إنه لشيء حزين أن يفقد الديمقراطيون قائداً ، وحزين جداً أن تفقد أسرة لها آمال وأكثر من حُلم : فرداً كان التقدم والديمقراطية منهجاً يأمل أن يسود حياته العامة والخاصة . إنها لفاجعة أن نفقد كل يوم وليلة : من يضع الإُصبع على الوجع مرة ويحلُم أن يتغير الوجع بالوعي . لا أعرف كثير شيء عن آمال ( حق ) ولا أعرف كم صارت . هل تناثرت شظاياها أم التأمت الجراح ، أم أن الديمقراطية والتوق إليها يجعلنا لا نقبل بخيار بعضنا وإن اختلفنا ، قُمنا بتكوين جناح وطرنا ؟. كل ما أعرف أن الصديق الراحل ( الخاتم عدلان ) كان يقول لي دوماً :
ـ إن التقدم في بلدنا في حاجة لأمثالك .
أقطعُ أنا مسيرة سرده دوماً وأقول له :
ـ ماذا فعلت أنت في الأكاديميات ؟
فيقول لي : أوليات حزبنا ( الشيوعي ) أن أكون خادماً للجماهير من خلال العمل الحزبي العام . كان هذا قبل انتخابات الديمقراطية الثانية في الثمانينات . كنتُ أنظُره بفخر ، وأتعجب كيف ينـزع البعض أحلام الطبقة المتوسطة ليكون كادراً كُتب عليه الشقاء والاختفاء ، وعذاب لا أول له ولا آخر . آخر المطاف يعتقده البعض قد لفظ مُجتمعه ، وهو يُحبه ذاك الحب الذي يُضحي فيه بالحياة الخاصة .
كنتُ دوماً ولم أزل أرى في الراحل عبد الخالق محجوب كاتباً يستحق أن يختار غير خيرته التي اختار . قام بالتراجم في مصر في الأربعينات حينما لم تكُن هنالك مكتبة اشتراكية عربية ، ثم هزمه المرض ، وعاد للسودان . وانتهج كتابة غير التي بَرَّز فيها ، وكذا عبد الله علي إبراهيم . كيف يا تُرى الحال بعد مضي السنون :
خسرنا كاتباً هو عبد الخالق ، ثم عندما استدار الخاتم أن يكون كاتباً ويهبنا بُرعماً لكاتب كبير ، كان الموت أسبق ، وانطوت سجادة العُمر .
بقي عبد الله علي إبراهيم . خرج في نهاية السبعينات من الحزب الشيوعي وجرب الدُنيا وجلس في مطعم ذات دعوة في هرم ( إيفل ) الذي سمَّاه ثم ساقته المباحث الأكاديمية التي تجترح الواقع ، وتنظر التُراث بعين تمرنت على النظر الثاقب رغم اختلاف الكثيرين معه . ثم جئت أنت ( عمر كانديك ) ....
عزائي لأحبائك وأقربائك ومن لا تجسُر أن تبوح بهم ، والعزاء لموطنك .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة