة أرجو الرجوع لما كتبه الاخ الصاوي في هذا البوست . أما الضغط الذي يرتفع لجني فهي مسألة ذاتية نسانده في التطبيب والبرء منها بالنصح بمراجعة النطاسين .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: Bushra Elfadil)
|
للجميع تقديري أستاذي بشرى الفاضل أين القار؟! لم أزد على ارسال تلغراف الي البورد ضمنته دعوة للنقاش وأنا شخصيالي رأي وقناعة تامة ويقين لا يتزحزح بأن سيد الصادق لن ولم يهدر اي سانحةليخذل شعبه وهو في تقديري افضل نموذج للنخبة السودانيةالمدمنة للفشل. ولأحباب سيد الصادق وأنصاره ومريديه وذريته العتبى حتى ترضى فهو أولا وأخيرا شخصية عامة أشبعتناتنظيرا وخذلانا وما أصدق المثل السوداني : السواي مو حداث
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)
|
صدقت أستاذنا بشرى وكان وعدا عليك مكتوبا ولم تفلح كلمات الإرهاب الفكري التي عرضت عليك لترعوي عن ذلك الصدق وتبدأ بما يطمئن له دارجو المثقفين في السباب بالسباب. وأنا لا أؤيد الآن مدحا لكمال (بقلم يخط ما يعتقد بدون زيادة ولا نقصان) ولا للصادق (كقلم يستحق القراءة الموضوعية) ولكني أحيي بسالتكم أمام السلطان (سلطان الثقافة الدارجة) لأنه السلطان الذي تقاتون على احتفائه بكم وبه تتخذون زهوكم وعبر عيونه تنطلقون وعبر قراءاته لكم تجدون طريقكم إلى الشهرة والمجد. أية بسالة.. ألا يأبه المرء بالسلطان.. حتى لو كان السلطان الذي يحب.
رباح
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)
|
ياجماعه البنى ادم مامكن يتقسم ما تعلمناه-انشاء الله يكون صاح-سلوك الانسان انعكاس لموقفه الفكرى ,فى حالة السيد الصادق المهدى لماذا يحاول بعضنا التعامل معه كمجموعة جزر منفصله فى السياسه(كعب)فى الفكر (فايت الوراء والقدام)وين اتساق الشخصيه؟وهل يمكن ان يكون هناك قائد سياسى بكل هذه التناقضات دون ان ينتج ازمه مستفحله كالتى نعيشها؟ الله يديكم العافيه فهمونا كيف يكون الانسان ديمقراطى واهم انجازات تاريخه التفريط فى الديمقراطيه؟ وماهو الفرق بين نظره عصريه للاسلام-اذا صح هذا الحديث-وسلوك سياسى وتنظيمى داعم على طول الخط لبرنامج الجبهه الغير عصري وضد التجمع؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)
|
الأخ فجراوي طبعاً نحن هنا بصدد أستاذ هو كمال الجزولي يناقش جوانب فكرية حقاً للسيد الصادق المهدي أورد جانباً منها في المقال الوارد باعلى البوست وأورد جانباً من سلوك الرجل الديمقراطي معه فاتهم كمال بمدح السلاطين. عدم استمرارية الانظمة الديمقراطية في السودان وبطئها في الإنجازات وعدم المحافظة عليها من المواضيع التي تشغل الجميع طبعاً في هذا البورد وخارجه وفي نظري لا يمكن رد كل الإخفاقات لشخص واحد ولا لحزب واحد والاسباب شائكة ومعقدة وقد كتب فيهاالكثيرون هنالك أحزاب اسهمت في الكشف تقريباً عن المشاكل الكلية التي يعاني منها شعبنابجهد كبير ومقدر بحيث كسبت تلك الأحزاب احترام الشعب وذلك بسبب جملة اسباب من بينها وجود عدد كبير من المثقفين في تلك الاحزاب لكن هذه البرامج ستظل في حبيسة الادراج إن لم يتم التعامل مع جميع الأحزاب المؤمنة بالديمقراطيةعن طريق آليات تجميع مثل التجمع الوطني الذي أنجز قرارات أسمرا المصيرية وهذا الطريق الذي يؤدي غلى جماع المؤمنين بالديمقراطية هو الطريق الوحيد للخروج ببلادنا من وهدتها وبالتخلص من عثرات الماضي وإخفاقاته . الشعوب عادة ما تكون أكثر محافظة عن روادها المثقفين . ولذا فأن جماع الىراء يأتي بجملة من البرامج التوفيقية التي لا ترضي أياً من السائرين في طرف الشارع في اليسار واليمين فهل تدعو الحال كذلك إلى الركوب من جديد في ظهر دبابة أم تشارك في البناء وتنافح بصبر وتبصر الىخرين بما تؤمن به عسى أن يزداد قبيل من يرى رؤيتك . قال محمد المكي إبراهيم ( ليس من وطن غير هذا) وعلى المرء أن يتحامل ويمضي نحو الطريق الجماعي لبناء السودان الآتي . لا أوافقك أن السيد الصادق المهدي يساند أو يدعم الغنقاذ فهو وحزبه ضد الإنقاذ ولو كان ذلك على مسافة شبر منهوهو موقف بأفضل من مسلك من اندغموا فيه ولا يقول عنهم البعض هنا كلمة .أنا لست من المقتنعين بخروج حزب الأمة من التجمع الوطني لكن تلك موضوعة أخرى وليكن نقاشها في مجال آخر. وسياتي زمن يكون هنالك تجمع لكل أحزاب الديمقراطيةفي السودان ولو تغير اسمههكذا علمتنا السياسة السودانية في دروبها النيرات فحيث ما يكون هناك إجماع تكون الإنجازات . أنا لا اتكلم هنا عن الشموليين. ه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)
|
استاذنا الفاضل د.بشري
لو كنت عارف انك حاتخلى العمالقه الفوق ديل كلهم وتجى(تزرزرنى)فى التلاته كلمات ديل, كان حرست البورد ده للصباح لأنك والله تستحق الوقفه,والقومه تعرف من كلامك ومساهمات الاخوه,والاخوات حسيت اننا جميعايمتلكنا خوف عظيم من عودة الاوقات المظلمه التى عشناها فى تاريخنا السياسى القريب.وهوخوف مبرر من تكرار نفس التجارب على ايدى القيادات نفسها وعلى راسها الصادق المهدى.اتفق معك ان الهدف هو نظام ديمقراطى مستقر وان القوى الديمقراطيه فى دروبها النيرات كما قلت بحق ستفرز طريقها, وتجمع قواها وستنتصر.ولكن بعد تجربة سنوات الجبهه المريره وأوجاع مخاضنا الراهن اعتقد لابد من ضرورة اعادة قراءة تاريخنا المعاصر وتشريحه على قاعدة الصدق ,والعدل والصرامه الفكريه بعيدا عن التسويات السياسيه الفوقيه.والمصالح الضيقه التى تتبعها تقول انه لايمكن ان يكون فرد واحد مسؤل عن ضياع الديمقراطيه وهذا صحيح كقاعدة عامه ولكن فى حالتناوحسب هشاشة نظامنا الديمقراطى وضعف قاعدته كما تعلم يمثل منصب رئيس الوزراء الحلقه الرئيسيه فى أدارة كل شئون الدوله -ده موضع تانى-الم يكن الصادق المهدى مسئول عن ازمة حل الحزب الشيوعى ,ورفض قرارات المحكمه العليا, والتامر مع جبهة العمل الترابى وقتها على طرح الدستور الاسلامى وغرز ذلك الخنجر المسموم فى قلب وحدة السودانيين الذى ظللنا نعانى من أثاره حتى الان مما ادى الى تلك الازمه الحاده التى قادتنا الى انقلاب مايو؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ كيف تريدنا ان لانحمله هذه المسئوليه ونحاكمه على اساسها؟دى سيبك منهاواعتبرهامن عثرات الماضى واخفاقاته. الم يكن الصادق المهدى صاحب الدور الاساسى فى اجهاض انتفاضة ابريل وامسك عندك التى لاتساوى الحبر) فى غمضة عين وانتباهها اصبح كتابها بمساندته لاسدنة مايو ولا حاجه و.. الخ رافعات ضغط اخونا جنى وانا معاه.ونمشى شويه اهم حدث اتفاقية المرغنى قرنق الجبهه والصادق المهدى من دون خلق الله السودانيين وقفوا ضدها وتوضيحاتها لاتخفى عليك اعرف انك تعلم ذلك واكثر منه.و حتى بعد الانقلاب الذى لم يفعل رئيس وزراؤنا شيئا امامه رغم علمه بجميع التفاصيل.هاك ياتهتدون(دى حصلت فى وقت كانت موازيين القوى تميل لصالح التجمع)وبعدها ترجعون نحن هنا يجب ان نحكم وعليكم ان تموتون لا لن نموت وانا برضو لااوافقك ان الصادق المهدى لايساند او يدعم الانقاذ مواقفه الاخيره سببها ضغط جماهير حزب الامه ودى العليها العشم وليس الصادق المهدى نعم ارغب فى المشاركه والتبصر وكله وارفض طريق الدبابه بس عشمان ان يكون اساس الجاى التحديد بدقه وتسمية من اوصلنا الى هذا الحال وان نعمل جميعا على ان لا نسلمه رقابنا ومستقبل وطنا مره اخرى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)
|
زعيم تستطيع جماهيره أن تضغط عليه فيستجيب. في صحرائنا القاحلة التي يتربع فيها الزعماء على قمة جماهيرهم بدون أي اعتبار لها ولا لرغباتها.. هو واحة. وهذا ليس كلامي دفاعا عن أحد، إنني أتلقف الكلمة من فم الأخ فجراوي وأبني عليها اتكاءة فكر. هذا يعني أن عندنا في مكان ما نواة للديمقراطية: حكم الشعوب والاستجابة لإرادتها: أين هذه النواة.. أين؟
(وإن لم يكن كلامي مفهوما فانا بعد على استعداد للشرح) رباح
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)
|
ألاخت ألاستاذه رباح عليك الله تشرحى .بس معزره ماتسرحى عطفا على السيد بنكرياسنا وانت عارفه فى مهمه كبيره فى انتظار جيلكم الواعدبعد اليمقراطيه والسلام,لازم تشوفوا طريقه توقفوا حكاية الكلام الكتير دى عشان يكون فى تنميه نحن شبعنا تب وهلم جرات اشكرك وفى الانتظار
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: فجراوى)
|
سؤال ! من هو الزعيم الذى تستطيع أن تضغط عليه جماهيره فيستجيب لهاالخ !!؟
أوعى يكون المقصود هو الزعيم الذى اعترضت عليه الجماهير ، ولكنه جاء برواية غير متسقة ليبرر استمراره فى السلطة .. برضو أنا لو كان الكلام غير واضح ممكن أوضحه جدا وأسهب فى الشرح
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)
|
الاخوة المشاركون بالبوست الصادق اخفق ام نجح فهو لم يات من خور عمر ولا وادي سيدنا فقد انتخبه عامة الشعب . فلذلك اي تشكيك يجب ان ينصب في العملية الديمقراطية نفسها. ببساطة افهم من تعليقات الكثيرين الاتي دايرين الديمقراطية لكن ما دايرين الصادق الديمقراطية والصادق متزوجان كاثوليكيا والديمقراطية لا محال حتجيب الصادق يعني قولوها عدييل كدة الشعب السوداني متخلف ويلدغ من الجحر مية مرة يا ناس الديمقراطية تحتاج لصبر وعمل دؤوب بين الجماهير ومن خلالهم للتغيير مللنا عبارة المشكة في فلان وعلان فهذه عبارة انهزامية
مع تحياتي عوض
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: awadnasa)
|
الديمقراطية لاتعنى الإتيان بالصادق ، ونحن فعلا لانريده بسبب إخفاقاته المتعددة ، ولكن هناك ظروف كثيرة تساعده، وتساعد فى استمرار حالة الإجترار والفشل الممتدة، والجديد فيها هو مدح بعض المثقفين للصادق والتفافهم حوله.. غايتو الله يعين ، ومصيبة البلد كبيرة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كمال الجزولي على أعتاب السلاطين مادحا (Re: jini)
|
الاخ عوض لك التحيه حاشا والله ان نقول ان الشعب السودانى متخلف,كلامك مرجوع فى مسماه, بعدين مهما كان نوع زواج الصادق من الديمقراطيه انتج شنو غير بت اسمها الخيبه وولد اسمو ضياع وطن واحلام شعب؟.عن نفسى اقول ان اتت الديمقراطيه القادمه بالسيد الصادق المهدى ساهتف من اعماقى عاشت الديمقراطيه واتقدم له ولك بالتهنئه على ثقة الناس فيكم ولن يمنعنى ذلك من الاعتقاد ان ازمتنا سيطول امد حلها وستتعمق اكثر مما هى عليه ساعة اختيار الصادق على راس الجهاز التنفيذى مره اخرىوعندما نقول انه مسئول عن اكبر الخطايا فى تاريخنا نراهن على الديمقراطيه والحوار لكشفه ومحاسبته سياسياو بالوسائل الديمقراطيه لابعاده وامثاله من التلاعب بمصيرنا ومصير اطفالنا لانه ببساطه كما جربناه لايشعر بنا بالامنا,واوجاعنا ,وفقرنا وحوجتنا نرفضه لانه يعيش حياة مرفهه ومخمليه ويريد فقط ان يحكم, ونحن نعانى ونريد ان نحيا كبشر ونطور بلدنا شفت الفرق قدر شنو؟ وياصاحبى من رأى السم لايشقى كمن شربه ودمت طيب
| |
|
|
|
|
|
|
|